تفسير قوله تعالى: (تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (1) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (- أخبرنا مسعر، قال: حدثني معن وعون، أو أحدهما، أن رجلًا أتى عبد الله ابن مسعودٍ، فقال: اعهد إلي؟ فقال: إذا سمعت الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فارعها سمعك، فإنها خيرٌ يأمر به، أو شرٌّ ينهى عنه). [الزهد لابن المبارك: 2/ 18]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثني عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه أن العقود التي قال الله: {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود}، إنهن ست: عهد الله، وعقد الحلف، وعقد الشركة، وعقد البيع، وعقد النكاح، وعقد اليمين.
قال زيد بن أسلم: والشعائر ست: الصفا والمروة، والبدن، والجمار، والمشعر الحرام، وعرفة، والركن؛ والحرمات خمس: الكعبة الحرام، والبلد الحرام، والشهر الحرام، والمسجد الحرام، والمحرم حتى يحل).
[الجامع في علوم القرآن: 1/128-129]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن قتادة في قوله تعالى: {أوفوا بالعقود} قال بالعهود وهي عقود الجاهلية الحلف).
[تفسير عبد الرزاق: 1/181]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى: {أحلت لكم بهيمة الأنعام} قال الأنعام كلها {إلا ما يتلى عليكم}
قال معمر وقال قتادة إلا الميتة وما لم يذكر اسم الله عليه).
[تفسير عبد الرزاق: 1/181]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (حدثنا سفيان [الثوري] عن قابوس بن أبي ظبيان قال: ذبحنا بقرةً فوجدنا في بطنها ولدًا ميّتًا فسألنا عن ذلك أبا ظبيان فقال: قال ابن عباس هذه بهيمة الأنعام [الآية: 1]).
[تفسير الثوري: 99]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا عبدة بن سليمان، عن الأعمش، عن خيثمة، قال: ما تقرؤون في القرآن: {يا أيّها الّذين آمنوا} فإنّ موضعه في التّوراة: يا أيّها المساكين). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 318]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ): ({حرمٌ} [البقرة: 173]: «واحدها حرامٌ»). [صحيح البخاري: 6/50]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وأنتم حرمٌ واحدها حرامٌ هو قول أبي عبيدة وزاد حرامٌ بمعنى محرمٌ وقرأ الجمهور بضمّ الرّاء ويحيى بن وثّاب بإسكانها وهي لغةٌ كرسلٍ ورسلٍ). [فتح الباري: 8/268]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (بابٌ: (حرمٌ واحدها حرامٌ) )
أشار به إلى قوله في أول السّورة: {غير محلى الصّيد وأنتم حرم} (المائدة: 1) ثمّ ذكر أن واحد حرم حرام، ومعنى: وأنتم حرم. وأنتم محرمون، وقال أبو عبيدة: يعني: حرام محرم، وقرأ الجمهور بصنم أيضا الرّاء، وقرأ يحيى بن وثاب: حرم، بإسكان الرّاء وهي لغة: كرسل ورسل). [عمدة القاري: 18/196]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب
{حرمٌ} واحدها حرامٌ {فبما نقضهم ميثاقهم} بنقضهم {الّتي كتب اللّه} جعل اللّه {تبوء} تحمل {دائرةٌ} دولةٌ. وقال غيره: الإغراء: التّسليط. {أجورهنّ}: مهورهنّ المهيمن: الأمين، القرآن أمينٌ على كلّ كتابٍ قبله، قال سفيان: ما في القرآن آيةٌ أشدّ عليّ من {لستم على شيءٍ حتّى تقيموا التّوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربّكم}. مخمصةٌ: مجاعةٌ، من أحياها: يعني من حرّم قتلها إلاّ بحقٍّ حييّ النّاس منه جميعًا. شرعةً ومنهاجًا سبيلًا وسنّةً، فإن عثر ظهر، الأوليان: واحدهما أولى.
({حرم}) يريد قولها {غير محليّ الصيد وأنتم حرم} [المائدة: 1] قال أبو عبيدة (واحدهما حرام) والمعنى وأنتم محرمون وهذه الجملة ساقطة لغير أبوي الوقت وذر). [إرشاد الساري: 7/100]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلّت لكم بهيمة الأنعام إلاّ ما يتلى عليكم غير محلّي الصّيد وأنتم حرمٌ إنّ اللّه يحكم ما يريد}
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {يا أيّها الّذين آمنوا أوفوا} يا أيّها الّذين أقرّوا بوحدانيّة اللّه وأذعنوا الله بالعبوديّة، وسلّموا له الألوهيّة، وصدّقوا رسوله محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم في نبوّته وفيما جاءهم به من عند ربّهم من شرائع دينه {أوفوا بالعقود} يعني: أوفوا بالعهود الّتي عاهدتموها ربّكم والعقود الّتي عاقدتموها إيّاه، وأوجبتم بها على أنفسكم حقوقًا وألزمتم أنفسكم بها للّه فروضًا، فأتمّوها بالوفاء والكمال والتّمام منكم للّه بما ألزمكم بها، ولمن عاقدتموه منكم بما أوجبتموه له بها على أنفسكم، ولا تنكثوها فتنقضوها بعد توكيدها.
واختلف أهل التّأويل في العقود الّتي أمر اللّه جلّ ثناؤه بالوفاء بها بهذه الآية، بعد إجماع جميعهم على أنّ معنى العقود: العهود؛ فقال بعضهم: هي العقود الّتي كان أهل الجاهليّة عاقد بعضهم بعضًا على النّصرة والمؤازرة والمظاهرة على من حاول ظلمه أو بغاه سوءًا، وذلك هو معنى الحلف الّذي كانوا يتعاقدونه بينهم.
ذكر من قال: معنى العقود العهود:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {أوفوا بالعقود} يعني: بالعهود.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه جلّ وعزّ: {أوفوا بالعقود} قال: العهود.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا سفيان، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن رجلٍ، عن مجاهدٍ مثله.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عبد اللّه، عن أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، قال: جلسنا إلى مطرّف بن الشّخّير وعنده رجلٌ يحدّثهم، فقال: {يا أيّها الّذين آمنوا أوفوا بالعقود} قال: هي العهود.
- حدّثنا المثنّى قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع: {أوفوا بالعقود} قال: العهود.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو خالدٍ الأحمر، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: يا أيّها الّذين آمنوا أوفوا بالعقود قال: هي العهود.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك يقول: {أوفوا بالعقود} بالعهود.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {أوفوا بالعقود} قال: بالعهود.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {أوفوا بالعقود} قال: هي العهود.
- حدّثني الحرث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: سمعت الثّوريّ، يقول: {أوفوا بالعقود} قال: بالعهود.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
قال أبو جعفرٍ: والعقود: جمع عقدٍ، وأصل العقد: عقد الشّيء بغيره، وهو وصله به، كما تعقد الحبل بالحبل: إذا وصل به شدًّا، يقال منه: عقد فلانٌ بينه وبين فلانٍ عقدًا فهو يعقده، ومنه قول الحطيئة:.
قومٌ إذا عقدوا عقدًا لجارهم = شدّوا العناج وشدّوا فوقه الكربا
وذلك إذا واثقه على أمرٍ، وعاهده عليه عهدًا بالوفاء له بما عاقده عليه، من أمانٍ وذمّةٍ، أو نصرةٍ، أو نكاحٍ، أو بيعٍ، أو شركةٍ، أو غير ذلك من العقود.
ذكر من قال المعنى الّذي ذكرنا عمّن قاله في المراد من قوله: {أوفوا بالعقود}.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، في قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا أوفوا بالعقود} أي بعقد الجاهليّة ذكر لنا أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يقول: أوفوا بعقد الجاهليّة، ولا تحدثوا عقدًا في الإسلام. وذكر لنا أنّ فرات بن حيّان العجليّ سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن حلف الجاهليّة، فقال نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: لعلّك تسأل عن حلف لخمٍ وتيم اللّه؟ فقال: نعم يا نبيّ اللّه. قال: لا يزيده الإسلام إلا شدّةً.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: حدّثنا معمرٌ، عن قتادة: {أوفوا بالعقود} قال: عقود الجاهليّة: الحلف.
وقال آخرون: بل هي العهود الّتي أخذ اللّه على عباده بالإيمان به وطاعته فيما أحلّ لهم وحرّم عليهم.
ذكر من قال ذلك:.
- حدّثني المثنّى، قال: أخبرنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {أوفوا بالعقود} يعني: ما أحلّ، وما حرّم، وما فرض، وما حدّ في القرآن كلّه، فلا تغدروا ولا تنكثوا؛ ثمّ شدّد ذلك فقال: {والّذين ينقضون عهد اللّه من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر اللّه به أن يوصل} إلى قوله: {سوء الدّار}.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {أوفوا بالعقود} ما عقد اللّه على العباد ممّا أحلّ لهم وحرّم عليهم.
وقال آخرون: بل هي العقود الّتي يتعاقدها النّاس بينهم ويعقدها المرء على نفسه.
ذكر من قال ذلك:.
- حدّثنا سفيان بن وكيعٍ، قال: حدّثني أبي عن موسى بن عبيدة، عن أخيه عبد اللّه بن عبيدة، قال: العقود خمسٌ: عقدة الإيمان، وعقدة النّكاح، وعقدة العهد، وعقدة البيع، وعقدة الحلف.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا وكيعٌ. عن موسى بن عبيدة، عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ أو عن أخيه عبد اللّه بن عبيدة، نحوه.
- حدّثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا أوفوا بالعقود} قال: عقد العهد وعقد اليمين، وعقد الحلف، وعقد الشّركة، وعقد النّكاح. قال: هذه العقود خمسٌ.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عتبة بن سعيدٍ الحمصيّ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم، قال: حدّثنا أبي في قول اللّه جلّ وعزّ: {يا أيّها الّذين آمنوا أوفوا بالعقود} قال: العقود خمسٌ: عقدة النّكاح، وعقد الشّركة، وعقد اليمين، وعقدة العهد، وعقدة الحلف.
وقال آخرون: بل هذه الآية أمرٌ من اللّه تعالى لأهل الكتاب بالوفاء بما أخذ به ميثاقهم من العمل بما في التّوراة والإنجيل في تصديق محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وما جاءهم به من عند اللّه.
ذكر من قال ذلك:.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {أوفوا بالعقود} قال: العهود الّتي أخذها اللّه على أهل الكتاب أن يعملوا بما جاءهم.
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني اللّيث، قال: حدّثني يونس، قال: قال محمّد بن مسلمٍ: قرأت كتاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الّذي كتب لعمرو بن حزمٍ حين بعثه إلى نجران، فكان الكتاب عند أبي بكر بن حزمٍ، فيه: هذا بيانٌ من اللّه ورسوله {يا أيّها الّذين آمنوا أوفوا بالعقود} فكتب الآيات منها، حتّى بلغ: {إنّ اللّه سريع الحساب}
وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصّواب ما قاله ابن عبّاسٍ، وأنّ معناه: أوفوا يا أيّها الّذين آمنوا بعقود اللّه الّتي أوجبها عليكم وعقدها، فيما أحلّ لكم وحرّم عليكم، وألزمكم فرضه، وبيّن لكم حدوده.
وإنّما قلنا ذلك أولى بالصّواب من غيره من الأقوال، لأنّ اللّه جلّ وعزّ أتبع ذلك البيان عمّا أحلّ لعباده وحرّم عليهم وما أوجب عليهم من فرائضه، فكان معلومًا بذلك أنّ قوله: {أوفوا بالعقود} أمرٌ منه عباده بالعمل بما ألزمهم من فرائضه وعقوده عقيب ذلك، ونهي منه لهم عن نقض ما عقده عليهم منه، مع أنّ قوله: {أوفوا بالعقود} أمرٌ منه بالوفاء بكلّ عقدٍ أذن فيه، فغير جائزٍ أن يخصّ منه شيءٌ حتّى تقوم حجّةٌ بخصوص شيءٍ منه يجب التّسليم لها.
فإذ كان الأمر في ذلك كما وصفنا، فلا معنى لقول من وجّه ذلك إلى معنى الأمر بالوفاء ببعض العقود الّتي أمر اللّه بالوفاء بها دون بعضٍ.
وأمّا قوله: {أوفوا} فإنّ للعرب فيه لغتين: إحداهما: أوفوا، من قول القائل: أوفيت لفلانٍ بعهده أوفي له به؛ والأخرى فوا من قولهم: وفّيت له بعهده أفي.
والإيفاء بالعهد: إتمامه على ما عقد عليه من شروطه الجائزة). [جامع البيان: 8/5-12]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أحلّت لكم بهيمة الأنعام}
اختلف أهل التّأويل في بهيمة الأنعام الّتي ذكر اللّه عزّ ذكره في هذه الآية أنّه أحلّها لنا، فقال بعضهم: هي الأنعام كلّها.
ذكر من قال ذلك:.
- حدّثنا سفيان بن وكيعٍ، قال: حدّثنا عبد الأعلى، عن عوفٍ، عن الحسن، قال: بهيمة الأنعام: هي الإبل والبقر والغنم.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {أحلّت لكم بهيمة الأنعام} قال: الأنعام كلّها.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا ابن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {أحلّت لكم بهيمة الأنعام} قال: الأنعام كلّها.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ، في قوله: {أحلّت لكم بهيمة الأنعام} قال: الأنعام كلّها.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {بهيمة الأنعام} هي الأنعام.
وقال آخرون: بل عنى بقوله: {أحلّت لكم بهيمة الأنعام} أجنّة الأنعام الّتي توجد في بطون أمّهاتها إذا نحرت أو ذبحت ميتةً.
ذكر من قال ذلك:.
- حدّثني الحارث بن محمّدٍ، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: أخبرنا أبو عبد الرّحمن الفزاريّ، عن عطيّة العوفيّ، عن ابن عمر، في قوله: {أحلّت لكم بهيمة الأنعام} قال: ما في بطونها. قال: قلت: إن خرج ميّتًا آكله؟ قال: نعم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا يحيى بن زكريّا، عن إدريس الأوديّ، عن عطيّة، عن ابن عمر نحوه، وزاد فيه، قال: نعم، هو بمنزلة رئتها وكبدها.
- حدّثنا ابن حميدٍ، وابن وكيعٍ، قالا: حدّثنا جريرٌ، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قال: الجنين من بهيمة الأنعام فكلوه.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن مسعرٍ، وسفيان، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: أنّ بقرةً، نحرت، فوجد في بطنها جنينٌ، فأخذ ابن عبّاسٍ بذنب الجنين، فقال: هذا من بهيمة الأنعام الّتي أحلّت لكم.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن سفيان، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قال: هو من بهيمة الأنعام.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، ومؤمّلٌ، قالا: حدّثنا سفيان، عن قابوس، عن أبيه، قال: ذبحنا بقرةً، فإذا في بطنها جنينٌ، فسألنا ابن عبّاسٍ، فقال: هذه بهيمة الأنعام
وأولى القولين بالصّواب في ذلك قول من قال: عنى بقوله: {أحلّت لكم بهيمة الأنعام} الأنعام كلّها، أجنّتها وسخالها وكبارها، لأنّ العرب لا تمتنع من تسمية جميع ذلك بهيمةً وبهائم، ولم يخصّص اللّه منها شيئًا دون شيءٍ، فذلك على عمومه وظاهره حتّى تأتي حجّةٌ بخصوصه يجب التّسليم لها. وأمّا النّعم فإنّها عند العرب: اسمٌ للإبل والبقر والغنم خاصّةً، كما قال جلّ ثناؤه: {والأنعام خلقها لكم فيها دفءٌ ومنافع ومنها تأكلون} ثمّ قال: {والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينةً} ففصل جنس النّعم من غيرها من أجناس الحيوان.
وأمّا بهائمها فإنّها أولادها. وإنّما قلنا: يلزم الكبار منها اسم بهيمةٍ كما يلزم الصّغار، لأنّ معنى قول القائل: بهيمة الأنعام، نظير قوله: ولد الأنعام؛ فكمّا لا لا يسقط معنى الولادة عنه بعد الكبر، فكذلك لا يسقط عنه اسم البهيمة بعد الكبر.
وقد قال قومٌ: بهيمة الأنعام: وحشها كالظّباء وبقر الوحش والحمر). [جامع البيان: 8/12-15]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إلاّ ما يتلى عليكم}.
اختلف أهل التّأويل في الّذي عناه اللّه بقوله: {إلاّ ما يتلى عليكم} فقال بعضهم: عنى اللّه بذلك: أحلّت لكم أولاد الإبل والبقر والغنم، إلاّ ما بيّن اللّه لكم فيما يتلى عليكم بقوله: {حرّمت عليكم الميتة والدّم} الآية.
ذكر من قال ذلك:.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {بهيمة الأنعام إلاّ ما يتلى عليكم} إلاّ الميتة وما ذكر معها.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {أحلّت لكم بهيمة الأنعام إلاّ ما يتلى عليكم} أي من الميتة الّتي نهى اللّه عنها وقدّم فيها.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة: {إلاّ ما يتلى عليكم} قال: إلاّ الميتة، وما لم يذكر اسم اللّه عليه.
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {إلاّ ما يتلى عليكم} الميتة، والدّم، ولحم الخنزير.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {أحلّت لكم بهيمة الأنعام إلاّ ما يتلى عليكم} هي الميتة والدّم ولحم الخنزير، وما أهلّ لغير اللّه به.
وقال آخرون: بل الّذي استثنى اللّه بقوله: {إلاّ ما يتلى عليكم} الخنزير.
ذكر من قال ذلك:.
- حدّثني عبد اللّه بن داود، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ: {إلاّ ما يتلى عليكم} قال: الخنزير.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {إلاّ ما يتلى عليكم}
يعني: الخنزير وأولى التّأويلين عندي بالصّواب تأويل من قال: عنى بذلك: إلاّ ما يتلى عليكم من تحريم اللّه ما حرّم عليكم بقوله: {حرّمت عليكم الميتة} الآية، لأنّ اللّه عزّ وجلّ استثنى ممّا أباح لعباده من بهيمة الأنعام ما حرّم عليهم منها، والّذي حرّم عليهم منها ما بيّنه في قوله: {حرّمت عليكم الميتة والدّم ولحم الخنزير} والخنزير وإن كان مما حرّمه اللّه علينا فليس من بهيمة الأنعام فيستثني منها فاستثناء ما حرّم علينا ممّا دخل في جملة ما قبل الاستثناء أشبه من استثناء ما حرّم ممّا لم يدخل في جملة ما قبل الاستثناء). [جامع البيان: 8/15-17]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {غير محلّي الصّيد وأنتم حرمٌ إنّ اللّه يحكم ما يريد}
اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: يا أيّها الّذين آمنوا أوفوا بالعقود غير محلّي الصّيد وأنتم حرمٌ، أحلّت لكم بهيمة الأنعام.
فذلك على قولهم من المؤخّر الّذي معناه التّقديم، ف غير منصوبٌ على قول قائلي هذه المقالة على الحال ممّا في قوله: {أوفوا}، من ذكر الّذين آمنوا.
وتأويل الكلام على مذهبهم: أوفوا أيّها المؤمنون بعقود اللّه الّتي عقدها عليكم في كتابه، لا محلّين الصّيد وأنتم حرمٌ.
وقال آخرون: معنى ذلك: أحلّت لكم بهيمة الأنعام كلّها، إلاّ ما يتلى عليكم، إلاّ ما كان منها وحشيًّا، فإنّه صيدٌ فلا يحلّ لكم وأنتم حرمٌ. فكأنّ من قال ذلك، وجّه الكلام إلى معنى: أحلّت لكم بهيمة الأنعام كلّها، إلا ما يتلى عليكم، إلاّ ما يبيّن لكم من وحشيّها، غير مستحلّي اصطيادها في حال إحرامكم، فتكون {غير} منصوبةً على قولهم على الحال من الكاف والميم في قوله: {إلاّ ما يتلى عليكم}.
ذكر من قال ذلك:.
- حدّثنا سفيان بن وكيعٍ، قال:أخبرنا عبيد اللّه، عن أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، قال: جلسنا إلى مطرّف بن الشّخّير وعنده رجلٌ، فحدّثهم فقال: {أحلّت لكم بهيمة إلا ما يتلى عليكم الأنعام غير محلّي الصّيد وأنتم حرمٌ}: فهو عليكم حرامٌ. يعني: بقر الوحش والظّباء وأشباهه.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ، في قوله: {أحلّت لكم بهيمة الأنعام إلاّ ما يتلى عليكم غير محلّي الصّيد وأنتم حرمٌ} قال: الأنعام كلّها حلٌّ إلاّ ما كان منها وحشيًّا، فإنّه صيدٌ، فلا يحلّ إذا كان محرمًا
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب على ما تظاهرت به تأويل أهل التّأويل في قوله: {أحلّت لكم بهيمة الأنعام} من أنّها الأنعام وأجنّتها وسخالها، وعلى دلالة ظاهر التّنزيل قول من قال: معنى ذلك: أوفوا بالعقود غير محلّي الصّيد وأنتم حرمٌ، فقد أحلّت لكم بهيمة الأنعام في حال إحرامكم أو غيرها من أحوالكم، إلاّ ما يتلى عليكم تحريمه من الميتة منها والدّم وما أهلّ لغير اللّه به. وذلك أنّ قوله: {إلاّ ما يتلى عليكم} لو كان معناه: إلاّ الصّيد، لقيل: إلاّ ما يتلى عليكم من الصّيد غير محلّيه، وفي ترك اللّه وصل قوله: {إلاّ ما يتلى عليكم} بما ذكرت، وإظهار ذكر الصّيد في قوله: {غير محلّي الصّيد} أوضح الدّليل على أنّ قوله: {إلاّ ما يتلى عليكم} خبرٌ متناهيةٌ قصّته، وأنّ معنى قوله: {غير محلّي الصّيد} منفصلٌ منه. وكذلك لو كان قوله: {أحلّت لكم بهيمة الأنعام} مقصودًا به قصد الوحش، لم يكن أيضًا لإعادة ذكر الصّيد في قوله: {غير محلّي الصّيد} وجهٌ وقد مضى ذكره قبل، ولقيل: أحلّت لكم بهيمة الأنعام، إلاّ ما يتلى عليكم، غير محلّيه وأنتم حرمٌ. وفي إظهاره ذكر الصّيد في قوله: {غير محلّي الصّيد} أبين الدّلالة على صحّة ما قلنا في معنى ذلك.
فإن قال قائلٌ: فإنّ العرب ربّما أظهرت ذكر الشّيء باسمه وقد جرى ذكره باسمه؟ قبل قيل: ذلك من فعلها ضرورة شعرٍ، وليس ذلك بالفصيح المستعمل من كلامهم، وتوجيه كلام اللّه إلى الأفصح من لغات من نزل كلامه بلغته أولى ما وجد إلى ذلك سبيلٌ من صرفه إلى غير ذلك
فمعنى الكلام إذن: يا أيّها الّذين آمنوا أوفوا بعقود اللّه الّتي عقد عليكم، فيمّا حرّم وأحلّ، لا محلّين الصّيد في حرمكم، ففيما أحلّ لكم من بهيمة الأنعام المذكّاة دون ميتتها متّسعٌ لكم ومستغنًى عن الصّيد في حال إحرامكم). [جامع البيان: 8/18-20]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ اللّه يحكم ما يريد}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: إنّ اللّه يقضي في خلقه ما يشاء من تحليل ما أراد تحليله، وتحريم ما أراد تحريمه، وإيجاب ما شاء إيجابه عليهم، وغير ذلك من أحكامه وقضاياه، فأوفوا أيّها المؤمنون له بما عقد عليكم من تحليل ما أحلّ لكم وتحريم ما حرّم عليكم، وغير ذلك من عقوده فلا تنكثوها ولا تنقضوها. كما:.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {إنّ اللّه يحكم ما يريد} إنّ اللّه يحكم ما أراد في خلقه، وبيّن لعباده، وفرض فرائضه، وحّد حدوده، وأمر بطاعته، ونهى عن معصيته). [جامع البيان: 8/21]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله أوفوا بالعقود قال بالعهود
). [تفسير مجاهد: 183]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أحلت لكم بهيمة الأنعام وما ذكر معها من غير أن يحل الصيد وهو حرام
). [تفسير مجاهد: 183]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قال الحارث: حدثنا إسحاق بن عيسى الطّبّاع، ثنا ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدّه، رضي الله عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أدّوا للحلفاء عقودهم الّذي عاقدت أيمانكم، قالوا: وما عقدهم يا رسول اللّه؟ قال صلّى اللّه عليه وسلّم: العقل عنهم، والنّصر لهم).
[المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14/601]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : ({يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم إن الله يحكم ما يريد}.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله {أوفوا بالعقود} يعني بالعهود ما أحل الله وما حرم وما فرض وما حد في القرآن كله لا تغدروا ولا تنكثوا.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن قتادة في قوله {أوفوا بالعقود} أي بعقد الجاهلية ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول أوفوا بعقد الجاهلية ولا تحدثوا عقدا في الإسلام.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن قتادة في قوله {أوفوا بالعقود} قال: بالعهود وهي عقود الجاهلية الحلف.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن عبد الله بن عبيدة قال: العقود خمس: عقدة الأيمان وعقدة النكاح وعقدة البيع وعقدة العهد وعقدة الحلف.
وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم في الآية قال: العقود خمس: عقدة الأيمان وعقدة النكاح وعقدة البيع وعقدة العهد وعقدة الحلف.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: هذا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عندنا الذي كتبه لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن يفقه أهلها ويعلمهم السنة ويأخذ صدقاتهم فكتب بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من الله ورسوله {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} عهدا من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم أمره بتقوى الله في أمره كله {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} (النحل الآية 128) وأمره أن يأخذ الحق كما أمره وإن يبشر بالخير الناس ويأمرهم به الحديث بطوله.
وأخرج الحرث بن أبي أسامة في مسنده عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أدوا للحلفاء عقودهم التي عاقدت أيمانكم، قالوا: وما عقدهم يا رسول الله قال: العقل عنهم والنصر لهم.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن مقاتل بن حيان قال: بلغنا في قوله {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} يقول: أوفوا بالعهود يعني العهد الذي كان عهد إليهم في القرآن فيما أمرهم من طاعته أن يعملوا بها ونهيه الذي نهاهم عنه وبالعهد الذي بينهم وبين المشركين وفيما يكون من العهود بين الناس).
[الدر المنثور: 5/159-161]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : ({أحلت لكم بهيمة الأنعام}
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله تعالى {أحلت لكم بهيمة الأنعام} قال: يعني الإبل والبقر والغنم قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم، أما سمعت الأعشى وهو يقول: أهل القباب الحمر والنعم [ والنعم ] المؤثل والقبائل
وأخرج عبد بن حميد ابن جرير ابن المنذر عن الحسن في قوله {أحلت لكم بهيمة الأنعام} قال: الإبل والبقر والغنم.
وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه عن ابن عباس، أنه أخذ بذنب الجنين فقال: هذا من بهيمة الأنعام التي أحلت لكم.
وأخرج ابن جرير عن ابن عمر في قوله {أحلت لكم بهيمة الأنعام} قال: ما في بطونها، قلت: إن خرج ميتا آكله قال: نعم.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن قتادة في قوله {أحلت لكم بهيمة الأنعام} قال: الأنعام كلها {إلا ما يتلى عليكم} قال: إلا الميتة وما لم يذكر اسم الله عليه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله {أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم} قال {الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به}
المائدة الآية 3 إلى آخر الآية فهذا ما حرم الله من بهيمة الأنعام.
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {إلا ما يتلى عليكم} قال: إلا الميتة وما ذكر معها {غير محلي الصيد وأنتم حرم} قال: غير أن يحل الصيد أحد وهو محرم.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن أيوب قال: سئل مجاهد عن القرد أيؤكل لحمه فقال: ليس من بهيمة الأنعام.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن الربيع بن أنس في الآية قال: الأنعام كلها حل إلا ما كان منها وحشيا فإنه صيد فلا يحل إذا كان محرما.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة في قوله {إن الله يحكم ما يريد} قال: إن الله يحكم ما أراد في خلقه وبين ما أراد في عباده وفرض فرائضه وحد حدوده وأمر بطاعته ونهى عن معصيته).
[الدر المنثور: 5/161-163]