العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > التفسير اللغوي > جمهرة التفسير اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 محرم 1432هـ/8-12-2010م, 09:57 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 22 إلى 40]

(إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (22) وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25) وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27) وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29) وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (31) وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (32) وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33) وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (34) وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (35) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36) لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (37) قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (38) وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (39) وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40) )

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (22) )
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إنّ شرّ الدّوابّ عند اللّه} يعني شر الناس عند اللّه {الصّمّ} عما بعث رسوله صلّى اللّه عليه وسلم من الدين {البكم} يعني الذين لا يتكلمون بخير ولا يفعلونه. والبكم: الخرس). [تفسير غريب القرآن: 178]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إنّ شرّ الدّوابّ عند اللّه الصّمّ البكم الّذين لا يعقلون}
[معاني القرآن: 2/408]
يعني به هؤلاء الذين يسمعون ويفهمون فيكونون في ترك القبول بمنزلة
من لم يسمع ولم يعقل). [معاني القرآن: 2/409]

تفسير قوله تعالى: (وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ولو علم اللّه فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولّوا وهم معرضون}
أي لو علم اللّه فيهم خيرا لأسمعهم جواب كل ما يسألون عنه.
ثم قال جلّ وعزّ:
{ولو أسمعهم لتولّوا وهم معرضون}.
أي لو بيّن لهم كل ما يعتلج في نفوسهم لتولّوا - وهم معرضون - لمعاندتهم). [معاني القرآن: 2/409]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم} [آية: 23]
أي لأسمعهم جواب كل ما يسألون عنه
25 - ثم قال جل وعز: {ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون} [آية: 23] أي لو أخبرهم بكل ما يسألون عنه لأعرضوا وكفروا معاندة وحسدا). [معاني القرآن: 3/143]

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {استجيبوا لله} مجازه: أجيبوا الله؛ ويقال استجبت له واستجبته، وقال كعب بن سعد الغنويّ:

وداعٍ دعا يا من يجيب إلى النّدى.=.. فلم يتجبع عند ذاك مجيب
). [مجاز القرآن: 1/245]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إذا دعاكم لما يحييكم} مجازه: للذي يهديكم ويصلحكم وينجيكم من الكفر والعذاب). [مجاز القرآن: 1/245]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يحول بين المرء وقلبه} بين المؤمن والمعصية، وبين الكافر والطاعة. ويكون: يحول بين الرجل وهواه). [تفسير غريب القرآن: 178]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال تعالى: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24]، أي إلى الجهاد الذي يحيي دينكم ويعليكم). [تأويل مشكل القرآن: 151]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{يا أيّها الّذين آمنوا استجيبوا للّه وللرّسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أنّ اللّه يحول بين المرء وقلبه وأنّه إليه تحشرون}
أي لما يكون سببا للحياة وهو العلم. وجائز أن يكون لما يكون سببا للحياة الدائمة، في نعيم الآخرة.
ومعنى استجيبوا في معنى أجيبوا.
قال الشاعر:
وداع دعا يا من يجيب إلى الندا..=. فلم يستجبه عند ذاك مجيب
أي فلم يجبه.
وقوله: {واعلموا أنّ اللّه يحول بين المرء وقلبه}.
قيل فيه ثلاثة أقوال، قال بعضهم يحول بين المؤمن والكفر، ويحول بين الكافر والإيمان بالموت، أي يحول بين الإنسان وما يسوف به نفسه بالموت، وقيل: {يحول بين المرء وقلبه} معناه: واعلموا أن الله مع المرء في القرب بهذه المنزلة.
كما قال: جلّ وعزّ: {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد}
وقيل إنهم كانوا يفكرون في كثرة عدوهم وقلّة عددهم فيدخل في
[معاني القرآن: 2/409]
قلوبهم الخوف، فأعلم اللّه جلّ ثناؤه أنه يحول بين المرء وقلبه بأن يبدله بالخوف الأمن، ويبدّل عدوّهم - بظنهم أنهم قادرون عليه - الجبن والخور). [معاني القرآن: 2/410]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول} [آية: 24]
أبو عبيدة يذهب إلى أن معنى استجيبوا أجيبوا وأنشد:
[معاني القرآن: 3/143]
وداع دعا يا من يجيب إلى الندى = فلم يستجبه عند ذاك مجيب
27- ثم قال جل وعز: {إذا دعاكم لما يحييكم} [آية: 24]
أي لما تصيرون به إلى الحياة الدائمة في الآخرة
28 - ثم قال جل وعز: {واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه} [آية: 24]
قال سعيد بن جبير يحول بين المؤمن وبين الكفر وبين الكافر وبين الإيمان
وقال الضحاك يحول بين المؤمن والمعصية وبين الكافر والطاعة
قال أبو جعفر وأول هذا القول بعض أهل اللغة أن
[معاني القرآن: 3/144]
معناه يحول بينهما وبين ذنبك بالموت
وقيل هو تمثيل أي هو قريب كما قال جل وعز: {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد}
وقيل كانوا ربما خافوا من عدوهم فأعلمهم الله جل وعز أنه يحول بين المرء وقلبه فيبدلهم من الخوف أمنا ويبدل عدوهم من الأمن خوفا). [معاني القرآن: 3/145]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} أي بين المؤمن والمعصية، وبين الكافرين وبين الطاعة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 92]

تفسير قوله تعالى: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {واتّقوا فتنةً لاّ تصيبنّ...}
أمرهم ثم نهاهم، وفيه طرف من الجزاء وإن كان نهيا. ومثله قوله: {يأيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنّكم} أمرهم ثم نهاهم، وفيه تأويل الجزاء). [معاني القرآن: 1/407]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {واتّقوا فتنةً لاّ تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصّةً واعلموا أنّ اللّه شديد العقاب}
[معاني القرآن: 2/25]
وقال: {واتّقوا فتنةً لاّ تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصّةً} فليس قوله - والله أعلم - {تصيبنّ} بجواب ولكنه نهيٌ بعد أمر، ولو كان جوابا ما دخلت النون). [معاني القرآن: 2/26]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصّةً} يقول: لا تصيبن الظالمين خاصة، ولكنها تعم فتصيب الظالم وغيره). [تفسير غريب القرآن: 178]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {واتّقوا فتنة لا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصّة واعلموا أنّ اللّه شديد العقاب}
أي اتقوا أن يبدل الظالمون بنقمة من اللّه، يعنى بهذا مردة المنافقين الذين كانوا يصدّون عن الإيمان باللّه.
وزعم بعض النحويين أنّ الكلام جزاء فيه طرف من النهي، فإذا قلت: أنزل عن الدابة لا تطرحك ولا تطرحنك، فهذا جواب الأمر بلفظ النهي، فالمعنى: إن تنزل عنها لا تطرحك فإذا أتيت بالنون الخفيفة أو الثقيلة كان أوكد للكلام.
ومثله: {يا أيّها النّمل ادخلوا مساكنكم}
إنها أمرت بالدخول ثم نهتهم أن يحطمهم سليمان فقالت: {لا يحطمنكم سليمان وجنوده}. فلفظ النهي لسليمان، ومعناه للنمل، كما تقول:
لا أرينك ههنا، فلفظ النهي لنفسك ومعناه: " لا تكونن ههنا فإني أراك "). [معاني القرآن: 2/410]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} [آية: 25]
قيل إنها تعم الظالم وغيره
وروى ابن أبي طلحة عن ابن عباس واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة قال أمر الله المؤمنين أن لا يقروا المنكر
[معاني القرآن: 3/145]
بين أظهرهم فيعمهم الله بالعذاب
وقال الضحاك هي في أصحاب محمد خاصة
وروي عن الزبير أنه قال يوم الجمل لما لقي ما توهمت أن هذه الآية نزلت فينا أصحاب محمد إلا اليوم {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة}
وقول آخر وهو قول أبي العباس محمد بن يزيد أنه نهي بعد أمر نهي الفتنة والمعنى في النهي للظالمين أي لا تقربن الظلم وحكى سيبويه لا أرينك ههنا أي لا تكن ههنا فإنه من كان ههنا رأيته
وأبو إسحاق يذهب إلى أن معناه الخبر وجاز دخول النون في الخبر لأن فيه قوة الجزاء
قال أبو جعفر ورأيت علي بن سليمان يذهب إلى أنه
[معاني القرآن: 3/146]
دعاء). [معاني القرآن: 3/147]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة}قال: تصيب الظالمين والمؤمنين، فالظالمون معذبون، والمؤمنين ممتحنون ممحصون). [ياقوتة الصراط: 237]

تفسير قوله تعالى: (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {واذكروا إذ أنتم قليلٌ مّستضعفون...}
نزلت في المهاجرين خاصّة.
وقوله: {فآواكم} يعني إلى المدينة، {وأيّدكم بنصره} أي قوّاكم). [معاني القرآن: 1/407]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس} [آية: 26]
قال وهب بن منبه يعني بالناس فارس
وقال عكرمة كفار قريش
قال السدي فآواكم إلى المدينة). [معاني القرآن: 3/147]

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لا تخونوا اللّه والرّسول وتخونوا أماناتكم...}
إن شئت جعلتها جزما على النهى، وإن شئت جعلتها صرفا ونصبتها؛ قال:
لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثله =عار عليك إذا فعلت عظيم
وفي إحدى القراءتين {ولا تخونوا أماناتكم}فقد يكون أيضا هنا جزما ونصبا). [معاني القرآن: 1/408]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ويقال لعاصي المسلمين: خائن، لأنّه مؤتمن على دينه.
قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ} [الأنفال: 27]. يريد المعاصي). [تأويل مشكل القرآن: 478]

تفسير قوله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28) )

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إن تتّقوا اللّه يجعل لّكم فرقاناً...}
يقول: فتحا ونصرا. وكذلك قوله: {يوم الفرقان يوم التقى الجمعان} يوم الفتح والنصر). [معاني القرآن: 1/408]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {يجعل لكم فرقانا}: مخرجا). [غريب القرآن وتفسيره: 158]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يجعل لكم فرقاناً} أي مخرجا). [تفسير غريب القرآن: 178]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا} [آية: 29] قال مجاهد وعطاء والضحاك أي مخرجا
قال مجاهد في قوله: {يوم الفرقان} قال يوم بدر فرق الله فيه بين الحق والباطل
قال أبو جعفر والفرقان في اللغة بمعنى الفرق يقال فرقت بين الشيئين فرقا وفرقانا). [معاني القرآن: 3/147]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فُرْقَاناً}: مخرجاً). [العمدة في غريب القرآن: 143]

تفسير قوله تعالى: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإذ يمكر بك الّذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك...}
اجتمع نفر من قريش فقالوا: ما ترون في محمد (صلى الله عليه وسلم) ويدخل إبليس عليهم في صورة رجل من أهل نجد، فقال عمرو بن هشام: أرى أن تحبسوه في بيت وتطيّنوه عليه وتفتحوا له كوّة وتضيّقوا عليه حتى يموت. فأبى ذلك إبليس وقال: بئس الرأي رأيك، وقال أبو البختري بن هشام: أرى أن يحمل على بعير ثم يطرد به حتى يهلك أو يكفيكموه بعض العرب، فقال إبليس: بئس الرأي! أتخرجون عنكم رجلا قد أفسد عامّتكم فيقع إلى غيركم! فعلّه يغزوكم بهم. قال الفاسق أبو جهل: أرى أن نمشي إليه برجل من كل فخذ من قريش فنضربه بأسيافنا، فقال إبليس: الرأي ما رأى هذا الفتى، وأتى جبريل عليه السلام إلى
[معاني القرآن: 1/408]
النبي صلى الله عليه وسلم بالخبر، فخرج من مكّة هو وأبو بكر. فقوله {ليثبتوك}: ليحبسوك في البيت. {أو يخرجوك} على البعير {أو يقتلوك} ). [معاني القرآن: 1/409]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وإذ يمكر بك الّذين كفروا ليثبتوك} أي يحبسوك. ومنه يقال: فلان مثبت وجعا: إذا لم يقدر على الحركة وكانوا أرادوا أن يحبسوه في بيت ويسدوا عليه بابه، ويجعلوا له خرقا يدخل عليه منه طعامه وشرابه. أو يقتلوه بأجمعهم قتلة رجل واحد. أو ينفوه.
و(المكاء): الصّفير. يقال: مكا يمكو. ومنه قيل للطائر: مكاء لأنه يمكو. أي يصفر.
و(التّصدية) : التصفيق. يقال: صدي إذا صفق بيده، قال الراجز:
ضنّت بخدّ وثنت بخدّ وإنّي من غرو والهوى أصدّي الغرو: العجب. يقال: لا غرو ممن كذا وكذا: أي لا عجب منه). [تفسير غريب القرآن: 179]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وإذ يمكر بك الّذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر اللّه واللّه خير الماكرين}
المعنى: واذكر إذ يمكر بك الذين كفروا. فأذكره اللّه جل ثناؤه نعمة ما أنعم عليه من النّصر والظفر يوم بدر ذلك فقال {وإذ يمكر بك الّذين كفروا} أي اذكر تلك الخلال.
{ويمكرون ويمكر اللّه واللّه خير الماكرين}
لأن مكر الله إنما هو مجازاة ونصر للمؤمنين، فاللّه خير الماكرين). [معاني القرآن: 2/410]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك} [آية: 30]
يقال أثبته إذا حبسته
قال مجاهد أراد الكفار أن يفعلوا هذا بالنبي صلى الله عليه وسلم قبل خروجه من مكة
وقال غيره اجتمعوا فقالوا نحبسه في بيت ونطعمه ونسقيه فيه أو نقتله جميعا قتل رجل واحد أو نخرجه فتكون بليته على غيرنا فعصمه الله عز وجل منهم
[معاني القرآن: 3/148]
وفي رواية ابن أبي طلحة عن ابن عباس ليثبتوك هي ليوثقوك ح). [معاني القرآن: 3/149]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لِيُثْبِتُوكَ} أي يحبسوك). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 92]

تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (31) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلّا أساطير الأوّلين}
وقد دعوا بأن يأتوا بسورة واحدة من مثل القرآن فلم يأتوا.
وقوله: {إن هذا إلّا أساطير الأوّلين}.
واحدتها أسطورة، يعنون ما سطّرة الأولون من الأكاذيب.
ثم قالوا:
{اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارة من السّماء أو ائتنا بعذاب أليم (32) }). [معاني القرآن: 2/411]

تفسير قوله تعالى: (وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (32) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {قالوا اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك...}
في {الحق} النصب والرفع؛ إن جعلت {هو} اسما رفعت الحق بهو. وإن جعلتها عمادا بمنزلة الصلة نصبت الحق. وكذلك فافعل في أخوات كان، وأظنّ وأخواتها؛ كما قال الله تبارك وتعالى: {ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق} تنصب الحق لأن {رأيت} من أخوات ظننت. وكل موضع صلحت فيه يفعل أو فعل مكان الفعل المنصوب ففيه العماد ونصب الفعل. وفيه رفعه بهو على أن تجعلها اسما، ولا بدّ من الألف واللام إذا وجدت إليهما السبيل. فإذا قلت: وجدت عبد الله هو خيرا منك وشرا منك أو أفضل منك، ففيما أشبه هذا الفعل النصب والرفع. النصب على أن ينوى الألف واللام، وإن لم يكن إدخالهما. والرفع على أن تجعل {هو} اسما؛ فتقول: ظننت أخاك هو أصغر منك وهو أصغر منك. وإذا جئت إلى الأسماء الموضوعة مثل عمرو، ومحمد، أو المضافة مثل أبيك، وأخيك رفعتها، فقلت: أظنّ زيدا هو أخوك، وأظنّ أخاك هو زيد، فرفعت؛ إذا لم تأت بعلامة المردود، وأتيت بهو التي هي علامة الاسم، وعلامة المردود أن يرجع كل فعل لم تكن فيه ألف ولام بألف ولام ويرجع على الاسم فيكون {هو}
[معاني القرآن: 1/409]
عمادا للاسم و(الألف واللام) عماد للفعل. فلمّا لم يقدر على الألف واللام ولم يصلح أن تنويا في زيد لأنه فلان، ولا في الأخ لأنه مضاف، آثروا الرفع؛ وصلح في (أفضل منك) لأنك تلقى (من) فتقول: رأيتك أنت الأفضل، ولا يصلح ذلك في (زيد) ولا في (الأخ) أن تنوى فيهما ألفا ولاما. وكان الكسائيّ يجيز ذلك فيقول: رأيت أخاك هو زيدا، ورأيت زيدا هو أخاك. وهو جائز كما جاز في (أفضل) للنية نية الألف واللام. وكذلك جاز في زيد، وأخيك. وإذا أمكنتك الألف واللام ثم لم تأت بهما فارفع؛ فتقول: رأيت زيدا هو قائم ورأيت عمرا هو جالس. وقال الشاعر:
أجدّك لن تزال نجي همّ =تبيت الليل أنت له ضجيع
ويجوز النصب في (ليت) بالعماد، والرفع لمن قال: ليتك قائما. أنشدني الكسائيّ:
ليت الشباب هو الرجيع على الفتى =والشيب كان هو البدئ الأوّل
ونصب في (ليت) على العماد ورفع في كان على الاسم. والمعرفة والنكرة في هذا سواء). [معاني القرآن: 1/410]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فأمطر علينا حجارةً من السّماء} مجازه أن كل شيء من العذاب فهو أمطرت بالألف وإن كان من الرحمة فهو مطرت.
[مجاز القرآن: 1/245]
{مكاءً وتصديةً}المكاء الصفير قال رجل يعني امرأته:
ومكابها فكأنما يمكو بأعصم عاقل
{وتصديهً} أي تصفيق بالأكف، قال: تصدية بالكف أي تصفيق، التصفيق والتصفيح والتصدية شئ واحد). [مجاز القرآن: 1/246]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وإذ قالوا اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارةً مّن السّماء أو ائتنا بعذابٍ أليمٍ}
وقال: {اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك} فنصب {الحقّ} لأن {هو} - والله أعلم - جعلت ههنا صلة في الكلام زائدة توكيدا كزيادة {ما}. ولا تزاد إلا في كل فعل لا يستغنى عن خبر، وليست {هو} بصفة لـ{هذا} لأنك لو قلت: "رأيت هذا هو" لم يكن كلاما ولا تكون هذه المضمرة من صفة الظاهرة ولكنها تكون من صفة المضمرة في نحو قوله: {ولكن كانوا هم الظّالمين} و{تجدوه عند اللّه هو خيراً وأعظم أجراً} لأنك تقول "وجدته هو" و"أتاني هو" فتكون صفة، وقد تكون في هذا المعنى أيضاً غير صفة ولكنها تكون زائدة كما كان في الأول. وقد تجري في جميع هذا مجرى الاسم فيرفع ما بعده إن كان ما قبله ظاهرا أو مضمرا في لغة لبني تميم في قوله: {إن كان هذا هو الحقّ} و{ولكن كانوا هم الظّالمون} و{تجدوه عند الله هو خيرٌ وأعظم أجرا} كما تقول "كانوا آباؤهم الظالمون" وإنما جعلوا هذا المضمر نحو قولهم "هو" و"هما" و"أنت" زائدا في هذا المكان ولم يجعل في مواضع الصفة لأنه فصل أراد أن يبين به أنه ليس بصفة ما بعده لما قبله ولم يحتج إلى هذا في الموضع الذي لا يكون له خبر). [معاني القرآن: 2/26]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارة من السّماء أو ائتنا بعذاب أليم}
القراءة على نصب {الحقّ} على خبر " كان " ودخلت " هو " للفصل.
وقد شرحنا هذا فيما سلف من الكتاب.
واعلم أن {هو} لا موضع لها في قولنا، وأنها بمنزلة " ما " المؤكدة.
ودخلت ليعلم أن الحق ليس بصفة لهذا أو أنه خبر، ويجوز هو الحق من عندك ولا أعلم أحدا قرأ بها.
ولا اختلاف بين النحويين في إجازتها ولكن القراءة سنّة لا يقرأ فيها إلا بقراءة مروية.
وقوله: {فأمطر علينا حجارة من السّماء أو ائتنا بعذاب أليم}.
المعنى: واذكر إذ قالوا هذا القول، وقالوا على وجه الدفع له وقالوه والنبي - صلى الله عليه وسلم - بين أظهرهم. فأعلم الله إنّه لم يكن ليعذبهم ورسوله بين أظهرهم.
فقال:
({وما كان اللّه ليعذّبهم وأنت فيهم وما كان اللّه معذّبهم وهم يستغفرون (33) }). [معاني القرآن: 2/411- 412]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم} [آية: 32]
قال مجاهد الذي قال هذا النضر بن الحارث بن كلدة
ويروى أن هذا قيل بمكة ويدل على هذا قوله تعالى: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم}
قيل في هذه الآية أقوال"
روي عن ابن عباس أن النضر بن الحارث قال هذا يريد أهلكنا ومحمدا ومن معه عامة فأنزل الله: {وما كان ليعذبهم وأنت فيهم} إلى: {وهم يستغفرون} أي ومنهم قوم يستغفرون يعني المسلمين وما لهم ألا يعذبهم الله خاصة فعذبهم بالسيف بعد خروج النبي صلى الله عليه وسلم عنهم وفي ذلك نزلت {سأل سائل بعذاب واقع}
[معاني القرآن: 3/149]
وروى الزهري عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير أن المستفتح يوم بدر أبو جهل وأنه قال اللهم اخز أقطعنا للرحم فهذا استفتاحه
وقال عطية في قوله جل وعز: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم} يعني المشركين حتى يخرجه عنهم {وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} يعني المؤمنين قال ثم رجع إلى الكفار فقال وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام
قال أبو جعفر وهذا قول حسن ومعناه وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله وأنت بين أظهرهم
[معاني القرآن: 3/150]
وكذلك سنته في الأمم). [معاني القرآن: 3/151]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وما كان اللّه ليعذّبهم وأنت فيهم وما كان اللّه معذّبهم وهم يستغفرون})
أي: وما كان اللّه ليعذبهم ومنهم من يؤول أمره إلى الإسلام). [معاني القرآن: 2/411-412 ]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} [آية: 33]
وعاد الضمير على من آمن منهم ح). [معاني القرآن: 3/151]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (34) )
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وما لهم ألاّ يعذّبهم اللّه وهم يصدّون عن المسجد الحرام وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلاّ المتّقون ولكنّ أكثرهم لا يعلمون}
[معاني القرآن: 2/26]
وقال: {وما لهم ألاّ يعذّبهم اللّه} فـ{أن} ههنا زائدة - والله أعلم - وقد عملت وقد جاء في الشعر:
لو لم تكن غطفان لا ذنوب لها = إليّ لامت ذوو أحسابها عمرا
). [معاني القرآن: 2/27]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قال: ({وما لهم ألّا يعذّبهم اللّه وهم يصدّون عن المسجد الحرام وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلّا المتّقون ولكنّ أكثرهم لا يعلمون})
المعنى: أي شيء لهم في ترك العذاب، أي في دفعه عنهم.
{وهم يصدّون عن المسجد الحرام وما كانوا أولياءه إن أولياؤه}).
المعنى: وهم يصدّون عن المسجد الحرام أولياءه وما كانوا أولياءه.
{إن أولياؤه إلّا المتّقون}.
المعنى: ما أولياؤه إلا المتقون.
فأعلم الله النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه لم يكن ليعذبهم بالعذاب الذي وقع بهم من القتل والسبي وهو بين أظهرهم، ولا ليوقع ذلك العذاب بمن يؤول أمره إلى الإسلام منهم، وأعلمه إنّه لا يدفع العذاب عن جملتهم الذي أوقعه بهم، ثم أعلم أنهم ما كانوا مع صدّهم أولياء المسجد الحرام وأولياء اللّه، إنهم إنما كان تقربهم إلى الله جلّ وعزّ بالصفير والتصفيق فقال جلّ وعزّ: ( {وما كان صلاتهم عند البيت إلّا مكاء وتصدية فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون})
ف{المكاء}: الصفير، و{التصدية}: التصفيق). [معاني القرآن: 2/412]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وما لهم ألا يعذبهم الله} [آية: 34]
أي إذا خرجت من بين أظهرهم
ويجوز أن يكون معناه وما لهم ألا يعذبهم الله في القيامة
وقيل معناه وما كان الله معذبهم لو استغفروه على غير إيجاب لهم كما تقول لا أغضب عليك أبدا وأنت تطيعني أي لو أطعتني لم أغضب عليك على غير إيجاب منك لطاعته
وقال مجاهد معناه وما كان الله عذبهم وهم مسلمون
قال أبو جعفر ومعنى هذا وما كان الله معذبهم ومنهم من يؤول أمره إلى الإسلام
وروي عنه وفي أصلابهم من يستغفر). [معاني القرآن: 3/151]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (35) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فذوقوا} مجازه: فجرّبوا وليس من ذوق الفم). [مجاز القرآن: 1/246]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وما كان صلاتهم عند البيت إلاّ مكاء وتصديةً فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون}
وقال: {وما كان صلاتهم عند البيت إلاّ مكاء وتصديةً} نصب على خبر {كان} ). [معاني القرآن: 2/27]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {مكاء وتصدية}: {المكاء}: فيما ذكروا الصفير و{التصدية}: التصفيق). [غريب القرآن وتفسيره: 158]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وما كان صلاتهم عند البيت إلّا مكاء وتصدية فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون}
فالمكاء الصفير، والتصدية التصفيق). [معاني القرآن: 2/412]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية} [آية: 35]
روى عطية عن ابن عمر أنه قال المكاء الصفير والتصدية التصفيق
قال ابن شهاب يستهزئون بالمؤمنين
وروى ابن أبي جريج وابن أبي نجيح أنه قال المكاء إدخالهم أصابعهم في أفواهم والتصدية الصفير يريدون أن يشغلوا بذلك محمدا عن الصلاة
قال أبو جعفر والمعروف في اللغة ما روي عن ابن عمر
حكى أبو عبيدة وغيره انه يقال مكا يمكو ومكاء إذا صفر وصدى يصدي تصدية إذا صفق
[معاني القرآن: 3/152]
قال أبو جعفر ويبعد قول ابن زيد التصدية صدهم عن دين الله لأن الفعل من هذا صددت إلا أن تقلب إحدى داليه ياء مثل تظنيت من ظننت وكذا ما روي عن سعيد بن جبير التصدية صدهم عن بيت الله). [معاني القرآن: 3/153]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {إلا مكاء وتصدية}قال: المكاء: الصفير، والتصدية: التصفيق). [ياقوتة الصراط: 237]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {المُكاء} الصفير، والمُكَاء: طائر.
و{التصديَة} التصفيق). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 92]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {المُكَاء}: الصفير
{التَصْدِيَة}: التصفيق). [العمدة في غريب القرآن: 143]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36) )
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله} [آية: 36]
قال مجاهد يعني أبا سفيان وما أنفق على أصحابه يوم أحد). [معاني القرآن: 3/153]

تفسير قوله تعالى: (لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (37) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فيركمه جميعاً} مجازه: فيجمعه بعضه فوق بعض أجمع). [مجاز القرآن: 1/246]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ليميز اللّه الخبيث من الطّيّب ويجعل الخبيث بعضه على بعضٍ فيركمه جميعاً فيجعله في جهنّم أولئك هم الخاسرون}
وقال: {ليميّز اللّه الخبيث من الطّيّب} جعله من "ميّز" مثقلة وخففها بعضهم فقال: {ليميز} من "ماز" "يميز" وبها نقرأ). [معاني القرآن: 2/27]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {فيركمه جميعا}: من الركام، يجعل بعضه على بعض). [غريب القرآن وتفسيره: 158]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فيركمه جميعاً} أي يجعله ركاما بعضه فوق بعض). [تفسير غريب القرآن: 179]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ليميز اللّه الخبيث من الطّيّب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنّم أولئك هم الخاسرون}
أي ليميز ما أنفقه المؤمنون في طاعة الله مما أنفقه المشركون في معصية اللّه، {ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا}.
[معاني القرآن: 2/412]
والركم أن يجعل بعض الشيء على بعض، ويقال ركمت الشيء أركمه ركما، والرّكام الاسم.
{فيجعله في جهنّم}.
أي يجعل بعض ما أنفقه المشركون على بعض، ويجعل عليهم في النار، فيكون مما يعذبون به، كما قال جلّ وعزّ: ( {فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم} ). [معاني القرآن: 2/413]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا} [آية: 37]
يقال ركمت الشيء إذا جعلت بعضه فوق بعض
[معاني القرآن: 3/153]
39 - وقوله جل وعز: {فيجعله في جهنم} [آية: 37]
أي الخبيث ليعذبوا به
ويعني بالخبيث الكفار كذا قال ابن عباس ميز أهل السعادة من أهل الشقاء أي بأن أسكن هؤلاء الجنة وهؤلاء النار
أي فيجعل الكفار بعضهم فوق بعض فيجعلهم ركاما أي يجمع بعضهم إلى بعض حتى يكثروا، أولئك رده إلى الكافرين، ورد فيجعله إلى الخبيث على لفظه ليعذبوا به كما قال تعالى:
{فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم} ). [معاني القرآن: 3/154]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَيَرْكُمَهُ}: يجعل بعضه على بعض). [العمدة في غريب القرآن: 143]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (38) )
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين} [آية: 38]
قال مجاهد يوم بدر للأمم قبل ذلك فقد فرق الله جل وعز بين الحق والباطل). [معاني القرآن: 3/154]

تفسير قوله تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (39) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وقاتلوهم حتّى لا تكون فتنة ويكون الدّين كلّه للّه فإن انتهوا فإنّ اللّه بما يعملون بصير}
أي حتى لا يفتن الناس فتنة كفر.
ويدلّ على معنى فتنة كفر قوله عز وجلّ: {ويكون الدّين كلّه للّه} ). [معاني القرآن: 2/413]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة} [آية: 39]
[معاني القرآن: 3/154]
المعنى حتى لا تكون فتنة كفر ودل على هذا الحذف قوله تعالى: {ويكون الدين كله لله} ). [معاني القرآن: 3/155]

تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وإن تولّوا فاعلموا أنّ اللّه مولاكم نعم المولى ونعم النّصير}
المعنى: فإن أقاموا على كفرهم وعداوتهم فاعلموا أن الله مولاكم، أي هو المولى لكم، فلا تضركم معاداتهم). [معاني القرآن: 2/413]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وإن تولوا فاعلموا أن الله مولاكم نعم المولى ونعم النصير} [آية: 40]
أي وإن عادوا إلى الكفر وعداوتكم فاعلموا أن الله مولاكم أي وليكم وناصركم فلا تضركم عداوتهم). [معاني القرآن: 3/155]


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 2 محرم 1432هـ/8-12-2010م, 10:03 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 41 إلى 54]

(وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (41) إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (42) إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (43) وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (44) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47) وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (48) إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (49) وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (51) كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (52) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (53) كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ (54) )

تفسير قوله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (41) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {واعلموا أنّما غنمتم مّن شيءٍ فأنّ للّه خمسه...}
دخلت {أنّ} في أوّله وآخره لأنه جزاء بمنزلة قوله: {كتب عليه أنه من تولاّه فأنّه يضلّه} وبمنزلة قوله: {ألم يعلموا أنه من يحادد اللّه ورسوله فأنّ له نار جهنّم} ويجوز في {أنّ}الآخرة أن تكسر ألفها لأن سقوطها يجوز؛ ألا ترى أنك لو قلت: {اعلموا أنّ ما غنمتم من شيء فللّه خمسه} تصلح، فإذا صلح سقوطها كسرها.
وقوله: {ولذي القربى}: قرابة رسول الله صلّى الله عليه وسلم {واليتامى والمساكين}: يتامى الناس ومساكينهم، ليس فيها يتامى بني هاشم ولا مساكينهم). [معاني القرآن: 1/411]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {واعلموا أنّما غنمتم من شيء فأنّ للّه خمسه وللرّسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السّبيل إن كنتم آمنتم باللّه وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان واللّه على كلّ شيء قدير}
كثر اختلاف الناس في تأويل هذه الآية والعمل بها وجملتها أنّها مال من الأموال التي فرض الله جل ثناؤه فيها الفروض، والأموال التي جرى فيها ذكر الفروض للفقراء والمساكين ومن أشبهم ثلاثة أصناف.
سمى الله كل صنف منها، فسمى ما كان من الأموال التي يأخذها المسلمون من المشركين في حال الحرب أنفالا وغنائم، وسمى ما صار إلى المسلمين مما لم يؤخذ في الحرب من الخراج والجزية فيئا، وسمى ما خرج أموال المسلمين كالزكاة، وما نذروا من نذر، وتقربوا به إلى الله جلّ وعزّ صدقة، فهذه جملة تسمية الأموال.
ونحن نبين في هذه الآية ما قاله جمهور الفقهاء وما توجبه اللغة إن شاء اللّه.
قال أبو إسحاق: أجمعت الفقهاء أن أربعة أخماس الغنيمة لأهل الحرب خاصة، والخمس الذي سمّي في قوله: {فأنّ للّه خمسه وللرّسول} إلى آخر الآية في الاختلاف.
فأما الشافعي فذكر أن هذا الخمس مقسوم على ما سمّى اللّه جلّ وعزّ من أهل قسمته وجعل قوله: {فأنّ للّه خمسه} افتتاح كلام.
قال أبو إسحاق، وأحسب معنى " افتتاح كلام " عنده " هذا أن الأشياء كلها للّه عزّ وجلّ، فابتدأ وافتتح الكلام.
فإن قال قائل: {فأنّ للّه خمسه}كما قال {يسألونك عن الأنفال قل الأنفال للّه والرّسول} ، ثم قسّم هذا الخمس على خمسة أنصباء، خمس للنبي - صلى الله عليه وسلم - وخمس ليتامى المسلمين لا ليتامى آل النبي - صلى الله عليه وسلم - وخمس في المساكين - مساكين المسلمين لا مساكين النبي - صلى الله عليه وسلم - وخمس لابن السبيل.
ولا يرى الشافعي أن يترك صنفا من هذه الأصناف بغير حظ في القسمة.
قال أبو إسحاق: وبلغني أنه يرى أن يفضّل بعضهم على بعض على قدر الحاجة، ويرى في سهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يصرف إلى ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصرفه فيه.
والذي روي أنّه كان يصرف الخمس في عدد للمسلمين نحو اتخاذ السلاح الذي تقوى به شوكتهم. فهذا مذهب الشافعي وهو على لفظ ما في الكتاب.
فأما أبو حنيفة - ومن قال: بقوله - فيقسم هذا الخمس على ثلاثة أصناف، يسقط ما للرسول من القسمة، وما لذوي القربى، وحجته في هذا أن أبا بكر وعمر لم يعطيا سهم ذوي القربى، وأن سهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ذهب بوفاته، لأن الأنبياء لا تورث. فيقسّم على اليتامى والمساكين وابن السبيل على قدر حاجة كل فريق منهم ويعطي بعضا دون بعض منهم خاصة، إلّا إنّه لا يخرج القسم عن هؤلاء الثلاثة.
وأما مذهب مالك فيروى أن قوله في هذا الخمس، وفي الفيء أنه إنما ذكر هؤلاء المسمّون لأنهم من أهم من يدفع إليهم، فهو يجيز أن يقسم بينهم، ويجيز أن يعطي بعضا دون بعض، ويجوز أن يخرجهم من القسم إن كان أمر غيرهم أهمّ من أمرهم، فيفعل هذا على قدر الحاجة.
وحجته في هذا أن أمر الصدقات لم يزل يجري في الاستعمال على ما يراه الناس.
وقال الله عزّ وجلّ: ({إنّما الصّدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلّفة قلوبهم وفي الرّقاب والغارمين وفي سبيل اللّه وابن السّبيل}). فلو أن رجلا وجبت عليه خمسة دراهم لأخرجها إلى صنف من هذه أو إلى ما شاء من هذه الأصناف، ولو كان ذكر التسمية يوجب الحق للجماعة لما جاز أن يخصّ واحد دون غيره، ولا أن ينقص واحد مما يعطى غيره .
قال أبو إسحاق: من - حجج مالك في أن ذكر هؤلاء إنما وقع للخصوص.
قوله تعالى: ({من كان عدوّا للّه وملائكته ورسله وجبريل وميكال}).
فذكر جملة الملائكة، فقد دخل جبريل وميكال في الجملة وذكرا بأسمائهم لخصوصهما، وكذلك ذكر هؤلاء في القسمة والفيء والصدقة، لأنهم من أهم من يصرف إليه الأموال من البر والصدقة.
قال أبو إسحاق: ومن الحجة لمالك أيضا قول الله عزّ وجلّ:
({يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السّبيل}).
فللرجل أن ينفق في البر على هذه الأصناف وعلى صنف منها، وله أن يخرج عن هذه الأصناف، لا اختلاف بين الناس في ذلك.
قال أبو إسحاق: هذا جهلة ما علمناه من أقوال الفقهاء في هذه الآية.
وقوله عز وجلّ: {إن كنتم آمنتم باللّه وما أنزلنا على عبدنا}.
يجوز أن يكون " إن كنتم " معلقة بقوله: {فاعلموا أنّ اللّه مولاكم نعم المولى ونعم النّصير (40)... إن كنتم آمنتم باللّه وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان}
فأيقنوا أن اللّه نصركم إذ كنتم قد شاهدتم من نصره ما شاهدتم.
ويجوز أن يكون {إن كنتم آمنتم باللّه} معناها: اعلموا أن ما غنمتم من شيء فأن للّه خمسه وللرسول يأمران فيه بما يريدان إن كنتم آمنتم باللّه فأقبلوا ما أمرتم به في الغنيمة.
وقوله جلّ وعزّ: {يوم الفرقان}.
هو يوم بدر، لأن الله عزّ وجلّ أظهر فيه من نصره بإرداف الملائكة والإمداد بهم للمسلمين ما كان فيه فرقانّ بين الحق والباطل، ثم أكد التبين في ذلك فقال عزّ وجلّ: ({إذ أنتم بالعدوة الدّنيا وهم بالعدوة القصوى والرّكب أسفل منكم ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ولكن ليقضي اللّه أمرا كان مفعولا ليهلك من هلك عن بيّنة ويحيى من حيّ عن بيّنة وإنّ اللّه لسميع عليم (42)} ). [معاني القرآن: 2/413-417]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {واعلموا أنما غنمتم من شيء فان لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل}
اختلف في معنى هذه الآية
فقال قوم يقسم الخمس على خمسة أجزاء فأربعة منها لمدة شهر الحرب وواحد منها مقسوم على خمسة فما كان منه للرسول صير فيما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصيره فيه
ويروى أنه كان يصيره تقوية للمسلمين وأربعة لذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل وهذا مذهب الشافعي رحمه الله
وقال بعضهم يقسم هذا السهم على قلته أجزاء للفقراء والمساكين وابن السبيل لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركنا صدقة وهذا مذهب أبي حنيفة
وقال بعضهم إذا رأى الإمام أن يعطي هؤلاء المذكورين أعطاهم وإن رأى أن غيرهم أحق منهم أعطاهم قال ولو كان ذكرهم بالسهمية يوجب أن لا يخرج عن جملتهم لما جاز إذا ذكر جماعة أن يعطى بعضهم دون بعض وقد قال الله عز وجل: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين} إلى آخر الآية ولو جعلت في بعضهم دون بعض لجاز ولكنهم ذكروا لأنهم من أهم من يعطى
وقال جل وعز: {قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين}
وله أن يعطي غير من سمي وهذا مذهب مالك
وأما معنى {فأن لله} فهو افتتاح كلام قال قيس بن مسلم الجدبي سألت الحسن بن محمد واعلموا أن ما غنمتم من شيء فأن لله خمسه فقال هو افتتاح كلام ليس لله نصيب لله الدنيا والآخرة
حدثنا أبو جعفر قال نا محمد بن الحسن بن سماعة قال نا أبو نعيم قال نا أبو جعفر عن الربيع عن أبي العالية واعلموا أن ما غنمتم من شيء فأن لله خمسه
قال: يجاء بالغنيمة فتوضع فيقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على خمسة أسهم فيعزل سهما منها ويقسم الأربعة بين الناس ثم يضرب بيده في جميع السهم الذي عزله فما قبض عليه من شيء جعله للكعبة فهو الذي سمي لله ويقول لا تجعلوا لله نصيبا فإن لله الدنيا والآخرة قال ثم يقسم السهم الذي عزله على خمسة أسهم سهم للنبي صلى الله عليه وسلم وسهم لذي القربى وسهم لليتامى وسهم للمساكين وسهم لابن السبيل
وقيل معنى فأن لله خمسه فأن لسبيل الله مثل واسأل القرية
وقوله جل وعز: {إن كنتم آمنتم بالله} أي إن كنتم آمنتم بالله فاقبلوا ما أمركم به.
وقيل المعنى: فاعلموا أن الله مولاكم وناصركم إن كنتم آمنتم به.
وقوله جل وعز: {وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان} قال مجاهد هو يوم بدر فرق الله فيه بين الحق والباطل). [معاني القرآن: 3/155-159]

تفسير قوله تعالى: (إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (42) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إذ أنتم بالعدوة الدّنيا...}
والعدوة: شاطئ الوادي {الدنيا}مما يلي المدينة، و{القصوى} مما يلي مكّة.
وقوله: {والرّكب أسفل منكم} يعني أبا سفيان والعير، كانوا على شاطئ البحر. وقوله: {أسفل منكم} نصبت؛ يريد: مكانا أسفل منكم. ولو وصفهم بالتسفل وأراد: والركب أشد تسفّلا لجاز ورفع.
وقوله: {ويحيى من حيّ عن بيّنةٍ} كتابتها على الإدغام بياء واحدة، وهي أكثر قراءة القراء. وقد قرأ بعضهم {حيى عن بيّنة} بإظهارها. وإنما أدغموا الياء مع الياء وكان ينبغي لهم ألا يفعلوا؛ لأن الياء الآخرة لزمها النصب في فعل، فأدغموا لمّا التقى حرفان متحركان من جنس واحد. ويجوز الإدغام في الاثنين للحركة اللازمة للياء الآخرة، فتقول للرجلين: قد حيّا، وحييا. وينبغي للجمع ألا يدغم لأنّ ياءه
[معاني القرآن: 1/411]
يصيبها الرفع وما قبلها مكسور، فينبغي لها أن تسكن فتسقط بواو الجمع. وربما أظهرت العرب الإدغام في الجمع إرادة تأليف الأفعال وأن تكون كلها مشدّدة. فقالوا في حييت حيّوا، وفي عييت عيّوا؛ أنشدني بعضهم:

يحدن بنا عن كلّ حيّ كأننا =أخاريس عيّوا بالسلام وبالنّسب
يريد النّسب. وقال الآخر:
من الذين إذا قلنا: حديثكم =عيّوا، وإن نحن حدّثناهم شغبوا
وقد اجتمعت العرب على إدغام التحيّة والتحيّات بحركة الياء الأخيرة فيها؛ كما استحبّوا إدغام عيّ وحيّ بالحركة اللازمة فيها. وقد يستقيم أن تدغم الياء والياء في يحيا ويعيا؛ وهو أقل من الإدغام في حيّ؛ لأن يحيا يسكن ياؤها إذا كانت في موضع رفع، فالحركة فيها ليست لازمة. وجواز ذلك أنك إذا نصبتها كقول الله تبارك وتعالى: {أليس ذلك بقادرٍ على أن يحيي الموتى} استقام إدغامها ها هنا؛ ثم تؤلّف الكلام، فيكون في رفعه وجزمه بالإدغام؛ فتقول {هو يحيي ويميت} أنشدني بعضهم:
وكأنها بين النساء سبيكةٌ =تمشى بسدّة بيتها فتعي
وكذلك يحيّان ويحيّون). [معاني القرآن: 1/412]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {بالعدوة الدّنيا} مكسورة، وبعضهم يضمها، ومجازه من: عدى الوادي أي ملطاط شفيره والملطاط والعدى حافتا الوادي من جانبيه، بمنزلة رجا البئر من أسفل، ويقال: ألزم هذا الملطاط). [مجاز القرآن: 1/246]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {إذ أنتم بالعدوة الدّنيا وهم بالعدوة القصوى والرّكب أسفل منكم ولو تواعدتّم لاختلفتم في الميعاد ولكن لّيقضي اللّه أمراً كان مفعولاً لّيهلك من هلك عن بيّنةٍ ويحيى من حيّ عن بيّنةٍ وإنّ اللّه لسميعٌ عليمٌ}
وقوله: {ولو تواعدتّم لاختلفتم في الميعاد ولكن لّيقضي اللّه أمراً كان مفعولاً} وأمر الله كله مفعول ولكن أراد أن يقص الاحتجاج عليهم وقطع العذر قبل إهلاكهم.
[معاني القرآن: 2/27]
وقال: {إذ أنتم بالعدوة الدّنيا} وقال بعضهم {بالعدوة} وبها نقرأ وهما لغتان. وقال بعض العرب الفصحاء: ["العدية"] فقلب الواو ياء كما تقلب الياء واوا في نحو "شروى" و"بلوى" لأن ذلك يفعل بها فيما هو نحو من ذا نحو "عصيّ" و"أرض مسنيّةٌ" وفي قولهم "قنية" لأنها من "قنوت".
وقال: {والرّكب أسفل منكم} فجعل "الأسفل" ظرفا ولو شئت قلت {أسفل منكم} إذا جعلته {الركب} ولم تجعله ظرفا.
وقال: {ويحيى من حيّ عن بيّنةٍ} فالزم الإدغام إذ صار في موضع يلزمه الفتح فصار مثل باب التضعيف. فإذا كان في موضع لا يلزمه الفتح لم يدغم نحو {بقادرٍ على أن يحيي الموتى} إلا أن تشاء أن تخفي وتكون في زنة متحرك لأنها لا تلزمه لأنك تقول {تحيي} فتسكن في الرفع وتحذف في الجزم، فكل هذا يمنعه الإدغام. وقال بعضهم {من حيي عن بيّنةٍ} ولم يدغم إذا كان لا يدغمه في سائر ذلك. وهذا أقبح الوجهين لأنّ "حيي" مثل "خشي" لما صارت مثل غير التضعيف أجرى الياء الآخرة مثل ياء "خشي". وتقول للجميع "قد حيوا" كما تقول "قد خشوا" ولا تدغم لأن ياء "خشوا" تعتل ههنا. وقال الشاعر:
وحيٍّ حسبناهم فوارس كهمسٍ = حيوا بعدما ماتوا من الدهر أعصرا
وقد ثقّل بعضهم وتركها على ما كانت عليه وذلك قبيح. قال الشاعر:
عيّوا بأمرهم كما = عيّت ببيضتها الحمامة
جعلت له عودين من = نشمٍ وآخر من ثمامه).
[معاني القرآن: 2/28]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({العدوة والعدوة}: لغتان جميعا والعدوتان ناحيتا الوادي من جنبتيه). [غريب القرآن وتفسيره: 158]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {بالعدوة}: شفير الوادي. يقال: عدوة الوادي وعدوته). [تفسير غريب القرآن: 179]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {إذ أنتم بالعدوة الدّنيا وهم بالعدوة القصوى والرّكب أسفل منكم ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ولكن ليقضي اللّه أمرا كان مفعولا ليهلك من هلك عن بيّنة ويحيى من حيّ عن بيّنة وإنّ اللّه لسميع عليم}
{إذ أنتم بالعدوة الدّنيا}
أي الدنيا منكم، والعدوة شفير الوادي، يقال: عدوة، وعدوة وعدى الوادي مقصور، فالمعنى إذ أنتم بالعدوة الدّنيا، أي بشفير الوادي الذي يلي المدينة.
{وهم بالعدوة القصوى}.
بشفير الوادي الذي يلي مكة.
{والركب أسفل منكم}.
{الركب}: العير التي كان فيها أبو سفيان على شاطئ البحر.
فأعلم اللّه جلّ وعزّ أن نصر المؤمنين وهم في هذا الموضع فرقان.
قال أبو إسحاق: قد بيّنّا أنه كان رملا تسوخ فيه الأرجل، ولم يكونوا على ماء، وكان المشركون نازلين على موضع فيه الماء، وهم مع ذلك يحامون عن العير، فهو أشدّ لشوكتهم، فجعل اللّه جلّ وعزّ النصر في هذه الحال، مع قلة عدد المسلمين وكثرة عدد المشركين وشدة شوكتهم، فرقانا.
ويجوز في قوله: {والركب أسفل منكم} وجهان:
الوجه أن تنصب {أسفل} وعليه القراءة.
ويجوز أن ترفع {أسفل} على أنك تريد والركب أسفل منكم أي أشد تسفلا.
ومن نصب أراد والركب مكانا {أسفل} منكم.
[معاني القرآن: 2/417]
وقوله: {ليهلك من هلك عن بيّنة ويحيى من حيّ عن بيّنة}.
جعل اللّه عزّ وجل القاصد للحق بمنزلة الحيّ، وجعل الضالّ بمنزلة الهالك، ويجوز حيي بياءين، وحيّ بياء مشددة مدغمة، وقد قرئ بهما جميعا. فأمّا الخليل وسيبويه فيجيزان الإدغام والإظهار إذا كانت الحركة في الثاني لازمة، فأمّا من أدغم فلاجتماع حرفين من جنس واحد.
وأمّا من أظهر فلأن الحرف الثاني ينتقل عن لفظ الياء، تقول حيي يحيا، والمحيا والممات.
فعلى هذا يجوز الإظهار. فأمّا قوله عزّ وجلّ: {هو يحيي ويميت}.
وقوله: {أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى (40)}.
فلا يجوز فيه عند جميع البصريين إلا يحيي بياءين ظاهرتين وأجاز بعضهم. يحيّ بياء واحدة مشددة مدغمة.
وذكر أن بعضهم أنشد:
وكأنها بين النساء سبيكة..=. تمشي بسدة بيتها فتعي
ولو كان هذا المنشد المستشهد أعلمنا من هذا الشاعر، ومن أي القبائل هو وهل هو ممن يؤخذ بشعره أم لا ما كان يضره ذلك.
وليس ينبغي أن يحمل كتاب الله على " أنشدني بعضهم " ولا على بيت شاذ لو عرف قائله وكان ممن يؤخذ بقوله لم يجز.
وهذا عندنا لا يجوز في كلام ولا شعر، لأن الحرف الثاني إذا كان
[معاني القرآن: 2/418]
يسكن من غير المعتل نحو: " لم يودّ " فالاختيار إظهار التضعيف، فكيف إذا كان من المعتل). [معاني القرآن: 2/419]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى} [آية: 42]
قال قتادة العدوة شفير الوادي وكذلك هو في اللغة
ومعنى الدنيا التي تلي المدينة ومعنى القصوى التي تلي مكة ثم قال تعالى: {والركب أسفل منكم}
قال قتادة يعني العير التي كانت مع أبي سفيان
46 - وقوله جل وعز: {ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة} [آية: 42]
قال أبو جعفر قال ابن أبي إسحاق جعل المعتدي بمنزلة
الحي وجعل الضال بمنزلة الهالك قال أي ليكفر من كفر بعد الحجة بما رأى من الآية والعبرة ويؤمن من آمن على مثل ذلك
وقال غيره ليهلك ليموت من مات عن حجة لله جل وعز وعليه قد قطعت عذره وليعيش من عاش منهم على مثل ذلك وإن الله لسميع لقولكم حين تركتموهم عليم بما تضمره نفوسكم). [معاني القرآن: 3/159-160]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {بالعدوة الدنيا}: جانب الوادي مما يلي الناس). [ياقوتة الصراط: 237]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) :{العدوة القصوى}: البعيدة من الناس، ليس بسماع). [ياقوتة الصراط: 238]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الْعُدْوَةِ}: جانب الوادي). [العمدة في غريب القرآن: 144]

تفسير قوله تعالى: (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (43) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إذ يريكهم الله في منامك}مجازه: في نومك ويدلّ على ذلك قوله في آيةٍ أخرى: {إذّ يغشيكم النّعاس}) [8: 11] وللمنام موضع آخر في عينك التي تنام بها ويدل على ذلك قوله {ونقلّلكم في أعينهم} ). [مجاز القرآن: 1/247]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إذ يريكهم اللّه في منامك} أي في نومك، ويكون: في عينك، لأن العين موضع النوم). [تفسير غريب القرآن: 179]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إذ يريكهم اللّه في منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكنّ اللّه سلّم إنّه عليم بذات الصّدور})
رويت عن الحسن أن معناها في عينك التي تنام بها.
وكثير من أصحاب النحو يذهبون إلى هذا المذهب.
ومعناه عندهم: إذ يريكهم الله في موضع منامك أي بعينك ثم حذف الموضع، وأقام المقام مكانه، وهذا مذهب حسن.
ولكنه قد جاء في التفسير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رآهم في النوم قليلا، وقص الرؤيا على - أصحابه فقالوا: صدقت رؤياك يا رسول اللّه، وهذا المذهب أسوغ في العربية، لأنّه قد جاء:
{وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقلّلكم في أعينهم}
فدل بهذا أن هذا رؤية الالتقاء، وأن تلك رؤية النوم.
ويجوز على هذا المذهب الأول أن يكون الخطاب الأول للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأن الخطاب الثاني لجميع من شاهد الحرب وللنبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقوله: {ولو أراكهم كثيرا لفشلتم}.
أي لتأخرتم عن حربهم وكعتم وجبنتم، يقال فشل فشلا إذا جبن وهاب أن يتقدم). [معاني القرآن: 2/419]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إذ يريكهم الله في منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر} [آية: 43]
قال ابن أبي نجيح عن مجاهد رآهم النبي صلى الله عليه وسلم في النوم قليلا فقص الرؤيا على أصحابه فثبتهم الله بذلك
وروي عن الحسن أنه قال
المعنى إذ يريكهم الله بعينك التي تنام بها
قال أبو جعفر والمعنى على هذا في موضوع منامك
والقول الأول أحسن لجهتين
إحداهما ما روي من أن النبي صلى الله عليه وسلم رآهم في النوم
والأخرى في قوله: {وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم} فالرؤيا الأولى في النوم والثانية عند الالتقاء
ويجوز ما قال الحسن على بعد على أن يكون قوله: {إذ يريكموهم} خطابا للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه
والمعنى ويقللكم في أعينهم أي لئلا يستعدوا لكم لما أراد الله جل وعز من ظفر المسلمين بهم). [معاني القرآن: 3/160-161]

تفسير قوله تعالى: (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (44) )
تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45) )
تفسير قوله تعالى: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وتذهب ريحكم} مجازه: وتنقطع دولتكم). [مجاز القرآن: 1/247]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({وتذهب ريحكم}: دولتكم). [غريب القرآن وتفسيره: 158]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وتذهب ريحكم} أي دولتكم. يقال: هبت له ريح النصر.
إذا كانت له الدّولة. ويقال: الريح له اليوم. يراد له الدّولة). [تفسير غريب القرآن: 179]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولا تنازعوا فتفشلوا}
قال أبو إسحاق يقال يفشل فشلا إذا هاب أن يتقدم جبنا
[معاني القرآن: 3/161]
ثم قال جل وعز: {وتذهب ريحكم} قال مجاهد: أي نصركم.
وقال معمر عن قتادة أي ريح الحرب
والمعروف في اللغة انه يقال ذهبت ريحهم أي دولتهم). [معاني القرآن: 3/162]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({وتذهب ريحكم} الريح: الغلبة.
والفشل: الكسل، يقال منه: فعل يفعل فعلا). [ياقوتة الصراط: 239]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} أي دولتكم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 92]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {رِيحُكُمْ}: دولتكم). [العمدة في غريب القرآن: 144]

تفسير قوله تعالى: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47) )
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس}[آية: 47]
يعني أبا جهل وأصحابه يوم بدر
وقوله جل وعز: {وزين لهم الشيطان أعمالهم}
قال المعنى واذكر إذ زين لهم الشيطان أعمالهم
قال الضحاك جاءهم يوم بدر برايته وجنوده فألقى في قلوبهم أنهم لن ينهزمزا وهم يقاتلون على دين آبائهم). [معاني القرآن: 3/162]

تفسير قوله تعالى: (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (48) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإذ زيّن لهم الشّيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من النّاس وإنّي جارٌ لّكم...}
هذا إبليس تمثل في صورة رجل من بني كنانة يقال له سراقة بن جعشم...
وقوله: {وإنّي جارٌ لّكم} من قومي بني كنانة ألاّ يعرضوا لكم، وأن يكونوا معكم على محمد (صلّى الله عليه وسلّم) فلمّا عاين الملائكة عرفهم فـ "نكص على عقبيه"، فقال له الحرث بن هشام: يا سراقة أفرارا من غير قتال! فقال: ((إني أرى ما لا ترون)) ). [معاني القرآن: 1/413]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {نكص على عقبيه} مجازه: رجع من حيث جاء). [مجاز القرآن: 1/247]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {نكص على عقبيه}: رجع من حيث جاء). [غريب القرآن وتفسيره: 159]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {نكص على عقبيه} أي رجع القهقري). [تفسير غريب القرآن: 179]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وإذ زيّن لهم الشّيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من النّاس وإنّي جار لكم فلمّا تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إنّي بريء منكم إنّي أرى ما لا ترون إنّي أخاف اللّه واللّه شديد العقاب}
موضع إذ " نصب، المعنى: اذكر إذ زين لهم الشيطان أعمالهم.
{وقال لا غالب لكم اليوم من النّاس وإنّي جار لكم}.
تمثل لهم إبليس في صورة رجل يقال له سراقة بن مالك بن جُعْثُم من كنانة، وقال لهم: لن يغلبكم أحد، وأنا جار لكم من بني كنانة.
{فلمّا تراءت الفئتان} توافقتا حتى رأت كل واحدة الأخرى، فبصر إبليس بالملائكة تنزل من السّماء فنكص على عقبيه.
{وقال إنّي بريء منكم}.
وذلك أنه عنّف لهربه، فقال:
{إنّي بريء منكم إنّي أرى ما لا ترون إنّي أخاف اللّه واللّه شديد العقاب}.
ومعنى نكص رجع بخزي.
فإن قال قائل: كيف يقول إبليس: {إنّي أخاف اللّه} وهو كافر؟
فالجواب في ذلك أنّه ظن الوقت الذي أنظر إليه قد حضر). [معاني القرآن: 2/420-421]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فلما تراءت الفئتان} أي التقتا حتى رأت كل واحدة منهما صاحبتها
ثم قال جل وعز: {نكص على عقبيه} أي رجع القهقري ويقال نكص على عقبيه إذا رجع من حيث جاء
وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون
قال الضحاك: رأى الملائكة إني أخاف الله والله شديد العقاب.
قيل إنما خاف أن يكون الوقت الذي أجل إليه قد حضر
وقيل بل كذب). [معاني القرآن: 3/163]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ) : ( {نكص على عقبيه} أي: مشى إلى خلفه منهزما). [ياقوتة الصراط: 239]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ} أي رجع). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 92]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {نكص}: رجع من حيث جاء). [العمدة في غريب القرآن: 144]

تفسير قوله تعالى: (إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (49) )
تفسير قوله تعالى: (وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا...}
يريد: ويقولون، مضمرة؛ كما قال: {ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربّهم ربّنا} يريد يقولون: {ربّنا}. وفي قراءة عبد الله {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل} يقولان {ربّنا}). [معاني القرآن: 1/413]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ولو ترى إذ يتوفّى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق}
مجازه مجاز المختصر المضمر فيه وهو بمعنى ويقولون ذوقوا عذاب الحريق، والعرب تفعل ذلك، قال النّابغة:
كأنّك من جمال بني أقيش = يقعقع خلف رجليه بشنّ
معناه: كأنك جملٌ والعرب تقدّم المفعول قبل الفاعل). [مجاز القرآن: 1/247]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({ولو ترى إذ يتوفّى الّذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق}
وقال: {ولو ترى إذ يتوفّى الّذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق} فأضمر الخبر والله أعلم. وقال الشاعر:

إن يكن طبّك الدّلال فلوفي = سالف الدّهر والسنين الخوالي
يريد بقوله "فلوفي سالف الدهر" {أن} يقول: "فلو كان في سالف الدهر لكان كذا وكذا" فحذف هذا الكلام كلّه). [معاني القرآن: 2/28-29]

تفسير قوله تعالى: (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (51) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وأنّ اللّه ليس بظلاّمٍ لّلعبيد...}
{أنّ} في موضع نصب إذا جعلت {ذلك} نصبا وأردت: فعلنا {ذلك بما قدّمت أيديكم} وبـ {أنّ اللّه}. وإن شئت جعلت {ذلك} في موضع رفع، فتجعل {أن} في موضع رفع؛ كما تقول: هذا ذاك). [معاني القرآن: 1/413]

تفسير قوله تعالى: (كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (52) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {كدأب آل فرعون...}
يريد: كذّب هؤلاء كما كذّب آل فرعون، فنزل بهم كما نزل بآل فرعون). [معاني القرآن: 1/413]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {كدأب آل فرعون} مجازه: كعادة آل فرعون وحالهم وسنتهم والدّأب والدّيدن والدّين واحد، قال المثقّب العبديّ:

تقول إذا درأت لها وضيني = أهذا دينه وديني
أكلّ الدهر حلٌّ وارتحالٌ = أما يبقى علىّ ولا يتيني
وقوله: درأت أي بسطت ويقال يا فلانة ادرئ لفلان الوسادة، وقال خداش بن زهير العامريّ في يوم الفجار، كانت النصرة فيه لكنانة وقريش على قيس:
وما زال ذاك الدّأب حتى تخاذلت = هوازن وارفضّت سليم وعامر). [مجاز القرآن: 1/247-248]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {كدأب آل فرعون والذين من قبلهم}
قال مجاهد أي كفعل والدأب عند أهل اللغة العادة وحقيقته عندهم أنه من قولك فلان يدأب أي يداوم على الشيء
ويلزمه وهذا معنى العادة). [معاني القرآن: 3 /163 -164]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({كَدَأْبِ}: كعادة). [العمدة في غريب القرآن: 144]
تفسير قوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (53) )
تفسير قوله تعالى: (كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ (54) )
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({كدأب آل فرعون}: كشأن آل فرعون وفعلهم جحدوا كما جحدتم وكفروا كما كفرتم). [غريب القرآن وتفسيره: 159]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 2 محرم 1432هـ/8-12-2010م, 10:13 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 55 إلى آخر السورة]

(إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (55) الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ (56) فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (57) وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (58) وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ (59) وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60) وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61) وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (64) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (65) الْآَنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (66) مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67) لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (68) فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (69) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (70) وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (71) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (73) وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74) وَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (75) )
تفسير قوله تعالى: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (55) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إنّ شرّ الدّوابّ عند الله الّذين كفروا} مجاز الدواب أنه يقع على الناس وعلى البهائم، وفي آية أخرى:
{وما من دابّةٍ في الأرض إلاّ على الله رزقها } [11: 6] ). [مجاز القرآن: 1/248]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إنّ شرّ الدّوابّ عند اللّه الّذين كفروا فهم لا يؤمنون}
عنى أن هؤلاء لا يؤمنون أبدا، كما قال لنوح: {أنّه لن يؤمن من قومك إلّا من قد آمن} ). [معاني القرآن: 2/419]
تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ (56) )
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون} [آية: 56]
قال مجاهد يعني بني قريظة). [معاني القرآن: 3/164]
تفسير قوله تعالى: (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (57) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فإمّا تثقفنّهم في الحرب فشرّد بهم مّن خلفهم...}
يريد: إن أسرتهم يا محمد فنكّل بهم من خلفهم ممن تخاف نقضه للعهد {فشرّد بهم}. {لعلّهم يذّكّرون} فلا ينقضون العهد. وربما قرئت {من خلفهم} بكسر {من}، وليس لها معنى أستحبّه مع التفسير). [معاني القرآن: 1/414]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فإمّا تثقفنّهم في الحرب} مجازه مجاز فإن تثقفنّهم.
{فشرّد بهم من خلفهم} مجازه فأخف واطرد بهؤلاء الذين تثقفنهم الذين بعدهم، وفرّق بينهم). [مجاز القرآن: 1/248]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {فشرد بهم من خلفهم}: فرق بهم، من التفرقة). [غريب القرآن وتفسيره: 159]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فإمّا تثقفنّهم} أي تظفر بهم.
[تفسير غريب القرآن: 179]
{فشرّد بهم من خلفهم} أي افعل بهم فعلا من العقوبة والتّنكيل يتفرق بهم من وراءهم من أعدائك. ويقال: شرّد بهم، سمّع بهم، بلغة قريش. قال الشاعر:
أطوّف في الأباطح كلّ يوم مخافة أن يشرّد بي حكيم
ويقال: شرّد بهم، أي نكلّ بهم. أي اجعلهم عظة لمن وراءهم وعبرة). [تفسير غريب القرآن: 180]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فإمّا تثقفنّهم في الحرب فشرّد بهم من خلفهم لعلّهم يذّكّرون}
[معاني القرآن: 2/419]
معناه افعل بهم فعلا من القتل تفرق به من خلفهم.
وقوله عزّ وجلّ: {تثقفنّهم} معناه تصادفنهم وتلقينّهم). [معاني القرآن: 2/420]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فإنما تثقفنهم في الحرب} [آية: 57]
أي تصادفهم وتظفر بهم فشرد بهم من خلفهم
قال سعيد بن جبير أي أنذر بهم من خلفهم وقال أبو عبيد هي لغة قريش شرد بهم سمع بهم
وقال الضحاك أي نكل بهم
والتشريد في اللغة التبديد والتفريق). [معاني القرآن: 3/164]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَثْقَفَنَّهُمْ} تظفر بهم.
{فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ} أي افعل بهم فعلا من العقوبة والتنكيل، يتفرق به من ورائهم من أعدائك. وقيل: معناه سَمع بهم، وقيل: نكل
بهم: أي اجعلهم عظة لغيرهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 92-93]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَشَرِّدْ}: فرق). [العمدة في غريب القرآن: 144]

تفسير قوله تعالى: (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (58) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإمّا تخافنّ من قومٍ خيانةً...}
يقول: نقض عهد {فانبذ إليهم} بالنقض {على سواء} يقول: افعل كما يفعلون سواءً. ويقال في قوله: {على سواء}: جهرا غير سرّ. وقوله: {تخافنّ} في موضع جزم. ولا تكاد العرب تدخل النون الشديدة ولا الخفيفة في الجزاء حتى يصلوها بـ {ما}، فإذا وصلوها آثروا التنوين. وذلك أنهم وجدوا لـ {إمّا} وهي جزاء شبيها بـ {إمّا} من التخيير، فأحدثوا النون ليعلم بها تفرقة بينهما؛ ثم جعلوا أكثر جوابها بالفاء؛ كذلك جاء التنزيل؛ قال: {فإمّا تثقفنّهم في الحرب فشرّد}، {فإمّا نرينّك بعض الذي نعدهم} ثم قال: {فإلينا يرجعون} فاختيرت الفاء لأنهم إذا نوّنوا في {إمّا} جعلوها صدرا للكلام ولا يكادون يؤخّرونها. ليس من كلامهم: اضربه إمّا يقومنّ؛ إنما كلامهم أن يقدّموها، فلمّا لزمت التقديم صارت كالخارج من الشرط، فاستحبوا الفاء فيها وآثروها، كما استحبّوها في قولهم: أمّا أخوكم فقاعد، حين ضارعتها). [معاني القرآن: 1/414]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وإمّا تخافنّ من قومٍ خيانةً فانبذ إليهم على سواء} مجاز وإما وإن، ومعناها وإما توقننّ منهم خيانة أي غدراً، وخلافاً وغشّاً، ونحو ذلك.
{فانبذ إليهم} مجازه: فألق إليهم وأظهر لهم أنهم حربٌ وعدوٌ وأنك ناصب لهم حتى يعلموا ذلك فتصيروا على سواء وقد أعلمتهم ما علمت منهم، يقال: نابذتك على سواءٍ). [مجاز القرآن: 1/249]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {فانبذ إليهم على سواء}: أظهر أنك عدو لهم {على سواء} على العدل والحق). [غريب القرآن وتفسيره: 159]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فانبذ إليهم على سواءٍ}: ألق إليهم نقضك العهد، لتكون أنت وهم في العلم بالنقض سواء). [تفسير غريب القرآن: 180]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الخيانة: أن يؤتمن الرجل على شيء، فلا يؤدي الأمانة فيه.
يقال لكل خائن: سارق، وليس كل سارق خائنا.
والقطع يجب على السارق، ولا يجب على الخائن، لأنه مؤتمن.
قال النّمر بن تولب:

وإنَّ بني ربيعةَ بعد وَهْبٍ = كراعي البيتِ يحفظُه فَخَانَا
ويقال: لناقض العهد: خائن، لأنه أمن بالعهد وسكن إليه، فغدر ونكث.
قال الله تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً} [الأنفال: 58].
أي: نقضا للعهد.
[تأويل مشكل القرآن: 477]
وكذلك قوله: {وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ} [المائدة: 13] أي غدر ونكث). [تأويل مشكل القرآن: 478]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وإمّا تخافنّ من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إنّ اللّه لا يحبّ الخائنين}
أي نقضا للعهد.
{فانبذ إليهم على سواء}.
أي انبذ عهدهم الذي عاهدتهم عليه أي ارم به.
على سواء، أي لتكون وهم سواء في العداوة.
{إنّ اللّه لا يحبّ الخائنين}.
أي الذين يخونون في عهدهم وغيره.
وقوله: {كدأب آل فرعون والّذين من قبلهم}.
معناه عادة هؤلاء في كفرهم كعادة آل فرعون في كفرهم، فجوزي هؤلاء بالقتل والسبي كما جوزي آل فرعون بالإغراق والإهلاك، كذا قال بعض أهل اللغة، في الدأب أنه العادة.
وقال أبو إسحاق: وحقيقة الداب إدامة العمل، تقول: فلان يداب في كذا وكذا أي يداوم عليه ويواظب، ويتعب نفسه فيه.
وهذا التفسير معنى العادة إلا أن هذا أبين وأكشف). [معاني القرآن: 2/420]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وإما تخافن من قوم خيانة} [آية: 58]
أي غشا ونقضا للعهد فانبذ إليهم على سواء أي ألق إليهم نقض عهدهم لتكون أنت وهم على سواء في العلم يقال نبذت إليه على سواء أي أعلمته أني قد عرفت منه ما أخفاه
وروى عمر بن عنبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من كان بينه وبين قوم عهد إلى مدة فلا يشد عقدة ولا يحلها حتى ينقضي أمدها أو ينبذ إليهم على سواء). [معاني القرآن: 3/165]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} أي ألقي إليهم نقضك العهد، لتكون أنت وهم في العلم بالنقض سواء). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 93]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَانبِذْ}: أظهر). [العمدة في غريب القرآن: 144]

تفسير قوله تعالى: (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ (59) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولا يحسبنّ الّذين كفروا سبقوا إنّهم لا يعجزون...}
بالتاء لا اختلاف فيها. وقد قرأها حمزة بالياء. ونرى أنه اعتبرها بقراءة عبد الله. وهي في قراءة عبد الله {ولا يحسبنّ الذين كفروا أنهم سبقوا إنهم لا يعجزون}
[معاني القرآن: 1/414]
فإذا لم تكن فيها (أنّهم) لم يستقم للظنّ ألا يقع على شيء. ولو أراد: ولا يحسب الذين كفروا أنهم لا يعجزون لاستقام، ويجعل لا (صلة) كقوله: {وحرامٌ على قريةٍ أهلكناها أنّهم لا يرجعون} يريد: أنهم يرجعون. ولو كان مع {سبقوا)}{أن} استقام ذلك، فتقول {ولا يحسب الذين كفروا أن سبقوا}.
فإن قال قائل: أليس من كلام العرب عسيت أذهب، وأريد أقوم معك، و{أن} فيهما مضمرة، فكيف لا يجوز أن تقول: أظن أقوم، وأظن قمت؟ قلت: لو فعل ذلك في ظننت إذا كان الفعل للمذكور أجزته وإن كان اسما؛ مثل قولهم: عسى الغوير أبؤساً، والخلقة لأن، فإذا قلت ذلك قلته في أظن فقلت: أظن أقوم، وأظن قمت؛ لأن الفعل لك، ولا يجوز أظن يقوم زيد، ولا عسيت يقوم زيد؛ ولا أردت يقوم زيد؛ وجاز والفعل له لأنك إذا حوّلت يفعل إلى فاعل اتصلت به وهي منصوبة بصاحبها، فيقول: أريد قائما؛ والقيام لك. ولا تقول أريد قائما زيد، ومن قال هذا القول قال مثله في ظننت. وقد أنشدني بعضهم لذي الرّمّة:
أظنّ ابن طرثوث عتيبة ذاهبا =بعاديّتي تكذابه وجعائله
[معاني القرآن: 1/415]
فهذا مذهب لقراءة حمزة؛ يجعل {سبقوا} في موضع نصب: لا يحسبن الذين كفروا سابقين. وما أحبها لشذوذها). [معاني القرآن: 1/416]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ولا يحسبنّ الذين كفروا سبقوا}مجازه: فاتوا.
{إنّهم لا يعجزون} لا يفوتون). [مجاز القرآن: 1/249]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولا يحسبنّ الّذين كفروا سبقوا} أي فاتوا. ثم ابتدأ فقال: {إنّهم لا يعجزون}). [تفسير غريب القرآن: 180]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولا يحسبنّ الّذين كفروا سبقوا إنّهم لا يعجزون}
معناها: لا يحسبنّ من أفلت من هذه الحرب قد سبق إلى الحياة.
والقراءة الجيدة {ولا تحسبنّ} بالتاء على مخاطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - وتكون " تحسبنّ " عاملة في الذين، ويكون {سبقوا} الخبر.
ويجوز فتح السين وكسرها، وقد قرأ بعض القراء، ولا يحسبن الذين كفروا، بالياء ووجهها ضعيف عند أهل العربية إلا أنّها جائزة على أن يكون المعنى، ولا يحسبن الذين كفروا أن سبقوا، لأنها في حرف ابن مسعود إنهم سبقوا، فإذا كانت كذلك فهو بمنزلة قولك: حسبت أن أقوم وحسبت أقوم على حذف {أن} وتكون أقوم وقام تنوب عن الاسم والخبر كما أنك إذا قلت: ظننت لزيد خير منك.
فقد نابت الجملة عن اسم الظنّ وخبره وفيها وجه آخر:
ولا يحسبن قبيل المؤمنين الّذين كفروا سبقوا.
ويجوز فيها أوجه لم يقرأ بها، يجوز {ولا يحسبنّ الذين كفروا سبقوا }
و {لا يحسبنّ الذين كفروا}.
أي لا يحسب المؤمنون الذين كفروا سبقوا.
ولكن القراءة سنة، لا يقرأ إلا بما قرأت به القراء.
ويجوز إنهم بكسر إنّ، ويجوز أنّهم.
فيكون المعنى: ولا يحسبن الّذين كفروا أنهم يعجزون.
ويكون {أن} بدلا من {سبقوا}.
قال أبو إسحاق: هذا الوجه ضعيف، لأن {لا } لا تكون لغوا في موضع يجوز أن تقع فيه غير لغو.
وقوله: {يعجزون} فتح النون الاختيار، ويجوز كسرها على أن يكون المعنى أنهم لا يعجزونني، بحذف النون الأولى لاجتماع النونين.
قال الشاعر:
رأته كالنعام يعلّ مسكا..=. يسوء الغاليات إذا فليني
يريد فلينني). [معاني القرآن: 2/421-422]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا} [آية: 59]
قال أبو عبيدة أي فاتوا ثم قال جل وعز إنهم لا يعجزون روي عن ابن محيصن أنه قرأ لا يعجزون بالتشديد وكسر النون
[معاني القرآن: 3/165]
قال أبو جعفر هذا خطأ من جهتين:
إحداهما : أن معنى عجزه ضعفه وضعف أمره
والأخرى: أنه كان يجب أن يكون بنونين
ومعنى أعجزه سبقه وفاته حتى لم يقدر عليه). [معاني القرآن: 3/166]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {سَبَقُوا} أي فاتوا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 93]

تفسير قوله تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وأعدّوا لهم مّا استطعتم مّن قوّةٍ ومن رّباط الخيل...}
يريد إناث الخيل. ... حدّثنا ابن أبي يحيى رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "القوة: الرمي".
وقوله: {ترهبون به عدوّ اللّه وعدوّكم وآخرين من دونهم}. ولو جعلتها نصبا من قوله: وأعدّوا لهم ولآخرين من دونهم كان صوابا؛ كقوله: {والظالمين أعدّ لهم عذابا أليما}. وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي: {ترهبون به عدوّاً للّه وعدوّكم}؛ كما قرأ بعضهم في الصفّ {كونوا أنصاراً للّه} ). [معاني القرآن: 1/416]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ترهبون به عدوّ الله} أي تخيفون وترعبون أرهبته ورهبته سواء، والرّهب والرّهب واحد. قال طفيل بن عوف الغنويّ.
ويل أمّ حيٍّ دفعتم في نحورهم... بني كلابٍ غداة الرّعب والرّهب). [مجاز القرآن: 1/249]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّةٍ} أي من سلاح). [تفسير غريب القرآن: 180]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوّ اللّه وعدوّكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم اللّه يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل اللّه يوفّ إليكم وأنتم لا تظلمون}
{وآخرين من دونهم لا تعلمونهم اللّه يعلمهم}.
{وآخرين} عطف على قوله {ترهبون به عدوّ اللّه وعدوّكم}.
أي وترهبون آخرين من دونهم). [معاني القرآن: 2/422]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم} [آية: 60]
قال عكرمة القوة ذكور الخيل ورباط الخيل إناثها
وقال غيره القوة السلاح وروى عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ألا إن القوة الرمي))
60 - ثم قال عز وجل: {وآخرين من دونهم لا تعلمونهم} [آية: 60]
أي وترهبون آخرين أي تخيفونهم
قال مجاهد هم بنو قريظة وقال ابن زيد هم المنافقون وقيل هم الجن وقال السدي أهل فارس). [معاني القرآن: 3 /166-167 ]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مِنْ قُوَّةٍ} أي من سلاح، وقيل هو القتل). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 93]
تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإن جنحوا للسّلم فاجنح لها...}
إن شئت جعلت {لها} كناية عن السلم لأنها مؤنثة. وإن شئت جعلته للفعلة؛ كما قال {إنّ ربّك من بعدها لغفورٌ رحيمٌ} ولم يذكر قبله إلا فعلا، فالهاء للفعلة). [معاني القرآن: 1/416]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وإن جنحوا للسّلم} أي رجعوا إلى المسالمة، وطلبوا الصلح وهو السلم مكسورة ومفتوحة ومتحركة الحروف بالفتحة واحد، قال رجل من أهل اليمن جاهلي:
أناثل إنني سلمٌ..=. لأهلك فاقبلي سلمي
فيها ثلاث لغات، وكذلك السلام أيضاً، وقد فرغنا منه في موضع قبل هذا ويقال للدلو سلم مفتوحة ساكنة اللام، ويقال: أخذته سلماً أي أسرته ولم أقتله ولكن استسلم لي، متحرك الحروف بالفتحة وكذلك السلم الذي تسلم فيه وهو السلف الذي تسلف فيه وهو متحرك الحروف والسلم شجر واحدته سلمة متحركة بالفتحة). [مجاز القرآن: 1/250]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وإن جنحوا للسّلم فاجنح لها وتوكّل على اللّه إنّه هو السّميع العليم}
وقال: {وإن جنحوا للسّلم فاجنح لها} فأنث {السّلم} وهو {الصلح} وهي لغة لأهل الحجاز ولغة العرب الكسر). [معاني القرآن: 2/29]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({وإن جنحوا للسلم}: مالوا إلى الصلح وطلبوه). [غريب القرآن وتفسيره: 159]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وإن جنحوا للسّلم} أي مالوا للصلح). [تفسير غريب القرآن: 180]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وإن جنحوا للسّلم فاجنح لها وتوكّل على اللّه إنّه هو السّميع العليم}
السّلم: الصلح والمسالمة، يقال: سلم وسلم وسلم في معنى واحد.
أي إن مالوا إلى الصلح فمل إليه). [معاني القرآن: 2/422]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها} [آية: 61]
جنحوا مالوا وقال أبو عمرو والسلم الصلح والسلم الإسلام
وأبو عبيدة يذهب إلى أن السلم والسلم والسلم الصلح). [معاني القرآن: 3/167]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : (وقوله: {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها}أي: إذا مالوا إلى
[ياقوتة الصراط: 239]
الصلح، فاجنح لها: أي فمل أنت: - أيضا - إلى الصلح، لأنه قال - جل وعز: {والصلح خير} ). [ياقوتة الصراط: 240]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {والسَلم} الصلح. و {جَنَحُوا} أي مالوا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 93]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {جَنَحُواْ}: مالوا
61- {السَّلْمِ}: الصلح). [العمدة في غريب القرآن: 144-145]

تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) )
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وإن يريدوا أن يخدعوك فإنّ حسبك اللّه هو الّذي أيّدك بنصره وبالمؤمنين}
وقال: {فإنّ حسبك اللّه} لأنّ "حسبك" اسم). [معاني القرآن: 2/29]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وإن يريدوا أن يخدعوك فإنّ حسبك اللّه هو الّذي أيّدك بنصره وبالمؤمنين}
أي إن أرادوا بإظهار الصلح خديعتك، {فإنّ حسبك اللّه}
أي فإن الذي يتولى كفايتك اللّه.
{ومن اتبعك من المؤمنين}.
موضع {من}نصب ورفع، أما من نصب فعلى تأويل الكاف، المعنى فإن اللّه يكفيك ويكفي من اتبعك من المؤمنين، ومن رفع فعلى العطف على اللّه والمعنى: فإن حسبك اللّه وتبّاعك من المؤمنين.
{هو الّذي أيّدك بنصره وبالمؤمنين}.
ومعنى {أيّدك}:قواك). [معاني القرآن: 2/423-422]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وإن يريدوا أن يخدعوك} [آية: 62]
أي بإظهار الصلح فإن حسبك الله أي كافيك وهو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين أي قواك وألف بين قلوبهم
وهذه من الآيات العظام لأن أحدهم كان يلطم اللطمة فيقاتل عنه حتى يستقيدها وكانوا أشد خلق الله حمية فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كان أحدهم يقاتل أخاه على الإسلام
حدثنا أبو جعفر قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن محمد
بالأنبار قال نا نصر بن علي قال حدثني أبي قال حدثنا شعبة قال أخبرنا بشير ابن ثابت من آل النعمان بن بشير في قوله: {هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين} حتى بلغ {إنه عزيز حكيم} قال نزلت في الأنصار). [معاني القرآن: 3/168-167]

تفسير قوله تعالى: (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وألّف بين قلوبهم...}
بين قلوب الأنصار من الأوس والخزرج؛ كانت بينهم حرب، فلمّا دخل المدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم أصح الله به وبالإسلام ذات بينهم). [معاني القرآن: 1/417]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وبالمؤمنين} وألّف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألّفت بين قلوبهم ولكنّ اللّه ألّف بينهم إنّه عزيز حكيم)
أي جمعهم على المودة على الإيمان.
وقوله: {لو أنفقت ما في الأرض جميعا}.
{جميعا}منصوب على الحال.
{ما ألّفت بين قلوبهم ولكنّ اللّه ألّف بينهم}
أعلم الله جلّ وعزّ أن تأليف قلوب المؤمنين من الآيات العظام وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث إلى قوم أنفتهم شديدة، ونصرة بعضهم بعضا ومعاونته أبلغ نصرة ومعاونة، كان يلطم من القبيلة لطمة فيقاتل عنه حتى يدرك ثأره، فألّف الإيمان بين قلوبهم حتى قاتل الرجل أباه وأخاه وابنه، فأعلم اللّه عزّ وجلّ أن هذا ما تولاه منهم إلا هو). [معاني القرآن: 2/423]
تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (64) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يا أيّها النّبيّ حسبك اللّه ومن اتّبعك...}
جاء التفسير: يكفيك الله ويكفى من اتبعك؛ فموضع الكاف في {حسبك} خفض. و{من} في موضع نصب على التفسير؛ كما قال الشاعر:
إذا كانت الهيجاء وانشقّت العصا =فحسبك والضّحاك سيفٌ مهنّد
وليس بكثير من كلامهم أن يقولوا: حسبك وأخاك، حتى يقولوا: حسبك وحسب أخيك، ولكنا أجرناه لأن في {حسبك} معنى واقعٍ من الفعل، رددناه على تأويل الكاف لا على لفظها؛ كقوله: {إنّا منجّوك وأهلك} فردّ الأهل على تأويل الكاف. وإن شئت جعلت {من}في موضع رفع، وهو أحبّ الوجهين إليّ؛ لأن التلاوة تدلّ على معنى الرفع؛ ألا ترى أنه قال:
{إن يكن مّنكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين...} ). [معاني القرآن: 1/417]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين} [آية: 64]
أي الله يكفيك ويكفي من اتبعك
وقيل المعنى ومن اتبعك ينصرك). [معاني القرآن: 3/168]
تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (65) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): ( {إن يكن مّنكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين...}
فكان النبي صلى الله عليه وسلم يغزي أصحابه على أنّ العشرة للمائة، والواحد للعشرة، فكانوا كذلك، ثم شقّ عليهم أن يقرن الواحد للعشرة فنزل:
{الآن خفّف اللّه عنكم وعلم أنّ فيكم ضعفاً فإن يكن مّنكم مّئةٌ صابرةٌ يغلبوا مائتين وإن يكن مّنكم ألفٌ يغلبوا ألفين}.
فبين الله قوّتهم أوّلا وآخرا. وقد قال هذا القول الكسائيّ ورفع {من} ). [معاني القرآن: 1/417-418]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {يا أيّها النّبيّ حرّض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الّذين كفروا بأنّهم قوم لا يفقهون}
تأويله حثّهم على القتال.
وتأويل التحريض في اللغة أن يحث الإنسان على الشيء حثّا يعلم معه أنه حارض إن تخلف عنه، والحارض الذي قد قارب الهلاك، وقوله تعالى:
[معاني القرآن: 2/423]
{حتى تكون حرضا} أي حتى تذوب غمّا فتقارب الهلاك فتكون من الهالكين.
وقوله: {إن يكن منكم عشرون صابرون}.
لا يجوز إلا كسر العين. وزعم أهل اللغة أن أول عشرين كسر كما كسر أول اثنين، لأن عشرين من عشرة مثل اثنين من واحد.
ودليلهم على ذلك فتحهم ثلاثين كفتح ثلاثة.
وكسرة تسعين ككسرة تسعة). [معاني القرآن: 2/424]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال} [آية: 65]
التحريض الحث الشديد وهو مأخوذ من الحرض وهو المقاربة
للهلاك أي حثهم حتى يعلم من يخالف أنه قد قارب الهلاك
قال جل عز: {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين} [آية: 65] ثم قال ابن عباس فرض على الرجل أن يقاتل عشرة ثم سهل عليهم فقال الآن خفف الله عنكم إلى قوله: {والله مع الصابرين} وكتب عليهم أن لا يفر مائة من مائتين
قال ابن شبرمة وأنا أرى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كذا
وروى الأعمش عن مرو بن مرة عن أبي عبيدة عن عبد الله قال لما كان يوم بدر جيء بالأسرى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ما ترون في هؤلاء الأسرى)) فقال أبو بكر يا رسول الله قومك وأصلك استبقهم فلعل الله يتوب عليهم فقال عمر:
يا رسول الله كذبوك وأخرجوك وقاتلوك قدمهم فاضرب أعناقهم وذكر الحديث وقال فيه فأنزل الله). [معاني القرآن: 3/168- 170]

تفسير قوله تعالى: (الْآَنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (66) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): ( {إن يكن مّنكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين...}
فكان النبي صلى الله عليه وسلم يغزي أصحابه على أنّ العشرة للمائة، والواحد للعشرة، فكانوا كذلك، ثم شقّ عليهم أن يقرن الواحد للعشرة فنزل:
{الآن خفّف اللّه عنكم وعلم أنّ فيكم ضعفاً فإن يكن مّنكم مّئةٌ صابرةٌ يغلبوا مائتين وإن يكن مّنكم ألفٌ يغلبوا ألفين}.
فبين الله قوّتهم أوّلا وآخرا. وقد قال هذا القول الكسائيّ ورفع {من}). [معاني القرآن: 1/417-418 ] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: ({الآن خفّف اللّه عنكم وعلم أنّ فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن اللّه واللّه مع الصّابرين})
{وعلم أنّ فيكم ضعفا}.
قرئت على ثلاثة أوجه: قرئت ضعفا بفتح الضاد، وضعفا بضم الضاد والمعنى واحد، يقال هو الضعف والضّعف، والمكث والمكث، والفقر والفقر، وباب فعل وفعل بمعنى واحد في اللغة كثير.
وقرأ بعض الشيخة: وعلم أن فيكم ضعفاء على فعلاء، على جمع ضعيف وضعفاء ولم يصرف ولم ينوّن لأن فعلاء في آخرها ألف التأنيث.
{فإن يكن منكم مائة صابرة}
وقرئت { فإن تكن } بالتاء، فمن أنث فلأن لفظ المائة مؤنث، ومن ذكّر فلأنّ المائة وقعت على عدد فذكّر). [معاني القرآن: 2/424]

تفسير قوله تعالى: (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ما كان لنبيٍّ أن يكون له أسرى...}
معناه: ما كان ينبغي له يوم بدر أن يقبل فداء الأسرى {حتّى يثخن في الأرض}: حتى يغلب على كثير من في الأرض. ثم نزل: قوله: {لّولا كتابٌ مّن اللّه سبق} ). [معاني القرآن: 1/418]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {حتّى يثخن في الأرض} مجازه: حتى يغلب ويغالب ويبالغ.
{عرض الدّنيا} طمعها ومتاعها والعرض في موضع آخر من أعراض البلايا). [مجاز القرآن: 1/250]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ما كان لنبيّ أن يكون له أسرى حتّى يثخن في الأرض تريدون عرض الدّنيا واللّه يريد الآخرة واللّه عزيز حكيم}
ويقرأ أسارى، فمن قرأ أسرى فهو جمع أسير وأسرى.
وفعلى جمع لكل ما أصيبوا به في أبدانهم وعقولهم، يقال: هالك وهلكى، ومريض ومرضى، وأحمق وحمقى، وسكران وسكرى.
ومن قرأ أسارى فهو جمع الجمع، تقول أسير وأسارى.
قال أبو إسحاق: ولا أعلم أحدا قرأها أسارى.
وهي جائزة ولا تقرأن بها إلا أن تثبت رواية صحيحة.
{حتى يثخن في الأرض}.
معناه حتى يبالغ في قتل أعدائه، ويجوز أن يكون حتى يتمكن في الأرض.
والإثخان في كل شيء قوة الشيء وشدته يقال قد أثخنته). [معاني القرآن: 2/424-425]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( {ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض} [آية: 67]
قال مجاهد الإثخان القتل
وقيل حتى يثخن في الأرض حتى يبالغ في قتل أعدائه
وقيل حتى يتمكن في الأرض
والإثخان في اللغة القوة والشدة). [معاني القرآن: 3/170]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {حتى يثخن في الأرض} حتى يغلب ويقتل). [ياقوتة الصراط: 240]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {تريدون عرض الدنيا} أي: تريدون متاع الدنيا). [ياقوتة الصراط: 240]

تفسير قوله تعالى: (لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (68) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله: {لّولا كتابٌ مّن اللّه سبق}.
في فداء الأسرى والغنائم. وقد قرئت (أسارى)، وكلٌّ صواب. وقوله: {أن يّكون}بالتذكير والتأنيث؛ كقوله {يشهد عليهم ألسنتهم} و{تشهد} ). [معاني القرآن: 1/418]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لولا كتابٌ من اللّه سبق} أي قضاء سبق بأنه سيحل لكم المغانم). [تفسير غريب القرآن: 180]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم} [آية: 68]
فيه أقوال
قال مجاهد سبق من الله أن أحل لهم الغنائم
وقال أبو جعفر ويقوي هذا أنه روى أبو صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((ما أحلت الغنائم لقوم سود الرؤوس قبلنا كانت تنزل نار من السماء فتأكلها)) فلما كان يوم بدر وقع الناس فيما وقعوا فيه فأنزل الله جل وعز: {لولا كتاب من الله سبق} إلى قوله: {إن الله غفور رحيم}
وقيل سبق من الله جل وعز أنه يغفر لأهل بدر ما تقدم من ذنبهم وما تأخر قال ذلك الحسن رواه عنه أشعث
وروى عنه سفيان بن حسين أنه قال سبق من الله جل وعز أن لا يعذب قوما إلا بعد تقدمة ولم يكن تقدم إليهم فيها
وروى سالم عن سعيد بن جبير لولا كتاب من الله سبق قال لأهل بدر من السعادة لمسكم فيما أخذتم من الله عذاب عظيم
وقيل سبق من الله أنه يغفر الصغائر لمن اجتنب الكبائر). [معاني القرآن: 3/170 -171]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لَوْلا كِتَابٌ مِنْ اللَّهِ سَبَقَ} أي قضاء أنه ستحل لكم الغنائم.
{لَمَسَّكُمْ} لعاقبكم على أخذها). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 93]

تفسير قوله تعالى: (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (69) )
تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (70) )
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم} [آية: 70]
قيل في الآخرة وقيل يعوضكم في الدنيا
وروي عن العباس أنه قال أسرت يوم بدر ومعي عشرون أوقية فأخذت مني فعوضني الله عشرين عبدا ووعدني المغفرة). [معاني القرآن: 3/172]

تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (71) )
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل} [آية: 71]
خيانتك أي نقض العهد). [معاني القرآن: 3/172]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّ الّذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم...}
ثم قال: {أولئك بعضهم أولياء بعضٍ} في المواريث، كانوا يتوارثون دون قراباتهم ممن لم يهاجر.
وذلك قوله: {والّذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم مّن ولايتهم} يريد: من مواريثهم. وكسر الواو في الولاية أعجب إليّ من فتحها؛ لأنها إنما تفتح أكثر من ذلك إذا كانت
[معاني القرآن: 1/418]
في معنى النصرة، وكان الكسائيّ يفتحها ويذهب بها إلى النصرة، ولا أراه علم التفسير. ويختارون في وليته ولاية الكسر، وقد سمعناهما بالفتح والكسر في معناهما جميعا، وقال الشاعر:
دعيهم فهم ألبٌ عليّ ولايةٌ =وحفرهم أن يعلموا ذاك دائب
ثم نزلت بعد:
{والّذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ}.
فتوارثوا، ونسخت هذه الآخرة الآية التي قبلها. وذلك أنّ وقوله: {إلاّ تفعلوه تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ كبيرٌ...} ). [معاني القرآن: 1/418-419]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وهاجروا} مجازه: هاجروا قومهم وبلادهم وأخرجوا منها.
{من ولايتهم} إذا فتحتها فهي مصدر المولى وإذا كسرتها فهي مصدر الوالي الذي يلي الأمر والمولى والمولى واحد). [مجاز القرآن: 1/250-251]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {إنّ الّذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل اللّه والّذين آووا وّنصروا أولئك بعضهم أولياء بعضٍ والّذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم مّن ولايتهم مّن شيءٍ حتّى يهاجروا وإن استنصروكم في الدّين فعليكم النّصر إلاّ على قومٍ بينكم وبينهم مّيثاقٌ واللّه بما تعملون بصيرٌ}
وقال: {ما لكم مّن ولايتهم مّن شيءٍ} وهو في الولاء. وأمّا في السلطان فـ"الولاية" ولا أعلم كسر الواو في الأخرى إلا لغة). [معاني القرآن: 2/29]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({ما لكم من ولايتهم}: الولاية النصرة يقال نحن ولاية لكم على من عاداكم وهم لكم ولاية إذا كانوا أنصارا، والولاية ولاية الإمارة). [غريب القرآن وتفسيره: 160]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله} [آية: 72]
قيل إنه يقال هاجر الرجل إذا خرج من أرض إلى أرض
وقيل إنما قيل هجر وهاجر فلان لأن الرجل كان إذا أسلم هجره قومه وهجرهم فإذا خاف الفتنة على نفسه رحل عنهم فسمي مسيره هجرة
وقيل هاجر لأنه كان على هجرته لقومه وهجرتهم له فهو مهاجر هجر دار قومه ووطنه وارتحل إلى دار الإسلام وهما هجرتان فالمهاجرون الأولون الذين هاجروا إلى أرض الحبشة والآخرون الذين هاجروا إلى المدينة إلى وقت الفتح
وانقطعت الهجرة لأن الدار كلها دار الإسلام فلا هجرة وهذا قول أهل الحديث ومن يوثق بعلمه
وقوله جل وعز: {والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء} [آية: 72]

أي من نصرتهم ووراثتهم
قال قتادة كان الرجل يؤاخي الرجل فيقول ترثني وأرثك ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله} ). [معاني القرآن: 3/173-174]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مِّن وَلاَيَتِهِم}: من نصرتهم). [العمدة في غريب القرآن: 145]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (73) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إلاّ تفعلوه تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ كبيرٌ...}
إلا تتوارثوا على القرابات تكن فتنة. وذكر أنه في النصر: إلا تتناصروا تكن فتنة). [معاني القرآن: 1/419]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {والّذين كفروا بعضهم أولياء بعضٍ إلّا تفعلوه تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ كبيرٌ} يريد هذه الموالاة أن يكون المؤمنون أولياء المؤمنين. والمهاجرون أولياء الأنصار. وبعضهم من بعض - والكافرون أولياء الكافرين. أي وإن لم يكن هذا كذا، كانت فتنة في الأرض وفساد كبير). [تفسير غريب القرآن: 181]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال عز وجل: {والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه} [آية: 73]
ومعنى إن لا تفعلوه إن لا تفعلوا النصر والموالاة
وروى ابن أبي طلحة عن ابن عباس إلا تفعلوه قال يقول إلا تأخذوا في الميراث بما أمرتكم به
وقال ابن زيد أي إلا تتركوهم يتوارثون على ما كانوا
قال مجاهد هذا منسوخ نسخه {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض}
وروي عن عبد الله بن الزبير أنه قال هذا في العصبات كان الرجل يعاقد الرجل على أن يتوارثا فنسخ ذلك وقيل نسخته الفرائض
وأكثر الرواة على أن الناسخ له وأولو ا الأرحام بعضهم الآية
وروى سفيان عن السدي عن أبي مالك قال: قال رجل نورث أرحامنا المشركين فنزلت: {والذين كفروا بعضهم أولياء بعض} وروى يونس عن الحسن قال كان الأعرابي لا يرث مهاجرا حتى نزلت وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله فقد تبين أن معنى الآية أن أهل الأرحام يتوارثون بأرحامهم دون الذين حالفوهم ونسخ ذلك ما كان قبله من التوارث بالمخالفة). [معاني القرآن: 3/174-175]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ} أي إلا تفعلوا الموالاة بين المؤمنين بعضهم من بعض فكذلك المهاجرين وهم أولياء الأنصار). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 93]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74) )

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (75) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وأولوا الأرحام}ذووا، ألا ترى أن واحدها ذو). [مجاز القرآن: 1/251]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {والّذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ في كتاب اللّه إنّ اللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ}
وقال: {والّذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم} فجعل الخبر بالفاء كما تقول: "الذي يأتيني فله درهمان" فتلحق الفاء لما صارت في معنى المجازاة). [معاني القرآن: 2/29]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وأولوا الأرحام} الواحد منه «ذو» من غير لفظه وهو و«ذو» واحد). [تفسير غريب القرآن: 181]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ومعنى: {والّذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب اللّه إنّ اللّه بكلّ شيء عليم}
{وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض}.
أي بعضهم في المواريث أولى ببعض.
وهذه المواريث في الولاية بالهجرة منسوخة، نسخها ما في سورة النساء من الفرائض.
وقوله: {وتذهب ريحكم}
معناه تذهب صولتكم وقوتكم، ويقال في الأول: الريح مع فلان، أي الدّولة). [معاني القرآن: 2/425]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:10 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة