العودة   جمهرة العلوم > المنتديات > منتدى جمهرة علوم القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 محرم 1439هـ/18-10-2017م, 10:48 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي مسائل كتاب بيان فضل علم التفسير

مسائل كتاب بيان فضل علم التفسير


عناصر الكتاب:
- تمهيد
الباب الأول:بيان أوجه فضل علم التفسير
-
ومن فضائل علم التفسير1:أنه معين على فهم كلام الله عز وجل
- ومن فضائل علم التفسير2:تعلّقه بأشرف الكلام وأحسنه
- ومن فضائل علم التفسير3:أنّ متعلّمه من أعظم الناس حظّا وأوفرهم نصيباً من فضائل العلم
- ومن فضائل علم التفسير4:أنه يدلّ صاحبه على ما يعتصم به من الضلالة
- ومن فضائل علم التفسير5:أنه من أعظم الأسباب المعينة على صلاح القلب والعمل لمن حسنت نيته في طلبه
- ومن فضائل علم التفسير6:أنَّ المفسِّرَ وارثٌ للنبي صلى الله عليه وسلم في أعظم إرثه
- ومن فضائل علمِ التفسير7: أن المفسّر كثير الاشتغال بالقرآن ومعانيه وهداياته
- ومن فضائل علم التفسير8: أنه يدخل صاحبه في زمرة خيرِ هذه الأمة
الباب الثاني: بيان حاجة الأمة إلى علم التفسير


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29 محرم 1439هـ/19-10-2017م, 12:18 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي


تمهيد

قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (تمهيد
الحمد لله الذي أنزل إلينا كتابه العظيم رحمة وذكرى، وهدى وبشرى،فأنار به السبيل، وأقام به الحجة، وفرق به بين الحق والباطل، ورفع به من شاء من عباده، وفضلهم على كثير ممن خلق تفضيلا كبيراً.
والصلاة والسلام على إمام المتقين، وأسوة المؤمنين، نبينا الأمين، الذي بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح للأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين.
أما بعد:
فإنَّ علمَ التفسيرِ من أشرف العلوم وأجلّها، وأعظمها بركة، وأحسنها أثراً، وأوسعها معرفة، وحاجة الأمّة إليه ماسّة في كلّ زمان ومكان؛ وذلك لافتقارهم إلى بيان ما أنزل الله في كتابه من الهدى، وجواب ما أشكل عليهم فهمه، وخفي عليهم علمه.وقد شرَّف الله أهلَ التفسير ورفع قدْرَهم، وأعلى شأنهم إذْ جعلَهم مرجعاً لعباده في فَهْمِ كلامه وبيانِ مراده، وكفى بذلك فضلاً وشرفاً.
ومعرفةُ طالبِ العلمِ بفضلِ علمِ التفسيرِ وجلالةِ قَدْرِه وعلوِّ شأنه مما يعينه على تعلّمه بجدٍّ واجتهاد، وأخذه بقوّةِ عزيمةٍ وإقبالِ نفسٍ.
ومن أقبل على طلب العلم باجتهاد وحرص وعزيمة قوية صادرة عن معرفة حسنة بقَدْرِ العلم الذي يطلبه رُجى له أن يوفّق لحسن طلبه،وإدراك بغيته، والتمكّن من العلم الذي يطلبه إذا أحسن طريقة الطلب وأيّده الله بتوفيقه.

وفضائل علم التفسير كثيرة متنوّعة، وفوائده لطالب العلم في نفسه خاصة، ولأمته عامة عظيمة جليلة؛ لتعلّقه ببيان معاني كتاب الله تعالى، وقد قال الله جلّ وعلا: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16)} [المائدة].
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (174) فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (175)} [النساء].

وكلامنا في هذه الرسالة الموجزة سيكون في فصلين مهمّين:
الفصل الأول: بيان أوجه فضل علم التفسير.
والفصل الثاني: بيان حاجة الأمة إلى علم التفسير.
وأسأل الله تعالى التوفيق والسداد، وأن يكتب لهذه الرسالة القبول منه جلّ وعلا، وأن ينفع بها طلاب العلم). [بيان فضل علم التفسير:5 - 6]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29 محرم 1439هـ/19-10-2017م, 12:18 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

الباب الأول:بيان أوجه فضل علم التفسير

ومن فضائل علم التفسير1:أنه معين على فهم كلام الله عز وجل

قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (ومن فضائل علم التفسير 1:أنه معين على فهم كلام الله عز وجل
فضل علم التفسير يتبيّن من وجوه مهمّة تدلّ اللبيب على ما ورائها، وتعرّفه ببعض دلائلها وآثارها؛ ليتفكّر فيها، ويتعرّف أسبابَ إقبالِ العلماء على علم التفسير؛ وعنايتهم به تعلّماً وتعليماً ودعوة وتأليفاً.


1: فأصل فضائل التفسير وأعظمها أنه معين على فهم كلام الله عز وجل؛ ومعرفة مراده، ومن أوتي فهم القرآن فقد أوتي خيراً كثيراً.
وفي صحيح البخاري وغيره من حديث أبي جحيفة السوائي رضي الله عنه قال: (قلت لعلي رضي الله عنه: هل عندكم شيء من الوحي إلا ما في كتاب الله؟
قال: « لا، والذي فلق الحبَّة وبرأ النسمة ما أعلمه إلا فهمًا يعطيه الله رجلًا في القرآن، وما في هذه الصحيفة ».
قلت: وما في الصحيفة؟
قال: « العَقْلُ، وفِكَاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافرٍ »).
وفَهْمُ القرآن مَعين لا ينضب، إذ يُستخرج به من العلم شيءٌ كثيرٌ مبارك لا يُحدّ ولا يُستقصى، والناس يتفاوتون في فهم القرآن تفاوتاً كبيراً؛ فيقرأ الرجلان من أهل العلم الآية الواحدة؛ فيظهر لأحدهما من العلم بها وبما تضمنته من المعاني واللطائف البديعة أضعاف ما يظهر لصاحبه، وهذا أمر معروف مشتهر بين أهل العلم.
قال ابن القيم رحمه الله: (والمقصود تفاوت الناس في مراتب الفهم في النصوص، وأن منهم من يفهم من الآيةِ حُكْماً أو حُكْمين، ومنهم من يفهم منها عشرة أحكام أو أكثر من ذلك، ومنهم من يقتصر في الفهم على مجرد اللفظ دون سياقه ودون إيمائه وإشارته وتنبيهه واعتباره، وأخصُّ من هذا وألطفُ ضَمُّه إلى نصٍّ آخر متعلّق به؛ فيفهم من اقترانه به قدراً زائداً على ذلك اللفظ بمفرده، وهذا باب عجيب من فهم القرآن لا يتنبَّه له إلا النادرُ من أهلِ العلمِ؛ فإنَّ الذهن قد لا يشعر بارتباط هذا بهذا وتعلقه به، وهذا كما فهم ابن عباس من قوله: {
وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا (15)}[الأحقاف] مع قوله: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ (233)}[البقرة] أنَّ المرأة قد تلدُ لستةِ أشهر، وكما فهم الصدّيق من آية الفرائضِ في أوَّل السورةِ وآخرِها أنَّ الكلالةَ مَنْ لا وَلدَ لهُ ولا والد).ا.هـ.
والمقصودُ أنَّ فهم القرآن يفتحُ لطالب العلم أبواباً من العلم يغفل عنها غيره، بل ربما سمع كلمةً من رجُلٍ فذكَّرته بآية كان يتأمّلها؛ فينفتح له بذلك بابٌ أو أبوابٌ من العلم، وهذه مرتبة عزيزة من مراتب العلماء، كما قال عكرمة مولى ابن عباس: « إني لأخرج إلى السوق ، فأسمع الرجل يتكلم بالكلمة فينفتح لي خمسون باباً من العلم ». رواه ابن سعد في الطبقات من طريق ابن علية عن أيوب عن عكرمة، وهذا إسناد صحيح.
وعكرمة من خاصّة أصحاب ابن عباس رضي الله عنه، وأعلمهم بالتفسير؛
قال فيه سلام بن مسكين:
« كان أعلم الناس بالتفسير ».
وقال الشعبي: « ما بقى أحدٌ أعلم بكتاب الله من عكرمة ».
ومن أسبابِ سَعَةِ علم عكرمة بالتفسير ما أوتيهُ من فَهْمِ القرآن حتى إنَّه كان يَذكرُ لابنِ عباسٍ بعض الأوجه في التفسير فيستحسنها ابن عباس ويجيزه عليها بجائزة.
وسبيل فهم القرآن هو معرفة تفسيره، وتنوّع دلائل ألفاظه على المعاني، وفقه أنواع تلك الدلالات ومراتبها.
والمقصود أن من أجلِّ فضائل علم التفسير أنه يعين على فهم القرآن الذي هو رسالة الله تعالى إلينا، وقد علم الناس أن الرسائل على قدر مرسلها، فمن أرسلت له رسالة من ملك أو معظّم من الناس كانت قراءته لرسالته وتمعّنه فيها، وحرصه على فهمها، وفرحه بها أعظم مما يجده لرسالة من هو دونه؛ فكيف ينبغي أن يكون حال المؤمن وهو يقرأ الكتاب الذي أرسل الله به خير رسله بواسطة خير ملائكته في أشرف ليلة وخير بلد؛ وقد تضمّن خير هدى أرسل إلى أمّة من الأمم؟!!
وكيف ينبغي أن يكون حرصه على تفهّمه ومعرفة تفسيره وتبيّن هداه وتفصيل أحكامه؟!!
وكيف ينبغي أن يكون فرحه بالقرآن واعتزازه برسالة ربّه إليه، وقد قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58)}[يونس].
وقد نقل الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد عن العلامة المفسّر الشيخ عبد الرحمن الدوسري صاحب تفسير "صفوة الآثار والمفاهيم" أنه سُئل عن أهمّ شروط المفسّر؛ فأجاب على البديهة: (أن تملأ قلبَه الفرحةُ بالقرآن).
ولا ريب أنّ الفرحة بالقرآن إذا ملأت قلب صاحبها كانت لها آثار مباركة من حسن الإقبال على تلاوته وتفهّمه، والتبصّر به واتّباع هداه، والاعتبار بما فيه، فيزداد علماً وهدى، وخشية وإنابة، ويزداد بذلك توفيقاً في فهم القرآن والانتفاع به والارتفاع به). [بيان فضل علم التفسير:7 - 10]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29 محرم 1439هـ/19-10-2017م, 12:19 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

ومن فضائل علم التفسير2:تعلّقه بأشرف الكلام وأحسنه

قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (ومن فضائل علم التفسير2:تعلّقه بأشرف الكلام وأحسنه
ومن فضائل علم التفسير تعلّقه بأشرف الكلام وأحسنه
وأصدقه وأحكمه، وأعظمه بركة وأجلّه قدراً، وهو كلام الله تعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.
وقد روي من طرق متعدّدة أن فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه.
فالاشتغال بالتفسير اشتغال بأفضل الكلام وأحسنه تعلّما وتفهّماً، ومدارسة وتعليماً، فيكتسب المشتغل بالتفسير من علوم القرآن وكنوزه، ويقتبس من نوره وهداياته؛ ما يجد حسن أثره، وعظيم بركته عليه، ولا يزال العبد ينهل من هذا العلم ويستزيد منه حتى يجد بركته في نفسه وأهله وماله {
كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (29)}[ص]). [بيان فضل علم الفسير:10]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 29 محرم 1439هـ/19-10-2017م, 12:20 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي


ومن فضائل علم التفسير3:أنّ متعلّمه من أعظم الناس حظّا وأوفرهم نصيباً من فضائل العلم

قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (ومن فضائل علم التفسير3:أنّ متعلّمه من أعظم الناس حظّا وأوفرهم نصيباً من فضائل العلم
ومن فضائل علم التفسير
أنّ متعلّمه من أعظم الناس حظّا وأوفرهم نصيباً من فضائل العلم؛ وذلك أن الله فضَّل العلم وشرَّفَه وشرَّف أهله ورفع درجتهم، والعلمُ بالقرآن هو أفضل العلوم وأحسنها، وأشرفها وأجمعها، وقد فصَّل الله في القرآن كل شيء؛ فمن ابتغى العلم من أفضل أبوابه وأحسنها؛ فعليه بتدبر القرآن وتفهّمه ومعرفة معانيه وتفسيره.
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «من أراد العلمَ فليثوّر القرآن، فإنَّ فيه علمَ الأوَّلين والآخرين». رواه سعيد بن منصور وابن أبي شيبة والطبراني في المعجم الكبير واللفظ له.
وهذا أمر معلوم لمن اشتغل بتفسير القرآن فإنه يجده جامعاً لأنواع العلوم النافعة، ومبيّناً لأصولها، ومعرّفاً بمقاصدها، ودالاً على سبيل الهدى فيها:
- فأصول الإيمان والاعتقاد الصحيح والتعريف بالله تعالى وبأسمائه وصفاته وأفعاله وسننه في خلقه مبينة في القرآن الكريم أحسن بيان وأتمّه.
-وأصول الأحكام الفقهية في مسائل العبادات والمعاملات والمواريث وأحكام الأسرة والجنايات كلها مبينة في القرآن بياناً حسناً شاملاً.
- وأصول المواعظ والسلوك والتزكية كلها مبينة في القرآن الكريم بياناً شافياً كافياً وافياً بما تحتاجه النفوس.
- وسنن الابتلاء والتمكين وأنواع الفتن وسبيل النجاة منها والوصايا النافعة؛ كلها مبيّنة في كتاب الله تعالى بما يشفي ويكفي.
- وكذلك أصول الآداب الشرعية والأخلاق الكريمة والخصال الحميدة؛ قد تضمّن القرآن بيانها بما لا يجتمع في غيره بمثل بيانه وحسن تفصيله.
- وقد تضمّن القرآن بيان أمورٍ مهمّة ضلَّت فيها أمم وطوائف كثيرة منذ بدء الخلق إلى يومنا هذا، وتضمّن قصص الأنبياء وأخبار بني إسرائيل كما قال الله تعالى: {إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (76)}[النمل].
{يختلفون} فعل مضارع يدل على التجدد؛ فهم قد اختلفوا ولا يزالون يختلفون، وهذا القرآن يقص عليهم أكثر الذي يختلفون فيه؛ فمن فقه ما قصَّه الله في القرآن من أخبار بني إسرائيل حصل له العلمُ بأكثر ما يختلفون فيه، وهو علمٌ يقينيّ بدلائل بيّنة يميّز به صحيح أقوالهم من خطئها، ويحكم به بين أقوالهم.
-ومما تضمَّنه القرآن من العلوم علمُ الدعوةِ إلى الله تعالى على بصيرة، ففيه بيان أصول الدعوة وأنواعها ومراتبها وصفات الدعاة إلى الحق، وكشف شبهات المضلين، وأصول الاحتجاج للحق، ومعاملة المخالفين على اختلاف مراتبهم.
- ومما تضمنه القرآن من العلوم علم المقاصد الشرعية والسياسة الشرعية، وكيف تُرعى الرعية وتساسُ بأحكام القرآن، وتقاد به إلى ما فيه نجاتها وسعادتها.
-وفيه بيان الهدى في كل ما يحتاج إليه العبد في شؤون حياته وكيف يتخلص من كيد الشيطان وشر النفس وفتنة الدنيا وسائر الفتن التي تعترضه، وكيف يهتدي إلى الصراط المستقيم.
إلى غير ذلك من العلوم الجليلة النافعة التي ينتفع بها أحسنَ الانتفاع مَنْ فَهِمَ مراد الله تعالى فَهْمَ المؤمنِ المسترشدِ الصادقِ في اتباع الهدى.
ويجمع ذلك كله قول الله تعالى: {
إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ (9)}[الإسراء].
فحذف المتعلق هنا لإرادة العموم؛ فهو يهدي للتي هي أقوم في كل شيء، في العقائد والعبادات والمعاملات والأخلاق والسلوك، وسائر ما يحتاج المسلم فيه إلى الهداية.
وقال الله تعالى: {
ما كانَ حَديثًا يُفتَرى وَلـكِن تَصديقَ الَّذي بَينَ يَدَيهِ وَتَفصيلَ كُلِّ شَيءٍ وَهُدًى وَرَحمَةً لِقَومٍ يُؤمِنونَ(١١١)}[يوسف].
فمن أراد الهداية فعليه بفهم القرآن.
ومن أراد الرحمة فعليه باتّباع القرآن؛ {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155)}[الأنعام].
ولله ما أعظم الرحمات التي يفوز بها متّبع القرآن!
وأوّل تلك الرحمات نجاته من العقوبات والآفات التي تصيب من خالف هدى القرآن، وأعلاها أن يكون من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصّته.
ومن أراد العلم فعليه بتدبر القرآن، فهو جامع لأنواع العلوم النافعة، والهدايات الجليلة، والوصايا الحكيمة، والبصائر والبشارات، والتنبيهات والتحذيرات، وفيه تفصيل كلّ شيء.
وقد أحسن ابن القيّم رحمه الله إذْ قال:

فتدبر القرآن إن رُمْتَ الهدى.....فالعلم تحت تدبر القرآن

والحاجة في كلّ ما سبق إلى علم التفسير ظاهرة بيّنة؛ فهذا وجه من أوجه تفضيل علم التفسير، ويتّصل به وجهٌ آخر، وهو أنّ المفسّر يحتاج إلى التمكّن من علوم كثيرة متنوعة؛ يستلزمها اشتغاله بعلم التفسير؛ فينفتح له بتلك العلوم والأدوات العلمية أبواب من فهم القرآن ومعرفة معانيه؛ فيحتاج إلى معرفة معاني المفردات ومعاني الحروف والأساليب والإعراب والصرف والبلاغة والاشتقاق، ويحتاج إلى معرفة أصول الفقه وقواعد الترجيح والناسخ والمنسوخ وأسباب النزول وأحوال النزول وفضائل الآيات والسور وأمثال القرآن والمبهمات وغيرها من العلوم المتنوعة التي يكتسبها المفسر شيئاً فشيئاً بتدرج تعلمه للتفسير.
ويجد لكل علم من هذه العلوم أثره في التفسير واستخراج المعاني الجليلة واللطيفة، وهذا مما يدلّ على سعة علم التفسير وشرفه وتعدّد معارف أهله.
والمقصود أن علم التفسير من أوسع العلوم؛ فمن أقبل عليه وأحسن العناية به؛ فإنه يكتسب المعرفة الواسعة الحسنة بعلوم كثيرة). [بيان فضل علم التفسير:10 - 14]

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 29 محرم 1439هـ/19-10-2017م, 12:21 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي


ومن فضائل علم التفسير4:أنه يدلّ صاحبه على ما يعتصم به من الضلالة

قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (ومن فضائل علم التفسير4:أنه يدلّ صاحبه على ما يعتصم به من الضلالة
ومن فضائل علم التفسير أنه يدلّ صاحبه على ما يعتصم به من الضلالة، وقد قال الله تعالى: {
وَمَن يَعْتَصِم بالله فَقَدْ هُدِىَ إلى صراط مّسْتَقِيمٍ (101)}[آل عمران] ، وقال تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (175)}[النساء].
وقد بين الله تعالى في كتابه كيف يكون الاعتصام به، والمفسّر من أحسن الناس علماً بما يكون به الاعتصام بالله.
ومما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في أعظم خطبة في الإسلام في أشرف جمع كان على وجه الأرض وذلك في خطبته في حجة الوداع قال: « وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله. وأنتم تسألون عنى فما أنتم قائلون ». قالوا نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت. فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس « اللهم اشهد اللهم اشهد ». ثلاث مراتٍ)). رواه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه.
ونحن نشهد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بلّغ وأدّى ونصح، وقد ترك لنا كتاب الله عصمة من الضلالة؛ فمن اعتصم به فلن يضلّ بإذن الله.
والمقصود أن الاعتصام بكتاب الله لا يكون إلا بفهم ما أنزل الله فيه، واتّباع ما فيه من الهدى، وسبيل ذلك معرفة تفسيره؛ وكلما كان المؤمن أكثر نصيباً من فهم مراد الله تعالى واتباعاً لما بينه الله من الهدى كان أعظم حظاً من الهداية والعصمة من الضلالة). [بيان فضل علم التفسير:14 - 15]

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 29 محرم 1439هـ/19-10-2017م, 12:21 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

ومن فضائل علم التفسير5:أنه من أعظم الأسباب المعينة على صلاح القلب والعمل لمن حسنت نيته في طلبه

قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (ومن فضائل علم التفسير5:أنه من أعظم الأسباب المعينة على صلاح القلب والعمل
ومن فضائل علم التفسير
أنه من أعظم الأسباب المعينة على صلاح القلب والعمل لمن حسنت نيّته في طلبه؛ فإنّه يبصر به ما بيّنه الله في الكتاب من البصائر والهدى، ويكثر من تلاوة القرآن وتدبّره والتفكّر فيه؛ فيتبصّر ويتذكّر، ويخشع وينيب، ويعرف علل قلبه ونفسه، وكيف يطهّر قلبه ويزكّي نفسه بما يعرف من هدى القرآن.
وقد أثنى الله على من يفقهون ما أنزل الله في كتابه؛ فقال تعالى: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (84) فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (85)} [المائدة].
وقال تعالى: { وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (34) لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (35)} [الزمر].
فكان تصديقهم لما أنزل الله وشهادتهم له بالحقّ شهادة العارف الموقن؛ سبباً لبلوغهم درجة الإحسان، وفوزهم برضوان الله تعالى وفضله العظيم.
وهذه المعرفة القلبية تزداد بازدياد العلم بمعاني القرآن والبصيرة في الدين، وتصديق القول بالعمل.
وكلما كان المرء أكثر علماً بتفسير القرآن كانت تلاوته له أحسن؛ لأنه يظهر له من المعاني والفوائد واللطائف في كلّ مرة يقرأه ما يزداد به إيماناً، وتوفيقاً لمزيد من العلم، ويجد في نفسه من حلاوة القرآن وحسنه وبهجته ما يحمله على الاستكثار من تلاوته.
وقد نقل ياقوت الحموي في معجم الأدباء عن أبي بكر بن مجاهد أنه قال: سمعت أبا جعفر [يريد شيخه محمد بن جرير الطبري] يقول: (إني أعجب ممن قرأ القرآن ولم يعلم تأويله كيف يلتذ بقراءته؟!!)). [بيان فضل علم التفسير:15 - 16]


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 29 محرم 1439هـ/19-10-2017م, 12:22 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

ومن فضائل علم التفسير6:أنَّ المفسِّرَ وارثٌ للنبي صلى الله عليه وسلم في أعظم إرثه،

قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (ومن فضائل علم التفسير6: أنَّ المفسِّرَ وارثٌ للنبي صلى الله عليه وسلم في أعظم إرثه
وهو بيان معاني القرآن الكريم، ومن أحسن تحمُّلَ أمانةِ علمِ التفسيرِ وأحسنَ أداءَها كان من أخصِّ ورثة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
« بلّغوا عني ولو آية ». رواه البخاري من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.
وقال الله تعالى: {
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ (4)}[إبراهيم]، وقال تعالى: { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ (44)}[النحل].
فالمفسِّرُ مبلِّغٌ ومبيّنٌ؛ والبلاغ المبين هو أخصّ وظائف الرسل كما قال الله تعالى: {
فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (35)}[النحل]، وقال تعالى: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (18)}[العنكبوت].
والمفسّر الحقّ وارثٌ لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلّم، متّبع له، سائر على منهاجه؛ يدعو بما دعا به الرسول صلى الله عليه وسلم، ويذكّر بما ذَكَّرَ به، ويبشّر بما بشّر به، وقد قال الله تعالى: {
فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (45)}[ق] ، وقال تعالى: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ (51)}[الأنعام]، وقال تعالى: {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا (97)}[مريم].
فجعل الله وظائف الرسول قائمة على البلاغ المبين الذي يتضمن البشارة والنذارة؛ كما قال الله تعالى في موضعين من كتابه: {
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا}[الإسراء 105، الفرقان 56].
فهو يبشر بالقرآن، وينذر بالقرآن، ويبلغ القرآن بلاغاً مبيناً، وهذا هو عماد دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم وما أرسل به.
والمفسّر الصالح وارثٌ لهذه الدعوة قائم بها، بل هو من أخصِّ ورثتها إذا أحسن تحمّل علمِ التفسير وأحسن أداءَه؛ فهو يبلغ القرآن ويبين معانيه للناس ليهتدوا به، ويبشر به المؤمنين، وينذر به الذين ظلموا أنفسهم، وهذه هي حقيقة مقاصد إرسال الرسل). [بيان فضل علم التفسير:16 - 17]

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 29 محرم 1439هـ/19-10-2017م, 12:22 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

ومن فضائل علمِ التفسير7: أن المفسّر كثير الاشتغال بالقرآن ومعانيه وهداياته

قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (ومن فضائل علمِ التفسير
7: أن المفسّر كثير الاشتغال بالقرآن ومعانيه وهداياته ؛
بل يكاد يكون أكثر وقته في مصاحبة القرآن تلاوة وتدبرا ودراسة ، وهذا من أجلِّ أنواع مصاحبة القرآن، أن تكون مصاحبته مصاحبة تلاوة وتفقّه فيه، واهتداء بهداه.

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: « اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه ». رواه مسلم من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه.
فالمفسّر الحق كثير الاشتغال بتلاوة القرآن، والتفكّر فيه، وتدبّر معانيه، واستخراج كنوزه وفوائده وبدائعه؛ حتى يعلم بذلك علماً كثيراً مباركاً.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في آخر حياته لما سجن في سجن القلعة: « قد فتح الله علي في هذه المرَّة من معاني القرآن، ومن أصول العلم بأشياء كان كثيرٌ من العلماءِ يتمنَّونَها، وندمتُ على تضييعِ أكثرِ أوقاتي في غيرِ معاني القرآن » ا.هـ.
وذلك لما رآه مما فتح الله عليه به من معاني القرآن وسعة دلائلها لأحكام الدين عقيدة وشريعة وسلوكاً). [بيان فضل علم التفسير:17 - 18]

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 29 محرم 1439هـ/19-10-2017م, 12:23 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

ومن فضائل علم التفسير8: أنه يدخل صاحبه في زمرة خيرِ هذه الأمة

قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (ومن فضائل علم التفسير8:
أنه يدخل صاحبه في زمرة خيرِ هذه الأمة ،
كما في صحيح البخاري من حديث سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال:
« خيركم من تعلم القرآن وعلمه ».
قال سعد: وأقرأ أبو عبد الرحمن في إمرةِ عثمان حتى كان الحجاج قال: « وذاك الذي أقعدني مقعدي هذا ».
وأبو عبد الرحمن السلمي - واسمه عبد الله بن حبيب بن ربيعة - هو القائل: « حدثنا من كان يقرئنا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يقترئون من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر آياتٍ فلا يأخذون في العشر الأخرى حتى يعلموا ما في هذه من العلم والعمل؛ قالوا: فعلمنا العلم والعمل ». رواه الإمام أحمد.
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: « كان الرجل منا إذا تعلَّم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعلم معانيهن والعمل بهن ». رواه ابن جرير.
فدلَّ هذا على أن تعلم القرآن يشمل تعلم ألفاظه ومعانيه واتباع هداه؛ فمن جمع هذه الأمور الثلاثة كان من خير هذه الأمة.
ومعرفة معاني القرآن إنما تتحقق بمعرفة تفسيره.
قال الشافعي رحمه الله: (من أدرك علم أحكام الله في كتابه نصاً واستدلالاً، ووفَّقَه الله للقول والعمل بما علِم منه: فاز بالفضيلة في دينه ودنياه، وانتفتْ عنه الرِّيَب، ونَوَّرت في قلبه الحكمة، واستوجب في الدين موضع الإمامة).

فهذه ثمانية أوجه من تأمَّلها حق التأمل أيقن بفضل علم التفسير، وأن الاشتغال به اشتغال بخير العلوم وأجلها.

ومما ينبغي أن يُتفطَّن له أنه لا يشترط في وصف المفسّر أن يكون له كتاب تفسير، فالتفسير علمٌ ومَلَكَةٌ؛ فمن حصَّل العلم الذي يكون به مفسّراً، وكانت له ملكة حسنة في التفسير؛ وله اشتغال ببيان معانيه للناس؛ فهو من أهل التفسير، وأما التأليف في التفسير فكثير من الأئمة المفسّرين الثقات لم يؤلفوا في التفسير، وهم من أحسن الناس فهماً للقرآن، وقد نقلت عنهم آثار متفرفة في التفسير تدل على ما وراءها، كالإمام مالك والشافعي وأحمد والبخاري وابن خزيمة وبعدهم النووي وابن تيمية وابن القيم وغيرهم لم يؤلّفوا تفاسير تامّة للقرآن وكلامهم في التفسير من أنفع الكلام وأحسنه، وقد ألّف في التفسير بعض الضعفاء فخلطوا، ودخل الضعف والخطأ في بعض التفاسير لأسباب كثيرة ليس هذا موضع بسطها.
وكذلك ليس من شرط المفسّر اليوم أن يكون له كتاب تفسير؛ بل من أحسن معرفة أصول التفسير واشتغل بالتفسير تعلماً وتعليماً ودعوةً فهو مفسِّر). [بيان فضل علم التفسير:18 - 19]

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 29 محرم 1439هـ/19-10-2017م, 12:24 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

الباب الثاني: بيان حاجة الأمة إلى علم التفسير

بيان حاجة الأمة إلى علم التفسير

قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (بيان حاجة الأمة إلى علم التفسير

من المهمّ تنبيهُ طلابِ العلمِ إلى حاجة الأمّة إلى تفسير القرآن وبيان معانيه، ودعوتهم بالقرآن، وتذكيرهم به، وإنذارهم بما فيه من الوعيد، وتبشيرهم بما تضمنه من البشائر لمن آمن به واتّبع ما فيه من الهدى، وإرشادهم إلى ما بيّنه الله في كتابه من الهدى الذي جعله مخرجاً لهم من الظلمات إلى النور، وفرقاناً يفرّقون به بين الحق والباطل، والضلالة والهدى؛ كما قال الله تعالى:
{
الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1) اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ}[إبراهيم].
- وقال تعالى: {
وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (53)}[الشورى].
- وقال تعالى: {
قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16)}[المائدة].
- وقال تعالى: {
هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (9)}[الحديد].
- وقال تعالى: {
فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آَمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (10) رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا (11)}[الطلاق].
فحاجة الأمّة إلى فهم القرآن والاهتداء به ماسّة، وكم من فتنةٍ ضلَّت بها طوائف من الأمّة بسبب مخالفتها لهدى الله عز وجل الذي بيَّنه في كتابه، وقد قال الله تعالى: {
وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ(115)}[التوبة].
وقال تعالى: {
فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123)}[طه]، وقال تعالى: { فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38)}[البقرة].
فحاجة الناس إلى معرفة ما بيّنه الله في القرآن من الهدى، والحذر مما حذّرهم منه أشدّ من حاجتهم إلى الطعام والشراب والنفس؛ لأن أقصى ما يصيب الإنسان بسبب انقطاع هذه الأمور أن يموت، والموت أمر محتّم على كل نفس.
وأما ضلاله عن هدى الله تعالى فيكون بسببه خسرانُ آخرتِه التي هي حياته الحقيقية كما قال الله تعالى: {
وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64)}[العنكبوت]، وقال تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (٢٣) يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24)}[الفجر].
فكأن ما مضى من الحياة الدنيا لا يعدّ شيئا بالنسبة للحياة الآخرة الأبديّة.
وهذا له نظائر في القرآن الكريم كما في قول الله تعالى: {
نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ (49)
وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (50)} [الحجر]، وقوله تعالى: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1)}[الزلزلة].
فإذا نسبت العذاب الدنيوي الذي يصيب الناس مهما عظم إلى عذاب الله؛ كان كأنّه لا شيء من عظمة عذاب الله وشدّته.
وكذلك ما أصاب الأرضَ من الزلازل على كثرتها وشدّتها إذا نسبته إلى الزلزلة العظيمة التي تكون عند قيام الساعة تبيّن أنها في حكم الذي لا يُذكر أمام عظمة ذلك الزلزال؛ فلذلك قال:
{إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1)}[الزلزلة]. فهو الزلزالُ الأعظمُ الذي يُنسي ذكرُهُ كلَّ ما دونه.
فكذلك قوله تعالى:
{وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64)}[العنكبوت]؛ فهي الحياة الحقيقية التي لا فناء بعدها؛ ولا سبيل للناس إلى السعادة في تلك الحياة إلا باتّباع هدى القرآن؛ ولذلك كانت حاجة الأمة إلى فهم القرآن، ومعرفة معانيه، والاهتداء به حاجة ماسّة بل ضرورية؛ لأنهم لا نجاة لهم ولا فوز ولا سعادة إلا بما يهتدون به من هدى الله جل وعلا الذي بيّنه في كتابه.

ومن المهم أن يتعرّف طالب العلم على أنواع هذه الحاجات ليقوم بواجبه من الدعوة إلى الله بما تعلّم من تفسير القرآن وعرف من معانيه وهداياته؛ فيسهم في سدّ حاجة الأمة بما يسّره الله له وفتح به عليه، ولذلك كان على طالب علم التفسير أن يعي أن تحمّل أمانة هذا العلم تقتضي منه أن يأخذه بقوّة وعزيمة، وأن يتّبع فيه سبيل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين لهم بإحسان، فيتعلَّم معاني القرآن، ويتبصّر بهداه، ويعقل أمثاله، ويفقه مراد الله تعالى بما أنزله في هذا الكتاب العظيم؛ ويعمل بما تعلّم، ويدعو إلى الله عزّ وجلّ؛ فمن كمّل هذه المراتب كان من خاصّة أتباع النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال الله تعالى: {
قُل هـذِهِ سَبيلي أَدعو إِلَى اللَّـهِ عَلى بَصيرَةٍ أَنا وَمَنِ اتَّبَعَني وَسُبحانَ اللَّـهِ وَما أَنا مِنَ المُشرِكينَ (108) }[يوسف].
ولو لم يحصل للداعية إلا واو المعيّة هذه مع النبي صلى الله عليه وسلم لكفى بها شرفاً.
فمن عاش حياته بهذه المعيّة في الدنيا، وهي معيّة بالمحبة والاتّباع والدعوة إلى ما كان يدعو إليه النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه يكون في معيّة النبي صلى الله عليه وسلم في الدار الآخرة.

وعلم التفسير وبيان معاني القرآن الكريم علمٌ عزيز؛ يحمله حقّ حمله في كل قرن خِيرة أهله، يؤمنون به ويتدبّرونه ويدعون به الناس ويهدونهم إلى ما يخرجهم الله به من الظلمات إلى النور). [بيان فضل علم التفسير:21 - 24]

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 29 محرم 1439هـ/19-10-2017م, 12:24 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

أوجه حاجة الأمّة إلى فهم القرآن:

قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (أوجه حاجة الأمّة إلى فهم القرآن:
وتفكّر طالب العلم في بعض أوجه حاجة الأمة إلى فهم القرآن والاهتداء به مما يعينه على العناية بإعداد نفسه للإسهام في سدّ حاجة الأمّة بما يستطيع، وسأذكر بعض تلك الأوجه على سبيل التنبيه لا الحصر؛ ليعمل طالب العلم ذهنه فيما ورائها:

- فمن ذلك حاجة الأمّة إلى الاهتداء بهدى القرآن في الفتن التي تصيبها على كثرتها وتنوّعها وتتابعها؛ فإنَّ الفتنَ إذا وردتْ على الأمَّةِ ولم تتَّبعْ الهدى الذي بيّنه الله لها في كتابه كانت على خطرٍ من الضلال وحلول العقوبات والنقمات والعذاب الأليم؛ وكم أصاب الأمّة من البلايا والمحن بسبب مخالفة هدى الله تعالى لما ابتلوا بالفتن؛ ولذلك كان من أشدّ ما تحتاج إليه الأمّة عامَّة أن يُبصّرهم أهلُ العلمِ بالقرآنِ بالهدى قبل وقوع الفتن وعند وقوعها، وقد قال الله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25)}[الأنفال].
وقد روي أنّ الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتذاكرون الفتن والمخارج منها قبل وقوعها؛ فإذا وقعت الفتنة كان لهم من العلم والاستعداد والتمسّك بالهدى ما يعصمهم الله به من شرّ الفتنة.
وإذا كثرت الفتن في الأمّة وعظمت؛ فإنَّ الحاجةَ تزدادُ إلى تدبّر القرآن والاهتداء به، ويكون أسعدُ الناس بالحق أحسنهم استنباطاً لما يهتدي به في تلك الفتنة كما قال الله تعالى:
{وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ (83)}[النساء].
وهذا فيه وعد من الله بأن يخصَّ بعض عباده بعلم ما تهتدي به الأمة.

- ومن ذلك حاجة الأمة إلى فهم القرآن والاهتداء به في معاملة أعدائها من اليهود والنصارى والذين أشركوا، على اختلاف مللهم، وتنوّع عداواتهم لأهل الإسلام، وأن يحذروا مما حذّرهم الله منه وتوعّد عليه المخالفين بالعذاب الأليم والعقوبات الشديدة ، وقد قال الله تعالى: {
فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)}[النور].
وكم من فتنة ابتليت بها الأمة وكم من عذابٍ عُذِّبَت به طوائف من هذه الأمة بسبب مخالفتهم أمر الله.
وحاجة الأمة إلى مجاهدة الكفار بالقرآن حاجة عظيمة لما يترتّب على هذه المجاهدة من دفع شرور كثيرة عن الأمّة؛ ووقاية من فتن عظيمة، وقد قال الله تعالى: {
فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (52)}[الفرقان].
وهذا الجهاد أشرف أنواع الجهاد وأعظمها بركة، لأنه جهاد بكلام الله وبهداه؛ يُبيَّن به الحقُّ وحُسْنُه، ويُبيَّنُ بهِ الباطلُ وقُبْحُهُ، ويردُّ به كيدُ الكائدينَ لهذا الدين، وتُبلّغ به حُجَّةُ الله تعالى فتظهر على شُبَهِ المخالفين وأباطيلهم.

- ومن ذلك حاجة الأمة إلى معرفة صفات المنافقين وعلاماتهم وحِيَلِهم وطرائقهم في المكر والخديعة، وكيف يتّقي المؤمنون شرورهم، ويحترزون من كيدهم وتضليلهم، وكيف يعاملونهم وهم بين ظهراني المسلمين، ومن بني جلدتهم، ويقولون بظاهر قولهم.
والمنافقون أخطر أعداء الأمّة وأشدّهم ضرراً، لأنهم يكيدون للمسلمين من حيث لا يشعرون، ويعرفون مواطن الضعف والقوّة، وأسباب التنازع والاختلاف، ويفضون بعورات المسلمين إلى الكفار المحاربين، ويغرونهم بأذيّة المؤمنين ويناصرونهم على حربهم بخبث وخفاء، ويُضلّون من يسمع لهم من المسلمين ويعجبه ما يظهرون من كلامهم، وهم يبطنون من المقاصد السيئة والأغراض الخبيثة ما لا يتفطّن غالباً له إلا من نوّر الله قلبه بنور الإيمان، واهتدى بهدى القرآن، وقد حذر الله نبيَّه صلى الله عليه وسلم منهم فقال: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (4)}[المنافقون].
وأنزل الله في شأنهم آيات كثيرة لعِظَم خطرهم، وشدّة البلاء بهم؛ فمن لم يحذر مما حذّر الله منه، ولم يتدبّر الآيات التي بيَّن الله بها أحوال المنافقين وطرقهم وأساليبهم، والعلامات التي تكشف مقاصدهم، ولم يتّبعْ ما أرشد الله إليه في معاملتهم؛ فإنَّه يقعُ في أخطار وضلالات كثيرة.
وكم فشل للأمة من مشروعٍ إصلاحيٍّ بسبب المنافقين، وكم نُكبتِ الأمّة من نكبات بسبب مخالفة هدى الله تعالى في معاملة المنافقين؛ فمعرفة طالب علم التفسير بما أنزل الله في شأن المنافقين، وتفقّهه في ذلك، وحَذَرُهُ من حيلهم ومكائدهم التي حذَّرَ اللهُ منها، وتحذيرُه الناسَ من ذلك يحصلُ به من الخير العظيم والسلامة والنجاة له ولمن يدعوهم ما يتيقَّن به المتأمِّلُ عظم الحاجة إلى الاهتداء بهدى القرآن.

- ومن ذلك: حاجة الأمّة إلى الاهتداء بهدى القرآن في معاملة من يداخلهم من أصحاب الملل والنحل؛ فقد يُبتلى المسلمون في بلد من البلدان بطوائف منهم؛ وفي كتاب الله تعالى ما يرشد المؤمن إلى ما يعرف به ضلال أولئك الضالّين، وما يبصِّره بسبل دعوتهم إلى الحق ، ومعاملتهم على الهدى الرباني الذي لا وكس فيه ولا شطط؛ فيحتاج أهل كلّ بلد إلى من يفقّههم في هدى القرآن في معاملة تلك الطوائف التي ابتلوا بها.

- ومن ذلك أن طالب علم التفسير قد يكون في بلدٍ يفشو فيه منكر من المنكرات؛ فيتعلم من كتاب الله ما يعرف به الهدى ويدعو به من حوله لعلهم يهتدون.

- وكذلك المرأة في المجتمعات النسائية تُبصِرُ ما لا يبصره كثير من الرجالِ ولا يعرفون قدرَه من أنواع المنكرات والفتن التي افتتن بها كثير من النساء؛ فتتعلم طالبة العلم كيف تدعو بالقرآن بين صفوف النساء، وكيف تبيّن الهدى، وتدعو للحق، وتعظ من في إيمانها ضعف وفي قلبها مرض). [بيان فضل علم التفسير:24 - 28]

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 29 محرم 1439هـ/19-10-2017م, 12:25 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

الدعوة بالتفسير:

قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (الدعوة بالتفسير
والمقصود أن مجالات الدعوة بالتفسير كثيرة متنوعة، فليجتهد كل واحد في محاولة تأهيل نفسه وإعدادها لسدّ حاجةِ الأمَّة في مجالٍ من تلك المجالات، أو يسهم في سدّها، ومن صدق في ذلك وفّقه الله وأعانه.

والدعوة بالتفسير وبيان معاني القرآن دعوةٌ حسنةٌ مباركة لتعلّقها بكلام الله جل وعلا، فينبغي لطالبِ العلمِ أن يجتهدَ في تعلُّم علم التفسير؛ وأن يتعلّم كيف يدعو بالقرآن، وكيف يبيّن ما أنزل الله فيه من الهدى للناس، وكيف يبصّرهم بما يحتاجون إلى التبصير فيه من بصائر القرآن وبيّناته، وكيف يدعوهم إلى الله بأساليب حسنة مبنيّة على تبصير القرآن وإنذاره وتبشيره). [بيان فضل علم التفسير:28]

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 29 محرم 1439هـ/19-10-2017م, 12:25 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

عناية الصحابة رضي الله عنهم بالدعوة بالتفسير:

قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (عناية الصحابة رضي الله عنهم بالدعوة بالتفسير
وقد كان للصحابة رضي الله عنهم عناية بالتذكير بالقرآن والدعوة به؛ في كل ما يُحتاج فيه إلى بيان الهدى وتعليمه؛ فكانوا يفسّرون القرآن لطلاب العلم، ويبيّنون للناس ما يشكل عليهم، ويجيبون أسئلة السائلين عن مسائل التفسير، وينبّهون على ما يشيع من الخطأ في فهم بعض الآيات كما نبّه أبو بكر الصديق وهو على المنبر على خطأ من تأوّل قول الله تعالى:
{
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ (105)} [المائدة]، على ترك إنكار المنكر.
وكما ردّ عمر وعلي وابن عباس على من تأوّل قول الله تعالى: {
لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا (93)}[المائدة]، على جواز شرب الخمر.
وكانوا يردّون على المخالفين ويناظرونهم عند الحاجة كما ناظر عليّ وابن عباس الخوارج.
وكانوا يتدارسون القرآن، ويتفقّهون في معانيه، ويرون لأهل العلم بالقرآن فضلهم ومنزلتهم.
روى أبو عبيد القاسم بن سلام بإسناده عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه كان إذا اجتمع إليه إخوانه نشروا المصحف فقرؤوا، وفسر لهم.
وقال مسروق: (كان عبدُ الله يقرأ علينا السُّورة، ثم يحدِّثنا فيها ويفسِّرها عامَّةَ النهار). رواه ابن جرير.
وقال أبو وائل شقيق بن سلمة: (حججت أنا وصاحبٌ لي، وابنُ عباس على الحجّ، فجعل يقرأ سورة النور ويفسّرها؛ فقال صاحبي: (يا سبحان الله، ماذا يخرج من رأسِ هذا الرجل، لو سمعت هذا التركُ لأسلمت). رواه الحاكم في المستدرك وصححه.
ومما حُفظ من خطبته تلك ما رواه الإمام أحمد في فضائل الصحابة من طريق ابن كاسب الكوفي، عن الأعمش، عن شقيق قال: (سمعت ابن عباس وكان على الموسم فخطب الناسَ ثم قرأ سورةَ النُّور فجعل يفسِّرها {
اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ (35)}[النور] ، ثم قال: ((النور في قلب المؤمن وفي سمعه وبصره مثل ضوء المصباح كضوء الزجاجة، كضوء الزيت {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ (40)}[النور]، والظلمات في قلب الكافر كظلمة الموج كظلمة البحر كظلمات السحاب))؛ فقال صاحبي: (ما رأيتُ كلاماً يخرج من رأس رجل!! لو سمعت هذا التركُ لأسلمت).
قال مجاهد: «كان ابن عباس إذا فسَّر الشيء رأيت عليه نوراً» رواه الإمام أحمد في فضائل الصحابة.



اللهم علّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علّمتنا، وزدنا علماً تنفعنا به إنّك أنت العليم الحكيم.
وصلى الله سلم على نبيّنا محمّدٍ على آله وصحبه أجمعين). [بيان فضل علم التفسير:28 - 30]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:59 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة