العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الإسراء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 جمادى الأولى 1434هـ/8-04-2013م, 08:49 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير سورة الإسراء [ من الآية (105) إلى الآية (111) ]

{وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105) وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (106) قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109) قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (110) وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (111)}





رد مع اقتباس
  #2  
قديم 28 جمادى الأولى 1434هـ/8-04-2013م, 08:51 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وبالحقّ أنزلناه وبالحقّ نزل وما أرسلناك إلاّ مبشّرًا ونذيرًا (105) وقرآنًا فرقناه لتقرأه على النّاس على مكثٍ ونزّلناه تنزيلاً}.
يقول تعالى ذكره: وبالحقّ أنزلنا هذا القرآن: يقول: أنزلناه نأمر فيه بالعدل والإنصاف والأخلاق الجميلة، والأمور المستحسنة الحميدة، وننهى فيه عن الظّلم والأمور القبيحة، والأخلاق الرّديّة، والأفعال الذّميمة {وبالحقّ نزل} يقول: وبذلك نزل من عند اللّه على نبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقوله: {وما أرسلناك إلاّ مبشّرًا ونذيرًا} يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: وما أرسلناك يا محمّد إلى من أرسلناك إليه من عبادنا، إلاّ مبشّرًا بالجنّة من أطاعنا، فانتهى إلى أمرنا ونهينا، ومنذرًا لمن عصانا وخالف أمرنا ونهينا). [جامع البيان: 15/113]

تفسير قوله تعالى: (وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (106) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا سفيان بن عيينة، عن عبيدٍ، عن مجاهد، قال: رأيت رجلًا قرأ البقرة وآل عمران في ركعة، وآخر قرأ البقرة وحدها في ركعة، فكان قيامهما، وركوها، وسجودهما، وقعودهما سواء، أيهما أفضل؟ قال: الذي قرأ البقرة، ثم قرأ: {وقرآنًا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث} [سورة الإسراء: 106] ). [الزهد لابن المبارك: 2/628]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى وقرآنا فرقناه قال نزل متفرقا ولم ينزل جمعا كان بين أوله وآخره نحو من عشرين سنة). [تفسير عبد الرزاق: 1/391]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن عبيدة عن مجاهد في قوله لتقرأه على الناس على مكث قال على تؤدة). [تفسير عبد الرزاق: 1/391]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أخبرني الثوري أيضا قال أخبرني منصور عن مجاهد في قوله تعالى ونزلناه تنزيلا قال بعضه على أثر بعض). [تفسير عبد الرزاق: 1/391-392]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({وقرآنًا فرقناه لتقرأه} اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء الأمصار {فرقناه} بتخفيف الرّاء من فرقناه، بمعنى: أحكمناه وفصّلناه وبيّنّاه.
وذكر عن ابن عبّاسٍ، أنّه كان يقرؤه بتشديد الرّاء " فرقناه " بمعنى: نزّلناه شيئًا بعد شيءٍ، آيةً بعد آيةٍ، وقصّةً بعد قصّة.
وأولى القراءتين بالصّواب عندنا، القراءة الأولى، لأنّها القراءة الّتي عليها الحجّة مجمعةٌ، ولا يجوز خلافها فيما كانت عليه مجمعةٌ من أمر الدّين والقرآن.
فإذا كان ذلك أولى القراءتين بالصّواب، فتأويل الكلام: وما أرسلناك إلاّ مبشّرًا ونذيرًا، وفصّلناه قرآنًا، وبيّنّاه وأحكمناه، لتقرأه على النّاس على مكثٍ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك من التّأويل، قال جماعةٌ من أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وقرآنًا فرقناه} يقول: فصّلناه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعبٍ، أنّه قرأ: {وقرآنًا فرقناه} مخفّفًا: يعني بيّنّاه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ {وقرآنًا فرقناه} قال: فصّلناه.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا بدل بن المحبّر، قال: حدّثنا عبّادٌ، يعني ابن راشدٍ، عن داود، عن الحسن، أنّه قرأ: {وقرآنًا فرقناه} خفّفها: فرّق اللّه به بين الحقّ والباطل.
وأمّا الّذين قرءوا القراءة الأخرى، فإنّهم تأوّلوا ما قد ذكرت من التّأويل.
ذكر من قال ما حكيت من التّأويل عن قارئ ذلك كذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية، قال: كان ابن عبّاسٍ يقرؤها: " وقرآنًا فرّقناه " مثقّلةً، يقول: أنزل آيةً آيةً.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا داود، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: أنزل القرآن جملةً واحدةً إلى السّماء الدّنيا في ليلة القدر، ثمّ أنزل بعد ذلك في عشرين سنةً، قال: {ولا يأتونك بمثلٍ إلاّ جئناك بالحقّ وأحسن تفسيرًا} " وقرآنًا فرّقناه لتقرأه على النّاس على مكثٍ ونزّلناه تنزيلاً ".
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: " وقرآنًا فرّقناه قال: أنزل مفرقاً " لم ينزل جميعًا، وكان بين أوّله وآخره نحوٌ من عشرين سنةً.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: " وقرآنًا فرّقناه " قال: فرّقه: لم ينزّله جميعاً. وقرأ: {وقال الّذين كفروا لولا نزّل عليه القرآن جملةً واحدةً} حتّى بلغ {وأحسن تفسيرًا} ينقض عليهم ما يأتون به.
وكان بعض أهل العربيّة من أهل الكوفة يقول: نصب قوله {وقرآنًا} بمعنى: ورحمةً، ويتأوّل ذلك: {وما أرسلناك إلاّ مبشّرًا ونذيرًا} ورحمةً، ويقول: جاز ذلك، لأنّ القرآن رحمةٌ.
ونصبه على الوجه الّذي قلناه أولى، وذلك كما قال جلّ ثناؤه: {والقمر قدّرناه منازل}.
وقوله: {لتقرأه على النّاس على مكثٍ} يقول: لتقرأه على النّاس على تؤدةٍ، فترتّله وتبيّنه، ولا تعجل في تلاوته، فلا يفهم عنك.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن عبيدٍ المكتب، قال: قلت لمجاهدٍ: رجلٌ قرأ البقرة وآل عمران، وآخر قرأ البقرة، وركوعهما وسجودهما واحدٌ، أيّهما أفضل؟ قال: الّذي قرأ البقرة، وقرأ: {وقرآنًا فرقناه لتقرأه على النّاس على مكثٍ}.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {لتقرأه على النّاس على مكثٍ} يقول: على تأييدٍ.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {على مكثٍ} قال: على ترسلٍ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {لتقرأه على النّاس على مكثٍ} قال: في ترسلٍ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {لتقرأه على النّاس على مكثٍ} قال: التّفسير الّذي قال اللّه {ورتّل القرآن ترتيلاً} تفسيره.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا الثّوريّ، عن عبيدٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {لتقرأه على النّاس على مكثٍ} على تؤدةٍ.
وفي المكث للعرب لغاتٌ: مكثٌ، ومكثٌ، ومكثٍ ومكّيثي مقصورٌ، ومكثانًا، والقراءة بضمّ الميم
وقوله: {ونزّلناه تنزيلاً} يقول تعالى ذكره: فرقنا تنزيله، وأنزلناه شيئًا بعد شيءٍ، كما؛
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، قال: حدّثنا عن أبي رجاءٍ، قال: تلا الحسن: " وقرآنًا فرّقناه لتقرأه على النّاس على مكثٍ ونزّلناه تنزيلاً " قال: كان اللّه تبارك وتعالى ينزّل هذا القرآن بعضه قبل بعضٍ لما علم أنّه سيكون ويحدث في النّاس، لقد ذكر لنا أنّه كان بين أوّله وآخره ثماني عشرة سنةً، قال: فسألته يومًا على سخطةٍ، فقلت: يا أبا سعيدٍ " وقرآنًا فرّقناه " فثقّلها أبو رجاءٍ، فقال الحسن: ليس فرّقناه، ولكن فرقناه، فقرأ الحسن مخفّفةً. قلت: من يحدّثك هذا يا أبا سعيدٍ أصحاب محمّدٍ؟ قال: فمن يحدّثنيه قال: أنزل عليه بمكّة قبل أن يهاجر إلى المدينة ثماني سنين، وبالمدينة عشر سنين.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وقرآنًا فرقناه لتقرأه على النّاس على مكثٍ ونزّلناه تنزيلاً} لم ينزل في ليلةٍ ولا ليلتينٍ، ولا شهرٍ ولا شهرين، ولا سنةٍ ولا سنتينٍ، ولكن كان بين أوّله وآخره عشرون سنةً، وما شاء اللّه من ذلك.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن الحسن، قال: كان يقول: أنزل على نبيّ اللّه القرآن ثماني سنين، وعشرًا بعد ما هاجر وكان قتادة يقول: عشرًا بمكّة، وعشرًا بالمدينة). [جامع البيان: 15/113-119]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد تقرأه على الناس على مكث يعني في ترتيل). [تفسير مجاهد: 371]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب بن يوسف العدل، أنبأ يحيى بن أبي طالبٍ، ثنا عبد الوهّاب بن عطاءٍ، أنبأ داود بن أبي هندٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: " نزل القرآن جملةً إلى السّماء الدّنيا، ثمّ نزل بعد ذلك في عشرين سنةً وقال عزّ وجلّ: {ولا يأتونك بمثلٍ إلّا جئناك بالحقّ وأحسن تفسيرًا} [الفرقان: 33] قال: {وقرآنًا فرقناه لتقرأه على النّاس على مكثٍ ونزّلناه تنزيلًا} [الإسراء: 106] «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/399]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 106 - 109.
أخرج النسائي، وابن جرير، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن قرأ {وقرآنا فرقناه} مثقلة، قال: نزل القرآن إلى سماء الدنيا في ليلة القدر من رمضان جملة واحدة فكان المشركون إذا أحدثوا شيئا أحدث الله لهم جوابا، ففرقه الله في عشرين سنة). [الدر المنثور: 9/456-457]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم ومحمد بن نصر، وابن الأنباري في المصاحف من طريق الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نزل القرآن جملة واحد من عند الله من اللوح المحفوظ إلى السفرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا فنجمته السفرة على جبريل عشرين ليلة ونجمه جبريل على النّبيّ صلى الله عليه وسلم عشرين سنة، فقال المشركون: لولا نزل عليه القرآن جملة واحد، فقال الله (كذلك لنثبت به فؤادك) (الفرقان آية 32) أي نزلناه عليك متفرقا ليكون عندك جواب ما يسألونك عنه ولو أنزلناه عليك جملة واحدة ثم سألوك لم يكن عندك جواب ما يسألون عنه). [الدر المنثور: 9/457]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البزار والطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزل القرآن جملة واحدة حتى وضع في بيت العزة في السماء الدنيا ونزله جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم بجواب كلام العباد وأعمالهم). [الدر المنثور: 9/457]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر من طريق أبي العالية عن ابن عباس أنه قرأها مثقلة يقول: أنزل آية آية). [الدر المنثور: 9/458]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن عمر رضي الله عنه قال: تعلموا القرآن خمس آيات خمس آيات فإن جبريل كان ينزل بالقرآن على النّبيّ صلى الله عليه وسلم خمسا خمسا). [الدر المنثور: 9/458]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر من طريق أبي نضرة قال: كان أبو سعيد الخدري رضي الله عنه يعلمنا القرآن خمس آيات بالغداة وخمس آيات بالعشي ويخبر أن جبريل نزل بالقرآن خمس آيات خمس آيات). [الدر المنثور: 9/458]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قرأ {وقرآنا فرقناه} مخففا يعني بيناه). [الدر المنثور: 9/458]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما {وقرآنا فرقناه} قال: فصلناه {على مكث} بأمد {يخرون للأذقان} يقول: للوجوه). [الدر المنثور: 9/458]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد {على مكث} في ترسل). [الدر المنثور: 9/458-459]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الضريس عن قتادة في قوله: {وقرآنا فرقناه} الآية، قال: لم ينزل في ليلة ولا ليلتين ولا شهر ولا شهرين ولا سنة ولا سنتين وكان بين أوله وآخره عشرون سنة أو ما شاء الله من ذلك). [الدر المنثور: 9/459]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الضريس من طريق قتادة عن الحسن رضي الله عنه قال: كان يقال: أنزل القرآن على نبي الله صلى الله عليه وسلم ثمان سنين بمكة وعشرا بعدما هاجر، وكان قتادة يقول: عشر بمكة وعشر بالمدينة). [الدر المنثور: 9/459]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا مسعرٌ، عن عبد الأعلى التيمي، قال: من أوتي من العلم ما لا يبكيه، لخليق ألا يكون أوتي علمًا ينفعه، لأن الله نعت العلماء، فقال: {إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم} إلى قوله: {يخرون للأذقان يبكون} [سورة الإسراء: 109] ). [الزهد لابن المبارك: 2/54]


قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا أبو أسامة، عن مسعرٍ، قال: سمعت عبد الأعلى التّيميّ يقول: من أوتي من العلم ما لا يبكيه لخليقٌ أن لا يكون أوتي علمًا ينفعه، لأنّ اللّه نعت العلماء، ثمّ قرأ إلى قوله {يبكون}). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 409-410]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({للأذقان} [الإسراء: 107] : «مجتمع اللّحيين والواحد ذقنٌ»). [صحيح البخاري: 6/84]

- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله للأذقان مجتمع اللّحيين الواحد ذقنٌ هو قول أبي عبيدة أيضًا وسيأتي له تفسيرٌ آخر قريبًا واللّحيين بفتح اللّام ويجوز كسرها تثنية لحية). [فتح الباري: 8/393]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (للأذقان مجمع اللّحيين والواحد ذقنٌ
أشار به إلى قوله تعالى: {يخرون للأذقان سجدا} (الإسراء: 107) وقال: الأذقان مجمع اللحيين، بفتح اللاّم، وقيل، بكسرها أيضا: تثنية لحي وهو العظم الّذي عليه الأسنان. قوله: (والواحد ذقن) ، بفتح الذّال المعجمة والقاف واللّام فيه بمعنى: على، والمعنى: يسجدون على أذقانهم، وقال ابن عبّاس: الوجوه، يريد: يسجدون بوجوههم وجباههم وأذقانهم). [عمدة القاري: 19/24-25]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({للأذقان}) في قوله: {ويخرّون للأذقان سجدًا} [الإسراء: 107] هي (مجتمع اللحيين) اسم مكان بضم الميم الأولى وفتح الثانية أي على اجتماع اللحيين بفتح اللام وقد تكسر تثنية لحي وهو العظم الذي عليه الأسنان (والواحد ذقن). بفتح المعجمة والقاف والمعنى يسقطون على وجوههم تعظيمًا لأمر الله وشكرًا لإنجاز وعده في تلك الكتب ببعثة محمد -صلّى اللّه عليه وسلّم- على فترة من الرسل وإنزال القرآن عليه قاله القاضي وسقط واو والواحد لأبي ذر). [إرشاد الساري: 7/203]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({يخرّون للأذقان} [الإسراء: 107] : «للوجوه»). [صحيح البخاري: 6/84]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله يخرون للأذقان للوجوه وصله الطّبريّ من طريق عليّ بن أبي طلحة عنه وكذا أخرجه عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة مثله وعن معمرٍ عن الحسن للحيّ وهذا يوافق قول أبي عبيدة الماضي والأوّل على المجاز). [فتح الباري: 8/394]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال مجاهد {موفورا} وافرا {تبيعا} ثائرا وقال ابن عبّاس نصيرًا {خبت} طفئت وقال ابن عبّاس {ولا تبذر} لا تنفق في الباطل {ابتغاء رحمة} رزق {مثبورا} ملعونا {ولا تقف} لا تقل {فجاسوا} تيمموا {يزجي لكم الفلك} يجري الفلك {يخرون للأذقان} للوجوه
قال عبد بن حميد ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 63 الإسراء {موفورا} قال وافرا
وبه في قوله 69 الإسراء {به تبيعا} قال نصيرًا ثائرا
وقال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح ثنا معاوية عن علّي عن ابن عبّاس في قوله تبيعا قال نصيرًا
وبه في قوله 97 الإسراء {كلما خبت} قال طفئت
أخبرنا أبو الفرج بن الغزّي أنا يوسف بن عمر الختني وهو آخر من حدث عنه بالسّماع أنا عبد الوهّاب بن رواج وهو آخر من تقيّ من حضر عنده أو سمع عليه أنا الحافظ أبو طاهر السلفي أنا أبو طاهر بن البطر أنا عبيدالله بن عبد الله بن البيع ثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي ثنا محمود بن خداش ثنا هشيم أنا حصين عن عكرمة عن ابن عبّاس في قوله 27 الإسراء {إن المبذرين كانوا إخوان الشّياطين} قال المبذر المنفق في غير حق
رواه البخاريّ في كتاب الأدب المفرد عن عارم عن هشيم به فوقع لنا بدلا عاليا
وقال أبو جعفر الطّبريّ ثنا القاسم ثنا الحسين ثنا حجاج عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عبّاس في قوله 26 الإسراء {ولا تبذر} قال لا تنفق في الباطل فإن المبذر هو المسرف في غير حق
وبه في قوله 28 الإسراء {ابتغاء رحمة من ربك} قال رزق
وقال أيضا ثنا علّي هو ابن داود ثنا عبد الله هو ابن صالح ثنا معاوية عن علّي بن أبي طلحة عن ابن عبّاس في قوله 102 الإسراء {وإنّي لأظنك يا فرعون مثبورا} قال ملعونا
وقال ابن أبي حاتم ثنا أبي تنا أبو صالح حدثني معاوية عن علّي عن ابن عبّاس قوله 36 الإسراء {ولا تقف} يقول لا تقل
وبه في قوله 5 الإسراء {فجاسوا خلال الديار} قال فمشوا
وقال ابن جرير ثنا علّي هو ابن داود ثنا عبد الله هو ابن صالح حدثني معاوية عن علّي بن أبي طلحة عن ابن عبّاس في قوله 66 الإسراء {ربكم الّذي يزجي لكم الفلك في البحر} يقول يجري لكم الفلك
وبه في قوله 107 الإسراء {يخرون للأذقان سجدا} قال للوجوه). [تغليق التعليق: 4/240-242]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({يخرون للأذقان}) قال ابن عباس فيما وصله الطبري أي (للوجوه) وعن معمر عن الحسن للحي وهذا موافق لما مرّ في تفسيره قريبًا). [إرشاد الساري: 7/203]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل آمنوا به أو لا تؤمنوا إنّ الّذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرّون للأذقان سجّدًا (107) ويقولون سبحان ربّنا إن كان وعد ربّنا لمفعولاً}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل يا محمّد لهؤلاء القائلين لك {لن نؤمن لك حتّى تفجر لنا من الأرض ينبوعًا} آمنوا بهذا القرآن الّذي لو اجتمعت الإنس والجنّ على أن يأتوا بمثله، لم يأتوا به ولو كان بعضهم لبعضٍ ظهيرًا، أو لا تؤمنوا به، فإنّ إيمانكم به لن يزيد في خزائن رحمة اللّه ولا ترككم الإيمان به ينقص ذلك. وإن تكفروا به، فإنّ الّذين أوتوا العلم باللّه وآياته من قبل نزوله من مؤمني أهل الكتابين، إذا يتلى عليهم هذا القرآن يخرّون تعظيمًا له وتكريمًا، وعلمًا منهم بأنّه من عند اللّه، لأذقانهم سجّدًا بالأرض.
واختلف أهل التّأويل في الّذي عني بقوله {يخرّون للأذقان} فقال بعضهم: عنى به: الوجوه
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يخرّون للأذقان سجّدًا} يقول: للوجوه.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {يخرّون للأذقان سجّدًا} قال للوجوه.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، مثله.
وقال آخرون: بل عنى بذلك اللّحي.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، قال: قال الحسن في قوله: {يخرّون للأذقان} قال: اللّحي.
وقوله: {سبحان ربّنا إن كان وعد ربّنا لمفعولاً} يقول جلّ ثناؤه: ويقول هؤلاء الّذين أوتوا العلم من قبل نزول هذا القرآن، إذ خرّوا للأذقان سجودًا عند سماعهم القرآن يتلى عليهم: تنزيهًا لربّنا وتبرئةً له ممّا يضيف إليه المشركون به، ما كان وعد ربّنا من ثوابٍ وعقابٍ، إلاّ مفعولاً حقًّا يقينًا، إيمانٌ بالقرآن وتصديقٌ به.
والأذقان في كلام العرب: جمع ذقنٍ وهو مجمع اللّحيين، وإذ كان ذلك كذلك، فالّذي قال الحسن في ذلك أشبه بظاهر التّنزيل.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل على اختلافٍ منهم في الّذين عنوا بقوله {أوتوا العلم} وفي {يتلى عليهم}.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال مجاهدٌ: {الّذين أوتوا العلم من قبله}. إلى قوله {خشوعًا} قال: هم ناسٌ من أهل الكتاب حين سمعوا ما أنزل اللّه على محمّدٍ قالوا {سبحان ربّنا إن كان وعد ربّنا لمفعولاً}.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {قل آمنوا به أو لا تؤمنوا إنّ الّذين أوتوا العلم من قبله} من قبل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم {إذا يتلى عليهم} ما أنزل إليهم من عند اللّه {يخرّون للأذقان سجّدًا (107) ويقولون سبحان ربّنا إن كان وعد ربّنا لمفعولاً}.
وقال آخرون: عنى بقوله: {الّذين أوتوا العلم من قبله} القرآن الّذي أنزل على محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، في قوله: {إذا يتلى عليهم} كتابهم.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {إذا يتلى عليهم} ما أنزل اللّه إليهم من عند اللّه.
وإنّما قلنا: عنى بقوله: {إذا يتلى عليهم} القرآن، لأنّه في سياق ذكر القرآن لم يجر لغيره من الكتب ذكرٌ، فيصرف الكلام إليه، ولذلك جعلت الهاء الّتي في قوله: {من قبله} من ذكر القرآن، لأنّ الكلام بذكره جرى قبله، وذلك قوله: {وقرآنًا فرقناه} وما بعده في سياق الخبر عنه، فذلك وجبت صحّة ما قلنا إذا لم يأت بخلاف ما قلنا فيه حجّةٌ يجب التّسليم لها). [جامع البيان: 15/119-122]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه {إن الذين أوتوا العلم من قبله} هم ناس من أهل الكتاب حين سمعوا ما أنزل الله على محمد). [الدر المنثور: 9/459]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله: {من قبله} من قبل النّبيّ صلى الله عليه وسلم {إذا يتلى} ما أنزل عليهم من عند الله). [الدر المنثور: 9/459]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد {إذا يتلى عليهم} قال: كتابهم). [الدر المنثور: 9/459-460]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المبارك، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عبد الأعلى التيمي قال: إن من أوتي من العلم ما لا يبكيه لخليق أن قد أوتي من العلم ما لا ينفعه لأن الله نعت أهل العلم فقال: {ويخرون للأذقان يبكون} ). [الدر المنثور: 9/460]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الجراح عن أبي حازم: أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم نزل عليه جبريل وعنده رجل يبكي فقال: من هذا قال: فلان، قال جبريل: إنا نزن أعمال بني آدم كلها إلا البكاء فإن الله يطفئ بالدمعة نهورا من نيران جهنم). [الدر المنثور: 9/460]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحكيم الترمذي عن النضر بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أن عبدا بكى في أمة من الأمم لأنجى الله تلك الأمة من النار ببكاء ذلك العبد، وما من عمل إلا له وزن وثواب إلا الدمعة فإنها تطفئ بحورا من النار، وما اغرورقت عين بمائها من خشية الله إلا حرم الله جسدها على النار وإن فاضت على خده لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة). [الدر المنثور: 9/460-461]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن ابي شيبة عن الجعد أبي عثمان قال: بلغنا أن داود عليه السلام قال: إلهي، ما جزاء من فاضت عيناه من خشيتك، قال: جزاؤه أن أؤمنه يوم الفزع الأكبر). [الدر المنثور: 9/461]

تفسير قوله تعالى: (وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {سبحان ربّنا إن كان وعد ربّنا لمفعولاً} يقول جلّ ثناؤه: ويقول هؤلاء الّذين أوتوا العلم من قبل نزول هذا القرآن، إذ خرّوا للأذقان سجودًا عند سماعهم القرآن يتلى عليهم: تنزيهًا لربّنا وتبرئةً له ممّا يضيف إليه المشركون به، ما كان وعد ربّنا من ثوابٍ وعقابٍ، إلاّ مفعولاً حقًّا يقينًا، إيمانٌ بالقرآن وتصديقٌ به). [جامع البيان: 15/120] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا مسعرٌ، عن عبد الأعلى التيمي، قال: من أوتي من العلم ما لا يبكيه، لخليق ألا يكون أوتي علمًا ينفعه، لأن الله نعت العلماء، فقال: {إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم} إلى قوله: {يخرون للأذقان يبكون} [سورة الإسراء: 109] ). [الزهد لابن المبارك: 2/54](م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى يخرون للأذقان قال للوجوه.

قال معمر وقال الحسن للحى). [تفسير عبد الرزاق: 1/392]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا أبو أسامة، عن مسعرٍ، قال: سمعت عبد الأعلى التّيميّ يقول: من أوتي من العلم ما لا يبكيه لخليقٌ أن لا يكون أوتي علمًا ينفعه، لأنّ اللّه نعت العلماء، ثمّ قرأ إلى قوله {يبكون}). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 409-410](م)

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويخرّون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعًا}.
يقول تعالى ذكره: ويخرّ هؤلاء الّذين أوتوا العلم من مؤمني أهل الكتابين من قبل نزول الفرقان، إذا يتلى عليهم القرآن لأذقانهم يبكون، ويزيدهم ما في القرآن من المواعظ والعبر خشوعًا، يعني خضوعًا لأمر اللّه وطاعته، واستكانةً له.
- حدّثنا أحمد بن منيعٍ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن المبارك، قال: أخبرنا مسعرٌ، عن عبد الأعلى التّيميّ، أنّ من، أوتي من العلم ما لم يبكه لخليقٌ أن لا يكون أوتي علمًا ينفعه، لأنّ اللّه نعت العلماء فقال {إنّ الّذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرّون} للأذقان. الآيتين.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن المبارك، عن مسعر بن كدامٍ، عن عبد الأعلى التّيميّ بنحوه، إلاّ أنّه قال: {إذا يتلى عليهم يخرّون} للأذقان ثمّ قال: {ويخرّون للأذقان يبكون}. الآية.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ {ويخرّون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعًا} قال: هذا جوابٌ وتفسيرٌ للآية الّتي في كهيعص {إذا تتلى عليهم آيات الرّحمن خرّوا سجّدًا وبكيًّا}). [جامع البيان: 15/122-123]

تفسير قوله تعالى: (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (110) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال في سورة بني إسرائيل: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً}؛
كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا جهر بصلاته آذى ذلك المشركين بمكة، أخفى صلاته هو وأصحابه؛ فلذلك قال الله: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً}؛
وقال في سورة الأعراف: {واذكر ربّك في نفسك تضرّعًا وخيفةً ودون الجهر من القول بالغدوّ والآصال ولا تكن من الغافلين}). [الجامع في علوم القرآن: 3/77]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أخبرني سماك بن الفضل عن بعض أهل المدينة في قوله تعالى {ولا تجهر بصلاتك} قال هو منسوخة نسخها قوله تعالى {واذكر ربك في نفسك}). [تفسير عبد الرزاق: 1/392]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها قال كان النبي يرفع صوته في الصلاة فيرمى بالخبث فقال لا ترفع صوتك فتؤذى ولا تخافت وابتغ بين ذلك سبيلا). [تفسير عبد الرزاق: 1/392]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن هشام بن عروة عن أبيه في قوله ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها قال في الدعاء). [تفسير عبد الرزاق: 1/393]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وكان الحسن يقول لا تحسن علانيتها وتسيء سريرتها). [تفسير عبد الرزاق: 1/393]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن غير واحد عن الشعبي أن النبي كتب أول ما كتب باسمك اللهم حتى نزلت بسم الله مجراها ومرساها فكتب بسم الله ثم نزلت ادعوا الله أو ادعوا الرحمن فكتب بسم الله الرحمن حتى نزلت إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم فكتب بسم الله الرحمن الرحيم). [تفسير عبد الرزاق: 2/81] (م)
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن أشعث بن أبي الشّعثاء عن الأسود بن هلالٍ عن عبد الله ابن مسعود في قوله: {تجهر بصلاتك ولا تخافت} بها قال: لم يخافت من أسمع أذنيه [الآية: 110].
سفيان [الثوري] عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في قوله: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قال: في الدعاء.
سفيان [الثوري] عن أبي هاشمٍ عن مجاهدٍ أنّه كان إذا رأى قومًا يدعون قد رفعوا أصواتهم حصبهم وتأوّل {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها}.
سفيان [الثوري] عن إبراهيم الهجريّ عن أبي عياض قال: هو الدعاء.
سفيان [الثوري] عن عبيدٍ عن إبراهيم مثله.
سفيان [الثوري] عن سالمٍ عن عطاءٍ مثله). [تفسير الثوري: 175-176]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} [الإسراء: 110]
- حدّثنا يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا هشيمٌ، حدّثنا أبو بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، في قوله تعالى: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} [الإسراء: 110] قال: " نزلت ورسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم مختفٍ بمكّة، كان إذا صلّى بأصحابه رفع صوته بالقرآن، فإذا سمعه المشركون سبّوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به، فقال اللّه تعالى لنبيّه صلّى الله عليه وسلّم: {ولا تجهر بصلاتك} [الإسراء: 110] أي بقراءتك، فيسمع المشركون فيسبّوا القرآن {ولا تخافت بها} [الإسراء: 110] عن أصحابك فلا تسمعهم، {وابتغ بين ذلك سبيلًا} [الإسراء: 110] "
- حدّثني طلق بن غنّامٍ، حدّثنا زائدة، عن هشامٍ، عن أبيه، عن عائشة رضي اللّه عنها، قالت: «أنزل ذلك في الدّعاء»). [صحيح البخاري: 6/87]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها)
سقط باب لغير أبي ذرٍّ
- قوله حدّثنا يعقوب بن إبراهيم هو الدّورقيّ قوله أخبرنا أبو بشرٍ في رواية غير أبي ذرٍّ حدّثنا أبو بشرٍ وهو جعفر بن أبي وحشيّة وذكر الكرمانيّ أنّه وقع في نسخته يونس بدل قوله أبو بشرٍ وهو تصحيفٌ قال الفربريّ أنبأنا محمّد بن عيّاشٍ قال لم يخرّج محمّد بن إسماعيل البخاريّ في هذا الكتاب من حديث هشيمٍ إلّا ما صرّح فيه بالإخبار قلت يريد في الأصول وسبب ذلك أنّ هشيمًا مذكورٌ بتدليس الإسناد قوله عن بن عبّاسٍ كذا وصله هشيمٌ وأرسله شعبة أخرجه التّرمذيّ من طريق الطّيالسيّ عن شعبة وهشيمٍ مفصلا قوله نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم مختفٍ بمكّة يعني في أوّل الإسلام قوله رفع صوته بالقرآن في رواية الطّبريّ من وجه آخر عن بن عبّاسٍ فكان إذا صلّى بأصحابه وأسمع المشركين فآذوه وفسّرت رواية الباب الأذى بقوله سبّوا القرآن وللطّبريّ من وجهٍ آخر عن سعيد بن جبيرٍ فقالوا له لاتجهر فتؤذي آلهتنا فنهجو إلهك ومن طريق داود بن الحصين عن عكرمة عن بن عبّاسٍ كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إذا جهر بالقرآن وهو يصلّي تفرّق عنه أصحابه وإذا خفض صوته لم يسمعه من يريد أن يسمع قراءته فنزلت قوله ولا تجهر بصلاتك أي بقراءتك وفي رواية الطّبريّ لا تجهر بصلاتك أي لا تعلن بقراءة القرآن إعلانًا شديدًا فيسمعك المشركون فيؤذونك ولا تخافت بها أي لا تخفض صوتك حتّى لا تسمع أذنيك وابتغ بين ذلك سبيلا أي طريقًا وسطًا.
- قوله حدّثنا طلقٌ بفتح المهملة وسكون اللّام بن غنّامٍ بالمعجمة والنّون وهو النّخعيّ من كبار شيوخ البخاريّ وروايته عنه في هذا الكتاب قليلة وشيخه زائدة هو بن قدامة قوله عن عائشة تابعه الثّوريّ عن هشامٍ وأرسله سعيد بن منصورٍ عن يعقوب بن عبد الرّحيم الإسكندراني عن هشامٍ وكذلك أرسله مالكٌ قوله أنزل ذلك في الدّعاء هكذا أطلقت عائشة وهو أعمّ من أن يكون ذلك داخل الصّلاة أو خارجها وقد أخرجه الطّبريّ وبن خزيمة والعمريّ والحاكم من طريق حفص بن غياثٍ عن هشامٍ فزاد في الحديث في التّشهّد ومن طريق عبد اللّه بن شدّاد قال كان أعرابيٌّ من بني تميمٍ إذا سلّم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال اللّهمّ ارزقنا ما لا وولدا ورجح الطّبريّ حديث بن عبّاسٍ قال لأنّه أصحّ مخرجًا ثمّ أسند عن عطاءٍ قال يقول قومٌ إنّها في الصّلاة وقومٌ إنّها في الدّعاء وقد جاء عن بن عبّاسٍ نحو تأويل عائشة أخرجه الطّبريّ من طريق أشعث بن سوارٍ عن عكرمة عن بن عبّاسٍ قال نزلت في الدّعاء ومن وجهٍ آخر عن بن عبّاسٍ مثله ومن طريق عطاءٍ ومجاهدٍ وسعيدٍ ومكحول مثله ورجح النّوويّ وغيره قول بن عبّاسٍ كما رجّحه الطّبريّ لكن يحتمل الجمع بينهما بأنّها نزلت في الدّعاء داخل الصّلاة وقد روى بن مردويه من حديث أبي هريرة قال كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا صلّى عند البيت رفع صوته بالدّعاء فنزلت وجاء عن أهل التّفسير في ذلك أقوالٌ أخرمنها ما روى سعيد بن منصورٍ من طريق صحابيٍّ لم يسمّ رفعه في هذه الآية لا ترفع صوتك في دعائك فتذكر ذنوبك فتعيّر بها ومنها ما روى الطّبريّ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاس لا تجهر بصلاتك أي لا تصل مراآة للنّاس ولا تخافت بها أي لا تتركها مخافةً منهم ومن طرقٍ عن الحسن البصريّ نحوه وقال الطّبريّ لولا أنّنا لا نستجيز مخالفة أهل التّفسير فيما جاء عنهم لأحتمل أن يكون المراد لا تجهر بصلاتك أي بقراءتك نهارا ولا تخافت بها أي ليلًا وكان ذلك وجها لا يبعد من الصّحّة انتهى وقد أثبته بعض المتأخّرين قولًا وقيل الآية في الدّعاء وهي منسوخةٌ بقوله ادعوا ربكم تضرعا وخفية). [فتح الباري: 8/405-406]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (بابٌ: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} (الإسراء: 110)
أي: هذا باب في قوله عز وجل: {ولا تجهر} الآية، وليس لغير أبي ذر لفظ: باب، وفي سبب نزول هذه الآية أقوال: أحدها: ما ذكره البخاريّ، ويأتي الآن. الثّاني: عن سعيد بن جبير: كان النّبي صلى الله عليه وسلم يجهر بقراءة القرآن في المسجد الحرام، فقالت قريش: لا تجهر بالقراءة فتؤذي آلهتنا، فنهجو ربك، فأنزل الله هذه الآية. الثّالث: قال الواحدي: كان الأعرابي يجهر فيقول التّحيّات لله والصلوات والطيبات، يرفع بها صوته، فنزلت هذه الآية. الرّابع: قال عبد الله بن شدّاد: كانت أعراب بني تميم إذا سلم النّبي عليه السّلام. من صلاته قالوا: اللّهمّ ارزقنا مالا وولدا، ويجهرون، فنزلت هذه الآية. الخامس: عن ابن عبّاس رواه ابن مردويه عنه: نزلت هذه الآية في الدّعاء، وسيجيء مزيد الكلام فيه.
- حدّثني طلق بن غنّامٍ حدّثنا زائدة عن هشامٍ عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت أنزل ذالك في الدّعاء.
(طلق بفتح الطّاء وسكون اللّام والقاف: ابن غنّام، بفتح الغين المعجمة وتشديد النّون: أبو محمّد النّخعيّ الكوفي، من كبار شيوخ البخاريّ، وروايته عنه في هذا الكتاب قليلة، مات في رجب سنة إحدى عشرة ومائتين، وزائدة هو ابن قدامة هو هشام هو ابن عروة بن الزبير بن العوام. والحديث من إفراده.
قوله: (ذلك) إشارة إلى قوله: {ولا تجهر بصلاتك} قوله: في الدّعاء، أما من إرادة معناه اللّغويّ أو إرادة الجزء لأن الدّعاء جزء من الصّلاة، وقيل: سمت عائشة رضي الله عنها، الصّلاة دعاء لأنّها في الأصل دعاء، وروي عن ابن عبّاس مثل ما روي عن عائشة، رواه ابن مردويه من حديث أشعث عن عكرمة عن ابن عبّاس: نزلت هذه الآية: {ولا تجهر بصلاتك} في الدّعاء، وروى أيضا بسند صحيح إلى دراج عن أنصاري له صحبة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هذه الآية نزلت في الدّعاء، ومن حديث ابن إبراهيم الهجري عن ابن عبّاس عن أبي هريرة: {ولا تجهر بصلاتك} (الإسراء: 110) نزلت في الدّعاء والمسألة، والله سبحانه وتعالى أعلم). [عمدة القاري: 19/35-36]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} [الإسراء: 110]
هذا (باب) بالتنوين في قوله تعالى: ({ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها}) [الإسراء: 110] سقط لفظ باب لغير أبي ذر.
- حدّثنا يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا هشيمٌ، حدّثنا أبو بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ -رضي الله عنهما- في قوله تعالى: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قال: نزلت ورسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- مختفٍ بمكّة كان إذا صلّى بأصحابه رفع صوته بالقرآن فإذا سمع المشركون سبّوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به فقال اللّه تعالى لنبيّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- {ولا تجهر بصلاتك} أي بقراءتك فيسمع المشركون فيسبّوا القرآن {ولا تخافت بها} عن أصحابك فلا تسمعهم {وابتغ بين ذلك سبيلًا}. [الحديث 4722 - أطرافه في: 7490، 7525، 7547].
وبه قال: (حدّثنا يعقوب بن إبراهيم) الدورقي قال: (حدّثنا هشيم) بضم الهاء مصغرًا ابن بشير مصغر بشر الواسطي قال: (حدّثنا) ولأبي ذر أخبرنا (أبو بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة جعفر بن أبي وحشية الواسطي (عن سعيد بن جبير عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه قال: (في قوله تعالى: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قال: نزلت ورسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- مختف بمكة) يعني في أوّل الإسلام ولأبي ذر عن الحموي والمستملي مختفي بإثبات التحتية بعد الفاء (كان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن فإذا سمع) ولأبي ذر سمعه (المشركون سبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به فقال الله تعالى) ولأبي ذر عز وجل (لنبيه) محمد (-صلّى اللّه عليه وسلّم-: {ولا تجهر بصلاتك} أي بقراءتك) أي بقراءة صلاتك فهو على حذف المضاف (فيسمع المشركون فيسبوا القرآن) وللطبري
من وجه آخر عن سعيد بن جبير فقالوا له أي المشركون لا تجهر فتؤذي آلهتنا فنهجو إلهك ({ولا تخافت}) لا تخفض صوتك (بها عن أصحابك فلا تسمعهم) وإنما حذف المضاف لأنه لا يلبس من قبل أن الجهر والمخافتة صفتان تعتقبان على الصوت لا غير والصلاة أفعال وأذكار ({وابتغ بين ذلك}) الجهر والمخافتة ({سبيلًا}) وسطًا.
- حدّثنا طلق بن غنّامٍ، حدّثنا زائدة عن هشامٍ، عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: أنزل ذلك في الدّعاء. [الحديث 4723 - أطرافه في: 6327، 7526].
وبه قال: (حدّثنا) ولغير أبي ذر حدثني بالإفراد (طلق بن غنام) بفتح الطاء المهملة وسكون اللام ثم قاف وغنام بالغين المعجمة والنون المشدّدة وبعد الألف ميم أبو محمد النخعي الكوفي قال: (حدّثنا زائدة) بن قدامة (عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة -رضي الله عنها-) أنها (قالت: أنزل ذلك) أي قوله ولا تجهر الخ (في الدعاء) من باب إطلاق الكل على الجزء إذ الدعاء من بعض أجزاء الصلاة. وأخرج الطبري وابن خزيمة والحاكم من طريق حفص بن غياث عن هشام الحديث وزاد فيه في التشهد وهو مخصص لحديث عائشة إذ ظاهره أعم من أن يكون داخل الصلاة وخارجها. وعند ابن مردويه من حديث أبي هريرة كان رسول الله-صلّى اللّه عليه وسلّم- إذا صلى عند البيت رفع صوته بالدعاء فنزلت أو مراده معناها اللغوي على ما لا يخفى). وهذا الحديث من أفراده). [إرشاد الساري: 7/213]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا عبد بن حميدٍ، قال: حدّثنا سليمان بن داود، عن شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، ولم يذكر عن ابن عبّاسٍ، وهشيمٍ، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت} بها قال: نزلت بمكّة كان رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم إذا رفع صوته بالقرآن سبّه المشركون ومن أنزله ومن جاء به، فأنزل اللّه {ولا تجهر بصلاتك} فيسبّ القرآن ومن أنزله ومن جاء به {ولا تخافت بها} عن أصحابك بأن تسمعهم حتّى يأخذوا عنك القرآن.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ). [سنن الترمذي: 5/157]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا أحمد بن منيعٍ، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: حدّثنا أبو بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً} قال: نزلت ورسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم مختفٍ بمكّة، فكان إذا صلّى بأصحابه رفع صوته بالقرآن، فكان المشركون إذا سمعوه شتموا القرآن ومن أنزله ومن جاء به، فقال اللّه لنبيّه: {ولا تجهر بصلاتك} أي بقراءتك، فيسمع المشركون فيسبّ القرآن، {ولا تخافت بها} عن أصحابك {وابتغ بين ذلك سبيلاً}.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ). [سنن الترمذي: 5/158]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {ولا تجهر بصلاتك}
- أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا هشيمٌ، أخبرنا أبو بشرٍ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ، في قوله عزّ وجلّ: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} [الإسراء: 110] قال: نزلت ورسول الله مختفٍ بمكّة، فكان إذا صلّى بأصحابه رفع صوته بالقراءة، فإذا سمع المشركون سبّوا القرآن، ومن أنزله، ومن جاء به، فقال لنبيّه صلّى الله عليه وسلّم: {ولا تجهر بصلاتك} [الإسراء: 110] أي بقراءتك فيسمع المشركون فيسبّوا القرآن، {ولا تخافت بها} [الإسراء: 110] أصحابك فلا يسمعون، {وابتغ بين ذلك سبيلًا} [الإسراء: 110]
- أخبرنا هارون بن إسحاق، حدّثنا عبدة، عن هشامٍ، عن أبيه، وأخبرنا شعيب بن يوسف، قال: حدّثنا يحيى، عن هشام بن عروة، قال: أخبرني أبي، عن عائشة، في قوله جلّ وعزّ: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} [الإسراء: 110]: نزلت في الدّعاء "). [السنن الكبرى للنسائي: 10/157]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل ادعوا اللّه أو ادعوا الرّحمن أيًّا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه: قل يا محمّد لمشركي قومك المنكرين دعاء الرّحمن: {ادعوا اللّه} أيّها القوم {أو ادعوا الرّحمن أيًّا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} بأيّ أسمائه جلّ جلاله تدعون ربّكم، فإنّما تدعون واحدًا، وله الأسماء الحسنى. وإنّما قيل ذلك له صلّى اللّه عليه وسلّم، لأنّ المشركين فيما ذكر سمعوا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يدعو ربّه: يا ربّنا اللّه، ويا ربّنا الرّحمن، فظنّوا أنّه يدعو إلهين، فأنزل اللّه على نبيّه عليه الصّلاة والسّلام هذه الآية احتجاجًا لنبيّه عليهم
ذكر الرّواية بما ذكرنا:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني محمّد بن كثيرٍ، عن عبد اللّه بن واقدٍ، عن أبي الجوزاء، عن ابن عبّاسٍ، قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ساجدًا يدعو: " يا رحمن يا رحيم " فقال المشركون: هذا يزعم أنّه يدعو واحدًا، وهو يدعو مثنى مثنى، فأنزل اللّه تعالى: {قل ادعوا اللّه أو ادعوا الرّحمن أيًّا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى}.. الآية.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني عيسى، عن الأوزاعيّ، عن مكحولٍ، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كان يتهجّد بمكّة ذات ليلةٍ، يقول في سجوده: " يا رحمن يا رحيم " فسمعه رجلٌ من المشركين، فلمّا أصبح قال لأصحابه: انظروا ما قال ابن أبي كبشة، يدعو اللّيلة الرّحمن الّذي باليمامة، وكان باليمامة رجلٌ يقال له الرّحمن، فنزلت: {قل ادعوا اللّه أو ادعوا الرّحمن أيًّا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى}.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {قل ادعوا اللّه أو ادعوا الرّحمن أيًّا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى}.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {أيًّا ما تدعوا} بشيءٍ من أسمائه.
- حدّثني موسى بن سهلٍ، قال: حدّثنا محمّد بن بكّارٍ البصريّ، قال: حدّثني حمّاد بن عيسى، عن عبيد بن الطّفيل الجهنيّ، قال: حدّثنا ابن جريجٍ، عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، عن مكحولٍ، عن عراك بن مالك، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: " إنّ للّه تسعةً وتسعين اسمًا كلّهنّ في القرآن، من أحصاهنّ دخل الجنّة ".
قال أبو جعفرٍ: ولدخول " ما " في قوله {أيًّا ما تدعوا} وجهان: أحدهما أن تكون صلةً، كما قيل: {عمّا قليلٍ ليصبحنّ نادمين} والآخر أن تكون في معنى أى: كرّرت لمّا اختلف لفظاهما، كما قيل: ما إن رأيت كاللّيلة ليلةً.
وقوله: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً}.
اختلف أهل التّأويل في الصّلاة، فقال بعضهم: عنى بذلك: ولا تجهر بدعائك، ولا تخافت به، ولكن بين ذلك. وقالوا: عنى بالصّلاة في هذا الموضع: الدّعاء.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يحيى بن عيسى الدّامغانيّ، قال: حدّثنا ابن المبارك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، في قوله: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قالت: في الدّعاء.
- حدّثنا ابن بشّارٌ، قال: حدّثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: نزلت في الدّعاء.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة مثله.
- حدّثنا الحسن بن عرفة، قال: حدّثنا عبّاد بن العوّام، عن أشعث بن سوّارٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، في قول اللّه تعالى: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قال: كانوا يجهرون بالدّعاء، فلمّا نزلت هذه الآية أمروا أن لا يجهروا، ولا يخافتوا.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا حمّادٌ، عن عمرو بن مالكٍ النكريّ، عن أبي الجوزاء عن عائشة، قالت: نزلت في الدّعاء.
- حدّثني مطر بن محمّدٍ الضّبّيّ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن داود، قال: حدّثنا شريكٌ، عن زياد بن فيّاضٍ، عن أبي عياضٍ، في قوله: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قال: الدّعاء.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن إبراهيم الهجريّ، عن أبي عياضٍ {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قال: نزلت في الدّعاء.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا شريكٌ، عن زياد بن فيّاضٍ، عن أبي عياضٍ مثله.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عمّن ذكره عن عطاءٍ، {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قال: نزلت في الدّعاء.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهدٍ، في الآية: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قال: في الدّعاء.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهدٍ، قال: نزلت في الدّعاء.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} في الدّعاء والمسألة.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، قال: نزلت في الدّعاء والمسألة.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى، قال: حدّثني سفيان، قال: حدّثني قيس بن مسلمٍ، عن سعيد بن جبير في قوله {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قال: في الدّعاء.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو أحمد الزّبيريّ، قال: حدّثنا سفيان، عن عيّاشٍ العامريّ، عن عبد اللّه بن شدّادٍ، قال: كان أعرابٌ إذا سلّم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قالوا: اللّهمّ ارزقنا إبلاً وولدًا، قال: فنزلت هذه الآية: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها}.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن هشام بن عروة، عن أبيه، في قوله {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قال: في الدّعاء.
- حدّثني محمد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ {ولا تجهر بصلاتك}.. الآية، قال: في الدّعاء والمسألة.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني عيسى، عن الأوزاعيّ، عن مكحولٍ، {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قال: ذلك في الدّعاء.
وقال آخرون: عنى بذلك الصّلاة، واختلف قائلو هذه المقالة في المعنى الّذي عنى بالنّهي عن الجهر به، فقال بعضهم: الّذي نهي عن الجهر به منها القراءة
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا أبو بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: نزلت هذه الآية ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم متوارٍ {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قال: كان إذا صلّى بأصحابه رفع صوته بالقرآن، فإذا سمع ذلك المشركون سبّوا القرآن ومن أنزله، ومن جاء به، قال: فقال اللّه لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم {ولا تجهر بصلاتك} فيسمع المشركون {ولا تخافت بها} عن أصحابك، فلا تسمعهم القرآن حتّى يأخذوا عنك.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عثمان بن سعيدٍ، قال: حدّثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، إذا جهر بالصّلاة بالمسلمين بالقرآن، شقّ ذلك على المشركين إذا سمعوه، فيؤذون رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بالشّتم والعيب به، وذلك بمكّة، فأنزل اللّه: يا محمّد {ولا تجهر بصلاتك} يقول: لا تعلن بالقراءة بالقرآن إعلانًا شديدًا يسمعه المشركون فيؤذونك، ولا تخافت بالقراءة بالقرآن: يقول: لا تخفض صوتك حتّى لا تسمع أذنيك {وابتغ بين ذلك سبيلاً} يقول: اطلب بين الإعلان والجهر وبين التّخافت والخفض طريقًا، لا جهرًا شديدًا، ولا خفضًا لا تسمع أذنيك، فذلك القدر، فلمّا هاجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى المدينة سقط هذا كلّه، يفعل الآن أيّ ذلك شاء.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها}.. الآية، هذا ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بمكّة كان إذا صلّى بأصحابه، فرفع صوته بالقراءة أسمع المشركين، فآذوه، فأمره اللّه أن لا يرفع صوته فيسمع عدوّه، ولا يخافت فلا يسمع من خلفه من المسلمين، فأمره اللّه أن يبتغي بين ذلك سبيلاً.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن جعفر بن إياس، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يرفع صوته بالقرآن، فكان المشركون إذا سمعوا صوته سبّوا القرآن، ومن جاء به، فكان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يخفي القرآن فما يسمعه أصحابه، فأنزل اللّه {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً}.
- حدّثنا محمّد بن عليّ بن الحسن بن شقيقٍ، قال: سمعت أبي، يقول: أخبرنا أبو حمزة عن الأعمش، عن جعفر بن إياس، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا رفع صوته وسمع المشركون، سبّوا القرآن، ومن جاء به، وإذا خفض لم يسمع أصحابه، قال اللّه: {وابتغ بين ذلك سبيلاً}.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا يونس: حدّثنا محمّد بن إسحاق، قال: حدّثني داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا جهر بالقرآن وهو يصلّي تفرّقوا، وأبوا أن يستمعوا منه، فكان الرّجل إذا أراد أن يستمع من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بعض ما يتلو وهو يصلّي، استرق السّمع دونهم فرقًا منهم، فإن رأى أنّهم قد عرفوا أنّه يستمع، ذهب خشية أذاهم، فلم يستمع، فإن خفض رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم صوته، لم يستمع الّذين يستمعون من قراءته شيئًا، فأنزل اللّه عليه: {ولا تجهر بصلاتك} فيتفرّقوا عنك {ولا تخافت بها} فلا تسمع من أراد أن يسمعها، ممّن يسترق ذلك دونهم، لعلّه يرعوي إلى بعض ما يسمع، فينتفع به {وابتغ بين ذلك سبيلاً}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ، قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يجهر بقراءة القرآن في المسجد الحرام، فقالت قريشٌ: لا تجهر بالقراءة فتؤذي آلهتنا، فنهجو ربّك، فأنزل اللّه: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها}.. الآية.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا أبو بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قال: نزلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو مختفٍ بمكّة، فكان إذا صلّى بأصحابه رفع الصّوت بالقرآن، فإذا سمعه المشركون سبّوا القرآن ومن أنزله، ومن جاء به، فقال اللّه لنبيّه: {ولا تجهر بصلاتك} أي بقراءتك، فيسمع المشركون، فيسبّوا القرآن {ولا تخافت بها} عن أصحابك، فلا تسمعهم {وابتغ بين ذلك سبيلاً}.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن جعفر بن إياس، عن سعيد بن جبيرٍ، في قوله {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قال: في القراءة.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في هذه الآية {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إذا رفع صوته أعجب ذلك أصحابه، وإذا سمع ذلك المشركون سبّوه، فنزلت هذه الآية.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن سلمة، بن علقمة، عن محمّد بن سيرين، قال: نبّئت أنّ أبا بكرٍ، كان إذا صلّى فقرأ خفض صوته، وأنّ عمر كان يرفع صوته، قال: فقيل لأبي بكرٍ: لم تصنع هذا؟ فقال: أناجي ربّي، وقد علم حاجتي، قيل: أحسنت، وقيل لعمر: لم تصنع هذا؟ قال: أطرد الشّيطان، وأوقظ الوسنان، قيل: أحسنت، فلمّا نزلت {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً} قيل لأبي بكرٍ: ارفع شيئًا، وقيل لعمر: اخفض شيئًا.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا حسّان بن إبراهيم، عن إبراهيم الصّائغ، عن عطاءٍ، في قوله: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قال: يقول ناسٌ إنّها في الصّلاة، ويقول آخرون إنّها في الدّعاء.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً} وكان نبيّ اللّه وهو بمكّة، إذا سمع المشركون صوته رموه بكلّ خبثٍ، فأمره اللّه أن يغضّ من صوته، وأن يجعل صلاته بينه وبين ربّه، وكان يقال: ما سمعته أذنك فليس بمخافتةٍ.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يرفع صوته بالصّلاة، فيرمى بالخبث، فقال: لا ترفع صوتك فتؤذى ولا تخافت بها، وابتغ بين ذلك سبيلاً.
وقال آخرون: إنّما عنى بذلك: ولا تجهر بالتّشهّد في صلاتك، ولا تخافت بها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني أبو السّائب، قال: حدّثنا حفص بن غياثٍ، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: نزلت هذه الآية في التّشهّد {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها}.
- حدّثني أبو السّائب، قال: حدّثنا حفصٌ، عن أشعث، عن ابن سيرين، مثله. وزاد فيه: وكان الأعرابيّ يجهر فيقول: التّحيّات للّه، والصّلوات للّه، يرفع فيها صوته، فنزلت {ولا تجهر بصلاتك}.
وقال آخرون: بل كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يصلّي بمكّة جهارًا، فأمر بإخفائها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرمة، والحسن البصريّ، قالا: قال في بني إسرائيل {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً} وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا صلّى يجهر بصلاته، فآذى ذلك المشركين بمكّة، حتّى أخفى صلاته هو وأصحابه، فلذلك قال {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً} وقال في الأعراف: {واذكر ربّك في نفسك تضرّعًا وخيفةً ودون الجهر من القول بالغدوّ والآصال ولا تكن من الغافلين}.
وقال آخرون: معنى ذلك: ولا تجهر بصلاتك تحسنها من إتيانها في العلانية، ولا تخافت بها: تسيئها في السّريرة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن الحسن، أنّه كان يقول: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} أي لا تراء بها علانيةً، ولا تخفها سرًّا {وابتغ بين ذلك سبيلاً}.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، قال: كان الحسن يقول في قوله: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قال: لا تحسن علانيتها، وتسيء سريرتها.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن عوفٍ، عن الحسن، في قوله: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قال: لا تراء بها في العلانية، ولا تخفها في السّريرة.
- حدّثني عليّ بن الحسن الأزرقيّ، قال: حدّثنا الأشجعيّ، عن سفيان، عن منصورٍ، عن الحسن {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قال: تحسن علانيتها، وتسيء سريرتها.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قال: لا تصلّ مراءاة النّاس ولا تدعها مخافةً.
وقال آخرون في ذلك ما؛
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً} قال: السّبيل بين ذلك الّذي سنّ له جبرائيل من الصّلاة الّتي عليها المسلمون. قال: وكان أهل الكتاب يخافتون، ثمّ يجهر أحدهم بالحرف، فيصيح به، ويصيحون هم به وراءه، فنهى أن يصيح كما يصيح هؤلاء، وأن يخافت كما يخافت القوم، ثمّ كان السّبيل الّذي بين ذلك، الّذي سنّ له جبرائيل من الصّلاة.
- وأولى الأقوال في ذلك بالصّحّة، ما ذكرنا عن ابن عبّاسٍ في الخبر الّذي رواه أبو بشرٍ، عن سعيدٍ، عن ابن عبّاسٍ، لأنّ ذلك أصحّ الأسانيد الّتي روي عن صحابيٍّ فيه قول مخرجًا.
وأشبه الأقوال بما دلّ عليه ظاهر التّنزيل، وذلك أنّ قوله: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} عقيب قوله {قل ادعوا اللّه أو ادعوا الرّحمن أيًّا ما تدعو فله الأسماء الحسنى} وعقيب تقريع الكفّار بكفرهم بالقرآن، وذلك بعدهم منه ومن الإيمان. فإذا كان ذلك كذلك، فالّذي هو أولى وأشبه بقوله {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} أن يكون من سبب ما هو في سياقه من الكلام، ما لم يأت بمعنًى يوجب صرفه عنه، أو يكون على انصرافه عنه دليلٌ يعلم به الانصراف عمّا هو في سياقه.
فإذا كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام: قل ادعوا اللّه، أو ادعوا الرّحمن، أيًّا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى، ولا تجهر يا محمّد بقراءتك في صلاتك ودعائك فيها ربّك ومسألتك إيّاه، وذكرك فيها، فيؤذيك بجهرك بذلك المشركون، ولا تخافت بها فلا يسمعها أصحابك {وابتغ بين ذلك سبيلاً} ولكن التمس بين الجهر والمخافتة طريقًا إلى أن تسمع أصحابك، ولا يسمعه المشركون فيؤذوك.
ولولا أنّ أقوال أهل التّأويل مضت بما ذكرت عنهم من التّأويل، وأنّا لا نستجير خلافهم فيما جاء عنهم، لكان وجهًا يحتمله التّأويل أن يقال: ولا تجهر بصلاتك الّتي أمرناك بالمخافتة بها، وهي صلاة النّهار لأنّها عجماء، لا يجهر بها، ولا تخافت بصلاتك الّتي أمرناك بالجهر بها، وهي صلاة اللّيل، فإنّها يجهر بها {وابتغ بين ذلك سبيلاً} بأن تجهر بالّتي أمرناك بالجهر بها، وتخافت بالّتي أمرناك بالمخافتة بها، لا تجهر بجميعها، ولا تخافت بكلّها، فكان ذلك وجهًا غير بعيدٍ من الصّحّة، ولكنّا لا نرى ذلك صحيحًا لإجماع الحجّة من أهل التّأويل على خلافه.
فإن قال قائلٌ: فأيّة قراءة هذه الّتي بين الجهر والمخافتة؟ قيل:
- حدّثني مطر بن محمّدٍ، قال: حدّثنا قتيبة، ووهب بن جريرٍ، قالا: حدّثنا شعبة، عن الأشعث بن سليمٍ، عن الأسود بن هلالٍ، قال: قال عبد اللّه: لم يخافت من أسمع أذنيه.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا شعبة، عن الأشعث، عن الأسود بن هلالٍ، عن عبد اللّه، مثله). [جامع البيان: 15/123-137]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أيا ما تدعوا يقول بشيء من أسماء الله يقول بأي أسمائه تدعوا فله الأسماء الحسنى). [تفسير مجاهد: 371]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا المبارك بن فضالة عن الحسن في قوله ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها يقول لا تخفها في السر). [تفسير مجاهد: 372]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها في الدعاء والمسألة). [تفسير مجاهد: 372]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ م ت س) ابن عباس - رضي الله عنه -: في قوله تعالى: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} [الإسراء: 110] قال: أنزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم متوارٍ بمكّة، وكان إذا رفع صوته، سمعه المشركون فسبّوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به، فقال الله عز وجل: {ولا تجهر بصلاتك}، أي: بقراءتك، حتى يسمعها المشركون {ولا تخافت بها} : عن أصحابك، فلا تسمعهم {وابتغ بين ذلك سبيلاً}: أسمعهم، ولا تجهر حتى يأخذوا عنك القرآن.
وفي رواية: {وابتغ بين ذلك سبيلاً} يقول: بين الجهر والمخافتة. أخرجه الجماعة إلا الموطأ، وأبا داود.
[شرح الغريب]
(تخافت) المخافتة: المساررة: والتخافت: السرار). [جامع الأصول: 2/218-219]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ م ط) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: أنزل هذا في الدّعاء {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها}. أخرجه البخاري، ومسلم.
وأخرجه الموطأ عن عروة بن الزبير، فجعله من كلامه). [جامع الأصول: 2/219]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {ولا تجهر بصلاتك} [الإسراء: 110].
- عن عائشة في قوله: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} [الإسراء: 110] نزلت في الدّعاء.
رواه البزّار، ورجاله رجال الصّحيح). [مجمع الزوائد: 7/51]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (حدّثنا عمر بن عليٍّ، ثنا يحيى، ثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} [الإسراء: 110] نزلت في الدّعاء.
قال البزّار: قد رواه الثّوريّ أيضًا عن هشامٍ بسنده). [كشف الأستار عن زوائد البزار: 3/56]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (قال أحمد بن منيع: وثنا عبّاد بن العوّام، عن أشعث بن سوّارٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ "في قوله تعالى: (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها) قال: كانوا يجهرون بالدّعاء: اللّهمّ ارحمني. فلمّا نزلت هذه الآية أمروا أن يجهروا ولا يخافتوا"). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/231]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (حدّثنا عبّاد بن العوّام - عن أشعث بن سوّارٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما في قوله تعالى: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قال: كانوا يجهرون بالدّعاء. اللّهمّ ارحمني، فلمّا نزلت هذه الآية أمروا أن لا يتخافتوا، ولا يجهروا). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/22]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 110.
أخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر بالدعاء فجعل يقول: يا الله، يا رحمن، فسمعه أهل مكة فأقبلوا عليه فأنزل الله {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن} الآية). [الدر المنثور: 9/461]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ذات يوم فدعا ربه فقال في دعائه: يا الله، يا رحمن، فقال المشركون: انظروا إلى هذا الضابئ ينهانا أن ندعو إلهين وهو يدعو إلهين، فأنزل الله {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن} الآية). [الدر المنثور: 9/461]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم في حرث في يده جريدة فسأله اليهود عن الرحمن - وكان لهم كاهن باليمامة يسمونه الرحمن - فأنزلت {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن} الآية). [الدر المنثور: 9/461]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مكحول: أن النّبيّ كان يتهجد بمكة ذات ليلة يقول في سجوده: يا رحمن، يا رحيم، فسمعه رجل من المشركين فلما أصبح قال لأصحابه: انظروا ما قال ابن أبي كبشة يزعم الليلة الرحمن الذي باليمن - وكان باليمن رجل يقال له رحمن - فنزلت {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن} الآية). [الدر المنثور: 9/461-462]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق نهشل بن سعيد عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله: {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} إلى آخر الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو أمان من السرق، وإن رجلا من الهاجرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تلاها حيث أخذ مضجعه فدخل عليه سارق فجمع ما في البيت وحمله - والرجل ليس بنائم - حتى انتهى إلى الباب فوجد الباب مردودا فوضع الكارة ففعل ذلك ثلاث مرات فضحك صاحب البيت ثم قال: إني أحصنت بيتي). [الدر المنثور: 9/462]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد {أيا ما تدعوا} قال: باسم من أسمائه والله أعلم). [الدر المنثور: 9/462]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن حبان، وابن مردويه والطبراني والبيهقي في "سننه" عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ولا تجهر بصلاتك} الآية، قال: نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة متوار فكان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن فإذا سمع ذلك المشركون سبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به فقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم {ولا تجهر بصلاتك} أي بقراءتك فيسمع المشركون فيسبوا القرآن {ولا تخافت بها} عن أصحابك فلا تسمعهم القرآن حتى يأخذوه عنك {وابتغ بين ذلك سبيلا} يقول: بين الجهر والمخافتة). [الدر المنثور: 9/463]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن إسحاق، وابن جرير والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جهر بالقرآن وهو يصلي تفرقوا عنه وأبوا أن يستمعوا منه فكان الرجل إذا أراد أن يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض ما يتلو وهو يصلي استرق السمع دونهم فرقا منهم فإن رأى أنهم قد عرفوا أنه يستمع ذهب خشية أذاهم فلم يستمع، فإن خفض رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستمع الذين يستمعون من قراءته شيئا، فأنزل الله {ولا تجهر بصلاتك} فيتفرقوا عنك {ولا تخافت بها} فلا تسمع من أراد أن يسمعها ممن يسترق ذلك لعله يرعوي إلى بعض ما يستمع فينتفع به {وابتغ بين ذلك سبيلا} ). [الدر المنثور: 9/463-464]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يجهر بالقراءة بمكة فيؤذى فأنزل الله {ولا تجهر بصلاتك} ). [الدر المنثور: 9/464]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة في الصنف عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا صلى عند البيت جهر بقراءته فكان المشركون يؤذونه فنزلت {ولا تجهر بصلاتك} الآية). [الدر المنثور: 9/464]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود في ناسخه، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى يجهر بصلاته فآذى ذلك المشركين فأخفى صلاته هو وأصحابه، فلذك قال الله: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} وقال: في الأعراف (واذكر ربك في نفسك) (الأعراف آية 205) الآية). [الدر المنثور: 9/464]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني والبيهقي في "سننه" عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قال: كان الرجل إذا دعا في الصلاة رفع صوته). [الدر المنثور: 9/464]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان مسيلمة الكذاب قد تسمى الرحمن فكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا صلى فجهر ببسم الله الرحمن الرحمن قال المشركون: يذكر إله اليمامة، فأنزل الله {ولا تجهر بصلاتك} ). [الدر المنثور: 9/464-465]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن سعيد رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع صوته ببسم الله الرحمن الرحيم، وكان مسيلمة قد تسمى الرحمن فكان المشركون إذا سمعوا ذلك من النّبيّ صلى الله عليه وسلم قالوا: قد ذكر مسيلمة إله اليمامة ثم عارضوه بالمكاء والتصدية والصفير، فأنزل الله {ولا تجهر بصلاتك} الآية). [الدر المنثور: 9/465]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا جهر بالقرآن شق ذلك على المشركين فيؤذون النّبيّ صلى الله عليه وسلم بالشتم - وذلك بمكة - فأنزل الله: يا محمد {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} لا تخفض صوتك حتى لا تسمع أذنيك {وابتغ بين ذلك سبيلا} يقول: اطلب الإعلان والجهر وبين التخافت والجهر طريقا، لا جهرا شديدا ولا خفضا حتى لا تسمع أذنيك، فلما هاجر النّبيّ صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ترك هذا كله). [الدر المنثور: 9/465]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن محمد بن سيرين قال: نبئت أن أبا بكر رضي الله عنه كان إذا قرأ خفض، وكان عمر رضي الله عنه إذا قرأ جهر، فقيل لأبي بكر رضي الله عنه: لم تصنع هذا قال: أناجي ربي وقد علم حاجتي، وقيل لعمر رضي الله عنه: لم تصنع هذا قال: أطرد الشيطان وأوقظ الوسنان، فلما نزلت {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قيل لأبي بكر رضي الله عنه: ارفع شيئا، وقيل لعمر رضي الله عنه: اخفض شيئا). [الدر المنثور: 9/465-466]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال: كان أبو بكر رضي الله عنه إذا صلى من الليل خفض صوته جدا وكان عمر رضي الله عنه إذا صلى رفع صوته جدا، فقال عمر رضي الله عنه: يا أبا بكر لو رفعت من صوتك شيئا، وقال أبو بكر رضي الله عنه: يا عمر لو خفضت من صوتك شيئا، فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه بأمرهما فأنزل الله {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} الآية، فأرسل النّبيّ صلى الله عليه وسلم إليهما فقال: يا أبا بكر ارفع من صوتك شيئا، وقال لعمر رضي الله عنه: اخفض من صوتك شيئا). [الدر المنثور: 9/466]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة في المصنف والبخاري ومسلم وأبو داود في الناسخ والبزار والنحاس، وابن نصر، وابن مردويه والبيهقي في "سننه" عن عائشة رضي الله عنها قالت: إنما نزلت هذه الآية {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} في الدعاء). [الدر المنثور: 9/466]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير والحاكم وعن عائشة رضي الله عنها قالت: نزلت هذه الآية في التشهد {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} ). [الدر المنثور: 9/466-467]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها في قوله: {ولا تجهر بصلاتك} قال: نزلت في المسألة والدعاء). [الدر المنثور: 9/467]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج محمد بن نصر، وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى عند البيت رفع صوته بالدعاء وآذاه المشركون فنزل {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} ). [الدر المنثور: 9/467]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور والبخاري في تاريخه، وابن المنذر، وابن مردويه عن دراج أبي السمح: أن شيخا من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} إنما نزلت في الدعاء لا ترفع صوتك في دعائك فتذكر ذنوبك فتسمع منك فتعير بها). [الدر المنثور: 9/467]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن منيع، وابن جرير ومحمد بن نصر، وابن المنذر، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ولا تجهر بصلاتك} قال: نزلت في الدعاء كانوا يجهرون بالدعاء: اللهم ارحمني، فلما نزلت أمروا أنى لا يخافتوا ولا يجهروا). [الدر المنثور: 9/467]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف، وابن جرير، وابن المنذر عن عبد الله بن شداد رضي الله عنه قال: كان أعراب من بني تميم إذا سلم النّبيّ صلى الله عليه وسلم قالوا: اللهم ارزقنا إبلا وولدا، فنزلت هذه الآية {ولا تجهر بصلاتك} ). [الدر المنثور: 9/468]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {ولا تجهر بصلاتك} قال: ذلك في الدعاء والمسألة). [الدر المنثور: 9/468]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ولا تجهر بصلاتك} ولا تصل مراياة الناس {ولا تخافت بها} قال: لا تدعها مخافة الناس). [الدر المنثور: 9/468]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قال: لا تصلها رياء ولا تدعها حياء). [الدر المنثور: 9/468]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ولا تجهر بصلاتك} لا تجعلها كلها جهرا {ولا تخافت بها} قال: لا تجعل كلها سرا). [الدر المنثور: 9/468]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن أبي رزين رضي الله عنه قال: في قراءة عبد الله بن عمر {ولا تخافت} بصوتك ولا تعال به). [الدر المنثور: 9/468]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير عن ابن مسعود قال: لم يخافت من أسمع أذنيه). [الدر المنثور: 9/469]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن مطرف بن عبد الله بن الشخير قال: العلم خير من العمل وخير الأمور أوسطها والحسنة بين تلك السيئتين وذلك لأن الله تعالى يقول: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا} ). [الدر المنثور: 9/469]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي قلابة قال: خير الأمور أوسطها). [الدر المنثور: 9/469]

تفسير قوله تعالى: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (111) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (قال أبو صخر عن القرظي أنه قال: في هذه الآية: {وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريكٌ في الملك ولم يكن له وليٌ من الذل وكبره تكبيرا}، قال: إن اليهود والنصارى قالوا: اتخذ الله ولدا، وقالت العرب: لبيك اللهم لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك؛ وقال الصائبون والمجوس: لولا أولياء الله لذل الله، فأنزل الله: {وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريكٌ في الملك ولم يكن له وليٌ من الذل وكبره} أنت، يا محمد، عما يقولون، {تكبيرا}). [الجامع في علوم القرآن: 2/76-77]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني محمد بن سعيد عن عمرو بن قيس عن عدي ابن عديٍّ الكنديّ عن خاله أنّ عثمان بن عفّان كان يقول في سجوده: {الحمد للّه الذي لم يتخذ ولداً}، إلى آخر السّورة، وفي السّجدة الثّانية: اللّهمّ، اغفر لنا ما قدّمنا وأخّرنا وما أسرفنا وما أنت أعلم به منّا). [الجامع في علوم القرآن: 3/106-107]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): ([الثوري] عن إبراهيم عن مجاهدٍ في قوله: {ولم يكن له وليٌّ من الذل} قال: لم يكن له حليفٌ ولا ناصر من خلقه [الآية: 111]). [تفسير الثوري: 176]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({وليٌّ من الذّلّ} [الإسراء: 111] : «لم يحالف أحدًا»). [صحيح البخاري: 6/83]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وليٌّ من الذّلّ لم يحالف أحدا وروى الطّبريّ من طريق بن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ في قوله ولم يكن له ولي من الذل قال لم يحالف أحدًا). [فتح الباري: 8/390] ). [فتح الباري: 8/391]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال ابن عبّاس كل سلطان في القرآن فهو حجّة {ولي من الذل} لم يخالف أحدا
أنبئت عمّن سمع الحافظ ضياء الدّين المقدسي أنا زاهر بن أبي طاهر أنا الحسين بن عبد الملك أنا عبد الرّحمن بن الحسن أنا أحمد بن إبراهيم أنا محمّد بن إبراهيم أنا سعيد بن عبد الرّحمن ثنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن عكرمة عن ابن عبّاس قال كل سلطان في القرآن فهو حجّة
وقال الفريابيّ ثنا قيس عن عمار الذّهبيّ عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس قال كل تسبيح في القرآن فهو صلاة وكل سلطان في القرآن فهو عذر وحجّة
وقرأت على خديجة بنت الشّيخ أبي إسحاق بن إسحاق بن سلطان أخبركم أبو نصر بن الشّيرازيّ في كتابه عن إسماعيل بن باتكين أن عمرو بن علّي الصّيرفي أخبره أنا رزق الله بن عبد الوهّاب التّميمي أنا أبو الحسين بن المتيم ثنا الحسين ابن إسماعيل المحاملي ثنا زيد بن اخزم ثنا عامر بن مدرك ثنا عقبة هو ابن يقظان عن عكرمة عن ابن عبّاس قال كل ريحان في القرآن رزق وكل سلطان فهو حجّة
تابعه أبو الحسن الميانجي في فوائده عن زيد بن أخزم مثله
وقال ابن جرير ثنا محمّد بن عمرو ثنا أبو عاصم ثنا عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله الإسراء {ولم يكن له ولي من الذل} قال لم يحالف أحدا). [تغليق التعليق: 4/238-239]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وليٌّ من الذّلّ لم يحالف أحدا
أشار به إلى قوله تعالى: {ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا} . قوله: (لم يحالف) بالحاء المهملة، أي: لم يوال أحدا لأجل مذلة به ليدفعها بموالاته، وعن مجاهد: لم يحتج في الانتصار إلى أحد، والله سبحانه أعلم). [عمدة القاري: 19/22]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({ولي من الذل}) أي (لم يحالف) بالحاء المهملة أي لم يوال (أحدًا) من أجل مذلة به ليدفعها بموالاته). [إرشاد الساري: 7/200]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقل الحمد للّه الّذي لم يتّخذ ولدًا ولم يكن له شريكٌ في الملك ولم يكن له وليّ من الذّلّ وكبّره تكبيرًا}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: {وقل} يا محمّد {الحمد للّه الّذي لم يتّخذ ولدًا} فيكون مربوبًا لا ربًّا، لأنّ ربّ الأرباب لا ينبغي أن يكون له ولدٌ {ولم يكن له شريكٌ في الملك} فيكون عاجزًا ذا حاجةٍ إلى معونة غيره ضعيفًا، ولا يكون إلهًا من يكون محتاجًا إلى معينٍ على ما حاول، ولم يكن منفردًا بالملك والسّلطان {ولم يكن له وليّ من الذّلّ} يقول: ولم يكن له حليفٌ حالفه من الذّلّ الّذي به، لأنّ من كان ذا حاجةٍ إلى نصرة غيره، فذليلٌ مهينٌ، ولا يكون من كان ذليلاً مهينًا يحتاج إلى ناصرٍ إلهًا يطاع {وكبّره تكبيرًا} يقول: وعظّم ربّك يا محمّد بما أمرناك أن تعظّمه به من قولٍ وفعلٍ، وأطعه فيما أمرك ونهاك.
وبنحو الّذي قلنا في قوله: {ولم يكن له وليّ من الذّلّ} قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {ولم يكن له وليّ من الذّلّ} قال: لم يحالف أحدًا، ولا يبتغي نصر أحدٍ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: ذكر لنا أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يعلّم أهله هذه الآية {الحمد للّه الّذي لم يتّخذ ولدًا ولم يكن له شريكٌ في الملك ولم يكن له وليّ من الذّلّ وكبّره تكبيرًا} الصّغير من أهله والكبير.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، قال: حدّثنا أبو الجنيد، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: إنّ التّوراة كلّها في خمس عشرة آيةً من بني إسرائيل، ثمّ تلا {لا تجعل مع اللّه إلهًا آخر}.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني أبو صخرٍ، عن القرظيّ، أنّه كان يقول في هذه الآية: {الحمد للّه الّذي لم يتّخذ ولدًا}.. الآية. قال: إنّ اليهود والنّصارى قالوا: اتّخذ اللّه ولدًا. وقالت العرب: لبّيك، لبّيك، لا شريك لك، إلاّ شريكًا هو لك. وقال الصّابئون والمجوس: لولا أولياء اللّه لذلّ اللّه، فأنزل اللّه: {وقل الحمد للّه الّذي لم يتّخذ ولدًا ولم يكن له شريكٌ في الملك ولم يكن له وليّ من الذّلّ وكبّره} أنت يا محمّد على ما يقولون {تكبيرًا}). [جامع البيان: 15/137-139]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ولم يكن له ولي من الذل يقول لم يحالف أحدا ولم يبتغ نصر أحد). [تفسير مجاهد: 372]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {الحمد للّه الّذي لم يتّخذ ولدًا} [الإسراء: 111].
- عن معاذ بن أنسٍ قال: قال رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: " «آية العزّ وقل الحمد للّه الّذي لم يتّخذ ولدًا ولم يكن له شريكٌ في الملك ولم يكن له وليٌّ من الذّلّ وكبّره تكبيرًا» ".
رواه الطّبرانيّ وأحمد، إلّا أنّه قال: عن النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - أنّه قال: " «آية العزّ الحمد للّه الّذي لم يتّخذ ولدًا ولم يكن له شريكٌ في الملك» " الآية كلّها،
- وله طريقٌ عند الطّبرانيّ عن رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - أنّه كان يقول: " «العزّة للّه والحمد للّه الّذي لم يتّخذ ولدًا» ".
رواه أحمد من طريقين، في إحداهما رشدين بن سعدٍ وهو ضعيفٌ، وفي الأخرى ابن لهيعة وهو أصلح منه، وكذلك الطّبرانيّ.
- وعن أبي هريرة قال: «خرجت مع رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - ويده في يدي، فأتى على رجلٍ رثّ الهيئة، قال: " أبو فلانٍ؟ ما الّذي بلغ بك ما أرى؟ "، قال: الضّرّ والسّقم يا رسول اللّه، قال: " [ألا] أعلّمك كلماتٍ يذهب اللّه عنك الضّرّ والسّقم؟ "، قال: لا، ما يسرّني بها أنّي شهدت معك بدرًا وأحدًا، قال: فضحك رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - ثمّ قال: "وهل يدرك أهل بدرٍ وأهل أحدٍ ما يدرك الفقير القانع؟ "، قال: فقال أبو هريرة: أنا يا رسول اللّه أنا فعلّمني، قال: فقال: " قل يا أبا هريرة: توكّلت على الحيّ القيّوم الّذي لا يموت، الحمد للّه الّذي لم يتّخذ ولدًا، ولم يكن له شريكٌ في الملك، ولم يكن له وليٌّ من الذّلّ، وكبّره تكبيرًا "، قال: فأتى عليّ رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - وقد حسنت حالي فقال لي: " مهيم؟ "، قال: فقلت: يا رسول اللّه، لم أزل أقول الكلمات الّتي علّمتنيهنّ».
رواه أبو يعلى، وفيه موسى بن عبيدة الرّبذيّ وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/52]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 111.
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال: إن اليهود والنصارى قالوا (اتخذا الله ولدا) (البقرة آية 116) وقالت العرب: لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك، وقال الصابئون والمجوس: لولا أولياء الله لذل فأنزل الله هذه الآية {وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا} ). [الدر المنثور: 9/469]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {ولم يكن له ولي من الذل} قال: لم يخف أحدا ولم يبتغ نصر أحد). [الدر المنثور: 9/469-470]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله: {وكبره تكبيرا} قال: كبره أنت يا محمد على ما يقولون تكبيرا). [الدر المنثور: 9/470]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والطبراني عن معاذ بن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: آية العز: {وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا} الآية كلها). [الدر المنثور: 9/470]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو يعلى، وابن السني عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خرجت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم ويدي في يده فأتى على رجل رث الهيئة فقال: أي فلان ما بلغ بك ما أرى قال: السقم والضر، قال: ألا أعلمك كلمات تذهب عنك السقم والضر، قل: توكلت على الحي الذي لا يموت و{الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا}
فأتى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد حسنت حالته فقال: مهيم فقال: لم أزل أقول الكلمات التي علمتني). [الدر المنثور: 9/470]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الفرج والبيهقي في الأسماء والصفات عن إسماعيل بن أبي فديك رضي اله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما كربني أمر إلا تمثل لي جبريل عليه السلام فقال: يا محمد قل توكلت على الحي الذي لا يموت و{الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك} الآية). [الدر المنثور: 9/471]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يعلم أهله هذه الآية {الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا} إلى آخرها، الصغير من أهله والكبير). [الدر المنثور: 9/471]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عبد الكريم بن أبي أمية قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم الغلام من بني هاشم إذا أفصح سبع سنوات {الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا} ). [الدر المنثور: 9/471]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة من طريق عبد الكريم عن عمرو بن شعيب رضي الله عنه قال: كان الغلام إذا أفصح من بني عبد المطلب علمه النّبيّ صلى الله عليه وسلم هذه الآية سبع مرات {الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا} الآية، وأخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده). [الدر المنثور: 9/471]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن السني والديلمي عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: إذا أخذت مضجعك فقولي: الحمد لله الكافي، سبحان الله الأعلى، حسبي الله وكفى ما شاء الله، قضى سمع الله لمن دعا ليس من الله ملجأ ولا وراء الله ملتجأ، توكلت على ربي وربكم، ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم {الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا} من يقولها عند منامه ثم ينام وسط الشياطين والهوام فلا تضره). [الدر المنثور: 9/472]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن الوراة كلها في خمس عشرة آية من بني إسرائيل ثم تلا {ولا تجعل مع الله إلها آخر} والله أعلم). [الدر المنثور: 9/472]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 28 جمادى الأولى 1434هـ/8-04-2013م, 08:57 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وبالحقّ أنزلناه} [الإسراء: 105] القرآن.
{وبالحقّ نزل وما أرسلناك إلا مبشّرًا} [الإسراء: 105] بالجنّة.
{ونذيرًا} [الإسراء: 105] تنذر النّاس). [تفسير القرآن العظيم: 1/167]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) :
( وقوله جل وعز: {وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا} أي تبشر المطيعين الجنة وتنذر العاصين بالنار).
[معاني القرآن: 4/204]


تفسير قوله تعالى: {وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (106)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وقرءانًا فرقناه لتقرأه على النّاس على مكثٍ ونزّلناه تنزيلا} [الإسراء: 106] أنزله اللّه في ثلاثٍ وعشرين سنةً.
{وقرءانًا فرقناه} [الإسراء: 106]، من قرأها بالتّخفيف قال: فرّق فيه بين الحقّ والباطل والحلال والحرام.
الحسن بن دينارٍ، أنّه كان يقرأها مثقّلةً فرّقناه.
قال: فرّقه اللّه؛ فأنزله يومًا بعد يومٍ، وشهرًا بعد شهرٍ، وعامًا بعد عامٍ، حتّى بلغ به ما أراد.
وقال مجاهدٌ: مكثٌ: على ترسّلٍ في قريشٍ.
- همّامٌ، عن الكلبيّ، عن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: نزل القرآن إلى السّماء الدّنيا جملةً واحدةً ليلة القدر، ثمّ جعل بعد ذلك ينزل نجومًا: ثلاث آياتٍ، وأربع وخمس آياتٍ وأقلّ من ذلك وأكثر.
ثمّ تلا هذه الآية: {فلا أقسم بمواقع النّجوم} [الواقعة: 75] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/167]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وقرآناً فرقناه...}

نصبت القرآن بأرسلناك أي ما أرسلناك إلا مبشّراً ونذيراً وقرآنا أيضا كما تقول: ورحمة؛ لأن القرآن رحمة. ويكون نصبه بفرقناه على راجع ذكره. فلمّا كانت الواو قبله نصب.
مثله {وفريقاً حقّ عليهم الضلالة} وأما (فرقناه) بالتخفيف فقد قرأه أصحاب عبد الله. والمعنى أحكمناه وفصّلناه؛ كما قال {فيها يفرق كلّ أمرٍ حكيمٍ} أي يفصّل.
وروي عن ابن عباس (فرّقناه يقول: لم ينزل في يوم ولا يومين. ... وحدثني الحكم بن ظهير عن السّدّي عن أبي مالك عن ابن عباس {وقرآناً فرقناه} مخففة). [معاني القرآن: 2/133-132]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن وأبو عمرو وأبو جعفر {وقرآنا فرقناه} مخففة.
قتادة "فرقناه" وهي قراءة [ابن عباس وابن محيصن].
أبو جعفر وشيبة ونافع {على مكث} بالضم؛ أي على ترسل؛ ولغة أخرى: على مكث، بالفتح؛ ويقال: لي ثم مكثه؛ أي لبث ومقام وتأن؛ والفعل منه: مكث ومكث مكثًا ومكثا). [معاني القرآن لقطرب: 833]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {فرقناه}: من خفف فالمعنى بيناه ومن شدد أراد أنه نزل متفرقا). [غريب القرآن وتفسيره: 221]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وفيه وجه آخر، وهو: أن القرآن كان ينزل شيئا بعد شيء وآية بعد آية، حتى لربما نزل الحرفان والثلاثة.
قال زيد بن ثابت: كنت أكتب لرسول الله صلّى الله عليه وسلم: لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله. فجاء عبد الله ابن أمّ مكتوم،
فقال: يا رسول الله إني أحب الجهاد في سبيل الله، ولكن بي من الضرر ما ترى. قال زيد: فثقلت فخذ رسول الله، صلّى الله عليه وسلم، على فخذي حتى خشيت أن ترضّها،
ثم قال: اكتب:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}.
وروى عبد الرّزاق، عن معمر، عن قتادة، عن الحسن أنه قال في قول الله عز وجل: {وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} قال: كان ينزل آية وآيتين وآيات، جوابا لهم عما يسألون وردّا على النبي.
وكذلك معنى قوله سبحانه: {وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} شيئا بعد شيء.
فكأن المشركين قالوا له: أسلم ببعض آلهتنا حتى نؤمن بإلهك، فأنزل الله: {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ}. يريد إن لم تؤمنوا حتى أفعل ذلك.
ثم غبروا مدّة من المدد وقالوا: تعبد آلهتنا يوما أو شهرا أو حولا، ونعبد إلهك يوما أو شهرا أو حولا، فأنزل الله تعالى: {وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ}.
على شريطة أن تؤمنوا به في وقت وتشركوا به في وقت.
قال أبو محمد: وهذا تمثيل أردت أن أريك به موضع الإمكان). [تأويل مشكل القرآن: 238-237] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على النّاس على مكث ونزّلناه تنزيلا}
وتقرأ (فرّقناه) - بالتشديد، وقرآنا منصوب بفعل مضمر، المعنى: وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا، تبشر المؤمنين بالجنة وتنذر من عصى اللّه بالنار، وقرآنا فرقناه.
أنزل اللّه " عزّ وجلّ القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا، ثم أنزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - في عشرين سنة، فرقه اللّه في التنزيل ليفهمه الناس،
فقال: {لتقرأه على النّاس على مكث}.
ومكث جميعا، والقراءة بضم الميم). [معاني القرآن: 3/264-263]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقرآنا فرقناه} قال أبو عمرو رحمه الله فرقناه بيناه). [معاني القرآن: 4/205]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {لتقرأه على الناس على مكث} قال مجاهد أي على تؤدة). [معاني القرآن: 4/205]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَرَقْناهْ}: بيّنّاه). [العمدة في غريب القرآن: 185]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {قل آمنوا به} [الإسراء: 107]، يعني: القرآن، يقول: قل للمشركين.
{أو لا تؤمنوا إنّ الّذين أوتوا العلم من قبله} [الإسراء: 107] قبل القرآن، يعني: المؤمنين من أهل الكتاب.
{إذا يتلى عليهم} [الإسراء: 107] القرآن.
{يخرّون للأذقان سجّدًا} [الإسراء: 107] للوجوه في تفسير قتادة). [تفسير القرآن العظيم: 1/167]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {يخرون للأذقان سجدا} يقولون: خر علينا خرا وخرورا: إذا وقع؛ وقال أيضًا: خر الرجل، يخر خرورًا: إذا جاء من بلد؛ ويجوز أن يكون {لم يخروا عليها صما وعميانا} من ذلك المعنى.
قال أبو علي: وأحسبني سمعت أن قوله {لم يخروا عليها صما} لم يقيموا عليها؛ وهو قريب من المعنى الأول.
وأما الأذقان فالواحد ذقن: وهو موضع الشعر من قدام اللحية بين العارضين). [معاني القرآن لقطرب: 843]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قل آمنوا به أو لا تؤمنوا إنّ الّذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرّون للأذقان سجّدا}
{يخرّون للأذقان سجّدا}
لأن الذي يخر وهو قائم يخر لوجهه، والذّقن مجتمع اللّحيين وهو عضو من أعضاء الوجه، وكما يبتدئ المبتدئ يخر فأقرب الأشياء من وجهه إلى الأرض الذّقن.
و (سجّدا) منصوب على الحال). [معاني القرآن: 3/264]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : وقوله جل وعز: {إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا} قال الحسن أي للجباه وقال قتادة أي للوجوه والذقن عند أهل اللغة مجتمع اللحيين وهو أقرب الأشياء إلى الأرض من الوجوه إذا ابتدئ السجود). [معاني القرآن: 4/206-205]

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (إن الخفيفة: تكون بمعنى (ما)...، وقال المفسرون: وتكون بمعنى لقد، كقوله: {إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا}
و{تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} و{تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ} و{فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ} ). [تأويل مشكل القرآن: 552]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ويقولون سبحان ربّنا إن كان وعد ربّنا لمفعولا} معناه ما كان وعد ربنا إلا مفعولا.
وإن واللام دخلتا للتوكيد). [معاني القرآن: 3/264]

تفسير قوله تعالى: {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {ويقولون سبحان ربّنا إن كان وعد ربّنا لمفعولا {108} ويخرّون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعًا {109}} [الإسراء: 108-109] والخشوع: الخوف الثّابت في القلب). [تفسير القرآن العظيم: 1/168]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {ويخرّون للأذقان} واحدها ذقن وهو مجمع اللّحيين).
[مجاز القرآن: 1/392]


تفسير قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (110)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {قل ادعوا اللّه أو ادعوا الرّحمن} [الإسراء: 110] وذلك أنّ المشركين قالوا: أمّا اللّه فنعرفه، وأمّا الرّحمن فلا نعرفه، فقال اللّه: {قل ادعوا اللّه أو ادعوا الرّحمن} [الإسراء: 110].
سعيدٌ، عن قتادة، قال: أي أنّه هو اللّه وهو الرّحمن.
قال: {أيًّا ما تدعوا} [الإسراء: 110] قرّة بن خالدٍ، عن قتادة، قال: هي بلسان كلبٍ.
يقول: تدعوا أيّ الاسمين دعوتموه به.
{فله الأسماء الحسنى} [الإسراء: 110] وقال: {وهم يكفرون بالرّحمن قل هو ربّي} [الرعد: 30] أبو الأشعث، عن الحسن، قال: اللّه والرّحمن اسمان ممنوعان، لا يستطيع أحدٌ من الخلق أن ينتحلهما.
قوله: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا} [الإسراء: 110] تفسير الكلبيّ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذ هو بمكّة كان يجتمع إليه أصحابه، فإذا صلّى بهم ورفع صوته سمع المشركون صوته فآذوه، وإن خفض صوته لم يسمع من خلفه، فأمره اللّه أن يبتغي بين ذلك سبيلا.
وقال مجاهدٌ في حديث الأعمش: حتّى لا يسمعك المشركون فيسبّوك.
سعيدٌ، عن قتادة، قال: كان نبيّ اللّه وهو بمكّة إذا سمع المشركون صوته رموه بكلّ خبثٍ، فأمره اللّه أن يغضّ من صوته وأن يقتصد في صلاته، وكان يقال: ما أسمعت أذنيك فليس تخافتٌ.
عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدًا قال: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} [الإسراء: 110] في
[تفسير القرآن العظيم: 1/168]
الدّعاء والمسألة.
- ابن لهيعة، عن عبد اللّه بن هبيرة، أنّ ابن عبّاسٍ كان يقول: إنّ من الصّلاة سرًّا، ومنها جهرًا، فلا تجهر فيما تسرّ فيه، ولا تسرّ فيما تجهر فيه، وابتغ بين ذلك سبيلا.
قال يحيى: هي على هذا التّفسير: أي تجهر فيما يجهر فيه وتسرّ فيما يسرّ فيه.
- عثمان، عن زيد بن أسلم، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سمع أبا بكرٍ وهو يصلّي من اللّيل وهو يخفي صوته، وسمع عمر وهو يجهر صوته، وسمع بلالا وهو يقرأ من هذه السّورة ومن هذه، فقال لأبي بكرٍ: لم تخفي صوتك؟ قال: إنّ الّذي أناجي ليس ببعيدٍ.
فقال: صدقت.
وقال لعمر: لم تجهر صوتك؟ قال: أرضي الرّحمن، وأرغم الشّيطان، وأوقظ الوسنان.
قال: صدقت.
وقال لبلالٍ: لم تقرأ من هذه السّورة ومن هذه السّورة؟ فقال: أخلط طيّبًا بطيّبٍ قال: صدقت.
قال: فأمر أبا بكرٍ أن يرفع من صوته، وأمر عمر أن يخفض من صوته، وأمر بلالا إذا أخذ في سورةٍ أن يفرغ منها.
وأنزل اللّه: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا} [الإسراء: 110] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/169]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أيّاً مّا تدعوا...}

(ما) قد يكون صلة، كما قال تبارك وتعالى: {عمّا قليلٍ ليصبحنّ نادمين} وتكون في معنى أي معادة لمّا اختلف لفظهما:
وقوله: {وابتغ بين ذلك سبيلاً} أي قصدا). [معاني القرآن: 2/133]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ولا تخافت بها} مجازه: لا تخفت بها، ولاتفوة بها، ولكن أسمعها نفسك ولا نجهر بها فترفع صوتك، وهذه في صلاة النهار العجما؛ كذلك تسميها العرب ولم نسمع في صلاة الليل شيئاً). [مجاز القرآن: 1/392]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قل ادعوا اللّه أو ادعوا الرّحمن أيّاً مّا تدعوا فله الأسماء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً}
وقال: {أيّاً مّا تدعوا} كأنه قال "أيّا تدعوا".
وقال: {أيّاً مّا تدعوا فله الأسماء الحسنى} يقول: "أيّ: الدّعائين تدعوا فله الأسماء الحسنى"). [معاني القرآن: 2/73]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قراءة مجاهد وأبي عمرو وأهل مكة وأهل المدينة والأعمش {قل ادعوا} بالضم {أو ادعوا الرحمن} {أو انقص} {أو اخرجوا} بالضم.
الحسن وعاصم {قل ادعوا} {أو ادعوا} {أو اخرجوا} بالكسر.
وكان أبو عمرو يقول {أن اقتلوا} فيكسر مع النون، ويقول {أو اخرجوا} فيضم مع الواو؛ لأن الواو منها الضمة، ويقول مع اللام {قل ادعوا}، فيضم؛ كأن ذلك لضمة القاف؛ فأتبع الضمة الضمة، كما قال: منذ يومين، وابن يعفر). [معاني القرآن لقطرب: 833]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {ولا تخافت بها} يقولون: خفت صوته، يخفت خفتًا وخفوتًا؛ أي سكن؛ وقد خفت الصوت مثقل: أسره.
و{يتخافتون بينهم}: أي يخفون ويسرون، و{لا تخافت بها} من ذلك). [معاني القرآن لقطرب: 843]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {تخافت بها}: تخفي). [غريب القرآن وتفسيره: 222]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولا تخافت بها} أي لا تخفها.
{وابتغ بين ذلك سبيلًا} أي بين الجهر وبين الإخفاء طريقا قصدا وسطا.
والترتيل في القراءة: التّبيين لها. كأنه يفصل بين الحرف والحرف ومنه قيل: ثغر رتل ورتل، إذا كان مفلّجا. يقال: كلام رتل، أي مرتل، وثغر رتل، يعني إذا كان مستوي النبات،
ورجل رتل - بالكسر - بيّن الرّتل: إذا كان مفلّج الأسنان). [تفسير غريب القرآن: 262]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (و(ما) قد تزاد، كقوله: {قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ} و{أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} ).
[تأويل مشكل القرآن: 252] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (مهما
مهما: هي بمنزلة «ما» في الجزاء. قال الله تعالى: {وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آَيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ}، أي ما تأتنا به من آية.
وقال الخليل في مهمما: هي (ما) أدخلت معها (ما) لغوا كما أدخلت مع (متى) لغوا، تقول: متى تأتني آتك، ومتى ما تأتني آتك. وكما أدخلت مع (ما) أيّ لغوا،
كقوله: {أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} أي أيّا تدعوا.
قال: ولكنهم استقبحوا أن يكرروا لفظا واحدا فيقولوا: (ما، ما) فأبدلوا الهاء من الألف التي في الأولى.
هذا قول الخليل.
وقال سيبويه: وقد يجوز أن تكون (مه) ضم إليها (ما) ). [تأويل مشكل القرآن: 532] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قل ادعوا اللّه أو ادعوا الرّحمن أيّا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا }
لما سمعت العرب ذكر الرحمن قالت: أتدعونا إلى اثنين إلى اللّه وإلى الرحمن.
واسم الرحمن في الكتب الأول المنزلة على الأنبياء.
فأعلمهم اللّه أن دعاءهم الرحمن ودعاءهم اللّه يرجعان إلى شيء واحد فقال: {أيّا ما تدعوا} المعنى أي أسماء اللّه تدعوا {فله الأسماء الحسنى}.
{ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها}.
المخافتة الإخفاء، والجهر رفع الصوت، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا جهر بالقرآن سب المشركون القرآن، فأمره اللّه - جلّ وعزّ - ألا يعرض القرآن لسبهم،
وألا يخافت بها مخافتة لا يسمعها من يصلي خلفه من أصحابه.
{وابتغ بين ذلك سبيلا} أي اسلك طريقا بين الجهر والمخافتة). [معاني القرآن: 3/265-264]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ثم قال جل وعز: {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن} فيروى أنهم قالوا ندعو اثنين فأعلم اله جل جلاله أنه لا يدعى غيره بأسمائه فقال أيا ما تدعو فله الأسماء الحسنى). [معاني القرآن: 4/206]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا} فيها وجهان:
أحدهما رواه الأعمش عن جعفر بن إياس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلن إذا قرأ فيسب المشركون القرآن ومن أنزله ومن جاء به فصار يخفي القراءة فأنزل الله جل وعز: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها}
والقول الآخر رواه هشام بن عروة عن أبيه قال قالت لي عائشة يا ابن أختي أتدري فيم أنزل ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها قال قلت لا قالت أنزل في الدعاء
قال أبو جعفر والإسنادان حسنان والدعاء يسمى صلاة ولا يكاد يقع ذلك للقراءة قال الأعمش:

تقول بنتي وقد قربت مرتحلا = يا رب جنب أبي الأوصابا والوجعا
عليك مثل الذي صليت فاغتمضي = نوما فإن لجنب المرء مضطجعا
ويقال إنه إنما قيل صلاة أنها لا تكون إلا بدعاء والدعاء صلاة فسميت باسمه). [معاني القرآن: 4/208-206]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} معناه: ولا تجهر بقراءة صلاتك. ولا تخافت بقراءة صلاتك.
وهو من المختصر). [ياقوتة الصراط: 316]

تفسير قوله تعالى: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (111)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وقل الحمد للّه الّذي لم يتّخذ ولدًا} [الإسراء: 111] يتكثّر به من القلّة.
{ولم يكن له شريكٌ في الملك} [الإسراء: 111] خلق معه شيئًا.
{ولم يكن له وليٌّ من الذّلّ} [الإسراء: 111] يتعزّز به.
{وكبّره تكبيرًا} [الإسراء: 111] عظّمه تعظيمًا.
سعيدٌ، عن قتادة، قال: كان يقال أنّ النّبيّ كان يعلّمها الصّغير والكبير من أهله.
سفيان الثّوريّ، عن إبراهيم بن المهاجر، عن مجاهدٍ، قال: {ولم يكن له وليٌّ من الذّلّ} [الإسراء: 111]، قال: لم يكن له حليفٌ ولا ناصرٌ من خلقه.
وقال السّدّيّ: يعني: ولم يكن له صاحبٌ يتعزّز به من ذلٍّ.
[تفسير القرآن العظيم: 1/169]
حمّادٌ، عن ثابتٍ البنانيّ، عن مطرّف بن عبد اللّه، عن كعبٍ، قال: فتحت التّوراة بـ: {الحمد للّه الّذي خلق السّموات والأرض وجعل الظّلمات والنّور ثمّ الّذين كفروا بربّهم يعدلون} [الأنعام: 1]، وختمت بـ: {الحمد للّه الّذي لم يتّخذ ولدًا ولم يكن له شريكٌ في الملك ولم يكن له وليٌّ من الذّلّ وكبّره تكبيرًا} [الإسراء: 111].
- الفرات بن سلمان قال: قالت عائشة: كان رسول اللّه عليه السّلام إذا صلّى ركعتي الفجر قال: اللّهمّ إنّا نشهد أنّك لست بإلهٍ استحدثناه، ولا بربٍّ يبيد ذكره، ولا مليكٍ معه شركاء يقضون معه، ولا كان قبلك إلهٌ ندعوه ونتضرّع إليه، ولا أعانك على خلقنا أحدٌ فنشكّ فيك، لا إله إلا أنت، اغفر لي إنّه لا يغفر الذّنوب إلا أنت). [تفسير القرآن العظيم: 1/170]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {وقل الحمد للّه الّذي لم يتّخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له وليّ من الذّلّ وكبّره تكبيرا}

يعاونه على ما أراد.
{ولم يكن له وليّ من الذّلّ} أي لم يحتج إلى أن ينتصر بغيره.
{وكبّره تكبيرا} أي عظّمه عظمة تامّة). [معاني القرآن: 3/265]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل} أي لم يحتج إلى من ينتصر له). [معاني القرآن: 4/208]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال عز وجل: {وكبره تكبيرا} أي عظمه تعظيما). [معاني القرآن: 4/208]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 28 جمادى الأولى 1434هـ/8-04-2013م, 09:01 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105) }

تفسير قوله تعالى: {وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (106) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب ثبات الياء والواو في الهاء التي هي علامة الإضمار وحذفهما
فأما الثبات فقولك ضربهو زيدٌ وعليها مالٌ ولديهو رجلٌ جاءت الهاء مع ما بعدها ههنا في المذكر كما جاءت وبعدها الألف في المؤنث وذلك قولك ضربها زيدٌ وعليها مالٌ. فإذا كان قبل الهاء حرف لينٍ فإن حذف الياء والواو في الوصل أحسن لأن الهاء من مخرج الألف والألف تشبه الياء والواو تشبههما في المد وهي أختهما فلما اجتمعت حروفٌ متشابهةٌ حذفوا وهو أحسن وأكثر وذلك قولك عليه يا فتى ولديه فلان ورأيت أباه قبل وهذا أبوه كما ترى وأحسن القراءتين: {ونزلناه تنزيلا} و: {إن تحمل عليه يلهث} و: {شروه بثمن بخس} و: {خذوه فغلوه} والإتمام عربيٌ). [الكتاب: 4/189]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) }
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
فتعجرفت وتعرضت لقلائص = خوص العيون خواضع الأذقان
...
والأذقان: جمع ذقن وهو طرف اللحى). [شرح ديوان كعب بن زهير: 221]

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) }

تفسير قوله تعالى: {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109) }

تفسير قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (110) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب أي
اعلم أن أيا مضافا وغير مضاف بمنزلة من. ألا ترى أنك تقول أي أفضل وأي القوم أفضل. فصار المضاف وغير المضاف يجريان مجرى من كما أن زيدا وزيد مناة يجريان مجرى عمرو فحال المضاف في الإعراب والحسن والقبح كحال المفرد. قال الله عز وجل: {أيّا ما تدعو فله الأسماء الحسنى} فحسن كحسنه مضافا). [الكتاب: 2/398]
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وسألت الخليل عن مهما فقال هي ما أدخلت معها ما لغواً بمنزلتها مع متى إذا قلت متى ما تأتني آتك وبمنزلتها مع إن إذا قلت إن ما تأتني آتك وبمنزلتها مع أين كما قال سبحانه وتعالى: {أينما تكونوا يدرككم
الموت} وبمنزلتها مع أيٍ إذا قلت: {أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} ولكنهم استقبحوا أن يكرروا لفظاً واحداً فيقولوا ماما فأبدلوا الهاء من الألف التي في الأولى وقد يجوز أن يكون مه كإذ ضم إليها ما). [الكتاب: 3/59-60] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وكل بابٍ فأصله شيءٌ واحدٌ، ثم تدخل عليه دواخل؛ لاجتماعها في المعنى. وسنذكر إن كيف صارت أحق بالجزاء? كما أن الألف أحق بالاستفهام، وإلا أحق بالاستثناء، والواو أحق بالعطف مفسراً إن شاء الله في هذا الباب الذي نحن فيه.
فأما إن فقولك: إن تأتني آتك، وجب الإتيان الثاني بالأول، وإن تكرمني أكرمك، وإن تطع الله يغفر لك، كقوله عز وجل: {إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} {وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم} {وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم}.
والمجازاة ب إذما قولك: إذما تأتني آتك؛ كما قال الشاعر:

إذ ما أنيت على الرسول فقل له = حقاً عليك إذا اطمأن المجلـس
ولا يكون الجزاء في إذ ولا في حيث بغير ما؛ لأنهما ظرفان يضافان إلى الأفعال. وإذا زدت على كل واحد منهما ما منعتا الإضافة فعملتا. وهذا في آخر الباب يشرح بأكثر من هذا الشرح إن شاء الله.
وأما المجازاة بـ (من) فقوله عز وجل: {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً} وقوله: {فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخساً ولا رهقاً}.
وبـ (ما) قوله: {ما يفتح الله للناس من رحمةٍ فلا ممسك لها}.
وبـ أين قوله عز وجل: {أينما تكونوا يدرككم الموت}. وقال الشاعر:
أين تضرب بنا العداة تجـدنـا = نصرف العيس نحوها للتلاقي
وبـ أنى قوله:
فأصبحت أنى تأتها تلتبس بـهـا = كلا مركبيها تحت رجليك شاجر
ومن حروف المجازاة مهما. وإنما أخرنا ذكرها؛ لأن الخليل زعم أنها ما مكررة، وأبدلت من الألف الهاء. وما الثانية زائدة على ما الأولى؛ كما تقول: أين وأينما، ومتى ومتى ما، وإن وإما، وكذلك حروف المجازاة إلا ما كان من حيثما وإذما. فإن ما فيهما لازمة. لا يكونان للمجازاة إلا بها، كما تقع رب على الأفعال إلا بـ ما في قوله: {ربما يود الذين كفروا}، ولو حذفت منها ما لم تقع إلا على الأسماء النكرات، نحو: رب رجل يا فتى.
والمجازاة بـ(أي) قوله: {أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} ). [المقتضب: 2/45-48] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فأما إن فإنها ليست باسم ولا فعل، إنما هي حرف، تقع على كل ما وصلته به، زماناً كان أو مكاناً أو آدمياً أو غير ذلك. تقول: إن يأتني زيدٌ آته. وإن يقم في مكان كذا وكذا أقم فيه، وإن تأتني يوم الجمعة آتك فيه.
وكذلك الألف في الاستفهام. تدخل على كل ضرب منه، وتتخطى ذلك إلى التقرير والتسوية: فالتقرير: قولك: أما جئتني فأكرمتك. وقوله عز وجل: {أليس في جهنم مثوىً للمتكبرين}.
والتسوية: ليت شعري أقام زيد أم قعد. وقد علمت أزيد في الدار أم عمرو.
فأما قولنا في إذ وحيث: إن الجزاء لا يكون فيهما إلا بما وما ذكرنا من أنا سنفسره فهذا موضع تفسيره.
أما إذ فتنبىء عن زمان ماض، وأسماء الزمان تضاف إلى الأفعال فإذا أضيفت إليها كانت معها كالشيء الواحد، ومتى جزمتها فصلت منها؛ ألا ترى أنك تقول: جئتك يوم خرج زيدٌ، وهذا يوم يخرج زيد، و{هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم} فلما وصلتها بـ ما جعلتهما شيئاً واحداً فانفصلت من الإضافة فعملت.
وحيث اسم من أسماء المكان مبهمٌ يفسره ما يضاف إليه. فحيث في المكان كحين في الزمان فلما ضارعتها أضيفت إلى الجمل، وهي الابتداء والخبر، أو الفعل والفاعل. فلما وصلتها ب ما امتنعت من الإضافة فصارت ك إذ إذا وصلتها ب ما.
فأما سائر الحروف التي ذكرنا سواهما فأنت في زيادة ما وتركها مخير. تقول: إن تأتني آتك، وإما تأتني آتك، وأين تكن أكن، وأينما تكن أكن، وأياً تكرم يكرمك، و{أياما تدعوا فله الأسماء الحسنى}.
فـ ما تدخل على ضربين: أحدهما: أن تكون زائدة للتوكيد فلا يتغير الكلام بها عن عمل ولا معنى. فالتوكيد ما ذكرته في هذه الحروف سوى حيثما وإذ ما. واللازم. ما وقع فيهما. ونظيرهما قولك: إنما زيد أخوك. منعت ما إن عملها، وكذلك جئتك بعد ما عبد الله قائم، فهذا خلاف قولك: بعد عبد الله، وكذلك:
أعلاقةً أم الوليد بـعـدمـا = أفنان رأسك كالثغام المخلس
وكذلك رب، تقول: رب رجلٍ، ولا تقول: رب يقوم زيد. فإذا ألحقت ما هيأتها للأفعال فقلت: ربما يقوم زيد، و{ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} ). [المقتضب: 2/52-54] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب الأفعال التي تدخلها ألف الوصل
والأفعال الممتنعة من ذلك
أما ما تدخله ألف الوصل فهو كل فعلٍ كانت الياء وسائر حروف المضارعة تنفتح فيه إذا قلت يفعل، قلت حروفه أو كثرت، إلا أن يتحرك ما بعد الفاء فيستغنى عن الألف كما ذكرت لك.
فمن تلك الأفعال: ضرب وعلم وكرم، وتقول إذا أمرت: اضرب زيداً، اعلم ذاك، اكرم يا زيد؛ لأنك تقول: يضرب ويعلم ويكرم، فالياء من جميع هذا مفتوحة.
وتقول: يا زيد اضرب عمراً فتسقط الألف؛ كما قال عز وجل: {قل ادعوا الله}، وكما قال: {واعلموا أنما غنمتم من شيءٍ} لأن الواو لحقت فسقطت الألف.
وكذلك تقول: انطلق يا زيد، وقد انطلقت يا زيد؛ لأن الألف موصولة؛ لأنك تقول في المضارع: ينطلق فتنفتح الياء، وكذلك إذا قال: استخرجت مالاً، واستخرج إذا أمرت؛ لأنك تقول: يستخرج. وكل فعلٍ لم نذكره تلحقه هذه العلة فهذا مجراه.
فأما تفاعل يتفاعل، وتفعل يتفعل: نحو: تقاعس الرجل، وتقدم الرجل فإن ألف الوصل لا تلحقه وإن كانت الياء مفتوحة في يتقدم، وفي يتقاعس؛ لأن الحرف الذي بعدها متحرك وإنما تلحق الألف لسكون ما بعدها.
فإن كان يفعل مضموم الياء لك تكن الألف إلا مقطوعة، لأنها تثبت كثبات الأصل إذ كان ضم الياء من يفعل إنما يكون لما وليه حرفٌ من الأصل؛ وذلك ما كان على أفعل؛ نحو: أكرم، وأحسن، وأعطى؛ لأنك تقول: يكرم، ويحسن، ويعطي، فتنضم الياء؛ كما تنضم في يدحرج ويهملج. فإنما تثبت الألف من أكرم؛ كما تثبت الدال من دحرج.
تقول: يا زيد أكرم عمراً، كما تقول: دحرج. قال الله عز وجل: {فاستمعوا له وأنصتوا} وقال: {وأحسن كما أحسن الله إليك} بالقطع.
وكان حق هذا أن يقال في المضارع: يؤكرم مثل يدحرج ويؤحسن. ولكن اطرحت الهمزة لما أذكره لك في موضعه إن شاء الله). [المقتضب: 2/86-87]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فمما وقعت ما فيه على الآدميين قول الله: {والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين}.
وقال قوم: ما وصلتها مصدر، فمعناه: أو ملك أيمانهم، وهذا أقيس في العربية. وقال الله عز وجل: {والسماء وما بناها}، فقال قوم: إنما هو: والسماء وبنائها، وقال قوم: معناه: ومن بناها على ما قيل فيما قبله.
فأما وقوع هذه الأسماء في الجزاء، وفي معنى الذي فبين واضح، نحو: من يأتني آته و{ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها} و{أياً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} فلذلك أخرنا شرحه حتى نذكره في موضعه إن شاء الله). [المقتضب: 4/218] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (111) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ} أي من ينصره ويعينه). [مجالس ثعلب: 431]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 16 ذو القعدة 1439هـ/28-07-2018م, 08:02 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 16 ذو القعدة 1439هـ/28-07-2018م, 08:02 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 16 ذو القعدة 1439هـ/28-07-2018م, 08:06 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وبالحق أنزلناه وبالحق نزل وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا قل آمنوا به أو لا تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا}
الضمير في قوله تعالى: "أنزلناه" عائد على القرآن المذكور في قوله سبحانه: {ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل}، ويجوز أن يكون الكلام آنفا، وأشار
[المحرر الوجيز: 5/554]
بالضمير إلى القرآن على ذكر متقدم لشهرته، كما قال تعالى: {حتى توارت بالحجاب}، وهذا كثير.
قال الزهراوي: معناه: بالواجب الذي هو المصلحة والسداد للناس بالحق في نفسه، وقوله سبحانه: {وبالحق نزل} يريد: بالحق في أوامره ونواهيه وأخباره، فبهذا التأويل يكون تكرار اللفظ لمعنى غير الأول، وذهب الطبري إلى أنهما بمعنى واحد، أي: بأخباره وأوامره، وبذلك نزل). [المحرر الوجيز: 5/555]

تفسير قوله تعالى: {وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (106)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: "وقرآنا". مذهب سيبويه أن نصبه بفعل مضمر يفسره الظاهر بعد، أي: وفرقنا قرآنا، ويصح أن يكون معطوفا على الكاف في "أرسلناك"، من حيث كان إرسال هذا وإنزال هذا لمعنى واحد.
وقرأ جمهور الناس: "فرقناه" بتخفيف الراء، ومعناه: بيناه وأوضحناه وجعلناه فرقانا. وقرأ ابن عباس، وقتادة، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وابن مسعود، وأبي بن كعب، والشعبي، والحسن بخلاف - وحميد، وعمرو بن فائد: "فرقناه" بتشديد الراء، إلا أن في قراءة ابن مسعود، وأبي بن كعب: "فرقناه عليه لتقرأه"، أي: أنزلناه شيئا بعد شيء، لا جملة واحدة، ويتناسق هذا المعنى مع قوله تعالى: {لتقرأه على الناس على مكث}، وهذا كان مما أراد الله من نزوله بأسباب تقع في الأرض من أقوال وأفعال في أزمان محدودة معينة.
واختلف أهل العلم، في كم القرآن من المدة؟ فقيل: في خمس وعشرين سنة، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: في ثلاث وعشرين، وقال قتادة: في عشرين.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا بحسب الخلاف في سن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أن الوحي جاء وهو ابن أربعين سنة، وتم بموته. وحكى الطبري عن الحسن البصري أنه قال: نزل القرآن في ثماني عشرة سنة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا قول مختل: لا يصح عن الحسن، والله أعلم.
[المحرر الوجيز: 5/555]
وتأول فرقة قوله تعالى: {على مكث}، أي: على ترسل في التلاوة وترتيل، هذا قول مجاهد وابن عباس، وابن جريج، وابن زيد. والتأويل الآخر، أي: على مكث وتطاول في المدة شيئا بعد شيء. وقوله تعالى: {ونزلناه تنزيلا} مبالغة وتأكيد بالمصدر للمعنى المتقدم ذكره في ألفاظ الآية.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وأجمع القراء على ضم الميم من "مكث"، ويقال: "مكث" و"مكث" بضم الميم، ومكث بكسرها). [المحرر الوجيز: 5/556]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {قل آمنوا به} الآية. هذه آية تحقير للكفار، وفي ضمنه ضرب من التوعد، والمعنى: إنكم لستم بحجة، فسواء علينا آمنتم أم كفرتم، وإنما ضرر ذلك على أنفسكم، وإنما الحجة أهل العلم من قبله، هم بالصفة المذكورة.
واختلف الناس في المراد بـ الذين أوتوا العلم من قبله -فقالت فرقة: هم مؤمنو أهل الكتاب. وقالت فرقة: هم ورقة بن نوفل، وزيد بن عمرو بن نفيل، ومن جرى مجراهما، وقيل: إن جماعة من أهل الكتاب جلسوا وهم على دينهم فتذاكروا أمر النبي عليه الصلاة والسلام وما أنزل عليه، وقرئ عليهم منه شيء فخشعوا وسبحوا لله وسجدوا له، وقالوا: هذا وقت نبوة المذكور في التوراة، وهذه صفته، ووعد الله به واقع لا محالة، وجنحوا إلى الإسلام هذا الجنوح، فنزلت الآية فيهم، وقالت فرقة: المراد بـ الذين أوتوا العلم من قبله محمد صلى الله عليه وسلم، والضمير في "قبله" عائد على القرآن، حسب الضمير في "به"، ويبين ذلك قوله: {إذا يتلى عليهم}. وقيل: الضميران لمحمد صلى الله عليه وسلم، واستأنف ذكر القرآن في قوله: {إذا يتلى عليهم}.
وقوله تعالى: {يخرون للأذقان}، أي: لناحيتها، وهذا كما تقول: ساقط لليد والفم، أي: لناحيتهما وعليهما، قال ابن عباس رضي الله عنهما: المعنى: للوجوه، وقال الحسن: للحى.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والأذقان أسافل الوجوه حيث يجتمع اللحيان، وهي أقرب ما في رأس الإنسان إلى الأرض لا سيما عند سجوده، وقال الشاعر:
[المحرر الوجيز: 5/556]
فخروا لأذقان الوجوه تنوشهم ... سباع من الطير العوادي وتنتف). [المحرر الوجيز: 5/557]

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"إن" في قوله تعالى: {إن كان وعد ربنا} هي عند سيبويه المخففة من الثقيلة. واللام بعدها لام التوكيد، وهي عند الفراء النافية واللام بمعنى: إلا. ويتوجه في هذه الآية معنى آخر، وهو أن يكون قوله: {قل آمنوا به أو لا تؤمنوا} مخلصا للوعيد دون التحقير. والمعنى: فسترون ما تجازون به، ثم ضرب لهم المثل -على جهة التقريع- بمن تقدم من أهل الكتاب، أي: إن الناس لم يكونوا كما أنتم في الكفر، بل كان الذين أوتوا التوراة والإنجيل والزبور والكتب المنزلة في الجملة إذا يتلى عليهم ما نزل عليهم خشعوا وآمنوا). [المحرر الوجيز: 5/557]

تفسير قوله تعالى: {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا}
هذه مبالغة في صفتهم، ومدح لهم، وحض لكل من ترسم بالعلم وحصل منه شيئا أن يجري إلى هذه الرتبة. وحكى الطبري عن التيمي أنه قال: إن من أوتي من العلم ما لم يبكه لخليق ألا يكون أوتي علما ينفعه; لأن الله تعالى نعت العلماء فقال: {إن الذين أوتوا العلم من قبله} إلى آخر الآيتين). [المحرر الوجيز: 5/557]

تفسير قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (110)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن} الآية.
سبب نزول هذه الآية أن المشركين سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو: يا الله، يا الرحمن، فقالوا: كان محمد يأمرنا بدعاء إله واحد، وهو يدعو إلهين. قاله ابن عباس رضي الله عنهما. وقال مكي: تهجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة، فقال في دعائه: يا رحمن يا رحيم،
[المحرر الوجيز: 5/557]
فسمعه رجل من المشركين -وكان باليمامة رجل يسمى الرحمان- فقال ذلك السامع: ما بال محمد يدعو رحمن اليمامة، فنزلت الآية مبينة أنها أسماء لشيء واحد، فإن دعوتموه بالله فهو ذلك، وإن دعوتموه بالرحمن فهو ذلك.
وقرأ طلحة بن مصرف: "أيا من تدعو فله الأسماء الحسنى"، أي: وله سائر الأسماء الحسنى، أي التي تقتضي أفضل الأوصاف.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهي بتوقيف، لا يصح وضع اسم الله تعالى إلا بتوقيف من القرآن أو الحديث. وقد روي: "إن لله تسعة وتسعين اسما" ... الحديث، ونصها كلها الترمذي وغيره بسند صحيح. وتقدير الآية: أي الأسماء تدعو به فأنت مصيب، له الأسماء الحسنى.
ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا يجهر بصلاته، وألا يخافت بها، وهو الإسرار الذي يسمعه المتكلم به، هذه هي حقيقته، ولكنه في الآية عبارة عن خفض الصوت وإن لم ينته إلى ما ذكرناه. واختلف المتأولون في "الصلاة"، ما هي؟ فقال ابن عباس، وعائشة رضي الله عنهما، وجماعة: هي الدعاء. وقال ابن عباس أيضا: هي قراءة القرآن في الصلاة، فهذا على حذف مضاف، التقدير: ولا تجهر بقراءة صلاتك، قال: والسبب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جهر بالقرآن فسمعه المشركون فسبوا القرآن ومن أنزله، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوسط، ليسمع أصحابه المصلون معه ويذهب عنه أذى المشركين. وقال ابن سيرين: كان الأعراب يجهرون بتشهدهم فنزلت الآية في ذلك، وكان أبو بكر رضي الله عنه يسر قراءته، وكان عمر رضي الله عنه يجهر بها، فقيل لهما في ذلك، فقال
[المحرر الوجيز: 5/558]
أبو بكر: إنما أناجي ربي وهو يعلم حاجتي، وقال عمر: أنا أطرح الشيطان وأوقظ الوسنان، فلما نزلت هذه الآية قيل لأبي بكر رضي الله عنه: ارفع أنت قليلا، وقيل لعمر رضي الله عنه: اخفض أنت قليلا. وقالت عائشة أيضا رضي الله عنها: الصلاة يراد بها في هذه الآية التشهد، وقال ابن عباس، والحسن: المراد: لا تحسن صلاتك في الجهر، ولا تسئها في السر، بل اتبع طريقا وسطا يكون دائما في كل حالة. وقال ابن زيد: معنى الآية النهي عما يفعله أهل الإنجيل والتوراة من رفع الصوت أحيانا فيرفع الناس معه، ويخفض أحيانا فيسكت من خلفه. وقال ابن عباس رضي الله عنهما في الآية: إن معناها: ولا تجهر بصلاة النهار، ولا تخافت بصلاة الليل، وابتغ سبيلا من امتثال الأمر كما رسم لك، ذكره يحيى بن سلام، والزهراوي. وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: لم يخافت من أسمع أذنه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وما روي من أنه قيل لأبي بكر رضي الله عنه: "ارفع أنت قليلا" يرد هذا، ولكن الذي قال ابن مسعود رضي الله عنه هو أصل اللغة، ويستعمل الخفوت بعد ذلك في أرفع من ذلك). [المحرر الوجيز: 5/559]

تفسير قوله تعالى: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (111)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا}. هذه الآية رادة على اليهود والنصارى والعرب في قولهم أفذاذا: "عزير وعيسى والملائكة ذرية لله"، سبحانه وتعالى عن أقوالهم ورادة على العرب في قولهم: "لولا أولياء الله لذل"، وقيد لفظ الآية نفي الولاية لله عز وجل بطريق الذل، وعلى جهة الانتصار; إذ ولايته موجودة بتفضله ورحمته لمن والى من صالح عباده. قال مجاهد: المعنى: لم يحالف أحدا، ولا ابتغ نصر أحد.
وقوله: {وكبره تكبيرا} أبلغ لفظة للعرب في معنى التعظيم والإجلال، ثم أكدها بالمصدر تحقيقا لها، وإبلاغا في معناها.
[المحرر الوجيز: 5/559]
وروى مطرف عن عبد الله بن كعب قال: "افتتحت التوراة بفاتحة سورة الأنعام، وختمت بخاتمة هذه السورة"). [المحرر الوجيز: 5/560]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 2 محرم 1440هـ/12-09-2018م, 06:02 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 2 محرم 1440هـ/12-09-2018م, 06:07 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وبالحقّ أنزلناه وبالحقّ نزل وما أرسلناك إلا مبشّرًا ونذيرًا (105) وقرآنًا فرقناه لتقرأه على النّاس على مكثٍ ونزلناه تنزيلا (106)}.
يقول تعالى مخبرًا عن كتابه العزيز، وهو القرآن المجيد، أنّه بالحقّ نزل، أي: متضمّنًا للحقّ، كما قال تعالى: {لكن اللّه يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه} [النّساء: 166] أي: متضمّنًا علم اللّه الّذي أراد أن يطلعكم عليه، من أحكامه وأمره ونهيه.
وقوله: {وبالحقّ نزل} أي: ووصل إليك -يا محمّد -محفوظًا محروسًا، لم يشب بغيره، ولا زيد فيه ولا نقص منه، بل وصل إليك بالحقّ، فإنّه نزل به شديد القوى، [القويّ] الأمين المكين المطاع في الملإ الأعلى.
وقوله: {وما أرسلناك} أي: يا محمّد {إلا مبشّرًا} لمن أطاعك من المؤمنين {ونذيرًا} لمن عصاك من الكافرين). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 127]

تفسير قوله تعالى: {وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (106)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وقرآنًا فرقناه} أمّا قراءة من قرأ بالتّخفيف، فمعناه: فصّلناه من اللّوح المحفوظ إلى بيت العزّة من السّماء الدّنيا، ثمّ نزل مفرقًا منجّمًا على الوقائع إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في ثلاثٍ وعشرين سنةً. قاله عكرمة عن ابن عبّاسٍ.
وعن ابن عبّاسٍ أيضًا أنّه قال {فرقناه} بالتّشديد، أي: أنزلناه آيةً آيةً، مبيّنًا مفسّرًا؛ ولهذا قال: {لتقرأه على النّاس} أي: لتبلّغه النّاس وتتلوه عليهم {على مكثٍ} أي: مهل {ونزلناه تنزيلا} أي: شيئًا بعد شيءٍ). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 127]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قل آمنوا به أو لا تؤمنوا إنّ الّذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرّون للأذقان سجّدًا (107) ويقولون سبحان ربّنا إن كان وعد ربّنا لمفعولا (108) ويخرّون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعًا (109)}.
يقول تعالى لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: {قل} يا محمّد لهؤلاء الكافرين بما جئتهم به من هذا القرآن العظيم: {آمنوا به أو لا تؤمنوا} أي: سواءٌ آمنتم به أم لا فهو حقٌّ في نفسه، أنزله اللّه ونوّه بذكره في سالف الأزمان في كتبه المنزّلة على رسله؛ ولهذا قال: {إنّ الّذين أوتوا العلم من قبله} أي: من صالح أهل الكتاب الّذين يمسّكون بكتابهم ويقيمونه، ولم يبدّلوه ولا حرّفوه {إذا يتلى عليهم} هذا القرآن، {يخرّون للأذقان} جمع ذقن، وهو أسفل الوجه {سجّدًا} أي: للّه عزّ وجلّ، شكرًا على ما أنعم به عليهم، من جعله إيّاهم أهلًا إن أدركوا هذا الرّسول الّذي أنزل عليه [هذا] الكتاب؛ ولهذا يقولون: {سبحان ربّنا} أي: تعظيمًا وتوقيرًا على قدرته التّامّة، وأنّه لا يخلف الميعاد الّذي وعدهم على ألسنة الأنبياء [المتقدّمين عن بعثة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم؛ ولهذا قالوا: {سبحان ربّنا إن كان وعد ربّنا لمفعولا}]). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 127-128]

تفسير قوله تعالى: {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ويخرّون للأذقان يبكون} أي: خضوعًا للّه عزّ وجلّ وإيمانًا وتصديقًا بكتابه ورسوله، ويزيدهم اللّه خشوعًا، أي: إيمانًا وتسليمًا كما قال: {والّذين اهتدوا زادهم هدًى وآتاهم تقواهم} [محمّدٍ: 17].
وقوله: {ويخرّون} عطف صفةٍ على صفةٍ لا عطف سجودٍ على سجودٍ، كما قال الشّاعر:
إلى الملك القرم وابن الهمام = وليث الكتيبة في المزدحم). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 128]

تفسير قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (110)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قل ادعوا اللّه أو ادعوا الرّحمن أيًّا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا (110) وقل الحمد للّه الّذي لم يتّخذ ولدًا ولم يكن له شريكٌ في الملك ولم يكن له وليٌّ من الذّلّ وكبّره تكبيرًا (111)}.
يقول تعالى: قل يا محمّد، لهؤلاء المشركين المنكرين صفة الرّحمة للّه، عزّ وجلّ، المانعين من تسميته بالرّحمن: {ادعوا اللّه أو ادعوا الرّحمن أيًّا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} أي: لا فرق بين دعائكم له باسم "اللّه" أو باسم " الرّحمن "، فإنّه ذو الأسماء الحسنى، كما قال تعالى: {هو اللّه الّذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشّهادة هو الرّحمن الرّحيم} إلى أن قال: {له الأسماء الحسنى يسبّح له ما في السّماوات والأرض وهو العزيز الحكيم} [الحشر: 22 -24].
وقد روى مكحولٌ أنّ رجلًا من المشركين سمع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وهو يقول في سجوده: "يا رحمن يا رحيم"، فقال: إنّه يزعم أنّه يدعو واحدًا، وهو يدعو اثنين. فأنزل اللّه هذه الآية. وكذا روي عن ابن عبّاسٍ، رواهما ابن جريرٍ.
وقوله: {ولا تجهر بصلاتك} الآية، قال الإمام أحمد:
حدّثنا هشيم، حدّثنا أبو بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: نزلت هذه الآية وهو متوارٍ بمكّة {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها [وابتغ بين ذلك سبيلا]} قال: كان إذا صلّى بأصحابه رفع صوته بالقرآن، فلمّا سمع ذلك المشركون سبّوا القرآن، وسبّوا من أنزله، ومن جاء به. قال: فقال اللّه تعالى لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {ولا تجهر بصلاتك} أي: بقراءتك فيسمع المشركون فيسبوا القرآن {ولا تخافت بها} عن أصحابك فلا تسمعهم القرآن حتّى يأخذوه عنك {وابتغ بين ذلك سبيلا}.
أخرجاه في الصّحيحين من حديث أبي بشرٍ جعفر بن إياسٍ، به وكذا روى الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ، وزاد: "فلمّا هاجر إلى المدينة، سقط ذلك، يفعل أيّ ذلك شاء".
وقال محمّد بن إسحاق: حدّثني داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا جهر بالقرآن وهو يصلّي، تفرّقوا عنه وأبوا أن يسمعوا منه، فكان الرّجل إذا أراد أن يستمع من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بعض ما يتلو وهو يصلّي، استرق السّمع دونهم فرقًا منهم، فإن رأى أنّهم قد عرفوا أنّه يستمع، ذهب خشية أذاهم فلم يستمع، فإن خفض صوته صلّى اللّه عليه وسلّم لم يستمع الّذين يستمعون من قراءته شيئًا، فأنزل اللّه {ولا تجهر بصلاتك} فيتفرّقوا عنك {ولا تخافت بها} فلا تسمع من أراد أن يسمعها ممّن يسترق ذلك دونهم، لعلّه يرعوي إلى بعض ما يسمع، فينتفع به {وابتغ بين ذلك سبيلا}
وهكذا قال عكرمة، والحسن البصريّ، وقتادة: نزلت هذه الآية في القراءة في الصّلاة.
وقال شعبة عن أشعث بن أبي سليمٍ عن الأسود بن هلالٍ، عن ابن مسعودٍ: لم يخافت بها من أسمع أذنيه.
قال ابن جريرٍ: حدّثنا يعقوب، حدّثنا ابن عليّة، عن سلمة بن علقمة، عن محمّد بن سيرين قال: نبّئت أنّ أبا بكرٍ كان إذا صلّى فقرأ خفض صوته، وأنّ عمر كان يرفع صوته، فقيل لأبي بكرٍ: لم تصنع هذا؟ قال: أناجي ربّي، عزّ وجلّ، وقد علم حاجتي. فقيل: أحسنت. وقيل لعمر: لم تصنع هذا؟ قال: أطرد الشّيطان، وأوقظ الوسنان. قيل أحسنت. فلمّا نزلت: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا} قيل لأبي بكرٍ: ارفع شيئًا، وقيل لعمر: اخفض شيئًا.
وقال أشعث بن سوّار، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: نزلت في الدّعاء. وهكذا روى الثّوريّ، ومالكٌ، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: نزلت في الدّعاء. وكذا قال مجاهدٌ، وسعيد بن جبيرٍ، وأبو عياض، ومكحولٌ، وعروة بن الزّبير.
وقال الثّوريّ عن [ابن] عيّاشٍ العامريّ، عن عبد اللّه بن شدّادٍ قال: كان أعرابٌ من بني تميمٍ إذا سلّم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قالوا: اللّهمّ ارزقنا إبلًا وولدًا. قال: فنزلت هذه الآية: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها}
قولٌ آخر: قال ابن جريرٍ: حدّثنا أبو السّائب، حدّثنا حفص بن غياثٍ، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، رضي اللّه عنها، نزلت هذه الآية في التّشهّد: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها}
وبه قال حفصٌ، عن أشعث بن سوّارٍ، عن محمّد بن سيرين، مثله.
قولٌ آخر: قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قال: لا تصلّ مراءاة النّاس، ولا تدعها مخافة النّاس. وقال الثّوريّ، عن منصورٍ، عن الحسن البصريّ: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قال: لا تحسن علانيتها وتسيء سريرتها. وكذا رواه عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن الحسن، به. وهشيم، عن عوفٍ، عنه به. وسعيدٌ، عن قتادة، عنه كذلك.
قولٌ آخر: قال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قوله: {وابتغ بين ذلك سبيلا} قال: أهل الكتاب يخافتون، ثمّ يجهر أحدهم بالحرف فيصيح به، ويصيحون هم به وراءه، فنهاه أن يصيح كما يصيح هؤلاء، وأن يخافت كما يخافت القوم، ثمّ كان السّبيل الّذي بين ذلك، الّذي سنّ له جبريل من الصّلاة). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 128-130]

تفسير قوله تعالى: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (111)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وقل الحمد للّه الّذي لم يتّخذ ولدًا} لـمّا أثبت تعالى لنفسه الكريمة الأسماء الحسنى، نزّه نفسه عن النّقائص فقال: {وقل الحمد للّه الّذي لم يتّخذ ولدًا ولم يكن له شريكٌ في الملك} بل هو اللّه الأحد الصّمد، الّذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحدٌ.
{ولم يكن له وليٌّ من الذّلّ} أي: ليس بذليلٍ فيحتاج أن يكون له وليٌّ أو وزيرٌ أو مشيرٌ، بل هو تعالى [شأنه] خالق الأشياء وحده لا شريك له، ومقدّرها ومدبّرها بمشيئته وحده لا شريك له.
قال مجاهدٌ في قوله: {ولم يكن له وليٌّ من الذّلّ} لم يحالف أحدًا ولا يبتغي نصر أحدٍ.
{وكبّره تكبيرًا} أي: عظّمه وأجلّه عمّا يقول الظّالمون المعتدون علوًّا كبيرًا.
قال ابن جريرٍ: حدّثني يونس، أنبأنا ابن وهبٍ، أخبرني أبو صخرٍ، عن القرظيّ أنّه كان يقول في هذه الآية: {وقل الحمد للّه الّذي لم يتّخذ ولدًا} الآية، قال: إنّ اليهود والنّصارى قالوا: اتّخذ اللّه ولدًا، وقال العرب: [لبّيك] لبّيك، لا شريك لك؛ إلّا شريكًا هو لك، تملكه وما ملك. وقال الصّابئون والمجوس: لولا أولياء اللّه لذلّ. فأنزل اللّه هذه الآية: {وقل الحمد للّه الّذي لم يتّخذ ولدًا ولم يكن له شريكٌ في الملك ولم يكن له وليٌّ من الذّلّ وكبّره تكبيرًا}
وقال أيضًا: حدّثنا بشرٌ، [حدّثنا يزيد] حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: ذكر لنا أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كان يعلّم أهله هذه الآية {وقل الحمد للّه الّذي لم يتّخذ ولدًا ولم يكن له شريكٌ في الملك ولم يكن له وليٌّ من الذّلّ وكبّره تكبيرًا} الصّغير من أهله والكبير.
قلت: وقد جاء في حديثٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سمّاها آية العزّ وفي بعض الآثار: أنّها ما قرئت في بيتٍ في ليلةٍ فيصيبه سرقٌ أو آفةٌ. واللّه أعلم.
وقال الحافظ أبو يعلى: حدّثنا بشر بن سيحان البصريّ، حدّثنا حرب بن ميمون، حدثنا موسى ابن عبيدة الرّبذي، عن محمّد بن كعبٍ القرظي، عن أبي هريرة قال: خرجت أنا ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ويدي في يده، فأتى على رجلٍ رثّ الهيئة، فقال: "أي فلان، ما بلغ بك ما أرى؟ ". قال: السّقم والضّرّ يا رسول اللّه. قال: "ألّا أعلّمك كلماتٍ تذهب عنك السّقم والضّرّ؟ ". قال: لا قال: ما يسرّني بها أن شهدت معك بدرًا أو أحدًا. قال: فضحك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وقال: "وهل يدرك أهل بدرٍ وأهل أحدٍ ما يدرك الفقير القانع؟ ". قال: فقال أبو هريرة: يا رسول اللّه، إيّاي فعلّمني قال: فقل يا أبا هريرة: "توكّلت على الحيّ الّذي لا يموت، الحمد للّه الّذي لم يتّخذ ولدًا، ولم يكن له شريكٌ في الملك، ولم يكن له وليٌّ من الذّلّ، وكبّره تكبيرًا". قال: فأتى عليّ رسول اللّه وقد حسنت حالي، قال: فقال لي: "مهيم". قال: قلت: يا رسول اللّه، لم أزل أقول الكلمات الّتي علّمتني.
إسناده ضعيفٌ وفي متنه نكارة. [والله أعلم]). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 130-131]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:43 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة