العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 07:29 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام
[ من الآية (46) إلى الآية (49) ]

{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ (46) قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ (47) وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آَمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (48) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (49)}

قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ (46)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (يأتيكم به انظر... (46)
روى ابن المسيبي عن أبيه عن نافع وأبو قرة عنه (به انظر) بضم الهاء، وكسرها الباقون.
قال أبو منصور: هما لغتان، وقد مر تفسيرهما في أول الكتاب). [معاني القراءات وعللها: 1/354]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في الهمز وتركه، وإثبات الألف من غير همز من قوله تعالى: أرأيتم [الأنعام/ 46] وأ رأيتكم [الأنعام/ 40]، وأ رأيت [الكهف/ 63].
فقرأ ابن كثير، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة:
[الحجة للقراء السبعة: 3/305]
أرأيتم وأرأيتكم وأرأيت بألف في كلّ القرآن بالهمز.
وقرأ نافع: أرايتم، وأ رايتكم، وأ رايت بألف في كل القرآن من غير همز على مقدار ذوق الهمز.
وقرأ الكسائيّ: أريتم، وأريتكم، وأريت، وأريتك بغير همز ولا ألف.
[قال أبو علي] من قال: أرأيتم وأرأيتكم فهمز، وحقّق الهمز فوجه قوله بيّن، لأنّه فعلت من الرؤية، فالهمزة عين الفعل.
وقوله: قرأ نافع بألف في كل القرآن من غير همز على مقدار ذوق الهمز، يريد: أن نافعا كان يجعل الهمزة بين بين، وقياسها إذا خفّفت أن تجعل بين بين، أي بين الهمزة والألف، فهذا التخفيف على قياس التحقيق.
وأمّا قول الكسائي أريتم، وأريت فإنّه حذف الهمزة حذفا على غير التخفيف، ألا ترى أنّ التخفيف القياسيّ فيها أن تجعل بين بين، كما قرأ نافع؟ وهذا حذف للتخفيف، كما قالوا: ويلمّه، وكما أنشده أحمد بن يحيى:
[الحجة للقراء السبعة: 3/306]
إن لم أقاتل فالبسوني برقعا وكقول أبي الأسود:
يا با المغيرة ربّ أمر معضل ولو كان ذلك كلّه على التخفيف القياسي، لكانت بين بين، ولم تحذف، وقد زعموا أنّ عيسى كذلك كان يقرؤها على الحذف.
وممّا يقوّي ذلك من استعمالهم قول الشاعر:
فمن را مثل معدان بن ليلى... إذا ما النسع طال على المطيّة
فهذا على أنّه قلب الهمزة ألفا كما قلبها في قوله:
لا هناك المرتع فاجتمعت مع المنقلبة عن اللّام، فحذفت إحداهما لالتقاء الساكنين، فهذا يقوّي قول عيسى والكسائي.
وممّا جاء على ذلك قول الراجز:
[الحجة للقراء السبعة: 3/307]
أريت إن جئت به أملودا... مرجّلا ويلبس البرودا
فأمّا القول في: أرأيتك زيدا ما فعل، وفتح التاء في جميع الأحوال، فالقول في ذلك أنّ الكاف في أرأيتك لا يخلو من أن يكون للخطاب مجردا، ومعنى الاسم مخلوع منه، [أو يكون دالا عليه مع دلالته] على الخطاب فالدّليل على أنّه للخطاب مجردا من علامة الاسم أنّه لو كان اسما لوجب أن يكون
[الحجة للقراء السبعة: 3/308]
الاسم الذي بعده في نحو قوله: أرأيتك هذا الذي كرمت علي [الإسراء/ 62] وقولهم: أرأيتك زيدا ما صنع؟ لو كان الكاف اسما ولم يكن حرفا للخطاب لوجب أن يكون الاسم الذي بعده الكاف الكاف في المعنى، ألا ترى أنّ أرأيت: يتعدّى إلى مفعولين يكون الأوّل منهما هو الثاني في المعنى وفي كون المفعول الذي بعده ليس الكاف، وإنّما هو غيره دلالة على أنّه ليس باسم، وإذا لم يكن اسما كان حرفا للخطاب مجردا من معنى الاسمية، كما أنّ الكاف في «ذلك- وهنالك- وأبصرك زيدا» للخطاب، وكما أنّ التاء في أنت، كذلك، فإذا ثبت أنّه للخطاب معرّى من معنى الاسميّة ثبت أنّ التاء لا يجوز أن يكون فيه معنى الخطاب، ألا ترى أنّه لا ينبغي أن تلحق الكلمة علامتان للخطاب، كما لا تلحقها علامتان للتأنيث، ولا علامتان للاستفهام فلما لم يجز ذلك، أفردت التاء في جميع الأحوال، لمّا كان الفعل لا بدّ له من فاعل، وجعل في جميع الأحوال على لفظ واحد، لأنّ ما يلحق الكاف من معنى الخطاب يبيّن الفاعلين، فيخصّص التأنيث من التذكير، والتثنية من الجمع، ولو لحقت
[الحجة للقراء السبعة: 3/309]
علامة التأنيث والجمع التاء، لاجتمعت علامتان للخطاب مما يلحق التاء وما يلحق الكاف، فلمّا كان ذلك يؤدّي إلى ما لا نظير له، رفض، وأجري على ما عليه سائر كلامهم من هذا النحو.
وكلّهم قرأ: به، انظر [الأنعام/ 46] بكسر الهاء إلّا أنّ ابن المسيبي روى عن أبيه عن نافع به انظر برفع الهاء، وكذلك أبو قرّة عن نافع أيضا، ولم يروه عن نافع غيرهما.
من قال: به انظر حذف الياء التي تلحق الهاء في نحو:
بهي عيب، لالتقاء الساكنين: وهما الياء والفاء من انظر.
ومن قال: به انظر فهو على قول من قال: فخسفنا بهو وبدار هو [القصص/ 81] فحذف الواو لالتقاء الساكنين، كما حذف الياء من بهي لذلك فصار به انظر، وممّا يحسّن هذا الوجه أنّ الضّمّة فيه مثل الضمة في أن اقتلوا [النساء/ 66] أو انقص [المزمل/ 3] ونحو ذلك.
فأمّا قوله: قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم، وختم على قلوبكم [الأنعام/ 46] ثمّ قال: يأتيكم به [الأنعام/ 46] فقال أبو الحسن: هو على السمع أو على ما أخذ منكم). [الحجة للقراء السبعة: 3/310] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (13- {بِهِ انْظُرْ} [آية/ 46] بضم الهاء في الوصل:
رواها الأصفهاني عن -ش- عن نافع، وهو على قراءة من قرأ {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ} وقد تقدم وجهه، وحذف الواو من {بِهِ انْظُرْ} لالتقاء الساكنين وهما الواو والنون من {انْظُرْ}، ويحسن هذا الوجه أن الضمة فيه مثل الضمة في {أَنِ اقْتُلُوا}. وقرأ الباقون بكسر الهاء.
والوجه أنه حذف الياء من بهي لالتقائه مع النون من {انْظُرْ} كما سبق في القراءة الأولى). [الموضح: 469]

قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ (47)}

قوله تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آَمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (48)}

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (49)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 07:31 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام
[ من الآية (50) إلى الآية (53) ]

{قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ (50) وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51) وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52) وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (53)}

قوله تعالى: {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ (50)}

قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51)}

قوله تعالى: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (بالغداة والعشيّ... (52)
قرأ ابن عامر وحده (بالغدوة) بواو في السورتين، ها هنا وفي الكهف، وقرأ الباقون (بالغداة) بألف في الحرفين.
[معاني القراءات وعللها: 1/358]
وأخبرني المنذري عن أبي طالب عن أبيه عن الفراء أنه قال: (غدوة) لا يدخلها الألف واللام؛ لأنها معرفة بغير ألف ولام، قال الفراء: وسمعت أبا الجراح يقول: ما رأيت كغدوة قط، يريد: كغداة يومه، والعرب لا تضيفها، وكذلك لا يدخلون فيها الألف واللام، إنما يقولون: أتيناه غداة الخميس، ولا يقولون: غدوة الخميس، فهذا دليل على أنها معرفة.
قال أبو منصور: وإذا لم يردوا بغدوة غداة يومٍ بعينه وأرادوا غدوةً من الغدوات جاز دخول الألف واللام، وعلى هذا المعنى توجّه قراءة ابن عامر). [معاني القراءات وعللها: 1/359]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (13- وقوله تعالى {بالغداوة والعشي} [52].
قرأ ابن عامر وحده {بالغدوة والعشي} بالواو، وإنما حمله على ذلك؛ لأنه وجده في المصحف بالواو، وإنما كتب بالواو كما كتب «الصلوة» بالواو؛ وإنما لم يكن ذلك الوجه، لأن غداة نكرة، وغدوة معرفة ولا يستعمل بالألف واللام، ومراد الله تعالى والله أعلم ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي أي: غداة كل يوم. نزل ذلك في فقراء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/158]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (كلّهم قرأ بالغداة والعشي [الأنعام/ 52] بألف، غير ابن عامر، فإنّه قرأ: بالغدوة والعشي في كل القرآن بواو.
الوجه: الغداة، لأنّها تستعمل نكرة وتتعرف بالألف واللام.
وأمّا غدوة فمعرفة، وهو علم صيغ له.
قال سيبويه: غدوة وبكرة، جعل كلّ واحد منهما اسما للحين، كما جعلوا أمّ حبين اسما لدابة معروفة.
[الحجة للقراء السبعة: 3/319]
قال: وزعم يونس عن أبي عمرو، وهو قوله:- وهو القياس- أنّك إذا قلت: لقيته يوما من الأيام: غدوة أو بكرة، وأنت تريد المعرفة لم تنوّن، فهذا يقوي قراءة من قرأ: بالغداة والعشي*.
ووجه ذلك قراءة ابن عامر أن سيبويه قال: زعم الخليل أنّه يجوز أن تقول: أتيتك اليوم غدوة وبكرة، فجعلهما بمنزلة ضحوة.
ومن حجّته أن بعض أسماء الزمان جاء معرفة بغير ألف ولام نحو ما حكاه أبو زيد من قولهم: لقيته فينة، غير مصروف، والفينة بعد الفينة، فألحق لام المعرفة ما استعمل
معرفة.
ووجه ذلك أنه يقدّر فيه التنكير والشّياع، كما يقدّر فيه ذلك إذا ثني، وذلك مستمرّ في جميع هذا الضرب من المعارف. ومثل ذلك ما حكاه سيبويه من قول العرب: هذا يوم اثنين مباركا فيه وأتيتك يوم اثنين مباركا فيه. فجاء معرفة بلا ألف ولام كما جاء بالألف واللّام، ومن ثمّ انتصب الحال، ومثل ذلك قولهم: هذا ابن عرس مقبل.
إمّا أن يكون جعل عرسا نكرة، وإن كان علما، وإنّما أن يكون أخبر عنه بخبرين). [الحجة للقراء السبعة: 3/320]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولا تطرد الّذين يدعون ربهم بالغداة والعشي}
قرأ ابن عامر (بالغدوة والعشي) بالواو وضم الغين وحجته في ذلك أنه وجده في المصحف بالواو فقرأ ذلك اتباعا للخطّ فإن قيل لم أدخل الألف واللّام على المعرفة فالجواب أن العرب تدخل الألف واللّام على المعرفة إذا جاورتها فيه الألف واللّام ليزدوج الكلام كما قال الشّاعر:
رأيت الوليد بن اليزيد مباركًا ... شديدا بأحناء الخلافة كاهله
فأدخل الألف واللّام في اليزيد لما جاور الوليد فكذلك أدخل الألف واللّام في «الغدوة» لما جاور {العشي}
وقرا الباقون {بالغداة} وهذا هو الوجه لأن غداة نكرة وغدوة معرفة ولا تستعمل بالألف واللّام ودخلت على غداة لأنّها نكرة والمعنى والله أعلم ولا تطرد الّذين يدعون ربهم بالغداة والعشي أي غداة كل يوم). [حجة القراءات: 251]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (20- قوله: {بالغداة} قرأه ابن عامر بالواو، وضم الغين، ومثله في الكهف وقرأهما الباقون بفتح الغين بألف بعد الدال.
وحجة من قرأ بألف أن «غداة» في كلام العرب نكرة وأدخل عليها الألف واللام للتعريف، و«غدوة» أكثر ما تستعمل معرفة بغير ألف ولام، فترك القراءة بها لثبات الألف واللام في الخط، وهما لا تدخلان على معرفة، فالتزم القراءة بـ «غداة» لأنها نكرة، يحسن فيها دخول الألف واللام، ولا يحسن في «غدوة» لأنها في أكثر اللغات، معرفة بغير ألف ولام، ولا تصرفها العرب، حكي: «أتيتك غدوة باكرًا» بغير صرف، وقال سيبويه: غدوة بكرة، جعل كل واحد منهما اسما للحين، يعني معرفة، وذلك دليل على أنها معرفة فمنعت الصرف، للتأنيث والتعريف.
21- وحجة من قرأ بضم العين أن بعض العرب ينكر «غدوة» فيصرفها في النكرة، فلما وجدها تنكر أدخل عليها الألف واللام للتعريف اتباعًا للخط، والاختيار القراءة بالألف، لأنها نكرة بإجماع، لم يستعمل أحد من العرب في «غداة» التعريف فوجب دخول الألف واللام عليها لتتعرف). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/432]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (14- {بالغُدْوَةِ} [آية/ 52] بضم الغين، وبالواو:-
قرأها ابن عامر وحده، وكذلك في الكهف.
ووجه ذلك أن غدوة وإن كان اسمًا علما صيغ لهذا الوقت المعلوم، ومن حقه أن لا يدخله الألف واللام، فإنه قدر فيه التنكير والشياع، وذلك مستمر في جميع هذا الضرب من الأعلام، نحو ما حكاه سيبويه عن العرب: هذا يوم اثنين مباركا فيه، فلما قدر في غدوة التنكير، جوز إدخال الألف
[الموضح: 469]
واللام عليه، وهذا كما يقال: لقيته فينة، غير مصروف، ثم تقول لقيته الفينة بعد الفينة، فتدخل الألف واللام على ما يستعمل معرفة.
وقرأ الباقون {بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ}.
وهو الأوجه؛ لأن {غَدَاةِ} تكون نكرة وتتعرف بالألف واللام، والحكم فيه كالحكم في عشي والعشي). [الموضح: 470]

قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (53)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 07:32 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام
[ من الآية (54) إلى الآية (58) ]

{وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (54) وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (55) قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (56) قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ (57) قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ (58)}

قوله تعالى: {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (54)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أنّه من عمل منكم سوءًا بجهالةٍ ثمّ تاب من بعده وأصلح فأنّه غفورٌ رحيمٌ (54)
قرأ ابن كثير وحمزة وأبو عمرو والكسائي (إنّه من عمل) و(فإنّه) بكسر الألف فيهما، وقرأ نافع (أنّه من عمل) نصبًا، (فإنّه غفورٌ) بالكسر، وقرأ ابن عامر وعاصم ويعقوب
[معاني القراءات وعللها: 1/355]
((أنّه... فأنّه) منصوبين.
وقال أبو إسحاق: يجوز (أنّه من عمل منكم سوءًا... فأنّه) يجوز بالفتح فيهما جميعًا، ويجوز كسرها جميعًا، ويجوز فتح الأولى وكسر الثانية، ويجوز كسر الأولى وفتح الثانية.
فأما من فتح الأولى والثانية فعلى أن موضع الأولى نصب، المعنى: كتب ربكم على نفسه المغفرة، وهي بدل من الرحمة، كأنه قال: كتب ربكم على نفسه الرحمة، وهي المغفرة للمؤمنين التائبين، لأن معنى (أنه غفورً رحيم) المغفرة منه.
ويجوز أن تكون (أنّ) الثانية وقعت مؤكدة للأولى؛ لأن المعنى: كتب ربكم أنه غفور رحيم، فلما طال الكلام أعيد ذكر (أنّ).
وأما من كسرهما جميعًا فعلى مذهب الحكاية، كأنه لما قال: (كتب ربّكم على نفسه الرّحمة) قال: (إنّه من عمل منكم سوءًا بجهالةٍ ثمّ تاب من بعده وأصلح فإنّه غفورٌ رحيمٌ) بالكسر.
ودخلت الفاء جوابا للجزاء فكسرت (إنّ) لأنها دخلت على ابتداء وخبر، كأنك قلت: فهو غفور رحيم، إلا أنّ الكلام بـ إنّ أوكد.
[معاني القراءات وعللها: 1/356]
ومن كسر الأولى فعلى ما ذكرنا من الحكاية، وإذا فتح الثانية مع كسر الأولى كان معناها المصدر، والخبر محذوف، المعنى: إنه من عمل منكم كذا وكذا فمغفرة الله له.
ومن فتح الأولى وكسر الثانية فالمعنى راجع إلى المصدر، كأنك لم تذكر (إنّ) الثانية، المعنى: كتب ربكم على نفسه أنه غفور رحيم). [معاني القراءات وعللها: 1/357]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (12- وقوله تعالى: {أنه من عمل منكم ...} [54].
قرأ عاصم وابن عامر {أنه} {فانه} بالفتح نصب الأول بقوله {كتب على نفسه الرحمة} «بأنه» و«لأنه» فلما سقط الخافض عمل الفعل «وأن» المفتوحة مع ما بعدها بمنزلة المصدر، واثلانية نسق على الأول.
وقرأ نافع {أنه} بالفتح {فإنهْ بالكسر نصب الأول بـ {كتب} وجعل الفاء جواب الشرط لـ «من» واستأنف «إن»؛ لأن ما بعد فاء الشرط
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/157]
يكون الكلام مستأنفًا كقوله تعالى: {ومن عاد فينتقم الله منه} وكقولك: من يزر زيدًا فعبد الله عنده.
وقرأ الباقون: {إنه} {فإنه} مكسورتين، جعلوه حكاية، ولم يعملوا {كتب} كما تقول: قال زيد عبد الله في الدار، و{كتب ربكم على نفسه الرحمة} لمن كان حاله كيت وكيت). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/158]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح الألف وكسرها من قوله [جلّ وعزّ]: إنه من عمل... فإنه غفور رحيم [الأنعام/ 54].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائيّ: إنه من عمل فإنه غفور رحيم مكسورة الألف فيهما.
وقرأ عاصم وابن عامر أنه من عمل فإنه بفتح الألف فيهما.
وقرأ نافع الرحمة أنه [الأنعام/ 54] بفتح الألف فإنه غفور رحيم كسرا.
من كسر فقال: الرحمة إنه من عمل منكم جعله تفسيرا للرّحمة، كما أنّ قوله: لهم مغفرة وأجر عظيم [المائدة/ 9] تفسير للوعد.
فأمّا كسر إنّ من قوله: فإنه غفور رحيم فلأنّ ما بعد الفاء حكمه الابتداء، ومن ثمّ حمل قوله: ومن عاد فينتقم الله منه [المائدة/ 95] على إرادة المبتدأ بعد الفاء، وحذفه.
وأمّا من فتح أنّ في قوله: أنه فإنّه جعل أن* الأولى بدلا من الرّحمة، كأنّه: كتب ربّكم على نفسه أنّه من عمل منكم.
[الحجة للقراء السبعة: 3/311]
وأمّا فتحها بعد الفاء من قوله: فأنه غفور رحيم [الأنعام/ 54]، فعلى أنّه أضمر له خبرا تقديره: فله أنّه غفور رحيم، أي: فله غفرانه، أو أضمر مبتدأ يكون أنّ خبره، كأنّه، فأمره أنّه غفور رحيم. وعلى هذا التقدير يكون الفتح في قول من فتح: ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم [التوبة/ 63] تقديره: فله أنّ له نار جهنّم، إلّا أنّ إضماره هنا
أحسن لأنّ ذكره قد جرى في صلة أن...، وإن شئت قدّرت، فأمره
أنّ له نار جهنّم، فيكون خبر هذا المبتدأ المضمر.
ومثل البدل في هذا قوله: وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم [الأنفال/ 7] المعنى: وإذ يعدكم الله كون إحدى الطائفتين، مثل قوله: وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره [الكهف/ 63].
ومن ذهب في هذه الآية إلى أنّ أنّ التي بعد الفاء تكرير من
الأولى لم يستقم قوله وذلك أنّ من... لا تخلو من أن تكون للجزاء
الجازم الذي اللفظ عليه، أو تكون موصولة، ولا يجوز أن يقدّر التكرير مع الموصولة، ولو كانت موصولة لبقي المبتدأ بلا خبر. ولا يجوز ذلك في الجزاء الجازم، لأنّ الشرط يبقى بلا جزاء، فإذا لم يجز ذلك، ثبت أنّه على ما ذكرنا، على أنّ ثبات الفاء في قوله:
فأن له، يمنع من أن يكون بدلا، ألا ترى أنّه لا يكون بين البدل
[الحجة للقراء السبعة: 3/312]
والمبدل منه الفاء العاطفة، ولا التي للجزاء؟ فإن قلت: إنّها زائدة، بقي الشرط بلا جزاء، فلا يجوز إذا تقدير زيادتها هنا، وإن جاءت زائدة في غير هذا الموضع.
وأمّا قراءة نافع كتب أنه... فإنه! فالقول فيها أنّه أبدل من الرحمة واستأنف ما بعد الفاء.
قال سيبويه: بلغنا أنّ الأعرج قرأ: أنه من عمل منكم سوءا بجهالة... فإنه غفور رحيم [الأنعام/ 54] قال: ونظيره البيت الذي أنشدتك يعني بالبيت الذي أنشده:
قول ابن مقبل.
وعلمي بأسدام المياه فلم تزل... قلائص تخدى في طريق طلائح
وأنّي إذا ملّت ركابي مناخها... فإنّي على حظّي من الأمر جامح
يريد أنّ قوله: وأني إذا ملّت ركابي محمول على ما قبله،
[الحجة للقراء السبعة: 3/313]
كما أنّ قوله: من عمل محمول على ما قبله، وما بعده من قوله: «فإنّي على حظّي من الأمر» مستأنف، كما أنّ قوله: فإنه غفور رحيم مستأنف به منقطع مما قبله). [الحجة للقراء السبعة: 3/314]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({كتب ربكم على نفسه الرّحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثمّ تاب من بعده وأصلح فأنّه غفور رحيم}
[حجة القراءات: 251]
قرأ عاصم وابن عامر {كتب ربكم على نفسه الرّحمة أنه من عمل} {فأنّه غفور رحيم} الألف فيهما مفتوحة
قال الزّجاج موضع {إن} الأولى النصب المعنى كتب ربكم على نفسه المغفرة وهي بدل من الرّحمة كأنّه قال كتب ربكم على نفسه الرّحمة وهي المغفرة للمذنبين التائبين لأن معنى أنه غفور رحيم المغفرة منه فيجعل أنه بدلا من الرّحمة وتفسيرا عنها قال ويجوز أن تكون أن الثّانية وقعت مؤكدة للأولى لأن المعنى كتب ربكم أنه غفور رحيم فلمّا طال الكلام أعيد ذكر أن
وقال أبو حاتم يجوز أن تكون في موضع رفع على ضمير هي أنه كأنّه فسر الرّحمة فقال هي أنه وحمل الثّاني على الأول لأن المعنى كتب ربكم أنه غفور رحيم للّذي يتوب ويصلح
وقرأ نافع {أنه من عمل منكم} بفتح الألف {فأنّه غفور رحيم} بالكسر جعل الفاء جواب الشّرط ل من واستأنف كقوله {ومن عاد فينتقم الله منه} وكقوله {ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنّم} وقال الزّجاج من فتح الأولى وكسر الثّانية فالمعنى
[حجة القراءات: 252]
راجع إلى المصدر وكأنك لم تذكر إن الثّانية المعنى كتب ربكم على نفسه الرّحمة إنّه غفور رحيم
وقرأ الباقون إنّه فإنّه بكسر الألف فيهما على مذهب الحكاية كأنّه لما قال {كتب ربكم على نفسه الرّحمة} قال {أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثمّ تاب من بعده وأصلح فأنّه غفور رحيم} ). [حجة القراءات: 253]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (22- قوله: {أنه من عمل}، {فأنه غفور} قرأ نافع وابن عامر عاصم «أنه» بالفتح، وقرأ عاصم وابن عامر «فأنه غفور» بالفتح وقرأ الباقون بالكسر فيهما.
وحجة من كسر «إنه من عمل» أنه جعله تفسيرًا للرحمة، فسرها بالجملة التي بعدها و«أن» تكون مكسورة إذا دخلت على الجمل.
23- وحجة من كسر «فإنه غفور» أن ما بعد الفاء حكمه الابتداء والاستئناف، فكسر لذلك؛ لأن حكم «إن» في الابتداء والاستئناف الكسر.
24- وحجة من فتح «أنه من عمل» أنه جعل «أن» بدلًا من «الرحمة» على بدل الشيء من الشيء، وهو هو، فأعمل فيها «كتب» ن، كأنه قال: كتب ربكم على نفسه «أنه من عمل».
25- وحجة من «فأنه غفور» أنه أضمر خبرًا مقدمًا، ورفع «أن» بالابتداء، لأن ما بعد الفاء مبتدأ، كأنه قال: فله أنه غفور له، أي فله غفران الله، ويجوز رفع «أن» بالظرف المضمر، ويجوز أن يضمر مبتدأ تكون «أن» خبره، تقديره: فأمره غفران ربه له، وقد قيل: إن «أن» الثاني تأكيد وتكرير للأولى). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/433]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (15- {أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ} {فَأَنَّهُ} [آية/ 54] بفتح الألف فيهما:-
قرأها ابن عامر وعاصم ويعقوب.
أما فتح {أنه} فعلي البدل من {الرَّحْمَةَ} من قوله {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}، والتقدير: كتب ربكم على نفسه أنه من عمل منكم سوءًا، وموضعه نصب بكتب.
وأما فتحها بعد الفاء من قوله {فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} فعلى أنه أضمر له خبرة، والتقدير: فله أنه غفور رحيم، أي قله غفرانه، ويجوز أن يكون المضمر مبتدأ، والتقدير: فأمره أنه غفور رحيم.
وقرأ الباقون {إِنَّهُ} {فَأَنَّهُ} بالكسر فيهما، إلا نافعًا فإنه قرأ {أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ} بالفتح {فَإِنَّهُ} بالكسر.
أما وجه قراءة نافع، فهو أنه {أَنَّهُ} وأنهه من {الرَّحْمَةَ}، وكسر ما بعد
[الموضح: 470]
الفاء حملاً له على معنى الجملة المبتدأ بها الواقعة في جواب الشرط، نحو: من أحسن إليه فإن الله مجازيه، بكسر إن.
وأما قراءة الباقين فوجهها أن الجملة مستأنفة مفسرة للرحمة، فكسرت إن من أجل أنها مبتدأة، كما كان قوله تعالى {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} تفسيرًا للوعد، وأما كسر إن من قوله {فَإِنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}؛ فعلى ما ذكرنا في قراءة نافع من أن ما بعد الفاء الواقع في جواب الشرط محكمة الابتداء). [الموضح: 471]

قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (55)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ولتستبين سبيل المجرمين (55)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وحفص ويعقوب (ولتستبين) بالتاء (سبيل) بالرفع، وقرأ نافع (ولتستبين) بالتاء (سبيل) بالنصب، وقرأ أبو بكر وحمزة والكسائي (وليستبين) بالياء (سبيل) بالرفع.
قال أبو منصور: الاستبانة: أن تبين ويتبين.
من قرأ (ولتستبين سبيل) فمعناه: ولتبين والفعل للسبيل، وهي مؤنثة،
[معاني القراءات وعللها: 1/357]
كقوله: (قل هذه سبيلي).
ومن قرأ (وليستبين سبيل) بالياء فإنه ذكر السبيل، قال الله تعالى: (وإنّها لبسبيلٍ مقيمٍ)، والسبيل والطريق يذكران ويؤنثان.
وأما قراءة نافع (ولتستبين سبيل) بالنصب فالمعنى: ولتستبين أنت يا محمد سبيل المجرمين يقال: تبينت الأمر والسبيل، واستبنته بمعنى واحد.
فإن قال قائل: أفلم يكن النبي مستبينا سبيل المجرمين؟
فالجواب في هذا: أن جميع ما يخاطب به المؤمنون يخاطب به النبي - صلى الله عليه وسلم - فكأنه قيل: لتستبينوا سبيل المجرمين، أي: لتزدادوا استبانة، ولم يحتج إلى أن يقول: ولتستبين سبيل المؤمنين، مع ذكر سبيل المجرمين، لأن سبيل المجرمين إذا بانت فقد بانت معها سبيل المؤمنين). [معاني القراءات وعللها: 1/358]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (14- وقوله تعالى: {ولتستبين سبيل المجرمين} [55].
قرأ أهل الكوفة غير حفص {وليستبين} بالياء {سبيل} بالرفع.
وقرأ ابن عامر وابن كثير وأبو عمرو وحفص بالتاء والرفع، وقرأ نافع {ولتستبين} بالتاء {سبيل} بالنصب، والمعنى ولتستبين أنت يا محمد سبيل المجرمين، والسبيل: الطريق يذكر ويؤنث). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/158]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء والرّفع والنصب من قوله [جلّ وعزّ]: ولتستبين سبيل المجرمين [الأنعام/ 55].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر: ولتستبين بالتاء، سبيل رفعا.
وقرأ نافع: ولتستبين بالتاء أيضا، سبيل المجرمين نصبا.
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وحمزة والكسائيّ وليستبين بالياء سبيل رفعا حفص عن عاصم مثل أبي عمرو.
وجه قراءة ابن كثير وأبي عمرو وابن عامر ولتستبين بالتاء سبيل رفعا، أنهم جعلوا السبيل فاعل الاستبانة، وأنّث السبيل كما قال: قل هذه سبيلي أدعوا [يوسف/ 108] وقد ذكّر السبيل أيضا في قوله: وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا [الأعراف/ 146].
فالسّبيل على هذا فاعل الاستبانة. قال سيبويه: استبان
[الحجة للقراء السبعة: 3/314]
الشيء واستبنته. وقراءة نافع: ولتستبين سبيل التاء فيها ليس على ما تقدّم ولكنّها لك أيّها المخاطب ففي الفعل ضمير المخاطب. والفعل في القراءة الأولى فارغ لا ضمير فيه، والتاء تؤذن بأنّ الفاعل المسند إلى الفعل مؤنث.
ومثل هذا في أنّ تفعل يحتمل الأمرين، الخطاب والتأنيث، قوله: يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها [الزلزلة/ 4]، أي: يومئذ تحدّث الأرض، يريد: أهل الأرض، ويكون تحدّث أنت أيّها الإنسان، فأمّا قول الهذليّ:
زجرت لها طير الشمال فإن تكن... هواك الذي يهوى يصبك اجتنابها
فالفعل للغائبة على حد قولك: هند تهوى كذا.
وقول الأعشى:
فآليت لا أرثي لها من كلالة... ولا من حفى حتى تلاقي محمّدا
يكون تلاقي فيه: مرة للخطاب وأخرى للغيبة،
[الحجة للقراء السبعة: 3/315]
فالخطاب: على أن تكون الياء في تلاقي ضمير المؤنّث على الرجوع من الغيبة إلى الخطاب، كقوله تعالى: الحمد لله ثمّ قال: إياك نعبد [الفاتحة/ 5].
وأمّا الغيبة فإنّه على حدّ قولك: هند تفعل، إلّا أنّه أسكن الياء للضرورة كما قال:
سوّى مساحيهنّ تقطيط الحقق فالتاء في قراءة نافع للخطاب دون التأنيث على قولك: استبنت الشيء.
وقراءة حمزة والكسائي: وليستبين بالياء سبيل رفعا.
فالفعل على هذا مسند إلى السبيل إلّا أنّه ذكّر السبيل على قوله: يتخذوه سبيلا [الأعراف/ 146].
والمعنى: وليستبين سبيل المجرمين وسبيل المؤمنين، فحذف لأنّ ذكر أحد السبيلين يدل على الآخر، ومثله: سرابيل تقيكم الحر [النحل/ 81] ولم يذكر البرد لدلالة الفحوى عليه). [الحجة للقراء السبعة: 3/317]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ عاصم في رواية أبي بكرخفية* بكسر الخاء هاهنا
[الحجة للقراء السبعة: 3/316]
[الأنعام/ 63] وفي الأعراف عند قوله: ادعوا ربكم تضرعا وخفية [الآية/ 55].
وقرأ الباقون خفية بضم الخاء هاهنا، وفي الأعراف.
وروى حفص عن عاصم خفية بضم الخاء أيضا في الموضعين.
قال أبو عبيدة: خفية: تخفون في أنفسكم.
وحكى غيره: خفية، وخفية وهما لغتان.
وروي عن الحسن: التضرّع: العلانية، والخفية بالنية.
وأمّا قوله تعالى: تضرعا وخيفة فخيفة فعلة من الخوف، وانقلبت الواو للكسرة والمعنى: ادعوا خائفين وجلين، قال:
فلا تقعدنّ على زخّة... وتضمر في القلب وجدا وخيفا). [الحجة للقراء السبعة: 3/317]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولتستبين سبيل المجرمين}
قرأ نافع {ولتستبين} بالتّاء {سبيل} نصب أي ولتستبين أنت يا محمّد سبيل المجرمين فإن قال قائل أفلم يكن النّبي صلى الله عليه وآله مستبينا سبيل المجرمين فالجواب في هذا إن جميع ما يخاطب به المؤمنون يخاطب به النّبي صلى الله عليه فكأنّه قيل ولتستبينوا سبيل المجرمين أي لتزدادوا استبانة لها ولم يحتج إلى أن يقول ولتستبين سبيل المؤمنين مع ذكر سبيل المجرمين لأن سبيل المجرمين إذا بانت فقد بان معها سبيل المؤمنين
وقرأ حمزة والكسائيّ وأبو بكر «وليستبين» بالياء {سبيل} رفع وقرأ الباقون بالتّاء
اعلم أن السّبيل يذكر ويؤنث جاء القرآن بالوجهين فالتأنيث قوله {ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا} و{قل هذه سبيلي} والتذكير قوله {وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا} ). [حجة القراءات: 253]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (26- قوله: {ولتستبين سبيل} قرأه أبو بكر وحمزة والكسائي بالياء، ورفع «السبيل» حملوه على تذكير السبيل، إذ قد أضافوا الفعل إليه فرفعوه به، و«السبيل» تذكر وتؤنث، قال الله تعالى ذكره: {وإن يروا سبيل
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/433]
الرشد لا يتخذوه} «الأعراف 146» فذكر، ومثله الثاني بعده، وقرأ الباقون بالتاء على تأنيث «السبيل» إذ قد أسند الفعل إليه فرفع به، وقد قال الله تعالى: {قل هذه سبيلي} «يوسف 108» فأنث.
27- فأما من قرأ بالتاء ونصب «السبيل» وهو نافع، فإنه جعل الفعل خطابًا للنبي صلى الله عليه وسلم، وهو الفاعل، و«السبيل» مفعول به، والاختيار التاء ورفع «السبيل»، فهو أبين في المعنى، وعليه أكثر القراء). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/434]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (16- {وَلِيَسْتَبِينَ} بالياء {سَبِيلُ} بالرفع [آية/ 55]:-
قرأها حمزة والكسائي و-ياش- عن عاصم.
والوجه أنهم أسندوا الفعل الذي هو الاستبانة إلى السبيل، وجعلوا السبيل مذكرًا، فإن السبيل يذكر ويؤنث، ويقال: بأن الشيء واستبان وتبين وأبان، كله لازم، والمعنى وليتبين سبيل المجرمين وسبيل المؤمنين، فحذف ذكر القبيل الآخر؛ لأن أحد القبيلين يدل على الأخر.
وقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو و-ص- عن عاصم ويعقوب {وَلِتَسْتَبِينَ} بالتاء {سَبِيلُ} بالرفع.
والوجه أن الفعل ههنا أيضًا مسند إلى السبيل، لكن جعلوا السبيل في هذه القراءة مؤنثة، كما قال تعالى {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي} فأنث السبيل.
وحجة القراءة الأولى قوله تعالي {وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ} فذكر السبيل.
[الموضح: 471]
وقرأ نافع وحده {وَلِتَسْتَبِينَ} بالتاء أيضًا {سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} بالنصب.
والوجه أن التاء ههنا للمخاطب، ففي الفعل ضمير المخاطب، والمعنى ولتستبين أنت يا محمد سبيل المجرمين، والسبيل ههنا مفعول به، يقال: تبينت الشيء واستبنته، فهو متعد). [الموضح: 472]

قوله تعالى: {قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (56)}

قوله تعالى: {قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ (57)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (يقصّ الحقّ وهو خير الفاصلين (57)
قرأ ابن كثير ونافع وعاصم (يقصّ الحقّ) بالصاد، وقرأ الباقون (يقض الحقّ) بالضاد.
قال أبو منصور: من قرأ (يقصّ الحقّ) فمعناه: يتبع الحق، ورويت هذه القراءة عن علي بن أبي طالب، ومن قرأ (يقض الحقّ) فله وجهان:
أحدهما: أنه يقضى القضاء الحق،
والثاني: أن معنى يقضي: يصنع ويحكم، ومنه قول أبي ذؤيب:
[معاني القراءات وعللها: 1/359]
وعليهما مسرودتان قضاهما... داود...............
أي: صنعهما داود فأحكمهما.
وقيل في تفسير قوله (يقصّ الحقّ) أن معناه: أن جميع ما أنبأ به وأمر به فهو من أقاصيص الحق.
وكتبت (يقض الحق) بطرح الياء لاستقبالها الألف واللام، كما كتب (سندع الزّبانية) بغير واو في موضع الرفع). [معاني القراءات وعللها: 1/360]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (15- وقوله تعالى: {يقص الحق} [57].
قرأ ابن كثير ونافع وعاصم {يقص الحق} بالصاد؛ لأن في المصحف بغير ياء.
وقرأ الباقون: {يقض الحق}: قال أبو عمرو: وإنما قرأتها كذا لقوله: {وهو خير الفاصلين} والفصل لا يكون إلا في القضاء. وإنما حذفت الياء خطا لما سقطت لفظًا لسكونها وسكون اللام). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/159]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الضاد والصاد من قوله [جلّ وعزّ]: يقضي الحق [الأنعام/ 57].
فقرأ ابن كثير ونافع وعاصم: يقص الحق بالصاد.
وقرأ أبو عمرو وحمزة وابن عامر والكسائيّ: يقضي الحق بالضّاد.
حجّة من قرأ يقضي* أنّهم زعموا أنّ في حرف ابن مسعود يقضي بالحق، بالضاد وذكر عن أبي عمرو أنّه استدلّ على يقضي بقوله: وهو خير الفاصلين [الأنعام/ 57] قال: والفصل في القضاء ليس في القصص.
ومن حجّتهم قوله تعالى: والله يقضي بالحق وهو يهدي السبيل [الأحزاب/ 4].
وحجّة من قال يقص الحق قوله: نحن نقص عليك أحسن القصص [يوسف/ 3] وإن هذا لهو القصص الحق [آل عمران/ 62].
وأمّا ما احتجّ به من قرأ: يقضي* من قوله: وهو خير الفاصلين [الأنعام/ 57] في أنّ الفصل في الحكم لا في القول، فإنّهم قالوا: قد جاء الفصل في القول أيضا في نحو قوله: إنه لقول فصل [الطارق/ 13] وقال: أحكمت آياته ثم فصلت
[الحجة للقراء السبعة: 3/318]
[هود/ 1]، وقال: نفصل الآيات [الأنعام/ 55]، فقد حمل الفصل على القول، واستعمل معه كما جاء مع القضاء، وقال: لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى، ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء [يوسف/ 111]، فقد ذكر في القصص أنّه تفصيل. فأمّا الحقّ في قوله: يقضي الحق [الأنعام/ 57] فيحتمل أمرين: يجوز أن يكون صفة مصدر محذوف، يقضي القضاء الحقّ، أو يقصّ القصص الحقّ. ويجوز أن تكون مفعولا به مثل يفعل الحق كقوله:
قضاهما داود). [الحجة للقراء السبعة: 3/319]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إن الحكم إلّا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين}
قرأ نافع وابن كثير وعاصم {إن الحكم إلّا لله يقص الحق} بضم القاف والصّاد المعنى إن جميع ما أنبأ به أو أمر به فهو من أقاصيص الحق واحتج ابن عبّاس على هذه القراءة بقوله {نحن نقص عليك} وقال {إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل} و{ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي} وأخرى قال مجاهد لو كان يقضي لكانت يقضي بالحقّ والعرب تقول قضيت بالحقّ قال الله جلّ وعز {والله يقضي بالحقّ} بإثبات الياء والباء مع القضاء
وقرأ الباقون «يقضي الحق» بالضاد وسكون القاف من قضى يقضي إذا حكم وفصل وحجتهم قوله {وهو خير الفاصلين} والفصل يكون في القضاء لا في القصص وكان أبو عمرو يعتبر بهذه وقال إنّما الفصل في القضاء لا في القصص وكان الكسائي يعتبرها بقراءة ابن مسعود قال وفي قراءته {يقضي بالحقّ} ). [حجة القراءات: 254]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (28- قوله: {يقص الحق} قرأه الحرميان وعاصم بالصاد، مضمومة غير معجمة، وقرأ الباقون بالضاد، معجمة مكسورة، وأصلها أن يتصل بها ياء؛ لأنه فعل مرفوع من القضاء، لكن الخط بغير ياء، فتكون الياء حذفت لدلالة الكسرة عليها.
29- من قرأ بالصاد غير معجمة أنه جعله من القصص كقوله: {نحن نقص عليك} «يوسف 3» و{إن هذا لهو القصص} «آل عمران 62».
30- وحجة من قرأ بالضاد معجمة أنه جعله من القضاء، ودل على ذلك أن بعده {خير الفاصلين}، والفصل لا يكون إلا عن قضاء دون قصص، ويقوي ذلك أن في قراءة ابن مسعود {إن الحكم إلا لله يقضي بالحق} فدخول الياء يؤكد معنى القضاء، ولا يوقف عليه في هذه القراءة؛ لأن أصله الياء، فإن وقفت بالياء، على الأصل، خالفت الخط وإن وقفت بغير ياء خالفت الأصل، والقراءة بالصاد غير معجمة أحب إلي، لاتفاق الحرميين وعاصم على ذلك، ولأنه لو كان من القضاء للزمت الياء فيه، كما أتت في قراءة ابن مسعود). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/434]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (17- {يَقُصُّ الْحَقَّ} [آية/ 57] بالصاد مشددة:-
قرأها ابن كثير ونافع وعاصم.
والوجه أنه من القصص، أي يحدث بالأنباء الصادقة؛ لأن جميع ما أنبأ به فهو من أقاصيص الحق، وقال الله تعالى {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ}.
وقرأ الباقون {يَقْضِي الحَقَّ} بالضاد، بعدها باء.
والوجه أنه من القضاء، والمعنى يقضي القضاء الحق، ويجوز أن يكون التقدير: يقضي بالحق، فحذف الجار، والمراد بحكم الحق، ويؤيد هذه القراءة قوله {وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ}؛ لأن الفصل إنما يكون في القضاء). [الموضح: 472]

قوله تعالى: {قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ (58)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 07:34 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام
[ آية (59) ]

{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59)}

قوله تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 07:35 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام
[ من الآية (60) إلى الآية (62) ]

{وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (60) وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ (61) ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ (62)}

قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (60)}

قوله تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ (61)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (توفّته رسلنا وهم لا يفرّطون (61).
قرأ حمزة وحده (توفاه) بألف ممالة، وقرأها الباقون (توفّته) بالتاء.
قال أبو منصور: إذا تقدم فعل الجماعة فأنت مخير في تذكير الفعل أو تأنيثه، وله نظائر في القرآن.
وقوله جلّ وعزّ: (قل من ينجّيكم من ظلمات البرّ والبحر تدعونه تضرّعًا وخفيةً لئن أنجانا من هذه لنكوننّ من الشّاكرين (63) قل اللّه ينجّيكم)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر (قل من ينجّيكم)... لئن أنجيتنا)... قل اللّه ينجيكم) خفيفة، وقرأ الكوفيون (قل اللّه ينجّيكم) (من ينجّيكم) (لئن أنجانا) بألف وأمالها حمزة والكسائي، وفخمها عاصم، وقرأ يعقوب (قل من ينجيكم) (قل اللّه ينجيكم) مخففتين
[معاني القراءات وعللها: 1/361]
(لئن أنجيتنا) بالتاء.
قال أبو منصور: يقال أنجيته ونجّيته بمعنى واحد، وقوله (لئن أنجيتنا) مخاطبة لله جلّ وعزّ.
ومن قرأ (لئن أنجانا) بمعناه: لئن أنجانا الله، إخبار عن فعله). [معاني القراءات وعللها: 1/362]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (كلّهم قرأ: توفته رسلنا [الأنعام/ 61] بالتاء غير حمزة فإنّه قرأ: توفاه حجّة من قال: توفته بالتاء قوله: كذبت رسل من قبلك [الأنعام/ 34]، وقوله: إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم [فصلت/ 14].
جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم وقالت رسلهم: أفي الله شك [إبراهيم/ 9].
وحجّة حمزة أنّه فعل متقدّم مسند إلى مؤنّث غير حقيقي، وإنّما التأنيث للجمع، فهو مثل قوله: وقال نسوة في المدينة [يوسف/ 30]، وما أشبه ذلك ممّا تأنيثه تأنيث الجمع.
وإن كان الكتاب في المصحف بسينة، فليس ذلك بخلاف له، لأنّ الألف الممالة قد كتبت ياء). [الحجة للقراء السبعة: 3/321]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الأعرج: [وهُمْ لا يُفْرِطُون].
قال أبو الفتح: يقال: أفرط في الأمر إذا زاد فيه، وفرَّط فيه: إذا قصَّر، فكما أن قراءة العامة: {لا يُفَرِّطُونَ}: لا يقصرون فيما يؤمرون به من تَوَفِّي من تحضر منيته، فكذلك أيضًا لا يزيدون، ولا يَتَوَفَّوْنَ إلا من أُمروا بتَوَفِّيه. ونظيره قوله جل وعز: {وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَار} ). [المحتسب: 1/223]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({توفته رسلنا وهم لا يفرطون}
قرأ حمزة «توفاه رسلنا» بالياء وقرأ الباقون بالتّاء الوجهان جميعًا جائزان لأن الجماعة يلحقها اسم التّأنيث لأن معناها معنى جماعة ويجوز أيعبر عنها بلفظ التّذكير كما يقال جمع الرّسل والتأنيث
[حجة القراءات: 254]
كما قال {قد جاءت رسل ربنا بالحقّ} ). [حجة القراءات: 255]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (31- قوله: {توفته} و{استهوته} قرأهما حمزة بالألف والإمالة، على تذكير الجميع، كما قال: {وقال نسوة} «يوسف 30» وقرأ الباقون بالتاء على تأنيث الجماعة، كما قال: {قالت الأعراب} «الحجرات 14»، و{قالت لهم رسلهم} «إبراهيم 11» و{إذ جاءتهم الرسل} «فصلت 14» وهو الأكثر، وهو الاختيار، والإمالة تحسن فيه، لأن الألف أصلها الياء، لأنه من «هوى يهوي» ولأن الألف رابعة وخامسة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/435]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (18- {تَوَفَّاهُ رُسُلُنَا} [آية/ 61] بالألف ممالة:-
قراها حمزة وحده.
وإنما ذكر الفعل وإن كان مسندا إلى مؤنث؛ لأن التأنيث غير حقيقي، فإن التأنيث تأنيث جمع، فالأمر فيه سهل؛ لأنه يجوز تذكيره، وقد انضاف إلى ذلك أن الفعل قد تقدم.
وأما الإمالة في مثل هذا فقد سبق حكمها.
وقرأ الباقون {تَوَفَّتْهُ} بالتاء، لتأنيث الرسل، فالرسل مؤنثة لكونه جمعا، وقال الله تعالى في تأنيث الرسل {فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ} وقال: {إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ} وقال {قَالَتْ رُسُلُهُمْ} ). [الموضح: 473]

قوله تعالى: {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ (62)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 07:37 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام

[ من الآية (63) إلى الآية (67) ]
{قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (63) قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ (64) قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65) وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (66) لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (67)}

قوله تعالى: {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (63)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (تضرّعًا وخفيةً... (63).
قرأ عاصم في رواية أبي بكر (تضرّعًا وخفيةً) بكسر الخاء في السورتين، وقرأ الباقون (وخفيةً) بضم الخاء.
قال أبو منصور: هما لغتان (خفية وخفية)، والضم أجودهما، ومعناهما: ضد الجهر.
وانتصاب (تضرّعًا وخفيةً) على وجهين:
أحدهما: أنهما جعلا مصدرين لقوله: (تدعونه)؛ لأن معنى تدعون وتتضرعون واحد، وإن شئت جعلتهما مصدرين أقيما مقام الحال، كأنه قال: تدعونه متضرعين مخفين الدعاء). [معاني القراءات وعللها: 1/362]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (16- وقوله تعالى {تضرعا وخفية} [63].
قرأ عاصم وحده في رواية أبي بكر {وخفية} بالكسر.
وقرأ الباقون {خفية} بالضم، وهما لغتان: خِفْيَةٌ وخُفْيَةٌ وفيها لغة ثالثة ما قرأ بها أحد لخلاف المصحف غير أن ابن مجاهد خبرني عن السمري عن الفراء قال: يقال خُفية وخِفية وخُفوة وخِفوة بالواو مثل حُبوة وحِبوة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/159]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (17- وقوله تعالى: {قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر} [63].
قرأ القراء كلهم {ينجيكم} مشددًا إلا علي بن نصر فإنه روى عن أبي عمرو {ينجيكم} خفيفة، والأمر بينهما قريب، نجي وأنجي مثل كرم وأكرم). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/159]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (19- وقوله تعالى: {لئن أنجينا من هذه} [63].
قرأ الكوفيون {لئن أنجينا} على لفظ الخبر عن غائب.
وقرأ الباقون: {لئن أنجيتنا من هذه} على لفظ الخطاب لله تعالى، وكان عاصم يفخم على أصل الكلمة {أنجانا}.
وحمزة والكسائي يميلان {أنجانا} لأنه من ذوات الياء). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/160]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في التخفيف والتّشديد من قوله [جلّ وعزّ]: قل من ينجيكم.... قل الله ينجيكم [الأنعام/ 63، 64].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر قل من ينجيكم مشدّدة قل الله ينجيكم مخففة.
[الحجة للقراء السبعة: 3/321]
وروى عليّ بن نصر عن أبي عمرو قل من ينجيكم خفيفة، قل الله ينجيكم مثله مخفّفة.
وقرأ عاصم وحمزة والكسائيّ قل من ينجيكم.. قل الله ينجيكم مشدّدتين.
وقرأ الكوفيون: عاصم وحمزة والكسائيّ: لئن أنجانا بألف.
وقرأ الحجازيون وأهل الشام: ابن كثير ونافع وابن عامر:
لئن أنجيتنا [يونس/ 22] وأبو عمرو مثلهم لئن أنجيتنا.
وكان حمزة والكسائيّ يميلان الجيم وغيرهما لا يميل.
وجه التشديد والتخفيف في ينجيكم وينجيكم أنّهم قالوا:
نجا زيد، قال:
نجا سالم والنّفس منه بشدقه فإذا نقل الفعل فحسن نقله بالهمزة في أفعل كحسن نقله بتضعيف العين، ومثل ذلك: أفرحته وفرّحته، وأغرمته وغرّمته، وما أشبه ذلك. وفي التنزيل: فأنجاه الله من النار [العنكبوت/ 24]، فأنجيناه والذين معه [الأعراف/ 64]
[الحجة للقراء السبعة: 3/322]
وفيه ونجينا الذين آمنوا [فصلت/ 18] ولئن أنجيتنا من هذه [يونس/ 22]، فلما أنجاهم [يونس/ 23]، فإذا جاء التنزيل باللغتين جميعا تبينت من ذلك استواء القراءتين في الحسن.
فأمّا حجّة من قرأ لئن أنجانا [الأنعام/ 63] فهي أنّه حمله على الغيبة، وذلك قوله: تدعونه لئن أنجانا، وكذلك ما بعده قل الله ينجيكم قل هو القادر [الأنعام/ 65]، فهذه كلّها أسماء غيبة، فأنجانا أولى من أنجيتنا، لكونه على ما قبله وما بعده من لفظ الغيبة، وإذا كان مشاكلا لما قبله وما بعده كان أولى وموضع تدعونه نصب على الحال، تقديره: قل من ينجّيكم داعين وقائلين: لئن أنجانا. وكذلك من قرأ: لئن أنجيتنا تقديره داعين وقائلين: لئن أنجيتنا، فواجهوا بالخطاب، ولم يراعوا ما راعاه الكوفيون من المشاكلة.
ويقوّي قول من خالف الكوفيين قوله في أخرى لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين [يونس/ 22]. قل الله ينجيكم، فجاء أنجيتنا على الخطاب وبعده اسم غيبة.
فأمّا إمالة حمزة والكسائي في أنجانا فمذهب حسن، لأنّ هذا النحو من الفعل إذا كان على أربعة أحرف. استمرت فيه
[الحجة للقراء السبعة: 3/323]
الإمالة لانقلاب الألف إلى الياء في المضارع، وإذا كانت الإمالة قد حسنت في «غزا» مع أنّه على ثلاثة أحرف لأنّ الياء تثبت فيه إذا بني الفعل للمفعول، مع أنّ الواو تصحّ فيه في فعلت، فلا إشكال في حسنها في أنجا وأغزا ونحو ذلك). [الحجة للقراء السبعة: 3/324] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشّاكرين * قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب} 63 و64
قرأ عاصم وحمزة والكسائيّ {لئن أنجانا من هذه} بغير تاء على لفظ الخبر عن غائب بمعنى لئن أنجانا الله وحجتهم أنّها في مصاحفهم بغير تاء
وقرأ الباقون {لئن أنجيتنا} بالتّاء على الخطاب لله أي لئن أنجيتنا يا ربنا وحجتهم ما في يونس {لئن أنجيتنا من هذه} وهذا مجمع عليه فردّوا ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه
قرأ عاصم وحمزة والكسائيّ {قل الله ينجيكم منها} بالتّشديد من نجى ينجي وحجتهم إجماعهم على تشديد قوله قبلها {قل من ينجيكم من ظلمات} فكان إلحاق نظير لفظه به أولى من المخالفة بين اللّفظين
وقرأ الباقون {قل الله ينجيكم} بالتّخفيف وحجتهم قوله {لئن أنجيتنا من هذه} ولم يقل نجيتنا
قرأ أبوبكر {تضرعا وخفية} بكسر الخاء وفي الأعراف مثله وقرأ الباقون بالضّمّ وهما لغتان مثل رشوة ورشوة من أخفيت الشّيء إذا سترته والّتي في خاتمة الأعراف {تضرعا وخيفة} وهو من الخوف فتقلب الواو ياء للكسرة الّتي في الخاء). [حجة القراءات: 255] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (32- قوله: {وخفية} قرأه أبو بكر بكسر الخاء، ومثله في الأعراف، وضمَّ الباقون، وهما لغتان مشهورتان). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/435]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (33- قوله: {لئن أنجانا} قرأه الكوفيون بألف، من غير تاء، على لفظ الغيبة؛ لأن بعده: {قل الله ينجيكم} «64» وبعده: {قل هو القادر} «65» وقبله: {تدعونه} والهاء للغائب، وأجراه على ذلك مما بعده ومما قبله، وأماله حمزة والكسائي، لأن أصل الألف الياء، إذ هي رابعة، وقرأ الباقون بالتاء على لفظ الخطاب، فهو أبلغ في الدعاء والابتهال والسؤال، وهو الاختيار؛ لأن الأكثر من القراء عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/435]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (19- {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ} [آية/ 63] {قُلِ الله يُنَجِّيكُمْ} [آية/ 64] بالتخفيف في الحرفين:-
قرأهما يعقوب وحده، وقرأ الكوفيون بالتشديد في الحرفين، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ} مشددة {قُلِ الله يُنَجِّيكُمْ} مخففة.
وجه التشديد والتخفيف فيهما واحد، وذلك أن العرب تقول: نجيت زيدا وأنجيته، وحسن نقل الفعل في هذا الباب بالهمزة كحسن نقله بتضعيف
[الموضح: 473]
العين، تقول: أفرحت زيدا وفرحته، وغرمته وأغرمته، وأشباه ذلك كثيرة، قال الله تعالى {فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ}، وقال تعالى {وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا} وقد مضى مثله). [الموضح: 474]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (20- {لَئِنْ أَنْجَانَا} [آية/ 63] بالألف:
قرأها الكوفيون، وعاصم فتحها، وأمالها حمزة والكسائي.
والوجه أنهم حملوه على الغيبة؛ لأن ما قبله على الغيبة، وذلك قوله {تَدْعُونَهُ... لَئِنْ أَنْجَانَا} أي أنجانا الله، وكذلك ما بعده على لفظ الغيبة، وهو قوله {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا} فأنجانا على لفظ الغيبة أولى من أنجيتنا لمشاكلة ما قبله وما بعده.
وقرأ الباقون {أَنْجَيْتَنَا} بالياء والتاء، على المواجهة بالخطاب، وذلك أن هؤلاء لم يراعوا ما راعاه الكوفيون من المشاكلة، فاختاروا لفظ الخطاب؛ لأن في {تَدْعُونَهُ} معنى القول، كأنه قال: يقولون له لئن أنجيتنا، ويقوي هذه القراءة قوله تعالى في آية أخرى {لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ}.
فأما إمالة حمزة والكسائي الألف في {أَنْجَانَا} فحسنة؛ لأن هذا الضرب
[الموضح: 474]
من الفعل إذا كان على أربعة أحرف حسنت فيه الإمالة؛ لانقلاب الألف فيه إلى الياء في المضارع، وذلك نحو أنجى ينجي، وإذا كانت الإمالة تحس في مثل غزا ودعا مع أنه على ثلاثة أحرف ومن بنات الواو؛ لأن الألف ينقلب فيه ياء إذا بني للمفعول به نحو غزي ودعي، فلأن تحسن الإمالة في أنجى وأغزي لانقلاب الألف فيه ياء في مضارعه أولى). [الموضح: 475]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (22- {تَضُرُّعًا وَخِفْيَةً} [آية/ 63] بكسر الخاء:-
قرأها عاصم وحده في رواية -ياش-، وكذلك في الأعراف، الباقون {خُفْيَةً} بضم الخاء.
والوجه أنهما لغتان، يقال خفية وخفية، وانتصاب {تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} على وجهين:
أحدهما: أن يكونا مصدرين لقوله: تدعون؛ لأن في معنى الدعاء التضرع، كأنه قال: يتضرعون تضرعًا.
ويجوز: أن يكونا مصدرين أقيما مقام الحال، كأنه قال: تدعونه متضرعين مخفين للدعاء.
وأما التي في آخر الأعراف {وَخِفْيَةً} بكسر الخاء، والياء قبل الفاء، فهي فعله من الخوف انقلبت الواو فيها ياء لكسرة ما قبلها، وهو اتفاق لا خلاف بين القراء فيه). [الموضح: 476]

قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ (64)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (18- وقوله تعالى: {قل الله ينجيكم منها} [64].
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/159]
قرأ عاصم وحمزة والكسائي وابن عامر برواية هشام {قل الله ينجيكم} مشددة.
والباقون مخففة، ويجوز أن يكون التشديد للتكرير شيئًا بعد شيء. ويجوز لأبي عمرو وغيره لمن شدد الأولى وخفف الثانية {أنه} أتى باللغتين ليُعلم أن كلتيهما صواب). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/160]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في التخفيف والتّشديد من قوله [جلّ وعزّ]: قل من ينجيكم.... قل الله ينجيكم [الأنعام/ 63، 64].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر قل من ينجيكم مشدّدة قل الله ينجيكم مخففة.
[الحجة للقراء السبعة: 3/321]
وروى عليّ بن نصر عن أبي عمرو قل من ينجيكم خفيفة، قل الله ينجيكم مثله مخفّفة.
وقرأ عاصم وحمزة والكسائيّ قل من ينجيكم.. قل الله ينجيكم مشدّدتين.
وقرأ الكوفيون: عاصم وحمزة والكسائيّ: لئن أنجانا بألف.
وقرأ الحجازيون وأهل الشام: ابن كثير ونافع وابن عامر:
لئن أنجيتنا [يونس/ 22] وأبو عمرو مثلهم لئن أنجيتنا.
وكان حمزة والكسائيّ يميلان الجيم وغيرهما لا يميل.
وجه التشديد والتخفيف في ينجيكم وينجيكم أنّهم قالوا:
نجا زيد، قال:
نجا سالم والنّفس منه بشدقه فإذا نقل الفعل فحسن نقله بالهمزة في أفعل كحسن نقله بتضعيف العين، ومثل ذلك: أفرحته وفرّحته، وأغرمته وغرّمته، وما أشبه ذلك. وفي التنزيل: فأنجاه الله من النار [العنكبوت/ 24]، فأنجيناه والذين معه [الأعراف/ 64]
[الحجة للقراء السبعة: 3/322]
وفيه ونجينا الذين آمنوا [فصلت/ 18] ولئن أنجيتنا من هذه [يونس/ 22]، فلما أنجاهم [يونس/ 23]، فإذا جاء التنزيل باللغتين جميعا تبينت من ذلك استواء القراءتين في الحسن.
فأمّا حجّة من قرأ لئن أنجانا [الأنعام/ 63] فهي أنّه حمله على الغيبة، وذلك قوله: تدعونه لئن أنجانا، وكذلك ما بعده قل الله ينجيكم قل هو القادر [الأنعام/ 65]، فهذه كلّها أسماء غيبة، فأنجانا أولى من أنجيتنا، لكونه على ما قبله وما بعده من لفظ الغيبة، وإذا كان مشاكلا لما قبله وما بعده كان أولى وموضع تدعونه نصب على الحال، تقديره: قل من ينجّيكم داعين وقائلين: لئن أنجانا. وكذلك من قرأ: لئن أنجيتنا تقديره داعين وقائلين: لئن أنجيتنا، فواجهوا بالخطاب، ولم يراعوا ما راعاه الكوفيون من المشاكلة.
ويقوّي قول من خالف الكوفيين قوله في أخرى لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين [يونس/ 22]. قل الله ينجيكم، فجاء أنجيتنا على الخطاب وبعده اسم غيبة.
فأمّا إمالة حمزة والكسائي في أنجانا فمذهب حسن، لأنّ هذا النحو من الفعل إذا كان على أربعة أحرف. استمرت فيه
[الحجة للقراء السبعة: 3/323]
الإمالة لانقلاب الألف إلى الياء في المضارع، وإذا كانت الإمالة قد حسنت في «غزا» مع أنّه على ثلاثة أحرف لأنّ الياء تثبت فيه إذا بني الفعل للمفعول، مع أنّ الواو تصحّ فيه في فعلت، فلا إشكال في حسنها في أنجا وأغزا ونحو ذلك). [الحجة للقراء السبعة: 3/324] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشّاكرين * قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب} 63 و64
قرأ عاصم وحمزة والكسائيّ {لئن أنجانا من هذه} بغير تاء على لفظ الخبر عن غائب بمعنى لئن أنجانا الله وحجتهم أنّها في مصاحفهم بغير تاء
وقرأ الباقون {لئن أنجيتنا} بالتّاء على الخطاب لله أي لئن أنجيتنا يا ربنا وحجتهم ما في يونس {لئن أنجيتنا من هذه} وهذا مجمع عليه فردّوا ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه
قرأ عاصم وحمزة والكسائيّ {قل الله ينجيكم منها} بالتّشديد من نجى ينجي وحجتهم إجماعهم على تشديد قوله قبلها {قل من ينجيكم من ظلمات} فكان إلحاق نظير لفظه به أولى من المخالفة بين اللّفظين
وقرأ الباقون {قل الله ينجيكم} بالتّخفيف وحجتهم قوله {لئن أنجيتنا من هذه} ولم يقل نجيتنا
قرأ أبوبكر {تضرعا وخفية} بكسر الخاء وفي الأعراف مثله وقرأ الباقون بالضّمّ وهما لغتان مثل رشوة ورشوة من أخفيت الشّيء إذا سترته والّتي في خاتمة الأعراف {تضرعا وخيفة} وهو من الخوف فتقلب الواو ياء للكسرة الّتي في الخاء). [حجة القراءات: 255] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (34- قوله: {قل الله ينجيكم} قرأه الكوفيون وهشام بالتشديد، جعلوه من «نجا ينجي»، وقرأ الباقون بالتخفيف جعلوه من «أنجى يُنجي» والمعنى واحد، وأصل الفعل «نجا» ثم يثقل للتعدية بالهمز وبالتشديد، فالهمزة فيه كالتشديد في تعديته، وكل واحد يقوم مقام الآخر في التعدي إلى
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/435]
مفعول، واللغتان في القرآن إجماع، قال الله تعالى جل ذكره: {فأنجاه من النار} «العنكبوت 24» وقال: {وإذ أنجيناكم} «الأعراف 141» وقال: {فنجيناه ومن معه} «يونس 73» وهما في القرآن كثير، فالقراءتان متعادلتان، غير أن التشديد فيه معنى التكرير للفعل، على معنى «نجاة بعد نجاة»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/436]

قوله تعالى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65)}

قوله تعالى: {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (66)}

قوله تعالى: {لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (67)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 07:39 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام
[ من الآية (68) إلى الآية (70) ]

{وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (68) وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (69) وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (70)}

قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (68)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وإمّا ينسينّك الشّيطان... (68).
قرأ ابن عامر وحده (ينسّينّك) بتشديد السين، وخفف الباقون.
قال: يقال: أنسى ونسّى بمعنى واحد، مثل: أنجى ونجّى، والقراءة بالتخفيف أكثر). [معاني القراءات وعللها: 1/363]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (20- وقوله تعالى: {وإما ينسينك الشيطان} [68].
قرأ ابن عامر وحده {ينسينك} من نسى ينسى، جاء في الحديث: «لا يقولن أحدكم نسيت أنه كذا وكذا إنما هو ينسى» وقرأ الباقون: {ينسينك} بالتخفيف، يقال: نسيت الشيء أنساه، وأنساني غيري ونساني غيري أيضًا. ويجوز أن نسي مرة بعد مرة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/160]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (كلّهم قرأ وإما ينسينك الشيطان [الأنعام/ 68] بتسكين النون الأولى، وتشديد الثانية غير ابن عامر فإنّه قرأ ينسينك بفتح النون وتشديد السين مع النون الثانية.
الحجّة لهم في قراءتهم وإما ينسينك قوله: وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره [الكهف/ 63] فجاء في التنزيل: على أفعل.
ووجه قول ابن عامر أنّك تقول: نسيت الشيء، فإذا أردت أن غيرك أنساكه جاز أن تنقل الفعل بتضعيف العين كما تنقله بالهمزة، وعلى هذا قالوا: غرّمته وأغرمته، ففعّل وأفعل يجري كل واحد منهما مجرى الآخر، وفي التنزيل: فمهل الكافرين أمهلهم رويدا [الطارق/ 17] ). [الحجة للقراء السبعة: 3/324]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وإمّا ينسينك الشّيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظّالمين}
قرأ ابن عامر {وإمّا ينسينك الشّيطان} بالتّشديد تقول نسيت الشّيء وأنساني غيري ونساني أيضا وحجته ما جاء في الحديث لا يقولن أحدكم نسيت آية كذا وكذا بل هو نسي
وقرأ الباقون {وإمّا ينسينك} بالتّخفيف من أنساني غيري وحجتهم قوله {فأنساه الشّيطان ذكر ربه} ولم يقل فنساه). [حجة القراءات: 256]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (35- قوله: {وإما ينسينك الشيطان} قرأه ابن عامر بتشديد السين، وخفف الباقون، وهو مثل «أنجا ونجا» يقال: «نسيته وأنسيته» كما «نجيته وأنجيته» وقد تقدم ذكر الإمالة والاختلاف في: {رأى كوكبًا} «الأنعام 76» وفي شبهه، وفي: {رأى القمر} «الأنعام 77» وفي شبهه ولم يختلف في فتح ما أتى فيه الساكن بعد الهمزة في كلمة، نحو: «رأته ورأوه ورأيته» وشبهه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/436]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (21- {وَإِمَّا يُنَسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ} [آية/ 68] بفتح النون وتشديد السين:-
قرأها ابن عامر وحده، وقرأ الباقون {يُنْسِيَنَّكَ} بسكون النون وتخفيف السين.
والوجه فيهما ما ذكرناه في غير موضع من هذا الكتاب من أن أفعل وفعل سواء في نقل الفعل فيهما عن اللزوم إلى التعدي، وكلاهما في الحسن واحد، نحو: أغرمته وغرمته، قال الله تعالى {فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا}.
وكل هؤلاء شددوا النون الأخيرة في {يُنسِيَنَّكَ} إلا زيدا عن يعقوب، فإنه قرأ {يُنْسِيَنْكَ} بإسكان النون الأخيرة.
ووجه التشديد أن النون نون تأكيد ثقيلة، وإذا كانت ثقيلة كانت التأكيد فيها أكثر.
[الموضح: 475]
ووجه التخفيف أن النون نون تأكيد خفيفة، وهي للتأكيد أيضًا، وإن كان أقل من الأول). [الموضح: 476]

قوله تعالى: {وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (69)}

قوله تعالى: {وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (70)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 07:41 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام
[ من الآية (71) إلى الآية (73) ]

{قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (71) وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (72) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (73)}

قوله تعالى: {قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (71)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (كالّذي استهوته الشّياطين... (71).
قرأ حمزة (كالّذي استهويه) بألف ممالة، وقرأ الباقون بالتاء.
قال أبو منصور: التاء والياء قريبان من السواء إذا تقدم فعل الجماعة، وقد مر مثله في (توفته وتوفيه).
ومعنى استهوته الشياطين: استخفته حتى هوى، أي: أسرع إلى ما دعت إليه، وهذا من هوي يهوى، لا من هوى يهوى). [معاني القراءات وعللها: 1/363]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (21- وقوله تعالى: {كالذي استهوته الشياطين} [71].
قرأ حمزة {استهويه} بالياء.
والباقون بالتاء. فهذا فعل الجماعة يذكر ويؤنث كما يقال قام الرجال وقامت الرجال، وقال الأعراب وقالت الأعراب كل ذلك صواب). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/160]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (كلّهم قرأ: استهوته الشياطين [الأنعام/ 71] بالتاء غير حمزة فإنّه قرأ: استهواه بألف [و] يميلها.
[الحجة للقراء السبعة: 3/324]
قال أبو عبيدة: كالذي استهوته الشياطين أي: استمالته، أي: ذهبت به.
وقرأ حمزة استهواه الشياطين. على قياس قراءته توفاه رسلنا [الأنعام/ 61] وكلا المذهبين حسن.
قال الشاعر:
وكنّا ورثناه على عهد تبّع... طويلا سواريه شديدا دعائمه
وأرى قولهم: استهواه كذا، إنّما هو من قولهم: هوى من حالق: إذا تردّى منه، ويشبّه به الذي يزلّ عن الطريق المستقيم، كما أنّ زلّ إنّما هو من العثار في المكان كقوله.
قام إلى منزعة زلخ فزلّ ثمّ يشبّه به المخطئ في طريقته. وتقول: أزلّه غيره، كما قال: فأزلهما الشيطان عنها [البقرة/ 63]، فكذلك: هوى هو، وأهواه غيره، قال: والمؤتفكة أهوى [النجم/ 53]، فتقول: أهويته واستهويته، كما قال: فأزلهما الشيطان وإنّما استزلّهم الشيطان، فكما أنّ استزلّه بمنزلة أزلّه. كذلك استهواه
[الحجة للقراء السبعة: 3/325]
بمنزلة أهواه، كما أنّ استجابه بمنزلة أجابه في قوله:
فلم يستجبه عند ذاك مجيب). [الحجة للقراء السبعة: 3/326]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({كالّذي استهوته الشّياطين}
قرأ حمزة {كالّذي استهوته الشّياطين} بالياء ذهب إلى جمع الشّياطين
وقرأ الباقون {استهوته} بالتّاء ذهبوا إلى جماعة الشّياطين). [حجة القراءات: 256]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (23- {اسْتَهْوَاهُ} [آية/ 71] بالألف ممالة:-
قرأها حمزة وحده، وقرأ الباقون {اسْتَهْوَتْهُ} بالتاء.
والقول في استهواه الشياطين واستهوته، كالقول في توفاه رسلنا وتوفته، وكلا المذهبين في التذكير والتأنيث، وقد مضى الكلام فيه، وفي الإمالة أيضا). [الموضح: 477]

قوله تعالى: {وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (72)}

قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (73)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 07:43 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام

[ من الآية (74) إلى الآية (79) ]
{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آَزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آَلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (74) وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآَفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (78) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79)}

قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آَزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آَلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (74)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر... (74).
قرأ الحضرمي وحده (لأبيه آزر) رفعًا، وقرأ الباقون (آزر) نصبًا.
[معاني القراءات وعللها: 1/363]
قال أبو منصور: من قرأ (آزر) فعلى النداء (يا آزر)، ومن قرأ (آزر) فهو في موضع الخفض؛ لأنه بدل لأبيه، المعنى: لآزر.
ونصب لأنه لا ينصرف). [معاني القراءات وعللها: 1/364]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إنّي أراك وقومك... (74).
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو (إنّي أراك) محرك الياء، وأرسلها الباقون). [معاني القراءات وعللها: 1/366]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أُبي وابن عباس والحسن ومجاهد والضحاك وابن يزيد المدني ويعقوب، ورُويت عن سليمان التيمي: [لِأَبِيهِ آزَرُ].
وقرأ ابن عباس بخلاف: [أَأَزْرًا نَتَّخِذ] بهمزتين، واستفهام، وينصبهما، وينون.
وقرأ أبو إسماعيل رجل من أهل الشام: [أَئزرًا] مسكورة الألف منونة [تتَّخذ].
قال أبو الفتح: أما [آزَرُ] فنداء، وأما [أَئِزْرًا] فقيل: [إِزْرًا] هو الصنم، و[أَزْرًا] بالفتح أيضًا). [المحتسب: 1/223]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (24- {لِأَبِيهِ آزَرَ} [آية/ 74] رفعًا:
قرأها يعقوب وحده.
ووجهه أنه منادى حذف منه يا، والتقدير: يا آزر، وآزر اسم علم، فلذلك جاز حذف حرف النداء منه.
وقرأ الباقون {آزَرَ} بفتح الراء.
وهو مجرور إلا أنه غير منصرف، فهو نصب في حال الجر؛ لأنه كان غير منصرف، والجر ممتنع منه، وهو في حال الجر منصوب، و{آزَرَ} بدل من {لِأَبِيهِ} أو عطف البيان). [الموضح: 477]

قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75)}

قوله تعالى: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآَفِلِينَ (76)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (رأى كوكبًا... (76). ونظائره.
قرأ ابن كثير وحفص، عن عاصم والأعشى عن أبي بكر عن عاصم ويعقوب (رأى كوكبًا) و(رأى قميصه) و(رأى أيديهم) ونحو هذا بفتح الراء والهمز حيث كان، وقرأ نافع هذا كله بين الفتح والكسر، وقرأ أبو عمرو (رأى) بفتح الراء وكسر الهمزة في جميع القرآن، وقرأ ابن عامر (ريى كوكبا) بكسر الراء والهمزة في هذه الحروف كلها ونحوها مما اسم الرؤية فيه مظهرة، مثل (رأى قميصه) و(رأى أيديهم).
وفتح الراء والهمز في جميع القرآن مع الكنايات، وقرأ أبو بكر وحمزة والكسائي (رئى) بكسر الراء والهمزة، وكذلك روى عبيد عن أبي عمرو
[معاني القراءات وعللها: 1/364]
(رأى كوكبًا)، وقال أبو جعفر البزار عن يحيى عن أبي عاصم بكسر الراء والهمزة عند الاسم الظاهر، وبفتح الراء والهمزة عند الكنى نحو (رآها تهتزّ) و(رآه نزلةً أخرى) و(أن رآه استغنى).
وقال ابن مجاهد كسر الراء عند الظاهر والمكنى في كل القرآن.
وروى نصيرا عن الكسائي (رأى كوكبًا)، و(رأى قميصه) ونحو هذا بالفتح مثل ابن كثير، و(رأى الشّمس) و(رأى القمر) ونحوه بكسر الراء وفتح الهمزة مثل حمزة، وهذا ضد رواية أبي عمرو وأبى الحارث وغيرهما، هذه رواية أبي جعفر النحوي عن نصير عنه وأظنه وهمًا. والله أعلم.
[معاني القراءات وعللها: 1/365]
وقرأ أبو بكر عن عاصم وحمزة (رأى القمر) و(رأى الشمس) و(رأى المؤمنون) و(رأى المجرمون) ونحو هذا إذا لقي الهمزة ساكن بكسر الراء وفتح الهمزة، وقال خلف عن يحيى عن أبي بكر بكسر الراء والهمزة جميعًا، والأعشى عن أبي بكر بفتح الراء والهمزة، وقرأ الباقون هذا الجنس بفتح الراء والهمزة.
قال أبو منصور: والذي نختاره من هذه الوجوه (رئى) بفتح الراء وكسر الهمزة، وهو اختيار أبي عمرو، وإن قرئ بفتح الراء والهمز فهو صحيح جيد، ومن قرأ (رئى) و(رأى) فلا ينبغي له أن يشبع كسر الراء، وإنما يشمّها كسرةً للفظ الراء، ومن أشبع الراء كسرة في هذا الباب فليس من كلام العرب). [معاني القراءات وعللها: 1/366]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (22- وقوله تعالى: {رأى كوكبًا} [76].
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/160]
قرأ نافع في رواية [ورش] بين الكسر والفتح.
وقرأ ابن كثير وحفص عن عاصم وابن عامر في رواية [هشام] بالتفخيم يفتحون الراء والهمزة جميعًا.
وقرأ أبو عمرو بخلاف السوسي بفتح الراء وكسر الهمزة.
وقرأ الباقون بكسر الراء والهمزة، فمن فخمه فعلى أصل الكلمة، والأصل: رأى مثل دعى فقلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصارت ألفًا في اللفظ وياءً في الخط. ومن أمال الهمزة فلمجاورة الياء، وفي الحقيق الألف هي الممالة. أشير إلى كسرة الهمزة كما يُشار إلى كسرة الميم في قوله: {ولكن الله رمى} وإنما أمالوا تخفيفًا، ليعمل اللسان من وجه واحد.
ومن كسر الراء فإنه أتبع الإمالة الإمالة فكسر الهمزة لمجاورة الياء، وكسر الراء لمجاورة الهمزة، فإذا استقبل الياء ألف ولام مثل {رأى القمر} [77] {ورأى الشمس} [78] و{رأى المجرمون} و{رأى الذين ظلموا} و{رأى الذين أشركوا} فإن القراء فتحوا؛ لأن الإمالة كانت من أجل الياء، فلما سقطت الياء لاجتماع الساكنين ذهبت الإمالة إلا حمزة وعاصمًا في رواية أبي بكر وأبا عمرو في رواية السوي بخلاف عنه فإنهما أمالا الراء وفتحا الهمزة ليدلا على أن الأصل ممال قبل الوصل.
وروى خلف عن يحيى بن آدم عن أبي بكر عن عاصم {رأى القمر}
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/161]
ونحوها بكسر الراء والهمزة، وهو رديء جدًا ونحوه قرأ حمزة: {ولقد رآه} بكسر الراء والهمزة، والاختيار التفخيم). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/162]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في فتح الراء والهمزة وكسرهما من قوله تعالى: رأى كوكبا [الأنعام/ 76].
فقرأ ابن كثير وعاصم في رواية حفص، رأى بفتح الراء والهمزة.
وقرأ نافع: بين الفتح والكسرة.
وقرأ أبو عمرو: رأى كوكبا بفتح الراء وكسر الهمزة.
وروى القطعيّ عن عبيد بن عقيل عن أبي عمرو: بكسر الراء والهمزة جميعا.
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وابن عامر وحمزة والكسائيّ
[الحجة للقراء السبعة: 3/326]
رأى* بكسر الراء والهمزة.
وجه قول ابن كثير وعاصم في إحدى الروايتين عنه أنّهما لم يميلا، كما أنّ من قال: رعى ورمى لمّا لم يمل الألف لم يمل الفتحة التي قبلها، كما يميلها من يرى الإمالة ليميل الألف نحو الياء.
قال: وقرأ نافع بين الفتح والكسر [قوله: بين الفتح والكسر] لا يخلو من أن يريد الفتحتين اللتين على الراء والهمزة، أو الفتحة التي على الهمزة وحدها، فإن كان يريد فتحة الهمزة فإنّما أمالها نحو الكسرة لتميل الألف التي في رأى نحو الياء، كما أمال الفتحة التي على الدّال من هدى* والميم من رمى*.
وإن كان يريد أنّه أمال الفتحتين جميعا، الّتي على الراء، والتي على الهمزة، فإمالة فتحة الهمزة على ما تقدّم ذكره.
وأمّا إمالة الفتحة التي على الراء، فإنّما أمالها لاتباعه إياها إمالة فتحة الهمزة، كأنّه أمال الفتحة لإمالة الفتحة، كما أمال الألف لإمالة الألف في قولهم: رأيت عمادا، فأمال ألف النصب لإمالة الألف في عماد، والتقديم والتأخير في ذلك سواء، والفتحة الممالة منزلة منزلة الكسرة، فكما أملت الفتحة في قولك من عمرو، لكسرة الراء، كذلك أملت فتحة الراء من رأى* لإمالة الفتحة التي على الهمزة.
[الحجة للقراء السبعة: 3/327]
قال: وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وابن عامر وحمزة والكسائيّ رأي* بكسر الراء والهمزة.
قال: وجه قراءتهم أنّهم كسروا الراء من رأى، لأنّ المضارع منه على يفعل، وإذا كان المضارع على «يفعل» فكأنّ الماضي على «فعل»، ألّا ترى أنّ المضارع في الأمر العام إذا كان على يفعل كان الماضي على فعل؟ وعلى هذا قالوا: أنت تينا، فكسروا حرف المضارعة كما كسروه في نحو: تعلم وتفهم، وكسروا الياء أيضا في هذا الحرف فقالوا: ييبا، ولم يكسروه في يعلم، وإذا كان الماضي كأنّه على فعل فيما ينزّل، كسرت الراء التي هي فاء لأنّ العين همزة، وحروف الحلق إذا جاءت في كلمة على زنة فعل* كسرت فيها الفاء لكسرة العين في الاسم والفعل، وذلك قولهم: عير نعر، ورجل جئز، ومحك، وماضغ لهم.
وكذلك الفعل نحو: شهد ولعب ونعم، وكسرة الراء على هذا كسرة مخلّصة محضة، وليست بفتحة ممالة.
وأمّا كسر الهمزة فإنّه يراد به إمالة فتحها إلى الكسر، لتميل الألف نحو الياء وذلك قولك: رأي كوكبا.
[الحجة للقراء السبعة: 3/328]
فإن قلت: إنّ الفاء إنّما تكسر لتتبع الكسرة في العين في نحو شهد* والهمزة في رأى* مفتوحة، فكيف أجيزت كسرة الراء.
مع أنّ بعدها حرفا مفتوحا؟. فالقول في ذلك أنّه فيما نزّلناه بمنزلة الفتح، فأتبع الفتحة الكسرة المقدّرة، لمّا نزّلناه بمنزلة الكسرة تبعته فتحة الراء، كما أنّ ضمّة ياء يعفر لما كان في تقدير الفتحة ترك صرف الاسم معها، كما ترك مع فتحة الياء في يعفر، وترك صرفه مع ضمّة الياء حكاه أبو الحسن، وكما أنّ الفتحة في يطأ، ويسع لما كانت في تقدير الكسرة حذفت معها الفاء، كما حذفت في: يزن ويعد.
ومثل تنزيلهم الفتحة في رأى... منزلة الكسرة، تنزيلهم لها
أيضا منزلة الكسرة في قولهم: هما يشأيان في يفعلان، من الشأو، لمّا قالوا: يشأى، نزّلوا الماضي على فعل، فقالوا في المضارع:
يشأيان، كما قالوا: يشقيان.
واختلفوا فيها إذا لقيها ساكن.
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو والكسائيّ وابن عامر: رأى القمر [الأنعام/ 77] ورأى الشمس [الأنعام/ 78] ورأى المجرمون [الكهف/ 53] ورأى الذين أشركوا [النحل/ 86]، وما كان مثله بفتح الراء والهمزة.
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وحمزة: رأى القمر ورأى الشمس بكسر الراء وفتح الهمزة في كل القرآن.
[الحجة للقراء السبعة: 3/329]
وذكر خلف عن يحيى بن آدم عن أبي بكر عن عاصم:
رأى القمر ورأى الشمس بكسر الراء والهمزة معا.
قال بعض أصحاب أحمد: قوله: بكسر الراء والهمزة، خطأ، وإنّما هو بكسر الراء وإمالة الهمزة.
قال أبو علي: تحقيق هذا: وإمالة فتحة الهمزة.
وروى حفص عن عاصم: بفتح الراء والهمزة في رأى* في كل القرآن.
وجه إزالتهم الإمالة عن فتحة الهمزة في رأى*: أنّهم إنّما كانوا أمالوا الفتحة لتميل الألف نحو الياء، فلمّا سقطت الألف بطلت إمالتها لسقوطها، ولمّا بطلت إمالتها لسقوطها
بطلت إمالة الفتحة نحو الكسرة لسقوط الألف التي كانت الفتحة الممالة يميلها نحو الياء.
وأمّا موافقة ابن عامر والكسائيّ وعاصم في رواية أبي بكر وابن كثير نافعا وأبا عمرو، في رأى المجرمون، وفتحهم الراء، وقد كانوا كسروها في رأى كوكبا فلأنّهم آثروا الأخذ باللغتين، كسر الراء وفتحها، فكسرها لما ذكر، وفتحها لأنّهم جعلوها بمنزلة الراء في رمى ورعى ولأنّهم أعلّوا الرّاء
[الحجة للقراء السبعة: 3/330]
وقدّروا فيه ما قدّروا لإعلال الهمزة بإمالة فتحتها [فلمّا غيّروها]، غيّروا الراء أيضا ألا ترى أنّهم لما أعلّوا اللّام بالقلب في عصي، وعتي ونحوهما أعلّوا الفاء أيضا بالكسر في عصيّ؟ ولمّا أعلّوا الاسم بحذف التاء منه في النسب إلى: ربيعة، وحنيفة: ألزموه في الأمر العام الإعلال والتغيير، بحذف الياء منه أيضا، فقالوا: ربعيّ، وحنفيّ.
ووجه قراءة عاصم في رواية أبي بكر وحمزة رأى القمر ورأى الشمس بكسر الراء وفتح الهمزة في كل القرآن: فلأنّ كسر الرّاء إنّما هو للتنزيل الذي ذكرنا، وهو معنى منفصل من إمالة فتحة الهمزة، ألا ترى أنّه يجوز أن يعمل هذا المعنى من لا يرى الإمالة، كما يجوز أن يعمله من يراها؟ فإذا كان كذلك، كان انفصال أحدهما من الآخر سائغا غير ممتنع.
وأمّا رواية خلف عن يحيى عن أبي بكر عن عاصم: رأي القمر ورأي الشمس بكسر الرّاء والهمزة معا، يريد بكسر الهمزة إمالة فتحتها، فوجه كسر الرّاء قد ذكر، وأمّا إمالة فتحتها مع زوال ما كان يوجب إمالتها من حذف الألف، فلأنّ الألف محذوفة لالتقاء الساكنين، وما يحذف لالتقاء الساكنين، فقد ينزّل تنزيل المثبت، ألا ترى أنّهم قد أنشدوا:
[الحجة للقراء السبعة: 3/331]
ولا ذاكر الله إلّا قليلا فنصب الاسم بعد ذاكر، وإن كان النون قد حذفت لمّا كان الحذف لالتقاء الساكنين، والحذف لهما في تقدير الإثبات من حيث كان التقاؤهما غير لازم ومن ثمّ لم تردّ الألف في نحو: رمت المرأة.
وممّا يشهد لذلك أنّهم قالوا: شهد* فكسروا الفاء لكسرة العين، ثمّ أسكنوا فقالوا: شهد*، فبقّوا الكسرة في الفاء مع زوال ما كان اجتلبها، وعلى هذا ينشد قول الأخطل:
إذا غاب عنّا غاب عنّا فراتنا... وإن شهد أجدى فضله ونوافله
ويشهد لذلك أيضا أنّهم قالوا: صعق، ثم نسبوا إليه، فقالوا صعقي فأقرّوا كسرة الفاء مع زوال كسرة العين التي لها كسرت الفاء، فكذلك تبقية إمالة فتحة الهمزة في قراءة حمزة رأى القمر.
وزعم أبو الحسن أنّ ذلك لغة مع ما ذكرنا من وجوه المقاييس فيه، وأنّها قراءة: في القتلى الحر). [الحجة للقراء السبعة: 3/332]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فلمّا جن عليه اللّيل رأى كوكبا} {فلمّا رأى القمر} {فلمّا رأى الشّمس} 76 78
قرأ أبو عمرو {فلمّا جن عليه اللّيل رأى كوكبا} بفتح الرّاء وكسر الهمزة وإنّما كسر الهمزة لمجاورة الياء والألف هي الممالة وأشير إلى كسر الهمزة كما يشار إلى كسر الميم في قوله {ولكن الله رمى} وإلى كسر الضّاد في قوله ثمّ قضى فكذلك كسر الهمزة لمجاورة الألف الممالة
[حجة القراءات: 256]
قرأ ابن عامر وحمزة والكسائيّ وأبو بكر {رأى كوكبا} بكسر الرّاء وإنّما كسروا الرّاء لمجاورة الهمزة ومن العرب من يقول رمى بكسر الرّاء والميم
وقرأ أهل الحجاز وحفص بفتح الرّاء والهمزة على أصل الكلمة والأصل رأى مثل رعى فقلبوا الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصارت ألفا في اللّفظ ياء في الخط
قرأ حمزة وأبو بكر {رأى القمر} و{رأى الشّمس} بكسر الرّاء وفتح الهمزة
وقرأ الباقون بفتح الرّاء وحجتهم في ذلك أن الرّاء إنّما كسرت لمجاورة الهمزة المكسورة والهمزة كسرت لمجاورة الياء فلمّا سقطت الياء عادت الهمزة إلى أصلها فلمّا عادت الهمزة إلى أصلها عادت الرّاء إلى أصلها
وحجّة من كسر الرّاء وفتح الهمزة أن الياء لما سقطت فعادت الهمزة إلى الفتح الّذي هو أصلها لم يبق في الفعل ما يدل على مذهبه فترك في الرّاء من الكسر ما يدل على مذهبه). [حجة القراءات: 257] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (25- {رَأى كَوْكَبًا} [آية/ 76] بفتح الراء والهمزة:-
قراها ابن كثير وعاصم -ص- ويعقوب، وكذلك {رَأى أَيْدِيَهُمْ} و{رَأى
[الموضح: 477]
نَارًا} و{رَآكَ} و{رَآهُ} و{رَآهَا} وما أشبهها في كل القرآن.
والوجه في ذلك أنه الأصل، والإمالة فرغ عليه؛ لأن الأصل هو الفتح وترك الإمالة، والإمالة دخيلة، وكثير من العرب لا يميلون شيئا؛ لأن الإمالة حكم جائر وليس بواجب.
وقرأ أبو عمرو {رَأى} و{رَآكَ} و{رَآهُ} بفتح الراء وكسر الهمزة، ونافع بفتح الراء فيها كلها، ويضجع الهمزة قليلا.
والوجه أن فتحة الراء متروكة بحالها من غير تغيير، لكن فتحة الهمزة ممالة في هذه القراءة نحو الكسرة ليميل الألف التي بعدها نحو الياء، كما أميلت الفتحة التي في الدال من: هدى، والميم من: رمى، نحو الكسرة لتميل الألف التي بعدها، وهكذا تكون الإمالة في كل ممال أن تنحو بالفتحة التي قبل الألف التي يراد إمالتها نحو الكسرة لتميل الألف نحو الياء.
[الموضح: 478]
وروي -ش- عن نافع بإمالة الراء والهمزة.
والعله في إمالتها أنهم لما أمالوا فتحة الهمزة نحو الكسرة لتميل الألف التي بعدها، أتبعوا فتحة الهمزة فتح الراء الممالة، فأمالوا أيضًا فتحة الراء نحو الكسرة على سبيل الإتباع، كما أمالوا الألف لإمالة الألف في قولهم: رأيت عمادا، فأميلت ألف النصب لإمالة ألف عماد.
وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وعاصم في رواية -ياش- {رَأى} بكسر الراء والهمزة في كل القرآن؛ إلا أن ابن عامر خالفهم ففتح الراء والهمزة فيما فيه هاء الضمير أو الكاف نحو {رَآهُ} و{رَآهَا} و{رَآكَ}.
ووجه كسر الراء والهمزة أن الراء إنما كسر من {رَأى}؛ لأن المضارع منه على يفعل، وإذا كان المضارع على يفعل بالفتح، فكأن الماضي على فعل بالكسر؛ لأن يفعل بالفتح أكثره يأتي مضارعة لفعل بالكسر، وما كان على فعل بكسر العين فقد يكسر فاء الفعل منه لكسرة العين، نحو: شهد بكسر الشين في شهد، ولعب بكسر اللام في ليب، وكسروا أيضًا راء {رَأى} تشبيها لها بفاء فعل بكسر العين وهي كسرة خالصة محضة. وأما كسرة الهمزة فليست بكسرة خالصة، وإنما هي إمالة للفتحة نحو الكسرة لتميل الألف التي بعدها نحو الياء، وهذه الكسرة وإن لم تكن كسرة خالصة بل هي إمالة، فإنهم نزلوها منزلة الكسرة الخالصة، ولذلك أتبعوها حركة فاء الفعل حتى كسروها.
وأما فتح ابن عامر لما كان معه هاء الضمير، أو كاف الضمير، فيجوز أن يكون أراد الأخذ باللغتين، أو كرة الإمالة لما صار الألف حشوًا للكلمة بلحاق الضمير، أو لتشبيهه الهاء بالألف، والألف إذا وقعت بعد الحرف الممال
[الموضح: 479]
ضعفت الإمالة فيه، وكذلك الفتحة.
وإذا لقيت هذه الحروف ألف ولام {رَأى الشَّمْسَ} {رَأى الْقَمَرَ} و{رَأى الْمُجْرِمُونَ} فعاصم في رواية -ياش- وحمزة يكسران الراء ويفتحان الهمزة، والباقون يفتحونهما.
أما من كسر الراء وفتح الهمزة مع التقاء الساكنين فإنما كسر الراء على ما قدمنا علته من تشبيه الفعل بفعل بكسر العين، وأما فتح الهمزة فلأن الألف التي كسرت الهمزة لأجل إمالتها قد زال لالتقاء الساكنين في {رَأى الْقَمَرَ}، فما زالت الألف الممالة زالت الكسرة التي اجتلبت لأجلها.
وأما من فتح الراء والهمزة جميعا فعلى الأصل.
وروي رستم عن نصير، {رَأى الْقَمَرَ} بإمالة الراء والهمزة جميعا؛ لأن الألف الممالة وإن كانت محذوفة، فإنما حذفت لالتقاء الساكنين، وما كان يحذف لالتقاء الساكنين فإنما هو بمنزلة المثبت غير الزائل). [الموضح: 480]

قوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77)}
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فلمّا جن عليه اللّيل رأى كوكبا} {فلمّا رأى القمر} {فلمّا رأى الشّمس} 76 78
قرأ أبو عمرو {فلمّا جن عليه اللّيل رأى كوكبا} بفتح الرّاء وكسر الهمزة وإنّما كسر الهمزة لمجاورة الياء والألف هي الممالة وأشير إلى كسر الهمزة كما يشار إلى كسر الميم في قوله {ولكن الله رمى} وإلى كسر الضّاد في قوله ثمّ قضى فكذلك كسر الهمزة لمجاورة الألف الممالة
[حجة القراءات: 256]
قرأ ابن عامر وحمزة والكسائيّ وأبو بكر {رأى كوكبا} بكسر الرّاء وإنّما كسروا الرّاء لمجاورة الهمزة ومن العرب من يقول رمى بكسر الرّاء والميم
وقرأ أهل الحجاز وحفص بفتح الرّاء والهمزة على أصل الكلمة والأصل رأى مثل رعى فقلبوا الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصارت ألفا في اللّفظ ياء في الخط
قرأ حمزة وأبو بكر {رأى القمر} و{رأى الشّمس} بكسر الرّاء وفتح الهمزة
وقرأ الباقون بفتح الرّاء وحجتهم في ذلك أن الرّاء إنّما كسرت لمجاورة الهمزة المكسورة والهمزة كسرت لمجاورة الياء فلمّا سقطت الياء عادت الهمزة إلى أصلها فلمّا عادت الهمزة إلى أصلها عادت الرّاء إلى أصلها
وحجّة من كسر الرّاء وفتح الهمزة أن الياء لما سقطت فعادت الهمزة إلى الفتح الّذي هو أصلها لم يبق في الفعل ما يدل على مذهبه فترك في الرّاء من الكسر ما يدل على مذهبه). [حجة القراءات: 257] (م)

قوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (78)}
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فلمّا جن عليه اللّيل رأى كوكبا} {فلمّا رأى القمر} {فلمّا رأى الشّمس} 76 78
قرأ أبو عمرو {فلمّا جن عليه اللّيل رأى كوكبا} بفتح الرّاء وكسر الهمزة وإنّما كسر الهمزة لمجاورة الياء والألف هي الممالة وأشير إلى كسر الهمزة كما يشار إلى كسر الميم في قوله {ولكن الله رمى} وإلى كسر الضّاد في قوله ثمّ قضى فكذلك كسر الهمزة لمجاورة الألف الممالة
[حجة القراءات: 256]
قرأ ابن عامر وحمزة والكسائيّ وأبو بكر {رأى كوكبا} بكسر الرّاء وإنّما كسروا الرّاء لمجاورة الهمزة ومن العرب من يقول رمى بكسر الرّاء والميم
وقرأ أهل الحجاز وحفص بفتح الرّاء والهمزة على أصل الكلمة والأصل رأى مثل رعى فقلبوا الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصارت ألفا في اللّفظ ياء في الخط
قرأ حمزة وأبو بكر {رأى القمر} و{رأى الشّمس} بكسر الرّاء وفتح الهمزة
وقرأ الباقون بفتح الرّاء وحجتهم في ذلك أن الرّاء إنّما كسرت لمجاورة الهمزة المكسورة والهمزة كسرت لمجاورة الياء فلمّا سقطت الياء عادت الهمزة إلى أصلها فلمّا عادت الهمزة إلى أصلها عادت الرّاء إلى أصلها
وحجّة من كسر الرّاء وفتح الهمزة أن الياء لما سقطت فعادت الهمزة إلى الفتح الّذي هو أصلها لم يبق في الفعل ما يدل على مذهبه فترك في الرّاء من الكسر ما يدل على مذهبه). [حجة القراءات: 257] (م)

قوله تعالى: {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله: (وجهي للّذي... (79).
[معاني القراءات وعللها: 1/366]
فتح الياء نافع وابن عامرٍ وحفص والأعشى عن أبي بكر عن عاصم، وأرسلها الباقون). [معاني القراءات وعللها: 1/367]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:34 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة