العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة آل عمران

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 ربيع الثاني 1434هـ/28-02-2013م, 09:05 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي تفسير سورة آل عمران[من الآية (116) إلى الآية (117) ]

تفسير سورة آل عمران
[من الآية (116) إلى الآية (117) ]

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (116) مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (117)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 25 ربيع الثاني 1434هـ/7-03-2013م, 11:13 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي جمهرة تفاسير السلف


جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (116) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ الّذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من اللّه شيئًا وأولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون}.
وهذا وعيدٌ من اللّه عزّ وجلّ للأمّة الأخرى الفاسقة من أهل الكتاب، الّذين أخبر عنهم بأنّهم فاسقون وأنّهم قد باءوا بغضبٍ منه، ولمن كان من نظرائهم من أهل الكفر باللّه ورسوله، وما جاء به محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم من عند اللّه، يقول تعالى ذكره: {إنّ الّذين كفروا} يعني الّذين جحدوا نبوّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، وكذّبوا به، وبما جاءهم به من عند اللّه؛ {لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من اللّه شيئًا} يعني: لن تدفع أمواله الّتي جمعها في الدّنيا وأولاده الّذين ربّاهم فيها شيئًا من عقوبة اللّه يوم القيامة إن أخّرها لهم إلى يوم القيامة، ولا في الدّنيا إن عجّلها لهم فيها
وإنّما خصّ أولاده وأمواله؛ لأنّ أولاد الرّجل أقرب أنسبائه إليه، وهو على ماله أقدر منه على مال غيره، وأمره فيه أجوز من أمره في مال غيره، فإذا لم يغن عنه ولده لصلبه وماله الّذي هو نافذ الأمر فيه، فغير ذلك من أقربائه وسائر أنسبائه وأموالهم أبعد من أن تغني عنه من اللّه شيئًا.
ثمّ أخبر جلّ ثناؤه أنّهم هم أهل النّار الّذين هم أهلها بقوله: {وأولئك أصحاب النّار}؛ وإنّما جعلهم أصحابها؛ لأنّهم أهلها الّذين لا يخرجون منها ولا يفارقونها، كصاحب الرّجل الّذي لا يفارقه وقرينه الّذي لا يزايله، ثمّ وكّد ذلك بإخباره عنهم أنّهم فيها خالدون، صحبتهم إيّاها صحبةٌ لا انقطاع لها، إذ كان من الأشياء ما يفارق صاحبه في بعض الأحوال ويزايله في بعض الأوقات، وليس كذلك صحبة الّذين كفروا النّار الّتي أصلوها، ولكنّها صحبةٌ دائمةٌ لا نهاية لها ولا انقطاع، نعوذ باللّه منها وممّا قرّب منها من قولٍ وعملٍ). [جامع البيان: 5/702-703]

تفسير قوله تعالى: (مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (117) )
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] في قوله: {ريحٍ فيها صرٌّ} قال: برد [الآية: 117]). [تفسير الثوري: 80]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [قوله تعالى: {مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدّنيا كمثل ريحٍ فيها صرٌّ أصابت حرث قومٍ ظلموا أنفسهم فأهلكته} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا خلف بن خليفة، عن أبي حميد الرّؤاسي، عن عنترة، عن ابن عبّاسٍ - في قوله عزّ وجلّ: {ريحٍ فيها صرٌّ} - قال: برد). [سنن سعيد بن منصور: 3/1085]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {صرٌّ} [آل عمران: 117] : بردٌ). [صحيح البخاري: 6/33]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم)
كذا لأبي ذرٍّ ولم أر البسملة لغيره قوله صرٌّ بردٌ هو تفسير أبي عبيدة قال في قوله تعالى كمثل ريحٍ فيها صر الصّرّ شدّة البرد قوله شفا حفرةٍ مثل شفا الرّكيّة بفتح الرّاء وكسر الكاف وتشديد التّحتانيّة وهو حرفها كذا للأكثر بفتح المهملة وسكون الرّاء وللنّسفيّ بضمّ الجيم والرّاء والأوّل أصوب). [فتح الباري: 8/207-208]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (صرٌّ بردٌ
أشار به إلى ما في قوله تعالى: {مثل ما ينفقون في هذه الحيواة الدّنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا} (آل عمران: 117) الآية وفسّر الصّبر بقوله برد، والصر بكسر الصّاد وتشديد الرّاء وهو الرّيح الباردة نحو الصرصر). [عمدة القاري: 18/136]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({صر}) أي (برد) يريد قوله تعالى: {مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا مثل ريح فيها صر} [آل عمران: 117] وسقط لأبي ذر قوله: {تقاة} إلى هنا). [إرشاد الساري: 7/49]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عزّ وجلّ: {مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا} قال: نفقة الكافر في الدّنيا). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 77]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول اللّه عزّ وجلّ: {فيها صرٌّ} قال: برد). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 102]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدّنيا كمثل ريحٍ فيها صرٌّ أصابت حرث قومٍ ظلموا أنفسهم فأهلكته وما ظلمهم اللّه ولكن أنفسهم يظلمون}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: شبه ما ينفق الّذين كفروا: أي شبه ما يتصدّق به الكافر من ماله، فيعطيه من يعطيه على وجه القربة إلى ربّه، وهو لوحدانيّة اللّه جاحدٌ ولمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم مكذّبٌ في أنّ ذلك غير نافعه مع كفره، وأنّه مضمحلٌّ عند حاجته إليه ذاهبٌ بعد الّذي كان يرجو من عائدة نفعه عليه، كشبه ريحٍ فيها صريعنى فيها بردٌ شديدٌ {أصابت} هذه الرّيح الّتي فيها البرد الشّديد {حرث قومٍ} يعني زرع قومٍ، قد أمّلوا إدراكه، ورجوا ريعه وعائدة نفعه، {ظلموا أنفسهم} يعني أصحاب الزّرع، عصوا اللّه، وتعدّوا حدوده {فأهلكته} يعني فأهلكت الرّيح الّتي فيها الصّرّ زرعهم ذلك، بعد الّذي كانوا عليه من الأمل، ورجاء عائدة نفعه عليهم.
يقول تعالى ذكره: فكذلك فعل اللّه بنفقة الكافر وصدقته في حياته حين يلقاه يبطل ثوابها، ويخيّب رجاءه منها.
وخرج المثل للنّفقة، والمراد بالمثل صنيع اللّه بالنّفقة، فبيّن ذلك قوله: {كمثل ريحٍ فيها صرٌّ} فهو كما قد بيّنّا في مثله من قوله: {مثلهم كمثل الّذي استوقد نارًا} وما أشبه ذلك.
فتأويل الكلام: مثل إبطال اللّه أجر ما ينفقون في هذه الحياة الدّنيا، كمثل ريحٍ صرٍّ. وإنّما جاز ترك ذكر إبطال اللّه أجر ذلك لدلالة آخر الكلام عليه، وهو قوله: {كمثل ريحٍ فيها صرٌّ} ولمعرفة السّامع ذلك معناه.
واختلف أهل التّأويل في معنى النّفقة الّتي ذكرها في هذه الآية، فقال بعضهم: هي النّفقة المعروفة في النّاس.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه عزّ وجلّ: {مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدّنيا} قال: نفقة الكافر في الدّنيا
وقال آخرون: بل ذلك قوله الّذي يقوله بلسانه ممّا لا يصدّقه بقلبه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثني أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدّنيا كمثل ريحٍ فيها صرٌّ أصابت حرث قومٍ ظلموا أنفسهم فأهلكته} يقول: مثل ما يقول فلا يقبل منه كمثل هذا الزّرع إذا زرعه القوم الظّالمون، فأصابه ريحٌ فيها صرٌّ أصابته فأهلكته، فكذلك أنفقوا فأهلكهم شركهم.
وقد بيّنّا أولى ذلك بالصّواب قبل.
وقد تقدّم بياننا تأويل الحياة الدّنيا بما فيه الكفاية من إعادته في هذا الموضع.
وأمّا الصّرّ، فإنّه شدّة البرد، وذلك بعصوفٍ من الشّمال في إعصار الطّلّ والأنداء في صبيحةٍ مغيمةٍ بعقب ليلةٍ مصحيةٍ.
- كما: حدّثنا حميد بن مسعدة، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، عن عثمان بن غياثٍ، قال: سمعت عكرمة، يقول: {ريحٍ فيها صرٌّ} قال: بردٌ شديدٌ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ، قال ابن عبّاسٍ: {ريحٍ فيها صرٌّ} قال: بردٌ شديدٌ وزمهرير.
- حدّثنا عليّ بن داود، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ريحٍ فيها صرٌّ} يقول: بردٌ.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن هارون بن عنترة، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: الصّرّ: البرد.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {كمثل ريحٍ فيها صرٌّ} أي بردٌ شديدٌ
- حدّثت عن عمّارٍ، عن ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، مثله.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في الصّرّ: البرد الشّديد.
- حدّثنا محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {كمثل ريحٍ فيها صرٌّ} يقول: ريحٌ فيها بردٌ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: {ريحٍ فيها صرٌّ} قال: صرٌّ باردةٌ أهلكت حرثهم، قال: والعرب تدعوها الضّريب: تأتي الرّيح باردةً فتصبح ضريبًا قد أحرق الزّرع، تقول: قد ضرب اللّيلة أصابه ضريب تلك الصّرّ الّتي أصابته.
- حدّثني يحيى بن أبي طالبٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا جويبرٌ، عن الضّحّاك: {ريحٍ فيها صرٌّ} قال: ريحٌ فيها بردٌ
يعني بذلك جلّ ثناؤه: وما فعل اللّه بهؤلاء الكفّار ما فعل بهم، من إحباطه ثواب أعمالهم وإبطاله أجورها ظلمًا منه لهم، يعني: وضعًا منه لما فعل بهم من ذلك في غير موضعه وعند غير أهله، بل وضع فعله ذلك في موضعه، وفعل بهم ما هم أهله؛ لأنّ عملهم الّذي عملوه لم يكن للّه، وهم له بالوحدانيّة دائنون ولأمره متّبعون، ولرسله مصدّقون، بل كان ذلك منهم وهم به مشركون، ولأمره مخالفون، ولرسله مكذّبون، بعد تقدّمٍ منه إليهم أنّه لا يقبل عملاً من عاملٍ إلاّ مع إخلاص التّوحيد له، والإقرار بنبوّة أنبيائه، وتصديق ما جاءوهم به، وتوكيده الحجج بذلك عليهم، فلم يكن بفعله ما فعل بمن كفر به وخالف أمره في ذلك بعد الإعذار إليه من إحباط اجر عمله له ظالمًا، بل الكافر هو الظّالم نفسه لإكسابها من معصية اللّه وخلاف أمره ما أوردها به نار جهنّم وأصلاها به سعير سقر). [جامع البيان: 5/703-707]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدّنيا كمثل ريحٍ فيها صرٌّ أصابت حرث قومٍ ظلموا أنفسهم فأهلكته وما ظلمهم اللّه ولكن أنفسهم يظلمون (117)
قوله تعالى: مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدّنيا
- حدّثنا حجّاج بن حمزة ثنا شبابة، ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قوله: ثل ما ينفقون في هذه الحياة الدّنيا
نفقة الكافر في الدّنيا، وروي عن الحسن والسّدّيّ نحو ذلك.
قوله تعالى: مثل ريح فيها صر
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أحمد بن بشيرٍ، ومحمّد بن عبيدٍ عن هارون بن عنترة عن أبيه عن ابن عباس يح فيها صرٌّ
قال: بردٌ. وروي عن الحسن وعكرمة وسعيد بن جبيرٍ في إحدى الرّوايات، وشرحبيل بن سعدٍ، والسّدّيّ والرّبيع والضّحّاك، وقتادة نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا الحسن بن عرفة، ثنا خلف بن خليفة عن أبي حميدٍ الرّؤاسيّ عن عنترة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: يح فيها صرٌّ
قال: فيها نارٌ. وروي عن مجاهدٍ في إحدى الرّوايات نحو ذلك.
والوجه الثّالث:
- أخبرنا العبّاس بن الوليد بن مزيدٍ قراءةً، أخبرني محمّد بن شعيب بن شابور، أخبرنا عثمان بن عطاءٍ عن أبيه عطاءٍ، وأمايح فيها صرٌّ
فريحٌ فيها بردٌ وجليدٌ.
قوله تعالى: صابت حرث قومٍ ظلموا أنفسهم
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قوله: ثل ما ينفقون في هذه الحياة الدّنيا كمثل ريحٍ فيها صرٌّ أصابت حرث قومٍ ظلموا أنفسهم فأهلكته
يقول: مثل ما ينفق المشركون ولا يتقبّل منهم كمثل هذا الزّرع، إذا زرعه القوم الظّالمون فأصابه ريحٌ فيها صرٌّ، والصّر: البرد أصابته فأهلكته، فكذلك أنفقوا فأهلكهم شركهم.
قوله تعالى: أهلكته
- حدّثنا الحسن بن أحمد، ثنا موسى بن محكمٍ ثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، ثنا عبّاد بن منصورٍ قال: سألت الحسن عن قوله: صابت حرث قومٍ ظلموا أنفسهم فأهلكته
فحلقته وأحرقته.
قوله تعالى: ما ظلمهم اللّه
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج قال:
سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم يقول: ثمّ اعتذر إلى خلقه فقال: ما ظلمهم اللّه
ممّا ذكره لك من عذاب من عذّبناه من الأمم، ولكن ظلموا أنفسهم.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ أنبأ بشرٌ بن عمارة عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قوله: لكن أنفسهم يظلمون
قال: يضرّون). [تفسير القرآن العظيم: 2/741-742]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 117
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا} قال: مثل نفقة الكافر في الدنيا.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي في الآية يقول: مثل ما ينفق المشركون ولا يتقبل منهم كمثل هذا الزرع إذا زرعه القوم الظالمون، فأصابته ريح فيها صر فأهلكته فكذلك أنفقوا فأهلكهم شركهم.
وأخرج سعيد بن منصور والفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس {فيها صر} قال: برد شديد.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله {فيها صر} قال: برد، قال: فهل تعرف العرب ذلك قال: نعم، أما سمعت قول نابغة بني ذبيان: لا يبردون إذا ما الأرض جللها * صر الشتاء من الأمحال كالأدم). [الدر المنثور: 3/735-736]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 6 جمادى الآخرة 1434هـ/16-04-2013م, 09:57 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (116)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (قوله عزّ وجلّ: {إنّ الّذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من اللّه شيئا وأولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون} أي: لا تمنعهم أولادهم مما هو نازل بهم، لأنهم مالوا إلى الأموال في معاندتهم النبي - صلى الله عليه وسلم - لأن الرياسة إنما قامت لهم - أعني - رؤساء اليهود - بمعاندتهم النبي - صلى الله عليه وسلم -.
والدليل على أنهم كسبوا بذلك قوله جلّ وعزّ: {فويل للّذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثمّ يقولون هذا من عند اللّه ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم ممّا كتبت أيديهم وويل لهم ممّا يكسبون}). [معاني القرآن: 1/460-461]

تفسير قوله تعالى: {مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (117)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {كمثل ريحٍ فيها صرٌّ أصابت حرث قومٍ} الصّر: شدة البرد، وعصوفٌ من الريح). [مجاز القرآن: 1/102]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({فيها صر}: برد). [غريب القرآن وتفسيره: 109]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({ريحٍ فيها صرٌّ} أي: برد.
ونهي عن الجراد عما قتله الصّر، أي: البرد.

{أصابت حرث قومٍ} أي: زرعهم). [تفسير غريب القرآن: 109]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (ثم أعلم اللّه عزّ وجلّ أن مثل ما ينفقونه في تظاهرهم على النبي - صلى الله عليه وسلم - في الضرر لهم: {كمثل ريح فيها صرّ أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته وما ظلمهم اللّه ولكن أنفسهم يظلمون} والصر: البرد الشديد.
{أصابت حرث قوم} أي: زرع قوم ظلموا أنفسهم.
فعاقبهم اللّه بإذهاب زرعهم - فأهلكته.
فأعلم أن ضرر نفقتهم عليهم كضرر هذه الريح في هذا الزرع وقيل إنّه يعني به أهل مكة حين تعاونوا وأنفقوا الأموال على التظاهر على النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال بعضهم: {مثل ما ينفقون} أي: مثل أعمالهم في شركهم كمثل هذه الريح.
وجعل فيها صر، أي: صوت، وهذا يخرج في اللغة.
وإنما جعل فيها صوتا لأنه جعل فيها نارا كأنّها نار أحرقت الزرع – فالصر على هذا القول صوت لهيب النار، وهذا كله غير ممتنع.
وجملته أن ما أنفق في التظاهر على عداوة الدّين مضر مهلك أهله في العاجل والأجل). [معاني القرآن: 1/461]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر}
قال ابن عباس: الصر البرد.
ومعنى صر في اللغة: أن الصر شدة البرد، وفي الحديث: أنه نهى عن الجراد الذي قتله الصر.
ومعنى الآية: شبه ما ينفقونه على قتال النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في بطلانه بريح {أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته} أي: زرع قوم عاقبهم الله بذلك فهلك زرعهم فكذلك أعمال هؤلاء لا يرجعون منها إلى شيء). [معاني القرآن: 1/464-465]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): (والصر: البرد). [ياقوتة الصراط: 190]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({فِيهَا صِرٌّ} أي: برد). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 51]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({الصِّرٌّ}: البرد). [العمدة في غريب القرآن: 101]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 9 جمادى الآخرة 1434هـ/19-04-2013م, 09:02 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (116) }
[لا يوجد]


تفسير قوله تعالى: {مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (117) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت: 206هـ): (والصّرّة: شدّة البرد، قال الله جلّ وعزّ: {ريحٍ فيها صرٌّ} ). [الأزمنة: 61]
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): (قال أبو حاتم عبادة بن محبر وهو الصواب



فمن للخير بعد أبي سراجإذا مـا ألجـأ الصـر الكليـبـا

...
قوله: «الصر»: البرد). [النوادر في اللغة: 282]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ): (في حديث عطاء: «إنه كره من الجراد ما قتله الصر».
حدثنا هشيم قال: أخبرنا حجاج عن عطاء بذلك.
الصر: البرد الشديد قال: ويروى في تفسير قوله جل وعلا: {كمثل ريح فيها صر} قال: برد). [غريب الحديث: 5/524]
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (والصر: الريح الباردة). [إصلاح المنطق: 21]

قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله:" قلتم هذا أوان فر وصر"، فالصر شدة البرد, قال الله عز وجل: {كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ} ). [الكامل: 1/38]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 12 جمادى الآخرة 1435هـ/12-04-2014م, 10:34 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 12 جمادى الآخرة 1435هـ/12-04-2014م, 10:34 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 12 جمادى الآخرة 1435هـ/12-04-2014م, 10:34 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 12 جمادى الآخرة 1435هـ/12-04-2014م, 10:35 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (116) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم عقب تعالى ذكر هذا الصنف الصالح بذكر حال الكفار، ليبين الفرق، وخص الله تعالى «الأموال والأولاد» بالذكر لوجوه. منها أنها زينة الحياة الدنيا، وعظم ما تجري إليه الآمال، ومنها أنها ألصق النصرة بالإنسان وأيسرها، ومنها أن الكفار يفخرون بالآخرة لا همة لهم إلا فيها هي عندهم غاية المرء وبها كانوا يفخرون على المؤمنين، فذكر الله أن هذين اللذين هما بهذه الأوصاف لا غناء فيهما من عقاب الله في الآخرة، فإذا لم تغن هذه فغيرها من الأمور البعيدة أحرى أن لا يغني وقوله تعالى: أصحابه إضافة تخصيص ما، تقتضي ثبوت ذلك لهم ودوامه). [المحرر الوجيز: 2/328]

تفسير قوله تعالى: {مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (117) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدّنيا الآية، معناه: المثال القائم في النفوس من إنفاقهم الذي يعدونه قربة وحسبة وتحنثا ومن حبطه يوم القيامة وكونه هباء منثورا، وذهابه كالمثال القائم في النفوس من زرع قوم نبت واخضرّ وقوي الأمل فيه فهبت عليه ريحٍ فيها صرٌّ محرق فأهلكته، فوقع التشبيه بين شيئين وشيئين، ذكر الله عز وجل أحد الشيئين المشبهين وترك ذكر الآخر ثم ذكر أحد الشيئين المشبه بهما وليس الذي يوازي المذكور الأول، وترك ذكر الآخر، ودل المذكور أن على المتروكين، وهذه غاية البلاغة والإيجاز، ومثل ذلك قوله تعالى: ومثل الّذين كفروا كمثل الّذي ينعق بما لا يسمع [البقرة: 171].
وقرأ عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، «تنفقون» بالتاء على معنى قل لهم يا محمد، ومثل رفع بالابتداء وخبره في محذوف به تتعلق الكاف من قوله مثل، وما بمعنى الذي وجمهور المفسرين على أن نفقون يراد به الأموال التي كانوا ينفقونها في التحنث وفي عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك عندهم قربة، وقال السدي: نفقون
معناه من أقوالهم التي يبطنون ضدها.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا ضعيف، لأنه يقتضي أن الآية في منافقين والآية إنما هي في كفار يعلنون مثل ما يبطنون، وذهب بعض المفسرين إلى أن نفقون
يراد به أعمالهم من الكفر ونحوه، أي هي «كالريح التي فيها صر»، فتبطل كل ما لهم من صلة رحم وتحنث بعتق ونحوه، كما تبطل الريح الزرع، وهذا قول حسن لولا بعد الاستعارة في الإنفاق، و «الصر» البرد الشديد، المحرق لكل ما يهب عليه وهو معروف قال ابن عباس وجمهور المفسرين: «الصر» البرد، وتسميه العرب الضريب، وذهب الزجّاج وغيره:
إلى أن اللفظة من التصويت، من قولهم صر الشيء، ومنه الريح الصرصر، قال الزجاج: فالصر صوت النار التي في الريح.
قال القاضي: «الصر» هو نفس جهنم الذي في الزمهرير يحرق نحوا مما تحرق النار، و «الحرث» شامل للزرع والثمار، لأن الجميع مما يصدر عن إثارة الأرض، وهي حقيقة الحرث، ومنه الحديث لا زكاة إلا في عين أو حرث أو ماشية، وقال عز وجل: لموا أنفسهم
فما بال هذا التخصيص والمثل صحيح، وإن كان الحرث لمن لم يظلم نفسه؟ فالجواب أن ظلم النفس في هذه الآية تأوله جمهور المفسرين بأنه ظلم بمعاصي الله، فعلى هذا وقع التشبيه بحرث من هذه صفته، إذ عقوبته أوخى وأخذ الله له أشد والنقمة إليه أسرع وفيه أقوى، كما روي في جوف العير وغيره، وأيضا فمن أهل العلم من يرى أن كل مصائب الدنيا فإنما هي بمعاصي العبيد، وينتزع ذلك من غير ما آية في القرآن، فيستقيم على قوله: إن كل حرث تحرقه ريح فإنما هو لمن قد ظلم نفسه، وذهب بعض الناس ونحا إليه المهدوي: إلى أن قوله تعالى: حرث قومٍ ظلموا أنفسهم معناه زرعوا في غير أوان الزراعة.
قال أبو محمد: وينبغي أن يقال في هذا: لموا أنفسهم بأن وضعوا أفعال الفلاحة غير موضعها من وقت أو هيئة عمل، ويخص هؤلاء بالذكر لأن الحرق فيما جرى هذا المجرى أو عب وأشد تمكنا، وهذا المنزع يشبهه من جهة ما قول امرئ القيس: [المتقارب]
وسالفة كسحوق اللّيا = ن أضرم فيها الغويّ السعر
فخصص الغويّ لأنه يلقي النار في النخلة الخضراء الحسنة التي لا ينبغي أن تحرق، فتطفئ النار عن نفسها رطوبتها بعد أن تتشذب وتسود، فيجيء الشبه حسنا، والرشيد لا يضرم النار إلا فيما يبس واستحق فهو يذهب ولا يبقى منه ما يشبه به، والضمير في لمهم
للكفار الذين تقدم ضميرهم في نفقون وليس هو للقوم ذوي الحرث لأنهم لم يذكروا ليرد عليهم، ولا ليبين ظلمهم وأيضا فقوله: لكن أنفسهم يظلمون، يدل على فعل الحال في حاضرين). [المحرر الوجيز: 2/328-330]

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 12 جمادى الآخرة 1435هـ/12-04-2014م, 10:35 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 12 جمادى الآخرة 1435هـ/12-04-2014م, 10:35 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (116) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى مخبرًا عن الكفرة المشركين بأنّه {لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من اللّه شيئًا} أي لا يردّ عنهم بأس اللّه ولا عذابه إذا أراده بهم {وأولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون} ). [تفسير القرآن العظيم: 2/105]

تفسير قوله تعالى: {مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (117) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ ضرب مثلًا لما ينفقه الكفّار في هذه الدّار، قاله مجاهدٌ والحسن، والسّدّي، فقال تعالى: {مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدّنيا كمثل ريحٍ فيها صرٌّ} أي: برد شديدٌ، قاله ابن عبّاسٍ، وعكرمة، وسعيد بن جبير وقتادة والحسن، والضّحّاك، والرّبيع بن أنسٍ، وغيرهم. وقال عطاءٌ: برد وجليد. وعن ابن عبّاسٍ أيضًا ومجاهدٍ {فيها صرٌّ} أي: نارٌ. وهو يرجع إلى الأوّل، فإنّ البرد الشّديد -سيّما الجليد -يحرق الزّروع والثّمار، كما يحرق الشّيء بالنّار {أصابت حرث قومٍ ظلموا أنفسهم فأهلكته} أي: أحرقته، يعني بذلك السّفعة إذا نزلت على حرث قد آن جداده أو حصاده فدمّرته وأعدمت ما فيه من ثمرٍ أو زرعٍ، فذهبت به وأفسدته، فعدمه صاحبه أحوج ما كان إليه. فكذلك الكفّار يمحق اللّه ثواب أعمالهم في هذه الدّنيا وثمرتها كما أذهب ثمرة هذا الحرث بذنوب صاحبه. وكذلك هؤلاء بنوها على غير أصل وعلى غير أساسٍ {وما ظلمهم اللّه ولكن أنفسهم يظلمون} ). [تفسير القرآن العظيم: 2/105-106]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:15 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة