العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الرعد

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 8 جمادى الأولى 1434هـ/19-03-2013م, 05:08 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ (12) }
تفسير قوله تعالى: {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ (13) }
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (تفسير قوله تعالى {وهو شديد المحال} [الرعد: 13]
قال: وحدّثنا أبو بكر، عن أبي حاتم، عن ابن الأثرم، عن أبي عبيدة، قال: معنى قوله عز وجل: {وهو شديد المحال} [الرعد: 13] شديد المكر والعقوبة
وأنشدنا ابن الأنباري لعبد المطلب بن هاشم:

لا هم إن المرء يمنع = رحله فامنع حلالك
لا يغلبنّ صليبهم = ومحالهم غدرًا محالك
وقال الأعشى:
فرع نبعٍ يهتز في غصن المجد = عزير الندى عظيم المحال
معناه عظيم المكر، وقال نابغة بني شيبان:

إنّ من يركب الفواحش سرًّا = حين يخلو بسره غير خالي
كيف يخلو وعنده كاتباه = شاهداه وربّه ذو المحال
وقال الآخر:

أبرّ على الخصوم فليس خصمٌ = ولا خصمان يغلبه جدالا
ولبس بين أقوامٍ فكلٌّ = أعدّ له الشغازب والمحالا
الشغزبية: ضرب من الصراع، يقال: اعتقله الشغزبيّة، وهو أن يدخل المصارع رجله بين رجلي الآخر فيصرعه.
قال أبو بكر سمعت أبا العباس أحمد بن يحيى النحوي، قال: يقال: المحال مأخوذ من قول العرب: محل فلانٌ بفلان إذا سعى به إلى السلطان وعرّضه لما يوبقه ويهلكه، قال أبو بكر ومن ذلك قولهم في الدعاء: لا تجعل القرآن بنا ماحلًا أي لا تجعله شاهدًا علينا بالتضييع والتقصير.
ومن ذلك قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: القرآن شافع مشفع، وماحل مصدّقٌ، من شفع له القرآن يوم القيامة نجا، ومن محل به القرآن كبّه الله على وجهه في النار وروى عن الأعرج أنه قرأ: (شديد المَحَال) [الرعد: 13] ، بفتح الميم، أي شيد الحول، وتفسير ابن عباس يدّل على فتح الميم، لأنه قال: وهو شديد الحول والمحالة في كلام العرب على أربعة معانٍ: المحالة: الحيلة، والمحالة، البكرة التي تعلّق على رأس البئر، والمحالة: الفقرة من فقر الظهر، وجمعها محالٌ، والمحالة مصدر قولهم: حلت بين الشيئين، قال أبو زيد: ماله حيلةٌ ولا محالة ولا محالٌ ولا محيلةٌ ولا محتالٌ ولا احتيالٌ ولا حولٌ ولا حويلٌ، وأنشد: قد أركب الآلة بعد الآلة وأترك العاجز بالجدالة منعفرا ليست له محاله أي حيلة، والجدالة: الأرض، يقال: تركت فلانًا مجدّلًا أي ساقطًا على الجدالة،
وأنشدنا أبو بكر ابن الأنباري:
ما للرجال من القضاء محالةٌ = ذهب القضاء بحيلة الأقوم).
[الأمالي: 2/268-269]

تفسير قوله تعالى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (14) }

تفسير قوله تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ (15) }
قال أبو فَيدٍ مُؤَرِّجُ بنُ عمروٍ السَّدُوسِيُّ (ت: 195هـ) : (والآصالُ: العَشِيَّاتُ, واحدُها أَصيلٌ). [شرح لامية العرب: --] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (الآصال: من نصف النهار إلى العصر). [مجالس ثعلب: 398] (م)

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13 ذو القعدة 1439هـ/25-07-2018م, 09:45 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13 ذو القعدة 1439هـ/25-07-2018م, 09:45 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 13 ذو القعدة 1439هـ/25-07-2018م, 09:51 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ (12)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {هو الذي يريكم} الآية. هذه آية تنبيه على القدرة، "والبرق" روي فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مخراق بيد ملك يزجر به السحاب، وهذا أصح ما روي فيه،
[المحرر الوجيز: 5/188]
وروي عن بعض العلماء أنه قال: البرق: اصطكاك الأجرام، وهذا عندي مردود، وقال أبو الجلد في هذه الآية: البرق الماء، وذكره مكي عن ابن عباس، ومعنى هذا القول: أنه لما كان داعية الماء، وكان خوف المسافرين من الماء وطمع المقيم فيه عبر في هذا القول عنه بالماء.
وقوله: {خوفا وطمعا}، من قال ذلك في الماء فهو على ما تقدم، والظاهر أن الخوف إنما هو من صواعق البرق، والطمع في المطر الذي يكون معه، وهو قول الحسن. و"السحاب" جمع سحابة، وكذلك جمع الصفة. و"الثقال" معناه: يحمل الماء، وبذلك فسر قتادة ومجاهد، والعرب تصفها بذلك، ومنه قول قيس بن الخطيم:
فما روضة من رياض القطا ... كأن المصابيح حورانها
بأحسن منها ولا مزنة ... دلوح تكشف أدجانها
والدلوح: المثقلة). [المحرر الوجيز: 5/189]

تفسير قوله تعالى: {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ (13)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"الرعد" ملك يزجر السحاب بصوته، وصوته- هذا المسموع تسبيح، والرعد اسم الملك، وقيل: (الرعد) اسم صوت الملك، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا سمع الرعد قال: "اللهم لا تهلكنا بغضبك، ولا تقتلنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك".
وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره أنهم كانوا إذا سمعوا الرعد قالوا: "سبحان من سبحت له"، وروي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع الرعد قال: "سبحان من سبح الرعد بحمده"، وقال ابن أبي زكرياء: "من قال إذا سمع الرعد: سبحان الله وبحمده لم تصبه صاعقة"، وقيل في الرعد أيضا: إنه ريح يختنق بين السحاب، وروي ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا عندي فيه نظر، لأنها نزعات الطبيعيين وغيرهم من الملاحدة، وروي أيضا عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الملك إذا غضب وزجر السحاب اضطربت من خوفه فيكون البرق، وتحتك فتكون الصواعق.
قوله تعالى: {ويرسل الصواعق} الآية. قيل: إنه أدخلها في التنبيه على القدرة بغير سبب ساق ذلك، وقال ابن جريج: كان سبب نزولها قصة أربد أخي لبيد بن ربيعة، لأمه وعامر بن الطفيل، وكان من أمرهما فيما روي أنهما قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعواه أن يجعل الأمر بعده إلى عامر بن الطفيل ويدخلا في دينه فأبى، فقال عامر: فتكون أنت على أهل المدر وأنا على أهل الوبر -فأبى، فقال له عامر: فماذا تعطيني؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أعطيك أعنة الخيل فإنك رجل فارس، فقال له عامر: والله لأملأنها عليك خيلا ورجالا حتى آخذك، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يأبى الله ذلك وأبناء قيلة، فخرجا
[المحرر الوجيز: 5/190]
من عنده، فقال أحدهما لصاحبه: لو قتلناه ما انتطح فيه عنزان، فتآمرا في الرجوع لذلك، فقال عامر لأربد: أنا أشغله لك بالحديث واضربه أنت بالسيف، فجعل عامر يحدثه وأربد لا يصنع شيئا، فلما انصرفا قال له عامر: والله يا أربد لا خفتك أبدا، ولقد كنت أخافك قبل ذلك، فقال له أربد: والله لقد أردت إخراج السيف فما قدرت على ذلك، ولقد كنت أراك بيني وبينه أفأضربك؟ فمضيا للحشد على النبي صلى الله عليه وسلم، فأصابت أربد صاعقة فقتلته، ففي ذلك يقول لبيد بن ربيعة أخوه:
أخشى على أربد الحتوف ولا ... أرهب نوء السماك والأسد
فجعني الرعد والصواعق بالـ ... ـفارس يوم الكريهة النجد
فنزلت الآية في ذلك، وروي عن عبد الرحمن بن صحار العبدي أنه بلغه أن جبارا من جبابرة العرب بعث إليه النبي صلى الله عليه وسلم ليسلم، فقال: أخبروني عن إله محمد، أمن لؤلؤ هو أو من ذهب؟ فنزلت عليه صاعقة ونزلت الآية فيه، وقال مجاهد: إن بعض اليهود جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يناظره، فبينما هو كذلك إذ نزلت صاعقة فأخذت قحف رأسه فنزلت الآية فيه.
وقوله تعالى: {وهم يجادلون في الله}، يجوز أن تكون إشارة إلى جدال اليهودي المذكور، وتكون الواو واو حال، أو إلى جدال الجبار المذكور، ويجوز -إن كانت الآية على غير سبب- أن يكون قوله: {وهم يجادلون في الله} إشارة إلى جميع الكفرة من العرب وغيرهم الذين جلبت لهم هذه التنبيهات.
[المحرر الوجيز: 5/191]
و"المحال": القوة والإهلاك، ومنه قول الأعشى:
فرع نبع يهتز في غصن المجـ ... ـد عظيم الندى شديد المحال
ومنه قول عبد المطلب:
لا يغلبن صليبهم ... ومحالهم عدوا محالك
وقرأ الأعرج، والضحاك: "المحال" بفتح الميم بمعنى المحالة، وهي الحيلة، ومنه قول العرب في "ذكر" المثل: "المرء يعز لا محالة"، وهذا كالاستدراج والمكر ونحوه، وهذه استعارات في ذكر الله تعالى، والميم إذا كسرت أصلية، وإذا فتحت زائدة، ويقال: محل الرجل بالرجل: إذا مكر به وأخذه بسعاية شديدة). [المحرر الوجيز: 5/192]

تفسير قوله تعالى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (14)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال قل من رب السماوات والأرض قل الله قل أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا
[المحرر الوجيز: 5/192]
ضرا قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار}
الضمير في "له" عائد على اسم الله تبارك وتعالى، وقال ابن عباس: " دعوة الحق لا إله إلا الله". وما كان من الشريعة في معناه، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "هي التوحيد"، ويصح أن يكون معناها: له دعوة العباد بالحق ودعاء غيره من الأوثان باطل.
وقوله: "والذين" يراد به ما عبد من دون الله، والضمير في "يدعون" لكفار قريش ونحوهم من العرب، وروى اليزيدي عن أبي عمرو بن العلاء " تدعون من دونه " بالتاء من فوق، و"يستجيبون" بمعنى يجيبون، ومنه قول الشاعر:
وداع دعا يا من يجيب إلى الندى ... فلم يستجبه عند ذاك مجيب
ومعنى الكلام: والذين يدعونهم الكفار في حوائجهم ومنافعهم لا يجيبون بشيء.
ثم مثل تعالى مثالا لإجاباتهم بالذي يبسط كفيه نحو الماء ويشير إليه بالإقبال إلى فيه، فهو لا يبلغ فمه أبدا، فكذلك إجابة هؤلاء والانتفاع بهم لا يقع. وقوله: "هو" يريد به الماء وهو البالغ، والضمير في "بالغه" للفم، ويصح أن يكون "هو" يريد به الفم وهو البالغ أيضا، والضمير في "بالغه" للماء، لأن الفم لا يبلغ الماء أبدا على تلك الحال، ثم أخبر تعالى عن دعاء الكافرين أنه في ضلال لا يفيد فيه شيء ولا يغني). [المحرر الوجيز: 5/193]

تفسير قوله تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ (15)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ولله يسجد} الآية. يحتمل ظاهر هذه الألفاظ أنه جرى في طريق التنبيه على قدرة الله، وتسخير الأشياء له فقط، ويحتمل أن يكون في ذلك طعن على كفار قريش وحاضري محمد صلى الله عليه وسلم، أي: إن كنتم أنتم لا توقنون ولا تسجدون فإن جميع من
[المحرر الوجيز: 5/193]
في السموات والأرض لهم سجود لله تعالى، وإلى هذا الاحتمال نحا الطبري، و"من" تقع على الملائكة عموما، وسجودهم طوع بلا خلاف، وأما أهل الأرض فالمؤمنون منهم داخلون في من وسجودهم طوع، وأما سجود الكفرة فهو الكره، وذلك على نحوين من هذا المعنى، فإن جعلنا السجود هذه الهيئة المعهودة فالمراد من الكفرة من يضمه السيف إلى الإسلام -كما قال قتادة - فيسجد كرها، إما نفاقا، وإما أن يكون الكره أول حاله فتستمر عليه الصفة وإن صح إيمانه بعد، وإن جعلنا السجود الخضوع والتذلل على حسب ما هو في اللغة كقول الشاعر:
... ... ... ... ... .... ترى الأكم فيه سجدا للحوافر
فيدخل الكفار أجمعون في "من"، لأنه ليس من كافر إلا ويلحقه من التذلل والاستكانة بقدرة الله أنواع أكثر من أن تحصى بحسب رزاياه واعتباراته، وقال النحاس، والزجاج: إن الكره يكون في سجود عصاة المسلمين وأهل الكسل منهم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وإن كان اللفظ يقتضي هذا فهو قلق من جهة المعنى المقصود بالآية.
وقوله تعالى: {وظلالهم بالغدو والآصال} إخبار عن أن "الظلال" لها سجود لله تعالى بالبكر والعشيات، قال الطبري: وهذا كقوله تعالى: {أولم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله}، قال: وذلك هو فيؤه بالعشي، وقال مجاهد: "ظل الكافر يسجد طوعا وهو كاره"، وقال ابن عباس: "يسجد ظل الكافر حين يفيء عن يمينه وشماله"، وحكى الزجاج أن بعض الناس قال: إن "الظلال" هنا يراد بها الأشخاص، وضعفه أبو إسحاق. و"الآصال" جمع أصيل، وقرأ أبو
[المحرر الوجيز: 5/194]
مجلز: "والإيصال"، قال أبو الفتح: هو مصدر آصلنا، أي: دخلنا في الأصيل، كأصبحنا وأمسينا. وروي أن الكافر إذا سجد لصنمه فإن ظله يسجد لله تعالى حينئذ). [المحرر الوجيز: 5/195]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 27 ذو القعدة 1439هـ/8-08-2018م, 07:44 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 27 ذو القعدة 1439هـ/8-08-2018م, 07:50 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ (12) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ (13)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({هو الّذي يريكم البرق خوفًا وطمعًا وينشئ السّحاب الثّقال (12) ويسبّح الرّعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصّواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في اللّه وهو شديد المحال (13)}
يخبر تعالى أنّه هو الّذي يسخّر البرق، وهو ما يرى من النّور اللّامع ساطعًا من خلل السّحاب.
وروى ابن جريرٍ أنّ ابن عبّاسٍ كتب إلى أبي الجلد يسأله عن البرق، فقال: البرق: الماء.
وقوله: {خوفًا وطمعًا} قال قتادة: خوفًا للمسافر، يخاف أذاه ومشقّته، وطمعًا للمقيم يرجو بركته ومنفعته، ويطمع في رزق اللّه.
{وينشئ السّحاب الثّقال} أي: ويخلقها منشأةً جديدةً، وهي لكثرة مائها ثقيلةٌ قريبةٌ إلى الأرض.
قال مجاهدٌ: والسحاب الثقال: الذي فيه الماء.
{ويسبّح الرّعد بحمده} كما قال تعالى: {وإن من شيءٍ إلا يسبّح بحمده} [الإسراء: 44].
وقال الإمام أحمد: حدّثنا يزيد، حدّثنا إبراهيم بن سعدٍ، أخبرني أبي قال: كنت جالسًا إلى جنب حميد بن عبد الرّحمن في المسجد، فمرّ شيخٌ من بني غفارٍ، فأرسل إليه حميدٌ، فلمّا أقبل قال: يا ابن أخي، وسّع له فيما بيني وبينك، فإنّه قد صحب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فجاء حتّى جلس فيما بيني وبينه، فقال له حميدٌ: ما الحديث الّذي حدّثتني عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم؟ فقال الشّيخ: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "إنّ اللّه ينشئ السّحاب، فينطق أحسن النّطق، ويضحك أحسن الضّحك".
والمراد -واللّه أعلم -أنّ نطقها الرعد، وضحكها البرق.
وقال موسى بن عبيدة، عن سعد بن إبراهيم قال: يبعث اللّه الغيث، فلا أحسن منه مضحكًا، ولا آنس منه منطقًا، فضحكه البرق، ومنطقه الرّعد.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا هشام بن عبيد اللّه الرّازيّ، عن محمّد بن مسلمٍ قال: بلغنا أنّ البرق ملكٌ له أربعة وجوهٍ: وجه إنسانٍ، ووجه ثورٍ، ووجه نسرٍ، ووجه أسدٍ، فإذا مصع بذنبه فذاك البرق.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عفّان، حدّثنا عبد الواحد بن زيادٍ، حدّثنا الحجّاج، حدّثني أبو مطرٍ، عن سالمٍ، عن أبيه قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا سمع الرعد والصّواعق قال: "اللّهمّ، لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك".
ورواه التّرمذيّ، والبخاريّ في كتاب الأدب، والنّسائيّ في اليوم واللّيلة، والحاكم في مستدركه، من حديث الحجّاج بن أرطاة، عن أبي مطرٍ -ولم يسمّ به.
وقال [الإمام] أبو جعفر بن جريرٍ: حدّثنا أحمد بن إسحاق، حدّثنا أبو أحمد، حدّثنا إسرائيل، عن أبيه عن رجلٍ، عن أبي هريرة، رفع الحديث قال: إنّه كان إذا سمع الرّعد قال: "سبحان من يسبّح الرعد بحمده".
وروي عن عليٍّ، رضي اللّه عنه، أنّه كان إذا سمع صوت الرّعد قال: سبحان من سبّحت له.
وكذا روي عن ابن عبّاسٍ، والأسود بن يزيد، وطاوسٍ: أنّهم كانوا يقولون كذلك.
وقال الأوزاعيّ: كان ابن أبي زكريّا يقول: من قال حين يسمع الرّعد: سبحان اللّه وبحمده، لم تصبه صاعقةٌ.
وعن عبد اللّه بن الزّبير أنّه كان إذا سمع الرّعد ترك الحديث وقال: سبحان الّذي يسبّح الرعد بحمده والملائكة من خيفته، ويقول: إنّ هذا لوعيدٌ شديدٌ لأهل الأرض. رواه مالكٌ في الموطّأ، والبخاريّ في كتاب الأدب.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا سليمان بن داود الطّيالسيّ، حدّثنا صدقة بن موسى، حدّثنا محمّد بن واسعٍ، عن شتيز بن نهارٍ، عن أبي هريرة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "قال ربّكم عزّ وجلّ: لو أنّ عبيدي أطاعوني لأسقيتهم المطر باللّيل، وأطلعت عليهم الشّمس بالنّهار، ولما أسمعتهم صوت الرّعد".
وقال الطّبرانيّ: حدّثنا زكريّا بن يحيى السّاجيّ، حدّثنا أبو كاملٍ الجحدري، حدّثنا يحيى بن كثيرٍ أبو النّضر، حدّثنا عبد الكريم، حدّثنا عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إذا سمعتم الرّعد فاذكروا اللّه؛ فإنّه لا يصيب ذاكرًا".
وقوله: {ويرسل الصّواعق فيصيب بها من يشاء} أي: يرسلها نقمةً ينتقم بها ممّن يشاء، ولهذا تكثر في آخر الزّمان، كما قال الإمام أحمد:
حدّثنا محمّد بن مصعبٍ، حدّثنا عمارة عن أبي نضرة، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، رضي اللّه عنه؛ أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "تكثر الصّواعق عند اقتراب السّاعة، حتّى يأتي الرّجل القوم فيقول: من صعق تلكم الغداة؟ فيقولون صعق فلانٌ وفلانٌ وفلانٌ".
وقد روي في سبب نزولها ما رواه الحافظ أبو يعلى الموصليّ:
حدّثنا إسحاق، حدّثنا عليّ بن أبي سارّة الشّيباني، حدّثنا ثابتٌ، عن أنسٍ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بعث رجلًا مرّةً إلى رجلٍ من فراعنة العرب فقال: "اذهب فادعه لي". قال: فذهب إليه فقال: يدعوك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فقال له: من رسول اللّه؟ وما اللّه؟ أمن ذهبٍ هو؟ أم من فضّةٍ هو؟ أم من نحاسٍ هو؟ قال: فرجع إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فأخبره، فقال: يا رسول اللّه، قد أخبرتك أنه أعتى من ذلك، قال لي كذا وكذا. فقال: "ارجع إليه الثّانية". أراه، فذهب فقال له مثلها. فرجع إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فقال: يا رسول اللّه، قد أخبرتك أنّه أعتى من ذلك. قال: "ارجع إليه فادعه". فرجع إليه الثّالثة. قال: فأعاد عليه ذلك الكلام. فبينا هو يكلّمه، إذ بعث اللّه، عزّ وجلّ، سحابةً حيال رأسه، فرعدت، فوقعت منها صاعقةٌ، فذهب بقحف رأسه فأنزل اللّه: {ويرسل الصّواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في اللّه وهو شديد المحال}
ورواه ابن جريرٍ، من حديث عليّ بن أبي سارّة، به ورواه الحافظ أبو بكرٍ البزّار، عن عبدة بن عبد اللّه، عن يزيد بن هارون، عن ديلم بن غزوان، عن ثابتٍ، عن أنسٍ، فذكر نحوه.
وقال: حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، حدّثنا عفّان، حدّثنا أبان بن يزيد، حدثنا أبو عمران الجوقي، عن عبد الرّحمن بن صحار العبديّ: أنّه بلغه أنّ نبيّ اللّه بعثه إلى جبّار يدعوه، فقال: أرأيتم ربّكم، أذهبٌ هو؟ أو فضّةٌ هو؟ ألؤلؤٌ هو؟ قال: فبينا هو يجادلهم، إذ بعث اللّه سحابةً فرعدت فأرسل عليه صاعقةً فذهبت بقحف رأسه، ونزلت هذه الآية.
وقال أبو بكر بن عيّاشٍ، عن ليث بن أبي سليمٍ، عن مجاهدٍ قال: جاء يهوديٌّ فقال: يا محمّد، أخبرني عن ربّك، [من أيّ شيءٍ هو] من نحاسٍ هو؟ من لؤلؤٍ؟ أو ياقوتٍ؟ قال: فجاءت صاعقةٌ فأخذته، وأنزل اللّه: {ويرسل الصّواعق فيصيب بها من يشاء}
وقال قتادة: ذكر لنا أنّ رجلًا أنكر القرآن، وكذّب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فأرسل اللّه صاعقةً فأهلكته وأنزل: {ويرسل الصّواعق} الآية.
وذكروا في سبب نزولها قصّة عامر بن الطّفيل وأربد بن ربيعة لمّا قدما على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم المدينة، فسألاه أن يجعل لهما نصف الأمر فأبى عليهما رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال له عامر بن الطّفيل -لعنه اللّه: أما واللّه لأملأنّها عليك خيلًا جردا ورجالًا مردًا. فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: يأبى اللّه عليك ذلك وأبناء قيلة يعني: الأنصار، ثمّ إنّهما همّا بالفتك بالنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وجعل أحدهما يخاطبه، والآخر يستلّ سيفه ليقتله من ورائه، فحماه اللّه منهما وعصمه، فخرجا من المدينة فانطلقا في أحياء العرب، يجمعان النّاس لحربه، عليه السّلام فأرسل اللّه على أربد سحابةً فيها صاعقةٌ فأحرقته. وأمّا عامر بن الطّفيل فأرسل اللّه عليه الطّاعون، فخرجت فيه غدّة عظيمةٌ، فجعل يقول: يا آل عامرٍ، غدّة كغدّة البكر، وموتٌ في بيت سلولية ؟ حتّى ماتا لعنهما اللّه، وأنزل الله في مثل ذلك: {ويرسل الصّواعق فيصيب بها من يشاء} وفي ذلك يقول لبيد بن ربيعة، أخو أربد يرثيه:
أخشى على أربد الحتوف ولا = أرهب نوء السّماك والأسد
فجعني الرّعد والصّواعق بالـ = فارس يوم الكريهة النّجد
وقال الحافظ أبو القاسم الطّبرانيّ: حدّثنا مسعدة بن سعدٍ العطّار، حدّثنا إبراهيم بن المنذر الحزاميّ، حدّثني عبد العزيز بن عمران، حدّثني عبد الرّحمن وعبد اللّه ابنا زيد بن أسلم، عن أبيهما، عن عطاء بن يسارٍ، عن ابن عبّاسٍ، أنّ أربد بن قيس بن جزء بن جليد بن جعفر بن كلابٍ، وعامر بن الطّفيل بن مالكٍ، قدما المدينة على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فانتهيا إليه وهو جالسٌ، فجلسا بين يديه، فقال عامر بن الطّفيل: يا محمّد، ما تجعل لي إن أسلمت؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لك ما للمسلمين، وعليك ما عليهم". قال عامر بن الطّفيل: أتجعل لي الأمر إن أسلمت من بعدك؟ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ليس ذلك لك ولا لقومك، ولكنّ لك أعنّة الخيل". قال: أنا الآن في أعنّة خيل نجدٍ، اجعل لي الوبر ولك المدر. قال رسول اللّه: "لا". فلمّا قفلا من عنده قال عامرٌ: أما واللّه لأملأنّها عليك خيلًا ورجالًا فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "يمنعك اللّه". فلمّا خرج أربد وعامرٌ، قال عامرٌ: يا أربد، أنا أشغل عنك محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم بالحديث، فاضربه بالسّيف، فإنّ النّاس إذا قتلت محمّدًا لم يزيدوا على أن يرضوا بالدّية، ويكرهوا الحرب، فنعطيهم الدّية. قال أربد: أفعل. فأقبلا راجعين إليه، فقال عامرٌ: يا محمّد، قم معي أكلّمك. فقام معه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فجلسا إلى الجدار، ووقف معه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يكلّمه، وسلّ أربد السّيف، فلمّا وضع يده على السّيف يبست يده على قائم السّيف، فلم يستطع سلّ السّيف، فأبطأ أربد على عامرٍ بالضّرب، فالتفت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فرأى أربد، وما يصنع، فانصرف عنهما. فلمّا خرج عامرٌ وأربد من عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى إذا كانا بالحرّة، حرّة واقمٍ نزلا فخرج إليهما سعد بن معاذٍ وأسيد بن حضيرٍ فقالا اشخصا يا عدوّي اللّه، لعنكما اللّه. فقال عامرٌ: من هذا يا سعد؟ قال: هذا أسيد بن حضير الكتائب فخرجا حتّى إذا كانا بالرّقم، أرسل اللّه على أربد صاعقةً فقتلته، وخرج عامرٌ حتّى إذا كان بالخريم، أرسل اللّه قرحةً فأخذته فأدركه اللّيل في بيت امرأةٍ من بني سلولٍ، فجعل يمسّ قرحته في حلقه ويقول: غدّةٌ كغدّة الجمل في بيت سلولية ترغب أن يموت في بيتها! ثمّ ركب فرسه فأحضره حتّى مات عليه راجعًا، فأنزل اللّه فيهما: {اللّه يعلم ما تحمل كلّ أنثى وما تغيض الأرحام} إلى قوله: {وما لهم من دونه من والٍ} [الرّعد: 8 -11]-قال: المعقّبات من أمر اللّه يحفظون محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم، ثمّ ذكّر أربد وما قتله به، فقال: {ويرسل الصّواعق فيصيب بها من يشاء} الآية.
وقوله: {وهم يجادلون في اللّه} أي: يشكّون في عظمته، وأنّه لا إله إلّا هو، {وهو شديد المحال}
قال ابن جريرٍ: شديدةٌ مماحلته في عقوبة من طغى عليه وعتا وتمادى في كفره.
وهذه الآية شبيهةٌ بقوله: {ومكروا مكرًا ومكرنا مكرًا وهم لا يشعرون فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنّا دمّرناهم وقومهم أجمعين} [النّمل: 50، 51].
وعن عليٍّ، رضي اللّه عنه: {وهو شديد المحال} أي: شديد الأخذ. وقال مجاهدٌ: شديد القوّة). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 440-445]

تفسير قوله تعالى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (14)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({له دعوة الحقّ والّذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيءٍ إلّا كباسط كفّيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلّا في ضلالٍ (14)}
قال عليّ بن أبي طالبٍ، رضي اللّه عنه: {له دعوة الحقّ} قال: التّوحيد. رواه ابن جريرٍ.
وقال ابن عبّاسٍ، وقتادة، ومالكٌ عن محمّد بن المنكدر: {له دعوة الحقّ} [قال] لا إله إلّا اللّه.
{والّذين يدعون من دونه} أي: ومثل الّذين يعبدون آلهةً غير اللّه. {كباسط كفّيه إلى الماء ليبلغ فاه} قال عليّ بن أبي طالبٍ: كمثل الّذي يتناول الماء من طرف البئر بيده، وهو لا يناله أبدًا بيده، فكيف يبلغ فاه؟.
وقال مجاهدٌ: {كباسط كفّيه} يدعو الماء بلسانه، ويشير إليه [بيده] فلا يأتيه أبدًا.
وقيل: المراد كقابض يده على الماء، فإنّه لا يحكم منه على شيءٍ، كما قال الشّاعر:
فإنّي وإيّاكم وشوقًا إليكم = كقابض ماء لم تسقه أنامله
وقال الآخر:
فأصبحت ممّا كان بيني وبينها = من الودّ مثل القابض الماء باليد
ومعنى الكلام: أنّ هذا الّذي يبسط يده إلى الماء، إمّا قابضًا وإمّا متناولًا له من بعد، كما أنه لا ينتفع بالماء الّذي لم يصل إلى فيه، الّذي جعله محلًّا للشّرب، فكذلك هؤلاء المشركون الّذين يعبدون مع اللّه إلهًا غيره، لا ينتفعون بهم أبدًا في الدّنيا ولا في الآخرة؛ ولهذا قال: {وما دعاء الكافرين إلا في ضلالٍ}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 445-446]

تفسير قوله تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ (15)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وللّه يسجد من في السّماوات والأرض طوعًا وكرهًا وظلالهم بالغدوّ والآصال (15)}
يخبر تعالى عن عظمته وسلطانه الّذي قهر كلّ شيءٍ، ودان له كلّ شيءٍ. ولهذا يسجد له كلّ شيءٍ طوعًا من المؤمنين، وكرها من المشركين، {وظلالهم بالغدوّ} أي: البكر والآصال، وهو جمع أصيلٍ وهو آخر النّهار، كما قال تعالى: {أولم يروا إلى ما خلق اللّه من شيءٍ يتفيّأ ظلاله عن اليمين والشّمائل سجّدًا للّه وهم داخرون} [النّحل: 48]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 446]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:28 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة