العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة إبراهيم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 ربيع الثاني 1434هـ/10-03-2013م, 11:22 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير سورة إبراهيم [من الآية ( 42) إلى الآية ( 46) ]

{وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43) وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44) وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ (45) وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10 جمادى الأولى 1434هـ/21-03-2013م, 11:18 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولا تحسبنّ اللّه غافلاً عمّا يعمل الظّالمون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: {ولا تحسبنّ اللّه} يا محمّد {غافلاً} ساهيًا {عمّا يعمل} هؤلاء المشركون من قومك، بل هو عالمٌ بهم وبأعمالهم، محصيها عليهم، ليجزيهم جزاءهم في الحين الّذي قد سبق في علمه أنّه يجزيهم فيه
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا عليّ بن ثابتٍ، عن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، في قوله: {ولا تحسبنّ اللّه غافلاً عمّا يعمل الظّالمون} قال: " هي وعيدٌ للظّالم، وتعزيةٌ للمظلوم "

القول في تأويل قوله تعالى: {إنّما يؤخّرهم ليومٍ تشخص فيه الأبصار (42) مهطعين مقنعي رءوسهم، لا يرتدّ إليهم طرفهم، وأفئدتهم هواءٌ}.
يقول تعالى ذكره: إنّما يؤخّر ربّك يا محمّد هؤلاء الظّالمين الّذين يكذّبونك ويجحدون نبوّتك، ليومٍ تشخص فيه الأبصار، يقول: إنّما يؤخّر عقابهم وإنزال العذاب بهم، إلى يومٍ تشخص فيه أبصار الخلق، وذلك يوم القيامة، كما؛
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {ليومٍ تشخص فيه الأبصار} " شخصت فيه واللّه أبصارهم، فلا ترتدّ إليهم "). [جامع البيان: 13/703-704]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم والخرائطي في مساوئ الأخلاق عن ميمون بن مهران رضي الله عنه في قوله: {ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون} قال: هي تعزية للمظلوم ووعيد للظالم). [الدر المنثور: 8/562]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كان في بني اسرائيل رجل عقيم لا يولد له ولد فكان يخرج، فإذا رأى غلاما من غلمان بني إسرائيل عليه حلى يخدعه حتى يدخله فيقتله ويلقيه في مطمورة له، فبينما هو كذلك إذا لقي غلامين أخوين عليهما حلى لهما فأدخلهما فقتلهما وطرحهما في مطمورة له، وكانت له امرأة مسلمة تنهاه عن ذلك فتقول له: إني أحذرك النقمة من الله تعالى، وكان يقول: لو أن الله آخذني على شيء آخذني يوم فعلت كذا وكذا، فتقول إن صاعك لم يمتلئ بعد ولو قد امتلأ صاعك أخذت، فلما قتل الغلامين الأخوين خرج أبوهما يطلبهما فلم يجد أحدا يخبره عنهما فأتى نبيا من أنبياء بني إسرائيل فذكر ذلك له فقال له النّبيّ عليه السلام: هل كانت لهما لعبة يلعبان بها قال: نعم، كان لهما جرو فأتى بالجرو فوضع النّبيّ عليه السلام خاتمه بين عينيه ثم خلى سبيله وقال له: أول دار يدخلها من بني إسرائيل فيها تبيان فأقبل الجرو يتخلل الدور به حتى دخل دارا فدخلوا خلفه فوجدوا الغلامين مقتولين مع غلام قد قتله وطرحهم في المطمورة فانطلقوا به إلى النّبيّ عليه السلام فأمر به أن يصلب، فلما وضع على خشبته أتته امرأته فقالت: يا فلان قد كنت أحذرك هذا اليوم وأخبرك أن الله تعالى غير تاركك وأنت تقول: لو أن الله آخذني على شيء آخذني يوم فعلت كذا وكذا فأخبرتك أن صاعك بعد لم يمتلئ، ألا وإن صاعك هذا، ألا وأن امتلأ). [الدر المنثور: 8/562-563]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار} قال: شخصت فيه والله أبصارهم فلا ترتد إليهم). [الدر المنثور: 8/564]

تفسير قوله تعالى: (مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا عثمان بن الأسود، عن مجاهد في قوله: {مهطعين مقنعي رؤوسهم} [سورة إبراهيم: 43]، قال: رافعي رؤوسهم هكذا). [الزهد لابن المبارك: 2/735]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): ([ ........ .. عن] ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن عليّ بن رباحٍ عن رجلٍ سمع عبادة [بن الصّامت يقول]: إنّا كنّا في المسجد نقترئ، معنا أبو بكرٍ الصّدّيق ونحن أمّيّون يقرئ بعضنا بعضًا؛ فخرج عبد اللّه بن أبي بن سلول تتبعه نمرقٌ وزربيّه، ثمّ وضعتا له فاتّكأ؛ فقال: يا أبا بكرٍ، ألا تقول لمحمدٍ يأتينا بآيةٍ كما جاء بها الأوّلون: جاء صالحٌ بالنّاقة وجاء [موسى بالألواح]، وجاء داود بالزّبور، وجاء عيسى بالمائدة، وعبد الله بن أبي بن سلولٍ رجلٌ جدلٌ صبيحٌ، فصيحٌ؛ فبكى أبو بكرٍ، فخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال أبو بكرٍ: قوموا نستغيث بنبيّ اللّه من هذا المنافق؛ فقال رسول اللّه: إنّه لا يقام لي، إنّما يقام للّه، إنّ جبريل أتاني فقال: اخرج فحدّث بنعمة اللّه الّتي أنعم بها عليك وبفضيلته الّتي فضّلت بها، فبشّرني بعشرٍ لم يؤتها نبيٌ قبلي؛ فقال: إنّ اللّه بعثني إلى النّاس جميعًا، وأمرني أن أنذر الجنّ، وإنّ اللّه لقاني كلامه وأنا أميٌ؛ فقد أوتي داود الزّبور، وموسى الألواح، وعيسى الإنجيل، إنّ اللّه قد غفر لي ذنبي ما تقدّم منه وما تأخّر، وإنّ اللّه أعطاني الكوثر، وإنّ اللّه أمدّني بالملائكة وأتاني النّصر، وجعل بين يديّ الرّعب، وجعل حوضي أعظم الحياض، ورفع ذكري في النّادين، وبعثني يوم القيامة مقاماً محموداً، والناس {مهطعين مقنعي [رؤوسهم} .. .. ].

[ ................................................................ ] طر لم يتغير، ومثل من تعلم القرآن كبيراً [كما .............. .. ]). [الجامع في علوم القرآن: 3/6-8]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى مهطعين قال مسرعين مقنعي رءوسهم قال المقنع الذي يرفع رأسه شاخصا بصره لا يطرف). [تفسير عبد الرزاق: 1/343]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وأفئدتهم هواء قال ليس فيها شيء خرجت من صدورهم فنشبت في حلوقهم). [تفسير عبد الرزاق: 1/343]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن سعيدٍ عن أبي الضّحى {مهطعين} قال: هو التجنيح وصفه برأسه أنّه يرفعه إلى السماء وشخص بصره [الآية: 43]). [تفسير الثوري: 157]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن مرّة {وأفئدتهم هواءٌ} قال: متخرّقةٌ لا تعي شيئًا). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 279]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عز وجل: {مهطعين مقنعي رءوسهم} قال: المقنع: الرّافع رأسه ينظر إلى السّماء). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 50-51]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وأمّا قوله: {مهطعين} فإنّ أهل التّأويل اختلفوا في معناه، فقال بعضهم: معناه: مسرعين
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا هاشم بن القاسم، عن أبي سعيدٍ المؤدّب، عن سالمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: {مهطعين} قال: " النّسلان، وهو الخبب، أو ما دون الخبب، شكّ أبو سعيدٍ، يخبّون وهم ينظرون "
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {مهطعين} قال: " مسرعين "
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {مهطعين} يقول: " منطلقين عامدين إلى الدّاعي ".
وقال آخرون: معنى ذلك: مديمي النّظر
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {مهطعين} يعني بالإهطاع: النّظر من غير أن يطرف "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن سعيد بن مسروقٍ، عن أبي الضّحى: {مهطعين} قال: " الإهطاع: التّحميج الدّائم الّذي لا يطرف "
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن مغيرة، عن أبي الخير بن تميم بن حذلمٍ، عن أبيه، في قوله: {مهطعين} قال: " الإهطاع: التّحميج "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا المحاربيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: {مهطعين} قال: " شدّة النّظر الّذي لا يطرف "
- حدّثني المثنّى قال: أخبرنا عمرٌو قال: أخبرنا هشيمٌ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، في قوله: {مهطعين} قال: " شدّة النّظر في غير طرفٍ "
- حدّثت عن الحسين بن الفرج قال: سمعت أبا معاذٍ يقول: أخبرنا عبيدٌ قال: سمعت الضّحّاك يقول في قوله: {مهطعين} " الإهطاع: شدّة النّظر في غير طرفٍ "
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا شبابة، قال: حدّثنا ورقاء، وحدّثني الحرث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {مهطعين} قال: " مديمي النّظر ".
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
وقال آخرون: معنى ذلك: لا يرفع رأسه
ذكر من قال ذلك
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {مهطعين} قال: " المهطع الّذي لا يرفع رأسه "
والإهطاع في كلام العرب بمعنى الإسراع أشهر منه بمعنى إدامة النّظر، ومن الإهطاع بمعنى الإسراع، قول الشّاعر:
وبمهطعٍ سرحٍ كأنّ زمامه = في رأس جذعٍ من أوال مشذّب
وقول الآخر:
بمستهطعٍ رسلٍ كأنّ جديله = بقيدوم رعنٍ من صوامٍ ممنّع
وقوله: {مقنعي رءوسهم} يعني رافعي رءوسهم وإقناع الرّأس: رفعه، ومنه قول الشّمّاخ:
يباكرن العضاه بمقنعاتٍ = نواجذهنّ كالحدإ الوقيع
يعني: أنّهنّ يباكرن العضاه برءوسهنّ مرفوعاتٍ إليها لتتناول منها.
ومنه أيضًا قول الرّاجز:
أنغض نحوي رأسه وأقنعا = كأنّما أبصر شيئًا أطمعا
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {مقنعي رءوسهم} قال: " الإقناع: رفع رءوسهم "
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى وحدّثني الحسن بن محمد، قال حدّثنا شبابة، قال: حدّثنا ورقاء. وحدّثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء. وحدّثني المثنّى، قال حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {مقنعي رءوسهم} قال: " رافعيها ".
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ مثله
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ، عن أبي سعدٍ، قال: قال الحسن: " وجوه النّاس يوم القيامة إلى السّماء لا ينظر أحدٌ إلى أحدٍ "
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا سويدٌ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن عثمان بن الأسود، أنّه سمع مجاهدًا، يقول في قوله: {مهطعين مقنعي رءوسهم} قال: " رافعٌ رأسه هكذا، {لا يرتدّ إليهم طرفهم} "
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، في قوله: {مقنعي رءوسهم} قال: " رافعي رءوسهم "
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {مقنعي رءوسهم} قال: " الإقناع رفع رءوسهم "
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {مقنعي رءوسهم} قال: " المقنع الّذي يرفع رأسه شاخصًا بصره، لا يطرف "
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ يقول: أخبرنا عبيدٌ قال: سمعت الضّحّاك يقول في قوله: {مقنعي رءوسهم} قال: " رافعيها "
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {مقنعي رءوسهم} قال: " المقنع الّذي يرفع رأسه "
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا المحاربيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: {مقنعي رءوسهم} قال: " رافعي رءوسهم "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا هاشم بن القاسم، عن أبي سعيدٍ، عن سالمٍ، عن سعيدٍ: {مقنعي رءوسهم} قال: " رافعي رءوسهم "
وقوله: {لا يرتدّ إليهم طرفهم} يقول: لا ترجع إليهم لشدّة النّظر أبصارهم، كما؛
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله {لا يرتدّ إليهم طرفهم وأفئدتهم هواءٌ} قال: " شاخصةٌ أبصارهم "
وقوله: {وأفئدتهم هواءٌ} اختلف أهل التّأويل في تأويله، فقال بعضهم: معناه: متخرّقةٌ لا تعي من الخير شيئًا
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن مرّة، في قوله: {وأفئدتهم هواءٌ} قال: " متخرّقةٌ لا تعي شيئًا ".
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن قال: حدّثنا مالك بن مغولٍ، عن أبي إسحاق، عن مرّة، بمثل ذلك.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن قال: حدّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مرّة، مثله.
- حدّثنا محمّد بن عمارة قال: حدّثنا سهل بن عامرٍ قال: حدّثنا مالكٌ وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مرّة، مثله
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن مرّة: {وأفئدتهم هواءٌ} قال: " متخرّقةٌ لا تعي شيئًا من الخير ".
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ قال: حدّثنا يحيى بن عبّادٍ قال: حدّثنا مالكٌ يعني ابن مغولٍ، قال: سمعت أبا إسحاق، عن مرّة إلاّ أنّه قال: " لا تعي شيئًا، ولم يقل من الخير.
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ قال: حدّثنا شبابة، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مرّة، مثله
- حدّثنا أحمد بن إسحاق قال: حدّثنا أبو أحمد قال: حدّثنا مالك بن مغولٍ، وإسرائيل عن أبي إسحاق، عن مرّة: {وأفئدتهم هواءٌ} قال أحدهما: خربةٌ، وقال الآخر: متخرّقةٌ لا تعي شيئًا "
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {وأفئدتهم هواءٌ} قال: " ليس فيها شيءٌ من الخير، فهي كالخربة "
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قال: " ليس من الخير شيءٌ في أفئدتهم، كقولك للبيت الّذي ليس فيه شيءٌ: إنّما هو هواءٌ "
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال ابن زيدٍ في قوله: {وأفئدتهم هواءٌ} قال: " الأفئدة: القلوب هواءٌ كما قال اللّه، ليس فيها عقلٌ ولا منفعةٌ "
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عمن ذكره، عن أبي صالحٍ: {وأفئدتهم هواءٌ} قال: " ليس فيها شيءٌ من الخير ".
وقال آخرون: إنّها لا تستقرّ في مكانٍ، تردّد في أجوافهم
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا ابن وكيعٍ، وأحمد بن إسحاق، قالا: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا شريكٌ، عن سالمٍ، عن سعيدٍ: {وأفئدتهم هواءٌ} قال: " تمور في أجوافهم، ليس لها مكانٌ تستقرّ فيه ".
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا هاشم بن القاسم، عن أبي سعيدٍ، عن سالمٍ، عن سعيدٍ بنحوه.
وقال آخرون: معنى ذلك: أنّها خرجت من أماكنها فنشبت بالحلوق
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا ابن وكيعٍ، وأحمد بن إسحاق، قالا: حدّثنا أبو أحمد الزّبيريّ، عن إسرائيل، عن سعيد بن مسروقٍ، عن أبي الضّحى: {وأفئدتهم هواءٌ} قال: " قد بلغت حناجرهم "
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {وأفئدتهم هواءٌ} قال: " هواءٌ ليس فيها شيءٌ، خرجت من صدورهم فنشبت في حلوقهم "
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وأفئدتهم هواءٌ} " انتزعت حتّى صارت في حناجرهم، لا تخرج من أفواههم، ولا تعود إلى أمكنتها ".
وأولى هذه الأقوال عندي بالصّواب في تأويل ذلك قول من قال: معناه: أنّها خاليةٌ ليس فيها شيءٌ من الخير، ولا تعقل شيئًا، وذلك أنّ العرب تسمّي كلّ أجوف خاوٍ: هواءً، ومنه قول حسّان بن ثابتٍ:
ألا أبلغ أبا سفيان عنّي = فأنت مجوّفٌ نخبٌ هواء
ومنه قول الآخر:
ولا تك من أخدان كلّ يراعةٍ = هواءٍ كسقب البان جوفٍ مكاسره). [جامع البيان: 13/704-713]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مهطعين يعني مديمي النظر). [تفسير مجاهد: 335-336]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله مقنعي رؤوسهم يعني رافعي رؤوسهم). [تفسير مجاهد: 336]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا إسرائيل عن أبي إسحق الهمذاني عن مرة بن شراحيل في قوله وأفئدتهم هواء قال منخرقة لا تعي أو تغني شيئا). [تفسير مجاهد: 336]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جريروابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {مهطعين} قال: يعني بالإهطاع النظر من غير أن تطرف {مقنعي رؤوسهم} قال: الإقناع رفع رؤوسهم {لا يرتد إليهم طرفهم} قال: شاخصة أبصارهم {وأفئدتهم هواء} ليس فيها شيء من الخير فهي كالخربة). [الدر المنثور: 8/564]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {مهطعين} قال: مديمي النظر). [الدر المنثور: 8/564]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة {مهطعين} قال: مسرعين). [الدر المنثور: 8/564]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الأنباري في الوقف عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله: {مهطعين} ما المهطع قال: الناظر، قال فيه الشاعر:
إذا دعانا فأهطعنا لدعوته * داع سميع فلفونا وساقونا
قال: فأخبرني عن قوله: {مقنعي رؤوسهم} ما المقنع قال: الرافع رأسه، قال فيه كعب بن زهير:
هجان وحمر مقنعات رؤوسها * وأصفر مشمول من الزهر فاقع). [الدر المنثور: 8/564-565]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الأنباري عن تميم بن حذام رضي الله عنه في قوله: {مهطعين} قال: هو التجميح والعرب تقول للرجل إذا قبض ما بين عينيه: لقد جمح). [الدر المنثور: 8/565]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {مقنعي رؤوسهم} قال: رافعي رؤوسهم يجيئون وهم ينظرون {لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء} تمور في أجوافهم إلى حلوقهم ليس لها مكان تستقر فيه). [الدر المنثور: 8/565]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وأفئدتهم هواء} قال: ليس فيها شيء خرجت من صدورهم فشبت في حلوقهم). [الدر المنثور: 8/565]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مرة رضي الله عنه {وأفئدتهم هواء} قال: متخرقة لا تعي شيئا). [الدر المنثور: 8/565-566]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي صالح رضي الله عنه قال: يحشر الناس هكذا ووضع رأسه وأمسك بيمينه على شماله عند صدره). [الدر المنثور: 8/566]

تفسير قوله تعالى: (وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا الحكم بن أبي عمر بن أبي ليلى أحد بني عامر، قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يقول: بلغني أو ذكر لي: أن أهل النار استغاثوا بالخزنة، فقال الله: {وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يومًا من العذاب} [سورة غافر:49 - 50] فسألوا يومًا واحدًا يخفف عنهم فيه العذاب، فرد عليهم: {أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى} فردت عليهم الخزنة: {قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال} قال: فلما يئسوا مما عند الخزنة نادوا مالكًا وهو عليهم وله مجلس في وسطها، وجسور تمر عليها ملائكة العذاب فهو يرى أقصاها كما يرى أدناها، فقالوا: {يا مالك ليقض علينا ربك}[سورة الزخرف:77] قال: سألوا الموت، فسكت عنهم لا يجيبهم ثمانين سنة، قال: والسنة ستون وثلاثمائة يوم، والشهر ثلاثون يومًا، واليوم كألف سنة مما تعدون، ثم لحظ إليهم بعد الثمانين فقال: {إنكم ماكثون}، فلما سمعوا منه ما سمعوا وأيسوا مما قاله، قال بعضهم لبعض: يا هؤلاء، قد نزل بكم من البلاء والعذاب ما قد ترون، فهلم فلنصبر، فلعل الصبر ينفعنا كما صبر أهل الدنيا على طاعة الله فنفعهم الصبر إذ صبروا، فأجمعوا رأيهم على الصبر، قال: فصبروا فطال صبرهم، ثم جزعوا فنادوا: {سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص} [سورة إبراهيم: 21- 22]، أي من منجى، قال: فقام إبليس عند ذلك فقال: {إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم} إلى قوله: {ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي} يقول: بمغن عنكم شيئًا {وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل} قال: فلما سمعوا مقالتهم مقتوا أنفسهم، قال: فنودوا: {لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم} [سورة غافر: 10-12] إلى قوله: {فهل إلى خروج من سبيل} قال: فرد عليهم: {ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير} قال فهذه واحدة، قال: فنودوا الثانية: {ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحًا إنا موقنون}[سورة السجدة: 12] قال: فرد عليهم {ولو شئنا لآتينا كل نفسٍ هداها} يقول: لو شئت لهديت الناس جميعًا فلم يختلف منهم أحدٌ {ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا}، يقول: بما تركتم أن تعملوا لي ليومكم هذا، {إنا نسيناكم} إنا تركناكم، {وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون} هذه اثنتان، قال: فنادوا الثالثة {ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل} [سورة إبراهيم: 44- 46] فرد عليهم: {أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال * وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال * وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال}، قال: هذه الثالثة، قال: ثم نادوا الرابعة: {ربنا أخرجنا نعمل صالحًا غير الذي كنا نعمل} [سورة فاطر: 37] قال: {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير} ثم مكث عنهم ما شاء الله، ثم ناداهم: { ألم تكن ءاياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون} [سورة المؤمنون: 105-108]، قال: فلما سمعوا صوته قالوا: الآن يرحمنا، فقالوا عند ذلك: {غلبت علينا شقوتنا} أي الكتاب الذي كتب علينا، {وكنا قومًا ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون}فقال عند ذلك: {اخسئوا فيها ولا تكلمون} فانقطع عند ذلك الدعاء والرجاء منهم، وأقبل بعضهم على بعض ينبح بعضهم في وجه بعض، فأطبقت عليهم.
قال: فحدثني الأزهر بن أبي الأزهر أنه ذكر له أن ذلك قوله: {هذا يوم لا ينطقون * ولا يؤذن لهم فيعتذرون} [سورة المرسلات: 35- 36] ). [الزهد لابن المبارك: 2/ 590-592]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأنذر النّاس يوم يأتيهم العذاب فيقول الّذين ظلموا ربّنا أخّرنا إلى أجلٍ قريبٍ نجب دعوتك ونتّبع الرّسل}.

يقول تعالى ذكره: وأنذر يا محمّد النّاس الّذين أرسلتك إليهم داعيًا إلى الإسلام ما هو نازلٌ بهم، يوم يأتيهم عذاب اللّه في القيامة {فيقول الّذين ظلموا} يقول: فيقول الّذين كفروا بربّهم، فظلموا بذلك أنفسهم: {ربّنا أخّرنا}: أي أخّر عنّا عذابك، وأمهلنا {إلى أجلٍ قريبٍ نجب دعوتك} الحقّ، فنؤمن بك، ولا نشرك بك شيئًا، {ونتّبع الرّسل} يقولون: ونصدّق رسلك فنتّبعهم على ما دعوتنا إليه من طاعتك واتّباع أمرك.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وأنذر النّاس يوم يأتيهم العذاب} قال: " يوم القيامة {فيقول الّذين ظلموا ربّنا أخّرنا إلى أجلٍ قريبٍ} قال: " مدّةٌ يعملون فيها من الدّنيا "
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {وأنذر النّاس يوم يأتيهم العذاب} يقول: " أنذرهم في الدّنيا قبل أن يأتيهم العذاب "
وقوله: {فيقول الّذين ظلموا} رفع عطفًا على قوله: {يأتيهم} في قوله: {يأتيهم العذاب} وليس بجوابٍ للأمر، ولو كان جوابًا لقوله: {وأنذر النّاس} جاز فيه الرّفع والنّصب، أمّا النّصب فكما قال الشّاعر:
يا ناق سيري عنقًا فسيحا = إلى سليمان فنستريحا
والرّفع على الاستئناف، وذكر عن العلاء بن سيابة أنّه كان ينكر النّصب في جواب الأمر بالفاء، قال الفرّاء: وكان العلاء هو الّذي علّم معاذًا وأصحابه

القول في تأويل قوله تعالى: {أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوالٍ}.
وهذا تقريعٌ من اللّه تعالى ذكره للمشركين من قريشٍ بعد أن دخلوا النّار بإنكارهم في الدّنيا البعث بعد الموت، يقول لهم إذ سألوه رفع العذاب عنهم وتأخيرهم لينيبوا ويتوبوا: {أولم تكونوا} في الدّنيا {أقسمتم من قبل ما لكم من زوالٍ} يقول: ما لكم من انتقالٍ من الدّنيا إلى الآخرة، وأنّكم إنّما تموتون، ثمّ لا تبعثون؟ كما؛
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قال: {أولم تكونوا أقسمتم من قبل} كقوله: {وأقسموا باللّه جهد أيمانهم لا يبعث اللّه من يموت، بلى} [النحل: ] ثمّ قال: {ما لكم من زوالٍ} قال: " الانتقال من الدّنيا إلى الآخرة "
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، وحدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا شبابة، قال: حدّثنا ورقاء، وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبل، وحدّثني المثنّى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ما لكم من زوالٍ} قال: " لا تموتون، لقريشٍ "
- حدّثني القاسم، قال: حدّثنا سويدٌ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن الحكم، عن عمر بن أبي ليلى أحد بني عامرٍ قال: سمعت محمّد بن كعبٍ القرظيّ، يقول: " بلغني، أو ذكر لي، أنّ أهل النّار ينادون: {ربّنا أخّرنا إلى أجلٍ قريبٍ نجب دعوتك ونتّبع الرّسل} فردّ عليهم: {أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوالٍ. وسكنتم في مساكن الّذين ظلموا أنفسهم} إلى قوله: {لتزول منه الجبال} "). [جامع البيان: 13/713-716]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ما لكم من زوال يعني لا يموتون لقريش). [تفسير مجاهد: 336]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (آية 44 – 49
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب} يقول: أنذرهم في الدنيا من قبل أن يأتيهم العذاب). [الدر المنثور: 8/566]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله: {وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب} قال: يوم القيامة {فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب} قال: مدة يعملون فيها من الدنيا {أولم تكونوا أقسمتم من قبل} لقوله: (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت) {ما لكم من زوال} قال: الإنتقال من الدنيا إلى الآخرة). [الدر المنثور: 8/566]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال: بلغني أن أهل النار ينادون {ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل} فرد عليهم {أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال} إلى قوله: {لتزول منه الجبال}). [الدر المنثور: 8/566-567]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {ما لكم من زوال} عما أنتم فيه إلى ما تقولون). [الدر المنثور: 8/567]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {ما لكم من زوال} قال: بعث بعد الموت). [الدر المنثور: 8/567]

تفسير قوله تعالى: (وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ (45) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وسكنتم في مساكن الّذين ظلموا أنفسهم، وتبيّن لكم كيف فعلنا بهم، وضربنا لكم الأمثال}.
يقول تعالى ذكره: وسكنتم في الدّنيا في مساكن الّذين كفروا باللّه، فظلموا بذلك أنفسهم من الأمم الّتي كانت قبلكم {وتبيّن لكم كيف فعلنا بهم} يقول: وعلمتم كيف أهلكناهم حين عتوا على ربّهم، وتمادوا في طغيانهم وكفرهم {وضربنا لكم الأمثال} يقول: ومثّلنا لكم فيما كنتم عليه من الشّرك باللّه مقيمين الأشباه، فلم تنيبوا، ولم تتوبوا من كفركم، فالآن تسألون التّأخير للتّوبة حين نزل بكم ما قد نزل بكم من العذاب، إنّ ذلك لغير كائنٍ.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وسكنتم في مساكن الّذين ظلموا أنفسهم} يقول: " سكن النّاس في مساكن قوم نوحٍ، وعادٍ، وثمود، وقرونٍ بين ذلك كثيرةٍ ممّن هلك من الأمم {وتبيّن لكم كيف فعلنا بهم، وضربنا لكم الأمثال} قد واللّه بعث رسله، وأنزل كتبه، ضرب لكم الأمثال، فلا يصمّ فيها إلاّ أصمّ، ولا يخيب فيها إلاّ الخائب، فاعقلوا عن اللّه أمره "
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {وسكنتم في مساكن الّذين ظلموا أنفسهم، وتبيّن لكم كيف فعلنا بهم} قال: " سكنوا في قراهم مدين والحجر والقرى الّتي عذّب اللّه أهلها، وتبيّن لكم كيف فعل اللّه بهم، وضرب لهم الأمثال "
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا شبابة، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبى نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {الأمثال} قال: " الأشباه ".
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله). [جامع البيان: 13/716-717]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم} قال: سكن الناس في مساكن قوم نوح وعاد وثمود، وقرون بين ذلك كثيرة ممن هلك من الأمم {وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال} قال: قد والله بعث الله رسله وأنزل كتبه وضرب لكم الأمثال فلا يصم فيها إلا الأصم ولا يخيب إلا الخائب فاعقلوا عن الله أمره). [الدر المنثور: 8/567]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم} قال: عملتم بمثل أعمالهم). [الدر المنثور: 8/567]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وضربنا لكم الأمثال} قال: الأشباه). [الدر المنثور: 8/567]

تفسير قوله تعالى: (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال قال ذلك حين دعوا لله ولدا وقال في آية أخرى تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا قال معمر عن الحسن ما كان مكرهم لتزول منه الجبال). [تفسير عبد الرزاق: 1/343-344]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] قال كانت قراءة عبد الله (وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال) [الآية: 46]). [تفسير الثوري: 158]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر وأخبرني الكلبي أن نمرود عمد إلى صندوق فجعل فيه رجلا وجعل في نواحيه نسورا وجعل في وسطه رمحا وفي طرف الرمح لحما فكانت النسور تلحق اللحم وهي تصعد بالصندوق حتى خالط الرجل الظلمة فلم ير شيئا نكس الرمح فانحطت النسور حتى وقعت قريبا من جبل فظن الجبل أنه حدث شيء فزال الجبل عن مكانه). [تفسير عبد الرزاق: 1/344]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول اللّه عزّ وجلّ: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} قال يقول: ما كادت الجبال لتزول من مكرهم). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 97]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقد مكروا مكرهم وعند اللّه مكرهم، وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال}.
يقول تعالى ذكره: وقد مكر هؤلاء الّذين ظلموا أنفسهم، فسكنتم من بعدهم في مساكنهم مكرهم.
وكان مكرهم الّذي مكروا ما؛
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى، قال: حدّثنا سفيان، قال: حدّثنا أبو إسحاق، عن عبد الرّحمن بن أذنان، قال: سمعت عليًّا، يقرأ: ( وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال )، قال: " كان ملكٌ فرهٌ أخذ فروخ النّسور، فعلفها اللّحم حتّى شبّت واستعلجت واستغلظت، فقعد هو وصاحبه في التّابوت وربطوا التّابوت بأرجل النّسور، وعلّقوا اللّحم فوق التّابوت، فكانت كلّما نظرت إلى اللّحم صعدت وصعدت، فقال لصاحبه: ما ترى؟ قال: أرى الجبال مثل الدّخان، قالا: ما ترى؟ قال: ما أرى شيئًا، قال: ويحك صوّب صوّب، قال: فذلك قوله: ( وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال ).
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عبد الرّحمن بن أذنان، عن عليّ بن أبي طالبٍ، مثل حديث يحيى بن سعيدٍ، وزاد فيه: وكان عبد اللّه بن مسعودٍ يقرؤها: ( وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال ) "
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ قال: حدّثنا محمّد بن أبي عديٍّ، عن شعبة، عن أبي إسحاق قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن واصلٍ، أنّ عليًّا قال في هذه الآية: {وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال} قال: " أخذ ذلك الّذي حاجّ إبراهيم في ربّه نسرين صغيرين فربّاهما، ثمّ استغلظا واستعلجا وشبّا، قال: فأوثق رجل كلّ واحدٍ منهما بوتدٍ إلى تابوتٍ، وجوّعهما، وقعد هو ورجلٌ آخر في التّابوت، قال: ورفع في التّابوت عصًا على رأسه اللّحم، قال: فطارا، وجعل يقول لصاحبه: انظر ماذا ترى؟ قال: أرى كذا وكذا، حتّى قال: أرى الدّنيا كأنّها ذبابٌ، فقال: صوّب العصا فصوّبها فهبطا قال: فهو قول اللّه تعالى: ( وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال )، قال أبو إسحاق: وكذلك في قراءة عبد اللّه: ( وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال ) "
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: ( وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال )، مكر فارس، وزعم أنّ بختنصر خرج بنسورٍ، وجعل له تابوتًا يدخله، وجعل رماحًا في أطرافها واللّحم فوقها أراه قال: فعلت تذهب نحو اللّحم حتّى انقطع بصره من الأرض وأهلها، فنودي: أيّها الطّاغية، أين تريد؟ ففرق، ثمّ سمع الصّوت فوقه، فصوّب الرّماح، فتصوّبت النّسور، ففزعت الجبال من هدّتها، وكادت الجبال أن تزول منه من حسّ ذلك، فذلك قوله: ( وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ) "
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ قال: قال ابن جريجٍ، قال مجاهدٌ: وقد مكروا مكرهم وعند اللّه مكرهم، وإن كاد مكرهم " كذا قرأها مجاهدٌ: " كان مكرهم لتزول منه الجبال " وقال: " إنّ بعض من مضى جوّع نسورًا، ثمّ جعل عليها تابوتًا فدخله، ثمّ جعل رماحًا في أطرافها لحمٌ، فجعلت ترى اللّحم فتذهب، حتّى انتهى بصره، فنودي: أيّها الطّاغية، أين تريد؟ فصوّب الرّماح، فتصوّبت النّسور، ففزعت الجبال، وظنّت أنّ السّاعة قد قامت، فكادت أن تزول، فذلك قوله تعالى: ( وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ) "
- قال ابن جريجٍ: أخبرني عمرو بن دينارٍ، عن عكرمة، عن عمر بن الخطّاب، أنّه كان يقرأ: ( وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال ) "
- حدّثني هذا الحديث أحمد بن يوسف قال: حدّثنا القاسم بن سلاّمٍ، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، " أنّه كان يقرأ على نحو: ( لتزول )، بفتح اللاّم الأولى ورفع الثّانية "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن عبد الرّحمن بن دانيل، قال: سمعت عليًّا، يقول: ( وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال ) "
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا أبي، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الرّحمن بن دانيل قال: سمعت عليًّا يقول: ( وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال )، قال: ثمّ أنشأ عليٌّ يحدّث، فقال: " نزلت في جبّارٍ من الجبابرة، قال: لا أنتهي حتّى أعلم ما في السّماء، ثمّ اتّخذ نسورًا فجعل يطعمها اللّحم حتّى غلظت واستعلجت واشتدّت ". وذكر مثل حديث شعبة
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو داود الحفريّ، عن يعقوب، عن حفص بن حميدٍ، أو جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: ( وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال )، قال: " نمرود صاحب النّسور، أمر بتابوتٍ فجعل وجعل معه رجلاً، ثمّ أمر بالنّسور فاحتمل، فلمّا صعد قال لصاحبه: أيّ شيءٍ ترى؟ قال: أرى الماء وجزيرةً، يعني الدّنيا، ثمّ صعد فقال لصاحبه: أيّ شيءٍ ترى؟ قال: ما نزداد من السّماء إلاّ بعدًا، قال: اهبط، وقال غيره: نودي: أيّها الطّاغية، أين تريد؟ قال: فسمعت الجبال حفيف النّسور، فكانت ترى أنّها أمرٌ من السّماء، فكادت تزول، فهو قوله: ( وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ) "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع بن أنسٍ، أنّ أنسًا كان يقرأ: ( وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال ) ".
وقال آخرون: كان مكرهم شركهم باللّه وافتراءهم عليه
ذكر من قال ذلك
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} يقول: شركهم، كقوله: {تكاد السّموات يتفطّرن منه} "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا المحاربيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: ( وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال )، قال: هو كقوله: {وقالوا اتّخذ الرّحمن ولدًا. لقد جئتم شيئًا إدًّا. تكاد السّموات يتفطّرن منه، وتنشقّ الأرض، وتخرّ الجبال هدًّا} ".
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ قال: أخبرنا هشيمٌ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك في قوله: {وإن كان مكرهم} ثمّ ذكر مثله
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، أنّ الحسن، كان يقول: " كان أهون على اللّه وأصغر من أن تزول منه الجبال، يصفهم بذلك. قال قتادة: وفي مصحف عبد اللّه بن مسعودٍ: ( وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال )، وكان قتادة يقول عند ذلك: {تكاد السّموات يتفطّرن منه، وتنشقّ الأرض، وتخرّ الجبال هدًّا}: أي لكلامهم ذلك "
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: ( وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال )، قال: " ذلك حين دعوا للّه ولدًا، وقال في آيةٍ أخرى: {تكاد السّموات يتفطّرن منه، وتنشقّ الأرض، وتخرّ الجبال هدًّا. أن دعوا للرّحمن ولدًا} "
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان قال: سمعت الضّحّاك يقول في قوله: " {وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال} في حرف ابن مسعودٍ: ( وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال ) هو مثل قوله: {تكاد السّموات يتفطّرن منه، وتنشقّ الأرض، وتخرّ الجبال هدًّا} ".
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {لتزول منه الجبال} فقرأ ذلك عامّة قرّاء الحجاز والمدينة والعراق ما خلا الكسائيّ: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} بكسر اللاّم الأولى وفتح الثّانية، بمعنى: وما كان مكرهم لتزول منه الجبال، وقرأه الكسائيّ: ( وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ) بفتح اللاّم الأولى ورفع الثّانية، على تأويل قراءة من قرأ ذلك: ( وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال ) من المتقدّمين الّذين ذكرت أقوالهم، بمعنى: اشتدّ مكرهم حتّى زالت منه الجبال، أو كادت تزول منه
- وكان الكسائيّ يحدّث عن حمزة، عن شبلٍ عن مجاهدٍ، أنّه كان يقرأ ذلك على مثل قراءته: ( وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ) برفع تزول ".
- حدّثني بذلك الحرث، عن القاسم، عنه.
- والصّواب من القراءة عندنا، قراءة من قرأه: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} بكسر اللاّم الأولى وفتح الثّانية، بمعنى: وما كان مكرهم لتزول منه الجبال.
وإنّما قلنا ذلك هو الصّواب لأنّ اللاّم الأولى إذا فتحت، فمعنى الكلام: وقد كان مكرهم تزول منه الجبال، ولو كانت زالت لم تكن ثابتةً، وفي ثبوتها على حالتها ما يبيّن عن أنّها لم تزل وأخرى إجماع الحجّة من القرّاء على ذلك، وفي ذلك كفايةٌ عن الاستشهاد على صحّتها وفساد غيرها بغيره.
فإن ظنّ ظانٌّ أنّ ذلك ليس بإجماعٍ من الحجّة إذ كان من الصّحابة والتّابعين من قرأ ذلك كذلك، فإنّ الأمر بخلاف ما ظنّ في ذلك، وذلك أنّ الّذين قرءوا ذلك بفتح اللاّم الأولى ورفع الثّانية قرءوا: ( وإن كاد مكرهم ) بالدّال، وهي إذا قرئت كذلك، فالصّحيح من القراءة مع: ( وإن كاد ) فتح اللاّم الأولى ورفع الثّانية على ما قرءوا، وغير جائزٍ عندنا القراءة كذلك، لأنّ مصاحفنا بخلاف ذلك، وإنّما خطّ مصاحفنا وإن كان بالنّون لا بالدّال وإذ كانت كذلك، فغير جائزٍ لأحدٍ تغيير رسم مصاحف المسلمين، وإذا لم يجز ذلك لم يكن الصّحاح من القراءة إلاّ ما عليه قرّاء الأمصار دون من شذّ بقراءته عنهم.
وبنحو ما قلنا في معنى: {وإن كان مكرهم} قال جماعةٌ من أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وقد مكروا مكرهم وعند اللّه مكرهم، وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} يقول: " ما كان مكرهم لتزول منه الجبال "
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، قال: قال الحسن في قوله: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} " ما كان مكرهم لتزول منه الجبال "
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ قال: أخبرنا هشيمٌ، عن عوفٍ، عن الحسن قال: " ما كان مكرهم لتزول منه الجبال "
- حدّثني الحارث قال: حدّثنا القاسم قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن هارون، عن يونس وعمرٍو، عن الحسن: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} قالا: وكان الحسن يقول: " وإن كان مكرهم لأوهن وأضعف من أن تزول منه الجبال "
- قال: قال هارون: وأخبرني يونس، عن الحسن، قال: " أربعٌ في القرآن: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال}: " ما كان مكرهم لتزول منه الجبال "، وقوله: {لاتّخذناه من لدنّا إن كنّا فاعلين}: " ما كنّا فاعلين وقوله: {إن كان للرّحمن ولدٌ فأنا أوّل العابدين} " ما كان للرّحمن ولدٌ وقوله: {ولقد مكّنّاهم فيما إن مكّنّاكم}" ما مكّنّاكم فيه "
- قال هارون: وحدّثني بهنّ عمرو عن الحسن، وزاد فيهنّ واحدةً: {فإن كنت في شكٍّ}: " ما كنت في شكٍّ {ممّا أنزلنا إليك} ".
فالأولى من القول بالصّواب في تأويل الآية، إذ كانت القراءة الّتي ذكرت هي الصّواب لما بيّنّا من الدّلالة في قوله: {وقد مكروا مكرهم وعند اللّه مكرهم، وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} وقد أشرك الّذين ظلموا أنفسهم بربّهم وافتروا عليه فريتهم عليه، وعند اللّه علم شركهم به وافترائهم عليه، وهو معاقبهم على ذلك عقوبتهم الّتي هم أهلها، وما كان شركهم وفريتهم على اللّه لتزول منه الجبال، بل ما ضرّوا بذلك إلاّ أنفسهم، ولا عادت مغبةٌ مكروهةٌ إلاّ عليهم
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا وكيع بن الجرّاح، قال: حدّثنا الأعمش، عن شمرٍ، عن عليٍّ، قال: " الغدر مكرٌ، والمكر كفرٌ "). [جامع البيان: 13/717-726]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {وإن كان مكرهم} يقول: ما كان مكرهم لتزول منه الجبال). [الدر المنثور: 8/568]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن الأنباري في المصاحف عن الحسن رضي الله عنه قال: أربعة أحرف في القرآن {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} ما كان مكرهم وقوله: (لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين) ما كنا فاعلين، وقوله: (إن كان للرحمن ولد) ما كان للرحمن من ولد وقوله: (ولقد مكناهم في ما إن مكناهم فيه) ما مكناكم فيه). [الدر المنثور: 8/568]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وإن كان مكرهم} يقول شركهم، كقوله: (تكاد السموات يتفطرن منه) ). [الدر المنثور: 8/568]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} قال: هو كقوله: (وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم شيئا إدا تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا) ). [الدر المنثور: 8/568]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الأنباري عن الأعمش أنه كان يقرأ: (وإن كان مكرهم) بالنون (لتزول) برفع اللام الثانية وفتح الأولى). [الدر المنثور: 8/569]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الأنباري عن الحسن أنه كان يقرأ: (وإن كان مكرهم لتزول) بكسر اللام الأولى وفتح الثانية، ويقول: فإن مكرهم أهون وأضعف من ذلك). [الدر المنثور: 8/569]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه أن الحسن كان يقول: كان أهون على الله وأصغر من أن تزول منه الجبال يصفهم بذلك، قال قتادة رضي الله عنه: وفي مصحف عبد الله بن مسعود {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} وكان قتادة رضي الله عنه يقول عند ذلك (تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا) أي لكلامهم ذلك). [الدر المنثور: 8/569]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن حميد وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر: كان يقرأ {وإن كان مكرهم} بالنون {لتزول} برفع اللام الثانية وفتح الأولى). [الدر المنثور: 8/569]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الأنباري عن الحسن أنه كان يقرأ {وإن كان مكرهم لتزول} بكسر اللام الأولى وفتح الثانية، ويقول: فإن مكرهم أهون وأضعف من ذلك). [الدر المنثور: 8/569]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن عمر بن الخطاب أنه قرأ وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال يعني بالدال). [الدر المنثور: 8/569]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن الأنباري عن علي بن أبي طالب أنه كان يقرأ {وإن كان مكرهم} ). [الدر المنثور: 8/569-570]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الأنباري عن أبي بن كعب أنه قرأ {وإن كان مكرهم}). [الدر المنثور: 8/570]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد، وابن المنذر عن ابن عباس أنه قرأ وإن كاد مكرهم، قال: وتفسيره عنده (تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال) (هذا أن دعوا للرحمن ولدا) ). [الدر المنثور: 8/570]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد أنه كان يقرأ {لتزول} بفتح اللام الأولى ورفع الثانية). [الدر المنثور: 8/570]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} ثم فسرها فقال: إن جبارا من الجبابرة قال: لا أنتهي حتى أنظر إلى ما في السماء فأمر بفراخ النسور تعلف اللحم حتى شبت وغلظت وأمر بتابوت فنجر يسع رجلين ثم جعل في وسطه خشبة ثم ربط أرجلهن بأوتاد ثم جوعهن ثم جعل على رأس الخشبة لحما ثم دخل هو وصاحبه في التابوت ثم ربطهن إلى قوائم التابوت ثم خلى عنهن يردن اللحم فذهبن به ما شاء الله تعالى، ثم قال لصاحبه: افتح فانظر ماذا ترى، ففتح فقال: أنظر إلى الجبال، كأنها الذباب،، قال: أغلق، فأغلق فطرن به ما شاء الله ثم قال: افتح، ففتح، فقال: انظر ماذا ترى، فقال: ما أرى إلا السماء وما أراها تزداد إلا بعدا، قال: صوب الخشبة، فصوبها فانقضت تريد اللحم فسمع الجبال هدتها فكادت تزول عن مراتبها). [الدر المنثور: 8/570-571]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: أخذ الذي حاج إبراهيم عليه السلام في ربه نسرين صغيرين فرباهما حتى استغلظا واستعلجا وشبا فأوثق رجل كل واحد منهما بوتر إلى تابوت، وجوعهما وقعد هو ورجل آخر في التابوت ورفع في التابوت عصا على رأسه اللحم فطارا وجعل يقول لصاحبه: انظر ماذا ترى قال: أرى كذا وكذا، حتى قال: أرى الدنيا كأنها ذباب، قال: صوب العصا، فصوبها فهبطا، قال: فهو قول الله تعالى: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} وكذلك هي في قراءة ابن مسعود {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال}). [الدر المنثور: 8/571]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه أن بخت نصر جوع نسورا ثم جعل عليهن تابوتا ثم دخله وجعل رماحا في أطرافها واللحم فوقها فعلت تذهب نحو اللحم حتى انقطع بصره من الأرض وأهلها فنودي: أيها الطاغية أين تريد ففرق ثم سمع الصوت فوقه فصوب الرماح فقوضت النسور ففزعت الجبال من هدتها وكادت الجبال أن تزول من حس ذلك، فذلك قوله: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} كذا قرأها مجاهد). [الدر المنثور: 8/571-572]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في الآية قال: إن نمرود صاحب النسور لعنه الله أمر بتابوت فجعل وجعل معه رجلا ثم أمر بالنسور فاحتمل فلما صعد قال لصاحبه: أي شيء ترى قال: أرى الماء وجزيرة - يعني الدنيا - ثم صعد فقال لصاحبه: أي شيء ترى قال: ما نزداد من السماء إلا بعدا، قال: اهبط). [الدر المنثور: 8/572]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي عبيدة أن جبارا من الجبابرة قال: لا أنتهي حتى أنظر إلى من في السماء، فسلط عليه أضعف خلقه فدخلت بعوضة في أنفه فأخذه الموت فقال: اضربوا رأسي، فضربوه حتى نثروا دماغه). [الدر المنثور: 8/572]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} قال: انطلق ناس وأخذوا هذه النسور فعلقوا عليها كهيئة التوابيت ثم أرسلوها في السماء فرأتها الجبال فظنت أنه شيء نزل من السماء فتحركت لذلك). [الدر المنثور: 8/572-573]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي قال: أمر الذي حاج إبراهيم في ربه بإبراهيم فأخرج من مدينته فلقي لوطا على باب المدينة وهو ابن أخيه فدعاه فآمن به وقال: إني مهاجر إلى ربي، وحلف نمرود أن يطلب إله إبراهيم فأخذ أربعة فراخ من فراخ النسور فرباهن بالخبز واللحم، حتى إذا كبرن وغلظن واستعلجن قرنهن بتابوت وقعد في ذلك التابوت ثم رفع رجلا من لحم لهن فطرن حتى إذا دهم في السماء أشرف فنظر إلى الأرض وإلى الجبال تدب كدبيب النمل ثم رفع لهن اللحم ثم نظر فرأى الأرض محيطا بها بحر كأنها فلكة في ماء ثم رفع طويلا في ظلمة فلم ير ما فوقه ولم ير ما تحته فألقى اللحم فأتبعته منقضات فلما نظرت الجبال إليهن قد أقبلن منقضات وسمعن حفيفهن فزعت الجبال وكادت أن تزول من أمكنتها ولم يفعلن، فذلك قوله: {وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} وهي في قراءة عبد الله بن مسعود وإن كاد مكرهم فكان طيورهن به من بيت المقدس ووقوعهن في جبال الدخان، فلما رأى أنه لا يطيق شيئا أخذ في بنيان الصرح فبناه حتى أسنده إلى السماء ارتقى فوقه ينظر يزعم إلى إله إبراهيم فأحدث ولم يكن يحدث وأخذ الله بنيانه من القواعد (فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون) (النحل آية 26) يقول: من مأمنهم وأخذهم من أساس الصرح فانتقض بهم، سقط فتبلبت ألسنة الناس يومئذ من الفزع فتكلموا بثلاثة وسبعين لسانا فلذلك سميت بابل وكان قبل ذلك بالسريانية). [الدر المنثور: 8/573-574]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10 جمادى الأولى 1434هـ/21-03-2013م, 11:19 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43) وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44) وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ (45) وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)}


تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42)}

قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (أبو عمرو {إنما يؤخرهم} بالياء.
السلمي "إنما نؤخرهم" بالنون). [معاني القرآن لقطرب: 776]

تفسير قوله تعالى: {مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لا يرتدّ إليهم طرفهم...}
رفعت الطرف بيرتد واستأنفت الأفئدة فرفعتها بهواء؛ كما قال في آل عمران {وما يعلم تأويله إلاّ الله والرّاسخون في العلم} استأنفتهم فرفعتهم بيقولون لا بيعلم). [معاني القرآن: 2/78]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {مهطعين} أي مسرعين،
قال الشاعر:
بمهطعٍ سرح كأنّ زمامه= في رأس جذع من أوال مشذّب
وقال:
بمستهطعٍ رسلٍ كأنّ جديله= بقيدوم رعنٍ من صؤام ممنّع
الرّسل الذي لا يكلّفك شيئاً، بقيدوم: قدام، رعن الجبل أنفه، صؤام: جبل،
قال يزيد بن مفرّغ الحميريّ:
بدجلة دارهم ولقد أراهم= بدجلة مهطعين إلى السّماع
{مقنعي رؤوسهم} مجازه: رافعي رؤوسهم،
قال الشّمّاخ بن ضرار:
يباكرن العضاة بمقنعاتٍ= نواجذهن كالحدأ الوقيع
أي بؤوس مرفوعات إلى العضاه ليتناولن منه والعضاة: كل شجرة ذات شوك؛ نواجذهن أضراسهن وقال: الحدأ الفأس وأراه: الذي ليس له خلف، وجماعها حدأ، وحدأه الطير،
الوقيع أي المرققة المحددة، يقال وقع حديدتك، والمطرقة يقال لها ميقعة،
وقال:
أنفض نحوي رأسه وأقنعا= كأنّما أبصر شيئاً أطعما
{وأفئدتهم هواءٌ} أي جوف، ولا عقول لهم،
قال حسان ابن ثابت:
ألا أبلغ أبا سفيان عني=فأنت مجوّفٌ نخبٌ هواءٌ
وقال:
ولا تك من أخذان كل يراعةٍ= هواءٍ كسقب البان جوف مكاسره
اليراعة القصبة، واليراعة هذه الدواب الهمج بين البعوض والذبّان، واليراعة النعامة.
قال الراعيّ:
جاؤا بصكّهم واحدب أخرجت= منه السياط يراعةٌ إجفيلا
أي يذهب فزعاً، كسقب البان عمود البيت الطويل).[مجاز القرآن: 1/344-342]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتدّ إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء}
ونصب {مهطعين} على الحال وكذلك {مقنعي} كأنه قال: "تشخص أبصارهم مهطعين" وجعل "الطرف" للجماعة كما قال: {سيهزم الجمع ويولّون الدّبر} ). [معاني القرآن: 2/61]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {مهطعين مقنعي رءوسهم} فالمهطع في قول ابن عباس: الناظر؛ فأما في اللغة فيقال: أهطع إهطاعًا، وهو الإسراع، ويقال: الأهطع للمسرع.
وقال رؤبة:
عرفت بين القف والكراع = شيهمة سريعة الإهطاع
وقال الآخر:
فلما دنا أقران ظهري بصوته = نسوك الضحى عاري الأشاجع أهطع
وأما "المقنع" فالرافع رأسه؛ وقال بعضهم: المميل رأسه، المصغي به إلى الشيء.
وقال أبو النجم:
[معاني القرآن لقطرب: 781]
كالمقنعات خرجن ثم تمعكت مما اهتنان به من الإجراء
قال الراعي:
زجل الحداء كأن في حيزومه = قصبا ومقنعة الحنين عجولا
وقال ابن عباس {مقنعي رءوسهم} رافعي رؤوسهم أيضًا؛ وعن غير ابن عباس: مادي أعناقهم.
وقوله {وأفئدتهم هواء} قال زهير:
كأن الرحل منها فوق صعل = من الظلمان جؤجؤه هواء
أي حال فارغ؛ وإنما ذلك من هواء الجو وفراغه). [معاني القرآن لقطرب: 782]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله عز وجل {لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء} رفع "هواء" لأنه لم يرفع الأفئدة بـ"يرتد"، ولو رفع لنصب "هواء" على الحال، ولكنه ابتدأ {وأفئدتهم هواء} ). [معاني القرآن لقطرب: 783]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({مهطعين}: مسرعين. وقال المفسرون: الإهطاع أن يديم النظر فلا يطرف.
{مقنعي رؤوسهم}: رافعي رؤوسهم.
{وأفئدتهم هواء}: جوف منخرقة لا تعي شيئا من الخير). [غريب القرآن وتفسيره: 198]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {مهطعين} أي مسرعين. يقال: أهطع البعير في سيره واستهطع، إذا أسرع.
{مقنعي رؤسهم} والمقنع رأسه: الذي رفعه وأقبل بطرفه على ما بين يديه. والإقناع في الصلاة هو من إتمامها.
{لا يرتدّ إليهم طرفهم} أي نظرهم إلى شيء واحد.
{وأفئدتهم هواءٌ} يقال: لا تعي شيئا من الخير. ونحوه قول الشاعر في وصف الظّليم:
... جؤجؤه هواء
أي ليس لعظمه مخّ ولا فيه شيء.
ويقال: أفئدتهم هواء منخوبة من الخوف والجبن). [تفسير غريب القرآن: 234-233]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (قوله: {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} يريد أنها لا تعي خيرا، لأن المكان إذا كان خاليا فهو هواء حتى يشغله الشيء).
[تأويل مشكل القرآن: 139]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتدّ إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء }
{مهطعين} منصوب على الحال، المعنى إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه أبصارهم مهطعين أي مسرعين.
قال الشاعر:
بدجلة أهلها ولقد أرأهم=بدجلة مهطعين إلى السماع
أي مسرعين.
و {مقنعي رءوسهم} رافعيها ملتصقة بأعناقهم، والمقنع الرافع.
والمقنع المرتفع
قال الشاعر:.
يبادرن العضاه بمقنعات= نواجذهنّ كالحدأ الوقيع
يصف إبلا ترعى الشجر وأن أسنانها مرتفعة كالفؤوس.
وقوله: {وأفئدتهم هواء} أي منحرفة لا تعي شيئا من الخوف، وقيل نزعت أفئدتهم من أجوافهم
قال الشاعر:
كأنّ الرّحل منها فوق صعل= من الظّلمان جؤجؤه هواه).
[معاني القرآن: 3/166-165]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقول جل وعز: {مهطعين مقنعي رؤسهم لا يرتد إليهم طرفهم}
قوله: {مهطعين}
قال مجاهد وأبو الضحى أي مديمي النظر
وقال قتادة أي مسرعين
والمعروف في اللغة أن يقال أهطع إذا أسرع
قال أبو عبيدة وقد يكون الوجهان جميعا يعني الإسراع مع إدامة النظر
ثم قال تعالى: {مقنعي رؤوسهم}
قال مجاهد أي رافعيها
وقال قتادة المقنع الرافع رأسه شاخصا ببصره لا يطرف
قال أبو جعفر وهذا قول أهل اللغة إلا أن أبا العباس قال يقال اقنع إذا رفع رأسه وأقنع إذا طأطأ رأسه ذلا وخضوعا قال وقد قيل في الآية القولان جميعا
قال ويجوز أن يرفع رأسه مديما لنظر ثم يطأطئه خضوعا وذلا
قال أبو جعفر والمشهور في اللغة أن يقال للرافع رأسه مقنع
وروي أنهم لا يزالون يرفعون رؤوسهم وينظرون ما يأتي من عند الله جل وعز وأنشد أهل اللغة:
يباكرن العضاه بمقنعات = نواجذهن كالحدإ الوقيع
يصف أبلا وأنهن رافعات رؤوسهن كالفؤوس
ومنه قيل مقنعة لارتفاعها
ومنه قنع الرجل إذا رضي وقنع إذا سال أي أتى ما يتقنع منه
وقوله جل وعز: {لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء}
روى سفيان عن أبي إسحاق عن مرة وأفئدتهم هواء قال متخرقة لا تعي شيئا يعني من الخوف
وروى حجاج عن ابن جريج قال هواء ليس فيها شيء من الخير كما يقال للبيت الذي ليس فيه شيء هواء
وقيل وصفهم بالجبن والفزع أي قلوبهم منخوبة
وأصل الهواء في اللغة المجوف الخالي ومنه قول زهير:
كان الرحل منها فوق صعل = من الظلمان جؤجؤه هواء
أي ليس فيها مخ ولا شيء وقال حسان:
ألا ابلغ أبا سفيان عني = فأنت مجوف نخب هواء).
[معاني القرآن: 3/541-538]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مهطعين} مسرعين. يقال: أهطع البعير في سيره إذا أسرع، وقيل: هو أن يديم النظر فلا يطرف. [تفسير المشكل من غريب القرآن: 122]
{مقنعي رؤوسهم} المقنع رأسه: الذي رفعه وأقبل بطرفه إلى ما بين يديه.
{لا يرتد إليهم طرفهم} أي نظرهم إلى شيء واحد.
{وأفئدتهم هواء} أي لا تعي شيئا من الخير. وقيل: هواء: منخوبة، من الخوف والجبن). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 123]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مُهْطِعين}: رافعين رؤوسهم.
{مُقْنِعِي}: قد رفعوا رؤوسهم.
{أَفْئِدَتُهُمْ}: قلوبهم.
{هَوَاءٌ}: في خوف متحرّقة). [العمدة في غريب القرآن: 170]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يأتيهم العذاب فيقول...}
رفع تابع ليأتيهم وليس بجواب للأمر ولو كان جوابا لجاز نصبه ورفعه،
كما قال الشاعر:
يا ناق سيري عنقاً فسيحا = إلى سليمان فنستريحا
والرفع على الاستئناف.
والاستئناف بالفاء في جواب الأمر حسن، وكان شيخ لنا يقال له: العلاء بن سيابة - وهو الذي علم معاذا الهرّاء وأصحابه - يقول: لا أنصب بالفاء جوابا للأمر). [معاني القرآن: 2/79]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب} أي خوفهم
وقوله جل وعز: {أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال}
قال مجاهد أي أقسمتم أنكم لا تموتون لقريش). [معاني القرآن: 3/541]

تفسير قوله تعالى: {وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ (45)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وتبيّن لكم...}
وأصحاب عبد الله: {ونبيّن لكم} ). [معاني القرآن: 2/79]

تفسير قوله تعالى: {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال...}
فأكثر القراء على كسر اللام ونصب الفعل من قوله: {لتزول} يريدون: ما كانت الجبال لتزول من مكرهم. وقرأ عبد الله بن مسعود {وما كان مكرهم لتزول منه الجبال} ... يقال له غالب بن نجيح - وكان ثقة ورعاً - أن عليّا كان يقرأ: {وإن كان مكرهم لتزول منه} بنصب اللام الأولى ورفع الثانية. فمن قرأ: {وإن كان مكرهم لتزول منه} فعلى معنى قراءة عليّ أي مكروا مكراً عظيماً كادت الجبال تزول منه). [معاني القرآن: 2/79]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} أي ما كان مكرهم لتزول منه الجبال، في قول من كسر لام لتزول الأولى ونصب اللام الآخرة ومن فتح اللام الأولى ورفع اللام الآخرة فإن مجازه المثل كأنه قال: وإن كان مكرهم تزول منه الجبال في المثل وعند من لم يؤمن). [مجاز القرآن: 1/345]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن وأبو عمرو وأهل المدينة {لتزول منه الجبال} المعنى: وإن كان مكرهم، أي ما كان مكرهم لتزول.
قراءة ابن عباس {لتزول منه} بنصب اللام ويرفع؛ وهذه القراءة المعنى فيها: قد كان مكرهم تزول منه؛ كأنه أراد تعظيمه.
ابن مسعود "وإن كاد مكرهم" في موضع كان، ولم يحك عنه في "لتزول" شيء.
قال أبو علي: والقياس فيها "لتزول" أي كادت تزول، كقول الله عز وجل {كدت لتردين} أي قد كدت، و{إن كادت لتبدي به}؛ أي قد كادت لتبدي به؛ وإن كسر فقال: لتزول؛ يريد: وما كاد مكرهم لتزول، وهو بعيد؛ لأن "ما كاد ليفعل" قليلة، وقد قال الأغلب ذلك:
إذا انقضا من شباه صلصلا
[وزاد محمد]:
إذا انقضا قد كاد من عجب بها ليصهلا
فأدخل اللام المكسورة مع كاد؛ وقد فسرنا هذه اللامات كلها في صدر الكتاب). [معاني القرآن لقطرب: 776]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومن هذا الباب قول الله عز وجل: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ}
يريد أنهم ينظرون إليك بالعداوة نظرا شديدا يكاد يزلقك من شدّته، أي يسقطك.
ومثله قول الشاعر:
يتقارضون إذا التقوا في موطن = نظرا يزيل مواطئ الأقدام
أي ينظر بعضهم إلى بعض نظرا شديدا بالعداوة والبغضاء، يزيل الأقدام عن مواطئها.
فتفهّم قول الله عز وجل: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ} أي يقاربون أن يفعلوا ذلك، ولم يفعلوا.
وتفهّم قول الشاعر: (نظرا يزيل) ولم يقل: يكاد يزيل، لأنه نواها في نفسه.
وكذلك قول الله عز وجل: {تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا} إعظاما لقولهم.
وقوله جل وعز: {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ}.
إكبارا لمكرهم. وقرأها بعضهم: {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ}.
وأكثر ما في القرآن من مثل هذا فإنه يأتي بكاد، فما لم يأت بكاد ففيه إضمارها، كقوله: {وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ}، وأي كادت من شدّة الخوف تبلغ الحلوق.
وقد يجوز أن يكون أراد: أنها ترجف من شدّة الفزع وتجف ويتصل وجيفها بالحلوق، فكأنها بلغت الحلوق بالوجيب). [تأويل مشكل القرآن: 171] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وقد مكروا مكرهم وعند اللّه مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال}
القراءة بكسر اللام الأولى، من " لتزول " وفتح اللام الأخيرة، هي قراءة حسنة جيدة، والمعنى وما كان مكرهم لتزول منه الجبال، أي ما كان مكرهم ليزول به أمر النبي -
صلى الله عليه وسلم - وأمر دين الإسلام وثبوته كثبوت الجبال الراسية، لأن الله عزّ وجلّ وعد نبيّه عليه السلام إظهار دينه على كل الأديان فقال: {ليظهره على الدّين كلّه}
ودليل هذا قوله:{فلا تحسبنّ اللّه مخلف وعده رسله إنّ اللّه عزيز ذو انتقام }أي لا يخلفهم ما وعدهم من نصرهم وإظهار نبوتهم وكلمتهم،
ويقرأ {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} على الرفع وفتح اللام الأولى.
ومعناه معنى حسن " صحيح.
والمعنى: وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم يبلغ في الكيد إلى إزالة الجبال، فإن الله ينصر دينه، ومكرهم عنده لا يخفى عليه.
فإن قال قائل: فهل زالت الجبال لمكرهم؛ فقد روي في بعض التفسير قصة التابوت والنّسور، وأن الجبال ظنت أن ذلك أمر من أمر اللّه عظيم فزالت، وقيل هذا في قصة النمرود ابن كنعان؛ ولا أرى لنمرود ههنا ذكرا، ولكنه إذا صحت الأحاديث به فمعناه أن مكر هؤلاء لو بلغ مكر ذاك لم ينتفعوا به، وأمّا ما توحيه اللغة وخطاب العرب فأن يكون المعنى وإن لم يكن جبل قط، زال لمكر المبالغة في وصف الشيء أن يقال: لو بلغ ما لا يظن أنه يبلغ ما انتفع به.
قال الأعشى:

لئن كنت في جبّ ثمانين قامة= ورقّيت أسباب السماء بسلّم
ليستدرجنك الأمر حتى تهرّه= وتعلم أني لست عنك بمحرم
فإنما بالغ في الوصف وهو يعلم أنه لا يرقّى أسباب السماء، ولا يكون في جبّ ثمانين قامة فيستدرجه القول.
فالمعنى على هذا: لو أزال مكرهم الجبال لما زال أمر الإسلام وما أتى به النبي - صلى الله عليه وسلم -). [معاني القرآن: 3/168-166]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال}
قرأ عمر بن الخطاب رحمه الله عليه وإن كاد بالدال
وقرأ علي بن أبي طالب رضوان الله عليه وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال بفتح اللام ورفع الفعل وكاد بالدال هذا المعروف من قراءته
والمشهور من قراءة عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وإن كاد بالدال
وقرأ مجاهد وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال وهي قراءة الكسائي ومجاهد وإن معناها لو أي ولو كان مكرهم لتزول منه الجبال لم يبلغوا هذا ولن يقدروا على الإسلام
وقد شاء الله تبارك وتعالى أن يظهره على الدين كله
قال أبو جعفر وهذا معروف في كلام العرب كما يقال لو بلغت أسباب السماء وهو لا يبلغها فمثله هذا
وروي في قراءة أبي بن كعب رحمه الله ولولا كلمة الله لزال مكرهم الجبال
وقال قتادة وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال قال حين دعوا لله ولد وقد قال سبحانه: {تكاد السموات يتفطرن منه}
ومن قرأ وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ذهب إلى أن المعنى ما كان مكرهم ليزول به القرآن على تضعيفه وقد ثبت ثبوت الجبال
وقال الحسن مكرهم أوهى وأضعف من أن تزول منه الجبال وقرأ بهذه القراءة
وقد قيل في معنى الرفع قول آخر يروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن نمروذ لما جوع النسور وعلق لها اللحم في الرماح فاستعلى فيل فقيل له أين تريد أيها الفاسق فاهبط
قال فهو قوله جل وعز: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال}
وقال عبد الله بن عباس مكرهم ههنا شركهم وهو مثل قوله تعالى: {تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا} ). [معاني القرآن: 3/544-541]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11 جمادى الأولى 1434هـ/22-03-2013م, 10:49 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) }


تفسير قوله تعالى: (مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43) }
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (من ذلك الهوى على وجهين: الهوى هوى النفس مقصور يكتب بالياء، والهواء ما بين السماء والأرض، وكل منخرق خرقا فهو هواء ممدود يكتب بالألف، كقول الله عز وجل: {لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء} يقول منخرقة لا تعي شيئا). [المقصور والممدود: 16]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يدبح الرجل في الصلاة كما يدبح الحمار.
قوله: يدبح، هو أن يطأطئ رأسه في الركوع حتى يكون أخفض من ظهره.
وهذا كحديثه الآخر أنه كان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه.
قال: حدثنيه ابن أبي عدي ويزيد عن حسين المعلم عن بديل بن ميسرة عن أبي الجوزاء عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وبعضهم يرويه: لم يصوب رأسه ولم يقنعه.
يقول: لم يرفعه حتى يكون أعلى من جسده، ولكن يكون بين ذلك.
ومنه حديث إبراهيم أنه كره أن يقنع الرجل رأسه في الركوع أو يصوبه.
والإقناع: رفع الرأس وإشخاصه قال الله تبارك وتعالى: {مهطعين مقنعي رؤوسهم} ). [غريب الحديث: 2/130-132]
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (ويقال قد أقنع رأسه إذا رفعه قال الله جل ثناؤه: {مهطعين مقنعي رءوسهم} وقد أقنعني كذا وكذا وقد قنعت الإبل والنعم للمرتع إذا مالت وقد أقنعتها أنا وقد قنعت لمأواها إذا مالت إليه). [إصلاح المنطق: 238]

قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
هواء مثل بعلك مستميت = على ما في وعائك كالخيال
(هواء) لا قلب له.
...
(هواء) أي منخوب الفؤاد لا عقل له). [شرح أشعار الهذليين: 1/319]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: "دعاه الهوى" فالهوى من" هويت" مقصور، وتقديره "فعل"، فانقلبت الياء ألفًا، فلذلك كان مقصورًا، وإنما كان كذلك لأنك تقول: هوي يهوى، كما تقول: فرق يفرق وهو هو، كما تقول: هو فرق، كما ترى، وكان المصدر على"فعل"، بمنزلة الفرق والحذر والبطر. لأن الوزن واحد في الفعل واسم الفاعل، فأما الهواء، من الجو فمدود، يدلك على ذلك جمعة إذا قلت: أهويةٌ، لأن أفعله إنما تكون جمع فعالٍ وفعالٍ وفعولٍ وفعيل، كما تقول قذالٌ وأقذلةٌ وحمار وأحمرةٌ، فهواءٌ كذلك، والمقصور جمعه أهواء فاعلم، لأنه على فعل، وجمع فعل أفعالٌ كما تقول: جمل وأجمال وقتب وأقتاب، قال الله عز وجل: {وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ}. وقوله هذا هواء يا فتى في صفة الرجل إنما هو ذمٌ، يقول: لا قلب له، قال الله عز وجل: {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} أي خالية، وقال زهير:

كأن الرحل منها فوق صعلٍ = من الظلمان جؤجؤه هواء
وهذا من هواء الجو، قال الهذلي:
هواءٌ مثل بعلك مستميتٌ = على ما في وعائك كالخيال
وكل واو مكسورة وقعت أولاً فهمزها جائز ينشد: "على ما في إعائك"، ويقال: وسادةٌ وإسادةٌ وشاحٌ وإشاحٌ). [الكامل: 1/430] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (المقنع: الرافع رأسه، في هذا الموضع، ويقال في غيره: الذي يحط رأسه استخذاء وندمًا؛ قال الله جل وعز: {مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ}. ومن قال هو الرافع رأسه: فتأويله عندنا أن يتطاول فينظر ثم يطأطئ رأسه، فهو بعد يرجع إلى الإغضاء والانكسار). [الكامل: 2/1027]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44) }
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
فأقسم مرتاحًا شريك بن مالك = إذا ما التقينا خصمه لا يسالم
أقسم حلف يقسم إقسامًا ومنه قول الله تعالى: {أو لم تكونوا أقسمتم من قبل} ). [شرح المفضليات: 695]

تفسير قوله تعالى: {وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ (45) }

تفسير قوله تعالى: {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13 ذو القعدة 1439هـ/25-07-2018م, 12:44 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 13 ذو القعدة 1439هـ/25-07-2018م, 12:45 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 13 ذو القعدة 1439هـ/25-07-2018م, 12:51 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال}
هذه الآية بجملتها فيها وعيد للظالمين، وتسلية للمظلومين، والخطاب بقوله: "تحسبن" لمحمد صلى الله عليه وسلم، والمراد بالنهي غيره ممن يليق به أن يحسب مثل هذا، وقرأ طلحة بن مصرف: "ولا تحسب الله غافلا" بإسقاط النون، وكذلك: "فلا تحسب الله مخلف وعده"، وقرأ أبو حيوة، وعبد الرحمن، والحسن، والأعرج: "نؤخرهم" بنون العظمة، وقرأ الجمهور: "يؤخرهم" بالياء، أي الله تعالى. وتشخص معناه: تحد النظر لفزع، ولفرط ذلك بشخص المحتضر). [المحرر الوجيز: 5/258]

تفسير قوله تعالى: {مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و "المهطع": المسرع في مشيه، قاله ابن جبير، وقتادة، وذلك بذلة واستكانة، كإسراع الأسير الخائف ونحوه، وهذا هو أرجح الأقوال، وقد توصف الإبل بالإهطاع على معنى الإسراع، وقلما يكون إسراعها إلا خوف السوط ونحوه، فمن ذلك قول الشاعر:
وبمهطع سرح كأن عنانه ... في رأس جذع من أوال مشذب
[المحرر الوجيز: 5/258]
ومن ذلك قول عمران بن حطان:
إذا دعانا فأهطعنا لدعوته ... داع سميع فلفونا وساقونا
ومنه قول ابن مفرغ:
بدجلة دارهم ولقد أراهم ... بدجلة مهطعين إلى السماع
ومن ذلك قول الآخر:
بمستهطع رسل كأن جديله ... بقيدوم رعن من صوام ممنع
وقال ابن عباس، وأبو الضحى: الإهطاع: شدة النظر من غير أن يطرف، وقال ابن زيد: الذي لا يرفع رأسه، قال أبو عبيدة: وقد يكون الإهطاع للوجهين جميعا: الإسراع وإدامة النظر.
و "المقنع" هو الذي يرفع رأسه قدما بوجهه نحو الشيء، ومن ذلك قول الشاعر:
يباكرن العضاه بمقنعات ... نواجذهن كالحدأ الوقيع
[المحرر الوجيز: 5/259]
يصف الإبل بالإقناع عند رعيها أعالي الشجر. وقال الحسن في تفسير هذه الآية: وجوه الناس يوم القيامة إلى السماء، لا ينظر أحد إلى أحد، وذكر المبرد فيما حكي عن أن الإقناع يوجد في كلام العرب بمعنى خفض الرأس من الذلة، والأول أشهر.
وقوله: {لا يرتد إليهم طرفهم} أي: لا يطرفون من الحذر والجزع وشدة الحال.
وقوله: {وأفئدتهم هواء} تشبيه محض، لأنها ليست بهواء حقيقة، وجهة التشبيه يحتمل أن تكون في فراغ الأفئدة من الخير والرجاء والطمع في الرحمة، فهي منخرقة مشبهة الهواء في تفرغه من الأشياء وانخراقه، ويحتمل أن يكون في اضطراب أفئدتهم وجيشانها في صدورهم، وأنها تجيء وتذهب وتبلغ -على ما روي- حناجرهم، فهي في ذلك كالهواء الذي هو أبدا في اضطراب.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وعلى هاتين الجهتين يشبه قلب الجبان وقلب الرجل المضطرب في أموره بالهواء، فمن ذلك قول الشاعر:
ولا تك من أخدان كل يراعة ... هواء كسقب الناب جوفا مكاسره
ومن ذلك قول حسان:
ألا أبلغ أبا سفيان عني ... فأنت مجوف نخب هواء
[المحرر الوجيز: 5/260]
ومن ذلك قول زهير:
كأن الرحل منه فوق صعل ... من الظلمان جؤجؤه هواء
فالمعنى أنه في غاية الخفة في إجفاله). [المحرر الوجيز: 5/261]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وأنذر الناس} الآية. المراد باليوم يوم القيامة، ونصبه على أنه مفعول بـ "أنذر"، ولا يجوز أن يكون ظرفا لأن القيامة ليست بموطن إنذار. وقوله: "فيقول" رفع عطفا على قوله: "يأتيهم". وقوله: {أولم تكونوا} إلى آخر الآية معناه: يقال لهم، فحذف ذلك إيجازا إذ المعنى يدل عليه، وقوله: {ما لكم من زوال} هو المقسم عليه نقل المعنى، ومن زوال معناه: من الأرض بعد الموت، أي: لا بعث من القبور، وهذه الآية ناظرة إلى ما حكى عنهم في قوله: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت}). [المحرر الوجيز: 5/261]

تفسير قوله تعالى: {وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ (45)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار}
يقول عز وجل: أيها المعرضون عن آيات الله من جميع العالم سكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم بالكفر من الأمم السالفة فنزلت بهم المثلات، فكان قولكم الاعتبار والاتعاظ، وقرأ الجمهور: "وتبين" بتاء، وقرأ السلمي -فيما حكى المهدوي -:
[المحرر الوجيز: 5/261]
"ونبين" بنون عظمة مضمومة وجزم على معنى: أو لم نبين، عطف على أولم تكونوا، قال أبو عمرو: وقرأ أبو عبد الرحمن بضم النون ورفع النون الأخرة). [المحرر الوجيز: 5/262]

تفسير قوله تعالى: {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {وعند الله مكرهم} هو على حذف مضاف تقديره: وعند الله عقاب مكرهم، أو جزاء مكرهم، ويحتمل قوله تعالى: {وقد مكروا مكرهم} أن يكون خطابا لمحمد عليه الصلاة والسلام والضمير لمعاصريه، ويحتمل أن يكون مما يقال للظلمة يوم القيامة، والضمير للذين سكن في منازلهم.
وقرأ السبعة سوى الكسائي: وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال بكسر اللام من لتزول وفتح الثانية، وهي قراءة علي بن أبي طالب وجماعة، وهذا على أن تكون "إن" نافية بمعنى "ما"، ومعنى الآية تحقير مكرهم، وأنه ما كان لتزول منه الشرائع والنبوات وأقدار الله بها التي هي كالجبال في ثبوتها وقوتها، وهذا تأويل الحسن وجماعة من المفسرين. وتحتمل عندي هذه القراءة أن تكون بمعنى تعظيم مكرهم، أي: وإن كان شديدا إنما يفعل لتذهب به عظام الأمور، وقرأ الكسائي: "لتزول" بفتح اللام الأولى ورفع الثانية، وهي قراءة ابن عباس، ومجاهد، وابن وثاب، وهذا على أن تكون "إن" مخففة من الثقيلة، ومعنى الآية تعظيم مكرهم وشدته، أي أنه مما يشقى به، ويزيل الجبال من مستقراتها بقوته، ولكن الله تعالى أبطله ونصر أولياءه، وهذا أشد في العبرة.
وقرأ علي بن أبي طالب، وابن مسعود، وعمر بن الخطاب، وأبي بن كعب: "وإن كاد مكرهم"، ويترتب مع هذه القراءة في "لتزول" ما تقدم، وذكر أبو حاتم أن في قراءة أبي بن كعب: "ولولا كلمة الله لزال من مكرهم الجبال"، وحكى الطبري عن بعض المفسرين أنهم جعلوا هذه الآية إشارة إلى ما فعل نمروذ، إذ علق التابوت بين الأنسر ورفع لها اللحم في أطراف الرماح بعد أن أجاعها، ودخل هو وحاجبه في
[المحرر الوجيز: 5/262]
التابوت فعلت بهما الأنسر حتى قال له النمرود: ماذا ترى؟ قال: أرى بحرا وجزيرة، يريد الدنيا المعمورة، ثم قال: ماذا ترى؟ قال: أرى غماما ولا أرى جبلا، فكأن الجبال زالت عن نظر العين بهذا المكر، وذكر ذلك عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وذلك عندي لا يصح عن علي، وفي هذه القصة كلها ضعف من طريق المعنى، وذلك أنه غير ممكن أن تصعد الأنسر كما وصف، وبعيد أن يغرر أحد بنفسه في مثل هذا). [المحرر الوجيز: 5/263]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 27 ذو القعدة 1439هـ/8-08-2018م, 09:07 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 27 ذو القعدة 1439هـ/8-08-2018م, 09:10 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولا تحسبنّ اللّه غافلا عمّا يعمل الظّالمون إنّما يؤخّرهم ليومٍ تشخص فيه الأبصار (42) مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتدّ إليهم طرفهم وأفئدتهم هواءٌ (43) وأنذر النّاس يوم يأتيهم العذاب}
يقول [تعالى شأنه] {ولا تحسبنّ اللّه} يا محمّد {غافلا عمّا يعمل الظّالمون} أي: لا تحسبه إذ أنظرهم وأجّلهم أنّه غافلٌ عنهم مهملٌ لهم، لا يعاقبهم على صنعهم بل هو يحصي ذلك عليهم ويعدّه عدًّا، أي: {إنّما يؤخّرهم ليومٍ تشخص فيه الأبصار} أي: من شدّة الأهوال يوم القيامة). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 515]

تفسير قوله تعالى: {مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ ذكر تعالى كيفيّة قيامهم من قبورهم ومجيئهم إلى قيام المحشر فقال: {مهطعين} أي: مسرعين، كما قال تعالى: {مهطعين إلى الدّاع [يقول الكافرون هذا يومٌ عسرٌ]} [القمر: 8]، وقال تعالى: {يومئذٍ يتّبعون الدّاعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرّحمن فلا تسمع إلا همسًا} إلى قوله: {وعنت الوجوه للحيّ القيّوم وقد خاب من حمل ظلمًا} [طه: 198 -111]، وقال تعالى: {يوم يخرجون من الأجداث سراعًا كأنّهم إلى نصبٍ يوفضون} [المعارج: 43].
وقوله: {مقنعي رءوسهم} قال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ وغير واحدٍ: رافعي رءوسهم.
{لا يرتدّ إليهم طرفهم} أي: [بل] أبصارهم طائرةٌ شاخصةٌ، يديمون النّظر لا يطرفون لحظةً لكثرة ما هم فيه من الهول والفكرة والمخافة لما يحلّ بهم، عياذًا باللّه العظيم من ذلك؛ ولهذا قال: {وأفئدتهم هواءٌ} أي: وقلوبهم خاويةٌ خاليةٌ ليس فيها شيءٌ لكثرة [الفزع و] الوجل والخوف. ولهذا قال قتادة وجماعةٌ: إنّ أمكنة أفئدتهم خاليةٌ لأنّ القلوب لدى الحناجر قد خرجت من أماكنها من شدّة الخوف. وقال بعضهم: {هواءٌ} خرابٌ لا تعي شيئًا.
ولشدّة ما أخبر اللّه تعالى [به] عنهم، قال لرسوله: {وأنذر النّاس يوم يأتيهم العذاب}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 515]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ولشدّة ما أخبر اللّه تعالى [به] عنهم، قال لرسوله: {وأنذر النّاس يوم يأتيهم العذاب فيقول الّذين ظلموا ربّنا أخّرنا إلى أجلٍ قريبٍ نجب دعوتك ونتّبع الرّسل أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوالٍ (44) وسكنتم في مساكن الّذين ظلموا أنفسهم وتبيّن لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال (45) وقد مكروا مكرهم وعند اللّه مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال (46)}
يقول تعالى مخبرًا عن قيل الّذين ظلموا أنفسهم، عند معاينة العذاب: {ربّنا أخّرنا إلى أجلٍ قريبٍ نجب دعوتك ونتّبع الرّسل} كما قال تعالى: {حتّى إذا جاء أحدهم الموت قال ربّ ارجعون لعلّي أعمل صالحًا فيما تركت كلا إنّها كلمةٌ هو قائلها ومن ورائهم برزخٌ إلى يوم يبعثون} [المؤمنون: 99، 100]، وقال تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر اللّه ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول ربّ لولا أخّرتني إلى أجلٍ قريبٍ فأصّدّق وأكن من الصّالحين} [المنافقون: 9، 10]، وقال تعالى مخبرًا عنهم في حال محشرهم: {ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربّهم ربّنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحًا إنّا موقنون} [السّجدة: 12]، وقال تعالى: {ولو ترى إذ وقفوا على النّار فقالوا يا ليتنا نردّ ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه وإنّهم لكاذبون} [الأنعام: 27، 28]، وقال تعالى: {وهم يصطرخون فيها ربّنا أخرجنا نعمل صالحًا غير الّذي كنّا نعمل أولم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكّر وجاءكم النّذير فذوقوا فما للظّالمين من نصيرٍ} [فاطرٍ: 37].
وقال تعالى رادًّا عليهم في قولهم هذا: {أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوالٍ} أي: أو لم تكونوا تحلفون من قبل هذه الحال: أنّه لا زوال لكم عمّا أنتم فيه، وأنّه لا معاد ولا جزاء، فذوقوا هذا بذاك.
قال مجاهدٌ وغيره: {ما لكم من زوالٍ} أي: ما لكم من انتقالٍ من الدّنيا إلى الآخرة، كما أخبر عنهم تعالى: {وأقسموا باللّه جهد أيمانهم لا يبعث اللّه من يموت بلى وعدًا عليه حقًّا} [النّحل: 38]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 515-516]

تفسير قوله تعالى: {وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ (45)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وسكنتم في مساكن الّذين ظلموا أنفسهم وتبيّن لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال} أي: قد رأيتم وبلغكم ما أحللنا بالأمم المكذّبة قبلكم، ومع هذا لم يكن لكم فيهم معتبرٌ، ولم يكن فيما أوقعنا بهم مزدجرٌ لكم {حكمةٌ بالغةٌ فما تغن النّذر} [القمر: 5]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 516]

تفسير قوله تعالى: {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقد روى شعبة، عن أبي إسحاق، عن عبد الرّحمن [بن دابيل] أنّ عليًّا، رضي اللّه عنه، قال في هذه الآية: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} قال: أخذ ذاك الّذي حاجّ إبراهيم في ربّه نسرين صغيرين، فربّاهما حتّى استغلظا واستعلجا وشبّا.
قال: فأوثق رجل كلّ واحدٍ منهما بوتدٍ إلى تابوتٍ، وجوّعهما، وقعد هو ورجلٌ آخر في التّابوت قال:-ورفع في التّابوت عصًا على رأسه اللّحم -قال: فطارا [قال] وجعل يقول لصاحبه: انظر، ما ترى؟ قال: أرى كذا وكذا، حتّى قال: أرى الدّنيا كلّها كأنّها ذباب. قال: فقال: صوب العصا، فصوّبها، فهبطا. قال: فهو قول اللّه، عزّ وجلّ: "وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال". قال أبو إسحاق: وكذلك هي في قراءة عبد اللّه: "وإن كاد مكرهم".
قلت: وكذا روي عن أبيّ بن كعبٍ، وعمر بن الخطّاب، رضي اللّه عنهما، أنّهما قرآ: "وإن كاد"، كما قرأ عليٌّ. وكذا رواه سفيان الثّوريّ، وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الرّحمن بن أذنان عن عليٍّ، فذكر نحوه.
وكذا روي عن عكرمة أنّ سياق هذه القصّة لنمرود ملك كنعان: أنّه رام أسباب السّماء بهذه الحيلة والمكر، كما رام ذلك بعده فرعون ملك القبط في بناء الصّرح، فعجزا وضعفا. وهما أقلّ وأحقر، وأصغر وأدحر.
وذكر مجاهدٌ هذه القصّة عن بختنصّر، وأنّه لمّا انقطع بصره عن الأرض وأهلها، نودي أيّها الطّاغية: أين تريد؟ ففرق، ثمّ سمع الصّوت فوقه فصوّب الرّماح، فصوبت النّسور، ففزعت الجبال من هدّتها، وكادت الجبال أن تزول من حسّ ذلك، فذلك قوله: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال}
ونقل ابن جريج عن مجاهدٍ أنّه قرأها: "لتزول منه الجبال"، بفتح اللّام الأولى، وضمّ الثّانية.
وروى العوفيّ عن ابن عبّاسٍ في قوله: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} يقول: ما كان مكرهم لتزول منه الجبال. وكذا قال الحسن البصريّ، ووجّهه ابن جريرٍ بأنّ هذا الّذي فعلوه بأنفسهم من كفرهم باللّه وشركهم به، ما ضرّ ذلك شيئًا من الجبال ولا غيرها، وإنّما عاد وبال ذلك على أنفسهم.
قلت: ويشبه هذا إذًا قوله تعالى: {ولا تمش في الأرض مرحًا إنّك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا} [الإسراء: 37].
والقول الثّاني في تفسيرها: ما رواه عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} يقول شركهم، كقوله: {تكاد السّماوات يتفطّرن منه وتنشقّ الأرض وتخرّ الجبال هدّاً أن دعوا للرّحمن ولدًا} [مريم: 90 -91]، وهكذا قال الضحاك وقتادة). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 516-517]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:05 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة