العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة النحل

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25 جمادى الأولى 1434هـ/5-04-2013م, 02:07 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (61)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولو يؤاخذ اللّه النّاس بظلمهم ما ترك عليها من دابّةٍ} لحبس المطر فأهلك حيوان الأرض.
{ولكن يؤخّرهم} يؤخّر المشركين.
{إلى أجلٍ مسمًّى} إلى السّاعة، لأنّ كفّار هذه الأمّة أخّر عذابها بالاستئصال إلى النّفخة الأولى.
{فإذا جاء أجلهم} بعذاب اللّه.
{لا يستأخرون} عنه، عن العذاب.
{ساعةً ولا يستقدمون} ). [تفسير القرآن العظيم: 1/70]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولو يؤاخذ اللّه النّاس بظلمهم ما ترك عليها من دابّة ولكن يؤخّرهم إلى أجل مسمّى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون}
معنى {عليها} على الأرض، ودل الإضمار على الأرض لأن الدوابّ إنما هي على الأرض.
وقوله: {وللّه المثل الأعلى}.
جاء في التفسير أنه، قوله: لا إله إلا اللّه، وتأويله أن اللّه - جل ثناؤه - له التوحيد، ونفي كل إله سواه). [معاني القرآن: 3/207-206]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة} أي على الأرض ولم يجر لها ذكر لأنه قد عرف المعنى). [معاني القرآن: 4/77]

تفسير قوله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ (62)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ويجعلون للّه ما يكرهون} يجعلون له البنات ويكرهونها لأنفسهم.
{وتصف ألسنتهم الكذب} سعيدٌ عن قتادة: أي: يتكلّمون به ويعلنون به.
{أنّ لهم الحسنى} ، أي: الغلمان.
وقال السّدّيّ: البنين، وهو واحدٌ.
وفي تفسير الحسن: أنّ لهم الجنّة، يقولون: أي إن كانت جنّةٌ.
كقوله: قول الكافر: {ولئن رجعت إلى ربّي إنّ لي عنده للحسنى}، أي: إن رجعت، وكانت ثمّ جنّةٌ.
قال اللّه: {لا جرم} وهي كلمة وعيدٍ.
{أنّ لهم النّار وأنّهم مفرطون} قال: معجّلون إلى النّار في تفسير الحسن.
أشعث عن جعفر بن أبي وحشيّة عن سعيد بن جبيرٍ، قال: {مفرطون} منسيّون فيها، مضيّعون.
قال السّدّيّ: {وأنّهم مفرطون} ، يعني: وأنّهم مسلّمون.
وبعضهم يقرأ هذا الحرف: وأنّهم مفرّطون، يعني: أنّهم مفرطون كقولهم: {يا حسرتنا على ما فرّطنا فيها}.
قال يحيى: وكذلك قرأتها عند عمرٍو). [تفسير القرآن العظيم: 1/71-70]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وتصف ألسنتهم الكذب أنّ لهم الحسنى...}
أنّ في موضع نصب لأنه عبارة عن الكذب. ولو قيل: {وتصف ألسنتهم الكذب} تجعل الكذب من صفة الألسنة واحدها كذوبٌ وكذب، مثل رسول ورسل،
ومثله قوله: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب} وبعضهم يخفض (الكذب) يجعله مخفوضاً باللام التي في قوله (لما) لأنه عبارة عن (ما) والنصب فيه وجه الكلام، وبه قرأت العوامّ. ومعناه: ولا تقولوا لوصفها الكذب.
وقوله: {وأنّهم مّفرطون} يقول: منسيّون في النار. والعرب تقول: أفرطت منهم ناساً أي خلّفتهم ونسيتهم.
وتقرأ {وأنّهم مّفرطون} بكسر الراء، كانوا مفرطين في سوء العمل لأنفسهم في الذنوب. وتقرأ {مفرّطون} كقوله: {يا حسرتا على ما فرّطت في جنب الله}
يقول: فيما تركت وضيّعت). [معاني القرآن: 2/108-107]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {مفرطون} أي متروكون منسيون مخلفون). [مجاز القرآن: 1/361]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قراءة الحسن وأبي عمرو وأهل مكة {وأنهم مفرطون} على أفرطوا.
قراءة أبي جعفر {وأنهم مفرطون} من فرط.
قراءة نافع {مفرطون} من أفرطوا هم.
ابن يعمر "وأنهم مفرطون" مثقلة بنصب الراء.
وقال بعضهم {مفرطون} معجلون إليها، وهو قول ابن عباس؛ وسنخبر وسنخبر عن كل ما فيها في اللغات؛ إن شاء الله). [معاني القرآن لقطرب: 807]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله عز وجل {وأنهم مفرطون} العرب تقول: المفرط المقدم، والمفرط المؤخر أيضًا؛ من قولهم: ما أفرطت أحدًا؛ أي ما خلفته؛ وقالوا أيضًا: ما فرطت أحدًا ثم؛ أي ما خلفته، فيجوز معنى الآية على الوجهين جميعًا.
[معاني القرآن لقطرب: 812]
وكان ابن عباس يقول: المفرط المعجل.
وقالوا أيضًا: فرط زيد أصحابه يفرطهم فراطة؛ وهو الذي يتقدم لهم فيصلح الدلاء والأرشية، ويهيء الماء؛ فصار المقدم هاهنا.
وقالوا أيضًا: افترط زيد فرطًا؛ وهم الأولاد؛ يقال: لهم الأفراط؛ والمعنى هاهنا التقديم أيضًا.
وقالوا: أيضًا فرط مني إليه قول يفرط فروطًا؛ وهو قوله {أن يفرط علينا أو أن يطغى}.
وقالوا أيضًا: فرطت إليه رسولا؛ بعثته في حاجة؛ أي جعلته لك جريًا في خصومة؛ هذا معنى من ثقل في القراءة، والله أعلم.
وقالوا أيضًا: أفرطت البعير إفراطًا؛ أي زدته ثقلا.
وقال الله عز وجل {يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله}، وقالوا: فرطت الرجل: ودعته ووذرته وكففت عنه.
[وقال محمد بن صالح:
الثقل ما كان في الظهر، والثقل في الأذن].
وقال ابن عباس {مفرطون} متروكون في النار). [معاني القرآن لقطرب: 813]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {لا جرم أن لهم النار} فجرم هذه فعل؛ ولم تنتصب بالنفي، مثل: لا رجل لك، ولكنه كأنه قال: جرم أن لهم النار؛ أي وجب؛ كقولك {لا أقسم بيوم القيامة}، والمعنى أقسم؛ وقد فسرنا جرم وما فيها في غريب هود). [معاني القرآن لقطرب: 821]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {مفرطون}: معجلون مخسؤون مبعدون وقال بعضهم). [غريب القرآن وتفسيره: 207]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ويجعلون للّه ما يكرهون} من البنات.
{وتصف ألسنتهم الكذب أنّ لهم الحسنى} أي الجنة. ويقال: البنين.
{وأنّهم مفرطون} أي معجلون إلى النار. يقال: فرط مني ما لم أحسبه.
أي سبق. والفارط: المتقدّم إلى الماء لإصلاح الأرشية والدّلاء حتى يرد القوم. وأفرطته: أي قدمته). [تفسير غريب القرآن: 245-244]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ويجعلون للّه ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أنّ لهم الحسنى لا جرم أنّ لهم النّار وأنّهم مفرطون}أي يجعلون للّه البنات اللاتي يكرهونهن.
وقوله: {وتصف ألسنتهم الكذب أنّ لهم الحسنى}.
(أنّ) بدل من (الكذب) المعنى وتصف ألسنتهم أنّ لهم الحسنى، أي يصفون أن لهم - مع فعلهم هذا القبيح - من اللّه جل ثناؤه - الجزاء الحسن.
وقوله: {لا جرم أنّ لهم النّار}.
" لا " رد لقولهم. المعنى - واللّه أعلم - ليس ذلك كما وصفوا، جرم أن لهم النّار، المعنى جرم فعلهم هذا أن لهم النار، أي كسب فعلهم أن لهم النار.
وقيل إنّ " أنّ " في موضع رفع، ذكر ذلك قطرب، وقال المعنى أن لهم النار.
{وأنهم مفرطون}.
فيها أربعة أوجه: (مفرطون) بإسكان الفاء وفتح الراء، ومفرّطون بفتح الفاء وتشديد الراء وبفتحها، ومفرطون - بإسكان الفاء وكسر الراء، ومفرّطون بفتح الفاء وتشديد الراء وكسرها.
فأمّا تفسير (مفرطون) و (مفرّطون) فجاء عن ابن عباس، متروكون وقيل عنه: معجلون. ومعنى الفرط في اللغة: التقدم، وقد فرط إليّ منه قول أي تقدّم، فمعنى مفرطون مقدمون إلى النار، وكذلك مفرطون، ومن فسّر متروكون فهو كذلك، أي قد جعلوا مقدّمين في العذاب أبدا متروكين فيه.
ومن قرأ مفرّطون، فالمعنى أنه وصف لهم بأنهم فرطوا في الدنيا فلم يعملوا فيها للآخرة وتصديق هذه القراءة قوله: {أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرّطت في جنب اللّه}.
ومن قرأ مفرطون، فالمعنى على أنهم أفرطوا في معصية اللّه، كما تقول: قد أفرط فلان في مكروهي.
وتأويله أنه آثر العجز وقدّمه). [معاني القرآن: 3/208-207]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ويجعلون لله ما يكرهون} يعني البنات ثم قال تعالى: {وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى}
قال مجاهد هو قولهم لنا البنون وقال غيره الحسنى الجنة). [معاني القرآن: 4/78]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون} وقيل لا رد لكلامهم وجرم بمعنى وجب وحق،
وقال أبو جعفر وقد استقصينا القول فيه). [معاني القرآن: 4/78]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال تعالى: {وأنهم مفرطون}
كذا قرأ الحسن ومجاهد وسعيد بن جبير بفتح الراء والتخفيف واختلفوا في تفسيره فقال الحسن مفرطون معجلون إلى النار،
وقال هشيم أخبرنا أبو بشر وحصين عن سعيد ابن جبير وأنهم مفرطون قال متروكون منسيون وروى ابن جريح عن مجاهد قال مفرطون منسيون،
قال أبو جعفر وقول الحسن أشهر في اللغة وأعرف وحكى أهل اللغة هو فارط وفرط وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنا فرطكم على الحوض أي متقدمكم إليه حتى تردوا على وأفرطته إذا قدمته وأنشد جماعة من أهل اللغة:
فاستعجلونا وكانوا من صحابتنا = كما تعجل فراط لوراد
وقال بقول سعيد بن جبير ومجاهد أبو عبيدة والكسائي والفراء قال أبو جعفر فعلى قول الحسن معجلون مقدمون إلى النار وعلى قول سعيد بن جبير ومجاهد متروكون في النار،
وقرأ عبد الله بن مسعود وابن عباس وأنهم مفرطون مبالغون في الإساءة كما يقال فرط فلان على فلان إذا أربى عليه وقال له أكثر مما قال من الشر ،
وقرأ أبو جعفر والسدي وأنهم مفرطون ومعناه مضيعون أي كانوا مضيعين في الدنيا). [معاني القرآن: 4/81-78]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وأنهم مفرطون} أي: متروكون منسيون في النار). [ياقوتة الصراط: 295]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لهم الحسنى} أي الجنة.
{وأنهم مفرطون} أي معجلون. والفارط: المتقدم إلى الماء). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 131]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مُفْرَطُونَ}: تفرّطوا في النار). [العمدة في غريب القرآن: 178]

تفسير قوله تعالى: {تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {تاللّه} قسمٌ، أقسم اللّه بنفسه.
{لقد أرسلنا إلى أممٍ من قبلك} ، يعني: من أهلك بالعذاب من الأمم السّالفة.
{فزيّن لهم الشّيطان أعمالهم فهو وليّهم اليوم} وإلى يوم القيامة.
{ولهم عذابٌ أليمٌ} في الآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 1/72]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (64)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وما أنزلنا عليك الكتاب} القرآن.
{إلا لتبيّن لهم الّذي اختلفوا فيه وهدًى ورحمةً} يقول: ما فيه هدًى ورحمةٌ.
{لقومٍ يؤمنون} ). [تفسير القرآن العظيم: 1/72]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وما أنزلنا عليك الكتاب إلّا لتبيّن لهم الّذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون }
بنصب (رحمة) المعنى: وما أنزلنا عليك الكتاب إلا هدى ورحمة، أي ما أنزلناه عليك إلا للهداية والرحمة، فهو مفعول له.
ويجوز: وهدى ورحمة في هذا الموضع، المعنى: وما أنزلنا عليك الكتاب إلا للبيان رهو - مع ذلك - هدى ورحمة). [معاني القرآن: 3/208]


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 25 جمادى الأولى 1434هـ/5-04-2013م, 02:16 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (61) }

تفسير قوله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ (62) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وأما قوله عز وجل: {لا جرم أن لهم النار} فأن جرم عملت فيها لأنها فعلٌ ومعناها لقد حق أن لهم النار ولقد استحق أن لهم النار وقول المفسرين معناها حقاً أن لهم النار يدلك أنها بمنزلة هذا الفعل إذا مثلت فجرم بعد عملت في أن عملها في قول الفزاري:
ولقد طعنت أبا عيينة طعنةً = جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا
أي أحقت فزارة.
وزعم الخليل أن لا جرم إنما تكون جواباً لما قبلها من الكلام يقول الرجل كان كذا وكذا وفعلوا كذا وكذا فتقول لا جرم أنهم سيندمون أو أنه سيكون كذا وكذا). [الكتاب: 3/138]
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (وقالوا: المُفْرَط: المقدم. وقد أفرطته، أي: قدمته. وأفرطته: أخرته. والمفرط: المؤخر. وقالوا: ما أفرطت أحدا، أي لم أخلفه. وما فرطت أيضا خلفي أحدا، أي: خلفته. كقول الله عز وجل: {لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون} يجوز أن يكون: وأنهم مقدمون إليها جميعا. ويجوز أنهم مؤخرون مباعدون متركون من الثواب. وفي مثل معنى التقديم، فرط زيد
أصحابه يفرطهم فراطة: إذا تقدم قبلهم فسوى لهم الأرشية والدلاء وهيأ الماء. وافترط زيد، وهم الأفراط: الأولاد. والمعنى فيه التقديم، قدم الأولاد. ويقال أيضا: فَرَط إليه مني قول يفرط فرطا، كقول الله عز وجل: {أن يفرط علينا أو أن يطغى}. وفرطت في الأمر تفريطا ضيعته). [الأضداد: 114-115]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (الكسائي: ما أفرطت من القوم أحدًا. أي ما تركت ومنه [قوله عز وجل: {وإنهم مفرطون} قال عمرو بن معديكرب:
أطلت فراطهم حتى إذا ما = قتلت سراتهم كانت قطاط).
[الغريب المصنف: 3/937]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (وقال أبو عبيد: في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: أنا فرطكم في على الحوض.
قال: حدثناه إبراهيم بن سليمان أبو إسماعيل مؤدب آل أبي عبيد الله، عن عبد الملك بن عمير، قال: سمعت جندب بن سفيان، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنا فرطكم على الحوض)).
وقال بعضهم: جندب بن عبد الله، وهو هذا.
قال الأصمعي: الفرط والفارط: المتقدم في طلب الماء، يقول: أنا: أتقدمكم إليه.
ويقال منه: فرطت القوم وأنا أفرطهم، وذلك إذا تقدمتهم ليرتاد لهم الماء. ومن هذا قولهم في الدعاء في الصلاة على الصبي الميت: اللهم اجعله لنا فرطا، أي أجرا متقدما نرد عليه وقال الشاعر:
فأثار فارطهم غطاطا جثما = أصواته كتراطن الفرس
يعني أنه لم يجد في الركية ماء، إنما وجد غطاطا وهو القطا وجمع الفارط فراط وقال القطامي:
فاستعجلونا وكانوا من صحابتنا = كما تعجل فراط لوراد
ويقال: صحاب وصحابة وصحبة وصحب فإذا كسرت الصاد فلا هاء فيه. ويقال: أفرطت الشيء أي نسيته وأخرته. قال الله تبارك وتعالى: {وأنهم مفرطون}.
وفرط الرجل في القول إذا تعجل قال الله تبارك وتعالى: {إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى} ). [غريب الحديث: 1/171-173]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وتقول: عهدي به شاباً وإنه يومئذ يفخر، أي: وهذه حاله. ولو قلت: أنه جاز على بعد. كأنك قلت: عهدي به شاباً وبفخره. وكذلك لو قلت: رأيت زيداً عاقلاً فإذا إنه أحمق، وكنت أراه حراً فإذا إنه عبد، ولو قلت: أنه جاز. كأنك قلت: ظننته حراً فإذا العبودية أمره.

فأما قوله: {لا جرم أن لهم النار}. فـ أن مرتفعة بجرم، ومعناها: والله أعلم - حق أن لهم النار؛ كما قال عز وجل: {ولا يجرمنكم شنآن قوم} أي: لا يحقنكم.
قال الشاعر:
ولقد طعنت أبا عيينة طـعـنةً = جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا
). [المقتضب: 2/350-351]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فأما قول الله عز وجل: {وأرسلناه إلى مائة ألفٍ أو يزيدون} فإن قوماً من النحويين يجعلون أو في هذا الموضع بمنزلة بل. وهذا فاسدٌ عندنا من وجهين: أحدهما: أن أو لو وقعت في هذا الموضع موقع بل لجاز أن تقع في غير هذا الموضع، وكنت تقول: ضربت زيدا أو عمرا، وما ضربت زيدا أو عمرا على غير الشك، ولكن على معنى بل فهذا مردودٌ عند جميعهم.
والوجه الآخر: أن بل لا تأتي في الواجب في كلام واحد إلا للإضراب بعد غلطٍ أو نسيان، وهذا منفي عن الله عز وجل؛ لأن القائل إذا قال: مررت بزيد غالطاً فاستدرك، أو ناسياً فذكر، قال: بل عمرو؛ ليضرب عن ذلك، ويثبت ذا. وتقول عندي عشرة بل خمسة عشر على مثل هذا، فإن أتى بعد كلامٍ قد سبق من غيره فالخطأ إنما لحق كلام الأول؛ كما قال الله عز وجل: {وقالوا اتخذ الرحمن ولداً} فعلم السامع أنهم عنوا الملائكة بما تقدم من قوله: {وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاُ}.وقال: {أم اتخذ مما يخلق بناتٍ} وقال: {ويجعلون لله ما يكرهون} وقال: {بل عبادٌ مكرمون}، أي: بل هؤلاء الذين ذكرتم أنهم ولدٌ عبادٌ مكرمون. ونظير ذلك أن تقول للرجل: قد جاءك زيدٌ، فيقول: بل عمرو. ولكن مجاز هذه الآية عندنا مجاز ما ذكرنا قبل في قولك: ائت زيدا أو عمرا أو خالدا، تريد: ايت هذا الضرب من الناس، فكأنه قال - والله أعلم -: إلى مائة ألف أو زيادة. وهذا قول كل من نثق بعلمه. وتقول: وكل حقٍّ لها علمناه أو جهلناه. تريد توكيد قولك: كل حقٍّ لها، فكأنك قلت: إن كان معلوماً، أو مجهولاً فقد دخل في هذا البيع جميع حقوقها.
ولها في الفعل خاصةٌ أخرى نذكرها في إعراب الأفعال إن شاء الله. وجملتها أنك تقول: زيد يقعد أو يقوم يا فتى، وإنما أكلم لك زيدا، أو أكلم عمرا. تريد: أفعل أحد هذين؛ كما قلت في الاسم: لقيت زيدا أو عمرا، وأنا ألقى زيدا أو عمرا، أي: أحد هذين. وعلى القول الثاني: أنا أمضي إلى زيد، أو أقعد إلى عمرو، أو أتحدث، أي: أفعل هذا الضرب من الأفعال. وعلى هذا القول الذي بدأت به قول الله عز وجل: {تقاتلونهم أو يسلمون}، أي: يقع أحد هذين. فأما الخاصة في الفعل فأن تقع على معنى: إلا أن، وحتى، وذلك قولك: الزمه أو يقضيك حقك، واضربه أو يستقيم. وفي قراءة أبيٍّ: (تقاتلونهم أو يسلموا)، أي: إلا أن يسلموا، وحتى يسلموا. وهذا تفسيرٌ مستقصًى في بابه إن شاء الله). [المقتضب: 3/304-306] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وأفرطت حرف من الأضداد. يقال: أفرطت الرجل إذا قدمته، وأفرطته إذا أخرته ونسيته؛ قال الله جل وعز: {لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون}، فمعنى قوله جل وعز: {مفرطون} مقدمون معجلون. وقال جماعة من المفسرين والقراء: معناه منسيون متروكون.
ويقال: قد فرط الفارط في طلب الماء إذا تقدم، وهو الفارط، وهم الفارط؛ قال القطامي:
فاستعجلونا وكانوا من صحابتنا = كما تعجل فراط لوراد
وقال الآخر:
فأثار فارطهم غطاطا جثما = أصواته كتراطن الفرس
الغطاط: جنس من القطا. وقال النبي عليه السلام: ((أنا فرطكم على الحوض))، أي أنا أتقدمكم إليه حتى تردوه علي.
ويقال في الصلاة على الصبي الميت: (اللهم اجعله لنا فرطا)، فمعناه أجرا سابقا. ويقال: قد فرط من فلان إلي مكروه، أي تقدم وتعجل، قال الله عز وجل: {إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى} ). [كتاب الأضداد:71- 72]

تفسير قوله تعالى: {تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (64) }

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:58 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة