العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الأنعام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 ربيع الثاني 1434هـ/26-02-2013م, 01:41 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير سورة الأنعام [ من الآية (104) إلى الآية (108) ]

{قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (104) وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (105) اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (106) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (107) وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (108)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21 ربيع الثاني 1434هـ/3-03-2013م, 09:57 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف


تفسير قوله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (104)}

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قد جاءكم بصائر من ربّكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنا عليكم بحفيظٍ}.
وهذا أمرٌ من اللّه جلّ ثناؤه نبيّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم أن يقول لهؤلاء الّذين نبّههم بهذه الآيات من قوله: {إنّ اللّه فالق الحبّ والنّوى} إلى قوله: {وهو اللّطيف الخبير} على حججه عليهم، وعلى تبيين خلقه معهم، العادلين به الأوثان والأنداد، والمكذّبين باللّه ورسوله محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وما جاءهم من عند اللّه. قل لهم يا محمّد: قد جاءكم أيّها العادلون باللّه والمكذّبون رسوله {بصائر من ربّكم}: أي ما تبصرون به الهدى من الضّلال، والإيمان من الكفر، وهي جمع بصيرةٍ، ومنه قول الشّاعر:
حملوا بصائرهم على أكتافهم ....... وبصيرتي يعدو بها عتدٌ وأى
يعني بالبصيرة: الحجّة البيّنة الظّاهرة.
- كما حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {قد جاءكم بصائر من ربّكم} قال: البصائر: الهدى، بصائر في قلوبهم لدينهم، وليست ببصائر الرّءوس. وقرأ: {فإنّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب الّتي في الصّدور}، قال: إنّما الدّين بصره وسمعه في هذا القلب.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {قد جاءكم بصائر من ربّكم}: أي بيّنةٌ.
وقوله: {فمن أبصر فلنفسه} يقول: فمن تبيّن حجج اللّه وعرفها وأقرّ بها وآمن بما دلّته عليه من توحيد اللّه وتصديق رسوله وما جاء به، فإنّما أصاب حظّ نفسه ولنفسه عمل، وإيّاها بغى الخير. {ومن عمي فعليها} يقول: ومن لم يستدلّ بها ولم يصدّق بما دلّته عليه من الإيمان باللّه ورسوله وتنزيله، ولكنّه عمي عن دلالتها الّتي تدلّ عليها يقول: فنفسه ضرّ، وإليها أساء لا إلى غيرها.
وأمّا قوله: {وما أنا عليكم بحفيظٍ} يقول: وما أنا عليكم برقيبٍ أحصي عليكم أعمالكم وأفعالكم، وإنّما أنا رسولٌ أبلّغكم ما أرسلت به إليكم، واللّه الحفيظ عليكم الّذي لا يخفى عليه شيءٌ من أعمالكم). [جامع البيان: 9/ 469-470]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({قد جاءكم بصائر من ربّكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنا عليكم بحفيظٍ (104)}
قوله تعالى: {قد جاءكم بصائر من ربّكم}
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم يقول في قوله: قد جاءكم بصائر من ربكم قال: البصائر الهدى، بصائر ما في قلوبهم لدينهم، وليست ببصائر الرّؤوس، وقرأ: فإنّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب الّتي في الصّدور ، وقال: إنّما الدّين بصره وسمعه في هذا القلب.
- حدّثنا محمّد بن يحيى ثنا العبّاس ثنا يزيد عن سعيدٍ عن قتادة: قد جاءكم بصائر من ربّكم أي بيّنةٌ من ربّكم فمن أبصر فلنفسه.
قوله تعالى: {وما أنا عليكم بحفيظٍ}
- حدّثنا عليّ بن الحسين ثنا محمّد بن عيسى ثنا سلمة عن ابن إسحاق بحفيظٍ أي: حافظ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 1364]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : ( أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {قد جاءكم بصائر}، أي بينة {فمن أبصر فلنفسه} أي من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه، {ومن عمي} أي من ضل، {فعليها} والله أعلم). [الدر المنثور: 6/ 164]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (105)}

قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وسمعت سفيان بن عيينة يحدث عن عمرو ابن دينارٍ عن عبد اللّه بن عبّاسٍ أنّه قرأ: حرّم {على قريةٍ}؛ وقرأ: دارست؛ وقرأ: {في عينٍ حمئةٍ}.
قال عمرو: وسمعت عبد اللّه بن الزّبير يقول: إنّ صبيانًا هاهنا يقرؤون: وحرم، ويقرؤون: دارست، وإنما هي {درست}، ويقولون: {حمئةٍ}، وهي حامئةٍ). [الجامع في علوم القرآن: 3/ 58] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الكلبي في قوله تعالى (وليقولوا دارست) قال دارست أهل الكتاب.
قال معمر وقال الحسن درست يقول تقادمت امحت.
قال معمر وقال قتادة درست قرئت وتعلمت.
عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار قال أخبرني عمرو بن كيسان أن ابن عباس كان يقرؤها (دارست) تلوت خاصمت جادلت قال عمرو وسمعت ابن الزبير يقول إن صبيانا ها هنا يقرؤون (دارست) وإنما هي درست ويقرؤون (وحرْم على قرية أهلكناها) وإنما هي: {وحرام على قرية} ويقرأون: {في عين حمئة} وإنما هي حامية قال عمرو وكان ابن عباس يخالفه في كلهن). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 215-216]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن أبي إسحاق عن التميمي عن ابن عباس: {وليقولوا درست} قال: قرأت وتعلمت ). [تفسير الثوري: 109]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( قوله تعالى: {وكذلك نصرّف الآيات وليقولوا درست ولنبيّنه لقومٍ يعلمون}
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا حمّاد بن زيدٍ، عن أيّوب، قال: سمعت سعيد بن جبيرٍ يحدّث عن ابن عبّاسٍ أنّه كان يقرأ: {دارست} - بالألف -، قال: قارأت .
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، عن عمرو بن دينارٍ، عن عمرو بن كيسان، قال: سمعت ابن عبّاسٍ يقول: {دارست} : خاصمت وتلوت.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، عن عمرٍو، سمع ابن الزّبير يقول: ((إن صبياننا ها هنا (يقولون) : {دارست}، وإنما هي {درست}، ويقرؤون: {حمئة}، وإنما هي {حامية}، ويقرؤون: {وحرم} وإنما هي: {حرام}، وكان ابن عبّاس يخالفه فيهنّ كلّهنّ .
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا عبد الرّحمن بن زيادٍ، عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن رجلٍ من بني تميمٍ، قال: سألت ابن عبّاسٍ عن قوله عزّ وجلّ: {دارست} قال: قرأت وتعلمت.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، عن رجلٍ، عن أبي إسحاق، عن التّميميّ، عن ابن عبّاسٍ - في قوله عزّ وجلّ: {دارست} -، قال: قرأت وتعلّمت.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، عن رجلٍ، عن مجاهد، قال: قرأت وقرؤوا عليك.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيم، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، أنّه كان يقول: {دارست}، قال: قرأت وتعلّمت.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا عبّاد بن عبّادٍ المهلّبي، قال: نا الزّبير بن الخرّيت، عن عكرمة، أنّه كان يقرأ: {دارست}، يقول: دارست أهل الكتاب: قارأتهم.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا جويبر، عن الضّحّاك مثل حديث أبي بشر .
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيم، عن عبّاد بن راشدٍ، عن الحسن أنّه كان يقرأ: {درّست} مشدّدة .
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا عبد الرّحمن بن زيادٍ، عن شعبة، عن أبي إسحاق، قال: هي قراءة عبد الله {درّست} ). [سنن سعيد بن منصور: 5/ 66-76]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ):
(ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قوله عز وجل: {درست} قال: قرأت وتعلّمت).[جزء تفسير عطاء الخراساني: 88]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وكذلك نصرّف الآيات وليقولوا درست ولنبيّنه لقومٍ يعلمون}.
يقول تعالى ذكره: كما صرّفت لكم أيّها النّاس الآيات والحجج في هذه السّورة وبيّنتها، فعرّفتكموها في توحيدي وتصديق رسولي وكتابي، ووصّيتكم عليها، فكذلك أبيّن لكم آياتي وحججي في كلّ ما جهلتموه فلم تعرفوه من أمري ونهيي.
- كما حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {وكذلك نصرّف الآيات} لهؤلاء العادلين بربّهم، كما صرّفتها في هذه السّورة، ولئلاّ يقولوا: درست.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء أهل المدينة والكوفة: {وليقولوا درست}، يعني قرأت أنت يا محمّد، بغير ألفٍ.
وقرأ ذلك جماعةٌ من المتقدّمين منهم ابن عبّاسٍ على اختلافٍ عنه فيه، وغيره وجماعةٌ من التّابعين، وهو قراءة بعض قرّاء أهل البصرة: (وليقولوا دارست) بألفٍ، بمعنى: قارأت وتعلّمت من أهل الكتاب.
وروي عن قتادة أنّه كان يقرؤه: (درست) بمعنى: قرئت وتليت.
وعن الحسن أنّه كان يقرؤه: (درست) بمعنى: انمحت.
وأولى القراءات في ذلك عندي بالصّواب قراءة من قرأه: {وليقولوا درست} بتأويل: قرأت وتعلّمت، لأنّ المشركين كذلك كانوا يقولون للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وقد أخبر اللّه عن قيلهم ذلك بقوله: {ولقد نعلم أنّهم يقولون إنّما يعلّمه بشرٌ لسان الّذي يلحدون إليه أعجميّ وهذا لسانٌ عربيّ مبينٌ}، فهذا خبرٌ من اللّه ينبئ عنهم أنّهم كانوا يقولون: إنّما يتعلّم محمّدٌ ما يأتيكم به من غيره. فإذ كان ذلك كذلك، فقراءة: {وليقولوا درست} يا محمّد، بمعنى: تعلّمت من أهل الكتاب، أشبه بالحقّ وأولى بالصّواب من قراءة من قرأه: (دارست) بمعنى: قارأتهم وخاصمتهم، وغير ذلك من القراءات.
واختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك على قدر اختلاف القراءة في قراءته.
ذكر من قرأ ذلك {وليقولوا درست} من المتقدّمين، وتأويله بمعنى: تعلّمت وقرأت.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ قال: حدّثنا عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {وليقولوا درست} قالوا: قرأت وتعلّمت، تقول ذلك قريشٌ.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عبيد اللّه، عن إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ: {وليقولوا درست} قال: قرأت وتعلّمت.
- حدّثنا هنّادٌ قال: حدّثنا وكيعٌ، وحدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا أبي، عن إسرائيل وافقه، عن أبي إسحاق، عن التّميميّ، عن ابن عبّاسٍ: {وليقولوا درست} قال: قرأت وتعلّمت.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {وليقولوا درست} يقول: قرأت الكتب.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثني عبيد بن سليمان قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {درست} يقول: تعلّمت وقرأت.
- حدّثنا أبو كريبٍ قال: حدّثنا ابن عطيّة قال: حدّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن التّميميّ قال: قلت لابن عبّاسٍ: أرأيت قوله: {درست} قال: قرأت وتعلّمت.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عن أبي إسحاق، عن التّميميّ، عن ابن عبّاسٍ، مثله.
ذكر من قال ذلك (دارست)، وتأوّله بمعنى: جادلت من المتقدّمين:
- حدّثنا عمران بن موسى، قال: حدّثنا عبد الوارث، عن حميدٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ: (دارست) يقول: قارأت.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أيّوب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، أنّه كان يقرؤها: (وليقولوا دارست) أحسبه قال: قارأت أهل الكتاب.
- حدّثني محمّد بن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن قال: حدّثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن التّميميّ، عن ابن عبّاسٍ: (وليقولوا دارست) قال: قارأت وتعلّمت.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى قال: حدّثنا أبو داود قال: حدّثنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت التّميميّ يقول: سألت ابن عبّاسٍ عن قوله: (وليقولوا دارست) قال: قارأت وتعلّمت.
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي المعلّى، عن سعيد بن جبيرٍ قال: كان ابن عبّاسٍ يقرؤها: (دارست).
- حدّثنا المثنّى قال: حدّثنا آدم العسقلانيّ قال: حدّثنا شعبة قال: حدّثنا أبو المعلّى قال: سمعت سعيد بن جبيرٍ يقول: كان ابن عبّاسٍ يقرأ: (دارست) بالألف، بجزم السّين ونصب التّاء.
- حدّثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينارٍ قال: أخبرني عمرو بن كيسان، أنّ ابن عبّاسٍ كان يقرأ: (دارست): تلوت، خاصمت، جادلت.
- حدّثنا أبو كريبٍ وابن وكيعٍ، قالا: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينارٍ، عن عمرو بن كيسان، قال ابن عبّاسٍ في (دارست)، قال: تلوت، خاصمت، جادلت.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في هذه الآية: (وليقولوا دارست)، قال: قارأت.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا آدم قال: حدّثنا شعبة قال: حدّثنا أبو بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، أنّه قرأ: (دارست) بالألف أيضًا منتصبة التّاء، وقال: قارأت.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا الحجّاج قال: حدّثنا أبو عوانة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ أنّه قرأ: (دارست): أي ناسخت.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: (دارست) قال: فاقهت: قرأت على يهود وقرءوا عليك.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: (وليقولوا دارست) قال: قارأت، قرأت على يهود وقرءوا عليك.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ قال: حدّثنا هشيمٌ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، في قوله: (دارست) يعني: أهل الكتاب.
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا ابن عيينة، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: (دارست) قال: قرأت على يهود، وقرءوا عليك.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {وليقولوا درست} قال: قالوا دارست أهل الكتاب، وقرأت الكتب وتعلّمتها.
ذكر من قرأ ذلك (درست) بمعنى: نبّئت وقرئت، على وجه ما لم يسمّ فاعله:
- حدّثنا عمران بن موسى القزّاز، قال: حدّثنا عبد الوارث بن سعيدٍ، قال: حدّثنا الحسين المعلّم، وسعيدٌ، عن قتادة: (وكذلك نصرّف الآيات وليقولوا درست): أي قرئت وتعلّمت.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، قال: قال قتادة: (درست): قرئت وفي حرف ابن مسعودٍ: (درس).
ذكر من قرأ ذلك: (درست) بمعنى: انمحت وتقادمت، أي هذا الّذي تتلوه علينا قد مرّ بنا قديمًا وتطاولت مدّته.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: كان الحسن يقرأ: (وليقولوا درست): أي انمحت.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا آدم، قال: حدّثنا شعبة، قال: حدّثنا أبو إسحاق الهمدانيّ، قال في قراءة ابن مسعودٍ: (درست) بغير ألفٍ، بنصب السّين ووقف التّاء.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينارٍ، قال: سمعت ابن الزّبير، يقول: إنّ صبيانًا ههنا يقرءون: (دارست)، وإنّما هي: (درست).
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، قال الحسن: (وليقولوا درست) يقول: تقادمت وانمحت.
وقرأ ذلك آخرون: (درس)، من درس الشّيء: تلاه:
- حدّثنا أحمد بن يوسف الثّعلبيّ، قال: حدّثنا أبو عبيدة، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن هارون، قال: هي في حرف أبيّ بن كعبٍ وابن مسعودٍ: (وليقولوا درس)، قال: يعني النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قرأ.
وإنّما جاز أن يقال مرّةً درست، ومرّةً درس، فيخاطب مرّةً ويخبر مرّةً، من أجل القول.
وقد بيّنّا أولى هذه القراءات في ذلك بالصّواب عندنا، والدّلالة على صحّة ما اخترنا منها.
وأمّا تأويل قوله: {ولنبيّنه لقومٍ يعلمون}، يقول تعالى ذكره: كما صرّفنا الآيات والعبر والحجج في هذه السّورة لهؤلاء العادلين بربّهم الآلهة والأنداد، كذلك نصرّف لهم الآيات في غيرها، كيلا يقولوا لرسولنا الّذي أرسلناه إليهم: إنّما تعلّمت ما تأتينا به تتلوه علينا من أهل الكتاب، فينزجروا عن تكذيبهم إيّاه وتقوّلهم عليه الإفك والزّور، ولنبيّن تصريفنا الآيات الحقّ لقومٍ يعلمون الحقّ إذا تبيّن لهم، فيتّبعوه ويقبلوه، وليسوا كمن إذا بيّن لهم عموا عنه فلم يعقلوه وازدادوا من الفهم به بعدًا).[جامع البيان: 9/ 471-478]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وكذلك نصرّف الآيات وليقولوا درست ولنبيّنه لقومٍ يعلمون (105)}
قوله: {وكذلك نصرف الآيات ... }
الوجه الأول:
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ: وليقولوا درست، (قالوا: قرأت وتعلّمت) : تقول ذلك قريشٌ.
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ ثنا عبد الرّحمن عن سفيان عن أبي إسحاق عن التّميميّ عن ابن عبّاسٍ: وليقولوا درست قال: قارأت وتعلّمت.
وفي روايةٍ عكرمة عن ابن عبّاسٍ، قال: قارأت أهل الكتاب.
- حدّثنا أبي ثنا المعلّى بن أسدٍ ثنا عبد العزيز بن المختار عن أبي المعلّى العطّار عن سعيد بن جبيرٍ قال: دارست، قال، قارأت. قال، نعم، وأنشد هذا البيت:
وجدتم دراسي كطعم الصّاب والعلقم.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع ثنا عبد الرّزّاق ثنا سفيان- يعني ابن عيينة- عن عمرو بن دينارٍ عن عمرو بن كيسان عن ابن عبّاسٍ قال: دارست تلوت وخاصمت وجادلت.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ : قوله: وليقولوا درست، فاقهت وقرأت على يهود وقرءوا عليك.
الوجه الثّالث:
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع أنا عبد الرّزّاق ثنا معمرٌ وقال الحسن: درست يقول: تقادمت، امّحت.
- حدّثنا موسى ابن الكوفيّ ثنا هارون بن حاتمٍ ثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ عن أسباط بن نصرٍ عن السّدّيّ عن أبي مالكٍ: قوله: {درست} يعني: دراسة القرآن.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ ثنا أصبغ قال: سمعت عبد الرحمن ابن زيد بن أسلم، وقرأ: درست قال: علمت.
قوله تعالى: {ولنبيّنه لقومٍ يعلمون}
- حدّثنا عليّ بن الحسين ثنا محمّد بن العلاء ثنا عثمان بن سعيدٍ ثنا بشر ابن عمارة عن أبي روقٍ عن الضّحّاك عن ابن عباس: يعلمون يقول: يعقلون). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 1365-1366]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ):
(ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد درست أي فاقهت قرأت على يهود وقرؤوا عليك). [تفسير مجاهد: 220-221]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {درست}.
- عن عمرو بن كيسان قال: سمعت ابن عبّاسٍ يقول: دارست تلوت خاصمت جادلت.
رواه الطّبرانيّ، ورجاله ثقاتٌ). [مجمع الزوائد: 7/ 21-22]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {وليقولوا درست}.
- أخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه والضياء في المختاره عن ابن عباس، أنه كان يقرأ هذا الحرف (دارست) بالألف مجزومة السين منتصبة التاء قال: قارأت.
- وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وابن مردويه عن ابن عباس درست قال: قرأت وتعلمت.
- وأخرج سعيد بن منصور وعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس (دارست) قال: خاصمت جادلت تلوت.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله (وليقولوا دارست) قال: فاقهت وقرأت على يهود وقرأوا عليك.
- وأخرج سعيد بن منصور وعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر وأبو الشيخ عن عمرو بن دينار قال: سمعت عبد الله بن الزبير يقول: إن صبيانا ههنا يقرأون (دارست) وإنما هي {درست} يعني بفتح السين وجزم التاء ويقرأون {وحرم على قرية}[الأنبياء: 59] وإنما هي {وحرام} ويقرأون (في عين حمئة) وإنما هي {حامية} قال عمرو: وكان ابن عباس يخالفه فيهن كلهن.
- وأخرج ابن مردويه والحاكم وصححه عن أبي ابن كعب قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم :{وليقولوا درست} يعني بجزم السين ونصب التاء.
- وأخرج أبو الشيخ من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس دارست يقول: قارأت اليهود وفاقهتهم، وفي حرف أبي وليقولوا درس أي تعلم.
- وأخرج أبو عبيد، وابن جرير عن هرون قال: في حرف أبي بن كعب، وابن مسعود (وليقولوا درس) يعني النّبيّ صلى الله عليه وسلم قرأ
- وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد أنه قرأ {درست} قال: علمت.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن أبي إسحاق الهمداني قال: في قراءة ابن مسعود (درست) بغير ألف بنصب السين ووقف التاء.
- وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر وأبو الشيخ عن الحسن، أنه كان يقرأ (وليقولوا درست) أي انمحت وذهبت.
- وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن، أنه يقرأ (درست) مشددة.
- وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس، أنه كان يقرأ (أدارست) ويتمثل، دارس كطعم الصاب والعلقم
- وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس: {وليقولوا درست} قالوا: قرأت وتعلمت تقول ذلك له قريش، قوله تعالى: {وأعرض عن المشركين}). [الدر المنثور: 6/ 164-167]

تفسير قوله تعالى: {اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (106)}

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {اتّبع ما أوحي إليك من ربّك لا إله إلاّ هو وأعرض عن المشركين}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: اتّبع يا محمّد ما أمرك به ربّك في وحيه الّذي أوحاه إليك، فاعمل به، وانزجر عمّا زجرك عنه فيه، ودع ما يدعوك إليه مشركو قومك من عبادة الأوثان والأصنام، فإنّه {لا إله إلاّ هو} يقول: لا معبود يستحقّ عليك إخلاص العبادة له إلاّ اللّه الّذي هو فالق الحبّ والنّوى، وفالق الإصباح، وجاعل اللّيل سكنًا، والشّمس والقمر حسبانًا. {وأعرض عن المشركين} يقول: ودع عنك جدالهم وخصومتهم. ثمّ نسخ ذلك جلّ ثناؤه بقوله في براءة: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} الآية.
13793- كما حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، أمّا قوله: {وأعرض عن المشركين} ونحوه ممّا أمر اللّه المؤمنين بالعفو عن المشركين، فإنّه نسخ ذلك قوله: {اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}). [جامع البيان: 9/ 478-479]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({اتّبع ما أوحي إليك من ربّك لا إله إلّا هو وأعرض عن المشركين (106)}
قوله: {اتّبع ما أوحي إليك من ربّك لا إله إلّا هو وأعرض عن المشركين}
- وبه عن ابن عبّاسٍ، قوله: لا إله إلا هو: توحيدٌ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 1366]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج أبو الشيخ عن السدي {وأعرض عن المشركين} قال: كف عنهم وهذا منسوخ نسخه القتال {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة: 5]).[الدر المنثور: 6/ 167-168]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (107)}

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولو شاء اللّه ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظًا وما أنت عليهم بوكيلٍ}.
يقول جلّ ثناؤه لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: أعرض عن هؤلاء المشركين باللّه، ودع عنك جدالهم وخصومتهم ومسابّتهم. {ولو شاء اللّه ما أشركوا} يقول: لو أراد ربّك هدايتهم واستنقاذهم من ضلالتهم للطف لهم بتوفيقه إيّاهم فلم يشركوا به شيئًا، ولآمنوا بك فاتّبعوك وصدّقوا ما جئتهم به من الحقّ من عند ربّك. {وما جعلناك عليهم حفيظًا} يقول جلّ ثناؤه: وإنّما بعثتك إليهم رسولاً مبلّغًا، ولم نبعثك حافظًا عليهم ما هم عاملوه وتحصي ذلك عليهم، فإنّ ذلك إلينا دونك. {وما أنت عليهم بوكيلٍ} يقول: ولست عليهم بقيّمٍ تقوم بأرزاقهم وأقواتهم، ولا بحفظهم فيما لم يجعل إليك حفظه من أمرهم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ولو شاء اللّه ما أشركوا} يقول سبحانه: لو شئت لجمعتهم على الهدى أجمعين). [جامع البيان: 9/ 479-480]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({ولو شاء اللّه ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظًا وما أنت عليهم بوكيلٍ (107)}
قوله تعالى: {ولو شاء اللّه ما أشركوا}
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ كاتب اللّيث حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ ابن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ: قوله: {ولو شاء اللّه ما أشركوا}، يقول اللّه تبارك وتعالى: لو شئت لجمعتهم على الهدى أجمعين.
قوله تعالى: {وما أنت عليهم بوكيلٍ}
- حدّثنا محمّد بن يحيى ثنا العبّاس بن الوليد ثنا يزيد ثنا سعيدٌ عن قتادة قوله:
{وما أنت عليهم بوكيلٍ} أي: بحفيظٍ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 1366]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله: {ولو شاء الله ما أشركوا} يقول الله تبارك وتعالى: لو شئت لجمعتهم على الهدى أجمعين.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وما أنت عليهم بوكيل} أي بحفيظ). [الدر المنثور: 6/ 168]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (108)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، قال: كان المسلمون يسبون أصنام الكفار فيسب الكفار الله عدوا بغير علم فأنزل الله عز و جل: {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله}). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 215]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولا تسبّوا الّذين يدعون من دون اللّه فيسبّوا اللّه عدوًا بغير علمٍ}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وللمؤمنين به: ولا تسبّوا الّذين يدعو المشركون من دون اللّه من الآلهة والأنداد، فيسبّ المشركون اللّه جهلاً منهم بربّهم واعتداءً بغير علمٍ.
- كما حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ولا تسبّوا الّذين يدعون من دون اللّه فيسبّوا اللّه عدوًا بغير علمٍ}، قال: قالوا: يا محمّد، لتنتهينّ عن سبّ آلهتنا أو لنهجونّ ربّك، فنهاهم اللّه أن يسبّوا أوثانهم فيسبّوا اللّه عدوًا بغير علمٍ.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ولا تسبّوا الّذين يدعون من دون اللّه فيسبّوا اللّه عدوًا بغير علمٍ}: كان المسلمون يسبّون أوثان الكفّار، فيردّون ذلك عليهم، فنهاهم اللّه أن يستسبّوا لربّهم، فإنّهم قومٌ جهلةٌ لا علم لهم باللّه.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ولا تسبّوا الّذين يدعون من دون اللّه فيسبّوا اللّه عدوًا بغير علمٍ}، قال: لمّا حضر أبا طالبٍ الموت قالت قريشٌ: انطلقوا بنا فلندخل على هذا الرّجل فلنأمره أن ينهى عنّا ابن أخيه، فإنّا نستحي أن نقتله بعد موته فتقول العرب: كان يمنعه، فلمّا مات قتلوه، فانطلق أبو سفيان، وأبو جهلٍ، والنّضر بن الحارث، وأميّة وأبيّ ابنا خلفٍ، وعقبة بن أبي معيطٍ، وعمرو بن العاص، والأسود بن البختريّ، وبعثوا رجلاً منهم يقال له: المطّلب، قالوا: استأذن على أبي طالبٍ، فأتى أبا طالبٍ فقال: هؤلاء مشيخة قومك، يريدون الدّخول عليك. فأذن لهم، فدخلوا عليه، فقالوا: يا أبا طالبٍ، أنت كبيرنا وسيّدنا، وإنّ محمّدًا قد آذانا وآذى آلهتنا، فنحبّ أن تدعوه فتنهاه عن ذكر آلهتنا، ولندعه وإلهه. فدعاه، فجاء النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال له أبو طالبٍ: هؤلاء قومك وبنو عمّك. قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ما تريدون؟ قالوا: نريد أن تدعنا وآلهتنا، وندعك وإلهك. قال له أبو طالبٍ: قد أنصفك قومك، فاقبل منهم، فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم:« أرأيتم إن أعطيتكم هذا، هل أنتم معطيّ كلمةً إن تكلّمتم بها ملكتم العرب، ودانت لكم بها العجم بالخراج؟» قال أبو جهلٍ: نعم وأبيك لنعطينّكها وعشر أمثالها، فما هي؟ قال: «قولوا: لا إله إلاّ اللّه، فأبوا واشمأزّوا». قال أبو طالبٍ: يا ابن أخي قل غيرها، فإنّ قومك قد فزعوا منها، قال: «يا عمّ، ما أنا بالّذي أقول غيرها حتّى يأتوا بالشّمس فيضعوها في يديّ، ولو أتوني بالشّمس فوضعوها في يديّ ما قلت غيرها، إرادة أن يؤيّسهم». فغضبوا وقالوا: لتكفّنّ عن شتمك آلهتنا، أو لنشتمنّك ولنشتمنّ من يأمرك، فذلك قوله: {فيسبّوا اللّه عدوًا بغير علمٍ}.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة قال: كان المسلمون يسبّون أصنام الكفّار، فيسبّ الكفّار اللّه عدوًا بغير علمٍ، فأنزل اللّه: {ولا تسبّوا الّذين يدعون من دون اللّه فيسبّوا اللّه عدوًا بغير علمٍ}.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {فيسبّوا اللّه عدوًا بغير علمٍ} قال: إذا سببت إلهه سبّ إلهك، فلا تسبّوا آلهتهم.
وأجمعت الحجّة من قرّاء الأمصار على قراءة ذلك: {فيسبّوا اللّه عدوًا بغير علمٍ}، بفتح العين وتسكين الدّال وتخفيف الواو من قوله: {عدوًا}، على أنّه مصدرٌ من قول القائل: عدا فلانٌ على فلانٍ: إذا ظلمه واعتدى عليه، يعدو عدوًا وعدوانًا، والاعتداء: إنّما هو افتعالٌ من ذلك.
روي عن الحسن البصريّ أنّه كان يقرأ ذلك: (عدوًّا) مشدّدة الواو.
- حدّثني بذلك، أحمد بن يوسف قال: حدّثنا القاسم بن سلاّمٍ، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن هارون، عن عثمان بن سعدٍ: (فيسبّوا اللّه عدوًّا) مضمومة العين مثقّلةٌ.
وقد ذكر عن بعض البصريّين أنّه قرأ ذلك: (فيسبّوا اللّه عدوًّا) يوجّه تأويله إلى أنّهم جماعةٌ، كما قال جلّ ثناؤه: {فإنّهم عدوٌّ لي إلاّ ربّ العالمين}، وكما قال: {لا تتّخذوا عدوّي وعدوّكم أولياء}، ويجعل نصب (العدوّ) حينئذٍ على الحال من ذكر المشركين في قوله: {فيسبّوا}.
فيكون تأويل الكلام: ولا تسبّوا أيّها المؤمنون الّذين يدعو المشركون من دون اللّه، فيسبّ المشركون اللّه أعداء اللّه بغير علمٍ. وإذا كان التّأويل هكذا كان العدوّ من صفة المشركين ونعتهم، كأنّه قيل: فيسبّ المشركون أعداء اللّه بغير علمٍ، ولكنّ العدوّ لمّا خرج مخرج النّكرة وهو نعتٌ للمعرفة نصب على الحال.
والصّواب من القراءة عندي في ذلك قراءة من قرأ بفتح العين وتخفيف الواو لإجماع الحجّة من القرّاء على قراءة ذلك كذلك، وغير جائزٍ خلافها فيما جاءت مجمعةً عليه). [جامع البيان: 9/ 480-483]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {كذلك زيّنّا لكلّ أمّةٍ عملهم ثمّ إلى ربّهم مرجعهم فينبّئهم بما كانوا يعملون}.
يقول تعالى ذكره: كما زيّنّا لهؤلاء العادلين بربّهم الأوثان والأصنام عبادة الأوثان وطاعة الشّيطان بخذلاننا إيّاهم عن طاعة الرّحمن، كذلك زيّنّا لكلّ جماعةٍ اجتمعت على عملٍ من الأعمال من طاعة اللّه ومعصيته عملهم الّذي هم عليه مجتمعون، ثمّ مرجعهم بعد ذلك ومصيرهم إلى ربّهم، فينبّئهم بما كانوا يعملون، يقول: فيوقفهم ويخبرهم بأعمالهم الّتي كانوا يعملون بها في الدّنيا، ثمّ يجازيهم بها إن كان خيرًا فخيرٌ، وإن كان شرًّا فشرٌّ، أو يعفو بفضله ما لم يكن شركًا أو كفرًا). [جامع البيان: 9/ 483-484]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({ولا تسبّوا الّذين يدعون من دون اللّه فيسبّوا اللّه عدوًا بغير علمٍ كذلك زيّنّا لكلّ أمّةٍ عملهم ثمّ إلى ربّهم مرجعهم فينبّئهم بما كانوا يعملون (108)}
قوله: {ولا تسبّوا الّذين يدعون من دون اللّه}
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ: قوله:
{ولا تسبّوا الّذين يدعون من دون اللّه فيسبّوا اللّه عدوًا بغير علمٍ}، قالوا: يا محمّد، لتنتهينّ عن سبّك آلهتنا أو لنهجونّ ربّك. فنهاهم اللّه أن يسبّوا أوثانهم فيسبّوا اللّه عدوًا بغير علمٍ.
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع ثنا عبد الرّزّاق ثنا معمرٌ عن قتادة قال: كان المسلمون يسبّون أصنام الكفّار، فيسبّ الكفّار اللّه عدوًا بغير علمٍ فأنزل اللّه عزّ وجلّ: ولا تسبّوا الّذين يدعون من دون اللّه.
قوله تعالى: {فيسبّوا اللّه عدوًا}
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ فيما كتب إليّ ثنا أحمد بن مفضّلٍ ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ: قوله:
{ولا تسبّوا الّذين يدعون من دون اللّه فيسبّوا اللّه عدوا بغير علمٍ}، قال: لمّا حضر أبا طالبٍ الموت قالت قريشٌ: انطلقوا فلندخل على هذا الرّجل، فلنأمره أن ينهى عنّا ابن أخيه، فإنّا نستحي أن نقتله بعد موته فتقول العرب: كان يمنعه، فلمّا مات قتلوه. فانطلق أبو سفيان، وأبو جهلٍ، والنّضر بن الحارث، وأميّة وأبيٌّ ابنا خلفٍ، وعقبة بن أبي معيطٍ، وعمرو بن العاص والأسود ابن البختريّ، وبعثوا رجلا منهم يقال له المطّلب، قالوا: استأذن لنا على أبي طالبٍ، فأتى أبا طالبٍ فقال: هؤلاء مشيخة قومك يريدون الدّخول عليك. فأذن لهم عليه، فدخلوا، فقالوا: يا أبا طالبٍ، أنت كبيرنا وسيّدنا، وإنّ محمّدًا قد آذانا وآذى آلهتنا، فنحبّ أن تدعوه فتنهاه عن ذكر آلهتنا، ولندعه وإلهه. فدعاه، فجاء النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال له أبو طالبٍ: هؤلاء قومك وبنو عمّك. قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ماذا يريدون؟» قالوا: نريد أن تدعنا وآلهتنا، ولندعك وإلهك. قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «أرأيتم إن أعطيتكم هذا، هل أنتم معطيّ كلمةً إن تكلّمتم بها ملكتم العرب، وادنت لكم بها العجم وأدّت لكم الخراج؟» قال أبو جهلٍ: وأبيك لنعطينّكها وعشر أمثالها، فما هي؟ قال: «قولوا: لا إله إلا اللّه. فأبوا واشمأزّوا». قال أبو طالبٍ: قل غيرها فإنّ قومك قد فزعوا منها. قال: «يا عمّ، ما أنا بالّذي يقول غيرها حتّى يأتوا بالشّمس فيضعوها في يدي، ولو أتوني بالشّمس فوضعوها في يدي، ما قلت غيرها. إرادة أن يوئسهم»، فغضبوا وقالوا: لتكفّنّ عن شتم آلهتنا أو لنشتمنّك ونشتم من يأمرك، فذلك قوله: {فيسبّوا اللّه عدوًا بغير علمٍ}.
قوله تعالى: {بغير علمٍ}
- حدّثنا أبو زرعة ثنا صفوان بن صالحٍ ثنا الوليد ثنا سعيدٌ- هو ابن بشيرٍ- عن قتادة: قوله: {ولا تسبّوا الّذين يدعون من دون الله} قال: كان المسلمون يسبّون أوثان المشركين، فيردّون ذلك عليهم، فنهاهم اللّه أن يستسبّوا لربّهم قوما جهلة لا علم لهم بربهم.
قوله تعالى: {ثمّ إلى ربّهم مرجعهم}
- حدّثنا عصام بن روّادٍ ثنا آدم ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ عن الرّبيع عن أبي العالية: قوله: ثمّ إلى ربّهم مرجعهم، قال: يرجعون إليه بعد الحياة). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 1366-1368]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله ... } الآية، قال: قالوا: يا محمد لتنتهين عن سب أو شتم آلهتنا أو لنهجون ربك، فنهاهم الله أن يسبوا أوثانهم {فيسبوا الله عدوا بغير علم}.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال لما حضر أبا طالب الموت قالت قريش انطلقوا فلندخل على هذا الرجل فلنأمره أن ينهي عنا ابن أخيه فإنا نستحي أن نقتله بعد موته فتقول العرب: كان يمنعه، فلما مات قتلوه فانطلق أبو سفيان وأبو جهل والنضر بن الحارث وأمية وأبي ابنا خلف وعقبة بن أبي معيط وعمرو بن العاصي والأسود بن البختري وبعثوا رجلا منهم يقال له المطلب فقالوا: استأذن لنا على أبي طالب فأتى أبا طالب فقال: هؤلاء مشيخة قومك يريدون الدخول عليك فأذن لهم عليه فدخلوا فقالوا: يا أبا طالب أنت كبيرنا وسيدنا وأن محمدا قد آذانا وآذى آلهتنا فنحب أن تدعوه فتنهاه عن ذكر آلهتنا ولندعه وإلهه فدعا فجاء النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال له أبو طالب: هؤلاء قومك وبنو عمك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما يريدون» قالوا: نريد أن تدعنا وآلهتنا ولندعك وإلهك، قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «أرأيتم إن أعطيتكم هذا هل أنتم معطي كلمة إن تكلمتم بها ملكتم بها العرب ودانت لكم بها العجم الخراج» قال أبو جهل: وأبيك لنعطينكها وعشرة أمثالها فما هي قال: قولوا: «لا إله إلا الله فأبوا واشمأزوا»، قال أبو طالب: قل غيرها فإن قومك قد فزعوا منها، قال: «يا عم ما أنا بالذي أقول غيرها حتى يأتوا بالشمس فيضعوها في يدي ولو أتوني بالشمس فوضعوها في يدي ما قلت غيرها إرادة أن يؤيسهم» فغضبوا وقالوا: لتكفن عن شتم آلهتنا أو لنشتمك ونشتم من يأمرك فأنزل الله: {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم}.
- وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة قال: كان المسلمون يسبون أصنام الكفار فيسب الكفار الله فأنزل الله: {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله}.
- وأخرج أبو الشيخ عن زيد بن أسلم في قوله: {كذلك زينا لكل أمة عملهم} قال: زين الله لكل أمة عملهم الذي يعملون به حتى يموتوا عليه).[الدر المنثور: 6/ 168-170]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 24 ربيع الثاني 1434هـ/6-03-2013م, 10:41 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (104) وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (105) اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (106) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (107) وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (108)}


تفسير قوله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (104)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({قد جاءكم بصائر من ربّكم} واحدتها بصيرة، ومجازها: حجح بّينة واضحة ظاهرة). [مجاز القرآن: 1/ 203]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {قد جاءكم بصائر من ربّكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنا عليكم بحفيظ}
أي قد جاءكم القرآن الذي فيه البيان والبصائر.
{فمن أبصر فلنفسه} المعنى: فلنفسه نفع ذلك.
{ومن عمي فعليها} أي فعلى نفسه ضرر ذلك، لأن اللّه جل ثناؤه غني عن خلقه.
وقوله: {وما أنا عليكم بحفيظ} أي لست آخذكم بالإيمان أخذ الحفيظ والوكيل، وهذا قبل الأمر بالقتال، فلما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقتال صار حفيظا عليهم ومسيطرا على كل من تولّى). [معاني القرآن: 2/ 279]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه} المعنى فلنفسه نفع ذلك ومن عمي فعليها أي فعليها ضرر ذلك). [معاني القرآن: 2/ 467]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (105)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وَكَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ}
يقولون: تعلمت من يهود. وفى قراءة عبد اللّه وليقولوا درس يعنون محمدا صلى اللّه عليه وسلم. وهو كما تقول فى الكلام: قالوا لي: أساء ، وقالوا لي: أسأت. ومثله : {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سيغلبون وسَتُغْلَبُونَ}.
وقرأ بعضهم (دارست) يريد : جادلت اليهود وجادلوك. وكذلك قال ابن عباس. وقرأها مجاهد (دارَسْت) وفسّرها : قرأت على اليهود وقرءوا عليك.
وقد قرئت (دُرِسَتَ) أي قرئت وتليت.
وقرءوا (دَرُسَتْ) وقرءوا (دَرَسَتْ) يريد : تقادمت ، أي هذا الذي يتلوه علينا شىء قد تطاول ومرّ بنا). [معاني القرآن: 1/ 349]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (دارست): من المدارسة، و(درست) أي: امتحنت). [مجاز القرآن: 1/ 203]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وكذلك نصرّف الآيات وليقولوا درست ولنبيّنه لقومٍ يعلمون}
وقوله: {وليقولوا درست} أي: دارست أهل الكتاب {وكذلك نصرّف الآيات} يعني: هكذا. وقال بعضهم {دَرَسْتَ} وبها نقرأ لأنها أوفق للكتاب. وقال بعضهم (دَرَسَتْ)). [معاني القرآن: 1/ 247]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن {وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست}.
قتادة "درست" لم يسم فاعلاً.
ودرس الكتاب دروسًا، وطمس يطمس طموسًا.
ابن عباس رحمه الله {دارست} أي قارأت أهل الكتاب؛ وهي قراءة أبي عمرو.
قراءة أهل المدينة {درست}؛ أي فعلت؛ وهي قراءة عاصم.
ابن مسعود "وليقولوا درس" فهي مخالفة للكتاب). [معاني القرآن لقطرب: 523]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وليقولوا درست} أي قرأت الكتب.
و«دارست»: أي دارست أهل الكتاب. و«درست»: انمحت). [تفسير غريب القرآن: 157-158]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وكذلك نصرّف الآيات وليقولوا درست ولنبيّنه لقوم يعلمون}
أي ومثل ما بيّنّا نبيّن الآيات.
وموضع الكاف نصب. التي في أول كذلك.
المعن:ى ونصرف الآيات في مثل ما صرفناهما فيما تلي عليك.
وقوله: (وليقولوا درست) فيها خمسة أوجه:
- فالقراءة (درست) بفتح الدال وفتح التاء، ومعناه: وليقولوا قرأت كتب أهل الكتاب.
- وتقرأ أيضا (دارست) أي: ذاكرت أهل الكتاب.
- وقال بعضهم: (وليقولوا درست) أي هذه الأخبار التي تتلوها علينا قديمة قد درست، أي قد مضت وامّحت.
- وذكر الأخفش (درست) بضم الراء ومعناها (درست) إلا أن (درست) بضم الراء أشد مبالغة، وحكى (درست) بكسر الراء أي قرئت.
وقوله: {ولنبيّنه لقوم يعلمون}
* إن قال قائل: إنما صرفت الآيات ليقولوا درست؟
فالجواب في هذا أن: السبب الذي أدّاهم إلى أن يقولوا (درست) هو تلاوة الآيات.
وهذه اللام يسميها أهل اللغة لام الصيرورة، وهذا كقوله تعالى: {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوّا وحزنا} فهم لم يلتقطوه يطلبون بأخذه أن يعاديهم ولكن كانت عاقبة أمره أن صار لهم عدوا وحزنا.
وكما تقول: كتب فلان هذا الكتاب لحتفه، فهو لم يقصد بالكتاب أن يهلك نفسه، ولكن العاقبة كانت الهلاك). [معاني القرآن: 2/ 279-280]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست} هذه قراءة أهل المدينة وأهل الكوفة وابن الزبير، ومعناها: تلوت.

- وقرأت وقرأ علي بن أبي طالب (دارست) وهو الصحيح من قراءة ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة وأبي عمرو وأهل مكة. قال ابن عباس: معنى (دارست): تاليت. قال سعيد بن جبير: أي دارست أهل الكتاب.
وقرأ قتادة(درست) أي قرئت. وقرأ الحسن (درست) أي امحت وقدمت.
وروى سفيان بن عيينة عن عمرو بن عبيد عن الحسن أنه قرأ (دارست)، وكان أبو حاتم يذهب إلى أن هذه القراءة لا تجوز، قال: لأن الآيات لا تدارس.
وقال غيره: القراءة بهذا تجوز وليس المعنى على ما ذهب إليه أبو حاتم ولكن معناه دارست أمتك أي دارستك أمتك فإن كان لم يتقدم لها ذكر فإنه يكون مثل قوله تعالى: {حتى توارت بالحجاب} وحكى الأخفش وليقولوا درست وهو بمعنى درست إلا أنه أبلغ وحكى أبو العباس أنه يقرأ وليقولوا درست بإسكان اللام على الأمر وفيه معنى التهديد أي فليقولوا ما شاءوا فإن الحق بين كما قال جل وعز: {فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا} فأما من كسر اللام فإنها عنده لام كي قال أبو أسحاق وأهل اللغة يسمونها لام الصيرورة أي صار إلى هذا كما قال جل وعز: {ربنا ليضلوا عن سبيلك} وكما تقول كتب فلان هذا الكتاب لحتفه أي فصار أمره إلى ذلك وهذه القراءات كلها يرجع اشتقاقها إلى شيء واحد إلى التليين والتذليل ودرست قرأت وذللت ودرست الدار ذلت وأمحقت ودرس الحنطة أي داسها). [معاني القرآن: 2/ 467-470]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): (و(درست) أي: قرأت أنت وحدك حتى حفظت). [ياقوتة الصراط: 223]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ} الكتب، ودارسته أهل الكتاب. ودرست: امحت). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 78]

تفسير قوله تعالى: {اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (106)}

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (107)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {ولو شاء اللّه ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل}
أي لو شاء اللّه لجعلهم مؤمنين، وقيل لو شاء اللّه لأنزل عليهم آية تضطرهم إلى الإيمان، وقال بعضهم (لو شاء اللّه ما أشركوا).
أي لو شاء لاستأصلهم فقطع سبب شركهم). [معاني القرآن: 2/ 280]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ولو شاء الله ما أشركوا} قيل معناه لو شاء الله لاستأصلهم والله أعلم بما أراد). [معاني القرآن: 2/ 470]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل} وهذا قبل أن يؤمر بالقتال). [معاني القرآن: 2/ 471]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (108)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({فيسبّوا الله عدواً بغير علمٍ} عدواً أي اعتداءً). [مجاز القرآن: 1/ 203]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({ولا تسبّوا الّذين يدعون من دون اللّه فيسبّوا اللّه عدواً بغير علمٍ كذلك زيّنّا لكلّ أمّةٍ عملهم ثمّ إلى ربّهم مّرجعهم فينبّئهم بما كانوا يعملون}
وقال: {فيسبّوا اللّه عدوّاً بغير علمٍ} ثقيلة مشددة و{عدواً} خفيفة، والأصل من "العدوان". وقال بعضهم {عدوّاً} بغير علم. أي: سبّوه في هذه الحال. ولكن "العدوّ" جماعة كما قال: {فإنّهم عدوٌّ لي} وكما قال: {لا تتّخذوا عدوّي وعدوّكم أولياء} ونقرأ {عدواً} لأنها أكثر في القراءة وأجود في المعنى لأنك تقول: عدواً علينا" مثل "ضربه ضرباً"). [معاني القرآن: 1/ 247]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (أبو عمرو والأعرج {فيسبوا الله عدوا} مخففة؛ مصدر عدوت عليه عدوا.
الحسن {عدوا} مصدر عدوت على الرجل، عدوا وعداء). [معاني القرآن لقطرب: 524]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({فيسبوا الله عدوا}: اعتداء). [غريب القرآن وتفسيره: 141]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولا تسبّوا الّذين يدعون من دون اللّه فيسبّوا اللّه عدوا بغير علم كذلك زيّنّا لكلّ أمّة عملهم ثمّ إلى ربّهم مرجعهم فينبّئهم بما كانوا يعملون}
نهوا في ذلك الوقت قبل القتال أن يلعنوا الأصنام التي يعبدها المشركون.
(فيسبّوا اللّه عدوا بغير علم) أي فيسبّوا اللّه ظلما، وقال بعضهم فيسبوا اللّه عدوّا.
وعدوّا ههنا في معنى جماعة، كأنه قيل: فيسبوا اللّه أعداء.
وعدوّا منصوب في هذا القول على الحال. وعدوا منصوب على المصدر على إرادة اللام، لأن المعنى فيعتدون عدوا، أي يظلمون ظلما.
ويكون بإرادة اللام [أي فيسبوا الله للظلم]، وفيها وجه آخر. فيسبواالله عدوا - بضم الدال - وهو في معنى عدوا ويقال في الظلم عدا فلان عدوا وعدوا، وعدوانا، وعداء. أي ظلما جاوز فيه القدرا.
وقوله تعالى عزّ وجلّ: {كذلك زيّنّا لكلّ أمّة عملهم} فيه غير قول: أنه بمنزلة {طبع اللّه على قلوبهم} فذلك تزيين أعمالهم.
قال اللّه عزّ وجلّ: {بل طبع الله عليها بكفرهم}.
وقال بعضهم: {زيّنّا لكلّ أمّة عملهم} أي زيّن لكل أمّة العمل الذي هو فرض عليهم. والقول الأول أجود. لأنة بمنزلة (طبع الله على قلوبهم). والدليل على ذلك، ونقض هذا قوله: (أفمن زيّن له سوء عمله فرآه حسنا فإنّ اللّه يضلّ من يشاء ويهدي من يشاء) ). [معاني القرآن: 2/ 280-281]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم} قال قتادة كان المسلمون يسبون الأصنام فيسب المشركون الله عدوا بغير علم وروي أن في قراءة أهل مكة عدوا بغير علم والقراءة حسنة ومعنى عدوا بمعنى أعداء كما قال تعالى: {إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا}
وتقرأ (عدوا) يقال إذا تجاوز في الظلم عدا يعدو عدوا وعدوا وعدوانا وعداء). [معاني القرآن: 2/ 471-472]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {كذلك زينا لكل أمة عملهم} قيل معناه مجازاة على كفرهم وقيل أعمالهم يعني الأعمال التي يجب أن يعملوا بها وهي الإيمان والطاعة والله أعلم بحقيقة ذلك). [معاني القرآن: 2/ 472]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({عَدْوًا}: اعتداء). [العمدة في غريب القرآن: 130]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 جمادى الأولى 1434هـ/12-03-2013م, 10:51 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (104) }


تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (105) }

قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ} دارست اليهود، ودرست في نفسك، ودرست: درسها الناس من قبلك. ودرست: تقادمت ومضت). [مجالس ثعلب: 117]

تفسير قوله تعالى: {اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (106)}

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (107)}


تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (108)}


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 03:37 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 03:37 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 03:37 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 03:37 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (104) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و «البصائر» جمع بصيرة وهي ما يتفق عن تحصيل العقل للأشياء المنظور فيها، بالاعتبار، فكأنه قال قد جاءكم في القرآن والآيات طرائق إبصار الحق والمعينة عليه، والبصيرة للقلب مستعارة من إبصار العين، والبصيرة أيضا هي المعتقد المحصل في قول الشاعر [الأسعر الجعفي]: [الكامل]
راحوا بصائرهم على أكتافهم ....... وبصيرتي يعدو بها عتد وأي
وقال بعض الناس في هذا البيت البصيرة طريقة الدم، والشاعر إنما يصف جماعة مشوا به في طلب دم ففتروا فجعلوا الأمر وراء ظهورهم، وقوله تعالى: فمن أبصر ومن عمي عبارة مستعارة فيمن اهتدى ومن ضل، وقوله وما أنا عليكم بحفيظٍ كان في أول الأمر وقبل ظهور الإسلام ثم بعد ذلك كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حفيظا على العالم آخذا لهم بالإسلام والسيف). [المحرر الوجيز: 3/ 434-435]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (105)}

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وكذلك نصرّف الآيات وليقولوا درست ... الآية}، الكاف في قوله وكذلك في موضع نصب ب نصرّف أي ومثل ما بينا البصائر وغير ذلك نصرف الآيات أي نرددها ونوضحها وقرأت طائفة «وليقولوا درست» بسكون اللام على جهة الأمر ويتضمن التوبيخ والوعيد. وقرأ الجمهور «وليقولوا» بكسر اللام على أنها لام كي وهي على هذا لام الصيرورة كقوله: {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوًّا وحزناً} [القصص: 8] إلى ذلك، وقرأ نافع وعاصم وحمزة والكسائي «درست» أي يا محمد درست في الكتب القديمة ما تجيبنا به، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو «دارست» أي أنت يا محمد دارست غيرك في هذه الأشياء أي قارأته وناظرته، وهذا إشارة منهم إلى سلمان وغيره من الأعاجم واليهود، وقرأ ابن عامر وجماعة من غير السبعة «درست» بإسناد الفعل إلى الآيات كأنهم أشاروا إلى أنها ترددت على أسماعهم حتى بليت في نفوسهم وامحت، قال أبو علي واللام في ليقولوا على هذه القراءة بمعنى لئلا يقولوا أي صرفت الآيات وأحكمت لئلا يقولوا هذه الأساطير قديمة قد بليت وتكررت على الأسماع، واللام على سائر القراءات لام الصيرورة، وقرأت فرقة «دارست» كأنهم أرادوا دراستك يا محمد أي الجماعة المشار إليها قبل من سلمان واليهود وغيرهم، وقرأت فرقة «درست» بضم الراء وكأنها في معنى درست أي بليت، وقرأ قتادة «درست» بضم الدال وكسر الراء وهي قراءة ابن عباس بخلاف عنه ورويت عن الحسن، قال أبو الفتح في «درست» ضمير الآيات، ويحتمل أن يراد عفيت وتنوسيت، وقرأ أبي بن كعب «درس» وهي في مصحف عبد الله، قال المهدوي وفي بعض مصاحف عبد الله أيضا «درس»، ورويت عن الحسن، وقرأت فرقة «درّس» بتشديد الراء على المبالغة في درس، وهذه الثلاثة الأخيرة مخالفة لخط المصحف، واللام في قوله وليقولوا وفي قوله ولنبيّنه متعلقان بفعل متأخر تقديره صرفناها، وقرأ أبي بن كعب وابن مسعود «ولتبينه» بالتاء على مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم، وقرأه فرقة «وليبينه» بياء أي الله تعالى، وذهب بعض الكوفيين إلى أن لا مضمرة بعد أن المقدرة في قوله: {وليقولوا فتقدير الكلام عندهم وأن لا يقولوا كما أضمروها في قوله يبيّن اللّه لكم أن تضلّوا} [النساء: 176].
قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه: وهذا قلق ولا يجيز البصريون إضمار لا في موضع من المواضع). [المحرر الوجيز: 3/ 435-436]

تفسير قوله تعالى: {اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (106)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {اتّبع ما أوحي إليك من ربّك لا إله إلاّ هو وأعرض عن المشركين (106) ولو شاء اللّه ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظاً وما أنت عليهم بوكيلٍ (107) ولا تسبّوا الّذين يدعون من دون اللّه فيسبّوا اللّه عدواً بغير علمٍ كذلك زيّنّا لكلّ أمّةٍ عملهم ثمّ إلى ربّهم مرجعهم فينبّئهم بما كانوا يعملون (108)}
هذان أمران للنبي صلى الله عليه وسلم مضمنهما الاقتصار على اتباع الوحي وموادعة الكفار. وذلك كان في أول الإسلام ثم نسخ الإعراض عنهم بالقتال والسوق إلى الدين طوعا أو كرها). [المحرر الوجيز: 3/ 436]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (107)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ولو شاء اللّه ما أشركوا}، في ظاهرها رد على المعتزلة القائلين إنه ليس عند الله لطف يؤمن به الكافر وإن الكافر والإنسان في الجملة يخلق أفعاله، وهي متضمنة أن إشراكهم وغيره وقف على مشيئة الله عز وجل، وقوله تعالى: {وما جعلناك عليهم حفيظاً}، كان في أول الإسلام، وكذلك: {وما أنت عليهم بوكيلٍ}). [المحرر الوجيز: 3/ 437]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (108) }

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ولا تسبّوا الّذين يدعون من دون اللّه ... الآية}، مخاطبة للمؤمنين والنبي عليه السلام، وقال ابن عباس وسببها أن كفار قريش قالوا لأبي طالب إما أن ينتهي محمد وأصحابه عن سب آلهتنا والغض منها وإما نسب إلهه ونهجوه فنزلت الآية، وحكمها على كل حال باق في الأمة، فمتى كان الكافر في منعة وخيف أن يسب الإسلام أو النبي صلى الله عليه وسلم والله عز وجل فلا يحل للمسلم أن يسب دينهم ولا صلبانهم ولا يتعرض ما يؤدي إلى ذلك أو نحوه، وعبر عن الأصنام وهي لا تعقل ب الّذين وذلك على معتقد الكفرة فيها، وفي هذه الآية ضرب من الموادعة.
وقرأ جمهور الناس «عدوا» بفتح العين وسكون الدال نصب على المصدر، وقرأ الحسن بن أبي الحسن وأبو رجاء وقتادة ويعقوب وسلام وعبد الله بن زيد «عدوّا» بضم العين والدال وتشديد الواو، وهذا أيضا نصب على المصدر وهو من الاعتداء، وقرأ بعض الكوفيين «عدوا» بفتح العين وضم الدال نصب على الحال أي في حال عداوة لله، وهو لفظ مفرد يدل على الجمع، وقوله بغير علمٍ بيان لمعنى الاعتداء المتقدم، وقوله تعالى: كذلك زيّنّا لكلّ أمّةٍ إشارة إلى ما زين الله لهؤلاء عبدة الأصنام من التمسك بأصنامهم والذنب عنها وتزيين الله عمل الأمم هو ما يخلقه ويخترعه في النفوس من المحبة للخير والشر والاتباع لطرقه، وتزيين الشيطان هو بما يقذفه في النفوس من الوسوسة وخطرات السوء، وقوله: {ثمّ إلى ربّهم مرجعهم فينبّئهم} يتضمن وعدا جميلا للمحسنين ووعيدا ثقيلا للمسيئين). [المحرر الوجيز: 3/ 437]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 03:37 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 03:37 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (104)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {قد جاءكم بصائر من ربّكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنا عليكم بحفيظٍ (104) وكذلك نصرّف الآيات وليقولوا درست ولنبيّنه لقومٍ يعلمون (105)}
البصائر: هي البيّنات والحجج الّتي اشتمل عليها القرآن، وما جاء به الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم {فمن أبصر فلنفسه} مثل قوله: {من اهتدى فإنّما يهتدي لنفسه ومن ضلّ فإنّما يضلّ عليها} [الإسراء: 15]؛ ولهذا قال: {ومن عمي فعليها} لمّا ذكر البصائر قال:
{ومن عمي فعليها} أي: فإنّما يعود وبال ذلك عليه، كقوله: {فإنّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب الّتي في الصّدور} [الحجّ: 46].
{وما أنا عليكم بحفيظٍ} أي: بحافظٍ ولا رقيبٍ، بل أنا مبلّغٌ واللّه يهدي من يشاء ويضلّ من يشاء). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 312]


تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (105) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وكذلك نصرّف الآيات} أي: وكما فصّلنا الآيات في هذه السّورة، من بيان التّوحيد وأنّه لا إله إلّا هو، هكذا نوضّح الآيات ونفسّرها ونبيّنها في كلّ موطنٍ لجهالة الجاهلين، وليقول المشركون والكافرون المكذّبون: دارست يا محمّد من قبلك من أهل الكتاب وقارأتهم وتعلّمت منهم.
هكذا قال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وسعيد بن جبير، والضّحّاك، وغيرهم.
وقد قال الطّبرانيّ: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد، حدّثنا أبي، حدّثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينارٍ، عن عمرو بن كيسان، سمعت ابن عبّاسٍ يقرأ: {دارست} تلوت، خاصمت، جادلت
وهذا كما قال تعالى إخبارًا عن كذبهم وعنادهم: {وقال الّذين كفروا إن هذا إلا إفكٌ افتراه وأعانه عليه قومٌ آخرون فقد جاءوا ظلمًا وزورًا. وقالوا أساطير الأوّلين اكتتبها [فهي تملى عليه بكرةً وأصيلا]} [الفرقان: 4، 5]، وقال تعالى إخبارًا عن زعيمهم وكاذبهم: {إنّه فكّر وقدّر. فقتل كيف قدّر. ثمّ قتل كيف قدّر. ثمّ نظر. ثمّ عبس وبسر. ثمّ أدبر واستكبر. فقال إن هذا إلا سحرٌ يؤثر. إن هذا إلا قول البشر} [المدّثّر: 18 -25].
وقوله: {ولنبيّنه لقومٍ يعلمون} أي: ولنوضّحه لقومٍ يعلمون الحقّ فيتّبعونه، والباطل فيجتنبونه. فللّه تعالى الحكمة البالغة في إضلال أولئك، وبيان الحقّ لهؤلاء. كما قال تعالى: {يضلّ به كثيرًا ويهدي به كثيرًا [وما يضلّ به إلا الفاسقين]} [البقرة: 26]، وقال تعالى: {ليجعل ما يلقي الشّيطان فتنةً للّذين في قلوبهم مرضٌ والقاسية قلوبهم وإنّ الظّالمين لفي شقاقٍ بعيدٍ}[الحجّ: 53]
وقال تعالى: {وما جعلنا أصحاب النّار إلا ملائكةً وما جعلنا عدّتهم إلا فتنةً للّذين كفروا ليستيقن الّذين أوتوا الكتاب ويزداد الّذين آمنوا إيمانًا ولا يرتاب الّذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الّذين في قلوبهم مرضٌ والكافرون ماذا أراد اللّه بهذا مثلا كذلك يضلّ اللّه من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربّك إلا هو} [المدّثّر: 31].
وقال [تعالى]: {وننزل من القرآن ما هو شفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين ولا يزيد الظّالمين إلا خسارًا} [الإسراء: 82] وقال تعالى: {قل هو للّذين آمنوا هدًى وشفاءٌ والّذين لا يؤمنون في آذانهم وقرٌ وهو عليهم عمًى أولئك ينادون من مكانٍ بعيدٍ} [فصّلت: 44]، إلى غير ذلك من الآيات الدّالّة على أنّه تعالى أنزل القرآن هدًى للمتّقين، وأنّه يضلّ به من يشاء ويهدي به من يشاء: ولهذا قال هاهنا: {وكذلك نصرّف الآيات وليقولوا درست ولنبيّنه لقومٍ يعلمون}، وقرأ بعضهم: {وليقولوا درست}
قال التّميميّ، عن ابن عبّاسٍ: "درست" أي: قرأت وتعلّمت. وكذا قال مجاهدٌ، والسّدّي والضّحّاك، وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم.
وقال عبد الرّزّاق، عن معمر، قال الحسن: "وليقولوا درست"، يقول: تقادمت وانمحت. وقال عبد الرّزّاق أيضًا: أنبأنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينارٍ، سمعت ابن الزبير يقول: إن صبيانا يقرؤون هاهنا: "درست"، وإنّما هي: "درست".
وقال شعبة: حدّثنا أبو إسحاق الهمدانيّ قال في قراءة ابن مسعودٍ: "درست" بغير ألفٍ، بنصب السّين ووقفٍ على التّاء.
وقال ابن جريرٍ: ومعناه انمحت وتقادمت، أي: إنّ هذا الّذي تتلوه علينا قد مرّ بنا قديمًا، وتطاولت مدّته.
وقال سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة أنّه قرأها: "درست" أي: قرئت وتعلّمت.
وقال معمرٌ، عن قتادة: "درست": قرئت. وفي حرف ابن مسعودٍ "درس".
وقال أبو عبيدٍ القاسم بن سلّامٍ: حدّثنا حجّاجٌ، عن هارون قال: هي في حرف أبيّ بن كعبٍ وابن مسعودٍ: "وليقولوا درس". قال: يعنون النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قرأ وهذا غريبٌ، فقد روي عن أبيّ بن كعبٍ خلاف هذا، قال أبو بكر بن مردويه: حدّثنا محمّد بن أحمد بن إبراهيم، حدّثنا الحسن بن اللّيث، حدّثنا أبو سلمة، حدّثنا أحمد بن أبي بزّة المكّيّ، حدّثنا وهب بن زمعة، عن أبيه، عن حميدٍ الأعرج، عن مجاهدٍ، عن ابن عباسٍ، عن أبيّ بن كعبٍ قال: أقرأني رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {وليقولوا درست}.
ورواه الحاكم في مستدركه، من حديث وهب بن زمعة، وقال: يعني بجزم السّين، ونصب التّاء، ثمّ قال: صحيح الإسناد ولم يخرّجاه). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 312-314]

تفسير قوله تعالى: {اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (106)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {اتّبع ما أوحي إليك من ربّك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين (106) ولو شاء اللّه ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظًا وما أنت عليهم بوكيلٍ (107)}
يقول تعالى آمرًا لرسوله صلّى اللّه عليه وسلّم ولمن اتّبع طريقته: {اتّبع ما أوحي إليك من ربّك} أي: اقتد به، واقتف أثره، واعمل به؛ فإنّ ما أوحي إليك من ربّك هو الحقّ الّذي لا مرية فيه؛ لأنّه لا إله إلّا هو.
{وأعرض عن المشركين} أي: اعف عنهم واصفح، واحتمل أذاهم، حتّى يفتح اللّه لك وينصرك ويظفرك عليهم.
واعلم أنّ للّه حكمةً في إضلالهم، فإنّه لو شاء لهدى النّاس كلّهم جميعًا [ولو شاء اللّه لجمعهم على الهدى] ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 314]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (107)}

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {ولو شاء اللّه ما أشركوا} أي: بل له المشيئة والحكمة فيما يشاؤه ويختاره، لا يسأل عمّا يفعل وهم يسألون.
وقوله: {وما جعلناك عليهم حفيظًا} أي: حافظًا تحفظ أعمالهم وأقوالهم {وما أنت عليهم بوكيلٍ} أي: موكّلٍ على أرزاقهم وأمورهم {إن عليك إلا البلاغ} كما قال تعالى: {فذكّر إنّما أنت مذكّرٌ * لست عليهم بمسيطرٍ} [الغاشية: 21، 22]، وقال: {فإنّما عليك البلاغ وعلينا الحساب} [الرّعد:40] ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 314]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (108) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {ولا تسبّوا الّذين يدعون من دون اللّه فيسبّوا اللّه عدوًا بغير علمٍ كذلك زيّنّا لكلّ أمّةٍ عملهم ثمّ إلى ربّهم مرجعهم فينبّئهم بما كانوا يعملون (108)}
يقول تعالى ناهيًا لرسوله صلّى اللّه عليه وسلّم والمؤمنين عن سبّ آلهة المشركين، وإن كان فيه مصلحةٌ، إلّا أنّه يترتّب عليه مفسدةٌ أعظم منها، وهي مقابلة المشركين بسبّ إله المؤمنين، وهو اللّه لا إله إلّا هو.
كما قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ في هذه الآية: قالوا: يا محمّد، لتنتهينّ عن سبّك آلهتنا، أو لنهجونّ ربّك، فنهاهم اللّه أن يسبّوا أوثانهم، {فيسبّوا اللّه عدوًا بغير علمٍ}
وقال عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن قتادة: كان المسلمون يسبّون أصنام الكفّار، فيسبّ الكفّار اللّه عدوًا بغير علمٍ، فأنزل اللّه: {ولا تسبّوا الّذين يدعون من دون اللّه}
وروى ابن جريرٍ وابن أبي حاتمٍ، عن السّدّي أنّه قال في تفسير هذه الآية: لمّا حضر أبا طالبٍ الموت قالت قريشٌ: انطلقوا فلندخل على هذا الرّجل، فلنأمره أن ينهى عنّا ابن أخيه، فإنّا نستحيي أن نقتله بعد موته، فتقول العرب: كان يمنعهم فلمّا مات قتلوه. فانطلق أبو سفيان، وأبو جهلٍ، والنّضر بن الحارث، وأميّة، وأبيٌّ ابنا خلفٍ، وعقبة بن أبي معيط، وعمرو بن العاص، والأسود بن البختري وبعثوا رجلًا منهم يقال له: "المطّلب"، قالوا: استأذن لنا على أبي طالبٍ، فأتى أبا طالبٍ فقال: هؤلاء مشيخة قومك يريدون الدّخول عليك، فأذن لهم عليه، فدخلوا عليه فقالوا: يا أبا طالبٍ، أنت كبيرنا وسيّدنا، وإنّ محمّدًا قد آذانا وآذى آلهتنا، فنحبّ أن تدعوه فتنهاه عن ذكر آلهتنا، ولندعه وإلهه. فدعاه، فجاء النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال له أبو طالبٍ: هؤلاء قومك وبنو عمّك. قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ما تريدون؟ ». قالوا: نريد أن تدعنا وآلهتنا، ولندعك وإلهك. قال له أبو طالبٍ: قد أنصفك قومك، فاقبل منهم، فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «أرأيتم إن أعطيتكم هذا، هل أنتم معطيّ كلمةً إن تكلّمتم بها ملكتم بها العرب، ودانت لكم بها العجم، وأدّت لكم الخراج؟» قال أبو جهل: وأبيك لأعطينكها وعشرة أمثالها [قال] فما هي؟ قال: «قولوا لا إله إلّا اللّه». فأبوا واشمأزّوا. قال أبو طالبٍ: يا ابن أخي، قل غيرها، فإنّ قومك قد فزعوا منها. قال: «يا عمّ، ما أنا بالّذي أقول غيرها، حتّى يأتوا بالشّمس فيضعوها في يدي، ولو أتوا بالشّمس فوضعوها في يدي ما قلت غيرها». إرادة أن يؤيسهم، فغضبوا وقالوا: لتكفّنّ عن شتم آلهتنا، أو لنشتمنّك ونشتم من يأمرك فذلك قوله: {فيسبّوا اللّه عدوًا بغير علمٍ}
ومن هذا القبيل -وهو ترك المصلحة لمفسدةٍ أرجح منها -ما جاء في الصّحيح أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال: «ملعونٌ من سبّ والديه». قالوا يا رسول اللّه، وكيف يسبّ الرّجل والديه؟ قال: «يسبّ أبا الرّجل فيسبّ أباه، ويسبّ أمّه فيسبّ أمّه». أو كما قال، عليه السّلام
وقوله تعالى: {كذلك زيّنّا لكلّ أمّةٍ عملهم} أي: وكما زيّنا لهؤلاء القوم حبّ أصنامهم والمحاماة لها والانتصار، كذلك زيّنّا لكلّ أمّةٍ من الأمم الخالية على الضّلال عملهم الّذي كانوا فيه، وللّه الحجّة البالغة، والحكمة التّامّة فيما يشاؤه ويختاره. {ثمّ إلى ربّهم مرجعهم} أي: معادهم ومصيرهم، {فينبّئهم بما كانوا يعملون} أي: يجازيهم بأعمالهم، إن خيرًا فخيرٌ، وإنّ شرًّا فشرٌّ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 314-315]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:25 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة