التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33)} قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {يا أيّها النّاس اتّقوا ربّكم واخشوا يومًا} [لقمان: 33]، يعني: العقاب فيه.
{لا يجزي والدٌ عن ولده} [لقمان: 33] لا يفديه من عذاب اللّه.
{ولا مولودٌ هو جازٍ عن والده شيئًا} [لقمان: 33] لا يفديه من عذاب اللّه.
{إنّ وعد اللّه حقٌّ} [الروم: 60]، يعني: البعث، والحساب، والجنّة، والنّار.
{فلا تغرّنّكم الحياة الدّنيا ولا يغرّنّكم باللّه الغرور} [لقمان: 33] وهي تقرأ على وجهين: الغرور والغرور، فمن قرأها الغرور، فيقول: الشّيطان، ومن قرأها الغرور يقول: غرور الدّنيا، كقوله: {وما الحياة الدّنيا إلا متاع الغرور} [الحديد: 20] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/682]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {باللّه الغرور...}
ما غرّك , فهو غرور، الشيطان غرور، والدنيا غرور, وتقول : غررته غروراً , ولو قرئت : ولا يغرنّكم بالله الغرور , يريد زينة الأشياء , لكان صواباً.). [معاني القرآن: 2/330]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({لا يجزي والدٌ عن ولده }, قوم يقولون: جزيت عنك كأنه من الجزاء , وهو من أغنيت , وقوم يقولون لا يجزئ عنك، يجعلونه من أجزأت عنك يهمزونه , ويدخلون في أوله ألفا.
{ ولا يغرّنّكم بالله الغرور }: مجازه أن كل من غرك من أمر الله , أو من غير ذلك , فهو غرور شيطاناً كان, أو غيره، تقديره فعول من غررت تغر.). [مجاز القرآن: 2/129]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : {لا يجزي والدٌ عن ولده} أي :لا يغني عنه, ولا ينفعه, {الغرور}: الشيطان، و{الغرور}بضم الغين: الباطل). [تفسير غريب القرآن: 345]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {يا أيّها النّاس اتّقوا ربّكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا إنّ وعد اللّه حقّ فلا تغرّنّكم الحياة الدّنيا ولا يغرّنّكم باللّه الغرور (33)}
{ولا مولود هو جاز عن والده شيئاً}: (جاز) في المصحف بغير ياء، والأصل : جازيّ.
وذكر سيبويه , والخليل أن الاختيار في الوقف هو جاز، بغير ياء , والأصل جازيّ بضمة وتنوين، فثقلت الضمة في الياء، فحذفت , وسكنت الياء , والتنوين فحذفت الياء لالتقاء السّاكنين، وكان ينبغي أن يكون في الوقف بياء لأن التنوين قد سقط , ولكن الفصحاء من العرب وقفوا بغير ياء ؛ ليعلموا أن هذه الياء تسقط في الوصل.
وزعم يونس أن بعض العرب الموثوق بهم يقف بياء، ولكن الاختيار اتباع المصحف , والوقف بغير ياء
وقوله عزّ وجلّ: {ولا يغرّنّكم باللّه الغرور}: الغرور: الشيطان). [معاني القرآن: 4/201-202]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور}
قال مجاهد , والضحاك : (الغرور : الشيطان)). [معاني القرآن: 5/293]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {الغرور}بالفتح: الشيطان، {والغرور} بالضم: الدنيا.). [ياقوتة الصراط: 406]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (و{الْغَرُورُ}: الشيطان،{الْغُرُورُ}بالضم: الباطل.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 190]
تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {إنّ اللّه عنده علم السّاعة} [لقمان: 34] علم مجيئها.
{وينزّل الغيث} [لقمان: 34]، يعني: المطر.
{ويعلم ما في الأرحام} [لقمان: 34] من ذكرٍ أو أنثى وكيف صوّره.
{وما تدري نفسٌ ماذا تكسب غدًا وما تدري نفسٌ بأيّ أرضٍ تموت إنّ اللّه عليمٌ خبيرٌ} [لقمان: 34]
[تفسير القرآن العظيم: 2/682]
عليمٌ بخلقه خبيرٌ بأعمالهم.
- حدّثنا مالك بن أنسٍ، عن عبد اللّه بن دينارٍ، عن ابن عمر، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " خمسٌ لا يعلمهنّ إلا اللّه: {عنده علم السّاعة وينزّل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفسٌ ماذا تكسب غدًا وما تدري نفسٌ بأيّ أرضٍ تموت إنّ اللّه عليمٌ خبيرٌ} [لقمان: 34] ".
- أبو سهلٍ، عن ابن دينارٍ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن قيس بن أبي حازمٍ، عن ابن مسعودٍ قال: إذا أراد اللّه تبارك وتعالى أن يقبض عبدًا بأرضٍ جعل له بها حاجةً، فإذا كان يوم القيامة قالت له الأرض: هذا ما استودعتني). [تفسير القرآن العظيم: 2/683]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {إنّ اللّه عنده علم السّاعة وينزّل الغيث ويعلم ما في الأرحام...}
فيه تأويل جحد المعنى: ما يعلمه غيره .
{وما تدري نفسٌ مّاذا تكسب غداً} : خرج هذا على الجحد, والمعنى الظاهر , والأوّل معروف بالضمير للجحد.
وقوله: {بأيّ أرضٍ} , وبأيّة أرض, فمن قال:{بأيّ أرضٍ}, اجتزأ بتأنيث الأرض من أن يظهر في أي تأنيثا آخر، ومن أنّث , قال : قد اجتزءوا بأيّ دون ما أضيف إليه، فلا بدّ من التّأنيث؛ كقولك: مررت بامرأة، فتقول: أيّةٍ، ومررت برجلين , فتقول: أيّين.). [معاني القرآن: 2/330]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ بأيّ أرضٍ تموت }, يقال: بأي أرض كنت , وبأيت أرض كنت, لغتان.). [مجاز القرآن: 2/129]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({إنّ اللّه عنده علم السّاعة وينزّل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفسٌ مّاذا تكسب غداً وما تدري نفسٌ بأيّ أرضٍ تموت إنّ اللّه عليمٌ خبيرٌ}
وقال: {وما تدري نفسٌ بأيّ أرضٍ تموت} , وقد تقول: "أيّ امرأةٍ جاءتك" , و"أيّة امرأةٍ جاءتك".). [معاني القرآن: 3/29]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ:{إنّ اللّه عنده علم السّاعة وينزّل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأيّ أرض تموت إنّ اللّه عليم خبير (34)}
جاء في التفسير : أن هذه الخمس مفاتح الغيب التي قال اللّه عز وجل فيها،: {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلّا هو}, فمن ادّعى أنه يعلم شيئا من هذه , فقد كفر بالقرآن؛ لأنه قد خالفه.). [معاني القرآن: 4/202]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث}
روي عن ابن عمر , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(( مفاتح الغيب خمسة )), وقد ذكرنا هذا بإسناده في سورة الأنعام في قوله تعالى: {وعنده مفاتح الغيب} , الآية.). [معاني القرآن: 5/293]