توجيه القراءات في سورة إبراهيم
توجيه القراءات في سورة إبراهيم |
مقدمات توجيه القراءات في سورة إبراهيم قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (سورة إبراهيم). [معاني القراءات وعللها: 2/61] قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (ومن السورة التي يذكر فيها (إبراهيم) صلى الله عليه وسلم). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/334] قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلافهم في سورة إبراهيم). [الحجة للقراء السبعة: 5/25] قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (سورة إبراهيم). [المحتسب: 1/359] قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : (14 - سورة إبراهيم). [حجة القراءات: 376] قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (سورة إبراهيم عليه السلام). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/25] قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (سورة إبراهيم عليه السلام). [الموضح: 707]نزول السورة: قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (مكية سوى آيتين في قول ابن عباس نزلتا في المدينة قوله: {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرًا} إلى آخر الآيتين «28- 29» ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/25] عد الآي: قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (وهي أربع وخمسون آية في المدني، واثنتان وخمسون في الكوفي). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/25] ياءات الإضافة: قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (6- فيها أربع ياءات إضافة من ذلك: {بمصرخي} «22» وقد مضى ذكره، ومن ذلك: {لي عليكم} «22» فتحها حفص. {قل لعبادي الذين} «31» أسكنها ابن عامر وحمزة والكسائي. {إني أسكنت} «37» فتحها الحرميان وأبو عمرو). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/28] قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (فيها ثلاث ياءات إضافة: {لِعِبَادِي الْذِينَ}، {إِنِّي أَسْكَنْتُ}، {وَمَا كَانَ لِي}. أسكنها جميعًا ابن عامر وحمزة والكسائي ويعقوب. وفتح ابن كثير ونافع وأبو عمرو اثنين: {لِعِبَادِيَ} و{إِنِّيَ}. وتابعهم عاصم على {لِعِبَادِيَ}. [الموضح: 714] وروى –ص- عنه بالفتح أيضًا في {وَمَا كَانَ لِيَ}. والوجه في مثل ذلك قد مضى). [الموضح: 715] الياءات الزوائد: قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (فيها ثلاث زوائد: {وعيد} «14» أثبتها ورش في الوصل خاصة. {أشركتمون} «40» أثبتها البزي في الوصل والوقف، وأثبتها ورش وأبو عمرو وحمزة في الوصل خاصة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/28] الياءات المحذوفة: قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وفي هذه ثلاث ياءات حذفت: قوله (وخاف وعيد)، و(بما أشركتمون)، و(تقبّل دعاء (40). وصلهن يعقوب بياء، ووقف بياء. وروى ورش عن نافع أنه وصل " وعيدي " بياء. ووصل أبو عمرو (أشركتموني) بياء، وكذلك روى إسماعيل وابن جمّاز عن نافع بياء. [معاني القراءات وعللها: 2/65] وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة " وتقبّل دعائي " بياء في الوصل، ووقف ابن كثير بياء فيما روى البزّي، وروى الأصمعي عن نافع بياء، وروى هبيرة عن حفص عن عاصم (دعائي " بياء في الوصل. قال أبو منصور: من حذف الياء فلاكتفائه بالكسرات قبلها، ومن أثبت الياء فلأنه الأصل). [معاني القراءات وعللها: 2/66] قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (فيها ثلاث ياءات حُذفن من الخط: {خَافَ وَعِيدِي}، و{بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي}، {وَتَقَبَّلْ دُعَائِي}. أثبتهن يعقوب في الوصل والوقف. وكذلك ابن كثير عن البزي في {دُعَائِي} في الحالين. وأثبت نافع –ش- و-يل- وابو عمرو وحمزة {دُعائي} في الوصل دون الوقف. {أَشْرَكْتُمُونِي} أثبتها أبو عمرو ونافع –يل-. {وعيدي} أثبتها –ش- عن نافع في الوصل دون الوقف. ولم يثبت –ن- عن نافع ولا ابن عامر ولا عاصم ولا الكسائي منهن شيئًا في الحالين. والوجه أن من أثبت الياء في الوصل والوقف فقد أخذ بالأصل، ومن حذفها فلدلالة الكسر عليها؛ ولأنها فواصل أو مشبهةٌ بالفواصل). [الموضح: 715] |
سورة إبراهيم [من الآية (1) إلى الآية (4) ] {الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1) اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2) الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (3) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4)} قوله تعالى: {الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1)} قوله تعالى: {اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2)} قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم وقوله جلّ وعزّ: (اللّه الّذي (2) قرأ نافع وابن عامر (اللّه الّذي)، رفعًا، وقرأ الباقون (اللّه الّذي) خفضا. قال الأزهري: من رفع فقال (اللّه الّذي) فهو على الاستئناف، ويجوز أن يكون مرفوعًا بإضمار (هو اللّه الذي)، ومن قرأ (اللّه الّذي) خفضا رده على (العزيز الحميد (1) اللّه الّذي)، وكان يعقوب إذا استأنف رفع، وإذا وصل القراءة خفض. الأصمعي عن نافع (اللّه الذي) خفضا). [معاني القراءات وعللها: 2/61] قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (1- قوله تعالى: {صراط العزيز الحميد * الله} [1، 2].قرأ نافع وابن عامر بالرفع على الابتداء والاستئناف؛ لأن الذي قبلها رأس آية. – وسميت الآية آية لأنها قطعة منفصلة من الأخرى -. وقرأ الباقون جرًا؛ لأنه بدل من الحميد ونعت له، فالحذاق من النحويين لا يسمونه نعتًا؛ لأن النعت في الكلام إنما هو حلية كقوله: مررت بزيد الظريف، فإن قلت: مررت بالظريف زيد كان بدلاً ولم يكن نعتًا، وكان بض النحويين يذهب إلى قراءة من قرأه بالخفض إذا وقف على الحميد أن يبتدى الله بالرفع، ويحكى ذلك عن نصير صاحب الكسائي، وقال: الابتداء بالخفض قبيح، وذلك غلطٌ منه؛ لأن الوقف والابتداء لا يوجب تغيير إعراب إذ لو كان كما زعم لوجب على من وقف على: {الحمد لله رب العالمين} أن يبتدىء {الرحمن الرحيم} وهذا واضح جدًا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/334] قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (فقرأ ابن كثير وأبو عمرو، وعاصم، وحمزة، والكسائي: الحميد* الله [1، 2] على البدل. وقرأ نافع وابن عامر: (الحميد* الله) رفعا. حدثني عبيد الله بن عليّ قال: حدّثنا نصر بن علي عن الأصمعيّ عن نافع: الله. حفص مثل أبي عمرو، ولم يرو عن نافع ذلك غيره. قال أبو علي: من جرّ جعله بدلا من الحميد، ولم يكن صفة، لأنّ الاسم، وإن كان في الأصل مصدرا، صفة، والمصادر يوصف بها كما يوصف بأسماء الفاعلين وكذلك كان هذا الاسم في الأصل (الإله) ومعناه: ذو العبادة، أي: العبادة تجب له. قال أبو زيد: تألّه الرجل: إذا نسك، وأنشد لرؤبة: [الحجة للقراء السبعة: 5/25] سبّحن واسترجعن من تألّهي فهذا في أنه في الأصل مصدر قد وصف به مثل السلام والعدل، إلّا أنّ هذا الاسم غلب حتّى صار في الغلبة لكثرة استعمال هذا الاسم كالعلم. وقد يغلب ما أصله الصفة، فيصير بمنزلة العلم، قال: ونابغة الجعديّ بالرّمل بيته عليه صفيح... والأصل: النابغة، فلمّا غلب نزع منه الألف واللام، كما نزع من الأعلام نحو: زيد وجعفر، وربما استعمل في هذا النحو الوجهان، قال: تقعدهم أعراق حذلم بعد ما رجا الهتم إدراك العلى والمكارم وقال: وجلّت عن وجوه الأهاتم وأما قوله: [الحجة للقراء السبعة: 5/26] والتّيم ألأم من يمشي وألأمهم... ذهل بن تيم بنو السّوء المدانيس فيجوز أن يكون جعل التيم، لمّا كان في الأصل مصدرا بمنزلة الصفة، ويجوز أن يكون جعل التيم جمع تيمي، كيهودي ويهود، وعلى هذا ما في التنزيل من قوله: وقالت اليهود [البقرة/ 113 المائدة/ 18، 64 التوبة/ 30]، ألا ترى أن يهود قد جرى في كلامهم اسما للقبيلة، كما أن مجوس كذلك فلولا أن المراد بها الجمع، لم يدخلهما الألف واللام، كما لا تدخل المعارف نحو: زيد وجعفر، إلّا أنه جمع، فحذف الياءين اللتين للنسب، كما جمع: شعيرة وشعير فحذف الهاء، ومثل ذلك: روميّ وروم، وزنجيّ وزنج. ومن رفع قطع من الأول، وجعل (الذي) الخبر، أو جعله صفة، وأضمر خبرا، ومثل ذلك في القطع قوله: (قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب) [سبأ/ 3] فمن قطع ورفع جعل قوله: لا يعزب عنه [سبأ/ 3] خبرا لقوله: (عالم الغيب)، ومن جرّ أجرى (عالم الغيب) صفة على الأول، وعلى هذا يجوز: من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن [يس/ 52] إن شئت جعلت هذا صفة لقوله: من مرقدنا وأضمرت خبرا لقوله: ما وعد الرحمن وإن شئت جعلت قوله: هذا ابتداء، وجعلت قوله: ما وعد الرحمن خبرا، وكذلك: عطاء حسابا* رب السموات والأرض وما بنيهما الرحمن [النبأ/ 36 - 37]، إن شئت جعلته صفة، وإن شئت جعلته ابتداء ولا يملكون خبره، ومثل ذلك: إن الله اشترى من [الحجة للقراء السبعة: 5/27] المؤمنين أنفسهم [التوبة/ 111]، ثم انقطع قوله: التائبون [التوبة/ 112] عنهم، واستؤنف به، وزعموا أن في بعض الحروف: التائبين على إتباع المؤمنين، فكذلك قراءة من قرأ: (الله) فقطعه مما قبله، واستأنف به). [الحجة للقراء السبعة: 5/28] قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إلى صراط العزيز الحميد * الله الّذي له ما في السّماوات وما في الأرض} قرأ نافع وابن عامر {الله الّذي له} بالرّفع على الاستئناف لأن الّذي قبله رأس آية وقرأ الباقون {إلى صراط العزيز الحميد * الله} بالخفض لأنّه بدل من {الحميد} ولا يجوز أن يقول نعت للحميد وإنّما هو كقولك مررت بزيد الظريف فإن قلت بالظريف زيد عاد بدلا ولم يكن نعتا). [حجة القراءات: 376] قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (1- قوله: {الله الذي} قرأه نافع وابن عامر على الاستئناف، فرفعاه بالابتداء، والخبر {الذي} وما بعده، وإن شئت جعلت {الذي} وصلته صفة لـ {الله} وأضمرت الخبر، وقرأ الباقون بالخفض على البدل من «العزيز»، واختار أبو عبيد الخفض، ليتصل بعض الكلام ببعض، وتعقب عليه ابن قتيبة، فاختار الرفع؛ لأن الآية الأولى قد انقضت، ثم استؤنف بآية أخرى، فحقه الابتداء؛ لأن الآية الأولى تتابعت بتمامها، وكذلك اختلفا في الاختيار في: {عالم الغيب} في سورة المؤمنين «92»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/25]قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (1- {الحَمِيدِ اللهِ} [آية/ 1 و2] بالجر: قرأها ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي ويعقوب. والوجه أنه بدل من {الحَمِيد}، وليس بصفة، وإن كان أصل {الله} أن يكون صفةً؛ لأن معناه ذو العبادة أي الذي يستحق أن يُعبد، لكنه غلبت عليه التسمية، فصار كالعلم وإن كان في الأصل صفةً، فلهذا قلنا إنه بدلٌ وليس بصفةٍ. وقرأ نافع وابن عامر بالرفع، وكذلك يعقوب إذا وقف على {الحَمِيد}، وابتدأ بقوله {الله}، رفعه في رواية –يس-. والوجه أنه مبتدأٌ به مقطوعٌ مما قبله ورفعه بالابتداء، وقوله {الْذِي} مع الصلة خبره. ويجوز أن يكون {الذي} وصفًا، والخبر مضمرًا، والتقدير: الله الذي له [الموضح: 707] ما في السموات هو المحمود سبيله. ويجوز أن يكون قوله {الله} رفعًا على أنه خبر مبتدإٍ محذوفً، والتقدير: هو الله). [الموضح: 708] قوله تعالى: {الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (3)} قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4)} قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (قرأ أبو السمال: [بِلِسْنِ قَوْمِهِ]. قال أبو الفتح: حُكي أن بعض أصحابنا قال: دخلت علي أبي السمال وهو ينتف شعر إسْبِهِ وهو يقرأ: [ومَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسْنِ قومه]، وإِسْبُهُ يعني عانته، فاللِّسْنُ واللسان، كالريش والرياش: فِعْل وفِعَال بمعنى واحد. هذا إذا أردت باللسان اللغة والكلام. فإن أردت به العضو فلا يقال فيه: لِسْن؛ إنما ذلك في القول لا العضو. وكأن الأصل فيهما للعضو، ثم سَمَّوا القول لسانًا؛ لأنه باللسان، كما يُسَمى الشيء باسم الشيء لملابسته إياه؛ كالراوية والظعينة ونحوها). [المحتسب: 1/359] روابط مهمة: - أقوال المفسرين |
سورة إبراهيم [من الآية (5) إلى الآية (8) ] {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (5) وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (6) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7) وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8)} قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (5)} قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (6)} قوله تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7)} قوله تعالى: {وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8)} روابط مهمة: - أقوال المفسرين |
سورة إبراهيم [من الآية (9) إلى الآية (12) ] {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (9) قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (10) قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11) وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آَذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (12)} قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (9)} قوله تعالى: {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (10)} قوله تعالى: {قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11)} قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن: [فَلِيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ]. قال أبو الفتح: هذا لعمري الأصل في لام الأمر: أن تكون مكسورة، إلا أنهم أقروا إسكانها تخفيفًا. وإذا كانوا يقولون: مُرْه فلْيَقُمْ، فيسكنونها مع قلة الحروف والحركات، فإسكانها مع كثرة الحروف والحركات أمثل، وتلك حالها في قوله: [فَلِيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ]، لا سيما وقبلها كسرة الهاء، فاعرف ذلك، فإن مصارفة الألفاظ باب معتمد في الاستثقال والاستخفاف). [المحتسب: 1/359] قوله تعالى: {وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آَذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (12)} قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (2- {وَقَدْ هَدَانَا سُبْلَنَا} [آية/ 12] بسكون الباء: قرأها أبو عمرو وحده، وكذلك في العنكبوت {لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}. وقرأ الباقون {سُبُلَنا} مضمومة الباء في الحرفين. والوجه أنهما لغتان، والأصل ضم الباء، والإسكان تخفيف منه، وقد مضى مثله). [الموضح: 708] روابط مهمة: - أقوال المفسرين |
سورة إبراهيم [من الآية (13) إلى الآية (17) ] {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (13) وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ (14) وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15) مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17)} قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (13)} قوله تعالى: {وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ (14)} قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (وروى ورش عن نافع {وخاف وعيدي} [14] بالياء في الوصل. والباقون بغير ياء اتباعًا للمصحف). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/338] قوله تعالى: {وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15)} قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن عباس ومجاهد وابن محيصن: [وَاسْتَفْتِحُوا]. [المحتسب: 1/359] قال أبو الفتح: هو معطوف على ما سبق من قوله تعالى: {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ} أي: قال لهم: اسْتَفْتِحُوا، ومعناه: استنصِروا الله عليهم، واستحكموه بينكم وبينهم، والقاضي اسمه الفتاح، قال الله تعالى: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ} أي: تستنصروا فقد جاءكم النصر. وعليه سَمَّوا الظفر بالعدو فتحًا، ومنه الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يستفتح بصعاليك المهاجرين؛ أي: يستنصر بهم. وقال أحمد بن يحيى: أي يقدِّمهم ويبدأ أمره بهم، وكأنهم إنما سَمَّوا القاضي فتَّاحًا لأنه يفتح باب الحق الذي هو واقف ومنسد، فيُصار إليه ويُعمل عليه). [المحتسب: 1/360] قوله تعالى: {مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16)} قوله تعالى: {يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17)} روابط مهمة: - أقوال المفسرين |
سورة إبراهيم [من الآية (18) إلى الآية (20) ] {مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (18) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (19) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (20)} قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (18)} قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن أبي إسحاق وإبراهيم بن أبي بُكَير: [فِي يَوْمِ عَاصِفٍ] بالإضافة. قال أبو الفتح: هذا على حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه؛ أي: في يوم ريح عاصف، وحسن حذف الموصوف هنا شيئًا؛ لأنه قد أُلف حذفه في قراءة الجماعة: {فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ}. فإن قيل: فإذا كان "عاصف" قد جرى وصفًا على "يوم" فكيف جاز إضافة "يوم" إليه، والموصوف لا يصاف إلى صفته؛ إذ كانت هي هو في المعنى؛ والشيء لا يضاف إلى نفسه؟ ألا تراك لا تقول: هذا رُجُلُ عاقلٍ، ولا غلامُ ظريفٍ، وأنت تريد الصفة؟ قيل: جاز ذلك من حيث كان "اليوم" غير العاصف في المعنى وإن كان إياه في اللفظ؛ لأن العاصف في الحقيقة إنما هو الريح لا اليوم، وليس كذلك هذا رُجُلُ عاقلٍ؛ لأن الرجل هو العاقل في الحقيقة، والشيء لا يضاف إلى نفسه، فهذا فرق). [المحتسب: 1/360] قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (3- {اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّياحُ} [آية/ 18] بالألف:قرأها نافعٌ وحده. والوجه أنه جمع الريح؛ لأن المراد إن هذا الرماد الذي شُبهت به أعمال الكفار اشتدت به الرياح من كل وجه حتى فرّقته، وإذا كانت الريح الكثيرة تعصف به كان أشد لتفريقه، فلهذا جمع الرياح. وقرأ الباقون {الرِيحُ} على الوحدة. والوجه أنه أراد به جنس الريح لا ريحًا واحدة، فمعنى الجمع حاصل فيه [الموضح: 708] أيضًا، وإن كان لفظه لفظ الواحد لما فيه من شيوع الجنس وشمول الألف واللام). [الموضح: 709] قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (19)} قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ألم تر أنّ اللّه خلق السّماوات والأرض) قرأ حمزة والكسائي (خالق السّماوات)، وفي النور بألف أيضًا. وقرأ الباقون في السورتين (خلق السّماوات) على " فعل)، (والأرض) نصبًا. [معاني القراءات وعللها: 2/61] قال أبو منصور: من قرأ (خالق السّماوات) فالسّماوات في موضع الخفض لإضافة خالق إليه، و(الأرض) معطوف عليها بالكسر. ومن قرأ (خلق السّماوات) نصبها، وعطف (الأرض) عليها، غير أن تاء الجماعة تخفض في موضع النصب). [معاني القراءات وعللها: 2/62] قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (2- وقوله تعالى: {ألم تر أن الله خلق السماوات والأرض بالحق} [19].قرأ حمزة والكسائي {خالق السموات والأرض} على فاعل إضافة إلى [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/334] السموات، والأرض نسق عليه. ولو قرأ قارىء {والأرض} بالنصب لجاز؛ لأن الأصل: خالق السموات والأرض. كما قال الله تعالى: {وجاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا} ولكن لا يقرأ به؛ لأن القراءة سنة وليست قياسًا. وقرأ الباقون {خلق} فعلاً ماضيًا و{السموات} نصب في المعنى جر في اللفظ؛ لأن التاء غير أصلية و{الأرض} نسق على {السموات} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/335] قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله جل وعز: ألم تر أن الله خلق السموات والأرض بالحق [19]. فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم: خلق على فعل. وقرأ حمزة والكسائي: (خالق) على فاعل. وجه قول من قرأ: (خلق) أن ذلك أمر ماض فأخبروا عنه بلفظ المضيّ على فعل. ووجه من قال: (خالق) أنّه جعله مثل: فاطر السموات والأرض [إبراهيم/ 10 يوسف/ 101 فاطر/ 1] ألا ترى أنّ فاطرا بمعنى خالق، وكذلك قوله: (فالق الإصباح وجاعل الليل سكنا) [الأنعام/ 96] هو على فاعل دون فعل، وهما مما قد فعل فيما مضى). [الحجة للقراء السبعة: 5/28] قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة السلمي: {أَلَمْ تَرْ أَنَّ اللَّهَ} ساكنة الراء. قال أبو الفتح: فيها ضعف؛ لأنه إذا حذف الألف للجزم فقد وجب إبقاؤه للحركة قبلها [المحتسب: 1/360] دليلًا عليها، وكالعوض منها لا سيما وهي خفيفة، إلا أنه شبه الفتحة بالكسرة المحذوفة في نحو هذا استخفافًا. أنشد أبو زيد: قالت سليمى اشْتَرْ لنا دقيقا وأنشدنا أيضًا: قالت سليمى كَلْمَةً تَلجْلَجَا ... لو طُبخ النِّيء به لَأُنْضِجَا يا شيخ لا بدَّ لنا أن نَحْجُجَا ... قد حج في ذا العامِ مَن كان رَجا فاكْتَرْ لنا كَرِيَّ صدق فالنَّجا ... واحذر فلا تَكْتَرْ كَرِيًّا أَعْوجَا عِلْجًا إذا ساق بنا عَفَنْجَجَا فأسكن الراء من "اشترْ" و"اكترْ" استخفافًا، أو إجراء للوصل على حد الوقف. وروينا عن أبي بكر محمد بن الحسن عن أحمد بن يحيى قول الشاعر: ومن يتَّقْ فإن الله معه ... ورِزقُ الله مُؤتابٌ وغادِي فأسكن قاف "يتقْ" لما ذكرنا، وكذلك شبه السلمى [أَلَمْ تَرْ] بذلك إذا كانت الكسرة أثقل، أو لأنه أجرى الوصل مجرى الوقف). [المحتسب: 1/361] قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ألم تر أن الله خلق السّماوات والأرض بالحقّ} قرأ حمزة والكسائيّ (ألم تر أن الله خالق السّماوات والأرض) [حجة القراءات: 376] وحجتهما أنه إذا قرئ على فاعل وأضيف دخل به معنى الماضي ودخل فيه معنى المدح يكسبه لفظ فاعل وممّا يقوي ذلك {فاطر السّماوات والأرض} ألا ترى أن فاطرا بمعنى خالق وكذلك {فالق الإصباح} هو على فاعل دون فعل وقرأ الباقون {خلق السّماوات والأرض} نصبا وحجتهم أن أكثر ما جاء في القرآن على هذا اللّفظ من قوله {خلق السّماوات والأرض بالحقّ} {خلق السّماوات بغير عمد} ونظائر ذلك). [حجة القراءات: 377] قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (2- قوله: {خلق السماوات والأرض} قرأه حمزة والكسائي «خالق» على وزن «فاعل» و{الأرض} بالخفض عطف على {السموات} لأن كسر التاء في هذه القراءة علم الخفض؛ لإضافة «خالق» إلى ما بعده، وحسن ذلك لأن «فاعلا» يأتي بمعنى الماضي، كما قال: {فاطر السموات} «10» فهو أمر قد كان، فلا يجوز فيه إلا الإضافة، لأنه أمر معهود معروف. وقرأ الباقون {خلق} على وزن «فعل» فنصبوا {الأرض} عطفًا على {السماوات} لأن كسرة التاء فيه علم النصب، فأتوا بلفظ الماضي؛ لأنه أمرٌ قد كان، وقد فرغ منه، فالفعل أولى به من الاسم، لأن الاسم يشترك في [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/25] لفظه الماضي والمستقبل والحال، وإنما يخلص للماضي بالدلائل، والفعل بلفظه يدل على الماضي، وانتصب الاسمان بعده بالفعل، وهو الاختيار). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/26] قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (4- {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله خَالِقُ السَّمَاوَاتِ} [آية/ 19] على فاعل، {السمواتِ} جرٌّ: قرأها حمزة والكسائي. والوجه أن المعنى: خلق السموات، فهو اسم فاعل من خلق، وهو بمعنى الماضي، وارتفاعه بأنه خبر أن، و{السمواتِ} جرٌّ بإضافة {خالِق} إليه إضافة محضةً؛ لأنه على معنى المضي، مثل قوله تعالى {فالِقُ الإِصْباحِ}، والمعنى: خلق السموات كما ذكرنا، ومعنى {أَلَمْ تَرَ}: ألم تعلم. وقرأ الباقون {خلقَ السمواتِ} بغير ألف على فَعَلَ: والوجه أنه فعلٌ ماضٍ، وهو معنى القراءة الأولى، و{السمواتِ} على هذا نصبٌ بأنه مفعول به، والكسرة من أجل أن الكلمة مؤنث، فهو في موضع النصب مجرورٌ). [الموضح: 709] قوله تعالى: {وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (20)} روابط مهمة: - أقوال المفسرين |
سورة إبراهيم [من الآية (21) إلى الآية (23) ] {وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ (21) وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22) وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ (23)} قوله تعالى: {وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ (21)} قوله تعالى: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22)} قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وما أنتم بمصرخيّ) قرأ حمزة (بمصرخيّ) بكسر الياء، وقرأ الباقون (بمصرخيّ) بفتح الياء. قال أبو منصور: قراءة حمزة غير جيّدة عند جميع النحويين، قال أهل البصرة: قراءته غير جيدة، وقال الفراء: لا وجه لقراءته إلا وجه ضعيف، وأنشد قول الأغلب: قال لها هل لك يا تافيّ يعني: فيّ، يعني: يا هذه قالت له ما أنت بالمرضيّ وقال الزجاج: مثل هذا الشعر لا يحتجّ به، وعمل مثله سهل فلا يحتج به كتاب الله. قال: وجميع النحويين يقولون إن ياء الإضافة إذا لم يكن قبلها ساكن حركت إلى الفتح، تقول: هذا غلامي قد جاء. قال: ويجوز إسكان الياء لثقل الياء التي قبلها كسرة، فإذا كان قبل الياء ساكن حركت إلى الفتح لا غير، لأن أصلها أن تحرك ولا ساكن قبلها، وإذا كان قبلها ساكن صارت حركتها لازمة لالتقاء [معاني القراءات وعللها: 2/62] الساكنين - فالياء الأولى من (مصرخيّ) ومن (فيّ) ساكنة، فأدغم، والقراء يجتمعون على فتح الياء غير حمزة والأعمش، ولا يجوز عندي غير ما اجتمع عليه القراء، ولا أرى أن يقرأ هذا الحرف بقراءة حمزة. وقد روى إسحاق بن منصور عن حمزة فتح الياء في (مصرخيّ) كما قرأ سائر القراء، فكأنه وقف على أن الكسر لحن فرجع عنه). [معاني القراءات وعللها: 2/63] قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وما كان لي عليكم) قرأ حفص وحده (لي عليكم) بفتح الياء، وأرسلها الباقون). [معاني القراءات وعللها: 2/63] قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (3- وقوله تعالى: {وما أنتم بمصرخي} [22].قرأ حمزة وحده {بمصرخي} بكسر الياء. وقرأ الباقون بفتح الياء، فمن فتح الياء – وهو الاختيار – فللتقاء الساكنين؛ لأن الأصل بمصرخيني فذهبت النون للإضافة وأدغمت ياء الجمع بياء الإضافة كما تقول «لدي» و«علي» ومررت بمسلمين فإذا أضفتهم إلى نفسك قلت بمسلمي. وأسقطت النون. أما حمزة فإن أكثر النحويين يلحنونه وليس لاحنًا عندنا؛ لأن الياء حركتها حركة بناء لا حركة إعراب، والعرب تكسر لالتقاء الساكنين كما تفتح قال الجعفي سألت أبا عمرو عن {بمصرخي} قال: إنها بالخفض لحسنة، وأنشد الفراء حجة لحمزة: [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/335] أقبل في ثوب معافري يجر جرا ليس بالخفي قلت لها هل لك ياتافي [من إبل ما أنت بالمرضي] فكسر الياء – واللغة الأولى هي الفصحى. وكان حمزة إمامًا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/336] قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (وروى حفص عن عاصم {وما كان لي عليكم من سلطان} [22] وأسكنها الباقون. وحجة حفص أن الياء اسم، وقد اتصلت باللام، وهي حرف واحد، ففتحها لتصح الياء، لأنه كره أن يأتي باسم على حرف ساكن وقبلها كسرة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/338] قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (وروى إ سماعيل عن نافع {بما أشركتموني من قبل} [22] بالياء مثل أبي عمرو. والباقون يحذفون). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/338] قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله عزّ وجلّ: (وما أنتم بمصرخي* إني) [22]، فحرّك حمزة ياؤها الثانية، إلى الكسر، وحرّكها الباقون إلى الفتح. وروى إسحاق الأزرق عن حمزة بمصرخي بفتح الياء الثانية [الحجة للقراء السبعة: 5/28] قال أبو علي: قال الفرّاء في كتابه في التصريف: هو قراءة الأعمش، ويحيى بن وثّاب قال: وزعم القاسم بن معن أنّه صواب، قال: وكان ثقة بصيرا، وزعم قطرب أنّه لغة في بني يربوع، يزيدون على ياء الإضافة ياء، وأنشد: ماض إذا ما همّ بالمضيّ... قال لها هل لك يا تافيّ وقد أنشد الفراء ذلك أيضا. ووجه ذلك من القياس: أن الياء ليست تخلو من أن تكون في موضع نصب، أو جر، فالياء في النصب والجر كالهاء فيهما، وكالكاف في: في أكبر منك، وهذا لك، فكما أن الهاء قد لحقتها الزيادة في: هذا لهو، وضربهو. ولحق الكاف أيضا الزيادة في قول من قال: أعطيتكاه وأعطيتكيه، فيما حكاه سيبويه، وهما أختا الياء كذلك ألحقوا الياء الزيادة من المدّ، فقالوا: فيّي ثم حذفت الياء الزائدة على الياء، كما حذفت الزيادة من الهاء في قول من قال: له أرقان وزعم أبو الحسن أنها لغة، وكما حذفت الزيادة من الكاف، فقالوا: أعطيتكه وأعطيتكه، كذلك حذفت الياء اللاحقة [الحجة للقراء السبعة: 5/29] للياء كما حذف من أختيها، وأقرّت الكسرة التي كانت تلي الياء المحذوفة، فبقيت الياء على ما كانت عليه من الكسرة، وكما لحقت الكاف والتاء والهاء الزيادة، كذلك لحقت الياء الزيادة، فلحاق التاء الزيادة نحو ما أنشد من قول الشاعر: رميتيه فأصميت... فما أخطأت الرّمية فإذا كانت هذه الكسرة في الياء على هذه اللغة، وإن كان غيرها أفشى منها، وعضده من القياس ما ذكرنا؛ لم يجز لقائل أن يقول: إن القراءة بذلك لحن لاستفاضة ذلك في السماع والقياس، وما كان كذلك لا يكون لحنا). [الحجة للقراء السبعة: 5/30] قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وما أنتم بمصرخي} قرأ حمزة {وما أنتم بمصرخي} بكسر الياء وقرأ الباقون بفتح الياء وهو الاختيار لالتقاء الساكنين والأصل بمصرخيني فذهبت النّون للإضافة وأدغمت ياء الجمع بياء الإضافة كما تقول لدي وعلي وتقول مررت بمسلمين فإذا أضفتهم إلى نفسك قلت بمسلمي وأسقطت النّون وأهل النّحو يلحنون حمزة قالوا وذلك أن ياء الإضافة إذا لم يكن قبلها ساكن حركت إلى الفتح تقول هذا غلامي قد جاء وذلك أن الاسم المضمر لما كان على حرف واحد وقد منع الإعراب حرك بأخف الحركات كما تقول هو قام ويجوز إسكان الياء لثقل الياء الّتي قبلها كسرة فإذا كان قبل الياء ساكن حركت إلى الفتح لا غير لأن أصلها أن تحرّك ولا ساكن قبلها فإذا كان قبلها ساكن صارت [حجة القراءات: 377] حركتها لازمة لالتقاء الساكنين فتقول {وما أنتم بمصرخي} وأما حمزة فليس لاحنا عند الحذاق لأن الياء حركتها حركة بناء لا حركة إعراب والعرب تكسر لالتقاء الساكنين كما تفتح قال الجعفيّ سألت أبا عمرو عن قوله {بمصرخي} فقال إنّها بالخفض لحسنة). [حجة القراءات: 378] قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (3- قوله: {بمصرخي} قرأه حمزة وحده بكسر الياء، كأنه قدّر الزيادة على الياءين كما زيدت الياء في الهاء في «به»، وذلك هو الأصل، ولكنه مرفوض غير مستعمل لثقل الياءين، والكسرة قبلهما، والكسرة بينهما، فلما قدّر الياء مزيدة على الياء التي للإضافة، حذفها استخفافًا؛ لاجتماع ياءين وكسرتين، إحداهما على ياء الإضافة، فلما حذف الياء المزيدة بقيت الكسرة تدل عليها، كما تحذف الياء في «عليه، وبه» وتبقى الكسرة تدل عليها، وكما تحذف الياء في «يا غلامي» لأن الكسرة تدل عليها، فهذه القراءة جارية على ما كان يجب في الأصل، لكنه أمر لا يستعمل إلا في شعر، وقد عدّ هذه القراءة بعض الناس لحنًا، وليست بلحن، إنما هي مستعملة، وقد قال قطرب: إنها لغة في بني يربوع يزيدون على ياء الإضافة ياء، وأنشد هو وغيره شاهدا على ذلك:ماضٍ إذا ما هم بالمضي = قال لها هل لك يا تافي وقرأ الباقون بفتح الياء، وهو الأمر المشهور المستعمل الفاشي في اللغة، وهو الاختيار لأن الجماعة عليه، ولأنه المعمول به في الكلام. وعلة ذلك أن ياء الجمع [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/26] أدغمت في ياء الإضافة وهي مفتوحة، فبقيت على فتحتها، ويجوز أن يكون قد أدغمت في ياء إضافة، وهي ساكنة، ففتحت لالتقاء الساكنين، وكان الفتح أولى بها؛ لأنه أصلها، فردت إلى أصلها عند الحاجة إلى حركتها، وأيضًا فإن الفتح في الياء أخف من الكسر، والضم عليها، وقد تقدم ذكر «الريح وليضلوا، ولا بيع فيه ولا خلال» وشبهه مما أغنى ذلك عن الإعادة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/27] قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (5- {بِمُصْرِخِيِّ} [آية/ 22] بكسر الياء: قرأها حمزة وحده. [الموضح: 709] والوجه أنه مما حكى الفراء أن الأعمش قرأ به، وزعم قطرب أن ذلك لغة بني يربوع يقولون فيي يعنون في، فيزيدون على ياء الإضافة ياءً، كما قال الشاعر: 69- ماضٍ إذا ما هم بالمضي = قال لها هل لك يا تا فيي أي هل لك في يا هذه. وإنما زادوا ياء الإضافة إجراءً لها على حكم الهاء والكاف، حين زادوا على الهاء الواو في ضربتهو، وعلى الكاف الألف والياء في أعطيتكاه وأعطيتكيه فيما حكاه سيبويه عن العرب. فالأصل في قراءة حمزة إثبات ياءٍ بعد الياء المشددة في {مُصْرِخِيّي} ثم أنه حذف الياء الأخيرة الزائدة على المشددة تخفيفًا واكتفاءً بالكسرة، فبقي {مُصْرِخيِّ} فهذا وجه قراءة حمزة. وقرأ الباقون {مُصْرِخِيَّ} بفتح الياء. [الموضح: 710] والوجه أنه هو القياس، وذاك أنه اجتمع فيه ياءان إحداهما ياء الجمع في مصرخين بعد حذف النون، والثانية ياء الإضافة، فأدغمت الأولى في الثانية، واحتاجوا إلى تحريك الثانية؛ لئلا يجتمع ساكنان، فاختاروا الفتحة؛ لأن الفتحة حركتها التي كانت لها في الأصل نحو: غلامي، كما أن الكاف في غلامك كذلك). [الموضح: 711] قوله تعالى: {وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ (23)} قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن: [وَأُدْخِلُ الَّذِينَ] برفع اللام. قال أبو الفتح: هذه القراءة على أن [أُدْخِلُ] من كلام الله تعالى؛ كأنه قطَع الكلام واستؤنف [المحتسب: 1/361] فقال الله عز وجل: [وَأُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا] أي: وأنا أدخلُهم جنات تجرى من تحتها الأنهار بإذن ربهم؛ أي: بإذني، إلا أنه أعاد ذكر الرب ليضيفه إليهم، فتقوى الملابسة باللفظ، فيكون أحنى وأذهب في الإكرام والتقريب منه لهم. ومثله في القرآن: {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى}، وقال: {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ}، فهذا كله تحقُّق بالله تعالى، وتقرب منه، وانتساب إليه). [المحتسب: 1/362] روابط مهمة: - أقوال المفسرين |
سورة إبراهيم [من الآية ( 24) إلى الآية ( 27) ] {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27)} قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24)} قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أنس بن مالك: [كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ ثابتٍ أَصْلُهَا]. قال أبو الفتح: قراءة الجماعة: {أَصْلُهَا ثَابِتٌ} أقوى معنى؛ وذلك أنك إذا قلت: "ثابت أصلها" فقد أجربت ثابتًا صفة على شجرة، وليس الثبات لها؛ إنما هو للأصل. ولعمري إن الصفة إذا كانت في المعنى لِما هو من سبب الموصوف جرت عليه؛ إلا أنها إذا كانت له كانت أخص لفظا به. وإذا كان الثبات في الحقيقة إنما هو للأصل فالمعتمد بالثبات هو الأصل، فبِقَدْر ذلك ما حسن تقديمه عناية به ومسارعة إلى ذكره، ولأجل ذلك قالوا: زيد ضربته فقدموا المفعول لأن الغرض هنا ليس بذكر الفاعل؛ وإنما هو ذكر المفعول، فقدموه عناية بذكره، ثم لم يُقْنِع ذلك حتى أزالوه عن لفظ الفضلة وجعلوه في اللفظ رَبَّ الجملة، فرفعوه بالابتداء، وصارت الجملة التي إنما كان ذيلًا لها وفضلة ملحقة بها في قولهم: ضربت زيدًا، ثانية له، وواردة في اللفظ بعده، ومسندة إليه، ومخبَرًا بها عنه. وقد تقدم في هذا الكتاب نحو هذا مستقصى. فكذلك قولك: مررت برجل أبوه قائم، أقوى معنى من قولك: قائم أبوه؛ لأن المخبر عنه بالقيام إنما هو الأب لا رجل؛ ومن هنا ذهب أبو الحسن في نحو قولنا: قام زيد، إلى أن قام في موضع؛ لأنه وقع موقع الاسم؛ لأن تقدير المحدَّث عنه أن يكون أسبق رتبة من الحديث، [المحتسب: 1/362] إلا أن لقراءة أنس هذه وجهًا من القياس حسنًا؛ وذلك أن قوله: [ثَابِتٍ أَصْلُها] صفة لشجرة، وأصل الصفة أن تكون اسمًا مفردًا لا جملة، يدل على ذلك أن الجملة إذا جرت صفة للنكرة حُكم على موضعها بإعراب المفرد الذي هي واقعة موقعه. فإذا قال: [ثَابِتٍ أصلُها] فقد جرى لفظ المفرد صفة على النكرة، وإذا قال: {أصلُها ثابت} فقد وضع الجملة موضع المفرد، فالموضع إذن له لا لها. فإن قلت: فليس اللفظ مفردًا، ألا ترى أنه ثابت أصلها؟ قيل: هذا لا يبلغ به صورة الجملة؛ لأن ثابتًا جارٍ في اللفظ على ما قبله، وإنما فيه أنه وضع أصلها لتضمنه لفظ الضمير موضع الضمير الخاص بالأول، وليس كذلك {أصلها ثابت}؛ لأن معك صورة الجملة ألبتة، فهذا تقوية لقول أنس. وكان أبو علي يعتذر من إجازتهم: مررت برجل قائمٌ أبوه، ويقول: إنما ذلك لأن الجملة نكرة، كما أن المفرد هنا لو وقع لم يكن إلا نكرة؛ لأن موصوفه نكرة). [المحتسب: 1/363] قوله تعالى: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25)} قوله تعالى: {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26)} قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27)} روابط مهمة: - أقوال المفسرين |
سورة إبراهيم [من الآية ( 28) إلى الآية ( 31) ] {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (29) وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (30) قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ (31)} قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28)} قوله تعالى: {جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (29)} قوله تعالى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (30)} قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وجعلوا لله أندادا ليضلوا عن سبيله} قرأ ابن كثير وأبو عمرو {ليضلوا عن سبيله} بفتح الياء أي ليضلواهم أي يصيرون هم ضلالا وحجتهم قوله {إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله} وقد وصف بالضلال وقرأ الباقون {ليضلوا} بضم الياء أي ليضلوا غيرهم وحجتهم في وصفهم الكفّار بالإضلال أن الّذين أخبر الله جلّ وعز عنهم بما تقدم من قوله {وجعلوا لله أندادا} ثبت أنهم ضالون بجعلهم لله الأنداد ولم يكن لإعادة الوصف لهم بالضلال معنى لاستقرار ضلالهم بفعلهم ذلك عند السامعين بل وصفهم بإضلال النّاس عن السّبيل بفعلهم [حجة القراءات: 378] ذلك ويزيد الكلام فائدة لأنهم لم يكونوا وصفوا بها فكان ذلك أبلغ في ذمهم ممّا تقدم م كفرهم وإذا قرئ ليضلوا بالفتح لم يكن في الكلام فائدة غير أنهم ضالون وقد علم ضلالهم فيما تقدم وإذا قرئ {ليضلوا} بضم الياء فقد وصفهم بأنّهم ضالون لشركهم مضلون غيرهم). [حجة القراءات: 379] قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (6- {أَنْدَادًا لِيَضِلُّوا} [آية/ 30] بفتح الياء:قرأها ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب –يس-. وقرأ الباقون {لِيُضِلُّوا} بضم الياء، وكذلك –ح- عن يعقوب. والوجه فيهما قد تقدم في سورة الأنعام). [الموضح: 711] قوله تعالى: {قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ (31)} قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله: (قل لعبادي الّذين (31) أرسل الياء ابن عامر وحمزة والكسائي والأعشى عن أبي بكر، وحركها الباقون). [معاني القراءات وعللها: 2/63] قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (8- وقوله تعالى: {قل لعبادي الذين ءامنوا} [31]. [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/337] أسكن الياء ابن عامر وحمزة والكسائي. وفتحها الباقون. فمن فتح قال: كرهت أن أسكن فتسقط الياء لسكونها وسكون اللام، ومن أسكن أسكن تخفيفًا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/338] قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (7- {لَا بَيْعَ فِيهِ وَلَا خِلَالَ} [آية/ 31] بالفتح فيهما على النفي العام: قرأها ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب. وقرأ الباقون {لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ} بالرفع والتنوين. وقد تقدم في مثله القول في سورة البقرة). [الموضح: 711] روابط مهمة: - أقوال المفسرين |
سورة إبراهيم [من الآية ( 32) إلى الآية ( 34) ] {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ (32) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33) وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)} وله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ (32)} وله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33)} وله تعالى: {وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)} قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وآتاكم من كلّ ما سألتموه (34) [معاني القراءات وعللها: 2/63] أي: آتاكم من كل الأشياء الذي سألتموه. واتفق القراء على هذه القراءة، وعليها العمل). [معاني القراءات وعللها: 2/64] قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن عباس والحسن والضحاك ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وعمرو بن فائد ويعقوب: [مِنْ كُلٍّ مَا سَأَلْتُمُوهُ] بالتنوين. قال أبو الفتح: أما على هذه القراءة فالمفعول ملفوظ به؛ أي: وآتاكم ما سألتموه أن يؤتيكم منه. وأما على قراءة الجماعة: {مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ} على الإضافة فالمفعول محذوف؛ أي: وآتاكم سؤلكم من كل شيء؛ أي: وآتاكم ما ساغ إيتاؤه إياكم أياه منه، فهو كقوله عز وجل: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} أي: أوتيت من كل شيء شيئًًا. وقد سبق ذكرُنا حذف المفعول للعلم به، وأنه مع ذلك عذْب عالٍ في اللغة). [المحتسب: 1/363] روابط مهمة: - أقوال المفسرين |
سورة إبراهيم [من الآية ( 35) إلى الآية ( 41) ] {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (35) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36) رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37) رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (38) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (39) رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41)} قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (35)} قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الجحدري والثقفي وأبي الْهَجْهاج: [وَأَجْنِبْنِي] بقطع الألف. قال أبو الفتح: يقال: جنَبتُ الشيء أَجْنُبُه جُنُوبًا، وتميم تقول: أجنَبْتُهُ أُجْنِبُه إِجْنَابًا؛ أي: نَحَّيته عن الشيء. فجنَبتُهُ كصرفته، وأَجنَبتُهُ جعلته جنِيبًا عنه، وكذلك: {وَاجْنُبْنِي [المحتسب: 1/363] وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} أي: اصرفني وإياهم عن ذلك، وأَجْنِبني: أي اجعلني كَالْجَنِيبِ لك؛ أي: المنقاد معك عنها). [المحتسب: 1/364] قوله تعالى: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36)} قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (8- {وَمَنْ عَصَانِي} [آية/ 36] بالإمالة: قرأها الكسائي وحده، وكذلك في مريم {آتاني} و{أوصاني}. [الموضح: 711] والوجه أنه فعل من بنات الياء؛ لأنه من العصيان، وكذلك {آتاني} و{أوصاني} من الإتيان والوصية، فهما من الياء، فلذلك جازت الإمالة فيها؛ لأن الإمالة هي أن تنحو بالألف نحو الياء، فعلوا ذلك ههنا؛ ليدل على أن الكلمة من الياء. وقرأ الباقون {عصاني} و{آتاني} و{أوصاني} بالفتح فيهن. والوجه أن ترك الإمالة هو الأصل فيما يجوز فيه الإمالة، وكثيرٌ من العرب لا يرون الإمالة في شيء). [الموضح: 712] قوله تعالى: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37)} قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (قوله: (إنّي أسكنت (37) فتح الياء ابن كثير ونافع وأبو عمرو، وأسكنها الباقون). [معاني القراءات وعللها: 2/63] قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (4- وقوله تعالى: {فاجعل أفئدة من الناس} [37].قرأ ابن عامر برواية هشام {أفئدة} بالهمز والياء والمد. وروى عنه بغير الهمز). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/336] قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة علي بن أبي طالب وأبي جعفر محمد بن علي وجعفر بن محمد -عليهم السلام- ومجاهد: [تَهْوىَ] بفتح الواو، وقرأ مسلمة بن عبد الله: [تُهوَى إليهم]. قال أبو الفتح: أما قراءة الجماعة: {تَهْوِي إِلَيْهِم} بكسر الواو فتميل إليهم: أي تحبهم، فهذا في المعنى كقولهم: فلان يَنْحَط في هواك؛ أي: يُخلد إليه ويقيم عليه؛ وذلك أن الإنسان إذا أحب شيئًا أكثر من ذكره وأقام عليه، فإذا كرهه أسرع عنه وخف إلى سواه، وعلى ذلك قالوا: أَحبَّ البعيرُ: إذا برك في موضعه، قال: حُلْت عليه بالقطيع ضَربَا ... ضرب بعير السوء إذا أَحَبَّا أي: برك. ومنه قولهم: هَوِيت فلانًا، فهذا من لفظ هَوَى الشيء يَهْوِي، إلا أنهم خالفوا بين المثالين لاختلاف ظاهر الأمرين وإن كانا على معنى واحد متلاقيين، فقراءة علي عليه السلام: [تَهْوَى إليهم] بفتح الواو؛ وهو من هَوِيتُ الشيء إذا أحببته، إلا أنه قال: "إليهم"، وأنت لا تقول: هوِيت إلى فلان؛ لكنك تقول: هويت فلانًا؛ لأنه -عليه السلام- حمله على المعنى، ألا ترى أن معنى هوِيت الشيء ملت إليه؟ فقال: [تهوَى إليهم] لأنه لاحظ معنى تميل إليهم. وهذا باب من العربية ذو غور، وقد ذكرناه في هذا الكتاب. ومنه قول الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ}، عدَّاه بإلى وأنت لا تقول: رَفَثْتُ إلى المرأة، وإنما تقول: رفثتُ بها أو معها؛ لكنه لما كان معنى الرَّفَث معنى الإفضاء عداه بإلى ملاحظة لمعنى ما هو مثله، فكأنه قال: الإفضاء إلى نسائكم، ومنه قول الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} لما كانت التوبة سببًا للعفو لاحظ معناه فقال: عن عباده، حتى كأنه قال: وهو الذي يقبل سبب العفو عن عباده، وقد أفردنا لهذا ونحوه في الخصائص بابًا. [المحتسب: 1/364] وأما [تُهوَى إليهم] فمنقول من تهوِي إليهم، وإن شئت كان منقولًا من قراءة علي عليه السلام: [تَهْوَى]، كلاهما جائز على ما مضى). [المحتسب: 1/365] قوله تعالى: {رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (38)} قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (39)} قوله تعالى: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40)} قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (7- وقوله تعالى: {وتقبل دعاء} [40]. قرأ ابن كثير برواية البزي وأبو عمرو وحمزة {دعائي} بالياء إذا وصلوا، وابن كثير يقف بالياء أيضًا، والباقون بغير ياء وصلوا أو وقفوا. واختلف عن نافع برواية ورش بالياء، وقد مرت علة ذلك في غير موضع). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/337] قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله: (وتقبل دعائي ربنا) [40] في إثبات الياء في الوصل والوقف. فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة وهبيرة عن حفص عن عاصم: (وتقبل دعائي ربنا) بياء في الوصل وقال البزي عن ابن كثير: يصل ويقف بياء، وقال قنبل عن ابن كثير: يشمّ الياء في الوصل ولا يثبتها، ويقف عليها بالألف. والباقون: (دعاء) بغير ياء. [الحجة للقراء السبعة: 5/33] وروى نصر بن علي عن الأصمعي قال: سمعت نافعا يقرأ: (وتقبل دعائي ربنا) بياء في الوصل وروى غير هذين عن نافع: بغير ياء في وصل ولا وقف. وروى أبو عمارة عن أبي حفص عن أبي عمر عن عاصم: بغير ياء في وصل ولا وقف. الكسائيّ وابن عامر: بغير ياء في وصل ولا وقف. أما وقف ابن كثير ووصله بياء فهو القياس، وأما وصل عاصم: (وتقبّل دعائي) بياء فقياس. وأما ما رواه قنبل عن ابن كثير أنه يشمّ الياء في الوصل ولا يثبتها، فالقياس كما قدمنا، وهذا الوجه أيضا جائز لدلالة الكسرة على الياء، ولأنّ الفواصل وما أشبه الفواصل من الكلام التام يحسن الحذف فيه، كما يحسن في القوافي، وذلك كثير قال الأعشى: فهل يمنعنّي ارتيادي البلا... د من حذر الموت أن يأتين ومن شانئ كاسف وجهه... إذا ما انتسبت له أنكرن وحذفها في الوقف أحسن من حذفها في الوصل، لأن الوقف موضع تغيير، يغيّر فيه الحرف الموقوف عليه كثيرا). [الحجة للقراء السبعة: 5/34] قوله تعالى: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41)} قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة يحيى بني يعمر: [ولِوُلْدِي]، وقرأ: [لِوَلَدَيّ] على اثنين الحسين بن علي والزهري وإبراهيم النخعي وأبو جعفر محمد بن علي، وقرأ: [ولِوالِدِي] يعني: أباه وحده سعيد بن جبير. قال أبو الفتح: الوُلْدُ يكون واحدًا ويكون جمعًا، قال في الواحد: فليت زيادًا كان في بطن أمه ... وليت زيادًا كان وُلْد حمار ومن كلام بني أسد: وُلْدُكِ من دمي عقِبيكِ؛ أي: وُلْدُك مَن وَلَدتِهِ فسال دمكِ على عقبيكِ عند ولادته، لا مَن اتخذته وَلَدًا، قريبًا كان منك أو بعيدًا. وإذا كان جمعًا فهو جمع وَلَد كأَسَد وأُسُد، وخَشبَة وخُشْب. وقد يجوز أن يكون الوُلْد أيضًا جمع وُلْد كالفُلْك في أنه جع الفُلْك، وقالوا: كُور الناقة للواحد والجماعة على هذا، ورجل هُود: أي تائب، وقوم هود. وقول الله تعالى: {مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ} أي: رهطه، ويقال: ولَدُه، والوَلَد اسم يجمع الواحد والجماعة والأنثى والذكر. وقالوا: وِلْد أيضًا). [المحتسب: 1/365] روابط مهمة: - أقوال المفسرين |
سورة إبراهيم [من الآية ( 42) إلى الآية ( 46) ] {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43) وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44) وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ (45) وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)} قوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42)} قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إنّما يؤخّرهم ليوم (42) روى عباس عن أبي عمرو (إنّما نؤخرهم) بالنون، وقرأ الباقون بالياء. قال أبو منصور: المعنى واحد في النون والياء، اللّه مؤخر لهم، والقراءة المختارة بالياء. من قرأ بالنون فاللّه يقول: إنما نؤخرهم نحن ليوم، ومن قرأ بالياء فهو إخبار عن فعله). [معاني القراءات وعللها: 2/64] قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (5- وقوله تعالى: {إنما يؤخرهم ليوم ....} [42].روى عباس عن أبي عمرو: {إنما نؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار} الله تعالى يخبر عن نفسه. وقرأ الباقون {يؤخرهم} بالياء وهو الاختيار؛ لأن الله تعالى قال: {ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون * إنما يؤخرهم} وقرأ بالنون أيضًا من غير السبعة الحسن وأبو عبد الرحمن السلمي رضي الله عنهما. وقرأ السلمي أيضًا {ونبين لكم كيف فعلنا بهم} بالنون. وقرأ الباقون {وتبين} بالتاء {كيف فعلنا بهم} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/336] قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: روى عبّاس عن أبي عمرو: (إنما نؤخرهم ليوم) [إبراهيم/ 42] بالنون ولم يروها غيره. وقرأ الباقون بالياء. اليزيديّ وغيره عن أبي عمرو يؤخرهم على ياء. وجه الياء أنّ لفظ الغيبة المفرد قد تقدّم، فيكون بالياء: ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم [42]. [الحجة للقراء السبعة: 5/30] ووجه النون أنّه قرأ في المعنى. مثل الياء، وقد تقدّم مثله). [الحجة للقراء السبعة: 5/31] قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (9- {إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ} [آية/ 42] بالنون:رواها عباسٌ عن أبي عمرو ولم يروها غيره. والوجه أن فاعل التأخير هو الله تعالى، سواء كان بلفظ النون أم الياء، والتفخيم في النون أكثر. وقرأ الباقون واليزيدي عن أبي عمرو {يُؤَخِّرُهُمْ} بالياء. والوجه أن الفعل مسندٌ إلى ضمير اسم الله في قوله تعالى {وَلَا تَحْسَبَنَّ الله غَافِلًا} والتقدير: إنما يؤخرهم الله، وهذا أولى لموافقة ما قبله). [الموضح: 712] قوله تعالى: {مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43)} قوله تعالى: {وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44)} قوله تعالى: {وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ (45)} قوله تعالى: {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)} قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لتزول منه الجبال (46) قرأ الكسائي وحده (لتزول منه الجبال) بفتح اللام الأولى وضم الثانية، وقرأ الباقون (لتزول) بكسر الأولى وفتح الثانية. قال أبو منصور: من قرأ (لتزول) فمعناه؛ ما كان مكرهم لأن تزول، وأن بمعنى (ما) الجحد، والتأويل: ما مكرهم ليزول به أمر نبوة محمد صلى الله عليه وهي ثابتة كثبوت الجبال الرواسي؛ لأن الله تبارك وتعالى وعده أن يظهر دينه على الأديان كلها، ودليل هذ قوله: (فلا تحسبنّ اللّه مخلف وعده رسله). أي: لا يخلفهم ما وعدهم من نصره. [معاني القراءات وعللها: 2/64] ومن قرأ (وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال) فمعناه: وقد كان مكرهم يبلغ في المكيدة إلى إزالة الجبال، غير أن الله ناصر دينه، ومزيل مكر الكفار وماحقه. وما روى أبو بكر عن عاصم، وورش عن نافع (يوخركم) و(نوخرهم) و (يواخذهم) و(لا تواخذنا) بغير همز، وسائر القراء يهمزون. قال أبو منصور: الأصل في هذه ظهور الهمزة، لأنها من ياءات الهمز من التأخير والأخذ، فمن اختار تخفيف الهمز فهو مصيب من جهة اللغة، ومن همز فهو أتمّ وأفصح، ومن أبدل من الهمز واوًا فهي لغة معروفة). [معاني القراءات وعللها: 2/65] قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (6- وقوله تعالى: {لتزول منه الجبال} [46].قرأ الكسائي وحده {لتزول} بفتح اللام الأولى وضم الأخيرة، فالأولى لام التوكيد، والأخيرة أصلية لام الفعل، وضمتها علامة الفعل، المضارع كما تقول: إن زيدًا ليقول. [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/336] من هذه القراءة يوجب أن الجبال قد زالت لعظم مكرهم، وقد جاء ذلك في التفسير. قال أبو عبيد: لو كان: وإن كاد مكرهم بالدال لتزول كان أسهل؛ لأن «كاد» معناه: قرب أن تزول، ولم تزل. وقرأ الباقون {لتزول} بكسر اللام الأولى وفتح الأخيرة على معنى ما كان مكرهم لتزول، أي: كان مكرهم أضعف من أن تزول له الجبال فـ «إن» بمعنى «ما» واللام لام الجحد، كما قال تعالى: {وما كان الله ليضيع إيمانكم}. حدثني محمد بن الحسن النحوي قال: حدثنا محمد بن عيسى عن القطعي عن عبيد عن هارون عن إسماعيل المكي عن الأعمش عن الحارث بن سويد أنه سمع عليا رضي الله عنه يقرأ: {وإن كاد مكرهم} بالدال وقد قرأ بذلك عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود وأُبّي بن كعب وابن عباس وعكرمة رضي الله عنهم). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/337] قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في كسر اللام الأولى وفتح الثانية من قوله: لتزول منه الجبال [46]. فقرأ الكسائي وحده: (لتزول منه الجبال) بفتح اللام الأولى من (تزول) وضمّ الثانية. وقرأ الباقون: (لتزول) بكسر اللام الأولى وفتح الثانية. من قرأ: وإن كان مكرهم لتزول منه فإن (إن) على قوله: بمعنى «ما» التقدير: ما كان مكرهم لتزول، وإن مثل التي في قوله: إن الكافرون إلا في غرور [الملك/ 20] وهذا مثل قوله: ما كان الله ليذر المؤمنين... وما كان الله ليطلعكم على الغيب [آل عمران/ 179]. والمعنى: وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم أي: جزاء مكرهم، فحذف المضاف كما حذف من قوله: ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا وهو واقع بهم [الشورى/ 22]، أي: جزاؤه، أي: قد عرف الله مكرهم فهو يجازيهم عليه، وما كان مكرهم لتزول منه الجبال، والجبال كأنه أمر النبيّ، وأعلامه ودلالته، أي: ما كان مكرهم لتزول منه ما هو مثل الجبال في امتناعه ممّن أراد إزالته. ومن قرأ: (وإن كان مكرهم لتزول منه) كانت (إن) [الحجة للقراء السبعة: 5/31] المخفّفة من الثقيلة على تعظيم أمر مكرهم، على خلاف القراءة الأخرى، وهو في تعظيم مكرهم، كقوله: ومكروا مكرا كبارا [نوح/ 22] أي: قد كان مكرهم من كبره وعظمه يكاد يزيل ما هو مثل الجبال في الامتناع على من أراد إزالته وثباتها، ومثل هذا في تعظيم الأمر قول الشاعر: ألم تر صدعا في السماء مبيّنا... على ابن لبينى الحارث بن هشام وقال: بكى حارث الجولان من موت ربّه... وحوران منه خاشع متضائل وقال أوس: ألم تكسف الشمس شمس النّهار... مع النّجم والقمر الواجب [الحجة للقراء السبعة: 5/32] فهذا كلّه على تعظيم الأمر وتفخيمه. ويدلّ على أن الجبال يعنى به أمر النبي، صلّى الله عليه وسلم، قوله بعد: (فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله) [إبراهيم/ 47] أي: فقد وعدك الظهور عليهم والغلبة لهم في قوله: ليظهره على الدين كله [التوبة/ 33 الفتح/ 28 الصف/ 9]، وقوله: قل للذين كفروا ستغلبون [آل عمران/ 12]، وقد استعمل لفظ الجبال في غير هذا في تعظيم الشيء وتفخيمه، قال ابن مقبل: إذا متّ عن ذكر القوافي فلن ترى... لها شاعرا مثلي أطبّ وأشعرا وأكثر بيتا شاعرا ضربت به... بطون جبال الشعر حتى تيسّرا). [الحجة للقراء السبعة: 5/33] قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة علي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب وابن عباس وابن مسعود -واختلف عنه- وأبي بن كعب وأبي إسحاق السبيعي: [وإنْ كاد] بالدال [مَكْرُهم لَتزُولُ] بفتح اللام الأولى وضم الثانية. [المحتسب: 1/365] قال أبو الفتح: هذه [إِنْ] مخففة من الثقيلة، واللام في قوله: [لَتَزُول] هي التي تدخل بعد [إنْ] هذه المخففة من الثقيلة؛ فصلًا بينها وبين [إنْ] التي للنفي في قوله تعالى: {إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ} أي: ما الكافرون إلا في غرور، فكأنه قال: وإنه كاد مكرهم تزول منه الجبال. ودخلت يومًا على أبي علي بُعيد عوده من شيراز سنة تسع وستين، فقال لي: ألا أحدثك؟ قلت له: قل! قال: دخل إليَّ هذ الأندلسي فظننته قد تعلم، فإذا هو يظن أن اللام التي تصحب إنْ المخففة من الثقيلة هي لام الابتداء، قلت: لا تعجب، فأكثر مَن ترى هكذا). [المحتسب: 1/366] قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} قرأ الكسائي {وإن كان مكرهم لتزول} بفتح اللّام الأولى وضم الثّانية اللّام لام التوكيد وتزول رفع بالمضارعة كما تقول إن زيدا ليقول وإن في قوله {وإن كان مكرهم} مخفّفة من الثّقيلة أي وإن مكر هؤلاء لو بلغ مكر ذلك يعني نمرود لم ينتفعوا به وحجته قراءة عليّ بن أبي طالب كرم الله وجهه وابن مسعود (وإن كاد مكرهم لتزول) بالدّال وهذا دليل على تعظيم مكرهم قال الزّجاج {وإن كان مكرهم لتزول} معناه معنى حسن المعنى وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم يبلغ في الكيد إزالة الجبال فإن الله جلّ وعز ينصر دينه ومكرهم عنده لا يخفى وقرأ الباقون {وإن كان مكرهم لتزول} بكسر اللّام الأولى وفتح اللّام الأخيرة بمعنى ما واللّام لام الجحود والمعنى وما كان مكرهم لتزول منه الجبال أي ما كان مكرهم ليزول به أمر النّبي وأمر دين الإسلام وثبوته كثبوت الجبال الراسيات لأن [حجة القراءات: 379] الله جلّ وعز وعد نبيه صلى الله عليه إظهار دينه على الأديان فقال {ليظهره على الدّين كله} ودليل هذا قوله بعدها {فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله} أي لا يخلفهم ما وعدهم من نصره وإظهار نبوتهم وكلمتهم وحجتهم ما روي عن الحسن أنه قال كان مكرهم أوهن وأضعف من أن تزول منه الجبال). [حجة القراءات: 380] قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (4- قوله: {وإن كان مكرهم لتزول} قرأه الكسائي بفتح اللام الأولى، ورفع الثانية، وقرأ الباقون بكسر اللام الأولى، ونصب الثانية. وحجة من فتح اللام الأولى وضم الثانية، أنه جعل {إن} في قوله: {وإن كان} مخففة من الثقيلة، وجعل اللام الأولى لام توكيد، دخلت لتوكيد الخبر، كما دخلت {إن} لتوكيد الجملة، والفعل مع لام التوكيد مرفوع على أصله، إذ لا ناصب معه ولا جازم، والهاء مضمرة مع {إن}، تقديره: وإنه كان مكرهم لتزول منه الجبال، يعني أمر النبي عليه السلام، والتقدير: مثل الجبال في القوة والثبات، فمعنى هذه القراءة أن الله جل ذكره عظم مكرهم، كما قال: {ومكروا مكرًا كبارًا} «نوح 22»، وقال: {تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا، أن دعوا للرحمن ولدا} «مريم 90- 91» وفي مصحف أبي ما يدل على هذه القراءة، روي أن فيه هذه الآية: «ومكروا مكرهم وعند الله مكرهم ولولا كلمة الله لزال من مكرهم الجبال» وروي عن عمر وعلي وابن مسعود أنهم قرؤوا: «وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/27] تكاد» فهذا دليل على تعظيم مكرهم لأن «كاد» في كلام العرب تكون لمقاربة الفعل، وربما وقعت لوجوبه. 5- وحجة من كسر اللام الأولى وفتح الثانية أنه جعل «إن» بمعنى «ما»، وجعل اللام الأولى لام نفي، لوقوعها بعد نفي، ونصب الفعل بها، والتقدير: وما كان مكرهم لتزول منه الجبال، كما قال تعالى ذكره: {ما كان الله ليذر المؤمنين} «آل عمران 179» ومعنى هذه القراءة تصغير مكرهم وتحقيره، أي: لم يكن مكرهم ليزيل الجبال، والجبال يراد بها ما ثبت من الحق والدين والقرآن، أي: لم يكن مكرهم ليذهب به الحق، والضمير في {مكرهم} قيل هو لقريش، وقيل لمن تقدم بالعتو والكفر من الجبابرة الماضية، وكسر اللام الاختيار، لأنه أبين في المعنى، ولأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/28] قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (10- {لَتَزُولُ مِنْهُ الْجِبَالُ} [آية/ 46] بفتح اللام الأولى ورفع الثانية: قرأها الكسائي وحده. والوجه أن قوله {إِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ} على تقدير إنه كان مكرهم، فإن مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الأمر أو الشأن وهو محذوف، والجملة خبر إن، والمعنى إن الأمر أو الشأن كان مكرهم لتزول منه الجبال، واللام في قوله {لَتزول} هي اللام التي يفصل بها بين إن النافية وإن المؤكدة التي خُففت من الثقيلة، وهي كما في قوله تعالى {وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً}، والمراد قد كان مكرهم من عظمه يكاد يزول منه ما هو مثل الجبال في العظمة والثبوت، وأراد به محمدٍ صلى الله عليه وسلم. وقرأ الباقون {لِتَزُولَ} بكسر اللام الأولى ونصب الثانية. والوجه أن {إِنْ} التي في قوله {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ} هي النافية، وهي التي بمعنى ما، وأما اللام في قوله تعالى {لِتَزُولَ} فهي لام الجحد ههنا مثل التي في قوله تعالى {وَمَا كَانَ الله لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ}، والمعنى: ما كان مكرهم لتزول منه ما هو كالجبال، وأراد به أمر محمدٍ صلى الله عليه وسلم، أي ليس من شأن مكرهم أن يزول منه ما هو في العظمة كالجبال). [الموضح: 713] روابط مهمة: - أقوال المفسرين |
سورة إبراهيم [من الآية ( 47) إلى الآية ( 52) ] {فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (47) يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (49) سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (50) لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (51) هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (52)} قوله تعالى: {فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (47)} قوله تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48)} قوله تعالى: {وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (49)} قوله تعالى: {سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (50)} قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن عباس وأبي هريرة وعلقمة وسعيد بن جبير وابن سيرين والحسن وسنان بن سلمة بن المحبق وعمرو بن عبيد والكلبي وأبي صالح وعيسى الهمداني وقتادة والربيع بن أنس وعمرو بن فائد: [مِنْ قِطْرٍ آنٍ]. قال أبو الفتح: القِطْر: الصُّفْر والنحاس، هو أيضًا الفِلزُّ، رويناه عن قطرب، وهو أيضًا الصاد، ومنه قدور الصاد؛ أي: قدور الصُّفْر. والآني: الذي قد أنى وأدرك. أَنَى الشيء يأنِي أُنِيًّا وإِنًى مقصور، ومنه قول الله سبحانه: {غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} أي: بلوغه وإدراكه. قال أبو علي: ومنه الإناء؛ لأنه الظرف الذي قد بلغ غايته المرادة فيه من خَرز أو صياغة أو نحو ذلك. قال أمية: وسليمانُ إذ يَسيل له القِطر ... على ملكه ثلاث ليالِ [المحتسب: 1/366] وأما القطران ففيه ثلاث لغات: قَطِرَان على فَعِلان، وهو أحد الحروف التي جاءت على فَعِلان؛ وهي: ثلِثَان، وبدِلَان، والشَّقِران. ويقال أيضًا: قَطْرَان بفتح القاف وإسكان الطاء. وقِطْران بكسر القاف وإسكان الطاء. والأصل فيها قَطِرَان فأُسكنا على ما يقال في كَلِمة: كَلْمَة وكِلْمَة، لغة تميمية. قال أبو النجم: جونٌ كأَن العرَق الْمَنْتُوحَا ... لَبَّسهُ القِطْرَان والْمُسُوحا وقال النابغة: وتُخْضَبُ لحية غَدَرَتْ وخانت ... بأحمر من نَجِيع الجوف آنِ). [المحتسب: 1/367] قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (11- {سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قِطْرٍ آنٍ} [آية/ 50] بكسر القاف وإسكان الطاء وتنوين الراء:تفرد به زيدٌ عن يعقوب. والوجه أن المعنى من نُحاس مُذابٍ؛ لأن القطر هو النحاس، والآني هو الذي بلغ النهاية في الحرارة. وقرأ الباقون {مِنْ قَطِرَانٍ}. والوجه أنه اسم لما يهنأ به الإبل، وقيل القطران الصفر، وقيل النحاس، وقيل شيء في النار، والله أعلم به). [الموضح: 714] قوله تعالى: {لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (51)} قوله تعالى: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (52)} قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة يحيى بن عمر الذارع وأحمد بن يزيد بن أسيد السلمي: [ولِيَنْذَرُوا به] بفتح الياء والذال. قال أبو الفتح: يقال نَذِرتُ بالشيء: إذا علمتَ به فاستعددت له، فهو في معنى فهمته، وعلمت به، وطَبِنْتُ له، وفي وزن ذلك. ولم تستعمل العرب لقولهم: نَذِرت بالشيء مصدرًا، كأنه من الفروع المهجورة الأصول. ومنه عسى لا مصدر لها، وكذلك ليس. وكأنهم استغنوا عنه بأن والفعل، نحو: سرني أن نَذِرت بالشيء، ويسرني أن تَنْذَر به. [المحتسب: 1/367] روابط مهمة: - أقوال المفسرين |
الساعة الآن 02:31 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة