العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > التفسير اللغوي > جمهرة التفسير اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 ذو القعدة 1431هـ/17-10-2010م, 09:00 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 22 إلى 28]

{وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ (22) وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25) قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26) قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (27) قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (28)}


تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ (22) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولمّا توجّه تلقاء مدين} [القصص: 22] نحو مدين.
قال قتادة: ومدين ماءٍ كان عليه قوم شعيبٍ.
{قال عسى ربّي أن يهديني} [القصص: 22] أن يرشدني.
{سواء السّبيل} [القصص: 22] قال قتادة والسّدّيّ، يعني: قصد الطّريق إلى مدين.
وكان خرج لا يدري أين يذهب ولا يهتدي طريق مدين فقال: {عسى ربّي أن يهديني سواء السّبيل} [القصص: 22] الطّريق، قال مجاهدٌ: إلى مدين). [تفسير القرآن العظيم: 2/585]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ولمّا توجّه تلقاء مدين...}

يريد: قصد ماء مدين, ومدين لم تصرف؛ لأنها اسم لتلك البلدة, وقال الشاعر:

رهبان مدين لو رأوك تنزّلوا = والعصم من شعف العقول الفادر.
وقوله: {أن يهديني سواء السّبيل}: الطريق إلى مدين, ولم يكن هادياً لطريقها.). [معاني القرآن: 2/304]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ولمّا توجّه تلقاء مدين }: مجازه: نحو مدين ولا تنصرف مدين ؛ لأنها اسم مؤنثة، ويقال: فعل ذلك من تلقاء نفسه , ودار فلان تلقاء دار فلان.
{سواء السّبيل }: مجازه: قصد السبيل، ووسطه، قال :
=تى أغيّب في سواء الملحد
وهو مفتوح ممدود). [مجاز القرآن: 2/101]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({تلقاء مدين} :أي : تجاه مدين ونحوها، وأصله: «اللّقاء»، زيدت فيه التاء، قال الشاعر:
= فاليوم قصر عن تلقائه الأمل
أي: عن لقائه.
{سواء السّبيل}: أي: قصده.). [تفسير غريب القرآن: 331-332]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( الهدى
أصل هدى أرشد، كقوله: {عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ}.
وقوله: {وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ}، أي أرشدنا). [تأويل مشكل القرآن: 444]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {ولمّا توجّه تلقاء مدين قال عسى ربّي أن يهديني سواء السّبيل }

" مدين " : ماء كان لقوم شعيب, يقال: إن بينه وبين مصر مسيرة ثمانية أيام، كما بين البصرة والكوفة، وكان موسى عليه السلام خرج من مصر ومعنى تلقاء مدين، أي سلك في الطريق التي تلقاء مدين فيها.
{قال عسى ربّي أن يهديني سواء السّبيل}:السبيل: الطريق، وسواء السبيل : قصد الطريق في الاستواء.). [معاني القرآن: 4/138]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولما توجه تلقاء مدين}
قال أبو عبيدة :أي: نحو مدين.
وقوله جل وعز: {قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل}
قال مجاهد : أي: طريق مدين.
قال أبو مالك : فوجه فرعون في طلبه, وقال لهم: اطلبوه في بنيات الطرق ؛ فإن موسى لا يعرف الطريق .
فجاء ملك راكب فرساً ومعه عنزة، فقال لموسى : اتبعني؛ فاتبعه فهداه إلى الطريق ). [معاني القرآن: 5/171]


تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولمّا ورد ماء مدين وجد عليه أمّةً من النّاس} [القصص: 23] جماعةً من النّاس.
{يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان} [القصص: 23]
[تفسير القرآن العظيم: 2/585]
قال قتادة: تذودان النّاس عن شائهما.
وفي بعض الحروف: تذودان النّاس عن شائهما: أي: حابستين شاءهما تذودان النّاس عنها، في تفسير قتادة.
وقال بعضهم يمنعان غنمهما أن تختلط بأغنام النّاس.
قال لهما موسى: {ما خطبكما} [القصص: 23] : ما أمركما؟ {قالتا لا نسقي حتّى يصدر الرّعاء} [القصص: 23] قال قتادة: أي: حتّى يسقي النّاس ثمّ نتتبّع فضالتهم في تفسير الحسن.
{وأبونا شيخٌ كبيرٌ} [القصص: 23] قال السّدّيّ، يعني: كبيرًا في السّنّ). [تفسير القرآن العظيم: 2/586]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله عزّ وجلّ: {ووجد من دونهم امرأتين تذودان...}:
تحبسان غنمهما, ولا يجوز أن تقول: ذدت الرجل: حبسته, وإنما كان الذّياد حبساً للغنم ؛ لأن الغنم والإبل إذا أراد شيء منها أن يشذّ ويذهب، فرددته، فذلك ذود، وهو الحبس، وفي قراءة عبد الله : (ودونهم امرأتان حابستان)، فسألهما عن حبسهما فقالتا: لا نقوى على السقي مع الناس حتى يصدروا, فأتى أهل الماء فاستوهبهم دلواً , فقالوا: استق إن قويت، وكانت الدلو يحملها الأربعون ونحوهم.

فاستقى هو وحده، فسقى غنمهما، فذلك قول إحدى الجاريتين: {إنّ خير من استأجرت القوي الأمين}, فقوّته: إخراجه الدلو وحده، وأمانته: أنّ إحدى الجاريتين قالت: إن أبي يدعوك، فقام معها فمرّت بين يديه، فطارت الريح بثيابها، فألصقتها بجسدها، فقال لها: تأخّري فإن ضللت , فدلّيني, فمشت خلفه، فتلك أمانته ). [معاني القرآن: 2/305]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( { وجد عليه أمّةً من النّاس يسقون }: أي: جماعة.
{تذودان }: مجازه: تمنعان , وتردان, وتطردان, قال جرير:
وقد سلبت عصاك بنو تميم= فما تدري بأي عصاً تذود
وقال سعيد بن كراع:
أبيت على باب القوافي كأنما= أذود بها سرباً من الوحش نزّعا
ويروى الحوش، والحوش إبل الجنّ يزعمون أنها تضربه في المهربة, والعمانية , فمن ثم هي هكذا.
{ قال ما خطبكما}: أي: ما أمركما , وحالكما , وشأنكما؟.
قال:يا عجباً, ما خطبه, وخطبي.). [مجاز القرآن: 2/102]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {أمة من الناس}: جماعة.
[غريب القرآن وتفسيره: 290]
{تذودان}: تطردان وتمنعان. وقالوا تحبسان غنمهما). [غريب القرآن وتفسيره: 291]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ( {وجد من دونهم امرأتين تذودان} :أي: تكفّان غنمهما, وحذف «الغنم» اختصارا.
وفي تفسير أبي صالح: «تحبس إحداهما الغنم على الأخرى».
{قال ما خطبكما}: أي: ما أمركما؟ وما شأنكما؟.
{يصدر الرّعاء}: أي: يرجع الرعاء, ومن قرأ: {يصدر الرّعاء}، أراد: يردّ الرعاء أغنامهم عن الماء.). [تفسير غريب القرآن: 332]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: {ولمّا ورد ماء مدين وجد عليه أمّة من النّاس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتّى يصدر الرّعاء وأبونا شيخ كبير }: مدين في موضع خفض، ولكنه لا ينصرف لأنه اسم للبقعة.
{ولمّا ورد ماء مدين وجد عليه أمّة من النّاس يسقون}:أمة : جماعة.
{ووجد من دونهم امرأتين تذودان}:أي: تذودان غنمهما عن أن يقرب موضع الماء، لأنها يطردها عن الماء من هو على السّقي أقوى منهما.
{قال ما خطبكما}:أي: ما أمركما؟, معناه: ما تخطبان؟, أي: ما تريدان بذودكما غنمكما عن الماء؟.
{قالتا لا نسقي حتّى يصدرالرّعاء}:وقرئت : {حتّى يصدر الرّعاء} - بضم الياء وكسر الدال - أي: لا نقدر أن نسقي حتى تردّ الرعاة غنمهم , وقد شربت, فيخلو الموضع ، فنسقي.
فمن قرأ : {يصدر} بضم الدال, فمعناه : حتى يرجع الرعاء، والرعاء جمع راع، كما يقال: صاحب وصحاب.
وقوله: {وأبونا شيخ كبير}:الفائدة في قوله: {وأبونا شيخ كبير}, أي: لا يمكنه أن يرد، ويسقي, فلذلك احتجنا -ونحن نساء- أن نسقي.). [معاني القرآن: 4/139]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون}: أي:جماعة .
{ووجد من دونهم امرأتين تذودان}: وفي قراءة عبد الله:{ ودونهم امرأتان حابستان}: فسألهما عن حبسهما, فقالتا: لا نقوى على السقي مع الناس حتى يصدروا.
ومعنى :{تذودان} فيما روى علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس :تحبسان.
وروى سفيان بن أبي الهيثم , عن سعيد بن جبير :{تذودان}, قال حابستان.
وروى هشيم, عن حصين , عن أبي مالك:{ ووجد من دونهم امرأتين تذودان }, قال: تحبسان غنمهما حتى يفرغ الناس , فتخلو لهم البئر .
قال أبو جعفر : وهذا قول بين, يقال: ذاد يذود؛ إذا حبس.
وذدت الشيء : حبسته , ثم يحذف المفعول, إما إيهاماً على المخاطب , وإما استغناء ًبعلمه .
ومذهب قتادة: أنهما كانتا تذودان الناس عن غنمهما .
والأول أولى ؛ لأن بعده :{قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء}
ولو كانتا تذودان عن غنمهما الناس , لم تخبرا عن سبب تأخر سقيهما إلى أن يصدر الرعاء .
{قال ما خطبكما}:أي : ما حالكما, وما أمركما؟.
{ قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء }: ومن قرأ بضم الياء {يصدر} حذف المفعول , أي: حتى يصدروا غنمهم .
{وأبونا شيخ كبير }:والفائدة في هذا أنه لا يقدر على السقي ؛ لكبره , فلذلك خرجنا , ونحن نساء.). [معاني القرآن: 5/171-173]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {أُمَّةً}: جماعة
{تَذُودَانِ}: تطردان.). [العمدة في غريب القرآن: 233]

تفسير قوله تعالى: {فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {فسقى لهما} [القصص: 24] موسى، فلم يلبث أن أروى غنمهما.
{ثمّ تولّى} [القصص: 24]، يعني: انصرف، وهو تفسير قتادة والسّدّيّ.
{إلى الظّلّ فقال ربّ إنّي لما أنزلت إليّ من خيرٍ فقيرٌ} [القصص: 24]، يعني: الطّعام.
وهو تفسير قتادة والسّدّيّ.
وقال قتادة: وكان بجهدٍ.
الحسن بن دينارٍ، عن كلثوم بن جبرٍ أو غيره، عن سعيد بن جبيرٍ قال: كان
[تفسير القرآن العظيم: 2/586]
فقيرًا إلى شقّ تمرةٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/587]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: ( {فسقى لهما ثمّ تولّى إلى الظّلّ فقال ربّ إنّي لما أنزلت إليّ من خير فقير }

أي : فسقى لهما من قبل الوقت الذي كانتا تسقيان فيه، ويقال: إنّه رفع حجرا عن البئر , كان لا يرفعه إلا عشرة أنفس.
وقيل : إن موسى كان في ذلك الوقت من الفقر لا يقدر على شقّ تمرة.). [معاني القرآن: 4/139-140]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فسقى لهما ثم تولى إلى الظل}
روى عمرو بن ميمون , عن عمر بن الخطاب أنه قال: لما استقى الرعاء , غطوا على البئر صخرة لا يقلها إلا عشرة رجال , فجاء موسى صلى الله عليه وسلم , فاقتلعها , وسقى ذنوبا واحدا, لم يحتج إلى غيره, فسقى لهما .
وقوله جل وعز: {ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير}
روى عكرمة , عن ابن عباس قال : ما سأل إلا الطعام.
وقال مجاهد : لم يكن له ما يأكل .
ثم قال جل وعز: {فجاءته إحداهما تمشي على استحياء}
المعنى: فذهبتا إلى أبيهما قبل وقتهما , فخبرتاه بخبر موسى وسقيه , فأرسل إحداهما , فجاءت تمشي على استحياء
قال عمرو بن ميمون قال : تمشي , ويدها على وجهها حياء , ليست بسلفع خراجة ولاجة.). [معاني القرآن: 5/174-175]

تفسير قوله تعالى:{فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ(25)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {فجاءته إحداهما تمشي على استحياءٍ} [القصص: 25] واضعةٌ يديها على وجهها.
قرّة بن خالدٍ، عن الحسن، قال: بعيدةٌ واللّه من البذاء قال: ويقولون شعيبٌ وليس بشعيبٍ، ولكنّه كان سيّد أهل الماء يومئذٍ.
- حمّاد بن سلمة، عن أبي حمزة، عن ابن عبّاسٍ، قال: اسم ختن موسى: يثرى.
{قالت إنّ أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلمّا جاءه} [القصص: 25] موسى.
{وقصّ عليه القصص} [القصص: 25] خبره.
قال الشّيخ.
{لا تخف نجوت من القوم الظّالمين {25}). [تفسير القرآن العظيم: 2/587]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إنّ أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلمّا جاءه وقصّ عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظّالمين}

المعنى : فلما شربت غنمهما , رجعتا إلى أبيهما, فأخبرتاه خبر موسى وسقيه غنمهما، وجاءتاه قبل وقتهما شاربة غنمهما، فوجّه بإحداهما تدعو موسى , فجاءته {تمشي على استحياء}.
جاء في التفسير : أنها ليست بخرّاجة من النّساء , ولا ولّاجة، أي: تمشي مشي من لم تعتد الدخول والخروج , متخفّرة , مستحيية.
{قالت إنّ أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا}: المعنى: فأجابها , فمضى معها إلى أبيها.
{فلمّا جاءه وقصّ عليه القصص}:أي: قصّ عليه قصته في قتله الرجل، , وأنهم يطلبونه ليقتلوه.
{قال لا تخف نجوت من القوم الظّالمين}: وذلك أنّ القوم لم يكونوا في مملكة فرعون، فأعلم شعيب موسى أنّه قد تخلّص من الخوف، وأنه لا يقدر عليه , أعني : بالقوم قوم مدين الذين كان فيهم أبو المرأتين.
وقال في التفسير : إنه كان ابن أخي شعيب النبيّ عليه السلام.). [معاني القرآن: 4/139-143]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فلما جاءه وقص عليه القصص}:أي: قص عليه خبره , وعرفه بقتله النفس وخوفه , قال:{ لا تخف نجوت من القوم الظالمين }:لأن مدين لم تكن في ملكة فرعون.). [معاني القرآن: 5/175]

تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قالت إحداهما} [القصص: 26] إحدى المرأتين {يا أبت استأجره إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين} [القصص: 26] قال قتادة: القويّ في الضّيعة، الأمين فيما ولي.
وتفسير مجاهدٍ الأمين غضّ طرفه عنهما حين سقى لهما فصدرتا.
[تفسير القرآن العظيم: 2/587]
وكان الّذي رأت من قوّته في تفسير الحسن أنّه لم تلبث ماشيتهما أن أرواها، وأنّ الأمانة الّتي رأت منه أنّها حين جاءته تدعوه قال لها: كوني ورائي، وكره أن يستدبرها، وبعضهم يقول: في قولها: {القويّ} [القصص: 26] أنّه كان على تلك البئر الّتي سقى منها صخرةٌ لا يرفعها إلا أربعون رجلا، فرفعها موسى وحده، وذلك أنّه سألهما: هل هاهنا بئرٌ غير هذه؟ فقالتا: نعم، ولكن
عليها صخرةٌ لا يرفعها إلا أربعون رجلا). [تفسير القرآن العظيم: 2/588]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله عزّ وجلّ: {ووجد من دونهم امرأتين تذودان...}:: تحبسان غنمهما, ولا يجوز أن تقول ذدت الرجل: حبسه, وإنما كان الذّياد حبساً للغنم ؛ لأن الغنم والإبل إذا أراد شيء منها أن يشذّ ويذهب , فرددته , فذلك ذود، وهو : الحبس, وفي قراءة عبد الله : (ودونهم امرأتان حابستان), فسألهما عن حبسهما , فقالتا: لا نقوى على السقي مع الناس حتى يصدروا, فأتى أهل الماء , فاستوهبهم دلواً فقالوا: استق إن قويت، وكانت الدلو يحملها الأربعون ونحوهم, فاستقى هو وحده، فسقى غنمهما، فذلك قول إحدى الجاريتين : {إنّ خير من استأجرت القوي الأمين} , فقوّته : إخراجه الدلو وحده، وأمانته : أنّ إحدى الجاريتين قالت: إن أبي يدعوك، فقام معها فمرّت بين يديه، فطارت الريح بثيابها , فألصقتها بجسدها.

فقال لها: تأخّري فإن ضللت فدلّيني, فمشت خلفه , فتلك أمانته.). [معاني القرآن: 2/305] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قالت إحداهما يا أبت استأجره إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين}: أي: اتخذه أجيراً.
{إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين}:أي: إن خير من استعملت من قوي على عملك, وأدى الأمانة فيه.
وإنما قالت :{القويّ الأمين}, فوصفته بالقوة , لسقيه غنمها بقوة وشدة.
وقيل : لقوته على رفع الحجر الذي كان لا يقلّه أقل من عشرة أنفس.
وقد قيل : إنه كان لا يقله أقل من أربعين نفسا.
فأما وصفها له بالأمانة , فقيل : إن موسى لما صار معها إلى أبيها تقدم أمامها , وأمرها أن تكون خلفه، وتدلّه على الطريق، وخاف إذا كانت بين يديه , أن تصيب ملحفتها الريح , فيتبيّن وصفها، فذلك ما عرفته من أمانته.). [معاني القرآن: 4/140-141]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين}
روى عمرو بن ميمون , عن عمر قال : فقال لها : من أين عرفت قوته , وأمانته ؟.
قالت : أما قوته , فإنه أقل حجرا لا يحمله إلا عشرة
وأما أمانته : فإنه لما جاء معي, مررت بين يديه , فقال لي : كوني خلفي , ودليني على الطريق , لئلا تصفك الريح لي.).[معاني القرآن: 5/175-176]

تفسير قوله تعالى:{قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (27)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قال} الشّيخ لموسى: {إنّي أريد أن أنكحك إحدى ابنتيّ هاتين على أن تأجرني} [القصص: 27]، أي: على أن تؤاجرني نفسك.
{ثماني حججٍ فإن أتممت عشرًا فمن عندك وما أريد أن أشقّ عليك ستجدني إن شاء اللّه من الصّالحين} [القصص: 27]، أي: في الرّفق بك.
فقال لموسى في آخر ذلك: كلّ سخلةٍ تخرج على غير شبه أمّها في هذا البطن فهي لك، فأوحى اللّه إلى موسى: إذا ملأت الحياض وقربتها لتشرب، فألق عصاك في الحياض، ففعل ذلك، فولدن كلّهنّ خلاف شبه أمّها، فذهب موسى بأولاد غنمه في تلك السّنة.
وقال بعضهم: كلّ بلقاء تولد فهي لك، فولدن بلقًا كلّهنّ). [تفسير القرآن العظيم: 2/588]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {على أن تأجرني ثماني حججٍ...}

يقول: أن تجعل ثوابي أن ترعى عليّ غنمي : ثماني حجج , {فإن أتممت عشراً فمن عندك} يقول: فهو تطوّع, فذكر ابن عباس : أنه قضى أكثر الأجلين , وأطيبهما.).
[معاني القرآن: 2/305]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ على أن تأجرني ثماني حججٍ}: مجازه من الإجارة , وهي أجر العمل , يقال: أجرت أجبري , أي : أعطيته أجره , ويفعل منها: "يأجر" : تقديره أكل يأكل , ومنه قول الناس: أجرك الله وهو يأجرك , أي : أثباك الله.).[مجاز القرآن: 2/102]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({قال إنّي أريد أن أنكحك إحدى ابنتيّ هاتين على أن تأجرني ثماني حججٍ فإن أتممت عشراً فمن عندك وما أريد أن أشقّ عليك ستجدني إن شاء اللّه من الصّالحين}
وقال: {تأجرني} : في لغة العرب منهم من يقول "أجر غلامي" فـ"هو مأجورٌ", و"أجرته" فـ"هو مؤجر" , يريد: أفعلته" فـ"هو مفعلٌ" , وقال بعضهم: "آجرته" فـ"هو مؤاجر" أراد" "فاعلته".). [معاني القرآن: 3/23]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {أن تأجرني}: من الإجارة). [غريب القرآن وتفسيره: 291]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({على أن تأجرني} : أي : تجازيني : عن التّزويج، والأجر من اللّه , إنّما هو: الجزاء على العمل.). [تفسير غريب القرآن: 332]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قال إنّي أريد أن أنكحك إحدى ابنتيّ هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك وما أريد أن أشقّ عليك ستجدني إن شاء اللّه من الصّالحين}
معنى : أنكحك: أزوّجك.
{على أن تأجرني ثماني حجج}: أي : تكون أجيراً لي ثماني سنين.
{فإن أتممت عشرا ًفمن عندك}:أي : فذلك بفضل منك , ليس بواجب عليك.). [معاني القرآن: 4/141]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين}
وفي الحديث : (( أنه أنكحه الصغيرة منهما ,واسمها طوريا .)).
ثم قال : {على أن تأجرني ثماني حجج} : أي : تكون لي أجيراً, {فإن أتممت عشرا فمن عندك} : أي: فذلك تفضل منك.). [معاني القرآن: 5/176]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ({أن تَأْجُرَنِي}: من الإجارة). [العمدة في غريب القرآن: 233]

تفسير قوله تعالى:{قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (28)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال موسى {ذلك بيني وبينك أيّما الأجلين قضيت} [القصص: 28]، أيّ الأجلين قضيت فيما حدّثني قرّة بن خالدٍ، عن قتادة.
[تفسير القرآن العظيم: 2/588]
قال: وقال قتادة: وهي بلسان كلبٍ.
وقوله: {قضيت} [القصص: 28]، يعني: أتممت، وهو تفسير السّدّيّ.
قال: {فلا عدوان عليّ} [القصص: 28] يقول: فلا سبيل عليّ، تفسير السّدّيّ.
{واللّه على ما نقول وكيلٌ} [القصص: 28] تفسير مجاهدٍ، وهو تفسير السّدّيّ: شهيدٌ). [تفسير القرآن العظيم: 2/589]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {أيّما الأجلين قضيت...}

فجعل (ما) وهي صلة من صلات الجزاء مع (أي) , وهي في قراءة عبد الله : {أيّ الأجلين ما قضيت فلا عدوان عليّ} , وهذا أكثر في كلام العرب من الأوّل.
وقال الشاعر:
وأيّهما ما أتبعنّ فإنني = حريصٌ على إثر الذي أنا تابع
وسمع الكسائيّ أعرابيّاً يقول: فأيّهم ما أخذها ركب على أيّهم، يريد في لعبة لهم, ذلك جائز , أيضاً حسن.). [معاني القرآن: 2/305]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({أيّما الأجلين قضيت}: أي : الغايتين والشرطين , ومجازه : أي الأجلين , و " ما " من حروف الزوائد في كلام العرب , قال عباس بن مرداس:
فأبىّ ما وأيك كان شرّاً= فقيد إلى المقامة لا يراها.
{فلا عدوان عليّ }: وهو من العدا , والتعدي, والعدو واحد كله , وهو الظلم.). [مجاز القرآن: 2/102]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أيّما الأجلين قضيت فلا عدوان عليّ}.
قال المفسرون: لا سبيل عليّ, والأصل من «التّعدّي»، وهو: الظلم, كأنه قال: أي الأجلين قضيت، فلا تعتد عليّ بأن تلزمني أكثر منه). [تفسير غريب القرآن: 332]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({قال ذلك بيني وبينك أيّما الأجلين قضيت فلا عدوان عليّ واللّه على ما نقول وكيل }
أي : ذلك الذي وصفت لي بيني وبينك، ومعناه: ما شرطت علي, فلك , وما شرطت لي , فلي، كذلك الأمر بيننا، ثم قال:
{أيّما الأجلين قضيت فلا عدوان عليّ}: والعدوان:المجاوزة في الظلم، وعدوان منصوب بـ (لا) , ولو قرئت :{فلا عدوان في }لجاز من جهتين إحداهما أن تكون (لا) رافعة كليس , كما قال الشاعر:
من صدّ عن نيراننها= فأنا ابن قيس لا براح
ويجوز أن يكون " عدوان " رفعا بالابتداء , و" عليّ " الخبر.
و " لا " نافية غير عاملة، كما تقول: لا زيد أخوك , ولا عمرو.
و {أي} هي في موضع الجزاء منصوبة بـ (قضيت), وجواب الجزاء {فلا عدوان},و" ما " زائدة مؤكدة.
والمعنى : أي الأجلين قضيت فلا عدوان عليّ.
وقوله: {واللّه على ما نقول وكيل}: أي : واللّه عز وجل شاهدنا على ما عقد بعضنا على بعض.). [معاني القرآن: 4/142]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( {قال ذلك بيني وبينك} :أي : لك ما شرطت , ولي مثله , {أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي} : العدوان: المجاوزة في الظلم.). [معاني القرآن: 5/176]


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10 ذو القعدة 1431هـ/17-10-2010م, 09:08 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من29 إلى 50]

{فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آَنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (29) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (30) وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآَمِنِينَ (31) اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (32) قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (33) وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (34) قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآَيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ (35) فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَى بِآَيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آَبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (36) وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جَاءَ بِالْهُدَى مِنْ عِنْدِهِ وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (37) وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (38) وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ (39) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (40) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ (41) وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ (42) وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (43) وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (44) وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (45) وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (46) وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آَيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (47) فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ (48) قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (49) فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50)}

تفسير قوله تعالى:{فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آَنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ(29)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال عزّ وجلّ: {فلمّا قضى موسى الأجل} [القصص: 29] حدّثني أشعث، عن عطاء بن السّائب، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: قضى أوفاهما وأبرّهما، العشر.
وقال السّدّيّ: {فلمّا قضى موسى الأجل} [القصص: 29]، يعني: أتمّ موسى شرطه.
قوله عزّ وجلّ: {وسار بأهله} [القصص: 29] أخبرني عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدًا قال: {فلمّا قضى موسى الأجل وسار بأهله} [القصص: 29] قضى العشر السّنين ثمّ أقام بعد ذلك عشر سنين، فخرج بعد عشرين سنةً.
{آنس من جانب الطّور} [القصص: 29] والطّور الجبل.
{نارًا} [القصص: 29] وقال قتادة: أحسّ، أي: رأى نارًا، وإنّما كان نورًا، وكانت عند موسى نارًا.
[تفسير القرآن العظيم: 2/589]
وقال السّدّيّ: {آنس من جانب الطّور نارًا} [القصص: 29] رأى من جانب الطّور نارًا {قال لأهله امكثوا إنّي آنست نارًا لعلّي آتيكم منها بخبرٍ} [القصص: 29] الطّريق، وكان على غير طريقٍ.
{أو جذوةٍ من النّار} [القصص: 29] قال قتادة: وهي أصل شجرةٍ.
{لعلّكم تصطلون} [القصص: 29] لكي تصطلوا وكان شاتيًا). [تفسير القرآن العظيم: 2/590]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {أو جذوةٍ مّن النّار...}

قرأها عاصم : {أو جذوة} بالفتح , والقراءة بكسر الجيم , أو برفعها, وهي مثل : أوطأتك عشوةً وعشوةً وعشوة , والرّغوة والرّغوة والرّغوة, ومنه : ربوةً وربوة وربوة.).
[معاني القرآن: 2/305-306]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ آنس من جانب الطّور ناراً }: أي: أبصر، قال:

آنس خربان فضاءٍ فانكدر= دانى جناحيه من الطور فمرّ
الطور: الجبل.
{ أو جذوةٍ من النّار }: أي : قطعة غليظة من الحطب ليس فيها لهبٌ , وهي مثل الجذمة من أصل الشجرة , جماعها الجذاء، قال ابن مقبل:
باتت حواطب ليلى يلتمسن لها= جزل الجذا غير خوّارٍ ولا دعر).
[مجاز القرآن: 2/102-103]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {جذوة من النار}: قطعة من الخشب ليس فيها لهب). [غريب القرآن وتفسيره: 291]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({أو جذوةٍ من النّار} : أي قطعة منها, ومثلها الجذمة, وفي التفسير: «الجذوة عود قد احترق».). [تفسير غريب القرآن: 332]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{فلمّا قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطّور نارا قال لأهله امكثوا إنّي آنست نارا لعلّي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النّار لعلّكم تصطلون}
يروى : أنه قضى أتم الأجلين، وهو عشر سنين.
وقوله:{آنس من جانب الطور ناراً}
آنس : علم وأبصر، يقال: قد آنست ذلك الشخص , أي: أبصرته.
{قال لأهله امكثوا إنّي آنست نارا لعلّي آتيكم منها بخبر}: أي : لعلي أعلم لم أوقدت.
{أو جذوة من النّار}: الجذوة : القطعة الغليظة من الحطب, ويقرأ: أو جذوة بالضم، ويقال: جذوة بالفتح.
, فيها ثلاث لغات.). [ معاني القرآن: 4/142]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) :(وقوله جل وعز: {فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله}
روى الحكم بن أبان , عن عكرمة , عن ابن عباس , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( سألت جبريل , أي الأجلين قضى موسى ؟.
فقال : أتمهما وأكملهما .)).
ومعنى :{لعلي آتيكم منها بخبر }: لعلي أعلم لم أوقدت .
{أو جذوة من النار }: قال قتادة : الجذوة : أصل الشجرة فيها نار.
قال أبو جعفر : وكذلك الجذوة بضم الجيم , وكسرها , وفتحها , والجذوة : القطعة من الخشب الكبيرة فيها نار , ليس فيها لهب.). [معاني القرآن: 5/177]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {جذوة}: أي: شعلة.).. [ياقوتة الصراط: 399]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {جذْوَةٍ}: قطعة.). [العمدة في غريب القرآن: 234]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (30)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه عزّ وجلّ: {فلمّا أتاها} [القصص: 30] أتى موسى النّار عند نفسه.
{نودي من شاطئ الوادي الأيمن} [القصص: 30] تفسير ابن مجاهدٍ، عن أبيه: عن يمين موسى.
{في البقعة المباركة من الشّجرة} [القصص: 30] وقال قتادة: نودي عن يمين الشّجرة، أي: الأيمن من الشّجرة.
وفيهما تقديمٌ: نودي من شاطئ الوادي الأيمن من الشّجرة من البقعة المباركة.
{أن يا موسى إنّي أنا اللّه ربّ العالمين {30}). [تفسير القرآن العظيم: 2/590]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
({شاطئ الوادي الأيمن}: شط الوادي , وهو ضفة الوادي , وعدوته , وعدوتا وعدوتاه، ومنه شط السنام , لنصفه).

[مجاز القرآن: 2/103]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({فلمّا أتاها نودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشّجرة أن يا موسى إنّي أنا اللّه ربّ العالمين}
وقال: {من شاطئ الوادي الأيمن} : جماعة "الشّاطئ" , "الشواطئ" , وقال بعضهم "شطّ" , والجماعة "شطوطٌ".). [معاني القرآن: 3/23]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {الشاطئ}: والشط واحد). [غريب القرآن وتفسيره: 291]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {فلمّا أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشّجرة أن يا موسى إنّي أنا اللّه ربّ العالمين}
[معاني القرآن: 4/142]
سميت مباركة : لأن اللّه كلم موسى فيها، وبعثه نبيّا، ويقال بقعة , وبقعة بالضم والفتح.
وقد قرئ بهما جميعا، فمن جمع بقاعا، فهي جمع بقعة بالفتح، مثل : قصعة وقصاع، ومن قال بقعة بالضم فأجود، الجمع بقع مثل: غرفة وغرف،
وقد يجوز في بقعة: بقاع، مثل حفرة وحفار.
وقوله:{أن يا موسى}: (أن) في موضع نصب, المعنى : نودي بأنه يا موسى , وكذلك: {وأن ألق عصاك}: عطف عليها.). [معاني القرآن: 4/143]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقال جل وعز: {في البقعة المباركة من الشجرة} , لأنه جل وعز كلمه فيها ,
وقوله جل وعز: {اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء} معنى {اسلك }:أدخل ). [معاني القرآن: 5/178]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ({الشَاطِئِ}: جانب الوادي ). [العمدة في غريب القرآن: 234]

تفسير قوله تعالى: (وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآَمِنِينَ (31) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وأن ألق عصاك} [القصص: 31] فألقاها.
{فلمّا رآها تهتزّ كأنّها جانٌّ} [القصص: 31] كأنّها حيّةٌ.
{ولّى مدبرًا} [القصص: 31] هاربًا منها.
{ولم يعقّب} [القصص: 31]
[تفسير القرآن العظيم: 2/590]
قال قتادة: أي: ولم يلتفت من الفرق.
وقال مجاهدٌ: ولم يرجع.
فقال اللّه: {يا موسى أقبل ولا تخف إنّك من الآمنين {31}). [تفسير القرآن العظيم: 2/591]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
:({ تهتزّ كأنّها جانٌّ }, وفي آية أخرى:{فإذا هي حيّةٌ تسعى }, فالحيات أجناس فيها الجان , وغير ذلك , والأفعى , والحفاث , ومجازها : كأنها جان من الحيات , ومجاز الأخرى : فإذا هي حية من الجان.

{ولم يعقّب}: أي : لم يرجع , يقال: عقب على ما كان فرده, أي: رجع عليه.). [مجاز القرآن: 2/103]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {ولم يعقب}: يرجع. يقال عقب على الأمر إذا رجع). [غريب القرآن وتفسيره: 291]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: ( {وأن ألق عصاك فلمّا رآها تهتزّ كأنّها جانّ ولّى مدبرا ولم يعقّب يا موسى أقبل ولا تخف إنّك من الآمنين}
{فلمّا رآها تهتزّ كأنّها جانّ ولّى مدبرا ولم يعقّب}: معناه : لم يلتفت.
وقوله: {أقبل ولا تخف إنّك من الآمنين}: أي : قد آمنت من أن ينالك منها مكروه , وهي حيّة.). [معاني القرآن: 4/143]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ({يُعَقِّبْ}: يرجع). [العمدة في غريب القرآن: 234]

تفسير قوله تعالى: {اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (32)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({اسلك يدك} [القصص: 32]، أي: أدخل يدك.
{في جيبك} [القصص: 32] قال قتادة: أي: في جيب قميصك.
{تخرج بيضاء من غير سوءٍ} [القصص: 32]، أي: من غير برصٍ، وهو تفسير السّدّيّ.
قرّة بن خالدٍ، عن الحسن، قال: أخرجها واللّه كأنّها مصباحٌ، فعلم موسى أن قد لقي ربّه.
قال: {واضمم إليك جناحك} [القصص: 32]، أي: يديك.
{من الرّهب} [القصص: 32] قال قتادة: أي: من الرّعب، إلى صدرك يذهب ما في صدرك من الرّعب، وكان قد دخله فزعٌ وفرقٌ من آل فرعون، فأذهب اللّه ذلك.
قال: {فذانك برهانان من ربّك} [القصص: 32]، أي: بيانان من ربّك، يعني: العصا واليد في قول مجاهدٍ.
وقال قتادة: {برهانان} [القصص: 32]، أي: بيّنتان {من ربّك} [القصص: 32] والبرهان في قول الحسن الحجّة، أي: حجّتان من ربّك.
[تفسير القرآن العظيم: 2/591]
وقال السّدّيّ: فذانك برهانان من ربّك، يعني: آيتين من ربّك.
{إلى فرعون وملئه} [القصص: 32]، أي: وقومه.
{إنّهم كانوا قومًا فاسقين} [القصص: 32] مشركين). [تفسير القرآن العظيم: 2/592]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {واضمم إليك جناحك من الرّهب...}

و{الرّهب} , قرأها أهل المدينة : {الرّهب}, وعاصم والأعمش :{الرّهب}
وقوله: {فذانك برهانان} اجتمع القراء على تخفيف النون من (ذانك) وكثير من العرب يقول (فذانّك) و(وهذانّ) قائمان
{واللذانّ يأتيانها منكم} فيشدّدون النون.
وقوله: {واضمم إليك جناحك} :يريد عصاه في هذا الموضع , والجناح في الموضع الآخر: ما بين أسفل العضد إلى الرّفغ , وهو الإبط). [معاني القرآن: 2/306]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({اسلك يدك في جيبك }: مجازه: أدخل , وهما لغتان : سلكته , وأسلكته , وقد فسرناه فوق هذا.
{بيضاء من غير سوء}: أي : من غير برص.
{واضمم إليك جناحك }:أي: يدك, و { الرّهب} مثل الرهبة , ومعناهما الخوف , والفرق.
{ فذانّك برهانان }: واحدهما برهان, وهو البيان يقال: هات على ما تقول ببرهان ونون , قوله : {فذانّك } مشددة لأنها أشد مبالغة منه إذا خففتها , وقد يخفف في الكلام ).
[مجاز القرآن: 2/103-104]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوءٍ واضمم إليك جناحك من الرّهب فذانك برهانان من رّبّك إلى فرعون وملئه إنّهم كانوا قوماً فاسقين}
وقال: {فذانك برهانان} , ثقلّ بعضهم , وهم الذين قالوا : {ذلك} أدخلوا التثقيل للتأكيد , كما أدخلوا اللام في "ذلك " ). [معاني القرآن: 3/23]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {الرهب}: والرهبة واحد.[غريب القرآن وتفسيره: 291]
(برهنان): تبيانان ومنه جيء على ما تقول ببرهان). [غريب القرآن وتفسيره: 292]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({اسلك يدك في جيبك} :أي : أدخل يدك يقال: سلكت يدي , وأسلكتها.
{الجناح}: الإبط, والجناح: اليد أيضاً.
{الرّهب} : والرّهب , والرّهب, والرّهبة واحد.
{برهانان} : أي : حجّتان.). [تفسير غريب القرآن: 333]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء واضمم إليك جناحك من الرّهب فذانك برهانان من ربّك إلى فرعون وملأه إنّهم كانوا قوما فاسقين} أي: من غير برص.
{واضمم إليك جناحك من الرّهب}: والرّهب جميعاً, ومعناهما واحد، مثل الرّشد , والرّشد.
والمعنى : في جناحك ههنا , هو العضد، ويقال : اليد , كلها جناح.
وقوله:{فذانك برهانان}: تقرأ بتخفيف النون وتشديدها - فذانّك - , فكأن فذانّك تثنية ذلك , وذانك تثنية ذاك , جعل بدل اللام في ذلك تشديد النون في ذانك،
وبرهانان: آيتان بيّنتان.
{إلى فرعون وملئه}: أي : أرسلناك إلى فرعون وملئه بهاتين الآيتين.). [معاني القرآن: 4/143-144]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {واضمم إليك جناحك من الرهب}
قال الفراء : الجناح ههنا العصا، ولم يقل هذا أحد من أهل التفسير، ولا من المتقدمين علمته، وحكى أكثر أهل اللغة أن الجناح من أسفل العضد إلى آخر الإبط، وربما قيل لليد جناح، ولهذا قال أبو عبيدة :{جناحك }أي : يدك .
قال مجاهد :{من الرهب }: من الفرق.
وقوله جل وعز: {فذانك برهانان من ربك}
قال مجاهد : يعني : اليد، والعصا .
والبرهان : الحجة .
قال ابن عباس : جناحك : يدك.
وقال أبو زيد : العضد : هو الجناح .
حدثني محمد بن أيوب، قال : أنبأنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث، قال: حدثنا محمد بن عامر، عن أبيه، عن بشر بن الحصين، عن الزبير بن عدي، عن الضحاك، عن ابن عباس :{واضمم إليك جناحك من الرهب}: أي: أدخل يدك , فضعها على صدرك حتى يذهب عنك الرعب.
قال : فقال ابن عباس : ليس من أحد يدخله رعب بعد موسى، ثم يدخل يده، فيضعها على صدره إلا ذهب عنه الرعب .
وقوله جل وعز: {فأرسله معي ردءا يصدقني} الردء : العون، وقد أردأه وردأه، أي: أعانه ). [معاني القرآن: 5/178-180]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {الرَّهْبِ}: الرهبة، {بُرْهَانَانِ}: تبيانان ). [العمدة في غريب القرآن: 234]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (33) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قال} [القصص: 33] موسى: {ربّ إنّي قتلت منهم نفسًا} [القصص: 33]، يعني: القبطيّ.
{فأخاف أن يقتلون {33}). [تفسير القرآن العظيم: 2/592]

تفسير قوله تعالى: {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (34)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وأخي هارون هو أفصح مني لسانًا} [القصص: 34]، يعني: العقدة الّتي كانت في لسانه.
{فأرسله معي ردءًا} [القصص: 34]، أي: عونًا.
{يصدّقني} [القصص: 34] في تفسير الحسن، وابن مجاهدٍ، عن مجاهدٍ.
وقال الكلبيّ: {معي ردءًا يصدّقني} [القصص: 34] كيما يصدّقني، ويصدّقني يكون معي في الرّسالة.
{إنّي أخاف أن يكذّبون {34}). [تفسير القرآن العظيم: 2/592]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ردءاً يصدّقني...}

تقرأ جزماً رفعاًمن رفعها جعلها صلة للردء , ومن جزم فعلى الشرط, و الرّدء: العون, تقول: أردأت الرجل: أعنته, وأهل المدينة يقولون : {رداً يصّدّقني} بغير همزٍ , والجزم على الشرط: أرسله معي يصدّقني مثل {يرثني ويرث} ). [معاني القرآن: 2/306]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (وقوله: {هو أفصح منّي لساناً }:لأن موسى كانت في لسانه عقدة، ويقال للفرس والبعير إذا كان صافي الصهيل،
وصافي الهدير: إنه لفصيح الصهيل، وإنه لفصيح الهدير.
{ردءًا }أي: معيناً، ويقال: قد أردأت فلاناً على عدوه، وعلى ضيعته, أي: أكنفته , وأعنته , أي :صرت له كنفاً ). [مجاز القرآن: 2/104]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وأخي هارون هو أفصح منّي لساناً فأرسله معي ردءاً يصدّقني إنّي أخاف أن يكذّبون}
وقال: {ردءاً يصدّقني} أي: عوناً، فيمنعني، ويكون في هذا الوجه:{ردأته}:أعنته. و {يصدّقني} جزم إذا جعلته شرطاً, و{يصدّقني} إذا جعلته من صفة الردء.). [معاني القرآن: 3/23]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({ردءًا}: عونا. يقال أرأدته على عدوه وأرديته بمعنى واحد أعنته. وقرئت {ردا}: بغير همز). [غريب القرآن وتفسيره: 292]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({فأرسله معي ردءاً} :أي :معيناً, يقال: أردأته على كذا، أي: أعنته.). [تفسير غريب القرآن: 333]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وأخي هارون هو أفصح منّي لسانا فأرسله معي ردءا يصدّقني إنّي أخاف أن يكذّبون}
{فأرسله معي ردءا يصدّقني}:ويصدّقني - بالرفع والجزم - قرئ بهما جميعا، فمن قرأ :{يصدّقني } بضم القاف، فهو صفة قوله: {ردءاً}، والردء العون، تقول ردأته أردؤه ردءا،
إذا أعنته، والردء المعين.
ومن جزم {يصدّقني}، فعلى جواب المسألة، أرسله يصدقني، ومن رفع :يصدقني، فالمعنى : ردءا ًمصدّقاً لي ). [معاني القرآن: 4/144]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {رِدْءًا}: أي :معيناً، ومن يهمز احتمل معنى الهمز، وروي عن نافع -رحمه الله- أنه قال في {رِدْاً}: بغير همز: إن معناه: الزيادة ). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 181-182]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ({رِدْءًا}: عوناً). [العمدة في غريب القرآن: 234]

تفسير قوله تعالى:{قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآَيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ (35)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قال} [القصص: 35] اللّه تعالى: {سنشدّ عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانًا} [القصص: 35] حجّةً.
{فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتّبعكما الغالبون} [القصص: 35] فانطلق موسى نحو فرعون، وأوحى اللّه إلى هارون أن يستقبل أخاه، فاستقبله، فأتيا باب فرعون، فقالا للبوّاب: اذهب فأخبر فرعون أنّ بالباب رسول ربّ العالمين.
فدخل عليه البوّاب فقال: إنّ بالباب رجلا مجنونًا يزعم أنّه رسول ربّ العالمين.
فقال له فرعون: أتعرفه؟ قال: لا، ولكن معه هارون، وكان هارون عندهم معروفًا.
[تفسير القرآن العظيم: 2/592]
وكان موسى قد غاب عنهم زمانًا من الدّهر، قال فرعون: اذهب فأدخله، فدخل عليه، فعرفه، في تفسير الحسن.
وقال بعضهم: كأنّه عرف وجهه ولم يثبت من هو، فقال: من أنت؟ فقال: أنا رسول ربّ العالمين، فقال: ليس عن هذا أسألك ولكن من أنت، وابن من أنت؟ قال: أنا موسى بن عمران، وقد كان ربّاه، وكان في حجره حتّى صار رجلا.
فقال له فرعون: {ألم نربّك فينا وليدًا ولبثت فينا من عمرك سنين} [الشعراء: 18] وأنت لا تدّعي هذه النّبوّة {وفعلت فعلتك الّتي فعلت وأنت من الكافرين} [الشعراء: 19] بي أنّي إلهٌ، في تفسير الحسن.
وبعضهم يقول: من الكافرين لنعمتنا، أي: فيما ربّيناك). [تفسير القرآن العظيم: 2/593]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({سنشدّ عضدك بأخيك }:أي:سنقويك به , ونعينك به , يقال: إذا أعز رجل رجلاً , ومنعه: قد شد فلان على عضد فلان، وهو من عاضدته على أمره، أي : عاونته، وآزرته عليه.

قال ابن مقبل:
عاضدتها بعنودٍ غير معتلثٍ= كأنه وقف عاجٍ بات مكنونا
معتلث يعني القدح، العنود: السهم، والمعتلث: تكون السهام من قنا فيكون فيها السهم من غير قنأ، فذاك المعتلث وكذاك الخشب، وقف عاج: موقف فيه طرائق من حسنه والمعتلث يقال: امتلث وافتلث , واسم علاثة مشتق منه، وفلان يأكل العليث؛ إذا أكل خبز الشعير والحنطة، وافتلث واعتلث واحد , وهو المختلط , يعني: قوساً ؛ أنه عاضدها بسهم ).
[مجاز القرآن: 2/104-105]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ونجعل لكما سلطاناً}: أي : حجة). [تفسير غريب القرآن: 333]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{قال سنشدّ عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتّبعكما الغالبون}
أي : سنعينك بأخيك، ولفظ العضد على جهة المثل، لأن اليد قوامها عضدها، فكل معين عضد, وتقول: قد عاضدني فلان على الأمر , أي: عاونني.
وقوله: {ونجعل لكما سلطاناً} أي : حجة نيرة بينة، وإنما قيل للزيت السليط ؛ لأنه يستضاء به, فالسلطان أبين الحجج.
وقوله: {فلا يصلون إليكما بآياتنا} أي : بسلطاننا , وحجتنا.
فـ {بآياتنا} صلة {يصلون}؛ كأنه قال: لا يصلون إليكما، تمتنعان منهم بآياتنا.
وجائز أن يكون { بآياتنا } متصل، بـ {نجعل لكما سلطانا بآياتنا}، أي : حجة تدلّ على النّبوة بآياتنا، أي : بالعصا، واليد، وسائر الآيات التي أعطي موسى صلى الله عليه وسلم .
ويجوز أن يكون بآياتنا مبينا ًعن قوله:{أنتما ومن اتّبعكما الغالبون} أي : تغلبون بآياتنا.). [معاني القرآن: 4/144-145]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله تعالى: {سنشد عضدك}
أي: سنعينك , ونقويك , وهو تمثيل ؛ لأن قوة اليد بالعضد .
{ونجعل لكما سلطاناً}: قال سعيد بن جبير :أي: حجة .
{فلا يصلون إليكما بآياتنا}: أي :تمنعان بآياتنا .
ويجوز أن يكون المعنى :{ونجعل لكما سلطانا بآياتنا }:أي: بالعصا , واليد ,وما أشبههما ). [معاني القرآن: 5/180]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَى بِآَيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آَبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (36) }
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({إن هذا إلّا سحرٌ مفترىً } مجازه: ما هذا إلا سحر مفترى , يقال : إذا افتعل الرجل من قبله شيئاً: افتريته ).
[مجاز القرآن: 2/105]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {فلمّا جاءهم موسى بآياتنا بيّنات قالوا ما هذا إلّا سحر مفترى وما سمعنا بهذا في آبائنا الأوّلين}
لم يأتوا بحجة يدفعون بها ما ظهر من الآيات إلا أن قالوا إنها سحر , فلما جمع السّحرة بينوا : أن آيات موسى عليه السلام ليست بسحر، فغلب موسى بآيات اللّه وبحجته , كما قال عزّ وجلّ به). [معاني القرآن: 4/145]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جَاءَ بِالْهُدَى مِنْ عِنْدِهِ وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (37) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {فلمّا جاءهم موسى بآياتنا بيّناتٍ قالوا ما هذا إلا سحرٌ مفترًى وما سمعنا بهذا في آبائنا الأوّلين {36} وقال موسى ربّي أعلم بمن جاء بالهدى من عنده} [القصص: 36-37] أي: أنّي أنا جئت بالهدى من عنده.
{ومن تكون له عاقبة الدّار} [القصص: 37] دار الآخرة الجنّة.
{إنّه لا يفلح الظّالمون} [القصص: 37] المشركون لا يدخلون الجنّة، والمفلحون هم أهل الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 2/593]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
({ عاقبة الدّار }: وعاقبة الأمر , أي : آخره).
[مجاز القرآن: 2/105]


تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (38)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وقال فرعون يا أيّها الملأ ما علمت لكم من إلهٍ غيري} [القصص: 38] تعمّد الكذب، في تفسير الحسن.
{فأوقد لي يا هامان على الطّين} [القصص: 38]، أي: فاطبخ لي آجرًّا فكان أوّل ما عمل الآجرّ.
[تفسير القرآن العظيم: 2/593]
{فاجعل لي صرحًا} [القصص: 38]، أي: فابن لي صرحًا.
{لعلّي أطّلع إلى إله موسى وإنّي لأظنّه من الكاذبين} [القصص: 38] فبنى له صرحًا عاليًا، وقد علم فرعون أنّ موسى رسول اللّه، وهذا القول منه كذبٌ.
قال اللّه عزّ وجلّ: {وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلمًا وعلوًّا} [النمل: 14] قال قتادة: والجحد لا يكون إلا من بعد المعرفة). [تفسير القرآن العظيم: 2/594]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فأوقد لي يا هامان على الطّين...}

يقول: اطبخ لي الآجر , وهو الأجور والآجرّ, وأنشد:
كأنّ عينيه من الغؤور = قلتان في جوف صفاً منقور
= عولي بالطين وبالأجور = ). [معاني القرآن: 2/306]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (الصرح " صرحاً " : البناء والقصر، قال الشاعر:
بهن نعام بناها الرجا= ل تحسب أعلامهن الصّروحا). [مجاز القرآن: 2/105]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({فأوقد لي يا هامان على الطّين}: أي : اصنع لي الآجرّ, {فاجعل لي} منه {صرحاً} أي :قصراً عالياً ).
[تفسير غريب القرآن: 333]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وقال فرعون يا أيّها الملأ ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطّين فاجعل لي صرحا لعلّي أطّلع إلى إله موسى وإنّي لأظنّه من الكاذبين}
{فأوقد لي يا هامان على الطّين}:أي: اعمل آجرّا، ويقال: إنّ فرعون أول من عمل الآجرّ.
{فاجعل لي صرحاً}: لصرح كل بناء متسع مرتفع.
وقوله: {لعلّي أطّلع إلى إله موسى}: وظنّ فرعون أنه يتهيأ له أن يبلغ بصرحه نحو السماء، فيرى السماء وما فيها.
{وإنّي لأظنّه من الكاذبين}:الظن في اللغة ضرب يكون شكاً، يقيناً.
وقول فرعون: وإني لأظنه اعتراف بأنه شاك، وأنّه لم يتيقن أن موسى كاذب، ففي هذا بيان أنه قد كفر بموسى على غير يقين أنه ليس بنبيّ، وقد وقع في نفسه أنه نبيّ ؛
لأن الآيات التي هي النبوة لا يجهلها ذو فطرة، وقوله في غير هذا الموضع: {لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلّا ربّ السّماوات والأرض بصائر}:
دليل على أنه قد ألزم فرعون الحجة القاطعة).[معاني القرآن: 4/145]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فأوقد لي يا هامان على الطين}
روى سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال : حتى يصير آجراً.
قال قتادة : بلغني أنه أول من صنع الآجر .
ثم قال تعالى: {فاجعل لي صرحا}
قيل :بنيانا ًمرتفعاً.). [معاني القرآن: 5/180-181]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {صرحاً}: أي: قصراً). [ياقوتة الصراط: 399]

تفسير قوله تعالى: (وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ (39) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه تعالى: {واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحقّ وظنّوا أنّهم إلينا لا يرجعون} [القصص: 39] يوم القيامة). [تفسير القرآن العظيم: 2/594]

تفسير قوله تعالى: {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (40) }

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليمّ} [القصص: 40] في البحر.
وقد فسّرنا ذلك في غير هذه السّورة.
قال: {فانظر} [القصص: 40] يا محمّد.
{كيف كان عاقبة الظّالمين} [القصص: 40]، أي: دمّر اللّه عليهم ثمّ صيّرهم إلى النّار). [تفسير القرآن العظيم: 2/594]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({فأخذناه وجنوده}: أي : فجمعناه , وجنوده.

{فنبذناهم في اليمّ }: أي: فألقيناهم في البحر , فأهلكناهم وغرقناهم , قال العجاج:
= كبازخ اليمّ زهاه اليمّ
وقال أبو الأسود الدؤلي:
نظرت إلى عنوانه فنبذته= كنبذك نعلاً أطلقت من نعالكا).
[مجاز القرآن: 2/106]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليمّ فانظر كيف كان عاقبة الظّالمين}
اليمّ: البحر, وهو الذي يقال له " إيساف " , وهو الذي غرق فيه فرعون , وجنوده بناحية مصر). [معاني القرآن: 4/146]

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ (41)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال عزّ وجلّ: {وجعلناهم أئمّةً يدعون إلى النّار} [القصص: 41] يتّبعهم من بعدهم من الكفّار.
{ويوم القيامة لا ينصرون} [القصص: 41] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/594]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ أئمّةً يدعون إلى النّار}:والإمام يكون في الخير , وفي الشر , { أتبعناهم}: مجازه: ألزمناهم).
[مجاز القرآن: 2/106]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وجعلناهم أئمّة يدعون إلى النّار ويوم القيامة لا ينصرون}أي : من اتبعهم، فهو في النار.
{ويوم القيامة لا ينصرون} أي : لا ناصر لهم, ولا عاصم من عذاب اللّه). [معاني القرآن: 4/146]

تفسير قوله تعالى: {وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ (42)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وأتبعناهم في هذه الدّنيا لعنةً} [القصص: 42] العذاب الّذي عذّبهم اللّه به: الغرق.
قال: {ويوم القيامة هم من المقبوحين} [القصص: 42] في النّار، وأهل النّار مقبوحون مشوّهون، سودٌ، زرقٌ، حبنٌ، كأنّ رءوسهم آجام القصب،
[تفسير القرآن العظيم: 2/594]
كالحون، شفة أحدهم السّفلى ساقطةٌ على صدره، وشفته العليا قالصةٌ قد غطّت وجهه، رأس أحدهم مثل الجبل العظيم، وضرسه مثل أحدٍ، وأنيابه كالصّياصيّ، وهي الجبال , وغلظ جلده سبعون ذراعًا، وبعضهم يقول أربعون، يشتدّ الدّود ما بين جلده
ولحمه كما يشتدّ الوحوش في البرّيّة، وفخذه مسيرة يومين.
وقال عبد اللّه بن مسعودٍ: وإنّي أراه يشغل من جهنّم مثل ما بيني وبين المدينة، وهو بالكوفة). [تفسير القرآن العظيم: 2/595]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({من المقبوحين }:مجازه: المهليكن.).
[مجاز القرآن: 2/106]


تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (43) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولقد آتينا موسى الكتاب} [القصص: 43] التّوراة.
{من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للنّاس وهدًى ورحمةً لعلّهم يتذكّرون} [القصص: 43]، يعني: يتفكّروا فكانت التّوراة أوّل كتابٍ نزل فيه الفرائض والحدود والأحكام.
وقوله: {من بعد ما أهلكنا القرون الأولى} [القصص: 43] قرنًا من بعد قرنٍ كقوله على مقرإ هذا الحرف: {وكذلك أخذ ربّك إذا أخذ القرى وهي ظالمةٌ} [هود: 102] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/595]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله:{ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للنّاس وهدى ورحمة لعلّهم يتذكّرون}

فكان خاتمة إهلاك القرون بالعذاب في الدّنيا : أن جعل المكذبين بموسى الذين عدوا في السبت قردة خاسئين عند تكذيبهم بموسى عليه السلام.
وقوله: {بصائر للنّاس} أي : مبينا للناس، المعنى: ولقد آتينا موسى الكتاب بصائر للناس , أي : هذه حال إيتائنا إياه الكتاب مبيناً، نبينه للناس.
{وهدى ورحمة) عطف على {بصائر}، ولو قرئت بالرفع على معنى : فهو هدى ورحمة , جاز والنصب أجود, ولا أعلم أحدا قرأ بالرفع , فلا تقرأنّ بها). [معاني القرآن: 4/146]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر}
أي: بيانا). [معاني القرآن: 5/181]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (44)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وما كنت} [القصص: 44] يا محمّد.
{بجانب الغربيّ} [القصص: 44] غربيّ الجبل.
{إذ قضينا إلى موسى الأمر} [القصص: 44] الرّسالة.
وقال السّدّيّ: يعني: عهدنا إلى موسى، فأوصيناه إلى فرعون وقومه.
{وما كنت من الشّاهدين} [القصص: 44]، أي: لم تكن شاهدًا يومئذٍ لذلك.
وقال السّدّيّ: يعني: {من الشّاهدين} [القصص: 44]، يعني: من الحاضرين). [تفسير القرآن العظيم: 2/595]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({بجانب الغربيّ}: وهو حيث تغرب الشمس , والنجوم , والقمر.). [مجاز القرآن: 2/106]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وما كنت بجانب الغربيّ إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشّاهدين} أي : وما كنت بجانب الجبل الغربي.).
[معاني القرآن: 4/146]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر}
قال قتادة : هو جبل). [معاني القرآن: 5/181]

تفسير قوله تعالى: {وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (45)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ولكنّا أنشأنا} [القصص: 45] خلقنا.
{قرونًا فتطاول عليهم العمر} [القصص: 45] كان بين عيسى ومحمّدٍ عليهما السّلام خمس مائة سنةٍ.
قال: وقال قتادة: ستّ مائة سنةٍ.
قال: {وما كنت ثاويًا} [القصص: 45] ساكنًا.
{في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا} [القصص: 45] وقال السّدّيّ: لم تكن يا محمّد مقيمًا بمدين، فتعلم كيف كان أمرهم، فتخبر أهل مكّة بشأنهم وأمرهم.
قال: {ولكنّا كنّا مرسلين} [القصص: 45] كقوله: {أمرًا من عندنا إنّا كنّا مرسلين} [الدخان: 5] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/596]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ولكنّا أنشأنا قروناً }: أي: خلقنا قروناً، أي : أمماً.

{ العمر }, العمر واحد , وهما لغتان , وهما مثل :و الضعف والضعف , والمكث والمكث.
{ثاوياً في أهل مدين }:أي : مقيماً، قال الأعشى:
أثوى وقصّر ليلة ليزوّدا= فمضت وأخلف من قتيلة موعدا
ويروى أثوى الثوى الصيف، قال العجاج:
فبات حتى يدخل الثّوى= مجرمزاً وليله قسيّ).
[مجاز القرآن: 2/107]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {ثاويا}: مقيما). [غريب القرآن وتفسيره: 292]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ( {وما كنت ثاوياً في أهل مدين} :أي :مقيماً, يقال: ثوبت بالمكان، إذا أقمت به, ومنه قيل للضيف: الثّويّ).
[تفسير غريب القرآن: 333]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ولكنّا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاويا في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ولكنّا كنّا مرسلين}
أي: ما كنت مقيما ًفي أهل مدين.). [معاني القرآن: 4/146-147]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله: {وما كنت ثاويا} أي: مقيما}). [معاني القرآن: 5/181]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ)
: ({ثاويًا} أي: مقيماً.). [ياقوتة الصراط: 400]

قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ثَاوِيًا} أي: مقيماً.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 182]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {ثَاوِيًا}: مقيماً.). [العمدة في غريب القرآن: 234]

تفسير قوله تعالى:{وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (46)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وما كنت بجانب الطّور} [القصص: 46] الجبل.
{إذ نادينا} [القصص: 46] أبو عبد اللّه الشّاميّ قال: وأخبرنيه محرزٌ، عن الأعمش، عن أبي زرعة بن عمرو بن جريرٍ البجليّ قال: نودي: يا أمّة محمّدٍ، أجبتكم قبل أن تدعوني وأعطيتكم قبل أن تسألوني.
قال: {ولكن رحمةً من ربّك لتنذر قومًا} [القصص: 46]، يعني: قريشا، تفسير السّدّيّ.
{ما أتاهم من نذيرٍ من قبلك لعلّهم يتذكّرون} [القصص: 46]، أي: لكي يتذكّروا). [تفسير القرآن العظيم: 2/596]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ)
: ({وما كنت بجانب الطّور إذ نادينا ولكن رّحمةً مّن رّبّك لتنذر قوماً مّا أتاهم مّن نّذيرٍ مّن قبلك لعلّهم يتذكّرون}

وقال: {ولكن رّحمةً مّن رّبّك}, فنصب {رحمةً} على: "ولكن رحمك ربّك رحمةً".). [معاني القرآن: 3/23-24]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وما كنت بجانب الطّور إذ نادينا ولكن رحمة من ربّك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلّهم يتذكّرون}يعني : نادينا موسى.
{ولكن رحمة من ربّك}المعنى : إنك لم تشاهد قصص الأنبياء، ولا تليت عليك، ولكن أوحيناها إليك، وقصصناها عليك، رحمةً من ربّك لتنذر قوما، أي : لتعرفهم قصص من أهلك بالعذاب، ومن فاز بالثواب.
ولو قرئت {ولكن رحمة}: لكان جائزا على معنى : ولكن فعل ذلك رحمة من ربك، والنصب على معنى : فعلنا ذلك للرحمة، كما تقول: فعلت ذلك ابتغاء الخير، أي : فعلته لابتغاء الخير، فهو مفعول له.). [معاني القرآن: 4/147]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وما كنت بجانب الطور إذ نادينا}
روى عبد الرزاق , عن الثوري , عن الأعمش , عن علي بن مدرك , عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير رفع الحديث في قوله جل وعز: {وما كنت بجانب الطور إذ نادينا} .
قال : نودوا: يا أمة محمد , أجبتكم قبل أن تدعوني , وأعطيتكم قبل أن تسألوني , فذلك قوله: {وما كنت بجانب الطور إذ نادينا} .
وقوله جل وعز: {ولكن رحمة من ربك}
أي : لم تشهد قصص الأنبياء , ولا تليت عليك , ولكنا بعثناك , وأوحيناها إليك للرحمة لتنذر قوماً، فتعرفهم هلاك من هلك، وفوز من فاز، لعلهم يتذكرون). [معاني القرآن: 5/182]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آَيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (47)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولولا أن تصيبهم مصيبةٌ} [القصص: 47]، يعني: المشركين.
{بما قدّمت أيديهم} [القصص: 47] بالّذي هم عليه من الشّرك، والمصيبة في هذا
[تفسير القرآن العظيم: 2/596]
الموضع العذاب، يقول: ولو أنّا عذّبناهم لاحتجّوا فقالوا: {ربّنا لولا} [القصص: 47] هلا.
{أرسلت إلينا رسولا فنتّبع آياتك ونكون من المؤمنين} [القصص: 47] فقطع اللّه عذرهم بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم فكذّبوه). [تفسير القرآن العظيم: 2/597]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ولولا أن تصيبهم مصيبةٌ }: وهي من كل نقمة وعذاب، نقمة بكسر القاف.

{بما قدّمت أيديهم }, مجازه: بما كانوا اكتسبوا , وليس هاهنا.
{ لولا أرسلت إلينا رسولاً }: مجازه هلاً، وفي آية أخرى: {لولا أوتي }, مجازه: هلا أوتتي). [مجاز القرآن: 2/107]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدّمت أيديهم فيقولوا ربّنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتّبع آياتك ونكون من المؤمنين}
أي : لولا ذلك لم يحتج إلى إرسال الرسل، ومواترة الاحتجاج.). [معاني القرآن: 4/147]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم}
أي : لولا هذا لم نحتج إلى إرسال الرسل، وتواتر الاحتجاج.). [معاني القرآن: 5/182]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ (48)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {فلمّا جاءهم الحقّ من عندنا} [القصص: 48]، يعني: القرآن، وهو تفسير السّدّيّ.
{قالوا لولا أوتي} [القصص: 48] يعنون النّبيّ عليه السّلام.
{مثل ما أوتي موسى} [القصص: 48] هلا أنزل عليه القرآن جملةً واحدةً كما أنزلت التّوراة على موسى جملةً واحدةً.
قال اللّه: {أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل} [القصص: 48] وقد كان كتاب موسى عليهم حجّةً في تفسير الحسن.
{قالوا سحران تظاهرا} [القصص: 48] موسى ومحمّدٌ في تفسير الحسن، وهذا قول مشركي العرب.
{وقالوا إنّا بكلٍّ كافرون} [القصص: 48] بالتّوراة والقرآن.
عاصم بن حكيمٍ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن سعيد بن جبيرٍ.
قال: {قالوا سحران تظاهرا} [القصص: 48] موسى وهارون.
المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ، قال: {قالوا لولا} [القصص: 48] هلا {أوتي مثل ما أوتي موسى} [القصص: 48] هم أهل الكتاب.
[تفسير القرآن العظيم: 2/597]
وتفسير مجاهدٍ قال: {قالوا لولا} [القصص: 48] هلا {أوتي مثل ما أوتي موسى} [القصص: 48] من قبل هذا، قول يهود تأمر قريشًا أن يسألوا محمّدًا مثل ما أوتي موسى.
يقول اللّه لمحمّدٍ: قل لقريشٍ يقولون لهم: {أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا} [القصص: 48] قول يهود لموسى وهارون.
وبعضهم يقرؤها: سحران تظاهرا، التّوراة والقرآن.
{وقالوا} يهود تقوله.
{إنّا بكلٍّ كافرون} [القصص: 48] كفرت أيضًا لمّا أوتي محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم). [تفسير القرآن العظيم: 2/598]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {قالوا سحران تظاهرا...}

يعنون التوراة والقرآن، ويقال {ساحران تظاهرا} : يعنون محمّداً , وموسى صلى الله عليهما وسلم, وقرأ عاصم , والأعمش {سحران}.
... وحدثني غير واحدٍ , عن إسماعيل ابن أبي خالد , عن أبي رزين : أنه قرأ :{سحران تظاهرا}
قال: وقال سفيان بن عيينة , عن حميد قال: قال مجاهد: سألت ابن عباس , عنده عكرمة فلم يجبني، فلمّا كانت في الثالثة , قال عكرمة: أكثرت عليه , {ساحران تظاهرا},
فلم ينكر ابن عباس، أو قال: فلو أنكرها لغيّرها, وكان عكرمة يقرأ : {سحران} بغير ألفٍ , ويحتجّ بقوله: {قل فأتوا بكتابٍ من عند الله هو أهدى منهما أتّبعه} ,
وقرأها أهل المدينة , والحسن :{ساحران تظاهرا}.). [معاني القرآن: 2/306-307]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ ساحران تظاهرا }: أي : تعاونا.). [مجاز القرآن: 2/107]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {سحران تظاهرا}: تعاونا). [غريب القرآن وتفسيره: 292]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ( {سحران تظاهرا}: أي: تعاونا.). [تفسير غريب القرآن: 333]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{فلمّا جاءهم الحقّ من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا وقالوا إنّا بكلّ كافرون}
أي : فلما جاءتهم الحجة القاطعة التي كان يجوز أن يعتلّوا بتأخرها عنهم.
{قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى}:المعنى: هلّا أوتي محمد مثل ما أوتي موسى، صلى اللّه عليهما من أمر العصا , والحية , وانفلاق البحر، وسائر الآيات التي أتى بها موسى،
فقد كفروا بآيات موسى كما كفروا بآيات محمد عليهما السلام.
{قالواساحران تظاهرا} أي : تعاونا.
جاء في التفسير: أنهم عنوا موسى وهارون.
وقالوا : عنوا موسى وعيسى، وقيل : عنوا موسى ومحمدا عليهما السلام.
وقرئ : {سحران تظاهرا} يعنون : كتابين، فقالوا: الإنجيل والقرآن، ودليل من قرأ {سحران} قوله: {قل فأتوا بكتاب من عند اللّه هو أهدى منهما}.
وهذا لا يمنع {ساحران}، لأن المعنى يصير: قل فأتوا بكتاب من عند الله , هو أهدى من كتابيهما ). [معاني القرآن: 4/147-148]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فلما جاءهم الحق من عندنا}
أي : الحجج الظاهرة البينة التي كان يجوز أن يحتجوا بتأخرها .
{قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى }: يعني من العصا , وانفلاق البحر, وما أشبه ذلك.
وروى ابن أبي نجيح, عن مجاهد قال : أمرت يهود قريشً : ا أن يسألوا محمدا صلى الله عليه وسلم مثل ما أوتي موسى .
فقال الله جل وعز لمحمد صلى الله عليه وسلم : قل لهم يقولوا لهم : {أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل}.
ثم قال جل وعز: {قالوا ساحران تظاهرا}
روى سفيان، عن إسماعيل بن أبي خالد قال : سمعت سعيد بن جبير يقول : {قالوا ساحران تظاهرا }, قال : موسى وهارون صلى الله عليهما.
وروى ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال : يعنون موسى وهارون عليهما السلام.
وروى شعبة , عن أبي حمزة, عن ابن عباس :{قالوا ساحران تظاهرا قال موسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم
وكذا روى شعبة, عن أبي حمزة, عن ابن عباس, وكذلك قال الحسن .
وقرأ عكرمة , وعطاء الخراساني, وأبو رزين : {قالوا سحران تظاهرا}
قال عكرمة: يعني : كتابين .
وقال أبو رزين : يعني : التوراة والإنجيل .
وقال الفراء : يعني : التوراة والقرآن .
واحتج بعض من يقرأ هذه القراءة بقوله: {قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه}
والمعنى على القراءة الأولى : هو أهدى من كتابيهما ). [معاني القرآن: 5/183-185]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَظَاهَرَا}: أي: تعاونا ). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 182]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ({تَظَاهَرَا}: تعاونا ). [العمدة في غريب القرآن: 235]

تفسير قوله تعالى:{قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (49)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {قل فأتوا بكتابٍ من عند اللّه هو أهدى منهما} [القصص: 49] من التّوراة والقرآن.
{أتّبعه إن كنتم صادقين} [القصص: 49] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/598]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {أتّبعه...}

رفع لأنها صلة للكتاب , لأنه نكرة , وإذا جزمت - وهو الوجه - جعلته شرطاً للأمر.). [معاني القرآن: 2/307]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فإن لم يستجيبوا لك} [القصص: 50] فيأتوا به، ولا يأتون به ولكنّها حجّةٌ عليهم.
{فاعلم أنّما يتّبعون أهواءهم ومن أضلّ ممّن اتّبع هواه بغير هدًى من اللّه} [القصص: 50] جاءه، أي: لا أحد أضلّ منه.
{إنّ اللّه لا يهدي القوم الظّالمين} [القصص: 50] المشركين الّذين يموتون على شركهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/598]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({فإن لّم يستجيبوا لك}: مجازه: فإن لم يجيبوك، وقال الغنوي:

وداعٍ دعايا من يجيب إلى النّدى= فلم يستجبه عند ذاك مجيب.).
[مجاز القرآن: 2/107]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنّما يتّبعون أهواءهم ومن أضلّ ممّن اتّبع هواه بغير هدى من اللّه إنّ اللّه لا يهدي القوم الظّالمين}
فاعلم أن ما ركبوه من الكفر لا حجّة لهم فيه، وإنما آثروا فيه الهوى , وقد علموا أنه هو الحق.). [معاني القرآن: 4/148]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10 ذو القعدة 1431هـ/17-10-2010م, 09:20 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 51 إلى 75]

{وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (51) الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آَمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (54) وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ (55) إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56) وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (57) وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ (58) وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ (59) وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ (60) أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (61) وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (62) قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ (63) وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ (64) وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (65) فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ (66) فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (67) وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (68) وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (69) وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآَخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (70) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ (71) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (72) وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (73) وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (74) وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (75)}

تفسير قوله تعالى:{وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (51)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولقد وصّلنا لهم القول} [القصص: 51] أخبرناهم به، بما أهلكنا الأمم السّالفة، قوم نوحٍ، وعادًا وثمود، ومن بعدهم بتكذيبهم رسلهم.
[تفسير القرآن العظيم: 2/598]
قال: {لعلّهم يتذكّرون} [القصص: 51] لكي يتذكّروا فيحذروا لا ينزل بهم ما نزل بهم فيؤمنوا). [تفسير القرآن العظيم: 2/599]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ولقد وصّلنا لهم القول...}

يقول: أنزلنا عليهم القرآن يتبع بعضه بعضاً.). [معاني القرآن: 2/307]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ولقد وصّلنا لهم القول }: أي: أتمناه، قال:

= جعلت عمامتي صلةً لحبلى
وقال الأخطل:
فقل لبني مروان ما بال ذمة= وحبلٍ ضعيفٍ لا يزال يوصّل.).
[مجاز القرآن: 2/108]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {وصلنا له القول}: أتممناه). [غريب القرآن وتفسيره: 292]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولقد وصّلنا لهم القول} أي: اتبعنا بعضه بعضا، فأتّصل عندهم, يعني: القرآن). [تفسير غريب القرآن: 333]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ولقد وصّلنا لهم القول لعلّهم يتذكّرون }
أي : فصّلناه بأن فصّلنا ذكر الأنبياء وأقاصيصهم، وأقاصيص من مضى، بعضها ببعض.
{لعلّهم يتذكرون}: أي : لعلهم يعتبرون). [معاني القرآن: 4/148]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون}
أي: أتبعنا بعضه بعضاً.
قال مجاهد :يعني : لقريش , وقرأ الحسن : صلنا مخففاً.
ومعنى :{إنا كنا من قبله مسلمين }: أنهم وجدوا صفة النبي صلى الله عليه وسلم في كتابهم من قبل أن يبعث , فآمنوا به , ثم آمنوا به بعد ما بعث.). [معاني القرآن: 5/185-186]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {وَصَّلْنَا}: تممنا.). [العمدة في غريب القرآن: 235]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {الّذين آتيناهم الكتاب من قبله} [القصص: 52] من قبل القرآن.
{هم به} [القصص: 52] بالقرآن.
{يؤمنون} [القصص: 52]، يعني: من آمن من أهل الكتابين، يعني: من كان مستمسكًا بدين موسى وعيسى ثمّ آمن بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
حمّادٌ، عن عمرو بن دينارٍ، عن يحيى بن جعدة، عن رفاعة القرظيّ قال: نزلت هذه الآية في عشرةٍ من اليهود، أنا أحدهم: {الّذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون} [القصص: 52] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/599]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {الّذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون}

جاء في التفسير : أن هؤلاء طائفة من أهل الكتاب كانوا يأخذون به , وينتهون إليه , ويقفون عنده.
كانوا يحكمون بحكم اللّه، بالكتاب الذي أنزل قبل القرآن.
فلما بعث محمد صلى الله عليه وسلم , وتلا عليهم القرآن , قالوا :{آمنا به إنه الحق من ربّنا}.
وذلك أنّ ذكر محمد صلى الله عليه وسلم كان مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل، فلم يعانده هؤلاء , وآمنوا, وصدقوا، فأثنى اللّه عليهم خيرا وقال: {أولئك يؤتون أجرهم مرّتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السّيّئة وممّا رزقناهم ينفقون}). [معاني القرآن: 4/148]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آَمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وإذا يتلى عليهم} [القصص: 53] القرآن.
{قالوا آمنّا به إنّه الحقّ من ربّنا إنّا كنّا من قبله} [القصص: 53] من قبل القرآن.
{مسلمين} [القصص: 53] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/599]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (وقال الكلبيّ: هم أناسٌ من أهل الكتاب لم يكونوا يهودًا ولا نصارى، وكانوا على دين أنبياء اللّه ورسله , وكرهوا ما عليه اليهود والنّصارى، وأخذوا بأمر اللّه، فكانوا ينتظرون النّبيّ عليه السّلام، فلمّا سمعوا به وهو بمكّة أتوه، فلمّا رأوه عرفوه بنعته وسألوه أن يقرأ عليهم القرآن، فلمّا سمعوه {قالوا آمنّا به} [القصص: 53] بالقرآن {إنّه الحقّ من ربّنا إنّا كنّا من قبله مسلمين} [القصص: 53] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/600]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {إنّا كنّا من قبله مسلمين...}

يقال: كيف أسلموا قبل القرآن , وقبل محمدٍ صلى الله عليه وسلم؟, وذلك أنهم كانوا يجدون صفة النبي صلى الله عليه وسلم في كتابهم , صّدّقوا به, فذلك إسلامهم.
و{من قبله} هذه الهاء للنبي عليه السّلام, ولو كانت الهاء كناية عن القرآن , كان صواباً، لأنهم قد قالوا: إنه الحقّ من ربنّا، فالهاء ها هنا أيضاً تكون للقرآن ولمحمد صلى الله عليه وسلم). [معاني القرآن: 2/307]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وإذا يتلى عليهم}:أي: يقرأ عليهم). [مجاز القرآن: 2/108]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (54)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {أولئك يؤتون أجرهم مرّتين بما صبروا} [القصص: 54] على دينهم.
{ويدرءون بالحسنة السّيّئة} [القصص: 54] يعفون عن السّيّئة ويأخذون بالحسنة.
والسّيّئة هاهنا: الجهل، والعفو: الحلم، وإذا حلم فعفا عن السّيّئة فهو حسنةٌ.
وقال السّدّيّ: يقول: ويدفعون بالقول المعروف، والعفو الأذى والأمر القبيح.
قال: {وممّا رزقناهم ينفقون} [القصص: 54] الزّكاة الواجبة). [تفسير القرآن العظيم: 2/599]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه عزّ ذكره: {أولئك يؤتون أجرهم مرّتين بما صبروا} [القصص: 54] يقول بأخذهم الكتاب الأوّل، وإيمانهم بالكتاب الآخر.
- حمّادٌ، عن عمرو بن دينارٍ، عن يحيى بن جعدة أنّ رسول اللّه قال: " ثلاثةٌ يؤتون أجرهم مرّتين: من آمن بالكتاب الأوّل والكتاب الآخر، والعبد إذا أطاع اللّه وأطاع سيّده، والرّجل إذا أعتق أمته ثمّ تزوّجها "). [تفسير القرآن العظيم: 2/600]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {ويدرءون بالحسنة السّيّئة}: مجازه: يدفعون السيء بالحسن).
[مجاز القرآن: 2/108]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {أولئك يؤتون أجرهم مرّتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السّيّئة وممّا رزقناهم ينفقون}
أي : يؤتون أجرهم بإيمانهم بالكتاب الذي من قبل محمد صلى الله عليه وسلم .
و{يؤتون أجرهم مرّتين}: بالإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم , والقرآن.
{ويدرءون بالحسنة السّيّئة}: معنى {ويدرءون} : يدفعون - بما يعلمون من الحسنات - ما تقدم لهم من السيّئات.
{وممّا رزقناهم ينفقون}:أي : يتصدقون.). [معاني القرآن: 4/149]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال الله جل وعز: {أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا}
يجوز أن يكون المعنى : من قبل النبي صلى الله عليه وسلم , وأن يكون من قبل القرآن .
ومعنى قوله تعالى: {ويدرءون بالحسنة السيئة} : أي : يدفعون بعملهم الحسنات السيئات التي عملوها). [معاني القرآن: 5/186]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ (55)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وإذا سمعوا اللّغو} [القصص: 55] الباطل، الشّرك.
وقال بعضهم: الشّتم والأذى من كفّار قومهم.
[تفسير القرآن العظيم: 2/599]
{أعرضوا عنه} [القصص: 55]، يعني: عن اللّغو فلم يردّوا عليهم.
{وقالوا} للمشركين.
{لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلامٌ عليكم} [القصص: 55] كلمة حلمٍ عن المشركين وتحيّةً بين المؤمنين.
{لا نبتغي الجاهلين} [القصص: 55] لا نكون من الجاهلين هذا تفسير الحسن.
وقال بعضهم: هم مسلمو أهل الإنجيل). [تفسير القرآن العظيم: 2/600]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (وقال الكلبيّ: {وإذا سمعوا اللّغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم} [القصص: 55] قال أبو جهلٍ وأصحابٌ له لهؤلاء الرّهط الّذين أسلموا من أهل الكتاب: أفٍّ لكم من قومٍ منظورٍ إليكم تبعتم غلامًا قد كرهه قومه وهم أعلم به منكم.
[تفسير القرآن العظيم: 2/600]
فقالوا لهم: {سلامٌ عليكم لا نبتغي الجاهلين} [القصص: 55] وقال السّدّيّ: وقالوا: {سلامٌ عليكم لا نبتغي الجاهلين} [القصص: 55]، يعني: ردّوا خيرًا). [تفسير القرآن العظيم: 2/601]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (وقال السّدّيّ: وقالوا: {سلامٌ عليكم لا نبتغي الجاهلين} [القصص: 55]، يعني: ردّوا خيرًا). [تفسير القرآن العظيم: 2/601]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {وإذا سمعوا اللّغو أعرضوا عنه} مجازه هاهنا : الفحش ,والقبيح).
[مجاز القرآن: 2/108]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وإذا سمعوا اللّغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين}: أي : إذا سمعوا ما لا يجوز ,
وينبغي أن يلغى , لم يلتفتوا إليه.
{وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين}: ليس يريدون بقولهم ههنا سلام عليكم التحيّة.
المعنى فيه : أعرضوا عنه , وقالوا سلام عليكم، أي : بيننا وبينكم المتاركة والتسلم, وهذا قبل أن يؤمر المسلمون بالقتال ). [معاني القرآن: 4/149]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه}
أي : ما لا يجوز , وما ينبغي أن يلغى .
قال مجاهد : هؤلاء قوم من أهل الكتاب أسلموا , فكان المشركون يؤذونهم .
ومعنى :{سلام عليكم }: قد تاركناكم , وليس من التحية في شيء , وهذا كلام متعارف عند العرب). [معاني القرآن: 5/186-187]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {إنّك لا تهدي من أحببت ولكنّ اللّه يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين} [القصص: 56] نزلت في أبي طالبٍ حيث أراده النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم على أن يقول: لا إله إلا اللّه، فأبى.
- وقال ابن مجاهدٍ، عن أبيه قال: قال له النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «قل كلمة الإخلاص، وهي التّوحيد، أجادل بها عنك يوم القيامة» فقال: يابن أخي، ملّة الأشياخ.
وقال مجاهدٌ في قوله: {وهو أعلم بالمهتدين} [القصص: 56] قال: من قدّر له الهدى والضّلالة). [تفسير القرآن العظيم: 2/601]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {إنّك لا تهدي من أحببت...}

يكون الحبّ على جهتين ها هنا:
إحداهما: إنك لا تهدي من تحبّه للقرابة.
والوجه الآخر يريد: إنك لا تهدي من أحببت أن يهتدي؛ كقولك: إنك لا تهدي من تريد، كما تراه كثيراً في التنزيل.
{ولكنّ اللّه يهدي من يشاء} أن يهديه). [معاني القرآن: 2/307]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إنّك لا تهدي من أحببت ولكنّ اللّه يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين}
أجمع المفسرون : أنها نزلت في أبي طالب، وجائز أن يكون ابتداء نزولها في أبي طالب, وهي عامّة، لأنه لا يهدي إلا اللّه، ولا يرشد , ولا يوفق إلا هو، وكذلك هو يضلّ من يشاء.). [معاني القرآن: 4/149]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء}
روى الزهري , عن سعيد بن المسيب , عن أبيه قال : جاء أبو جهل بن هشام, وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة إلى أبي طالب في العلة التي مات فيها , وجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال :(( يا عم , قل : لا إله إلا الله , كلمة أحاج لك بها عند الله جل وعز.)).
فقال له أبو جهل : يا أبا طالب , أترغب عن دين عبد المطلب , فكان آخر ما قال لهما : هو على ملة عبد المطلب .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((لا أدع الاستغفار لك )).
فأنزل الله جل وعز: {إنك لا تهدي من أحببت} , ونزل فيه :{ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى }
قال أبو جعفر : يجوز أن يكون معنى : من أحببت أن تهدي
ويجوز أن يكون المعنى : من أحببت لقرابته.
ثم قال جل وعز: {ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين}: أي: الله أعلم بمن يستحق الهداية ممن يستحق الغواية , ولله الحكمة التامة.). [معاني القرآن: 5/187-189]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (57)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وقالوا إن نتّبع الهدى معك} [القصص: 57]، يعني: التّوحيد، وهو تفسير السّدّيّ.
[تفسير القرآن العظيم: 2/601]
قوله: {وقالوا إن نتّبع الهدى معك نتخطّف من أرضنا} [القصص: 57] لقلّتنا في كثرة العرب وإنّما ننفي الحرب عنّا أنّا على دينهم، فإن آمنّا بك واتّبعناك خشينا أن يتخطّفنا النّاس.
قال اللّه للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {أولم نمكّن لهم حرمًا آمنًا يجبى إليه ثمرات كلّ شيءٍ رزقًا من لدنّا} [القصص: 57] {ولكنّ أكثرهم لا يعلمون} [القصص: 57]، أي: قد كانوا في حرمي يأكلون رزقي ويعبدون غيري وهم آمنون أفيخافون إن آمنوا أن أسلّط عليهم من يقتلهم ويسبيهم ما كنت لأفعل.
قوله عزّ وجلّ: {يجبى إليه ثمرات كلّ شيءٍ} [القصص: 57] كقوله: {يأتيها رزقها رغدًا من كلّ مكانٍ}.
سعيدٌ عن قتادة، قال: ذكر لنا أنّ سيلا أتى على المقام فاقتلعه، فإذا في أسفله كتابٌ، فدعوا له رجلا من حمير فزبره لهم في جريدةٍ ثمّ قرأه عليهم، فإذا فيه: هذا بيت اللّه المحرّم جعل رزق أهله من معبره يأتيهم من ثلاثة سبلٍ، مباركٌ لأهله في الماء واللّحم، وأوّل من يحلّه أهله.
أشعث، عن عبد اللّه بن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: وجد عند المقام كتابٌ فيه: أنّي أنا اللّه ذو بكّة، صغتها يوم خلقت الشّمس والقمر، وحرّمتها يوم خلقت السّموات والأرض، وحففتها بسبعة أملاكٍ حنفاء، يأتيها رزقها من ثلاثة سبلٍ، مباركٌ لأهلها في الماء واللّحم، أوّل من يحلّها أهلها.
قال: {رزقًا من لدنّا} [القصص: 57] من عندنا.
{ولكنّ أكثرهم لا يعلمون} [القصص: 57]، يعني: جماعتهم لا يعلمون، يعني: من لا يؤمن منهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/602]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أولم نمكّن لّهم حرماً آمناً...}

قالت قريش: يا محمد , ما يمنعنا أن نؤمن بك ونصدّقك إلاّ أن العرب على ديننا، فنخاف أن نصطلم إذا آمنّا بك, فأنزل الله {أولم نمكّن لّهم} : نسكنهم {حرماً آمناً}, لا يخاف من دخله أن يقام عليه حدّ ولا قصاص , فكيف يخافون أن تستحلّ العرب قتالهم فيه؟!.
وقوله: {يجبى إليه ثمرات كلّ شيءٍ} و{تجبى}:ذكّرت يجبى، وإن كانت الثمرات مؤنثة ؛ لأنك فرقت بينهما بإليه، كما قال الشاعر:
إنّ امرءًا غرّه منكنّ واحدةٌ = بعدي وبعدك في الدنيا لمغرور
وقال آخر:
لقد ولد الأخيطل أمّ سوء = على قمع استها صلب وشام).
[معاني القرآن: 2/308]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( { يجبى إليه ثمرات كلّ شيءٍ }: مجازه يجمع كما يجئ الماء في الجابية , فيجمع للواردة.). [مجاز القرآن: 2/108]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أولم نمكّن لهم حرماً آمناً} : أي : ألم نسكنهم إيّاه ونجعله مكانا لهم؟!). [تفسير غريب القرآن: 333]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وقالوا إن نتّبع الهدى معك نتخطّف من أرضنا أولم نمكّن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كلّ شيء رزقا من لدنّا ولكنّ أكثرهم لا يعلمون}
كانوا قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : إنا نعلم أن ما أتيت به حق، ولكنا نكره إن آمنّا بك أن نقصد , ونتخطّف من أرضنا , فأعلمهم الله أنه قد تفضّل عليهم بأن آمنهم بمكة، فأعلمهم أن قد آمنهم بحرمة البيت، ومنع منهم العدو, أي : فلو آمنوا , لكان أولى بالتمكن, والأمن ,والسّلامة.). [معاني القرآن: 4/149-150]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا}
قال الضحاك : هذا قول المشركين الذين بمكة .
وقال غيره : قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : نحن نعلم أن ما جئت به حق , ولكنا نكره أن نتبعك , فتُقْصَدَ، ونتخطف لمخالفتنا الناس .
قال الله جل وعز: {أو لم نمكن لهم حرما آمنا}
أي : قد كانوا آمنين قبل الإسلام, فلو أسلموا, لكانوا أوكد .
قال قتادة : كان أهل الحرم آمنين , يخرج أحدهم , فإذا عرض له , قال: أنا من أهل الحرم , فيترك , وغيرهم يقتل ويسلب .
قال مجاهد , عن ابن عباس: {يجبى إليه ثمرات كل شيء} : أي : ثمرات الأرضين.). [معاني القرآن: 5/189-190]

تفسير قوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ (58)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وكم أهلكنا من قريةٍ بطرت معيشتها} [القصص: 58] كقوله: {فكفرت بأنعم اللّه} [النحل: 112].
قال: فأهلكتهم: يعني: من أهلك من القرون الأولى.
{فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنّا نحن الوارثين} [القصص: 58] كقوله: {إنّا نحن نرث الأرض ومن عليها} [مريم: 40] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/603]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وكم أهلكنا من قريةٍ بطرت معيشتها...}

بطرتها: كفرتها, وخسرتها , ونصبك المعيشة من جهة قوله: {إلاّ من سفه نفسه}, إنما المعنى والله أعلم : أبطرتها معيشتها؛ كما تقول: أبطرك مالك ,وبطرته، وأسفهك رأيك, فسفهته. فذكرت المعيشة ؛ لأن الفعل كان لها في الأصل، فحوّل إلى ما أضيفت إليه, وكأنّ نصبه كنصب قوله: {فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً} : ألا ترى أن الطيب كان للنفس , فلمّا حوّلته إلى صاحب النفس , خرجت النفس منصوبة لتفسّر معنى الطيب.
وكذلك {ضقنا به ذرعاً} : إنما كان المعنى: ضاق به ذرعنا.
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لم تسكن مّن بعدهم إلاّ قليلاً}, معناه: خربت من بعدهم فلم يعمر منها إلاّ القليل، وسائرها خراب, وأنت ترى اللفظ كأنها سكنت قليلاً , ثم تركت، والمعنى على ما أنبأتك به , مثله: ما أعطيتك دراهمك إلاّ قليلاً، إنما تريد: إلاّ قليلاً منها.). [معاني القرآن: 2/309]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {بطرت معيشتها} , مجازها : أنها أشرت, وطغت, وبغت.). [مجاز القرآن: 2/108]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {بطرت معيشتها}: أي: أشرت, وكأن المعنى: أبطرتها معيشتها كما تقول: أبطرك مالك، فبطرت.). [تفسير غريب القرآن: 334]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها}
{معيشتها}: منصوبة بإسقاط في , وعمل الفعل.
وتأويله: بطرت في معيشتها , والبطر الطغيان بالنعمة.). [معاني القرآن: 4/150]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها}
البطر : الطغيان بالنعمة
قال أبو إسحاق : المعنى : بطرت في معيشتها .
قال الفراء : أبطرتها معيشتها .
ثم قال جل وعز: {فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا}
قال الفراء : والمعنى : أنها خربت فلم يسكن منها إلا القليل , والباقي خراب.). [معاني القرآن: 5/190]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بَطِرَتْ}: أي: أشرت , وطغت. والبطر: الأشر, وقيل: البطر: الاستعانة بنعم الله على معاصيه.
وأكثر المفسرين يقول: الأشر: البطر, والأشر: المرح.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 182]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ (59)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: قال: {وما كان ربّك مهلك القرى} [القصص: 59]، يعني: معذّب القرى، يعني: هذه الأمّة.
{حتّى يبعث في أمّها} [القصص: 59]، يعني: مكّة.
{رسولا يتلو عليهم آياتنا وما كنّا مهلكي القرى} [القصص: 59] تفسير السّدّيّ: يعني: لم يكن يهلك، يعني: يعذّب القرى.
{إلا وأهلها ظالمون} [القصص: 59] مشركون، وأمّها مكّة، وهي أمّ القرى، والرّسول محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم، وقال في آيةٍ أخرى مدنيّةٍ في النّحل بعد هذه الآية: {وضرب اللّه مثلا قريةً كانت آمنةً مطمئنّةً يأتيها رزقها رغدًا} [النحل: 112] والرّغد لا يحاسبها أحدٌ بما رزقها اللّه، قال: {من كلّ مكانٍ فكفرت بأنعم اللّه} [النحل: 112]، يعني: كفر أهلها، وهي مكّيّةٌ{فأذاقها اللّه لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون {112} ولقد جاءهم رسولٌ منهم} [النحل: 112-113] محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم{فكذّبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون} [النحل: 113] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/603]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {حتّى يبعث في أمّها...}

أمّ القرى : مكة, وإنما سمّيت أمّ القرى ؛ لأن الأرض - فيما ذكروا- دحيت من تحتها.). [معاني القرآن: 2/309]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وما كان ربّك مهلك القرى حتّى يبعث في أمّها رسولاً }: أم القرى : مكة , وأم الأرضين في قول العرب , وفي آية أخرى: {لتنذر أمّ القرى ومن حولها } ). [مجاز القرآن: 2/108]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {يبعث في أمها رسولا}: يعني أم القرى وهي مكة). [غريب القرآن وتفسيره: 293]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {في أمّها رسولًا} : أي : في أعظمها.
{ثمّ هو يوم القيامة من المحضرين}: أي: محضري النار.). [تفسير غريب القرآن: 334]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وما كان ربّك مهلك القرى حتّى يبعث في أمّها رسولا يتلو عليهم آياتنا وما كنّا مهلكي القرى إلّا وأهلها ظالمون}
يعني بأمّها : مكة، ولم يكن ليهلكها إلا بظلم أهلها.). [معاني القرآن: 4/150]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا}
أي : في أعظمها , وأم القرى : مكة.). [معاني القرآن: 5/191]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {في أُمِّهَا}: مكة). [العمدة في غريب القرآن: 235]

تفسير قوله تعالى:{وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ (60)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وما أوتيتم من شيءٍ فمتاع الحياة الدّنيا وزينتها وما عند اللّه خيرٌ وأبقى} [القصص: 60] الجنّة.
{أفلا تعقلون} [القصص: 60] يقوله للمشركين). [تفسير القرآن العظيم: 2/603]

تفسير قوله تعالى:{أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (61) }

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (ثمّ قال على الاستفهام: {أفمن وعدناه وعدًا حسنًا} [القصص: 61]، يعني: الجنّة.
وهو تفسير السّدّيّ.
قال: {فهو لاقيه} [القصص: 61] داخلٌ الجنّة.
{كمن متّعناه متاع الحياة الدّنيا ثمّ هو يوم القيامة من المحضرين} [القصص: 61] في النّار، أي: أنّهما لا يستويان، لا يستوي من يدخل الجنّة ومن يدخل النّار، وبعضهم يقول: نزلت في النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وفي أبي جهل بن هشامٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/604]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {من المحضرين}: أي من المشهدين.).
[مجاز القرآن: 2/109]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {الّذين حقّ عليهم القول}، أي : وجبت عليهم الحجة , فوجب العذاب). [تفسير غريب القرآن: 334]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متّعناه متاع الحياة الدّنيا ثمّ هو يوم القيامة من المحضرين}
يعني : المؤمن والكافر، فالمؤمن من آمن باللّه ورسوله , وأطاعه , ووقف عند أمره , فلقيه جزاء ذلك، وهو الجنّة، والذي متّع متاع الحياة الدنيا كافر, لم يؤمن باللّه , ثم أحضر يوم القيامة العذاب , وذلك قوله عز وجل:{ثمّ هو يوم القيامة من المحضرين}
وجاء في التفسير : أن هذه الآية نزلت في محمد صلى الله عليه وسلم , وأبي جهل ابن هشام , فالنبي صلى الله عليه وسلم وعد وعداًَ حسناً, فهو لاقيه في الدنيا , بأنه نصر على عدوّه في الدنيا، وهو في الآخرة في أعلى المراتب من الجنة، وأبو جهل من المحضرين). [معاني القرآن: 4/150]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا}
يعني به : المؤمن , والكافر.
وقيل : نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم , وأبي جهل .
وقوله تعالى: {ثم هو يوم القيامة من المحضرين}
قال مجاهد: أي: أهل النار أحضروا.). [معاني القرآن: 5/191]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {من الْمُحْضَرِينَ}: أي : من محضري النار). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 182]

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (62) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ويوم يناديهم} [القصص: 62] في الآخرة، يعني: المشركين.
{فيقول أين شركائي الّذين كنتم تزعمون} [القصص: 62] في الدّنيا أنّهم شركائي، فأشركتموهم في عبادتي). [تفسير القرآن العظيم: 2/604]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {ويوم يناديهم}: مجازه: يوم يقول لهم).
[مجاز القرآن: 2/109]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الّذين كنتم تزعمون}
أي : يوم ينادي الإنس, وسماهم {شركائي} على حكاية قولهم.
المعنى : أين شركائي في قولكم، واللّه واحد لا شريك له.). [معاني القرآن: 4/151]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ويوم يناديهم فيقول أين شركائي}
أي : ويوم ينادي الله الإنس : أين شركائي ؟! أي : على قولكم.). [معاني القرآن: 5/192]

تفسير قوله تعالى:{قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ (63)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قال الّذين حقّ عليهم القول} [القصص: 63] الغضب، يعني: الشّياطين الّذين دعوهم إلى عبادة الأوثان.
{ربّنا هؤلاء الّذين أغوينا} [القصص: 63] أضللنا.
{أغويناهم} [القصص: 63] أضللناهم.
{كما غوينا} [القصص: 63] كما ضللنا.
{تبرّأنا إليك ما كانوا إيّانا يعبدون} [القصص: 63]، يعني: يطيعون في الشّرك، تفسير السّدّيّ.
قال يحيى: أي: ما كانوا إيّانا يعبدون بسلطانٍ كان لنا عليهم استكرهناهم به، وإنّما دعوهم بالوسوسة كقول إبليس: {وما كان لي عليكم من سلطانٍ إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي} [إبراهيم: 22] وكقولهم: {وما كان لنا عليكم من سلطانٍ} [الصافات: 30]، وكقول اللّه: {وما كان له عليهم من سلطانٍ} [سبأ: 21] إلى آخر الآية، وكقوله: {ما أنتم عليه
[تفسير القرآن العظيم: 2/604]
بفاتنين} [الصافات: 162] بمضلّين {إلا من هو صال الجحيم} [الصافات: 163] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/605]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {الّذين حقّ عليهم القول}: مجازه: وجب عليهم العقاب.

{إيّانا يعبدون}: مجازه: مجاز إياك نعبد ؛ لأنه بدأ بالكناية قبل الفعل.). [مجاز القرآن: 2/109]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قال الّذين حقّ عليهم القول ربّنا هؤلاء الّذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرّأنا إليك ما كانوا إيّانا يعبدون}
وقال: {أغويناهم كما غوينا} , لأنه من "غوى" "يغوي" , مثل : "رمى" "يرمي"). [معاني القرآن: 3/24]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال الّذين حقّ عليهم القول ربّنا هؤلاء الّذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرّأنا إليك ما كانوا إيّانا يعبدون}: الجنّ، والشياطين.
{هؤلاء الّذين أغوينا أغويناهم كما غوينا}:يعنون الإنس، أي: سولنا لهم الغيّ والضلال.
{أغويناهم كما غوينا}: أي: أضللناهم كما ضللنا.
وقوله عزّ وجلّ: {تبرّأنا إليك}: برئ بعضهم من بعض، وصاروا أعداء، كما قال الله عزّ وجلّ: {الأخلّاء يومئذ بعضهم لبعض عدوّ إلّا المتّقين}). [معاني القرآن: 4/151]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا}
قال قتادة :{حق عليهم القول}, يعني : الشياطين .
وقال غيره : {حق عليهم القول}, أي : وجبت عليهم الحجة , فعذبوا .
{ربنا هؤلاء الذين أغوينا}: أي : دعوناهم إلى الغي .
{أغويناهم كما غوينا} : أي: أضللناهم كما ضللنا .
{تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون }: فبرئ بعضهم من بعض , وعاداه , كما قال تعالى: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين}). [معاني القرآن: 5/193]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {حَقَّ}: وجب). [العمدة في غريب القرآن: 235]

تفسير قوله تعالى: {وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ (64)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وقيل ادعوا شركاءكم} [القصص: 64]، يعني: الأوثان.
{فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب} [القصص: 64]، أي: ودخلوا العذاب.
{لو أنّهم كانوا يهتدون} [القصص: 64]، أي: لو أنّهم كانوا مهتدين في الدّنيا ما دخلوا العذاب.
وبعضهم يقول: لو كانوا مهتدين في الدّنيا كما أبصروا الهدى في الآخرة ما دخلوا العذاب، وإيمانهم في الآخرة لا يقبل منهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/605]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب لو أنّهم كانوا يهتدون}

{فدعوهم فلم يستجيبوا لهم}:أي : لم يجيبوهم بحجة.
{ورأوا العذاب لو أنّهم كانوا يهتدون}: جواب " لو " محذوف - واللّه أعلم - , المعنى : لو كانوا يهتدون لما اتبعوهم , ولا رأوا العذاب.). [معاني القرآن: 4/150]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون}
أي: دعوهم , فلم يجيبوهم بحجة .
{ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون }: جواب لو محذوف , أي : لو أنهم كانوا يهتدون ما دعوهم ). [معاني القرآن: 5/193]

تفسير قوله تعالى: (وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (65) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ويوم يناديهم} [القصص: 65]، يعني: المشركين.
{فيقول ماذا أجبتم المرسلين} [القصص: 65] يستفهمهم يحتجّ عليهم وهو أعلم بذلك، ولا يسأل العباد عن أعمالهم إلا اللّه وحده). [تفسير القرآن العظيم: 2/605]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
(ومنه أن يأتي الكلام على مذهب الاستفهام وهو تقرير كقوله سبحانه: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ}، {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى}، و{مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ}، {قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ}).

[تأويل مشكل القرآن: 279] (م)

تفسير قوله تعالى: {فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ (66) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فعميت عليهم الأنباء} [القصص: 66] تفسير مجاهدٍ: الحجج.
{يومئذٍ فهم لا يتساءلون} [القصص: 66] أن يحمل بعضهم عن بعضٍ من ذنوبهم شيئًا في تفسير الحسن.
وقال مجاهدٌ: لا يتساءلون بالأنساب.
وفي تفسير الحسن أيضًا أنّه لا يسأل القريب أن يحمل من ذنوبه شيئًا.
كقوله: {وإن تدع مثقلةٌ إلى حملها لا يحمل منه شيءٌ ولو كان ذا قربى} [فاطر: 18] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/605]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فهم لا يتساءلون...}

يقول القائل: قال الله {وأقبل بعضهم على بعضٍ يتساءلون}, كيف قال هنا: {فهم لا يتساءلون}, فإن التفسير يقول: عميت عليهم الحجج يومئذ , فسكتوا,
فذلك قوله: {فهم لا يتساءلون} : في تلك السّاعة، وهم لا يتكلّمون). [معاني القرآن: 2/309]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فعميت عليهم الأنباء }: مجازه: فخفيت عليهم الأخبار، يقال: عمي على خير القوم.). [مجاز القرآن: 2/109]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فعميت عليهم الأنباء} : أي ": عموا عنها - من شدة الهول يومئذ - ", فلم يجيبوا, و«الأنباء»: الحجج هاهنا).
[تفسير غريب القرآن: 334]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فعميت عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون}
روى ابن أبي نجيح , عن مجاهد قال: {الأنباء}: الحجج , {فهم لا يتساءلون}, قال: بالأنساب ). [معاني القرآن: 5/193-194]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( و{الْأَنبَاء}: الحجج , وفي غير هذا الموضع: الأخبار ). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 182]

تفسير قوله تعالى:{فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (67) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فأمّا من تاب} [القصص: 67] من شركه.
{وآمن} [القصص: 67] وأخلص الإيمان للّه.
{وعمل صالحًا} [القصص: 67] في إيمانه.
{فعسى أن يكون من المفلحين} [القصص: 67] وعسى من اللّه واجبةٌ، والمفلحون الشّهداء وهم أهل الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 2/605]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فعسى أن يكون من المفلحين...}

وكلّ شيء في القرآن من {عسى}, فذكر لنا أنها واجبة). [معاني القرآن: 2/309]

تفسير قوله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (68)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وربّك يخلق ما يشاء ويختار} [القصص: 68] من خلقه للنّبوّة.
{ما كان لهم الخيرة} [القصص: 68] أن يختاروا هم الأنبياء فيبعثونهم، بل اللّه الّذي اختار وهو أعلم حيث يجعل رسالاته.
{سبحان اللّه} [القصص: 68] ينزّه نفسه.
{وتعالى} [القصص: 68] ارتفع.
{عمّا يشركون} [القصص: 68] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/606]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ما كان لهم الخيرة...}

يقال : الخيرة , والخيرة , والطّيرة , والطّيرة, والعرب تقول: أعطني الخيرة منهن , والخيرة , وكلّ ذلك الشيء المختار من رجل , أو امرأة , أو بهيمة، يصلح إحدى هؤلاء الثلاث فيه ). [معاني القرآن: 2/309]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وتعالى عمّا يشركون }: مجازه: من الذين يشركون به ). [مجاز القرآن: 2/109]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وربّك يخلق ما يشاء ويختار}: أي : يختار للرسالة,{ما كان لهم الخيرة}: أي : لا يرسل اللّه الرسل على اختيارهم ).
[تفسير غريب القرآن: 334]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وربّك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان اللّه وتعالى عمّا يشركون}
أجود الوقوف على {ويختار}, وتكون " ما " نفياً.
المعنى : ربك يخلق ما يشاء، وربك يختار , ليس لهم الخيرة.
{وما كانت لهم الخيرة}:أي: ليس لهم أن يختاروا على اللّه، هذا وجه.
ويجوز أن يكون (ما) في معنى الذي , فيكون المعنى : ويختار الذي كان لهم فيه الخيرة.
ويكون معنى الاختيار ههنا : ما يتعبدهم به، أي: ويختار لهم فيما يدعوهم إليه من عبادته ما لهم فيه الخيرة، والقول الأول أجود , أي: أن تكون (ما) نفياً.
وقوله: {سبحان اللّه وتعالى عمّا يشركون}: معنى : سبحان الله : تنزيه له من السوء, كذا هو في اللغة , وكذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم). [معاني القرآن: 4/151-152]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وربك يخلق ما يشاء ويختار} : هذا التمام , أي: ويختار الرسل .
{ما كان لهم الخيرة}: أي: ليس برسل من اختاروه هم.). [معاني القرآن: 5/194]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ}: أي : لا يختص أحدٌ برحمته , ولا برسالته على اختيار، ولكن الله يختار.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 182]

تفسير قوله تعالى: {وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (69) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وربّك يعلم ما تكنّ صدورهم} [القصص: 69] ما تخفي صدورهم، ما يسرّون.
{وما يعلنون} [القصص: 69] العلانية). [تفسير القرآن العظيم: 2/606]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
({ تكنّ صدورهم }: أي تخفى، ويقال: أكننت ذلك في صدري، وكننت الشيء بغير ألف: صنته).
[مجاز القرآن: 2/109]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {تكن صدورهم}: تخفي). [غريب القرآن وتفسيره: 293]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {تُكِنُّ}: تخفي). [العمدة في غريب القرآن: 235]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآَخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (70)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وهو اللّه لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة} [القصص: 70] في الدّنيا والآخرة.
{وله الحكم} [القصص: 70] القضاء.
{وإليه ترجعون} [القصص: 70] يوم القيامة). [تفسير القرآن العظيم: 2/606]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ (71)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {قل أرأيتم إن جعل اللّه عليكم اللّيل سرمدًا} [القصص: 71] قال مجاهدٌ: أي: دائمًا لا ينقطع.
{إلى يوم القيامة من إلهٌ غير اللّه يأتيكم بضياءٍ} [القصص: 71] وهذا على الاستفهام.
{يأتيكم بضياءٍ} [القصص: 71] بنهارٍ.
{أفلا تسمعون} [القصص: 71] أمره أن يقوله للمشركين). [تفسير القرآن العظيم: 2/606]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {إن جعل اللّه عليكم اللّيل سرمداً...}: دائماً لا نهار معه, ويقولون: تركته سرمداً سمداً، إتباع.). [معاني القرآن: 2/309]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إن جعل اللّه عليكم اللّيل سرمداً}: جازه: دائماً لا نهار فيه، وكل شيء لا ينقطع من عيش , أو رخاء , أو غم , وبلاءٍ دائم, فهو سرمد.). [مجاز القرآن: 2/109]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({سرمدا}: دائما. وكل شيء لا ينقطع من عيش أو غم أو غير ذلك فهو سرمد). [غريب القرآن وتفسيره: 293]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {السرمد}: الدائم). [تفسير غريب القرآن: 334]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: {قل أرأيتم إن جعل اللّه عليكم اللّيل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير اللّه يأتيكم بضياء أفلا تسمعون}: السّرمد في اللغة : الدائم.
وقوله: {من إله غير اللّه يأتيكم بضياء}: أي: بنهار تبصرون فيه , وتتصرفون في معايشكم، وتصلح فيه ثماركم ومنابتكم ؛ لأن اللّه عزّ وجلّ جعل الصلاح للخلق بالليل مع النهار، فلو كان واحد منهما دون الآخر لهلك الخلق، وكذلك قوله في النهار: {قل أرأيتم إن جعل اللّه عليكم النّهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير اللّه يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون}: أعلمهم أن الليل والنهار رحمة فقال:
{ومن رحمته جعل لكم اللّيل والنّهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلّكم تشكرون}
المعنى : جعل لكم الزمان ليلا ونهارا، لتسكنوا بالليل , وتبتغوا من فضل الله بالنهار, وجائز أن تسكنوا فيهما، وأن تبتغوا من فضل اللّه فيهما.
فيكون المعنى : جعل لكم الزمان ليلاًونهارا ً, لتسكنوا فيه , ولتبتغوا من فضله.). [معاني القرآن: 4/152-153]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {سرمداً}: أي: دائماً). [ياقوتة الصراط: 400]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {سَرْمَدًا}: دائماً). [العمدة في غريب القرآن: 235]

تفسير قوله تعالى:{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (72) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قل أرأيتم إن جعل اللّه عليكم النّهار سرمدًا} [القصص: 72]، أي: دائمًا لا ينقطع.
{إلى يوم القيامة من إلهٌ غير اللّه يأتيكم بليلٍ تسكنون فيه} [القصص: 72] كقوله: {وجعل اللّيل سكنًا} [الأنعام: 96] يسكن فيه الخلق.
{أفلا تبصرون} [القصص: 72] أمره أن يقوله للمشركين). [تفسير القرآن العظيم: 2/607]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {جعل لكم اللّيل والنّهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله...}

إن شئت جعلت الهاء راجعةً على الليل خاصّة , وأضمرت للابتغاء هاء أخرى تكون للنهار، فذلك جائز, وإن شئت جعلت الليل والنهار كالفعلين ؛ لأنهما ظلمة وضوء، فرجعت الهاء في (فيه) عليهما جميعاً، كما تقول: إقبالك وإدبارك يؤذيني؛ لأنهما فعل , والفعل يردّ كثيره وتثنيته إلى التوحيد، فيكون ذلك صواب.). [معاني القرآن: 2/309-310]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: {قل أرأيتم إن جعل اللّه عليكم اللّيل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير اللّه يأتيكم بضياء أفلا تسمعون}: السّرمد في اللغة : الدائم.
وقوله: {من إله غير اللّه يأتيكم بضياء}: أي: بنهار تبصرون فيه , وتتصرفون في معايشكم، وتصلح فيه ثماركم ومنابتكم ؛ لأن اللّه عزّ وجلّ جعل الصلاح للخلق بالليل مع النهار، فلو كان واحد منهما دون الآخر لهلك الخلق، وكذلك قوله في النهار: {قل أرأيتم إن جعل اللّه عليكم النّهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير اللّه يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون}: أعلمهم أن الليل والنهار رحمة فقال:
{ومن رحمته جعل لكم اللّيل والنّهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلّكم تشكرون}
المعنى : جعل لكم الزمان ليلا ونهارا، لتسكنوا بالليل , وتبتغوا من فضل الله بالنهار, وجائز أن تسكنوا فيهما، وأن تبتغوا من فضل اللّه فيهما.
فيكون المعنى : جعل لكم الزمان ليلاًونهارا ً, لتسكنوا فيه , ولتبتغوا من فضله.). [معاني القرآن: 4/152-153] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة}
قال مجاهد : {سرمداً}: أي: دائماً.
{من إله غير الله يأتيكم بضياء }:أي : بنهار تتعيشون فيه , ويصلح ثماركم ,وزرعكم.). [معاني القرآن: 5/194]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (73)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ومن رحمته جعل لكم اللّيل والنّهار لتسكنوا فيه} [القصص: 73] في اللّيل.
{ولتبتغوا من فضله} [القصص: 73] بالنّهار، وهذا رحمةٌ من اللّه للمؤمن والكافر.
فأمّا المؤمن فتتمّ عليه رحمة اللّه في الآخرة، وأمّا الكافر فهي رحمةٌ له في الدّنيا وليس له في الآخرة نصيبٌ.
قال: {ولعلّكم تشكرون} [القصص: 73] ولكي تشكروا). [تفسير القرآن العظيم: 2/607]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( { ومن رحمته جعل لكم اللّيل والنّهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضه}: مجازه: لتسكنوا في الليل , ولتبتغوا في النهار من فضل الله).
[مجاز القرآن: 2/110]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: {قل أرأيتم إن جعل اللّه عليكم اللّيل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير اللّه يأتيكم بضياء أفلا تسمعون}:
السّرمد في اللغة : الدائم.
وقوله: {من إله غير اللّه يأتيكم بضياء}: أي: بنهار تبصرون فيه , وتتصرفون في معايشكم، وتصلح فيه ثماركم ومنابتكم ؛ لأن اللّه عزّ وجلّ جعل الصلاح للخلق بالليل مع النهار، فلو كان واحد منهما دون الآخر لهلك الخلق، وكذلك قوله في النهار: {قل أرأيتم إن جعل اللّه عليكم النّهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير اللّه يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون}: أعلمهم أن الليل والنهار رحمة فقال:{ومن رحمته جعل لكم اللّيل والنّهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلّكم تشكرون}المعنى :
جعل لكم الزمان ليلا ونهارا، لتسكنوا بالليل , وتبتغوا من فضل الله بالنهار, وجائز أن تسكنوا فيهما، وأن تبتغوا من فضل اللّه فيهما.
فيكون المعنى : جعل لكم الزمان ليلاًونهارا ً, لتسكنوا فيه , ولتبتغوا من فضله.). [معاني القرآن: 4/152-153] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله}
فيه قولان:
أحدهما: أن المعنى لتسكنوا في الليل , ولتبتغوا من فضله بالنهار .
والقول الآخر : أن يكون المعنى لتسكنوا فيهما , وقال فيه : لأن الليل والنهار ضياء وظلمة , كما تقول في المصادر : ذهابك , ومجيئك يؤذيني .
فيكون المعنى : جعل لكم الزمان, لتسكنوا فيه , ولتبتغوا من فضله .
والقول الأولى : أعرف في كلام العرب يأتون بالخبرين , ثم يجمعون تفسيرهما إذا كان السامع يعرف ذاك .
كما روى عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنه قال : ما أحسن الحسنات في إثر السيئات , وما أقبح السيئات في إثر الحسنات , وأحسن من ذا وأقبح من ذا السيئات في آثار السيئات , والحسنات في آثار الحسنات .
قال أبو جعفر: فجاء بالتفسير مجملاً, وهذا فصيح كثير.). [معاني القرآن: 5/195-196]

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (74)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الّذين كنتم تزعمون} [القصص: 74] وهي مثل الأولى). [تفسير القرآن العظيم: 2/607]

تفسير قوله تعالى: {وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (75)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ونزعنا من كلّ أمّةٍ شهيدًا} [القصص: 75] تفسير مجاهدٍ: رسولا، جئنا برسولهم.
كقوله: {فكيف إذا جئنا من كلّ أمّةٍ بشهيدٍ وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا} [النساء: 41] وكقوله: {يوم ندعو كلّ أناسٍ بإمامهم} [الإسراء: 71] بنبيّهم.
وقال بعضهم: بكتابهم.
قال: {فقلنا هاتوا برهانكم} [القصص: 75] حجتكم في تفسير الحسن بأنّ اللّه أمركم بما كنتم عليه من الشّرك.
[تفسير القرآن العظيم: 2/607]
وقال قتادة: {هاتوا برهانكم} [القصص: 75] هاتوا بيّنتكم.
قال: {فعلموا} [القصص: 75] يومئذٍ.
{أنّ الحقّ للّه} [القصص: 75]، يعني: التّوحيد وهو تفسير السّدّيّ.
{وضلّ عنهم ما كانوا يفترون} [القصص: 75] أوثانهم الّتي كانوا يعبدونها). [تفسير القرآن العظيم: 2/608]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( { ونزعنا من كلّ أمّةٍ شهيداً }: مجازه: وأحضرنا من كل أمة، لها موضعان أحدهما: من كل أمةٍ نبيٍ، والآخر: من كل قرن وجماعة، وشهيد في موضع شاهد بمنزلة عليم في موضع عالم، ويقال: نزع فلان بحجته , أي : أخرجها , وأحضرها.).
[مجاز القرآن: 2/110]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {ونزعنا من كل أمة شهيدا}: أحضرنا، وفلان ينزع بحجته). [غريب القرآن وتفسيره: 293]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ونزعنا من كلّ أمّةٍ شهيداً}: أي: أحضرنا رسولهم المبعوث إليهم.). [تفسير غريب القرآن: 334]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (... وقال عز وجل: {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} أي خلق العجل من الإنسان، يعني العجلة. كذلك قال أبو عبيدة.
ومن المقلوب ما قلب على الغلط كقول خِدَاش بن زهير:
وتركبُ خيلٌ لا هوادَة بينها = وتعصِى الرِّمَاح بالضَّيَاطِرَةِ الحُمْرِ
أي: (تعصي الضياطرة بالرّماح) وهذا ما لا يقع فيه التّأويل، لأن الرماح لا تعصى بالضّياطرة وإنما يعصى الرجال بها، أي يطعنون.
ومنه قول الآخر:
أسلَمْتُه في دمشقَ كما = أسلمَتْ وحشيَّةٌ وَهَقَا

أراد: (كما أسلم وحشية وهق) فقلب على الغلط.
وقال آخر:
كانت فريضةَ ما تقول كَمَا = كان الزِّنَاءُ فريضةُ الرَّجْمِ
أراد (كما كان الرجم فريضة الزنى).
وكان بعض أصحاب اللغة يذهب في قول الله تعالى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً} إلى مثل هذا في القلب، ويقول: وقع التشبيه بالراعي في ظاهر الكلام، والمعنى للمنعوق به وهو الغنم. وكذلك قوله سبحانه: {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ} أي: تنهض بها وهي مثقلة.
وقال آخر في قوله سبحانه: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} أي: وإن حبّه للخير لشديد.
وفي قوله سبحانه: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} أي: اجعل المتّقين لنا إماما في الخير.
وهذا ما لا يجوز لأحد أن يحكم به على كتاب الله عزّ وجلّ لو لم يجد له مذهبا، لأنّ الشعراء تقلب اللفظ، وتزيل الكلام على الغلط، أو على طريق الضرورة للقافية، أو لاستقامة وزن البيت.
فمن ذلك قول لبيد:
نحن بنو أمّ البنين الأربعة
قال ابن الكلبي: هم خمسة، فجعلهم للقافية أربعة.
وقال آخر يصف إبلا:
صبَّحن من كاظمة الخصَّ الخَرِب = يحملْنَ عَبَّاسَ بنَ عبدَ المطَّلِب
أراد: (عبد الله بن عباس) فذكر أباه مكانه.
وقال الصّلتان:
أرى الخطفيَّ بذَّ الفرزدقَ شعرُه = ولكنَّ خيرًا مُن كُليب مُجَاشع
أراد: «أرى جريراً بذَّ الفرزدق شعره» فلم يمكنه فذكر جدّه.
وقال ذو الرّمة:
عشيَّةَ فرَّ الحارثيُّون بعدَما = قضى نَحْبَه في ملتقى القوم هَوْبُرُ
قال ابن الكلبي: هو (يزيد بن هوبر) فاضطرّ.
وقال (أوس):
فهل لكم فيها إليَّ فإنّني = طبيب بما أعيا النِّطاسيَّ حِذْيَمَا
أراد: (ابن حذيم) وهو طبيب كان في الجاهلية وقال ابن ميّادة وذكر بعيرا:
كأنَّ حيثُ تلتقي منه المُحُلْ = من جانبيه وَعِلَينِ وَوَعِل
أراد: وَعِلَينِ من كل جانب، فلم يمكنه فقال: وَوَعِل.
وقال أبو النجم:
ظلَّت وَوِرْدٌ صادقٌ مِن بالِها = وظلَّ يوفِي الأُكُمَ ابنُ خالِها
أراد فحلها؛ فجعله ابن خالها.
وقال آخر:
مثل النصارى قتلوا المسيح
أراد: اليهود.
وقال آخر:
ومحور أخلص من ماء اليَلَب
واليلب: سيور تجعل تحت البيض، فتوهّمه حديدا.
وقال رؤبة:
أو فضّة أو ذهب كبريتُ
وقال أبو النجم:
كلمعة البرق ببرق خلَّبُه
أراد: بخلّب برقه، فقلب.
وقال آخر:
إنَّ الكريم وأبيك يعتَمِلْ = إن لم يجد يوماً على مَن يَتَّكِلْ
أراد: إن لم يجد يوما من يتكل عليه.
في أشباه لهذا كثيرة يطول باستقصائها الكتاب.
والله تعالى لا يغلطُ ولا يضطرُّ، وإنما أراد: ومثل الذين كفروا ومثلنا في وعظهم كمثل الناعق بما لا يسمع، فاقتصر على قوله: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا}، وحذف ومثلنا،
لأنّ الكلام يدل عليه. ومثل هذا كثير في الاختصار.
وقال الفراء: أراد: ومثل واعظ الذين كفروا، فحذف، كما قال: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا}، أي: أهلها.
وأراد بقوله: {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ}، أي: تميلها من ثقلها.
[تأويل مشكل القرآن: 203-197]
قال الفراء أنشدني بعض العرب:
حتى إذا ما الْتَأَمَتْ مفاصِلُه = وَنَاءَ فِي شِقِّ الشِّمَالِ كَاهِلُه
يريد: أنه لما أخذ القوس ونزع، مال عليها.
قال: ونرى قولهم: (ما سَاءك ونَاءَك)، من هذا.
وكان الأصل (أناءك) فألقي الألف لما اتبعه (ساءك) كما قالوا: (هَنَّأَنِي وَمَرَّأَنِي)، فاتبع مرأني هنأني. ولو أفرد لقال: أمرأني.
وأراد بقوله: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ}، أي: وإنه لحبّ المال لبخيل، والشدة: البخل هاهنا، يقال: رجل شديد ومتشدّد.[تأويل مشكل القرآن: 204]
وقوله سبحانه: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}، يريد: اجعلنا أئمة في الخير يقتدي بنا المؤمنون، كما قال في موضع آخر: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا}، أي: قادة، كذلك قال المفسّرون.
وروي عن بعض خيار السلف: أنه كان يدعو الله أن يحتمل عنه الحديث، فحمل عنه.
وقال بعض المفسرين في قوله:{وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}أي: اجعلنا نقتدي بمن قبلنا حتى يقتدي بنا من بعدنا. فهم على هذا التأويل متّبعون ومتّبعون).
[تأويل مشكل القرآن: 205] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ونزعنا من كلّ أمّة شهيدا فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا أنّ الحقّ للّه وضلّ عنهم ما كانوا يفترون}
أي: نزعنا من كل أمّة نبيّا, أي: اخترنا منها نبيّا، وكلّ نبيّ شاهد على أمته.
وقوله: {فقلنا هاتوا برهانكم}: أي: هاتوا فيما اعتقدتم برهاناً، أي: بيانًا أنكم كنتم على حقّ.
{فعلموا أنّ الحقّ للّه} أي : فعلموا أنّ الحق توحيد اللّه، وما جاء به أنبياؤه.
وقوله: {وضلّ عنهم ما كانوا يفترون}:أي: لم ينتفعوا بكل ما عبدوه من دون اللّه، بل ضرّهم أعظم الضّرر). [معاني القرآن: 4/153]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ونزعنا من كل أمة شهيدا فقلنا هاتوا برهانكم}
قال مجاهد: شهيداً ، أي: نبياً.
{فقلنا هاتوا برهانكم }, قال :أي : حجتكم بما كنتم تقولون، وتعملون .
فعلموا أن الحق لله، أي : أن الله واحد، وأن الحق : ما جاءت به الأنبياء .
{وضل عنهم ما كانوا يفترون}: أي: لم ينتفعوا بما عبدوا من دون الله بل ضرهم). [معاني القرآن: 5/196-197]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا}: أي: أحضرنا رسولهم الذي بعث إليهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 182]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {وَنَزَعْنَا}: أحضرن). [العمدة في غريب القرآن: 235]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 10 ذو القعدة 1431هـ/17-10-2010م, 09:36 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [لآيات من 76 إلى آخر السورة]

{إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآَتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77) قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (78) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ (80) فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ (81) وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (82) تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83) مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (84) إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (85) وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ (86) وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آَيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (87) وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (88)}


تفسير قوله تعالى: {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآَتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِأُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {إنّ قارون كان من قوم موسى} [القصص: 76] كان ابن عمّه أخي أبيه.
{فبغى عليهم} [القصص: 76] وكان عاملا لفرعون فتعدّى عليهم وظلمهم.
قال: {وآتيناه} [القصص: 76]، يعني: قارون، أي: أعطيناه.
{من الكنوز} [القصص: 76]، أي: من الأموال.
{ما إنّ مفاتحه} [القصص: 76] قال بعضهم: خزائنه، يعني: أمواله.
وقال بعضهم: مفاتح خزائنه.
{لتنوء بالعصبة} [القصص: 76] لتثقل العصبة، الجماعة.
{أولي القوّة} [القصص: 76] من الرّجال.
وقال السّدّيّ: {أولي القوّة} [القصص: 76]، يعني: أولي الشّدّة، والعصبة، الجماعة.
وهم هاهنا أربعون رجلا.
قال: {إذ قال له قومه} [القصص: 76] قال له موسى والمؤمنون بنو إسرائيل.
{لا تفرح} [القصص: 76] لا تبطر.
{إنّ اللّه لا يحبّ الفرحين} [القصص: 76]
[تفسير القرآن العظيم: 2/608]
وقال السّدّيّ: {لا تفرح إنّ اللّه لا يحبّ الفرحين} [القصص: 76]، يعني: لا تبطر و{لا تفرح إنّ اللّه لا يحبّ الفرحين} [القصص: 76] المرحين البطرين المشركين، أي: الّذين يفرحون بالدّنيا لا يفرحون بالآخرة، لا يؤمنون بها، ولا يرجونها.
وقال في آيةٍ أخرى: {وفرحوا بالحياة الدّنيا} [الرعد: 26] وهم المشركون.
وقال ابن مجاهدٍ، عن أبيه: الأشرّين، البطرين الّذين لا يشكرون فيما أعطاهم وهو واحدٌ). [تفسير القرآن العظيم: 2/609]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {إنّ قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم...}

وكان ابن عمّه {فبغى عليهم}, وبغيه عليهم: أنه قال: إذا كانت النبوّة لموسى، وكان المذبح , والقربان الذي يقرّب في يد هارون فمالي؟.
وقوله: {وآتيناه من الكنوز ما إنّ مفاتحه لتنوء بالعصبة} : نوؤها بالعصبة , أن: تثقلهم، والعصبة ها هنا: أربعون رجلاً ومفاتحه: خزائنه, والمعنى: ما إن مفاتحه لتنيء العصبة , أي: تميلهم من ثقلها , فإذا أدخلت الباء قلت: تنوء بهم , وتنيء بهم، كما قال: {آتوني أفرغ عليه قطراً}, والمعنى: ائتونى بقطرٍ أفرغ عليه، فإذا حذفت الباء , زدت في الفعل ألفاً في أوّله, ومثله: {فأجاءها المخاض} : معناه: فجاء بها المخاض, وقد قال رجل من أهل العربية: إن المعنى: ما إن العصبة لتنوء بمفاتحه , فحوّل الفعل إلى المفاتح , كما قال الشاعر:

إن سراجاً لكريم مفخره = تحلى به العين إذا ما تجهره
وهو الذي يحلى بالعين,فإن كان سمع بهذا أثراً فهو وجه؛ وإلاّ فإنّ الرجل جهل المعنى, ولقد أنشدني بعض العرب:
حتى إذا ما التأمت مواصله = وناء في شقٍّ الثّمال كاهله
يعني الرامي لمّا أخذ القوس , ونزع مال على شقّه, فذلك نوؤه عليها.
ونرى أن قول العرب: ما ساءك وناءك من ذلك، ومعناه : ما ساءك وأناءك، إلا أنّه ألقى الألف؛ لأنه متبع لساءك، كما قالت العرب: أكلت طعاماً فهنأني ومرأني، ومعناه، إذا أفردت: وأمرأني، فحذفت منه الألف لمّا أن أتبع ما لا ألف فيه.
وقوله: {إذ قال له قومه لا تفرح} , ذكروا أن موسى الذي قال له ذلك؛ لأنه من قومه وإن كان على غير دينه. وجمعه ها هنا وهو واحد , كقول الله : {الّذين قال لهم الناس إنّ الناس قد جمعوا لكم}, وإنما كان رجلاً من أشجع .
وقوله: {الفرحين} , ولو قيل: الفارحين كان صواباً، كأنّ الفارحين: الذين يفرحون فيما يستقبلون، والفرحين الذين هم فيه السّاعة، مثل الطامع والطمع، والمائت والميّت، والسّالس والسّلس, أنشدني بعض بني دبير، وهم فصحاء بني أسدٍ:
ممكورةٌ غرثي الوشاح السّالس = تضحك عن ذي أشر عضارس
العضارس البارد , وهو مأخوذ من العضرس , وهو البرد, يقال: سالس وسلس ). [معاني القرآن: 2/311]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ما إنّ مفاتحه لتنوء بالعصبة أولى القوّة}: أي: مفاتح خزائته، ومجازه: ما إن العصبة ذوى القوة لتنوء بمفاتح نعمه ؛
ويقال في الكلام: إنها لتنوء بها عجيزتها، وإنما هي تنوء بعجيزتها كما ينوء البعير بحمله، , والعرب قد تفعل مثل هذا،
قال الشاعر:
فديت بنفسه نفسي ومالي= ولا ألوك إلّا ما أطيق
والمعنى فديت بنفسي وبمالي نفسه وقال:
وتركب خيلٌ لا هوادة بينها= وتشقى الرماح بالضّياطرة الحمر
الخيل: هاهنا الرجال، وإنما تشقى الضياطرة بالرماح، وقال أبو زبيد:والصّدر منه في عاملٍ مقصود
وإنما الرمح في الصدر، ويقال: أعرض الناقةً على الحوض , وإنما يعرض من الحوض على الناقة.
{لا تفرح}:أي : لا تأشر , ولا تمرح، قال هدبة:
ولست بمفراحٍ إذا الدهر سرّني= ولا جازعٍ من صرفه المتقلّب
وقال ابن أحمر:
ولا ينسيني الحدثان عرضي= ولا ألقى من الفرح إلازارا
أي: لا أبدي عورتي للناس.). [مجاز القرآن: 2/110-111]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({إنّ قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إنّ مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوّة إذ قال له قومه لا تفرح إنّ اللّه لا يحبّ الفرحين}
وقال: {ما إنّ مفاتحه لتنوء بالعصبة}: يريد: إنّ الذي مفاتحه. وهذا موضع لا يبتدئ فيه "أنّ" وقد قال: {قل إنّ الموت الّذي تفرّون منه فإنّه ملاقيكم} ,
وقوله: {تنوء بالعصبة} : إنّما العصبة تنوء بها.
وفي الشعر:
تنوء بها فتثقلها = عجيزتها............
وليست العجيزة تنوء بها , ولكنها هي تنوء بالعجيزة, وقال:
ما كنت في الحرب العوان مغمّراً = إذ شبّ حرّ وقودها أجزالها.).
[معاني القرآن: 3/24]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {لتنوء بالعصبة}: لتثقلهم وتميلهم، ويقال نؤت بالحمل وناء بي إذا أثقلني، ويقال ناء بي الحمل وأناء بي كقولك:
ذهبت ببصره وأذهبت به وأتيته وأتيت به. وقال بعضهم: معناه لتنوء العصبة به، إن العصبة لتنوء بمفاتحه وهذا هو الكلام المنكوس.
وقال الشاعر:
إن سراجا لكريم مفخره = تحلا به العين إذا ما تجهره
{لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين}: الأشرين البطرين). [غريب القرآن وتفسيره: 293]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({ما إنّ مفاتحه لتنوأ بالعصبة} : أي: تميل بها العصبة - إذا حملتها - من ثقلها, يقال: ناءت بالعصبة، أي: مالت بها, وأناءت العصبة: أمالتها, ونحوه في المعنى قوله: {ولا يؤده حفظهما} : أي : لا يثقله حتى يؤوده، أي : يميله, و«العصبة»: ما بين العشرة إلى الأربعين, وفي تفسير أبي صالح: {ما إنّ مفاتحه} يعني: الكنز نفسه» وقد تكون «المفاتح»: مكان الخزائن, قال في موضع آخر: {أو ما ملكتم مفاتحه} ، أي ما ملكتموه: من المخزون, وقال: {وعنده مفاتح الغيب} ،
نرى: أنها خزائنه.
{لا تفرح}: لا تأشر، ولا تبطر. قال الشاعر:
ولست بمفراح إذا الدهر سرّني = ولا جازع من صرفه المتحوّل
أي : لست بأشر, فأمّا السرور , فليس بمكروه). [تفسير غريب القرآن: 334-335]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والفرح: البطر والأشر، لأن ذلك عن إفراط السرور، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ}
وقال: {إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ} وقال: {ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ}.
وقد تبدل (الحاء) في هذا المعنى (هاء) فيقال: فره أي بطر، قال الله تعالى: {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ} أي: أشرين بطرين. و(الهاء) تبدل من (الحاء)
لقرب مخرجيهما، تقول: (مدحته) و(مدهته)، بمعنى واحد). [تأويل مشكل القرآن: 491]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {إنّ قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إنّ مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوّة إذ قال له قومه لا تفرح إنّ اللّه لا يحبّ الفرحين}
قارون : اسم أعجمي لا ينصرف، ولو كان فاعولا من العربيّة، من قرنت الشّيء لا يصرف فلذلك لم ينوّن.
وجاء في التفسير : أن قارون كان ابن عمّ موسى، وكان من العلماء بالتوراة, فبغى على موسى , وقصد إلى الإفساد عليه, وتكذيبه, وكان من طلبه للإفساد عليه : أن بغيّا كانت مشهورة في بني إسرائيل, فوجّه إليها قارون - وكان أيسر أهل زمانه - يأمرها أن تصير إليه، وهو في ملأ من أصحابه , لتتكذّب على موسى وتقول: إنه طلبني للفساد والرّيبة، وضمن لها قارون إن فعلت ذلك أن يخلطها بنسائه، وأن يعطيها على ذلك عطاء كبيراً، فجاءت المرأة - وقارون جالس مع أصحابه - ورزقها اللّه التوبة فقالت في نفسها : مالي مقام توبة مثل هذا، فأقبلت على أهل المجلس وقارون حاضر، فقالت لهم : إن قارون هذا وجّه إليّ يأمرني ويسألني أن أتكذّب على موسى، وأن أقول إنه أرادني للفساد، وإنّ قارون كاذب في ذلك، فلما سمع قارون كلامها تحيّر و أبلس, واتصل الخبر بموسى عليه السلام , فجعل اللّه أمر قارون إلى موسى , وأمر الأرض أن تطيعه فيه، فورد موسى على قارون، فأحس قارون بالبلاء، فقال: يا موسى ارحمني؟
فقال: يا أرض خذيه، فخسف به، وبداره إلى ركبتيه.
فقال: يا موسى ارحمني؟.
فقال: يا أرض خذيه، فخسف به إلى سرته.
ثم قال: يا أرض خذيه، فخسف به إلى عنقه، واسترحم موسى، فقال: يا أرض خذيه، فخسف به حتى ساخت الأرض به وبداره، قال الله عزّ وجلّ: {فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون اللّه وما كان من المنتصرين}
وقوله تعالى: {وآتيناه من الكنوز ما إنّ مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوّة}
روي في التفسير : أن مفاتحه كانت من جلود على مقدار الإصبع، وكانت تحمل على سبعين بغلاً أو ستين بغلًا، وجاء أيضا ً: أن مفاتحه
: خزائنه، وقيل : إن العصبة ههنا سبعون رجلاً، وقيل: أربعون، وقيل: ما بين الخمسة عشر إلى الأربعين، وقيل: ما بين الثلاث إلى العشرة.
والعصبة في اللغة : الجماعة الذين أمرهم واحد يتابع بعضهم بعضا في الفعل، ويتعصّب بعضهم لبعض.
والأشبه فيما جاء في التفسير : أن مفاتحه خزائنه، وأنها خزائن المال الذي يحمل على سبعين، أو على أربعين بغلًا - واللّه أعلم - لأن مفاتح جلود على مقدار الإصبع، تحمل على سبعين بغلاً للخزائن أمر عظيم - واللّه أعلم -.
ومعنى {لتنوء بالعصبة}: لتثقل العصبة.
قال أبو زيد: يقال نؤت بالحمل، أنوء به نوءا إذا نهضت به، وناء بي الحمل إذا أثقلني.
وقوله: {إذ قال له قومه لا تفرح إنّ اللّه لا يحبّ الفرحين}
جاء في التفسير : لا تأشر، إن اللّه لا يحبّ الأشرين.
{ولا تفرح } ههنا - واللّه أعلم - : أي : لا تفرح لكثرة المال في الدنيا ؛ لأن الذي يفرح بالمال، ويصرفه في غير أمر الآخرة مذموم فيه.
قال اللّه عز وجل: {لكيلا تأسوا على ما فاتكم}
والدليل على أنهم أرادوا لا تفرح بالمال في الدنيا : قولهم: {وابتغ فيما آتاك اللّه الدّار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدّنيا وأحسن كما أحسن اللّه إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إنّ اللّه لا يحبّ المفسدين} ). [معاني القرآن: 4/153-154]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم}
قال إبراهيم النخعي : كان ابن عمه.
وقوله جل وعز: {فبغى عليهم} : أي: تجاوز الحد في مساندة موسى صلى الله عليه وسلم، والتكذيب به، وقوله جل وعز: {وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة}
روى الأعمش , عن خيثمة قال: كانت مفاتحه من جلود، كل مفتاح منها على قدر الإصبع لخزانة يحملها ستون بغلا إذا ركب.
وقال مجاهد : كانت من جلود الإبل .
قال أبو صالح : كانت تحملها أربعون بغلاً.
وروى علي بن الحكم , عن الضحاك قال : كانت مفاتيح قارون يحملها أربعون رجلاً.
قال ابن عيينة: العصبة: أربعون رجلاً.
وقال مجاهد : العصبة من العشرة إلى الخمسة عشر .
قال أبو جعفر : العصبة في اللغة : الجماعة الذين يتعصب بعضهم لبعض .
قال أبو عبيدة :{لتنوء بالعصبة }: تأويله أن العصبة لتنوء بها , كما قال:
= وتشقى الرماح بالضياطرة الحمر
الضياطرة : التباع , والأجراء.
قال أبو جعفر : يذهب أبو عبيدة إلى أن هذا من المقلوب وهذا غلط، والصحيح فيه ما قال أبو زيد قال: يقال نؤت بالحمل إذا نهضت به على ثقل، وناءني إذا أثقلني .
قال أبو العباس : سئل الأصمعي عن قوله: {وتشقى}, قال : نعم، هي تشقى بالرجال.
ثم قال جل وعز: {إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين}
روى ابن أبي نجيح , عن مجاهد قال: الفرحين : البطرين الذين لا يشكرون الله جل وعز فيما أعطاهم.). [معاني القرآن: 5/197-199]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ}: أي: تميل بالعصبة من الثقل، والعصبة من العشرة إلى الأربعين, {لَا تَفْرَحْ}: أي : لا تبطر , ولا تأشر من الفرح , وليس السرور بمكروه.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 183]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {لَتَنُوءُ}: لتثقل, {الْفَرِحِينَ}: البطرين.). [العمدة في غريب القرآن: 236]


تفسير قوله تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وابتغ فيما آتاك اللّه} [القصص: 77] من هذه النّعم والخزائن.
{الدّار الآخرة} [القصص: 83] الجنّة.
{ولا تنس نصيبك من الدّنيا} [القصص: 77]، أي: اعمل في دنياك لآخرتك، في تفسير بعضهم.
قرّة بن خالدٍ، عن عون بن عبد اللّه بن عتبة بن مسعودٍ قال: {ولا تنس نصيبك من الدّنيا} [القصص: 77]، أي: طاعة ربّك وعبادته.
{وأحسن} [القصص: 77] فيما افترض اللّه عليك.
{كما أحسن اللّه إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إنّ اللّه لا يحبّ المفسدين} [القصص: 77] المشركين). [تفسير القرآن العظيم: 2/609]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
({ولا تنس نصيبك من الدّنيا }: مجازه: لا تدع حظك, وطلب الرزق الحلال منها).
[مجاز القرآن: 2/111]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولا تنس نصيبك من الدّنيا}:أي: لا تترك حظّك منها). [تفسير غريب القرآن: 335]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وابتغ فيما آتاك اللّه الدّار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدّنيا وأحسن كما أحسن اللّه إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إنّ اللّه لا يحبّ المفسدين}
{ولا تنس نصيبك من الدنيا}: أي : لا تنس أن تعمل به لآخرتك, لأن حقيقة نصيب الإنسان من الدنيا الذي يعمل به لآخرته.). [معاني القرآن: 4/155]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولا تنس نصيبك من الدنيا}
روى ابن أبي نجيح , عن مجاهد قال: نصيبه من الدنيا : العمل بطاعة الله جل وعز الذي يثاب عليه يوم القيامة .
وروى أشعث , عن الحسن قال : أمسك القوت , وقدم ما فضل.
وروى معمر , عن قتادة قال: ابتغ الحلال.
قال أبو جعفر : قول مجاهد حسن جدا ؛ لأن نصيب الإنسان في الدنيا على الحقيقة هو الذي يؤديه إلى الجنة.
وروى علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس :{ولا تنس نصيبك من الدنيا }, يقول: لا تترك أن تعمل لله جل وعز في الدنيا , وقد قيل المعنى: ولا تنس شكر نصيبك.).
[معاني القرآن: 5/199-200]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (78)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال قارون:
{إنّما أوتيته} [القصص: 78] أعطيته، يعني: ما أعطي من الدّنيا.
{على علمٍ عندي} [القصص: 78]، أي: بقوّتي وعلمي وهي مثل قوله: {ثمّ إذا خوّلناه نعمةً منّا قال إنّما أوتيته على علمٍ} [الزمر: 49] قال اللّه: {بل هي فتنةٌ} [الزمر: 49] بليّةٌ{ولكنّ أكثرهم لا يعلمون} [القصص: 57].
قال: {أولم يعلم} [القصص: 78] قارون، أي: بلى قد علم، وهذا على الاستفهام.
{أنّ اللّه قد أهلك من قبله من القرون من هو أشدّ منه قوّةً وأكثر جمعًا} [القصص: 78]
[تفسير القرآن العظيم: 2/609]
من الجبابر والرّجال.
قال اللّه: {ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون} [القصص: 78] المشركون ليعلم ذنوبهم منهم، يعرفون بسواد وجوههم، وزرقة أعينهم مثل قوله: {فيومئذٍ لا يسأل عن ذنبه إنسٌ ولا جانٌّ {39} فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان {40} يعرف المجرمون بسيماهم} [الرحمن: 39-41] بسواد وجوههم وزرقة أعينهم {فيؤخذ بالنّواصي والأقدام} [الرحمن: 41] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/610]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {إنّما أوتيته على علمٍ عندي...}:

على فضلٍ عندي، أي: كنت أهله , ومستحقّا له، إذ أعطيته , لفضل علمي, ويقال: {أوتيته على علمٍ}, ثم قال: {عندي}: أي: كذاك أرى، كما قال: {إنّما أوتيته على علمٍ بل هي فتنةٌ}.
وقوله: {ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون} , يقول: لا يسأل المجرم عن ذنبه, الهاء والميم للمجرمين, يقول: يعرفون بسيماهم, وهو كقوله: {فيومئذٍ لا يسأل عن ذنبه إنسٌ ولا جانٌّ} , ثم بيّن , فقال: {يعرف المجرمون بسيماهم}). [معاني القرآن: 2/311]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {قال إنّما أوتيته على علمٍ عندي} أي : لفضل عندي, وروي في التفسير: أنه كان أقرأ بني إسرائيل للتوراة.
{ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون}, قال قتادة: يدخلون النار بغير حساب, وقال غيره: يعرفون بسيماهم). [تفسير غريب القرآن: 335]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال إنّما أوتيته على علم عندي أولم يعلم أنّ اللّه قد أهلك من قبله من القرون من هو أشدّ منه قوّة وأكثر جمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون}
ادّعى أن المال أعطية لعلمه بالتوراة، والذي روي: أنه كان يعمل الكيمياء، وهذا لا يصح ؛ لأن الكيمياء باطل لا حقيقة له.). [معاني القرآن: 4/155]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قال إنما أوتيته على علم عندي}
يروى: أن قارون كان من قراء بني إسرائيل للتوراة , والمعنى : إنما أوتيته على علم فيما أرى.
فأما ما روي أنه كان يعمل الكيمياء , فلا يصح
وقيل : المعنى على علم بالوجوه التي تكسب منها الأموال , وترك الشكر .
وقال ابن زيد , قال: أي: قارون , لولا رضى الله عني , ومعرفته بفضلي , ما أعطاني هذا , وهذا أولاها , يدل عليه ما بعده .
وقوله جل وعز: {ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون}
قال مجاهد : هو مثل قوله تعالى: {يعرف المجرمون بسيماهم} : زرقاً, سود الوجوه لا تسأل عنهم الملائكة ؛ لأنها تعرفهم .
وقال قتادة : ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون, أي: يدخلون النار بغير حساب .
قال محمد بن كعب : {ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون}: أي: لا يسأل الآخر لم هلك الأول , فيعتبر , وقيل : لا يسأل عنها سؤال استعلام.). [معاني القرآن: 5/201-202]

تفسير قوله تعالى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {فخرج على قومه} [القصص: 79]، يعني: قارون.
{في زينته} [القصص: 79] تفسير الكلبيّ: أنّه خرج وعليه ثيابٌ حمرٌ مصبوغةٌ بالأرجوان على بغلةٍ بيضاء، ومعه أربع مائة جاريةٍ عليهنّ ثيابٌ حمرٌ على بغالٍ بيضٍ.
وتفسير عمرٍو، عن الحسن: أنّه خرج في صنوف ماله من درّه، وذهبه، وفضّته.
وفي حديث المبارك بن فضالة، عن الحسن: أنّه خرج في الحمرة والصّفرة.
وفي حديث الرّبيع بن صبيحٍ، عن الحسن: أنّ قارون خرج في زينته، فكانت ثيابه وسروجه الأرجوان والحمرة.
{قال الّذين يريدون الحياة الدّنيا} [القصص: 79] المشركون، لا يقرّون بالآخرة.
{يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنّه لذو حظٍّ عظيمٍ} [القصص: 79] لذو نصيبٍ عظيمٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/610]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {فخرج على قومه في زينته قال الّذين يريدون الحياة الدّنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنّه لذو حظّ عظيم}

جاء في التفسير : أنه خرج هو وأصحابه على خيلهم، وعليهم , وعلى الخيل: الأرجوان, والأرجوان في اللغة : صبغ أحمر.
وقيل: كان عليهم , وعلى خيلهم الديباج الأحمر.). [معاني القرآن: 4/155]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فخرج على قومه في زينته}
روى عثمان بن الأسود , عن مجاهد قال: خرج هو , وأصحابه على براذين بيض عليها سروج أرجوان , وعليهم المعصفر .
قال قتادة : خرجوا على أربعة آلاف دابة , عليها ثياب حمرة , منها ألف بغل بيض عليها قطف حمر .
وقوله جل وعز: {ولا يلقاها إلا الصابرون}: أي: لا يلقى هذه الفعلة , وهي القول: ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاً إلا الصابرون.). [معاني القرآن: 5/203]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ (80)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وقال الّذين أوتوا العلم} [القصص: 80] وهم المؤمنون للمشركين.
{ويلكم ثواب اللّه} [القصص: 80] جزاء اللّه، الجنّة.
{خيرٌ لمن آمن وعمل صالحًا} [القصص: 80] ممّا أوتي قارون.
[تفسير القرآن العظيم: 2/610]
{ولا يلقّاها} [القصص: 80] ولا يعطاها، الجنّة.
{إلا الصّابرون} [القصص: 80] وهم المؤمنون.
وقال السّدّيّ: {ولا يلقّاها إلا الصّابرون} [القصص: 80]، يعني: وما يؤتاها إلا ذو حظٍّ عظيمٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/611]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ولا يلقّاها إلاّ الصّابرون...}

يقول: ولا يلقّى أن يقول ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاً إلاّ الصابرون, ولو كانت: ولا يلقّاه لكان صوباً؛ لأنه كلام والكلام يذهب به إلى التأنيث والتذكير, وفي قراءة عبد الله :{بل هي آيات بيّنات}, وفي قراءتنا: {بل هو آياتٌ} , فمن قال: {هي}: ذهب إلى الآيات، ومن قال :{هو} : ذهب إلى القرآن, وكذلك {تلك من أنباء الغيب} , و{ذلك من أنباء الغيب}, ومثله في الكلام: قد غمّني ذاك , وغمّتني تلك منك.). [معاني القرآن: 2/311-312]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ولا يلقّاها إلّا الصّابرون}: مجازه: لا يوقف لها, ولا يرزقها, ولا يلقاها ). [مجاز القرآن: 2/111]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولا يلقّاها}: أي : لا يوفّق لها, ويقال: يرزقها.). [تفسير غريب القرآن: 336]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وقال الّذين أوتوا العلم ويلكم ثواب اللّه خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقّاها إلّا الصّابرون }
{ولا يلقّاها إلّا الصّابرون}:أي : لا يلقى هذه الفعلة، وهذه الكلمة ,يعني قولهم: {ويلكم ثواب اللّه خير لمن آمن وعمل صالحاً} .). [معاني القرآن: 4/155]

تفسير قوله تعالى: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ (81)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {فخسفنا به} [القصص: 81] بقارون.
{وبداره} [القصص: 81]، أي: ومسكنه.
{الأرض} فهو يخسف به كلّ يومٍ قامةٌ إلى أن تقوم السّاعة في تفسير سعيدٍ عن قتادة.
قال: {فما كان له من فئةٍ ينصرونه} [القصص: 81] يمنعونه.
{من دون اللّه وما كان من المنتصرين} [القصص: 81]، أي: من الممتنعين من عذاب اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 2/611]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({فما كان له من فئة}: أي : من أعوان وظهراء، قال خفاف:

فلم أر مثلهم حيّاً لقاحا= وجدّك بين قاسية وحجرٍ
أشدّ على صروف الدهر آداً= وآمر منهم فيئة بصبرٍ). [مجاز القرآن: 2/111-112]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فخسفنا به وبداره الأرض}
قال ابن عباس : خسف به إلى الأرض السفلى , {فما كان له من فئة }, أي: من فرقة.). [معاني القرآن: 5/203]

تفسير قوله تعالى:{وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (82)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وأصبح الّذين تمنّوا مكانه بالأمس يقولون ويكأنّ اللّه} [القصص: 82]، أي: أنّ اللّه.
{يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن منّ اللّه علينا لخسف بنا} [القصص: 82] قوله عزّ وجلّ: {ويكأنّه لا يفلح الكافرون} [القصص: 82]، أي: وأنّه لا يفلح الكافرون.
قال: وبلغنا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال لرجلٍ في شيءٍ يكلّمه به: «ويكأنّك لم تكن لتعلمه».
[تفسير القرآن العظيم: 2/611]
وبعضهم يقول ويكأنّ اللّه، ولكنّ اللّه{ويكأنّه} [القصص: 82] ولكنّه{لا يفلح الكافرون} [القصص: 82]، يعني: لا يفوزون في الآخرة، هو تفسير السّدّيّ). [تفسير القرآن العظيم: 2/612]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ويكأنّ اللّه...}في كلام العرب تقرير, كقول الرجل: أما ترى إلى صنع الله, وأنشدني:

ويكأن من يكن له نشبٌ يحـ = ـبب ومن يفتقر يعش عيش ضرّ
... وأخبرني شيخ من أهل البصرة , قال: سمعت أعرابيّة تقول لزوجها: أين ابنك ويلك؟ .
فقال: ويكأنّه وراء البيت, معناه: أما ترينه وراء البيت, وقد يذهب بعض النحوّيين إلى أنهما كلمتان يريد : ويك أنّه، أراد : ويلك، فحذف اللام , وجعل (أنّ) مفتوحةً بفعلٍ مضمرٍ، كأنه قال: ويلك أعلم أنه وراء البيت، فأضمر (اعلم), ولم نجد العرب تعمل الظنّ والعلم بإضمارٍ مضمرٍ في أنّ. وذلك أنه يبطل إذا كان بين الكلمتين أو في آخر الكلمة، فلمّا أضمره جرى مجرى الترك؛ ألا ترى أنه لا يجوز في الابتداء أن تقول: يا هذا أنك قائم، ولا يا هذا أن قمت تريد: علمت أو أعلم أو ظننت أو أظنّ. وأمّا حذف اللام من (ويلك) حتى تصير (ويك) فقد تقوله العرب لكثرتها في الكلام قال عنترة:
ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها = قول الفوارس ويك عنتر أقدم
وقد قال آخرون: أن معنى (وي كأنّ) : أنّ (وي) منفصلة من (كأنّ) , كقولك للرجل: وي، أما ترى ما بين يديك، فقال: وي، ثم استأنف (كأنّ) يعني : {كأنّ اللّه يبسط الرّزق} , وهي تعجّب، و(كأنّ) في مذهب الظنّ والعلم. فهذا وجه مستقيم, ولم تكتبها العرب منفصلةً، ولو كانت على هذا لكتبوها منفصلةً, وقد يجوز أن تكون كثر بها الكلام , فوصلت بما ليست منه؛ كما اجتمعت العرب على كتاب {يا بن أمّ} , {يابنؤمّ} قال: وكذا رأيتها في مصحف عبد الله, وهي في مصاحفنا أيضاً.
وقوله: {لخسف بنا} قراءة العامة : {خسف}, وقد قرأها شيبة , والحسن - فيما أعلم - {لخسف بنا}, وهي في قراءة عبد الله : {لانخسف بنا}, فهذا حجّةٌ لمن قرأ {لخسف} ). [معاني القرآن: 2/312-313]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ويكأنّ الله }: مجازه: ألم تر أن الله يبسط الرزق، قال الشاعر:
وى كأنّ من يكن له نشبٌ يجب = ومن يفتقر يعش عيش ضرّ
{إنّ الّذي فرض عليك القرآن }:مجازه: أنزل عليك). [مجاز القرآن: 2/112]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وأصبح الّذين تمنّوا مكانه بالأمس يقولون ويكأنّ اللّه يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن مّنّ اللّه علينا لخسف بنا ويكأنّه لا يفلح الكافرون}
وقال: {ويكأنّ اللّه يبسط الرّزق لمن يشاء} , المفسرون يفسرونها: "ألم تر أنّ الله" , وقال: {ويكأنّه لا يفلح الكافرون},
وفي الشعر:

سالتاني الطّلاق أن رأتا ما = لي قليلاً قد جئتماني بنكر
ويكأن من يكن له نشبٌ يح = بب ومن يفتقر يعش عيش ضرّ).
[معاني القرآن: 3/24-25]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {ويكأن}: معناه ألم تروا وقالوا أعلمك وقالوا ذلك أن الله). [غريب القرآن وتفسيره: 294]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ( {ويكأنّ اللّه}, قال قتادة: هي: «ألم تعلم!», وقال أبو عبيدة: سبيلها سبيل «ألم تر؟», وقد ذكرت الحرف والاختلاف فيه في كتاب «تأويل المشكل».). [تفسير غريب القرآن: 336]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ويكأن
ويكأنّ. قد اختلف فيها: فقال الكسائي: معناها: ألم تر، قال الله تعالى: {وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ}
وقال: {وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}، يريد: ألم تر.
وروى عبد الرّزاق، عن معمر، عن قتادة أنه قال: ويكأنّ: أولا يعلم أن الله يبسط الرزق لمن يشاء. وهذا شاهد لقول الكسائي.
وذكر الخليل أنها مفصولة: وي، ثم تبتدئ فتقول: كأنّ الله.
وقال ابن عباس في رواية أبي صالح: هي: كأن الله يبسط الرزق لمن يشاء، كأنه لا يفلح الكافرون. وقال: وي صلة في الكلام.
وهذا شاهد لقول الخليل.[تأويل مشكل القرآن: 526]
ومما يدل على أنها كأنّ: أنها قد تخفف أيضا كما تخفّف كأن قال الشاعر:
ويكأنّ من يكن له نشب يح =بب ومن يفتقر يعش عيش ضرّ
وقال (بعضهم): ويكأن: أي رحمة لك، بلغة حمير). [تأويل مشكل القرآن: 527]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {وأصبح الّذين تمنّوا مكانه بالأمس يقولون ويكأنّ اللّه يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن منّ اللّه علينا لخسف بنا ويكأنّه لا يفلح الكافرون}
يعني الذين قالوا: {يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون}
{يقولون ويكأنّ اللّه يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن منّ اللّه علينا لخسف بنا ويكأنّه لا يفلح الكافرون}هذه اللفظة لفظة " ويك " قد أشكلت على جماعة من أهل اللغة , وجاء في التفسير أن معناها : ألم تر أنه لا يفلح الكافرون.
وقال بعضهم معناها : ما ترى أنه لا يفلح الكافرون.
وقال بعض النحويين - وهذا غلط عظيم - إنّ معناها : ويلك , اعلم أنه لا يفلح الكافرون , فحذف اللام , فبقيت ويك وحذف أعلم أنه لا يفلح الكافرون، وهذا خطأ من غير جهة، لو كان كما قال , لكانت أن مكسورة كما تقول: ويلك إنه قد كان كذا وكذا، ومن جهة أخرى: أن يقال لمن خاطب القوم بهذا .
فقالوا: ويلك { إنه لا يفلح الكافرون}, ومن جهة أخرى أنه حذف اللام من ويل, والقول الصحيح في هذا ما ذكره سيبويه عن الخليل , ويونس.
قال سألت عنها الخليل : فزعم أنها " وي " مفصولة من كأنّ, وأن القوم تنبهوا , فقالوا: وي، متندّمين على ما سلف منهم، وكل من تندم , أو ندم , فإظهار تندمه وندامته
أن يقول " وي " كما تعاتب الرجل على ما سلف منه , فقول: وي، كأنك قصدت مكروهي، فحقيقة الوقف عليها وي، وهو أجود في الكلام، ومعناه: التنبيه والتندم.
قال الشاعر:

سألتاني إلى طلاق إذ رأتانني= قلّ مالي قد جئتما في بنكر
وي كأن من يكن له نشب يح= بب ومن يفتقر يعش عيش ضرّ
فهذا تفسير الخليل، وهو مشاكل لما جاء في التفسير، لأن قول المفسرين : هو تنبيه.). [معاني القرآن: 4/156-157]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر}
قوله: {ويكأن} , قيل: هي ويك أن : ويك: بمعنى : ويلك.
قال أبو جعفر : وهذا لا يصح لأن هذه اللام لا تحذف , ولو كان هكذا لوجب أن يقال : ويلك إنه , ولا يجوز أن يضمر اعلم , وليس ههنا مخاطبة لواحد .
والصحيح في هذا ما قال الخليل , وسيبويه , والكسائي .
قال الكسائي : وي : ههنا صلة , وفيها معنى التعجب .
وقال سيبويه : سألت الخليل عن قوله جل وعز: {ويكأنه لا يفلح الكافرون} , وقوله: {ويكأن الله} , فزعم أنها وي مفصولة من كأن.
والمعنى : وقع على أن القوم انتبهوا , فتكلموا على قدر علمهم , أو نبهوا , فقيل لهم : أما يشبه أن يكون ذا عندكم هكذا , والله أعلم, وأما المفسرون ,
فقالوا معناها : ألم تر أن الله.
قال قتادة : ويكأن : المعنى : أو لا تعلم .
قال أبو جعفر , وقول الخليل موافق لهذا , وأنشد أهل اللغة:
وي كأن من يكن له نشب = يحبب ومن يفتقر يعش عيش ضر
وقد كتبت في المصحف متصلة ؛ كأنهم لما كثر استعمالهم إياها , جعلوها مع ما بعدها بمنزلة شيء واحد.). [معاني القرآن: 5/203-205]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {ويكأن الله}: أي: أعلم ). [ياقوتة الصراط: 400]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَيْكَأَنَّ الله}: قيل معناه: ألم يعلم، وقيل: ألم تر، وقيل: ويلك.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 183]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ({وَيْكَأَنَّهُ}: ألم تر أن ، اعلم أن.). [العمدة في غريب القرآن: 236]

تفسير قوله تعالى:{تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {تلك الدّار الآخرة} [القصص: 83]، يعني: الجنّة.
{نجعلها للّذين لا يريدون علوًّا في الأرض} [القصص: 83]، يعني: الشّرك.
{ولا فسادًا} [القصص: 83] قتل الأنبياء والمؤمنين وانتهاك حرمتهم.
{والعاقبة} [القصص: 83]، أي: الثّواب.
{للمتّقين}وهي الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 2/612]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ)
: (وقوله جل وعز: {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا}

روى سفيان , عن منصور, عن مسلم البطين, قال: العلو : التكبر بغير الحق , والفساد: أخذ الأموال بغير الحق , قال الثوري : ولا فساداً: المعاصي .
وقوله جل وعز: {إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد}
روى عكرمة , عن ابن عباس قال : إلى معاد: إلى مكة .وكذلك روى يونس بن إسحاق , عن مجاهد.
وروى سعيد بن جبير , عن ابن عباس , قال: إلى الموت .
وروى ابن أبي نجيح , عن مجاهد قال : إلى أن يحييك يوم القيامة .
وقال الزهري, والحسن : المعاد : يوم القيامة .
قال أبو جعفر : وهذا معروف في اللغة , يقال: بيني , وبينك المعاد , أي : يوم القيامة , لأن الناس يعودون فيه أحياء , والقول الأول : حسن كثير , والله أعلم بما أراد .
ويكون المعنى : إن الذي نزل عليك القرآن , وما كنت ترجو أن يلقى إليك , لرادك إلى معاد , أي: إلى وطنك, ومعادك , يعني: مكة , ويقال: رجع فلان إلى معاده , أي: إلى بيته).[معاني القرآن: 5/205-207]

تفسير قوله تعالى: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (84) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {من جاء بالحسنة} [القصص: 84] لا إله إلا اللّه مخلصًا بها قلبه.
{فله خيرٌ منها} [القصص: 84]، أي: فله منها خيرٌ، يعني: فله منها الجنّة، وفيها تقديمٌ: فله منها خيرٌ، وهي الجنّة.
{ومن جاء بالسّيّئة} [القصص: 84] بالشّرك.
{فلا يجزى الّذين عملوا السّيّئات} [القصص: 84] الشّرك.
{إلا ما كانوا يعملون} [القصص: 84] جزاؤهم النّار خالدين فيها.
وقال قتادة: {من جاء بالحسنة} [القصص: 84]، يعني: التّوحيد{فله خيرٌ منها} [القصص: 84]، يعني: فله منها خيرٌ{ومن جاء بالسّيّئة} [القصص: 84]، يعني: الشّرك.
وقال قتادة: {من جاء بالحسنة [القصص: 84] بالإخلاص.
الحارث بن نبهان، عن حبيب بن الشّهيد، عن الحسن، قال: لا إله إلا اللّه ثمن الجنّة.
- سفيان الثّوريّ، عن أبي الزّبير، عن جابر بن عبد اللّه، قال: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن الموجبتين فقال: «من مات لا يشرك باللّه شيئًا دخل
[تفسير القرآن العظيم: 2/612]
الجنّة، ومن مات يشرك باللّه دخل النّار»). [تفسير القرآن العظيم: 2/613]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (85)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {إنّ الّذي فرض عليك} [القصص: 85]، يعني: أنزل عليك.
{القرءان} وقال مجاهدٌ: أعطاكه.
{لرادّك إلى معادٍ} [القصص: 85]، يعني: إلى مكّة، تفسير السّدّيّ، وقال: ليس في القرآن آيةٌ إلا وهي مكّيّةٌ أو مدنيّةٌ إلا هذه الآية فإنّها ليست بمكّيّةٍ ولا مدنيّةٍ، وذلك أنّها نزلت على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بالجحفة في هجرته إلى المدينة قبل بلوغه.
يونس بن أبي إسحاق، عن مجاهدٍ، قال: لرادّك إلى مولدك، إلى مكّة.
قال يحيى: بلغني أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وهو موجّهٌ من مكّة إلى المدينة حين هاجر نزل عليه جبريل وهو بالجحفة فقال: أتشتاق يا محمّد إلى بلادك الّتي ولدت بها؟ فقال: نعم، فقال: {إنّ الّذي فرض عليك القرءان لرادّك إلى معادٍ} [القصص: 85] إلى مولدك الّذي خرجت منه ظاهرًا على أهله.
- وفي حديث عبد الوهّاب بن مجاهدٍ، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ {لرادّك إلى معادٍ} [القصص: 85] إلى الجنّة.
قوله عزّ وجلّ: {قل ربّي أعلم} [القصص: 85] قال اللّه للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم {قل ربّي أعلم من جاء بالهدى} [القصص: 85]، أي: أنّ محمّدًا جاء بالهدى، فآمن به المؤمنون، فعلموا أنّ محمّدًا هو الّذي جاء بالهدى، وأنّه على الهدى.
{ومن هو} [القصص: 85]، أي: وأعلم من هو.
[تفسير القرآن العظيم: 2/613]
{في ضلالٍ مبينٍ} [القصص: 85] المشركون). [تفسير القرآن العظيم: 2/614]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {إنّ الّذي فرض عليك...}

يقول:الذي أنزل عليك القرآن {لرادّك إلى معاد} .ذكروا أن جبريل قال : يا محمّد اشتقت إلى مولدك ووطنك؟ .
قال: نعم, قال : فقال له : ما أنزل عليه :{إنّ الّذي فرض عليك القرآن لرادّك إلى معادٍ}, يعني: إلى مكّة, والمعاد ها هنا : إنما أراد به حيث ولدت , وليس من العود, وقد يكون أن يجعل قوله: {لرادّك} لمصيرك إلى أن تعود إلى مكّة مفتوحةً لك , فيكون المعاد تعجّباً , {إلى معادٍ}: أيّما معادٍ! لما وعده من فتح مكّة). [معاني القرآن: 2/313]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({إنّ الّذي فرض عليك القرآن}: أي : أوجب عليك العمل به, وقال بعض المفسرين: أنزله عليك.
{لرادّك إلى معادٍ} : قال مجاهد: يعني مكة, وفي تفسير أبي صالح: «أنّ جبريل - عليه السّلام - أتي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: أتشتاق إلى مولدك ووطنك، يعني: مكة؟ , قال: نعم , فأنزل اللّه عز وجل هذه الآية: وهو فيما بين مكة والمدينة».
وقال الحسن والزّهريّ - أحدهما -: «معاده: يوم القيامة»، والآخر: «معاده: الجنة», وقال قتادة: هذا مما كان ابن عباس , يكتمه.). [تفسير غريب القرآن: 336]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ}.
معاد الرّجل: بلده، لأنه يتصرّف في البلاد، ويضرب في الأرض ثم يعود إلى بلده. يقال: ردّ فلان إلى معاده، أي ردّ إلى بلده. ومثله قولهم لمنزل الرجل: مثاب ومثابة، لأنّه يتصرّف في حوائجه ثم يثوب إليه.
وكان رسول الله، صلّى الله عليه وسلم، حين خرج من مكة إلى المدينة اغتم بمفارقة مكة، لأنّها مولده وموطنه ومنشؤه، وبها أهله وعشيرته، واستوحش. فأخبره الله سبحانه في طريقه أنّه سيردّه إلى مكة، وبشّره بالظهور والغلبة.
وفي الآية تقديم وتأخير، والمعنى: إنّ الذي فرض عليك القرآن، أي جعلك نبيّا ينزل عليك القرآن وما كنت ترجو قبل ذلك أن تكون نبيّا يوحى إليك الكتاب- لرادّك إلى مكة ظاهرا قاهرا. وهو معنى تفسير أبي صالح ومجاهد.
وقال الحسن: معاده: يوم القيامة ووافقه على ذلك الزّهري وروى عبد الرّزّاق، عن معمر، عن قتادة، قال: هذا مما كان ابن عباس يكتمه). [تأويل مشكل القرآن: 425]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ}.
قال المفسرون: فيه أنزل عليك القرآن.
وقد يجوز في اللغة أن يكون أوجب عليك العمل بما فيه). [تأويل مشكل القرآن: 476-475]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله تعالى:{إنّ الّذي فرض عليك القرآن لرادّك إلى معاد قل ربّي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين}
معنى :{فرض عليك القرآن }:أنزله عليك , وألزمك، وفرض عليك العمل بما يوجبه القرآن.
{لرادّك إلى معاد}: جاء في التفسير: لرادّك إلى مكانك بمكة.
وقيل : إلى معاد إلى مكانك في الجنة، وأكثر التفسير : لباعثك، وعلى هذا كلام الناس: اذكر المعاد, أي: اذكر مبعثك في الآخرة.). [معاني القرآن: 4/157-158]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ}: أي: أوجبه , وقيل: أنزله, {إِلَى مَعَادٍ}: أي إلى مكة، وقيل: يوم القيامة, وقيل: الجنة.).
[تفسير المشكل من غريب القرآن: 183]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ (86)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وما كنت ترجو} [القصص: 86] يقوله للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
{أن يلقى إليك} [القصص: 86] أن ينزّل إليك.
{الكتاب} القرآن.
{إلا رحمةً من ربّك} [القصص: 86]، أي: ولكن أنزل عليك الكتاب رحمةً من ربّك.
{فلا تكوننّ ظهيرًا} [القصص: 86]، أي: عوينًا.
{للكافرين {86}). [تفسير القرآن العظيم: 2/614]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلاّ رحمةً مّن رّبّك...}: إلاّ أن ربّك رحمك {فأنزل عليك} , فهو استثناء منقطع. ومعناه: وما كنت ترجو أن تعلم كتب الأولين وقصصهم تتلوها على أهل مكّة , ولم تحضرها , ولم تشهدها, والشاهد على ذلك قوله في هذه السّورة : {وما كنت ثاوياً في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا} : أي: إنك تتلو على أهل مكّة قصص مدين , وموسى , ولم تكن هنالك ثاوياً : مقيماً , فنراه , تسمعه, وكذلك قوله: {وما كنت بجانب الغربي} , وهأنت ذا تتلو قصصهم وأمرهم, فهذه الرّحمة من ربّه.).
[معاني القرآن: 2/313]

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلاّ رحمةً مّن رّبّك فلا تكوننّ ظهيراً لّلكافرين}
وقال: {وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلاّ رحمةً}: استثناء خارج من أول الكلام في معنى "لكن".). [معاني القرآن: 3/25]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلّا رحمة من ربّك فلا تكوننّ ظهيرا للكافرين}
{فلا تكوننّ ظهيرا للكافرين}:أي : معينا ًللكافرين، ويجوز فلا تكونن ظهيرا، ولكني أكرهها ؛ لأنها تخالف المصحف، ويجب أن تكتب بالتخفيف بالألف.). [معاني القرآن: 4/158]

تفسير قوله تعالى: (وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آَيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (87) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ولا يصدّنّك عن آيات اللّه بعد إذ أنزلت إليك وادع إلى ربّك} [القصص: 87] إلى عبادة ربّك.
{ولا تكوننّ من المشركين {87}). [تفسير القرآن العظيم: 2/614]

تفسير قوله تعالى:{وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (88)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ولا تدع مع اللّه إلهًا آخر لا إله إلا هو كلّ شيءٍ هالكٌ إلا وجهه} [القصص: 88] هو كقوله: {ويبقى وجه ربّك ذو الجلال والإكرام} [الرحمن: 27].
وقال السّدّيّ: {كلّ شيءٍ هالكٌ} [القصص: 88]، يعني: كلّ شيءٍ من الحيوان ميّتٌ.
قال: {إلا وجهه} [القصص: 88] إلا اللّه فإنّه لا يموت تبارك وتعالى.
قال: {له الحكم} [القصص: 88] القضاء.
{وإليه ترجعون} [القصص: 88] يوم القيامة). [تفسير القرآن العظيم: 2/614]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {كلّ شيءٍ هالكٌ إلاّ وجهه...}

إلاّ هو, وقال الشاعر:
أستغفر الله ذنباً لست محصيه = ربّ العباد إليه الوجه والعمل
أي إليه أوجّه عملي ). [معاني القرآن: 2/314]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({كلّ شيءٍ هالكٌ إلاّ وجهه}: مجازه: إلا هو ما استثنوه من جميع , فهو منصوب , وهذا المعنى بين النفختين، فإذا هلك كل شيء من جنةٍ , ونار, وملك , وسماء , وأرض , وملك الموت , فإذا بقي وحده , نفخ في الصور النفخة الآخرة ’ وأعاد كل جنة , ونار , وملك , وما أراد، فتم خلود أهل الجنة في الجنة , وأهل النار في النار.). [مجاز القرآن: 2/112]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومما يزاد في الكلام: (الوجه)، يقول الله عز وجل: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ}. أي: يريدونه بالدعاء.
و{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} أي: إلا هو.
و{فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} أي: فثمّ الله.
و{إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ} أي: لله). [تأويل مشكل القرآن: 254] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الإسلام: هو الدخول في السّلم، أي: في الانقياد والمتابعة.
قال تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} أي: انقاد لكم وتابعكم.
والاستسلام مثله. يقال: سلّم فلان لأمرك واستسلم وأسلم. أي دخل في السّلم.
كما تقول: أشتى الرجل: إذا دخل في الشتاء، وأربع: دخل في الربيع، وأقحط: دخل في القحط.
فمن الإسلام متابعة وانقياد باللّسان دون القلب.
ومنه قوله تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} أي: أنقذنا من خوف السيف.
وكذلك قوله: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا}، أي: انقاد له وأقرّ به المؤمن والكافر.
ومن الإسلام: متابعة وانقياد باللسان والقلب، ومنه قوله حكاية عن إبراهيم: {قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}.
وقوله: {فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ} أي: انقدت لله بلساني وعقدي.[تأويل مشكل القرآن: 479]
والوجه زيادة. كما قال: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}، يريد: إلا هو. وقوله: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ}، أي لله. قال زيد بن عمرو بن نفيل في الجاهلية:
أسلمت وجهي لمن أسلمت له المزن تحمل عذبا زلالا
أي: انقادت له المزن). [تأويل مشكل القرآن: 480] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {ولا تدع مع اللّه إلها آخر لا إله إلّا هو كلّ شيء هالك إلّا وجهه له الحكم وإليه ترجعون}
{كلّ شيء هالك إلّا وجهه}:{وجهه} منصوب بالاستثناء، ومعنى{إلّا وجهه} إلا إياه، ويجوز{إلّا وجهه}بالرفع، ولكن لا ينبغي أن يقرأ بها، ويكون المعنى كل شيء غير وجهه هالك.
وهو مثل قول الشاعر:
وكل أخ مفارقه أخوه= لعمر أبيك إلا الفرقدان
المعنى : وكل أخ غير الفرقدين مفارقه أخوه.). [معاني القرآن: 4/158]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {كل شيء هالك إلا وجهه}
قال سفيان : أي إلا ما أريد به وجهه .
قال محمد بن يزيد : حدثني الثوري , قال: سألت أبا عبيدة عن قوله تعالى: {كل شيء هالك إلا وجهه} , فقال: إلا جاهه , كما تقول لفلان وجه في الناس , أي:جاه.
وقيل :{إلا وجهه }:أي: إلا إياه جل وعز .
وتقول : أكرم الله وجهه , وفلان وجه القوم .
وقول سفيان : معروف في اللغة : أي : كل ما فعله العباد يهلك إلا الوجه الذي يتوجهون به إلى الله جل وعز). [معاني القرآن: 5/207-208]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:42 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة