العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة هود

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:01 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:02 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (6)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: وما من دابّةٍ ... الآية، تماد في وصف الله تبارك وتعالى بنحو قوله يعلم ما يسرّون وما يعلنون. و «الدابة» ما دب من الحيوان، والمراد جميع الحيوان الذي يحتاج إلى رزق ويدخل في ذلك الطائر والهوام وغير ذلك كلها دواب، وقد قال الأعشى: [الطويل]
نياف كغصن البان ترتج إن مشت = دبيب قطا البطحاء في كل منهل
وقال علقمة بن عبيدة لطير:
... ... ... ... = ... ... لطيرهن دبيب
وفي حديث أبي عبيدة: فإذا دابة مثل الظرب يريد من حيوان البحر، وتخصيصه بقول في الأرض إنما هو لأنه الأقرب لحسهم: والطائر والعائم إنما هو في الأرض، وما مات من الحيوان قبل أن يتغذى فقد اغتذى في بطن أمه بوجه ما.
وهذه الآية تعطي أن الرزق كل ما صح الانتفاع به خلافا للمعتزلة في قولهم إنه الحلال المتملك.
وقوله تعالى: على اللّه إيجاب لأنه تعالى لا يجب عليه شيء عقلا. و «المستقر»: صلب الأب: و«المستودع» بطن الأم، وقيل «المستقر»: المأوى، و «المستودع» القبر، وهما على هذا الطرفان، وقيل «المستقر»، ما حصل موجودا من الحيوان، والمستودع ما يوجد بعد.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: و «المستقر» على هذا- مصدر استقر وليس بمفعول كمستودع لأن استقر لا يتعدى. وقوله: في كتابٍ إشارة إلى اللوح المحفوظ. وقال بعض الناس: هذا مجاز وهي إشارة إلى علم الله.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا ضعيف وحمله على الظاهر أولى). [المحرر الوجيز: 4/ 542-544]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (7)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: وهو الّذي خلق السّماوات والأرض في ستّة أيّامٍ وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيّكم أحسن عملاً ولئن قلت إنّكم مبعوثون من بعد الموت ليقولنّ الّذين كفروا إن هذا إلاّ سحرٌ مبينٌ (7) ولئن أخّرنا عنهم العذاب إلى أمّةٍ معدودةٍ ليقولنّ ما يحبسه ألا يوم يأتيهم ليس مصروفاً عنهم وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن (8)
قال أكثر أهل التفسير: «الأيام» هي من أيام الدنيا، وقالت فرقة: هي من أيام الآخرة يوم من ألف سنة. قاله كعب الأحبار، والأول أرجح.
وأجزاء ذكر السماوات عن كل ما فيها إذ كل ذلك خلق في الستة الأيام، واختلفت الأحاديث في يوم بداية الخلق، فروى أبو هريرة- فيما أسند الطبري- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده وقال:
خلق الله التربة يوم السبت والجبال يوم الأحد، والشجر يوم الاثنين والمكروه يوم الثلاثاء، والنور يوم الأربعاء، وبث الدواب يوم الخميس، وخلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة، ونحو هذا من أن البداءة يوم السبت في كتاب مسلم، وفي الدلائل لثابت: وكان خلق آدم في يوم الجمعة، لا يعتد به إذ هو بشر كسائر بنيه، ولو اعتد به لكانت الأيام سبعة خلاف ما في كتاب الله، وروي عن كعب الأحبار أنه قال: بدأ الله خلق السماوات والأرض يوم الأحد، وفرغ يوم الجمعة، وخلق آدم في آخر ساعة منه. ونحو هذا في جل الدواوين أن البدأة يوم الأحد، وقال قوم: خلق الله تعالى هذه المخلوقات في ستة أيام مع قدرته على خلقها في لحظة. نهجا إلى طريق التؤدة والمهلة في الأعمال ليحكم البشر أعمالهم، وروي عن ابن عباس أنه قال: كان العرش على الماء، وكان الماء على الريح.
وقوله تعالى: ليبلوكم متعلق ب خلق والمعنى أن خلقه إياها كان لهذا وقال بعض الناس: هو متعلق بفعل مضمر تقديره أعلم بذلك ليبلوكم، ومقصد هذا القائل: أن هذه المخلوقات لم تكن لسبب البشر.
وقرأ عيسى الثقفي: «ولئن قلت» بضم التاء، وقرأ الجمهور «قلت» بفتح التاء.
ومعنى الآية: أن الله عز وجل هذه صفاته وهؤلاء بكفرهم في حيز إن قلت لهم: إنهم مبعوثون كذبوا وقالوا: هذا سحر. أي فهذا تناقض منكم إذ كل مفطور يقر بأن الله خالق السماوات والأرض، فهم من جملة المقرين بهذا، ومع ذلك ينكرون ما هو أيسر منه بكثير وهو البعث من القبور إذ البداءة أعسر من الإعادة، وإذ خلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس.
واللام في لئن مؤذنة بأن اللام في ليقولنّ لام قسم لا جواب شرط.
وقرأ الأعرج والحسن وأبو جعفر وشيبة وفرقة من السبعة «سحر» وقرأت فرقة «ساحر» وقد تقدم). [المحرر الوجيز: 4/ 544-545]

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (8)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ): (وقوله تعالى: ولئن أخّرنا عنهم العذاب الآية، المعنى: ولئن تأخر العذاب الذي توعدتم به عن الله قالوا ما هذا الحابس لهذا العذاب؟ على جهة التكذيب. و «الأمة» في هذه الآية: المدة كما قال وادّكر بعد أمّةٍ [يوسف: 45]. قال الطبري سميت بذلك المدة لأنها تمضي فيها أمة من الناس ونحدث فيها أخرى، فهي على هذه المدة الطويلة.
ثم استفتح بالإخبار عن أن هذا العذاب يوم يأتي لا يرده شيء ولا يصرفه. وحاق معناه: حل وأحاط وهي مستعملة في المكروه ويوم منتصب بقوله: مصروفاً). [المحرر الوجيز: 4/ 545-546]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:02 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:02 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (6)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ): ({وما من دابّةٍ في الأرض إلّا على اللّه رزقها ويعلم مستقرّها ومستودعها كلٌّ في كتابٍ مبينٍ (6)}
أخبر تعالى أنّه متكفّلٌ بأرزاق المخلوقات، من سائر دوابّ الأرض، صغيرها وكبيرها، بحريّها، وبرّيّها، وأنّه {يعلم مستقرّها ومستودعها} أي: يعلم أين منتهى سيرها في الأرض، وأين تأوي إليه من وكرها، وهو مستودعها.
وقال عليّ بن أبي طلحة وغيره، عن ابن عبّاسٍ: {ويعلم مستقرّها} أي: حيث تأوي، {ومستودعها} حيث تموت.
وعن مجاهدٍ: {مستقرّها} في الرّحم، {ومستودعها} في الصّلب، كالّتي في الأنعام: وكذا روي عن ابن عبّاسٍ والضّحّاك، وجماعةٍ. وذكر ابن أبي حاتمٍ أقوال المفسّرين هاهنا، كما ذكره عند تلك الآية: فاللّه أعلم، وأنّ جميع ذلك مكتوبٌ في كتابٍ عند اللّه مبينٍ عن جميع ذلك، كما قال تعالى: {وما من دابّةٍ في الأرض ولا طائرٍ يطير بجناحيه إلا أممٌ أمثالكم ما فرّطنا في الكتاب من شيءٍ ثمّ إلى ربّهم يحشرون} [الأنعام:38]، وقوله: {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البرّ والبحر وما تسقط من ورقةٍ إلا يعلمها ولا حبّةٍ في ظلمات الأرض ولا رطبٍ ولا يابسٍ إلا في كتابٍ مبينٍ} [الأنعام:59]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 305-306]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (7)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {وهو الّذي خلق السّماوات والأرض في ستّة أيّامٍ وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيّكم أحسن عملًا ولئن قلت إنّكم مبعوثون من بعد الموت ليقولنّ الّذين كفروا إن هذا إلّا سحرٌ مبينٌ (7) ولئن أخّرنا عنهم العذاب إلى أمّةٍ معدودةٍ ليقولنّ ما يحبسه ألا يوم يأتيهم ليس مصروفًا عنهم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون (8) }
يخبر تعالى عن قدرته على كلّ شيءٍ، وأنّه خلق السّموات والأرض في ستّة أيّامٍ، وأنّ عرشه كان على الماء قبل ذلك، كما قال الإمام أحمد:
حدّثنا أبو معاوية، حدّثنا الأعمش، عن جامع بن شدّاد، عن صفوان بن محرز، عن عمران بن حصينٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "اقبلوا البشرى يا بني تميمٍ". قالوا: قد بشّرتنا فأعطنا. قال: "اقبلوا البشرى يا أهل اليمن". قالوا: قد قبلنا، فأخبرنا عن أوّل هذا الأمر كيف كان؟ قال: "كان اللّه قبل كلّ شيءٍ، وكان عرشه على الماء، وكتب في اللّوح المحفوظ ذكر كلّ شيءٍ". قال: فأتاني آتٍ فقال: يا عمران، انحلّت ناقتك من عقالها. قال: فخرجت في إثرها، فلا أدري ما كان بعدي.
وهذا الحديث مخرّجٌ في صحيحي البخاريّ ومسلمٍ بألفاظٍ كثيرةٍ ؛ فمنها: قالوا: جئناك نسألك عن أوّل هذا الأمر فقال: "كان اللّه ولم يكن شيءٌ قبله -وفي روايةٍ: غيره -وفي روايةٍ: معه -وكان عرشه على الماء، وكتب في الذّكر كلّ شيءٍ، ثمّ خلق السّموات والأرض".
وفي صحيح مسلمٍ، عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: "إنّ اللّه قدّر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السّموات والأرض بخمسين ألف سنةٍ، وكان عرشه على الماء".
وقال البخاريّ في تفسير هذه الآية: حدّثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيبٌ، حدّثنا أبو الزّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "قال اللّه عزّ وجلّ: أنفق أنفقعليك". وقال: "يد اللّه ملأى لا يغيضها نفقةٌ، سحّاء الليل والنّهار" وقال "أفرأيتم ما أنفق منذ خلق السّموات والأرض، فإنّه لم يغض ما في يده، وكان عرشه على الماء، وبيده الميزان يخفض ويرفع".
وقال الإمام أحمد: حدّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا حمّاد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء، عن وكيع بن عدس، عن عمّه أبي رزين -واسمه لقيط بن عامر بن المنتفق العقيلي -قال: قلت: يا رسول اللّه، أين كان ربّنا قبل أن يخلق خلقه؟ قال: "كان في عماء، ما تحته هواءٌ وما فوقه هواءٌ، ثمّ خلق العرش بعد ذلك".
وقد رواه التّرمذيّ في التّفسير، وابن ماجه في السّنن من حديث يزيد بن هارون به وقال التّرمذيّ: هذا حديثٌ حسنٌ.
وقال مجاهدٌ: {وكان عرشه على الماء} قبل أن يخلق شيئًا. وكذا قال وهب بن منبّه، وضمرة بن حبيبٍ، وقاله قتادة، وابن جريرٍ، وغير واحدٍ.
وقال قتادة في قوله: {وكان عرشه على الماء} ينبئكم كيف كان بدء خلقه قبل أن يخلق السّموات والأرض.
وقال الرّبيع بن أنسٍ: {وكان عرشه على الماء} فلمّا خلق السّموات والأرض، قسم ذلك الماء قسمين، فجعل نصفًا تحت العرش، وهو البحر المسجور.
وقال ابن عبّاسٍ: إنّما سمّي العرش عرشًا لارتفاعه.
وقال إسماعيل بن أبي خالدٍ، سمعت سعدًا الطّائيّ يقول: العرش ياقوتةٌ حمراء.
وقال محمّد بن إسحاق في قوله تعالى: {وهو الّذي خلق السّماوات والأرض في ستّة أيّامٍ وكان عرشه على الماء} فكان كما وصف نفسه تعالى، إذ ليس إلّا الماء وعليه العرش، وعلى العرش ذو الجلال والإكرام، والعزّة والسّلطان، والملك والقدرة، والحلم والعلم، والرّحمة والنّعمة، الفعّال لما يريد.
وقال الأعمش، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ قال: سئل ابن عبّاسٍ عن قول اللّه: {وكان عرشه على الماء} على أيّ شيءٍ كان الماء؟ قال: على متن الرّيح.
وقوله تعالى: {ليبلوكم أيّكم أحسن عملا} أي: خلق السّموات والأرض لنفع عباده الّذين خلقهم ليعبدوه وحده لا شريك له، ولم يخلق ذلك عبثًا، كما قال تعالى: {وما خلقنا السّماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظنّ الّذين كفروا فويلٌ للّذين كفروا من النّار} [ص:27]، وقال تعالى: {أفحسبتم أنّما خلقناكم عبثًا وأنّكم إلينا لا ترجعون فتعالى اللّه الملك الحقّ لا إله إلا هو ربّ العرش الكريم} [المؤمنون:115، 116]،وقال تعالى: {وما خلقت الجنّ والإنس إلا ليعبدون} [الذّاريات:56].
وقوله: {ليبلوكم} أي: ليختبركم {أيّكم أحسن عملا} ولم يقل: أكثر عملًا بل {أحسن عملا} ولا يكون العمل حسنًا حتّى يكون خالصًا للّه عزّ وجلّ، على شريعة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فمتى فقد العمل واحدًا من هذين الشّرطين بطل وحبط.
وقوله: {ولئن قلت إنّكم مبعوثون من بعد الموت ليقولنّ الّذين كفروا إن هذا إلا سحرٌ مبينٌ} يقول تعالى: ولئن أخبرت يا محمّد هؤلاء المشركين أنّ اللّه سيبعثهم بعد مماتهم كما بدأهم، مع أنّهم يعلمون أنّ اللّه تعالى هو الّذي خلق السّموات والأرض، [كما قال تعالى: {ولئن سألتهم من خلقهم ليقولنّ اللّه} [الزّخرف: 87]، {ولئن سألتهم من خلق السّماوات والأرض] وسخّر الشّمس والقمر ليقولنّ اللّه} [العنكبوت:61]، وهم مع هذا ينكرون البعث والمعاد يوم القيامة، الّذي هو بالنّسبة إلى القدرة أهون من البداءة، كما قال تعالى: {وهو الّذي يبدأ الخلق ثمّ يعيده وهو أهون عليه} [الرّوم:27]، وقال تعالى: {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفسٍ واحدةٍ} [لقمان:28] وقولهم: {إن هذا إلا سحرٌ مبينٌ} أي: يقولون كفرًا وعنادًا ما نصدّقك على وقوع البعث، وما يذكر ذلك إلّا من سحرته، فهو يتّبعك على ما تقول). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 306-308]

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (8)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ولئن أخّرنا عنهم العذاب إلى أمّةٍ معدودةٍ ليقولنّ ما يحبسه} يقول تعالى: ولئن أخّرنا العذاب والمؤاخذة عن هؤلاء المشركين إلى أجلٍ معدودٍ وأمدٍ محصورٍ، وأوعدناهم به إلى مدّةٍ مضروبةٍ، ليقولنّ تكذيبًا واستعجالًا {ما يحبسه} أي: يؤخّر هذا العذاب عنّا، فإنّ سجاياهم قد ألفت التّكذيب والشّكّ، فلم يبق لهم محيصٌ عنه ولا محيدٌ.
و"الأمّة" تستعمل في القرآن والسّنّة في معانٍ متعدّدةٍ، فيراد بها: الأمد، كقوله في هذه الآية: {إلى أمّةٍ معدودةٍ} وقوله في [سورة] يوسف: {وقال الّذي نجا منهما وادّكر بعد أمّةٍ} [يوسف:45]، وتستعمل في الإمام المقتدى به، كقوله: {إنّ إبراهيم كان أمّةً قانتًا للّه حنيفًا ولم يك من المشركين} [النّحل:120]، وتستعمل في الملّة والدّين، كقوله إخبارًا عن المشركين أنّهم قالوا: {إنّا وجدنا آباءنا على أمّةٍ وإنّا على آثارهم مقتدون} [الزّخرف:23]، وتستعمل في الجماعة، كقوله: {ولمّا ورد ماء مدين وجد عليه أمّةً من النّاس يسقون} [القصص:23]، وقال تعالى: {ولقد بعثنا في كلّ أمّةٍ رسولا أن اعبدوا اللّه واجتنبوا الطّاغوت} [النّحل:36]، وقال تعالى: {ولكلّ أمّةٍ رسولٌ فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون} [يونس:47].
والمراد من الأمّة هاهنا: الّذين يبعث فيهم الرّسول مؤمنهم وكافرهم، كما [جاء] في صحيح مسلمٍ: "والّذي نفسي بيده، لا يسمع بي أحدٌ من هذه الأمّة، يهوديٌّ ولا نصرانيٌّ، ثمّ لا يؤمن بي إلّا دخل النّار".
وأمّا أمّة الأتباع، فهم المصدّقون للرّسل، كما قال تعالى: {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس} [آل عمران: 110] وفي الصّحيح: " فأقول: أمّتي أمتي".
وتستعمل الأمة في الفرقة والطائقة، كقوله تعالى: {ومن قوم موسى أمّةٌ يهدون بالحقّ وبه يعدلون} [الأعراف:159]، وقال تعالى: {من أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ يتلون آيات اللّه آناء اللّيل وهم يسجدون} [آل عمران:113]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 308-309]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:48 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة