العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة مريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 11:51 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {فخلف من بعدهم خلفٌ} [مريم: 59] حدّثنا يحيى قال: نا سعيدٌ، عن قتادة قال: اليهود.
{أضاعوا الصّلاة واتّبعوا الشّهوات} [مريم: 59] قال يحيى: وقال في سورة النّساء: {ويريد الّذين يتّبعون الشّهوات أن تميلوا ميلا عظيمًا} [النساء: 27] اليهود في نكاح بنات الأخ.
- قوله: {فسوف يلقون غيًّا} [مريم: 59] حدّثني شريكٌ، عن أبي إسحاق الهمذانيّ، عن أبي عبيدة بن عبد اللّه بن مسعودٍ، عن أبيه قال: وادي في جهنّم من حميمٍ.
وحدّثني نصر بن طريفٍ، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن ابن مسعودٍ قال: وادي في جهنّم بعيد القعر خبيث الطّعم.
نا يونس بن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن ابن مسعودٍ قال: نهرٌ في
[تفسير القرآن العظيم: 1/230]
جهنّم من صديد أهل النّار). [تفسير القرآن العظيم: 1/231]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فخلف من بعدهم...}

خلف: الخلف يذهب به إلى الذّم. والخلف الصالح. وقد يكون في الردئ خلف وفي الصالح خلف؛ لأنهم قد يذهبون بالخلف إلى القرن بعد القرن). [معاني القرآن: 2/170]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصّلاة واتّبعوا الشّهوات فسوف يلقون غيّا}
يقال في الرداءة خلف - بإسكان اللام - تقول خلف سوء وفي الصلاح خلف صدق - بفتح اللام - وقد يقال في الرداءة أيضا خلف - بفتح اللام - وفي الصلاح بإسكان اللام، والأجود القول الأول.
{أضاعوا الصّلاة واتّبعوا الشّهوات}.جاء في التفسير أنّهم صلّوها في غير وقتها، وقيل أضاعوها وتركوها ألبتّة وهذا هو الأشبه، لأنه يدل على أنه يعنى به الكفار.
ودليل ذلك قوله: {إلّا من تاب وآمن}.
وقوله: {فسوف يلقون غيّا} أي فسوف يلقون مجازاة الغي كما قال عزّ وجلّ: {ومن يفعل ذلك يلق أثاما} أي مجازاة الأثام.
وجاء في التفسير أن، {غيّا} واد في جهنم، وقيل نهر في جهنم.
وهذا جائز أن يكون نهرا أعد للغاوين فسمي {غيّا} ). [معاني القرآن: 3/335-336]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فخلف من بعدهم خلف} قال أبو عبيدة: حدثنا حجاج عن ابن جريج عن مجاهد، قال: ذلك عند قيام الساعة وذهاب صالحي هذه الأمة أمة محمد ينزو بعضهم على بعض في الأزقة زنا .[معاني القرآن: 4/339]
قال أبو جعفر الخلف بتسكين اللام لا يستعمل إلا للرديء كما قال لبيد:
ذهب الذين يعاش في أكنافهم = وبقيت في خلف كجلد الأجرب
فإذا قلت خلف بتحريك اللام فهو للجيد كم يقال جعل الله فيك خلفا من أبيك). [معاني القرآن: 4/340]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات} قال القاسم بن مخيمرة أضاعوها أخروها عن وقتها ولو تركوها لكفروا وقيل أضاعوها تركوها البتة .
وهذا أشبه لقوله بعد: {إلا من تاب وآمن} وهذا يدل على أنهم كفروا). [معاني القرآن: 4/341-340]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {فسوف يلقون غيا}
روى سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله بن مسعود قال: هو واد في جهنم
قال أبو جعفر والتقدير عند أهل اللغة فسوف يلقون جزاء الغي كما قال جل ذكره: {ومن يفعل ذلك يلق أثاما} ويجوز أن يكون الوادي يسمى غيا لأن الغاوين يصيرون إليه).
[معاني القرآن: 4/341]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (60)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {إلا من تاب وآمن وعمل صالحًا فأولئك يدخلون الجنّة ولا يظلمون شيئًا} [مريم: 60] يقول: لا ينقصون شيئًا من حسناتهم.
وقال السّدّيّ: من أعمالهم شيئًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/231]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
(ويكون الظلم: النّقصان، قال الله تعالى: {وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} أي ما نقصونا.
[تأويل مشكل القرآن: 467]
وقال: {آَتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا} أي لم تنقص منه شيئا. ومنه يقال: ظلمتك حقّك، أي: نقصتك. ومنه قوله تعالى: {وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا}
و{لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا}). [تأويل مشكل القرآن: 468] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله عزّ وجلّ: {إلّا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنّة ولا يظلمون شيئا}
" من " في موضع نصب أي فسوف يلقون العذاب إلا التائبين.
وجائز أن يكون نصبا استثناء من غير الأول، ويكون المعنى لكن من تاب وآمن.
{فأولئك يدخلون الجنّة} ويقرأ - يدخلون الجنة). [معاني القرآن: 3/336]

تفسير قوله تعالى: {جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (61)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {جنّات عدنٍ} [مريم: 61]
- أخبرني صاحبٌ لي، عن الأعمش، عن سعيد بن جبيرٍ أو أبي ظبيان، عن ابن عبّاسٍ قال: عدنٌ بطنان الجنّة.
وأخبرني صاحبٌ لي، عن يحيى بن سعيدٍ، عن سعيد بن المسيّب قال: جنّة عدنٍ الّتي بها موطأ الرّبّ وموضع عرشه.
قال يحيى: بلغني أنّ الجنان تنسب إليها.
وقال الحسن: عدنٌ اسمٌ من أسماء الجنّة.
قوله: {الّتي وعد الرّحمن عباده بالغيب} [مريم: 61] وعدهم في الدّنيا الجنّة في الآخرة.
والغيب الآخرة في قول الحسن.
وقال سعيدٌ عن قتادة في قوله: {يؤمنون بالغيب} [البقرة: 3]، قال: بالبعث، وبالحساب وبالجنّة والنّار، وهذا كلّه غيبٌ.
قال: {إنّه كان وعده مأتيًّا} [مريم: 61] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/231]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {جنّات عدنٍ...}
نصب. ولو رفعت على الاستئناف كان صواباً.
وقوله: {إنّه كان وعده مأتيّاً} ولم يقل: آتيا. وكلّ ما أتاك فأنت تأتيه؛ ألا ترى أنك تقول أتيت على خمسين سنة وأتت عليّ خمسون سنة. وكلّ ذلك صواب). [معاني القرآن: 2/170]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إنّه كان وعده مأتيًّا} أي آتيا. مفعول في معنى فاعل). [تفسير غريب القرآن: 274]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (ومنه أن يأتي الفاعل على لفظ المفعول به، وهو قليل:
كقوله: {إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا}، أي آتيا). [تأويل مشكل القرآن: 298]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {جنّات عدن الّتي وعد الرّحمن عباده بالغيب إنّه كان وعده مأتيّا}
يجوز الرفع والنصب، الرفع على معنى هي جنات عدن، والنصب على معنى يدخلون في جنات عدن.
وعدن في معنى إقامة، يقال: عدن بالمكان إذا أقام به.
وقوله عزّ وجلّ: {إنّه كان وعده مأتيّا}.
ماتي: مفعول من الإتيان، لأن كل ما وصل إليك فقد وصلت إليه وكل ما أتاك فقد أتيته، يقال: وصلت إلى خير فلان ووصل إليّ خير فلان وأتيت خير فلان وأتاني خير فلان فهذا على معنى أتيت خير فلان). [معاني القرآن: 3/336]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب}
جنات إقامة يقال عدن بالمكان إذا قام به ومنه قيل معدن لمقام أهله به شتاء وصيفا لا ينتجعون منه). [معاني القرآن: 4/342]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إنه كان وعده مأتيا}
مأتي مفعول من الإتيان وكل ما وصل إليك فقد وصلت إليه كما تقول وصل إلي من فلان خير ووصلت منه إلى خير
فالضعيف في العربية يقول مفعول بمعنى فاعل). [معاني القرآن: 4/342]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (62)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {لا يسمعون فيها لغوًا} [مريم: 62] قال بعضهم: كذبًا.
وقال بعضهم: باطلا.
وقال بعضهم: معصيةً.
وهو نحوٌ واحدٌ.
وقال السّدّيّ: حلفًا كفعل أهل الدّنيا إذا شربوا الخمر.
[تفسير القرآن العظيم: 1/231]
قال: {إلا سلامًا} [مريم: 62] قال بعضهم: إلا خيرًا.
وهو تفسير السّدّيّ.
وقال بعضهم: يسلّم بعضهم على بعضٍ.
قوله: {ولهم رزقهم فيها بكرةً وعشيًّا} [مريم: 62] نا سعيدٌ، عن قتادة قال: ولهم رزقهم فيها كلّ ساعةٍ، والبكرة والعشيّ ساعتان من السّاعات وليس ثمّ ليلٌ إنّما هو ضوءٌ ونورٌ.
نا سفيان الثّوريّ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قال: ليس فيها بكرةٌ ولكن يؤتون به على ما كانوا يشتهون في الدّنيا.
قال يحيى: بلغني أنّه إذا مضى ثلاث ساعاتٍ أوتوا بغدائهم، فإذا بقيت ثلاث ساعاتٍ أوتوا بعشائهم.
ومقدار النّهار عندهم اثنتا عشرة ساعةً في عدد نهار الدّنيا.
- أخبرني صاحبٌ لي، عن يحيى بن سعيدٍ، عن سعيد بن المسيّب قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «الجنّة بيضاء تتلألأ وأهلها بيضٌ، لا ينام أهلها، وليس فيها شمسٌ، ولا ليلٌ مظلمٌ، ولا حرٌّ ولا بردٌ يؤذيهم».
- نا خالدٌ، عن نفيعٍ، عن عبد اللّه بن أبي أوفى أنّ رجلًا قال: يا رسول اللّه أفي الجنّة ليلٌ؟ فقال: «إنّه ليس في الجنّة ظلمةٌ، إنّ اللّيل ظلمةٌ وليس في الجنّة ظلمةٌ.
إنّ شجرها نورٌ، وأنهارها نورٌ، وثمرها نورٌ، وخدمها نورٌ».
- نا خالدٌ، عن الحسن قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "
[تفسير القرآن العظيم: 1/232]
إنّ أسفل أهل الجنّة درجةً آخر رجلٍ يدخلها قد مسّه سفعٌ من النّار فيعطى فيقال له: انظر ما أعطاك اللّه.
قال: فيبلغ حيث ينتهي بصره، ويفسح لهم في أبصارهم فيبلغ منتهى بصره مسيرة مائة سنةٍ كلّه له ليس فيه موضع شبرٍ إلا وهو عامرٌ، قصور الذّهب والفضّة وخيام اللّؤلؤ والياقوت، ليس فيها قصرٌ خربٌ، فيها أزواجه وخدمه، يغدى عليه كلّ يومٍ بسبعين ألف صحفةٍ من ذهبٍ، في كلّ واحدةٍ منها لونٌ ليس في الأخرى، يأكل من آخرها كما يأكل من أوّلها.
ويراح عليه بمثلها، لو نزل به الجنّ والإنس في غداءٍ واحدٍ لأوسعهم ولا ينقص ذلك ممّا عنده شيئًا ".
- أخبرني صاحبٌ لي، عن ليثٍ، عن عبد الرّحمن بن سابطٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «والّذي نفسي بيده إنّ أسفل أهل الجنّة درجةً للّذي يسعى بين يديه سبعون ألف غلامٍ، ما منهم غلامٌ إلا وبيده صحفةٌ من ذهبٍ فيها لونٌ من الطّعام ليس في صاحبتها مثله يجد طعم أوّلها كلّه وآخرها، ويجد لذّة آخرها كطعم أوّلها لا يشبه بعضها بعضًا».
ثمّ قال: " ألا تسألوني عن أرفع أهل الجنّة درجةً؟ قالوا: بلى.
قال: والّذي نفسي بيده إنّ أرفع أهل الجنّة درجةً للّذي يسعى عليه سبع مائة ألف غلامٍ، ما فيهم غلامٌ إلا وبيده صحفةٌ من ذهبٍ فيها لونٌ من الطّعام ليس في صاحبتها مثله، يجد طعام أوّلها كما يجد آخرها، لا يشبه بعضها بعضًا.
وإنّ أدنى أهل الجنّة منزلةً للّذي له مسيرة ألف سنةٍ ينظر إلى أقصاها كما ينظر إلى أدناها، وقصوره درّةٌ بيضاء، وياقوتةٌ حمراء، مطّردةٌ فيها أنهارها فيها ثمارها متدلّيةٌ "). [تفسير القرآن العظيم: 1/233]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ولهم رزقهم فيها بكرةً وعشيّاً...}

ليس هنالك بكرة ولا عشي، ولكنهم يؤتون بالرزق على مقادير من الغدوّ والعشيّ في الدنيا). [معاني القرآن: 2/170]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لا يسمعون فيها لغواً} أي هذراً وباطلاً {إلاّ سلاماً} فالسلام ليس من اللغو والعرب تستثني الشيء بعد الشيء وليس منه وذلك أنها تضمر فيه، فكان مجازه: لا يسمعون فيها لغواً إلا أنهم يسمعون سلاماً، قال:
يا بن رقيع هل لها من مغبق=ما شربت بعد طويّ الكربق
من قطرةٍ غير النجاء الأدفق
فاستثنى النجاء من قطرة الماء وليس منها، قال أبو جندب الهذلي:
نجا سالمٌ والنفس منه بشدقه= ولم بنج إلاّ جفن سيف ومئزرا
ولسيا منه). [مجاز القرآن: 2/9-8]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {لاّ يسمعون فيها لغواً إلاّ سلاماً ولهم رزقهم فيها بكرةً وعشيّاً}
وقال: {إلاّ سلاماً} فهذا كالاستثناء الذي ليس من أول الكلام. وهذا على البدل إن شئت كأنه "لا يسمعون فيها إلاّ سلاما" وفي قراءة عبد الله {فشربوا منه إلاّ قليلاً}
و{إلاّ قليلٌ مّمّن أنجينا منهم} رفع على أن قوله: {إلاّ قليلٌ} صفة). [معاني القرآن: 3/2]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {لا يسمعون فيها لغوا}: باطلا). [غريب القرآن وتفسيره: 240]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {لا يسمعون فيها لغواً} أي باطلا من الكلام).
[تفسير غريب القرآن: 274]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وأما قوله: {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا}، فإن الناس يختلفون في مطاعمهم: فمنهم من يأكل الوجبة، ومنهم من عادته الغداء والعشاء، ومنهم من يزيد عليهما، ومنهم من يأكل متى وجد لغير وقت ولا عدد. فأعدل هذه الأحوال للطّاعم وأنفعها، وأبعدها من البشم والطّوى على العموم- الغداء والعشاء.
والعرب تكره الوجبة، وتستحبّ العشاء، وتقول: ترك العشاء مهرمة، وترك العشاء يذهب بلحم الكاذة.
وقد بيّنت معناهم في هذا القول في كتاب (غريب الحديث).
ونحن لا نعرف دهرا لا يختلف له وقت، ولا يرى فيه ظلام ولا شمس، فأراد الله جل وعز أن يعرّفنا من حيث نفهم ونعلم، أحوال أهل الجنة في مأكلهم، واعتدال أوقات مطاعمهم، فضرب لنا البكرة والعشيّ مثلا، إذ كانا يدلّان على العشاء والغداء.
وروى عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، أنه قال: كانت العرب إذا أصاب أحدهم الغداء والعشاء أعجبه ذلك. فأخبرهم الله تبارك وتعالى أن لهم في الجنة هذه الحال التي تعجبهم في الدنيا). [تأويل مشكل القرآن: 82]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله عزّ وجلّ: {لا يسمعون فيها لغوا إلّا سلاما ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيّا}
اللغو ما يلغى من الكلام ويؤثم فيه، و {سلاما} اسم جامع للخير متضمّن للسلامة، فالمعنى أن أهل الجنة لا يسمعون إلا ما يسلّمهم.
وقوله عزّ وجلّ: {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيّا}.
قيل: ليس ثمّ بكرة ولا عشيّ، ولكنهم خوطبوا بما يعقلون في الدنيا.
فالمعنى لهم رزقهم في مقدار ما بين الغداة والعشيّ.
وقد جاء في التفسير أيضا أن معناه: ولهم رزقهم فيها كل ساعة.
وإذا قيل في مقدار الغداة والعشيّ فالذي يقسم في ذلك الوقت يكون مقدار ما يريدون في كل ساعة إلى أن يأتي الوقت الذي يتلوه). [معاني القرآن: 3/337]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما}
اللغو الباطل وما يؤثم فيه وما لا معنى له
والسلام كل ما يسلم منه وهو اسم جامع للخير أي لا يسمعون إلا كل ما يحبون). [معاني القرآن: 4/342]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {لهم رزقهم فيها بكرة وعشيا}
روى الضحاك عن ابن عباس قال: في مقادير الليل والنهار
قال أبو جعفر: ومعنى هذا أن الجنة ليست فيها غداة ولا عشية ولكن المعنى في مقادير هذه الأوقات
وقال قتادة: كانت العرب إذا وجد الرجل منهم ما يأكل بالغداة والعشي عجب به فأعلمهم الله أن ذلك في الجنة). [معاني القرآن: 4/343]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لَغْواً}: باطلاً من القول). [العمدة في غريب القرآن: 196]

تفسير قوله تعالى: {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا (63)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {تلك الجنّة الّتي نورث من عبادنا من كان تقيًّا} [مريم: 63] حدّثني الخليل بن مرّة أنّ اللّه تبارك وتعالى قال: «ادخلوا الجنّة برحمتي واقتسموها بأعمالكم»). [تفسير القرآن العظيم: 1/233]

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 12:05 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) }
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (جمع الأهلة: أهلات؛ مثل: «حَسْرة وحَسَرات» و«شَهْوة وشَهَوات»). [المذكور والمؤنث: 98] (م)
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (والخلف الاستقاء عن أبي عمرو وأنشد للحطيئة

(لزغب كأولاد القطا راث خلفها = على عاجزات النهض حمر حواصله)
والمخلف المستقى والخلف الردى من القول ويقال في مثل سكت
ألفا ونطق خلفا للرجل يطيل الصمت فإذا تكلم تكلم بالخطإ ويقال هذا خلف سوء وهؤلاء خلف سوء قال الله جل وعز: {فخلف من بعدهم خلف} قال لبيد:
(ذهب الذين يعاش في أكنافهم = وبقيت في خلف كجلد الأجراب)
ويقال هذه فأس ذات خلفين إذا كان لها رأسان قال وحدثني ابن الأعرابي قال كان أعرابي مع قوم فحبق حبقة فتشور فأشار بإبهامه نحو استه فقال إنها خلف نطقت خلفا والمستخلف الذي يحمل الماء من بعد إلى أهله والخلف بالكسر واحد الأخلاف وهي أطراف جلد الضرع). [إصلاح المنطق: 12-13]
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (والخلف الاستقاء وأنشد أبو عمرو للحطيئة

(لزغب كأولاد القطا راث خلفها = على عاجزات النهض حمر حواصله)
والخلف الرديء من القول يقال سكت ألفا ونطق خلفا أي سكت عن ألف كلمة ثم تكلم بالخطأ قال أبو يوسف وحدثني ابن الأعرابي قال كان أعرابي مع قوم فحبق حبقة فتشور فأشار بإبهامه نحو استه وقال إنها خلف نطقت خلفا ويقال هؤلاء خلف سوء لناس لاحقين بناس أكثر منهم قال لبيد:
(ذهب الذين يعاش في أكنافهم = وبقيت في خلف كجلد الأجرب)
قال الله جل ثناؤه: {فخلف من بعدهم خلف} ويقال: هذه فأس ذات خلفين إذا كان لها رأسان ويقال هذا خلف صدق وهذا خلف سوء
وهذا خلف من هذا). [إصلاح المنطق:66- 67]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (60) }

تفسير قوله تعالى: {جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (61) }

تفسير قوله تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (62) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وزعم الخليل أنه يجوز أن تقول آتيك اليوم غدوةً وبكرةً تجعلهما بمنزلة ضحوةٍ.
وزعم أبو الخطاب أنه سمع من يوثق به من العرب يقول آتيك بكرةً وهو يريد الإتيان في يومه أو في غده ومثل ذلك قول الله عز وجل: {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا} هذا قول الخليل). [الكتاب: 3/294]

تفسير قوله تعالى: {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا (63) }

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 16 ذو القعدة 1439هـ/28-07-2018م, 06:29 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 16 ذو القعدة 1439هـ/28-07-2018م, 06:30 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 16 ذو القعدة 1439هـ/28-07-2018م, 07:31 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتيا لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا}
"الخلف" - بفتح اللام -: القرن يأتي بعد آخر يمضي، والابن بعد الأب، وقد يستعمل في سائر الأمور، "والخلف" - بسكون اللام - إذا كان الآتي مذموما، هذا مشهور كلام العرب، وقد ذكر عن بعضهم أن الخلف والخلف بمعنى واحد، وحجة ذلك قول الشاعر:
لنا القدم الأولى إليك وخلفنا لأولنا في طاعة الله تابع
[المحرر الوجيز: 6/45]
وقرأ الجمهور: أضاعوا الصلاة بالإفراد، وقرأ الحسن: "أضاعوا الصلوات" بالجمع، وهو كذلك في مصحف عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، والمراد بـ "الخلف" من كفر أو عصى بعد من بني إسرائيل، وقال مجاهد: المراد النصارى، خلفوا بعد اليهود، وقال محمد بن كعب القرظي، ومجاهد، وعطاء: هم قوم من أمة محمد صلى الله عليه وسلم في آخر الزمن.
أي: يكون في هذه الأمة من هذه صفته، لا أنهم المراد بهذه الآية، وروى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يكون الخلف بعد ستين سنة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا عرف إلى يوم القيامة.
واختلف الناس في "إضاعة الصلاة" منهم، فقال محمد بن كعب القرظي وغيره: كان إضاعة كفر وجحد بها، وقال القاسم بن مخيمرة، وعبد الله بن مسعود: كانت إضاعة أوقاتها، وعدم المحافظة على أوانها، وذكره الطبري عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه في حديث طويل. و"الشهوات" عموم، وكل ما ذكر من ذلك فمثال.
[المحرر الوجيز: 6/46]
و "الغي": الخسران والحصول في الورطات، ومنه قول الشاعر:
فمن يلق خيرا يحمد الناس أمره ... ومن يغو لا يعدم على الغي لائما
وبه فسر ابن زيد هذه رحمه الله هذه الآية. وقد يكون الغي أيضا الضلال، فيكون هذا هنا حذف مضاف تقديره: "يلقون جزاء الغي"، وبهذا فسر الزجاج. وقال عبد الله بن عمر، وعبد الله بن مسعود: الغي واد في جهنم، وبه وقع التوعد في هذه الآية. وقيل: الغي والآثام نهران في جهنم، رواه أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم). [المحرر الوجيز: 6/47]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (60)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله: {إلا من تاب} استثناء يحتمل الاتصال والانفصال، وقوله: {وآمن} يقتضي أن الإضافة أولا هي إضاعة كفر، هذا مع اتصال الاستثناء، وعليه فسر الطبري. وقرأ الجمهور: "يدخلون" بضم الياء وفتح الخاء، وقرأ الحسن كل ما في القرآن "يدخلون" بفتح الياء وضم الخاء). [المحرر الوجيز: 6/47]

تفسير قوله تعالى: {جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (61)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {جنات عدن}، وقرأ جمهور الناس: "جنات عدن" بنصب الجنات على البدل من قوله: {يدخلون الجنة}، وقرأ الحسن، وعيسى بن عمر، وأبو حيوة برفعها على تقدير: ذلك، وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "جنة" على الإفراد والنصب، وكذلك في مصحف عبد الله بن مسعود، وقرأها الأعمش. و"العدن": الإقامة المستمرة، قوله: {بالغيب} أي: أخبرهم من ذلك بما غاب عنهم، وفي هذا مدح لهم على سرعة إيمانهم وقرارهم إذ لم يعاينوا، و"المأتي" مفعول على بابه، والآتي هو
[المحرر الوجيز: 6/47]
الإنجاز والفعل الذي تضمنه الوعد، وكان إتيانه إنما يقصد به الوعد الذي تقدمه، وقالت جماعة من المفسرين: هو مفعول في اللفظ بمعنى: آت.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا بعيد، والنظر الأول أصوب). [المحرر الوجيز: 6/48]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (62)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و "اللغو"، السقط من القول، وهو أنواع مختلفة كلها ليست في الجنة، وقوله: {إلا سلاما}، استثناء منقطع، المعنى: لكن يسمعون سلاما، هو تحية الملائكة لهم في كل الأوقات، وقوله: {بكرة وعشيا}، يريد في التقدير، أي: يأتيهم طعامهم مرتين في مقدار اليوم والليلة من الزمان، ويروى أن أهل الجنة تنسد لهم الأبواب بقدر الليل في الدنيا، فهم يعرفون البكرة عند انفتاحها والعشي عند انسدادها، وقال مجاهد رحمه الله: ليس بكرة ولا عشيا، ولكن يؤتون به على ما كانوا يشتهون في الدنيا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وقد ذكر نحوه قتادة، أن تكون مخاطبة بما تعرفه العرب وتستغربه في رفاهة العيش، وجعل ذلك عبارة عن أن رزقهم يأتي على أكمل وجوهه. وقال الحسن: خوطبوا على ما كانت العرب تعلم من أفضل العيش، وذلك أن كثيرا من العرب إنما كان يجد الطعام المرة في اليوم، وهي غايته، وكان عيش أكثرهم من شجر البرية، ومن الحيوان، ونحوه، ألا ترى قول الشاعر:
أو وجبة من جناة أشكلة ... إن لم يرغها بالقوس لم تنل
الوجبة: الأكلة في اليوم). [المحرر الوجيز: 6/48]

تفسير قوله تعالى: {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا (63)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ الجمهور: "نورث" بسكون الواو، وقرأ الحسن، والأعرج، وقتادة: "نورث" بفتح الواو وشد الراء). [المحرر الوجيز: 6/49]

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 4 محرم 1440هـ/14-09-2018م, 06:19 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 4 محرم 1440هـ/14-09-2018م, 06:22 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فخلف من بعدهم خلفٌ أضاعوا الصّلاة واتّبعوا الشّهوات فسوف يلقون غيًّا (59) إلا من تاب وآمن وعمل صالحًا فأولئك يدخلون الجنّة ولا يظلمون شيئًا (60)}.
لـمّا ذكر تعالى حزب السّعداء، وهم الأنبياء، عليهم السّلام، ومن اتّبعهم، من القائمين بحدود اللّه وأوامره، المؤدّين فرائض اللّه، التّاركين لزواجره -ذكر أنّه {خلف من بعدهم خلفٌ} أي: قرونٌ أخر، {أضاعوا الصّلاة} -وإذا أضاعوها فهم لما سواها من الواجبات أضيع؛ لأنّها عماد الدّين وقوامه، وخير أعمال العباد-وأقبلوا على شهوات الدّنيا وملاذّها، ورضوا بالحياة الدّنيا واطمأنّوا بها، فهؤلاء سيلقون غيًّا، أي: خسارًا يوم القيامة.
وقد اختلفوا في المراد بإضاعة الصّلاة هاهنا، فقال قائلون: المراد بإضاعتها تركها بالكلّيّة، قاله محمّد بن كعبٍ القرظي، وابن زيد بن أسلم، والسّدّيّ، واختاره ابن جريرٍ. ولهذا ذهب من ذهب من السّلف والخلف والأئمّة كما هو المشهور عن الإمام أحمد، وقولٌ عن الشّافعيّ إلى تكفير تارك الصّلاة، للحديث: " بين العبد وبين الشّرك ترك الصّلاة"، والحديث الآخر: "العهد الّذي بيننا وبينهم الصّلاة، فمن تركها فقد كفر". وليس هذا محلّ بسط هذه المسألة.
وقال الأوزاعيّ، عن موسى بن سليمان، عن القاسم بن مخيمرة في قوله: {فخلف من بعدهم خلفٌ أضاعوا الصّلاة}، قال: إنّما أضاعوا المواقيت، ولو كان تركًا كان كفرًا.
وقال وكيعٌ، عن المسعوديّ، عن القاسم بن عبد الرّحمن، والحسن بن سعدٍ، عن ابن مسعودٍ أنّه قيل له: إنّ اللّه يكثر ذكر الصّلاة في القرآن: {الّذين هم عن صلاتهم ساهون} و {على صلاتهم دائمون} و {على صلاتهم يحافظون}؟ قال ابن مسعودٍ: على مواقيتها. قالوا: ما كنّا نرى ذلك إلّا على التّرك؟ قال: ذاك الكفر.
[و] قال مسروقٌ: لا يحافظ أحدٌ على الصّلوات الخمس، فيكتب من الغافلين، وفي إفراطهنّ الهلكة، وإفراطهنّ: إضاعتهنّ عن وقتهنّ.
وقال الأوزاعيّ، عن إبراهيم بن يزيد: أنّ عمر بن عبد العزيز قرأ: {فخلف من بعدهم خلفٌ أضاعوا الصّلاة واتّبعوا الشّهوات فسوف يلقون غيًّا}، ثمّ قال: لم تكن إضاعتهم تركها، ولكن أضاعوا الوقت.
وقال ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ: {فخلف من بعدهم خلفٌ أضاعوا الصّلاة واتّبعوا الشّهوات} قال: عند قيام السّاعة، وذهاب صالحي أمّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، ينزو بعضهم على بعضٍ في الأزقّة، وكذا روى ابن جريج، عن مجاهدٍ، مثله.
وروى جابرٌ الجعفي، عن مجاهدٍ، وعكرمة، وعطاء بن أبي رباحٍ: أنّهم من هذه الأمّة، يعنون في آخر الزّمان.
وقال ابن جريرٍ: حدّثني الحارث، حدّثنا الحسن الأشيب، حدّثنا شريكٌ، عن إبراهيم بن مهاجرٍ، عن مجاهدٍ: {فخلف من بعدهم خلفٌ أضاعوا الصّلاة واتّبعوا الشّهوات}، قال: هم في هذه الأمّة، يتراكبون تراكب الأنعام والحمر في الطّرق، لا يخافون اللّه في السّماء، ولا يستحيون النّاس في الأرض.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أحمد بن سنانٍ الواسطيّ، حدّثنا أبو عبد الرّحمن المقرئ، حدّثنا حيوة، حدّثنا بشير بن أبي عمرٍو الخولانيّ: أنّ الوليد بن قيسٍ حدّثه، أنّه سمع أبا سعيدٍ الخدريّ يقول: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "يكون خلفٌ بعد ستّين سنةً، أضاعوا الصّلاة واتّبعوا الشّهوات، فسوف يلقون غيًّا. ثمّ يكون خلفٌ يقرءون القرآن لا يعدو تراقيهم. ويقرأ القرآن ثلاثةٌ: مؤمنٌ، ومنافقٌ، وفاجرٌ". قال بشيرٌ: قلت للوليد: ما هؤلاء الثّلاثة؟ قال: المؤمن مؤمنٌ به، والمنافق كافرٌ به، والفاجر يأكل به.
وهكذا رواه أحمد عن أبي عبد الرّحمن، المقرئ، به
وقال ابن أبي حاتمٍ أيضًا: حدّثني أبي، حدّثنا إبراهيم بن موسى، أنبأنا عيسى بن يونس، حدّثنا عبيد اللّه بن عبد الرّحمن بن موهب، عن مالكٍ، عن أبي الرّجال، أنّ عائشة كانت ترسل بالشّيء صدقةً لأهل الصّفّة، وتقول: لا تعطوا منه بربريًّا ولا بربريّةً، فإنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "هم الخلف الّذين قال اللّه تعالى: {فخلف من بعدهم خلفٌ أضاعوا الصّلاة}. هذا حديثٌ غريبٌ.
وقال أيضًا: حدّثني أبي، حدّثنا عبد الرّحمن بن الضّحّاك، حدّثنا الوليد، حدّثنا حريز، عن شيخٍ من أهل المدينة؛ أنّه سمع محمّد بن كعبٍ القرظي يقول في قوله: {فخلف من بعدهم خلفٌ} الآية، قال: هم أهل الغرب، يملكون وهم شرّ من ملك.
وقال كعب الأحبار: واللّه إنّي لأجد صفة المنافقين في كتاب اللّه عزّ وجلّ: شرّابين للقهوات ترّاكين للصّلوات، لعّابين بالكعبات، رقّادين عن العتمات، مفرّطين في الغدوات، ترّاكين للجمعات قال: ثمّ تلا هذه الآية: {فخلف من بعدهم خلفٌ أضاعوا الصّلاة واتّبعوا الشّهوات فسوف يلقون غيًّا}.
وقال الحسن البصريّ: عطّلوا المساجد، ولزموا الضّيعات.
وقال أبو الأشهب العطاردي: أوحى اللّه -تعالى-إلى داود: يا داود، حذّر وأنذر أصحابك أكل الشّهوات؛ فإنّ القلوب المعلقة بشهوات الدّنيا عقولها عنّي محجوبةٌ، وإنّ أهون ما أصنع بالعبد من عبيدي إذا آثر شهوةً من شهواته عليّ أن أحرمه طاعتي.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا زيد بن الحباب حدّثنا أبو [السّمح] التّميميّ، عن أبي قبيلٍ، أنّه سمع عقبة بن عامرٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّي أخاف على أمّتي اثنتين: القرآن [واللّبن، أمّا اللّبن] فيتّبعون الرّيف، ويتّبعون الشّهوات ويتركون الصّلوات، وأمّا القرآن فيتعلّمه المنافقون، فيجادلون به المؤمنين".
ورواه عن حسن بن موسى، عن ابن لهيعة، حدّثنا أبو قبيلٍ، عن عقبة، به مرفوعًا بنحوه تفرّد به.
وقوله: {فسوف يلقون غيًّا} قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {فسوف يلقون غيًّا} أي: خسرانًا. وقال قتادة: شرًّا.
وقال سفيان الثّوريّ، وشعبة، ومحمّد بن إسحاق، عن أبي إسحاق السّبيعي، عن أبي عبيدة، عن عبد اللّه بن مسعودٍ: {فسوف يلقون غيًّا} قال: وادٍ في جهنّم، بعيد القعر، خبيث الطّعم.
وقال الأعمش، عن زيادٍ، عن أبي عياضٍ في قوله: {فسوف يلقون غيًّا} قال: وادٍ في جهنّم من قيحٍ ودمٍ.
وقال الإمام أبو جعفر بن جريرٍ: حدّثني عبّاس بن أبي طالبٍ، حدّثنا محمّد بن زياد بن زيّان، حدّثنا شرقيّ بن قطاميّ، عن لقمان بن عامرٍ الخزاعيّ قال: جئت أبا أمامة صديّ بن عجلان الباهليّ فقلت: حدّثنا حديثًا سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: فدعا بطعامٍ، ثمّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لو أنّ صخرةً زنة عشر أواقٍ قذف بها من شفير جهنّم، ما بلغت قعرها خمسين خريفًا، ثمّ تنتهي إلى غيٍّ وآثامٍ". قال: قلت: وما غيٌّ وآثامٌ؟ قال: "بئران في أسفل جهنّم، يسيل فيهما صديد أهل النّار، وهما اللّتان ذكر اللّه في كتابه: {أضاعوا الصّلاة واتّبعوا الشّهوات فسوف يلقون غيًّا} وقوله في الفرقان: {ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثامًا} هذا حديثٌ غريبٌ ورفعه منكرٌ). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 243-246]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (60)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحًا}، أي: إلّا من رجع عن ترك الصّلوات واتّباع الشّهوات، فإنّ اللّه يقبل توبته، ويحسن عاقبته، ويجعله من ورثة جنّة النّعيم؛ ولهذا قال: {فأولئك يدخلون الجنّة ولا يظلمون شيئًا} وذلك؛ لأنّ التّوبة تجبّ ما قبلها، وفي الحديث الآخر: "التّائب من الذّنب كمن لا ذنب له" ؛ ولهذا لا ينقص هؤلاء التّائبون من أعمالهم الّتي عملوها شيئًا، ولا قوبلوا بما عملوه قبلها فينقص لهم ممّا عملوه بعدها؛ لأنّ ذلك ذهب هدرًا وترك نسيًا، وذهب مجّانا، من كرم الكريم، وحلم الحليم.
وهذا الاستثناء هاهنا كقوله في سورة الفرقان: {والّذين لا يدعون مع اللّه إلهًا آخر ولا يقتلون النّفس الّتي حرّم اللّه إلا بالحقّ ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثامًا يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانًا إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحًا فأولئك يبدّل اللّه سيّئاتهم حسناتٍ وكان اللّه غفورًا رحيمًا} [الفرقان: 68 -70]). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 246]

تفسير قوله تعالى: {جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (61)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({جنّات عدنٍ الّتي وعد الرّحمن عباده بالغيب إنّه كان وعده مأتيًّا (61) لا يسمعون فيها لغوًا إلا سلامًا ولهم رزقهم فيها بكرةً وعشيًّا (62) تلك الجنّة الّتي نورث من عبادنا من كان تقيًّا (63)}.
يقول تعالى: الجنّات الّتي يدخلها التّائبون من ذنوبهم، هي {جنّات عدنٍ} أي: إقامةٍ {الّتي وعد الرّحمن عباده} بظهر الغيب، أي: هي من الغيب الّذي يؤمنون به وما رأوه؛ وذلك لشدّة إيقانهم وقوّة إيمانهم.
وقوله: {إنّه كان وعده مأتيًّا} تأكيدٌ لحصول ذلك وثبوته واستقراره؛ فإنّ اللّه لا يخلف الميعاد ولا يبدّله، كقوله: {كان وعده مفعولا} [المزّمّل: 18] أي: كائنًا لا محالة.
وقوله هاهنا: {مأتيًّا} أي: العباد صائرون إليه، وسيأتونه.
ومنهم من قال: {مأتيًّا} بمعنى: آتيًا؛ لأنّ كلّ ما أتاك فقد أتيته، كما تقول العرب: أتت عليّ خمسون سنةً، وأتيت على خمسين سنةً، كلاهما بمعنى [واحد]). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 246]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (62)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {لا يسمعون فيها لغوًا} أي: هذه الجنّات ليس فيها كلامٌ ساقطٌ تافهٌ لا معنًى له، كما قد يوجد في الدّنيا.
وقوله: {إلا سلامًا} استثناءٌ منقطعٌ، كقوله: {لا يسمعون فيها لغوًا ولا تأثيمًا إلا قيلا سلامًا سلامًا} [الواقعة: 25، 26]
وقوله: {ولهم رزقهم فيها بكرةً وعشيًّا} أي: في مثل وقت البكرات ووقت العشيّات، لا أنّ هناك ليلًا أو نهارًا ولكنّهم في أوقاتٍ تتعاقب، يعرفون مضيّها بأضواءٍ وأنوارٍ، كما قال الإمام أحمد:
حدّثنا عبد الرّزّاق، حدّثنا معمر، عن همّام، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أوّل زمرة تلج الجنّة صورهم على صورة القمر ليلة البدر، لا يبصقون فيها، ولا يتمخّطون فيها، ولا يتغوّطون، آنيتهم وأمشاطهم الذّهب والفضّة، ومجامرهم الألوّة، ورشحهم المسك، ولكلّ واحدٍ منهم زوجتان، يرى مخّ ساقيهما من وراء اللّحم؛ من الحسن، لا اختلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهم على قلبٍ واحدٍ، يسبّحون اللّه بكرةً وعشيًّا".
أخرجاه في الصّحيحين من حديث معمرٍ به
وقال الإمام أحمد: حدّثنا يعقوب، حدّثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدّثني الحارث بن فضيلٍ الأنصاريّ، عن محمود بن لبيدٍ الأنصاريّ، عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "الشّهداء على بارق نهرٍ بباب الجنّة، في قبّةٍ خضراء، يخرج عليهم رزقهم من الجنّة بكرةً وعشيًّا" تفرّد به أحمد من هذا الوجه.
وقال الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: {ولهم رزقهم فيها بكرةً وعشيًّا} قال: مقادير اللّيل والنّهار.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا عليّ بن سهمٍ، حدّثنا الوليد بن مسلمٍ قال: سألت زهير بن محمّدٍ، عن قول اللّه تعالى: {ولهم رزقهم فيها بكرةً وعشيًّا} قال: ليس في الجنّة ليلٌ، هم في نورٍ أبدًا، ولهم مقدار اللّيل والنّهار، يعرفون مقدار اللّيل بإرخاء الحجب وإغلاق الأبواب، ويعرفون مقدار النّهار برفع الحجب، وبفتح الأبواب.
وبهذا الإسناد عن الوليد بن مسلمٍ، عن خليد، عن الحسن البصريّ، وذكر أبواب الجنّة، فقال: أبوابٌ يرى ظاهرها من باطنها، فتكلّم وتكلّم، فتهمهم انفتحي انغلقي، فتفعل.
وقال قتادة في قوله: {ولهم رزقهم فيها بكرةً وعشيًّا}: فيها ساعتان: بكرةٌ وعشيٌّ: ليس ثمّ ليلٌ ولا نهارٌ، وإنّما هو ضوءٌ ونورٌ.
وقال مجاهدٌ ليس [فيها] بكرةٌ ولا عشيٌّ، ولكن يؤتون به على ما كانوا يشتهون في الدّنيا.
وقال الحسن، وقتادة، وغيرهما: كانت العرب، الأنعم فيهم، من يتغدّى ويتعشّى، ونزل القرآن على ما في أنفسهم من النّعيم، فقال تعالى: {ولهم رزقهم فيها بكرةً وعشيًّا}
وقال ابن مهديٍّ، عن حمّاد بن زيدٍ، عن هشامٍ، عن الحسن: {ولهم رزقهم فيها بكرةً وعشيًّا} قال: البكور يرد على العشيّ، والعشيّ يرد على البكور، ليس فيها ليلٌ.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا عليّ بن الحسين، حدّثنا سليم بن منصور بن عمّارٍ، حدّثني أبي، حدّثنا محمّد بن زيادٍ قاضي أهل شمشاط عن عبد اللّه بن جريرٍ عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "ما من غداةٍ من غدوات الجنّة، وكلّ الجنّة غدواتٌ، إلّا أنّه يزفّ إلى وليّ اللّه فيها زوجةٌ من الحور العين، أدناهنّ الّتي خلقت من الزّعفران"
قال أبو محمّدٍ: هذا حديثٌ منكرٌ). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 247-248]

تفسير قوله تعالى: {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا (63)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ([وقوله تعالى] {تلك الجنّة الّتي نورث من عبادنا من كان تقيًّا} أي: هذه الجنّة الّتي وصفنا بهذه الصّفات العظيمة هي الّتي نورثها عبادنا المتّقين، وهم المطيعون للّه -عزّ وجلّ- في السّرّاء والضّرّاء، والكاظمون الغيظ والعافون عن النّاس، وكما قال تعالى في أوّل سورة المؤمنين: {قد أفلح المؤمنون. الّذين هم في صلاتهم خاشعون} إلى أن قال: {أولئك هم الوارثون الّذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون} [المؤمنون: 1-11] ). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 248]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:03 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة