العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة المائدة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20 ربيع الثاني 1434هـ/2-03-2013م, 11:21 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116) )

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يا عيسى ابن مريم...}
(عيسى) في موضع رفع، وإن شئت نصبت. وأمّا (ابن) فلا يجوز فيه إلا النصب. وكذلك تفعل في كل اسم دعوته باسمه ونسبته إلى أبيه؛ كقولك: يا زيد بن عبد الله، ويا زيد بن عبد الله. والنصب في (زيد) في كلام العرب أكثر. فإذا رفعت فالكلام على دعوتين، وإذا نصبت فهو دعوة. فإذا قلت: يا زيد أخا تميم، أو قلت: يا زيد ابن الرجل الصالح رفعت الأوّل، ونصبت الثاني؛ كقول الشاعر:
يا زبرقان أخا بني خلفٍ=ما أنت ويل أبيك والفخر). [معاني القرآن: 1/326]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (وإذ قال الله يا عيسى) (116) مجازه: وقال الله يا عيسى، وإذ من حروف الزوائد، وكذلك: (وإذ علّمتك الكتاب والحكمة) (110) أي علمتك.
(ءانت قلت للنّاس اتّخذوني وأمّي) (116)، هذا باب تفهيم، وليس باستفهام عن جهل ليعلمه، وهو يخرج مخرج الاستفهام، وإنما يراد به النّهى عن ذلك ويتهدد به، وقد علم قائله أكان ذلك أم لم يكن، ويقول الرجل لعبده: أفعلت كذا؟ وهو يعلم أنه لم يفعله ولكن يحذّره، وقال جرير:
ألستم خير من ركب المطايا=وأندى العالمين بطون راح
ولم يستفهم، ولو كان استفهاماً ما أعطاه عبد الملك مائةً من الإبل برعاتها.
(أتّخذوني وأمّي إلهين) (116) إذا أشركوا فعل ذكر مع فعل أنثى غلّب فعل الذّكر وذكّروهما). [مجاز القرآن: 1/183-184]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وإذ قال اللّه يا عيسى ابن مريم} بمعنى إذ يقول اللّه يوم القيامة. فعل بمعنى يفعل. على ما بينت في كتاب «المشكل»). [تفسير غريب القرآن: 149]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه أن يأتي الكلام على مذهب الاستفهام وهو تقرير كقوله سبحانه: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ}، {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى}، و{مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ}، {قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ}). [تأويل مشكل القرآن: 279]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (وإذ قال اللّه يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للنّاس اتّخذوني وأمّي إلهين من دون اللّه قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحقّ إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنّك أنت علّام الغيوب (116)
فالمسألة ههنا على وجه التوبيخ للذين ادّعوا عليه لأنهم مجمعون أنه صادق الخبر وأنّه لا يكذبهم وهو الصادق عندهم فذلك أوكد في الحجة عليهم وأبلغ في توبيخهم، والتوبيخ ضرب من العقوبة.
قال: (سبحانك). أي براء أنت من السوء.
(ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحقّ).
وأمّا قوله: (تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنّك أنت علّام الغيوب).
و" الغيوب " بالكسر والضم.
قال أبو إسحاق: هذا موضع أعني (تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك) يلبّس به أهل الإلحاد على من ضعف علمه باللغة ولا تعلم حقيقة هذا
إلا من اللغة، قال أهل اللغة: النفس في كلام العرب تجري على ضربين أحدهما قولك خرجت نفس فلان وفي نفس فلان أن يفعل كذا وكذا.
والضرب الآخر معنى النفس فيه معنى جملة الشيء ومعنى حقيقة الشيء، قتل فلان نفسه، وأهلك فلان نفسه، فليس معناه أن الإهلاك وقع ببعضه، إنما الإهلاك وقع بذاته كلها، ووقع بحقيقته، ومعنى تعلم ما في نفسي، أي تعلم ما أضمره، ولا أعلم ما في نفسك. لا أعلم ما في حقيقتك وما عندي علمه، فالتأويل أنك تعلم ما أعلم ولا أعلم ما تعلم، ويدل عليه: (إنّك أنت علّام الغيوب).
فإنما هو راجع إلى الفائدة في المعلوم والتوكيد أن الغيب لا يعلمه إلا اللّه جلّ ثناؤه). [معاني القرآن: 2/222-223]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي الهين من دون الله قال سبحانك} في معنى هذا قولان:
أحدهما أن هذا يقال له في الآخرة، قال قتادة يقال له: هذا يوم القيامة قال: ألا ترى أنه قال: هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لا يكون إلا يوم القيامة
وقال السدي: انه قال هذا حين رفعه؛ لأنه قال: {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم} فإنما هذا على أنهم في الدنيا أي إن تغفر لهم بعد التوبة واحتج لصاحب هذا القول بأن إذ في كلام العرب لما مضى

والقول الأول عليه أكثر أهل التفسير فأما حجة صاحب هذا القول الثاني بأن إذ لما مضى فلا تجب؛ لأن إخبار الله جل وعز عما يكون بمنزلة ما كان فعلى هذا يصح أنه للمستقبل وسنذكر قولهم في: {إن تعذبهم فإنهم عبادك}). [معاني القرآن: 2/388-390]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك} قال أبو إسحاق النفس عند أهل اللغة على معنيين أحدهما أن يراد بها بعض الشيء والآخر أن يراد بها الشيء كله نحو قولك قتل فلان نفسه فقوله عز وجل: {تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك} معناه تعلم حقيقتي وما عندي والدليل على هذا قوله: {انك أنت علام الغيوب} وقال غيره تعلم غيبي ولا أعلم غيبك). [معاني القرآن: 2/390-391]

تفسير قوله تعالى: (مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (الرّقيب) (117): الحافظ). [مجاز القرآن: 1/184]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (أبو عبد الرحمن السلمي "ما دمت فيهم" بكسر الدال في كل القرآن.
الحسن وأبو عمرو يضمان الدال في كل القرآن، وفي المائدة). [معاني القرآن لقطرب: 487]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (ما قلت لهم إلّا ما أمرتني به أن اعبدوا اللّه ربّي وربّكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلمّا توفّيتني كنت أنت الرّقيب عليهم وأنت على كلّ شيء شهيد (117)
(أن اعبدوا اللّه ربّي وربّكم)
جائز أن تكون في معنى " أي " مفسّرة، المعنى ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أي اعبدوا، ويجوز أن تكون " أن " في موضع جر على البدل من الهاء، وتكون " أن " موصولة ب (اعبدوا الله) ومعناه إلا ما أمرتني به بأن يعبدوا اللّه.
ويجوز أن يكون موضعها نصبا على البدل، من (ما).
المعنى ما قلت لهم شيئا إلا أن اعبدوا اللّه، أي ما ذكرت لهم إلا عبادة اللّه). [معاني القرآن: 2/223]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم} قال قتادة الرقيب الحافظ وكذلك هو عند أهل اللغة). [معاني القرآن: 2/391]

تفسير قوله تعالى: (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (عبادك) (118): جمع عبد، بمنزلة عبيد). [مجاز القرآن: 1/184]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({فإنّهم عبادك} أي عبيدك عبد وعباد، كما يقال: فرخ وفراخ، وكلب وكلاب). [تفسير غريب القرآن: 149]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (إن تعذّبهم فإنّهم عبادك وإن تغفر لهم فإنّك أنت العزيز الحكيم (118) ).
معنى قول عيسى - عليه السلام - (وإن تغفر لهم) اختلف أهل النظر في تفسير قول عيسى: (وإن تغفر لهم).
فقال بعضهم: معناه: إن تغفر لهم كذبهم عليّ.
وقالوا: لا يجوز أن يقول عيسى عليه السلام: إن الله يجوز أن يغفر الكفر، وكأنه على هذا القول: إن تغفر لهم الحكاية فقط، هذا قول أبي العباس محمد بن يزيد، ولا أدري أشيء سمعه أم استخرجه، والذي عندي واللّه أعلم، أن عيسى قد علم أن منهم من آمن ومنهم من أقام على الكفر، فقال: عيسى في جملتهم. (إن تعذّبهم) أي إن تعذب من كفر منهم.
فإنهم عبادك وأنت العادل عليهم لأنك أوضحت لهم الحق وكفروا بعد وجوب الحجة عليهم، وإن تغفر لمن أقلع منهم وآمن فذلك تفضل منك لأنه قد كان لك ألا تقبلهم وألا تغفر لهم بعد عظيم فريتهم، وأنت في مغفرتك لهم عزيز لا يمتنع عليك ما تريد، " حكيم " في ذلك.
وقال بعض الناس: جائز أن يكون اللّه لم يعلم عيسى أنّه لا يغفر الشرك، وهذا قول لا يعرج عليه لأن قوله تعالى (إنّ اللّه لا يغفر أن يشرك به) لا يخص شيئا من أمّة محمد - صلى الله عليه وسلم - دون غيرها، لأن هذا خبر والخبر لا ينسخ، وهذا القول دار في المناظرة وليس شيئا يعتقده أحد يوثق بعلمه). [معاني القرآن: 2/223-224]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إن تعذبهم فإنهم عبادك وان تغفر لهم فانك أنت العزيز الحكيم} في هذا أقوال فمن أحسنها أن هذا على التسليم لله جل وعز وقد علم أنه لا يغفر لكافر ولا يدرى أكفروا بعد أم آمنوا ومن الدليل على صحة هذا القول أن سعيد بن جبير روى عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يحشر الناس يوم القيامة عراة حفاة غرلا وقرأ صلى الله عليه وسلم (كما بدأكم تعودون) فيؤمر بأمتي ذات اليمين وذات الشمال فأقول أصحابي
فيقال: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم بعدك فأقول كما قال العبد الصالح وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم وقرأ إلى قوله: {وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم}
وروى أبو ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قام ليلة يردد {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم}
وقيل: إنه معطوف على قوله: {ما قلت لهم إلا ما أمرتني به}
والمعنى على هذا القول ما قلت في الدنيا إلا هذا
وقال أبو العباس محمد بن يزيد: لا يراد بهذا مغفرة الكفر
وإنما المعنى ولأن تغفر لهم كذبهم علي وحكايتهم عني ما لم أقل.
وقال أبو إسحاق: قد علم عيسى صلى الله عليه وسلم أن منهم من آمن فالمعنى عندي والله أعلم إن تعذبهم على فريتهم وكفرهم فقد استحقوا ذلك وإن تغفر لمن تاب منهم بعد الافتراء العظيم والكفر وقد كان لك أن لا تقبل توبته بعد اجترائه عليك فإنك أنت العزيز الحكيم وأما قول من قال إن عيسى صلى الله عليه وسلم لم يعلم أن الكافر لا يغفر له فقول مجترئ على كتاب الله جل وعز لأن الإخبار من الله جل وعز لا ينسخ وقيل كان عند عيسى صلى الله عليه وسلم أنهم أحدثوا معاصي وعملوا بعده بما لم يأمرهم به إلا أنهم على عمود دينه فقال وإن تغفر لهم ما أحدثوا بعدي من المعاصي). [معاني القرآن: 2/391-393]


تفسير قوله تعالى: (قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {هذا يوم ينفع الصّادقين...}
ترفع (اليوم) بـ (هذا)، ويجوز أن تنصبه؛ لأنه مضاف إلى غير اسم؛ كما قالت العرب: مضى يومئذٍ بما فيه. ويفعلون ذلك به في موضع الخفض؛ قال الشاعر:
رددنا لشعثاء الرسول ولا أرى=كيومئذٍ شيئا تردّ رسائله
وكذلك وجه القراءة في قوله: {من عذاب يومئذٍ}؛ {ومن خزي يومئذ} ويجوز خفضه في موضع الخفض؛ كما جاز رفعه في موضع الرفع. وما أضيف إلى كلام ليس فيه مخفوض فافعل به ما فعلت في هذا؛ كقول الشاعر:
على حين عاتبت المشيب على الصبا=وقلت ألمّا تصح والشيب وازع
وتفعل ذلك في يوم، وليلة، وحين، وغداة، وعشيّة، وزمن، وأزمان وأيام، وليال. وقد يكون قوله: {هذا يوم ينفع الصّادقين} كذلك. وقوله: {هذا يوم لا ينطقون} فيه ما في قوله: (يوم ينفع) وإن قلت "هذا يومٌ ينفع الصادقين" كما قال الله: {واتقوا يوما لا تجزي نفسٌ} تذهب إلى النكرة كان صوابا. والنصب في مثل هذا مكروه في الصفة؛ وهو على ذلك جائز، ولا يصلح في القراءة). [معاني القرآن: 1/326-327]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (أبو عمرو {هذا يوم ينفع الصادقين} يصير "هذا" لليوم ويرفعه، ولا يجعله ظرفًا.
الأعرج وابن محيصن {هذا يوم ينفع الصادقين}؛ كأنه قال: هذا العمل والثواب في يوم ينفع؛ يصيره ظرفًا). [معاني القرآن لقطرب: 487]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه أن يأتي الفعل على بنية الماضي وهو دائم، أو مستقبل: كقوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} ، أي أنتم خير أمّة.
وقوله: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ}، أي وإذ يقول الله يوم القيامة. يدلك على ذلك قوله سبحانه: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ}). [تأويل مشكل القرآن: 295] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (قال اللّه هذا يوم ينفع الصّادقين صدقهم لهم جنّات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي اللّه عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم (119)
القراءة برفع " اليوم " ونصب " اليوم " جميعا، فأمّا من رفع اليوم فعلى خبر هذا اليوم، قال الله اليوم ذو منفعة صدق الصادقين ومن نصب فعلى أن يوم منصوب على الظرف، المعنى قال اللّه: هذا لعيسى في يوم ينفع الصادقين صدقهم، أي قال اللّه هذا في يوم القيامة، ويجوز أن يكون قال الله هذه الأشياء وهذا الذي ذكرناه يقع في يوم ينفع الصادقين صدقهم، وزعم بعضهم أن (يوم) منصوب لأنه مضاف إلى الفعل، وهو في موضع رفع بمنزله يومئذ مبني على الفتح في كل حال، وهذا عند البصريين خطأ، لا يجيزون هذا يوم آتيك يريدون هذا يوم إتيانك لأن آتيك فعل مضارع، فالإضافة إليه لا تزيل الإعراب عن جهته ولكنهم يجيزون ذلك يوم نفع زيدا صدقه، لأن الفعل الماضي غير مضارع، فهي إضافة إلى غير متمكن وإلى غير ما ضارع المتمكن، وفيها وجه ثالث. (هذا يوم ينفع الصادقين) بتنوين " يوم " على إضمار (هذا يوم ينفع - فيه الصادقين صدقهم)، ويكون كقوله: (واتّقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا).
ومثله قول الشاعر:
وما الدّهر إلا تارتان فمنهما أموت=وأخرى أبتغي العيش أكدح
المعنى فمنهما تارة أموت فيها). [معاني القرآن: 2/224-225]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم} سئل بعض أهل النظر عن معنى هذا فقيل له لو صدق الكافر وقال أسأت لم ينفعه ذلك والجواب عن هذا أن يوم القيامة يوم مجازاة وليس بيوم عمل فإنما المعنى هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم في الدنيا وتركهم الافتراء على الله جل اسمه وعلى رسله وقيل ينفعهم صدقهم في العمل والله أعلم بما أراد). [معاني القرآن: 2/394]

تفسير قوله تعالى: (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120) )


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 3 جمادى الأولى 1434هـ/14-03-2013م, 04:59 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي المجموع

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وإن خففت الهمزة من قولك: هو يجيئك، ويسوءك قلت: يجيك، ويسوك، تحرك الياء والواو بحركة الهمزة، لأنهما أصلا في الحروف. فهذا يدلك على ما يرد عليك من هذا الباب.
واعلم أنه من أبى قول ابن أبي إسحق في الجمع بين الهمزتين فإنه إذا أراد تحقيقهما أدخل بينهما ألفا زائدة، ليفصل بينهما، كالألف الداخلة بين نون جماعة النساء، والنون الثقيلة إذا قلت: اضربنان زيدا.
فتقول: {أئذا كنا ترابا} وتقول: {آأنت قلت للناس} ومثل ذلك قول ذي الرمة:
فيا ظبية الوعساء بين جلاجلٍ = وبين النّقا آأنت أم أم سالـم).
[المقتضب: 1/299-300] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله:
"أأنت أخي ما لم تكن لي حاجة"
تقرير وليس باستفهام، ولكن معناه: أني قد بلوتك تظهر الإخاء فإذا بدت الحاجة لم أر من إخائك شيئًا وقال الله عز وجل: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} إنما هو توبيخ وليس باستفهام. وهو رجل وعز العالم بأن عيسى لم يقله. وقد ذكرنا التقرير الواقع، بلفظ الاستفهام في موضعه من الكتاب "المقتضب "مستقصى، ونذكر منه جملة في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى). [الكامل: 1/277]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وكان ابن عباس يقرأ: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سَأَلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتُ}. وقال أهل المعرفة في قول الله عزّ وجل: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} إنما تسأل تبكيتًا لمن فعل ذلك بها، كما قال الله تعالى: {يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ}.
وقوله: "وئدت"، إنما هو أثقلت بالتراب، يقال للرجل: اتّئد أي تثبّت. وتثقّل، كما يقال: توفّر، قال قصيرٌ صاحب جذيمة:
ما للجمال مشيها وئيدا = أجندلاً يحملن أم حديدا).
[الكامل: 2/609] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( وأخفيت حرف من الأضداد؛ يقال: أخفيت الشيء، إذا سترته، وأخفيته إذا أظهرته، قال الله عز وجل: {إن الساعة آتية أكاد أخفيها}، فمعناه أكاد أسترها، وفي قراءة أبي: (أكاد أخفيها من نفسي
فكيف أطلعكم عليها)، فتأويل (من نفسي) (من قبلي) و(من غيبي)، كما قال: {تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك}، ويقال: معنى الآية: إن الساعة آتية أكاد أظهرها. ويقال: خفيت الشيء، إذا أظهرته.
ولا يقع هذا –أعني الذي لا ألف فيه- على الستر والتغطية.
قال الفراء: حدثنا الكسائي، عن محمد بن سهل، عن وقاء، عن سعيد بن جبير أنه قرأ: (أكاد أَخْفيها) فمعنى (أخفيها) أظهرها. وقال عبدة بن الطبيب يذكر ثورا يحفر كناسا، ويستخرج ترابه فيظهره:
يخفي التراب بأظلاف ثمانية = في أربع مسهن الأرض تحليل
أراد يظهر التراب. وقال الكندي:
فإن تدفنوا الداء لا نخفه = وإن تبعثوا الحرب لا نقعد
أراد لا نظهره، وقال النابغة:
يخفي بأظلافه حتى إذا بلغت = يبس الكثيب تدانى الترب وانهدما
أراد يظهر.
قال أبو بكر: يجوز أن يكون معنى الآية: إن الساعة آتية أكاد آتي بها؛ فحذف (آتي) لبيان معناه، ثم
ابتدأ فقال: (أخفيها لتجزى كل نفس)، قال ضابئ البرجمي:
هممت ولم أفعل وكدت وليتني = تركت على عثمان تبكي حلائله
أراد: وكدت أقتله، فحذف ما حذف، إذ كان غير ملبس. ويجوز أن يكون المعنى: إن الساعة آتية أريد أخفيها، قال الله عز وجل: {كذلك كدنا ليوسف}، فيقال: معناه أردنا. وأنشدنا أبو علي العنزي للأفوه:
فإن تجمع أوتاد وأعمدة = وساكن بلغوا الأمر الذي كادوا
معناه الذي أرادوا. وقال الآخر:
كادت وكدت وتلك خير إرادة = لو عاد من لهو الصبابة ما مضى
معناه أرادت وأردت. ويجوز أن يكون معنى الآية: إن الساعة آتية أخفيها لتجزى كل نفس؛ فيكون (أكاد) مزيدا للتوكيد، قال الشاعر:
سريعا إلى الهيجاء شاك سلاحه = فما إن يكاد قرنه يتنفس
أراد: فما كاد قرنه. وقال أبو النجم:
وإن أتاك نعيي فاندبن أبا = قد كاد يضطلع الأعداء والخطبا
معناه قد يضطلع. وقال الآخر:
وألا ألوم النفس فيما أصابني = وألا أكاد بالذي نلت أبجح
معناه: وألا أبجح بالذي نلت. وقال حسان:
وتكاد تكل أن تجيء فراشها = في جسم خرعبة وحسن قوام
معناه: وتكسل أن تجيء فراشها.
وقال أبو بكر: والمشهور في (كدت) مقاربة الفعل، كدت أفعل كذا وكذا: قاربت الفعل ولما أفعله. وما كدت أفعله، معناه فعلته بعد إبطاء. قال الله عز وجل: {فذبحوها وما كادوا يفعلون}، معناه فعلوا بعد إبطاء لغلائها، قال قيس بن الخطيم:

أتعرف رسما كاطراد المذاهب = لعمرة وحشا غير موقف راكب
ديار التي كادت ونحن على منى = تحل بنا لولا نجاء الركائب
معناه قاربت الحلول ولم تحل. وقال ذو الرمة:
وقفت على ربع لمية ناقتي فما زلت أبكي عنده وأخاطبه

وأسقيه حتى كاد مما أبثه = تكلمني أحجاره وملاعبه
معناه: قارب الكلام ولم يكن كلام. وقال الآخر:

وقد كدت يوم الحزن لما ترتمت = هتوف الضحى محزونة بالترنم
أموت لمبكاها أسي إن عولتي = ووجدي بسعدى شجوه غير منجم
معناه مقلع. وأراد بقوله: (كدت) قاربت الموتى ولم أمت، ويقال: خفا البرق يخفو، إذا ظهر، وهو من قولهم: خفيت الشيء، إذا أظهرته، قال حميد بن ثور:

أرقت لبرق في نشاص خفت به = سواجم في أعناقهن بسوق
بسوق: طول، بسق الرجل إذا طال). [كتاب الأضداد: 95-99] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وقول الله عز وجل: {يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد}
...
وقال ثعلب: ظاهر الخطاب لجهنم؛ ومعنى التوبيخ لمن حضر ممن يستحق دخولها، كما قال جل اسمه: {أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله}، لعيسى عليه السلام، وقد علم أنه ما قال هذا قط إلا ليوبخ الكفار بإكذاب من ادعوا عليه هذه الدعوى الباطلة إياهم). [كتاب الأضداد: 195]

تفسير قوله تعالى: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب ما تكون فيه أن بمنزلة أي
وذلك قوله عز وجل: {وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا} زعم الخليل أنه بمنزلة أي لأنك إذا قلت انطلق بنو فلان أن امشوا فأنت لا تريد أن تخبر أنهم انطلقوا بالمشي ومثل ذلك: {ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله} وهذا تفسير الخليل ومثل هذا في القرآن كثير). [الكتاب: 3/162] (م)

تفسير قوله تعالى: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب ما يضاف إلى الأفعال من الأسماء
يضاف إليها أسماء الدهر وذلك قولك هذا يوم يقوم زيدٌ وآتيك يوم يقول ذاك وقال الله عز وجل: {هذا يوم لا ينطقون} و: {هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم} وجاز هذا في الأزمة واطرد فيها كما جاز للفعل أن يكون صفةً وتوسعوا بذلك في الدهر لكثرته في كلامهم فلم يخرجوا الفعل من هذا كما لم يخرجوا الأسماء من ألف الوصل نحو ابنٍ وإنما أصله للفعل وتصريفه). [الكتاب: 3/117] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فأما إن فإنها ليست باسم ولا فعل، إنما هي حرف، تقع على كل ما وصلته به، زماناً كان أو مكاناً أو آدمياً أو غير ذلك. تقول: إن يأتني زيدٌ آته. وإن يقم في مكان كذا وكذا أقم فيه، وإن تأتني يوم الجمعة آتك فيه.
وكذلك الألف في الاستفهام. تدخل على كل ضرب منه، وتتخطى ذلك إلى التقرير والتسوية: فالتقرير: قولك: أما جئتني فأكرمتك. وقوله عز وجل: {أليس في جهنم مثوىً للمتكبرين}.
والتسوية: ليت شعري أقام زيد أم قعد. وقد علمت أزيد في الدار أم عمرو.
فأما قولنا في إذ وحيث: إن الجزاء لا يكون فيهما إلا بما وما ذكرنا من أنا سنفسره فهذا موضع تفسيره.
أما إذ فتنبىء عن زمان ماض، وأسماء الزمان تضاف إلى الأفعال فإذا أضيفت إليها كانت معها كالشيء الواحد، ومتى جزمتها فصلت منها؛ ألا ترى أنك تقول: جئتك يوم خرج زيدٌ، وهذا يوم يخرج زيد، و{هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم} فلما وصلتها بـ ما جعلتهما شيئاً واحداً فانفصلت من الإضافة فعملت.
وحيث اسم من أسماء المكان مبهمٌ يفسره ما يضاف إليه. فحيث في المكان كحين في الزمان فلما ضارعتها أضيفت إلى الجمل، وهي الابتداء والخبر، أو الفعل والفاعل. فلما وصلتها ب ما امتنعت من الإضافة فصارت ك إذ إذا وصلتها ب ما.
فأما سائر الحروف التي ذكرنا سواهما فأنت في زيادة ما وتركها مخير. تقول: إن تأتني آتك، وإما تأتني آتك، وأين تكن أكن، وأينما تكن أكن، وأياً تكرم يكرمك، و{أياما تدعوا فله الأسماء الحسنى}.
فـ ما تدخل على ضربين: أحدهما: أن تكون زائدة للتوكيد فلا يتغير الكلام بها عن عمل ولا معنى. فالتوكيد ما ذكرته في هذه الحروف سوى حيثما وإذ ما. واللازم. ما وقع فيهما. ونظيرهما قولك: إنما زيد أخوك. منعت ما إن عملها، وكذلك جئتك بعد ما عبد الله قائم، فهذا خلاف قولك: بعد عبد الله، وكذلك:

أعلاقةً أم الوليد بـعـدمـا = أفنان رأسك كالثغام المخلس
وكذلك رب، تقول: رب رجلٍ، ولا تقول: رب يقوم زيد. فإذا ألحقت ما هيأتها للأفعال فقلت: ربما يقوم زيد، و{ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} ). [المقتضب: 2/52-54] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وتقول في المستقبل: أتيتك يوم يقوم زيد، ولا يجوز: يوم زيدٌ أميرٌ لما ذكرت لك. قال الله عز وجل: {هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم}. وقال: {هذا يوم لا ينطقون}.
فأما إذا التي تقع للمفاجأة فهي التي تسد مسد الخبر، والاسم بعدها مبتدأ وذلك قولك: جئتك فإذا زيد، وكلمتك فإذا أخوك. وتأويل هذا: جئت، ففاجأني زيد، وكلمتك، ففاجأني أخوك، وهذه تغني عن الفاء، وتكون جواباً للجزاء؛ نحو: إن تأتني إذا أنا أفرح على حد قولك: فأنا أفرح. قال الله عز وجل: {وإن تصبهم سيئةٌ بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون} فقوله: {إذا هم يقنطون} في موضع: يقنطوا. وقوله: إن تأتني فلك درهم في موضع إن تأتني أعطك درهما؛ كما أن قوله عز وجل: {سواءٌ عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون} في موضع: أم صممتم). [المقتضب: 3/177-178]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقول الله عز وجل: {إذا السماء انفطرت} و{إذا السماء انشقت} معناه: إذا انشقت السماء، ولولا هذا الفعل لم يصلح أن يقع بعد إذا لما فيها من معنى الجزاء. فعلى هذا تقول: آتيك يوم يقوم زيد، ولا يجوز: آتيك يوم زيد منطلق، لما ذكرت لك. قال الله عز وجل: {هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم} وقال {هذا يوم لا ينطقون} ). [المقتضب: 4/348] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فريث وعوض ما يضاف إلى الأفعال، وتأويله أنه لا يطعم النوم إلا يسيرًا حتى يبعثه الهم، فمعناه مقدار ذلك ومما يضاف إلى الأفعال أسماء الزمان، كقوله عز ذكره: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ}؛ فأسماء الزمان كلها تضاف إلى الفعل، نحو قولك: آتيك يوم يخرج زيد. وجئتك يوم قام عبد الله). [الكامل: 3/1352-1353]

تفسير قوله تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120) }

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:47 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة