العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الرعد

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 جمادى الأولى 1434هـ/18-03-2013م, 11:49 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)}

تفسير قوله تعالى: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19)}

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أولو الألباب} أي ذوو العقول، واحدها لبّ وأولو: واحدها ذو). [مجاز القرآن: 1/329]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {أولو الألباب}: العقول). [غريب القرآن وتفسيره: 193]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقولهم: وأين قوله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آَيَاتِهِ} من قوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} .
ولم يرد الله في هذا الموضع معنى الصبر والشكر خاصة، وإنما أراد: إن في ذلك لآيات لكل مؤمن.
والصبر والشكر أفضل ما في المؤمن من خلال الخير، فذكره الله عز وجل في هذا الموضع بأفضل صفاته.
وقال في موضع آخر: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ}.
وفي موضع آخر: {لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} و{لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} و{إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} يعني المؤمنين.
ومثله قوله تعالى في قصة سبإ: {وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}. وهذا كما تقول: أن في ذلك لآية لكل موحّد مصلّ، ولكلّ فاصل تقيّ.
وإنما تريد المسلمين). [تأويل مشكل القرآن: 75] (م)
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الأَلْبَابِ}: العقول). [العمدة في غريب القرآن: 166]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20)}

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21)}

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ويدرءون بالحسنة السّيّئة} أي يدفعون السيئة بالحسنة،
درأته عني أي دفعته). [مجاز القرآن: 1/330-329]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {يدرءون}: يدفعون، درأته عني أي دفعته). [غريب القرآن وتفسيره: 193]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ويدرءون بالحسنة السّيّئة} أي يدفعون السيئة بالحسنة، كأنهم إذا سفه عليهم حلموا. فالسّفه سيئة والحلم حسنة.
ونحوه {ادفع بالّتي هي أحسن فإذا الّذي بينك وبينه عداوةٌ كأنّه وليٌّ حميمٌ}
ويقال: درأ اللّه عنّي شرّك: أي دفعه. فهو يدرؤه درءا). [تفسير غريب القرآن: 227]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ {والّذين صبروا ابتغاء وجه ربّهم وأقاموا الصّلاة وأنفقوا ممّا رزقناهم سرّا وعلانية ويدرءون بالحسنة السّيّئة أولئك لهم عقبى الدّار }
{ويدرءون بالحسنة السّيّئة} أي يدفعون، يقال: درأته إذا دفعته). [معاني القرآن: 3/147-146]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وَيَدْرءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ} أي: يدفعون بالتوبة والطاعة). [ياقوتة الصراط: 281]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ويدرءون} أي يدفعون). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 119]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَيَدْرَءون}: يدفعون). [العمدة في غريب القرآن: 166]

تفسير قوله تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {والملائكة يدخلون عليهم مّن كلّ بابٍ...}
{سلامٌ عليكم...}
يقولون: سلام عليكم. القول مضمر؛ كقوله: {ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربّهم ربّنا} أي يقولون: ربنا ثم تركت). [معاني القرآن: 2/62]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {أولئك لهم عقبى الدّار * جنّات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرّيّاتهم والملائكة يدخلون عليهم من كلّ باب}
(جنّات) بدل من (عقبى).
وعدن: إقامة، يقال: عدن بالمكان إذا أقام فيه.
{يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرّيّاتهم}.
موضع " من " رفع، عطف على الواو في قوله: {يدخلونها} وجائز أن يكون نصبا، كما تقول قد دخلوا وزيدا أي مع زيد.
أعلم اللّه - عزّ وجلّ - أن الأنساب لا تنفع بغير أعمال صالحة فقال: يدخلونها ومن صلح ممن جرى ذكره). [معاني القرآن: 3/147]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله تعالى: {جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم}
أي من كان صالحا
لا يدخلونها بالأنساب
ثم قال تعالى: {والملائكة يدخلون عليهم من كل باب} أي تكرمة من الله لهم). [معاني القرآن: 3/491]

تفسير قوله تعالى: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {عقبي الدّار} عاقبة الدار.
(سلامٌ عليكم) مجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير كقولك: يقولون سلام عليكم). [مجاز القرآن: 1/330]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {جنّات عدنٍ يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرّيّاتهم والملائكة يدخلون عليهم مّن كلّ بابٍ سلامٌ عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدّار}
وقال: {يدخلون عليهم مّن كلّ بابٍ * سلامٌ عليكم} أي: يقولون {سلامٌ عليكم} ). [معاني القرآن: 2/57]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {عقبى الدار}: عاقبة). [غريب القرآن وتفسيره: 194]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يدخلون عليهم من كلّ بابٍ سلامٌ عليكم} أي يقولون: سلام عليكم. فحذف اختصارا). [تفسير غريب القرآن: 227]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {والملائكة يدخلون عليهم من كلّ باب * سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدّار }أي يقولون سلام عليكم بما صبرتم.
هذه مكرمة من الله عزّ وجل لأهل الجنّة.
والمعنى يدخلون عليهم من كل باب يقولون {سلام عليكم}.
فأضمر القول ههنا لأن في الكلام دليلا عليه). [معاني القرآن: 3/147]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {سلام عليكم بما صبرتم} أي يقولون سلام عليكم بما صبرتم
ثم قال جل وعز: {فنعم عقبى الدار}
قال أبو عمران الجوني فنعم عقبى الدار الجنة من النار). [معاني القرآن: 3/491-492]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {عُقْبَى}: عاقبة). [العمدة في غريب القرآن: 167]

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 8 جمادى الأولى 1434هـ/19-03-2013م, 05:13 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19) }


تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) }

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) }

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) }

تفسير قوله تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقال المفسرون في قول الله عز وجل عن إبراهيم صلوات الله عليه: {واجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} أي ثناء حسناٌ، وفي قوله تعالى: {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ} أي يقال له هذا في الآخرين. والعرب تحذف هذا الفعل من "قال" ويقول "استغناءٌ عنه، قال الله عز وجل: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}، أي فيقال لهم. ومثله: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} أي يقولون، وكذلك: {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ} ). [الكامل: 1/485-486] (م)

تفسير قوله تعالى: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24) }

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13 ذو القعدة 1439هـ/25-07-2018م, 10:04 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 13 ذو القعدة 1439هـ/25-07-2018م, 10:05 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13 ذو القعدة 1439هـ/25-07-2018م, 10:28 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {أفمن يعلم} استفهام بمعنى التقرير، والمعنى: أيستوي من هداه الله تعالى فآمن بك وعلم صدق نبوتك ومن لم يهتد ولا رزق بصيرة فبقي على كفره؟ فمثل عز وجل ذلك بالعمى، وروي أن هذه الآية نزلت في حمزة بن عبد المطلب وأبي جهل بن هشام، وقيل: في عمار بن ياسر وأبي جهل، وهي -بعد هذا- مثال في جميع العالم. و"إنما" في هذه الآية حاصرة، أي: إنما يتذكر فيؤمن ويراقب الله من له لب وتحصيل). [المحرر الوجيز: 5/199]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخذ تبارك وتعالى في وصف هؤلاء الذين يسرهم للإيمان فقال: {الذين يوفون بعهد الله} وقوله: {بعهد الله} اسم للجنس، أي بجميع عهوده، وهي أوامره ونواهيه التي وصى بها عبيده، ويدخل في هذه الألفاظ التزام جميع الفروض وتجنب جميع المعاصي.
وقوله تعالى: {ولا ينقضون الميثاق} يحتمل أن يريد به جنس المواثيق، أي: إذا عقدوا في طاعة الله عهدا لم ينقضوه، قال قتادة: وتقدم الله إلى عباده في نقض الميثاق ونهى عنه في بضع وعشرين آية، ويحتمل أن يشير إلى ميثاق معين وهو الذي أخذه الله على عباده وقت مسحه على ظهر أبيهم آدم عليه السلام). [المحرر الوجيز: 5/199]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ووصل ما أمر الله به أن يوصل ظاهره في القرابات، وهو مع ذلك يتناول جميع الطاعات، وسوء الحساب هو أن يتقصى، ولا تقع فيه مسامحة ولا تغمد). [المحرر الوجيز: 5/199]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار}
الصبر لوجه الله يدخل في الرزايا والأسقام والعبادات، وعن الشهوات ونحو ذلك.
[المحرر الوجيز: 5/199]
و"ابتغاء" نصب على المصدر، أو على المفعول لأجله، و"الوجه" في هذه الآية ظاهره الجهة التي تقصد عنده تعالى بالحسنات لتقع عليها المثوبة، وهذا كما تقول: خرج الجيش لوجه كذا، وهذا أظهر ما فيه، مع احتمال غيره، و"إقامة الصلاة" هي الإتيان بها على كمالها، والصلاة هنا هي المفروضة.
وقوله تعالى: "وأنفقوا" يريد به مواساة المحتاج، و"السر" هو فيما أنفق تطوعا، والعلانية فيما أنفق من الزكاة المفروضة، لأن التطوع كله الأفضل فيه التكتم. وقوله: {ويدرءون بالحسنة السيئة} أي: ويدفعون من رأوا منه مكروها بالتي هي أحسن، وقيل: يدفعون بقول "لا إله إلا الله" شركهم، وقيل: يدفعون بالسلام غوائل الناس.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وبالجملة لا يكافئون الشر بالشر، وهذا بخلاف خلق الجاهلية، وروي أن هذه الآية نزلت في الأنصار ثم هي عامة -بعد ذلك- في كل من اتصف بهذه الصفات.
وقوله: {عقبى الدار} يحتمل أن تكون عقبى دار الدنيا). [المحرر الوجيز: 5/200]

تفسير قوله تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم فسر "العقبى" بقوله: {جنات عدن} إذ العقبى تعم حالة الخير وحالة الشر، ويحتمل أن يريد: عقبى دار الآخرة لدار الدنيا، أي: العقبى الجنة في الدار الآخرة هي لهم. وقرأ الجمهور: "جنات عدن"، وقرأ النخعي: "جنة عدن يدخلونها" بضم الياء وفتح الخاء، و"جنات" بدل من "عقبى" وتفسير لها. و"عدن" هي مدينة الجنة ووسطها، ومنها "جنات الإقامة"، من "عدن في المكان" إذا أقام فيه طويلا، ومنه المعادن، وجنات عدن يقال: هي سكن الأنبياء والشهداء والعلماء فقط، قاله عبد الله بن عمرو بن العاص، ويروى أن لها خمسة آلاف باب.
وقوله: {ومن صلح} أي: من عمل صالحا وآمن، قاله مجاهد وغيره، ويحتمل: أي من صلح لذلك بقدر الله تعالى وسابق علمه، وحكى الطبري في صفة دخول
[المحرر الوجيز: 5/200]
الملائكة أحاديث لم نطول بها لضعف أسانيدها، والمعنى: يقولون: سلام عليكم، فحذف "يقولون" تخفيفا وإيجازا لدلالة ظاهر الكلام عليه، والمعنى: هذا بما صبرتم). [المحرر الوجيز: 5/201]

تفسير قوله تعالى: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (والمعنى في {عقبى الدار} على ما تقدم من المعنيين، وقرأ الجمهور: "فنعم" بكسر النون وسكون العين، وقرأ يحيى بن وثاب بفتح النون وكسر العين، وقالت فرقة: معنى عقبى الدار أي: أن أعقبوا الجنة من جهنم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا التأويل مبني على حديث ورد وهو: "أن كل رجل في الجنة فقد كان له مقعد معروف في النار فصرفه الله عنه إلى النعيم، فيعرض عليه، ويقال له: هذا مكان مقعدك فبدلك الله منه الجنة بإيمانك وطاعتك وصبرك"). [المحرر الوجيز: 5/201]

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 27 ذو القعدة 1439هـ/8-08-2018م, 07:56 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 27 ذو القعدة 1439هـ/8-08-2018م, 07:59 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أفمن يعلم أنّما أنزل إليك من ربّك الحقّ كمن هو أعمى إنّما يتذكّر أولو الألباب (19)}
يقول تعالى: لا يستوي من يعلم من النّاس أنّ الّذي {أنزل إليك} يا محمّد {من ربّك} هو {الحقّ} أي: الّذي لا شكّ فيه ولا مرية ولا لبس فيه ولا اختلاف فيه، بل هو كلّه حقٌّ يصدّق بعضه بعضًا، لا يضادّ شيءٌ منه شيئًا آخر، فأخباره كلّها حقٌّ، وأوامره ونواهيه عدلٌ، كما قال تعالى: {وتمّت كلمة ربّك صدقًا وعدلا} [الأنعام: 115] أي: صدقًا في الأخبار، وعدلًا في الطّلب، فلا يستوي من تحقّق صدق ما جئت به يا محمّد، ومن هو أعمى لا يهتدي إلى خيرٍ ولا يفهمه، ولو فهمه ما انقاد له، ولا صدّقه ولا اتّبعه، كما قال تعالى: {لا يستوي أصحاب النّار وأصحاب الجنّة أصحاب الجنّة هم الفائزون} [الحشر: 20] وقال في هذه الآية الكريمة: {أفمن يعلم أنّما أنزل إليك من ربّك الحقّ كمن هو أعمى} أي: أفهذا كهذا؟ لا استواء.
وقوله: {إنّما يتذكّر أولو الألباب} أي: إنّما يتّعظ ويعتبر ويعقل أولو العقول السّليمة الصّحيحة جعلنا اللّه منهم [بفضله وكرمه]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 449-450]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({الّذين يوفون بعهد اللّه ولا ينقضون الميثاق (20) والّذين يصلون ما أمر اللّه به أن يوصل ويخشون ربّهم ويخافون سوء الحساب (21) والّذين صبروا ابتغاء وجه ربّهم وأقاموا الصّلاة وأنفقوا ممّا رزقناهم سرًّا وعلانيةً ويدرءون بالحسنة السّيّئة أولئك لهم عقبى الدّار (22) جنّات عدنٍ يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرّيّاتهم والملائكة يدخلون عليهم من كلّ بابٍ (23) سلامٌ عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدّار (24)}
يقول تعالى مخبرًا عمّن اتّصف بهذه الصّفات الحميدة، بأنّ لهم {عقبى الدّار} وهي العاقبة والنّصرة في الدّنيا والآخرة.
{الّذين يوفون بعهد اللّه ولا ينقضون الميثاق} وليسوا كالمنافقين الّذين إذا عاهد أحدهم غدر، وإذا خاصم فجر، وإذا حدّث كذب، وإذا ائتمن خان). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 450]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({والّذين يصلون ما أمر اللّه به أن يوصل} من صلة الأرحام، والإحسان إليهم وإلى الفقراء والمحاويج، وبذل المعروف، {ويخشون ربّهم} أي: فيما يأتون وما يذرون من الأعمال، يراقبون اللّه في ذلك، ويخافون سوء الحساب في الدّار الآخرة. فلهذا أمرهم على السّداد والاستقامة في جميع حركاتهم وسكناتهم وجميع أحوالهم القاصرة والمتعدّية). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 450]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({والّذين صبروا ابتغاء وجه ربّهم} أي: عن المحارم والمآثم، ففطموا نفوسهم عن ذلك للّه عزّ وجلّ؛ ابتغاء مرضاته وجزيل ثوابه {وأقاموا الصّلاة} بحدودها ومواقيتها وركوعها وسجودها وخشوعها على الوجه الشّرعيّ المرضي، {وأنفقوا ممّا رزقناهم} أي: على الّذين يجب عليهم الإنفاق لهم من زوجاتٍ وقراباتٍ وأجانب، من فقراء ومحاويج ومساكين، {سرًّا وعلانيةً} أي: في السّرّ والجهر، لم يمنعهم من ذلك حالٌ من الأحوال، في آناء اللّيل وأطراف النّهار، {ويدرءون بالحسنة السّيّئة} أي: يدفعون القبيح بالحسن، فإذا آذاهم أحدٌ قابلوه بالجميل صبرًا واحتمالًا وصفحًا وعفوًا، كما قال تعالى: {ادفع بالّتي هي أحسن فإذا الّذي بينك وبينه عداوةٌ كأنّه وليٌّ حميمٌ وما يلقّاها إلا الّذين صبروا وما يلقّاها إلا ذو حظٍّ عظيمٍ} [فصّلت: 34، 35]؛ ولهذا قال مخبرًا عن هؤلاء السّعداء المتّصفين بهذه الصّفات الحسنة بأنّ لهم عقبى الدّار، ثمّ فسّر ذلك بقوله: {جنّات عدنٍ} والعدن: الإقامة، أي: جنّات إقامةٍ يخلدون فيها.
وعن عبد اللّه بن عمرٍو أنّه قال: إنّ في الجنّة قصرًا يقال له: "عدنٌ"، حوله البروج والمروج، فيه خمسة آلاف بابٍ، على كلّ بابٍ خمسة آلاف حبرة لا يدخله إلّا نبيٌّ أو صدّيقٌ أو شهيدٌ.
وقال الضّحّاك في قوله: {جنّات عدنٍ} مدينة الجنّة، فيها الرّسل والأنبياء والشّهداء وأئمّة الهدى، والنّاس حولهم بعد والجنّات حولها. رواهما ابن جريرٍ.
وقوله: {ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرّيّاتهم} أي: يجمع بينهم وبين أحبابهم فيها من الآباء والأهلين والأبناء، ممّن هو صالحٌ لدخول الجنّة من المؤمنين؛ لتقرّ أعينهم بهم، حتّى إنّه ترفع درجة الأدنى إلى درجة الأعلى، من غير تنقيصٍ لذلك الأعلى عن درجته، بل امتنانًا من اللّه وإحسانًا، كما قال تعالى: {والّذين آمنوا واتّبعتهم ذرّيّتهم بإيمانٍ ألحقنا بهم ذرّيّتهم وما ألتناهم من عملهم من شيءٍ كلّ امرئٍ بما كسب رهينٌ} [الطّور: 21].
وقوله: {والملائكة يدخلون عليهم من كلّ بابٍ سلامٌ عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدّار} أي: وتدخل عليهم الملائكة من هاهنا وهاهنا للتّهنئة بدخول الجنّة، فعند دخولهم إيّاها تفد عليهم الملائكة مسلّمين مهنّئين لهم بما حصل لهم من اللّه من التّقريب والإنعام، والإقامة في دار السّلام، في جوار الصّدّيقين والأنبياء والرّسل الكرام.
وقال الإمام أحمد، رحمه اللّه: حدّثنا أبو عبد الرّحمن، حدّثني سعيد بن أبي أيّوب، حدّثنا معروف بن سويد الجذاميّ عن أبي عشّانة المعافريّ، عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص، رضي اللّه عنهما عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "هل تدرون أوّل من يدخل الجنّة من خلق اللّه؟ " قالوا: اللّه ورسوله أعلم. قال: "أوّل من يدخل الجنّة من خلق اللّه الفقراء المهاجرون الذين تسدّ بهم الثغور، وتتّقى بهم المكاره، ويموت أحدهم وحاجته في صدره لا يستطيع لها قضاءً، فيقول اللّه تعالى لمن يشاء من ملائكته: ائتوهم فحيّوهم. فتقول الملائكة: نحن سكّان سمائك، وخيرتك من خلقك، أفتأمرنا أن نأتي هؤلاء فنسلّم عليهم؟ قال: إنّهم كانوا عبادًا يعبدونني لا يشركون بي شيئًا، وتسد بهم الثّغور، وتتّقى بهم المكاره، ويموت أحدهم وحاجته في صدره فلا يستطيع لها قضاءً". قال: "فتأتيهم الملائكة عند ذلك، فيدخلون عليهم من كلّ بابٍ، {سلامٌ عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدّار}
ورواه أبو القاسم الطّبرانيّ، عن أحمد بن رشدين، عن أحمد بن صالحٍ، عن عبد اللّه بن وهبٍ، عن عمرو بن الحارث، عن أبي عشّانة سمع عبد اللّه بن عمرٍو، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلم قال: "أوّل ثلّةٍ يدخلون الجنّة فقراء المهاجرين، الّذين تتّقى بهم المكاره، وإذا أمروا سمعوا وأطاعوا، وإن كانت لرجلٍ منهم حاجةٌ إلى سلطانٍ لم تقض حتّى يموت وهي في صدره، وإنّ اللّه يدعو يوم القيامة الجنّة فتأتي بزخرفها وزينتها، فيقول: أين عبادي الّذين قاتلوا في سبيلي، وأوذوا في سبيلي، وجاهدوا في سبيلي؟ ادخلوا الجنّة بغير عذابٍ ولا حسابٍ، وتأتي الملائكة فيسجدون ويقولون: ربّنا نحن نسبّحك اللّيل والنّهار، ونقدس لك، من هؤلاء الّذين آثرتهم علينا؟ فيقول الرّبّ عزّ وجلّ: هؤلاء عبادي الّذين جاهدوا في سبيلي، وأوذوا في سبيلي فتدخل عليهم الملائكة من كلّ بابٍ: {سلامٌ عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدّار}
وقال عبد اللّه بن المبارك، عن بقيّة بن الوليد، حدّثنا أرطاة بن المنذر، سمعت رجلًا من مشيخة الجند، يقال له "أبو الحجّاج" يقول: جلست إلى أبي أمامة فقال: إنّ المؤمن ليكون متّكئًا على أريكته إذا دخل الجنّة، وعنده سماطان من خدمٍ، وعند طرف السّماطين بابٌ مبوّبٌ، فيقبل الملك فيستأذن، فيقول [أقصى الخدم] للّذي يليه: "ملك يستأذن"، ويقول الّذي يليه للّذي يليه: "ملكٌ يستأذن"، حتّى يبلغ المؤمن فيقول: ائذنوا. فيقول أقربهم إلى المؤمن: ائذنوا، ويقول الّذي يليه للّذي يليه: ائذنوا حتّى يبلغ أقصاهم الّذي عند الباب، فيفتح له، فيدخل فيسلّم ثمّ ينصرف. رواه ابن جريرٍ.
ورواه ابن أبي حاتمٍ من حديث إسماعيل بن عيّاشٍ، عن أرطاة بن المنذر، عن أبي الحجاج يوسف الألهانيّ قال: سمعت أبا أمامة، فذكر نحوه.
وقد جاء في الحديث: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يزور قبور الشّهداء في رأس كلّ حولٍ، فيقول لهم: {سلامٌ عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدّار} وكذا أبو بكرٍ، وعمر وعثمان). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 450-453]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:33 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة