العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الحج

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 09:02 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي تفسير سورة الحج [من الآية (58) إلى الآية (62) ]

{ وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (58) لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ (59) ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (60) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (61) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (62) }


روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- أسباب النزول
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 09:02 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (58) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {والّذين هاجروا في سبيل اللّه ثمّ قتلوا أو ماتوا ليرزقنّهم اللّه رزقًا حسنًا وإنّ اللّه لهو خير الرّازقين}.
يقول تعالى ذكره: والّذين فارقوا أوطانهم وعشائرهم فتركوا ذلك في رضا اللّه وطاعته، وجهاد أعدائه، ثمّ قتلوا أو ماتوا وهم كذلك، {ليرزقنّهم اللّه} يوم القيامة في جنّاته {رزقًا حسنًا} يعني بالحسن: الكريم؛ وإنّما يعني بالرّزق الحسن: الثّواب الجزيل.
وذكر أنّ هذه الآية نزلت في قومٍ من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم اختلفوا في حكم من مات في سبيل اللّه، فقال بعضهم: سواءٌ المقتول منهم والميّت، وقال آخرون: المقتول أفضل. فأنزل اللّه هذه الآية على نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم، يعلّمهم استواء أمر الميّت في سبيله، والمقتول فيها في الثّواب عنده.
- وقد: حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني عبد الرّحمن بن شريحٍ، عن سلامان بن عامرٍ، قال: كان فضالة برودس أميرًا على الأرباع، فخرج بجنازتي رجلين، أحدهما قتيلٌ، والآخر متوفًّى؛ فرأى ميل النّاس مع جنازة القتيل إلى حفرته، فقال: " أراكم أيّها النّاس تميلون مع القتيل، وتفضّلونه على أخيه المتوفّى؟ فقالوا: هذا القتيل في سبيل اللّه. فقال: فوالّذي نفسي بيده ما أبالي من أيّ حفرتيهما بعثت اقرءوا قول اللّه تعالى: {والّذين هاجروا في سبيل اللّه ثمّ قتلوا أو ماتوا}. إلى قوله: {وإنّ اللّه لعليمٌ حليمٌ} ). [جامع البيان: 16/618-619]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا وإن الله لهو خير الرازقين * ليدخلنهم مدخلا يرضونه وإن الله لعليم حليم.
أخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سلمان الفارسي: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: من مات مرابطا أجرى الله عليه مثل ذلك الأجر وأجرى عليه الرزق وأمن الفتانين وأقرأوا إن شئتم {والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا} إلى قوله: {حليم} ). [الدر المنثور: 10/519]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن فضالة بن عبيد الأنصاري الصحابي: - انه كان برودس - فمروا بجنازتين: أحدهما قتيل والآخر متوفى، فمال الناس على القتيل فقال فضالة: ما لي أرى الناس مالوا مع هذا وتركوا هذا فقالوا: هذا لقتيل في سبيل الله فقال: والله ما أبالي من أي حفرتيهما بعثت، اسمعوا كتاب الله {والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا} ). [الدر المنثور: 10/519]

تفسير قوله تعالى: (لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ (59) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ليدخلنّهم مدخلاً يرضونه وإنّ اللّه لعليمٌ حليمٌ}.
يقول تعالى ذكره: ليدخلنّ اللّه المقتول في سبيله من المهاجرين والميّت منهم {مدخلاً يرضونه} وذلك المدخل هو الجنّة. {وإنّ اللّه لعليمٌ} بمن يهاجر في سبيله ممّن يخرج من داره طلب الغنيمة أو عرضٍ من عروض الدّنيا. {حليمٌ} عن عصاة خلقه، بتركه معاجلتهم بالعقوبة والعذاب). [جامع البيان: 16/619-620]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {مدخلا يرضونه} قال: الجنة). [الدر المنثور: 10/520]

تفسير قوله تعالى: (ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (60) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثمّ بغي عليه لينصرنّه اللّه إنّ اللّه لعفوٌّ غفورٌ}.
يعني تعالى ذكره بقوله: {ذلك} لهذا، لهؤلاء الّذين هاجروا في سبيل اللّه، ثمّ قتلوا أو ماتوا، ولهم مع ذلك أيضًا أنّ اللّه يعدهم النّصر على المشركين الّذين بغوا عليهم فأخرجوهم من ديارهم.
- كما: حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به} قال: " هم المشركون بغوا على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فوعده اللّه أن ينصره، وقالا في القصاص أيضًا ".
وكان بعضهم يزعم أنّ هذه الآية نزلت في قومٍ من المشركين لقوا قومًا من المسلمين لليلتين بقيتا من المحرّم، وكان المسلمون يكرهون القتال يومئذٍ في الأشهر الحرم، فسأل المسلمون المشركين أن يكفّوا عن قتالهم من أجل حرمة الشّهر، فأبى المشركون ذلك، وقاتلوهم فبغوا عليهم، وثبت المسلمون لهم، فنصروا عليهم، فأنزل اللّه هذه الآية: {ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثمّ بغي عليه} بأن بدئ بالقتال وهو له كارهٌ، {لينصرنّه اللّه}.
وقوله: {إنّ اللّه لعفوٌّ غفورٌ} يقول تعالى ذكره: إنّ اللّه لذو عفو، وصفحٍ لمن انتصر ممّن ظلمه من بعد ما ظلمه الظّالم بحقٍّ، غفورٌ لما فعل ببادئه بالظّلم مثل الّذي فعل به، غير معاقبه عليه). [جامع البيان: 16/620-621]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله إن الله لعفو غفور * ذلك بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وأن الله سميع بصير * ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير * ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة إن الله لطيف خبير * له ما في السموات وما في الأرض وإن الله لهو الغني الحميد.
أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله: {ذلك ومن عاقب} الآية، قال: إن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية في ليلتين بقيتا من المحرم فلقوا المشركين فقال المشركون بعضهم لبعض: قاتلوا أصحاب محمد فإنهم يحرمون القتال في الشهر الحرام وان أصحاب محمد: ناشدوهم وذكروهم بالله أن يعرضوا لقتالهم فإنهم لا يستحلون القتال في الشهر الحرام إلا من بادئهم وان المشركين بدأوا وقاتلوهم فاستحل الصحابة قتالهم عند ذلك فقاتلوهم ونصرهم الله عليهم). [الدر المنثور: 10/520]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {ذلك ومن عاقب}، قال: تعاون المشركون على النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه فأخرجوه فوعد الله أن ينصره وهو في القصاص أيضا). [الدر المنثور: 10/520]

تفسير قوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (61) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال القرظي في قول الله: {يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل}، قال: يدخل من ليل الشتاء في نهار الصيف، ويدخل من نهار الصيف في ليالي الشتاء). [الجامع في علوم القرآن: 2/55]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ذلك بأنّ اللّه يولج اللّيل في النّهار ويولج النّهار في اللّيل}.
يعني تعالى ذكره بقوله: {ذلك} هذا النّصر الّذي أنصره على من بغي عليه على الباغي، لأنّي القادر على ما أشاء. فمن قدرته أنّ اللّه {يولج اللّيل في النّهار} يقول: يدخل ما ينقص من ساعات اللّيل في ساعات النّهار، فما نقص من هذا زاد في هذا {ويولج النّهار في اللّيل} ويدخل ما انتقص من ساعات النّهار في ساعات اللّيل، فما نقص من طول هذا زاد في طول هذا، وبالقدرة الّتي يفعل ذلك ينصر محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه على الّذين بغوا عليهم، فأخرجوهم من ديارهم وأموالهم. يقول: وفعل ذلك أيضًا بأنّه ذو سمعٍ لما يقولون من قولٍ، لا يخفى عليه منه شيءٌ، بصيرٌ بما يعملون، لا يغيب عنه منه شيءٌ، كلّ ذلك معه بمرأًى ومسمعٍ، وهو الحافظ لكلّ ذلك، حتّى يجازي جميعهم على ما قالوا وعملوا من قولٍ وعملٍ جزاءه). [جامع البيان: 16/621]

تفسير قوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (62) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ذلك بأنّ اللّه هو الحقّ وأنّ ما يدعون من دونه هو الباطل وأنّ اللّه هو العليّ الكبير}.
يعني تعالى ذكره بقوله {ذلك} هذا الفعل الّذي فعلت من إيلاجي اللّيل في النّهار، وإيلاجي النّهار في اللّيل؛ لأنّي أنا الحقّ الّذي لا مثل لي، ولا شريك، ولا ندّ، وأنّ الّذي يدعوه هؤلاء المشركون إلهًا من دونه هو الباطل الّذي لا يقدر على صنعة شيءٍ، بل هو المصنوع، يقول لهم تعالى ذكره: أفتتركون أيّها الجهّال عبادة من منه النّفع، وبيده الضّرّ، وهو القادر على كلّ شيءٍ، وكلّ شيءٍ دونه، وتعبدون الباطل الّذي لا تنفعكم عبادته.
وقوله: {وأنّ اللّه هو العليّ الكبير} يعني بقوله: {العليّ} أنه ذو العلوّ على كلّ شيءٍ، هو فوق كلّ شيءٍ، وكلّ شيءٍ دونه {الكبير} يعني العظيم، الّذي كلّ شيءٍ دونه، ولا شيء أعظم منه
وكان ابن جريجٍ يقول في قوله: {وأنّ ما يدعون من دونه هو الباطل} ما؛
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ قال: قال ابن جريجٍ، في قوله: {وأنّ ما يدعون من دونه هو الباطل} قال: " الشّيطان ".
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {وأنّ ما يدعون من دونه} فقرأته عامّة قرّاء العراق والحجاز: ( تدعون ) بالتّاء على وجه الخطّاب؛ وقرأته عامّة قرّاء العراق غير عاصمٍ بالياء على وجه الخبر، والياء أعجب القراءتين إليّ، لأنّ ابتداء الخبر على وجه الخطّاب). [جامع البيان: 16/621-622]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وأن ما يدعون من دونه هو الباطل} قال: الشيطان). [الدر المنثور: 10/520]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 09:04 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (58)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {والّذين هاجروا في سبيل اللّه ثمّ قتلوا} [الحج: 58] في سبيل اللّه بعد الهجرة.
{أو ماتوا} [الحج: 58] على فرشهم بعد الهجرة.
{ليرزقنّهم اللّه رزقًا حسنًا} [الحج: 58] الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 1/386]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) :
( {وإن الله لهو خير الرازقين} قال أبو العباس: يقال: إن كل إنسانا إذا كان يرزق إنسان رزقا قد سماه له، ثم غضب عليه قطع ذلك الرزق، والله - عز وجل - إذا غضب على عبده لم يقطع رزقه ما دام حيا). [ياقوتة الصراط: 371]


تفسير قوله تعالى: {لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ (59)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وإنّ اللّه لهو خير الرّازقين {58} ليدخلنّهم مدخلا يرضونه} [الحج: 58-59] في الجنّة.
{وإنّ اللّه لعليمٌ حليمٌ} [الحج: 59] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/386]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {ليدخلنّهم مدخلاً} الميم مضمومة لأنها من " أدخلت " والخاء مفتوحة وإذا كان من دخلت فالميم والخاء مفتوحتان).

[مجاز القرآن: 2/53]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (60)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثمّ بغي عليه} [الحج: 60] يعني بذلك مشركي العرب أنّهم عوقبوا، فقتلهم اللّه بجحودهم النّبيّ وظلمهم إيّاه وأصحابه، وبغيهم عليهم.
قال: {لينصرنّه اللّه إنّ اللّه لعفوٌّ غفورٌ} [الحج: 60] النّصر في الدّنيا: الظّهور على المشركين، والحجّة عليهم في الآخرة كقوله: {إنّا لننصر رسلنا والّذين آمنوا في الحياة الدّنيا ويوم يقوم الأشهاد} [غافر: 51] يوم القيامة). [تفسير القرآن العظيم: 1/386]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثمّ بغي عليه لينصرنّه اللّه إنّ اللّه لعفوّ غفور}

(ذلك) في موضع رفع، المعنى الأمر ذلك، أي الأمر، قصصنا لحيكم.
قوله: {ومن عاقب بمثل ما عوقب به}.
الأول لم يكن عقوبة، وإنما العقوبة الجزاء، ولكنه سمّي عقوبة لأن الفعل الذي هو عقوبة كان جزاء فسمّي الأول الذي جوزي عليه عقوبة لاستواء الفعلين في جنس المكروه.
كما قال عزّ وجلّ: {وجزاء سيّئة سيّئة مثلها}.
فالأول سيئة والمجازاة عليها حسنة من حسنات المجازي عليها إلا أنها سمّيت سيئة بأنها وقعت إساءة بالمفعول به، لأنه فعل به ما يسوءه.
وكذلك قوله {مستهزئون* اللّه يستهزئ بهم}، جعل مجازاتهم باستهزائهم مسمّى بلفظ فعلهم لأنه جزاء فعلهم). [معاني القرآن: 3/435]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به}
والأول ليس بعقوبة فسمي الأول باسم الثاني لأنهما من جنس واحد على الازدواج كما يسمى الثاني باسم الأول). [معاني القرآن: 4/429]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (61)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ذلك بأنّ اللّه يولج اللّيل في النّهار ويولج النّهار في اللّيل} [الحج: 61] هو آخذٌ كلّ واحدٍ منهما من صاحبه). [تفسير القرآن العظيم: 1/386]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (62)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وأنّ اللّه سميعٌ بصيرٌ {61} ذلك بأنّ اللّه هو الحقّ} [الحج: 61-62] والحقّ اسمٌ من أسماء اللّه.
قوله: {وأنّ ما يدعون من دونه هو الباطل} [الحج: 62] قال الحسن: الأوثان.
وقال قتادة: إبليس.
قوله: {وأنّ اللّه هو العليّ الكبير} [الحج: 62] لا شيء أكبر منه). [تفسير القرآن العظيم: 1/386]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 09:05 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي


التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (58) }

تفسير قوله تعالى: {لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ (59) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فالمصدر مفعول أحدثه الفاعل، والزمان والمكان مفعول فيهما، وذلك قولك أنزلته منزلاً. قال الله عز وجل: {ليدخلنهم مدخلا يرضونه} و{باسم الله مجراها ومرساها}.
وتقول: هذا مقاتلنا: أي موضع قتالنا، كما قال:
أقاتل حتى لا أرى لي مقـاتـلا = وأنجو إذا غم الجبان من الكرب
وتقول: سرحته مسرحا، أي تسريحا. قال:
ألم تعلم مسرحي القوفي = فلاعيا بهن، ولا اجتلابا).
[المقتضب: 1/212-213]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (60) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب آخر من أبواب أن
تقول ذلك وأن لك عندي ما أحببت وقال الله عز وجل: {ذلكم وأن الله موهن كيد الكافرين} وقال: {ذلكم فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار} وذلك لأنها شركت ذلك فيما حمل عليه كأنه قال الأمر ذلك وأن الله ولو جاءت مبتدأةً لجازت يدلك على ذلك قوله عز وجل: {ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله} فمن ليس محمولاً على ما حمل عليه ذلك فكذلك يجوز أن يكون إن منقطعةً من ذلك قال الأحوص:

عوّدت قومي إذا ما الضّيف نبّهني = عقر العشار على عسري وإيساري
إنّي إذا خفيت نارٌ لمرملةٍ = ألفي بأرفع تلٍّ رافعاً ناري
ذاك وإنّي على جاري لذو حدبٍ = أحنو عليه بما يحنى على الجار
فهذا لا يكون إلا مستأنفاً غير محمول على ما حمل عليه ذاك فهذا أيضاً يقوي ابتداء إن في الأول). [الكتاب: 3/125-126] (م)

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (61) }

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (62) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 19 ذو القعدة 1439هـ/31-07-2018م, 12:18 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 19 ذو القعدة 1439هـ/31-07-2018م, 12:19 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 19 ذو القعدة 1439هـ/31-07-2018م, 12:21 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (58)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {والذين هاجروا في سبيل الله} الآية ابتداء معنى آخر: وذلك أنه لما مات بالمدينة عثمان بن مظعون، وأبو سلمة بن عبد الأسد قال بعض الناس: من قتل من المهاجرين أفضل ممن مات حتف أنفه، فنزلت هذه الآية مسوية بينهم في أن الله -تبارك وتعالى- يرزق جميعهم رزقا حسنا. وليس هذا بقاض بتساويهم في الفضل، وظاهر الشريعة أن المقتول أفضل، وقال بعض الناس: المقتول والميت في سبيل الله شهيدان، ولكن للمقتول مزية ما أصابه في ذات الله -تعالى- و"الرزق الحسن" يحتمل أن يريد به رزق الشهداء عند ربهم في البرزخ، ويحتمل أن يريد بعد يوم القيامة في الجنة). [المحرر الوجيز: 6/267]


تفسير قوله تعالى: {لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ (59)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأت فرقة: "مدخلا" بضم الميم من "دخل"، فهو محمول على فعل مقدر تقديره: فيدخلون مدخلا، وقرأت فرقة: "مدخلا" بضم الميم من "أدخل".
وأسند الطبري عن سلمان بن عامر قال: كان فضالة برودس أميرا على أرباع، فخرج بجنازتي رجلين أحدهما قتيل والآخر متوفى، فرأى ميل الناس مع جنازة القتيل، فقال: أراكم أيها الناس تميلون مع القتيل وتفضلونه، فوالذي نفسي بيده ما أبالي من أي حفرتيهما بعثت، اقرءوا قول الله تعالى: {والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا} إلى {لعليم حليم} ). [المحرر الوجيز: 6/267]


تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (60)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ذلك ومن عاقب} إلى قوله سبحانه: {هو العلي الكبير} المعنى: الأمر ذلك. ثم أخبر -تعالى- عمن عاقب من المؤمنين من ظلمه من الكفرة.
[المحرر الوجيز: 6/267]
ووعد المبغي عليه بأنه ينصره، وسمى الذنب في هذه الآية باسم العقوبة كما تسمى العقوبة كثيرا باسم الذنب، وهذا كله تجوز واتساع
وذكر أن هذه الآية نزلت في قوم من المؤمنين لقيهم كفار في الشهر الحرام، فأبى المؤمنون من قتالهم، وأبى المشركون إلا القتال، فلما اقتتلوا جد المؤمنون ونصرهم الله -تعالى- فنزلت هذه الآية فيهم). [المحرر الوجيز: 6/268]


تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (61)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ذلك بأن الله يولج الليل في النهار} معناها: نصر الله -تعالى- أولياءه ومن بغي عليه بأنه القادر على العظائم، الذي لا تضاهى قدرته، فأوجز العبارة بأن أشار بـ"ذلك" إلى النصر، وعبر عن القدرة بتفصيلها، فذكر منها مثلا لا يدعى لغير الله -تعالى- وجعل تقصير الليل وزيادة النهار وعكسها إيلاجا تجوزا وتشبيها). [المحرر الوجيز: 6/268]


تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (62)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {ذلك بأن الله هو الحق} معناه نحو ما ذكرناه، وقرأت فرقة: "تدعون" بالتاء من فوق، وقرأت فرقة: "يدعون"، والإشارة بما يدعى من دونه، قالت فرقة: هي إلى الشيطان، وقالت فرقة: هي إلى الأصنام، والعموم هنا حسن). [المحرر الوجيز: 6/268]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 13 محرم 1440هـ/23-09-2018م, 07:28 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 13 محرم 1440هـ/23-09-2018م, 07:30 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (58) لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ (59)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({والّذين هاجروا في سبيل اللّه ثمّ قتلوا أو ماتوا ليرزقنّهم اللّه رزقًا حسنًا وإنّ اللّه لهو خير الرّازقين (58) ليدخلنّهم مدخلا يرضونه وإنّ اللّه لعليمٌ حليمٌ (59) ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثمّ بغي عليه لينصرنّه اللّه إنّ اللّه لعفوٌّ غفورٌ (60)}.
يخبر تعالى عمّن خرج مهاجرًا في سبيل اللّه ابتغاء مرضاته، وطلبًا لما عنده، وترك الأوطان والأهلين والخلان، وفارق بلاده في اللّه ورسوله، ونصرةً لدين اللّه {ثمّ قتلوا} أي: في الجهاد {أو ماتوا} أي: حتف أنفهم، أي: من غير قتالٍ على فرشهم، فقد حصلوا على الأجر الجزيل، والثّناء الجميل، كما قال تعالى {ومن يخرج من بيته مهاجرًا إلى اللّه ورسوله ثمّ يدركه الموت فقد وقع أجره على اللّه} [النّساء: 100].
وقوله: {ليرزقنّهم اللّه رزقًا حسنًا} أي: ليجرين عليهم من فضله ورزقه من الجنّة ما تقرّ به أعينهم، {وإنّ اللّه لهو خير الرّازقين. ليدخلنّهم مدخلا يرضونه} أي: الجنّة. كما قال تعالى: {فأمّا إن كان من المقرّبين. فروحٌ وريحانٌ وجنّة نعيمٍ} [الواقعة: 88، 89] فأخبر أنّه يحصل له الرّاحة والرّزق وجنّة نعيمٍ، كما قال هاهنا: {ليرزقنّهم اللّه رزقًا حسنًا}، ثمّ قال: {ليدخلنّهم مدخلا يرضونه وإنّ اللّه لعليمٌ} أي: بمن يهاجر ويجاهد في سبيله، وبمن يستحقّ ذلك، {حليمٌ} أي: يحلم ويصفح ويغفر لهم الذّنوب ويكفّرها عنهم بهجرتهم إليه، وتوكّلهم عليه. فأمّا من قتل في سبيل اللّه من مهاجرٍ أو غير مهاجرٍ، فإنّه حيٌّ عند ربّه يرزق، كما قال تعالى: {ولا تحسبنّ الّذين قتلوا في سبيل اللّه أمواتًا بل أحياءٌ عند ربّهم يرزقون} [آل عمران: 169]، والأحاديث في هذا كثيرةٌ، كما تقدّم وأمّا من توفي في سبيل اللّه من مهاجرٍ أو غير مهاجرٍ، فقد تضمّنت هذه الآية الكريمة مع الأحاديث الصّحيحة إجراء الرّزق عليه، وعظيم إحسان اللّه إليه.
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا المسيّب بن واضحٍ، حدّثنا ابن المبارك، عن عبد الرّحمن بن شريح، عن ابن الحارث -يعني: عبد الكريم-عن ابن عقبة -يعني: أبا عبيدة بن عقبة-قال: حدّثنا شرحبيل بن السّمط: طال رباطنا وإقامتنا على حصنٍ بأرض الرّوم، فمرّ بي سلمان-يعني: الفارسيّ-رضي اللّه عنه، فقال: إنّي سمعت رسول اللّه يقول: "من مات مرابطًا، أجرى اللّه عليه مثل ذلك الأجر، وأجرى عليه الرّزق، وأمن من الفتّانين" واقرءوا إن شئتم: {والّذين هاجروا في سبيل اللّه ثمّ قتلوا أو ماتوا ليرزقنّهم اللّه رزقًا حسنًا وإنّ اللّه لهو خير الرّازقين ليدخلنّهم مدخلا يرضونه وإنّ اللّه لعليمٌ حليمٌ}
وقال أيضًا: حدّثنا أبو زرعة، حدّثنا زيد بن بشرٍ، أخبرني همّامٌ، أنّه سمع أبا قبيلٍ وربيعة بن سيفٍ المعافريّ يقولان: كنّا برودس، ومعنا فضالة بن عبيدٍ الأنصاريّ -صاحب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم-فمرّ بجنازتين، إحداهما قتيلٌ والأخرى متوفًّى، فمال النّاس على القتيل، فقال فضالة: ما لي أرى النّاس مالوا مع هذا، وتركوا هذا؟! فقالوا: هذا قتيلٌ في سبيل اللّه تعالى. فقال: واللّه ما أبالي من أيّ حفرتيهما بعثت، اسمعوا كتاب اللّه: {والّذين هاجروا في سبيل اللّه ثمّ قتلوا أو ماتوا [ليرزقنّهم اللّه رزقًا حسنًا وإنّ اللّه لهو خير الرّازقين]}
وقال أيضًا: حدّثنا أبي، حدّثنا عبدة بن سليمان، أنبأنا ابن المبارك، أنبأنا ابن لهيعة، حدّثنا سلامان بن عامرٍ الشّعبانيّ، أنّ عبد الرّحمن بن جحدم الخولانيّ حدّثه: أنّه حضر فضالة بن عبيدٍ في البحر مع جنازتين، أحدهما أصيب بمنجنيقٍ والآخر توفّي، فجلس فضالة بن عبيدٍ عند قبر المتوفّى، فقيل له: تركت الشّهيد فلم تجلس عنده؟ فقال: ما أبالي من أيّ حفرتيهما بعثت، إنّ اللّه يقول: {والّذين هاجروا في سبيل اللّه ثمّ قتلوا أو ماتوا [ليرزقنّهم اللّه رزقًا حسنًا وإنّ اللّه لهو خير الرّازقين. ليدخلنّهم مدخلا] يرضونه} فما تبتغي أيّها العبد إذا أدخلت مدخلًا ترضاه ورزقت رزقًا حسنًا، واللّه ما أبالي من أيّ حفرتيهما بعثت.
ورواه ابن جريرٍ، عن يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهبٍ، أخبرني عبد الرّحمن بن شريح، عن سلامان بن عامرٍ قال: كان فضالة برودس أميرًا على الأرباع، فخرج بجنازتي رجلين، أحدهما قتيلٌ والآخر متوفى = فذكر نحو ما تقدم).[تفسير ابن كثير: 5/ 447-448]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (60) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ): (وقوله: {ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثمّ بغي عليه لينصرنّه اللّه}، ذكر مقاتل بن حيّان وابن جريجٍ أنّها نزلت في سريّةٍ من الصّحابة، لقوا جمعًا من المشركين في شهر محرّمٍ، فناشدهم المسلمون لئلّا يقاتلوهم في الشّهر الحرام، فأبى المشركون إلّا قتالهم وبغوا عليهم، فقاتلهم المسلمون، فنصرهم اللّه عليهم، [و] {إنّ اللّه لعفوٌّ غفورٌ} ).[تفسير ابن كثير: 5/ 449]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (61) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ذلك بأنّ اللّه يولج اللّيل في النّهار ويولج النّهار في اللّيل وأنّ اللّه سميعٌ بصيرٌ (61) ذلك بأنّ اللّه هو الحقّ وأنّ ما يدعون من دونه هو الباطل وأنّ اللّه هو العليّ الكبير (62)}.
يقول تعالى منبّهًا على أنّه الخالق المتصرّف في خلقه بما يشاء، كما قال: {قل اللّهمّ مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممّن تشاء وتعزّ من تشاء وتذلّ من تشاء بيدك الخير إنّك على كلّ شيءٍ قديرٌ. تولج اللّيل في النّهار [وتولج النّهار في اللّيل وتخرج الحيّ من الميّت وتخرج الميّت من الحيّ وترزق من تشاء بغير حسابٍ]} [آل عمران: 26، 27] ومعنى إيلاجه اللّيل في النّهار، والنّهار في اللّيل: إدخاله من هذا في هذا، ومن هذا في هذا، فتارةً يطوّل اللّيل ويقصّر النّهار، كما في الشّتاء، وتارةً يطوّل النّهار ويقصّر اللّيل، كما في الصّيف.
وقوله: {وأنّ اللّه سميعٌ بصيرٌ} أي: سميعٌ بأقوال عباده، بصيرٌ بهم، لا يخفى عليه منهم خافيةٌ في أحوالهم وحركاتهم وسكناتهم). [تفسير ابن كثير: 5/ 449]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (62) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ): (ولـمّا بيّن أنّه المتصرّف في الوجود، الحاكم الّذي لا معقّب لحكمه، قال: {ذلك بأنّ اللّه هو الحقّ} أي: الإله الحقّ الّذي لا تنبغي العبادة إلّا له؛ لأنّه ذو السّلطان العظيم، الّذي ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وكلّ شيءٍ فقيرٌ إليه، ذليلٌ لديه، {وأنّ ما يدعون من دونه هو الباطل} أي: من الأصنام والأنداد والأوثان، وكلّ ما عبد من دونه تعالى فهو باطلٌ؛ لأنّه لا يملك ضرًّا ولا نفعًا.
وقوله: {وأنّ اللّه هو العليّ الكبير}، كما قال: {وهو العليّ العظيم} [البقرة: 255]، وقال: {الكبير المتعال} [الرّعد: 9] فكلّ شيءٍ تحت قهره وسلطانه وعظمته، لا إله إلّا هو، ولا ربّ سواه؛ لأنّه العظيم الّذي لا أعظم منه، العليّ الّذي لا أعلى منه، الكبير الّذي لا أكبر منه، تعالى وتقدّس وتنزّه، وعزّ وجلّ عمّا يقول الظّالمون [المعتدون] علوًّا كبيرًا). [تفسير ابن كثير: 5/ 449]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:58 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة