العودة   جمهرة العلوم > المنتديات > منتدى جمهرة التراجم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 ذو القعدة 1442هـ/11-06-2021م, 01:01 AM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي سير السلف الصالح

سير السلف الصالح
مقدمة.
1. أبو بكر الصديق واسمه عبد الله بن عثمان بن عامر التيمي القرشي(ت:13هـ) رضي الله عنه.
2: أبو حفص عمر بن الخطاب بن نُفيل العدوي القرشي (ت:23هـ).
3: عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أميّة الأموي القرشي (ت:35هـ).
4: عليّ بن أبي طالب بن عبد المطّلب الهاشمي القرشي (ت:40هـ) رضي الله عنه.
5: سالم بن معقل مولى أبي حذيفة بن عتبة (ت:12 هـ)
6:خالد بن سعيد بن العاص بن أمية القرشيّ (ت:13هـ)
7: أبو زيد سعد بن عبيد بن النعمان الأوسي (ت:16هـ)
8: معاذ بن جبل بن عمرو الخزرجي الأنصاري(ت:18هـ) رضي الله عنه
9: أبو المنذر أبيّ بن كعب بن قيس النجاري الخزرجي الأنصاري (ت:30هـ) رضي الله عنه
10: عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي (ت:32هـ) رضي الله عنه
11: أبو الدرداء عويمر بن زيد بن قيس الخزرجي الأنصاري (ت:32هـ) رضي الله عنه
12: عبادة بن الصامت بن قيس الخزرجي الأنصاري (ت:34هـ)
13:أمّ المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب العدوية (ت:45هـ)
14: زيد بن ثابت بن الضحاك النجاري الأنصاري (ت:45هـ) رضي الله عنه
15: عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي (ت: بعد 51هـ)
16: فضالة بن عبيد العوفي الأوسي الأنصاري (ت:53هـ)
17: مجمع بن جارية بن عامر العوفي الأوسي الأنصاري (ت:55هـ)
18: أمّ المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق (ت: 57هـ) رضي الله عنهما
19: أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي الأزدي (ت:59هـ) رضي الله عنه
20: أم المؤمنين أمّ سلمة هند بنت أبي أمية بن المغيرة المخزومية (ت:61هـ)
21: أبو حليمة معاذ بن الحارث بن الأرقم النجاري الخزرجي الأنصاري (ت:63هـ)
22: عبد الله بن عمرو بن العاص السهمي (ت:65هـ) رضي الله عنهما
23: النعمان بن بشير الخزرجي الأنصاري (ت:65هـ) رضي الله عنهما
24: عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي (ت:68هـ) رضي الله عنهما
25: عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي (ت: بعد 70هـ)
26: عبد الله بن الزبير بن العوام الأسدي القرشي (ت:73هـ) رضي الله عنهما
27: أبو سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري الخزرجي الأنصاري (ت:74هـ) رضي الله عنهما
28: عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي القرشي (ت:74هـ) رضي الله عنهما
29: جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الخزرجي الأنصاري (ت:78هـ) رضي الله عنهما
30: واثلة بن الأسقع الليثي (ت:85هـ) رضي الله عنه
31: عمرو بن حريث بن عمرو المخزومي (ت:85هـ)
32: أنس بن مالك بن النضر النجاري الأنصاري (ت:92هـ) رضي الله عنه
33: الحرّ بن قيس بن حصن الفزاري
34: كثير بن أفلح الأنصاري(ت:63هـ)
35: قبيصة بن ذؤيب بن حلحلة الخزاعي(ت:86هـ)
36: صالح بن خوات بن جبير بن النعمان الأنصاري(ت:90ه تقريباً )
37: عروة بن الزبير بن العوام الأسدي (ت:93هـ)
38: سعيد بن المسيب بن حزن المخزومي(ت:94هـ)
39: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي (ت:94هـ)
40: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي (ت:98هـ)
41: خارجة بن زيد بن ثابت بن الضحاك الخزرجي الأنصاري (ت:100هـ)
42: عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي(ت:101هـ)
43: عطاء بن يسار المدني (ت:103هـ)
44: أبو سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري(ت:104هـ)
45: عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الخزرجية الأنصارية (ت: 106هـ)
46: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي(ت:106هـ)
47: القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق (ت:108هـ)
48: أبو أيّوب سليمان بن يسار المدني (ت:107هـ)
49: أبو حمزة محمد بن كعب بن سليم القرظي(ت:108هـ)
50: أبو عبد الله مسلم بن جندب الهذلي (ت: بعد 110هـ)
51: محمد بن جعفر بن الزبير بن العوام القرشي (ت: 115هـ تقريباً )
52: أبو داوود عبد الرحمن بن هرمز بن كيسان الأعرج (ت:117هـ)
53: أبو عبد الله نافع المدني مولى عبد الله بن عمر (ت:117هـ)
54: أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم النجاري الأنصاري(ت:120هـ)
55: عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان الأوسي الانصاري(ت:120هـ)
56: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري(ت:124هـ)
57: أبو أيوب محمد بن قيس المدني (ت:126هـ)
58: أبو نعيم وهب بن كيسان الزبيري(ت:127هـ)
59: أبو روح يزيد بن رومان المدني (ت:130هـ)
60: أبو جعفر يزيد بن القعقاع المدني(ت:127هـ)
61: أبو بكر محمد بن المنكدر بن عبد الله التيمي القرشي(ت:130هـ)
62: شيبة بن نِصَاح بن سرجس المدني(ت:130هـ)
63: أبو الزناد عبد الله بن ذكوان المدني (ت:131هـ)
64: ربيعة بن أبي عبد الرحمن فرّوخ المدني مولى آل المنكدر (ت:136هـ)
65: زيد بن أسلم العدوي(ت:136هـ)
66: أبو حازم سلمة بن دينار الأعرج(ت:140هـ)
67: يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري(ت:143هـ)
68: سليمان بن أبي حثمة بن حذيفة العدوي القرشي
69: أبو بكر بن سليمان بن أبي حثمة العدوي القرشي(ت:125هـ)
70: عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبى بكر الصديق(ت:126هـ)
71: داود بن الحصين المدني (ت:135هـ)
72: عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب(ت:145هـ)
73: محمد بن إسحاق بن يسار المدني(ت:151هـ)
74: جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب (ت:148هـ)
75:أبو الحارث محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة ابن أبي ذئب القرشي(ت:159هـ)
76: عبد العزيز بن عبد الله بن أبى سلمة الماجشون (ت:164هـ)
77: أبو يحيى فليح بن سليمان بن أبي المغيرة الخزاعي الأسلمي(ت: 168هـ)
78: نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم القارئ (ت: 169هـ)
79: سليمان بن بلال التيمي (ت:172هـ)
80: عبد الرحمن بن أبي الزناد عبد الله بن ذكوان المديني (ت:174هـ)
81: مالك بن أنس بن مالك بن أبى عامر بن عمرو بن الحارث الاصبحي(ت:179هـ)
82: المغيرة بن عبد الرحمن بن عبد الله الحزامي (ت: 180هـ تقريباً )
83: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوي (ت:182هـ)
84: أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن دينار المدني (ت: 182هـ)
85: إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري (ت: 183هـ)
86: عبد العزيز بن أبي حازم سلمة بن دينار المدني(ت:184هـ)
87: عبد العزيز بن محمد بن أبي عبيد الدراوردي (ت:186هـ)
88: المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي (ت:188هـ)
89: أبو ضمرة أنس بن عياض الليثي (ت:200هـ)
90: أبو معشر نجيح بن عبد الرحمن المدني (ت:170هـ)


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 2 ذو القعدة 1442هـ/11-06-2021م, 01:20 AM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي

مقدمة
الحمد لله الذي جعل العلماء ورثة الأنبياء، وأقامهم على معالم دينه أدلاء، فبين بهم السبيل، وهدى بهم السائرين، وأقام بهم الحجة، وجعلهم أئمة يهدون بأمره لما صبروا وكانوا بآياته يوقنون، فقضوا حياتهم في صبر ويقين ، وتعلم وتعليم، وعبادة وتوكّل، وجهاد لإعلاء الدين، بذلوا لله حياتهم ؛ فهاجرت إليه قلوبهم، وساروا في الطريق مشمرين، عاقدين العزم على بلوغ الغاية، وإن بعدت الشقة، وعظمت المشقة، وجرت عليهم محن وابتلاءات، فيها للسائلين عِبَر وآيات، أبانت عن ثبات ويقين، وإيمان وتسليم، واتباع للهدى المستقيم، فشكر الله سعيهم، ورفع ذكرهم، وأودع محبتهم في قلوب أوليائه، يحبونهم بصدق، ويدعون لهم بخير، ما تطاول بهم الزمان، وتناءى عنهم المكان، فآثارهم مذكورة، وآلاؤهم مشكورة، وسيرهم نبراس للمؤتسين، ولا تزال سنة الله ماضية، والأحداث متشابهة ، ولهم فضل على من بعدهم فضل السبق، يتناقلون أخبارهم وآثارهم، ويقتدون بهم.

ونحن في دار الابتلاء، لا ندري ما يختم لنا به، وما سبق علينا به الكتاب، نسأل الله تعالى أن نكون ممن سبقت لهم منه الحسنى ، وأن يقينا شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، وألا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ، فلا يكاد يبتلى أحدنا بأمر إلا وقد ابتلي بأعظم منه بعض الصالحين قبلنا، فكيف صنعوا لما نجوا ؟! ، وكيف أبقى الله لنا أخبارهم عبرة وذكرى، وتثبيتاً وسلوى ؟!
حتى إن أحدنا ليشتد به الأمر حتى تضيق نفسه وتضيق به أرضه، فما هو إلا أن يقرأ سيرة علم من الأعلام فإذا به قد تعرض لبلاء أشد من بلائه، فصبر فيه صبراً أعظم من صبره، وظفر من خير الدنيا والآخرة بثواب لا يحد، وفضل لا يستقصى {إن هذا لهو الفضل المبين}
فتصحو نفسه من سكرتها، وتثوب من غفلتها، وتعلم أن السنة ماضية، والأمر جدّ، وسوق الوعد والوعيد قائم، ورياح التوفيق والخذلان تتناوشه من حيث يدري ولا يدري، {ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم}.
قال ابن الجوزي في صيد الخاطر: (سبيل طالب الكمال في طلب العلم الاطلاع على الكتب التي تخلفت من المصنفات فليكثر من المطالعة فإنه يرى من علوم القوم وعلو هممهم ما يشحذ خاطره، ويحرك عزيمته للجد، وما يخلو كتاب من فائدة، وأعوذ بالله من سير هؤلاء الذين نعاشرهم، لا ترى فيهم ذا همة عالية فيقتدي به المبتدئ ولا صاحب ورع فيستفيد منه الزاهد، فالله الله، وعليكم بملاحظة سير السلف ومطالعة تصانيفهم وأخبارهم، والاستكثار من مطالعة كتبهم رؤية لهم)
وروى البيهقي في شعب الإيمان عن أحمد بن سعيد الدارمي قال: سمعت من علي بن المديني كلمة أعجبتني، قرأ علينا حديث الغار ثم قال: (إنما نقلت إلينا هذه الأحاديث لنستعملها لا لنتعجب منها).
وروى البيهقي أيضاً في شعب الإيمان عن عبد الله بن محمد بن منازل قال: سئل حمدون القصار: ما بال كلام السلف أنفع من كلامنا؟!
قال: لأنهم تكلموا لعز الإسلام ونجاة النفوس ورضى الرحمن، ونحن نتكلم لعز النفس وطلب الدنيا وقبول الخلق.
وقال حمدون القصار أيضاً فيما نقله الشاطبي في الاعتصام: (من نظر في سير السلف عرف تقصيره ، وتخلفه عن درجات الرجال).
فقراءة سير السلف الصالح من العلماء وأئمة الدين تثبت السائرين، وتشحذ عزائم المتهاونين، وتبصر الإنسان بمعرفة قدر نفسه، فتعينه على مداواة ما في نفسه من آفات لو استمرت به لأضرته وربما أردته من العجب والغرور والوهن والفتور، واستصعاب معالي الأمور، وكم من سيرة استنزلت عَبرة، وأورثت عِبرة، وتسلى بها محزون، وتبصر بها غافل فتذكّر وانتفع.

من أجل ذلك جمعت من سير العلماء والصالحين وأخبارهم، ما أرجو أن يقرّب فوائدها، ويجلّي مقاصدها، حتى نعتبر بمحاسن آثارهم ومآثرهم، ونعقل وصاياهم ومواعظهم، ونتبيّن طرائقهم في طلب العلم وحفظه وتعليمه، وما لاقوا في ذلك من الشدائد والابتلاءات، وكيف صبروا حتى ظفروا، فنستخلص منها من الدروس ما تزكو به النفوس وتتبين به بعض أسباب توفيقهم.
والله تعالى الموفق والهادي إلى سواء السبيل.


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 2 ذو القعدة 1442هـ/11-06-2021م, 01:21 AM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي

1. أبو بكر الصديق واسمه عبد الله بن عثمان بن عامر التيمي القرشي(ت:13هـ) رضي الله عنه:
أفضل الصحابة قدراً، وأعلاهم منزلة، وأطولهم صحبة للنبي صلى الله عليه وسلم، وأسبقهم إلى الخير والفضل، وقد نزل في شأنه آيات من القرآن، ونوّه الله بصحبته للنبي صلى الله عليه وسلم فيه وبمعيّة الله له معيّة خاصة؛ كما في قول الله تعالى: {إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا}.
روى ابن وهب عن عمرو ابن الحارث عن أبيه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه حين خطب قال: أيكم يقرأ سورة التوبة؟!
قال رجل: أنا، قال: اقرأ، فلما بلغ {إذ يقول لصاحبه لا تحزن} بكى أبو بكر، وقال: (أنا والله صاحبه). رواه ابن جرير وابن أبي حاتم.
- وكان أبو بكر رضي الله عنه من أعلم الناس بمعاني القرآن ولطائف خطابه، ومن دلائل تقدّم أبي بكر رضي الله عنه في فهم فحوى الخطاب وفنونه ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما من طرق عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: خطب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده؛ فاختار ما عند الله»
فبكى أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
قال أبو سعيد: فقلت في نفسي ما يبكي هذا الشيخ؟ إن يكن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عند الله.
قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو العبد، وكان أبو بكر أعلمنا.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يا أبا بكر لا تبك، إن أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذا خليلا من أمتي لاتخذت أبا بكر، ولكن أخوة الإسلام ومودته، لا يبقين في المسجد باب إلا سد، إلا باب أبي بكر»
- قال ابن القيم رحمه الله: (كان أبو بكر الصديق أفهم الأمة لكلام الله ورسوله، ولهذا لما أشكل على عمر مع قوة فهمه قوله تعالى: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة: "إنكم تأتونه وتطوفون به" فأورده عليه عام الحديبية؛ فقال له الصديق: "أقال لك: إنك تأتيه العام؟" قال: لا، قال: "فإنك آتيه ومطوف به").
وهو أوّل من جمع القرآن في مصحف واحد بعد أن استحر القتل بالقراء في وقعة اليمامة.
- قال علي بن أبي طالب: (أعظم الناس في المصاحف أجرا أبو بكر؛ رحمة الله على أبي بكر هو أول من جمع كتاب الله). رواه ابن أبي داوود.
- وكان أبو بكر من أعلم الصحابة بالتفسير، وربما سأل أصحابه عن بعض معاني القرآن ثم يرشدهم ويعلّمهم، وقد تقدم بعض الآثار عنه في ذلك.
وفضائله كثيرة، ألّفت فيها مؤلفات.
- عن مجاهد بن وردان عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت: كنت عند أبي بكر حين حضرته الوفاة فتمثلت بهذا البيت
من لا يزال دمعه مقنعا ... يوشك أن يكون مرة مدّفعا
فقال: يا بنية لا تقولي هكذا، ولكن قولي: {وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد}.
ثم قال: في كم كفن النبي صلى الله عليه وسلم؟
فقلت: في ثلاثة أثواب.
فقال: (كفنوني في ثوبي هذين واشتروا إليهما ثوبا جديدا؛ فإن الحيَّ أحوج إلى الجديد من الميت وإنما هي للمهلة). رواه ابن حبان وأصله في صحيح البخاري، ورواه جماعة من أهل الحديث واختلفوا في ضبط البيت وهذا أشبه بالصواب.

وقد توفي رضي الله عنه يوم الإثنين في جمادى الأولى سنة 13هـ.
- وقد روى عنه جماعة من كبار الصحابة وشبابهم فروى عنه عمر وعثمان وعلي وعبد الرحمن بن عوف وحذيفة بن اليمان وعائشة وأبو هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وأبو سعيد الخدري وابن عباس وجماعة.
لكن الرواية المحفوظة عنه قليلة لقصر مدة خلافته وتقدّم سنة وفاته، واشتغال كثير من الصحابة بالجهاد وحروب المرتدين.


[ لترجمته بقية ]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 2 ذو القعدة 1442هـ/11-06-2021م, 01:21 AM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي

2: أبو حفص عمر بن الخطاب بن نُفيل العدوي القرشي (ت:23هـ):
تولّى الخلافة بعد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وقد سار تعليم القرآن في عهده على الطريقة التي كانت في عهد أبي بكر رضي الله عنه، مع حزم عمر في منع الجراءة على التفسير بغير علم، وقد نفع الله بحزمه.
وكان عمر من أعلم الصحابة وأفقههم، وكان ملهماً محدّثاً ، وموفقا مسددا، ربما نزل الوحي بتأييده وتصديق قوله.
وفي صحيح البخاري من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (وافقت ربي في ثلاث: فقلت يا رسول الله، لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى، فنزلت: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} وآية الحجاب، قلت: يا رسول الله، لو أمرت نساءك أن يحتجبن، فإنه يكلمهن البر والفاجر، فنزلت آية الحجاب، واجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في الغيرة عليه، فقلت لهن: (عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن)، فنزلت هذه الآية).
وفي صحيح البخاري أيضاً من حديث ابن عباس، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم، أنه قال: لما مات عبد الله بن أبي ابن سلول، دعي له رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبت إليه، فقلت: يا رسول الله، أتصلي على ابن أبي وقد قال يوم كذا وكذا: كذا وكذا؟ أعدد عليه قوله، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «أخر عني يا عمر» فلما أكثرت عليه، قال: «إني خيرت فاخترت، لو أعلم أني إن زدت على السبعين يغفر له لزدت عليها» قال: فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انصرف، فلم يمكث إلا يسيرا، حتى نزلت الآيتان من براءة: {ولا تصل على أحد منهم مات أبدا} إلى قوله {وهم فاسقون}
قال: فعجبت بعد من جرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ، والله ورسوله أعلم).
وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «بينا أنا نائم، إذ رأيت قدحا أتيت به فيه لبن، فشربت منه حتى إني لأرى الري يجري في أظفاري، ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب» قالوا: فما أولت ذلك؟ يا رسول الله قال: «العلم»
وفضائل عمر كثيرة، قد أفردت فيها مؤلفات، والمقصود التنبيه على حسن فهمه للقرآن، ومعرفته بمقاصده، وقوّته في التمسّك به، وصيانته، وهو الذي أشار على أبي بكر بجمع القرآن في مصحف واحد.
وكان رضي الله عنه من أقرب الصحابة إلى إدراك مقاصد القرآن وفهم مراد الله تعالى، بما علّمه الله تعالى وألهمه، وبما رزقه من الخشية والاستقامة والسداد، والقوّة في دينه.
وكان حازماً في التأديب على القول في التفسير بغير علم، وعلى السؤال عنه سؤال تنطّع وتكلّف، وقصّته مع صبيغ بن عسل التميمي معروفة مشتهرة، مروية من طرق متعددة.
وروى الإمام أحمد وغيره من طريق إبراهيم النخعي عن علقمة قال: جاء رجل إلى عمر وهو بعرفات فقال: جئت يا أمير المؤمنين من الكوفة، وتركت بها رجلا يملي المصاحف عن ظهر قلبه؛ فغضب عمر وانتفخ حتى كاد يملأ ما بين شعبتي الرحل.
فقال: ومن هو ويحك؟ قال: عبد الله بن مسعود. فما زال يطفأ ويسرى عنه الغضب، حتى عاد إلى حاله التي كان عليها).
وذلك أنّه خشي أن يتصدّى لذلك من ليس له بأهل؛ فلمّا علم أنّه ابن مسعود سكن جأشه؛ لأن ابن مسعود كان من المعلّمين على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
- وروى عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه، عن أبي هريرة قال: كنت بالبحرين، فسألونى عما قذف البحر.
قال: فأفتيتهم أن يأكلوا؛ فلما قدمت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ذكرت ذلك له، فقال لي: بم أفتيتهم؟
قال: قلت: أفتيتهم أن يأكلوا؟
قال: لو أفتيتهم بغير ذلك لعلوتك بالدرة!
قال: ثم قال [عمر]: (إن الله تعالى قال في كتابه:"أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم"، فصيده، ما صيد منه وطعامه، ما قذف). رواه ابن جرير.
وكان الصحابة والتابعون رضي الله عنهم يعرفون لعمر علمه وحزمه وعدله، فكانوا يتعلمون منه، ويحبّونه ، ويهابونه.
واستشهد رضي الله عنه سنة 23هـ.
- قال عبد الملك بن عمير: حدثني قبيصة بن جابر، قال: «ما رأيت رجلا أعلم بالله، ولا أقرأ لكتاب الله، ولا أفقه في دين الله من عمر» رواه الإمام أحمد في فضائل الصحابة وابن أبي شيبة في مصنفه.


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 2 ذو القعدة 1442هـ/11-06-2021م, 04:28 PM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي

3: عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أميّة الأموي القرشي (ت:35هـ):
هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب القرشي، يلتقي نسبه بالنبي صلى الله عليه وسلم في عبد مناف.
وله صلة قرابة أخرى بالنبي صلى الله عليه وسلم من جهة أمّه أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، وهي بنت أم حكيم واسمها البيضاء بنت عبد المطلب عَمّة النبي صلى الله عليه وسلم، والبيضاء هي توأم عبد الله بن عبد المطلب والد النبي صلى الله عليه وسلم.
وُلد عثمان بعد عام الفيل بستّ سنين، وكان من السابقين الأولين إلى الإسلام، أسلم قبل أن يدخل النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم بن أبي الأرقم.
وزوّجه النبي صلى الله عليه وسلم ابنته رقيّة قبل الهجرة بعشر سنين، ولقي أذى من قومه في أوّل الإسلام؛ فصبر عليه، ثمّ أذن له النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى الحبشة؛ فهاجر ومعه رقية في جماعة من المسلمين قبل جعفر وأصحابه.
ثمّ عاد إلى مكة، وهاجر إلى المدينة بأهله، وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين أوس بن ثابت النجاري أخو حسان وزيد، ووالد شداد بن أوس وقد استشهد بأحد.
وكان بيت عثمان في وِجَاه بيوت النبي صلى الله عليه وسلم.
ولم يشهد بدراً لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم خلَّفه على ابنته رُقيَّة لما اشتدّ بها مرضها، فضرب له النبي صلى الله عليه وسلم بسهمه، وأخبره أنّ له أجر من شهدها.
وزوَّجه النبي صلى الله عليه وسلم بأمّ كلثوم بعد رقية فسُمّي ذا النورين.
وشهد عامّة المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا غزوتين فيما ذكر أهل السير لم يشهدهما استخلفه النبي صلى الله عليه وسلم فيهما على المدينة، وهما غزوة ذي أَمَرّ، وغزوة ذات الرقاع على خلاف فيها.
وكان هو سببَ بيعة الرضوان لما أشيع خبر مقتله، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أرسله إلى أهل مكة لما حصروهم عن البيت؛ فبايع الصحابةُ وأخذ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بيد نفسه وقال: هذه عن عثمان، فبايع عنه، فكانت بيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه منقبة من مناقبه، وله مناقب أخرى:
منها: أنه جهز جيش العُسرة من ماله، وفيها قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (( ما ضرّ عثمان ما عمل بعد اليوم )).
ومنها: أنه اشترى مربداً مجاوراً لمسجد النبي صلى الله عليه وسلم وضمّه إلى المسجد ووسّعه، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالمغفرة.
ومنها: أنه اشترى بئر رومة وكان ليهودي في المدينة يبيع ماءه، وليس في المدينة ماء يُستعذب غيره، فشقّ ذلك على المسلمين، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم لمن يشتريه ويجعل دلوه مع دلاء المسلمين، فاشتراه عثمان وجعله سقاية للمسلمين.
ومنها: أنه قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم، وجمع القرآن في عهده، وكان ممن يكتب الوحي، وهو أوّل من خطّ المفصّل.
ومنها: أنه جمعَ الناسَ على مصحف إمام عام 25ه، وبعث بالمصاحف إلى الأمصار ليقوّموا مصاحفهم عليها فاشتهرت المصاحف العثمانية، وألغي ما سواها،وذلك لمّا اتّسعت الفتوحات في عهده واختلف الناس في القراءات، ونُقل عن بعض الناس التكذيب ببعض القراءات والتنازع الشديد فيها؛ فاجتمع رأيه ورأي علماء الصحابة رضي الله عنه على جمع الناس على مصحف واحد؛ نصحاً للأمّة ودرءا للاختلاف والتنازع في كتاب الله تعالى، فأمر بالمصحف الذي جمعه أبو بكر فأُحضر، وكان عند حفصة بنت عمر بعد موت أبيها، فأمر زيد بن ثابت ومعه رهط من القرشيين بكتابة المصاحف فكتبوها، وبعث لكل مصر من الأمصار مصحفاً، وأبقى مصحفاً عنده، وردّ إلى حفصة المصحف الذي كان قد جمعه أبو بكر.
وكان جمع القرآن عن إجماع من الصحابة رضي الله عنهم لما رأوه من الاختلاف فجمعوا الناس على مصحف واحد، وما كان من خلاف ابن مسعود في أوّل الأمر فإنّه رجع عنه.


وكان عثمان من أعلم الناس بالقرآن، وأكثرهم تلاوة له، وقد يُسّرت له تلاوة القرآن حتى كان ربما قرأ القرآن كلّه في ليلة، وكان معروفاً بكثرة صلاته وتلاوته وجوده وقوّة فراسته، وله في ذلك آثار وأخبار.
- قال عبد الله بن عيسى الخزاز: حدثنا يحيى البكاء أنه سمع ابن عمر قرأ: {أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه} قال ابن عمر: (ذاك عثمان بن عفان، رضي الله عنه). رواه ابن أبي حاتم.

قال ابن أبي حاتم: (وإنما قال ابن عمر ذلك، لكثرة صلاة أمير المؤمنين عثمان بالليل وقراءته حتى إنه ربما قرأ القرآن في ركعة).

تولّى عثمانُ الخلافة بعد عمر في آخر ليلة من سنة 23هـ، وكان الصحابة يرون أنهم ولَّوا أفضل من بقي منهم.
- قال النزال بن سبرة: سمعت ابن مسعود يقول حين بيعة عثمان: (أمَّرْنا خير من بقي، ولم نَأْلُ). رواه أحمد في فضائل الصحابة وابن سعد في الطبقات، والفسوي في المعرفة، وله طرق أخرى.
- وقال يحيى بن سعيد الأنصاري، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: «كنا نخير بين الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فنخير أبا بكر، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان رضي الله عنهم» رواه البخاري.

وكان تعليم القرآن وإقراؤه وتدارسه في عهد عثمان على الطريقة المعهودة من قبله.
وقد اتّسعت مساحة بلاد الإسلام في عهده كثيراً، وفتحت خراسان وأفريقية، وتابع بعث المعلمين إلى الأمصار.
ثم أصابته البلوى التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم، فصبر صبراً عجيباً، وكفَّ الناسَ عن القتال، وأمر كلَّ من أراد أن ينصره أن يكفّ سلاحه ويده لئلا يراق بسببه دم امرئ مسلم، وناظر البغاة، ثمّ حاصروه في بيته، ثمّ قَتلوه مظلوماً وهو صائم، يوم الجمعة لثمان عشرة من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين من الهجرة.

وكان - وهو محصور - قد استخلف ابن عباس على الحجّ أميراً ؛ فخطب فيهم في عرفة وفسّر لهم القرآن تفسيراً حسناً كان غاية في الحسن والتشويق، ولما انصرف إلى المدينة بلغه خبر مقتل عثمان وهو في الطريق.
وقد رثاه جماعة منهم حسان بن ثابت وكعب بن مالك رضي الله عنهما
- فقال حسان فيما قال:
ضحوا بأشمط عنوان السجود بــــه ... يقطّع الليل تسبيحـــــــاً وقرآنــــــــــــــــــــــــا
صبرا فدى لكم أمي ومــــا ولدت ... قد ينفع الصبر في المكروه أحيانــــــــــا
ليسمعن وشيكـــــــــــــا في ديـــــــــــارهم ... الله أكبر يا ثـــــــــــــارات عثمانــــــــــــــــــــــا
- وقال كعب بن مالك:
فكــــــف يديــــــــــــــــــــــــه ثم أغلق بابــــــــــــــه ... وأيقـــــــــــــــــــــن أن الله ليس بغافـــــــــــــــــــل
وقــال لأهــــــــــــــــــل الدار لا تقتلوهــــــــــم ... عفــــــــــــــــــا الله عن كل امرئ لم يقاتـــــــل
فكيف رأيت الله صب عليهم الـــــــــــــــ ... عداوة والبغضــــــــــــــــاء بعد التواصــــــــــل
وكيف رأيت الخيـــــــــــر أدبــــــــــــــر بعــــــــــده ... عن الناس إدبار النعــــام الجوافـــــــــــــل

أحاديث وآثار في فضل عثمان بن عفان رضي الله عنه
وقد روي في فضل عثمان أحاديث وآثار كثيرة منها:
1. حديث أبي عثمان النهدي، عن أبي موسى رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل حائطا وأمرني بحفظ باب الحائط، فجاء رجل يستأذن، فقال: «ائذن له وبشره بالجنة»، فإذا أبو بكر، ثم جاء آخر يستأذن، فقال: «ائذن له وبشره بالجنة»، فإذا عمر، ثم جاء آخر يستأذن فسكت هنيهة ثم قال: «ائذن له وبشره بالجنة على بلوى ستصيبه»، فإذا عثمان بن عفان). رواه أحمد والبخاري ومسلم، ورواه البخاري في صحيحه من طريق سعيد بن المسيب عن أبي موسى مطولاً.
2. وقال سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة أن أنس بن مالك رضي الله عنه، حدثهم أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أُحُدا، وأبو بكر، وعمر، وعثمان فرجف بهم، فقال: «اثبت أحد فإنما عليك نبي، وصديق، وشهيدان» رواه أحمد والبخاري وأبو داوود والترمذي والنسائي في الكبرى.
3. وقال محمد بن أبي حرملة، عن عطاء وسليمان ابني يسار، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، أن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا في بيتي، كاشفا عن فخذيه أو ساقيه، فاستأذن أبو بكر فأذن له، وهو على تلك الحال، فتحدَّث، ثم استأذن عمر، فأذن له، وهو كذلك، فتحدَّث، ثم استأذن عثمان، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسوى ثيابه؛ فدخل فتحدث، فلما خرج قالت عائشة: دخل أبو بكر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك فقال: «ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة» رواه مسلم في صحيحه والبخاري في الأدب المفرد.
4: وقال إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه: (( وددت أن عندي بعض أصحابي )).
قلنا: يا رسول الله ألا ندعو لك أبا بكر فسكت، قلنا: يا رسول الله ألا ندعو لك عمر فسكت، قلنا: يا رسول الله ألا ندعو لك عليا فسكت، قلنا: ألا ندعو لك عثمان
قال: ((بلى)).
فأرسلنا إلى عثمان فجاء فخلا به، فجعل يكلمه، ووجه عثمان يتغير.
قال قيس: فحدثني أبو سهلة – مولى عثمان - أن عثمان قال يوم الدار: ( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلي عهداً، وأنا صابر عليه ).
قال قيس: (كانوا يرون أنه ذلك اليوم). رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وابن حبان.
5. وقال خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « أرحم أمَّتي بأمَّتي أبو بكر، وأشدهم في دين الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ألا وإن لكل أمة أمينا، وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح» رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وزاد "وأقضاهم عليّ بن أبي طالب"، ومن أهل العلم من أعلّه بالرواية المرسلة.
6. وقال عبد الله بن شوذب، عن عبد الله بن القاسم، عن كثير مولى عبد الرحمن بن سمرة عن عبد الرحمن بن سمرة، قال: جاء عثمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم بألف دينار حين جهز جيش العُسْرَة فنثرها في حجره.
قال عبد الرحمن: فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقلّبها في حجره ويقول: (( ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم )) مرتين. رواه أحمد والترمذي والحاكم وصححه.
7. وحديث عثمان بن موهب عن ابن عمر أنه قال في عذر عثمان لما تغيّب عن بدر وعن بيعة الرضوان: (وأما تغيّبه عن بدر فإنه كانت تحته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت مريضة)، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا، وسهمه»
وأما تغيبه عن بيعة الرضوان، فلو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان لبعثه مكانه، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان وكانت بيعة الرضوان بعد ما ذهب عثمان إلى مكة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده اليمنى: «هذه يد عثمان». فضرب بها على يده، فقال: «هذه لعثمان» رواه أحمد والبخاري والترمذي.
8. وقال محمد بن سيرين، عن كعب بن عجرة، قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر فتنة فقرَّبها، ثم مرَّ رجل مقنَّع، فقال: «هذا يومئذٍ على الهدى»
قال: فاتَّبعْتُه حتى أخذت بضَبعيه؛ فحوَّلتُ وجهَه إليه، وكشفتُ عن رأسِه؛ فقلت: هذا يا رسول الله؟
قال: «نعم، هذا» فإذا هو (عثمان بن عفان رضي الله عنه). رواه أحمد في فضائل الصحابة، وابن أبي شيبة، وابن ماجه، والترمذي، وروي نحو هذا الخبر عن مرة بن كعب البهزي وعبد الله بن حوالة.
9. وقال سنان بن هارون البرجمي، عن كليب بن وائل، عن ابن عمر، قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة، فمرَّ رجل، فقال: «يقتل هذا المقنع يومئذ مظلوما» قال: فنظرت فإذا هو (عثمان بن عفان رضي الله عنه). رواه أحمد، والترمذي، وصححه ابن حجر.
10. وقال أبو إسحاق السبيعي، عن أبي عبد الرحمن السلمي، أن عثمان رضي الله عنه حين حوصر أشرف عليهم، وقال: أنشدكم الله، ولا أنشد إلا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « من حفر رومة فله الجنة»؟ فحفرتها، ألستم تعلمون أنه قال: «من جهز جيش العسرة فله الجنة؟» فجهَّزتُهم
قال: (فصدقوه بما قال). رواه البخاري في صحيحه مختصراً، وله روايات وطرق أخرى مفصلة.
11. وقال يحيى بن أبي الحجاج المنقري، عن سعيد الجريري، عن ثمامة بن حزن القشيري قال: شهدت الدار حين أشرف عليهم عثمان، فقال: أنشدكم بالله وبالإسلام، هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة؟ فقال: (( من يشتري بئر رومة؛ فيجعل فيها دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة؟)) فاشتريتها من صلب مالي فجعلت دلوي فيها مع دلاء المسلمين، وأنتم اليوم تمنعوني من الشرب منها حتى أشرب من ماء البحر، قالوا: اللهم نعم.
قال: فأنشدكم بالله والإسلام، هل تعلمون أني جهزت جيش العسرة من مالي؟
قالوا: اللهم نعم.
قال: فأنشدكم بالله والإسلام، هل تعلمون أن المسجد ضاق بأهله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من يشتري بقعة آل فلان فيزيدها في المسجد بخير له منها في الجنة؟» فاشتريتها من صلب مالي فزدتها في المسجد، وأنتم تمنعوني أن أصلي فيه ركعتين!!
قالوا: (اللهم نعم). رواه الترمذي والنسائي، وله طرق أخرى.
12. وقال حماد بن زيد: حدثنا يحيى بن سعيد عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال: كنت مع عثمان في الدار وهو محصور، وكنَّا ندخل مدخلاً إذا دخلناه سمعنا كلام من على البلاط، قال: فدخل عثمان يوما لحاجة، فخرج إلينا منتقعاً لونه، فقال: (إنهم ليتوعدوني بالقتل آنفا).
قلنا: يكفيكهم الله يا أمير المؤمنين.
فقال: وبم يقتلوني؟ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( إنه لا يحل دم امرئ مسلم إلا في إحدى ثلاث: رجل كفر بعد إسلامه، أو زني بعد إحصانه، أو قتل نفسا بغير نفس ))
(فوالله ما زنيت في جاهلية ولا إسلام، ولا تمنيت بدلاً بديني منذ هداني الله عز وجل، ولا قتلت نفسا؛ فبم يقتلوني؟!). رواه أحمد وابن سعد وأبو داوود والترمذي وابن ماجه والنسائي، وله طرق أخرى.
13. وقال أبو جعفر الرازي، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر أن عثمان أصبح يحدث الناس قال: ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الليلة في المنام، فقال: يا عثمان أفطر عندنا) فأصبح وقتل من يومه. رواه ابن أبي شيبة، والحاكم، وصححه، وروي خبر هذه الرؤيا من طرق متعددة عن عثمان رضي الله عنه.
14. وحديث عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: «كنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا نعدل بأبي بكر أحدا، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نترك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، لا نفاضل بينهم» رواه البخاري وأبو داوود.
15. وقال شعبة: حدثني أبو بشر، عن يوسف بن سعد المكي، عن محمد بن حاطب قال: سمعت علياً يخطب يقول: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى} منهم عثمان). رواه أحمد في فضائل الصحابة وابن جرير في تفسيره والطحاوي في شرح مشكل الآثار.
ورواه ابن أبي شيبة وابن أبي عاصم لكن وقع عندهم يوسف بن ماهك بدل يوسف بن سعد.

16. وقال عبد الملك بن عمير، عن موسى بن طلحة بن عبيد الله، أنّ عائشة رضي الله عنها قالت: (لَعُثمان كان أتقاهم للرب عز وجل، وأحصنهم للفرج، وأوصلهم للرحم). رواه أحمد في فضائل الصحابة وعبد الرزاق في فضائل الصحابة، وعمر بن شبة في تاريخ المدينة، ورُوي نحوه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
17. وقال حماد بن سلمة: أخبرنا عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن إبراهيم، عن عكرمة، عن ابن عباس: في قوله: {هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم} قال: (عثمان بن عفان). رواه ابن سعد وابن أبي شيبة.
18. وقال عبد الرحمن بن عثمان التيمي: « قمت خلف المقام وأنا أريد أن لا يغلبني عليه أحد تلك الليلة، فإذا رجلٌ يغمزني فلم ألتفت، ثم غمزني فنظرت، فإذا [هو أمير المؤمنين] عثمان بن عفان فتنحيت، فتقدَّم فقرأ القرآن في ركعة، ثم انصرف» رواه ابن سعد، وعبد الرزاق والشافعي والدارقطني وغيرهم من طرق متعددة عن عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي، وهو ابن أخي طلحة بن عبيد الله، أسلم يوم الفتح وهو في عداد الصحابة رضي الله عنهم.


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 2 ذو القعدة 1442هـ/11-06-2021م, 04:30 PM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي

4: عليّ بن أبي طالب بن عبد المطّلب الهاشمي القرشي (ت:40هـ) رضي الله عنه:
رابع الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وابن عمّ النبي صلى الله عليه وسلم، ولد قبل البعثة بنحو عشر سنين، وهو أوّل من آمن به من الصبيان، وهو أوّل من صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم بعد خديجة.
وكان أصغرَ ولدِ أبي طالب، وأمّه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، أسلمت وتوفيت بالمدينة، وهي أوّل هاشمية وَلدت لهاشمي.
لزم عليٌّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، بمكة والمدينة، ولما آخى بين المهاجرين والأنصار جعل علياً معه؛ وزوّجه ابنته فاطمة، وجعل بيته أوسط بيوت النبي صلى الله عليه وسلم.
وشهد عليّ بدراً وكان أحد المبارزين فيها، وشهد بيعة الرضوان وكان هو كاتب صحيفة الصلح بالحديبية، وشهد المشاهد كلها مع النبي صلى الله عليها إلا غزوة تبوك خلّفه النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة ليصلي بالناس وينوب عنه في مصالح المسلمين، وقال له: (( أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي )).
اجتمعت فيه خصال حسنة؛ ومناقب فاضلة؛ في العلم والدعوة والجهاد والقضاء وحسن الرأي في المعضلات مع ما تقدّم ذكره من كونه من أوائل السابقين إلى الإسلام.
- فكان مجاهداً بطلاً، لم يُذكر عنه أنه غُلب في مبارزة قطّ.
- وكان من كتّاب النبي صلى الله عليه وسلم، وممن كتب له الوحي.
- وكان ممن جمع القرآن؛ فقد حَبَس نفسه على جمع القرآن بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم حتى جمعه.
- وكان من أعلم الناس بالقرآن ونزوله، وأفقههم لأحكامه، وأعلمهم بالقضاء، يُفزع إليه في حلّ المعضلات، والجواب عن المشكلات، والاجتهاد في النوازل.
- وبعثه النبي صلى الله عليه وسلم رديفاً لأبي بكر سنة 9 هـ، ليؤذّن في الحجّ ببراءة، وأن لا يحجّ بعد ذلك العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان.
- ثمّ بعثه في رمضان من السنة العاشرة للهجرة أميراً على سريّة إلى اليمن؛ ففتح الله له، وأسلم أكثرهم طواعية، فمكث فيها إلى أن حضر موسم الحجّ فحجّ مع النبي صلى الله عليه وسلم حجّة الوداع.
- وكان بعد النبي صلى الله عليه وسلّم وزيراً للخلفاء الراشدين الثلاثة ونصيراً لهم، يستشار في النوازل، ويُرجع إليه في المعضلات.
قال سعيد بن المسيب: (كان عمر يتعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو حسن). رواه عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب فضائل الصحابة لأبيه من طريق ابن عيينة عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب.
وفضائله كثيرة جداً، أفردها بعض أهل العلم في مؤلفات، ومن أشهرها كتاب "خصائص عليّ" لأبي عبد الرحمن النسائي صاحب السنن.
- قال وهب بن عبد الله الكوفي، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال: شهدت عليا وهو يخطب ويقول: (سلوني عن كتاب الله، فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم بليل نزلت أم بنهار وأم في سهل، أم في جبل). رواه عبد الرزاق في تفسيره، وابن عساكر في تاريخ دمشق.


تولّيه الخلافة:
تولّى الخلافة بعد عثمان بمبايعة كبار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من بايعه طلحة والزبير وغيرهما، واستوسقت له البيعة ولم ينازعه أحد في الخلافة، وسار على طريقة أسلافه الخلفاء في تعليم القرآن وإقرائه وتدارسه، وكانت الأمور في عهده غير مستقرّة بسبب آثار فتنة مقتل عثمان، وما جرى بعدها من الفتن، لكن كان تعليم التفسير وغيره من علوم الشريعة سائراً على الطريقة المعهودة.
وكان رضي الله عنه قد قرأ القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ممن يكتب الوحي، وجمع القرآن في خلافة أبي بكر، وكان من أعلم الصحابة بالقضاء والتفسير، وفضائله كثيرة.

أحاديث في فضل علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
روي فضل علي بن أبي طالب رضي الله عنه أحاديث كثيرة حتى أفرد كثيراً منها أبو عبد الرحمن النسائي صاحب السنن في كتاب سمّاه "خصائص عليّ".
ومن الأحاديث المروية في فضله:
1. قال إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي بن أبي طالب: (( أنت مني وأنا منك )). رواه البخاري والترمذي والنسائي في الكبرى وغيرهم.
2. وقال الأعمش، عن عدي بن ثابت، عن زر، قال: قال علي: والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إلي: «أن لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق» رواه أحمد ومسلم والترمذي والنسائي في الكبرى وغيرهم.
3. وقال الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (إنما كنا نعرف منافقي الأنصار ببغضهم علياً). رواه أحمد في فضائل الصحابة، وروي نحوه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
4. وقال أبو حازم سلمة بن دينار: أخبرني سهل رضي الله عنه، يعني ابن سعد، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر: «لأعطين الراية غدا رجلا يفتح على يديه، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله»، فبات الناس ليلتهم أيهم يعطى، فغدوا كلهم يرجوه، فقال: «أين علي؟»، فقيل يشتكي عينيه، فبصق في عينيه ودعا له، فبرأ كأن لم يكن به وجع، فأعطاه فقال: أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال: «انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا خير لك من أن يكون لك حمر النعم» رواه البخاري ومسلم، ولهذا الحديث طرق أخرى كثيرة.
5. وقال شعبة، عن الحكم، عن مصعب بن سعد عن سعد بن أبي وقاص قال: خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب في غزوة تبوك فقال: يا رسول الله تخلفني في النساء والصبيان؟ فقال: «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ غير أنه لا نبي بعدي». رواه البخاري ومسلم.
6. وقال إسماعيل بن رجاء الزبيدي، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري قال: كنا جلوسا ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إلينا قد انقطع شسع نعله، فرمى بها إلى علي فقال: «إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله» فقال أبو بكر: أنا؟ قال: «لا» قال عمر: أنا قال: «لا، ولكن صاحب النعل» رواه الإمام أحمد والنسائي في الكبرى، وأبو يعلى والطحاوي، وابن حبان وغيرهم من طرق عن إسماعيل به.
وهذا الخبر من دلائل النبوة؛ فإنّ الخوارج ظهروا في عهده فقاتلهم.
7. وقال بكير بن الأشج، عن بسر بن سعيد، عن عبيد الله بن أبي رافع، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الحرورية لما خرجت - وهو مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه- قالوا: "لا حكم إلا لله"، قال علي: "كلمة حق أُريد بها باطل، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف ناسا، إني لأعرف صفتهم في هؤلاء: «يقولون الحق بألسنتهم لا يجوز هذا منهم، - وأشار إلى حلقه - من أبغض خلق الله إليه، منهم أسود إحدى يديه طِبْي شاة أو حلمة ثدي» ".
فلما قتلهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: انظروا، فنظروا فلم يجدوا شيئا، فقال: ارجعوا فوالله، ما كَذبت ولا كُذبت، مرتين أو ثلاثا، ثم وجدوه في خربة، فأتوا به حتى وضعوه بين يديه). رواه مسلم والنسائي في السنن الكبرى وابن حبان، ولهذا الخبر طرق كثيرة.
8. وقال أبو إسحاق السبيعي، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ألا أعلمك كلمات إذا قلتهن غُفِرَ لك، مع أنه مغفور لك: لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السماوات السبع، ورب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين)). رواه الإمام أحمد وابن أبي شيبة والنسائي في الكبرى وابن حبان وابن أبي عاصم وغيرهم.

ظهور الخوارج في عهد عليّ:
لما ظهرت فرقة الخوارج في عهده وكانوا يجادلون بالقرآن؛ وبلغ عليّا ما نقموا عليه، أمر أن يؤذّن بأن لا يدخل على أمير المؤمنين إلا رجل قد حمل القرآن؛ فلما أن امتلات الدار من قراء الناس، دعا بمصحف إمام عظيم، فوضعه بين يديه، فجعل يصكّه بيده ويقول: أيها المصحف، حدّث الناس، فناداه الناس فقالوا: يا أمير المؤمنين، ما تسأل عنه إنما هو مداد في ورق، ونحن نتكلم بما روينا منه، فماذا تريد؟
قال: أصحابكم هؤلاء الذين خرجوا، بيني وبينهم كتاب الله عز وجل، يقول الله تعالى في كتابه في امرأة ورجل: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما} فأمة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم دما وحرمة من امرأة ورجل.
ونقموا علي أن كاتبت معاوية: كتب علي بن أبي طالب، وقد جاءنا سهيل بن عمرو، ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية، حين صالح قومه قريشا، فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بسم الله الرحمن الرحيم» . فقال: سهيل لا تكتب: بسم الله الرحمن الرحيم. فقال: «كيف نكتب؟» فقال: اكتب باسمك اللهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فاكتب: محمد رسول الله " فقال: لو أعلم أنك رسول الله لم أخالفك. فكتب: هذا ما صالح محمد بن عبد الله قريشا، يقول: الله تعالى في كتابه: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر}.
ثم بعث إليهم عبدَ الله بن عباس، فلمّا توسّط عسكرهم قام ابن الكواء يخطب الناس، فقال: يا حملة القرآن، إن هذا عبد الله بن عباس، فمن لم يكن يعرفه فأنا أعرّفه من كتاب الله ما يعرفه به، هذا ممن نزل فيه وفي قومه: {قوم خصمون} فرُدّوه إلى صاحبه، ولا تواضعوه كتاب الله.
فقام خطباؤهم؛ فقالوا: والله لنواضعنه كتاب الله، فإن جاء بحق نعرفه لنتبعنه، وإن جاء بباطل لنبكّتنه بباطله؛ فواضعوا عبد الله الكتاب ثلاثة أيام، فرجع منهم أربعة آلاف كلهم تائب، فيهم ابن الكوَّاء، حتى أدخلهم على علي الكوفة).
وخبرهم طويل قصّه عبد الله بن شداد بن الهاد على عائشة رضي الله عنها وكان قد شهد مناظرة ابن عباس للخوارج، والقصة مروية في مسند الإمام أحمد، ومسند أبي يعلى، ومستدرك الحاكم وسنن البيهقي.
واستشهد عليّ رضي الله عنه في الكوفة سنة 40هـ. قتله عبد الرحمن بن ملجم المرادي من الخوارج، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر عليّاً بذلك.

- قال سالم بن أبي الجعد عن عبد الله بن سبع: خطبنا علي قال: «لتخضبنَّ هذِهِ من هذا» يعني لحيته من رأسه.
قالوا: أخبرنا به نقتله.
قال: «إذا تالله تقتلون بي غير قاتلي». رواه أحمد وابن أبي شيبة، وعبد الله بن سبع مجهول الحال لم يرو عنه غير سالم، وله طرق أخرى يصحّ بها.

- قال إسماعيل بن أبي خالد: حدثنا عامر [الشعبي] قال: (ما رأيت رجلا أعظمَ لحيةً من عليٍّ، قد ملأت ما بين منكبيه بيضاء، وفي الرأس زغبات). رواه أبو حفص الفلاس.


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:35 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة