العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 08:21 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الرعد

[ من الآية (8) إلى الآية (11) ]
{اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (8) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9) سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10) لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11)}

قوله تعالى: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (8)}

قوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (5- وقوله تعالى: {الكبير المتعال} [9].
أثبت ابن كثير الياء في {المتعالى} وصل أو وقف على الأصل، وأثبتها نافع في رواية إسماعيل وأبو عمرو في رواية ابي زيد وصلا، وحذفا وقفًا ليكونا تابعين للمصحف في الوقف، وتابعين للأصل في الوصل.
وقرأ الباقون بغير ياء وصلوا أو وقفوا، ولهم علتان:
إحداهما: خط المصحف.
والثانية: أن العرب يجتزئ بالكسرة عن الياء الشديدة وأنشد سيبويه رحمه الله -:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/325]
فطرت بمنصلي في يعملات = دوامي الأيد يخبطن السريحا
أراد: الأيدي فحذف الياء: و{المتعال} متفاعل من العلو، والأصل: متعالو، فانقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها كقولك: الداعي والغازي، والأصل: الداعو والغازو فصارت الواو ياءً لانكسار ما قبلها. وتعالى الله: تفاعل من العلو. وتبارك: تفاعل من البركة والله متعالٍ ولا يقال: مُتبارك، لأن اللغة سماع وليست قياسًا، فإذا أمرت رجلا فقلت: تعال يا هذا سقطت الألف للأمر، والأصل: ارتفع ثم كثر في كلامهم حتى صار مَنْ في البئر يقول للذي فوق: تعال، وإنما الحكم لمن كان على عَرْعَرَةٍ جبل أن يقول لمن بحضيضه: تعال، وللرجلين: تعاليا، وللرجال: تعالوا: وللمرأة، تعالي وتعاليا و{تعالين أمتعكن}.
فإن سأل سائل فقال: إذا أمرت رجلاً فقلت: تعال كيف تنهاه؟
فالجواب في ذلك: أن العرب إذا غيرت الكلمة عن جهتها، أو جمعت بين حرفين، أو أقامت شيئًا مقام شيء ألزمته طريقة واحدة، فيقولون: هلم، ولا يقولون: لا تهلم، ويقال: هات يا رجل، ولا قال: لاتهات، وكذلك: صه ومه وها يا رجل، ولا تنهى من ذلك، إنما هي حروف وأفعال وضعت للأمر فقط فجرى كالمثل لا يُخلخل عن مواضعه). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/326]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال أحمد: قرأ ابن كثير (الكبير المتعالي. سواء منكم) (الرعد/ 9، 10]، بياء في الوصل والوقف، وكذلك قال الحلواني عن أبي معمر عن عبد الوارث عن أبي عمرو، وكذلك أخبرني أبو حاتم الرازي في كتابه إلي عن أبي زيد عن أبي عمرو. الباقون لا يثبتون الياء في وصل ولا وقف.
أما إثبات ابن كثير وأبي عمرو الياء في: (الكبير المتعالي) فهو في القياس، وليس ما فيه الألف واللام من هذا، كما لا ألف ولام فيه من هذا النحو، نحو: قاض وغاز.
قال سيبويه: إذا لم يكن في موضع تنوين- يعني اسم الفاعل- فإنّ البيان أجود في الوقف، وذلك قولك: هذا القاضي، وهذا العمي، لأنّها ثابتة في الوصل يريد أن الياء مع الألف واللام تثبت ولا تحذف، كما تحذف من اسم الفاعل إذا لم يكن فيه الألف واللام، نحو هذا قاض؛ فاعلم.
[الحجة للقراء السبعة: 5/13]
فالياء مع غير الألف واللام تحذف في الوصل، فإذا حذفت في الوصل كان القياس أن تحذف في الوقف، وهي اللغة التي هي أشيع وأفشى، فإذا دخلت الألف واللام فلا تحذف اللام في اللغة التي هي أكثر عند سيبويه.
وأمّا قول من حذف في الوصل والوقف في المتعال فإنّ الحجّة في حذفها في الوقف أن سيبويه زعم: «أن من العرب من يحذف هذا في الوقف، شبّهوه بما ليس فيه ألف ولام، إذ كانت تذهب الياء في الوصل في التنوين لو لم تكن ألف ولام».
وأمّا حذفهم لها في الوصل، فلم يكن القياس، لأنّه لم يضطرّ إلى حذفه شيء، كما اضطرّ إلى حذف ما لا ألف ولام فيه التقاء الساكنين، وكره التحريك فيه لتحرّك الياء بالكسر وهي لا تحرّك بضمّة ولا كسرة، ولكن حذف ذلك من حذف لأنّها في الفواصل، وما أشبه الفواصل من الكلام التامّ، تحذف تشبيها بالقوافي، والقوافي قد كثر حذف ذلك منها. والفواصل وما أشبهها في حكمها فحذفت منها كما حذفت في القوافي). [الحجة للقراء السبعة: 5/14]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({عالم الغيب والشّهادة الكبير المتعال}
قرأ ابن كثير (المتعالي) بإثبات الياء في الوصل والوقف وهو القياس وليس ما فيه الألف واللّام من هذا كما لا ألف ولام فيه من هذا النّحو نحو غاز وقاض قال سيبويهٍ إذا لم يكن في موضع تنوين يعني اسم الفاعل فإن البيان أجود في الوقف وذلك قولك هذا القاضي لأنّها ثابتة في الوصل يريد أن الياء مع الألف واللّام تثبت ولا تحذف كما تحذف في اسم الفاعل إذا لم يكن فيه الألف واللّام نحو هذا قاض فاعلم فالياء مع غير الألف واللّام تحذف في الوصل ومع الألف واللّام لا تحذف
وقرأ الباقون {المتعال} بغير ياء وحجتهم خطّ المصحف بغير ياء والمتعال متفاعل من العلوّ والأصل متعالو فانقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها لقولك الدّاعي والغازي والأصل الداعو والغازو). [حجة القراءات: 372]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (6- {المتعالي} [آية/ 9] بإثبات الياء:
قراها ابن كثير بخلافٍ عنه.
وقرأها يعقوب بلا خلافٍ في الوصل والوقف، وإنه لا يُثبت الياء في شيء
[الموضح: 700]
من المنونات في القرآن.
وابن كثير يقف على المنونات في هذه السورة بالياء: {هَادِي} و{وَاقي} و{وَالي}.
والوجه في إثبات الياء فيما فيه الألف واللام وقفًا ووصلًا، أنه هو القياس؛ لأنه لا موجب لحذف الياء في هذا، بخلاف ما لا ألف ولام فيه، فإن التقاء الساكنين هناك وهما الياء والتنوين يوجب حذف الياء، وذلك نحو قاضٍ وغازٍ ومتعالٍ، فإذا دخل الألف واللام زال التنوين فلم يجتمع الساكنان، فتثبت الياء حينئذٍ ولم تسقط لا في الوصل ولا في الوقف.
وأما إسقاط يعقوب الياء من المنونات؛ فلأنه يجتمع فيها الساكنان الياء والتنوين فتحذف الياء لالتقاء الساكنين على ما ذكرنا، فإذا وقف عليه أبقاه على حاله محذوف الياء، فوقف عليه بإسكان الحرف الذي قبل الياء نحو: هذا قاض وغاز؛ لأن التنوين في نية الوجود.
وأما إثبات ابن كثير الياء في المنونات حالة الوقف؛ فلأن المنون إنما حُذف الياء منه لالتقائهما مع التنوين، وقد زال التنوين ههنا بالوقف فوجب عنده أن تعود الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين.
وقرأ الباقون {المُتَعَالِ} بحذف الياء، وكذلك في الجميع.
والوجه في حذف الياء من المنون ظاهرٌ، وقد سبق، وأما حذفها مما فيه الألف واللام، فإن كان في الوقف فهو على ما ذكر سيبويه أن من العرب من
[الموضح: 701]
يحذف هذه الياء في الوقف، فيُشبه الكلمة بما ليس فيه ألف ولام؛ لأن الألف واللام زيادة، فأما إن كان في الوصل فليس حذف الياء بالقياس، إلا أن الذي حسّنه ههنا هو أن الياء في فاصلةٍ، والفواصل يُحذف منها كما يُحذف من القوافي). [الموضح: 702]

قوله تعالى: {سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10)}

قوله تعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (من وّالٍ)
روى خارجة عن نافع (من والي) بإمالة الواو، والباقون لا يميلون.
قال أبو منصور: الإمالة في واو (والٍ) ليست بجيدة، وفتح الواو جيد عربي فصيح). [معاني القراءات وعللها: 2/56]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (6- وقوله تعالى: {وما لهم من دونه من وال} [11].
[قرأ] خارجة عن نافع {من وال} ممالاً، وذلك أن كل اسم كان على فاعل نحو عابد وكافر وجائر جازت إمالته؛ لأن عين الفعل مكسورة.
وقرأ الباقون مفخمًا على أصل الكلمة، والأصل: من والي، مثل ضارب
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/326]
فاستثقلوا الكسرة على الياء فخزلت، فالتقى ساكنان الياء والتنوين فحذفت الياء لالتقاء الساكنين مثل: {ما أنت قاض} و{ولا مولود هو جاز}.
وأجاز المازني الوقف على {والي} و{جازى} بالياء قال: لأن التنوين ساقط في الوقف.
والباقون بنوا الوقف على الوصل. والأخفش مثله، وابن كثير مثله). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/327]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال أحمد: وروى عباس عن خارجة إمالة الواو من أول وال [11]، قال: وكلّهم يفتحها.
[الحجة للقراء السبعة: 5/14]
الإمالة في وال حسنة في قياس العربية، كما أنّها في عامر وواقد حسنة، لا مانع يمنع منها، ووال: فاعل، من ولي يلي. ووال ووليّ، كعالم وعليم، وقادر وقدير، وراحم ورحيم، والوالي والوليّ: من يلي أمرك خلاف العدو، والله وليّ المؤمنين). [الحجة للقراء السبعة: 5/15]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة عبيد الله بن زياد: [لَهُ مَعَاقِيبُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْه].
قال أبو الفتح: ينبغي أن يكون هذا تكسير مُعَقِّب أو مُعَقِّبَة، إلا أنه لما حذف إحدى القافين عوض منها الياء، فقال: [معاقيب]، كما تقول في تكسير مقدّم: مقاديم، ويجوز ألا تعوض فتقول: مَعَاقِب كمقادم). [المحتسب: 1/355]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة علي بن أبي طالب وابن عباس -رضي الله عنها- وعكرمة وزيد بن علي وجعفر بن محمد: [يَحْفَظُونَهُ بِأَمْرِ اللهِ].
قال أبو الفتح: المفعول هنا محذوف؛ أي: يحفظونه مما يحاذره بأمر الله. وأما قراءة الجماعة: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} فليس معناه أنهم يحفظونه من أمر الله أن ينزل به؛ لكن تقديره: له مُعَقِّبَات من أمر الله يحفظونه مما يخافه، فـ"من" على هذا مرفوعة الموضع؛ لأنها صفة للمرفوع الذي هو "معقبات"، ولو كانت -كما يُظن- أنهم يحفظونه من أمر الله أن ينزل به لكانت منصوبة الموضع؛ كقولك: حفِظت زيدًا من الأسد، فقولك: من الأسد، منصوب الموضع؛ لأنه مفعول حفِظت.
والذي ذكرناه في هذا رأي أبي الحسن، وما أحسنه! فأن قلت: فهلا كان تقديره: يحفظونه من أمر الله؛ أي: بأمر الله، ويُستدل على إرادة الباء هنا بقراءة علي عليه السلام: [يحفظونه بأمر الله]. وجاز أن يحفظوه بأمر الله؛ لأن هذه المصائب كلها في علم الله وبإقداره فاعليها عليها، فيكون هذا كقول القائل: هربتُ من قضاء الله بقضاء الله، قيل: تأويل أبي الحسن أذهب في الاعتداد عليهم؛ وذلك أنه -سبحانه- وكَّل بهم من يحفظهم من حوادث الدهر ومخاوفه
[المحتسب: 1/355]
التي لا يعتد عليهم بتسليطها عليهم، وهذا أسهل طريقًا، وأرسخ في الاعتداد بالنعمة عليهم عروقًا). [المحتسب: 1/356]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 08:23 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الرعد

[ من الآية (12) إلى الآية (15) ]
{هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ (12) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ (13) لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (14) وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ (15)}

قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ (12)}

قوله تعالى: {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ (13)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الأعرج بخلاف: {شَدِيدُ الْمَحَالِ} بفتح الميم.
قال أبو الفتح: [الْمَحَال] هنا مَفْعَل من الحِيلة. قال أبو زيد: يقال: ما له حِيلة ولا مَحَالة؛ فيكون تقديره: شديد الحِيلة عليهم، وتفسيره قوله سبحانه: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ}، وقوله: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ}، وقال: {يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ}، والطريق هنا واضحة). [المحتسب: 1/356]

قوله تعالى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (14)}

قوله تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ (15)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبى مِجْلَز: {بِالْغُدُوِّ وَالْإيصَالِ}.
قال أبو الفتح: هو مصدر آصلْنَا: دخلنا في وقت الأصيل ونحن مُؤصلون. وقد ذكرنا هذا فيما مضى من الكتاب). [المحتسب: 1/356]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 08:24 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الرعد

[ من الآية (16) إلى الآية (18) ]
{قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16) أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ (17) لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (18)}

قوله تعالى: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أم هل يستوي الظّلمات والنّور)
[معاني القراءات وعللها: 2/56]
قرأ أبو بكر وحمزة والكسائي (يستوي) بالياء، وقرأ الباقون (تستوي) بالتاء.
قال أبو منصور: إذا تقدم فعل الجماعة جاز تأنيثه وتذكيره، وقد مر مثله). [معاني القراءات وعللها: 2/57]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (7- قوله تعالى: {أم هل تستوي الظلمات والنور} [16].
قرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم بالياء؛ لأن تأنيث الظلمات غير حقيقي فجاز تأنيثه وتذكيره مثل: {فمن جاءه موعظة من ربه} لأن جمع التأنيث يذكر ويؤنث مثل: قام النساء وقامت النساء، وكما قرأ شبل بن عباد: {إذا يتلى عليهم ءايات الرحمن}.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/327]
وقرأ الباقون {أم هل تستوي الظلمات والنور} بالتاء وهو الاختيار؛ لأن الجمع بالألف والتاء نظير الواو والنون في المذكر، فكما لا يقال في قام الزيدون: قامت فيؤنث، كذلك لا يقال: قام الهندات فيذكر، إذ كانت العلامة حاضرة، وكل شيء كان المانع لفظًا ففارق اللفظ زائلة الامتناع، وكل شيء كان المانع معنى فزائلة المعنى زائلة الامتناع، وذلك نحو: حمدة اسم رجل امتنع من الصرف للتعريف والتأنيث فإذا زالت الهاء انصرف، لأن اللفظ زائل، وتقول هذه نفس تريد: النسمة، وهذا النفس: تريد الإنسان والشخص. وقوله تعالى: {خلقكم من نفس واحدة} أنث على لفظ النفس، ولو رد إلى معناه لقال: من نفس واحد، لأن النفس هنا آدم عليه السلام.
فإن سأل سائل فقال: أنت تقول: قامت الرجال وقام الرجال، وقالت الأعراب وقال الأعراب فتذكر وتؤنث؟
فالجواب في ذلك أن جمع التكسير يستوي فيه المذكر والمؤنث، إذا كان يقصد به قصد الجماعة، وجمع السلامة لفظ المذكر مباين للفظ المؤنث فاعرف ذلك فإنه حسن جدًا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/328]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله عزّ وجلّ: (أم هل تستوي الظلمات والنور) [16].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر: (تستوي) بالتاء.
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وحمزة والكسائي بالياء.
حفص عن عاصم بالتاء.
التأنيث حسن، لأنّه فعل مؤنّث لم يفصل بينه وبين فاعله شيء، وعلى هذا جاء: قالت الأعراب [الحجرات/ 14]، وقالت اليهود [البقرة/ 113] وقالت النصارى [التوبة/ 30]، وإذ قالت أمة منهم [الأعراف/ 164]، وقد جاء: وقال نسوة في المدينة [يوسف/ 30] وقد جاء التأنيث في هذا النحو: وإذ قالت أمة منهم وهو اسم جماعة مؤنّثة، كما أنّ نسوة كذلك.
والتذكير سائغ، لأنّه تأنيث غير حقيقيّ، والفعل مقدّم). [الحجة للقراء السبعة: 5/15]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({أم هل تستوي الظّلمات والنور}
قرأ حمزة والكسائيّ وأبو بكر (أم هل يستوي الظّلمات)
[حجة القراءات: 372]
بالياء وحجتهم في ذلك أن تأنيث {الظّلمات} غير حقيقيّ فجاز تذكيره مثل قوله {فمن جاءه موعظة} ذهب إلى الوعظ كذلك ذهبوا في الظّلمات إلى معنى المصدر فيكون بمعنى الإظلام والظلام ومثله {وأخذ الّذين ظلموا الصّيحة} يعني الصياح
وقرأ الباقون {أم هل تستوي الظّلمات} بالتّاء وحجتهم تأنيث الظّلمات ذهبوا إلى اللّفظ لا إلى المعنى). [حجة القراءات: 373]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (4- قوله: {أم هل تستوي} قرأ أبو بكر وحمزة والكسائي بالياء، على التذكير؛ لأن تأنيث {الظلمات} غير حقيقي، ولأن الجمع بالتاء والألف يُراد به القلة، والعرب تذكر الجمع إذا قل عدده، وأيضًا فإنه يجوز أن يذهب
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/19]
بـ {الظلمات} إلى الإظلام والظلام، فيذكر الفعل حملًا على معنى الإظلام والظلام، وقرأ الباقون بالتاء.
وحجة من قرأ بالتاء أنه أنث على ظاهر تأنث لفظ {الظلمات} وهو الاختيار، لحمله على اللفظ الظاهر، ولأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/20]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (7- {أَمْ هَلْ يَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ} [آية/ 16] بالياء:
قرأها حمزة والكسائي وعاصم ياش-.
والوجه أنه تأنيث غير حقيقي، وقد انضاف إليه أن الفعل تقدم، فحسن لذلك تذكيره، كقوله تعالى {وَقَالَ نِسْوَةٌ}، فإذا جاز تذكير النسوة لتقدم الفعل مع التأنيث الحقيقي، فلأن يجوز تذكير ما ليس بحقيقي لتقدم الفعل أولى.
وقرأ الباقون {تَسْتَوِي} بالتاء.
والوجه أن الفعل لجمع المؤنث، وليس بين الفعل وفاعله فاصلٌ، فقوي التأنيث لذلك). [الموضح: 702]

قوله تعالى: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ (17)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ممّا توقدون عليه في النّار)
قرأ حفص وحمزة والكسائي بالياء، وكذلك روى علي بن نصرٍ عن أبي عمرو بالياء، وقرأ الباقون بالتاء.
قال أبو منصور: من قرأ (يوقدون) فللغيبة، ومن قرأ بالتاء (توقدون) فللمخاطبة، وهو خطاب للنبي صلى الله عليه، ولأمته). [معاني القراءات وعللها: 2/57]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (8- وقوله تعالى: {مما يوقدون عليه في النار} [17].
قرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم بالياء.
وقرأ الباقون بالتاء. فمن قرأ بالياء فحجته {أم جعلوا لله شركاء} [16] وحجة من قرأ بالتاء: {قل أفتخذتم من دونه أولياء} [16].
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/328]
ومعنى هذه الآية أن الله تعالى ضرب الأمثال في كتابه بأحسن اللفظ وأوضح بيان، فشبه الإيمان وهو الحق بالماء الصافي والذهب والفضة إ ذا أوقد عليهما وذهب خبثهما وخلصا، وشبه الكفر وهو الباطل بالزبد الذي يذهب جفاء فقال تعالى: {ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية} يعني: الذهب والفضة، {أو متاع} يعني: الصفر والحديد والرصاص {زبد مثله فأما الزبد فيذهب جفاء} [17] وهو ما جفاه السيل فرمى به.
وقرأ رؤبة بن العجاج: {فيذهب جفالا} باللام، قال أبو حاتم: ولا أقرأ بلغة رؤبة، لأنه دخل عليه وهو يأكل الفأر. وأما ما ينفع الناس من الماء الصافي والذهب والفضة والصفر والنحاس {فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/329]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله عزّ وجلّ: (ومما توقدون عليه في النار) [17].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر: (توقدون) بالتاء.
وقرأ حمزة والكسائيّ وحفص عن عاصم بالياء.
علي بن نصر عن أبي عمرو (توقدون) ويقرأ أيضا:
يوقدون والغالب عليه (توقدون) بالتاء.
من قرأ بالتاء فلما قبله من الخطاب، وهو قوله: قل أفاتخذتم [16]، ويجوز أن يكون خطابا عامّا، يراد به الكافّة.
كأنّ المعنى: ممّا توقدون عليه أيّها الموقدون زبد مثل زبد الماء الذي يحمله السيل، فأمّا الزّبد فيذهب جفاء لا ينتفع به كما لا ينتفع الكافر بما يتخذه من الآلهة، مثل الزبد الذي لا ينتفع به كما ينتفع بما يخلص منه الزبد من الماء والذهب والصّفر والفضّة.
ومن قرأ بالياء، فلأنّ ذكر الغيبة قد تقدّم في قوله: أم جعلوا لله شركاء [16]، ويجوز أن يراد به جميع الناس، ويقوّي ذلك قوله: وأما ما ينفع الناس [17]، فكما أن الناس يعمّ المؤمن والكافر، كذلك الضمير في يوقدون وقال: ومما يوقدون عليه في النار، فجعل الظرف متعلّقا بيوقدون، لأنّه قد يوقد على ما ليس في النار كقوله: فأوقد لي يا هامان على
[الحجة للقراء السبعة: 5/16]
الطين [القصص 38] فهذا إيقاد على ما ليس في النار، وإن كان يلحقه وهجها ولهبها.
وأمّا قوله: بورك من في النار ومن [النمل/ 8]، فالمعنى: من في قرب النار، وليس يراد به متوغّلها، ومن حولها ممّن لم يقرب منها قرب الآخرين، ألا ترى أنّ قوله:
وممن حولكم من الأعراب منافقون [التوبة/ 99]، لم يقرب المنافقون الذين حولهم فيه قرب المخالطين لهم، حيث يحضرونه ويشهدونه في مشاهدهم.
حدّثنا أحمد بن محمد البصري قال: حدّثنا المؤمّل قال: حدّثنا إسماعيل بن عليّة عن أبي رجاء قال: سمعت الحسن يقول: الله أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها إلى قوله: ابتغاء حلية: الذهب والفضة، والمتاع: الصفر والحديد، كذلك يضرب الله الحقّ والباطل، كما أوقد على الذهب والفضة والصفر والحديد، فخلص خالصه كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض، قال: وكذلك الحقّ بقي لأهله فانتفعوا به). [الحجة للقراء السبعة: 5/17]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وممّا يوقدون عليه في النّار} {وأما ما ينفع النّاس فيمكث في الأرض}
قرأ حمزة والكسائيّ وحفص {وممّا يوقدون عليه} بالياء وحجتهم أن الكلام خبر لا خطاب فيه بدلالة قوله {وأما ما ينفع النّاس} فأخبر عنهم فكذلك {وممّا يوقدون} جرى بلفظ الخبر نظيرا لما أتى عقيبه من الخبر
وقرأ الباقون بالتّاء ردوا على المخاطبة في قوله قبلها قل {أفاتخذتم من دونه} ). [حجة القراءات: 373]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (8- قوله: {ومما يوقدون عليه} قرأ حفص وحمزة والكسائي بالياء، ردوه على ذكر الناس بعده، ولما قبله من لفظ الغيبة، في قوله: {أم جعلوا لله شركاء} «16»، وقوله: {فتشابه الخلق عليهم}، وقوله: {وهم يجادلون في الله} «13» وقوله: {والذين يدعون من دونه} فردوه في الغيبة على ما قبله وما بعده، وقرأ الباقون بالتاء، حملوه على الخطاب الذي قبله، وهو قوله: {قل أفتاخذتم من دونه}، وهو الاختيار، لأن الأكثر عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/22]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (8- {وَمِمَّا يُوقِدُونَ} [آية/ 17] بالياء:
قرأها حمزة والكسائي و-ص- عن عاصم.
والوجه أن المراد مما يُوقد عليه الناس، فأضمر للعلم به، يدل عليه قوله
[الموضح: 702]
{وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ}.
ويجوز أن يكون {يُوقِدُونَ} خبرًا عن الغيب الذين أخبر عنهم بقوله تعالى {أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ}.
وقرأ الباقون {تُوقِدُونَ} بالتاء.
والوجه أنه على خطاب الذين خوطبوا في قوله تعالى {قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ}.
ويجوز أن يكون على عموم الخطاب، ويراد به كافة الناس، أي توقدون عليه أيها الموقدون). [الموضح: 703]

قوله تعالى: {لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (18)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 08:26 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الرعد

[ من الآية (19) إلى الآية (24) ]
{أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)}

قوله تعالى: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19)}

قوله تعالى: {الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) }

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21)}

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22)}

قوله تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23)}

قوله تعالى: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة يحيى بن وثاب: [فَنَعْم عُقْبى الدارِ].
قال أبو الفتح: أصل قولنا: نِعْم الرجل ونحوه نَعِمَ كعَلِمَ، وكل ما كان على فَعِل وثانيه حرف حلقى فلهم أربع لغات، وذلك نحو: فخِذ، ومَحِك، ونَغِر، بفتح اللام وكسر الثانى على الأصل. وإن شئت أسكنت الثانى وأقررت الأول على فتحه فقلت: فَخْذ، ومَحْك، ونَغْر. وإن شئت أسكنت ونقلت الكسرة إلى الأول فقلت: فِخْذ، ومِحْك، ونِغْر. وإن شئت أتبعت الكسر الكسر فقلت: فِخِذ، ومِحِك، ونِغِر. وكذلك الفعل نحو: ضَحِك، وإن شئت
[المحتسب: 1/356]
ضَحْك، وإن شئت ضِحْك، وإن شئت ضِحِك. فعلى هذ القول: نَعِمَ الرجل، وإن شئت: نعْم، وإن شئت نِعْمَ، وإن شئت نِعِمَ. فعليه جاء: {فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}. وأنشدنا أبو علي لطرفة:
ففداء لبني قيس على ... ما أصاب الناس من سُر وضُرْ
ما أقلَّتْ قدمي إنهم ... نَعِمَ الساعون في الأمر الْمُبِرْ
وروينا عن قطرب: نَعِيم الرجل زيد، بإشبع كسرة العين وإنشاء ياء بعدها كالمطافيل والمساجيد. ولَا بُدَّ من أن يكون الأمر على ما ذكرنا؛ لأنه ليس في أمثلة الأفعال فعِيل ألبتة). [المحتسب: 1/357]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 08:33 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الرعد

[ من الآية (25) إلى الآية (29) ]
{وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (25) اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ (26) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ (27) الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28) الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآَبٍ (29)}

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (25)}

قوله تعالى: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ (26)}

قوله تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ (27)}

قوله تعالى: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)}

قوله تعالى: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآَبٍ (29)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 08:35 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الرعد

[ من الآية (30) إلى الآية (31) ]
{كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ (30) وَلَوْ أَنَّ قُرْآَنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْئَسِ الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (31)}

قوله تعالى: {كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ (30)}

قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآَنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْئَسِ الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (31)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة علي -عليه السلام- وابن عباس وابن أبي مليكة وعكرمة والجحدري وعلي بن حسين وزيد بن علي وجعفر بن محمد وأبي يزيد المدني وعلي بن بديمة وعبد الله بن يزيد: [أَفَلَمْ يَتَبَيَّنِ الذين].
قال أبو الفتح: هذه القراءة فيها تفسير معنى قول الله تعالى: {أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا}، وروينا عن ابن عباس أنها لغة وَهْبِيل: فخذ من النَّخَع، قال:
ألم ييئس الأقوام أني أنا ابنُه ... وإن كنتُ عن أرض العشيرة نائيا
وروينا لسُحيم بن وَثِيل:
أقول لأهل الشِّعْبِ إذ يأسِرُونني ... ألم تيئسوا أني ابن فارس زَهْدم
أي: ألم تعلموا. ويشبه عندي أن يكون هذا راجعًا أيضًا إلى معنى اليأس؛ وذلك أن المتأمل للشيء المتطلب لعلمه ذاهب بفكره في جهات تعرفه إياه، فإذا ثبت يقينه على شيء من أمره اعتقده وأَضرب عما سواه، فلم ينصرف إليه كما ينصرف اليائس من الشيء عنه، ولا يلتفت إليه. وهذه
[المحتسب: 1/357]
اللغة هكذا طريق صنعتها وملاءمة أجزائها وضم نَشَرِها وشتاتها، فإن لم تطبَن لها وتُلاقِ بين متهاجراتها بَدَّت فِرقًا، وكانت حرية لو لاطفْتَها بالتعانق والالتقاء فرفقًا رفقًا، لا عُنفًا ولا خُرقًا). [المحتسب: 1/358]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (9- قوله: {أفلم ييأس} قرأه البزي بألف بين ياءين مفتوحتين، ومن غير همز، وقرأ الباقون بياءين، الثانية ساكنة بعدها همزة مفتوحة.
وحجة من قرأ بغير همز أنه قلب الهمزة في موضع الياء الساكنة الثانية، فصارت «يابس» ثم خفف الهمزة بالبدل؛ لأنها ساكنة، فوزنه في الأصل «يفعل» وبعد القلب «يعفل» عين الفعل قبل الفاء، وأصله «ييس» بياءين، يدل على ذلك أن المصدر «الياس».
10- وحجة من قرأ بالهمز أنه أتى به على أصله، وهو الاختيار). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/22]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 08:36 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الرعد

[ من الآية (32) إلى الآية (34) ]
{وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (32) أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (34)}

قوله تعالى: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (32)}

قوله تعالى: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وصدّوا عن السّبيل (33)
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر (وصدّوا) بفتح الصاد، وفي المؤمن مثله، وقرأ الكوفيون ويعقوب (وصدّوا) بضم الصاد في الموضعين.
[معاني القراءات وعللها: 2/57]
قال أبو منصور: من قرأ (وصدّوا عن السّبيل) فله وجهان: صدّوا بأنفسهم، أي: أعرضوا، ومضارعه يصدون، بالكسر، والوجه الثاني: أنهم صدّوا غيرهم عن السبيل فأضلوهم، ومستقبله يصدّون، وهذا متعدّ، والأول لازم - ومن قرأ (وصدّوا) فمعناه: أضلّوا، لا يكون إلا مفعولا). [معاني القراءات وعللها: 2/58]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (9- وقوله تعالى: {وصدوا عن السبيل} [33].
قرأ أهل الكوفة عاصم وحمزة والكسائي بضم الصاد.
وقرأ الباقون {وصدوا} بفتح الصاد، وجعلوا الفعل لهم، ومن ضم فعلى ما لم يسم فاعله جعل الفعل لله، أي: الله صدهم، كما تقول: {طبع على قلوبهم} أي: طبع الله عليها، وقال أبو عبيد: والضم أشبه بقراءة أهل السنة.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/329]
قال أبو عبد الله رضي الله عنه: والأمر بينهما قريب وذلك: أنك تقول: أظل الله زيدًا فظل هو، وأماته الله فمات هو، وكذلك صده الله فصد هو، والاختيار أن تقول: صد الكفار وأصدهم الله وأصدهم بعد أن صدوا عقوبة لهم وجزاء كما قال: {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم}.
وفيها قراءةٌ ثالثةٌ.
حدثني أحمد بن عبدان عن علي بن أبي عبيد قال: قرأ يحيي بن وثاب: {وصدوا عن السبيل} بكسر الصاد، والأصل في هذه القراءة: صدوا، فنقلت كسرة الدال إلى الصاد بعد أن أزالوا الضمة، وأدغموا الدال في الدال كما قرأ علقمة: {ولو ردوا لعادوا} بكسر الراء، أراد: رددوا فأدغم وقد بين هذا فيما مضى). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/330]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في: فتح الصاد وضمّها من قوله جلّ وعزّ: (وصدوا عن السبيل) [33].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر: (وصدوا) بفتح الصاد، وفي حم المؤمن [37] مثله.
[الحجة للقراء السبعة: 5/17]
وقرأ عاصم وحمزة والكسائيّ: وصدوا عن السبيل بالضمّ فيهما.
وقال أبو عمر عن أبي الحسن: صدّ وصددته مثل: رجع ورجعته، ومن ذلك قول الشاعر:
صدّت كما صدّ عما لا يحلّ له... ساقي نصارى قبيل الفصح صوّام
فهذا صدّت في نفسها. وقال آخر:
صددت الكأس عنّا أمّ عمرو فأما قوله: إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله [الحج/ 25]، فالمعنى: يصدّون المسلمين عن المسجد الحرام، فكأنّ المفعول محذوف، وقوله: رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا [النساء/ 61]، يكون على: يصدّون عنك، أي: لا يبايعونك كما يبايعك المسلمون، ويجوز أن يكونوا يصدّون غيرهم عن الإيمان، كما صدّوا هم، ويثبّطونهم عنه.
[الحجة للقراء السبعة: 5/18]
وحجّة من قال: (وصدوا عن السبيل) فأسند الفعل إلى الفاعل: قوله: الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله [محمد/ 1] وقوله: إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله، وقال: هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام [الفتح/ 25]. فكما أسند الفعل إلى الفاعل في جميع هذه الآي، كذلك يكون مسندا إليهم في قوله: (وصدوا عن السبيل). وقد زعموا أن قوله: (وصدوا عن السبيل) نزلت في قوم جلسوا على الطريق، فصدّوا الناس عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
ومن بنى الفعل للمفعول به فقال: وصدوا عن السبيل، فإنّ فاعل الصدّ غواتهم والعتاة منهم في كفرهم. وقد يكون صدّ على نحو ما يقولون: حدّ فلان عن الخير، وصدّ عنه، يريد أنه لم يفعل خيرا، ولا يريد أن مانعا منعه منه.
فأمّا قوله: (وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل) [غافر/ 37] فالفتح الوجه، لأنّه لم يصدّه عن الإيمان أحد، ولم يمنعه منه.
والذي زيّن له ذلك الشيطان، كما جاء في الأخرى: وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم [الأنفال/ 48]، وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل [النمل/ 24] ). [الحجة للقراء السبعة: 5/19]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({بل زين للّذين كفروا مكرهم وصدوا عن السّبيل}
قرأ عاصم وحمزة والكسائيّ {وصدوا عن السّبيل} بضم الصّاد على ما لم يسم فاعله وحجتهم أن الكلام أتى عقيب الخبر من الله
[حجة القراءات: 373]
بلفظ ما لم يسم فاعله وهو قوله {بل زين للّذين كفروا مكرهم} فجرى الكلام بعده بترك تسمية الفاعل ليأتلف الكلام على نظام واحد
وقرأ الباقون {وصدوا عن السّبيل} بفتح الصّاد أسندوا الفعل إلى الفاعل وحجتهم قوله {الّذين كفروا وصدوا عن سبيل الله} وقال سبحانه {هم الّذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام} فلمّا رأوا الصد مسندًا إليهم في هذه الآيات كذلك يكون مسندًا إليهم في قوله {وصدوا عن السّبيل} ). [حجة القراءات: 374]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (11- قوله: {وصدوا عن السبيل} قرأه الكوفيون بضم الصاد، ومثله في غافر:{وصد عن السبيل} «37»، وقرأها الباقون بفتح الصاد.
وحجة من ضم الصاد أنه أسند الفعل إلى المفعول، على ما لم يسم فاعله، فأقيم {الذين حملوا} على المصدر مقام الفاعل، وفاعل الصد هم أشراف الكفار وكبراؤهم، وفي غافر قبل {صد} {زين لفرعون} على ما لم يُسم فاعله،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/22]
فحمل {صد} على ذلك أيضًا.
12- وحجة من فتح الصاد أنه بناه على الإخبار عن الصادين الناس عن سبيل الله، دليله قوله: {إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله} «الحج 25» وقوله: {إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله} «النساء 167»، وقال: {هم الذين كفروا وصدوكم} «الفتح 25» فأسند الفعل في جميع ذلك إلى الصادين). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/23]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (9- {وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ} [آية/ 33] بضم الصاد:
قرأها الكوفيون ويعقوب.
والوجه أن الفعل مبنيٌّ للمفعول به، والمعنى مُنعوا عن السبيل، والصاد هو المانع، وأراد الله تعالى صدهم، وقيل الشيطان، وقيل عُتاتهم وغواتهم.
وقرأ ابن كثير ونافعٌ وأبو عمرو وابن عامر {وَصُدُّوا} بفتح الصاد.
وكذلك اختلافهم في سورة المؤمن {وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ}.
والوجه أن هؤلاء القوم صدوا الناس عن الإيمان بالنبي (صلى الله عليه وسلم).
[الموضح: 703]
وفي الأثر أنهم جلسوا على الطريق فصدوا الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم، فالفعل مسندٌ إليهم، والمفعول به محذوفٌ، والتقدير: صدوا غيرهم كما قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ الله} ). [الموضح: 704]

قوله تعالى: {لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (34)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 08:37 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الرعد

[ من الآية (35) إلى الآية (37) ]
{مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (35) وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآَبِ (36) وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ (37)}

قوله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (35)}

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآَبِ (36)}

قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ (37)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 08:43 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الرعد

[ من الآية (38) إلى الآية (40) ]
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآَيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ (38) يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (39) وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (40)}

قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآَيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ (38)}

قوله تعالى: {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (39)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ويثبت وعنده أمّ الكتاب (39)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم ويعقوب (ويثبت) خفيفًا، وقرأ الباقون (ويثبّت) مشددًا.
قال أبو منصور: (ثبّت) و(أثبت) بمعنى واحد، وجاء في التفسير أن المعنى: يمحو اللّه ما يشاء مما يكتبه الحفظة على (ويثبّت) العباد، ويثبت ما يشاء إبقاءه في الكتاب.
وقيل: (يمحو الله ما يشاء ويثبت)، أي: من قدر له رزقًا وأجلاً محا ما شاء منه، وأثبت ما شاء). [معاني القراءات وعللها: 2/58]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (10- وقوله تعالى: {ويثبت وعنده} [39].
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم مخففًا، من أثبت يثبت إثباتًا فهو مثبت: إذا كتب.
وقرأ الباقون {يثبت} [مشددًا] أي: يتركه فلا يمحوه كما قال الله تعالى: {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا} ورأيت النحويين يختارون التخفيف، قالوا: لأن التفسير موافقة اللغة، وذلك أن الله عز وجل قد وكل بالعبد ملكين يكتبان حسناته وسيئاته، فإذا عرضاه على الله تعالى يثبت ما يشاء فيه من الثواب والعقاب، ومحا ما شاء من ذلك مما لا ثواب فيه ولا عقاب كاللغو الذي لا يؤاخذ الله العبد به، وإنما يأخذ بالإصرار على الذنب
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/330]
فأما التوبة والندم وترك الإصرار فيمحو ما سلف من الذنب حتى لا يُكتب البتة، فإن كتب محي، لأن الله تعالى قال: {إن الحسنات يذهبن السيئات} فأما قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «فرغ ربكم مما هو كائن».
إن قال قائل: كيف ينسخ ما قد فرغ منه؟
فالجواب في ذلك: إن معناه: إن الله تعالى فرغَ منه علمًا، وعلمُ الله لا يوجب ثوابًا ولا عقابًا، وإنما يجب ذلك بالعمل، فإذا كتب الملك ثم تاب العبد فمحاه الله قبل ظهور عمل العبد، لأن علمه به قبل ظهوره كعلمه بعد ظهوره.
وقيل في قوله تعالى: {يمحوا الله ما يشاء ويثبت} يعني به الناسخ والمنسوخ قال أبو عبيد. يقال محا يمحو ومحى يمحي بمنى، فأما مح الثوب وأمح فمعناه: بلى.
وأخبرنا ابن دريد عن أبي حاتم عن الأصمعي قال: سمعت أعرابيًا يقول: إياك ومسألة الناس فإن المسألة تمح الوجه أي: تحلق الشعر، قال الشاعر:
ربع دار محه الإقواء = وعفته الأرواح والأنواء
كر فيه البلى فأخلق برد = يه صباح يعتاده ومساء
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/331]
وقيل: من سأل الناس جاء يوم القيامة لا مزعة على وجهه، أي: قطعة لحم. وقال علي رضي الله عنه: «إياك أن تقطر ماء وجهك بالمسألة إلا عند أهله» وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من سأل الناس وهو غني جاءت مسألته يوم القيامة خوشًا في وجهه وكدوحا»). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/332]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في تشديد الباء وتخفيفها من قوله جلّ وعزّ: ويثبت [39].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم: ويثبت ساكنة الثاء.
خفيفة الباء.
[الحجة للقراء السبعة: 5/19]
وقرأ ابن عامر ونافع وحمزة والكسائيّ: (ويثبت) مشدّدة الباء مفتوحة الثاء.
المعنى: يمحو الله ما يشاء ويثبته، فاستغني بتعدية الأوّل من الفعلين عن تعدية الثاني، والمعنى يثبته، ومثل ذلك قوله: والحافظين فروجهم والحافظات، والذاكرين الله كثيرا والذاكرات [الأحزاب/ 35].
وزعم سيبويه أن من العرب من يعمل الأوّل من الفعلين، ولا يعمل الثاني في شيء كقولهم: متى رأيت، أو قلت: زيدا منطلقا. وقال الشاعر:
بأيّ كتاب أم بأيّة سنّة... ترى حبّهم عارا عليّ وتحسب
ولم يعمل الثاني.
[الحجة للقراء السبعة: 5/20]
وهذا والله أعلم فيما يحتمل النّسخ والتبديل من الشرائع الموقوفة على المصالح على حسب الأوقات. فأمّا ما كان من غير ذلك فلا يمحى ولا يبدّل، وأمّ الكتاب: هو الذكر المذكور في قوله: ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر [الأنبياء/ 105].
وحجة من قال: (يثبت) قوله: وأشد تثبيتا [النساء/ 66] وقوله: (فتثبتوا) [النساء/ 94] لأن تثبّت مطاوع ثبّت.
وحجّة من قال يثبت ما روي عن عائشة: «كان إذا صلّى صلاة أثبتها»
وقولهم: ثابت، من قوله: بالقول الثابت [إبراهيم/ 27] لأنّ ثبت مطاوع أثبت، كما أن تثبّت مطاوع ثبّت). [الحجة للقراء السبعة: 5/21]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({يمحو الله ما يشاء ويثبت}
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم و{يثبت} بالتّخفيف من أثبت يثبت إثباتًا فهو مثبت إذا كتب وحجتهم قولهم فلان ثابت
وقرأ الباقون {يثبت} بالتّشديد أي يقر الله ما قد كتبه فيتركه على حاله وحجتهم قوله {وأشد تثبيتا} وقال قوم هما لغتان مثل وفيت وأوفيت وعظمته وأعظمته). [حجة القراءات: 374]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (13- قوله: {ويثبت وعنده} قرأه ابن كثير وأبو عمرو وعاصم بالتخفيف، جعلوه مستقبل «أثبت» والمفعول محذوف «هاء» من الصلة، أي: ويثبته، وقوله: {بالقول الثابت} «إبراهيم 27» يدل على التخفيف؛ لأنه اسم فاعل من «ثبت»، والتقدير: يمحو الله ما يشاؤه ويثبت ما يشاؤه، وقرأ الباقون بالتشديد، جعلوه مستقبل «ثبت» دليله قوله: {وأشد تثبيتًا} «النساء 66» فـ «تثبيت» مصدر «ثبت» مشددًا، فالقراءتان لغتان، كما أن «ثبت وأثبت» لغتان بمعنى، لكن في التشديد معنى التأكيد والتكرير، وهو الاختيار؛ لأن أكثر القراء عليه، واختار أبو عبيد {ويثبت} بالتشديد، على معنى: يقر ما كتبه، فلا يمحوه، وتعقب عليه ابن قتيبة، فاختار التخفيف؛ لأن المعروف مع المحو الإثبات، فالمعنى: يمحو الله ما يشاء ويكتب ما يشاء، أو على معنى: يمحو الله ما يشاء ويقر ما يشاء، فلا يمحوه، والتخفيف يحتمل المعنيين اللذين ذكر أهل التأويل في الآية). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/23]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (10- {وَيُثْبِتُ} [آية/ 39] بالتخفيف:
قرأها ابن كثير وأبو عمرو وعاصمٌ ويعقوب.
والوجه أنه منقول من ثبت، ويقال ثبت الشيء وأثبته أنه، وروي عن عائشة أنها قالت: كان النبي صلى الله عليه (وسلم) إذا صلى صلاة أثبتها، أي داوم عليها.
وقرأ نافعٌ وابن عامر وحمزة والكسائي {وَيُثَبِّتُ} بالتشديد.
والوجه أنه منقولٌ من ثبت أيضًا، والنقل بالألف والتضعيف كلاهما واحد في المعنى كأفرحته وفرّحته، إلا أن بعضهم ذكر أن فعل بالتشديد لا يخلو من معنى المبالغة والتكثير أينما وقع، وقيل إن ثبت بالتشديد مطاوعة تثبت). [الموضح: 704]

قوله تعالى: {وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (40)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:11 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة