العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة التوبة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 6 جمادى الأولى 1434هـ/17-03-2013م, 10:43 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: (لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله: {لقد تاب الله على النّبيّ والمهاجرين والأنصار...}
وقوله: {وعلى الثّلاثة الّذين خلّفوا...}
وهم كعب بن مالك، وبلال بن أميّة، ومرارة). [معاني القرآن: 1/451]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {من بعد ما كاد يزيغ...}
و{كاد تزيغ}. [من] قال: {كاد يزيغ} جعل في {كاد يزيغ} اسما مثل الذي في قوله: {عسى أن يكونوا خيرا منهم} وجعل {يزيغ} به ارتفعت القلوب مذكّرا؛ كما قال الله تبارك وتعالى: {لن ينال الله لحومها} و{لا يحل لك النساء من بعد} ومن قال {تزيغ} جعل فعل القلوب مؤنّثا؛ كما قال: {نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا} وهو وجه الكلام، ولم يقل {يطمئن} وكل فعل كان لجماع مذكر أو مؤنث فإن شئت أنّثت فعله إذا قدمته، وإن شئت ذكّرته). [معاني القرآن: 1/454]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {تزيغ قلوب فريقٍ منهم} أي تعدل وتجور وتحيد، فريق: بعض. {رؤوفٌ} فعول من الرأفة وهي أرق الرحمة، قال كعب بن مالك الأنصاري:
نطيع نبيّنا ونطيع ربّاً..=. هو الرحمن كان بنا رءوفا
وقال:
ترى للمسلمين عليك حقاً.=.. كفعل الوالد الرؤف الرحيم
{رحبت} أي اتسعت، والرحيب الواسع). [مجاز القرآن: 1/270-271]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {لقد تاب الله على النّبيّ والمهاجرين والأنصار الّذين اتّبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريقٍ مّنهم ثمّ تاب عليهم إنّه بهم رءوفٌ رّحيمٌ}
وقال: {من بعد ما كاد يزيغ قلوب} وقال بعضهم {تزيغ} جعل في {كاد} و {كادت} اسما مضمرا ورفع القلوب على {تزيغ} وإن شئت رفعتها على {كاد} وجعلت {تزيغ} حالا وإن شئت جعلته مشبها بـ"كان" فأضمرت في {كاد} اسما وجعلت {تزيغ قلوب} في موضع الخبر). [معاني القرآن: 2/30]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن وأبو عمرو {من بعد ما كاد تزيغ} بالتاء.
عاصم {يزيغ} بالياء، وسنخبر عن ذلك في الإعراب إن شاء الله.
ابن مسعود وأبي "من بعد ما كادت" وذلك مخالف للكتاب). [معاني القرآن لقطرب: 637]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {والمهاجرين} قال عدي بن زيد:
فإن لم تندموا فثكلت عمرا = وهاجرت المروق والسماعا
يريد: هجرت.
وقال الأسود:
ولقد تلوت الظاعنين بجسرة = أجد مهاجرة السقاب جماد
كأنه قال: هاجرة.
{والأنصار} الواحد: نصر؛ أي ناصر؛ وقوم نصر أيضًا للأنصار؛ مثل: قوم صوم، ورجل نوم، ورجل فطر، وقوم فطر، ورجل دوم، وقوم دوم.
وقال عدي بن زيد:
حولنا الأعداء ما ينصرنا = غير عون الله والله نصر
جعلها فعل، فيجوز: أن تكون النصار جمع نصر، أو جمع نصر.
والغالب عليها في الكثرة ناصر، إلا أن "أفعال" قل ما تجيء جمعًا لفاعل؛ وقد قالوا: صاحب وأصحاب، وبار وأبرار، وحائر وأحوار، وحائط وأحواط.
وقوله {الأشهاد} من ذلك، يجوز أن يكون جمع شهيد، مثل: يتيم وايتام، ويجوز أن يكون جمع شاهد كالذي ذكرنا.
ومثل ذلك في مثل لهم: "أجناؤها أبناؤها"، جان وأجناء، وبان وأبناء؛ والمعنى يدل على ذلك؛ إنما يريد: الذين بنوها هم الذين جنوا عليها؛ حتى هدمت.
ومثل ذلك قول الحارث بن حلزة:
وفديناهم بتسعة أملاك كرام أسلابهم أغلاء
جمع غال وأغلاء). [معاني القرآن لقطرب: 647]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {من بعد ما كاد تزيغ}؛ فمن قرأها {يزيغ} ذكر الفعل لما تقدم؛ كقوله {فمن جاءه موعظة من ربه} {وقال نسوة}؛ وقد فسرنا ذلك في سورة البقرة.
وعلى قراءة ابن مسعود وأبي "كادت تزيغ" وهو القياس، لولا مخالفة الكتاب.
[معاني القرآن لقطرب: 650]
ومن قرأ {كاد تزيغ} فذكر "كاد" وأنث "تزيغ"؛ وهي قراءة الحسن وأبي عمرو؛ فيجوز على شيئين:
أحدهما: أن ترتفع "القلوب" بــ"كاد" كأنه قال: كاد قلوب فريق تزيغ؛ فترتفع القلوب بكاد؛ ويكون فعلاً مقدمًا، لم تدخله تاء التأنيث، مثل {فمن جاءه موعظة من ربه}.
ووجه آخر يجوز: أن تضمر في "كاد" الأمر؛ كأنه قال: كاد الأمر تزيغ قلوب، على مثل قولهم في كان وليس؛ لأن "كاد" لا يقتصر فيها على الفاعل وحده؛ لو قلت: كاد زيد، إلا وأنت تضمر الخبر، فأشبهت قولهم في كان وليس: كان عبد الله ظرف، وليس زيد ذاهب، فيضمرون في كان، وليس الأمر أو الحديث؛ كأنه قال: كان الأمر، أو كان الحديث زيد منطلق.
وهذا مثل قوله {إنه لا يفلح الظالمون} فالهاء ليست للظالمين؛ لأنها ليست بجمع؛ وإنما المعنى: إن الحديث، أو إن الأمر لا يفلح الظالمون؛ وكذلك: إنه أمة الله عاقلة؛ فالهاء ليست لها؛ لأنها مذكرة.
وقال هشام بن عقبة:
هي الشفاء لدائي لو ظفرت به = وليس منها شفاء الداء مبذول
فرفع الخبر.
وقال الآخر:
إذا مت كان الناس صنفان شامت = وآخر مثن بالذي كنت تصنع
فرفع على ما ذكرنا من هذه اللغة.
[معاني القرآن لقطرب: 651]
ومثله في كلامهم: إن كان لا تقوى إلا بي فلا تقوين؛ ولو عملت كان فيمن يخاطب لقال: إن كنت لا تقوى، ولكنها عملت في الأمر؛ كأنه قال: إن كان الأمر.
وكذلك قولهم: ليس خلق الله مثله؛ ولم يوجد كان مثلهم، على إضمار الأمر وشبهه). [معاني القرآن لقطرب: 652]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({يزيغ قلوب}: يعدل). [غريب القرآن وتفسيره: 167]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يزيغ قلوب فريقٍ منهم} أي: بما اتسعت.
يريد: ضاقت: تعدل وتميل عليهم مع سعتها). [تفسير غريب القرآن: 193]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {لقد تاب اللّه على النّبيّ والمهاجرين والأنصار الّذين اتّبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثمّ تاب عليهم إنّه بهم رءوف رحيم}
معناها في وقت العسرة، لأن السّاعة تقع على كل زمان، وكان في ذلك الوقت حر شديد، وكان القوم في ضيقة شديدة، وكان الجمل بين جماعة يعتقبون عليه، وكانوا من الشدة والفقر ربما اقتسم الثمرة اثنان وربما مصّ الثمرة الجماعة ليشربوا عليها الماء، وربما نحروا الإبل فشربوا من ماء كرّوشها من الحر.
فأعلم اللّه عزّ وجلّ أنّه قد تاب عليهم من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم، أي من بعد ما كادوا يقفلون من غزوتهم للشدة، ليس أنّه يزيغ عن الإيمان، إنما هو أن كادوا يرجعون فتاب الله عليهم بأن أقفلهم من غزوتهم). [معاني القرآن: 2/474]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم}
تزيغ تميل وليس ميلا عن الإسلام وإنما هموا بالقفول فتاب الله عليهم وأمرهم به). [معاني القرآن: 3/264]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَزِيغُ}: تميل). [العمدة في غريب القرآن: 150]

تفسير قوله تعالى: (وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله: {لقد تاب الله على النّبيّ والمهاجرين والأنصار...}
وقوله: {وعلى الثّلاثة الّذين خلّفوا...}
وهم كعب بن مالك، وبلال بن أميّة، ومرارة). [معاني القرآن: 1/451] (م)
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وعلى الثّلاثة الّذين خلّفوا حتّى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنّوا أن لاّ ملجأ من اللّه إلاّ إليه ثمّ تاب عليهم ليتوبوا إنّ اللّه هو التّوّاب الرّحيم}
وقال: {وظنّوا أن لاّ ملجأ} وهي هكذا إذا وقفت عليها ولا تقول {ملجأ} لأنه ليس ههنا نون. ألا ترى أنك لو وقفت على "لا خوف" لم تلحق ألفا. وأمّا "لو يجدون ملجأا" فالوقف عليه بالألف لأن النصب فيه منون). [معاني القرآن: 2/30]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (أبو عمرو وأهل المدينة {خلفوا} بالتثقيل.
وكان أبو عمرو يقول "خلفوا" بالتخفيف، لغة؛ يريد {خلفوا} مثقل.
يحيى بن يعمر "خالفوا" ). [معاني القرآن لقطرب: 637]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({بما رحبت}: اتسعت). [غريب القرآن وتفسيره: 168]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ضاقت عليهم الأرض بما رحبت} أي بما اتسعت. يريد: ضاقت عليهم مع سعتها.
{وظنّوا أن لا ملجأ من اللّه إلّا إليه} أي استيقنوا أن لا ينجيهم من اللّه ومن عذابه غيره شيء). [تفسير غريب القرآن: 193]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقول عز وجل: {وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت}
كان أبو مالك يقول خلفوا عن التوبة
وحكي عن محمد بن يزيد معنى خلفوا تركوا لأن معنى خلفت فلانا فارقته قاعدا عما نهضت فيه
وقرأ عكرمة بن خالد خلفوا أي أقاموا بعقب رسول الله صلى الله عليه وسلم
وروي عن جعفر بن محمد أنه قرأ خالفوا
ومعنى رحبت وسعت
ومعنى وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه وأيقنوا
وقوله جل وعز: {ثم تاب عليم ليتوبوا}
فيه جوابان
أحدهما أن المعنى ثم تاب عليهم ليثبتوا على التوبة كما
قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا آمنوا}
والآخر أنه فسح لهم ولم يعجل عقابهم كما فعل بغيرهم قال جل وعز: {فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم} ). [معاني القرآن: 3/264-266]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وظنوا}: تيقنوا – هاهنا). [ياقوتة الصراط: 249]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بِمَا رَحُبَتْ} أي اتسعت). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 100]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {رَحُبَتْ}: اتسعت). [العمدة في غريب القرآن: 150]


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 6 جمادى الأولى 1434هـ/17-03-2013م, 10:50 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (ومثل ذلك في الإضمار قول بعض الشعراء العجير سمعناه ممّن يوثق بعربّيته:
إذا متّ كان الناس صنفان شامتٌ = وآخر مثن بالّذي كنت أصنع
أضمر فيها وقال بعضهم كان أنت حيرٌ منه كأنّه قال إنّه أنت خيرٌ منه ومثله: (كاد تزيغ قلوب فريقٍ منهم) وجاز هذا التفسير لأنّ معناه كادت قلوب فريق منهم تزيغ كما قلت ما كان الطّيب إلاّ المسك على إعمال ما كان الأمر الطيب إلاّ المسك فجاز هذا إذ كان معناه ما الطيب إلاّ المسك). [الكتاب: 1/71]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ومن هذه الحروف كاد، وهي للمقاربة، وهي فعل. تقول: كاد العروس يكون أميراً، وكاد النعام يطير. فأما قول الله عز وجل: {إذا أخرج يده لم يكد يراها} فمعناه - والله أعلم - لم يرها، ولم يكد، أي: لم يدن من رؤيتها. وكذلك: {من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم}. فلا تذكر خبرها إلا فعلاً، لأنها لمقاربة الفعل في ذاته). [المقتضب: 3/74-75] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله:
"وقد كربت أعناقها أن تقطعا"
يقول: سقيت هذا السجل وقد دنت أعناقها من أن تقطع عطشًا، وكرب في معنى المقاربة، يقال: كاد يفعل ذلك، وجعل يفعل ذلك، وكرب يفعل ذلك، أي دنا من ذلك. ويقال: جاء زيد والخيل كاربته، أي قد دنت منه وقربت. فأما أخذ يفعل، وجعل يفعل، فمعناهما أنه قد صار يفعل، ولا تقع بعد واحدة منهما: "أن" إلا أن يضطر شاعرٌ، قال الله عز وجل: {إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} أي لم يقرب من رؤيتها، وإيضاحه: لم يرها ولم يكد، وكذلك: {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ}، وكذلك: {كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ} بغير "أن". ومن أمثال العرب: كاد النعام يطير، وكاد العروس يكون أميرًا، وكاد المنتعل يكون راكبًا وقد اضطر الشاعر فأدخل "أن" بعد "كاد"، كما أدخلها هذا بعد "كرب" فقال:
"وقد كربت أعناقها أن تقطعها"
وقال رؤبة:
"قد كاد من طول البلى أن يمصحا"
فكاد بمنزلة كرب في الإعمال والمعنى، قال الشاعر:

أغثني غياثًا يا سليمان إنني = سبقت إليك الموت، والموت كاربي
خشية جورٍ من أميرٍ مسلطٍ = ورهطي، وما عاداك مثل الأقارب).
[الكامل: 1/252-253] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله:
وصبري عمن كنت ما إن أزايله
إن: زائدة، وهي تزاد مغيرة للإعراب، وتزاد توكيدًا، وهذا موضع ذلك، فالموضع الذي تغير فيه الإعراب هو وقوعها بعد"ما" الحجازية، تقول: ما زيدٌ أخاك، وما هذا بشرًا، فإذا أدخلت إن هذه بطل النصب بدخولها، فقلت: ما إن زيد منطلق، قال الشاعر:
وما إن طبنا جبنٌ ولكن = منايانا ودولة آخرينا
فزعم سيبويه أنها منعت "ما" العمل كما منعت "ما" إن الثقيلة أن تنصب تقول: إن زيدًا منطلق، فإذا أدخلت"ما" صارت من حروف الابتداء، ووقع بعدها المبتدأ وخبره والأفعال، نحو: إنما زيد أخوك، {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} ولولا "ما" لم يقع الفعل بعد"إن" لأن"إن" بمنزلة الفعل، ولا يلي فعل فعلاً لأنه لا يعمل فيه، فأما كان يقوم زيدٌ، {كاد يزيغ قلوب فريق منهم} ففي كان وكاد فاعلان مكنيان.
و"ما" تزاد على ضربين، فأحدهما أن يكون دخولها في الكلام كإلغائها، نحو {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} أي فبرحمة، وكذلك: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} وكذلك {مَثَلاً مَا بَعُوضَةً} وتدخل لتغيير اللفظ، فتوجب في الشيء ما لولا هي لم يقع، نحو ربما ينطلق زيد، و{رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا}، ولولا" ما" لم تقع رب على الأفعال، لأنها من عوامل الأسماء، وكذلك جئت بعد ما قام زيد، كما قال المرار:
أعلقة أم الوليد بعد ما = أفنان رأسك كالثغام المخلس
فلولا" ما" لم يقع بعدها إلا اسم واحد، وكان مخفوضًا بإضافة" بعد" إليه، تقول: جئتك بعد زيد). [الكامل: 1/440-442] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس أحمد بن يحيى في قوله عز وجل: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ}. قال: غفر له ما تقدم من الجاهلية قبل أن يوحى إليه بأربعين سنة، إنما كانت مخايل ثم أوحى إليه). [مجالس ثعلب: 77]

تفسير قوله تعالى: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ولا يجوز أن يكون هذا النفي إلا عاماً. من ذلك قول الله عز وجل {لا عاصم اليوم من أمر الله} وقال {لا ريب فيه} وقال: {لا ملجأ من الله إلا إليه}.
فإن قدرت دخولها على شيء قد عمل فيه غيرها لم تعمل شيئاً، وكان الكلام كما كان عليه؛ لأنك أدخلت النفي على ما كان موجباً، وذلك قولك: أزيد في الدار أم عمرو? فتقول: لا زيد في الدار ولا عمرو.
وكذلك تقول: أرجل في الدار أم امرأة? فالجواب: لا رجل في الدار ولا امرأة. لا تبالي معرفةً كانت أم نكرةً. وعلى هذا قراءة بعضهم: {لا خوف عليهم} ومن قرأ: {لا خوفَ عليهم} فعلى ما ذكرت لك.
وأما قوله: {ولا هم يحزنون} فلا يكون هم إلا رفعاً؛ لأن لا لا تعمل في المعارف). [المقتضب: 4/359] (م)

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:22 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة