تفسير قوله تعالى: (وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الكلبي في قوله تعالى واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف قال الأحقاف الرمال). [تفسير عبد الرزاق: 2/217]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال قتادة بلغني أنه كان بأرض يقال لها الشحر مشرفين على البحر وكانوا أهل رمل). [تفسير عبد الرزاق: 2/217]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن منصورٍ عن مجاهدٍ {واذكر أخا عادٍ إذ أنذر قومه بالأحقاف} قال: الأحقاف: أرض [الآية: 21]). [تفسير الثوري: 277]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واذكر أخا عادٍ إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النّذر من بين يديه ومن خلفه ألاّ تعبدوا إلاّ اللّه إنّي أخاف عليكم عذاب يومٍ عظيمٍ}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: واذكر يا محمّد لقومك الرّادّين عليك ما جئتهم به من الحقّ هودًا أخا عادٍ، فإنّ اللّه بعثك إليهم كالّذي بعثه إلى عادٍ، فخوّفهم أن يحلّ بهم من نقمة اللّه على كفرهم ما حلّ بهم إذ كذّبوا رسولنا هودًا إليهم، إذ أنذر قومه عادًا بالأحقاف والأحقاف: جمع حقفٍ وهو من الرّمل ما استطال، ولم يبلغ أن يكون جبلاً، وإيّاه عنى الأعشى:
فبات إلى أرطاة حقفٍ تلفّه خريق شمالٍ يترك الوجه أقتما.
واختلف أهل التّأويل في الموضع الّذي به هذه الأحقاف، فقال بعضهم: هي جبلٌ بالشّام.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمّي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {واذكر أخا عادٍ إذ أنذر قومه بالأحقاف} قال: الأحقاف: جبلٌ بالشّام.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله {إذ أنذر قومه بالأحقاف} جبلٌ يسمّى الأحقاف.
وقال آخرون: بل هي وادٍ بين عمان ومهرة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمّي، قال: ثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، {واذكر أخا عادٍ إذ أنذر قومه بالأحقاف} قال: فقال: الأحقاف الّذي أنذر هودٌ قومه وادٍ بين عمان ومهرة.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: كانت منازل عادٍ وجماعتهم حيث بعث اللّه إليهم هودًا الأحقاف: الرّمل فيما بين عمان إلى حضرموت، فاليمن كلّه، وكانوا مع ذلك قد فشوا في الأرض كلّها، قهروا أهلها بفضل قوّتهم الّتي آتاهم اللّه.
وقال آخرون: هي أرضٌ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، قال: الأحقاف: الأرض.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {إذ أنذر قومه بالأحقاف} قال: حشافٌ أو كلمةٌ تشبهها، قال أبو موسى: يقولون مستحشفٌ.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {إذ أنذر قومه بالأحقاف} حشاف من حسمى.
وقال آخرون: هي رمالٌ مشرفةٌ على البحر بالشّحر
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {واذكر أخا عادٍ إذ أنذر قومه بالأحقاف} ذكر لنا أنّ عادًا كانوا حيًّا باليمن أهل رملٍ مشرفين على البحر بأرضٍ يقال لها الشّحر.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله {واذكر أخا عادٍ إذ أنذر قومه بالأحقاف} قال: بلغنا أنّهم كانوا على أرضٍ يقال لها الشّحر، مشرفين على البحر، وكانوا أهل رملٍ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرنا عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلالٍ، عن عمرو بن عبد اللّه، عن قتادة، أنّه قال: كان مساكن عادٍ بالشّحر.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب أن يقال: إنّ اللّه تبارك وتعالى أخبر أنّ عادًا أنذرهم أخوهم هودٌ بالأحقاف، والأحقاف ما وصفت من الرّمال المستطيلة المشرفة، كما قال العجّاج:
بات إلى أرطاة حقفٍ أحقفا
- وكما: حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {واذكر أخا عادٍ إذ أنذر قومه بالأحقاف} قال: الأحقاف: الرّمل الّذي يكون كهيئة الجبل تدعوه العرب الحقف، ولا يكون أحقافًا إلاّ من الرّمل، قال: وأخو عادٍ هودٌ.
وجائزٌ أن يكون ذلك جبلاً بالشّأم وجائزٌ أن يكون واديًا بين عمان وحضرموت وجائزٌ أن يكون الشّحر وليس في العلم به أداء فرضٍ، ولا في الجهل به تضييع واجبٍ، وأين كان فصفته ما وصفنا من أنّهم كانوا قومًا منازلهم الرّمال المستعلية المستطيلة.
وقوله: {وقد خلت النّذر من بين يديه ومن خلفه ألاّ تعبدوا إلاّ الله} يقول تعالى ذكره: وقد مضت الرّسل بإنذار أممها {من بين يديه} يعني: من قبل هودٍ ومن خلفه، يعني: ومن بعد هودٍ.
وقد ذكر أنّ ذلك في قراءة عبد اللّه وقد خلت النّذر من بين يديه ومن بعده.
{ألاّ تعبدوا إلاّ اللّه} يقول: لا تشركوا مع اللّه شيئًا في عبادتكم إيّاه، ولكن أخلصوا له العبادة، وأفردوا له الألوهة، إنّه لا إله غيره، وكانوا فيما ذكر أهل أوثانٍ يعبدونها من دون اللّه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثتٌ عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {وقد خلت النّذر من بين يديه ومن خلفه ألاّ تعبدوا إلاّ اللّه} قال: لن يبعث اللّه رسولاً إلاّ بأن يعبد اللّه.
وقوله: {إنّي أخاف عليكم عذاب يوم عظيمٍ} يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل هودٍ لقومه: إنّي أخاف عليكم أيّها القوم بعبادتكم غير اللّه عذاب اللّه في يومٍ عظيمٍ وذلك يومٌ يعظم هوله، وهو يوم القيامة). [جامع البيان: 21/150-154]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال الأحقاف خساف من حسمي). [تفسير مجاهد: 2/594]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (والأحقاف قال الكسائي: هي ما استدار من الرمل، واحدها حقف، وحقاف، مثل: دبغ ودباغ، ولبس ولباس، وقيل: الحقاف جمع الحقف، والأحقاف جمع الجمع، وقال ابن عبّاس: الأحقاف واديين عمان ومهرة، وعن مقاتل: كانت منازل عاد باليمن في حضرموت في موضع يقال له: مهرة تنسب إليها الجمال المهرية، وكانوا أهل عمد سيارة في الرّبيع، فإذا أهاج العود رجعوا إلى منازلهم وكانوا من قبيلة أرم، وعن الضّحّاك الأحقاف جبل بالشّام، وعن مجاهد هي أرص حسمى وعن الخليل: هي الرمال العظام). [عمدة القاري: 19/167-168]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 21 - 23.
أخرج ابن ماجة، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يرحمنا الله وأخا عاد). [الدر المنثور: 13/334]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن علي رضي الله عنه قال: خير واديين في الناس وادي مكة ووادي أرم بأرض الهند وشر واديين في الناس وادي الأحقاف وواد بحضرموت يدعى برهوت يلقى فيه أرواح الكفار وخير بئر في الناس زمزم وشر بئر في الناس برهوت وهي في ذاك الوادي الذي بحضرموت). [الدر المنثور: 13/334]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الأحقاف جبل بالشام). [الدر المنثور: 13/334]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال: الأحقاف جبل بالشام يسمى الأحقاف). [الدر المنثور: 13/334-335]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه قال: الأحقاف الأرض). [الدر المنثور: 13/335]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه قال: الأحقاف جساق من جسمي). [الدر المنثور: 13/335]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال: ذكر لنا أن عادا كانوا أحياء باليمن أهل رمل مشرفين على البحر بأرض يقال لها الشحر). [الدر المنثور: 13/335]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله بالأحقاف قال: تلال من أرض اليمن). [الدر المنثور: 13/335]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه ألا تعبدوا إلا الله} قال: لم يبعث الله رسولا إلا بأن يعبد الله). [الدر المنثور: 13/335]
تفسير قوله تعالى: (قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (22) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصّادقين}.
يقول تعالى ذكره: قالت عادٌ لهودٍ، إذ قال لهم لا تعبدوا إلاّ اللّه إنّي أخاف عليكم عذاب يومٍ عظيمٍ: أجئتنا يا هود لتصرفنا عن عبادة آلهتنا إلى عبادة ما تدعونا إليه، وإلى اتّباعك على قولك.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا،} قال: لتزيلنا، وقرأ {إن كاد ليضلّنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها} قال: تضلّنا وتزيلنا وتأفكنا.
{فأتنا بما تعدنا} من العذاب على عبادتنا ما نعبد من الآلهة {إن كنت} من أهل الصّدق في قوله وعداته). [جامع البيان: 21/154-155]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {لتأفكنا} قال لتزيلنا وقرأ إن كاد ليضلنا عن آلهتنا قال: يضلنا ويزيلنا ويأفكنا واحد). [الدر المنثور: 13/335-336]
تفسير قوله تعالى: (قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (23) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال إنّما العلم عند اللّه وأبلّغكم ما أرسلت به ولكنّي أراكم قومًا تجهلون}
يقول تعالى ذكره: قال هودٌ لقومه عادٍ: {إنّما العلم} بوقت مجيء ما أعدكم به من عذاب اللّه على كفركم به عند اللّه، لا أعلم من ذلك إلاّ ما علّمني {وأبلّغكم ما أرسلت به} يقول: وإنّما أنا رسولٌ إليكم من اللّه، مبلّغٌ أبلّغكم عنه ما أرسلني به من الرّسالة {ولكنّي أراكم قومًا تجهلون} مواضع حظوظ أنفسكم، فلا تعرفون ما عليها من المضرّة بعبادتكم غير اللّه، وفي استعجال عذابه). [جامع البيان: 21/155]
تفسير قوله تعالى: (فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني شبيب بن سعيدٍ، عن أبان بن أبي عياش، عن طاؤوس، عن ابن عبّاسٍ قال: كان وادٍ لقوم عادٍ كان إذا أمطروا من نحو ذلك الوادي وأتاهم الغيم من قبله كان ذلك العام خصب متعالم فيهم، فبعث اللّه عليهم العذاب من قبل ذلك الوادي، فجعل هود يدعوهم ويقول: إنّ العذاب قد أظلّكم، فيقولون: كذبت، هذا عارضٌ ممطرنا؛ فنزلت الرّيح فنسفت الرّعاة فجعلت تمرّ على الرّجل بغنمه ورعاته حتّى يعرفها، ثمّ يحلّق بهم في السّماء حتّى تقذفهم في البحر، ثمّ نسفت البيوت حتّى جعلتهم {كالرّميم}). [الجامع في علوم القرآن: 1/39-40] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن ابن طاوس عن عائشة قالت كان النبي إذا رأى مخيلة تغير وجهه ودخل وأقبل وأدبر فإذا أمطرت سري عنه فذكرت ذلك له فقال ما أمنت أن تكون كما قال الله فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم إلى قوله ريح فيها عذاب أليم). [تفسير عبد الرزاق: 1/347]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى ريح فيها عذاب أليم قال ذكروا أن النبي قال نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور). [تفسير عبد الرزاق: 2/217]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمونٍ قال: لمّا رأى قوم عادٍ العارض قالوا: {هذا عارض ممطرنا} قال اللّه {بل هو ما استعجلتم به ريحٌ فيها عذابٌ أليم (24) تدمر كل شيء بأمر ربها} فإن كانت الرّيح لتدفع الرّاعي وغنمه بين السّماء والأرض ثمّ تقلبها عليهم [الآية: 24 و 25]). [تفسير الثوري: 277]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب قوله: {فلمّا رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم قالوا: هذا عارضٌ ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريحٌ فيها عذابٌ أليمٌ} [الأحقاف: 24]
قال ابن عبّاسٍ: {عارضٌ} [الأحقاف: 24] : «السّحاب»
- حدّثنا أحمد بن عيسى، حدّثنا ابن وهبٍ، أخبرنا عمرٌو، أنّ أبا النّضر، حدّثه عن سليمان بن يسارٍ، عن عائشة رضي اللّه عنها، زوج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قالت: ما رأيت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم ضاحكًا حتّى أرى منه لهواته، إنّما كان يتبسّم،
- قالت: وكان إذا رأى غيمًا أو ريحًا عرف في وجهه، قالت: يا رسول اللّه إنّ النّاس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيته عرف في وجهك الكراهية، فقال: " يا عائشة ما يؤمنّي أن يكون فيه عذابٌ؟ عذّب قومٌ بالرّيح، وقد رأى قومٌ العذاب، فقالوا: هذا عارضٌ ممطرنا "). [صحيح البخاري: 6/133-134]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب فلمّا رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم الآية)
ساقها غير أبي ذرٍّ قوله قال بن عبّاس عارض السّحاب وصله بن أبي حاتمٍ من طريق عليّ بن أبي طلحة عنه وأخرج الطّبريّ من طريق العوفيّ عن بن عبّاسٍ قال الرّيح إذا أثارت سحابًا قالوا هذا عارضٌ
- قوله حدّثنا أحمد كذا لهم وفي رواية أبي ذرٍّ حدّثنا أحمد بن عيسى قوله أخبرنا عمرو هو بن الحارث وأبو النّضر هو سالمٌ المدنيّ ونصف هذا الإسناد الأعلى مدنيّون والأدنى مصريّون قوله حتّى أرى منه لهواته بالتّحريك جمع لهاةٍ وهي اللّحمة المتعلّقة في أعلى الحنك ويجمع أيضًا على لهًى بفتح اللّام مقصورٌ قوله إنّما كان يتبسّم لا ينافي هذا ما جاء في الحديث الآخر أنّه ضحك حتّى بدت نواجذه لأنّ ظهور النّواجذ وهي الأسنان الّتي في مقدم الفم أو الأنياب لا يستلزم ظهور اللّهاة قوله عرفت الكراهية في وجهه عبّرت عن الشّيء الظّاهر في الوجه بالكراهة لأنّه ثمرتها ووقع في رواية عطاءٍ عن عائشة في أوّل هذا الحديث كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا عصفت الرّيح قال اللّهمّ إنّي أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به وأعوذ بك من شرّها وشرّ ما فيها وشرّ ما أرسلت به وإذا تخيّلت السّماء تغيّر لونه وخرج ودخل وأقبل وأدبر فإذا أمطرت سرّي عنه الحديث أخرجه مسلمٌ بطوله وتقدّم في بدء الخلق من قوله كان إذا رأى مخيلةً أقبل وأدبر وقد تقدّم لهذا الدّعاء شواهد من حديث أنسٍ وغيره في أواخر الاستسقاء قوله عذّب قومٌ بالرّيح وقد رأى قومٌ العذاب فقالوا هذا عارضٌ ظاهر هذا أنّ الّذين عذّبوا بالرّيح غير الّذين قالوا ذلك لما تقرّر أنّ النّكرة إذا أعيدت نكرةً كانت غير الأوّل لكنّ ظاهر آية الباب على أنّ الّذين عذّبوا بالرّيح هم الّذين قالوا هذا عارضٌ ففي هذه السّورة واذكر أخا عادٍ إذ أنذر قومه بالأحقاف الآيات وفيها فلمّا رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارضٌ ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم وقد أجاب الكرمانيّ عن الإشكال بأنّ هذه القاعدة المذكورة إنّما تطّرد إذا لم يكن في السّياق قرينةٌ تدلّ على أنّها عين الأوّل فإن كان هناك قرينةٌ كما في قوله تعالى وهو الّذي في السّماء إلهٌ وفي الأرض إله فلا ثمّ قال ويحتمل أنّ عادًا قومان قومٌ بالأحقاف وهم أصحاب العارض وقومٌ غيرهم قلت ولا يخفى بعده لكنّه محتملٌ فقد قال تعالى في سورة النّجم وأنّه أهلك عادا الأولى فإنّه يشعر بأنّ ثمّ عادًا أخرى وقد أخرج قصّة عادٍ الثّانية أحمد بإسنادٍ حسنٍ عن الحارث بن حسّان البكريّ قال خرجت أنا والعلاء بن الحضرميّ إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الحديث وفيه فقلت أعوذ باللّه وبرسوله أن أكون كوافد عادٍ قال وما وافد عادٍ وهو أعلم بالحديث ولكنّه يستطعمه فقلت إنّ عادًا قحطوا فبعثوا قيل بن عنزٍ إلى معاوية بن بكرٍ بمكّة يستسقي لهم فمكث شهرًا في ضيافته تغنّيه الجرادتان فلمّا كان بعد شهرٍ خرج لهم فاستسقى لهم فمرّت بهم سحاباتٌ فاختار السّوداء منها فنودي خذها رمادا رمدا لا تبق من عادٍ أحدًا وأخرج التّرمذيّ والنّسائيّ وبن ماجه بعضه والظّاهر أنّه في قصّة عادٍ الأخيرة لذكر مكّة فيه وإنّما بنيت بعد إبراهيم حين أسكن هاجر وإسماعيل بوادٍ غير ذي زرعٍ فالّذين ذكروا في سورة الأحقاف هم عادٌ الأخيرة ويلزم عليه أنّ المراد بقوله تعالى أخا عادٍ نبيٌّ آخر غير هود والله أعلم). [فتح الباري: 8/578-579]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال ابن عبّاس عارض السّحاب
قال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح عن معاوية عن علّي عن ابن عبّاس به). [تغليق التعليق: 4/311]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (باب قوله: {فلمّا رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هاذا عارضٌ ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريحٌ فيها عذابٌ أليمٌ} (الأحقاف: 24)
أي: هذا باب في قوله عز وجل: {فلمّا رأوه} الخ. ساقها غير أبي ذر، وفي رواية أبي ذر: {فلمّا رأوه عارضا مستقبل أوديتهم} الآية. قوله: (فلمّا رأوه) أي: فلمّا رأوا ما يوعدون به وكانوا قالوا: فائتنا بما تعدنا، يعني: من العذاب إن كنت من الصّادقين، وهم قوم هود، عليه السّلام، قوله: (عارضا) نصب على الحال، وقيل: رأوا عارضا وهو السّحاب سمي بذلك لأنّه يعرض أي يبدو في عرض السّماء. قوله: {مستقبل أوديتهم} صفة لقوله: عارضا، فلمّا رأوه استبشروا به وقالوا: هذا عارض ممطرنا يمطر لنا فقال الله عز وجل: {بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم} وريح مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف. أي: هو ريح، وكانت الرّيح الّتي تسمى الدبور، وكانت تحمل الفسطاط وتحمل الظعينة فترفعها حتّى كأنّها جرادة وأما ما كان خارجا من مواشيهم ورحالهم تطير بها الرّيح بين السّماء والأرض مثل الريش، قال ابن عبّاس: فدخلوا بيوتهم وأغلقوا أبوابهم فجاءت الرّيح فقلعت أبوابهم وصرعتهم، وأمر الله الرّيح فأمالت عليهم الرمال فكانوا تحت الرمل سبع ليال وثمانية أيّام حسوما أنين. ثمّ أمر الله تعالى الرّيح فكشفت عنهم الرمال، ثمّ أمرها فاحتملتهم فرمت بهم في البحر، فهو الّذي قال الله تعالى: {تدمر كل شيء} (الأحقاف: 25) مرت به من رجال عاد وأموالها.
وقال ابن عبّاسٍ عارضٌ السّحاب
أي: قال ابن عبّاس في تفسير قوله تعالى: {هذا عارض ممطرنا} العارض السّحاب وقد قلنا: ما سبب تسميته بذلك.
- حدّثنا أحمد بن عيسى حدّثنا ابن وهبٍ أخبرنا عمرٌ وأنّ أبا النّضر حدّثه عن سليمان ابن يسارٍ عن عائشة رضي الله عنها زوج النبيّ صلى الله عليه وسلم قالت ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا حتّى أرى منه لهوانه إنّما كان يتبسّم. حدّثنا قالت وكان إذا رأى غيما أو ريحا عرف في وجهه قالت يا رسول الله إنّ النّاس إذا رأوا الغيم فرحوا أن يكون فيه المطر وأراك إذا رأيته عرف في وجهك الكراهية فقال يا عائشة ما يوؤمنني أن يكون فيه عذا عذّب قوم عادٍ بالرّيح وقد رأى قومٌ العذاب: {فقالوا هاذا عارضٌ ممطرنا} .
مطابقته للتّرجمة ظاهرة. وأحمد كذا غير منسوب في رواية الأكثرين، وفي رواية أبي ذر، حدثنا أحمد بن عيسى، كذا قال أبو مسعود وخلف وعرفه ابن السكن بأنّه أحمد بن صالح المصريّ، وغلّط الحاكم. قول من قال: إنّه ابن أخي ابن وهب، وقال ابن منده كلما قال البخاريّ في (جامعه) حدثنا أحمد عن ابن وهب، فهو ابن صالح، وإذا حدث عن ابن عيسى نسبه. قلت: لعلّ الكرماني اعتمد على هذا حيث قال: أحمد، أي: ابن صالح المصريّ، وقال في (رجال الصّحيحين) أحمد غير منسوب يحدث عن عبد الله ابن وهب المصريّ، حدث عنه البخاريّ في غير موضع من (الجامع) .
واختلفوا في أحمد هذا، فقال قوم: إنّه أحمد بن عبد الرّحمن ابن أخي ابن وهب، وقال آخرون: إنّه أحمد بن صالح أو أحمد بن عيسى، وقال أبو أحمد الحافظ النّيسابوري: أحمد عن ابن وهب هو ابن أخي ابن وهب، وقال ابن منده: لم يخرج البخاريّ عن أحمد بن صالح وعبد الرّحمن شيئا في (الصّحيح) ، وعمرو هو ابن الحارث، وأبو النّضر، بسكون المعجمة، سالم، وسليمان بن يسار. ضد اليمين، ونصف هذا الإسناد الأعلى مدنيون والأدنى مصريون.
والحديث أخرجه البخاريّ أيضا في الأدب عن يحيى بن سليمان وأخرجه مسلم في الاستسقاء عن هارون بن معروف. وأخرجه أبو داود في الأدب عن أحمد بن صالح.
قوله: (لهوانه) ، بتحريك الهاء جمع لهاة وهي اللحمة المتعلّقة في أعلى الحنك ويجمع أيضا على: لها بفتح اللّام مقصور. قوله: (إنّما كان يتبسم) ، قلت: روى أنه ضحك حتّى بدت نواجذه، في التّوفيق بينهما. قلت: ظهور النواجذ الّتي هي الأسنان الّتي في مقدم الفم أو الأنياب لا يستلزم ظهور اللهاة. قوله: (عرفت الكراهية في وجهه) ، وهي من أفعال القلوب الّتي لا ترى، ولكنه إذا فرح القلب تبلج الجبين، فإذا حزن أريد بالوجه فعبرت عن الشّيء الظّاهر في الوجه بالكراهة لأنّه ثمرتها. قوله: (ما يؤمنني) من آمن يؤمن ويروى: ما يؤمني، بالهمزة وتشديد النّون. قوله: (عذب قوم عاد) حيث أهلكوا يريح صرصر. قال الكرماني: فإن قلت: النكرة المعادة هي غير الأولى، وهنا القوم الّذين قالوا: هذا عارض ممطرنا، هم بعينهم الّذين عذبوا بالرّيح فيها عذاب أليم قدمر كل شيء. قلت: تلك القاعدة النحوية إنّما هي في موضع لا يكون ثمّة قرينة على الاتّحاد، أما إذا كانت فهي بعينها الأولى لقوله تعالى: {وهو الّذي في السّماء إله وفي الأرض إله} (الزخرف: 84) ولئن سلمنا وجوب المغايرة مطلقًا فلعلّ عادا قومان، قوم بالأحقاف، أي في الرمال وهم أصحاب العارض، وقوم غيرهم من الّذين كذبوا انتهى. قلت: تمثيله بقوله: (هو الّذي في السّماء إله وفي الأرض إله) غير مطابق لما قاله لأن فيه المغايرة ظاهرة، لكن يحمل على معنى أن كونه معبودا في السّماء غير كونه معبودا في الأرض لأن إلها بمعنى مألوه بمعنى معبود فافهم). [عمدة القاري: 19/170-171]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب قوله: {فلمّا رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارضٌ ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريحٌ فيها عذابٌ أليمٌ} قال ابن عبّاسٍ: عارضٌ السّحاب
(باب قوله) تعالى ({فلما رأوه}) أي العذاب ({عارضًا}) سحابًا عرض في أفق السماء والضمير عائد إلى السحاب كأنه قيل فلما رأوا السحاب عارضًا ({مستقبل أوديتهم}) صفة لعارضًا وإضافته غير محضة فمن ثم ساغ أن يكون نعتًا لنكرة ({قالوا هذا عارض ممطرنا}) صفة لعارض أيضًا أي يأتينا بالمطر وقد كانوا ممحلين محتاجين إلى المطر قال الله تعالى أو هود عليه السلام ({بل هو ما استعجلتم به}) من العذاب حيث قلتم فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ثم بيّن ماهيته فقال ({ريح}) أي هي ريح ({فيها عذاب أليم}) [الأحقاف: 24] فما برحوا حتى كانت الريح تجيء بالرجل فتطرحه وكان طول الرجل منهم اثنتي عشرة ذراعًا وقيل ستون ذراعًا وقيل مائة ولهم قصور محكمة بالبناء بالصخور فحملت الريح الصخور والشجر ورفعتها كأنها جرادة وهدمت القصور واصطف لها الأطولون الأشداء منهم فصرعتهم وألقت عليهم الصخور وسفت عليهم الرمال فكانوا تحتها سبع ليالٍ وثمانية أيام لهم أنين، ثم أمر الله الريح فكشفت عنهم الرمال واحتملتهم فرمت بهم في البحر ولم يصل إلى هود عليه السلام ومن آمن به من تلك الريح إلا نسيم، وكان عليه السلام قد جمع المؤمنين إلى شجرة عند عين ماء وأدار عليهم خطأ خطه في الأرض وسقط لغير أبي ذر باب قوله وله قالوا هذا عارض الخ وقال بعد قوله أوديتهم الآية.
(قال) ولأبي ذر وقال (ابن عباس) فيما وصله ابن أبي حاتم في قوله (عارض) أي (السحاب) الذي يرى في ناحية السماء وسمي بذلك لأنه يبدو في عرض السماء.
- حدّثنا أحمد بن عيسى، حدّثنا ابن وهبٍ، أخبرنا عمرٌو أنّ أبا النّضر حدّثه عن سليمان بن يسارٍ، عن عائشة -رضي الله عنها- زوج النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- قالت ما رأيت رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- ضاحكًا حتّى أرى منه لهواته إنّما كان يتبسّم. [الحديث 4828 - طرفه في: 6092].
وبه قال: (حدّثنا أحمد بن عيسى) كذا في رواية أبي ذر ابن عيسى وهو الهمداني التستري المصري الأصل، وسقط ابن عيسى لغير أبي ذر وقال الكرماني: إنه أحمد بن صالح المصري يعني ابن الطبري، ولعله اعتمد على قول أبي علي بن السكن حيث قال: هو أحمد بن صالح في المواضع كلها وكذا قاله ابن منده، وقيل هو أحمد بن عبد الرحمن ابن أخي ابن وهب قال الحاكم أبو عبد الله هو أحمد بن صالح أو أحمد بن عيسى لا يخلو أن يكون واحدًا منهما ولم يحدث عن ابن أخي ابن وهب شيئًا ومن زعم أنه ابن أخي ابن وهب فقد وهم فاتفق الرواة على أحمد بن صالح أو أحمد بن عيسى وقد عين أبو ذر في روايته أنه ابن عيسى قال: (حدّثنا ابن وهب) عبد الله قال: (أخبرنا عمرو) هو ابن الحارث (أن أبا النضر) سالمًا المدني (حدّثه عن سليمان بن يسار) ضد
اليمين (عن عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم-) أنها (قالت: ما رأيت رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- ضاحكًا حتى أرى منه لهواته) بتحريك الهاء جمع لهاة وهي اللحمة الحمراء المعلقة في أعلى الحنك (إنما كان يتبسم، قالت):
- قالت وكان إذا رأى غيمًا أو ريحًا عرف في وجهه، قالت: يا رسول اللّه إنّ النّاس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيته عرف في وجهك الكراهية؟ فقال: «يا عائشة ما يومنّي أن يكون فيه عذابٌ؟ عذّب قومٌ بالرّيح، وقد رأى قومٌ العذاب فقالوا: {هذا عارضٌ ممطرنا}». [الأحقاف: 24].
(وكان إذا رأى غيمًا أو ريحًا عرف) بضم العين وكسر الراء مبنيًّا للمفعول (في وجهه) الكراهية وذلك لأن القلب إذا فرح تبلج الجبين وإذا حزن أربد الوجه فعبرت عائشة عن الشيء الظاهر في الوجه بالكراهية لأنه ثمرتها (قالت: يا رسول الله الناس) ولغير أبي ذر أن الناس (إذا رأوا الغيم فرحوا) به (رجاء أن يكون فيه المطر وأراك إذا رأيته عرف في وجهك الكراهية فقال): (يا عائشة ما يومني) بواو ساكنة ونون مشددة ولأبي ذر يؤمنني بنونين (أن يكون فيه عذاب عذب قوم بالريح) هم عاد قوم هود حيث أهلكوا بريح صرصر (وقد رأى قوم العذاب فقالوا: {هذا عارض ممطرنا}) قد تقرر أن النكرة إذا أعيدت نكرة كانت غير الأولى، لكن ظاهر آية الباب أن الذين عذبوا بالريح هم الذين قالوا هذا عارض.
وقد أجاب صاحب الكواكب الدراري عن ذلك بأن القاعدة المذكورة إنما تطرد إذا لم يكن في السياق قرينة تدل على الاتحاد فإن كان هناك قرينة كما في قوله: {وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله} فلا وعلى تقدير تسليم المغايرة مطلقًا فلعل عادًا قومان قوم بالأحقاف أي في الرمال وهم أصحاب العارض وقوم غيرهم. اهـ.
ويؤيد قوله الثاني قوله تعالى: {وأنه أهلك عادًا الأولى} [النجم: 50] فإنه يشعر بأن ثم عادًا أخرى، وعند الإمام أحمد بإسناد حسن عن الحارث بن حسان البكري قال: خرجت أشكو العلاء بن الحضرمي إلى رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- فمررت بالربذة فإذا عجوز من بني تميم منقطع بها فقالت لي: يا عبد الله إن لي إلى رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- حاجة فهل أنت مبلغي إليه؟ قال: فحملتها فأتيت المدينة فإذا المسجد غاص بأهله الحديث. وفيه فقلت: أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد. قال: وما وافد عاد؟ وهو أعلم بالحديث منه، لكن يستعظمه؟ قلت: إن عادًا قحطوا فبعثوا وافدًا لهم يقال له قيل فمر بمعاوية بن بكر فأقام عنده شهرًا يسقيه الخمر وتغنيه جاريتان يقال لهما الجرادتان فلما مضى الشهر خرج إلى جبال مهرة فقال: اللهم إنك تعلم أني لم أجيء إلى مريض فأداويه ولا إلى أسير فأفاديه، اللهم اسق عادًا ما كنت تسقيه فمرت به سحابات سود فنودي منها اختر فأومأ إلى سحابة منها سوداء فنودي منها خذها رمادًا رمددًا لا تبقي من عاد أحدًا رواه الترمذي والنسائي
وابن ماجة ذكره ابن كثير بطوله في تفسيره وابن حجر مختصرًا. وقال: الظاهر أنه في قصة عاد الأخيرة لذكر مكة فيه.
وحديث الباب أخرجه المؤلّف في الأدب ومسلم في الاستسقاء وأبو داود في الأدب). [إرشاد الساري: 7/340-341]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا عبد الرّحمن بن الأسود أبو عمرٍو البصريّ، قال: حدّثنا محمّد بن ربيعة، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، عن عائشة قالت: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إذا رأى مخيلةً أقبل وأدبر، فإذا مطرت سرّي عنه قالت: فقلت له، فقال: وما أدري لعلّه كما قال اللّه تعالى {فلمّا رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارضٌ ممطرنا}.
هذا حديثٌ حسنٌ). [سنن الترمذي: 5/235]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {فلمّا رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارضٌ ممطرنا}
- أخبرنا محمّد بن يحيى بن أيّوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا حفص بن غياثٍ، قال: حدّثنا ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا رأى ريحًا قام، وقعد، وأقبل، وأدبر، قالت: فقلت له، فقال: " يا عائشة، ما يؤمّنني أن يكون كما قال قومٌ: {فلمّا رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارضٌ ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريحٌ فيها عذابٌ أليمٌ} [الأحقاف: 24]، قال: فيرى قطراتٍ، فيسكن صلّى الله عليه وسلّم). [السنن الكبرى للنسائي: 10/257]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فلمّا رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارضٌ ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريحٌ فيها عذابٌ أليمٌ}.
يقول تعالى ذكره: فلمّا جاءهم عذاب اللّه الّذي استعجلوه، فرأوه سحابًا عارضًا في ناحيةٍ من نواحي السّماء {مستقبل أوديتهم} والعرب تسمّي السّحاب الّذي يرى في بعض أقطار السّماء عشيًّا، ثمّ يصبح من الغد قد استوى، وحبا بعضه إلى بعضٍ عارضًا، وذلك لعرضه في بعض أرجاء السّماء حين نشأ، كما قال الأعشى:
يا من يرى عارضًا قد بتّ أرمقه كأنّما البرق في حافاته الشّعل.
{قالوا هذا عارضٌ ممطرنا} ظنًّا منهم برؤيتهم إيّاه أنّ غيثًا قد أتاهم يحيون به، فقالوا: هذا الّذي كان هودٌ يعدنا، وهو الغيث.
- كما: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فلمّا رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم} الآية، وذكر لنا أنّه حبس عنهم المطر زمانًا، فلمّا رأوا العذاب مقبلاً {قالوا هذا عارضٌ ممطرنا} وذكر لنا أنّهم قالوا: كذب هودٌ كذب هودٌ؛ فلمّا خرج نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فشامه، قال: {بل هو ما استعجلتم به ريحٌ فيها عذابٌ أليمٌ}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ساق اللّه السّحابة السّوداء الّتي اختار قيل ابن عنزٍ بما فيها من النّقمة إلى عادٍ، حتّى تخرج عليهم من وادٍ لهم يقال له المغيث، فلمّا رأوها استبشروا {قالوا هذا عارضٌ ممطرنا}: يقول اللّه عزّ وجلّ: {بل هو ما استعجلتم به ريحٌ فيها عذابٌ أليمٌ}.
وقوله: {بل هو ما استعجلتم به} يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم هودٍ لقومه لمّا قالوا له عند رؤيتهم عارض العذاب، قد عرض لهم في السّماء هذا عارضٌ ممطرنا نحيا به، ما هو بعارض غيثٍ، ولكنّه عارض عذابٍ لكم، بل هو ما استعجلتم به: أي هو العذاب الّذي استعجلتم به، فقلتم: {ائتنا بما تعدنا إن كنت من الصّادقين} ريحٌ فيها عذابٌ أليمٌ والرّيح مكرّرةٌ على ما في قوله: {هو ما استعجلتم به} كأنّه قيل: بل هو ريحٌ فيها عذابٌ أليمٌ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمونٍ، قال: كان هودٌ جلدًا في قومه، وإنّه كان قاعدًا في قومه، فجاء سحابٌ مكفهرٌّ، ف {قالوا هذا عارضٌ ممطرنا} فقال: {بل هو ما استعجلتم به ريحٌ فيها عذابٌ أليمٌ} قال: فجاءت ريحٌ فجعلت تلقي الفسطاط، وتجيء بالرّجل الغائب فتلقيه.
- حدّثني يحيى بن إبراهيم المسعوديّ، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن جدّه، قال: قال سليمان، حدّثنا أبو إسحاق، عن عمرو بن ميمونٍ، قال: لقد كانت الرّيح تحمل الظّعينة فترفعها حتّى ترى كأنّها جرادةٌ.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله: {فلمّا رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم} إلى آخر الآية، قال: هي الرّيح إذا أثارت سحابًا، {قالوا: هذا عارضٌ ممطرنا} فقال نبيّهم: بل ريحٌ فيها عذابٌ أليمٌ). [جامع البيان: 21/155-157]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو النّضر الفقيه، ثنا معاذ بن نجدة القرشيّ، ثنا قبيصة بن عقبة، ثنا سفيان، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: «ما أرسل اللّه على عادٍ من الرّيح إلّا قدر خاتمي هذا» صحيح الإسناد على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه " وقد تفرّد مسلمٌ بإخراج، حديث مسعود بن مالكٍ عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم «نصرت بالصّبا»). [المستدرك: 2/494]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، ثنا بحر بن نصرٍ، ثنا ابن وهبٍ، أخبرني عمرو بن الحارث، أنّ أبا النّضر، حدّثه عن سليمان بن يسارٍ، عن عائشة، زوج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّها قالت: «ما رأيت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قطّ مستجمعًا ضاحكًا حتّى أرى منه لهواته إنّما كان يبتسم». قالت: وكان إذا رأى غيمًا أو ريحًا عرف في وجهه، فقلت: يا رسول اللّه، النّاس إذا رأوا الغيم فرحوا أن يكون فيه المطر وأراك إذا رأيته عرف في وجهك الكراهة، قال: «يا عائشة وما يؤمّنني أن يكون فيه عذابٌ قد عذّب قومٌ بالرّيح، وقد أتى قومًا بالعذاب» وتلا رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم {فلمّا رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم قالوا: هذا عارضٌ ممطرنا} [الأحقاف: 24] الآية «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه بهذه السّياقة»). [المستدرك: 2/495]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {فلمّا رأوه عارضًا} [الأحقاف: 24] مذكورٌ في سورة الذّاريات). [مجمع الزوائد: 7/106]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال أبو يعلى الموصليّ: وثنا أبو هشامٍ، ثنا ابن فضيلٍ، ثنا مسلمٌ، عن مجاهدٍ، عن ابن عمر- رضي اللّه عنهما- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: (لمّا كان يوم عادٍ حملت الرّيح أهل البادية بأموالهم ومواشيهم، فلمّا رفعتهم بين السماء والأرض قالوا: (هذا عارض ممطرنا) قال: فأكبّت أهل البادية على الحاضرة".
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؟ لضعف مسلم بن كيسان الملائيّ). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/269-270]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (قال أبو يعلى: وثنا أحمد بن عمران الأخنسيّ، ثنا ابن فضيلٍ، ثنا مسلمٌ الملائيّ، عن مجاهدٍ، عن عبد اللّه بن عمر- رضي اللّه عنهما- عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "ما فتح اللّه- عزّ وجلّ- على عادٍ من الرّيح الّتي أهلكوا بها إلّا مثل موضع الخاتم، فمرّت بأهل البادية فحملتهم ومواشيهم، فجعلتهم بين السّماء والأرض، فلمّا رأى ذلك أهل الحاضرة من عادٍ الرّيح وما فيها قالوا: (هذا عارض ممطرنا) فألقت أهل البادية ومواشيهم على أهل الحاضرة".
هذا إسنادٌ ضعيفٌ، لضعف مسلم بن كيسان الملائيّ). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/270]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قال أبو يعلى: حدثنا أبو هشامٍ، ثنا ابن فضيلٍ، عن مسلمٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " لمّا كان يوم عادٍ حملت الرّيح أهل البادية بأموالهم، ومواشيهم، فلمّا رفعتهم من الأرض إلى السّماء قالوا: هذا عارضٌ ممطرنا قال: فأكبّت البادية " على الحاضرة ".
- حدّثنا أحمد بن عمران الأخنسيّ، ثنا ابن فضيلٍ نحوه). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/215]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 24 - 25.
أخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {هذا عارض ممطرنا} قال: هو السحاب). [الدر المنثور: 13/336]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور وأحمد، وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود، وابن المنذر، وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعا ضاحكا حتى أرى منه لهواته إنما كان يتبسم وكان إذا رأى غيما أو ريحا عرف ذلك في وجهه، قلت يا رسول الله إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر وإذا رأيته عرف في وجهك الكراهية، قال يا عائشة وما يؤمنني أن يكون فيه عذاب قد عذب قوم بالريح وقد رأى قوم العذاب فقالوا {هذا عارض ممطرنا}). [الدر المنثور: 13/336]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد ومسلم والترمذي والنسائي، وابن ماجة عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به فإذا تخليت السماء تغير لونه وخرج ودخل وأقبل وأدبر فإذا أمطرت سري عنه فسألته فقال لا أدري لعله كما قال قوم عاد {هذا عارض ممطرنا}). [الدر المنثور: 13/336-337]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب السحاب وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم} قال غيم فيه مطر فأول ما عرفوا أنه عذاب رأوا ما كان خارجا من رحالهم ومواشيهم يطير بين السماء والأرض مثل الريش دخلوا بيوتهم وأغلقوا أبوابهم فجاءت الريح ففتحت أبوابهم ومالت عليهم بالرمل فكانوا تحت الرمل سبع ليال وثمانية أيام حسوما لهم أنين ثم أمر الريح فكشف عنهم الرمل وطرحتهم في البحر فهو قوله {فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم}). [الدر المنثور: 13/337]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو يعلى والطبراني وأبو الشيخ، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما فتح الله على عاد من الريح التي هلكوا فيها إلا مثل الخاتم فمرت بأهل البادية فحملتهم وأموالهم فجعلتهم بين السماء والأرض فلما رأى ذلك أهل الحاضرة من عاد الريح وما فيها {قالوا هذا عارض ممطرنا} فألقت أهل البادية ومواشيهم على أهل الحاضرة). [الدر المنثور: 13/338]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني وأبو الشيخ، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما فتح الله على عاد من الريح إلا موضع الخاتم أرسلت عليهم فحملت البدو إلى الحضر فلما رآها أهل الحضر {قالوا هذا عارض ممطرنا} مستقبل أوديتنا وكان أهل البوادي فيها فألقي أهل البادية على أهل الحاضرة حتى هلكوا قال: عتت على خزانها حتى خرجت من خلال الأبواب). [الدر المنثور: 13/338]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير عن عمرو بن ميمون رضي الله عنه قال: كان هود قاعدا في قومه فجاء سحاب مكفهر فقالوا {هذا عارض ممطرنا} فقال هود {بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم} فجعلت تلقي الفسطاط وتجيء بالرجل الغائب). [الدر المنثور: 13/339]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما أرسل الله على عاد من الريح إلا قدر خاتمي هذا). [الدر المنثور: 13/339]
تفسير قوله تعالى: (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25) )
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمونٍ قال: لمّا رأى قوم عادٍ العارض قالوا: {هذا عارض ممطرنا} قال اللّه {بل هو ما استعجلتم به ريحٌ فيها عذابٌ أليم (24) تدمر كل شيء بأمر ربها} فإن كانت الرّيح لتدفع الرّاعي وغنمه بين السّماء والأرض ثمّ تقلبها عليهم [الآية: 24 و 25]). [تفسير الثوري: 277] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {تدمّر كلّ شيءٍ بأمر ربّها فأصبحوا لا يرى إلاّ مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين}.
وقوله {تدمّر كلّ شيءٍ بأمر ربّها}: يقول تعالى ذكره: تخرّب كلّ شيءٍ، وترمي بعضه على بعضٍ فتهلكه، كما قال جريرٌ:
وكان لكم كبكر ثمود لمّا رغا ظهرًا فدمّرهم دمارا.
يعني بقوله: دمّرهم: ألقى بعضهم على بعضٍ صرعى هلكى.
وإنّما عنى بقوله: {تدمّر كلّ شيءٍ بأمر ربّها} ممّا أرسلت بهلاكه، لأنّها لم تدمّر هودًا ومن كان آمن به.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا طلقٌ، عن زائدة، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: ما أرسل اللّه على عادٍ من الرّيح إلاّ قدر خاتمي هذا، فنزع خاتمه.
وقوله: {فأصبحوا لا يرى إلاّ مساكنهم} يقول: فأصبح قوم هودٍ وقد هلكوا وفنوا، فلا يرى في بلادهم شيءٌ إلاّ مساكنهم الّتي كانوا يسكنونها.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله {فأصبحوا لا يرى إلاّ مساكنهم} فقرأ ذلك عامّة قرّاء المدينة والبصرة (لا ترى إلاّ مساكنهم) بالتّاء نصبًا، بمعنى: فأصبحوا لا ترى أنت يا محمّد إلاّ مساكنهم.
وقرأ ذلك عامّة قرّاء الكوفة {لا يرى إلاّ مساكنهم} بالياء في {يرى} ورفع (المساكن)، بمعنى ما وصفت قبل أنّه لا يرى في بلادهم شيءٌ إلاّ مساكنهم.
وروى الحسن البصرى (لا ترى) بالتّاء، وبأيّ القراءتين اللّتين ذكرت من قراءة أهل المدينة والكوفة قرأ ذلك القارئ فمصيبٌ وهو القراءة برفع المساكن إذا قرئ قوله {يرى} بالياء وضمّها. وبنصب المساكن إذا قرئ قوله: (ترى) بالتّاء وفتحها، وأمّا الّتي حكيت عن الحسن فهي قبيحةٌ في العربيّة وإن كانت جائزةً، وإنّما قبحت لأنّ العرب تذكّر الأفعال الّتي قبل إلاّ، وإن كانت الأسماء الّتي بعدها أسماء إناثٍ، فتقول: ما قام إلاّ أختك، ما جاءني إلاّ جاريتك، ولا يكادون يقولون: ما جاءتني إلاّ جاريتك، وذلك أنّ المحذوف قبل (إلاّ) (أحدٌ)، أو (شيءٌ) و(أحدٌ)، و(شيءٌ) تذكّر فعلهما العرب، وإن عني بهما المؤنّث، فتقول: إن جاءك منهنّ أحدٌ فأكرمه، ولا يقولون: إنّ جاءتك، وكان الفرّاء يجيزها على الاستكراه، ويذكر أنّ المفضّل أنشده:
ونارنا لم تر نارًا مثلها قد علمت ذاك معدٌّ أكرما.
فأنّث فعل مثل لأنّه للنّارٍ، قال: وأجود الكلام أن تقول: ما رؤي مثلها
وقوله: {كذلك نجزي القوم المجرمين} يقول تعالى ذكره: كما جزينا عادًا بكفرهم باللّه من العقاب في عاجل الدّنيا، فأهلكناهم بعذابنا، كذلك نجزي القوم الكافرين باللّه من خلقنا، إذ تمادوا في غيّهم وطغوا على ربّهم). [جامع البيان: 21/158-159]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن ميمون رضي الله عنه أنه قرأ لا ترى إلا مساكنهم بالتاء والنصب). [الدر المنثور: 13/339]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ {لا يرى إلا مساكنهم} بالياء ورفع النون). [الدر المنثور: 13/339]