العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة محمد

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 جمادى الأولى 1434هـ/23-03-2013م, 05:44 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي تفسير سورة محمد [ من الآية (12) إلى الآية (15) ]

إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ (12) وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلا نَاصِرَ لَهُمْ (13) أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ (14) مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ (15)


روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- أسباب النزول
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 6 جمادى الآخرة 1434هـ/16-04-2013م, 06:05 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف


تفسير قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ (12) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {إنّ اللّه يدخل الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار} يقول تعالى ذكره: إنّ اللّه له الألوهة الّتي لا تنبغي لغيره، يدخل الّذين آمنوا باللّه وبرسوله بساتين تجري من تحت أشجارها الأنهار، يفعل ذلك بهم تكرمةً على إيمانهم به وبرسوله.
وقوله: {والّذين كفروا يتمتّعون ويأكلون كما تأكل الأنعام} يقول جلّ ثناؤه: والّذين جحدوا توحيد اللّه، وكذّبوا رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم يتمتّعون في هذه الدّنيا بحطامها ورياشها وزينتها الفانية الدّارسة، ويأكلون فيها غير مفكّرين في المعاد، ولا معتبرين بما وضع اللّه لخلقه من الحجج المؤدّية لهم إلى علم توحيد اللّه ومعرفة صدق رسله، فمثلهم في أكلهم ما يأكلون فيها من غير علمٍ منهم بذلك وغير معرفةٍ، مثل الأنعام من البهائم المسخّرة الّتي لا همّة لها إلاّ في الاعتلاف دون غيره {والنّار مثوًى لّهم} يقول جلّ ثناؤه: والنّار نار جهنّم مسكنٌ لهم، ومأوًى، إليها يصيرون من بعد مماتهم). [جامع البيان: 21/197]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 12 - 14.
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله: {والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام} قال: لا يلتفت إلى آخرته). [الدر المنثور: 13/360]

تفسير قوله تعالى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ (13) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك قال قريته مكة). [تفسير عبد الرزاق: 2/222]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وكأيّن من قريةٍ هي أشدّ قوّةٍ من قريتك الّتي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم}
يقول تعالى ذكره: وكم يا محمّد من قريةٍ هي أشدّ قوّةً من قريتك، يقول أهلها أشدّ بأسًا، وأكثر جمعًا، وأعدّ عديدًا من أهل قريتك، وهي مكّة، وأخرج الخبر عن القرية، والمراد به أهلها.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وكأيّن من قريةٍ هي أشدّ قوّةً من قريتك الّتي أخرجتك أهلكناهم} قال: هي مكّة.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة في قوله {وكأيّن من قريةٍ هي أشدّ قوّةً من قريتك} قال: قريته مكّة.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن حنشٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، لمّا خرج من مكّة إلى الغار، أراه قال: التفت إلى مكّة، فقال: أنت أحبّ بلاد اللّه إلى اللّه، وأنت أحبّ بلاد اللّه إليّ، فلو أنّ المشركين لم يخرجوني لم أخرج منك، فأعتى الأعداء من عتا على اللّه في حرمه، أو قتل غير قاتله، أو قتل بذحول الجاهليّة، فأنزل اللّه تبارك وتعالى: {وكأيّن من قريةٍ هي أشدّ قوّةً من قريتك الّتي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم}.
وقال جلّ ثناؤه: أخرجتك، فأخرج الخبر عن القرية، فلذلك أنّث، ثمّ قال: أهلكناهم، لأنّ المعنى في قوله أخرجتك، ما وصفت من أنّه أريد به أهل القرية، فأخرج الخبر مرّةً على اللّفظ، ومرّةً على المعنى.
وقوله: {فلا ناصر لهم} فيه وجهان من التّأويل: أحدهما أن يكون معناه، وإن كان قد نصب النّاصر بالتّبرئة، فلم يكن لهم ناصرٌ، وذلك أنّ العرب قد تضمر كان أحيانًا في مثل هذا والآخر أن يكون معناه: فلا ناصر لهم الآن من عذاب اللّه ينصرهم). [جامع البيان: 21/197-199]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (حدثنا حسن بن عمر، ثنا معتمرٌ، قال: نا أبي، ثنا حنشٌ، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لمّا خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من مكّة تلقاء الغار، نظر إلى مكّة فقال: أنت أحبّ بلاد اللّه إليّ، ولولا أنّ أهلك أخرجوني منك لم أخرج منك. فأعدى الأعداء من عدا على الله تعالى في حرمه، أو قتل غير قاتله، أو قتل بذحل الجاهليّة قال: فأنزل الله عز وجل على نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {وكأيّن من قريةٍ هي أشدّ قوّةً من قريتك الّتي أخرجتك أهلكناهم} الآية). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/221]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {وكأين من قرية} الآيتين
وأخرج عبد بن حميد وأبو يعلى، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم لما خرج من مكة إلى الغار التفت إلى مكة وقال: أنت أحب بلاد الله إلى الله وأنت أحب بلاد الله إلي ولولا أن أهلك أخرجوني منك لم أخرج منك فأعتى الأعداء من عدا على الله في حرمه أو قتل غير قاتله أو قتل بذحول أهل الجاهلية فأنزل الله تعالى {وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم}). [الدر المنثور: 13/361]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك} قال: قريته مكة وفي قوله {أفمن كان على بينة من ربه} قال: هو محمد صلى الله عليه وسلم {كمن زين له سوء عمله} قال: هم المشركون). [الدر المنثور: 13/361]

تفسير قوله تعالى: (أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (14) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أفمن كان على بيّنةٍ من ربّه كمن زيّن له سوء عمله واتّبعوا أهواءهم}.
يقول تعالى ذكره: {أفمن كان} على برهانٍ وحجّةٍ وبيانٍ {من} أمر {ربّه} والعلم بوحدانيّته، فهو يعبده على بصيرةٍ منه، بأنّ له ربًّا يجازيه على طاعته إيّاه الجنّة، وعلى إساءته ومعصيته إيّاه النّار، {كمن زيّن له سوء عمله} يقول: كمن حسّن له الشّيطان قبيح عمله وسيّئه، فأراه جميلاً، فهو على العمل به مقيمٌ {واتّبعوا أهواءهم} يقول: واتّبعوا ما دعتهم إليه أنفسهم من معصية اللّه، وعبادة الأوثان من غير أن يكون عندهم بما يعملون من ذلك برهانٌ وحجّةٌ وقيل: إنّ الّذي عني بقوله: {أفمن كان على بيّنةٍ من ربّه} نبيّنا عليه الصّلاة والسّلام، وإنّ الّذي عني بقوله: {كمن زيّن له سوء عمله} هم المشركون). [جامع البيان: 21/199]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك} قال: قريته مكة وفي قوله {أفمن كان على بينة من ربه} قال: هو محمد صلى الله عليه وسلم {كمن زين له سوء عمله} قال: هم المشركون). [الدر المنثور: 13/361] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه قال: كل هوى ضلالة). [الدر المنثور: 13/361]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، عن طاووس قال: ما ذكر الله هوى في القرآن إلا ذمه). [الدر المنثور: 13/361]

تفسير قوله تعالى: (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (15) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا صفوان بن عمرو، عن عبيد الله بن بشر، عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {ويسقى من ماء صديد * يتجرعه} [سورة إبراهيم: 16-17]، قال: يقرب إليه، فيكرهه، فإذا أدني منه شوى وجهه، ووقعت فروة رأسه، وإذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره، يقول الله عز وجل: {وسقوا ماءً حميمًا فقطع أمعاءهم} [سورة محمد:15] ويقول الله: {وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوى الوجوه بئس الشراب} [سورة الكهف: 29] ). [الزهد لابن المبارك: 2/587]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله ماء غير آسن قال غير منتن). [تفسير عبد الرزاق: 2/222]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({آسنٍ} [محمد: 15] : «متغيّرٍ»). [صحيح البخاري: 6/134]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله آسنٌ متغيّرٌ كذا لغير أبي ذرٍّ هنا وسيأتي في أواخر السّورة). [فتح الباري: 8/579]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (ثنا أبي ثنا أبو صالح حدثني معاوية بن صالح عن علّي بن أبي طلحة عن ابن عبّاس في قوله 15 محمّد {آسن} يقول غير متغير). [تغليق التعليق: 4/312]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (آسن متغيّر
أشار به إلى قوله تعالى: {أنهار من ماء غير آسن} (محمّد: 15) أي: غير متغير، ولم يثبت هذا لأبي ذر). [عمدة القاري: 19/172]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({آسن}) في قوله: {فيها أنهار من ماء غير آسن} [محمد: 15] أي (متغير) طعمه وسقط هذا لأبي ذر). [إرشاد الساري: 7/342]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {مثل الجنّة الّتي وعد المتّقون فيها أنهارٌ من ماءٍ غير آسنٍ وأنهارٌ من لّبنٍ لّم يتغيّر طعمه وأنهارٌ من خمرٍ لّذّةٍ للشّاربين وأنهارٌ من عسلٍ مّصفًّى ولهم فيها من كلّ الثّمرات ومغفرةٌ من رّبّهم كمن هو خالدٌ في النّار وسقوا ماءً حميمًا فقطّع أمعاءهم}.
يقول تعالى ذكره: صفة الجنّة الّتي وعدها المتّقون، وهم الّذين اتّقوا في الدّنيا عقابه بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه {فيها أنهارٌ من ماءٍ غير آسنٍ} يقول تعالى ذكره في هذه الجنّة الّتي: ذكرها أنهارٌ من ماءٍ غير متغيّر الرّيح، يقال منه: قد أسن ماء هذه البئر: إذا تغيّرت ريح مائها فأنتنت، فهو يأسن أسنًا، وكذلك يقال للرّجل إذا أصابته ريحٌ منتنةٌ: قد أسن فهو يأسن وأمّا إذا أجن الماء وتغيّر، فإنّه يقال له: أسن فهو يأسن، ويأسن أسونًا، وماءٌ آسنٌ.
وبنحو الّذي قلنا في معنى قوله {من ماءٍ غير آسنٍ} قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {فيها أنهارٌ من ماءٍ غير آسنٍ} يقول: غير متغيّرٍ.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {أنهارٌ من ماءٍ غير آسنٍ} قال: من ماءٍ غير منتنٍ.
- حدّثني عيسى بن عمرٍو، قال: أخبرنا إبراهيم بن محمّدٍ، قال: حدّثنا مصعب بن سلاّمٍ، عن سعد بن طريفٍ، قال: سألت أبا إسحاق عن {ماءٍ غير آسنٍ} قال: سألت عنها الحارث، فحدّثني أنّ الماء الّذي غير آسنٍ تسنيمٌ، قال: بلغني أنّه لا تمسّه يدٌ، وأنّه يجيء الماء هكذا حتّى يدخل في فيه.
وقوله: {وأنهارٌ من لبنٍ لم يتغيّر طعمه} يقول تعالى ذكره: وفيها أنهارٌ من لبنٍ لم يتغيّر طعمه لأنّه لم يحلب من حيوان فيتغيّر طعمه بالخروج من الضّروع، ولكنّه خلقه اللّه ابتداءً في الأنهار، فهو بهيئته لم يتغيّر عمّا خلقه عليه.
وقوله: {وأنهارٌ من خمرٍ لذّةٍ للشّاربين} يقول: وفيها أنهارٌ من خمرٍ لذّةٍ للشّاربين يلتذّون بشربها.
- كما: حدّثني عيسى، قال: حدّثنا إبراهيم بن محمّدٍ، قال: حدّثنا مصعبٌ، عن سعد بن طريفٍ، قال: سألت عنها الحارث، فقال: لم تدسّه المجوس، ولم ينفخ فيه الشّيطان، ولم تؤذها شمسٌ، ولكنّها فوحاء قال: قلت لعكرمة: ما الفوحاء؟ قال: الصّفراء.
- وكما: حدّثني سعد بن عبد اللّه بن عبد الحكم، قال: حدّثنا حفص بن عمر، قال: حدّثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، في قوله: {من لبنٍ لم يتغيّر طعمه} قال: لم يحلب.
وخفضت اللّذّة على النّعت للخمرٍ، ولو جاءت رفعًا على النّعت للأنهار جاز، أو نصبًا على يتلذّذ بها لذّةً، كما يقال: هذا لك هبةً كان جائزًا؛ فأمّا القراءة فلا أستجيزها فيها إلاّ خفضًا لإجماع الحجّة من القرّاء عليها.
وقوله: {وأنهارٌ من عسلٍ مصفًّى} يقول: وفيها أنهارٌ من عسلٍ قد صفّي من القذى، وما يكون في عسل أهل الدّنيا قبل التّصفية، وإنّما أعلم تعالى ذكره عباده بوصفه ذلك العسل بأنّه مصفًى أنّه خلق في الأنهار ابتداءً سائلاً جاريًا سيل الماء واللّبن المخلوقين فيها، فهو من أجل ذلك مصفًّى، قد صفّاه اللّه من الأقذاء الّتي تكون في عسل أهل الدّنيا الّذي لا يصفو من الأقذاء إلاّ بعد التّصفية، لأنّه كان في شمعٍ فصفّي منه.
وقوله: {ولهم فيها من كلّ الثّمرات} يقول تعالى ذكره: ولهؤلاء المتّقين في هذه الجنّة من هذه الأنهار الّتي ذكرنا من جميع الثّمرات الّتي تكون على الأشجار {ومغفرةٌ من رّبّهم} يقول: وعفوٌ من اللّه لهم عن ذنوبهم الّتي أذنبوها في الدّنيا، ثمّ تابوا منها، وصفحٌ منه لهم عن العقوبة عليها.
وقوله: {كمن هو خالدٌ في النّار} يقول تعالى ذكره: أمن هو في هذه الجنّة الّتي صفتها ما وصفنا، كمن هو خالدٌ في النّار وابتدئ الكلام بصفة الجنّة، فقيل: مثل الجنّة الّتي وعد المتّقون، ولم يقل: أمن هو في الجنّة ثمّ قيل بعد انقضاء الخبر عن الجنّة وصفتها {كمن هو خالدٌ في النّار} وإنّما قيل ذلك كذلك، استغناءً بمعرفة السّامع معنى الكلام، ولدلالة قوله: {كمن هو خالدٌ في النّار} على معنى قوله: {مثل الجنّة الّتي وعد المتّقون}.
وقوله: {وسقوا ماءً حميمًا} يقول تعالى ذكره: وسقي هؤلاء الّذين هم خلودٌ في النّار ماءً قد انتهى حرّه فقطّع ذلك الماء من شدّة حرّه أمعاءهم.
- كما: حدّثني محمّد بن خلفٍ العسقلانيّ، قال: حدّثنا حيوة بن شريحٍ الحمصيّ، قال: حدّثنا بقيّة، عن صفوان بن عمرٍو، قال: ثني عبيد اللّه بن بسرٍ، عن أبي أمامة الباهليّ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في قوله: {ويسقى من ماءٍ صديدٍ يتجرّعه} قال: يقرّب إليه فيتكرّهه، فإذا أدني منه شوى وجهه، ووقعت فروة رأسه، فإذا شرب قطّع أمعاءه حتّى يخرج من دبره قال: يقول اللّه {وسقوا ماءً حميمًا فقطّع أمعاءهم} يقول اللّه عزّ وجلّ {يشوي الوجوه بئس الشّراب وساءت مرتفقًا}). [جامع البيان: 21/199-202]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا الحسن بن حليمٍ المروزيّ، أنبأ أبو الموجّه، أنبأ عبدان، أنبأ عبد اللّه، أنبأ صفوان بن عمرٍو، عن عبد اللّه بن بشرٍ، عن أبي أمامة رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في قوله عزّ وجلّ {ويسقى من ماءٍ صديدٍ يتجرّعه} [إبراهيم: 17] قال: " يقرّب إليه فيتكرّهه، فإذا أدني منه شوى وجهه ووقع فروة رأسه، فإذا شربه قطع أمعاءه حتّى يخرج من دبره، يقول اللّه عزّ وجلّ {وسقوا ماءً حميمًا فقطّع أمعاءهم} [محمد: 15] يقول اللّه عزّ وجلّ: {وإن يستغيثوا يغاثوا بماءٍ كالمهل يشوي الوجوه بئس الشّراب} [الكهف: 29] «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/496]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 15.
أخرج ابن جريج، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أنهار من ماء غير آسن} قال: غير متغير). [الدر المنثور: 13/362]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {من ماء غير آسن} قال: غير منتن). [الدر المنثور: 13/362]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه {وأنهار من لبن لم يتغير طعمه} قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما: لم يحلب). [الدر المنثور: 13/362]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {وأنهار من لبن لم يتغير طعمه} قال: لم يخرج من بين فرث ودم {وأنهار من خمر لذة للشاربين} قال: لم تدنسه الرجال بأرجلهم {وأنهار من عسل مصفى} قال: لم يخرج من بطون النحل). [الدر المنثور: 13/362]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والترمذي وصححه، وابن المنذر، وابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور عن معاوية بن حيدة رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الجنة بحر اللبن وبحر الماء وبحر العسل وبحر الخمر ثم تشقق الأنهار منها بعد). [الدر المنثور: 13/362]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحرث بن أبي أسامة في مسنده والبيهقي عن كعب رضي الله عنه قال: نهر النيل نهر العسل في الجنة ونهر دجلة نهر اللبن في الجنة ونهر الفرات نهر الخمر في الجنة، ونهر سيحان نهر الماء في الجنة). [الدر المنثور: 13/363]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن الكلبي رضي الله عنه في قوله: {مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن} الآية قال: حدثني أبو صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما أسرى بي فانطلق بي الملك فانتهى بي إلى نهر الخمر فإذا عليه إبراهيم عليه الصلاة والسلام فقلت للملك: أي نهر هذا فقال: هذا نهر دجلة، فقلت له: إنه ماء قال هو في ماء في الدنيا يسقي الله به من يشاء وهو في الآخرة خمر لأهل الجنة، قال: ثم انطلقت مع الملك إلى نهر الرب فقلت للملك: أي نهر هذا قال: هو جيحون وهو الماء غير آسن وهو في الدنيا ماء يسقي الله به من يشاء وهو في الآخرة ماء غير آسن ثم انطلق بي فأبلغني نهر اللبن الذي يلي القبلة فقلت للملك: أي نهر هذا قال: هذا نهر الفرات فقلت: هو ماء، قال: هو ماء يسقي الله به من يشاء في الدنيا وهو لبن في الآخرة لذرية المؤمنين الذين رضي الله عنهم وعن آبائهم ثم انطلق بي فأبلغني نهر العسل الذي يخرج من جانب المدينة فقلت للملك الذي أرسل معي: أي نهر هذا قال: هذا نهر مصر، قلت: هو ماء، قال: هو ماء يسقي الله به من يشاء في الدنيا وهو في الآخرة عسل لأهل الجنة {ولهم فيها من كل الثمرات} يقول: في الجنة {ومغفرة من ربهم} يقول: لذنوبهم). [الدر المنثور: 13/363-364]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أبي وائل رضي الله عنه قال: جاء رجل يقال له نهيك بن سنان إلى ابن مسعود رضي الله عنه فقال: يا أبا عبد الرحمن كيف تقرأ هذا الحرف أياء تجده أم ألفا من ماء غير ياسن أو من ماء غير آسن فقال له عبد الله رضي الله عنه: وكل القرآن أحصيت غير هذا فقال إني لأقرأ المفصل في ركعة، قال: هذا كهذا الشعر إن قوما يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم ولكن القرآن إذا وقع في القلب فرسخ نفع إني لأعرف النظائر التي كان يقرأ بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 13/364]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن سعد بن طريف رضي الله عنه قال: سألت أبا إسحاق رضي الله عنه عن {ماء غير آسن} قال: سألت عنها الحارث فحدثني أن الماء الذي غير آسن تسنيم قال: بلغني أنه لا تمسه يد وأنه يجيء الماء هكذا حتى يدخل فمه والله تعالى أعلم). [الدر المنثور: 13/364]



رد مع اقتباس
  #3  
قديم 6 جمادى الآخرة 1434هـ/16-04-2013م, 06:06 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي

التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ (12) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ...}.
ترفع النار بالمثوى، ولو نصبت المثوى، ورفعت النار باللام التي في (لهم) كان وجها). [معاني القرآن: 3/59]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} أي منزل لهم). [تفسير غريب القرآن: 410]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( (ثم أعلم اللّه - عزّ وجلّ - ما أعدّ للمؤمنين مع النصر والتمكين، وما أعدّ للكافرين مع الخذلان والإضلال فقال: ({إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ (12)}.
ثم بين صفات تلك الجنات وقال:
({وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ}).
والمثوى المنزل). [معاني القرآن: 5/8]

تفسير قوله تعالى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ (13) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ ...}.
يريد: التي أخرجك أهلها إلى المدينة، ولو كان من قريتك التي أخرجوك كان وجها، كما قال: {فجاءها بأسنا بياتاً أو هم قائلون}، فقال: {قائلون}، وفي أول الكلمة: {فجاءها}.
وقوله: {فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ ...}.
جاء في التفسير: فلم يكن لهم ناصر حين أهلكناهم، فهذا وجه، وقد يجوز إضمار كان،
وإن كنت قد نصبت الناصر بالتبرية، وبكون: أهلكناهم فلا ناصر لهم الآن من عذاب الله). [معاني القرآن: 3/59]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ } أي كم من أهل قرية: {هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ} يريد: أخرجك أهلها). [تفسير غريب القرآن: 410]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقوله: {مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ} [محمد: 13] أي أخرجك أهلها). [تأويل مشكل القرآن: 210]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله - عزّ وجلّ -: ({وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ (13)} المعنى وكم من أهل قرية هي أشدّ قوة من أهل قريتك التي أخرجتك.
أي الذين أخرجوك أهلكناهم بتكذيبهم للرسل فلا ناصر لهم.
ثم أعلم فقال: ({أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (14)} ). [معاني القرآن: 5/8-9]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ} [آية: 13] قال قتادة يعني أهل مكة قال فلا ناصر لهم). [معاني القرآن: 6/470-471]

تفسير قوله تعالى: (أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (14) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ...} ولم يقل: واتبع هواه، وذلك أنّ من تكون في معنى واحد وجميع، فردّت أهواؤهم على المعنى، ومثله: {ومن الشياطين من يغوصون له}، وفي موضع آخر: {ومنهم من يستمع إليك}، وفي موضع آخر: {ومنهم من يستمعون إليك} ). [معاني القرآن: 3/59]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( ({أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (14)}
وهذه ألف توقيف وتقرير، لأن الجواب معلوم، كما أنك إذا قلت من يفعل السيئات يشق، ومن يفعل الحسنات يسعد، ثم قلت: الشقاء أحب إليك أم السعادة. فقد علم أن الجواب السعادة، فهذا مجرى ألف التوقيف والتقرير). [معاني القرآن: 5/9]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ} [آية: 14]
قال قتادة هو محمد كمن زين له سوء عمله قال هم مشركو العرب
ثم قال {وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ}على معنى من). [معاني القرآن: 6/471]
تفسير قوله تعالى: (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (15) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ...}.
أخبرني حبّان بن علي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال:
مثل الجنة، أمثال الجنة، صفات الجنة. قال ابن عباس: وكذلك قرأها علي بن أبي طالب: أمثال.
وقوله: {مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ...} غير متغير، غير آجن.
وقوله: {وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ...} لم يخرج من ضروع الإبل ولا الغنم برغوته.
وقوله: {وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ...} اللذة مخفوضة، وهي الخمر بعينها، وإن شئت جعلتها تابعة للأنهار، وأنهارٌ لذةٌ، وإن شئت نصبتها على يتلذذ بها لذة، كما تقول: هذا لك هبةً وشبهه،
ثم قال: {كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ} لم يقل: أمن كان في هذا كمن هو خالد في النار؟ ولكنه فيه ذلك المعنى فبنى عليه). [معاني القرآن: 3/60]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( "{مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ}" الآسن المتغير الريح يقال: قد أسن ماء ركيّتك). [مجاز القرآن: 2/215]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {غير آسن}: أي متغير الريح). [غريب القرآن وتفسيره: 339]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ} أي غير متغير الريح والطعم و«الآجن» نحوه.
{وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ} أي: لذيذة. يقال: شراب لذّ، إذا كان طبيبا). [تفسير غريب القرآن: 410]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والمثل: الصّورة والصّفة، كقوله: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ}[محمد: 15] أي صفة الجنة). [تأويل مشكل القرآن: 496]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: ({مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (15)}
({مثل الجنّة}).
تفسير لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}، ففسر تلك الأنهار فقال: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} أي مما عرفتموه من الدنيا من جناتها وأنهارها جنّة {فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ}.
ويقرأ من ماء غير أسن، ويجوز في العربية أسن، يقال أسن الماء يأسن فهو آسن، ويقال: أسن الماء فهو أسن إذا تغيرت رائحته، فأعلم اللّه - عزّ وجلّ - أن أنهار الجنة لا تتغير رائحة مائها، ولا يأسن.
{وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ} أي لا يدخله ما يدخل ألبان الدنيا من التغير.
{وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ} ليس فيها غول أي لا تسكر ولا تفنى.
{وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى} معناه مصفى لم يخرج من بطون النحل فيخالطه الشمع.
{وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ}.
كما قال: ({إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ})، وصف تلك الجنات فقال: مثل الجنّة جنّة كما وصف.
وقيل إن المعنى صفة الجنّة، وهو نحو مما فسّرنا.
ثم قال: {وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ } أي لهم فيها من كل الثمرات ولهم مغفرة من ربهم، يغفر ذنوبهم ولا يجازون بالسيئات، ولا يوبّخون في الجنّة، فيكون الفوز العظيم والعطاء الجزيل.
ثم قال: {كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ}.
المعنى أفمن كان على بينة من ربّه وأعطى هذه الأشياء، كمن زيّن له سوء عمله وهو خالد في النّار.
(وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ) واحد الأمعاء معى، مثل ضلع وأضلاع). [معاني القرآن: 5/9-10]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ} [آية: 15]
ولم يأت بالمماثل ، في معناه ثلاثة أقوال :
أ - منها أن مثلا بمعنى صفة قال ذلك النضر بن شميل والفراء
وروي عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قرأ أمثال الجنة التي وعد المتقون
قال أبو جعفر فهذا قول ويكون على هذا مثل على معنى مثل ويكون فيه خلاف معناه كما أن في عدل خلاف معنى عدل
ب - وقيل المعنى مثل الجنة التي وعد المتقون فيما تعرفون في الدنيا جنة فيها أنهار
ج - والقول الثالث أن المعنى على التوبيخ والتقرير أي مثل الجنة التي وعد المتقون كمن هو خالد في النار أي مثل المطيع عندكم كمثل العاصي
وروى معمر عن قتادة من ماء غير آسن قال غير منتن
قال قتادة الآسن المتغير الآجن
قال أبو جعفر قول قتادة أصح لأنه يقال أسن الماء يأسن ويأسن فهو آسن وأسن إذا أنتن فلم يقدر أحد على شربه وأجن يأجن وهو آجن إذا تغير وإن كان شرب على كره
وقوله جل وعز: {وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ} [آية: 15] يقال شراب لذيذ ولذ
{وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى} أي ليس كعسل الدنيا الذي فيه الشمع وغيره
( وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ) أي ولهم مغفرة من ربهم
ثم قال تعالى: {مَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ} قال أبو جعفر قد تقدم القول فيها
وفيه قول آخر وهو أن المعنى أمن يخلد في الجنة وفي هذا النعيم المذكور كمن هو خالد في النار ثم حذف هذا لعلم السامع كما قال تعالى: {أمّن هُو قانِتٌ آناءَ الليلِ ساجدًا وقائماً} وإن كان قد قيل إن المعنى يا من هو قانت). [معاني القرآن: 6/471-475]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {آَسِنٍ} وآجن، أي: متغير). [ياقوتة الصراط: 469]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({غَيْرِ آَسِنٍ}: غير متغير الريح). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 231]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {آَسِنٍ}: متغير). [العمدة في غريب القرآن: 274]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 6 جمادى الآخرة 1434هـ/16-04-2013م, 06:08 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]
تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ (12) }
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (

وقلت لها كنت قـد تعلمـيــن منذ ثوى الركب عنا غفولا

يقال ثوى وأثوى بمعنى واحد، والثوي: الإقامة، غيره يقول كنت غفولاً عنا تعلمين، قال وهو كقولك كنت لي طال ما نعلم ذاك، قال أحمد يقال ثوى الرجل ولا يقال أثوى وأنشد بيت الأعشى: أثوى وقصر ليله ليزودا، قال ما سمعنا أحدًا من شيوخنا ينشده إلا بالاستفهام، وبه قرأت القراء {والنار مثوى لهم}، ولم يسمع مثوى لهم، ويقال للرجل المقيم: الثاوي، ولم يسمع المثوي، قال: فكل هذا يشهد لثوى). [شرح المفضليات: 80]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (

طال الثواء فقربا لـي بـازلاوجناء تقطع بالردافى السبسبا

قال الضبي السبسب والبسبس القفر لا نبت فيها وقال أحمد بن عبيي الثواء الإقامة يقال ثوى يثوي ثواء: قال الله عز وجل: {والنار مثوى لهم} قال: ولم أستمع أثوى: وأنشدني بيت الأعشى بالاستفهام:

أثوى وقصـر ليلـه ليـزودافمضى وأخلف من قتيلة موعدا

وأنشدني أحمد لأوس بن حجر:

والله لولا قرزل إذ نجـالكان مثوى خدك الأحزما

قرزل: فرس الطفيل بن مالك: يقول لولا أنه نجا بك لقتلت حتى يقع خدك على الأحزم وهو ما غلظ من الأرض وقال يعقوب: يقال ثوى وأثوى وأنشد بيت الأعشى على الخبر: أثوى وقصر ليله ليزودا، قال أحمي لم نسمع أحدا قرأ: (والنار مُثوى لهم): ولا سمعنا (مُثوى) (في بيت أوس) وهما شاهدان لأثوى: وقال الله تعالى: {وما كنت ثاويا}). [شرح المفضليات: 604]

تفسير قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ (13) }

تفسير قوله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (14) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: "دعاه الهوى" فالهوى من" هويت" مقصور، وتقديره "فعل"، فانقلبت الياء ألفًا، فلذلك كان مقصورًا، وإنما كان كذلك لأنك تقول: هوي يهوى، كما تقول: فرق يفرق وهو هو، كما تقول: هو فرق، كما ترى، وكان المصدر على"فعل"، بمنزلة الفرق والحذر والبطر. لأن الوزن واحد في الفعل واسم الفاعل، فأما الهواء، من الجو فمدود، يدلك على ذلك جمعة إذا قلت: أهويةٌ، لأن أفعله إنما تكون جمع فعالٍ وفعالٍ وفعولٍ وفعيل، كما تقول قذالٌ وأقذلةٌ وحمار وأحمرةٌ، فهواءٌ كذلك، والمقصور جمعه أهواء فاعلم، لأنه على فعل، وجمع فعل أفعالٌ كما تقول: جمل وأجمال وقتب وأقتاب، قال الله عز وجل: {وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ}. وقوله هذا هواء يا فتى في صفة الرجل إنما هو ذمٌ، يقول: لا قلب له، قال الله عز وجل: {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} أي خالية، وقال زهير:

كأن الرحل منها فوق صعلٍمن الظلمان جؤجؤه هواء

وهذا من هواء الجو، قال الهذلي:

هواءٌ مثل بعلك مستميتٌعلى ما في وعائك كالخيال

وكل واو مكسورة وقعت أولاً فهمزها جائز ينشد: "على ما في إعائك"، ويقال: وسادةٌ وإسادةٌ وشاحٌ وإشاحٌ). [الكامل: 1/430]
تفسير قوله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (15) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وتقول أمّا زيداً فجدعاً له وأمّا عمراً فسقياً له لأنّك لو أظهرت الذي انتصب عليه سقياً وجدعا لنصبت زيداً وعمراً فإضماره بمنزلة إظهاره كما تقول أمّا زيداً فضرباً.
وتقول أمّا زيدٌ فسلامٌ عليه وأمّا الكافر فلعنة الله عليه لأنّ هذا ارتفع بالابتداء.
وأمّا قوله عزّ وجلّ: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة}. وقوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} فإن
هذا لم يبن على الفعل ولكنه جاء على مثل قوله تعالى: {مثل الجنّة اّلتي وعد المتّقون}.
ثمّ قال بعد: {فيها أنهار من ماء} فيها كذا وكذا. فإنما وضع المثل للحديث الذي بعده فذكر أخباراً وأحاديث فكأنه قال ومن القصص مثل الجنّة أو مما يقصّ عليكم مثل الجنّة فهو محمول على هذا الإضمار ونحوه. والله تعالى أعلم.
وكذلك: {الزانية والزاني} كأنه لمّا قال جلّ ثناؤه: {سورة أنزلناها وفرضناها}. قال في الفرائض الزّانية والزّاني أو الزانية والزاني في الفرائض. ثم قال فاجلدوا فجاء بالفعل بعد أن مضى فيهما الرفع، كما قال:
وقائلةٍ: خولان فانكح فتاتهم
فجاء بالفعل بعد أن عمل فيه المضمر. وكذلك: {والسارق والسارقة} كأنه قال وفيما فرض الله عليكم السارق والسارقة أو السّارق والسارقة فيما فرض عليكم. فإنّما دخلت هذه الأسماء بعد قصص وأحاديث. ويحمل على نحوٍ من هذا ومثل ذلك: {واللذان يأتيانها منكم فآذوهما}
وقد يجرى هذا في زيدٍ وعمرو على هذا الحدّ إذا كنت تخبر بأشياء أو توصى. ثم تقول زيدٌ أي زيدٌ فيمن أوصى به فأحسن إليه وأكرمه. وقد قرأ أناسٌ والسّارق والسّارقة والزانية والزاني وهو في العربيّة على ما ذكرت لك من القوّة. ولكن أبت العامّة إلاّ القراءة بالرفع. وإنّما كان الوجه في الأمر والنّهى النصب لأنّ حدّ الكلام تقديم الفعل وهو فيه أوجب إذ كان ذلك يكون في ألف الاستفهام لأنّهما لا يكونان إلا بفعل). [الكتاب: 1/142-144] (م)
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (و(المعي) أكثر الكلام تذكيره؛ يقال: هذا مِعي وثلاثة أمعاء. وربما ذهبوا به إلى التأنيث، كأنه واحد دل على الجمع). [المذكور والمؤنث: 66]
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): (ومن الماء الأجن وهو الخبيث المتغير الطعم،
...
والركية الموسنة التي يوسن فيها الإنسان وسنا. وهذا قول عامة الكلابيين وهو غشي يأخذ الإنسان من نتن ريح ماء الركية. وقال بعضهم: أسن الماء يأسن أسنا فهمز). [كتاب المطر: 17-18]
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): (ويقال أسن الماء يأسن أسنا إذا تغير وأسن الماء يأسن. ويقال: أسن الرجل يأسن إذا غشي عليه من ريح خبيثة وربما مات منها. قال الشاعر:

التارك القرن مصقرا أنامله=يميل في الرمح ميل المايح الأسن

[كتاب الهمز: 30]
قال عبدُ الملكِ بنُ قُرَيبٍ الأصمعيُّ (ت: 216هـ) : (وفي البطن المعدة والمعدة مخففة ومثقلة وهي أم الطعام وأول ما يقع فيه الطعام وهي من الإنسان بمنزلة الكرش من الشاة ثم تؤديه إلى الأمعاء وواحدها معي مقصور). [خلق الإنسان: 219]

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (يقال: أجن الماء يأجن [أجونا] إذا تغير غير أنه شروب. وأسن يأسن أسنا وأسونا وهو الذي لا يشربه أحد من نتنه). [الغريب المصنف: 2/612]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (



فأوردها طاميات الجمـاموقد كن يأجن أو كن جونا

....
يقال: أجن الماء يأجن وأسن يأسن إذا تغير). [شرح ديوان كعب بن زهير: 105]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (والفصل بين الرفع والنصب أن الناصب دعا له. كأنه قال: رحمتك يا ذا الرحمة وقوله:
حنانٌ ما أتى بك هاهنا؟
إنما أراد: أمرنا حنانٌ؛ كقوله عز وجل: {مثل الجنة التي وعد المتقون} فالتقدير: فيما يتلى عليكم مثل الجنة، ثم قال: فيها، وفيها. ومن قال: إنما معناه: صفة الجنة فقد أخطأ؛ لأن مثل لا يوضع في موضع صفة. إنما يقال: صفة زيد أنه ظريف، وأنه عاقل. ويقال: مثل زيد مثل فلان. وإنما المثل مأخوذ من المثال والحذو، والصفة تحلية ونعت). [المقتضب: 3/225]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قال الشاعر:

هذا طريق يأزم المآزمـاوعضوات تقطع اللهازما

ونظير عضة، سنة؛ على أن الساقط الهاء في قول بعض العرب، والواو في قول بعضهم، تقول في جمعها سنوات. وسانيت الرجل. وبعضهم يقول: سهات. وأكريته مسانهة.
وهذا الحرف في القرآن يقرأ على ضروب. فمن قرأ: {لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ} فوصل بالهاء - هو مأخوذ من: سانهت، التي هي سنيهة. ومن جعله من الواو قال في الوصل: لم يتسن وانظر. فإذا وقف قال: {لَمْ يَتَسَنَّه} فكانت الهاء زائدة لبيان الحركة. بمنزلة الهاء في قوله: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}. و{كِتَابِيَهْ}. و{حِسَابِيَهْ}. والمعنى واحد. وتأويله: لم تغيره السنون. ومن لم يقصد إلى السنة، قال: لم يتأسن. والآسن: المتغير، قال الله جل وعز: {فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ}، ويقال: أسن في هذا المعنى، كما يقال: رجل حاذر وحذر). [الكامل: 2/967-968] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (ومن حرف من الأضداد، تكون لبعض الشيء، وتكون لكله، فكونها للتبعيض لا يحتاج فيه إلى شاهد، وكونها بمعنى (كل)، شاهده قول الله عز وجل: {ولهم فيها من كل الثمرات}، معناه كل الثمرات، وقوله عز وجل: {يغفر لكم من ذنوبكم}، معناه يغفر لكم ذنوبكم. وقوله عز وجل: {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما}، معناه: وعدهم الله كلهم مغفرة؛ لأنه قدم وصف قوم يجتمعون في استحقاق هذا الوعد. وقول الله عز وجل في غير هذا الموضع: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير}، معناه: ولتكونوا كلكم أمة تدعو إلى الخير، قال الشاعر:

أخو رغائب يعطاها ويسألهايأبى الظلامة منه النوفل الزفر

أراد: يأبى الظلامة لأنه نوفل زفر. ومستحيل أن تكون
(مِنْ) هاهنا تبعيضا إذ دخلت على ما لا يتبعض، والعرب تقول: قطعت من الثوب قميصا، وهم لا ينوون أن القميص قطع من بعض الثوب دون بعض؛ إنما يدلون بـ(من) على التجنيس، كقوله عز وجل: {فاجتبوا الرجس من الأوثان} معناه: فاجتنبوا الأوثان التي هي رجس، واجتنبوا الرجس من جنس الأوثان؛ إذ كان يكون من هذا الجنس ومن غيره من الأجناس.
وقال الله عز وجل: {وننزل من القرآن ما هو شفاء}، فـ (مِنْ)، ليست هاهنا تبعيضا؛ لأنه لا يكون بعض القرآن شفاء وبعضه غير شفاء، فـ(مِنْ) تحتمل تأويلين: أحدهما التجنيس، أي ننزل الشفاء من جهة القرآن، والتأويل الآخر أن تكون (من) مزيدة للتوكيد، كقوله: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم}، وهو يريد يغضوا أبصارهم، وكقول ذي الرمة:


إذا ما امـرؤ حاولـن يقتتلنـهبلا إحنة بين النفوس ولا ذحـل
تبسمن عن نور الأقاحي في الثرىوفترن من أبصار مضروجة نجـل

أراد: وفترن أبصار مضروجة.
وكان بعض أصحابنا يقول: من ليست مزيدة للتوكيد في قوله: {من كل الثمرات}، وفي قوله: {من أبصارهم} وفي قوله: {يغفر لكم من ذنوبكم}. وقال: أما قوله: {من كل الثمرات}، فإن (من) تبعيض، لأن العموم في جميع الثمرات لا يجتمع لهم في وقت واحد؛ إذ كان قد تقدم منها ما قد أكل، وزال وبقي منها ما يستقبل ولا ينفد أبدا، فوقع التبعيض لهذا المعنى.
قال: وقوله: {يغضوا من أبصارهم} معناه: يغضوا بعض أبصارهم. وقال: لم يحظر علينا كل النظر، إنما حظر علينا بعضه، فوجب التبعيض من أجل هذا التأويل.
قال: وقوله: {يغفر لكم من ذنوبكم} من هاهنا مجنسة، وتأويل الآية: يغفر لكم من إذنابكم، وعلى إذنابكم، أي يغفر لكم من أجل وقوع الذنوب منكم، كما يقول الرجل: اشتكيت من دواء شربته، أي من أجل الدواء.
وقال بعض المفسرين: من في قوله تعالى: {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة} مبعضة، لأنه ذكر أصحاب نبيه صلى الله عليه، وكان قد ذكر
قبلهم الذين كفروا فقال: {إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية}. وقال بعد: {منهم}؛ أي من هذين الفريقين، ومن هذين الجنسين). [كتاب الأضداد: 252-255] (م)
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (والآجن المتغيرّ، يقال أجن الماء يأجن ويأجنا أجون، وأسن
يأسن ويأسن أسونًا، وقد أجن وأسن، وليسا بالفصيحين، فأما أسن الرجل إذا دير به من خبث رائحة البئر فعلى فعل لا غير). [الأمالي: 2/240-241]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 21 صفر 1440هـ/31-10-2018م, 11:01 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 21 صفر 1440هـ/31-10-2018م, 11:01 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 24 صفر 1440هـ/3-11-2018م, 04:36 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ (12) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ويأكلون كما تأكل الأنعام}، أي أكلا مجردا من فكرة ونظر، فالتشبيه بالمعنى إنما وقع فيما عدا الأكل من قلة الفكر وعدم النظر، فقوله تعالى: "كما" في موضع الحال، وهذا كما تقول: الجاهل يعيش عيش البهيمة، فأما بمقتضى اللفظ فالجاهل والعالم والبهيمة من حيث لهم عيش فهم سواء، ولكن معنى كلامك: يعيش عديم النظر والفهم كما تعيش البهيمة. و"المثوى": موضع الإقامة). [المحرر الوجيز: 7/ 644-645]

تفسير قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ (13) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقد تقدم القول غير مرة في قوله تعالى: "وكأين"، وضرب الله تعالى لمكة مثلا بالقرى المهلكة على عظمها كقرية قوم عاد وغيرهم، و"أخرجتك" معناه: وقت الهجرة، ونسب الإخراج إلى القرية حملا على اللفظ، وقال: "أهلكناهم" حملا على المعنى، ويقال: إن هذه الآية نزلت إثر خروج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة في طريق المدينة، وقيل: نزلت بالمدينة، وقيل: نزلت بعد الحديبية بمكة عام دخلها رسول الله صلى عليه وسلم، وقيل: عام الفتح وهو مقبل إليها، وهذا كله حكمه حكم المدني). [المحرر الوجيز: 7/ 645]

تفسير قوله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (14) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم * مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم * ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم}
قوله تعالى: {أفمن كان} الآية. توقيف وتقرير على شيء متفق عليه، وهي معادلة بين هذين الفريقين، وقال قتادة: الإشارة بهذه الآية إلى محمد صلى الله عليه وسلم في أنه الذي على بينة من ربه، وإلى كفار قريش في أنهم الذين زين لهم سوء أعمالهم، وبقي اللفظ عاما لأهل هاتين الصفتين غابر الدهر. وقوله تعالى: {على بينة من ربه} معناه: على قضية واضحة وعقيدة نيرة بينة، ويحتمل أن يكون المعنى: "على أمر بين ودين بين" وألحق الهاء للمبالغة كعلامة ونسابة، والذي يسند إليه قوله تعالى: "زين" هو الشيطان، و"اتباع الأهواء": طاعتها، كأنها تذهب إلى ناحية والمرء يذهب معها). [المحرر الوجيز: 7/ 645]

تفسير قوله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (15) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (واختلف الناس في معنى قوله تعالى: {مثل الجنة} الآية، فقال النضر بن شميل وغيره: "مثل" معناه: صفة، كأنه قال: صفة الجنة ما تسمعون فيها كذا وكذا، وقال سيبويه: المعنى: فيما يتلى عليكم مثل الجنة، ثم فسر ذلك الذي يتلى بقوله: فيها كذا وكذا، والذي ساق إلى أن تجعل "مثل" بمثابة "صفة" هو أن الممثل به ليس في الآية، ويظهر أن القصد في التمثيل هو إلى الشيء الذي يتخيله المرء عند سماعه: "فيها كذا وكذا"، فإنه يتصور عند ذلك بقاعا على هذه الصورة، وذلك هي مثل الجنة ومثالها، أو في الكلام حذف يقتضيه الظاهر، كأنه تعالى يقول: مثل الجنة ظاهر في نفس من وعى هذه الأوصاف. وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "مثال الجنة"، وقرأ علي بن أبي طالب أيضا، وابن عباس رضي الله عنه: "أمثال الجنة"، وعلى هذه التأويلات كلها ففي قوله تعالى: {كمن هو خالد} حذف تقديره: أساكن هذه؟ أو تقديره: أهؤلاء؟ إشارة إلى المتقين، ويحتمل عندي أيضا أن يكون الحذف في صدر الآية، كأنه تعالى قال: أمثل أهل الجنة كمن هو خالد في النار؟ ويكون قوله مستفهما عنه بغير ألف استفهام، فالمعنى: أمثل أهل الجنة - وهي بهذه الأوصاف - كمن هو خالد في النار؟ فتكون الكاف في قوله تعالى: "كمن" مؤكدة للتشبيه، ويجيء قوله تعالى: "فيها أنهار" في موضع الحال على هذا التأويل.
و ماء غير آسن معناه: غير متغير، قاله ابن عباس: وقتادة، وسواء أنتن أو لم ينتن، يقال: أسن الماء - بفتح السين - وأسن بكسرها - وقرأ جمهور القراء: "آسن" على وزن فاعل، وقرأ ابن كثير: "أسن" على وزن فعل، وهي قراءة أهل مكة، والأسن: الذي يخشى عليه من ريح منتنة من ماء، ومنه قول الشاعر:
التارك القرن مصفرا أنامله ... يميل في الرمح ميل المائح الأسن
وقال الأخفش: "آسن" لغة، والمعنى الإخبار به عن الحال، ومن قال: "آسن" على وزن فاعل، فهو يريد به أن يكون كذلك في المستقبل، فنفى ذلك في الآية، وقرأت فرقة: "غير يسن" بالياء، قال أبو علي: وذلك على تخفيف الهمز، قال أبو حاتم عن عوف: كذلك كانت في المصحف "غير يسن" فغيرها الحجاج.
وقوله تعالى في اللبن: {لم يتغير طعمه} نفي لجميع وجوه الفساد في اللبن، وقوله تعالى: {لذة للشاربين} جمعت طيب المطعم وزوال الآفات من الصداع وغيره، و"لذة" نعت على النسب، أي: ذات لذة، وتصفية العسل مذهبة لبوسته وضرره، وقوله تعالى: {من كل الثمرات} أي: من هذه الأنواع، لكنها بعيدة الشبه، إذ تلك لا عيب فيها ولا تعب بوجه. وقوله تعالى: {ومغفرة من ربهم} معناه: وتنعيم أعطته المغفرة وسببته; وإلا فالمغفرة إنما هي قبل الجنة.
وقوله تعالى: "وسقوا" الضمير عائد على "من" لأن المراد به جمع). [المحرر الوجيز: 7/ 645-647]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 24 صفر 1440هـ/3-11-2018م, 05:09 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 24 صفر 1440هـ/3-11-2018م, 07:34 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ (12) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال [تعالى {إنّ اللّه يدخل الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار} أي: يوم القيامة {والّذين كفروا يتمتّعون ويأكلون كما تأكل الأنعام} أي: في دنياهم، يتمتّعون بها ويأكلون منها كأكل الأنعام، خضما وقضمًا وليس لهم همّةٌ إلّا في ذلك. ولهذا ثبت في الصّحيح: "المؤمن يأكل في معيّ واحدٍ، والكافر يأكل في سبعة أمعاءٍ".
ثمّ قال: {والنّار مثوًى لهم} أي: يوم جزائهم). [تفسير ابن كثير: 7/ 311]

تفسير قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ (13) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وكأيّن من قريةٍ هي أشدّ قوّةً من قريتك الّتي أخرجتك} يعني: مكّة، {أهلكناهم فلا ناصر لهم}، وهذا تهديدٌ شديدٌ ووعيدٌ أكيدٌ لأهل مكّة، في تكذيبهم لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وهو سيّد المرسلين وخاتم الأنبياء، فإذا كان اللّه، عزّ وجلّ، قد أهلك الأمم الّذين كذّبوا الرّسل قبله بسببهم، وقد كانوا أشدّ قوّةً من هؤلاء، فماذا ظنّ هؤلاء أن يفعل اللّه بهم في الدّنيا والأخرى؟ فإن رفع عن كثيرٍ منهم العقوبة في الدّنيا لبركة وجود الرّسول نبيّ الرّحمة، فإنّ العذاب يوفر على الكافرين به في معادهم، {يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السّمع وما كانوا يبصرون} [هودٍ: 20].
وقوله: {من قريتك الّتي أخرجتك} أي: الّذين أخرجوك من بين أظهرهم.
وقال ابن أبي حاتمٍ: ذكر أبي، عن محمّد بن عبد الأعلى، عن المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن حنش، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لـمّا خرج من مكّة إلى الغار أراه قال: التفت إلى مكّة -وقال: "أنت أحبّ بلاد اللّه إلى اللّه، وأنت أحبّ بلاد اللّه إليّ، ولو أنّ المشركين لم يخرجوني لم أخرج منك". فأعدى الأعداء من عدا على اللّه في حرمه، أو قتل غير قاتله، أو قتل بذحول الجاهليّة، فأنزل اللّه على نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {وكأيّن من قريةٍ هي أشدّ قوّةً من قريتك الّتي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم}). [تفسير ابن كثير: 7/ 311-312]

تفسير قوله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (14) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أفمن كان على بيّنةٍ من ربّه كمن زيّن له سوء عمله واتّبعوا أهواءهم (14) مثل الجنّة الّتي وعد المتّقون فيها أنهارٌ من ماءٍ غير آسنٍ وأنهارٌ من لبنٍ لم يتغيّر طعمه وأنهارٌ من خمرٍ لذّةٍ للشّاربين وأنهارٌ من عسلٍ مصفًّى ولهم فيها من كلّ الثّمرات ومغفرةٌ من ربّهم كمن هو خالدٌ في النّار وسقوا ماءً حميمًا فقطّع أمعاءهم (15) }
يقول: {أفمن كان على بيّنةٍ من ربّه} أي: على بصيرةٍ ويقينٍ في أمر اللّه ودينه، بما أنزل اللّه في كتابه من الهدى والعلم، وبما جبله اللّه عليه من الفطرة المستقيمة، {كمن زيّن له سوء عمله واتّبعوا أهواءهم} أي: ليس هذا كهذا كقوله: {أفمن يعلم أنّما أنزل إليك من ربّك الحقّ كمن هو أعمى} [الرّعد: 19]، وكقوله: {لا يستوي أصحاب النّار وأصحاب الجنّة أصحاب الجنّة هم الفائزون} [الحشر: 20]). [تفسير ابن كثير: 7/ 312]

تفسير قوله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (15) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال: {مثل الجنّة الّتي وعد المتّقون} قال عكرمة: {مثل الجنّة} أي: نعتها: {فيها أنهارٌ من ماءٍ غير آسنٍ} قال ابن عبّاسٍ، والحسن، وقتادة: يعني غير متغيّرٍ. وقال قتادة، والضّحّاك، وعطاءٌ الخراسانيّ: غير منتنٍ. والعرب تقول: أسن الماء، إذا تغيّر ريحه.
وفي حديثٍ مرفوعٍ أورده ابن أبي حاتمٍ: {غير آسنٍ} يعني: الصّافي الّذي لا كدر فيه.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا وكيع، عن الأعمش، عن عبد اللّه بن مرّة، عن مسروقٍ قال: قال عبد اللّه: أنهار الجنّة تفجّر من جبل من مسك.
{وأنهارٌ من لبنٍ لم يتغيّر طعمه} أي: بل في غاية البياض والحلاوة والدّسومة. وفي حديثٍ مرفوعٍ: "لم يخرج من ضروع الماشية".
{وأنهارٌ من خمرٍ لذّةٍ للشّاربين} أي: ليست كريهة الطّعم والرّائحة كخمر الدّنيا، بل [هي] حسنة المنظر والطّعم والرّائحة والفعل، {لا فيها غولٌ ولا هم عنها ينزفون} [الصّافّات: 47]، {لا يصدّعون عنها ولا ينزفون} [الواقعة: 19]، {بيضاء لذّةٍ للشّاربين} [الصّافّات: 46]، وفي حديثٍ مرفوعٍ: "لم تعصرها الرّجال بأقدامها".
[وقوله] {وأنهارٌ من عسلٍ مصفًّى} أي: وهو في غاية الصّفاء، وحسن اللّون والطّعم والرّيح، وفي حديثٍ مرفوعٍ: "لم يخرج من بطون النّحل".
وقال الإمام أحمد: حدّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا الجريري، عن حكيم بن معاوية، عن أبيه قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "في الجنّة بحر اللّبن، وبحر الماء، وبحر العسل، وبحر الخمر، ثمّ تشقّق الأنهار منها بعد".
ورواه التّرمذيّ في "صفة الجنّة"، عن محمّد بن بشار، عن يزيد بن هارون، عن سعيد بن إياسٍ الجريري، به وقال: حسنٌ صحيحٌ.
وقال أبو بكر بن مردويه حدّثنا أحمد بن محمّد بن عاصمٍ، حدّثنا عبد اللّه بن محمّد بن النّعمان، حدّثنا مسلم بن إبراهيم، حدّثنا الحارث بن عبيدٍ أبو قدامة الإياديّ، حدّثنا أبو عمران الجونيّ، عن أبي بكر بن عبد اللّه بن قيسٍ، عن أبيه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "هذه الأنهار تشخب من جنّة عدنٍ في جوبة، ثمّ تصدّع بعد أنهارًا"
وفي الصّحيح: "إذا سألتم اللّه فاسألوه الفردوس، فإنّه أوسط الجنّة وأعلى الجنّة، ومنه تفجّر أنهار الجنّة، وفوقه عرش الرّحمن".
وقال الحافظ أبو القاسم الطّبرانيّ: حدّثنا مصعب بن إبراهيم بن حمزة الزّبيريّ، وعبد اللّه بن الصفر السّكّريّ قالا حدّثنا إبراهيم بن المنذر الحزاميّ، حدّثنا عبد الرّحمن بن المغيرة، حدّثني عبد الرّحمن بن عيّاشٍ، عن دلهم بن الأسود بن عبد اللّه بن حاجب بن عامر بن المنتفق العقيليّ، عن أبيه، عن عمّه لقيط بن عامرٍ، قال دلهمٌ: وحدّثنيه أيضًا أبو الأسود، عن عاصم بن لقيطٍ أنّ لقيط بن عامرٍ خرج وافدًا إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قلت: يا رسول اللّه، فعلام نطّلع من الجنّة؟ قال: "على أنهار عسلٍ مصفًّى، وأنهارٍ من خمرٍ ما بها صداعٌ ولا ندامةٌ، وأنهارٍ من لبنٍ لم يتغيّر طعمه، وماءٍ غير آسنٍ، وفاكهةٍ، لعمر إلهك ما تعلمون وخيرٍ من مثله، وأزواج مطهرة" قلت: يا رسول الله، أو لنا فيها أزواجٌ مصلحاتٌ؟ قال: "الصّالحات للصّالحين تلذّونهنّ مثل لذّاتكم في الدّنيا ويلذّونكم، غير ألّا توالد".
وقال أبو بكرٍ عبد اللّه بن محمّد بن أبي الدّنيا: حدّثنا يعقوب بن عبيدة، عن يزيد بن هارون، أخبرني الجريريّ، عن معاوية بن قرّة، عن أبيه، عن أنس بن مالكٍ قال: لعلّكم تظنّون أنّ أنهار الجنّة تجري في أخدودٍ في الأرض، واللّه إنّها لتجري سائحةً على وجه الأرض، حافّاتها قباب اللّؤلؤ، وطينها المسك الأذفر.
وقد رواه أبو بكر ابن مردويه، من حديث مهديّ بن حكيمٍ، عن يزيد بن هارون، به مرفوعًا.
وقوله: {ولهم فيها من كلّ الثّمرات}، كقوله: {يدعون فيها بكلّ فاكهةٍ آمنين} [الدّخان: 55]. وقوله: {فيهما من كلّ فاكهةٍ زوجان} [الرّحمن: 52].
وقوله: {ومغفرةٌ من ربّهم} أي: مع ذلك كلّه.
وقوله: {كمن هو خالدٌ في النّار} أي: أهؤلاء الّذين ذكرنا منزلتهم من الجنّة كمن هو خالدٌ في النّار؟ ليس هؤلاء كهؤلاء، أي: ليس من هو في الدّرجات كمن هو في الدّركات، {وسقوا ماءً حميمًا} أي: حارًّا شديد الحرّ، لا يستطاع. {فقطّع أمعاءهم} أي: قطّع ما في بطونهم من الأمعاء والأحشاء، عياذًا بالله من ذلك). [تفسير ابن كثير: 7/ 312-314]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:21 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة