العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة يوسف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15 جمادى الأولى 1434هـ/26-03-2013م, 04:07 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي تفسير سورة يوسف [ من الآية (43) إلى الآية (49) ]

تفسير سورة يوسف
[ من الآية (43) إلى الآية (49) ]

بسم الله الرحمن الرحيم

{ وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43) قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ (44) وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (45) يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46) قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ (48) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49) }


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 15 جمادى الأولى 1434هـ/26-03-2013م, 04:07 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى أفتنا في سبع بقرات سمان قال أما السمان فسنون فيها خصب وأما السبع العجاف فسنون مجدبة لا تنبت شيئا وأما قوله يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا فيقول يأكلن ما كنتم اتخذتم فيهن من القوت إلا قليلا مما كنتم تحصنون قال قتادة فزاده الله علم سنة لم يسألوه عنها فقال ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون قال يعصرون الأعناب والثمار). [تفسير عبد الرزاق: 1/324]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقال الملك إنّي أرى سبع بقراتٍ سمانٍ يأكلهنّ سبعٌ عجافٌ وسبع سنبلاتٍ خضرٍ وأخر يابساتٍ يا أيّها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرّؤيا تعبرون}.
يعني جلّ ذكره بقوله: وقال ملك مصر {إنّي أرى} في المنام {سبع بقراتٍ سمانٍ يأكلهنّ سبعٌ} من البقر {عجافٌ} وقال: {إنّي أرى}، ولم يذكر أنّه رأى في منامه ولا في غيره، لتعارف العرب بينها في كلامها إذا قال القائل منهم: أرى أنّي أفعل كذا وكذا أنّه خبرٌ عن رؤيته ذلك في منامه، وإن لم يذكر النّوم. وأخرج الخبر جلّ ثناؤه على ما قد جرى به استعمال العرب ذلك بينهم.
{وسبع سنبلاتٍ خضرٍ} يقول: وأرى سبع سنبلاتٍ خضرٍ في منامي. {وأخر} يقول: وسبعًا أخر من السّنبل {يابساتٍ يا أيّها الملأ} يقول: يا أيّها الأشراف من رجالي وأصحابي {أفتوني في رؤياي} فاعبروها {إن كنتم للرّؤيا} عبرة.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرو بن محمّدٍ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، قال: إنّ اللّه أرى الملك في منامه رؤيا هالته، فرأى سبع بقراتٍ سمانٍ يأكلهنّ سبعٌ عجافٌ، وسبع سنبلاتٍ خضرٍ وأخر يابساتٍ. فجمع السّحرة والكهنة والحزاة والقافة، فقصّها عليهم. {قالوا أضغاث أحلامٍ وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين}
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثمّ إنّ الملك الرّيّان بن الوليد رأى رؤياه الّتي رأى، فهالته، وعرف أنّها رؤيا واقعةٌ، ولم يدر ما تأويلها؛ فقال للملإ حوله من أهل مملكته: {إنّي أرى سبع بقراتٍ سمانٍ يأكلهنّ سبعٌ عجافٌ}. إلى قوله: {بعالمين}). [جامع البيان: 13/177-178]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وقال الملك إنّي أرى سبع بقراتٍ سمانٍ يأكلهنّ سبعٌ عجافٌ وسبع سنبلاتٍ خضرٍ وأخر يابساتٍ يا أيّها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرّؤيا تعبرون (43)
قوله تعالى: وقال الملك إنّي أرى سبع بقراتٍ
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عيسى، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن عبد اللّه بن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ ثمّ إنّ الملك ريّان بن الوليد، رأى الرّؤيا الّتي هالته وعرف أنّها رؤيا واقعةٌ، ولم يدر ما تأويلها فقال للملأ حوله من أهل مملكته إنّي أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلاتٍ خضرٍ وأخر يابساتٍ.
قوله تعالى يا أيّها الملأ أفتوني في رءياي إن كنتم للرءيا تعبرون.
- حدثنا عبد الله بن سليما، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ: ثمّ إنّ اللّه تعالى أرى الملك رؤيا في منامه هالته، فرأى سبع بقراتٍ سمانٍ يأكلهنّ سبعٌ عجافٌ، وسبع سنبلاتٍ خضرٍ يأكلهنّ سبعٌ يابساتٍ، فجمع السّحرة والكهنة والعافّة وهم: القافّة والحاحزة وهم الّذين يزجرون الطّير فقصّها عليهم فقالوا: أضغاث أحلامٍ وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين). [تفسير القرآن العظيم: 7/2150-2151]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 43 - 46
أخرج ابن إسحاق، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال: قال يوسف عليه الصلاة والسلام للساقي {اذكرني عند ربك} أي الملك الأعظم ومظلمتي وحبسي في غير شيء، قال: أفعل، فلما خرج الساقي رد على ما كان عليه ورضي عنه صاحبه وأنساه الشيطان ذكر الملك الذي أمره يوسف عليه السلام أن يذكره له فلبث يوسف عليه السلام بعد ذلك في السجن بضع سنين ثم إن الملك ريان بن الوليد رأى رؤياه التي أرى فيها فهالته وعرف أنها رؤيا واقعة ولم يدر ما تأويلها فقال للملأ حوله من أهل مملكته {إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات} فلما سمع نبوا من الملك ما سمع منه ومسألته عن تأويلها ذكر يوسف عليه السلام وما كان عبر له ولصاحبه وما جاء من ذلك على ما قال من قوله فقال {أنا أنبئكم بتأويله} ). [الدر المنثور: 8/263]

تفسير قوله تعالى: (قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ (44) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى أضغاث أحلام قال أخلاط أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعلمين). [تفسير عبد الرزاق: 1/324]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({أضغاث أحلامٍ} [يوسف: 44] : " ما لا تأويل له، والضّغث: ملء اليد من حشيشٍ وما أشبهه، ومنه " {وخذ بيدك ضغثًا} [ص: 44] «لا من قوله أضغاث أحلامٍ، واحدها ضغثٌ»). [صحيح البخاري: 6/75-76]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله أضغاث أحلام ما لا تأويل له الضّغث ملء اليد من حشيشٍ وما أشبهه ومنه وخذ بيدك ضغثا لا من قوله أضغاث أحلامٍ واحدها ضغثٌ كذا وقع لأبي ذرٍّ وتوجيهه أنّه أراد أنّ ضغثًا في قوله تعالى وخذ بيدك ضغثا بمعنى ملء الكفّ من الحشيش لا بمعنى ما لا تأويل له ووقع عند أبي عبيدة في قوله تعالى قالوا أضغاث أحلامٍ واحدها ضغثٌ بالكسر وهي ما لا تأويل له من الرّؤيا وأراه جماعاتٌ تجمع من الرّؤيا كما يجمع الحشيش فيقول ضغثٌ أي ملء كفٍّ منه وفي آيةٍ أخرى وخذ بيدك ضغثا فاضرب به وروى عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة في قوله أضغاث أحلام قال أخلاط أحلامٍ ولأبي يعلى من حديث بن عبّاس في قوله أضغاث أحلام قال هي الأحلام الكاذبة). [فتح الباري: 8/360]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (أضغاث أحلامٍ ما لا تأويل له
أشار به إلى قوله تعالى: {قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين} (يوسف: 44) والأضغاث جمع ضغث، وهو ملء اليد من حشيش، وفسّر قوله: أضغاث أحلام، بقوله: ما لا تأويل له لأنّه من الأخلاط والرؤيا الكاذبة الّتي لا أصل لها. وقوله: (أضغاث أحلام) في محل الرّفع على الابتداء. قوله: (ما لا تأويل له) ، خبره وكلمة ما موصولة.
والضّغث ملء اليد من حشيشٍ وما أشبهه ومنه وخذ بيدك ضغثا لا من قوله أضغاث أحلامٍ واحدها ضغثٌ
أشار بقوله: {والضغث} إلى شيئين: أحدهما: أن الضغث واحد. الأضغاث والآخر: أن تفسيره بملء اليد من حشيش وما أشبهه، وأراد أن الضغث الّذي هو ملء الكفّ من أنواع الحشيش هو المراد من قوله تعالى: {وخذ بيدك ضغثا فاضرب به} (ص: 44) وذلك في قصّة أيّوب، عليه السّلام، وليس المراد هنا هذا المعنى، ولكن المراد من الأضغاث هنا هو الّذي واحده ضغث الّذي هو بمعنى ما لا تأويل له، وروى عبد الرّزّاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى: {أضغاث أحلام} ما حاصله أن الضغث في قوله: (وخذ بيدك ضغثا) بمعنى: ملء الكفّ من الحشيش، لا بمعنى: ما لا تأويل له، وروى عبد الرّزّاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى: {أضغاث أحلام} قال: أخلاط أحلام، وروى أبو يعلى بإسناده عن ابن عبّاس في قوله: {أضغاث أحلام} قال: هي الأحلام الكاذبة). [عمدة القاري: 18/301]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وقوله: ({أضغاث أحلام}) هي (ما لا تأويل له) وقال قتادة فيما رواه عبد الرزاق هي الأحلام الكاذبة وسقط لأبي ذر أحلام (والضغث) بكسر الضاد وسكون الغين المعجمتين وسقط الواو من قوله والضعث لأبي ذر (ملء اليد من حشيش وما أشبهه) جنسًا واحدًا أو أجناسًا مختلطة وخصه في الكشاف بما جمع من أخلاط النبات فقال وأصل الأضغاث ما جمع من أخلاط النبات، وحزم فاستعيرت لذلك أي استعيرت الأضغاث للتخاليط والأباطيل والجامع الاختلاط من غير تمييز بين جيد ورديء والإضافة في أضغاث أحلام بمعنى من التقدير أضغاث من أحلام (ومنه): {وخذ بيدك ضغثًا} [ص: 44] مما هو ملء الكف من الحشيش وهو من جنس واحد روي أنه أخذ عثكالاً من نخلة (لا من قوله) {أضغاث أحلام} [يوسف: 44] الذي هو بمعنى لا تأويل له (واحدها) أي الأضغاث (ضغث) ). [إرشاد الساري: 7/175]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قالوا أضغاث أحلامٍ وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين}.
يقول تعالى ذكره: قال الملأ الّذين سألهم ملك مصر عن تعبير رؤياه: رؤياك هذه أضغاث أحلامٍ؛ يعنون أنّها أخلاط رؤيا كاذبةٍ لا حقيقة لها.
وهي جمع ضغثٍ، والضّغث: أصله الحزمة من الحشيش، تشبّه بها الأحلام المختلطةً الّتي لا تأويل لها. والأحلام جمع حلم، وهو ما لم يصدّق من الرّؤيا، ومن الأضغاث قول ابن مقبلٍ:
خودٌ كأنّ فراشها وضعت به = أضغاث ريحانٍ غداة شمال
ومنه قول الآخر:
يحمي ذمار جنينٍ قلّ مانعه = طاو كضغث الخلا في البطن مكتمن
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {أضغاث أحلامٍ} يقول: مشتبهةٌ
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمّي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {أضغاث أحلامٍ} كاذبةٌ
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: لمّا قصّ الملك رؤياه الّتي رأى على أصحابه، قالوا: أضغاث أحلامٍ: أي فعل الأحلام
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {أضغاث أحلامٍ} قال: أخلاط أحلامٍ، {وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين}
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرو بن محمّدٍ، عن أبي مرزوقٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، قال: أضغاث أحلامٍ: كاذبةٌ
- قال: ثني المحاربيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، قالوا: أضغاث، قال: كذبٌ
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك يقول في قوله: {أضغاث أحلامٍ}: هي الأحلام الكاذبة
وقوله: {وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين} يقول: وما نحن بما تئول إليه الأحلام الكاذبة بعالمين. والباء الأولى الّتي في التّأويل من صلة العالمين، والّتي في العالمين الباء الّتي تدخل في الخبر مع ما الّتي بمعنى الجحد. ورفع أضغاث أحلامٍ، لأنّ معنى الكلام: ليس هذه الرّؤيا بشيءٍ إنّما هي أضغاث أحلامٍ). [جامع البيان: 13/178-181]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قالوا أضغاث أحلامٍ وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين (44)
قوله تعالى: أضغاث أحلامٍ.
- حدّثنا عليّ بن الحسين الهسنجانيّ، ثنا أبو الجماهر أنبأ سعيد بن بشيرٍ، ثنا عبادة قالوا أضغاث أحلامٍ قال: الأحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين
- حدّثنا أبي، ثنا عبد العزيز بن منيبٍ، ثنا أبو معاذٍ النّحويّ، عن عبيد بن سليمان، عن الضّحّاك قوله: أضغاث أحلامٍ فهي: الأحلام الكاذبة). [تفسير القرآن العظيم: 7/2151]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {أضغاث أحلامٍ} [يوسف: 44].
- عن ابن عبّاسٍ - رضي اللّه عنهما - في قوله: {أضغاث أحلامٍ} [يوسف: 44] قال: هي الأحلام الكاذبة.
رواه أبو يعلى، وفيه محمّد بن السّائب الكلبيّ وهو متروكٌ). [مجمع الزوائد: 7/39]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال أبو يعلى الموصليّ: ثنا أحمد الأخنسيّ، ثنا محمّد بن فضيلٍ، ثنا الكلبيّ، عن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ- رضي اللّه عنهما- "في قوله عزّ وجلّ: (أضغاث أحلامٍ) قال: هي الأحلام الكاذبة".
الكلبيّ ضعيفٌ، واسمه محمّد بن السّائب). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/224]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال أبو يعلى: حدثنا (الأخنسيّ)، ثنا ابن فضيلٍ، عن الكلبيّ، عن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما، في قوله: {أضغاث أحلامٍ}، قال: هي الأحلام الكاذبة). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14/745]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أضغاث أحلام} قال: من الأحلام الكاذبة.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه مثله). [الدر المنثور: 8/264]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {أضغاث أحلام} قال: أخلاط أحلام). [الدر المنثور: 8/264]

تفسير قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (45) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن عاصم عن أبي رزين عن ابن عباس وادكر بعد أمة قال بعد حين). [تفسير عبد الرزاق: 1/324]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وادكر بعد أمة قال بعد نسيانه
قال معمر وقال الحسن بعد حين). [تفسير عبد الرزاق: 1/324]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن عاصم بن بهدلة عن أبي رزينٍ عن ابن عبّاسٍ في قوله: {وادكر بعد أمة} قال: بعد حين [الآية: 45]). [تفسير الثوري: 143]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت: 227هـ): ( [الآية (45) : قوله تعالى: {وقال الّذي نجا منهما وادّكر بعد أمّةٍ أنا أنبّئكم بتأويله فأرسلون} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا أبو معاوية، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك أنّه كان يقرأ: {وادّكر بعد أمةٍ} أي بعد نسيانٍ). [سنن سعيد بن منصور: 5/394-395]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقال الّذي نجا منهما وادّكر بعد أمّةٍ أنا أنبّئكم بتأويله فأرسلون (45) يوسف أيّها الصّدّيق أفتنا في سبع بقراتٍ سمانٍ يأكلهنّ سبعٌ عجافٌ وسبع سنبلاتٍ خضرٍ وأخر يابساتٍ لعلّي أرجع إلى النّاس لعلّهم يعلمون}.
يقول تعالى ذكره: وقال الّذي نجا من القتل من صاحبي السّجن اللّذين استعبرا يوسف الرّؤيا {وادّكر} يقول: وتذكّر ما كان نسي من أمر يوسف، وذكر حاجته للملك الّتي كان سأله عند تعبيره رؤياه أن يذكرها له بقوله: {اذكرني عند ربّك}، {بعد أمّةٍ} يعني بعد حينٍ كالّذي؛
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن عاصمٍ، عن أبي رزينٍ، عن ابن عبّاسٍ، {وادّكر بعد أمّةٍ} قال: بعد حينٍ.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ؛ وحدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن عاصمٍ، عن أبي رزينٍ، عن ابن عبّاسٍ، مثله.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا الثّوريّ، عن عاصمٍ، عن أبي رزينٍ، عن ابن عبّاسٍ، مثله
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا أبو بكر بن عيّاشٍ، {وادّكر بعد أمّةٍ}: بعد حينٍ
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا عمرو بن محمّدٍ، قال: أخبرنا سفيان، عن عاصمٍ، عن أبي رزينٍ، قال: {وادّكر بعد أمّةٍ} قال: بعد حينٍ.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو نعيمٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن عاصمٍ، عن أبي رزينٍ، عن ابن عبّاسٍ مثله
- قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وادّكر بعد أمّةٍ} يقول: بعد حينٍ
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمّي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {وادّكر بعد أمّةٍ} قال: ذكر بعد حينٍ
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن الحسن، {وادّكر بعد أمّةٍ} بعد حينٍ.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، عن الحسن، مثله.
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا عفّان، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، مثله
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {وادّكر بعد أمّةٍ}: بعد حينٍ
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن كثيرٍ: {بعد أمّةٍ}: بعد حينٍ قال ابن جريجٍ، وقال ابن عبّاسٍ: {بعد أمّةٍ} قال: بعد سنين
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرو بن محمّدٍ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، {وادّكر بعد أمّةٍ} قال: بعد حينٍ
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا الحمّانيّ، قال: حدّثنا شريكٌ، عن سماكٍ، عن عكرمة، {وادّكر بعد أمّةٍ} قال: بعد حينٍ.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا الحمّانيّ، قال: حدّثنا شريكٌ، عن سماكٍ، عن عكرمة، {وادّكر بعد أمّةٍ} أي بعد حقبةٍ من الدّهر.
وهذا التّأويل على قراءة من قرأ: {بعد أمّةٍ} بضمّ الألف وتشديد الميم، وهي قراءة القرّاء في أمصار الإسلام.
وقد روي عن جماعةٍ من المتقدّمين أنّهم قرءوا ذلك: بعد أمّةٍ بفتح الألف، وتخفيف الميم، وفتحها بمعنى بعد نسيانٍ. وذكر بعضهم أنّ العرب تقول من ذلك: أمه الرّجل يأمه أمهًا: إذا نسي. وكذلك تأوّله من قرأ ذلك كذلك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا عفّان، قال: حدّثنا همّامٌ، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، أنّه كان يقرؤها: بعد أمهٍ ويفسّرها: بعد نسيانٍ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا بهز بن أسدٍ، عن همّامٍ، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ أنّه قرأ: بعد أمهٍ يقول: بعد نسيانٍ.
- حدّثني أبو غسّان مالك بن الخليل اليحمديّ، قال: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن أبي هارون الغنويّ، عن عكرمة، أنّه قرأ:( بعد أمهٍ). والأمه: النّسيان.
- حدّثني يعقوب وابن وكيعٍ، قالا: حدّثنا ابن عليّة، قال: حدّثنا أبو هارون الغنويّ، عن عكرمة، مثله
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا عبد الوهّاب، قال: قال هارون، وثني أبو هارون الغنويّ، عن عكرمة:( بعد أمهٍ): بعد نسيانٍ
- قال: حدّثنا عبد الوهّاب، عن سعيدٍ، عن قتادة، عن عكرمة: (وادّكر بعد أمّةٍ): بعد نسيانٍ
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن ابن عبّاس: أي بعد نسيانٍ
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، (وادّكر بعد أمّةٍ) قال: من بعد نسيانه
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو النّعمان عارمٌ، قال: حدّثنا حمّاد بن زيدٍ، عن عبد الكريم أبي أميّة المعلّم، عن مجاهدٍ، أنّه قرأ: وادّكر بعد أمّةٍ
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرو بن محمّدٍ، عن أبي مرزوقٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، {وادّكر بعد أمّةٍ} قال: بعد نسيانٍ
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ يقول: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك يقول في قوله: (وادّكر بعد أمّةٍ) يقول: بعد نسيانٍ.
وقد ذكر فيها قراءةً ثالثةً وهي ما؛
- حدّثني به المثنّى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه بن الزّبير، عن سفيان، عن حميدٍ، قال: قرأ مجاهدٌ: وادّكر بعد أمةٍ مجزومة الميم مخفّفةً.
وكأنّ قارئ ذلك كذلك أراد به المصدر من قولهم: أمه يأمه أمهًا، وتأويل هذه القراءة، نظير تأويل من فتح الألف والميم.
وقوله: {أنا أنبّئكم بتأويله} يقول: أنا أخبركم بتأويله. {فأرسلون} يقول: فأطلقوني أمضي لآتيكم بتأويله من عند العالم به.
وفي الكلام محذوفٌ قد ترك ذكره استغناءً بما ظهر عمّا ترك وذلك: فأرسلوه فأتى يوسف، فقال له: يا يوسف يا أيّها الصّدّيق كما؛
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: {وقال الملك} للملإ حوله: {إنّي أرى سبع بقراتٍ سمانٍ}. الآية، وقالوا له ما قالوا، وسمع نبو من ذلك ما سمع، ومسألته عن تأويلها؛ ذكر يوسف، وما كان عبّر له ولصاحبه وما جاء من ذلك على ما قال من قوله، قال: {أنا أنبّئكم بتأويله فأرسلون} يقول اللّه تعالى: {وادّكر بعد أمّةٍ}: أي حقبةٍ من الدّهر، فأتاه، فقال: يا يوسف إنّ الملك قد رأى كذا وكذا فقصّ عليه الرّؤيا، فقال فيها يوسف ما ذكر اللّه تعالى لنا في الكتاب فجاءهم مثل فلق الصّبح تأويلها، فخرج نبو من عند يوسف بما أفتاهم به من تأويل رؤيا الملك، وأخبره بما قال.
وقيل: إنّ الّذي نجا منهما إنّما قال: أرسلوني؛ لأنّ السّجن لم يكن في المدينة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرو بن محمّدٍ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، {وقال الّذي نجا منهما وادّكر بعد أمّةٍ أنا أنبّئكم بتأويله فأرسلون} قال ابن عبّاسٍ: لم يكن السّجن في المدينة، فانطلق السّاقي إلى يوسف، فقال: {أفتنا في سبع بقراتٍ سمانٍ} الآيات). [جامع البيان: 13/181-187]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وقال الّذي نجا منهما وادّكر بعد أمّةٍ أنا أنبّئكم بتأويله فأرسلون (45)
قوله تعالى: وقال الّذي نجا منهما
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عيسى، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قال: فلمّا سمع نبو من الملك ما سمع منه ومسألته، عن تأويلها، ذكر يوسف، وما كان عبر له ولصاحبه.
قوله: وادّكر.
- وبه، عن مجاهدٍ قال: فلمّا سمع نبو من الملك ذكر يوسف، وما كان عبر له ولصاحبه وما جاء من ذلك على ما قال من قوله: أنا أنبّئكم بتأويله
قوله: بعد أمة.
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو نعيمٍ، ثنا سفيان ، عن عاصمٍ، عن أبي رزينٍ، عن ابن عبّاسٍ وادّكر بعد أمّةٍ قال: بعد حينٍ.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ، أنبأ بشرٌ، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ وادّكر بعد أمّةٍ قال: بعد حينٍ، وهو: الأجل الّذي يعلمه اللّه.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: وادّكر بعد أمّةٍ يقول: بعد سنين.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عيسى، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ يقول اللّه: وادّكر بعد أمّةٍ أي: بعد حقبةٍ من الدّهر.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا هدبة بن خالدٍ، ثنا همّامٌ، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ أنّه قرأ: وادّكر بعد أمّةٍ
ويفسّرها قتادة: بعد نسيانٍ.
- حدّثنا أبي، ثنا نصرٌ قال: أخبرني أبي، عن همّامٍ، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، أنّه قرأ: بعد أمّةٍ. قال: بعد نسيانٍ.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا أبي، ثنا نصر بن عليٍّ، أخبرني أبي، عن خالد بن قيسٍ، عن قتادة، عن الحسن أنّه قرأ: وادّكر بعد أمّةٍ قال: بعد أمّةٍ من النّاس.
قوله تعالى: أنا أنبّئكم بتأويله.
- حدّثنا أبي، ثنا بشر بن هلال الصّوّاف، ثنا جعفر بن سليمان قال: قال مالك بن دينارٍ: وكان الحسن يقرأ هذه الآية أنا آتيكم بتأويله فقيل له: يا أبا سعيدٍ أنا أنبّئكم بتأويله قال: أهو كان نبيّهم.
قوله: فأرسلون.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين، ثنا عامرٌ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ قوله: أنا أنبّئكم بتأويله فأرسلون قال ابن عبّاسٍ: لم يكن السّجن في المدينة فانطلق السّاقي إلى يوسف). [تفسير القرآن العظيم: 7/2151-2152]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق والفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وادكر بعد أمة} قال: بعد حين). [الدر المنثور: 8/264]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد والحسن وعكرمة وعبد الله بن كثير والسدي - رضي الله تعالى عنهم - مثله). [الدر المنثور: 8/264-265]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {وادكر بعد أمة} يقول: بعد سنين). [الدر المنثور: 8/265]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - في قوله {وادكر بعد أمة} يقول: بعد سنين). [الدر المنثور: 8/265]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن - رضي الله عنه - أنه قرأ {وادكر بعد أمة} قال: بعد أمة من الناس). [الدر المنثور: 8/265]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قرأ {وادكر بعد أمة} - بالفتح والتخفيف يقول بعد نسيان). [الدر المنثور: 8/265]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير وعكرمة والحسن وقتادة ومجاهد والضحاك - رضي الله عنهم - أنهم قرأوا {بعد أمة} أي بعد نسيان). [الدر المنثور: 8/265]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن حميد - رضي الله عنه - قال: قرأ مجاهد رضي الله عنه {وادكر بعد أمة} مجزومة مخففة). [الدر المنثور: 8/265-266]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد، وابن المنذر عن هرون - رضي الله عنه - قال في قراءة أبي بن كعب (أنا آتيكم بتأويله) ). [الدر المنثور: 8/266]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ - رضي الله عنه - أنه كان يقرأ (أنا آتيكم بتأويله) فقيل له: أنا أنبئكم، قال: أهو كان ينبئهم). [الدر المنثور: 8/266]

تفسير قوله تعالى: (يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (قوله: {أفتنا في سبع بقراتٍ سمانٍ يأكلهنّ سبعٌ عجافٌ وسبع سنبلاتٍ خضرٍ وأخر يابساتٍ} فإنّ معناه: أفتنا في سبع بقراتٍ سمانٍ رئين في المنام يأكلهنّ سبعٌ منها عجافٌ، وفي سبع سنبلاتٍ خضرٍ رئين أيضًا، وسبعٌ أخر منهنّ يابساتٍ.
فأمّا السّمّان من البقر: فإنّها السّنون المخصبة. كما؛
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {أفتنا في سبع بقراتٍ سمانٍ يأكلهنّ سبعٌ عجافٌ} قال: أمّا السّمان: فسنون منها مخصبةٌ. وأمّا السّبع العجاف: فسنون مجدبةٌ لا تنبت شيئًا
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {أفتنا في سبع بقراتٍ سمانٍ} فالسّمان المخاصيب، والبقرات العجاف: هي السّنون المحول الجدوب
قوله: {وسبع سنبلاتٍ خضرٍ وأخر يابساتٍ} أمّا الخضر: فهنّ السّنون المخاصيب، وأمّا اليابسات: فهنّ الجدوب المحول.
والعجاف: جمع عجفٌ، وهي المهازيل.
وقوله: {لعلّي أرجع إلى النّاس لعلّهم يعلمون} يقول: كي أرجع إلى النّاس فأخبرهم، {لعلّهم يعلمون} يقول: ليعلموا تأويل ما سألتك عنه من الرّؤيا). [جامع البيان: 13/188-189]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (يوسف أيّها الصّدّيق أفتنا في سبع بقراتٍ سمانٍ يأكلهنّ سبعٌ عجافٌ وسبع سنبلاتٍ خضرٍ وأخر يابساتٍ لعلّي أرجع إلى النّاس لعلّهم يعلمون (46)
قوله: يوسف أيّها الصّدّيق أفتنا في سبع بقراتٍ سمانٍ.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو الجماهر، أنبأ سعيد بن بشيرٍ، ثنا قتادة قوله: أفتنا في سبع بقراتٍ سمانٍ وهي: السّنون المخصبات.
قوله تعالى: يأكلهنّ سبعٌ عجافٌ.
- وبه، ثنا قتادة في قوله: يأكلهنّ سبعٌ عجاف وهن السنون المحول الجدوب.
قوله: وسبع سنبلاتٍ خضرٍ.
- وبه، ثنا قتادة
قوله: وسبع سنبلاتٍ خضرٍ وهي السّنون المخاصيب تخرج الأرض نباتها وزرعها وثمارها.
قوله: وأخر يابساتٍ.
- وبه، ثنا قتادة وأخر يابساتٍ المحول الجدوب، فلا تخرج الأرض زرعها ولا ثمارها.
قوله تعالى: لعلّي أرجع إلى النّاس لعلّهم يعلمون.
- حدّثنا موسى بن أبي موسى الأنصاريّ، ثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ عن أبي مالكٍ قوله: لعلّي يعني: كي.
- حدّثنا عبد اللّه، ثنا الحسين، ثنا عامرٌ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ: لعلّي أرجع إلى النّاس لعلّهم يعلمون تأويلها). [تفسير القرآن العظيم: 7/2152-2153]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {أفتنا في سبع بقرات} الآية، قال: أما السمان فسنون فيها خصب.
وأمّا السبع العجاف فسنون مجدبة، وسبع سنبلات خضر هي السنون المخاصيب تخرج الأرض نباتها وزرعها وثمارها، وأخر يابسات المحول الجدوب لا تنبت شيئا). [الدر المنثور: 8/266]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ (47) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال تزرعون سبع سنين دأبًا فما حصدتم فذروه في سنبله إلاّ قليلاً ممّا تأكلون}.
يقول تعالى ذكره: قال يوسف لسائله عن رؤيا الملك: {تزرعون سبع سنين دأبًا} يقول: تزرعون هذه السّبع السّنين، كما كنتم تزرعون سائر السّنين قبلها على عادتكم فيما مضى.
والدّأب: العادة ومن ذلك قول امرئ القيس:
كدأبك من أمّ الحويرث قبلها = وجارتها أمّ الرّباب بمأسل
يعني كعادتك منها
وقوله: {فما حصدتم فذروه في سنبله إلاّ قليلاً ممّا تأكلون} وهذه مشورةٌ أشار بها نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على القوم، ورأي رآه لهم صلاحًا يأمرهم باستبقاء طعامهم.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: قال لهم نبيّ اللّه يوسف {تزرعون سبع سنين دأبًا}. الآية، فإنّما أراد نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم البقاء). [جامع البيان: 13/189-190]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قال تزرعون سبع سنين دأبًا فما حصدتم فذروه في سنبله إلّا قليلًا ممّا تأكلون (47)
قوله تعالى: تزرعون سبع سنين دأبًا فما حصدتم فذروه في سنبله.
- وبه، عن السّدّيّ: قال تزرعون سبع سنين دأبًا فما حصدتم فذروه في سنبله قال: هو أبقى له.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيدٍ يقول: في قوله: أنا أنبّئكم بتأويله فأرسلون. يوسف أيّها الصّدّيق أفتنا في سبع بقراتٍ سمانٍ فلم يرض أن أفتاهم بالتّأويل حتّى أمرهم بالرّفق، فقال: سبع سنين دأبًا فما حصدتم فذروه في سنبله لأنّ الحبّ إذا كان في سنبله لا يؤكل.
قوله تعالى: إلا قليلا ممّا تأكلون
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قال لهم نبيّ اللّه يوسف- صلّى اللّه عليه وسلّم-: تزرعون سبع سنين دأبًا إلى قوله ممّا تأكلون أراد نبيّ اللّه يوسف البقاء). [تفسير القرآن العظيم: 7/2153]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 47 - 49.
أخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عكرمة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه – والله يغفر له - حين سئل عن البقرات العجاف والسمان، ولو كنت مكانه - والله يغفر له - حين أتاه الرسول لبادرتهم الباب، ولكنه أراد أن يكون له العذر). [الدر المنثور: 8/266-267]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد - رضي الله عنه - قال: لم يرض يوسف عليه السلام أن أفتاهم بالتأويل حتى أمرهم بالرفق فقال: {تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله} لأن الحب إذا كان في سنبله لا يؤكل). [الدر المنثور: 8/267]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فذروه في سنبله} قال: أراد يوسف عليه السلام البقاء). [الدر المنثور: 8/267]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج - رضي الله عنه - في قوله {فذروه في سنبله} قال: في بعض القراءة الأولى: هو أبقى له لا يؤكل). [الدر المنثور: 8/267]

تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ (48) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ثمّ يأتي من بعد ذلك سبعٌ شدادٌ يأكلن ما قدّمتم لهنّ إلاّ قليلاً ممّا تحصنون}.
يقول: ثمّ يجيء من بعد السّنين السّبع الّتي تزرعون فيها دأبًا، سنون سبعٌ شدادٌ؛ يقول: جدوبٌ قحطةٌ {يأكلن ما قدّمتم لهنّ} يقول: يؤكل فيهنّ ما قدّمتم في إعداد ما أعددتم لهنّ في السّنين السّبعة الخصبة من الطّعام والأقوات.
وقال جلّ ثناؤه: {يأكلن} فوصف السّنين بأنّهنّ يأكلهنّ، وإنّما المعنى: أنّ أهل تلك النّاحية يأكلون فيهنّ، كما قيل:
نهارك يا مغرور سهوٌ وغفلةٌ = وليلك نومٌ والرّدى لك لازم
فوصف النّهار بالسّهو والغفلة، واللّيل بالنّوم، وإنّما يسهى في هذا ويغفل فيه وينام في هذا، لمعرفة المخاطبين بمعناه، والمراد منه: {إلاّ قليلاً ممّا تحصنون}، يقول: إلاّ يسيرًا ممّا تحرزونه.
والإحصان: التّصيير في الحصن، وإنّما المراد منه: الإحراز.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، قوله: {يأكلن ما قدّمتم لهنّ} يقول يأكلن ما كنتم اتّخذتم فيهنّ من القوت، {إلاّ قليلاً ممّا تحصنون}
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {ثمّ يأتي من بعد ذلك سبعٌ شدادٌ} وهنّ الجدوب المحول، {يأكلن ما قدّمتم لهنّ إلاّ قليلاً ممّا تحصنون}
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {ثمّ يأتي من بعد ذلك سبعٌ شدادٌ} وهنّ الجدوب، {يأكلن ما قدّمتم لهنّ إلاّ قليلاً ممّا تحصنون}: ممّا تدّخرون.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {إلاّ قليلاً ممّا تحصنون} يقول: تخزنون
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: {تحصنون}: تحرزون
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {يأكلن ما قدّمتم لهنّ إلاّ قليلاً ممّا تحصنون} قال: ممّا ترفعون.
وهذه الأقوال في قوله: {تحصنون} وإن اختلفت ألفاظ قائليها فيه، فإنّ معانيها متقاربةٌ، وأصل الكلمة وتأويلها على ما بيّنت). [جامع البيان: 13/190-192]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ثمّ يأتي من بعد ذلك سبعٌ شدادٌ يأكلن ما قدّمتم لهنّ إلّا قليلًا ممّا تحصنون (48)
قوله: ثمّ يأتي من بعد ذلك سبعٌ شدّادٌ.
- حدّثنا عليّ بن الحسن، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيدٌ أنبأ قتادة: ثمّ يأتي من بعد ذلك سبعٌ شدّادٌ يأكلن ما قدّمتم لهن: وهن السنون المحمول، الجدوب.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو الطّاهر أنبأ ابن وهبٍ، أخبرني ابن زيدٍ، عن أبيه، أنّ يوسف، النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، في زمانه كان يضع لرجلٍ طعام اثنين فيقرّبه إلى الرّجل فيأكل نصفه ويدع نصفه، حتّى إذا كان يومًا قرّبه له فأكله كلّه فقال يوسف: هذا أوّل يومٍ من السّبع الشّداد.
قوله تعالى: يأكلن ما قدّمتم لهنّ
- أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ فيما كتب إليّ أنبأ عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن قتادة وأمّا قوله: يأكلن ما قدّمتم لهنّ يقول: يأكلن ما كنتم اتّخذتم فيهنّ من القوت.
قوله: إلا قليلا ممّا تحصنون
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ ابن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: إلّا قليلا ممّا تحصنون يقول: تخزنون.
- حدّثنا عليّ بن الحسن، ثنا أبو الجماهر أنبأ سعيد بن بشيرٍ، عن قتادة قوله: إلا قليلا ممّا تحصنون أي: ممّا تدّخرون). [تفسير القرآن العظيم: 7/2154]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم - رضي الله عنه - أن يوسف عليه السلام في زمانه كان يصنع لرجل طعام اثنين فيقربه إلى الرجل فيأكل نصفه ويدع نصفه حتى إذا كان يوما قربه له فأكله فقال له يوسف عليه السلام: هذا أول يوم من السبع الشداد). [الدر المنثور: 8/267]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد} قال: هن السنون المحول الجدوب وفي قوله {يأكلن ما قدمتم لهن} يقول: يأكلن ما كنتم اتخذتم فيهن من القوت {إلا قليلا مما تحصنون} أي مما تدخرون). [الدر المنثور: 8/267-268]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {مما تحصنون} يقول: تخزنون، وفي قوله {وفيه يعصرون} يقول: الأعناب والدهن). [الدر المنثور: 8/268]

تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49) )
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت: 227هـ): ( [الآية (49) : قوله تعالى: {ثمّ يأتي من بعد ذلك عامٌ فيه يغاث النّاس وفيه يعصرون} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا فرج بن فضالة، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ - في قوله عزّ وجلّ: {وفيه تعصرون} -: تحتلبون). [سنن سعيد بن منصور: 5/395-396]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (حدّثنا الحميديّ، حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن مسلمٍ، عن مسروقٍ، عن عبد اللّه رضي اللّه عنه: أنّ قريشًا لمّا أبطئوا على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالإسلام، قال: «اللّهمّ اكفنيهم بسبعٍ كسبع يوسف» فأصابتهم سنةٌ حصّت كلّ شيءٍ حتّى أكلوا العظام، حتّى جعل الرّجل ينظر إلى السّماء فيرى بينه وبينها مثل الدّخان، قال اللّه: {فارتقب يوم تأتي السّماء بدخانٍ مبينٍ} [الدخان: 10] ، قال اللّه: {إنّا كاشفو العذاب قليلًا إنّكم عائدون} [الدخان: 15] ، أفيكشف عنهم العذاب يوم القيامة؟ وقد مضى الدّخان، ومضت البطشة). [صحيح البخاري: 6/77]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وعن ابن مسعود بل عجبت ويسخرون هكذا وقع في هذا الموضع معطوفًا على الإسناد الّذي قبله وقد وصله الحاكم في المستدرك من طريق جريرٍ عن الأعمش بهذا وقد أشكلت مناسبة إيراد هذه الآية في هذا الموضع فإنّها من سورة والصّافّات وليس في هذه السّورة من معناها شيءٌ لكن أورد البخاريّ في الباب حديث عبد الله وهو بن مسعودٍ أنّ قريشًا لمّا أبطئوا على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال اللّهمّ اكفنيهم بسبعٍ كسبع يوسف الحديث ولا تظهر مناسبته أيضًا للتّرجمة المذكورة وهي قوله باب قوله وراودته الّتي هو في بيتها عن نفسه وقد تكلّف لها أبو الإصبع عيسى بن سهلٍ في شرحه فيما نقلته من رحلة أبي عبد اللّه بن رشيدٍ عنه ما ملخّصه ترجم البخاريّ باب قوله وراودته الّتي هو في بيتها عن نفسه وأدخل حديث بن مسعودٍ أنّ قريشًا لمّا أبطئوا الحديث وأورد قبل ذلك في التّرجمة عن ابن مسعود بل عجبت ويسخرون قال فانتهى الموضع الفائدة ولم يذكرها وهو قوله وإذا ذكّروا لا يذكرون وإذا رأوا آية يستسخرون). [فتح الباري: 8/364-365] (م)
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (حدّثنا الحميديّ، حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن مسلمٍ، عن مسروقٍ عن عبد اللّه -رضي الله عنه- أنّ قريشًا لمّا أبطئوا عن النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- بالإسلام قال: «اللّهمّ اكفنيهم بسبعٍ كسبع يوسف» فأصابتهم سنةٌ حصّت كلّ شيءٍ حتّى أكلوا العظام حتّى جعل الرّجل ينظر إلى السّماء فيرى بينه وبينها مثل الدّخان قال اللّه: {فارتقب يوم تأتي السّماء بدخانٍ مبينٍ} [الدخان: 15] قال اللّه: {إنّا كاشفو العذاب قليلاً إنّكم عائدون أفيكشف عنهم العذاب يوم القيامة} [الدخان: 15] وقد مضى الدّخان ومضت البطشة.
وبه قال: (حدّثنا الحميدي) عبد الله بن الزبير المكي قال (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن الأعمش) سليمان (عن مسلم) هو ابن صبيح بضم الصاد المهملة وفتح الموحدة آخره حاء مهملة مصغرًا (عن مسروق) هو ابن الأجدع (عن عبد الله) هو ابن مسعود (رضي الله تعالى عنه) ذكر (أن قريشًا لما أبطؤوا عن النبي) ولأبي ذر على النبي (-صلّى اللّه عليه وسلّم- بالإسلام) زاد في الاستسقاء دعا عليهم (قال): (اللهم اكفنيهم بسبع كسبع يوسف فأصابتهم سنة) بفتح السين أي جدب وقحط (حصّت) بالحاء والصاد المشدّدة المهملتين أي أذهبت (كل شيء حتى أكلوا العظام) زاد في الاستسقاء والميتة (حتى جعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى بينه وبينها مثل الدخان) من ضعف بصره بسبب الجوع (قال الله) عز وجل، وفي الاستسقاء فجاء أبو سفيان فقال: يا محمد جئت تأمر بصلة الرحم وإن قومك هلكوا فادع الله تعالى فقرأ: ({فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين} [الدخان: 15] (قال الله) عز وجل: ({إنا كاشفو العذاب قليلاً إنكم عائدون}) [الدخان: 15] أي إلى الكفر وفي الاستسقاء في باب دعاء النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- اجعلها سنين كسني يوسف يوم تأتي السماء بدخان مبين إلى قوله عائدون وفي سورة الدخان فاستسقى فسقوا فنزلت {إنكم عائدون} فلما أصابتهم الرفاهية، فأنزل الله عز وجل: {يوم نبطش البطشة الكبرى إنّا منتقمون} [الدخان: 16] قال عبد الله ({أفيكشف}) بضم الياء وفتح الشين مبنيًّا ({عنهم العذاب يوم القيامة} وقد مضى الدخان) الحاصل بسبب الجوع (ومضت البطشة) الكبرى يوم بدر وعن الحسن البطشة الكبرى يوم القيامة.
ووجه المناسبة بين الحديث والترجمة في قوله: فجاء أبو سفيان، فقال: يا محمد جئت تأمر بصلة الرحم وإن قومك قد هلكوا فادع الله فدعا ففيه أنه عفا عن قومه كما عفا يوسف عليه الصلاة والسلام عن امرأة العزيز). [إرشاد الساري: 7/179-180] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ثمّ يأتي من بعد ذلك عامٌ فيه يغاث النّاس وفيه يعصرون}.
وهذا خبرٌ من يوسف عليه السّلام للقوم عمّا لم يكن في رؤيا ملكهم، ولكنّه من علم الغيب الّذي آتاه اللّه دلالةً على نبوّته وحجّةً على صدقه
- كما: حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، قال: ثمّ زاده اللّه علم سنةٍ لم يسألوه عنها، فقال: {ثمّ يأتي من بعد ذلك عامٌ فيه يغاث النّاس وفيه يعصرون}.
ويعني بقوله: {فيه يغاث النّاس} بالمطر والغيث.
وبنحو ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ثمّ يأتي من بعد ذلك عامٌ فيه يغاث النّاس} قال: فيه يغاثون بالمطر
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا محمّد بن يزيد الواسطيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، {فيه يغاث النّاس} قال: بالمطر
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: {ثمّ يأتي من بعد ذلك عامٌ} قال: أخبرهم بشيءٍ لم يسألوه عنه، وكان اللّه قد علّمه إيّاه، عامٌ فيه يغاث النّاس بالمطر
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {فيه يغاث النّاس} بالمطر
وأمّا قوله: {وفيه يعصرون} فإنّ أهل التّأويل اختلفوا في تأويله، فقال بعضهم: معناه: وفيه يعصرون العنب والسّمسم وما أشبه.
ذلك ذكر من قال ذلك
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، {وفيه يعصرون} قال: الأعناب والدّهن
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: {وفيه يعصرون} السّمسم دهنًا، والعنب خمرًا، والزّيتون زيتًا
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمّي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {عامٌ فيه يغاث النّاس وفيه يعصرون} يقول: يصيبهم غيثٌ، فيعصرون فيه العنب، ويعصرون فيه الزّيت، ويعصرون من كلّ الثّمرات
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {وفيه يعصرون} قال: يعصرون أعنابهم
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرو بن محمّدٍ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، {وفيه يعصرون} قال: العنب.
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا محمّد بن يزيد الواسطيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، {وفيه يعصرون} قال: الزيت
- حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال حدثنا محمد بن ثور, عن معمر، عن قتادة: {وفيه يعصرون}. قال: كانوا يعصرون الأعناب والثّمرات
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وفيه يعصرون} قال: يعصرون الأعناب والزّيتون والثّمار من الخصب، هذا علمٌ آتاه اللّه يوسف لم يسأل عنه.
وقال آخرون: معنى قوله: {وفيه يعصرون} وفيه يحلبون.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني فرج بن فضالة، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، {وفيه يعصرون} قال: فيه يحلبون
- حدّثني المثنّى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ، قال: حدّثنا الفرج بن فضالة، عن عليّ بن أبي طلحة، قال: كان ابن عبّاسٍ يقرأ: (وفيه تعصرون) بالتّاء، يعني تحتلبون.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأه بعض أهل المدينة والبصرة والكوفة: {وفيه يعصرون} بالياء، بمعنى ما وصفت من قول من قال: عصر الأعناب والأدهان.
وقرأ ذلك عامّة قرّاء الكوفيّين: ( وفيه تعصرون ) بالتّاء. وقرأه بعضهم: وفيه يعصرون بمعنى: يمطرون.
وهذه قراءةٌ لا أستجيز القراءة بها لخلافها ما عليه من قرّاء الأمصار.
والصّواب من القراءة في ذلك أنّ لقارئه الخيار في قراءته بأيّ القراءتين الأخريين شاء، إن شاء بالياء ردًّا على الخبر به عن النّاس، على معنى: {فيه يغاث النّاس وفيه يعصرون} أعنابهم وأدهانهم. وإن شاء بالتّاء ردًّا على قوله: {إلاّ قليلاً ممّا تحصنون} وخطابًا به لمن خاطبه بقوله: {يأكلن ما قدّمتم لهنّ إلاّ قليلاً ممّا تحصنون} لأنّهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار باتّفاق المعنى، وإن اختلفت الألفاظ بهما. وذلك أنّ المخاطبين بذلك كان لا شكّ أنّهم إذا أغيثوا وعصروا: أغيث النّاس الّذين كانوا بناحيتهم وعصروا، وكذلك كانوا إذا أغيث النّاس بناحيتهم وعصروا، أغيث المخاطبون وعصروا، فهما متّفقتا المعنى، وإن اختلفت الألفاظ بقراءة ذلك.
وكان بعض من لا علم له بأقوال السّلف من أهل التّأويل ممّن يفسّر القرآن برأيه على مذهب كلام العرب يوجّه معنى قوله: {وفيه يعصرون} إلى: وفيه ينجون من الجدب والقحط بالغيث، ويزعم أنّه من العصر، والعصر الّتي بمعنى المنجاة، من قول أبي زبيدٍ الطّائيّ:
صاديًا يستغيث غير مغاثٍ = ولقد كان عصرة المنجود
أي المقهور، ومن قول لبيدٍ:
فبات وأسرى القوم آخر ليلهم = وما كان وقّافًا بغير معصّر
وذلك تأويلٌ يكفي من الشّهادة على خطئه، خلافه قول جميع أهل العلم من الصّحابة والتّابعين.
وأمّا القول الّذي روى الفرج بن فضالة عن عليّ بن أبي طلحة، فقولٌ لا معنى له، لأنّه خلاف المعروف من كلام العرب، وخلاف ما يعرف من قول ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما). [جامع البيان: 13/192-198]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ثمّ يأتي من بعد ذلك عامٌ فيه يغاث النّاس وفيه يعصرون (49)
قوله تعالى: ثمّ يأتي من بعد ذلك عامٌ فيه يغاث النّاس وفيه يعصرون
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، حدّثني عمّي حدّثني أبي، عن أبيه، عن عبد اللّه بن عبّاسٍ قوله: ثمّ يأتي من بعد ذلك عامٌ فيه يغاث الناس وفيه يعصرون يقول: يصيبهم فيه غيثٌ.
- حدّثنا عليّ بن الحسن، ثنا أبو الجماهر أنبأ سعيد بن بشيرٍ، ثنا قتادة قوله: ثمّ يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس قال: يغاث النّاس بالمطر.
قوله تعالى: وفيه يعصرون.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ كاتب اللّيث، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: فيه يغاث النّاس وفيه يعصرون يقول: الأعناب والدّهن.
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، حدّثني عمّي حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله: وفيه يعصرون. يقول: يعصرون فيه العنب، ويعصرون فيه الزّيت، ويعصرون من كلّ الثّمرات.
- حدّثنا عليّ بن الحسن، ثنا أبو الجماهر أنبأ سعيدٌ، ثنا قتادة: وفيه يعصرون الثّمار والأعناب والزّيتون من الخصب، وهذا علمٌ آتاه اللّه علمه، لم يكن فيما سئل عنه.
- حدّثنا سليمان بن داود القزّاز، ثنا أبو داود، ثنا الفرج بن فضالة، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ في قول اللّه: عامٌ فيه يغاث النّاس وفيه يعصرون قال: يحلبون.
- ذكر، عن عبدان المروزيّ أنبأ عيسى بن عبيدٍ سمعت عيسى بن عمر الثّقفيّ، يقرأ: فيه يغاث النّاس وفيه يعصرون يعني: الغياث والمطر، ثمّ قرأ: وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا.
قوله تعالى: وقال الملك ائتوني به.
- حدّثنا عبد اللّه، ثنا الحسين، ثنا عامرٌ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، فلمّا أتى الملك الرّسول، وأخبره قال: ائتوني به فلمّا جاءه الرّسول، فأمره أن يخرج إلى الملك، أبى يوسف وقال ارجع إلى ربّك). [تفسير القرآن العظيم: 7/2154-2155]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {مما تحصنون} يقول: تخزنون، وفي قوله {وفيه يعصرون} يقول: الأعناب والدهن). [الدر المنثور: 8/268]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {عام فيه يغاث الناس} يقول: يصيبهم فيه غيث {وفيه يعصرون} يقول: يعصرون فيه العنب ويعصرون فيه الزيت ويعصرون من كل الثمرات). [الدر المنثور: 8/268]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من وجه آخر عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {وفيه يعصرون} يحتلبون). [الدر المنثور: 8/268]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنهما - في قوله {وفيه يعصرون} يحتلبون). [الدر المنثور: 8/268]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس} قال: يغاث الناس بالمطر {وفيه يعصرون} الثمار والأعناب والزيتون من الخصب، وهذا علم آتاه الله علمه لم يكن فيما سئل عنه). [الدر المنثور: 8/268-269]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {ثم يأتي من بعد ذلك عام} الآية، قال: زادهم يوسف عليه السلام علم سنة لم يسألوه عنه). [الدر المنثور: 8/269]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {ثم يأتي من بعد ذلك عام} قال: أخبرهم بشيء لم يسألوه عنه وكان الله تعالى قد علمه إياه {فيه يغاث الناس} بالمطر {وفيه يعصرون} السمسم دهنا والعنب خمرا والزيتون زيتا). [الدر المنثور: 8/269]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد - رضي الله عنه {فيه يغاث الناس} قال: بالمطر {وفيه يعصرون} قال: يعصرون أعنابهم). [الدر المنثور: 8/269]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الضحاك - رضي الله عنه - {فيه يغاث الناس} قال: يغاث الناس بالمطر {وفيه يعصرون} قال: الزيت). [الدر المنثور: 8/269]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن علي بن طلحة - رضي الله عنه - قال: كان ابن عباس - رضي الله عنه - يقرأ (وفيه تعصرون) بالتاء يعني تحتلبون). [الدر المنثور: 8/270]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق عبدان المروزي - رضي الله عنه - عن عيسى بن عبيد عن عيسى بن عمير الثقفي - رضي الله عنه - قال: سمعته يقرأ (فيه يغاث الناس وفيه تعصرون) بالتاء يعني الغياث المطر ثم قرأ {وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا}). [الدر المنثور: 8/270]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 15 جمادى الأولى 1434هـ/26-03-2013م, 04:10 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّي أرى سبع بقراتٍ...}
هو من كلام العرب: أن يقول الرجل: إني أخرج إلى مكّة وغير ذلك، فعلم أنه للنوم ولو أراد الخبر لقال: إني أفعل إني أقوم فيستدلّ على أنها رؤيا لقوله: أرى، وإن لم يذكر نوماً.
وقد بيّنها إبراهيم عليه السلام فقال: {إنّي أرى في المنام أنّي أذبحك} ). [معاني القرآن: 2/46]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {إن كنت للرؤيا تعبرون} وقالوا في اللغة: هي الرؤيا؛ لأنها من رأيت، وهي الرويا بلا همز مخففة؛ وقالوا: هي الريا؛ فأدغموا لما أبدلوا من الهمزة الواو.
وقال بعض العرب: هي الريا فكسر الراء للياء التي بعدها.
قال ابن مقبل:
تزد ريا أم عمرو محلها = فروع النسار فالبدى فثهمدا
فزعم يونس أنه يريد: رؤيا، فأدغم). [معاني القرآن لقطرب: 745]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وقال الملك إنّي أرى سبع بقرات سمان يأكلهنّ سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات يا أيّها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرّؤيا تعبرون}
{سبع عجاف} العجاف التي قد بلغت في الهزال الغاية والنهاية.
{يا أيّها الملأ أفتوني في رؤياي} الملأ الذين يرجع إليهم في الأمور، ويقتدي بآرائهم.
{إن كنتم للرّؤيا تعبرون} هذه اللام أدخلت على المفعول لتبين المعنى إن كنتم تعبرون، وعابرين ثم بين باللام فقال للرؤيا.
ومعنى عبّرت الرؤيا وعبرتها خبرت بآخر ما يؤول إليه أمرها.
واشتققته من عبر النهر، وهو شاطئ النهر، فتأويل عبرت النهر، أي بلغت إلى عبره، أي شاطئه، وهو آخر عرضه). [معاني القرآن: 3/112]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف}
والعجاف التي قد بلغت النهاية في الهزال
ومعنى عبرت الرؤيا أخرجتها من حال النوم إلى حال اليقظة مأخوذ من العبر وهو الشاطئ). [معاني القرآن: 3/431]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ (44)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أضغاث أحلامٍ...}
رفع، لأنهم أرادوا: ليس هذه بشيء إنما في أضغاث أحلام. وهو كقوله: {ماذا أنزل ربّكم قالوا أساطير الأوّلين} كفروا فقالوا: لم ينزل شيئاً، إنما هي أساطير الأولين.
ولو كان (أضغاث أحلامٍ) أي أنك رأيت أضغاث أحلام كان صواباً). [معاني القرآن: 2/47-46]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أضغاث أحلامٍ} واحدها ضغث مكسور وهي ما لا تأويل لها من الرؤيا، أراه جماعات تجمع من الرؤيا كما يجمع الحشيش، فيقال ضغث، أي ملء كف منه،
قال عوف بن الخرع التّيميّ:
وأسفل مني نهدةً قد ربطتها= وألقيت ضغثا من خلىً متطيّب
أي تطيبت لها أطايب الحشيش، وفي آية أخرى {وخذ بيدك ضغثاً فاضرب به} ). [مجاز القرآن: 1/312]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قالوا أضغاث أحلامٍ وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين}
وقال: {وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين} فإحدى الباءين أوصل بها الفعل إلى الاسم والأخرى دخلت لـ"ما" وهي الآخرة). [معاني القرآن: 2/52]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {أضغاث أحلام} الواحد: ضغث: وهي الحزمة من الكلإ، تشبه به الأحلام المختلطة، والأحلام: ما لم يصدق من الرؤيا.
قال ابن مقبل:
خود كأن فراشها وضعت به = أضغاث ريحان غداة شمال
[وقال أيضًا في رواية محمد]:
يحمي ذمار جنين قل مانعه = طاو كضغث الخلا في البطن مكتمن
[ورواه العبدي]:
يحمي جنين ذمار قل مانعه = ............ ). [معاني القرآن لقطرب: 746]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {أضغاث أحلام}: لا تأويل له. والضغث ملء اليد من
الحشيش وما أشبه ذلك). [غريب القرآن وتفسيره: 183-184]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {قالوا أضغاث أحلامٍ} أي أخلاط أحلام. من أضغاث النبات يجمعها الرجل فيكون ضروب مختلفة.
والأحلام واحدها حلم). [تفسير غريب القرآن: 217]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين}
والضغث في اللغة الحزمة والباقة من الشيء، كالبقل وما أشبهه، فقالوا له: رؤياك أضغاث أحلام، أي حزم أخلاط ليست برؤيا بينة.
(وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين) أي ليس للرؤية المختلطة عندنا تأويل). [معاني القرآن: 3/113-112]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين}
روى معمر عن قتادة أي أخلاط والضغث عند أهل اللغة كذلك يقال لكل مختلط من بقل أو حشيش أو غيرهما ضغث
أي هذه الرؤيا مختلطة ليست ببينة). [معاني القرآن: 3/431]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أضغاث أحلام} أي أخلاط أحلام، واحدها حلم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 114]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَضْغَاثُ}: لا تأويل له). [العمدة في غريب القرآن: 161]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (45)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وادّكر بعد أمّةٍ...}
الأمة: الحين من الدهر. وقد ذكر عن بعضهم (بعد أمهٍ) وهو النسيان. يقال رجل مأموه كأنه الذي ليس معه عقله وقد أمه الرجل). [معاني القرآن: 2/47]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وادّكر بعد أمّةٍ} أي افتعل من ذكرت فأدغم التاء في الذال فحولوها دالاً ثقيلة بعد أمةٍ أي بعد حين، وبعضهم يقرؤها بعد أمه، أي بعد نسيان، ويقال: أمهت تأمه أمهاً، ساكن أي نسيت). [مجاز القرآن: 1/313]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وقال الّذي نجا منهما وادّكر بعد أمّةٍ أنا أنبّئكم بتأويله فأرسلون}
وقال: {واذّكر بعد أمّةٍ} وإنما هي "افتعل" من "ذكرت" فأصلها "اذتكر"، ولكن اجتمعا في كلمة واحدة ومخرجاهما متقاربان، وأرادوا أن يدغموا والأول حرف مجهور وإنما يدخل الأول في الآخر والآخر مهموس، فكرهوا أن يذهب منه الجهر فجعلوا في موضع التاء حرفا من موضعها مجهورا وهو الدال لأن الحرف الذي قبلها مجهور. ولم يجعلوا الطاء لأن الطاء مع الجهر مطبقة. وقد قال بعضهم (مذّكر) فأبدل التاء ذالا ثم أدخل الذال فيها. وقد قرئت هذه الآية {أن يصلحا بينهما صلحاً} وهي "أن يفتعلا" من "الصلح" فكانت التاء بعد الصاد فلم تدخل الصاد فيها للجهر والإطباق. فأبدلوا التاء صادا وقال بعضهم (يصطلحا) وهي الجيدة. لما لم يقدر على إدغام الصاد في التاء حول في موضع التاء حرفٌ مطبق).
[معاني القرآن: 2/52]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قراءة العامة {وادكر بعد أمة} بعد حين، وقالوا: بعد دهر.
وكان الحسن يقو ل {إلى أمة معدودة} إلى أجل.
وسنخبر عن هذا اللفظ بكل ما فيه في سورة النحل، مع قوله {إن إبراهيم كان أمة قانتا}.
قراءة ابن عباس "وادكر بعد أمه" وهي قراءة الضحاك وعكرمة؛ والمعنى فيها: أمه الرجل يأمه أمها: أي نسي.
قراءة العامة {أنا أنبئكم بتأويله}.
قراءة الحسن "أنا ءاتيكم بتأويله" بالتاء من أتى). [معاني القرآن لقطرب: 735]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {بعد أمة}: بعد حين، ومن قرأ بعد {أمة} بعد نسيان). [غريب القرآن وتفسيره: 184]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وادّكر بعد أمّةٍ} أي بعد حين. يقال: بعد سبع سنين. ومن قرأ (بعد أمه) أراد: بعد نيسان). [تفسير غريب القرآن: 218]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وقال الّذي نجا منهما وادّكر بعد أمّة أنا أنبّئكم بتأويله فأرسلون }
أي بعد حين، وقرأ ابن عباس: واذّكر بعد أمه، والأمة النسيان، يقال أمه يأمه أمها. هذا الصحيح بفتح الميم، وروى بعضهم عن أبي عبيدة: أمه بسكون الميم، وليس ذلك بصحيح عنه، لأن المصدر أنه يأمه أمه لا غير.
وقرأ الحسن: أنا آتيكم بتأويله، وأكرهها، لخلاف المصحف.
{وادّكر} أصله واذتكر، ولكن التاء أبدل منها الذال وأدغمت الذال في الدال.
ويجوز واذّكر بالذال، والأجود الدال). [معاني القرآن: 3/113]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمه}
روى معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وسفيان عن عاصم عن أبي رزين عن ابن عباس بعد أمة بعد حين
روى عفان عن همام عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس أنه قرأ وادكر بعد أمه والمعروف من قراءة ابن عباس وعكرمة وادكر بعد أمة
وفسراه بعد نسيان والمعنيان متقاربان لأنه ذكر بعد حين وبعد نسيان
ثم قال تعالى: {أنا أنبئكم بتأويله} أي أنا أخبركم
وقرأ الحسن آتيكم بتأويله وقال كيف يبئهم العلج
قال أبو جعفر ومعنى أنبئكم صحيح حسن أي أنا أخبركم إذا سألت). [معاني القرآن: 3/433-432]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وادكر بعد أمة} أراد: حين. ومن قرأ (بعد أمة) أراد: بعد نسيان). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 114]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بَعْدَ أُمَّةٍ}: بعد حين
{بعد أمه}: نسيان). [العمدة في غريب القرآن: 161]

تفسير قوله تعالى: {يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وسبع سنبلاتٍ خضرٍ...}
لو كان الخضر منصوبة تجعل نعتاً للسّبع حسن ذلك. وهي إذا خفضت نعت للسنبلات.
وقال الله عزّ وجل: {ألم تروا كيف خلق اللّه سبع سمواتٍ طباقاً} ولو كانت (طباقٍ) كان صوابا). [معاني القرآن: 2/47]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {الصّدّيق}: الكثير الصدق. كما يقال: فسّيق وشرّيب وسكّير، إذا كثر ذلك منه). [تفسير غريب القرآن: 218]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله - عزّ وجلّ -: {يوسف أيّها الصّدّيق أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهنّ سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلّي أرجع إلى النّاس لعلّهم يعلمون}
أراد يا يوسف، والنداء يجوز في المعرفة حذف يا منه، فتقول: يا زيد.
أقبل، وزيد أقبل.
قال الشاعر:
محمد تفد نفسك كل نفس= إذا ما خفت من أمر تبالا
أراد يا محمد.
والصديق المبالغ في الصّدقة، والتصديق.
وقوله: {لعلّي أرجع إلى النّاس لعلّهم يعلمون}.
أي لعلهم يعلمون تأويل رؤيا الملك، ويجوز أن يكون: لعلهم يعلمون مكانك فيكون ذلك سبب خلاصك من الحبس). [معاني القرآن: 3/114-113]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {فأرسلون يوسف أيها الصديق}
وفي الكلام حذف والمعنى فذهب فقال يا يوسف
وقوله جل وعز: {لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون} يجوز أن يكون المعنى لعلهم تأويل رؤيا الملك
ويجوز أن يكون لعلهم يعلمون بموضعك فتخرج من السجن). [معاني القرآن: 3/433]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الصديق} الكثير الصدق، مثل شريب، وفسيق). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 114]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ (47)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {دأباً...}
وقرأ بعض قرّائنا {سبع سنين دأباً}: فعلاً. وكذلك كل حرف فتح أوّله وسكّن ثانيه فتثقيله جائز إذا كان ثانيه همزة أو عيناً أو غيناً أو حاء أو خاء أو هاء). [معاني القرآن: 2/47]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {فما حصدتم} فلغتان في يفعل منه: يحصد ويحصد؛ وهو الحصاد والحصاد). [معاني القرآن لقطرب: 746]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {تزرعون سبع سنين دأباً} أي جدّا في الزراعة ومتابعة. وتقرأ (دأبا): بفتح الهمزة. وهما واحد.
يقال دأبت أدأب دأبا ودأبا). [تفسير غريب القرآن: 218]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلّا قليلا ممّا تأكلون}
أي تدأبون دأبا، ودلّ على تدأبون (تزرعون).
والدّأب الملازمة للشيء والعادة). [معاني القرآن: 3/114]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( {قال تزرعون سبع سنين دأبا} أي تباعا واعتيادا
قال أبو عبيدة معنى تحصنون تحرزون). [معاني القرآن: 3/434-433]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {دأبا} أي جدا في الزراعة ومتابعة. وكذلك من فتح الهمزة، يقال: دأب يدأب دأبا، ودأبا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 114]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {دَأَبًا}: كعادتكم). [العمدة في غريب القرآن: 161]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ (48)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يأكلن ما قدّمتم لهنّ...}
يقول ما تقدّمتم فيه لهنّ من الزرع). [معاني القرآن: 2/47]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إلاّ قليلاً ممّا تحصنون} أي مما تحرزون). [مجاز القرآن: 1/313]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {تحصنون}: تحرزون). [غريب القرآن وتفسيره: 184]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {تحصنون} أي تحرزون). [تفسير غريب القرآن: 218]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تحصنون} تحرزون). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 114]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تُحْصِنُونَ}: تحرزون). [العمدة في غريب القرآن: 161]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وفيه يعصرون} أي به ينجون وهو من العصر وهي العصرة أيضاً وهي المنجاة،
قال: ولقد كان عصرة المنجود
أي المقهور المغلوب،
وقال لبيد:
فبات وأسرى القوم آخر ليلهم= وما كان وقّافاً بغير معصّرٍ).
[مجاز القرآن: 1/314-313]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن وأهل المدينة وأبو عمرو {وفيه يعصرون} بالياء؛ وقال ابن عباس: يعصرون الكرم والأدهان.
وقراءة بعض أهل الشام والزهري "وفيه يعصرون" أي يمطرون.
قراءة عبد الله {تعصرون} بالتاء.
[معاني القرآن لقطرب: 735]
وقالوا في اللغة: ينجون، وهو من العصر والعصرة، للمنجاة؛ وقالوا: اعتصرت بك: لجأت إليك.
وقال لبيد:
فبات وأسرى القوم آخر ليلة = وما كان وقافا بغير معصر
وقال عدي بن زيد:
لو بغير الماء حلقي شرق = كنت كالغصان بالماء اعتصاري
وقال أبو زبيد:
صاديا يتسغيث غير مغاث = ولقد كان عصره المنجود). [معاني القرآن لقطرب: 736]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({وفيه يعصرون}: ينجون). [غريب القرآن وتفسيره: 184]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يغاث النّاس} أي يمطرون. والغيث: المطر.
{وفيه يعصرون} يعني: الأعناب والزيت.
وقال أبو عبيدة: {يعصرون}: ينجون والعصرة النّجاة.
قال الشاعر:
ولقد كان عصرة المنجود= أي غياثا ومنجاة للمكروب).
[تفسير غريب القرآن: 218]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ثمّ يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث النّاس وفيه يعصرون}
{وفيه يعصرون} وقرئت: وفيه يعصرون، فمن قال وفيه يعصرون بالياء أي يأتي العام بعد أربع عشرة سنة الذي فيه، يغاث الناس فيعصرون فيه الزيت والعنب.
ومن قرأ يعصرون أراد يمطرون، من قوله: (وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا "، ومن قرأ: وفيه تعصرون، فإن شاء كان على تأويل يعصرون، وأن شاء كان على تأويل وفيه تنجون من البلاء، وتعتصمون بالخصب.
قال عدي بن زيد:
لو بغير الماء حلقي شرق= كنت كالغضان بالماء اعتصاري
ويقال: فلان في عصر وفي عصر، إذا كان في حصن لا يقدر عليه). [معاني القرآن: 3/114]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل ذكره: {ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون}
روى معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال يعصرون العنب والزيت
ويقرأ تعصرون ويعصرون ويعصرون
وزعم أبو عبيدة أن معنى يعصرون ينجون من العصرة والعصر وهما المنجا وأنشد أحمد بن جعفر لأبي زبيد:
صاديا يستغيث غير مغاث = ولقد كان عصره المنجود
والمنجود الفزع
قال أبو جعفر والأجود في هذا أن يكون المعنى فيه ما قال
ابن عباس وابن جريج في يعصرون
وأما معنى تعصرون فمعناه تمطرون من قوله: {وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا}
وكذلك معنى تعصرون). [معاني القرآن: 3/435-434]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يغاث الناس} أي يمطرون.
{يعصرون} أي ينجون. والعصرة: المنجاة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 115]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَعْصِرُونَ}: تحلبون). [العمدة في غريب القرآن: 161]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 15 جمادى الأولى 1434هـ/26-03-2013م, 04:13 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وإذا كان المصدر على وجهه جاز الحذف، ولم يكن كحسنه مع أن؛ لأنها وصلتها اسمٌ. فقد صار الحرف والفعل والفاعل اسماً. وإن اتصل به شيءٌ صار معه في الصلة. فإذا طال الكلام احتمل الحذف.
فأما المصدر غير أن فنحو: أمرتك الخير يا فتى؛ كما قال الشاعر:
أمرتك الخير فافعل ما أمرت به = فقد تركتك ذا مال واذا نشـب
فهذا يصلح على المجاز. وأما أن فالأحسن فيها الحذف؛ كما قال الله عز وجل: {وقضى ربك أن ألا تعبدوا إلا إياه} ومعنى قضى هاهنا: أمر.
و أما قوله: {وأمرت لأن أكون} فإنما حمل الفعل على المصدر، فالمعنى والله أعلم: أوقع إلي هذا الأمر لذا.
و هذه اللام تدخل على المفعول فلا تغير معناه؛ لأنها لام إضافة، والفعل معها يجري مجرى مصدره كما يجري المصدر مجراه في الرفع والنصب لما بعده؛ لأن المصدر اسم الفعل. قال الله عز وجل: {إن كنتم للرؤيا تعبرون}.
و قال بعض المفسرين في قوله: {قل عسى أن يكون ردف لكم} معناه: ردفكم). [المقتضب: 2/35-36] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: "تورث العلا لرهطك" فالمعنى تورث العلا رهطك، وهذه اللام تزاد في المفعول على معنى زيادتها في الإضافة، تقول: هذا ضاربٌ زيدًا، وهذا ضاربٌ لزيدٍ، لأنها لا تغير معنى الإضافة إذا قلت: هذا ضارب زيدٍ وضارب له.
وفي القرآن: {وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ}. وكذلك {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيا تَعْبُرُونَ} ويقول النحويون في قوله تعالى: {قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ} إنما هو "ردفكم"). [الكامل: 1/404-405] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قوله:
سبي الحماة وابهتي عليها
إنما يريد: ابهتيها، فوضع ابهتي في موضع اكذبي فمن ثم وصلها بعلى.
والذي يستعمل في صلة الفعل اللام، لأنها لام الإضافة، تقول: لزيد ضربت ولعمرو أكرمت والمعنى: عمرًا أكرمت، وإنما تقديره: إكرامي لعمرو، وضربي لزيد، فأجرى الفعل مجرى المصدر، وأحسن ما يكون ذلك إذا تقدم المفعول، لأن الفعل إنما يجيء وقد عملت اللام. كما قال الله جل وعز: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيا تَعْبُرُونَ}. وإن أخر المفعول فهو عربي حسن، والقرآن محيط بجميع اللغات الفصيحة، قال الله جل وعز: {وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ} والنحويون يقولون في قوله جل ثناؤه: {قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ}: إنما هو: ردفكم. وقال كثير:
أريد لأنسى ذكرها فكأنما = تمثل لي ليلى بكل سبيل
وحروف الخفض يبدل بعضها من بعض، إذا وقع الحرفان في معنى في بعض المواضع، قال الله جل ذكره: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}، أي على ولكن الجذوع إذا أحاطت دخلت في، لأنها للوعاء، يقال: فلان في النخل. أي قد أحاط به. قال الشاعر:
هم صلبوا العبدي في جذع نخلة = فلا عطست شيبان إلا بأجدعا
وقال الله جل وعز: {أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ} أي عليه. وقال تبارك وتعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} أي: بأمر الله. وقال ابن الطثرية:
غدت من عليه تنفض الطل بعدما = رأت حاجب الشمس استوى فترفعا
وقال الآخر:

غدت من عليه بعدما تم خمسها = تصل وعن قيض بزيزاء مجهل
أي من عنده.
وقال العامري:
إذا رضيت علي بنو قشير = لعمر الله أعجبني رضاها
وهذا كثير جدًا). [الكامل: 2/999-1001]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ (44) }

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (45) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث الزهري أنه قال: «من امتحن في حد فأمه ثم تبرأ فليست عليه عقوبة، وإن عوقب فأمه فليس عليه حد إلا أن يأمه من غير عقوبة».
قوله: أمه هو –ههنا- الإقرار ولم أسمعه إلا في هذا الحديث.
والأمَهُ في غير هذا الموضع: النسيان ومنه حديث ابن عباس
وعكرمة أنهما يقرءان: (وادكر بعد أمَهٍ)، أي: بعد نسيان). [غريب الحديث: 5/528-529]
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (الكلام على الأمة والمال
وحدّثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد، وأبو بكر بن الأنباري، في قوله عز وجل: {تلك أمّةٌ قد خلت} [البقرة: 134] .
الأمّة: القرن من الناس بعد القرن، والأمّة أيضًا: الجماعة من الناس، والأمة أيضًا: الملة.
قوله عز وجل: {إنّا وجدنا آباءنا على أمّةٍ} [الزخرف: 22] أي: على دينٍ، وكذلك قوله عز وجل: {ولولا أن يكون النّاس أمّةً واحدةً} [الزخرف: 33] أي: لولا يكون الناس كفارًا كلّهم، والأمّة أيضًا: الحين، قال الله عز وجل: {وادّكر بعد أمّةٍ} [يوسف: 45] أي: بعد حينٍ وقرأ ابن عباس، وعكرمة: وادّكر بعد أمةٍ مثل عمهٍ وولهٍ أي بعد نسيان، والأمة أيضًا: الإمام، قال الله عز وجل: {إنّ إبراهيم كان أمّةً قانتًا} [النحل: 120] والأمة أيضًا: القامة وجمعها قال الأعشى:
وأنّ معاوية الأكرمين = حسان الوجوه طوال الأمم
والأمّهة والأمّة والأمّ والاّم: الوالدة، قال الشاعر:
تقبّلتها من أمةٍ لك طالما = تتوزع في الأسواق عنها خمارها
وقال آخر:
أمّهتي خندف واليأس أبي). [الأمالي: 1/301] (م)

تفسير قوله تعالى: {يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ (47) }
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (والدؤوب الإلحاح في السير يقال ما زال ذاك دأبه قال الله جل وعز: {قال تزرعون سبع سنين دأبًا} وقال امرؤ القيس:

كدأبك من أم الحويرث قبلها = وجارتها أم الرباب بمأسل
أي: كعادتك وكذلك الدين والديدن). [شرح المفضليات: 775]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (قال الضبي: يقال سئمت سأما وسآمة وهي السأمة: ومثل هذا يحرك ويسكن وقد جاء في القرآن محركا ومسكنا قال الله عز وجل: {قال تزرعون سبع سنين دَأْبا} ودَأَبا: وكأبة وكآبة ورأفه ورآفة). [شرح المفضليات: 803]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ (48) }

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (المعتصر
الذي يصيب من الشيء يأخذ منه ويجذبه، قال ابن أحمر:
وإنما العيش بربانه = وأنت من أفنانه معتصر
ومنه قول طرفة:
لو كان في أملاكنا أحد = يعصر فينا كالذي تعصر
وقال الله تبارك وتعالى: {فيه يغاث الناس وفيه يعصرون}). [الغريب المصنف: 1/354-355]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 15 جمادى الأولى 1434هـ/26-03-2013م, 04:13 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 15 جمادى الأولى 1434هـ/26-03-2013م, 04:14 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري


.....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 12 ذو القعدة 1439هـ/24-07-2018م, 04:35 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري
تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون}
المعنى: وقال الملك الأعظم: إني أرى يريد: في منامه، وقد جاء ذلك مبينا في قوله تعالى: {إني أرى في المنام أني أذبحك}، وحكيت حال ماضية بـ "أرى" وهو مستقبل من حيث يستقبل النظر في الرؤيا.
سبع بقرات سمان، يروى أنه قال: رأيتها خارجة من نهر، وخرجت وراءها سبع عجاف، فرأيتها أكلت تلك السمان حتى حصلت في بطونها، ورأى السنابل أيضا كما ذكر، والعجاف: التي بلغت غاية الهزال، ومنه قول الشاعر:
[المحرر الوجيز: 5/93]
... ... ... ... ... .... ورجال مكة مسنتون عجاف
ثم قال لجماعته وحاضريه: {يا أيها الملأ أفتوني}. قرأت فرقة بتحقيق الهمزتين، وقرأت فرقة بأن لفظت بألف "أفتوني" واوا. وقوله: {للرؤيا} دخلت اللام لمعنى التأكيد والربط، وذلك أن المفعول إذا تقدم حسن في بعض الأفعال أن تدخل عليه لام الجر، وإذا تأخر لم يحتج الفعل إلى ذلك، و(عبارة الرؤيا): مأخوذة من: عبر النهر، وهو تجاوزه من شط إلى شط، فكأن عابر الرؤيا ينتهي إلى آخر تأويلها). [المحرر الوجيز: 5/94]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ (44)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {قالوا أضغاث أحلام} الآية. الضغث -في كلام العرب - أقل من الحزمة وأكثر من القبضة من النبات والعشب ونحوه، وربما كان ذلك من جنس واحد، وربما كان من أخلاط النبات، فمن ذلك قوله تعالى: {وخذ بيدك ضغثا}، وروي أنه أخذ (عثكالا) من النخل، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل نحو هذا في حد أقامه على رجل زمن، ومن ذلك قول ابن مقبل:
خود كأن فراشها وضعت به ... أضغاث ريحان غداة شمال
[المحرر الوجيز: 5/94]
ومن الأخلاط قول العرب في أمثالها: (ضغث على إبالة)، فيشبه اختلاط الأحلام باختلاط الجملة من النبات، والمعنى: أن هذا الذي رأيت، أيها الملك، اختلاط من الأحلام بسبب النوم، ولسنا من أهل العلم بذلك، أي: بما هو مختلط ورديء، فإنما نفوا عن أنفسهم عبر الأحلام لا عبر الرؤيا على الإطلاق، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان". وقال للذي كان يرى رأسه يقطع ثم يرده فيرجع: "إذا لعب الشيطان بأحدكم في النوم فلا يحدث بذلك".
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
فالأحلام وحدثان النفس ملغاة، الرؤيا هي التي تعبر ويلتمس علمها. والباء في قوله: "بعالمين" للتأكيد، وفي قوله: "بتأويل" للتعدية، وهي متعلقة بقوله: "بعالمين".
و(الأحلام): جمع حلم، يقال: حلم الرجل -بفتح اللام- يحلم إذا خيل إليه في منامه، والأحلام مما أثبتته الشريعة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الرؤيا من الله، وهي المبشرة، والحلم المحزن من الشيطان، فإذا رأى أحدكم ما يكره فليتفل على يساره ثلاث مرات، وليقل: أعوذ بالله من شر ما رأيت، فإنها لا تضره". وما كان عن حديث النفس في اليقظة فإنه لا يلتفت إليه.
ولما سمع الساقي الذي نجا هذه المقالة من الملك ومراجعة أصحابه تذكر يوسف
[المحرر الوجيز: 5/95]
وعلمه بتأويل الأحلام والرؤى، فقال مقالته في هذه الآية). [المحرر الوجيز: 5/96]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (45)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"ادكر" أصله: اذتكر، افتعل من الذكر، قلبت التاء دالا وأدغم الأول في الثاني، ثم بدلت دالا غير منقوطة لقوة الدال وجلدها، وبعض العرب يقول: "اذكر"، وقرئ: "فهل من مذكر" بالنقط، و"من مدكر" على اللغتين، وقرأ جمهور الناس: "بعد أمة" وهي المدة من الدهر، وقرأ ابن عباس وجماعة: "بعد أمة" وهو النسيان، وقرأ مجاهد، وشبيل بن عزرة: "بعد أمه" بسكون الميم، وهو مصدر من "أمه" إذا نسي، وقرأ الأشهب العقيلي: "بعد إمة" بكسر الهمزة، والإمة: النعمة، والمعنى: بعد نعمة أنعمها الله على يوسف في تقريب إطلاقه وعزته. وبقوله: "وادكر" يقوي قول من يقول: إن الضمير في "فأنساه" عائد على الساقي، والأمر محتمل.
وقرأ الجمهور: "أنا أنبئكم"، وقرأ الحسن بن أبي الحسن: "أنا آتيكم"، وكذلك في مصحف أبي بن كعب، وقوله: {فأرسلون} استئذان في المضي، فقيل: كان السجن في غير مدينة الملك، قاله ابن عباس رضي الله عنهما، وقيل: كان فيها.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ويرسم الناس اليوم سجن يوسف في موضع على النيل بينه وبين الفسطاط ثمانية أميال). [المحرر الوجيز: 5/96]

تفسير قوله تعالى: {يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {يوسف أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون}
المعنى: فجاء الرسول -وهو الساقي- إلى يوسف فقال له: يا يوسف، أيها الصديق، وسماه صديقا من حيث كان جرب صدقه في غير شيء، وهو بناء مبالغة من (صدق)، وسمي أبو بكر رضي الله عنه صديقا من (صدق غيره) إذ مع كل تصديق صدق، فالمصدق بالحقائق صادق أيضا، وعلى هذا الأساس سمي المؤمنون صديقين في قوله تعالى: {والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون}.
ثم قال: {أفتنا في سبع بقرات} أي: فيمن رأى في المنام سبع بقرات، وحكى النقاش حديثا روى فيه أن جبريل عليه السلام دخل على يوسف في السجن وبشره بعطف الله تعالى عليه، وأخرجه من السجن، وأنه قد أحدث للملك منامة جعلها سببا لفرج يوسف، ويروى أن الملك كان يرى سبع بقرات سمان يخرجن من النهر، وتخرج وراءها سبع عجاف، فتأكل العجاف السمان، فكان يعجب كيف غلبتها؟ وكيف وسعت السمان في بطون العجاف؟ وكان يرى سبع سنبلات خضر وقد التفت بها سبع يابسات حتى كانت تغطي خضرتها فعجب أيضا لذلك.
وقوله: {لعلهم يعلمون} أي: تأويل هذه الرؤيا فيزول هم الملك لذلك وهم الناس، وقيل: لعلهم يعلمون مكانتك من العلم وكنه فضلك فيكون ذلك سببا لتخلصك). [المحرر الوجيز: 5/97]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ (47)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {قال تزرعون} الآية. تضمن هذا الكلام من يوسف عليه السلام ثلاثة أنواع من القول: أحدها: تعبير بالمعنى وباللفظ. والثاني: عرض رأي وأمر به وهو قوله: {فذروه في سنبله}، والثالث: الإعلام بالغيب في أمر العام الثامن، قاله قتادة.
[المحرر الوجيز: 5/97]
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ويحتمل هذا ألا يكون غيبا، بل علم العبارة أعطى انقطاع الجدب بعد سبع، ومعلوم أنه لا يقطعه إلا خصب شاف، كما أعطى أن النهر مثال للزمان؛ إذ هو أشبه شيء به فجاءت البقرات مثالا للسنين.
و"دأبا" معناه: ملازمة لعادتكم في الزراعة، ومنه قول امرئ القيس:
كدأبك من أم الحويرث قبلها ... ... ... البيت
وقرأ جمهور السبعة: "دأبا" بإسكان الهمزة، وقرأ عاصم وحده: "دأبا" بفتح الهمزة، وأبو عمرو يسهل الهمزة عند درج القراءة، وهما مثل: نهر ونهر، والناصب لقوله: "دأبا" "تزرعون" عند أبي العباس المبرد؛ إذ في قوله: "تزرعون" تدأبون، وهي عنده مثل: (قعد القرفصاء)، و(اشتمل الصماء) وسيبويه يرى نصب هذا كله بفعل مضمر من لفظ المصدر يدل عليه هذا الظاهر، كأنه قال: "تزرعون تدأبون دأبا".
وقوله: {فما حصدتم فذروه} هي إشارة برأي نبيل نافع بحسب طعام مصر وحنطتها التي لا تبقى عامين بوجه إلا بحيلة إبقائها في السنبل؛ فإن الحبة إذا بقيت في خبائها انحفظت والمعنى: اتركوا الزرع في السنبل إلا ما لا غنى عنه للأكل، فيجتمع الطعام هكذا ويتركب، ويؤكل الأقدم فالأقدم، فإذا جاءت السنون الجدبة تقوت الناس الأقدم فالأقدم من ذلك المدخر، وادخروا أيضا الشيء الذي يصاب في أعوام الجدب على قلته، وحملت الأعوام بعضها بعضا حتى يتخلص الناس، وإلى هذه السنين أشار النبي عليه الصلاة والسلام في دعائه على قريش: "اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف "، فابتدأ
[المحرر الوجيز: 5/98]
ذلك بهم، ونزلت سنة حصت كل شيء، حتى دعا لهم النبي عليه الصلاة والسلام فارتفع ذلك عنهم ولم يتماد سبع سنين، وروي أن يوسف عليه السلام لما خرج ووصف هذا الترتيب للملك وأعجبه أمره، قال له الملك، قد أسندت إليك تولي هذا الأمر في الأطعمة هذه السنين المقبلة، فكان هذا أول ما ولي يوسف). [المحرر الوجيز: 5/99]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ (48)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وأسند الأكل إلى السنين في قوله: "يأكلن" اتساعا من حيث يؤكل فيها، كما قال تعالى: {والنهار مبصرا}، وكما قال: (نهارك بطال وليلك قائم)، وهذا كثير في كلام العرب، ويحتمل أن يسمى فعل الجدب وإيباس البالات أكلا، وفي الحديث: "فأصابتهم سنة حصت كل شيء" وقال الأعرابي في السنة: (جمشت النجم، وألحبت اللحم، وأحجنت العظم).
و"تحصنون" معناه: تحرزون وتخزنون، قاله ابن عباس، وهو مأخوذ من الحصن، وهو الحرز والملجأ، ومنه تحصن النساء لأنه بمعنى التحرز). [المحرر الوجيز: 5/99]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {يغاث} جائز أن يكون من الغيث - وهو قول ابن عباس،
[المحرر الوجيز: 5/99]
ومجاهد، وجمهور المفسرين أي: يمطرون، وجائز أن يكون من (أغاثهم الله) إذا فرج عنهم، ومنه الغوث وهو الفرج.
وقرأ نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، "يعصرون" بفتح الياء وكسر الصاد، وقرأ حمزة، والكسائي ذلك بالتاء على المخاطبة، وقال جمهور المفسرين: هي من عصر النباتات كالزيتون والعنب والقصب والسمسم والفجل وجميع ما يعصر، ومصر بلد عصر لأشياء كثيرة، وروي أنهم لم يعصروا شيئا مدة الجدب، والحلب منه لأنه عصر للضرع، وقال أبو عبيدة وغيره: ذلك مأخوذ من العصرة والعصر وهو الملجأ، ومنه قول أبي زبيد في عثمان رضي الله عنه:
صاديا يستغيث غير مغاث ... ولقد كان عصرة المنجود
ومنه قول عدي بن زيد:
لو بغير الماء حلقي شرق ... كنت كالغصان بالماء اعتصاري
ومنه قول ابن مقبل:
وصاحبي وهوة مستوهل زعل ... يحول بين حمار الوحش والعصر
[المحرر الوجيز: 5/100]
ومنه قول لبيد:
فبات وأسرى القوم آخر ليلهم ... وما كان وقافا بغير معصر
أي: بغير ملتجأ، فالآية على معنى: ينجون بالعصرة.
وقرأ الأعرج، وعيسى، وجعفر بن محمد: "يعصرون" بضم الياء وفتح الصاد، وهذا مأخوذ من العصرة، أي: يؤتون بعصرة، ويحتمل أن يكون من: عصرت السحاب ماءها عليهم، قال ابن المستنير: معناها: يمطرون، وحكى النقاش أنه قرئ: "يعصرون" بضم الياء وكسر الصاد وشدها وجعلها من عصر البلل، ورد الطبري على من جعل اللفظة من العصرة ردا كثيرا بغير حجة). [المحرر الوجيز: 5/101]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 26 ذو القعدة 1439هـ/7-08-2018م, 05:57 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 26 ذو القعدة 1439هـ/7-08-2018م, 05:59 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43) قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ (44) وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (45) يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46) قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ (48)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقال الملك إنّي أرى سبع بقراتٍ سمانٍ يأكلهنّ سبعٌ عجافٌ وسبع سنبلاتٍ خضرٍ وأخر يابساتٍ يا أيّها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرّؤيا تعبرون (43) قالوا أضغاث أحلامٍ وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين (44) وقال الّذي نجا منهما وادّكر بعد أمّةٍ أنا أنبّئكم بتأويله فأرسلون (45) يوسف أيّها الصّدّيق أفتنا في سبع بقراتٍ سمانٍ يأكلهنّ سبعٌ عجافٌ وسبع سنبلاتٍ خضرٍ وأخر يابساتٍ لعلّي أرجع إلى النّاس لعلّهم يعلمون (46) قال تزرعون سبع سنين دأبًا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا ممّا تأكلون (47) ثمّ يأتي من بعد ذلك سبعٌ شدادٌ يأكلن ما قدّمتم لهنّ إلا قليلا ممّا تحصنون (48) ثمّ يأتي من بعد ذلك عامٌ فيه يغاث النّاس وفيه يعصرون (49)}
هذه الرّؤيا من ملك مصر ممّا قدّر اللّه تعالى أنّها كانت سببًا لخروج يوسف، عليه السّلام، من السّجن معزّزًا مكرّمًا، وذلك أنّ الملك رأى هذه الرّؤيا، فهالته وتعجّب من أمرها، وما يكون تفسيرها، فجمع الكهنة والحزاة وكبراء دولته وأمراءه وقصّ عليهم ما رأى، وسألهم عن تأويلها، فلم يعرفوا ذلك، واعتذروا إليه بأنّ هذه {أضغاث أحلامٍ} أي: أخلاطٌ اقتضت رؤياك هذه {وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين} أي: ولو كانت رؤيا صحيحةً من أخلاطٍ، لما كان لنا معرفةً بتأويلها، وهو تعبيرها.
فعند ذلك تذكّر ذلك الّذي نجا من ذينك الفتيين اللّذين كانا في السّجن مع يوسف، وكان الشّيطان قد أنساه ما وصّاه به يوسف، من ذكر أمره للملك، فعند ذلك تذكّر {بعد أمّةٍ} أي: مدّةٍ -وقرأ بعضهم: "بعد أمةٍ" أي: بعد نسيانٍ، فقال للملك والّذين جمعهم لذلك: {أنا أنبّئكم بتأويله} أي: بتأويل هذا المنام، {فأرسلون} أي: فابعثون إلى يوسف الصّدّيق إلى السّجن. ومعنى الكلام: فبعثوا فجاء.
فقال: {يوسف أيّها الصّدّيق أفتنا} وذكر المنام الّذي رآه الملك، فعند ذلك ذكر له يوسف، عليه السّلام، تعبيرها من غير تعنيفٍ لذلك الفتى في نسيانه ما وصّاه به، ومن غير اشتراطٍ للخروج قبل ذلك، بل قال: {تزرعون سبع سنين دأبًا} أي يأتيكم الخصب والمطر سبع سنين متوالياتٍ، ففسّر البقر بالسّنين؛ لأنّها تثير الأرض الّتي تستغل منها الثمرات والزروع، وهن السنبلات الخضر، ثمّ أرشدهم إلى ما يعتمدونه في تلك السّنين فقال: {فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا ممّا تأكلون} أي: مهما استغللتم في هذه السّبع السّنين الخصب فاخزنوه في سنبله، ليكون أبقى له وأبعد عن إسراع الفساد إليه، إلّا المقدار الّذي تأكلونه، وليكن قليلًا قليلًا لا تسرفوا فيه، لتنتفعوا في السّبع الشّداد، وهنّ السّبع السّنين المحل الّتي تعقب هذه السّبع متوالياتٍ، وهنّ البقرات العجاف اللّاتي يأكلن السّمان؛ لأنّ سنيّ الجدب يؤكل فيها ما جمعوه في سنيّ الخصب، وهنّ السّنبلات اليابسات.
وأخبرهم أنّهنّ لا ينبتن شيئًا، وما بذروه فلا يرجعون منه إلى شيءٍ؛ ولهذا قال: {يأكلن ما قدّمتم لهنّ إلا قليلا ممّا تحصنون}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 392-393]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ بشّرهم بعد الجدب العام المتوالي بأنّه يعقبهم بعد ذلك {عامٌ فيه يغاث النّاس} أي: يأتيهم الغيث، وهو المطر، وتغل البلاد، ويعصر النّاس ما كانوا يعصرون على عادتهم، من زيتٍ ونحوه، وسكّرٍ ونحوه حتّى قال بعضهم: يدخل فيه حلب اللّبن أيضًا.
قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ {وفيه يعصرون} يحلبون). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 393]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:58 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة