العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة يونس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 جمادى الأولى 1434هـ/21-03-2013م, 02:55 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي تفسير سورة يونس [ من الآية (87) إلى الآية (89) ]

تفسير سورة يونس
[ من الآية (87) إلى الآية (89) ]

بسم الله الرحمن الرحيم
{ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآَ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (87) وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آَتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (88) قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (89) }


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10 جمادى الأولى 1434هـ/21-03-2013م, 02:56 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآَ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (87) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى واجعلوا بيوتكم قبلة قال نحو القبلة). [تفسير عبد الرزاق: 1/297]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (حدّثنا أبو حذيفة ثنا سفيان [الثوري] عن خصيفٍ عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ في قوله: {واجعلوا بيوتكم قبلة} قال: اجعلوها مساجد [الآية: 87].
سفيان [الثوري] عن منصورٍ عن مجاهدٍ في قوله: {واجعلوا بيوتكم قبلة} قال: كانوا خائفين فأمروا أن يصلّوا في بيوتهم). [تفسير الثوري: 128]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [الآية (87) : قوله تعالى: {وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوّآ لقومكما بمصر بيوتًا واجعلوا بيوتكم قبلةً} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ - في قوله عزّ وجلّ: {واجعلوا بيوتكم قبلةً} -، قال: كانوا لا يصلّون إلّا في البيع، فقيل لهم: صلّوا في بيوتكم من مخافة فرعون.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا جريرٌ، عن منصورٍ، عن إبراهيم، قال: خافوا، فأمروا أن يصلّوا في بيوتهم.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا جريرٌ، عن منصورٍ، قال: كان ناسٌ مختبئين في زمن الحجّاج في عليّة عن يمين المسجد فوق بيتٍ، وكانوا يصلّون مع الإمام المكتوبة، ويأتمّون به، فسألت إبراهيم عن ذلك، فقال: يجزئهم). [سنن سعيد بن منصور: 5/329-331]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول الله عز وجل: {واجعلوا بيوتكم قبلةً} قال: اجعلوا أبواب بيوتكم قبل القبلة). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 107]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوّءا لقومكما بمصر بيوتًا واجعلوا بيوتكم قبلةً وأقيموا الصّلاة وبشّر المؤمنين}.
يقول تعالى ذكره: وأوحينا إلى موسى، وأخيه أن اتّخذا لقومكما بمصر بيوتًا.
يقال منه: تبوّأ فلانٌ لنفسه بيتًا: إذا اتّخذه. وكذلك تبوّأ مصحفًا: إذا اتّخذه. وبوّأته أنا بيتًا: إذا اتّخذته له. {واجعلوا بيوتكم قبلةً} يقول: واجعلوا بيوتكم مساجد تصلّون فيها.
واختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {واجعلوا بيوتكم قبلةً} فقال بعضهم في ذلك نحو الّذي قلنا فيه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن حميدٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: {واجعلوا بيوتكم قبلةً} قال: مساجد.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو نعيمٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن خصيفٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قوله: {واجعلوا بيوتكم قبلةً} قال: أمروا أن يتّخذوها مساجد.
- قال: حدّثنا أبو غسّان مالك بن إسماعيل، قال: حدّثنا زهيرٌ، قال: حدّثنا خصيفٌ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، في قول اللّه تعالى: {واجعلوا بيوتكم قبلةً} قال: كانوا يفرقون من فرعون وقومه أن يصلّوا، فقال لهم: اجعلوا بيوتكم قبلةً، يقول: اجعلوها مسجدًا حتّى تصلّوا فيها.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، وابن حميدٍ، قالا: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن إبراهيم: {واجعلوا بيوتكم قبلةً} قال: خافوا فأمروا أن يصلّوا في بيوتهم.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن منصورٍ، عن إبراهيم: {واجعلوا بيوتكم قبلةً} قال: كانوا خائفين، فأمروا أن يصلّوا في بيوتهم.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا الحمّانيّ، قال: حدّثنا سفيان، عن خصيفٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {واجعلوا بيوتكم قبلةً} قال: كانوا خائفين فأمروا أن يصلّوا في بيوتهم.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن عيينة، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {واجعلوا بيوتكم قبلةً} قال: كانوا لا يصلّون إلاّ في البيت، وكانوا لا يصلّون إلاّ خائفين، فأمروا أن يصلّوا في بيوتهم.
- قال: حدّثنا جريرٌ عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، قال: كانوا خائفين، فأمروا أن يصلّوا في بيوتهم.
- قال: حدّثنا عبد اللّه، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ: {واجعلوا بيوتكم قبلةً} قال: كانت بنو إسرائيل تخاف فرعون، فأمروا أن يجعلوا بيوتهم مساجد يصلّون فيها.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن سعدٍ، قال: أخبرنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع بن أنسٍ، في قوله: {واجعلوا بيوتكم قبلةً} يقول: مساجد.
- قال: حدّثنا أحمد بن يونس، قال: حدّثنا إسرائيل، عن منصورٍ، عن إبراهيم: {واجعلوا بيوتكم قبلةً} قال: كانوا يصلّون في بيوتهم يخافون.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا زيد بن الحباب، عن أبي سنانٍ، عن الضّحّاك، {أن تبوّءا، لقومكما بمصر بيوتًا} قال: مساجد.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن إبراهيم، في قوله: {واجعلوا بيوتكم قبلةً} قال: كانوا خائفين، فأمروا أن يصلّوا في بيوتهم.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {واجعلوا بيوتكم قبلةً} قال: قال أبي زيدٌ: اجعلوا في بيوتكم مساجدكم تصلّون فيها؛ تلك القبلة.
وقال آخرون: معنى ذلك: واجعلوا مساجدكم قبل الكعبة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن محمّد بن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، عن المنهال، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {واجعلوا بيوتكم قبلةً} يعني الكعبة.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمّي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {واجعلوا بيوتكم قبلةً وأقيموا الصّلاة وبشّر المؤمنين} قال: قالت بنو إسرائيل لموسى: لا نستطيع أن نظهر صلاتنا مع الفراعنة. فأذن اللّه لهم أن يصلّوا في بيوتهم، وأمروا أن يجعلوا بيوتهم قبل القبلة.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ في قوله: {واجعلوا بيوتكم قبلةً} يقول: وجّهوا بيوتكم مساجدكم نحو القبلة، ألا ترى أنّه يقول: {في بيوتٍ أذن اللّه أن ترفع}.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عبيد اللّه، عن إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ: {واجعلوا بيوتكم قبلةً} قال: قبل القبلة.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {بيوتكم قبلةً} قال: نحو الكعبة، حين خاف موسى، ومن معه من فرعون أن يصلّوا في الكنائس الجامعة، فأمروا أن يجعلوا في بيوتهم مساجد مستقبلة الكعبة يصلّون فيها سرًّا.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {واجعلوا بيوتكم قبلةً} ثمّ ذكر مثله سواءً.
- قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوّءا لقومكما بمصر بيوتًا} مساجد.
- قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {أن تبوّءا لقومكما بمصر بيوتًا} قال: مصر، الإسكندريّة.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوّءا لقومكما بمصر بيوتًا واجعلوا بيوتكم قبلةً} قال: وذلك حين منعهم فرعون الصّلاة، فأمروا أن يجعلوا مساجدهم في بيوتهم وأن يوجّهوا نحو القبلة.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {بيوتكم قبلةً} قال: نحو القبلة.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا إسحاق، عن أبي سنانٍ، عن الضّحّاك: {وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوّءا لقومكما بمصر بيوتًا} قال: مساجد. {واجعلوا بيوتكم قبلةً} قال: قبل القبلة.
وقال آخرون: معنى ذلك: واجعلوا بيوتكم يقابل بعضها بعضًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمران بن عيينة، عن عطاءٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: {واجعلوا بيوتكم قبلةً} قال: يقابل بعضها بعضًا.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب القول الّذي قدّمنا بيانه، وذلك أنّ الأغلب من معاني البيوت، وإن كانت المساجد بيوتًا، البيوت المسكونة إذا ذكرت باسمها المطلق دون المساجد؛ لأنّ المساجد لها اسمٌ هي به معروفةٌ خاصٌ لها، وذلك المساجد. فأمّا البيوت المطلقة بغير وصلها بشيءٍ، ولا إضافتها إلى شيءٍ، فالبيوت المسكونة.
وكذلك القبلة؟ الأغلب من استعمال النّاس إيّاها في قبل المساجد والصّلوات.
فإذا كان ذلك كذلك، وكان غير جائزٍ توجيه معاني كلام اللّه إلاّ إلى الأغلب من وجوهها المستعمل بين أهل اللّسان الّذي نزل به دون الخفيّ المجهول ما لم تأت دلالةٌ تدلّ على غير ذلك، ولم يكن على قوله: {واجعلوا بيوتكم قبلةً} دلالةٌ تقطع العذر بأنّ معناه غير الظّاهر المستعمل في كلام العرب، لم يجز لنا توجيهه إلى غير الظّاهر الّذي وصفنا. وكذلك القول في قوله: {قبلةً}.
{وأقيموا الصّلاة} يقول تعالى ذكره: وأدّوا الصّلاة المفروضة بحدودها في أوقاتها.
وقوله: {وبشّر المؤمنين} يقول جلّ ثناؤه لنبيّه عليه الصّلاة والسّلام: وبشّر مقيمي الصّلاة المطيعي اللّه يا محمّد المؤمنين بالثّواب الجزيل منه). [جامع البيان: 12/254-260]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوّآ لقومكما بمصر بيوتًا واجعلوا بيوتكم قبلةً وأقيموا الصّلاة وبشّر المؤمنين (87)
قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوّءا لقومكما بمصر بيوتا
[الوجه الأول]
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: تبوّءا لقومكما بمصر بيوتًا قال: مصر الإسكندريّة.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو يحيى الرّازيّ عن أبي سنانٍ عن ثابتٍ، عن الضّحّاك وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوّءا لقومكما بمصر بيوتًا قال: مساجد.
قوله تعالى: واجعلوا بيوتكم قبلة
[الوجه الأول]
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، ثنا سفيان، عن خصيفٍ، عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ واجعلوا بيوتكم قبلةً قال: مساجد- وروي عن مجاهدٍ في بعض الرّوايات والرّبيع بن أنسٍ وزيد بن أسلم نحو ذلك.
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن يزيد المقري، ثنا سفيان عن منصورٍ عن إبراهيم قوله: واجعلوا بيوتكم قبلةً قال: كانوا خائفين فأمروا أن يصلّوا في بيوتهم.
- حدّثنا أبي، ثنا ابن أبي عمر، ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله: واجعلوا بيوتكم قبلةً قال: كانوا لا يصلّون إلا في البيت حين خافوا من آل فرعون فأمروا أن يصلّوا في بيوتهم
قال سفيان: أعطوا ما أعطي النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فأبوا أن تجعل لهم الأرض مسجدًا وطهورًا وروي عن أبي مالكٍ وقتادة نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا سهل بن عثمان ثنا عليّ بن عامرٍ عن عطاء بن السّائب عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ في قوله: واجعلوا بيوتكم قبلةً قال: مقابل بعضها بعضًا.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا أبي، ثنا عبد اللّه بن جعفرٍ الدقي، ثنا ابن المبارك، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرٍو عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ في قوله: واجعلوا بيوتكم قبلةً قال: إلى الكعبة وروي عن مجاهدٍ والضّحّاك، نحوه.
قوله تعالى: وأقيموا الصّلاة
- حدّثنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم، ثنا مبارك بن فضالة، عن الحسن في قوله: وأقيموا الصّلاة قال: فريضةٌ واجبةٌ لا تنفع الأعمال إلا بها وبالزّكاة، وروي عن عطاءٍ وقتادة نحو ذلك.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن علي ثنا أبو وهب محمد ابن مزاحمٍ، عن بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قوله لأهل الكتاب وأقيموا الصّلاة أمرهم أن يصلّوا مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
قوله تعالى: وبشّر المؤمنين
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، ثنا عبد اللّه بن لهيعة، ثنا عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، قوله: وبشّر المؤمنين قال: بشّرهم بالنّصر في الدّنيا والجنّة في الآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 6/1976-1978]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد تبوءا لقومكما بمصر بيوتا يعني مصر والأسكندرية). [تفسير مجاهد: 296]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد واجعلوا بيوتكم قبلة يعني اجعلوا مساجدكم نحو الكعبة وذلك حين خاف موسى ومن معه من فرعون وقومه أن يصلوا في الكنائس الجماعة فأمروا أن يجعلوا في بيوتهم مساجد مستقبل الكعبة يصلون فيها). [تفسير مجاهد: 296]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 87.
أخرج أبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوآ لقومكما بمصر بيوتا} قال: ذلك حين منعهم فرعون الصلاة وأمروا أن يجعلوا مساجدهم في بيوتهم وأن يوجهوها نحو القبلة.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {أن تبوآ لقومكما بمصر بيوتا} قال: مصر الإسكندرية.
وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {واجعلوا بيوتكم قبلة} قال: كانوا لا يصلون إلا في البيع حتى خافوا من آل فرعون فأمروا أن يصلوا في بيوتهم.
وأخرج الفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {واجعلوا بيوتكم قبلة} قال: أمروا أن يتخذوا في بيوتهم مساجد.
وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانوا يفرقون من فرعون وقومه أن يصلوا فقال {واجعلوا بيوتكم قبلة}، قال: قبل الكعبة وذكر أن آدم عليه السلام فمن بعده كانوا يصلون قبل الكعبة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {واجعلوا بيوتكم قبلة} قال: يقابل بعضها بعضا.
وأخرج ابن عساكر عن أبي رافع رضي الله عنه أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم خطب فقال: إن الله أمر موسى وهرون أن يتبوآ لقومهما بيوتا وأمرهما أن لا يبيت في مسجدهما جنب ولا يقربوا فيه النساء إلا هرون وذريته ولا يحل لأحد أن يقرب النساء في مسجدي هذا ولا يبيت فيه جنب إلا علي وذريته). [الدر المنثور: 7/693]

تفسير قوله تعالى: (وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آَتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (88) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى ربنا اطمس على أموالهم قال بلغنا أن حروثا لهم صارت حجارة). [تفسير عبد الرزاق: 1/296-297]

قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [الآيتان (88 - 89) : قوله تعالى: {وقال موسى ربّنا إنّك آتيت فرعون وملأه زينةً وأموالًا في الحياة الدّنيا... } إلى قوله تعالى: {قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتّبعانّ سبيل الّذين لا يعلمون} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا أبو معشر، عن محمّد بن كعبٍ، قال: قال موسى: {ربّنا إنّك آتيت فرعون وملأه زينةً وأموالًا في الحياة الدّنيا} - إلى قوله {العذاب الأليم} - قال اللّه عزّ وجلّ: {قد أجيبت دعوتكما}، قال: كان موسى يدعو وهارون يؤمّن، والدّاعي والمؤمّن شريكان). [سنن سعيد بن منصور: 5/331-332]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقال موسى ربّنا إنّك آتيت فرعون وملأه زينةً وأموالاً في الحياة الدّنيا ربّنا ليضلّوا عن سبيلك ربّنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتّى يروا العذاب الأليم}.
يقول تعالى ذكره: وقال موسى يا ربّنا إنّك أعطيت فرعون، وكبراء قومه وأشرافهم، وهم الملأ، زينةً من متاع الدّنيا وأثاثها، وأمولاً من أعيان الذّهب والفضّة في الحياة الدّنيا. {ربّنا ليضلّوا عن سبيلك} يقول موسى لربّه: ربّنا أعطيتهم ما أعطيتهم من ذلك ليضلّوا عن سبيلك.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك
فقرأه بعضهم: {ليضلّوا عن سبيلك} بمعنى: ليضلّوا النّاس، عن سبيلك، ويصدّوهم عن دينك.
وقرأ ذلك آخرون: ليضلّوا عن سبيلك بمعنى: ليضلّوا هم عن سبيلك، فيجوروا عن طريق الهدى.
فإن قال قائلٌ: أفكان اللّه جلّ ثناؤه أعطى فرعون وقومه ما أعطاهم من زينة الدّنيا وأموالها ليضلّوا النّاس عن دينه، أو ليضلّوا هم عنه؟ فإن كان لذلك أعطاهم ذلك، فقد كان منهم أما أعطاهم لأجله، فلا عتب عليهم في ذلك؟
قيل: إنّ معنى ذلك بخلاف ما توهّمت.
وقد اختلف أهل العلم بالعربيّة في معنى هذه اللاّم الّتي في قوله: {ليضلّوا}.
فقال بعض نحويّي البصرة: معنى ذلك: ربّنا فضلّوا عن سبيلك، كما قال: {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوًّا وحزنًا} أي فكان لهم وهم لم يلتقطوه ليكون عدوًّا وحزنًا، وإنّما التقطوه فكان لهم. قال: فهذه اللاّم تجيء في هذا المعنى.
وقال بعض نحويّي الكوفة: هذه اللاّم لام كي؛ ومعنى الكلام: ربّنا أعطيتهم ما أعطيتهم كي يضلّوا، ثمّ دعا عليهم.
وقال آخر: هذه اللاّمات في قوله ليضلّوا وليكون لهم عدوًّا، وما أشبهها بتأويل الخفض: آتيتهم ما أتيتهم لضلالهم، والتقطوه لكونه؛ لأنّه قد آلت الحالة إلى ذلك. والعرب تجعل لام كي في معنى لام الخفض، ولام الخفض في معنى لام كي لتقارب المعنى، قال اللّه تعالى: {سيحلفون باللّه لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم} أي لإعراضكم، ولم يحلفوا لإعراضهم؛ وقال الشّاعر:
سموت ولم تكن أهلاً لتسمو = ولكنّ المضيّع قد يصاب
قال: وإنّما يقال: وما كنت أهلاً للفعل، ولا يقال لتفعل إلاّ قليلاً. قال: وهذا منه.
والصّواب من القول في ذلك عندي: أنّها لام كي، ومعنى الكلام: ربّنا أعطيتهم ما أعطيتهم من زينة الحياة الدّنيا والأموال لتفتنهم فيه، ويضلّوا عن سبيلك عبادك، عقوبةً منك. وهذا كما قال جلّ ثناؤه: {لأسقيناهم ماءً غدقًا لنفتنهم فيه}.
وقوله: {ربّنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم} هذا دعاءٌ من موسى، دعا اللّه على فرعون وملئه أن يغيّر أموالهم عن هيئتها، ويبدلها إلى غير الحال الّتي هي بها، وذلك نحو قوله: {من قبل أن نطمس وجوهًا فنردّها على أدبارها} يعني به: من قبل أن نغيّرها عن هيئتها الّتي هي بها.
يقال منه: طمست عينه أطمسها وأطمسها طمسًا وطموسًا، وقد تستعمل العرب الطّمس في العفو والدّثور وفي الاندقاق والدّروس، كما قال كعب بن زهيرٍ:
من كلّ نضّاخة الذّفرى إذا عرقت = عرضتها طامس الأعلام مجهول
وقد اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك في هذا الموضع، فقال جماعةٌ منهم فيه مثل قولنا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني زكريّا بن يحيى بن أبي زائدة، قال: حدّثنا حجّاجٌ، قال: ثني ابن جريجٍ، عن عبد اللّه بن كثيرٍ، قال: بلغنا عن القرظيّ، في قوله: {ربّنا اطمس على أموالهم} قال: اجعل سكرهم حجارةً.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عبد اللّه بن كثيرٍ، عن محمّد بن القرظيّ، قال: اجعل سكرهم حجارةً.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا يحيى بن يمانٍ، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية، {اطمس على أموالهم} قال: اجعلها حجارةً.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن سعدٍ، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع بن أنسٍ، في قوله: {اطمس على أموالهم} قال: صارت حجارةً.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ربّنا اطمس على أموالهم} قال: بلغنا أنّ زروعهم تحوّلت حجارةً.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {ربّنا اطمس على أموالهم} قال: بلغنا أنّ حروثًا لهم صارت حجارةً.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا قبيصة بن عقبة، قال: حدّثنا سفيان، {ربّنا اطمس على أموالهم} قال: يقولون: صارت حجارةً.
- حدّثني المثنّى، قالا: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا يحيى الحمّانيّ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن إسماعيل، عن أبي صالحٍ، في قوله: {ربّنا اطمس على أموالهم} قال: صارت حجارةً.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {ربّنا اطمس على أموالهم} قال: بلغنا أنّ حروثًا لهم صارت حجارةً.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك يقول في قوله: {ربّنا اطمس على أموالهم} قال: جعلها اللّه حجارةً منقوشةً على هيئة ما كانت.
- حدّثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ربّنا اطمس على أموالهم} قال: قد فعل ذلك، وقد أصابهم ذلك؛ طمس على أموالهم، فصارت حجارةً ذهبهم، ودراهمهم، وعدسهم، وكلّ شيءٍ.
وقال آخرون: معنى ذلك: أهلكها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني زكريّا بن يحيى بن أبي زائدة، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، {ربّنا اطمس على أموالهم} قال: أهلكها.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ مثله.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمّي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، {ربّنا اطمس على أموالهم} يقول: دمّر عليهم وأهلك أموالهم.
وأمّا قوله: {واشدد على قلوبهم} فإنّه يعني: واطبع عليها حتّى لا تلين ولا تنشرح بالإيمان.
- كما حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ: وقال موسى قبل أن يأتي فرعون: ربّنا {واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتّى يروا العذاب الأليم} فاستجاب اللّه له، وحال بين فرعون وبين الإيمان حتّى أدركه الغرق، فلم ينفعه الإيمان.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمّي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {واشدد على قلوبهم} يقول: واطبع على قلوبهم، {حتّى يروا العذاب الأليم} وهو الغرق.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {واشدد على قلوبهم} بالضّلالة.
- قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {واشدد على قلوبهم} قال: بالضّلالة.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {واشدد على قلوبهم} يقول: أهلكهم كفّارًا.
وأمّا قوله: {فلا يؤمنوا حتّى يروا العذاب الأليم} فإنّ معناه: فلا يصدّقوا بتوحيد اللّه ويقرّوا بوحدانيّته حتّى يروا العذاب الموجع.
- كما حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {فلا يؤمنوا} باللّه فيما يرون من الآيات، {حتّى يروا العذاب الأليم}.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- قال: حدّثنا سويد بن نصرٍ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: سمعت المنقريّ، يقول: {فلا يؤمنوا} يقول: دعا عليهم.
واختلف أهل العربيّة في موضع: {يؤمنوا} فقال بعض نحويّي البصرة: هو نصبٌ؛ لأنّ جواب الأمر بالفاء أو يكون دعاءً عليهم إذا عصوا. وقد حكي عن قائل هذا القول أنّه كان يقول: هو نصبٌ عطفًا على قوله: {ليضلّوا عن سبيلك}.
وقال آخر منهم، وهو قول نحويّي الكوفة: موضعه جزمٌ على الدّعاء من موسى عليهم، بمعنى: فلا آمنوا. كما قال الشّاعر:
فلا ينبسط من بين عينيك ما انزوى = ولا تلقني إلاّ وأنفك راغم
بمعنى: فلا انبسط من بين عينيك ما انزوى، ولا لقيتني على الدّعاء.
وكان بعض نحويّي الكوفة يقول: هو دعاءٌ، كأنّه قال: اللّهمّ فلا يؤمنوا. قال: وإن شئت جعلتها جوابًا لمسألته إيّاه، لأنّ المسألة خرجت على لفظ الأمر، فتجعل {فلا يؤمنوا} في موضع نصبٍ على الجواب، وليس بسهلٍ. قال: ويكون كقول الشّاعر:
يا ناق سيري عنقًا فسيحا = إلى سليمان فنستريحا
قال: وليس الجواب بسهلٍ في الدّعاء لأنّه ليس بشرطٍ.
والصّواب من القول في ذلك أنّه في موضع جزمٌ على الدّعاء، بمعنى: فلا آمنوا. وإنّما اخترت ذلك لأنّ ما قبله دعاءً، وذلك قوله: {ربّنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم} فإلحاق قوله: {فلا يؤمنوا} إذ كان في سياق ذلك بمعناه أشبه وأولى.
وأمّا قوله: {حتّى يروا العذاب الأليم} فإنّ ابن عبّاسٍ كان يقول: معناه: حتّى يروا الغرق. وقد ذكرنا الرّواية عنه بذلك من بعض وجوهها فيما مضى.
- حدّثني القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال ابن عبّاسٍ: {فلا يؤمنوا حتّى يروا العذاب الأليم} قال: الغرق). [جامع البيان: 12/261-270]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وقال موسى ربّنا إنّك آتيت فرعون وملأه زينةً وأموالًا في الحياة الدّنيا ربّنا ليضلّوا عن سبيلك ربّنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتّى يروا العذاب الأليم (88)
قوله تعالى: وقال موسى ربّنا إنّك آتيت فرعون وملأه زينةً وأموالًا في الحياة الدّنيا
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: قد خرج موسى عليه الصّلاة والسّلام ببني إسرائيل ليلا والقبط يعلمون وقد دعوا قبل ذلك على القبط فقال موسى ربّنا ليضلّوا عن سبيلك.
قوله تعالى: ربّنا ليضلّوا عن سبيلك
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث، ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ قوله: عن سبيل اللّه قال: عن دين اللّه.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمر بن حمّاد بن طلحة، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ:
وقال موسى ربّنا إنّك آتيت فرعون وملأه زينةً وأموالا في الحياة الدّنيا ربّنا ليضلّوا عن سبيلك الآية قال اللّه: قد أجبت دعوتكما ثمّ قال لهما استقيما فخرجا في قومهم وألقي على القبط الموت فمات كلّ بكر رجلٍ منهم فأصبحوا يدفنونهم فشغلوا عن طلبهم حتّى طلعت الشّمس.
قوله تعالى: ربّنا اطمس على أموالهم
[الوجه الأول]
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ فيما كتب إليّ حدّثني أبي، ثنا عمّي عن أبيه، عن جدّه، عن ابن عبّاسٍ في قوله: ربّنا اطمس على أموالهم يقول: دمّر عليهم وأهلك أموالهم.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا يحيى بن يمانٍ عن أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع عن أبي العالية: ربّنا اطمس على أموالهم قال: صارت حجارةً- وروي عن أبي صالحٍ مثله.
- حدّثنا أبو سعيدٍ ثنا يحيى بن يمانٍ، عن رجلٍ عن الضّحّاك، قال:
صارت حجارةً منقوشةً.
- حدّثنا إسماعيل بن أبي الحارث، ثنا يحيى بن أبي بكيرٍ عن أبي معشرٍ حدّثني محمّد بن قيسٍ أنّ محمّد بن كعبٍ قرأ سورة يونس على عمر بن عبد العزيز: وقال موسى ربّنا إنّك آتيت فرعون وملأه زينةً وأموالًا في الحياة الدّنيا إلى قوله اطمس على أموالهم الآية إلى آخرها فقال له عمر بن عبد العزيز: يا أبا حمزة أي شيءٍ الطّمس؟ قال: عادت أموالهم كلّها حجارةً فقال عمر بن عبد العزيز لغلامٍ له: ائتني بكيسٍ فجاء بكيسٍ فإذا فيه حمّصٌ وبيضٌ قد قطّع قد حوّل حجارةً.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: ربّنا اطمس على أموالهم فذكر طمس الأموال جعل دنانيرهم ودراهمهم حجارةً.
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا ابن أبي عروبة عن قتادة: ربّنا اطمس على أموالهم ذكر لنا أنّ زروعهم وأموالهم تحوّلت حجارةً.
قوله تعالى: واشدد على قلوبهم
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، حدّثني عمّي، ثنا أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله: واشدد على قلوبهم يعني: اطبع على قلوبهم.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ واشدد على قلوبهم: بالضّلالة
حدّثني أبي، ثنا عبد العزيز بن منيبٍ، ثنا أبو معاذٍ النّحويّ، ثنا عبيد بن سليمان عن الضّحّاك واشدد على قلوبهم يقول: أهلكهم كفّارًا.
قوله تعالى: فلا يؤمنوا
- حدّثنا أبي، ثنا صالحٍ كاتب اللّيث، ثنا معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ: قوله: فلا يؤمنوا حتّى يروا العذاب الأليم: فاستجاب اللّه له وحال بينه يعني فرعون وبين الإيمان.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: فلا يؤمنوا: باللّه فيما يروا من الآيات حتّى يروا العذاب الأليم.
قوله تعالى: حتّى يروا العذاب الأليم
- أخبرنا محمّد بن سعيدٍ فيما كتب إليّ، ثنا أبي، ثنا عمّي، ثنا أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله: حتّى يروا العذاب الأليم وهو الفرق). [تفسير القرآن العظيم: 6/1978-1980]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ربنا اطمس على أموالهم يقول أهلكها واشدد على قلوبهم يعني الضلالة فلا يؤمنوا يعني بالله فيما يرون من الآيات حتى يروا العذاب الأليم). [تفسير مجاهد: 296-297]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا سنيد بن داود نا حجاج عن ابن جريج عن عبد الله بن كثير عن محمد بن كعب القرظي في قوله ربنا اطمس على أموالهم قال اجعل سكرهم حجارة). [تفسير مجاهد: 297]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 88
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ربنا اطمس على أموالهم} يقول: دمر على أموالهم وأهلكها {واشدد على قلوبهم} قال: إطبع {فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم} وهو الغرق.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال: سألني عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه عن قوله {ربنا اطمس على أموالهم} فأخبرته أن الله طمس على أموال فرعون وآل فرعون حتى صارت حجارة، فقال عمر: كما أنت حتى آتيك، فدعا بكيس مختوم ففكه فإذا فيه الفضة مقطوعة كأنها الحجارة والدنانير والدراهم وأشباه ذلك من الأموال حجارة كلها.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {اطمس على أموالهم} قال: أهلكها {واشدد على قلوبهم} قال: بالضلالة {فلا يؤمنوا} بالله فيما يرون من الآيات {حتى يروا العذاب الأليم}.
وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ربنا اطمس على أموالهم} قال: بلغنا أن زروعهم وأموالهم تحولت حجارة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {ربنا اطمس على أموالهم} قال: صارت دنانيرهم ودراهمهم ونحاسهم وحديدهم حجارة منقوشة {واشدد على قلوبهم} يقول: أهلكهم كفارا.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله {ربنا اطمس على أموالهم} قال: صارت حجارة.
وأخرج أبو الشيخ عن القرظي رضي الله عنه في قوله {ربنا اطمس على أموالهم} قال: اجعل سكرهم حجارة). [الدر المنثور: 7/693-695]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (89) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (حدّثني اللّيث بن سعد في قول الله لموسى وهارون: {قد أجيبت دعوتكما}، قال: كان موسى يدعو، وهارون يؤمن). [الجامع في علوم القرآن: 2/105-106]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن رجل عن عكرمة في قوله تعالى قد أجيبت دعوتكما قال كان موسى يدعو و هارون يؤمن فذلك قوله أجيبت دعوتكما). [تفسير عبد الرزاق: 1/297]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [الآيتان (88 - 89) : قوله تعالى: {وقال موسى ربّنا إنّك آتيت فرعون وملأه زينةً وأموالًا في الحياة الدّنيا... } إلى قوله تعالى: {قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتّبعانّ سبيل الّذين لا يعلمون} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا أبو معشر، عن محمّد بن كعبٍ، قال: قال موسى: {ربّنا إنّك آتيت فرعون وملأه زينةً وأموالًا في الحياة الدّنيا} - إلى قوله {العذاب الأليم} - قال اللّه عزّ وجلّ: {قد أجيبت دعوتكما}، قال: كان موسى يدعو وهارون يؤمّن، والدّاعي والمؤمّن شريكان). [سنن سعيد بن منصور: 5/331-332] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتّبعان سبيل الّذين لا يعلمون}.
وهذا خبرٌ من اللّه عن إجابته لموسى صلّى اللّه عليه وسلّم وهارون دعاءهما على فرعون وأشراف قومه وأموالهم. يقول جلّ ثناؤه: {قال} اللّه لهما {قد أجيبت دعوتكما} في فرعون وملئه وأموالهم.
فإن قال قائلٌ: وكيف نسبت الإجابة إلى اثنين، والدّعاء إنّما كان من واحدٍ؟
قيل: إنّ الدّاعي وإن كان واحدًا، فإنّ الثّاني كان مؤمنًا وهو هارون، فلذلك نسبت الإجابة إليهما، لأنّ المؤمن داعٍ، وكذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن ابن جريجٍ، عن رجلٍ، عن عكرمة، في قوله: {قد أجيبت دعوتكما} قال: كان موسى يدعو وهارون يؤمّن، فذلك قوله: {قد أجيبت دعوتكما}.
وقد زعم بعض أهل العربيّة أنّ العرب تخاطب الواحد خطاب الاثنين، وأنشد في ذلك:
فقلت لصاحبي لا تعجلانا = بنزع أصوله واجتزّ شيحا
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا زكريّا بن عديٍّ، عن ابن المبارك، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبي صالحٍ، قال: {قد أجيبت دعوتكما} قال: دعا موسى، وأمّن هارون.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، وزيد بن حباب، عن موسى بن عبيدة، عن محمّد بن كعبٍ، قال: دعا موسى، وأمّن هارون.
- قال: حدّثنا أبو معاوية، عن شيخٍ له، عن مجاهد بن كعبٍ، قال: دعا موسى، وأمّن هارون.
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا أبو نعيمٍ، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية، قال: {قد أجيبت دعوتكما} قال: دعا موسى، وأمّن هارون.
- قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن سعدٍ، وعبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع بن أنسٍ، قال: دعا موسى وأمّن هارون، فذلك قوله: {قد أجيبت دعوتكما}.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا الثّوريّ، عن رجلٍ، عن عكرمة في قوله: {قال قد أجيبت دعوتكما} قال: كان موسى يدعو وهارون يؤمّن، فذلك قوله {قد أجيبت دّعوتكما}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: {قد أجيبت دعوتكما} لموسى وهارون. قال ابن جريجٍ: قال عكرمة: أمّن هارون على دعاء موسى، فقال اللّه: {قد أجيبت دعوتكما فاستقيما}.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: كان هارون يقول: آمين، فقال اللّه: {قد أجيبت دعوتكما} فصار التّأمين دعوةً صار شريكه فيها.
وأمّا قوله: {فاستقيما} فإنّه أمرٌ من اللّه تعالى لموسى وهارون بالاستقامة والثّبات. على أمرها من دعاء فرعون وقومه إلى الإجابة إلى توحيد اللّه وطاعته، إلى أن يأتيهم عقاب اللّه الّذي أخبرهما أنّه أجابهما فيه.
- كما حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ، قال ابن عبّاسٍ: {فاستقيما} فامضيا لأمري، وهي الاستقامة قال ابن جريجٍ يقولون: إنّ فرعون مكث بعد هذه الدّعوة أربعين سنةً.
وقوله: {ولا تتّبعان سبيل الّذين لا يعلمون} يقول: ولا تسلكان طريق الّذين يجهلون حقيقة وعدي، فتستعجلان قضائي، فإنّ وعدي لا خالف له، وإنّ وعيدي نازلٌ بفرعون وعذابي واقعٌ به وبقومه). [جامع البيان: 12/270-273]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتّبعانّ سبيل الّذين لا يعلمون (89)
قوله قد أجيبت دعوتكما
- حدثنا أبو سعد الأشجّ، ثنا الفضل بن دكينٍ، عن أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية قد أجيبت دعوتكما فاستبقا قال: دعا موسى وأمّن هارون وروي عن أبي صالحٍ مثله وروي عن عكرمة ومحمّد بن كعبٍ القرظيّ والرّبيع بن أنسٍ نحو ذلك.
- حدّثنا أبي، ثنا إسحاق بن موسى الخطميّ، ثنا أحمد بن بشيرٍ، ثنا سعد بن طريفٍ، عن محمّد بن عليّ بن حسينٍ في قوله: قد أجيبت دعوتكما قال: قال ذلك ثمّ أخذ فرعون بعد ذلك أربعين يومًا.
- أخبرنا أبو الأزهر أحمد بن الأزهر فيما كتب إليّ، ثنا وهب بن جريرٍ، ثنا أبي عن عليّ بن الحكم، عن الضّحّاك يقول: أهلكهم كفّارًا وذلك قوله: قد أجيبت دعوتكما.
قوله تعالى: فاستقيما ولا تتّبعان سبيل الّذين لا يعلمون
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ قال: فزعم السّدّيّ أنّ موسى هو الّذي دعا وأمّن هارون فذلك حين يقول اللّه: قد أجيبت دعوتكما فاستقيما فخرجا في قومهم). [تفسير القرآن العظيم: 6/1980]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس قال قلت لأبي العالية أرأيت قول الله قد أجيبت دعوتكما وإنما الحديث في ذكر موسى قال دعا موسى وأمن هارون عليهما السلام). [تفسير مجاهد: 297]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 89.
أخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قد أجيبت دعوتكما، قال: فاستجاب ربه له وحال بين فرعون وبين الإيمان.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان موسى عليه السلام إذا دعا أمن هرون على دعائه يقول: آمين، قال أبو هريرة رضي الله عنه: وهو اسم من أسماء الله تعالى فذلك قوله {قد أجيبت دعوتكما}.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {قد أجيبت دعوتكما} قال: دعا موسى عليه السلام وأمن هرون.
وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير وأبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه قال: كان موسى عليه السلام يدعو ويؤمن هرون عليه السلام فذلك قوله {قد أجيبت دعوتكما}.
وأخرج سعيد بن منصور عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال: كان موسى يدعو وهرون يؤمن والداعي والمؤمن شريكان
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال: دعا موسى وأمن هرون.
وأخرج ابن جرير عن أبي صالح وأبي العالية والربيع مثله.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه قال: كان هرون عليه السلام يقول: آمين، فقال الله {قد أجيبت دعوتكما} فصار التأمين دعوة صار شريكه فيها.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: يزعمون أن فرعون مكث بعد هذه الدعوة أربعين سنة.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج، مثله.
وأخرج الحكيم الترمذي عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {قال قد أجيبت دعوتكما} قال: بعد أربعين سنة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنه {فاستقيما} فامضيا لأمري وهي الاستقامة). [الدر المنثور: 7/695-696]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10 جمادى الأولى 1434هـ/21-03-2013م, 02:56 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآَ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (87)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {واجعلوا بيوتكم قبلةً...}
كان فرعون قد أمر بتهديم المساجد، فأمر موسى وأخوه أن يتّخذ المساجد في جوف الدور لتخفى من فرعون. وقوله: {واجعلوا بيوتكم قبلةً} إلى الكعبة.
وقوله: {ربّنا إنّك آتيت فرعون وملأه زينةً وأموالاً في الحياة الدّنيا...}
ثم قال موسى {ربنا} فعلت ذلك بهم {ليضلّوا} الناس {عن سبيلك} وتقرأ {ليضلّوا} هم {عن سبيلك} وهذه لام كي.
ثم استأنف موسى بالدعاء عليهم فقال: {ربّنا اطمس على أموالهم}. يقول: غيّرها. فذكر أنها صارت حجارة. وهو كقوله: {من قبل أن نطمس وجوها}. يقول: نمسخها.
قوله: {واشدد على قلوبهم}. يقول: واختم عليها.
قوله: {فلا يؤمنوا}. كلّ ذلك دعاء، كأنه قال اللهم {فلا يؤمنوا حتّى يروا العذاب الأليم} وإن شئت جعلت {فلا يؤمنوا} جوابا لمسألة موسى عليه
السلام إياه؛ لأن المسألة خرجت على لفظ الأمر، فتجعل {فلا يؤمنوا} في موضع نصب على الجواب، فيكون كقول الشاعر:

يا ناق سيري عنقاً فسيحا= إلى سليمان فنستريحا
وليس الجواب يسهل في الدعاء لأنه ليس بشرط). [معاني القرآن: 1/477-478]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {واجعلوا بيوتكم قبلةً} أي نحو القبلة. ويقال: اجعلوها مساجد). [تفسير غريب القرآن: 198]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوّءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصّلاة وبشّر المؤمنين}
{واجعلوا بيوتكم قبلة}.
جاء في التفسير: اجعلوا صلاتكم إلى البيت الحرام، وقيل: اجعلوا بيوتكم قبلة أي صلوا في بيوتكم لتأمنوا من الخوف لأنهم آمنوا على خوف من فرعون). [معاني القرآن: 3/30]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله عز وجل: {واجعلوا بيوتكم قبلة}
قال ابن عباس أي مساجد
وقال مجاهد أي نحو الكعبة
وقال إبراهيم النخعي كانوا على خوف كما أخبر الله جل وعز فأمروا أن يصلوا في بيوتهم لئلا يلحقهم أذى). [معاني القرآن: 3/310]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً} أي مساجد، وقيل: نحو القبلة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 103]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آَتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (88)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {اطمس على أموالهم} أي أذهب أموالهم، ويقال: طمست عينه وذهبت، وطمست الريح على الديار.
{واشدد على قلوبهم} مجازه ها هنا كمجاز {اشدد الباب}، ألا نرى بعده: {فلا يؤمنوا} جزم، لأنه دعاء عليهم، أي فلا يؤمننّ). [مجاز القرآن: 1/281]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وقال موسى ربّنا إنّك آتيت فرعون وملأه زينةً وأموالاً في الحياة الدّنيا ربّنا ليضلّوا عن سبيلك ربّنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتّى يروا العذاب الأليم}
وقال: {ربّنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا} فنصبها لأن جواب الدعاء بالفاء نصب وكذلك في الدعاء إذا عصوا.
وقال: {ربّنا ليضلّوا عن سبيلك} أيّ: فضلّوا. كما قال: {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوّاً وحزناً} أي: فكان.
وهم لم يلقطوه ليكون لهم عدوا وحزنا [و] إنما لقطوه فكان [فـ] هذه اللام تجيء في هذا المعنى.
وقوله: {فلا يؤمنوا} عطف على {ليضلوّا} ). [معاني القرآن: 2/37-38]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن وأبو عمرو {ربنا ليضوا} من: ضل يضل.
وقراءة أخرى {ليضلوا} من: أضل). [معاني القرآن لقطرب: 662]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ربّنا اطمس على أموالهم} أي أهلكها. وهو من قولك: طمس الطريق: إذا عفا ودرس.
{واشدد على قلوبهم} أي قسّها). [تفسير غريب القرآن: 198]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وقال موسى ربّنا إنّك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدّنيا ربّنا ليضلّوا عن سبيلك ربّنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتّى يروا العذاب الأليم}
{ربّنا ليضلّوا عن سبيلك}.
ويقرأ {ليضلّوا عن سبيلك} أي، إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا فأصارهم ذلك إلى الضلال كما قال - جلّ وعزّ - {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوّا وحزنا} أي فالتقطوه وآل أمره أن صار لهم عدوّا وحزنا، لا أنهم قصدوا إلى أتى يكون لهم عدوا وحزنا.
{ربّنا اطمس على أموالهم}.
جاء في التفسير أي اجعل سكرهم حجارة. وتأويل تطميس الشيء إذهابه عن صورته والانتفاع به على الحال الأولى التي كان عليها.
{واشدد على قلوبهم} أي اطبع على قلوبهم.
{فلا يؤمنوا حتّى يروا العذاب الأليم}.
دعاء أيضا عليهم.
ويجوز - واللّه أعلم - ما قاله محمد بن يزيد.
ذكر أن قوله: {فلا يؤمنوا} عطف على قوله: {ليضلّوا عن سبيلك}
أي ربنا إنك آتيتهم ليضلوا فلا يؤمنوا). [معاني القرآن: 3/30-31]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك}
وليضلوا المعنى فأصارهم ذلك إلى الضلال كما قال جل وعز: {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا} أي فآل أمرهم إلى ذلك وكأنهم فعلوا ذلك لهذا
وبعض أهل اللغة يقول لام الصيرورة وهي لام كي على الحقيقة
وقوله جل وعز: {ربنا اطمس على أموالهم}
قال قتادة بلغنا أن أموالهم وزروعهم صارت حجارة
قال مجاهد أي أهلكها
قال أبو جعفر ومعروف في اللغة أن يقال طمس الموضع إذا عفا ودرس
ثم قال جل وعز: {واشدد على قلوبهم}
قال مجاهد أي بالضلالة
وقال غيره أي قسها
والمعنى واحد
ثم قال عز وجل: {فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم}
قال مجاهد دعا عليهم
قال أبو جعفر وهذا لأنهم إذا رأوا العذاب لم ينفعهم الإيمان فقد دعا عليهم
قال أبو إسحاق قال أبو العباس هو معطوف على قوله: {ربنا ليضلوا عن سبيلك} ). [معاني القرآن: 3/310-312]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ} أي أهلكها.
{وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ} أي قسها). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 103-104]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (89)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {قد أجيبت دّعوتكما...}
نسبت الدعوة إليهما وموسى كان الداعي وهارون المؤمّن، فالتأمين كالدعاء. ويقرأ (دعواتكما).
وقوله: {فاستقيما} أمرا بالاستقامة على أمرهما والثبات عليه إلى أن يأتيهما تأويل الإجابة. ويقال: إنه كان بينهما أربعون سنة.
{قال آمنت أنه} قرأها أصحاب عبد الله بالكسر على الاستئناف. وتقرأ {أنه} على وقوع الإيمان عليها. زعموا أن فرعون قالها حين ألجمه الماء). [معاني القرآن: 1/478]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن وأبو عمرو {قد أجيبت دعوتكما} واحد.
أبو عبد الرحمن "دعواتكما" جمع). [معاني القرآن لقطرب: 662]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتّبعانّ سبيل الّذين لا يعلمون}
يروى في التفسير أن موسى دعا، وأن هارون أمّن على دعائه.
وفي الآية دليل أنهما دعوا جميعا لأن قوله: {قد أجيبت دعوتكما}
يدل أن الدعوة منهما جميعا، والمؤمّن على دعاء الداعي داع أيضا لأن قوله " آمين " تأويله استجب فهو سائل كسؤال الداعي.
وقوله: {ولا تتّبعانّ سبيل الّذين لا يعلمون}.
موضع {تتّبعانّ} جزم، إلا أن النون الشديدة دخلت للنهي مؤكّدة.
وكسرت لسكونها وسكون النون التي قبلها، واختير لها الكسر لأنها بعد الألف، فشبهت بنون الاثنين). [معاني القرآن: 3/31]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما}
قال قتادة دعا موسى وأمن هارون
حدثنا محمد بن الحسين بن سماعة بالكوفة قال نا أبو نعيم قال نا أبو جعفر الرازي عن الربيع عن أبي العالية قال قد أجيبت دعوتكما قال دعا موسى فأمن هارون صلى الله عليهما
قال أبو جعفر وهو حسن عند أهل اللغة لأن التأمين دعاء ألا ترى أن معنى آمين استجب). [معاني القرآن: 3/312]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 10 جمادى الأولى 1434هـ/21-03-2013م, 02:57 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآَ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (87) }

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آَتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (88) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (89) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (فمما جاء فيه النون في كتاب الله عز وجل: {ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون} {ولا تقولن لشيءٍ إني فاعلٌ ذلك غداً} وقوله تعالى: {ولآمرنهم فليبنكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} و: {ليسجنن وليكونن من الصاغرين} وليكونن خفيفة
وأما الخفيفة فقوله تعالى: {لنسفعن بالناصية} ). [الكتاب: 3/509-510]
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب النون الثقيلة والخفيفة في فعل الاثنين وفعل جميع النساء
فإذا أدخلت الثقيلة في فعل الاثنين ثبتت الألف التي قبلها وذلك قولك لا تفعلان ذلك و: {لا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون} ). [الكتاب: 3/523]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب النونين الثقيلة والخفيفة
ومعرفة مواقعها من الأفعال
اعلم أنهما لا تدخلان من الأفعال إلا على ما لم يجب، ولا يكون من ذلك إلا في الفعل الذي يؤكد ليقع. وذلك ما لم يكن خبراً فيما ضارع القسم. فأما القسم فإحداهما فيه واجبةٌ لا محالة. وأما ما ضارعه فأنت فيه مخير. وذلك قولك في القسم: والله لأقومن، وحق زيد لأمضين، فيلحق النون إما خفيفة وإما ثقيلةً، لا يكون القسم إلا كذاك. وقد شرحنا ذلك في باب القسم: لم كانت فيه واجبة? وأما الثقيلة فكقوله عز وجل: (ليسجنن وليكوننّ من الصاغرين). وأما الخفيفة فعلى قراءة من قرأ: {وليكونن من الصاغرين}، وكقوله: {كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية}، وقال الشاعر:
وفي ذمتي لئن فعلت ليفعلا
فمن مواضعها: الأمر، والنهي؛ لأنهما غير واجبين. وذلك قولك - إذا لم تأت بهما -:اضرب، ولا تضرب، فإذا أتيت بها قلت: اضربن زيدا، ولا تضربن زيدا، وإن شئت ثقلت النون، وإن شئت خففتها. وهي - إذا خففت - مؤكدة، وإذا ثقلت فهي أشد توكيدا، وإن شئت لم تأت بها فقلت: اضرب، ولا تضرب. قال الله عز وجل: {ولا تقولن لشيءٍ إني فاعلٌ ذلك غدًا}، وقال: {ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون}، وقال: {فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون}. وقال الشاعر في الخفيفة:
فإياك والميتات لا تقربنـهـا = ولا تأخذن سهماً حديداً لتفصدا
وقال الآخر:
فأنزلن سكينةً علينا
والطلب يجري مجرى الأمر والنهي، وقد مضى القول في هذا. ومن مواضعهما: الاستفهام؛ لأنه غير واجب. وذلك قولك: هل تضربن زيداً، وهل يقومن زيد يا فتى. وتدخل الخفيفة كما دخلت الثقيلة؛ لأنهما في التوكيد على ما ذكرت لك ومن مواضعها: الجزاء إذا لحقت ما زائدةً في حرف الجزاء؛ لأنها تكون كاللام التي تلحق في القسم في قولك: لأفعلن، وذلك قولك: إما تأتيني آتك، ومتى ما تقعدن أقعد. فمن ذلك قول الله عز وجل: {فإما ترين من البشر أحداً}، وقال: {وإما تعرضن عنهم}. فإن كان الجزاء بغير ما قبح دخولها فيه، لأنه خبر يجب آخره بوجوب أوله. وإنما يجوز دخولها الجزاء بغير ما في الشعر للضرورة؛ كما يجوز ذلك في الخبر. فمن ذلك قوله:
من تثقفن منهم فليس بآئبٍ = أبداً، وقتل بني قتيبة شافي
فهذا يجوز؛ كما قال في الخبر:
ربما أوفيت في علـمٍ = ترفعن ثوبي شمالات
ومن أمثال العرب: بعينٍ ما أرينك وبألمٍ ما تختننه. فإنما أدخل النون من أجل ما الزائدة كاللام كما ذكرت لك). [المقتضب: 3/11-15] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب فعل الاثنين والجماعة من النساء
في النون الثقيلة وامتناعهما من النون الخفيفة
اعلم أنك إذا أمرت الاثنين، وأردت النون الثقيلة قلت: اضربان زيدا. تكسر النون لأنها بعد ألف، فهي كنون الاثنين، والنون الساكنة المدغمة فيها ليس بحاجز حصين لسكونها. وكذلك: والله لتضربان زيدا، وجميع ما تصرفت فيه، فهذا سبيلها في الاثنين. قال الله عز وجل: {ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون} ). [المقتضب: 3/23]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (ومنه أيضا: {قد أجيبت دعوتكما فاستقيما}، يقال: الخطاب لموسى عليه السلام وحده، لأنه هو الذي دعا فخوطب بالتثنية، كما قال تعالى: {ألقيا في جهنم كل كفار عنيد}، وإنما يخاطب مالكا وحده.
ومن هذا قول العرب للواحد: قوما واقعدا، وقول الحجاج: يا حرسي اضربا عنقه. ويقال: قد أجيبت دعوتكما، خطاب لموسى وهارون عليهما السلام، لأن موسى
دعا وقال هارون: آمين، فكان كالداعي، لأن تفسير (آمين) كذلك يكون، واللهم استجب.
أخبرني أبو علي المقرئ، قال: حدثنا الحسن بن الصباح، قال: حدثنا الخفاف، قال: قال إسماعيل: كان الحسن إذا سئل عن تفسير (آمين)، قال: اللهم استجب، وفيها لغتان: أَمين، وآمين؛ وقد استقصينا الكلام فيها في كتاب (غريب الحديث) ). [كتاب الأضداد: 381-382]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10 جمادى الأولى 1434هـ/21-03-2013م, 02:58 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 10 جمادى الأولى 1434هـ/21-03-2013م, 02:58 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 5 شوال 1435هـ/1-08-2014م, 10:21 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 5 شوال 1435هـ/1-08-2014م, 10:22 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآَ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (87)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوّءا لقومكما بمصر بيوتاً واجعلوا بيوتكم قبلةً وأقيموا الصّلاة وبشّر المؤمنين (87) وقال موسى ربّنا إنّك آتيت فرعون وملأه زينةً وأموالاً في الحياة الدّنيا ربّنا ليضلّوا عن سبيلك ربّنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتّى يروا العذاب الأليم (88) قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتّبعانّ سبيل الّذين لا يعلمون (89)
روي أن فرعون أخاف بني إسرائيل وهدم لهم مواضع كانوا اتخذوها للصلاة ونحو هذا، فأوحى الله إلى موسى وهارون أن اتخذا وتخيرا لبني إسرائيل بيوتا بمصر، قال مجاهد: «مصر» في هذه الآية الإسكندرية، ومصر ما بين البحر إلى أسوان، والإسكندرية من أرض مصر، وتبوّءا معناه كما قلنا تخيرا واتخذا، وهي لفظة مستعملة في الأماكن وما يشبه بها، ومن ذلك قول الشاعر: [الطويل]
لها أمرها حتى إذا ما تبوأت = لأنحامها مرعى تبوأ مضجعا
وهذا البيت للراعي وبه سمى المراعي ومنه قول امرئ القيس: [الكامل]
يتبوأون مقاعدا لقتالكم = كليوث غاب ليلهن زئير
وقرأ الناس «تبوّآ» بهمزة على تقدير تبوعا، وقرأ حفص في رواية هبيرة «تبويا» وهذا تسهيل ليس بقياسي، ولو جرى على القياس لكان بين الهمزة والألف، قوله قبلةً ومعناه مساجد، قاله ابن عباس والربيع والضحاك والنخعي وغيرهم، قالوا: خافوا فأمروا بالصلاة في بيوتهم، وقيل يقابل بعضها بعضا، قاله سعيد بن جبير والأول أصوب، وقيل معناه متوجهة إلى القبلة، قاله ابن عباس، ومن هذا حديث عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال: «خير بيوتكم ما استقبل به القبلة»، وقوله وأقيموا الصّلاة خطاب لبني إسرائيل هذا قبل نزول التوراة لأنها لم تنزل إلا بعد إجازة البحر، وقوله وبشّر المؤمنين أمر لموسى عليه السلام، وقال مكي والطبري هو أمر لمحمد صلى الله عليه وسلم، وهذا غير متمكن). [المحرر الوجيز: 4/ 516-517]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آَتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (88)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى وقال موسى الآية، غضب من موسى عليه السلام على القبط ودعاء عليهم فقدم للدعاء تقرير نعم الله عليهم وكفرهم بها، وآتيت معناه أعطيت وملكت، وتكرر قوله ربّنا استغاثة كما يقول الداعي بالله، وقوله ليضلّوا يحتمل أن يكون لام كي على بابها على معنى آتيتهم الأموال إملاء لهم واستدراجا فكان الإيتاء كي يضلوا ويحتمل أن تكون لام الصيرورة والعاقبة، كما قال فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوًّا وحزناً [القصص: 8] والمعنى آتيتهم ذلك فصار أمرهم إلى كذا، وروي عن الحسن أنه قال: هو دعاء ويحتمل أن يكون المعنى على جهة الاستفهام أي ربنا ليضلوا فعلت ذلك، وفي هذا تقرير الشنعة عليهم.
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر والحسن والأعرج وشيبة وأبو جعفر ومجاهد وأبو رجاء وأهل مكة: «ليضلوا» بفتح الياء على معنى ليضلوا في أنفسهم، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي والأعمش وقتادة وعيسى والحسن والأعرج بخلاف عنه، «ليضلوا» بضم الياء على معنى ليضلوا غيرهم، وقرأ الشعبي «ليضلوا» بكسر الياء، وقرأ الشعبي أيضا وغيره «اطمس» بضم الميم، وقرأت فرقة «اطمس» بكسر الميم وهما لغتان، وطمس يطمس ويطمس، قال أبو حاتم: وقراءة الناس بكسر الميم والضم لغة مشهورة، معناه عف وغيره وهو من طموس الأثر والعين وطمس الوجوه، ومنه قول كعب بن زهير: [البسيط]
من كل نضاخة الذفرى إذا عرقت = عرضتها طامس الأعلام مجهول
وروي أنهم حين دعا موسى بهذه الدعوة رجع سكرهم حجارة وزادهم ودنانيرهم وحبوبهم من الأطعمة رجعت حجارة، قاله محمد بن كعب القرظي وقتادة وابن زيد، وقال مجاهد وغيره، معناه أهلكها ودمرها، وروي أن الطمسة من آيات موسى التسع، وقوله اشدد على قلوبهم بمعنى اطبع واختم عليهم بالكفر، قاله مجاهد والضحاك، ولما أشار عمر بن الخطاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل أسرى بدر شبهه بموسى في دعائه على قومه الذين بعث إليهم في هذه الآية وبنوح في قوله لا تذر على الأرض من الكافرين ديّاراً [نوح: 26]. وقوله فلا يؤمنوا مذهب الأخفش وغيره أن الفعل منصوب عطفا على قوله ليضلّوا، وقيل هو منصوب في جواب الأمر، وقال الفراء والكسائي: هو مجزوم على الدعاء ومنه قول الشاعر [الأعشى]: [الطويل]
فلا ينبسط من بين عينيك ما انزوى = ولا تلقني إلّا وأنفك راغم
وجعل رؤية العذاب نهاية وغاية، وذلك لعلمه من قبل الله أن المؤمن عند رؤية العذاب لا ينفعه إيمانه في ذلك الوقت ولا يخرجه من كفره، ثم أجاب الله هذه الدعوة في فرعون نفسه، قال ابن عباس: العذاب هنا الغرق). [المحرر الوجيز: 4/ 517-519]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (89)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ الناس «دعوتكما»، وقرأ السدي والضحاك «دعواتكما»، وروي عن ابن جريح ومحمد بن علي والضحاك أن الدعوة لم تظهر إجابتها إلا بعد أربعين سنة. وحينئذ كان أمر الغرق.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وأعلما أن دعاءهما صادق مقدورا، وهذا معنى إجابة الدعاء، وقيل لهما لا تتّبعانّ سبيل الّذين لا يعلمون أي في أن تستعجلا قضائي فإن وعدي لا خلف له، وقوله دعوتكما ولم يتقدم الدعاء إلا لموسى، وروي أن هارون كان يؤمّن على دعاء موسى، قاله محمد بن كعب القرظي، نسب الدعوة إليهما، وقيل كنّى عن الواحد بلفظ التثنية كما قال
قفا نبكي ... ... = ... ... ... ...
ونحو هذا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا ضعيف لأن الآية تتضمن بعد مخاطبتهما من غير شيء، قال علي بن سليمان قول موسى: ربّنا دال على أنهما دعوا معا، وقوله فاستقيما أي على ما أمرتما به من الدعاء إلى الله، وأمرا بالاستقامة وهما عليها للإدامة والتمادي، وقرأ نافع والناس، «تتّبعانّ» بشد التاء والنون على النهي، وقرأ ابن عامر وابن ذكوان «تتبعانّ» بتخفيف التاء وشد النون، وقرأ ابن ذكوان أيضا: «تتّبعان» بشد التاء وتخفيف النون وكسرها، وقرأت فرقة «تتبعان» بتخفيفها وسكون النون رواه الأخفش الدمشقي عن أصحابه عن ابن عامر، فأما شد النون فهي النون الثقيلة حذفت معها نون التثنية للجزم كما تحذف معها الضمة في لتفعلنّ بعد ألف التثنية وأما تخفيفها فيصح أن تكون الثقيلة خففت ويصح أن تكون نون التثنية ويكون الكلام خبرا معناه الأمر، أي لا ينبغي أن تتبعا، قال أبو علي: إن شئت جعلته حالا من استقيما كأنه قال غير متبعين.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: والعطف يمانع في هذا فتأمله). [المحرر الوجيز: 4/ 519-521]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 5 شوال 1435هـ/1-08-2014م, 10:22 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 5 شوال 1435هـ/1-08-2014م, 10:22 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآَ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (87)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوّآ لقومكما بمصر بيوتًا واجعلوا بيوتكم قبلةً وأقيموا الصّلاة وبشّر المؤمنين (87)}
يذكر تعالى سبب إنجائه بني إسرائيل من فرعون وقومه، وكيفيّة خلاصهم منهم وذلك أنّ اللّه تعالى أمر موسى وأخاه هارون، عليهما السّلام {أن تبوّءا} أي: يتّخذا لقومهما بمصر بيوتًا.
واختلف المفسّرون في معنى قوله تعالى: {واجعلوا بيوتكم قبلةً} فقال الثّوريّ وغيره، عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: {واجعلوا بيوتكم قبلةً} قال: أمروا أن يتّخذوها مساجد.
وقال الثّوريّ أيضًا، عن ابن منصورٍ، عن إبراهيم: {واجعلوا بيوتكم قبلةً} قال: كانوا خائفين، فأمروا أن يصلّوا في بيوتهم.
وكذا قال مجاهدٌ، وأبو مالكٍ، والرّبيع بن أنسٍ، والضّحّاك، وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم، وأبوه زيد بن أسلم: وكأنّ هذا -واللّه أعلم -لمّا اشتدّ بهم البلاء من قبل فرعون وقومه، وضيّقوا عليهم، أمروا بكثرة الصّلاة، كما قال تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا استعينوا بالصّبر والصّلاة} [البقرة: 156]. وفي الحديث: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا حزبه أمرٌ صلّى. أخرجه أبو داود. ولهذا قال تعالى في هذه الآية: {واجعلوا بيوتكم قبلةً وأقيموا الصّلاة وبشّر المؤمنين} أي: بالثّواب والنّصر القريب.
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ، في تفسير هذه الآية قال: قالت بنو إسرائيل لموسى، عليه السّلام: لا نستطيع أن نظهر صلاتنا مع الفراعنة، فأذن اللّه تعالى لهم أن يصلّوا في بيوتهم، وأمروا أن يجعلوا بيوتهم قبل القبلة. وقال مجاهدٌ: {واجعلوا بيوتكم قبلةً} قال: لمّا خاف بنو إسرائيل من فرعون أن يقتلوا في الكنائس الجامعة، أمروا أن يجعلوا بيوتهم مساجد مستقبلةً الكعبة، يصلّون فيها سرًّا. وكذا قال قتادة، والضّحّاك.
وقال سعيد بن جبيرٍ: {واجعلوا بيوتكم قبلةً} أي: يقابل بعضها بعضًا). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 289-290]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آَتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (88)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقال موسى ربّنا إنّك آتيت فرعون وملأه زينةً وأموالا في الحياة الدّنيا ربّنا ليضلّوا عن سبيلك ربّنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتّى يروا العذاب الأليم (88) قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتّبعانّ سبيل الّذين لا يعلمون (89)}
هذا إخبارٌ من اللّه تعالى عمّا دعا به موسى، عليه السّلام، على فرعون وملئه، لمّا أبوا قبول الحقّ واستمرّوا على ضلالهم وكفرهم معاندين جاحدين، ظلمًا وعلوًّا وتكبّرًا وعتوًّا، قال: {ربّنا إنّك آتيت فرعون وملأه زينةً} أي: من أثاث الدّنيا ومتاعها، {وأموالًا} أي: جزيلةً كثيرةً، {في} هذه {الحياة الدّنيا ربّنا ليضلّوا عن سبيلك} -بفتح الياء -أي: أعطيتهم ذلك وأنت تعلم أنّهم لا يؤمنون بما أرسلتني به إليهم استدراجًا منك لهم، كما قال تعالى: {لنفتنهم فيه}
وقرأ آخرون: {ليضلّوا} بضمّ الياء، أي: ليفتتن بما أعطيتهم من شئت من خلقك، ليظنّ من أغويته أنّك إنّما أعطيت هؤلاء هذا لحبّك إيّاهم واعتنائك بهم.
{ربّنا اطمس على أموالهم} قال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ: أي: أهلكها. وقال الضّحّاك، وأبو العالية، والرّبيع بن أنسٍ: جعلها اللّه حجارةً منقوشةً كهيئة ما كانت.
وقال قتادة: بلغنا أنّ زروعهم تحوّلت حجارةً.
وقال محمّد بن كعبٍ القرظي: اجعل سكّرهم حجارةً.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا إسماعيل بن أبي الحارث، حدّثنا يحيى بن أبي بكير، عن أبي معشر، حدّثني محمّد بن قيسٍ: أنّ محمّد بن كعبٍ قرأ سورة يونس على عمر بن عبد العزيز: {وقال موسى ربّنا إنّك آتيت فرعون وملأه} إلى قوله: {اطمس على أموالهم} إلى آخرها [فقال له: عمر يا أبا حمزة أيّ شيءٍ الطّمس؟ قال: عادت أموالهم كلّها حجارةً] فقال عمر بن عبد العزيز لغلامٍ له: ائتني بكيسٍ. [فجاءه بكيسٍ] فإذا فيه حمّصٌ وبيضٌ، قد قطع حول حجارةٍ.
وقوله: {واشدد على قلوبهم} قال ابن عبّاسٍ: أي اطبع عليها، {فلا يؤمنوا حتّى يروا العذاب الأليم}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 290]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (89)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وهذه الدّعوة كانت من موسى، عليه السّلام، غضبًا للّه ولدينه على فرعون وملئه، الّذين تبين له أنّه لا خير فيهم، ولا يجيء منهم شيءٌ كما دعا نوحٌ، عليه السّلام، فقال: {ربّ لا تذر على الأرض من الكافرين ديّارًا إنّك إن تذرهم يضلّوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرًا كفّارًا} [نوحٍ: 26، 27]؛ ولهذا استجاب اللّه تعالى لموسى، عليه السّلام، فيهم هذه الدّعوة، الّتي أمّن عليها أخوه هارون، فقال تعالى: {قد أجيبت دعوتكما}
قال أبو العالية، وأبو صالحٍ، وعكرمة، ومحمّد بن كعبٍ القرظيّ، والرّبيع بن أنسٍ: دعا موسى وأمّن هارون، أي: قد أجبناكما فيما سألتما من تدمير آل فرعون.
وقد يحتجّ بهذه الآية من يقول: "إنّ تأمين المأموم على قراءة الفاتحة ينزل منزلة قراءتها؛ لأنّ موسى دعا وهارون أمّن".
وقال تعالى: {قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما [ولا تتّبعانّ سبيل الّذين لا يعلمون]} أي: كما أجيبت دعوتكما فاستقيما على أمري.
قال ابن جريج، عن ابن عبّاسٍ: {فاستقيما} فامضيا لأمري، وهي الاستقامة. قال ابن جريجٍ: يقولون: إنّ فرعون مكث بعد هذه الدّعوة أربعين سنةً.
وقال محمّد بن عليّ بن الحسين: أربعين يومًا). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 290-291]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:05 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة