العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة يونس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 شوال 1435هـ/1-08-2014م, 10:10 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 5 شوال 1435هـ/1-08-2014م, 10:11 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآَيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ (71)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: واتل عليهم نبأ نوحٍ إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات اللّه فعلى اللّه توكّلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثمّ لا يكن أمركم عليكم غمّةً ثمّ اقضوا إليّ ولا تنظرون (71)
تقدم في الأعراف الكلام على لفظة نوحٍ و «المقام» وقوف الرجل لكلام أو خطبة أو نحوه، و «المقام» بضم الميم إقامته ساكنا في موضع أو بلد، ولم يقرأ هنا بضم الميم و «تذكيره»: وعظه وزجره، والمعنى: يا قوم إن كنتم تستضعفون حالي ودعائي لكم إلى الله فإني لا أبالي عنكم لتوكلي على الله تعالى فافعلوا ما قدرتم عليه، وقرأ السبعة وجمهور الناس وابن أبي إسحاق وعيسى: «فأجمعوا» من أجمع الرجل على الشيء إذا عزم عليه ومنه قول الشاعر: [الكامل]
... ... ... ... = هل أغدون يوما وأمر مجمع
ومنه قول الآخر: [الخفيف]
أجمعوا أمرهم بليل فلما = أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء
ومنه الحديث ما لم يجمع مكثا ومنه قول أبي ذؤيب: [الكامل]
ذكر الورود بها فأجمع أمره = شوقا وأقبل حينه يتتبع
وقرأ نافع فيما روى عنه الأصمعي وهي قراءة الأعرج وأبي رجاء وعاصم الجحدري والزهري والأعمش «فاجمعوا» بفتح الميم من جمع إذا ضم شيئا إلى شيء، وأمركم يريد به قدرتكم وحياتكم ويؤيد هذه القراءة قوله تعالى: فتولّى فرعون فجمع كيده [طه: 60] وكل هؤلاء نصب «الشركاء»، ونصب قوله: شركاءكم، يحتمل أن يعطف على قوله أمركم، وهذا على قراءة «فاجمعوا» بالوصل، وأما من قرأ: «فأجمعوا» بقطع الألف فنصب «الشركاء» بفعل مضمر كأنه قال: وادعوا شركاءكم فهو من باب قول الشاعر: [المتقارب]
شراب اللبان وتمر وأقط
ومن قول الآخر: [مجزوء الكامل مرفل]
ورأيت زوجك في الوغى = متقلدا سيفا ورمحا
ومن قول الآخر: [الرجز]
علفتها تبنا وماء باردا = حتى شأت همالة عيناها
وفي مصحف أبي بن كعب: «فأجمعوا وادعوا شركاءكم»، قال أبو علي: وقد ينتصب «الشركاء» بواو «مع»، كما قالوا جاء البريد والطيالسة، وقرأ أبو عبد الرحمن والحسن وابن أبي إسحاق وعيسى وسلام ويعقوب وأبو عمرو فيما روي عنه «وشركاؤكم» بالرفع عطفا على الضمير في «أجمعوا»، وعطف على الضمير قبل تأكيده لأن الكاف والميم في أمركم ناب مناب أنتم المؤكد للضمير، ولطول الكلام أيضا، وهذه العبارة أحسن من أن يطول الكلام بغير ضمير، ويصح أن يرتفع بالابتداء والخبر مقدر تقديره وشركاؤهم فليجمعوا، وقرأت فرقة «وشركائكم» بالخفض على العطف على الضمير في قوله: أمركم، التقدير وأمر شركائكم، فهو كقول الشاعر [العجّاج]:
أكل امرئ تحسبين امرأ = ونار توقد بالليل نارا
أي وكل نار، والمراد بالشركاء في هذه الآية الأنداد من دون الله، فأضافهم إليهم إذ يجعلونهم شركاء بزعمهم، وقوله ثمّ لا يكن أمركم عليكم غمّةً، أي ملتبسا مشكلا، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في
الهلال، «فإن غم عليكم» ومنه قول الراجز:
ولو شهدت الناس إذا تكمّوا = بغمة لو لم تفرج غمّوا
وقوله ثمّ اقضوا إليّ ومعناه أنفذوا قضاءكم نحوي، وقرأ السدي بن ينعم: «ثم أفضوا» بالفاء وقطع الألف، ومعناه: أسرعوا وهو مأخوذ من الأرض الفضاء أي اسلكوا إلي بكيدكم واخرجوا معي وبي إلى سعة وجلية، وقوله ولا تنظرون أي لا تؤخرون والنظرة التأخير). [المحرر الوجيز: 4/ 503-506]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (72)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: فإن تولّيتم فما سألتكم من أجرٍ إن أجري إلاّ على اللّه وأمرت أن أكون من المسلمين (72) فكذّبوه فنجّيناه ومن معه في الفلك وجعلناهم خلائف وأغرقنا الّذين كذّبوا بآياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنذرين (73)
المعنى فإن لم تقبلوا على دعوتي وكفرتم بها وتوليتم عنها، و «التولي» أصله في البدن ويستعمل في الإعراض عن المعاني، يقول: فأنا لم أسألكم أجرا على ذلك ولا مالا، فيقع منكم قطع بي وتقصير بإرادتي، وإنما أجري على الذي بعثني، وقرأ نافع وأبو عمرو بخلاف عنه: «أجري» بسكون الياء، وقرأ «أجري» بفتح الياء الأعرج وطلحة بن مصرف وعيسى وأبو عمرو، وقال أبو حاتم: هما لغتان، والقراءة بالإسكان في كل القرآن، ثم أخبرهم بأن الله أمره بالإسلام والدين الحنيفي الذي هو توحيد الله والعمل بطاعته والإعداد للقائه). [المحرر الوجيز: 4/ 506]

تفسير قوله تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (73)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله فكذّبوه الآية، إخبار من الله عز وجل عن حال قوم نوح المكذبين له، وفي ضمن ذلك الإخبار توعد للكفار بمحمد صلى الله عليه وسلم وضرب المثال لهم، أي أنتم بحال هؤلاء من التكذيب فسيكونون بحالهم من النقمة والتعذيب، والفلك: السفينة، والمفسرون وأهل الآثار مجمعون على أن سفينة نوح كانت واحدة، والفلك لفظ الواحد منه ولفظ الجمع مستو وليس به وقد مضى شرح هذا في الأعراف، وخلائف حمع خليفة، وقوله فانظر مخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم يشاركه في معناها جميع الخلق، وفي هذه الآية أنه أغرق جميع من كذب بآيات الله التي جاء بها نوح، وهي مقتضية أيضا أنه أنذرهم فكانوا منذرين، فلو كانوا جميع أهل الأرض كما قال بعض الناس لاستوى نوح ومحمد صلى الله عليه وسلم في البعث إلى أهل الأرض، ويرد ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي» الحديث. ويترجح بهذا النظر أن بعثة نوح والغرق إنما كان في أهل صقع لا في أهل جميع الأرض). [المحرر الوجيز: 4/ 506-507]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ (74)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: ثمّ بعثنا من بعده رسلاً إلى قومهم فجاؤهم بالبيّنات فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا به من قبل كذلك نطبع على قلوب المعتدين (74) ثمّ بعثنا من بعدهم موسى وهارون إلى فرعون وملائه بآياتنا فاستكبروا وكانوا قوماً مجرمين (75)
الضمير في قوله من بعده عائد على نوح عليه السلام والضمير في قومهم عائد على الرسل، ومعنى هذه الآيات كلها ضرب المثل لحاضري محمد صلى الله عليه وسلم، أي كما حل بهؤلاء يحل بكم، و «البينات» المعجزات والبراهين الواضحة، والضمير في قوله كانوا وفي ليؤمنوا عائد على قوم الرسل، والضمير في كانوا عائد على قوم نوح، وهذا قول بعض المتأولين، وقال بعضهم: بل تعود الثلاثة على قوم الرسل على معنى أنهم بادروا رسلهم بالتكذيب كلما جاء رسول ثم لجوا في الكفر وتمادوا فلم يكونوا ليؤمنوا بما سبق به تكذيبهم، وقال يحيى بن سلام من قبل، معناه من قبل العذاب.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وفي هذا القول بعد، ويحتمل اللفظ عندي معنى آخر وهو أن تكون «ما» مصدرية والمعنى فكذبوا رسلهم فكان عقابهم من الله أن لم يكونوا ليؤمنوا بتكذيبهم من قبل أي من سببه ومن جراه، ويؤيد هذا التأويل قوله كذلك نطبع، وقال بعض العلماء: عقوبة التكذيب الطبع على القلوب، وقرأ جمهور الناس: «نطبع» بالنون، وقرأ العباس بن الفضل: «يطبع» بالياء، وقوله كذلك أي هذا فعلنا بهؤلاء، ثم ابتدأ كذلك نطبع أي كفعلنا هذا والمعتدين هم الذين تجاوزوا طورهم واجترحوا ما لا يجوز لهم وهي هاهنا في الكفر). [المحرر الوجيز: 4/ 507-508]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 5 شوال 1435هـ/1-08-2014م, 10:11 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 5 شوال 1435هـ/1-08-2014م, 10:11 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآَيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ (71)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({واتل عليهم نبأ نوحٍ إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات اللّه فعلى اللّه توكّلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثمّ لا يكن أمركم عليكم غمّةً ثمّ اقضوا إليّ ولا تنظرون (71) فإن تولّيتم فما سألتكم من أجرٍ إن أجري إلا على اللّه وأمرت أن أكون من المسلمين (72) فكذّبوه فنجّيناه ومن معه في الفلك وجعلناهم خلائف وأغرقنا الّذين كذّبوا بآياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنذرين (73)}
يقول تعالى لنبيّه، صلوات اللّه وسلامه عليه: {واتل عليهم} أي: أخبرهم واقصص عليهم، أي: على كفّار مكّة الّذين يكذّبونك ويخالفونك {نبأ نوحٍ} أي: خبره مع قومه الّذين كذّبوه، كيف أهلكهم اللّه ودمّرهم بالغرق أجمعين عن آخرهم، ليحذر هؤلاء أن يصيبهم من الهلاك والدّمار ما أصاب أولئك. {إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم} أي: عظم عليكم، {مقامي} أي فيكم بين أظهركم، {وتذكيري} إيّاكم {بآيات اللّه} أي: بحججه وبراهينه، {فعلى اللّه توكّلت} أي: فإنّي لا أبالي ولا أكفّ عنكم سواءٌ عظم عليكم أو لا! {فأجمعوا أمركم وشركاءكم} أي: فاجتمعوا أنتم وشركاؤكم الّذين تدعون من دون اللّه، من صنم ووثنٍ، {ثمّ لا يكن أمركم عليكم غمّةً} أي: ولا تجعلوا أمركم عليكم ملتبسًا، بل افصلوا حالكم معي، فإن كنتم تزعمون أنّكم محقّون، فاقضوا إليّ ولا تنظرون، أي: ولا تؤخّروني ساعةً واحدةً، أي: مهما قدرتم فافعلوا، فإنّي لا أباليكم ولا أخاف منكم، لأنّكم لستم على شيءٍ، كما قال هودٌ لقومه: {إنّي أشهد اللّه واشهدوا أنّي بريءٌ ممّا تشركون من دونه فكيدوني جميعًا ثمّ لا تنظرون إنّي توكّلت على اللّه ربّي وربّكم ما من دابّةٍ إلا هو آخذٌ بناصيتها إنّ ربّي على صراطٍ مستقيمٍ} [هودٍ: 54 -56]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 283]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (72)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :({فإن تولّيتم} أي: كذّبتم وأدبرتم عن الطّاعة، {فما سألتكم من أجرٍ} أي: لم أطلب منكم على نصحي إيّاكم شيئًا، {إن أجري إلا على اللّه وأمرت أن أكون من المسلمين} أي: وأنا ممتثل ما أمرت به من الإسلام للّه عزّ وجلّ، والإسلام هو دين [جميع] الأنبياء من أوّلهم إلى آخرهم، وإن تنوّعت شرائعهم وتعدّدت مناهلهم، كما قال تعالى: {لكلٍّ جعلنا منكم شرعةً ومنهاجًا} [المائدة: 48]. قال ابن عبّاسٍ: سبيلًا وسنّةً. فهذا نوحٌ يقول: {وأمرت أن أكون من المسلمين} [النّمل: 91]، وقال تعالى عن إبراهيم الخليل: {إذ قال له ربّه أسلم قال أسلمت لربّ العالمين ووصّى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يابنيّ إنّ اللّه اصطفى لكم الدّين فلا تموتنّ إلا وأنتم مسلمون} [البقرة: 131، 132]، وقال يوسف: {ربّ قد آتيتني من الملك وعلّمتني من تأويل الأحاديث فاطر السّماوات والأرض أنت وليّي في الدّنيا والآخرة توفّني مسلمًا وألحقني بالصّالحين} [يوسف: 101]. وقال موسى {يا قوم إن كنتم آمنتم باللّه فعليه توكّلوا إن كنتم مسلمين} [يونس: 84]. وقالت السّحرة: {ربّنا أفرغ علينا صبرًا وتوفّنا مسلمين} [الأعراف: 126]. وقالت بلقيس: {ربّ إنّي ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان للّه ربّ العالمين} [النّمل: 44]. وقال [اللّه] تعالى: {إنّا أنزلنا التّوراة فيها هدًى ونورٌ يحكم بها النّبيّون الّذين أسلموا} [المائدة: 44]، وقال تعالى: {وإذ أوحيت إلى الحواريّين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنّا واشهد بأنّنا مسلمون} [المائدة: 111] وقال خاتم الرّسل وسيّد البشر: {قل إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي للّه ربّ العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أوّل المسلمين} [الأنعام: 162، 163] أي: من هذه الأمّة؛ ولهذا قال في الحديث الثّابت عنه: "نحن معاشر الأنبياء أولاد علات، ديننا واحدٌ" أي: وهو عبادة اللّه وحده لا شريك له، وإن تنوّعت شرائعنا، وذلك معنى قوله: "أولاد علّاتٍ"، وهم: الإخوة من أمّهاتٍ شتّى والأبّ واحدٍ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 283-284]

تفسير قوله تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (73)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله تعالى: {فكذّبوه فنجّيناه ومن معه} أي: على دينه {في الفلك} وهي: السّفينة، {وجعلناهم خلائف} أي: في الأرض، {وأغرقنا الّذين كذّبوا بآياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنذرين} أي: يا محمّد كيف أنجينا المؤمنين، وأهلكنا المكذّبين). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 284]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ (74)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ثمّ بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبيّنات فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا به من قبل كذلك نطبع على قلوب المعتدين (74)}
يقول تعالى: ثمّ بعثنا من بعد نوحٍ رسلًا إلى قومهم، فجاءوهم بالبيّنات، أي: بالحجج والأدلّة والبراهين على صدق ما جاءوهم به، {فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا به من قبل} أي: فما كانت الأمم لتؤمن بما جاءتهم به رسلهم، بسبب تكذيبهم إيّاهم أوّل ما أرسلوا إليهم، كما قال تعالى: {ونقلّب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أوّل مرّةٍ} [الأنعام: 110].
وقوله: {كذلك نطبع على قلوب المعتدين} أي: كما طبع اللّه على قلوب هؤلاء، فما آمنوا بسبب تكذيبهم المتقدّم، هكذا يطبع اللّه على قلوب من أشبههم ممّن بعدهم، ويختم على قلوبهم، فلا يؤمنوا حتّى يروا العذاب الأليم.
والمراد: أنّ اللّه تعالى أهلك الأمم المكذّبة للرّسل، وأنجى من آمن بهم، وذلك من بعد نوحٍ، عليه السّلام، فإنّ النّاس كانوا من قبله من زمان آدم عليه السّلام على الإسلام، إلى أن أحدث النّاس عبادة الأصنام، فبعث اللّه إليهم نوحًا، عليه السّلام؛ ولهذا يقول له المؤمنون يوم القيامة: أنت أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض.
وقال ابن عبّاسٍ: كان بين آدم ونوحٍ عشرة قرونٍ، كلّهم على الإسلام.
وقال اللّه تعالى: {وكم أهلكنا من القرون من بعد نوحٍ وكفى بربّك بذنوب عباده خبيرًا بصيرًا} [الإسراء: 17]، وفي هذا إنذارٌ عظيمٌ لمشركي العرب الّذين كذّبوا بسيّد الرّسل وخاتم الأنبياء والمرسلين، فإنّه إذا كان قد أصاب من كذّب بتلك الرّسل ما ذكره اللّه تعالى من العقاب والنّكال، فماذا ظنّ هؤلاء وقد ارتكبوا أكبر من أولئك؟). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 284-285]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:33 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة