سورة الروم
[ من الآية (47) إلى الآية (53) ]
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاؤُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (47) اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاء وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (48) وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (49) فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (50) وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَّظَلُّوا مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ (51) فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (52) وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ (53)}
قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاؤُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (47)}
قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاء وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (48)} قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: كلّهم قرأ: ويجعله كسفا [الروم/ 48] مفتوحة السين غير ابن عامر فإنه قرأ: (كسفا) ساكنة السين.
[قال أبو علي]: الكسف القطع، الواحدة كسفة، مثل: سدرة وسدر، ومن قرأ (كسفا) أمكن أن يجعله مثل سدرة وسدر، فيكون معنى القراءتين واحدا وقوله بعد: فترى الودق يخرج من خلاله [الروم/ 43] يجوز أن يعود الضمير إلى الكسف فذكّر، كما جاء من الشجر الأخضر [يس/ 80] ويجوز أن يعود إلى السحاب.
ومن قال: كسفا رجع الضمير إلى السحاب على قوله لا غير). [الحجة للقراء السبعة: 5/448]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة علي عليه السلام: [مِن خَلَلِه]، وكذا ابن عباس والضحاك والحسن، بخلاف.
قال أبو الفتح: يجوز أن يكون "خلل" واحد خِلال، كجَبَل وجِبال، ودار ودِيَار. ويجوز أن يكون خلال واحدًا عَاقَبَ خللا، كالغَرَاء والغِرَاء، والصَلَى والصَّلاء. وسُمِّيَ الرجلُ خليلا، كأنه يسدُّ خَلَلَ خَلِيلِهِ، فهذا إذا للسلب لا للإثبات، كالسُّكاك للهواء بين الأرض والسماء، كأنه استلب معنى س ك ك، وهو الضيق، وقد تقدم نحو هذا). [المحتسب: 2/164]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({الله الّذي يرسل الرّياح فتثير سحابا فيبسطه في السّماء كيف يشاء ويجعله كسفا} 48
قرأ ابن عامر ويجعله كسفا ساكنة السّين وقرأ الباقون بفتح السّين جمع كسفة مثل قطعة وقطع وكسرة وكسر وسدرة وسدر
ومن قرأ كسفا ساكنة السّين فهي جمع كسفة مثل سدرة وسدر
قرأ ابن كثير وحمزة والكسائيّ (الله الّذي يرسل الرّيح) بغير ألف وقرأ الباقون بالألف وقد ذكرت الحجّة في سورة البقرة). [حجة القراءات: 560]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (11- {الله الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ} [آية/ 48] بالجمع.
قرأها نافع وابن عامر وأبو عمرو وعاصم ويعقوب.
وكلهم قرأ في الأول وهو {الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ} بالجمع.
والوجه أنه جمع ريح، والمراد ههنا كل الرياح، فإن جميعها يرسلها الله تعالى.
[الموضح: 1007]
وقرأ الباقون {يُرْسِلُ الرِّيحَ} بالوحدة.
والوجه أن الريح ههنا يراد بها الكثرة؛ لأنها اسم جنس فيه الألف واللام، فالمراد به وإن كان اللفظ واحدًا الجمع.
وذكر بعض أهل اللغة أن الريح جمع ريحةٍ، فهو جمعٌ لفظًا ومعنىً، وعند المحققين أن ما كان بين جمعه وواحده الهاء نحو تمرة وتمر فإنه اسم جنس، والكثرة حاصلة فيه من جهة الجنسية). [الموضح: 1008]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (12- {كِسْفًا} [آية/ 48] بسكون السين:
قرأها ابن عامر وحده.
والوجه أنه يجوز أن يكون واحدًا كحِمْلٍ، ويجوز أن يكون جمعًا لكسفةٍ كسدرٍ لجمع سدرةٍ.
وقرأ الباقون {كِسَفًا} بفتح السين.
والوجه أنه جمع كسفةٍ، كما يقال قطعة وقطع). [الموضح: 1008]
قوله تعالى: {وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (49)}
قوله تعالى: {فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (50)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فانظر إلى آثار رحمت اللّه (50)
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر، ويعقوب (إلى أثر رحمت اللّه) موحدا.
وقرأ الباقون (آثار رحمت اللّه).
[معاني القراءات وعللها: 2/265]
قال أبو منصور: من قرأ (آثار) فهو جمع الأثر.
ومن قرأ (أثر) فهو من واحد، معناه: الآثار). [معاني القراءات وعللها: 2/266]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الجمع والتوحيد من قوله تعالى: (فانظر إلى أثر رحمة الله) [الروم/ 50] فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر: (إلى أثر) على واحدة. وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم: إلى آثار رحمة الله جماعة.
قال أبو علي: الإفراد في (أثر) لأنّه مضاف إلى مفرد، وجاز
[الحجة للقراء السبعة: 5/448]
الجمع لأنّ رحمة الله، يجوز أن يراد به الكثرة كما قال سبحانه: وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها [النحل/ 18] فأمّا قوله: كيف يحيي الأرض [الروم/ 50] فيجوز أن يكون فاعله الأثر، ويجوز أن يكون فاعله: الضمير الذي يعود إلى اسم الله، وأن يكون الفاعل: الذكر العائد إلى اسم الله تعالى أولى، لقوله: أن الله يحيي الأرض بعد موتها [الحديد/ 17] ولنحيي به بلدة ميتا [الفرقان/ 49] ونحو هذا من الآي.
ومن ردّ الذكر الذي في يحيي إلى الأثر لزمه إذا قال: إلى آثار رحمة الله أن يقول: (تحيي) بالتاء، إذا جعل الفعل للآثار). [الحجة للقراء السبعة: 5/449]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الجحدري وابن السميفع وأبي حيوة: [أثَر رَحْمَةِ اللَّهِ]، [كيْفَ تُحْيي].
قال أبو الفتح ذهب بالتأنيث إلى لفظ "الرحمة" ولا تقول على هذا: أما ترى إلى غلام هند كيف تضرب زيدا؟ بالتاء وفرق بينهما أن الرحمة قد يقوم مقامها أثرها، فإذا ذكرت أثرها فكأن الغرض في ذلك إنما هو هي. تقول: رأيت عليك النعمة، ورأيت عليك أثر النعمة، ولا يعبر عن هند بغلامها.
ألا ترى أنك لا تقول رأيت غلام هند وأنت تعني أنك رأيتها؟ وأثر النعمة كأنه هو النعمة، وقوله: {كَيْفَ تُحْيِي} جملة منصوبة الموضع على الحال، حملا على المعنى لا على اللفظ؛ وذلك أن اللفظ استفهام، والحال ضرب من الخبر، والاستفهام والخبر معنيان متدافعان. وتلخيص كونها حالا أنه كأنه قال: فانظر إلى أثر رحمة الله محيية للأرض بعد موتها، كما أن قوله:
ما زِلْتُ أسعَى معهمْ وأختبِط ... حتى إذا جاء الظلامُ المُخْتَلِط
جاءُوا بِضَيْحٍ هَلْ رَأيْتَ الذِّيبَ قَطّ؟
فقوله: هل رأيت الذيب قط جملة استفهامية، إلا أنها في موضع وصف "الضيح" حملا على معناها دون لفظها؛ لأن الصفة ضرب من الخبر، فكأنه قال: جاءوا بضيح يشبه لونه لون الذئب. والضيح: هو اللبن المخلوط بالماء، فهو يضرب إلى الخضرة والطلسة، وعليه قول الآخر:
إلَى اللهِ أَشْكُو بالمدينةِ حاجَةً ... وبالشَّامِ أُخْرَى كَيْفَ تَلْتَقِيانِ؟
[المحتسب: 2/165]
فقوله: كيف تلتقيان جملة في موضع نصب بدلا من "حاجةً" وحاجةً، فكأنه قال: إلى الله أشكو هاتين الحالتين تعذر التقائهما, هذا أحسن من أن تقتطع قوله: كيف تلتقيان مستأنفا، لأن هذا ضرب من هجنة الإعراب، لأنه إنما يشكو تعذر التقائهما، ولا يريد استقبال الاستفهام عنهما). [المحتسب: 2/166]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فانظر إلى آثار رحمة الله} 50
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر (فانظر إلى أثر رحمة الله) بغير ألف على التّوحيد وحجتهم أن الواحد ينوب على الجميع كما قال سبحانه {هم أولاء على أثري} ولم يقل آثاري ويجوز التّوحيد في أثر لأنّه مضاف إلى مفرد وجاز الجمع لأن رحمة الله يجوز أن يراد بها الكثرة كما قال جلّ وعز {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}
وقرأ الباقون {آثار رحمة الله} أي آثار المطر الّذي هو رحمة من الله). [حجة القراءات: 561]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (10- قوله: {إلى آثار رحمت الله} قرأه ابن عامر وحفص وحمزة والكسائي «آثار» بالجمع، لكثرة ما تؤثر الرحمة في الأرض، وهو المطر، وقرأ الباقون بالتوحيد؛ لأنه لما أضيف إلى مفرد أفرد ليتألف الكلام، وأيضًا فإن الواحد يدل على الجمع، وهو أخف، وهو الاختيار، ويقوي ذلك أن بعده {كيف يحيي الأرض} فهذا إخبار عن واحد، ويلزم من قرأ «آثار» بالجمع أن يقرأ: {كيف تحيي} بالتاء، لتأنيث لفظ الآثار، ولكن لا يقرأ بذلك لأن من قرأ «آثار» بالجمع جاز له أن يقدر أن الفاعل في «يحيى» هو الله جل ذكره،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/185]
لتقدم ذكره، فلا يلزمه أن يقرأ بالتاء لجمع «الأثر»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/186]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (13- {إِلَى آَثَارِ رَحْمَةِ الله} [آية/ 50] على الجمع:
قرأها ابن عامر وحمزة والكسائي و-ص- عن عاصم.
والوجه أنه جمع أثرٍ، وإنما جُمع؛ لأنه أُضيف إلى رحمة الله، ورحمة الله وإن كان لفظها واحدًا، فالمراد به الجمع كقوله تعالى {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ الله لَا تُحْصُوهَا}.
وقيل: بل لأنه أراد بالرحمة الأمطار
[الموضح: 1008]
وقرأ الباقون وعاصم –ياش- {أَثَرِ} على الوحدة.
والوجه أنه لما كان رحمة الله واحدة في اللفظ وُحِّد لفظ ما أُضيف إليها، وهو {أَثَر}، إرادة التناسب، والمراد بكليهما الجمع). [الموضح: 1009]
قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَّظَلُّوا مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ (51)}
قوله تعالى: {فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (52)} قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: كلّهم قرأ: ولا تسمع الصم [الروم/ 52]، نصبا غير ابن كثير فإنّه قرأ: (ولا يسمع الصمّ) رفعا، عباس عن أبي عمرو مثل ابن كثير.
قال أبو علي: هذا مثل ضربه الله للكافر، والمعنى: كما أنّك لا تسمع الميت لبعد استماعه وامتناع ذلك منه، كذلك لا تسمع الكفّار، والمعنى: أنّه لا ينتفع بما يسمعه لأنّه لا يعيد، ولا يعمل به، ويبعد عنه، فإذا كان كذلك فمعنى: ولا تسمع ولا يسمع يتقاربان، لأنّ المعنى: إنّك لا تسمع الكافر ما تأتيه من حكمة وموعظة كما لا تسمع الأصمّ المدبر عنك، إلّا أنّ لا تسمع أحسن ليكون مشاكلا لما قبله في
[الحجة للقراء السبعة: 5/449]
إسناد الفعل إليك أيها المخاطب، وحكم المعطوف أن يكون مشاكلا [لما عطف عليه] ). [الحجة للقراء السبعة: 5/450]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فإنّك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدّعاء إذا ولوا مدبرين * وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم} 51 و52
قرأ ابن كثير {ولا يسمع} بالياء وفتحها {الصم} رفع أي لا ينقادون للحق لعنادهم كما لا يسمع الأصم ما يقال له
وقرأ الباقون {لا تسمع} بالتّاء {الصم} نصب خطاب لرسول الله صلى الله عليه وحجتهم ما ذكره في أول الآية وهو قوله {فإنّك لا تسمع الموتى} فأسند الفعل إلى المخاطب فكذلك تسند إليه ما بعده ليكون الكلام على نظام واحد
قرأ حمزة (وما أنت تهدي) بالتّاء {العمي} نصب
[حجة القراءات: 561]
وقرأ الباقون {بهادي} بالباء والألف و{العمي} جر وقد ذكرت في {طس} و{بهادي} أثبتها الكسائي في الوقف
قال سيبويهٍ حذف الياء من هادي لالتقائها مع التّنوين فلمّا وقف حذف التّنوين في الوقف فلمّا حذف التّنوين عادت الياء وكانت حذفت لالتقائها ساكنة مع التّنوين فيقول هادي أو يكون أريد ب هادي الإضافة ولم ينون فلمّا لم ينون لم يلزم أن تحذف الياء كما تحذف إذا نون لسكونها وسكون الياء). [حجة القراءات: 562] (م)
قوله تعالى: {وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ (53)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعز: (وما أنت بهاد العمي (53)
وقف عليها الكسائي ويعقوب بياء.
وقرأها حمزة وحده (تهدي العمي) بالتاء، وإظهار الياء في الوقف على (تهدي).
قال الأزهري: من قرأها (وما أنت بهاد العمي عن ضلالتهم)
فمعناه: ما أنت بصارف الذين ضلوا عن ضلالتهم ولذلك قال (عن).
وقيل معناه ما أنت بمرشدٍ الكفار بعد ضلالتهم في سابق علم الله.
فـ (عن) بمعنى: بعد). [معاني القراءات وعللها: 2/267]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فإنّك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدّعاء إذا ولوا مدبرين * وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم} 51 و52
قرأ ابن كثير {ولا يسمع} بالياء وفتحها {الصم} رفع أي لا ينقادون للحق لعنادهم كما لا يسمع الأصم ما يقال له
وقرأ الباقون {لا تسمع} بالتّاء {الصم} نصب خطاب لرسول الله صلى الله عليه وحجتهم ما ذكره في أول الآية وهو قوله {فإنّك لا تسمع الموتى} فأسند الفعل إلى المخاطب فكذلك تسند إليه ما بعده ليكون الكلام على نظام واحد
قرأ حمزة (وما أنت تهدي) بالتّاء {العمي} نصب
[حجة القراءات: 561]
وقرأ الباقون {بهادي} بالباء والألف و{العمي} جر وقد ذكرت في {طس} و{بهادي} أثبتها الكسائي في الوقف
قال سيبويهٍ حذف الياء من هادي لالتقائها مع التّنوين فلمّا وقف حذف التّنوين في الوقف فلمّا حذف التّنوين عادت الياء وكانت حذفت لالتقائها ساكنة مع التّنوين فيقول هادي أو يكون أريد ب هادي الإضافة ولم ينون فلمّا لم ينون لم يلزم أن تحذف الياء كما تحذف إذا نون لسكونها وسكون الياء). [حجة القراءات: 562] (م)