العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > التفسير اللغوي > جمهرة التفسير اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 شعبان 1431هـ/18-07-2010م, 03:28 PM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي التفسير اللغوي لسورة الشورى

التفسير اللغوي لسورة الشورى


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 20 ذو القعدة 1431هـ/27-10-2010م, 02:25 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 1 إلى 19]

{حم (1) عسق (2) كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3) لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (4) تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (5) وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (6) وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (7) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (8) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (9) وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (10) فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11) لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (12) شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13) وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (14) فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آَمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (15) وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (16) اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (17) يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (18) اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (19)}

تفسير قوله تعالى: {(حم (1) عسق (2)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (قوله عز وجل: {عسق...}.
ذكر عن ابن عباس أنه كان يقول: {حم سق}, ولا يجعل فيها عينا، ويقول: السين كل فرقة تكون، والقاف كل جماعة تكون.
قال الفراء: ورأيتها في بعض مصاحف عبد الله: {حم سق} كما قال ابن عباس). [معاني القرآن: 3/21]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({حم عسق }: مجازها: مجاز ابتداء أوائل السور). [مجاز القرآن: 2/199]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله عزّ وجلّ: {حم (1) عسق (2)}
قد بيّنّا حروف الهجاء، وجاء في التفسير أن هذه الحروف اسم من أسماء اللّه، ورويت حم سق -بغير عين- والمصاحف فيها العين بائنة). [معاني القرآن: 4/393]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (من ذلك قوله جل وعز: {حم عسق}
وفي قراءة ابن مسعود, وابن عباس: { حم سق}
قال ابن عباس: وكان علي عليه السلام يعرف الفتن بها.
وروى معمر عن قتادة في قوله تعالى: {حم عسق}, قال: اسم من أسماء القرآن). [معاني القرآن: 6/291]

تفسير قوله تعالى: {كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {كذلك يوحي إليك وإلى الّذين من قبلك...}.
{حم عسق} يقال: إنها أوحيت إلى كل نبي، كما أوحيت إلى محمد صلى الله عليه. ^^
قال ابن عباس: وبها كان علي بن أبي طالب يعلم الفتن.
وقد قرأ بعضهم: {كذلك يوحى} لا يسمّي فاعله، ثم ترفع الله العزيز الحكيم يرد الفعل إليه, كما قرأ أبو عبد الرحمن السّلمي, وكذلك زيّن لكثيرٍ من المشركين قتل أولادهم, ثم قال: {شركاؤهم} أي: زينه .
لهم شركاؤهم, ومثله قول من قرأ: {يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال}, ثم تقول: {رجال}, فترفع يريد: يسبّح له رجال). [معاني القرآن: 3/21-22]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {كذلك يوحي إليك وإلى الّذين من قبلك اللّه العزيز الحكيم}
وقرئت {يوحى}, وقرئت {نوحي إليك وإلى الذين من قبلك} بالنون.
وجاء في التفسير أن {حم عسق} قد أوحيت إلى كل نبي قبل محمد -صلى الله عليه- وعليهم أجمعين.
وموضع الكاف من "كذلك" نصب, المعنى مثل ذلك يوحى إليك.
فمن قرأ {يوحي} بالياء، فاسم اللّه عزّ جل رفع بفعله, وهو يوحي.
ومن قرأ:{يوحى إليك} , فاسم اللّه مبين عما لم يسم فاعله، ومثل هذا من الشعر:-

ليبك يزيد ضارع لخصومة = ومختبط مما تطيح الطّوائح
فبين من ينبغي أن يبكيه.
ومن قرأ: (نوحي إليك) بالنون, جعل نوحي إخبارا عن اللّه عزّ وجلّ.
ورفع {اللّه} بالابتداء وجعل {العزيز الحكيم} خبرا عن {اللّه}، وإن شاء كان {العزيز الحكيم} صفة للّه - عزّ وجلّ - يرتفع كما يرتفع اسم اللّه، ويكون الخبر {له ما في السّماوات وما في الأرض}). [معاني القرآن: 4/393-394]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم}
المعنى {يوحي إليك وإلى الذين من قبلك}: كذلك الوحي الذي تقدم, أو كحروف المعجم .
- وقيل: إنه لم ينزل كتاب إلا وفيه: {حم عسق}
فالمعنى على هذا: كذلك الذي أنزل من هذه السورة, وهذا مذهب الفراء, قال: ويقرأ { كذلك يوحى إليك وإلى الذين من قبلك }
- قال أبو جعفر: يجوز على هذه القراءة أن يكون هذا التمام, ثم ابتدأ فقال:{ الله العزيز الحكيم } على أن العزيز الحكيم خبر, أو صفة, والخبر له ما في السموات وما في الأرض.
وكذلك يكون على قراءة من قرأ: (نوحي) بالنون, ويجوز على قراءة من قرأ: {يوحى} أن يكون المعنى يوحي الله وأنشد سيبويه:-
ليبك يزيد ضارع لخصومة = وأشعث ممن طوحته الطوائح
فقال: ليبك يزيد, ثم بين من ينبغي أن يبكيه, فالمعنى يبكيه: ضارع). [معاني القرآن: 6/292-293]

تفسير قوله تعالى: {تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (5)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ يتفطّرن}: يتشققن, ويقال للزجاجة إذا انصدعت: قد انفرطت, وكذلك الحجر). [مجاز القرآن: 2/199]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({يتفطرن}: يتشققن).[غريب القرآن وتفسيره: 330]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({يتفطّرن}: يتشققن من جلال اللّه تعالى وعظمته). [تفسير غريب القرآن: 391]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله: {تكاد السّماوات يتفطّرن من فوقهنّ والملائكة يسبّحون بحمد ربّهم ويستغفرون لمن في الأرض ألا إنّ اللّه هو الغفور الرّحيم}
(تكاد السّماوات ينفطرن من فوقهنّ): وقرئت (ممّن فوقهن), وقرئت {يتفطّرن}. ومعنى (ينفطرن), و{يتفطّرن}: ينشققن، ويتشققن، فالمعنى -واللّه أعلم- أي تكاد السّماوات ينفطرن من فوقهن لعظمة اللّه, لأنه لما قال: {وهو العليّ العظيم}
قال: تكاد السّماوات ينفطرن لعظمته، وكذلك - ينفطرن ممن فوقهن، أي من عظمة من فوقهن.
وقوله عزّ وجلّ: {والملائكة يسبّحون بحمد ربّهم ويستغفرون لمن في الأرض}
معنى {يسبّحون} يعظمون اللّه, وينزهونه عن السوء {ويستغفرون لمن في الأرض} من المؤمنين.
ولا يجوز أن يكون يستغفرون لكل من في الأرض، لأن الله تعالى قال في الكفار: {أولئك عليهم لعنة اللّه والملائكة والنّاس أجمعين}
ففي هذا دليل على أن الملائكة إنما يستغفرون للمؤمنين، ويدل على ذلك قوله في سورة المؤمن: {ويستغفرون للّذين آمنوا ربّنا وسعت كلّ شيء رحمة وعلما}). [معاني القرآن: 4/394]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {تكاد السموات ينفطرن من فوقهن}: أي ينشققن من أعلاهن عقوبة, وقال قتادة: لجلالة الله وعظمته.
قال أبو جعفر: وقيل: أي: من فوق الأمم المخالفة, ويقرأ :{يتفطرن من فوقهن}: أي: من عظمة من فوقهن.
ثم قال جل وعز: {والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض}, وفي الأرض المؤمن والكافر.
فروى معمر, عن قتادة قال: يستغفرن لمن في الأرض من المؤمنين.
قال أبو جعفر: ويبين هذا قوله جل وعلا: {ويستغفرون للذين آمنوا}, وقال في الكفار: {أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين}). [معاني القرآن: 6/293-294]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَتَفَطَّرْنَ}: يتشققن). [العمدة في غريب القرآن: 266]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (7)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {لّتنذر أمّ القرى ومن حولها...}
وأمّ القرى: مكة, ومن حولها من العرب.
{وتنذر يوم الجمع}: معناه: وتنذرهم يوم الجمع، ومثله قوله: {إنّما ذلكم الشّيطان يخوّف أولياءه}: معناه: يخوفكم أولياءه.
وقوله: {فريقٌ في الجنّة وفريقٌ في السّعير...}, رفع بالاستئناف كقولك: رأيت الناس شقي وسعيد، ولو كان فريقاً في الجنة، وفريقا في السعير كان صوابا، والرفع أجود في العربية). [معاني القرآن: 3/22]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وتنذر يوم الجمع}: أي: تنذرهم بيوم الجمع، هو يوم القيامة.
كما قال عز وجل: {لينذر بأساً شديداً}، أي ببأس شديد). [تفسير غريب القرآن: 391]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيّا لتنذر أمّ القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنّة وفريق في السّعير (7)}
{أمّ القرى}: مكة، وموضع {ومن حولها} نصب.
المعنى: لتنذر أهل أم القرى, ومن حولها، لأن البلد لا يعقل, ومثل هذا: {واسأل القرية الّتي كنّا فيها}.
وقوله: {وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه} أي: يوم يبعث الناس جميعا، ثم أعلم ما حالهم في ذلك اليوم فقال: {فريق في الجنّة وفريق في السّعير}). [معاني القرآن: 4/394]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه}
روى أشعث, عن الحسن قال: {أم القرى}: مكة.
قال أبو جعفر: وإنما قيل لها أم القرى, لأنها أول ما عظم من خلق الله عز وجل, أو لأنها أول ما وضع كما قال جل وعز: {إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة}, وفي الحديث: ((إن الأرض منها دحيت))
قال أبو جعفر: والمعنى: لتنذر أهل أم القرى, وتنذر من حولها.
{وتنذر يوم الجمع}: أي: يوم يبعث الناس جميعاً.
المعنى: وتنذرهم بيوم القيامة, ثم حذف المفعول والباء, كما قال تعالى: {لينذر باسا شديدا من لدنه}). [معاني القرآن: 6/295-296]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (8)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله جلّ وعزّ: {ولو شاء اللّه لجعلهم أمّة واحدة ولكن يدخل من يشاء في رحمته والظّالمون ما لهم من وليّ ولا نصير}
ارتفع {الظّالمون} بالابتداء, وقوله: {يدخل من يشاء في رحمته والظّالمين أعدّ لهم عذابا أليما}
الفصل بين هذا, والأول أن أعد لهم فعل فنصب{الظالمين} بفعل مضمر يفسره ما ظهر، المعنى: وأوعد الظالمين, أعد لهم عذابا أليما). [معاني القرآن: 4/395]

تفسير قوله تعالى: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (9)}

تفسير قوله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (10)}

تفسير قوله تعالى: {فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {جعل لكم مّن أنفسكم أزواجاً ومن الأنعام أزواجاً...}.
يقول: جعل لكل شيء من الأنعام زوجا؛ ليكثروا, ولتكثروا.
وقوله: {يذرؤكم فيه...} معنى (فيه): أي به، والله أعلم). [معاني القرآن: 3/22]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ يذرؤكم فيه }: يخلقكم). [مجاز القرآن: 2/199]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({يذرءكم}: يخلقكم). [غريب القرآن وتفسيره: 330]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({جعل لكم من أنفسكم أزواجاً}: يريد: الإناث، {ومن الأنعام أزواجاً} يريد: جعل للأنعام منها أزواجا، أي إناثا: {يذرؤكم فيه}: أي, يخلقكم في الرحم، أو في الزوج.
{ليس كمثله شيءٌ}: أي: ليس كهو شيء, والعرب تقيم المثل مقام النفس، فتقول: مثلي لا يقال له هذا، أي: أنا لا يقال لي). [تفسير غريب القرآن: 391]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (و(الكاف) قد تزاد، كقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}). [تأويل مشكل القرآن: 250]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {فاطر السّماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السّميع البصير}
{جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا} أي: خلق الذكر والأنثى من الحيوان كلّه.
وقوله: {يذرؤكم فيه}: أي: يكثركم بجعله منكم, ومن الأنعام أزواجا.
وقوله: {ليس كمثله شيء}: هذه الكاف مؤكدة، والمعنى ليس مثله شيء، ولا يجوز أن يقال: المعنى مثل مثله شيء، لأن من قال هذا فقد أثبت المثل للّه تعالى عن ذلك علوّا كبيرا). [معاني القرآن: 4/395]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {فاطر السموات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا}
{جعل لكم من أنفسكم أزواجا}, أي: إناثا, {ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه}.
قال مجاهد: نسلا من بعد نسل من الناس, والإنعام.
قال قتادة: يذرؤكم فيه, يعيشكم فيه
قال أبو جعفر: المعنى أنه لما قال جعل دل على الجعل, كما يقال من كذب كان شرا له أي: يخلقكم, ويكثركم في الجعل, وقال الفراء: فيه بمعنى به, والله أعلم.
وقال القتبي: يذرؤكم فيه في الزوج.
قال أبو جعفر: كأن المعنى عنده يخلقكم في بطون الإناث, ويكون فيه في الرحم, وهذا خطأ لأن الرحم مؤنثة, ولم يجر لها ذكر.
وقوله جل وعز: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}
الكاف زائدة التوكيد , وأنشد سيبويه:
وصاليات ككما يؤثفين).
[معاني القرآن: 6/296-298]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يذْرَؤُكُمْ}: أي: يخلقكم في الرحم أو في الزوج). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 219]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَذْرَؤُكُمْ}: يخلقكم). [العمدة في غريب القرآن: 266]

تفسير قوله تعالى:{لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (12)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({له مقاليد السّماوات والأرض} أي: مفاتيحها, ومالك المفاتيح: مالك الخزائن, واحدها: «إقليد»، جمع على غير واحد كما قالوا: «مذاكير» جمع ذكر, وقالوا: «محاسن» جمع حسن). [تفسير غريب القرآن: 391]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {له مقاليد السموات والأرض يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر}
قال الحسن, ومجاهد, وقتادة : {المقاليد}: المفاتيح .
قال أبو جعفر: والذي يملك المفاتيح, يملك الخزائن.
يقال للمفتاح: إقليد, وجمعه على غير قياس كمحاسن, والواحد حسن). [معاني القرآن: 6/298]

تفسير قوله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({شرع لكم مّن الدّين ما وصّى به نوحاً والّذي أوحينا إليك وما وصّينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدّين ولا تتفرّقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه اللّه يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب}
قال: {أن أقيموا الدّين ولا تتفرّقوا فيه} على التفسير كأنه قال: هو أن أقيموا الدين على البدل). [معاني القرآن: 4/10]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله: {شرع لكم من الدّين ما وصّى به نوحا والّذي أوحينا إليك وما وصّينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدّين ولا تتفرّقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه اللّه يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب}
روي في التفسير أن أول من أتى بتحريم البنات, والأخوات, والأمهات نوح.
{والّذي أوحينا إليك وما وصّينا به إبراهيم وموسى وعيسى}: أي: وشرع لكم ما وصى به إبراهيم, وموسى, وعيسى.
وقوله عزّ وجل: {أن أقيموا الدّين ولا تتفرّقوا فيه}
تفسير قوله: {ما وصى به إبراهيم}, وموضع "أن" يجوز أن يكون نصبا, ورفعا, وجرّا.
فالنصب على معنى شرع لكم أن أقيموا الدّين, والرفع على معنى هو أن أقيموا الدّين، والجر على البدل من الباء، والجر أبعد هذه الوجوه، وجائز أن يكون أن أقيموا الدّين تفسيرا لما وصى به نوحا, ولقوله: {والذي أوحينا إليك}, ولقوله: {وما وصينا به إبراهيم}
فيكون المعنى: شرع لكم ولمن قبلكم إقامة الدّين وترك الفرقة، وشرع الاجتماع على اتباع الرسل). [معاني القرآن: 4/395-396]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك}
قال أبو العالية: الذي وصى به نوحا الإخلاص لله, وعبادته لا شريك له
وقال مجاهد: وصى نوحا, ووصاك, ووصى الأنبياء كلهم دينا واحدا.
وقال الحكم: جاء نوح بالشريعة بتحريم الأمهات, والبنات, والأخوات.
وقال قتادة: جاء نوح بالشريعة بتحليل الحلال, وتحريم الحرام.
قال أبو جعفر: قول أبي العالية, ومجاهد بين لأن الإسلام, والإخلاص دين جميع الأنبياء, والشرائع مختلفة.
قوله جل وعز: {وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه}
قال أبو العالية: ولا تتفرقوا, أي: لا تتعادوا, وكونوا إخوانا.
قال قتادة: فأخبر أن الهلكة في التفرق, وأن الألفة في الاجتماع.
ثم قال جل وعز: {كبر على المشركين ما تدعوهم إليه}
قال قتادة: أكبروا, واشتد عليهم شهادة أن لا إله إلا الله وحده, وضاق بها إبليس وجنوده, فأبى الله جل وعز إلا أن ينصرها, ويفلجها, ويظهرها على من ناوأها.
ثم قال جل وعز: {الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب}
قال أبو العالية: يخلصه من الشرك, ولا يكون الاجتباء إلا من الشرك.
وقال مجاهد: {يجتبي}: يخلص). [معاني القرآن: 6/298-301]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (14)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({وما تفرّقوا إلاّ من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم}: نصبها على مجاز نصب المصادر). [مجاز القرآن: 2/199]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وما تفرّقوا إلّا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ولولا كلمة سبقت من ربّك إلى أجل مسمّى لقضي بينهم وإنّ الّذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شكّ منه مريب} أي: وما تفرق أهل الكتاب إلا عن علم بأن الفرقة ضلالة , ولكنهم فعلوا ذلك بغيا, أي: للبغي.
وقوله:{ولولا كلمة سبقت من ربّك إلى أجل مسمّى لقضي بينهم}: أي لجوزوا بأعمالهم، والكلمة هي تأجيله الساعة، يدل على ذلك قوله: {بل السّاعة موعدهم}). [معاني القرآن: 4/396]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم}
المعنى: وما تفرقوا إلا من أجل البغي من بعد ما جاءهم العلم القرآن, والدلالات على صحة نبوة محمد عليه السلام, وقوله جل وعز: {ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم}
قال مجاهد: أخروا إلى يوم القيامة). [معاني القرآن: 6/301-302]

تفسير قوله تعالى: {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آَمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (15)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {فلذلك فادع واستقم...}: أي: فلهذا القرآن , ومثله كثير في القرآن، قد ذكرناه، هذا في موضع ذلك، وذلك في موضع هذا، والمعنى: فإلى ذلك فادع, كما تقول دعوت إلى فلان، ودعوت لفلان). [معاني القرآن: 3/22]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتّبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل اللّه من كتابٍ وأمرت لأعدل بينكم اللّه ربّنا وربّكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجّة بيننا وبينكم اللّه يجمع بيننا وإليه المصير}
وقال: {وأمرت لأعدل بينكم}: أي: أمرت كي أعدل). [معاني القرآن: 4/10]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتّبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل اللّه من كتاب وأمرت لأعدل بينكم اللّه ربّنا وربّكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجّة بيننا وبينكم اللّه يجمع بيننا وإليه المصير}
{فلذلك فادع واستقم كما أمرت}: معناه, فإلى ذلك فادع واستقم, أي: إلى إقامة الدّين: {فادع واستقم كما أمرت ولا تتّبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل اللّه من كتاب}
أي: آمنت بكتب اللّه كلّها، لأن الذين تفرقوا آمنوا ببعض الكتب, وكفروا ببعض). [معاني القرآن: 4/396]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {فلذلك فادع واستقم كما أمرت}, مؤخر ينوى به التقديم.
والمعنى: كبر على المشركين ما تدعوهم إليه, فلذلك فادع, واستقم كما أمرت.
{فلذلك} أي: فإلى ذلك, أي: فإلى إقامة الدين، كما قال: أوحى لها القرار, فاستقرت, أي: أوحى إليها). [معاني القرآن: 6/302-303]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (16)}
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة}
قال مجاهد: أي: من بعد ما أسلم الناس, قال: وهؤلاء قوم توهموا أن الجاهلية تعود.
وقال قتادة: الذين حاجوا في الله من بعد ما استجيب له اليهود والنصارى, قالوا: نبينا قبل نبيكم, وديننا قبل دينكم ونحن خير منكم). [معاني القرآن: 6/303-304]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (17)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({وما يدريك لعلّ السّاعة قريبٌ}: لم يجئ مجازها على صفة التأنيث, فيقول إن الساعة قريبة, والعرب إذا وصفوها بعينها كذاك يصنعون, وإذ أرادوا ظرفاً لها, أو أرادوا بها الظرف جعلوها بغير الهاء, وجعلوا لفظها لفظاً واحداً في الواحد والاثنين والجميع من الذكر والأنثى تقول هما قريب , وهي قريب). [مجاز القرآن: 2/199-200]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({اللّه الّذي أنزل الكتاب بالحقّ والميزان} أي: العدل). [تفسير غريب القرآن: 392]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {اللّه الّذي أنزل الكتاب بالحقّ والميزان وما يدريك لعلّ السّاعة قريب}
{الميزان}: العدل.
{وما يدريك لعلّ السّاعة قريب}: إنما جاز {قريب} لأن تأنيث الساعة غير تأنيث حقيقي، وهو بمعنى لعل البعث قريب، ويجوز أن يكون على معنى لعل مجيء السّاعة قريب). [معاني القرآن: 4/396-397]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (قوله جل وعز: {الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان}
قال قتادة: {الميزان}: العدل, ثم قال جل وعز: {وما يدريك لعل الساعة قريب}: لعل الساعة, أي: البعث قريب, أو لعل مجيء الساعة قريب). [معاني القرآن: 6/303-304]

تفسير قوله تعالى: {يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (18)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({مشفقون منها}: أي: خائفون). [تفسير غريب القرآن: 392]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({يستعجل بها الّذين لا يؤمنون بها والّذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنّها الحقّ ألا إنّ الّذين يمارون في السّاعة لفي ضلال بعيد}
أي: يستعجل بها من يظن أنه غير مبعوث.
وقوله: {والّذين آمنوا مشفقون منها}: لأنهم يعلمون أنهم مبعوثون, محاسبون.
{ألا إنّ الّذين يمارون في السّاعة لفي ضلال بعيد}: أي: الذين تدخلهم المرية والشك في الساعة، فيمارون فيها ويجحدون كونها {لفي ضلال بعيد}, لأنهم لو فكروا لعلموا أن الذي أنشاهم وخلقهم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة إلى أن بلغوا مبالغهم، قادر على إنشائهم وبعثهم). [معاني القرآن: 4/397]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق}
أي: يقولون متى تكون على وجه التكذيب بها, والذين آمنوا مشفقون منها, أي: خائفون؛ لأنهم قد أيقنوا بكونها.
{ألا إن الذين يمارون في الساعة}: أي: يجادلون فيها ليشككوا المؤمنين.
{لفي ضلال بعيد}: لأنهم لو أفكروا لعلموا أن الذي أنشأهم, وخلقهم أول مرة قادر على أن يبعثهم). [معاني القرآن: 6/304-305]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (19)}


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 20 ذو القعدة 1431هـ/27-10-2010م, 02:30 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 20 إلى 36]

{مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآَخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (20) أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (21) تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (22) ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (24) وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (25) وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (26) وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27) وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28) وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ (29) وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30) وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (31) وَمِنْ آَيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (32) إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (33) أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (34) وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (35) فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36) }

تفسير قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآَخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (20)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({من كان يريد حرث الآخرة}: أي , عمل الآخرة.
يقال: فلان يحرث للدنيا، أي يعمل لها ويجمع المال.
ومنه قول عبد اللّه بن عمرو : «احرث لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا».
ومن هذا سمي الرجل: «حارثا».
وإنما أراد: من كان يريد بحرثه الآخرة، أي بعمله, {نزد له في حرثه}, أي: نضاعف له الحسنات, {ومن كان يريد حرث الدّنيا نؤته منها}، أي أراد بعمله الدنيا آتيناه منها). [تفسير غريب القرآن: 392]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله جلّ وعزّ: {من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدّنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب}
جاء في التفسير: أن معناه من كان يريد عمل الآخرة.
فالمعنى -واللّه أعلم- أنه من كان يريد جزاء عمل الآخرة, نزد له في حرثه، أي نوفقه، ونضاعف له الحسنات.
ومن كان يريد حرث الدنيا، أي من كان إنما يقصد إلى الحظّ من الدنيا, وهو غير مؤمن بالآخرة, نؤته من الدنيا, أي: نرزقه من الدنيا لا أنه يعطى كل ما يريده, وإذا لم يؤمن بالآخرة , فلا نصيب له في الخير الذي يصل إليه من عمل الآخرة). [معاني القرآن: 4/397]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه} الحرث العمل , ومنه قول عبد الله بن عمر: احرث لدنياك كأنك تعيش أبدا, واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا. ومنه سمي الرجل "حارثا".
والمعنى: من كان يريد بعمله الآخرة نزد له في حرثه, أي: نوفقه, ونضاعف له الحسنات
وقوله جل وعز: {ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها}
في معناه ثلاثة أقوال:
- منها أن المعنى نؤته منها ما نريد كما قال سبحانه: {من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد}.
- ومنها أن يكون المعنى ندفع عنه من آفات الدنيا.
- والقول الثالث: أن المعنى من كان يفعل الخير ليثنى عليه, تركناه وذلك, ولم يكن له في الآخرة نصيب). [معاني القرآن: 6/305-306]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (21)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({شرعوا لهم من الدّين}: ابتدعوا). [مجاز القرآن: 2/200]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({شرعوا لهم}: ابتدعوا لهم). [غريب القرآن وتفسيره: 330]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({أم لهم شركاء}, وهم: الآلهة, جعلها شركاءهم: لأنهم جعلوها شركاء اللّه عز وجل، فأضافها إليهم: لا دعائهم فيها ما ادعوا.
وكذلك قوله: {هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيءٍ} أي: من الشركاء الذين ادعيتموهم لي.
{شرعوا لهم}: أي: ابتدعوا لهم.
{ولولا كلمة الفصل}: أي: القضاة السابق الفصل: بأن الجزاء يوم القيامة، {لقضي بينهم} في الدنيا). [تفسير غريب القرآن: 392]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({شرعوا لهم}: أي: أظهروا لهم). [ياقوتة الصراط: 457]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({شَرَعُوا}: ابتدعوا). [العمدة في غريب القرآن: 266]

تفسير قوله تعالى: {تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (22)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ترى الظّالمين مشفقين ممّا كسبوا وهو واقع بهم والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات في روضات الجنّات لهم ما يشاءون عند ربّهم ذلك هو الفضل الكبير}
أي: تراهم مشفقين من ثواب ما كسبوا، وثواب ما كسبوا النار.
{وهو واقع بهم}: أي: وثواب كسبهم واقع بهم.
{والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات في روضات الجنّات لهم ما يشاءون عند ربّهم}: أي: والظالمون لهمالنار، والمؤمنون لهم الجنة). [معاني القرآن: 4/397-398]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا وهو واقع بهم} أي: من جزاء ما كسبوا, وهو العذاب, وهو واقع بهم). [معاني القرآن: 6/307]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {قل لاّ أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى...}.
ذكر: أن الأنصار جمعت للنبي صلى الله عليه - نفقة يستعين بها على ما ينوبه في أصحابه، فأتوا بها النبي صلى الله عليه وسلم, فقالوا: أن الله عز وجل قد هدانا بك، وأنت ابن اختنا , فاستعن بهذه النفقة على ما ينوبك. فلم يقبلها، وأنزل الله في ذلك: قل لهم لا أسألكم على الرسالة أجراً إلى المودة في قرابتي بكم.
وقال ابن عباس: {لاّ أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى}: في قرابتي من قريش). [معاني القرآن: 3/23]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ذلك الذي يبشر الله عباده}, معناها يبشر قال خفاف:

وقد غدوت إلى الحانوت أبشره
أي: أبشره). [مجاز القرآن: 2/200]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({ذلك الّذي يبشّر اللّه عباده الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات قل لاّ أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى ومن يقترف حسنةً نّزد له فيها حسناً إنّ اللّه غفورٌ شكورٌ}
وقال: {إلاّ المودّة في القربى} استثناء خارج, يريد -والله أعلم- إلاّ أن أذكر مودة قرابتي.
وأما {يبشّر} فتقول "بشّرته", و"أبشرته", وقال بعضهم "أبشره" خفيفة, فذا من "بشرت" وهو في الشعر. قال الشاعر:
وقد أروح إلى الحانوت أبشره = بالرّحل فوق ذرى العيرانة الأجد
قال أبو الحسن: "أنشدني يونس هذا البيت هكذا .
وجعل {الّذي يبشّر} اسما للفعل, كأنه "التبشير".
كما قال: {فاصدع بما تؤمر}: أي: اصدع بالأمر. ولا يكون أن تضمر فيها الباء, وتحذفها؛ لأنك لا تقول "كلّم الذي مررت", وأنت تريد "به"). [معاني القرآن: 4/11]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({ذلك الذي يبشر الله}: معناها ينصر من النصر.
وقال بعضهم: يبشر ويبشر معناها واحد). [غريب القرآن وتفسيره: 330]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({قل لا أسألكم عليه أجراً إلّا المودّة في القربى}.
قال قتادة: لا أسألكم أجرا على هذا الذي جئتكم به، إلا أن تودوني في قرابتي منكم. وكلّ قريش بينهم وبين رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله وسلّم قرابة
قال مجاهد: لم يكن من قريش بطن، إلا ولد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال الحسن: إلا أن تتوددوا إلى اللّه عز وجل، بما يقربكم منه.
{ومن يقترف حسنةً}: أي: يكتسب). [تفسير غريب القرآن: 392-393]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (قال الله تعالى لنبيه عليه السلام: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}
قال ابن عباس: يريد لا أسألكم على ما أتيتكم به من الهدى أجرا إلا أن تودّوني في القرابة منكم. وكانت لرسول الله، صلّى الله عليه وسلم، ولادات كثيرة في بطون قريش. وقال الله عز وجل: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ}.
قال ابن عباس: قالت قريش: يسألنا أن نودّه في القرابة وهو يشتم آلهتنا ويعيبها؟! فأنزل الله تعالى: {قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ}). [تأويل مشكل القرآن: 450](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله:{ذلك الّذي يبشّر اللّه عباده الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات قل لا أسألكم عليه أجرا إلّا المودّة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إنّ اللّه غفور شكور}
يقرأ: يُبَشِّرُ, ويَبْشرُ، ويُبْشِرُ.
وقوله: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلّا المودّة في القربى}: أي: إلا أن تودوني في قرابتي.
وجاء في التفسير, عن ابن عباس رحمه الله أنه قال: ليس حي من قريش إلا وللنبي صلى الله عليه وسلم فيه قرابة.
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقريش: ((أنتم قرابتي , وأول من أجابني وأطاعني)).
وروي أن الأنصار أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: قد هدانا اللّه بك, وأنت ابن أختنا، وأتوه بنفقة يستعين بها على ما ينوبه، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلّا المودّة في القربى}.
قال أبو إسحاق: ونصب {المودّة} أن يكون بمعنى استثناء ليس من الأول، لا على معنى: أسالكم عليه أجرا المودة في القربى، لأن الأنبياء صلوات اللّه عليهم لا يسألون أجرا على تبليغ الرسالة، والمعنى واللّه أعلم: ولكنني أذكركم المودّة في القربى.
قوله: {ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا} أي: من يعمل حسنة , نضاعفها له.
{إنّ اللّه غفور شكور}: غفور للذنوب قبول للتوبة, مثيب عليها). [معاني القرآن: 4/398]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى}
في معناها أربعة أقوال:-
- روى قزعة بن سويد, عن أبي نجيح, عن مجاهد, عن ابن عباس, عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((قل لا أسألكم على ما أتيتكم به أجرا إلا أن تتوددوا لله, وتتقربوا إليه بطاعته)).
- وروى منصور, وعوف, عن الحسن: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى}, قال: تتوددون إلى الله جل وعز, وتتقربون منه بطاعته, فهذا قول.
- وقال الشعبي, ومجاهد, وعكرمة, وقتادة: المعنى: قل لا أسألكم عليه أجرا إلا أن تودوني لقرابتي منكم فتحفظوني, ولا تكذبوني.
- قال عكرمة: وكانت قريش تصل أرحامها, فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم , قطعته، فقال: ((صلوني كما كنتم تفعلون)).
- قال أبو جعفر: والمعنى على هذا: قل لا أسألكم عليه أجرا, لكن أذكركم قرابتي, على أنه استثناء ليس من الأول, فهذان قولان.
- وقال الضحاك: هذه الآية منسوخة؛ نسخها قوله جل وعز: {قل ما سألتكم من أجر فهو لكم}, فالذي سألوه أن يودوه بقرابته, ثم رده الله إلى ما كان عليه الأنبياء كما قال نوح وهود :{قل لا أسألكم عليه أجرا } فهذه ثلاثة أقوال.
وروى قيس, عن الأعمش, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس قال: لما نزلت: { قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى }, قالوا: يا رسول الله, من هؤلاء الذين نودهم. قال: ((علي, وفاطمة, وولدها))
وقوله جل وعز: {ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا}: الاقتراف: الاكتساب, وهو مأخوذ من قولهم: رجل قرفة إذا كان محتالا). [معاني القرآن: 6/307-310]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({ومن يقترف حسنة}
قال: الاقتراف: الاكتساب، يكون خيرا، ويكون شرا). [ياقوتة الصراط: 457]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (24)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {ويمح اللّه الباطل...}.
ليس بمردود على {يختم}، فيكون مجزوما، هو مستأنف في موضع رفع، وإن لم تكن فيه واو في الكتاب، ومثله مما حذفت منه الواو وهو في موضع رفع قوله: {ويدع الإنسان بالشّرّ}, وقوله: {سندع الزّبانية}). [معاني القرآن: 3/23]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {أم يقولون افترى على اللّه كذبا فإن يشأ اللّه يختم على قلبك ويمح اللّه الباطل ويحقّ الحقّ بكلماته إنّه عليم بذات الصّدور}
معناه: فإن يشأ اللّه ينسك ما أتاك، كذلك قال قتادة.
ويجوز: {فإن يشإ اللّه يختم على قلبك}: يربط على قلبك بالصبر على أذاهم, وعلى قولهم {افترى على اللّه كذبا}
{ويمحو اللّه الباطل}: الوقوف عليها (ويمحوا) بواو وألف لأن المعنى, واللّه يمحو الباطل على كل حال، وكتبت في المصحف بغير واو لأن الواو تسقط في اللفظ لالتقاء السّاكنين، فكتبت على الوصل, ولفظ الواو ثابت، والدليل عليه: {ويحق الحق بكلماته}, أي ويمحو اللّه الشرك, ويحق الحق بما أنزله من كتابه على لسان نبيّه عليه السلام). [معاني القرآن: 4/398-399]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشأ الله يختم على قلبك}
قال قتادة: أي: إن شاء أنساك ما علمك.
وقيل المعنى: إن يشأ يزل تمييزك فاشكره إذ لم يفعل.
وقيل معنى: فإن يشأ الله يختم على قلبك, إن يشأ الله يربط على قلبك بالصبر على أذاهم, وقولهم: {افترى على الله كذبا} تم الكلام.
ثم قال جل وعز: {ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته}, أي: يمحو الله الشرك ويزيله). [معاني القرآن: 6/310-311]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (25)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {ويعلم ما تفعلون...}: ذكر العباد، ثم قال: {ويعلم ما تفعلون}, كأنه خاطبهم، والعوام يقرءونها بالياء...
- حدثني قيس, عن رجل قد سماه, عن بكير بن الأخنس, عن أبيه قال: قرأت من الليل: {ويعلم ما تفعلون}, فلم أدر أأقول: يفعلون أم تفعلون؟, فغدوت إلى عبد الله بن مسعود؛ لأسأله عن ذلك، فأتاه رجل فقال: يا أبا عبد الرحمن، رجلٌ ألمّ بامرأة في شبيبة، ثم تفرقا وتابا، أيحل له أن يتزوجها؟
قال: فقال عبد الله رافعا صوته: {وهو الّذي يقبل التّوبة عن عباده ويعفوا عن السّيّئات ويعلم ما تفعلون...}.
وكذلك قرأها علقمة بن قيس؛ وإبراهيم؛ ويحيى بن وثاب؛ وذكر عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه قرأ كذلك بالتاء). [معاني القرآن: 3/23]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): («عن» مكان «من»
قال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ}، أي من عباده.
وتقول: أخذت هذا عنك، أي منك). [تأويل مشكل القرآن: 577]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ)
: (وقوله جل وعز: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات}
في الحديث: أن عبد الله بن مسعود سئل عن رجل زنى بامرأة, أيجوز له أن يتزوجها ؟, فقال: { وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون}). [معاني القرآن: 6/312]

تفسير قوله تعالى: {وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (26)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {ويستجيب الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات ...}.
يكون {الذين} في موضع نصب بمعنى: ويجيب الله الذين آمنوا، وقد جاء في التنزيل: {فاستجاب لهم ربّهم}، والمعنى -والله أعلم-: فأجابهم ربهم، إلاّ أنك إذا قلت: استجاب, أدخلت اللام في المفعول به، وإذا قلت: أجاب حذفت اللام، ويكون استجابهم بمعنى: استجاب لهم، كما قال: {وإذا كالوهم أو وّزنوهم}: المعنى-والله أعلم-: وإذا كالوا لهم, أو وزنوا لهم، يخسرون؛ ويكون {الذين } في موضع رفع؛ يجعل الفعل لهم أي: الذين آمنوا يستجيبون لله؛ ويزيدهم الله على إجابتهم, والتصديق من فضله). [معاني القرآن: 3/24]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ويستجيب الذّين آمنوا}: أي: يجيب الذين آمنوا.). [مجاز القرآن: 2/200]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({ويستجيب الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات ويزيدهم مّن فضله والكافرون لهم عذابٌ شديدٌ}
وقوله: {ويستجيب الّذين آمنوا}: أي: استجاب, فجعلهم هم الفاعلين). [معاني القرآن: 4/11]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ويستجيب الّذين آمنوا}: أي: يجيبهم، كما قال الشاعر:
وداع دعا يا من يجيب إلى الندى = فلم يستجبه عند ذاك مجيب).
[تفسير غريب القرآن: 393]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ويستجيب الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذاب شديد}
المعنى: ويجيب الذين آمنوا, وعملوا الصالحات). [معاني القرآن: 4/399]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله}
الذين في موضع نصب: بمعنى: ويستجيب للذين آمنوا, كما قال سبحانه: {وإذا كالوهم} أي: كالوا لهم, يقال: استجبته, بمعنى أجبته, وأنشد الأصمعي:
وداع دعا يا من يجيب إلى الندى = فلم يستجبه عند ذاك مجيب
ويجوز أن يكون في موضع رفع ويكون: {ويستجيب الذين آمنوا}, بمعنى: يجيب الذين آمنوا, كما قال عز وجل: {فليستجيبوا لي}.
قال محمد بن يزيد: حقيقته فليستدعوا الإجابة, هكذا حقيقة معنى: استفعل). [معاني القرآن: 6/312-313]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا}: أي: يجيبهم , ويزيدهم من فضله). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 219]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27)}
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء}
روى سعيد, عن قتادة قال: خير الرزق ما لا يطغي, ولا يلهي). [معاني القرآن: 6/313]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وهو الّذي ينزّل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الوليّ الحميد (28)}
ويقرأ (قَنِطُوا) بكسر النون، يقال قَنط يقنِطُ، وقَنِطَ يَقْنَطُ إذا - يئس.
ويروى أن عمر قيل له: قد أجدبت الأرض, وقنط الناس, فقال: مطروا إذن، لهذه الآية). [معاني القرآن: 4/399]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا}
قال مجاهد: {من بعد ما قنطوا}, أي: يئسوا.
قال أبو جعفر: يقال: قَنَطَ يَقْنِطُ, وقَنِطَ يَقْنَطُ: إذا اشتد يأسه من الشيء). [معاني القرآن: 6/313-314]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ (29)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {خلق السّماوات والأرض وما بثّ فيهما من دآبّةٍ...}
أراد: وما بث في الأرض دون السماء، بذلك جاء في التفسير؛ ومثله مما ثنى ومعناه واحد قوله: {يخرج منهما الّلؤلؤ والمرجان}, وإنما يخرج من الملح دون العذب). [معاني القرآن: 3/24]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وما بثّ فيهما من دابّةٍ} أي: نشر). [تفسير غريب القرآن: 393]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ومن آياته خلق السموات والأرض وما بث فيهما من دابة}
قال الفراء: أراد بث في الأرض دون السماء كما قال سبحانه: {يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان}, وإنما يخرج من الملح .
قال أبو جعفر: هذا غلط ,روى ورقاء , عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله: {وما بث فيهما من دابة}, قال: الناس والملائكة.
وهذا قول حسن, يقال: لكل حي دابة من دب, فهو داب, والهاء للمبالغة, كما يقال رواية وعلامة, ثم قال جل وعز: {وهو على جمعهم}, أي: على إحيائهم {إذا يشاء قدير}). [معاني القرآن: 6/314-315]

تفسير قوله تعالى:{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}
{ويعلم الّذين يجادلون في آياتنا...}
وهي في مصحف أهل المدينة {بما كسبت أيديكم} -بغير فاء-، وكذلك يقرأونها, خلا أبا جعفر, فإنه يثبت الفاء, وهي في مصاحف أهل العراق بالفاء, وكذلك قراءتهم، وهو في العربية أجود لأن الفاء مجازاة جواب الشرط.
المعنى: ما تصبكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم.
وقرئت: {ويعلم الّذين يجادلون}: والنصب على إضمار أن، لأن قبلها جزاء، تقول: ما تصنع أصنع مثله, وأكرمك، وإن شئت قلت: وأكرمك على, وأنا أكرمك، وإن شئت: وأكرمك جزما.
وروي عن علي رضي اللّه عنه, عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((إن اللّه أكرم من أن يثني على عبده العقوبة، أي إذا أصابته في الدنيا مصيبة بما كسبت يداه لم يثن عليه العقوبة في الآخرة)).
وأما من قرأ: {وما أصابكم من مصيبة بما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}
أي: لا يجازى على كثير مما كسبت أيديكم في الدنيا، وجائز أن يكون {يعفو عن كثير}, فلا يجازى عليه في الدنيا , ولا في الآخرة.
ومعنى: {ما لهم من محيص}: ما لهم من معدل، ولا من منجى، يقال حاص عنه إذا تنحى، ويقال حاض عنه في معنى حاص، ولا يجوز أن يقرأ ما لهم من محيض، وأن كان المعنى واحدا.
فأمّا موضع {الذين} في قوله: {ويستجيب الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات}, فيجوز أن يكون نصبا، ويجوز أن يكون رفعا.
فمن نصب فعلي معنى: ويجيب اللّه الذين آمنوا وعملوا الصالحات, ومن رفع فعلى معنى: يستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات للّه عزّ وجلّ , أي : لما يدعوهم اللّه إليه). [معاني القرآن: 4/399-400]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}
يقال : قد تكون المصيبة بغير هذا, ففيه أجوبة
- روى معمر عن قتادة عن الحسن في قوله تعالى: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم}, قال: الحدود.
فالمعنى في هذا: إن الله جل وعز جعل الحدود بما يعمل من المعاصي
- وقيل: ما ههنا بمعنى الذي , وهو حسن, والدليل على هذا: أن أهل المدينة قرؤوا بما بغير فاء
فالمعنى على هذا: والذي كان أصابكم بذنوب عملتموها.
- وروى سفيان, عن إسماعيل بن مسلم, عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من خدش عود , ولا عثرة قدم , ولا اختلاج عرق إلا بذنب, وما يعفو الله عنه أكثر, ثم تلا : { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير})).
قال أبو جعفر: فالمعنى على هذا: {وما أصابكم من مصيبة }: مقصود بها العقوبة {فبما كسبت أيديكم}.
قال أبو جعفر: وفي الآية قول رابع: وهو أن كل مصيبة تصيب, فإنما هي من اجل ذنب, إما أن يكون الإنسان عمله, وإما أن يكون تنبيها له لئلا يعمله, وإما أن يكون امتحانا له ليعتبر والداه , فقد صارت كل مصيبة على هذا من أجل الذنوب, وصارت القراءة بالفاء أحسن ؛ لأنه شرط وجوابه). [معاني القرآن: 6/315-317]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (32)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام }: أي: الجبال). [مجاز القرآن: 2/200]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({الجواري في البحر كالأعلام}: الجوراي السفن
{والأعلام}: الجبال).[غريب القرآن وتفسيره: 330-331]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({ومن آياته الجوار في البحر} يعني: السفن، {كالأعلام}: أي: الجبال, واحدها: علم). [تفسير غريب القرآن: 393]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام}
قال مجاهد: {الجواري}: السفن, و{الأعلام}: الجبال).
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الْجَوَارِي}: السفن, و{الْأَعْلَامِ}: كالجبال). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 219]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الْجَوَاري}: السفن, {الْأَعْلَامِ}: الجبال). [العمدة في غريب القرآن: 266]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (33)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({إن يشأ يسكن الرّيح فيظللن }: المعنى للجواري, {رواكد}: سواكن). [مجاز القرآن: 2/200]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({رواكد}: سواكن). [غريب القرآن وتفسيره: 331]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({فيظللن رواكد}: على ظهره، أي: سواكن على ظهر البحر). [تفسير غريب القرآن: 393]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره}: أي: سواكن). [معاني القرآن: 6/318]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({رَوَاكِدَ}: سواكن). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 219]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({رَوَاكِدَ}سواكن). [العمدة في غريب القرآن: 266]

تفسير قوله تعالى: {أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (34)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {ويعف عن كثيرٍ...}, ويعلم الذين مردودة على الجزم؛ إلا أنه صرف؛ والجزم إذا صرف عنه معطوفه نصب كقول الشاعر:

فإن يهلك أبو قابوس يهلك = ربيع الناس والبلد الحرام
ونمسك بعده بذناب عيسٍ = أجبّ الظهر ليس له سنام
والرفع جائز في المنصوب على الصرف.
وقد قرأ بذلك قوم فرفعوا: {ويعلم الّذين يجادلون...}, ومثله مما استؤنف فرفع
قوله: {ثم يتوب اللّه من بعد ذلك على من يشاء} في براءة؛ ولو جزم , ويعلم - جازم كان مصيباً). [معاني القرآن: 3/24-25]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({أو يوبقهنَّ}: يهلكهن). [مجاز القرآن: 2/200]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({أو يوبقهن}: يهلكهن). [غريب القرآن وتفسيره: 331]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({أو يوبقهنّ}: يهلكهن, يقال: فلان قد أوبقته ذنوبه, وأراد: أهل السفن). [تفسير غريب القرآن: 393]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {أو يوبقهن بما كسبوا ويعف عن كثير}
قال مجاهد: {يوبقهن}: يهلكهن.
قال أبو جعفر: يقال: أوبقته ذنوبه , أي: أهلكته.
قال قتادة: {أو يوبقهن بما كسبوا}: يهلك من فيهن بذنوبهم.
قال أبو جعفر تقديره مثل: {واسأل القرية}). [معاني القرآن: 6/318-319]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يُوبِقْهُنَّ}: يهلكهن). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 219]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يُوبِقْهُنَّ}: يهلكهن). [العمدة في غريب القرآن: 266]

تفسير قوله تعالى:{وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (35)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}
{ويعلم الّذين يجادلون في آياتنا...}
وهي في مصحف أهل المدينة {بما كسبت أيديكم} غير فاء، وكذلك يقرأونها, خلا أبا جعفر فإنه يثبت الفاء, وهي في مصاحف أهل العراق بالفاء, وكذلك قراءتهم، وهو في العربية أجود لأن الفاء مجازاة جواب الشرط.
المعنى: { ما تصبكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم}
وقرئت: {ويعلم الّذين يجادلون}, والنصب على إضمار أن، لأن قبلها جزاء، تقول: ما تصنع أصنع مثله, وأكرمك، وإن شئت قلت: وأكرمك علي, وأنا أكرمك، وإن شئت: وأكرمك جزما.
وروي عن علي رضي اللّه عنه, عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((إن اللّه أكرم من أن يثني على عبده العقوبة، أي إذا أصابته في الدنيا مصيبة بما كسبت يداه لم يثن عليه العقوبة في الآخرة)).
وأما من قرأ: (وما أصابكم من مصيبة بما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير)
أي: لا يجازى على كثير مما كسبت أيديكم في الدنيا، وجائز أن يكون {يعفو عن كثير} فلا يجازى عليه في الدنيا ولا في الآخرة.
ومعنى: {ما لهم من محيص}: ما لهم من معدل، ولا من منجى، يقال حاص عنه إذا تنحى، ويقال حاض عنه في معنى حاص، ولا يجوز أن يقرأ ما لهم من محيض، وأن كان المعنى واحدا.
فأمّا موضع {الذين} في قوله: {ويستجيب الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات}, فيجوز أن يكون نصبا، ويجوز أن يكون رفعا.
فمن نصب فعلي معنى ويجيب اللّه الذين آمنوا وعملوا الصالحات, ومن رفع فعلى معنى: يستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات للّه - عزّ وجلّ - أي: لما يدعوهم اللّه إليه). [معاني القرآن: 4/399-400](م)
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مَّحِيصٍ}: مهرب). [العمدة في غريب القرآن: 266]

تفسير قوله تعالى: (فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36) )


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 20 ذو القعدة 1431هـ/27-10-2010م, 02:36 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 37 إلى آخر السورة]

{وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37) وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (38) وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39) وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42) وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43) وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ (44) وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ (45) وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِيَاءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ سَبِيلٍ (46) اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ (47) فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ (48) لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50) وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (51) وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (53)}

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: (والّذين يجتنبون كبير الإثم...)
قرأه يحيى بن وثاب "كبير": وفسر عن ابن عباس: أن كبير الإثم هو الشرك؛ فهذا موافق لمن قرأ: (كبير الإثم) بالتوحيد؛ وقرأ العوام: {كبائر الإثم والفواحش}؛ فيجعلون كبائر كأنه شيء عام، وهو في الأصل واحد؛ وكأني أستحبّ لمن قرأ: كبائر أن خفض الفواحش). [معاني القرآن: 3/25]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {والّذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون}
موضع {الّذين} خفض صفة لقوله {للّذين آمنوا وعلى ربّهم يتوكّلون}
و{كبائر الإثم}, قال بعضهم: كل ما وعد اللّه عليه النار فهو كبيرة.
وقيل: (الكبائر): من أول سورة النساء من قوله: {ولا تتبدّلوا الخبيث بالطّيّب}, إلى قوله: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفّر عنكم سيّئاتكم}.
وقد قيل: الكبائر الشرك باللّه، وقتل النفس التي حرم اللّه، وقذف المحصنات، وعقوق الوالدين، وأكل مال اليتيم، والفرار من الزحف، واستحلال الحرام). [معاني القرآن: 4/400]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش}
روي عن ابن عباس: {كبائر الإثم }: الشرك, ويقرأ: (كبير الإثم)
قال الحسن: (الكبائر): كل ما وعد الله -جل وعز- عليه النار.
وقيل: (الكبائر): كل ما وعد الله عليه النار, وأجمع المسلون على أنه من الكبائر, فقد أجمعوا على أن الخمر من الكبائر..
حدثنا بكر بن سهل قال: حدثنا أبو صالح, عن معاوية بن صالح, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس في قوله تعالى: {والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش}: الإشراك, واليأس من روح الله, والأمن لمكر الله, ومنه عقوق الوالدين, وقتل النفس التي حرم الله, وقذف المحصنات, وأكل مال اليتيم , والفرار من الزحف, وأكل الربا, والسحر, والزنى, واليمين الغموس الفاجرة, والغلول, ومنع الزكاة المفروضة, وشهادة الزور, وكتمان الشهادة, وشرب الخمر, وترك الصلاة متعمدا, أو شيء مما افترض الله, ونقض العهد, وقطيعة الرحم. ). [معاني القرآن: 6/319-320]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (38)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({والّذين استجابوا لربّهم}: أجابوا.). [مجاز القرآن: 2/201]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وأمرهم شورى بينهم}: أي: يتشاورون فيه.).[تفسير غريب القرآن: 393]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {والّذين استجابوا لربّهم وأقاموا الصّلاة وأمرهم شورى بينهم وممّا رزقناهم ينفقون}
{الذين} في موضع خفض أيضا، على معنى: وما عند اللّه خير وأبقى للذين آمنوا, وللذين استجابوا لربهم, وأقاموا الصلاة.
وقوله: {وأمرهم شورى بينهم} أي: لا ينفردون برأي حتى يجتمعوا عليه، وقيل إنه ما تشاور قوم قط إلا هدوا لأحسن ما يحضرهم). [معاني القرآن: 4/400-401]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون} أي: يتشاورون). [معاني القرآن: 6/321]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({شُورَى}: مشترك). [العمدة في غريب القرآن: 267]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {والّذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون}.
نزلت خاصة في أبي بكر الصديق (رحمه الله)، وذلك: أن رجلا من الأنصار وقع به عند رسول الله فسبّه، فلم يردد عليه أبو بكر؛ ولم ينه رسول الله صلى الله عليه الأنصاري؛ فأقبل عليه أبو بكر فرد عليه، فقام النبي صلى الله عليه وسلم كالمغضب, واتبعه أبو بكر فقال: يا رسول الله، ما صنعت بي أشدّ عليّ مما صنع بي, سبّني فلم تنهه, ورددت عليه , فقمت كالمغضب.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((كان الملك يرد عليه إذا سكتّ، فلما رددت عليه , رجع الملك، فوثبت معه)), فنزلت هذه الآية, وفسرها شريك, عن الأعمش, عن إبراهيم في قوله: {والّذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون}، قالوا: كانوا يكرهون أن يذلوا أنفسهم للفساق, فيجترئوا عليهم.). [معاني القرآن: 3/25]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({والّذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون}
جاء في التفسير: أنهم كانوا يكرهون أن يذلوا أنفسهم, فيجترئ عليهم الفساق.
وروي: أنها نزلت في أبي بكر الصديق.
فإن قال قائل: أهم محمودون على انتصارهم أم لا؟.
قيل: هم محمودون؛ لأن من انتصر فأخذ بحقه ولم يجاوز في ذلك ما أمر اللّه به, فلم يسرف في القتل إن كان ولي دم, ولا في قصاص؛ فهو مطيع للّه عزّ وجلّ، وكل مطيع محمود، وكذلك من اجتنب المعاصي؛ فهو محمود، ودليل ذلك قوله: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفّر عنكم سيّئاتكم وندخلكم مدخلا كريما}). [معاني القرآن: 4/401]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون}
روى منصور, عن إبراهيم: كانوا يكرهون أن يذلوا أنفسهم, فيجترئ عليهم الفساق.). [معاني القرآن: 6/321]

تفسير قوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومن ذلك الجزاء عن الفعل بمثل لفظه والمعنيان مختلفان:
نحو قول الله تعالى: {إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ * اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ}، أي يجازيهم جزاء الاستهزاء.
وكذلك: {سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ}، {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ}، {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}، هي من المبتدئ سيئة، ومن الله جل وعز جزاء). [تأويل مشكل القرآن: 277](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {وجزاء سيّئة سيّئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على اللّه إنّه لا يحبّ الظّالمين}
فالأولى: {سيئة}: في اللفظ , والمعنى، والثانية {سيئة} في اللفظ، عاملها ليس بمسيء، ولكنها سميت سيئة لأنها مجازاة لسوء, فإنما يجازي السوء بمثله.
والمجازاة به غير سيّئة توجب ذنبا، وإنّما قيل لها: سيئة ليعلم أن الجارح, والجاني, يقتص منه بمقدار جنايته.
وهذا مثل قوله تعالى: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم}: تأويله كافئوه بمثله، وعلى هذا كلام العرب). [معاني القرآن: 4/401]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وجزاء سيئة سيئة مثلها}
قال ابن أبي نجيح: إذا قال: أخزاه الله, قال له: أخزاه الله .
قال أبو جعفر: الأولى سيئة في اللفظ والمعنى , والثانية سيئة في اللفظ وليست في المعنى سيئة, ولا الذي عملها مسيء, وسميت سيئة لازدواج الكلام, ليعلم إنها جزاء على الأولى). [معاني القرآن: 6/321-322]

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم مّن سبيلٍ}: نزلت أيضاً في أبي بكر). [معاني القرآن: 3/25]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل}
قال قتادة: هذا في القصاص, فأما من ظلمك فلا يحل لك أن تظلمه.
قال الحسن: ولمن انتصر بعد ظلمه, هذا إذا لم يكن ظلمه لا يصلح, أي: هذا فيما أباح الله الانتصار منه.
وقد روى يونس, عن الحسن في قوله: {ولمن انتصر بعد ظلمه} قال: إذا لعن لعن, وإذا سب سب ما لم يكن حدا, أو كلمة لا تصلح). [معاني القرآن: 6/323]

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ إنَّ ذلك لمن عزم الأمور }: ما عزمت عليه , قال الخثعمي:

عزمت على إقامة ذي صباحٍ = لشيءٍ ما يسوّد من يسود).
[مجاز القرآن: 2/201]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({ولمن صبر وغفر إنّ ذلك لمن عزم الأمور}
وقال: {ولمن صبر وغفر إنّ ذلك لمن عزم الأمور}, أما اللام التي في {ولمن صبر} فلام الابتداء, وأما ذلك فمعناه -والله أعلم- أن ذلك منه لمن عزم الأمور.
وقد تقول:"مررت بدارٍ الذراع بدرهمٍ"؛ أي: الذراع منها بدرهمٍ, و: "مررت ببرٍّ قفيزٌ بدرهم"؛ أي: قفيزٌ منه.
وأما ابتداء "إن" في هذا الموضوع فكمثل {قل إنّ الموت الّذي تفرّون منه فإنّه ملاقيكم} يجوز ابتداء مثل هذا إذا طال الكلام في مثل هذا الموضع). [معاني القرآن: 4/11-12]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ولمن صبر وغفر إنّ ذلك لمن عزم الأمور}
أي: الصابر يؤتى بصبره ثوابا, فكل من زادت رغبته في الثواب فهو أتمّ عزم، وقد قال بعض أهل اللغة: إن معنى قوله تعالى: {واتّبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربّكم}: أن منه القصاص, والعفو, فالعفو أحسنه). [معاني القرآن: 4/402]

تفسير قوله تعالى: {وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ (45)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {ينظرون من طرفٍ خفيٍّ...}.
قال بعضهم: يخفونه من الذل الذي بهم، وقال بعضهم: نظروا إلى النار بقلوبهم، ولم يروها بأعينهم لأنهم يحشرون عمياً). [معاني القرآن: 3/25-26]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({من طرفٍ خفيٍّ}: لا يفتح عينه إنما ينظر ببعضها). [مجاز القرآن: 2/201]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذّلّ ينظرون من طرفٍ خفيٍّ وقال الّذين آمنوا إنّ الخاسرين الّذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا إنّ الظّالمين في عذابٍ مّقيمٍ}
وقال: {ينظرون من طرفٍ خفيٍّ} جعل "الطرف" العين, كأنه قال "ونظرهم من عين ضعيفة" , والله أعلم .
وقال يونس: إن {من طرفٍ} مثل: "بطرفٍ" كما تقول العرب: "ضربته في السّيف" و"بالسّيف"). [معاني القرآن: 4/12]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ينظرون من طرفٍ خفيٍّ}: أي: قد غضوا أبصارهم من الذل). [تفسير غريب القرآن: 394]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله تعالى: {وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذّلّ ينظرون من طرف خفيّ وقال الّذين آمنوا إنّ الخاسرين الّذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا إنّ الظّالمين في عذاب مقيم}
{ينظرون من طرف خفي}: يعني ينظرون إلى النار من طرف خفي، قال بعضهم: إنهم يحشرون عميا, فيرون النار بقلوبهم إذا عرضوا عليها، وقيل ينظرون إليها مسارقة). [معاني القرآن: 4/402]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي}: أي: ينظرون إلى النار.
قال مجاهد: {خفي}: أي ذليل.
قال أبو جعفر: وقيل: ينظرون بقلوبهم, لأنهم يحشرون عميا.
وقول جل وعز: {وقال الذين آمنوا إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة}
قال قتادة: خسروا أهليهم الذين في الجنة, اعدوا لهم لو أطاعوا.
وقيل: لما كان المؤمنون يلحق بهم أهلوهم في الجنة, وكان الكفار لا يجتمعون معهم في خير, كانوا قد خسروهم قال الله تعالى: {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم}). [معاني القرآن: 6/323-324]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ}: أي قد غضوا أبصارهم من الذل). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 220]

تفسير قوله تعالى: {اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ (47)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {استجيبوا لربّكم من قبل أن يأتي يوم لا مردّ له من اللّه ما لكم من ملجإ يومئذ وما لكم من نكير}
{ما لكم من ملجإ يومئذ وما لكم من نكير}: أي: ليس لكم مخلص من العذاب، ولا تقدرون أن تنكروا ما تقفون عليه من ذنوبكم , ولا ما ينزل بكم من العذاب). [معاني القرآن: 4/402]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ما لكم من ملجأ يومئذ وما لكم من نكير}
- قال مجاهد: {من ملجأ} من محرز, و{من نكير} من ناصر.
- وقيل: {من ملجأ}: من مخلص من عذاب الله.
و{ما لكم من نكير}: أي: لا تقدرون أن تنكروا الذنوب .
التي توقفون عليها). [معاني القرآن: 6/324-325]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ (48)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وإن تصبهم سيّئةٌ...}.
وإنما ذكر قبلهم الإنسان مفرداً، والإنسان يكون واحداً، وفي معنى جمع فردّ الهاء والميم على التأويل، ومثل قوله: {وخلق الإنسان ضعيفاً} يراد به: كل الناس، ولذلك جاز فيه الاستثناء, وهو موحّد في اللفظ, كقول الله: {إنّ الإنسان لفي خسرٍ إلا الذين آمنوا}، ومثله: {وكم مّن ملكٍ في السّماوات}, ثم قال: {لا تغني شفاعتهم}, وإنما ذكر ملكا؛ لأنه في تأويل جمع). [معاني القرآن: 3/26]

تفسير قوله تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {يهب لمن يشاء إناثاً...}.
محضاً لا ذكور فيهن، ويهب لمن يشاء الذكور محضاً لا إناث فيهم، أو يزوجهم يقول: يجعل بعضهم بنين، ويجعل بعضهم بنات ذلك التزويج في هذا الموضع. والعرب تقول: له بنون شطرة إذا كان نصفهم ذكوراً، ونصفهم إناثاً، ومعنى هذا -والله أعلم- كمعنى ما في كتاب الله). [معاني القرآن: 3/26]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ يهب لمن يشاء إناثاً }: أي أنثى, {ويهب لمن يشاء الذّكور}: أي: ذكراً). [مجاز القرآن: 2/201]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذّكور * أو يزوّجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنّه عليم قدير}
أي: ويجعل ما يهبه من الولد: ذكرانا, وإناثا). [معاني القرآن: 4/402](م)

تفسير قوله تعالى: {أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({أو يزوّجهم ذكراناً وإناثاً}: أنثى وأنثى, وذكراً وذكراً, أو ذكراً و أنثى). [مجاز القرآن: 2/201]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({أو يزوّجهم ذكراناً وإناثاً} :أي: يجعل بعضهم بنين، وبعضهم بنات, تقول العرب: زوجت إبلي، إذا قرنت بعضها ببعض, وزوجت الصغار بالكبار: إذا قرنت كبيرا بصغير). [تفسير غريب القرآن: 394]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذّكور * أو يزوّجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنّه عليم قدير}
أي: ويجعل ما يهبه من الولد ذكرانا وإناثا.
فمعنى: {يزوّجهم ذكرانا وإناثا} أي: يقرنهم، وكل اثنين يقترن أحدهما بالآخر فهما زوجان، كل واحد منهما يقال له زوج.
تقول: عندي زوجان من الخفاف، يعني أن عندك من العدد اثنين أي خفين، وكذلك المرأة وزوجها زوجان.
وقوله: {ويجعل من يشاء عقيما} أي: يجعل المرأة عقيما، وهي التي لا تلد، وكذلك رجل عقيم أيضا لا يولد له، وكذلك الريح العقيم: التي لا يكون عنها مطر, ولا خير). [معاني القرآن: 4/402]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما}
قال عبيدة، وأبو مالك, والحسن، ومجاهد، والضحاك: والمقصود لفظ عبيدة, أي: يهب لمن يشاء ذكورا يولدون له ولا يولد له إناث, ويهب لمن يشاء إناثا يولدون له ولا يولد له ذكر, أو يزوجهم ذكرانا وإناثا يولد له ذكور ويولد له إناث, قال عبيدة: ويجعل من يشاء عقيما لا يولد له.
قال أبو جعفر: يقال لكل اثنين مقترنين: زوجان, كل واحد منهما زوج, من ذلك: الرجل والمرأة, والخفان, والنعلان فمعنى: {يزوجهم ذكرانا وإناثا }: يقرنهم, أي يقرن لهم, كما قال: {والقمر قدرناه منازل}.
ويقال: زوجت إبلي صغيرها وكبيرها, أي: قرنت صغيرها مع كبيرها.
ويقال: رجل عقيم: لا يولد له, وامرأة عقيم: لا تلد, وريح عقيم: لا تأتي بمطر, ولا خير). [معاني القرآن: 6/325-326]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({أو يزوجهم}: أي: يقرنهم). [ياقوتة الصراط: 457]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (51)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وما كان لبشرٍ أن يكلّمه اللّه إلاّ وحياً...}.
كما كان النبي صلى الله عليه يرى في منامه، ويلهمه، أو من وراء حجاب، كما كلّم موسى من وراء حجاب، أو يرسل رسولا ملكا من ملائكته, فيوحي بإذنه، ويكلم النبي بما يشاء الله, وذلك في قوله: {أو يرسل رسولا...}: الرفع, والنصب أجود ...
- رفع نافع المدينيّ، ونصبت العوام, ومن رفع {يرسل}, قال: {فيوحي}, مجزومة الياء). [معاني القرآن: 3/26]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({أن يكلّمه اللّه إلّا وحياً}: في المنام، {أو من وراء حجابٍ}: كما كلم موسى عليه السلام، {أو يرسل رسولًا}: أي: ملكا، {فيوحي بإذنه ما يشاء}: فيكلمه عنه بما يشاء). [تفسير غريب القرآن: 394]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وكتبوا: {وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ}بالياء، {أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} بالياء في الحرفين جميعا، كأنهما مضافان، ولا ياء فيهما، إنما هي مكسورة). [تأويل مشكل القرآن: 56-58](م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وأما قول من قال منهم: إن قوله للملائكة: {اسْجُدُوا لِآَدَمَ} إلهام، {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} أي إلهاما- فما ننكر أنّ القولَ قد يُسَمَّى وحياً، والإيماء وحياً، والرمز بالشفتين والحاجبين وحياً، والإلهام وحياً. وكل شيء دللت به فقد أوحيت به، غير أنَّ إلهام النّحل تسخيرها لاتخاذ البيوت، وسلوك السّبل والأكل من كل الثمرات.
وقال العجّاج وذكر الأرض:
وَحَى لَها القَرارَ فاستقَرَّتِ
أي: سخّرها لأن تستقر، فاستقرت.
وأما قوله: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} فالوحي الأول: ما أراه الله تعالى الأنبياء في منامهم.
والكلام من وراء الحجاب: تكليمه موسى.
والكلام بالرسالة: إرساله الروح الأمين بالرّوح من أمره إلى من يشاء من عباده.
ولا يقال لمن ألهمه الله: كلّمه الله، لما أعلمتك من الفرق بين (الكلام) (والقول).
ولا يجوز أن يكون قوله للملائكة وإبليس، وطول مراجعته إياه في السّجود، والخروج من الجنة، والنّظرة إلى يوم البعث- إلهاما. هذا ما لا يعقل. وإن كان ذلك تسخيرا فكيف يسخّر لشيء يمتنع منه؟). [تأويل مشكل القرآن: 111-112]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الوحي: كلّ شيء دللت به من كلام أو كتاب أو إشارة أو رسالة...
والوحي: إعلام في المنام، كقوله: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ}). [تأويل مشكل القرآن: 489-490]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {وما كان لبشر أن يكلّمه اللّه إلّا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنّه عليّ حكيم}
يقرأ: (أو يرسل) برفع {يرسل}, و(فيوحي) بإسكان الياء.
والتفسير: أن كلام الله للبشر إما أن يكون برسالة ملك إليهم كما أرسل إلى أنبيائه، أو من وراء حجاب كما كلم موسى عليه السلام، أو بإلهام يلهمهم.
قال سيبويه: سألت الخليل عن قوله تعالى : {أو يرسل رسولا} بالنصب.
فقال:{يرسل} محمول على {أن يوحي}هذه التي في قوله أن يكلمه اللّه.
قال: لأن ذلك غير وجه الكلام لأنه يصرف المعنى: ما كان لبشر أن يرسل اللّه رسولا، وذلك غير جائز، لأن ما نرسل محمول على وحي.
المعنى: ماكان لبشر أن يكلمه اللّه إلا بأن يوحي, أوأن يرسل.
ويجوز الرفع في {يرسل} على معنى الحال، ويكون المعنى: ما كان لبشر أن يكلمه اللّه إلا موحيا, أو مرسلا رسولا كذلك كلامه إيّاهم.
قال الشاعر:
وخيل قد دلفت لها بخيل= تحية بينهم ضرب وجيع
ومثل قوله: (أو يرسل) بالنصب قوله الشاعر:
ولولا رجال من رزام أعزّة = وآل سبيع أو أسوءك علقما
والمعنى: أو أن أسوءك.
وقال: ويجوز أن يرفع (أو يرسل) على معنى: أو هو يرسل، وهذا قول الخليل, وسيبويه, وجميع من يوثق بعلمه). [معاني القرآن: 4/402-403]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء}
في المعنى قولان:
- فالذي عليه أهل التفسير ما قاله مجاهد, قال: {إلا وحيا}: أن ينفث في قلبه.
{أو من وراء حجاب}: كما كلم موسى صلى الله عليه وسلم , {أو يرسل رسولا } كما أرسل جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم , وإلى أشباهه.
- والقول الآخر: أن معنى: {إلا وحيا}: كما أوحي إلى الأنبياء صلى الله عليهم بإرسال جبريل صلى الله عليه, {أو من وراء حجاب}: كما كلم موسى, {أو يرسل رسولا}: إلى الناس عامة
ويقرأ: {أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه}: وهذا في موضع الحال, أي : الذي يقوم مقام الكلام ما ذكر, ويجوز أن يكون مقطوعا من الأول). [معاني القرآن: 6/326-327]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({إِلَّا وَحْيًا}: أي: في المنام, {أو مِن وَرَاء حِجَابٍ}: كما كلم موسى عليه السلام, {أو يُرْسِلَ رَسُولًا}: أي: ملكاً, {فَيُوحِيَ}: إلى النبي "صلى الله عليه وسلم" ما شاء الله مثل جبريل عليه السلام). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 220]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً...}
يعني التنزيل، وقال بعضهم: أراد القرآن والإيمان، وجاز أن يقول: جعلناه لاثنين؛ لأن الفعل في كثرة أسمائه يضبطه الفعل، ألا ترى أنك تقول: إقبالك وإدبارك يغمني، وهما اثنان فهذا من ذلك). [معاني القرآن: 3/27]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنها إرشاد بالدعاء، كقوله: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}، أي نبيّ يدعوهم.
وقوله: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا}أي يدعون، {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} أي تدعو).[تأويل مشكل القرآن: 443-444](م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وكلام الله: روح، لأنه حياة من الجهل وموت الكفر، قال: {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ} [غافر: 15]، وقال: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا}). [تأويل مشكل القرآن: 487](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله جلّ وعزّ: {وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنّك لتهدي إلى صراط مستقيم}
أي: فعلنا في الوحي اليك, كما فعلنا بالرسل من قبلك.
وموضع {كذلك} نصب بقوله {أوحينا}.
ومعنى {روحا من أمرنا}: ما نحيي به الخلق من أمرنا, أي: ما يهتدى به, فيكون حيّا.
- وقوله: {ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا}, ولم يقل جعلناهما لأن المعنى: ولكن جعلنا الكتاب نورا، وهو دليل على الإيمان.
- وقوله: {وإنّك لتهدي إلى صراط مستقيم}، ويقرأ: (وإنّك لتهدي)، فمن قرأ (لتَهْدِي)، فالمعنى تهدي بما أوحينا إليك إلى صراط مستقيم، ويجوز أن يكون {لَتُهْدَى}مخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم وأمّته، فيكون المعنى: وإنك وأمتك لتهدون إلى صراط مستقيم، كما قال: {يا أيّها النّبيّ إذا طلّقتم النّساء}, فهو بمنزلة: يا أيها الناس المؤمنون إذا طلقتم النساء). [معاني القرآن: 4/403-404]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا}
قال ابن عباس: النبوة.
قال أبو جعفر: أي: وكذلك أوحينا إليك ما تحيا به النفوس, أي: ما تهتدي به.
وقال قتادة والحسن: {روحا من أمرنا}, أي: رحمة من عندنا.
وقوله جل وعز: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم}: أي: بما أوحينا إليك.
وقال معلى: سمعت حوشبا يقرأ: {وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم}
وفي قراءة أبي: {وإنك لتدعو إلى صراط مستقيم}.
قال أبو جعفر: وهذا لا يقرا به لأنه مخالف للسواد, وإنما يحمل ما كان مثله على أنه من قائله على جهة التفسير, و كما قال سفيان في قوله جل وعز: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم} أي: لتدعو.
وروى معمر, عن قتادة في قوله تعالى: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم}, قال: لكل قوم هاد). [معاني القرآن: 6/328-329]

تفسير قوله تعالى: {صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (53)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({صراط اللّه الّذي له ما في السّماوات وما في الأرض ألا إلى اللّه تصير الأمور}
وقال: {ألا إلى اللّه تصير الأمور} لأن الله تبارك وتعالى يتولى الأشياء دون خلقه يوم القيامة, وهو في الدنيا قد جعل بعض الأمور إليهم من الفقهاء, والسلطان, وأشباه ذلك). [معاني القرآن: 4/12]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ويكنى عن كل شيء: بالأمر، لأن كلّ شيء يكون فإنما يكون بأمر الله، فسميت الأشياء: أمورا، لأن الأمر سببها، يقول الله تعالى: {أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ}). [تأويل مشكل القرآن: 515]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (
وقوله: {صراط اللّه الّذي له ما في السّماوات وما في الأرض ألا إلى اللّه تصير الأمور}
{صراط اللّه}: خفض بدل من{صراط مستقيم}، المعنى: وإنّك لتهدي إلى صراط اللّه.
ويجوز (صراط اللّه) بالرفع، و (صراط اللّه) بالنصب.
ولا أعلم أحدا قرأ بهما, ولا بواحدة منهما، فلا تقرأنّ بواحدة منهما لأن القراءة سنّة, لا تخالف، وإن كان ما يقرأ به جائزا في النحو). [معاني القرآن: 4/404]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:42 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة