قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119) مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (120) وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (121) }
قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): ((فريق منهم ثم تاب عليهم) [117] حسن.
ومثله (ثم تاب عليهم ليتوبوا) [118].
(ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه) [120]، (إلا كتب لهم به عمل صالح) وقف غير تام لأن قوله: (ولا ينفقون) نسق على (لا يصيبهم ظمأ)، (ولا ينفقون نفقة) [121]
وكذلك الوقف على قوله: (إن الله لا يضيع أجر المحسنين) غير تام لهذه العلة. وقال السجستاني: الوقف على قوله: (إلا كتب لهم). وهذا غلط لأن قوله: (ليجزيهم الله) متعلق بـ(كتب) كأنه قال: «إلا كتب لهم به عمل صالح لكن ليجزيهم» وقال السجستاني: اللام في (ليجزيهم) لام اليمين، كأنه قال: «ليجزينهم الله» فحذفوا النون وكسروا اللام وكانت مفتوحة فأشبهت في اللفظ لام «كي» فنصبوا بها كما نصبوا بلام (كي). وهذا غلط لأن لام القسم لا تُكسر ولا ينصب بها، ولو جاز أن يكون معنى (ليجزيهم) «ليجزينهم» لقلنا: «والله ليقم زيد» بتأويل «والله ليقومن» وهذا معدوم في كلام العرب، واحتج بأن العرب تقول في التعجب: «أظرف بزيد» فيجزمونه لشبهه لفظ الأمر.
وليس هذا بمنزلة ذاك لأن التعجب عدل إلى لفظ الأمر، ولام اليمين لم توجد مكسورة قط في حال ظهور اليمين ولا في حال إضمارها).[إيضاح الوقف والابتداء: 2/700-701]
قال أبو عمرو عثمانُ بنُ سَعيدٍ الدَّانِيُّ (ت:444هـ): ((التواب الرحيم) تام. ومثله {مع الصادقين}. {عن نفسه} كاف. ومثله {عملٌ صالح}. {إلا كتب لهم} كاف، وليس بتام، لأن اللام في {ليجزيهم الله} لام (كي) فهي متعلقة بقوله: (إلا كتب لهم).
وقال أبو حاتم: هي لام القسم، والأصل: ليجزينهم الله، فحذفت النون وكسرت اللام في نظائر لذلك كثيرة، وقدرها كذلك، وجعل الوقف قبلها تمامًا، وأجمع أهل العلم باللسان على أن ما قاله وقدره خطأ لا يصح في لغة ولا قياس.
حدثنا أحمد بن عمر الجيزي قال: حدثنا أحمد بن محمد النحاس النحوي قال: سمعت أبا الحسن بن كيسان يعيب أبا حاتم في هذا القول ويذهب إلى أنها لام (كي).
{ما كانوا يعملون} تام).[المكتفى: 299-300]
قال أبو عبدِ الله محمدُ بنُ طَيْفُورَ الغزنويُّ السَّجَاوَنْدِيُّ (ت:560هـ): ({عن نفسه- 120- ط}. {عمل صالح- 120- ط}. {المحسنين- 120- لا} لعطف {لا ينفقون} على {ولا ينالون}).[علل الوقوف: 2/561]
قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ): (الرحيم (تام) ومثله الصادقين
عن نفسه (حسن) وقال أحمد بن موسى تام
عمل صالح (كاف)
المحسنين (كاف) وقال أبو حاتم لا أحب الوقف على المحسنين لأنَّ قوله ولا ينفقون نفقة معطوف على ولا ينالون وقيل تام على استئناف ما بعده وليس بوقف إن عطف ما بعده على قوله لا يصيبهم ومن حيث كونه رأس آية يجوز
إلاَّ كتب لهم ليس بوقف لأنَّ لام ليجزيهم الله لام كي وهي لا يبتدأ بها لأنَّها متعلقة بما قبلها وقال أبو حاتم السجستاني تام لأنَّ اللام لام قسم حذفت منه النون تخفيفًا والأصل ليجزينهم فحذفوا النون وكسروا اللام بعد أن كانت مفتوحة فأشبهت في اللفظ لام كي فنصبوا بها كما نصبوا بلام كي قال أبو بكر بن الأنباري وهذا غلط لأنَّ لام القسم لا تكسر ولا ينصب بها ولو جاز أن يكون معنى ليجزيهم ليجزينهم لقلنا والله ليقم عبد الله بتأويل والله ليقومن وهذا معلوم في كلام العرب واحتج بأنَّ العرب تقول في التجب أكرم بعبد الله فيجزمونه لشبهه لفظ الأمر وقال أبو بكر بن الأنباري وليس هذا بمنزلة ذاك لأنَّ التعجب عدل إلى لفظ الأمر ولام القسم لم توجد مكسورة قط في حال ظهور اليمين ولا في إضماره قال بعضهم ولا نعلم أحدًا من أهل العربية وافق أبا حاتم في هذا القول وأجمع أهل العلم باللسان على أنَّ ما قالوه وقدره في ذلك خطأ لا يصح في لغة ولا قياس وليست هذه لام قسم قال أبو جعفر ورأيت الحسن بن كيسان ينكر مثل هذا على أبي حاتم أي يخطئه فيه ويعيب عليه هذا القول ويذهب إلى أنَّها لام كي متعلقة بقوله كتب اهـ نكزاوي مع زيادة للإيضاح ويقال مثل ذلك في نظائره
ما كانوا يعملون (تام)).[منار الهدى: 171]
- أقوال المفسرين