سورة الروم
[ من الآية (33) إلى الآية (40) ]
{وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُم مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (33) لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (34) أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ (35) وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ (36) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (37) فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (38) وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (39) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (40)}
قوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُم مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (33)}
قوله تعالى: {لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (34)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبي العالية: [فَيُمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُون].
قال أبو الفتح: "يمتعوا" معطوف على قوله: [لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَيُمَتَّعُوا]، أي: فتطول أعمارهم على كفرهم فسوف يعلمون، تهدّدا على ذلك). [المحتسب: 2/164]
قوله تعالى: {أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ (35)}
قوله تعالى: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ (36)}
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (6- {إِذَا هُمْ يَقْنِطُونَ} [آية/ 36] بكسر النون:
قرأها أبو عمرو والكسائي ويعقوب.
وقرأ الباقون {يَقْنَطُونَ} بفتح النون.
والوجه أن قَنِطَ يقْنَط وقَنَطَ يقنِط لغتان، بفتح العين في الماضي وكسرها في المستقبل، وعلى العكس). [الموضح: 1005]
قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (37)}
قوله تعالى: {فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (38)}
قوله تعالى: {وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (39)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وما آتيتم من ربًا (39)
قرأ ابن كثيرٍ وحده (وما أتيتم من ربًا) بقصر الألف.
وقرأ الباقون (وما آتيتم من ربًا) ممدودة، على (أفعلتم)
[معاني القراءات وعللها: 2/264]
قال أبو منصور: من قرأ (أتيتم) بقصر الألف فهو من: أتى يأتي.
ومن قرأ (آتيتم) بمد الألف فمعناه: أعطتم.
وهي القراءة المختارة). [معاني القراءات وعللها: 2/265]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ليربو في أموال النّاس (39)
قرأ نافع ويعقوب (لتربوا) بتاء مضمومة، وسكون الواو.
وقرأ الباقون (ليربو) بياء، وفتح الواو.
فمن قرأ (لتربوا) فمعناه: لتزدادوا أنتم زيادة من مال من تربونه، كأنه قال: لتربوا مالكم فتكثروه بالزيادة التي تأخذونها.
ومن قرأ (ليربو) فمعناه: الشيء الذي تعطونه بالزيادة التي يردّها آخذها إذا ردها بعد الأجل المؤقت.
وقد قيل معناه: أن يهب الرجل الشيء لإنسان بغير شرط ولا وقت، فيردّ الموهوب له عوضًا يكون أكبر قيمة من هبته وليس هذا من الربا الحرام، وكل شيء زاد فقد ربا يربو، وأربيت أنا، إذا أكثرته،
واللام في (ليربو) وفي (لتربوا) لام كي.
ومن قرأ (ليربو) لم يثبت فيه الألف. ومن قرأ (لتربوا) كتبه بألف، وإنما انفتحت الواو في (ليربو) لأنه للواحد. وسكنت في (لتربوا) لأنها واو الجمع، وكانت في الأصل (تفعلون)، فسقطت النون علامة النصب). [معاني القراءات وعللها: 2/265]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (6- وقوله تعالى: {ومآ ءاتيتم من ربا} [39].
قرأ ابن كثير وحده: {أتيتم} مقصورًا.
وقرأ الباقون بالمد؛ لأنه من الإعطاء. وهما ألفان، ألف الأولي ألف قطع، والثانية أصلية، آاتيتم. فلينت الثانية فصارت مدة والدليل على ذلك الحرف الذي بعده {ومآءاتيتم من زكوة} لأنهم لم يختلفوا في مدة. والربا – ها هنا – ربا حلال، وليس حرامًا، لأن الربا الحرام هو أن يعطي الرجل دينارًا على أن يأخذ أزيد منه، والربا – ها هنا- أن يهدي الرجل إلى الرجل هدية ليكافئه المهدي إليه بأضعافها، لأنه يهدي إليه ابتغاء وجه الله. فهذا لا يربو عند الله، فأما الزكاة والصدقة الهدية لله تعالى فإنه يربو عند الله. فكذلك قوله: {ومآءاتيتم من زكوة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/196]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (7- وقوله تعالى: {ليربوا في أموال الناس} [39].
قرأ نافع: {لتربوا} بالتاء، وإسكان الواو فالتاء ها هنا للمخاطبين، والواو واو الجمع، والواو التي هي لام الفعل ساقطة؛ لسكونها وسكون هذه، والأصل: لتربووا فانقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، وحذفت لسكونها وسكون الواو، وإنما قرأها كذلك، لأنهم كتبوها في المصحف بألف بعد الواو.
وقرأ الباقون: {ليربوا} بالياء وفتح الواو. فيكون فعلاً للربا، أي: ليربوا الربا. وعلامة النصب في قراءة نافع حذف النون، والأصل: لتربوون، فسقطت النون علامة للنصب في قراءة نافع حذف النون، والأصل: لتربوون، فسقطت النون علامة للنصب وحتهم: الحرف الذي بعده {فلا يربوا عند الله} بالياء ولم يقل فلا يربون). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/196]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (8- وقوله تعالى: {فلا يربوا}.
«لا» بمعنى ليس، و«تربوا» فعل مستقبل، وعلامة رفعه سكون الواو وإن شئت..........................). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/197]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: كلّهم قرأ: وما آتيتم من ربا [الروم/ 39] ممدودا غير ابن كثير فإنه قرأ: (أتيتم) قصرا. ولم يختلفوا في مدّ وما آتيتم من زكاة [الروم/ 39].
قال أبو عليّ: معنى وما آتيتم من ربا: ما آتيتم من هدية أهديتموها لتعوّضوا ما هو أكثر منها وتكافئوا أزيد منها فلا يربو عند الله، لأنكم قصدتم إلى زيادة العوض، ولم تبتغوا في ذلك وجه الله.
ومثل هذا في المعنى قوله سبحانه: ولا تمنن تستكثر [المدّثر/ 6] فمن مدّ آتيتم، فلأن المعنى: أعطيتم من قوله: فآتاهم الله ثواب الدنيا [آل عمران/ 148] أي: أعطاهم. وأمّا قصر ابن كثير فإنّه يؤول في المعنى إلى قول من مدّ، إلّا أنّ (آتيتم) على لفظ: جئتم، كما تقول: جئت زيدا، فكأنّه ما جئتم من ربا، ومجيئهم لذلك إنّما هو على وجه الإعطاء له، كما تقول: أتيت الخطأ، وأتيت الصواب، وأتيت قبيحا، وقال الشاعر:
أتيت الّذي يأتي السّفيه لغرّتي... إلى أن علا وخط من الشّيب مفرقي
[الحجة للقراء السبعة: 5/446]
فإتيانه الّذي يأتي السفيه إنّما هو فعل منه له، قال: ولم يختلفوا في مدّ وما آتيتم من زكاة [الروم/ 39] فهذا كقوله: وإيتاء الزكاة [الأنبياء/ 73]، وإن كان لو قال: أتيت الزكاة لجاز أن يعني به فعلتها، ولكنّ الذي جاء منه في التنزيل. وسائر الكلام: الإيتاء). [الحجة للقراء السبعة: 5/448]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: وكلّهم قرأ: ليربوا في أموال الناس [الروم/ 39] غير نافع، فإنّه قرأ (لتربو) بالتاء، ساكنة الواو.
قال [أبو علي]: فاعل ليربو، الربا المذكور في قوله: وما آتيتم من ربا وقدّر المضاف وحذف كأنّه اجتلاب أموال الناس، واجتذابها ونحو ذلك، وكأنّه سمّي هذا المدفوع على وجه اجتلاب الزيادة ربا لما كان الغرض فيه الاستزادة على ما أعطى، فسمّي باسم الزيادة، والربا: هو الزيادة، وبذلك سمّي المحرّم المتوعّد عليه فاعله ربا لزيادة ما يأخذ على ما أعطى، والمدفوع ليس في الحقيقة ربا، إنّما المحرّم الزيادة التي يأخذها زائدا على ما أعطى فسمّي الجميع ربا، وكذلك ما أعطاه الواهب والمهدي لاستجلاب الزيادة سمي ربا، لمكان الزيادة المقصودة في المكافأة، فوجه ليربو في أموال الناس ليربو ما آتيتم فلا يربو عند الله، لأنّه لم يقصد به وجه البرّ والقربة، إنّما قصد به اجتلاب الزيادة، ولو قصد به وجه الله لكان كقوله: وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون
[الحجة للقراء السبعة: 5/447]
[الروم/ 39] أي صرتم ذوي أضعاف من الثواب على ما أتوا من الزكاة تعطون بالحسنة عشرة كما قال تعالى: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها [الأنعام/ 160] وقول نافع (لتربو) أي لتصيروا ذوي زيادة فيما أتيتم من أموال الناس، أي: تستدعونها وتجتلبونها، وكأنّه من أربى أي: صار ذا زيادة، مثل: أقطف، وأجرب). [الحجة للقراء السبعة: 5/448]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وما آتيتم من ربًّا ليربو في أموال النّاس فلا يربو عند الله}
قرأ ابن كثير وما أتيتم من ربًّا من غير مد أي ما جئتم وقرأ الباقون {وما آتيتم من ربًّا} أي ما أعطيتم من قوله {فآتاهم الله ثواب الدّنيا} أي أعطاهم
وأما قصر ابن كثير فإنّه يؤول في المعنى إلى قول من مد إلّا أن أتيتم على لفظ جئتم فكأنه ما جئتم من ربًّا ومجيئهم لذلك
[حجة القراءات: 558]
إنّما هو على وجه الإعطاء له ومعنى الآية وما أعطيتم من هديّة أهديتموها لتعوضوا ما هو أكثر منها فلا يربو عند الله لأنكم إنّما قصدتم إلى زيادة العوض ولم تبتغوا بذلك وجه الله
قال عكرمة هما ربوان أحدهما حلال والآخر حرام فأما الحلال فالرجل يعطي أخاه هديّة ليكافئه المهدى إليه بأضعافه لا أنه يهدي إليه ابتغاء وجه الله فهذا حلال علينا وحرام على النّبي صلى الله عليه وأما الحرام فهو أن يعطي الرجل دينارا على أن يأخذ أزيد منه
قرأ نافع (لتربوا في أموال النّاس) بضم التّاء وسكون الواو فالتاء ها هنا للمخاطبين والواو واو الجمع والواو الّتي هي لام الفعل ساقطة لسكونها وسكون هذه فالأصل لتربوون فانقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها فصار لتربيون ثمّ حذفنا حركة الياء فاجتمع ساكنان الياء والواو فحذفت الياء لسكونها وسكون الواو وسقطت النّون علامة للنصب وفاعل الرّبا القوم الّذين خوطبوا المعنى لتربوا أنتم أي تعطون العطيّة لتزدادوا بها أنتم وحجته أنّها كتبت في المصاحف بألف بعد الواو
وقرأ الباقون (ليربو) بالياء وفتح الواو ويكون فاعل يربو الرّبا المعنى ليربو الرّبا وعلامة النصب فتح الواو وحجتهم الّذي بعده وهو قوله {فلا يربو عند الله} ولم يقل فلا تربون). [حجة القراءات: 559]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (7- قوله: {وما آتيتم من ربا} قرأه ابن كثير بغير مد، جعله من باب المجيء، وقرأ الباقون بالمد، جعلوه من باب الإعطاء ومعناه وما أعطيتم من عطية، لتعوضوا أكثر منها، فلا ثواب لكم فيها عند الله، وذلك مثل الرجل يهدي إلى الرجل هدية ليعوضه أكثر منها، وهذا مباح لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، وهو غير مباح للنبي عليه السلام لقوله تعالى: {ولا تمنن تستكثر} «المدثر 6»، أي: لا تعط يا محمد عطية لتأخذ أكثر منها، وترك المد معناه: ما جئتم من ربا، فهو يرجع إلى معنى الإعطاء، والمد الاختيار؛ لأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/184]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (8- قوله: {ليربوا} قرأه نافع بتاء مضمومة، وإسكان الواو على المخاطبة؛ لأن قبله: {وما آتيتم من ربا} فرد الخطاب على الخطاب، والتقدير: لتصيروا ذوي ربا، أي: ذوي زيادة فيما أعطيتم، وسمي ما يعطون ربا، لأنه للزيادة يعطونه، فالفعل للجمع، وحذف النون على النصب بلام «كي»، وقرأ الباقون بياء مفتوحة، وفتح الواو، ردوه على الربا، ونصبوا الفعل بلام كي، لأنه واحد، والمعنى: ليربوا ذلك الذي تعطونه، وسمي ما يعطونه ربا باسم
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/184]
ما يُبتغى به، وهو الاختيار؛ لأن الجماعة عليه، ولم يختلف في مد «وما آتيتم من زكاة» لأنه بمعنى الإعطاء). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/185]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (7- {وَمَا أَتَيْتُمْ مِنْ رِبًا} [آية/ 39] بقصر الألف من {أَتَيْتُمْ}:
قرأها ابن كثير وحده.
والوجه أنه بمعنى جئتم، أي وما جئتموه من الربا فلا يربو عند الله، ومجيئهم إياه إنما هو بالإعطاء، والمراد بالربا ههنا هو أن يُهدي الإنسان لغيره هدية ليكافئه بأكثر منها، يقول لا يربو ذلك عند الله، أي لا يزيد ولا يتضاعف؛ لأنكم طلبتم به العوض لا وجه الله، وهذا هو الربا الحلال.
وقال بعضهم: المراد به هو الربا الحرام، وقوله {لَا يَرْبُو} عند الله أي أنه يمحقه، كما قال تعالى {يَمْحَقُ الله الرِّبَا}.
[الموضح: 1005]
وقرأ الباقون {آَتَيْتُمْ} بالمد. ولم يختلفوا في الثانية أنها بالمد.
والوجه أن آتيتم: أعطيتم، تقول آتيته مالًا، إذا أعطيته). [الموضح: 1006]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (8- {لِتُرْبُوا} [آية/ 39] بالتاء مضمومة، وبسكون الواو:
قرأها نافع ويعقوب.
والوجه أن الفعل من أفعل الذي يفيد المصير على صفة، كقولهم أجرب أي صار ذا إبلٍ جربى، وأقوى: صار ذا إبل قوية، فقوله {لِتُرْبُوا} معناه لتكونوا ذوي زيادة على ما أعطيتم.
وقال بعضهم: معناه لتكثروا أموالكم، فيكون أربى على هذا متعديًا.
وقرأ الباقون {لِيَرْبُوَا} بالياء مفتوحة، ونصب الواو.
والوجه أن المعنى ليزداد، يقال ربا يربوا إذا ازداد، وربا الجلد إذا انتفخ، من هذا). [الموضح: 1006]
قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (40)}
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({الله الّذي خلقكم ثمّ رزقكم} {سبحانه وتعالى عمّا يشركون} 40
قرأ حمزة والكسائيّ (سبحانه وتعالى عمّا تشركون) بالتّاء وحجتهما في ذلك أن ذلك أتى عقيب الخطاب في قوله {الله الّذي خلقكم ثمّ رزقكم}
[حجة القراءات: 559]
فجرى ما بعد ذلك على لفظ ما تقدمه من الخطاب
وقرأ الباقون بالياء جعلوا الكلام خبرا عن أهل الشّرك). [حجة القراءات: 560]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (9- {وَتَعَالَى عَمَّا تُشْرِكُونَ} [آية/ 40] بالتاء:
قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أنه على المخاطبة؛ لأن ما قبله أيضًا على المخاطبة، وهو قوله
[الموضح: 1006]
تعالى {الله الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ} والمخاطبون هم الكفار.
وقرأ الباقون {يُشْرِكُونَ} بالياء.
والوجه أن التقدير: تعالى عما يشرك المشركون). [الموضح: 1007]