العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 10:29 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الإسراء

[ من الآية (49) إلى الآية (52) ]
{وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (49) قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (50) أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا (51) يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا (52)}

قوله تعالى: {وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (49)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (13- وقوله تعالى: {أءذا كنا عظاما ورفاتا أءنا} [49].
قرأ عاصم وحمزة بهمزتين فيهما، الأولى استفهام والثانية أصلية.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/375]
وقرأ أبو عمرو بتليين الهمزة الثانية فيهما، ويجعل بينهما مدة.
وابن كثير يقرأ مثل أبي عمرو غير أنه لا يمد، كأنه يهمزه ويأتي بياء بعد الهمزة ساكنة.
وقرأ نافع الأولى مثل أبي عمرو، ولا يستفهم بالثاني. [و] قرأ الكسائي الأولى مثل حمزة، والثانية مثل نافع، وقد ذكرت علة ذلك في (الأعراف) وفي (الرعد) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/376]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله عز وجل: أإذا كنا عظاما ورفاتا أإنا لمبعوثون [الإسراء/ 49].
فقرأ ابن كثير (أيذا) يهمز، ثم يأتي بياء ساكنة من غير مدّ: أيذا، (أينّا) مثله، وكذلك في كلّ القرآن. وكذلك روى أحمد بن صالح عن ورش وقالون عن نافع، غير أن نافعا كان لا يستفهم في أئنا، كان يجعل الثاني خبرا في كلّ القرآن.
وكذلك مذهب الكسائي غير أنه يهمز الأولى همزتين، وقد بيّنت قراءتهما، وما كانا يقولان في سورة النمل [67] والعنكبوت [28] في قوله: أئنا لمخرجون. وفي قوله: (أئنّكم لتأتون الفاحشة)، وشرحته في سورة الرّعد [5].
[الحجة للقراء السبعة: 5/107]
وقرأ عاصم وحمزة بهمزتين في الحرفين جميعا.
وكان ابن عامر يقرأ: (إذا كنّا) بغير استفهام بهمزة واحدة.
(أئنّا) بهمزتين، كان يمد بين الهمزتين مدّة، أخبرني بذلك أحمد بن محمد بن بكر عن هشام بن عمار.
وقرأ أبو عمرو: (آئذا) (آئنا) ممدودتين مهموزتين.
قول ابن كثير (أيذا) هو في الأصل أإذا وخفف الهمزة الثانية، وقياسها إذا خفّفت أن تجعل بين بين، بين الياء والهمزة، فقلبها ياء قلبا وأسكنها ولم يخفّفها تخفيفا قياسيا، ولكن على ما حكاه سيبويه من أن بعضهم قال: بئس وبيس، وشبه ابن كثير المنفصل بالمتصل، وعلى هذا ما جاء في الشعر في قولهم: يومئذ ويومئذ ومن ألحق همزة الاستفهام (إنا) ومن لم يلحق، فموضع إذا عنده تصير بما دلّ عليه قوله: (إنا لمبعوثون أو آباؤنا الأولون) [الواقعة/ 47، 48] لمبعوثون، لا يكون إلا كذلك، وقد تقدم تفسير هذا فيما تقدم). [الحجة للقراء السبعة: 5/108]

قوله تعالى: {قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (50)}

قوله تعالى: {أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا (51)}

قوله تعالى: {يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا (52)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 10:30 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الإسراء

[ من الآية (53) إلى الآية (57) ]
{ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا (53) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (54) وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (55) قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (56) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا (57)}

قوله تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا (53)}

قوله تعالى: {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (54)}

قوله تعالى: {وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (55)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (14- وقوله تعالى: {داود زبورا} [55].
قرأ حمزة وحده {زبورا} بالضم.
والباقون بالفتح، وقد ذكرت علته في (النساء) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/376]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ حمزة وحده: داود زبورا [الإسراء/ 55] مضمومة الزاي.
وقرأ الباقون زبورا بفتح الزاي.
يحتمل ضم الزاي أمرين: إما أن يكون جمع الزبور، فحذف الزيادة ثم جمع، ونظير ذلك قولهم في جمع ظريف ظروف.
وإمّا أن يكون سمّى ما أتى به داود، عليه السلام، زبرا كما
[الحجة للقراء السبعة: 5/108]
سمّى القرآن كتابا، فسمّي الكتابان باسم المصدر، لأن زبرت بمنزلة كتبت، ثم جمع كأنه جعل أنحاء، ثم جعل كلّ نحو زبرا، ثم جمعه زبورا كما جمع الكتاب على كتب حيث صارت التسمية مثل عماد وعمد). [الحجة للقراء السبعة: 5/109]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (15- {وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زُبُورًا} [آية/ 55] بضم الزاي:
قرأها حمزة وحده.
وقرأ الباقون {زَبورًا} بفتح الزاي.
وقد سبق الوجه في ذلك). [الموضح: 760]

قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (56)}

قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا (57)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 10:32 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الإسراء

[ من الآية (58) إلى الآية (60) ]
{وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (58) وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآَيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآَتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآَيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا (59) وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآَنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا (60)}

قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (58)}

قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآَيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآَتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآَيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا (59)}

قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآَنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا (60)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 06:56 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الإسراء

[ من الآية (61) إلى الآية (65) ]
{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61) قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (62) قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا (63) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا (65)}

قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبي جعفر: [لِلْمَلائِكَةُ اسْجُدُوا].
قال أبو الفتح: قد تقدم ذكر هذا البتة فيما مضى في البقرة). [المحتسب: 2/21]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (16- {آسْجُدُ} [آية/ 61] بهمزة واحدة ممدودة:
قرأها ابن كثير ونافعٌ وأبو عمرو ويعقوب يس-.
وقرأ ابن عامر والكوفيون ويعقوب ح- {أَأَسْجُدُ} بهمزتين.
وقد مضى القول في مثل ذلك في سورة البقرة). [الموضح: 760]

قوله تعالى: {قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (62)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (15- وقوله تعالى: {لئن أخرتني} [62].
قرأ أبو عمرو وابن كثير ونافع بإثبات الياء وصلاً وحذفها وقفًا، إلا ابن كثير فإنه وقف بياء.
والباقون يحذفونها وصلاً ووقفًا وقد ذكرت علتها في (البقرة)، وإنما ذكرتها هنا، لأن «لئن» حرف شرط ولا يليه إلا الماضي، والشرط لا يكون إلا بالمستقبل.
فالجواب في ذلك: أن اللام في {لئن} تأكيد يرتفع الفعل بعده، و«إن» حرف شرط ينجزم الفعل [بعده] فلما جمعوا بينهما لم يجز أن يجزم فعل واحد ويرفع فغيروا المستقبل إلى الماضي؛ لأن الماضي لا يبين فيه إعراب فهذه علة لطيفة فاعرفها، لأن كل ما أتى في كتاب الله تعالى وفي كلام العرب من {لئن} فلا يليه إلى الماضي نحو قوله: {لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/376]
قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم....} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/377]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو: (لئن أخرتني لأحتنكن) [الإسراء/ 62] بياء في الوصل، ابن كثير يقف بياء.
وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي بغير ياء في وصل ولا وقف.
إثبات الياء حسن لأنه بفاصلة، فيحسن الحذف كما يحسن من القافية، نحو قوله:
فهل يمنعني ارتيادي البلا... د من حذر الموت أن يأتين
وأما وقف ابن كثير بالياء فلأنه ليس بفاصلة، وأما من قرأ بغير ياء في وصل ولا وقف فلأنه أشبه ياء قاض من حيث كانت ياء قبلها كسرة، ويوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه [هود/ 105]، فحذفوها كما حذفت في هذا النحو من الأسماء والأفعال). [الحجة للقراء السبعة: 5/109]

قوله تعالى: {قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا (63)}

قوله تعالى: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (بخيلك ورجلك (64)
قرأ حفص وحده (ورجلك) بكسر الجيم، ما رواه عن عاصم غير أبي عمر وقرأ الباقون (ورجلك) بسكون الجيم.
قال أبو منصور: من قرأ (ورجلك) فمعناه: وراجلك، يقال: راجل ورجل، كما يقال: حاذرٌ وحذر.
والقراءة المختارة: ورجلك، وهو جمع راجل، كما يقال: شارب وشرب، وصاحب وصحب، وراكب وركب). [معاني القراءات وعللها: 2/96]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (16- وقوله تعالى: {بخيلك ورجلك} [64].
قرأ عاصم في رواية حفص {ورجلك} بكسر الجيم، وذلك أن اللام كسرت علامة للجر، وكسرت الجيم اتباعًا لكسرة اللام كما تقول: هذا شيء منتن، والأصل: منتن فكسروا الميم لكسرة التاء، وكما قرأ الحسن: {الحمد لله}.
وقرأ الباقون: {ورجلك} ساكن الجيم، وهو الاختيار لأن رجلك جمع راجل، فراجل ورجل كصاحب وصحب وشارب وشرب وتاجر وتجر، وقاتل وقتل وسافر وسفر ويائس ويئس). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/377]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ عاصم في رواية حفص: بخيلك ورجلك [64] مكسورة الجيم.
أبو بكر عن عاصم ساكنة الجيم، وكذلك قرأ الباقون (ورجلك) ساكنة الجيم.
[الحجة للقراء السبعة: 5/109]
قال أبو علي: من أسكن فقال: (ورجلك) جعله جمع راجل، وقالوا: راجل ورجل، كما قالوا: تاجر وتجر، وراكب وركب، وصاحب وصحب، وقالوا: راجل ورجال، كما قالوا: صاحب وصاحب، وراع ورعاء، وفي التنزيل: فرجالا أو ركبانا [البقرة/ 239] وقال: يأتوك رجالا وعلى كل ضامر [الحج/ 27] وقالوا: رجلى ورجال.
فأما ما روى عن عاصم في قوله: ورجلك، فقال أبو زيد:
يقال: رجل رجل للراجل، ويقال: جاءنا حافيا رجلا، وأنشد أبو زيد:
أما أقاتل عن ديني على فرس... ولا كذا رجلا إلّا بأصحاب
كأنه قال: أما أقاتل فارسا وراجلا، ورجل على ما حكاه أبو زيد صفة ومثله: ندس، وحذر وأخر ونحوها، قد قالوا فيها: فعل وفعل، وكذلك جاء رجل كما جاء ندس.
ويجوز أن يكون فيمن أسكن الجيم أن يكون قوله: (ورجلك)، فعل الذي هو مخفّف من فعل أو فعل، مثل عضد وكتف، ويكون المضاف واحدا يعنى به الكثرة.
[الحجة للقراء السبعة: 5/110]
ومن أهل التأويل من يقول: إن قوله: (بخيلك ورجلك) يجوز أن يكون مثلا، كما تقول للرجل المجد في الأمر: جئت بخيلك ورجلك، وقد قيل: إن كل راكب في معصية الله فهو من خيل إبليس، وكلّ راجل في معصية الله فهو من رجالة إبليس، وفي التنزيل: وجنود إبليس أجمعون [الشعراء/ 95] والجند يعم الفارس والراجل، فيجوز أن يكون الخيل والرّجل مثل من ذكر من جنوده). [الحجة للقراء السبعة: 5/111]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن وأبي عمرو -بخلاف- وعاصم -بخلاف-: {بِخَيْلِكَ وَرَجِلِك}، بكسر الجيم.
قال أبو الفتح: روينا عن قُطرب هذه القراءة عن أبي عبد الرحمن، وقال: الرجِلُ: الرجال،
[المحتسب: 2/21]
وعليه قراءة عكرمة وقتادة [ورجالِك]. وقالوا: ثلاثة رَجِلَة ورَجْلَة، ومثله الأراجيلُ والمِرْجَلُ. وكان يونس يرى أن الرجْلة للعبيد أكثر، وقال الشاعر:
وأية أرضٍ لا أنيت سراتها ... وأية أرض لم أرِدْها بِمِرْجَل
أي برجال.
ويقال: رجْل جمع راجِل كتاجر وتَجْر، وهذا عند سيبويه اسم للجمع غير مكَّسر بمنزلة الجامل والباقر، وهو عند أبي الحسن تكسير راجل وتاجر، وقال زهير:
هم ضربوا عن فرجها بكتيبة ... كبيضاء حرْس في جوانبها الرجْل
ويكون الرجال جمع راجل كتاجر وتِجَار، قال الله تعالى: {فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} ). [المحتسب: 2/22]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وأجلب عليهم بخيلك ورجلك}
قرأ حفص {وأجلب عليهم بخيلك ورجلك} بكسر الجيم هذه لغة للعرب يقال رجل ورجل يقول العرب قصر وقصر قال الشّاعر
[حجة القراءات: 405]
أضرب بالسّيف وسعد في القصر
وقال بعض أهل البصرة إنّما كسرت الجيم إتباعا لكسرة اللّام واللّام كسرت علامة للجر كما قرأ الحسن البصريّ {الحمد لله}
وقرأ الباقون {ورجلك} بإسكان الجيم جمع راجل تقول راجل ورجل مثل صاحب وصحب وتاجر وتجر). [حجة القراءات: 406]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (18- قوله: {ورجلك} قرأه حفص بكسر الجيم، وأسكن الباقون.
وحجة من كسر الجيم أنه لغة في «رجل»، يقال: رجْل ورجِل للراجل فيسكنون استخفافًا، ورجِل صفة إذا كان بمعنى راجل، والصفة
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/48]
إذا أتت على «فَعْل» جاز فيها «فَعِل» يقال: نَدْس ونَدِس، حذْر وحذِر، فعلى هذا قالوا في «رجل» الذي هو صفة بمعنى «راجل» رجل، كما قالوا: ندس، فـ «رجلك» واحد يراد به الكثرة.
19- وحجة من قرأ بالإسكان أنه جمع «راجلا» على «رجل» كـ «صاحب وصحب وراكب وركب وتاجر وتجر»، وقد قالوا: رجل ورجال، كما قالوا: صاحب وصحاب، وقالوا راجل ورجلى وراجل ورجال، ويجوز أن تكون قراءة من أسكن مثل قراءة من كسر الجيم، إلا أنه أسكن الكسرة استخفافًا، فتتفق القراءتان، والاختيار الإسكان، لأن عليه الجماعة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/49]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (17- {بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ} [آية/ 64] بكسر الجيم:
رواها ص- عن عاصم.
والوجه أن رجِلًا ورجُلًا بكسر الجيم وضمها مسموعان في معنى الراجل، قال الشاعر:
78- أما أقاتل عن ديني على فرسي = ولا كذا رجلًا إلا بأصحاب
أي راجلًا، ورُوي بكسر الجيم أيضًا.
ومثل ذلك: ندُسٌ وندِسٌ وحذُرٌ وحذِرٌ، فرجِلٌ على هذا يكون واحدًا يراد به الكثرة.
وقرأ الباقون {وَرَجْلِكَ} بسكون الجيم.
والوجه أنه جمع راجل نحو راكبٍ وركبٍ وصاحبٍ وصحبٍ.
ويجوز أن يكون رجل بإسكان الجيم مخففًا من رجُلٍ أو رجِل اللذين سبق ذكرهما، كما تقول: عضد وكتف بالإسكان من عضدٍ وكتفٍ، وهو على هذا أيضًا واحد يُراد به الكثرة). [الموضح: 761]

قوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا (65)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 06:58 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الإسراء

[ من الآية (66) إلى الآية (69) ]
{رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (66) وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا (67) أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا (68) أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا (69)}

قوله تعالى: {رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (66)}

قوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا (67)}

قوله تعالى: {أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا (68)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أفأمنتم أن يخسف بكم)... أو يرسل... (68) و: (يعيدكم... فيرسل عليكم... فيغرقكم (69)
[معاني القراءات وعللها: 2/96]
قرأهن ابن كثير وأبو عمرو بالنون كلهن.
وقرأ الحضرمي (فتغرقكم) بالتاء، والفعل للريح، والأربعة الأحرف قبلها بالياء.
وقرأ الباقون الخمسة الأحرف بالياء.
قال أبو منصور: من قرأهن بالنون فالفعل للّه جلّ وعزّ: أفأمنتم أن نخسف بكم نحن أو نرسل، وكذلك سائر الأفعال، آخرها (فتغرقكم)، ومن قرأ بالياء فهو إخبار عن اللّه، ومن قرأ (فتغرقكم) بالتاء فالفعل للريح). [معاني القراءات وعللها: 2/97] (م)
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (17- وقوله تعالى: {أفأمنتم أن يخسف بكم .... أن يعيدكم} [68، 69].
قرأ ابن كثير وأبو عمرو كل ذلك بالنون.
وقرأ الباقون بالياء. فالنون إخبار الله عز اسمه عن نفسه. ومن قرأ بالياء فمعناه: أن محمدًا صلى الله عليه وسلم يخبر عن الله. والأمر بينهما قريب.
وفي هذه الآية حرفان: قرأ أبو عمرو وابن كثير في رواية عبد {فنغرفكم} مدغمًا.
والباقون يظهرون، وهو الاختيار؛ لاختلاف الحرف ولسكون الغين.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/377]
وفيها أيضًا: {أن يخسف بكم} مدغمًا رواه أبو الحارث عن الكسائي لقرب الفاء من الياء.
والباقون يظهرون وهو الاختيار، لأن الباء تخرج من بين الشفتين، الفاء من باطن الشفة السفلى والثنايا العليا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/378] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والنون من قوله عز وجل: (أن نخسف بكم، أو نرسل عليكم... أن نعيدكم... فنرسل عليكم... فنغرقكم) [الإسراء/ 68، 69].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو بالنون ذلك كلّه.
وقرأ نافع وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائي ذلك كلّه بالياء.
من قرأ بالياء: فلأنه قد تقدم: ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم [67] أفأمنتم أن يخسف بكم.
وأما من قرأ بالنون، فلأن هذا النحو قد يقطع بعضه من بعض وهو سهل، لأن المعنى واحد، ألا ترى أنه قد جاء: وجعلناه هدى لبني إسرائيل، ألا تتخذوا من دوني وكيلا [الإسراء/ 2، 3] فكما انتقل من الجميع إلى الإفراد لا تفاق المعنى، كذلك يجوز أن ينتقل من الغيبة إلى الخطاب، والمعنى واحد، وكلّ حسن، والخسف بهم نحو الخسف بمن كان قبلهم من الكفار، نحو قوم لوط وقوم فرعون). [الحجة للقراء السبعة: 5/111] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا ثمّ لا تجدوا لكم وكيلا * أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى فيرسل عليكم قاصفا من الرّيح فيغرقكم بما كفرتم ثمّ لا تجدوا لكم علينا به تبيعا} 68 و69
قرأ ابن كثير وأبو عمرو (أفأمنتم أن نخسف بكم أو نرسل أو نعيدكم فنرسل فنغرقكم) كلها بالنّون يخبر الله جلّ وعز عن نفسه وحجتهما ذكرها اليزيدي فقال لقوله {ثمّ لا تجدوا لكم علينا به تبيعا} كأنّه لما أتى الكلام عقيبه بلفظ الجمع جعل ما قبله على لفظه ليأتلف نظام الكلام على لفظ واحد
وقرأ الباقون بالياء إخبارًا عن الله وحجتهم أن الكلام ابتدئ به بالخبر عن الله بلفظ التّوحيد فقال {الّذي يزجي لكم الفلك} وقال {ضل من تدعون إلّا إيّاه} فجعلوا ما أتى عقيبه من
[حجة القراءات: 406]
الكلام جاريا على معناه لأن القصّة واحدة والكلام يتبع بعضه بعضًا). [حجة القراءات: 407] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (20- قوله: {أن يخسف بكم} و{يرسل عليكم}، {أن يعيدكم}، {فيرسل}، {فيغرقكم} قرأ أبو عمرو وابن كثير بالنون في الخمس الكلمات، على الإخبار من الله جل ذكره عن نفسه، وهو من الخروج من الغيبة إلى الإخبار، وقد مضت نظائره بحجته، وقرأ الباقون بالياء، ردوه على لفظ الغيبة التي قبله، وذلك قوله: {ضل من تدعون إلا إياه} «67» وقوله: {فلما نجاكم}، وقوله: {ربكم الذي يزجي} «66» وقوله: {من فضله إنه كان بكم} وهو الاختيار، ليأتلف الكلام آخره مع أوله، فذلك أحسن في المطابقة، وقد ذكرنا الاختلاف في الإمالة وعلتها في {أعمى} و{أعمى} في هذه السورة «72» في باب الإمالة، وكذلك ذكرنا الإمالة
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/49]
في «نأي» وعلتها). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/50]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (18- {أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ نَخْسِفَ} [آية/ 68] بالنون:
قرأها ابن كثير وأبو عمرو، وكذلك {أو نُرْسِلَ} و{أَنْ نُعِيدكُمْ} و{فَنُرْسِلَ} و{فَنُغْرِقَكُمْ} بالنون في الجميع.
والوجه أنه على الإخبار عن نفسه تعالى على لفظ الجمع المراد به التعظيم على ما سبق بيانه في مواضع، وهذا على تقدير الانقطاع عما قبله، وأنه غير محمول على ما تقدمه في الإخبار؛ لأن ما تقدمه يُحمل الضمير فيه على أنه عائد إلى اسم الله تعالى في قوله {ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ}.
وقرأ الباقون بالياء في الخمسة الأحرف، وكذلك يعقوب إلا في رواية يس- في {تُغْرِقَكُمْ} فإنه رواها عنه بالتاء، على الإخبار عن الريح، والريح مؤنثة.
والوجه في الياء ما ذكرنا من أنه يعود إلى ذكر الله تعالى في قوله {ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ} فذكر الضمير بالياء في {يَخْسِفْ} وما بعده يعود إليه، وهو أولى لموافقة ما قبله). [الموضح: 762]

قوله تعالى: {أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا (69)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أفأمنتم أن يخسف بكم)... أو يرسل... (68) و: (يعيدكم... فيرسل عليكم... فيغرقكم (69)
[معاني القراءات وعللها: 2/96]
قرأهن ابن كثير وأبو عمرو بالنون كلهن.
وقرأ الحضرمي (فتغرقكم) بالتاء، والفعل للريح، والأربعة الأحرف قبلها بالياء.
وقرأ الباقون الخمسة الأحرف بالياء.
قال أبو منصور: من قرأهن بالنون فالفعل للّه جلّ وعزّ: أفأمنتم أن نخسف بكم نحن أو نرسل، وكذلك سائر الأفعال، آخرها (فتغرقكم)، ومن قرأ بالياء فهو إخبار عن اللّه، ومن قرأ (فتغرقكم) بالتاء فالفعل للريح). [معاني القراءات وعللها: 2/97] (م)
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (17- وقوله تعالى: {أفأمنتم أن يخسف بكم .... أن يعيدكم} [68، 69].
قرأ ابن كثير وأبو عمرو كل ذلك بالنون.
وقرأ الباقون بالياء. فالنون إخبار الله عز اسمه عن نفسه. ومن قرأ بالياء فمعناه: أن محمدًا صلى الله عليه وسلم يخبر عن الله. والأمر بينهما قريب.
وفي هذه الآية حرفان: قرأ أبو عمرو وابن كثير في رواية عبد {فنغرفكم} مدغمًا.
والباقون يظهرون، وهو الاختيار؛ لاختلاف الحرف ولسكون الغين.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/377]
وفيها أيضًا: {أن يخسف بكم} مدغمًا رواه أبو الحارث عن الكسائي لقرب الفاء من الياء.
والباقون يظهرون وهو الاختيار، لأن الباء تخرج من بين الشفتين، الفاء من باطن الشفة السفلى والثنايا العليا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/378] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والنون من قوله عز وجل: (أن نخسف بكم، أو نرسل عليكم... أن نعيدكم... فنرسل عليكم... فنغرقكم) [الإسراء/ 68، 69].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو بالنون ذلك كلّه.
وقرأ نافع وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائي ذلك كلّه بالياء.
من قرأ بالياء: فلأنه قد تقدم: ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم [67] أفأمنتم أن يخسف بكم.
وأما من قرأ بالنون، فلأن هذا النحو قد يقطع بعضه من بعض وهو سهل، لأن المعنى واحد، ألا ترى أنه قد جاء: وجعلناه هدى لبني إسرائيل، ألا تتخذوا من دوني وكيلا [الإسراء/ 2، 3] فكما انتقل من الجميع إلى الإفراد لا تفاق المعنى، كذلك يجوز أن ينتقل من الغيبة إلى الخطاب، والمعنى واحد، وكلّ حسن، والخسف بهم نحو الخسف بمن كان قبلهم من الكفار، نحو قوم لوط وقوم فرعون). [الحجة للقراء السبعة: 5/111] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا ثمّ لا تجدوا لكم وكيلا * أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى فيرسل عليكم قاصفا من الرّيح فيغرقكم بما كفرتم ثمّ لا تجدوا لكم علينا به تبيعا} 68 و69
قرأ ابن كثير وأبو عمرو (أفأمنتم أن نخسف بكم أو نرسل أو نعيدكم فنرسل فنغرقكم) كلها بالنّون يخبر الله جلّ وعز عن نفسه وحجتهما ذكرها اليزيدي فقال لقوله {ثمّ لا تجدوا لكم علينا به تبيعا} كأنّه لما أتى الكلام عقيبه بلفظ الجمع جعل ما قبله على لفظه ليأتلف نظام الكلام على لفظ واحد
وقرأ الباقون بالياء إخبارًا عن الله وحجتهم أن الكلام ابتدئ به بالخبر عن الله بلفظ التّوحيد فقال {الّذي يزجي لكم الفلك} وقال {ضل من تدعون إلّا إيّاه} فجعلوا ما أتى عقيبه من
[حجة القراءات: 406]
الكلام جاريا على معناه لأن القصّة واحدة والكلام يتبع بعضه بعضًا). [حجة القراءات: 407] (م)

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 06:59 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الإسراء

[ من الآية (70) إلى الآية (72) ]
{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70) يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (71) وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا (72)}

قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70)}

قوله تعالى: {يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (71)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن: [يَوْمَ يُدْعَوْ كُلُّ أُنَاسٍ]، بضم الياء، وفتح العين.
قال أبو الفتح: هذا على لغة من أبدل الألف في الوصل واوا، نحو أفْعَوْ، وحُبْلَوْ ذكر ذلك سيبويه، وأكثر هذا القلب إنما هو في الوقف؛ لأن الوقف من مواضع التغيير، وهو أيضا في الوصل محكي عن حاله في الوقف. ومنهم من يبدلها ياء، وبهذه اللغة يحتج ليونس في البيت الذي أنشده صاحب الكتاب شاهدا عليه بأن ياء لبيك ياء التثنية ردا على يونس في أنها ألف بمنزلة ألف: عَلَى ولَدَى، والبيت قوله:
[المحتسب: 2/22]
دعوتُ لما نابني مسوَرًا ... فَلَبَّي فَلَبَّي يَدَيْ مسورٍ
قال سيبوبه: "فَلَبَّي" بالياء دلالة على أنها ياء التثنية. قال: ولو كانت كألف عَلَى ولَدَى لقال: فَلَبَّى يدى مسور، كقولك: على يدى مسور؛ فليونس أن يقول: جاء هذا على قولهم في الوصل: هذه أفعى. وقد ذكرنا هذا في غير هذا الموضع من كتبنا؛ فكذلك يكون [يُدْعَوْ] مرادا به يدعَى على أفْعَوْ). [المحتسب: 2/23]

قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا (72)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى (72)
قرأ أبو عمرو ويعقوب (في هذه أعمى) بكسر الميم (فهو في الآخرة أعمى) بفتح الميم، وكذلك روى نصير عن الكسائي الكسر.
وأما أبو بكر عن عاصم فإنه قرأهما بين الفتح والكسر ها هنا وفي طه. وكسر الميم فيهما حمزة والكسائي، وفتحهما الباقون.
قال أبو منصور: أما قراءة أبي عمرو (من كان في هذه أعمى) بكسر الميم، (فهو في الآخرة أعمى) بفتح الميم، فإنه جعل الأول اسما، من " أعمى القلب " وجعل الثاني تعجبا على (أفعل) من كذا، وفرّق بين المعنيين باختلاف الحركتين، وهكذا روى نصير عن الكسائي، ومن كسر الميم منهما معًا أو فتحهما معًا
[معاني القراءات وعللها: 2/97]
جعلهما على معنى واحد، وهو الاسم، كأنه قال: من كان في الدنيا أعمى القلب عن قبول الحق فهو يحشر أعمى العينين لا يبصر، كما قال: (ونحشره يوم القيامة أعمى)، والعرب تقول: هو أعمى قلبًا.
وقرأ غيره " هو أعمى القلب، ويقولون: هو أعمى العين، وهو أشد عمىً من غيره.
وفتح الميمين على لغة من يفخم، وكسرهما على لغة من يميل، وكلاهما لغة). [معاني القراءات وعللها: 2/98]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (18- وقوله تعالى: {ومن كان في هذه أعمى} [72].
قرأ أهل الكوفة بالإمالة فيهما إلا حفصا فإنه فتحهما؛ لأن الياء متطرفة وهو رباعي فأمالوا ذلك، والعرب قد تميل ذوات الواو إذا كان رباعيًا نحو قوله: {أتستبدلون الذي هو أدنى} فكيف بذوات الياء.
وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر بالتفخيم فيهما، وحجتهم: أن الياء فيهما قد صارت ألفًا لانفتاح ما قبلها، والأصل: ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى؛ من كان فيما وصفنتا من نعيم الدنيا أعمى فهو في نعيم الآخرة أعمى.
وكان أبو عمرو أحذقهم ففرق بين اللفظين لاختلاف المعنيين فقرأ: {ومن كان في هذه أعمى} بالإمالة {فهو في الآخرة أعمى} بالفتح أي: أشد عمى، فجعل الأول صفة بمنزلة أحمر وأصفر، والثاني بمنزلة أفعل منك.
فإن قيل: إنما يقال: هو أشد عمى فلم قال تعالى: {في الآخرة أعمى} ولم يقل: أشد عمى؟
فالجواب في ذلك: أن العمى على ضربين: عمى العين وعمى القلب فيقال: ما أشد عماه في العين، وفي القلب: ما أعماه، بغير أشد، لأن عمى
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/378]
القلب حمق، وربما قال الشاعر ضرورة ما أبيضه وما أحمره، قال الشاعر:
أما الملوك فأنت اليوم الأمهم = لوما وأبيضهم سربال طباخ
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/379]
ويقال: ما أسوده من السؤدد لا من سواد اللون، وما أحمره من البلادة كأنه حمار لا من الحمرة.
وحدثني ابن مجاهد عن السمري عن الفراء: أن العرب تقول: امرأة مسودة مبيضة أي: تلد السودان والبيضان قال الفراء: والاختيار امرأة موضحة إذا ولدت البيضان، وقال بعضه: لا وجه لما فرق أبو عمرو بينهما؛ لأن الثاني وإن كان بمعنى أفعل منك فلا يمتنع من الإمالة كما لا يمتنع {بالذي هو أدنى}.
قال أبو عبد الله: إنما أراد أبو عمرو أن يفرق بينهما لما اختلف معنياهما واجتمعا في آية كما قرأ {ويوم القيامة يردون} بالياء يعني الكفار {عما تعملون} بالتاء، أي: أنتم وهم، ولو وقع مفردًا لأجاز الإمالة والتفخيم في كليهما. وقال المبرد فيه قولاً رابعًا: قال: معنى قوله: {فهو في الآخرة أعمى} لم يرد أعمى من كذا إنما يخبر أنه كذلك). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/380]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح الميم وكسرها من قوله جل وعز: أعمى، و (أعمى) [الإسراء/ 72].
فقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر، أعمى فهو في الآخرة أعمى مفتوحتي الميم.
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وحمزة والكسائي: (أعمى فهو في الآخرة أعمى) بكسر الميم فيهما جميعا.
حفص عن عاصم: لا يكسرهما.
وقرأ أبو عمرو (في هذه أعمى) بكسر الميم فهو في الآخرة أعمى بفتحها.
قال أبو علي: من قرأ أعمى بالفتحة غير ممالة كان قوله حسنا، لأن كثيرا من العرب لا يميلون هذه الفتحة.
ومن أمال الجميع فحسن، لأنه ينحو بالألف نحو الياء ليعلم أنها تنقلب إلى الياء، وإن كانت فاصلة أو مشبهة للفاصلة. والإمالة فيها حسنة لأن الفاصلة موضع وقف، والألف تخفى في الوقف، فإذا أمالها نحا بها نحو الياء ليكون أظهر لها وأبين. ومما يقوّي ذلك أنّ من العرب من يقلب هذه الألفات في الوقف ياءات ليكون أبين لها، فيقول: أفعي، وحبلى، ومنهم من يقول: أفعو، وهم كأنّهم أحرص على البيان من الأولين من حيث كانت الواو أظهر من الياء، والياء أخفى منها من حيث كانت أقرب إلى الألف من الواو إليها.
وأما قراءة أبي عمرو: (أعمى فهو في الآخرة أعمى) فأمال الألف من الكلمة الأولى، ولم يملها في الثانية، فلأنه يجوز أن لا يجعل أعمى في الكلمة الثانية عبارة عن العوارف الجارحة، ولكن
[الحجة للقراء السبعة: 5/112]
جعله أفعل من كذا، مثل: أبلد من فلان، فجاز أن يقول فيه: أفعل من كذا وإن لم يجز أن يقال ذلك في المصاب ببصره، وإذا جعله كذلك لم تقع الألف في آخر الكلمة لأن آخرها إنما هو من كذا، وإنما تحسن الإمالة في الأواخر لما تقدم. وقد حذف من أفعل الذي هو للتفضيل الجارّ والمجرور وهما مرادان في المعنى مع الحذف، وذلك نحو قوله: فإنه يعلم السر وأخفى [طه/ 7] المعنى: أخفى من السر، وكذلك قولهم: عام أول، أي: أول من عامك، وكذلك قوله: فهو في الآخرة أعمى أي: أعمى منه في الدنيا، ومعنى العمى في الآخرة: أنه لا يهتدي إلى طرق الثواب ويؤكّد ذلك ظاهر ما عطف عليه من قوله: وأضل سبيلا، وكما أن هذا لا يكون إلّا على أفعل، كذلك المعطوف عليه، ومعنى أضلّ سبيلا في الآخرة: أن ضلاله في الدنيا قد كان ممكنا من الخروج منه، وضلاله في الآخرة لا سبيل له إلى الخروج منه، ويجوز أن يكون قوله: أعمى، فيمن تأوله أفعل من كذا على هذا التأويل أيضا). [الحجة للقراء السبعة: 5/113]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا}
قرأ حمزة والكسائيّ وأبو بكر {ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى} بكسر الميم فيهما وحجتهم أن الألف تنقلب إلى الياء إذا قلت أعميان فالإمالة فيهما حسنة
وقرأ الباقون {أعمى} {أعمى} بغير إمالة وحجتهم أن الياء فيهما قد صارت ألفا لانفتاح ما قبلها والأصل {ومن كان في هذه أعمى} بفتح الياء {فهو في الآخرة أعمى} بضم الياء فقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها
وكان أبو عمرو أحذقهم ففرق بين اللّفظين لاختلاف المعنيين فقرأ {ومن كان في هذه أعمى} بالإمالة {فهو في الآخرة أعمى} بالفتح فجعل الأول صفة بمنزلة أحمر وأصفر والثّاني بمنزلة أفعل منك أي أعمى قلبا
قال ابن كثير من عمي في الدّنيا مع ما يرى من آيات الله وعبره فهو عمّا لم ير من الآخرة أعمى وأضل سبيلا
قال أبو عبيد وكان أبو عمرو يقرأ هذا الحرف على تأويل ابن كثير {فهو في الآخرة أعمى} يعني أشد عمى وأضل سبيلا وحجّة من أمال هي أن الإمالة والفتح لا يأتيان على المعاني بل الإمالة تقريب من الياء وإن كان بمعنى أفعل فلا يمنع من الإمالة
[حجة القراءات: 407]
كما لا يمتنع {الّذي هو أدنى} ). [حجة القراءات: 408]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (19- {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ أَعْمَى} [آية/ 72] بالفتح فيهما:
[الموضح: 762]
قرأهما ابن كثير وابن عامر و-ص- عن عاصم.
والوجه أن ترك الإمالة أصل على ما سبق بيانه غير مرة.
وقرأ حمزة والكسائي و-ياش- عن عاصم {أعمى} و{أعمى} بالإمالة فيهما.
والوجه أن هذه الألف تنقلب إلى الياء في قولك أعميان، فحسنت الإمالة فيها ويزيدها حسنًا أن أصلها من الياء.
وكان نافعٌ يضجعها قليلًا.
والوجه أن الإضجاع مثل الإمالة إلا أنه كره أن يصير إلى الياء الذي منه هرب، فأضجع إعلامًا بجواز الإمالة.
وقرأ أبو عمرو ويعقوب في {هذِهِ أَعْمَى} ممالةً، و{فِي الآخِرَةِ أَعْمَى} مفتوحة.
والوجه في إمالة الأول قد سبق، وأما فتح {أَعْمَى} الثانية؛ فلأن هذه الثانية لم يرد بها المؤف البصر، وإنما جُعلت على أفعل الذي للتفضيل، والمعنى أكثر عمًى، بُني من قولهم: هو عمٍ عن هذا، والتقدير أعمى منه
[الموضح: 763]
في الدنيا، فمن مُرادٌ في المعنى؛ لأن هذا الضرب أعني أفعل من غير إضافةٍ ولا لام تعريفٍ يلزمه مِنْ، فالألف من أعمى إذًا ليست في آخر الكلمة لتقدير من معها، والإمالة في نحو ذلك إنما تكون في الأواخر، فلهذا اختار الفتح فيها من اختار، ويؤيد كون الكلمة على التفضيل أن ما عُطف عليها على التفضيل أيضًا، وهو قوله تعالى {وَأَضَلُّ سَبِيلًا} ). [الموضح: 764]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 07:01 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الإسراء

[ من الآية (73) إلى الآية (77) ]
{وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (73) وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا (75) وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76) سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (77)}

قوله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (73)}

قوله تعالى: {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74)}

قوله تعالى: {إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا (75)}

قوله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وإذًا لا يلبثون خلفك (76)
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وأبو بكر عن عاصم (خلفك) بفتح الخاء وسكون اللام، وقرأ الحضرمي (خلفك) و(خلافك) جميعا، وقرأ الباقون (خلافك) بكسر الخاء، والألف.
قال أبو منصور: المعنى في خلفك وخلافك واحد، أي: لا يلبثون بعدك إلا قليلا.
وقال الفراء: أراد جلّ وعزّ: أنك لو خرجت ولم يؤمنوا لنزل بهم العذاب بعد خروجك.
قال: وقدم رسول الله صلى اللّه عليه المدينة فحسدته اليهود، وثقل عليهم مكانه، فقالوا: إنك لتعلم أن هذه البلاد ليست بلاد الأنبياء، فإن كنت نبيًّا فاخرج إلى الشام، فإنها بلاد الأنبياء، قال: فعسكر النبي - صلى الله عليه وسلم - على أميال من المدينة، فأنزل الله جلّ وعزّ (وإن كادوا ليستفزّونك من الأرض) أي: من المدينة، الآية). [معاني القراءات وعللها: 2/98]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (19- وقوله تعالى: {وإذا لا يلبثون خلفك} [76].
قرأ حمزة والكسائي وابن عامر وحفص عن عاصم {خلفك}.
والباقون {خلفك} قال: وإنما اخترنا ذلك، لأن معناه: بعدك كما قال تعالى: {فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها} أي: لما بعدها من الأمم، وليس هذا كقوله: {بمقعدهم خلف رسول الله} لأن الخلاف هناك مخالفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/380]
قال أبو عبد الله: يقال: جئت بعدك وخلفك وخلافك بمعنى واحد، قال الشاعر:
عفت الرذاذ خلافها فكأنما = بسط الشواطب بينهن حصيرا
يريد: المطر الخفيف، ويصف روضة وأرضا غب مطر تهتز خضراء). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/381]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في كسر الخاء وإثبات الألف في قوله عز وجل: (خلفك) [الإسراء/ 76].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر: (لا يلبثون خلفك).
حفص عن عاصم: خلافك.
وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي خلافك.
زعم أبو الحسن أنّ خلافك في معنى خلفك، وأنّ يونس روى
[الحجة للقراء السبعة: 5/113]
ذلك عن عيسى وأن معناه: بعدك. فمن قرأ (خلفك) وخلافك فهو في تقدير القراءتين جميعا على حذف المضاف، كأنّه: لا يلبثون بعد خروجك. وكان حذف المضاف في الآية وفي قول ذي الرّمة:
له واحف والصّلب حتى تقطّعت... خلاف الثّريّا من أريك مآربه
المعنى: خلاف طلوع الثريا، وحسن حذف المضاف لأنه إحدى الجهات التي تضاف إلى الأسماء التي هي أعيان وليست أحداثا. وقد أضافوا هذه الظروف كما يضاف إلى أسماء الأعيان، وكأنّهم لم يستحبّوا إضافتها إلى خلاف ما جرى عليه كلامهم في إضافتها، كما أنّها لما جرت منصوبة في كلامهم تركوها على نصبها إذا وقعت في غير موضع النصب كقوله: وإنا منا الصالحون ومنادون ذلك [الجن/ 11] وقوله: يوم القيامة يفصل بينكم [الممتحنة/ 3] فكما تركوها على النصب هنا، كذلك أضافوها إلى الأسماء الأعيان، وكان كذلك من جعل قوله: خلاف رسول الله [التوبة/ 81] اسما للجهة على حذف المضاف، كأنه: خلاف خروج رسول الله، ومن جعله مصدرا جعله مضافا إلى المفعول به، وعلى أيّ الأمرين حمل في سورة التوبة كان قوله: بمقعدهم. المقعد فيه مصدر في معنى القعود، ولا يكون اسما للمكان، لأن أسماء الأماكن لا يتعلّق بها شيء.
ومعنى قوله: وإن كادوا ليستفزونك من الأرض قال أبو
[الحجة للقراء السبعة: 5/114]
عبيدة: ليخرجوك منها. [الإسراء/ 76] فأمّا الأرض فهو بلده، وحيث يستوطنه، وكذلك قوله: أو ينفوا من الأرض [المائدة/ 33]، إنما هو من حيث كانوا يتصرّفون فيه لمعاشهم ومصالحهم، ولا يجوز أن يعنى به جميع الأرض، لأنه لا سبيل إلى إخراجه من جميعها، وكذلك قوله: فلن أبرح الأرض [يوسف/ 80] إنما يريد به الأرض التي كان قصدها للامتياز منها، فربّما أطلقت اللفظة، والمراد بها المكان المخصوص، وربما خصّص في اللفظ: يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره [الشعراء/ 35] إنما يعني به بلادهم ومواطنهم.
ولو أخرجوك من أرضك، لم يلبثوا بعدك إلا قليلا حتى يستأصلوا، وهذه الآية كقوله: وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك، أو يقتلوك، أو يخرجوك [الأنفال/ 30] فلو أخرجوك لاستأصلناهم كسنّتنا في إخراج الرسل قبلك إذا أخرجوا من ديارهم، ومن ظهرانيهم. وقد أخرج النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم من مكة قال: وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم [محمد/ 13] فحكم فيهم بالقتل، ولم يؤخذوا بالاستئصال لما سبق من القول بأنه لا تهلك هذه الأمة بالاستئصال.
وكذلك جاء وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون [الإسراء/ 59] ). [الحجة للقراء السبعة: 5/115]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وإذا لا يلبثون خلافك إلّا قليلا}
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر (وإذا لا يلبون خلفك) بغير ألف أي بعدك كما قال جلّ وعز {نكالا لما بين يديها وما خلفها} أي بعدها
وقرأ الباقون خلاخل بالألف أي مخالفتك قال ذلك الفراء يقول لو أنّك خرجت ولم يؤمنوا لنزل بهم العذاب وحجتهم إجماع الجميع على قوله {فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله} فردّوا ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه). [حجة القراءات: 408]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (21- قوله: {يلبثون خلافك} قرأ ابن عامر وحفص وحمزة والكسائي {خلافك} بكسر الخاء وبألف بعد اللام، وقرأ الباقون «خلفك» بغير الألف وفتح الخاء وهما لغتان بمعنى واحد، وحكى الأخفش أن {خلافك} بمعنى «خلفك» ومعنى «خلفك» و{خلافك} بعدك، وفي الكلام حذف مضاف تقديره: وإذًا لا يلبثون بعد خروجك إلا قليلا، وهو بمنزلة قوله: {بمقعدهم خلاف رسول الله} «التوبة 81» أي خلف خروج رسول الله، إن جعلت «خلاف» ظرفا، وإن جعلته اسمًا لم تقدر حذفا، و«المعقد» بمعنى القعود). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/50]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (20- {لَا يَلْبَثُونَ خَلْفَكَ} [آية/ 76] بفتح الخاء من غير ألف:
قرأها ابن كثير ونافعٌ وأبو عمرو وعاصم ياش-.
وقرأ الباقون {خِلافك} بالألف وكسر الخاء.
والوجه أن {خَلْفَكَ} و{خِلافَكَ} لغتان بمعنًى واحد، والمراد به بعدك والتقدير في القراءتين جميعًا أن يكون على حذف المضاف كأنه قال: لا يلبثون خلف خروجك أو خلاف خروجك). [الموضح: 764]

قوله تعالى: {سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (77)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 07:04 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الإسراء

[ من الآية (78) إلى الآية (82) ]
{أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78) وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (79) وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا (80) وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (81) وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (82)}

قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78)}

قوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (79)}

قوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا (80)}

قوله تعالى: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (81)}

قوله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (82)}
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (21- {وَنُنْزِلُ مِنَ الْقُرْآَنِ} [آية/ 82] مخففة:
[الموضح: 764]
قرأها أبو عمرو ويعقوب، وكذلك {حَتَّى تُنْزِلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ}.
وقرأ الباقون {وَنُنَزِّلُ} و{حتَّى تُنَزِّل} بالتشديد فيهما.
وقد مضى الكلام في نزّل وأنزَل في مواضع). [الموضح: 765]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 08:23 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الإسراء

[ من الآية (83) إلى الآية (85) ]
{وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا (83) قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا (84) وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)}

قوله تعالى: {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا (83)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ناء بجانبه (83)
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وحفص والأعشى عن أبي بكر ويعقوب (ونأى)، مثل: (نعى)، بفتح النون والهمزة في السورتين، فقرأ ابن عامر (وناء) بوزن (ناع) في الموضعين مفتوحةً ممدودة مهموزةً، وروى يحيى عن أبي بكر (ونائي) بفتح النون، وكسر الهمزة، بوزن (ناعي)، كذلك رواه الأدمي في السورتين على من قرأ عليه، وكذلك روى خلف عن سليم عن حمزة وروى الكسائي عن أبي بكر عن عاصم (ونئى) بكسر النون والهمزة، وكذلك قراءة الكسائي في السورتين بكسرهما جميعًا.
قال أبو منصور: أما من كسر النون والهمزة فإنه لما أمال الهمزة كسر النون والهمزة ليتبع الكسرة، ومن قرأ بفتحهما آثر التفخيم لأنه أفصح اللغتين، ومن فتح النون وكسر الهمزة جعل النون فاء الفعل وهي مفتوحة في الأصل، وكسر الهمزة، وأمالها لقربها من الياء.
وأما من قرأ (ونأى بجانبه) فإنه أراد (ناء) فقلبه، كما يقال: (رأى)، بوزن (رعى)، و(راء) بوزن (راع).
ومعنى قوله: (ناء بجانبه)، أي: أناء جانبه تكبّرًا وإعراضًا عن ربّه.
ويجوز أن يكون (ناء بجانبه) بمعنى أنّ جانبه، أي أماله، كما يصعّر المتكبّر خدّه، إذا أماله.
وكل ذلك جائز). [معاني القراءات وعللها: 2/99]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (20- وقوله تعالى: {ونئا بجانبه} [83].
قرأ ابن عامر وحده برواية ابن ذكوان {وناء بجانبه} جعله من ناء ينوء: إذا طاق الحمل من قوله: {لتنوء بالعصبة} والأصل: نوأ، فانقلبت الواو ألفًا لانفتاح ما قبلها ومددت الألف تمكينًا للهمزة.
وقرأ حمزة والكسائي {ونئي بجانبه} بكسر النون والهمزة أي: بعد، أما الهمزة لمجيء الياء، وأمال النون لمجاورة الهمزة؛ لأنها من حروف الحلق كما يقال: رغيف وبعير وشعير.
أخبرني ابن دريد عن أبي حاتم عن الأصمعي أو غيره قال: رأيت
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/381]
أعرابيًا يسأل الناس ويقول: تعطفوا على شيخ ضعيف بكسر الضاد. والمصدر من هذا نأى ينأى نأيًا فهو ناءٍ.
وحدثني ابن مجاهد عن أبي الزعراء عن أبي عمر عن سليم عن حمزة {ونإى بجانبه} بفتح النون وكسر الهمزة.
قال أبو عبد الله: وكذلك قرأ عاصم في رواية أبي بكر هنا وكذلك مرة قرأها أبو عمرو في رواية في سورة (بني إسرائيل).
والباقون يفتحون النون والهمزة ونأى على وزن نعى وهو الأصل؛ لأن الياء قد انقلبت ألفًا لانفتاح الهمزة، والأصل نأى). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/382]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله عز وجل (ونأى بجانبه) [الإسراء/ 83].
فقرأ ابن كثير ونافع: (ونأى بجانبه) في وزن نعى حيث وقع بفتح النون والهمزة.
وقرأ ابن عامر وحده: (وناء بجانبه) مثل باع. وقرأ حمزة
[الحجة للقراء السبعة: 5/115]
والكسائي: (وناي) في رواية خلف عن سليم بإمالة النون وكسر الهمزة، كذلك حدثني أبو الزعراء عن أبي عمر عن سليم عن حمزة.
واختلف عن عاصم فروى أبو بكر أنه كسر هذه التي في سورة بني إسرائيل وفتح الهمزة في السجدة [51]. وروى حفص عن عاصم أنه فتحهما جميعا.
وأما أبو عمرو فروى عنه اليزيدي: (ونأى) مفتوحة الهمزة هاهنا وفي السجدة. وقال عبد الوارث مثله هاهنا. وقال في السجدة: بهمزة بعدها ياء، ونأى في وزن نعى.
وقال عباس: ونأي مكسورة مهموزة في وزن نعى: أعرض، أي: ولى عرضه، أي: ناحيته، كأنه لم يقبل على الدعاء والابتهال على حسب ما يقبل في حال البلوى والمحنة، ونأى بجانبه قال أبو عبيدة: تباعد.
ابن كثير ونافع: (ونأى) لم يميلا واحدة من الفتحتين، وترك
[الحجة للقراء السبعة: 5/116]
الإمالة كثير سائغ، وهو قول أهل الحجاز. ابن عامر: ناء مثل ناع، وهذا على القلب، وتقديره فلع، ومثل هذا في القلب قولهم راء، ورأى قال:
وكلّ خليل راءني فهو قائل... من أجلك هذا هامة اليوم أو غد
حمزة والكسائي: نأي بإمالة الفتحتين، ووجه ذلك أنه أمال فتحة الهمزة لأن الألف منقلبة من الياء التي في النأي، فأراد أن ينحو نحوها، وأمال فتحة النون لإمالة الفتحة فتحة الهمزة، وقد قالوا: رأيت عمادا، فأمالوا الألف لإمالة الألف، وكذلك أمالا الفتحة لإمالة الفتحة، لأنهم قد يجرون الحركة مجرى الحرف في أشياء.
ووجه رواية خلّاد عن سليم (ونأي) بفتح النون وكسر الهمزة أنه لم يمل الفتحة الأولى لإمالة الفتحة الثانية، كما لم يميلوا الألف لإمالة الألف في رأيت عمادا.
قال: واختلف عن عاصم، فروى أبو بكر أنه كسر هذه التي في بني إسرائيل، وفتح الهمزة في السجدة، إن كان يريد بهذه التي في بني إسرائيل كسر النون من غير أن يميل الفتحة التي في الهمزة فوجهها أن مضارع نأى ينأى على يفعل، فإذا كان المضارع على يفعل أشبه الماضي ما كان على فعل والعين همزة فكسرها كما كسر شهد، كما أن من قال: أبي يأبى كان على هذا، وهذا كقول من قال: رأى القمر
[الحجة للقراء السبعة: 5/117]
[الأنعام/ 77] وإن كان يريد بقوله كسر هذه أنه أمال الفتحة، فهو مثل قول حمزة.
قال: وروى حفص عن عاصم أنه فتحهما جميعا، فهذا مثل قول ابن كثير ونافع قال: وأما أبو عمرو فروى عنه اليزيدي (نأى) مفتوحة الهمزة هاهنا وفي السجدة. قال: وقال عبد الوارث مثله هاهنا.
قال: وقال في السجدة بهمزة بعدها ياء، (ونأى) في وزن نعا، وقال عباس مثل ذلك.
قال أبو علي: قد مضى القول في ذلك كله). [الحجة للقراء السبعة: 5/118]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه}
قرأ ابن عامر (وناء بجانبه) مثل ناع وهذا على القلب وتقديره فلع ومثل هذا في القلب قولهم رأى وراء قال الشّاعر:
وكل خليل راءني فهو قائل ... من أجلك هذا هامة اليوم أو غد
وقال قوم من ناء أي نهض كما قال {ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة} أي تنهض والأصل نوأ فانقلبت الواو ألفا لتحركها
[حجة القراءات: 408]
وانفتاح ما قبلها ومددت الألف تمكينا للهمزة
قرأ حمزة والكسائيّ {ونأى} بإمالة الألف بعد الهمزة وكسرة النّون وحجتهما أن الألف منقلبة عن الياء الّتي في النأي فتبعتها هذه الألف فأراد أن ينحو نحوها فأما الألف بعد الهمزة فتبعت الهمزة وكسر النّون قبل الهمزة إتباعا لكسرة الهمزة
قرأ أبو بكر وخلاد عن حمزة {ونأى} بفتح النّون وكسر الهمزة ولم يكسرا فتحة النّون لأجل كسرة الهمزة بل تركا النّون على حالها كما تقول رمي بفتح الرّاء
وقرأ الباقون (نأى) بفتح النّون والهمزة أي بعد وتنحّى وترك الإمالة هو الأصل لأن الياء قد انقلبت ألفا). [حجة القراءات: 409]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (22- وقوله: {ونأى بجانبه} قرأ ابن ذكوان بهمزة بعد الألف على القلب، قلب الألف المنقلبة عن ياء، وهي لام الفعل، في موضع الهمزة، وهي عين الفعل، فكان وزنه قبل القلب «فعَلَ» فصار وزنه بعد القلب «فَلَع» وقد قالوا: رأى وراء، وهو مثله في القلب، وقرأ الباقون بهمزة قبل الألف، وهو الأصل، لأنه «فعل» من «النأى» وهو البعد، والاختلاف في الإمالة، وعلتها قد تقدمت في أبواب الإمالة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/50]

قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (22- {وَنَاءَ بِجَانِبِهِ} [آية/ 83] ممدودة في وزن نَاعَ:
قرأها ابن عامر وحده، وكذلك في حم السجدة.
والوجه أنه مقلوب نَأَى، كما يقال وراء ورأى، قال:
79- وكل خليلٍ رءاني فهو قائلٌ = من آجلك: هذا هامة اليوم أو غد
فهو مقلوب رأى، كما قالوا جذب وجبذ.
وقرأ ابن كثير ونافعٌ وأبو عمرو وعاصم ص- ويعقوب {وَنَاَى} مفتوحة النون والهمزة في السورتين في وزن نَعَا.
[الموضح: 765]
والوجه أن ترك الإمالة على ما تقدم هو الأصل، وهو فاشٍ عند العرب، ولا سيما عند أهل الحجاز.
ونافع يضجع الهمزة قليلًا، وقد ذكرنا وجه الإضجاع غير مرةٍ.
وقرأ حمزة والكسائي على اختلاف عنه {رِإِى} و{نِإِى} بكسر النون والهمزة جميعًا في السورتين.
والوجه أن الكسرتين إمالتان، فالألف أُميلت لكونها منقلبةً عن الياء، ولا بد في إمالتها من إمالة فتحة الهمزة التي قبلها، وأما إمالة النون فهي لإمالة فتحة الهمزة، وتُسمى إمالةً لإمالةٍ، والإمالة للإمالة معروفةٌ عندهم، كما قالوا رأيت عمادا، فأمالوا الألف لإمالة الألف التي قبلها.
وروى ث- عن الكسائي {وَنَإِى} بفتح النون وكسر الهمزة في السورتين، وكذلك ياش- عن عاصم في هذه السورة.
والوجه أنه لم يُمل فتحة النون لإمالة فتحة الهمزة بل اقتصر على إمالة فتحة الهمزة فقط، ولم يذهب إلى الإمالة للإمالة؛ لأنه وجد الإمالة للإمالة ليست بكثيرة في كلامهم وإن كانت مستعملةً). [الموضح: 766]

قوله تعالى: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا (84)}

قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:20 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة