جمهرة العلوم

جمهرة العلوم (http://jamharah.net/index.php)
-   توجيه القراءات (http://jamharah.net/forumdisplay.php?f=1080)
-   -   توجيه القراءات في سورة الأنبياء (http://jamharah.net/showthread.php?t=27824)

جمهرة علوم القرآن 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م 08:30 AM

توجيه القراءات في سورة الأنبياء
 
توجيه القراءات في سورة الأنبياء

جمهرة علوم القرآن 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م 08:30 AM

مقدمات سورة الأنبياء
 
مقدمات توجيه القراءات في سورة الأنبياء
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (سورة الأنبياء). [معاني القراءات وعللها: 2/163]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): ( (ومن سورة الأنبياء عليهم السلام) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/60]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلافهم في سورة الأنبياء). [الحجة للقراء السبعة: 5/254]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (سورة الأنبياء). [المحتسب: 2/60]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : (21 - سورة الأنبياء). [حجة القراءات: 465]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (سورة الأنبياء عليهم السلام). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/110]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (سورة الأنبياء عليهم السلام). [الموضح: 860]

نزول السورة:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (مكية). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/110]

عد الآي:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (وهي مائة آية واحدى عشرة في المدني، واثنتا عشرة في الكوفي). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/110]

ياءات الإضافة:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (17- فيها أربع ياءات إضافة:
قوله: {ذكر من معي} «24» فتحها حفص.
وقوله: {إني إله} «29» فتحها نافع وأبو عمرو.
وقوله: {مسني الضر} «83»، {عبادي الصالحون} «105» أسكنها حمزة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/115]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (فيها: أربع ياءات، اختلفوا فيها وهن: {مَن مَّعِيَ}، {إنِّي إلَهٌ}{مَسَّنِيَ الضُّرُّ}، {عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}.
ففتحهن نافع وأبو عمرو إلا قوله {مَّعِيَ}.
وفتح ابن كثير وابن عامر وعاصم والكسائي ويعقوب اثنين: {مَسَّنِيَ الضُّرّ}، {عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}.
- ص- عن عاصم أسكن {إنِّي إلَهٌ}وحدها، وفتح الباقي.
ولم يفتح حمزة منهن شيئًا.
وقد ذكرنا وجه الفتح والإسكان في هذه الياء فيما سبق). [الموضح: 871]

الياءات الزائدة:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (ليس فيها زائدة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/115]

الياءات المحذوفة:
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (حذفت من هذه السورة ثلاث ياءات: قوله {فَاعْبُدُونِي} و{فَلا تَسْتَعْجِلُونِ}، {فَاعْبُدُونِي}.
فأثبتهن يعقوب في الوصل والوقف. وحذفهن الباقون في الحالين.
وقد مضى الكلام في مثل ذلك). [الموضح: 871]

الياءات المختلف فيها:
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): ( (واختلفوا في هذه السورة في أربع ياءات).
{مسني الضر} [83].
و{عبادي الصلحون} [105].
أسكنها حمزة وفتحها الباقون. والاختيار الفتح؛ لأنك إذا أسكنتها سقطت الياء لالتقاء الساكنين. وكل حرف من كتاب الله تعالى يثاب قارئة عليه عشر حسنات.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/70]
وقوله: {إني إله من دونه} [29] فتحها نافع وأبو عمرو، وأسكنها الباقون.
والحرف الرابع {ذكر من معي} [24] فتحها عاصم وحده في رواية حفص، وأسكنها الباقون، وقد ذكرت عله ذلك فيما سلف. فأغني عن الإعادة ها هنا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/71]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م 08:33 AM

سورة الأنبياء

[من الآية(1)إلى الآية(4)]
{اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (1) مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (3) قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (4)}

قوله تعالى: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (1)}
قوله تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2)}
قوله تعالى: {لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (3)}
قوله تعالى: {قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (4)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
قوله جلّ وعزّ: (قال ربّي يعلم القول)
قرأ حفص عن عاصم، وحمزة الزيات، والكسائي (قال ربّي يعلم) بالألف.
وقرأ الباقون (قل ربّي)
قال أبو منصور: من قرأ (قال ربّي يعلم) فهو فعل ماض ومن قرأ (قل ربّي) فهو أمر للنبي صلى الله عليه، واللام مدغمة في الراء عند جميع القراء على قراءة من قرأ (قل ربّي) ). [معاني القراءات وعللها: 2/163]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (1- قوله تعالى: {قل ربي يعلم القول في السماء والأرض} [4].
قرأ حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم. {قل ربي} على الخبر جعلوه فعلاً ماضيًا.
وقرأ الباقون: {قل ربي} على الأمر. أي: قل يا محمد ذلك). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/60]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله تعالى: (قل ربي يعلم القول) [الأنبياء/ 4].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر وابن عامر: (قل ربّي يعلم).
وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم: قال ربي بألف، وكذلك هي في مصاحف أهل الكوفة.
وجه من قال: (قل) أنه لما قال: ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه إلى قوله: تبصرون، قيل: (قل ربي يعلم القول)، أي: قل: إنّ الله عز وجل عالم بما أسررتموه فيما بينكم وغيره مما لا يعلمه إلا الله عز وجل. وقال على إضافة القول إلى الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم والخبر عنه). [الحجة للقراء السبعة: 5/254]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قال ربّي يعلم القول في السّماء والأرض وهو السّميع العليم}
قرأ حمزة والكسائيّ وحفص {قال ربّي} على الخبر عن النّبي صلى الله عليه أنه قال للكفّار مجيبا عن قيلهم قبلها {هل هذا إلّا بشر مثلكم} ونزول هذه الآية بعد أن تقدم هذا القول من النّبي صلى الله عليه وسلم لهم
وقرأ الباقون {قل ربّي} على الأمر وحجتهم في ذلك أن الله أمره أن يقول للكفّار مجيبا لهم عن قولهم {هل هذا إلّا بشر مثلكم}
[حجة القراءات: 465]
قل ربّي يعلم قولكم وقول كل قائل قولا في السّموات والأرض وهو السّميع لجميع ذلك والعليم بخلقه). [حجة القراءات: 466]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (1- قوله: {قل ربي يعلم} قرأ حمزة وحفص والكسائي «قال» بألف، على الخبر عن النبي عليه السلام أنه قال ذلك، وقرأ الباقون على لفظ الأمر صلى الله عليه وسلم، أن يقول: ربي يعلم القول، فهو جواب ورد لقولهم: {أفتأتون السحر} «3» أمر النبي أن يعلمهم أن الله يعلم السر من قولهم وغير السر، وقد تقدم ذكر {نوحي إليهم} «7»، و{نوحي إليه} «25»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/110]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (1- {قَالَ رَبِّي}[آية/ 4] بالألف من {قَالَ}:
قرأها حمزة والكسائي و- ص- عن عاصم.
والوجه أنه إخبار عن الرسول صلى الله عليه وسلم بالقول، فالقول مسند إلى الرسول، وهو البشر في قوله تعالى {هَلْ هَذَا إلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ}.
وقرأ الباقون و- ياش- عن عاصم {قُل رَّبِّي}بغير ألفٍ.
والوجه أنه على الأمر للرسول عليه السلام بأن يقول لهم إن ربي يعلم القول، يعني السر، والنجوى، فقد قال تعالى {وأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ}فقيل للرسول: قل لهم إن ربي يعلم القول في السماء والأرض، فهو عالم بسركم ونجواكم). [الموضح: 860]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م 08:35 AM

سورة الأنبياء

[من الآية(5)إلى الآية(10)]
{بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآَيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ (5) مَا آَمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ (6) وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (7) وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ (8) ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ (9) لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (10)}


قوله تعالى: {بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآَيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ (5)}
قوله تعالى: {مَا آَمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ (6)}
قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (7)}

قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (2- وقوله تعالى: {رجالاً نوحي إليهم} [7].
روى حفص عن عاصم {نوحي} بالنون، الله تالي يخبر عن نفسه، وحجته {وما أرسلنا} لأن النون والألف اسم الله تعالى.
وقرأ الباقون: {يوحي} على مالم يسم فاعله بالياء. وهذه الآية إنما نزلت جوابًا لقوم كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم وقالوا: إنما هو بشر مثلنا، فهلا كان ملكًا، قال الله تعالى: {وما أرسلنا من قبلك} يا محمد من رسول {إلا رجالاً} مثلك {نوحي إليهم} {فاسئلوا} يا معشر الشكاك {أهل الذكر} أي: أهل التوراة والإنجيل {إن كنتم لا تعلمون}). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/60]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم: من رسول إلا نوحي إليه [7] بالنون [وكسر الحاء]
[الحجة للقراء السبعة: 5/254]
وقرأ الباقون وأبو بكر عن عاصم [يوحي] بالياء.
حجّة النون أنه قد تقدّمه: وما أرسلنا والنون أشبه بما قبله، والياء في المعنى كالنون، وكما جاء: سبحان الذي أسرى بعبده [الإسراء/ 1] ثم قال: وآتينا موسى [الإسراء/ 2] كذلك يجوز أن يتقدّم لفظ الجميع ويتبع لفظ الإفراد لأن المعنى واحد). [الحجة للقراء السبعة: 5/255] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وما أرسلنا قبلك إلّا رجالًا نوحي إليهم}
قرأ حفص {إلّا رجالًا نوحي} بالنّون وكسر الحاء إخبار الله عن نفسه وحجته قوله {إنّا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح}
وقرأ الباقون {يوحى} بالياء وفتح الحاء على ما لم يسم فاعله وحجتهم قوله {وأوحي إلى نوح} ). [حجة القراءات: 466]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (2- {إلاَّ رِجَالاً نُّوحِي}[آية/ 7] بالنون وكسر الحاء:
رواها- ص- عن عاصم.
والوجه أنه على لفظ التعظيم؛ لموافقة ما تقدمه من قوله {ومَا أَرْسَلْنَا}.
وقرأ الباقون و- ياش- عن عاصم {يُوحَى}بالياء وفتح الحاء.
والوجه أن الفعل مبني لما لم يسم فاعله، إذ المقصود هو الإبانة عن أن رجالاً قبله عليه السلام نزل عليهم الوحي، ومعلوم أن الموحي هو الله تعالى على كل حال). [الموضح: 861]

قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ (8)}
قوله تعالى: {ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ (9)}
قوله تعالى: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (10)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


جمهرة علوم القرآن 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م 09:05 AM

سورة الأنبياء

[من الآية(11)إلى الآية(15)]
{وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آَخَرِينَ (11) فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ (12) لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ (13) قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (14) فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ (15)}


قوله تعالى: {وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آَخَرِينَ (11)}
قوله تعالى: {فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ (12)}
قوله تعالى: {لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ (13)}
قوله تعالى: {قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (14)}
قوله تعالى: {فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ (15)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م 09:07 AM

سورة الأنبياء

[من الآية(16) إلى الآية(20)]
{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (16) لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ (17) بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (18) وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (19) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (20)}


قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (16)}
قوله تعالى: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ (17)}
قوله تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (18)}
قوله تعالى: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (19)}
قوله تعالى: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (20)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م 09:08 AM

سورة الأنبياء

[من الآية(21) إلى الآية(24)]
{أَمِ اتَّخَذُوا آَلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ (21) لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (22) لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ (24)}


قوله تعالى: {أَمِ اتَّخَذُوا آَلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ (21)}
قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (22)}
قوله تعالى: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23)}
قوله تعالى: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ (24)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (هذا ذكر من معي (24)
[معاني القراءات وعللها: 2/163]
حرك الياء حفص وحده). [معاني القراءات وعللها: 2/164]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (قراءة يحيى بن يعمر وطلحة بن مصرف: [هَذَا ذِكْرٌ مِنْ مَعِيَ وَذِكْرٌ مِنْ قَبْلِي]، بالتنوين في "ذكر"، وكسر الميم من [مِنْ].
قال أبو الفتح: هذا أحد ما يدل على أن "مع" اسم، وهو دخول [مِنْ] عليها.
حكى صاحب الكتاب وأبو زيد ذلك عنهم: جئت من معهم، أي: من عندهم، فكأنه قال: هذا ذكر مِنْ عندي ومِنْ قَبلي، أي: جئت أنا به، كما جاء به الأنبياءُ مِنْ قَبلي، كما قال الله تعالى : {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} ). [المحتسب: 2/61]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن وابن محيصن: [الْحَقُّ فَهُمْ مُعْرِضُون].
قال أبو الفتح: الوقف في هذه القراءة على قوله تعالى : [لا يَعْلَمُونَ]، ثم يستأنف: [الحقُّ]، أي هذا الحق، أو هو الحق؛ فيحذف المبتدأ، ثم يوقف على "الحق"، ثم يستأنف فيقال: فهم معرضون، أي: فهم معرضون، أي: أكثرهم لا يعلمون). [المحتسب: 2/61]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م 09:09 AM

سورة الأنبياء
[من الآية(25)إلى الآية(29)]
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25) وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28) وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (29)}


قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ إلّا يوحى إليه.. (25)
قرأ حفص وحمزة والكسائي (إلّا نوحي إليه) بالنون " وقرأ الباقون (إلاّ يوحى إليه) بالياء.
قال أبو منصور: من قرأ (إلّا نوحي إليه) بالنون، فالفعل للّه عزّ وجلّ، أي: نحن نوحي إليه.
ومن قرأ (إلّا يوحى إليه) فالمعنى واحد). [معاني القراءات وعللها: 2/163]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم: من رسول إلا نوحي إليه [7] بالنون [وكسر الحاء]
[الحجة للقراء السبعة: 5/254]
وقرأ الباقون وأبو بكر عن عاصم [يوحي] بالياء.
حجّة النون أنه قد تقدّمه: وما أرسلنا والنون أشبه بما قبله، والياء في المعنى كالنون، وكما جاء: سبحان الذي أسرى بعبده [الإسراء/ 1] ثم قال: وآتينا موسى [الإسراء/ 2] كذلك يجوز أن يتقدّم لفظ الجميع ويتبع لفظ الإفراد لأن المعنى واحد). [الحجة للقراء السبعة: 5/255] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وما أرسلنا من قبلك من رسول إلّا نوحي إليه أنه لا إله إلّا أنا فاعبدون}
قرأ حمزة والكسائيّ وحفص و{وما أرسلنا من قبلك من رسول إلّا نوحي إليه} بالنّون وكسر الحاء وحجتهم في ذلك أن {نوحي} جاءت على مجرى {أرسلنا} ولفظها قريب من لفظ الجمع فجرى الكلام على نظام واحد إذ كان الوحي والإرسال جميعًا له فأسندوا الفعلين إليه ويقوّي هذا قوله {إنّا أوحينا إليك}
وقرأ الباقون (إلّا يوحى) بالياء وفتح الحاء وتركوا لفظ {أرسلنا} وإنّما تركوا لأن آخر الكلام جرى على غير لفظ أوله وذلك
[حجة القراءات: 466]
أنه قال {لا إله إلّا أنا فاعبدون} ولو كان الكلام يتبع بعضه بعضًا لم يقل فاعبدون لأنّه لم يقل في أول الآية وما أرسلت من رسول فيكون آخر الكلام تابعا لأوله فلمّا لم يكن الكلام منظوما لم يجب أن يجعل {نوحي} بالنّون بلفظ {أرسلنا} ولكن عدلوا به إلى لفظ ما لم يسم فاعله وحجتهم قوله {وأوحي إلى نوح} ). [حجة القراءات: 467]

قوله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26)}
قوله تعالى: {لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27)}
قوله تعالى: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28)}
قوله تعالى: {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (29)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله: (إنّي إلهٌ من دونه.. (29)
فتح الياء نافع وأبو عمرو). [معاني القراءات وعللها: 2/164]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد: [فَذَلِكَ نُجْزِيهُ]، برفع الهاء والنون.
قال ابن مجاهد: لا أدري ما ضم النون؟ لا يقال إلا جزيت، كما قال: {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا}.
[المحتسب: 2/61]
قال أبو الفتح: هو لعمري غريب عن الاستعمال، إلا أن له وجها أنا أذكره.
وذلك أنه يقال: أجزأني الشيء: كفاني، وهذا يجزئني من كذا، أي يكفيني منه، فكأنه في الأصل نجزئ به جهنم، أي نكفيها به، ومعناه: نمكنها منه. فتأتي عليه، كأنها تطلب باستيفائها إياه الاكتفاء بذلك، ثم حُذف حرف الجر. فصار نجزئه جهنم، أي: نُطعمه جهنم، كما حُذف الحرف في قوله تعالى : {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا}، أي: من "قومه"، ثم أبدلت الهمزة من نجزئه ياء على حد أخطيت وقريت؛ فصارت ياء ساكنة: نجزِيهُ، وأقرت الهاء على ضمتها وهو الأصل، كما قرأ أهل الحجاز: [فَخَسَفْنَا بِهُو بِدَارِهُو الْأَرْضَ].
وزاد في حسن الضمة هنا أن الأصل الهمز. والهاء مع الهمزة هنا مضمومة. أي: نجزئه، فلما أبدلت الهمزة على غير قياس صارت الهاء كأن لا ياء قبلها؛ لأنه ليس هناك مسوغ للهمز لولا حمله على قريت وبابه، فبقيت الهاء على ضمتها تنبيها على أن الهمز ياء في الحكم، وأن ما عرض فيه من البدل لم يكن عن قَوِيّ عذر، فهذا طريق الصنعة فيه. وهو أمثل من أن يحمل على إعطاء في بابه بما لا طريق إلى تسهيل طريقه). [المحتسب: 2/62]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م 09:11 AM

سورة الأنبياء

[من الآية(30) إلى الآية(33)]
{أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30) وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (31) وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (32) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (33)}


قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله عزّ وجلّ: (أولم ير الّذين كفروا (30)
قرأ ابن كثير وحده (ألم ير الّذين كفروا) بغير واو بين الألف واللام، وكذلك هي في مصاحف أهل مكة.
وقرأ الباقون (أولم ير الّذين كفروا) بالواو.
قال أبو منصور: من قرأ (أولم ير الّذين كفروا) فالواو واو نسق أدخل عليها ألف الاستفهام، فتركت مفتوحة كما كانت.
ومن قرأ (ألم ير الّذين) فهو استفهام بالواو). [معاني القراءات وعللها: 2/164]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (4- وقوله تعالى: {أو لم ير الذين كفروا} [30].
قرأ ابن كثير وحده {ألم ير الذين كفروا} بغير واو، وكذلك في مصاحف أهل مكة.
وقرأ الباقون {أو لم ير} بواو والألف التي قبل الواو ألف توبيخ وتقرير. ومعنى إن السموات والأرض كانتا رتقًا، أي: متلاصقة، فجعلها الله سبع سموات، وشق الأرض سبعًا، غلظ كل سماء مسيرة خمسمائة عام. وقيل: كانتا رتقا ففتقناهما أي: فتقنا السماء بالمطر، والأرض بالنبات). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/61]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ ابن كثير وحده: (ألم ير الذين كفروا) [الأنبياء/ 30] بغير واو بين الألف واللام، وكذلك هي في مصاحف أهل مكة.
[الحجة للقراء السبعة: 5/255]
وفي سائر المصاحف: أولم ير كذلك قرأ الباقون: أولم ير الذين كفروا وقد مضى ذكر هذا النحو فيما تقدّم). [الحجة للقراء السبعة: 5/256]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن وعيسى الثقفي وأبي حيوة: [رَتَقًا]، بفتح التاء.
قال أبو الفتح: قد كثر عنهم مجيء المصدر على فَعْل ساكن العين. واسم مفعول منه على فعَل مفتوحها، وذلك قولهم: النفْضُ للمصدر والنَّفَضُ للمنفوض، والخبْط. المصدر والخبَط الشيء المخبوط، والطرْد المصدر والطرَد المطرود. وإن كان قد يستعمل مصدرا، نحو: الحلْب والحلَب. فقراءة الجماعة: {كَانَتَا رَتْقًا} كأنه مما وضع من المصدر موضع اسم المفعول، كالصيْد في معنى المصيد، والخّلْق بمعنى المخلوق.
وأما [رَتَقًا]، بفتح التاء فهو المرتوق، أي: كانتا شيئا واحدا مرتوقا، فهو إذًا كالنفض
[المحتسب: 2/62]
والخبط، بمعنى المنفوض والمخبوط. ونحو من ذلك مجيئهم بالمصدر على فَعْل مفتوح الفاء، واسم المفعول على فِعْل بكسرها، نحو رعيْت رَعيًا والرِّعي: المرعى، وطحنت الشيء طحنا والطِّحن: المطحون. ونقضت الشيء نقضا. والنِّقض: التعب، فكأنه منقوض. وسوغ الانحراف عن المصدر تارة على فَعَل والأخرى إلى فِعْل -تعاقبُ فِعْل وفَعَل في أماكن صالحة على المعنى الواحد، وهو المِثْل والمَثَل، والبِدْل والبَدَل، والشِّبْه والشَّبَه. ومن المعتل القِيل والقَال، والرِّير والرَّار. والكِيح والكَاح، والقِير والقَار.
وقالوا أيضًا صِغْوُهُ معك وصَغَاهُ معك، وكذلك عندي ما عدلوا بِفَعَل تارة إلى فِعْل، وأخرى إلى فُعْل، وذلك قولهم: بِنْت على فِعْل وأُخْت على فُعْل. وأصل كل واحد منهما فَعَل: بنو. وأخو، فلما مالوا إلى التأنيث جاءوا "ببنت" على فِعل. و"أخت" على فُعل؛ فصارا في التقدير بنو وأخو، ثم أبدلوا الواو تاء كتُجَاه وتُرَاث؛ فصارت بِنْتًا وأُخْتًا.
وقد مالوا أيضا ببعضه إلى فَعْل. فقالوا: هَنْت، وأصله فَعَل: هَنَوٌ، فأصاروه إلى هَنْو، ثم أبدلوا الواو تاء، فقالوا: هَنْت. وقابل ذلك أيضا من كلامهم ما كان فيه ثلاث لغات. نحو الشُّرب والشَّرب والشِّرب، والزَّعم والزُّعم والزِّعم. وقالوا شَنِئْتُه شَنْئًا وشِنئًا وشُنئًا.
وقال أبو عبيدة: هو قُطْب الرحى وقِطْب وقَطْب، فهذا طريق مقابلة صنعة اللغة ولفظة واحدة منه في هذا الحد، وعلى التنبه وتدارك الوضع -يقوم مقام كتاب لغة يحفظ هكذا سردا، ولا تَبُلّ النفس بنحو ذلك من لطيف الصنعة فيه يدا). [المحتسب: 2/63]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({أولم ير الّذين كفروا أن السّماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما} 30
قرأ ابن كثير (ألم ير الّذين كفروا) بغير واو وكذا مكتوب في مصاحفهم بغير واو وقرأ الباقون بالواو والواو عطف على ما قبلها كما قال (أولم يأتهم) ومن أسقط الواو لم يجعله نسقا لكنه جعله ابتداء كلام في معنى وعظ وتذكير). [حجة القراءات: 467]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (2- قوله: {أولم ير الذين كفروا} قرأه ابن كثير «ألم ير» بغير واو، قبل اللام، على استئناف الكلام، وكذلك هي في مصاحف أهل مكة، وقرأ الباقون {أولم} بالواو، ردوا الكلام بالواو على ما قبله، وكذلك هو بالواو في جميع المصاحف إلا مصحف أهل مكة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/110]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (3- {أَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا}[آية/ 30] بغير واو:
قرأها ابن كثير وحده.
وقرأ الباقون {أَوَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا}بالواو.
وقد تقدم القول في مثل هذا). [الموضح: 861]

قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (31)}

قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (32)}

قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (33)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م 09:12 AM

سورة الأنبياء

[من الآية(34) إلى الآية(35)]
{وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (34) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35) }

قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (34)}

قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله عزّ وجلّ: (والخير فتنةً وإلينا ترجعون (35)
روى عباس عن أبي عمرو (وإلينا يرجعون) بالياء وقرأ الباقون بالتاء.
قال أبو منصور: من قرأ بالتاء فهو خطاب، أي: ترجعون إلينا وتردون. ومن قرأ بالياء فللغيبة). [معاني القراءات وعللها: 2/164]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (7- وقوله تعالى: {وإلينا ترجعون} [35].
فيه ثلاث قراءات:
قرأ ابن عامر {ترجعون} بفتح التاء أي: تصيرون.
وقرأ الباقون: {ترجعون} أي: تردون. كما قال: {وردوا إلى الله مولهم الحق}.
وروى عياش عن أبي عمرو {وإلينا يرجعون} بالياء إخبارًا عن غيب. والأول للمخاطبين). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/63]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ ابن عامر وحده: (وإلينا ترجعون) [الأنبياء/ 35] بالتاء مفتوحة.
وقرأ الباقون: ترجعون مضمومة التاء.
عباس عن أبي عمر (والخير فتنة وإلينا يرجعون) بالياء مضمومة.
ووجه (ترجعون): إنا لله وإنا إليه راجعون [البقرة/ 156] ووجه ترجعون: ولئن رددت إلى ربي [الكهف/ 36] وقوله: ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة [التوبة/ 94].
وقول أبي عمرو (وإلينا يرجعون)، يكون على الانصراف من الخطاب إلى الغيبة، كقوله: وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون [الروم/ 39] ويجوز أن يكون على قوله: (كل نفس ذائقة الموت وإلينا يرجعون) [الأنبياء/ 35] ). [الحجة للقراء السبعة: 5/257]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م 09:14 AM

سورة الأنبياء

[من الآية(36) إلى الآية(40)]
{وَإِذَا رَآَكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آَلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ (36) خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آَيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ (37) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38) لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (39) بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (40)}


قوله تعالى: {وَإِذَا رَآَكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آَلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ (36)}
قوله تعالى: {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آَيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ (37)}
قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38)}
قوله تعالى: {لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (39)}
قوله تعالى: {بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (40)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م 09:15 AM

سورة الأنبياء

[من الآية(41) إلى الآية(44)]
{وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (41) قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ (42) أَمْ لَهُمْ آَلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلَا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ (43) بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلَاءِ وَآَبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ (44)}


قوله تعالى: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (41)}
قوله تعالى: {قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ (42)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (قل من يكلؤكم (42)
[معاني القراءات وعللها: 2/164]
وقف حمزة على قوله (يكلوكم) أشار إلى الهمزة ولم يهمز.
وقرأ الباقون (يكلؤكم) بالهمزة.
قال أبو منصور: أما قراءة حمزة فإنه رام ضمة الواو، وقد قال الفراء: الهمزة المضمومة لا يبدل منها واو.
قال: ومن أبدل منها واوا مضمومة فقد لحن.
قال أبو منصور: وقال الفراء: ولو تركت همز قوله (يكلؤكم) في غير القرآن.
قلت: (يكلوكم) بواو ساكنة، أو (يكلاكم) بألف ساكنة، مثل: يخشاكم.
ومن جعلها واوا ساكنة قال (كلات) بألف، يترك النّبر منها، ومن قال (يكلاكم) قال (كليت) مثل قضيت.
قال أبو منصور: والقراءة المختارة (يكلؤكم) بهمزة مشبعة، والمعنى: قل من يحفظكم من أمر الرحمن ومن بأسه، ومعنى الاستفهام ها هنا تقرير، ويكون نفيًا، أي: لا يكلؤكم من بأسه شيء). [معاني القراءات وعللها: 2/165]

قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ آَلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلَا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ (43)}
قوله تعالى: {بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلَاءِ وَآَبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ (44)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م 09:17 AM

سورة الأنبياء

[من الآية(45) إلى الآية(47)]
{قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ (45) وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (46) وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (47)}


قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ (45)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ ذكره: (ولا يسمع الصّمّ الدّعاء (45)
[معاني القراءات وعللها: 2/165]
قرأ ابن عامر وحده (ولا تسمع الصّمّ الدّعاء) نصبًا.
وقرأ الباقون: (ولا يسمع الصّمّ الدّعاء)
وقال الفراء: قرأ أبو عبد الرحمن السلمي (ولا يسمع الصّمّ الدّعاء) ضم الياء من (يسمع)، ونصب (الصّمّ) بوقوع الفعل عليهم، وضمّ (الدعاء)؛ لأن الفعل له.
قال أبو منصور: القراءة المختارة (ولا يسمع الصّمّ الدّعاء) بفتح الياء من (يسمع) و(الصمّ) رفع و(الدعاء) نصبٌ.
وأما قراءة ابن عامر (ولا تسمع الصّمّ الدّعاء) فالخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - المعنى: تسمع أنت يا محمد.
الصمّ، أي: المعرضين عما تتلوا عليهم، فهم بمنزلة من لا يسمع، و(الدعاء) نصبٌ؛ لأنه مفعول ثان.
أي: لا تسمعهم دعاءك؛ لأنهم لا يعونه). [معاني القراءات وعللها: 2/166]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (3- وقوله تعالى: {ولا يسمع الصم الدعاء} [45].
قرأ ابن عامر وحده {ولا تسمع} بالتاء [و] الصم نصبًا أي: ولا تسمع أنت يا محمد الصم. كما قال: {وما أنت بمسمع من في القبور}، لأن الله تعالى لما خاطبهم فلم يلتفتوا إلى ما دعاهم إليه رسوله.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/60]
ومجت آذانهم القرآن صاروا بمنزلة الميت الذي لا يسمع، والأصم الذي لا يسمع ولا يعقل.
وقرأ الباقون {لا يسمع الصم} جعلوا الفعل لهم، والصم: وزنه فعل، جمع أصم، وأصم (أفعل). أصمم فأدغموا الميم في الميم، وتصغير أصم أصيم. والصمم: ثقل في الأذن. فإذا كان لا يسمع شيئًا قيل: أصم أصلخ بالخاء. قال ابن دريد: أصم أصلج بالجيم. والوقر: الثقل في الأذن). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/61]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ ابن عامر وحده: (ولا تسمع) [الأنبياء/ 45] بالتاء مضمومة الصم نصبا.
وقرأ الباقون: (ولا يسمع) بالياء الصم رفعا.
قول ابن عامر أنه حمله على ما قبله، والفعل مسند إلى المخاطب، وكذلك قوله: (ولا تسمع الصمّ) مسند إليه، والمعنى: أنهم معاندون، فإذا أسمعتهم لم يعملوا بما يسمعونه، ولم ينقادوا له كما لا يسمع الأصمّ.
ووجه قول الباقين: أنه على وجه الذمّ لهم والتقريع بتركهم سمع ما يجب عليهم استماعه والانتهاء إليه، وقد تقول لمن تقرّعه بتركه ما تدعوه إليه: ناديتك فلم تسمع، وأفهمتك فلم تفهم، ولو كان (ولا تسمع الصمّ) كما قال ابن عامر، لكان: إذا تنذرهم، فأما إذا ما ينذرون فحسن أن يتبع ولا يسمع الصمّ إذا ما أنذروا). [الحجة للقراء السبعة: 5/255]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولا يسمع الصم الدّعاء إذا ما ينذرون}
قرأ ابن عامر {ولا تسمع} بالتّاء مضمومة {الصم} نصب أي أنت يا محمّد لا تقدر أن تسمع الصم كما قال سبحانه {وما أنت بمسمع من في القبور} والصم ها هنا المعرضون عمّا يتلى عليهم من ذكر الله فهم بمنزلة من لا يسمع كما قال الشّاعر:
أصمّ عمّا ساءه سميع
[حجة القراءات: 467]
وقرأ الباقون {ولا يسمع} بالياء و{الصم} رفع جعلوا الفعل لهم وكانوا يسمعون ويبصرون ولكنهم لم يستعملوا هذه الحواس استعمالا يجدي عليهم فصاروا كمن لم يسمع ولم يبصر). [حجة القراءات: 468]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (3- قوله: {ولا يسمع الصم} قرأه ابن عامر بتاء مضمومة، وكسر الميم، ونصب {الصم} على الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، لتقدم لفظ الخطاب له في قوله: {إنما أنذركم بالوحي} فلما أضيف الفعل إلى النبي في {أنذركم} أضيف إليه في «تسمع» ونصب {الصم} بتعدي الفعل إليهم، فجرى الكلام الآخر على سنن أوله بإضافة الفعل إلى
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/110]
النبي فيهما، وجعل الفعل رباعيًا من «أسمع» فتعدى إلى مفعولين {الصم} و{الدعاء} وقرأ الباقون {ولا يسمع} بياء مفتوحة، وفتح الميم، ورفع {الصم} أضافوا الفعل إلى {الصم} فارتفعوا بفعلهم، لأنه نفى السمع عنهم، كما تقول: لا يقوم زيد، فترفع لنفيك القيام عنه، وتعديه إلى مفعول، لأنه ثلاثي، والمفعول {الدعاء} ورفع هذا النوع، إنما هو على سبيل الإخبار عنهم، كما تخبر عن الفاعل، وفيه اختلاف، لأنهم لم يفعلوا شيئًا، فليسوا بفاعلين على الحقيقة، وفي هذه القراءة معنى الذم لهم والتقريع لهم لتركهم استماع ما يجب لهم استماعه والقبول له، والياء الاختيار؛ لأن الجماعة على ذلك). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/111]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (4- {ولا تُسْمِعُ الصُّمَّ}[آية/ 45] بالتاء المضمومة من {تُسْمِعُ}، ونصب {الصُّمَّ}:
قرأها ابن عامر وحده.
[الموضح: 861]
والوجه أنه على مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم حملاً له على ما قبله، وهو خطاب له عليه السلام، وذلك قوله {قُلْ إنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ}، أي إنك لا تقدر على إسماع الصم، والمراد أنهم معاندون، فإذا أسمعتهم لم يعملوا بما سمعوه كأنهم صُمٌّ لم يسمعوه.
وقرأ الباقون {يَسْمَعُ}بالياء مفتوحة، {الصُّمّ}رفعًا.
والوجه أنه على الذم والتوبيخ بترك استماع ما يجب عليهم استماعه، فكأنهم صم لا يسمعون، وارتفاع {الصُّمّ}؛ لأنه فاعل، وتذكير الفعل من أجل تقدمه، ولون التأنيث غير حقيقي). [الموضح: 862]

قوله تعالى: {وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (46)}
قوله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (47)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وإن كان مثقال حبّةٍ من خردلٍ (47)
قرأ نافع وحده (وإن كان مثقال حبّةٍ) بالرفع وقرأ الباقون (وإن كان مثقال حبّةٍ) بالنصب.
[معاني القراءات وعللها: 2/166]
قال أبو منصور: من نصب (مثقال حبّةٍ) فالمعنى: وإن كان العمل أو الإيمان زنة حبةٍ من خردل.
ومن رفع فالمعنى: وإن حصل للعبد زنة حبّةٍ من خردل، وهذه تسمى (كان) المكتفية). [معاني القراءات وعللها: 2/167]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (5- وقوله تعالى: {وإن كان مثقال حبة من خردل} [47].
قرأ نافع وحده {مثقال حبة} بالرفع جعل «كان» بمعنى حدث ووقع ولا خبر لها، كما قال: {إلا أن تكون تجرة}، أي لا أن تقع تجارة.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/61]
وقرأ الباقون بالنصب خبر «كان»، والاسم مضمر، والتقدير: فلا تظلم نفس شيئًا إن كان الشيء مثقال حبة أتينا بها: جئنا بها.
فإن قيل لك: فإن المثقال مذكر فلم قال: {بها}، ولم يقل به؟ فقل: لأن مثقال الحبة هي الحبة، ووزنها، كما قرأ الحسن: {تلتقطه بعض السيارة} لأن بعض السيارة من السيارة.
وقرأ مجاهد فيما حدثني ابن مجاهد عن السمري عن الفراء أن مجاهدًا قرأ: {آتينا بها} ممدودًا أي: جازينا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/62]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ نافع وحده (وإن كان مثقال حبة) [الأنبياء/ 47]. رفعا. وقرأ الباقون مثقال نصبا.
وجه الرفع أنه أسند الفعل إلى المثقال، كما أسند في قوله: وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة [البقرة/ 280]. أي: ذا عسرة، وكذلك قوله:
إذا كان يوم ذو كواكب أشهبا.
ووجه النصب: وإن كان الظلامة مثقال حبّة، وهذا حسن لتقدم قوله: لا تظلم نفس شيئا [الأنبياء/ 47] فإذا ذكر تظلم فكأنّه ذكر الظلامة، كقولهم: من كذب كان شرا له). [الحجة للقراء السبعة: 5/256]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير والعلاء بن سيابة وجعفر بن محمد وابن سريج الأصبهاني: [آَتَيْنَا بِهَا]، بالمد.
قال أبو الفتح: ينبغي أن يكون [آتَيْنَا] هنا فاعَلْنا لا أفْعَلْنا؛ لأنه لو كانت أفعَلْنا لما احتيج إلى الباء ولقيل: آتيناها. كما قال تعالى : {وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً}،
[المحتسب: 2/63]
فآتينا إذا من قوله: {أَتَيْنَا بِهَا} فاعلْنا، ومضارعها يُوَاتِي كيُهاتِي في قول الجماعة إلا أبا علي فإنه كان يقول في هات: غير ما يقول الناس فتصريف هذا الفعل آتينا نُواتِي مُواتاة، وأنا مواتٍ، وهو مواتًى. ومن قال: ضاربت ضِرَابًا قال: إتاءً، ومن قال: ضِيرَابا قال: إيتاءً؛ فإيتاءُ على فِيعال كضِيراب، ومن قال:
أقاتلُ حتى لا أرى لي مُقاتًلا
قال: مواتًى). [المحتسب: 2/64]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبّة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين} 47
قرأ نافع {وإن كان مثقال} بالرّفع أي وإن حصل للعبد مثقال حبّة كقوله تعالى {وإن كان ذو عسرة}
وقرأ الباقون {مثقال} بالنّصب فجعلوه خبر كان والاسم مضمر المعنى فلا تظلم نفس شيئا وإن كان العمل مثقال حبّة من خردل). [حجة القراءات: 468]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (4- قوله: {وإن كان مثقال حبة} قرأ نافع برفع {مثقال} ومثله في لقمان بالرفع، وقرأ الباقون بالنصب.
وحجة من قرأ بالرفع أنه جعل {كان} تامة، لا تحتاج إلى خبر بمعنى: وقع وحدث، فرفع {المثقال} بها؛ لأنها فاعل لـ {كان}.
5- وحجة من نصب أنه جعل {كان} هي الناقصة، التي تحتاج إلى خبر واسم، فأضمر فيها اسم ونصب «مثقالا» على خبر كان، تقديره: وإن كان الظلامة مثقال حبة. وأجاز إضمار الظلامة لتقدم ذكر الظلم، ولم تظهر علامة التأنيث في الفعل، لأن الظلامة والظلم سواء، فذكر، لتذكير الظلم، وقيل: ذكّر لما كانت الظلامة هي المثقال، والمثقال مذكر، فذكّر لتذكير
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/111]
المثقال، وقد تقدم ذكر {أف} «67» و{ضياء} «48» وعلتهما). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/112]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (5- {وإن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ}[آية/ 47] بالرفع:
قرأها نافع وحده، وكذلك في لقمان.
والوجه أنه كان تامة، فتكون بمعنى حدث ووقع، و{مِثْقَالَ}فاعل له، كما كان كذلك في قوله تعالى {وإن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ}ولا يحتاج إلى خبر.
وقرأ الباقون {مِثْقَالَ حَبَّةٍ}بالنصب.
والوجه أن كان على هذا هي الناقصة التي تحتاج إلى اسم وخبر، واسمها مضمر يدل عليه ما قبله من قوله {فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا}، والتقدير وإن كان
[الموضح: 862]
الظلم أو الظلامة مثقال حبةٍ، وانتصب {مِثْقَالَ حَبَّةٍ}على أنه خبر كان، واسمها مضمر في كان وهو ضمير الظلم، والتقدير: وإن كان هو). [الموضح: 863]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م 09:18 AM

سورة الأنبياء

[من الآية(48) إلى الآية(50)]
{وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ (48) الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ (49) وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (50)}

قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ (48)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياءً وذكرًا للمتّقين (48)
روى قنبل عن ابن كثير (وضئاء) بهمزتين.
قال أبو منصور: القراء كلّهم على (ضياء) بغير همز في الياء.
ومن همز الياء فقد لحن؛ لأن الهمزة في الياء من (ضياء) تقع موقع عين الفعل، وهذه الياء كانت في الأصل واوًا، فجعلت ياء لكسرة ما قبلها، والفعل منه ضاء الشيء يضوء ضيئًا.
ألا ترى أنه لا همز في واو الضوء، وإنما الهمز بعد الواو في الذي هو لام الفعل؟!). [معاني القراءات وعللها: 2/167]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (6- وقوله تعالى: {وضياء وذكرا} [48].
قرأ ابن كثير في رواية قنبل {ضئآء} بهمزتين. وقد ذكرت علته في سورة (يونس)، فسألت ابن مجاهد ما وزن قنبل، قال: (فنعل)، ولم يدر اشتقاقه، وسألت أبا عمر قال: يقال قنبل الرجل إذا أوقد القنبل، وهو شجر، وقنبل الرجل إذا صارت له فنبلة أي: أصحاب بعد أن كان واحدًا.
فأما الواو في قوله: {وضياء} فقال الفراء: الواو زائدة م، والتقدير: ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان ضياءً، فيكون نصبًا على الحال.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/62]
وقال البصريون: الواو نسق وليس زائدًا، فمعناه: أعطيناهما التوراة التي فرقت بين الحق والباطل، واعطيناه ضياء وذكرًا، وشاهد بهذا القول قوله: {فيها هدى ونور} والنور هو الهدى). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/63]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ ابن كثير وحده: (وضئاء) [الأنبياء/ 48] بهمزتين، الأولى قبل الألف، والثانية بعد الألف، كذلك قرأت على قنبل عن القواس، وأبى ذلك ابن فليح وغيره، وهو غلط، والذي روى ابن فليح وغيره هو الصواب.
وقرأ الباقون: ضياء بهمزة واحدة بعد الألف.
[الحجة للقراء السبعة: 5/256]
وقد تقدّم القول في ذلك). [الحجة للقراء السبعة: 5/257]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن عباس، وعكرمة والضحاك: [الْفُرْقَانَ ضِيَاءً]، بغير واو.
قال أبو الفتح: ينبغي أن يكون "ضياء" هنا حالا، كقولك: دفعت إليك زيدا مجملا لك ومسددا من أمرك، وأصحبتك القرآن دافعا عنك ومؤنسا لك. فأما في قراءة الجماعة: "وضياء" بالواو، فإنه عطف على الفرقان، فهو مفعول به على ذلك). [المحتسب: 2/64]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (6- {وضِئَاءً}[آية/ 48] بهمزتين:
قرأها ابن كثير- ل-.
وقرأ الباقون {وضِيَاءً}بهمزة واحدة بعد الألف حيث وقع.
وقد تقدم وجه ذلك في سورة يونس). [الموضح: 863]

قوله تعالى: {الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ (49)}

قوله تعالى: {وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (50)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م 09:20 AM

سورة الأنبياء

[من الآية(51) إلى الآية(56)]
{وَلَقَدْ آَتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (51) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52) قَالُوا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ (53) قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (54) قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ (55) قَالَ بَل رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (56) }


قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (51)}
قوله تعالى: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52)}
قوله تعالى: {قَالُوا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ (53)}
قوله تعالى: {قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (54)}
قوله تعالى: {قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ (55)}
قوله تعالى: {قَالَ بَل رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (56)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م 09:22 AM

سورة الأنبياء

[من الآية(57)إلى الآية(60)]
{وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (57) فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (58) قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (59) قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (60) }


قوله تعالى: {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (57)}
قوله تعالى: {فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (58)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فجعلهم جذاذًا (58)
قرأ الكسائي وحده (جذاذًا) بكسر الجيم. وقرأ الباقون بضمها.
قال أبو منصور: من قرأ (جذاذًا) بالضم فهو بمعنى مجذوذ، وبنية كل ما كسر أو قطع أو حطم على (فعال) نحو: الجذاذ، والحطام، والرّفات،
[معاني القراءات وعللها: 2/167]
والكسار، وما أشبهها.
ومن قرأ (جذاذً) فهو جمع جذيذ، كما يقال: خفيفٌ وخفاف، وصغير وصغار، وثقيلٌ وثقالٌ). [معاني القراءات وعللها: 2/168]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (8- وقوله تعالى: {فجعلهم جذاذًا} [58].
قرأ الكسائي وحده {جذاذا} بالكسر جعله جمع جذيذ، وجذاذ مثل خفيف، وخفاف. والجذيذ بمعنى مجذوذ وهو المقطوع، كما قال تعالى: {عطاء غير مجذوذ} وتقول العرب: حددت الشيء، وجزرته،
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/63]
وصرمته، وخرمته، وخزمته، وخزلته، وخرذلته، وخردلته، كله بمعنى قطعته.
وقرأ الباقون {جذاذا} بمعنى: الحطام والرفات، ولا يثني ولا يجمع من قرأ بهذه القراءة. قال الشاعر:
فظل مستعبرًا لديها = تسيح أجفانه رذاذا
يقول ياهمتي وسؤلي = قطع قلبي الهوى حذاذا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/64]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في ضم الجيم وكسرها من قوله تعالى: فجعلهم جذاذا [الأنبياء/ 58].
فقرأ الكسائي وحده (جذاذا) بكسر الجيم.
وقرأ الباقون جذاذا بضم الجيم.
قال: جذاذا: فعال من: جذذت الشيء إذا قطعته، قال:
تجذّ السّلوقي المضاعف نسجه
[الحجة للقراء السبعة: 5/257]
ومثل الجذاذ الحطام والرفات، والضم في هذا النحو أكثر، والكسر فيما زعموا لغة وهي قراءة الأعمش). [الحجة للقراء السبعة: 5/258]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن عباس وأبي نهيك وأبي السمال: [فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا].
قال أبو الفتح: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد عن أبي بكر محمد بن هارون عن أبي حاتم قال: فيها لغات: جِذاذا، وجُذاذا، وجَذاذا. قال: وأجودها الضم، كالحُطام والرُّقات، وكذلك روينا عن قطرب: جَذَّ الشيءَ يجُذه جَذًّا وجُذاذا وجِذاذا وجَذاذا). [المحتسب: 2/64]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فجعلهم جذاذا إلّا كبيرا لهم}
قرأ الكسائي {فجعلهم جذاذا} بالكسر جمع ل جذيذ وجذيذ معدول عن مجذوذ مثل قتيل مقتول ثمّ جمع الجذيذ جذاذا كما جمع الخفيف خفافا والكبير كبارًا والصّغير صغارًا وكان قطرب يذهب إلى المصدر يقول جذذته جذاذا مثل ضرمته ضراما
وقرأ الباقون {جذاذا} بالضّمّ قال اليزيدي واحدها جذاذة مثل زجاجة وزجاج وقال الفراء الجذاذ مثل الحطام فهو عند اليزيدي جمع وعند الفراء في تأويل مصدر مثل الرفات والفتات لا واحد له). [حجة القراءات: 468]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (6- قوله: {جذاذا} قرأ الكسائي بكسر الجيم، وضمها الباقون. وهما لغتان، والضم أكثر. و«الجذاذ» الفتات والقطع، يقال: جذذت الشيء قطعته، ومثله قوله: {عطاء غير مجذوذ} «هود 108» أي غير مقطوع). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/112]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (7- {فَجَعَلَهُمْ جِذَاذًا}[آية/ 58] بكسر الجيم:
قرأها الكسائي وحده.
وقرأ الباقون {جُذَاذًا}بضم الجيم.
والوجه أن جذاذاً وجذاذاً بالضم والكسر لغتان، والضم أكثر.
وقال بعضهم: الجذاذ بالضم اسم لما جُذَّ فهو بمعنى مفعول كالحطام والرفات والحتات والكسار، وأما الجذاذ بالكسر فهو جمع جذيذٍ، والجذيذ: المجذوذ، كخفافٍ لجمع خفيفٍ وطوالٍ لجمع طويلٍ وصغارٍ لجمع صغير). [الموضح: 863]

قوله تعالى: {قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (59)}

قوله تعالى: {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (60)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م 09:23 AM

سورة الأنبياء

[من الآية(61)إلى الآية(67)]
{قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (61) قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ (63) فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (64) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ (65) قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66) أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (67) }


قوله تعالى: {قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (61)}
قوله تعالى: {قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62)}
قوله تعالى: {قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ (63)}
قوله تعالى: {فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (64)}
قوله تعالى: {ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ (65)}
قوله تعالى: {قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66)}
قوله تعالى: {أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (67)}

قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (9- وقوله تعالى: {أف لكم} [67].
قرأ ابن كثير، وابن عامر نصبًا.
وقرأ نافع، وحفص {أف لكم} بالكسر والتنوين.
والباقون يكسرون، ولا ينونون وقد ذكرت علته ذلك في (سبحان) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/64]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله: أف لكم [الأنبياء/ 67].
فقرأ ابن كثير وابن عامر: (أفّ لكم) بفتح الفاء.
وقرأ نافع وحفص عن عاصم أف خفض منوّن.
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وأبو عمرو وحمزة والكسائي (أفّ لكم) بكسر الفاء غير منون.
وقد تقدّم القول في ذلك). [الحجة للقراء السبعة: 5/258]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (8- {أُفٍّ لَّكُمْ}[آية/ 67] بفتح الفاء غير منونٍ:
قرأها ابن كثير وابن عامر ويعقوب.
[الموضح: 863]
والوجه أنه مبني على الفتح؛ لأنه اسم سمي به الفعل، وما كان نحوه فإنه يبنى على الفتح، نحو سرعان ورويد، ومعناه المصدر؛ لأن المراد التكره والتضجر، وترك التنوين فيه يدل على تعريفه.
وقرأ نافع و- ص- عن عاصم {أُفٍّ}بالكسر والتنوين.
والوجه أنه مبني أيضًا، لكنه على الكسر لالتقاء الساكنين، والتنوين لأجل التنكير، وقد مضى الكلام عليه فيما سبق. والمعنى: كراهة لكم.
وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي و- ياش- عن عاصم {أُفٍّ}بالكسر من غير تنوين.
والوجه أنه مبني على الكسر كما ذكرنا، لالتقاء الساكنين، وترك تنوينه لكونه معرفة، ومعناه: الكراهة لكم، كما تقول: صه بلا تنوين في التعريف يعني السكوت، وصه بالتنوين في التنكير، ومعناه: سكوتًا). [الموضح: 864]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م 09:25 AM

سورة الأنبياء

[من الآية(68)إلى الآية(73)]
{قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آَلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (68) قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70) وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (71) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ (72) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ (73) }


قوله تعالى: {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آَلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (68)}
قوله تعالى: {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69)}
قوله تعالى: {وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70)}
قوله تعالى: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (71)}
قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ (72)}
قوله تعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ (73)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م 09:26 AM

سورة الأنبياء

[من الآية(74)إلى الآية(75)]
{وَلُوطًا آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ (74) وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (75)}


قوله تعالى: {وَلُوطًا آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ (74)}
قوله تعالى: {وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (75)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م 09:28 AM

سورة الأنبياء

[من الآية(76)إلى الآية(77)]
{وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (76) وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (77)}


قوله تعالى: {وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (76)}
قوله تعالى: {وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (77)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م 09:29 AM

سورة الأنبياء

[من الآية(78)إلى الآية(82)]
{وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آَتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79) وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ (80) وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ (81) وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ (82) }


قوله تعالى: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78)}
قوله تعالى: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آَتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79)}
قوله تعالى: {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ (80)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ليحصنكم من بأسكم (80)
قرأ ابن عامر وحفص (لتحصنكم) بالتاء، وقرأ أبو بكر والحضرمي (لنحصنكم) بالنون.
وقرأ الباقون (ليحصنكم) بالياء.
قال أبو منصور: من قرأ (لتحصنكم) بالتاء أراد الصنعة، علمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم.
ويجوز أن يكون اللبوس معناه: الدّروع، وهي مؤنثة.
ومن قرأ (ليحصنكم) فله وجهان:
أحدهما: ليحصنكم الله.
والوجه الثاني: ليحصنكم اللبوس، ذكّره للفظه.
ومن قرأ (لنحصنكم) فالله يقول: نحن، أي: لنقيكم به بأس السلاح). [معاني القراءات وعللها: 2/168]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (10- وقوله تعالى: {لتحصنكم من بأسكم} [80].
قرأ ابن عامر، وحفص عن عاصم بالتاء، يريد: الدرع.
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر {لنحصنكم} بالنون، الله تعالى يخبر عن نفسه.
وقرأ الباقون بالياء، ردًا على اللبوس {صنعة لبوس لكم ليحصنكم} اللبوس.
وحدثني أحمد عن على عن أبي عبيد أن أبا جعفر المدني قرأ
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/64]
{لتحصنكم من بأسكم} بالتاء ردًا على الصنعة. وكان الله تعالى قد ألان الحديد لداود، فكان يحيله في يده كالشمعة، كما قال: صلى الله عليه وسلم {وألنا له الحديد أن اعمل سابغات} يعني: الدروع {وقدر في السرد} يعني الثقب، والحلق. والبأس: الحرب والشدة. فجعل الله تعالى الدروع والسلاح والخيل حصونًا لبني آدم من عدوهم). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/65]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو والكسائي: (ليحصنكم) بالياء.
وقرأ ابن عامر وحفص عن عاصم: لتحصنكم بالتاء.
وروى أبو بكر عن عاصم: (لنحصنكم) بالنون.
وجه الياء في قوله (ليحصنكم) يجوز أن يكون الفاعل اسم الله لتقدّم علمناه، ويجوز أن يكون اللباس، لأن اللبوس بمعنى اللباس من حيث كان ضربا منه، ويجوز أن يكون داود، ويجوز أن يكون التعليم يدل عليه علمناه. ومن قرأ لتحصنكم حمله على المعنى لأنها الدرع. ومن قرأ (لنحصنكم) فلتقدم قوله: وعلمناه أي علمناه لنحصنكم). [الحجة للقراء السبعة: 5/258]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون} 80
قرأ ابن عامر وحفص {لتحصنكم} بالتّاء أرادوا الدرع والدرع تؤنث وتذكر وقال الزّجاج من قرأ بالتّاء أراد الصّنعة
وقرأ أبو بكر (لنحصنكم) بالنّون الله جلّ وعز يخبر عن نفسه
وقرأ الباقون (ليحصنكم) بالياء أي ليحصنكم الله مثل النّون ويجوز ليحصنكم هذا اللبوس). [حجة القراءات: 469]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (7- قوله: {لتحصنكم} قرأ ابن عامر وحفص بتاء مضمومة وقرأه أبو بكر بنون مضمومة، وقرأ الباقون بياء مضمومة.
وحجة من قرأ بالتاء أنه ردّه على «الصنعة» وقيل: ردّه على معنى «اللبوس» لأن «اللبوس» الدرع، والدرع مؤنثة.
8- وحجة من قرأ بالياء أنه رده على لفظ اللبوس، ولفظ مذكر، لأنه بمعنى اللباس، وقيل: هو مردود إلى الله جل ذكره، أي: ليحصنكم الله من بأسكم، لتقدم ذكره في قوله: {وعلمناه}، وفيه خروج من الإخبار إلى الغيبة، وقيل: هو لداود. أي ليحصنكم بذلك داود من بأسكم، وقد تقدم ذكر داود فحسن الإخبار عنه، وقيل هو للتعليم، لقوله: {وعلمناه} فالمعنى: ليحصنكم التعليم. ودل: {علمناه} على التعليم.
9- وحجة من قرأ بالنون أنه رده على {علمناه} لقربه منه، وهو ظاهر في المعنى؛ لأنه أجرى الفعلين على نظام واحد. والاختيار الياء لأن الأكثر عليه، ولتمكن الوجوه فيه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/112]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (9- {لِتُحْصِنَكُم}[آية/ 80] بالتاء:
قرأها ابن عامر و- ص- عن عاصم.
والوجه أن التأنيث لأجل المعنى؛ لأن اللبوس: الدرع، والدرع مؤنثة.
وقرأ عاصم- ياش- ويعقوب- يس- {لِنُحْصِنَكُم}بالنون.
والوجه أنه لموافقة ما قبله وهو قوله {وعَلَّمْنَاهُ}أي علمناه لنحصنكم.
وقرأ الباقون و- ح- و- ان- عن يعقوب {لِيُحْصِنَكُم}بالياء.
[الموضح: 864]
والوجه أنه يجوز أن يكون الفعل لله تعالى، يدل عليه قوله تعالى {وعَلَّمْنَاهُ}أي علمه الله ليحصنكم.
ويجوز أن يكون الفعل للبوس على اللفظ، واللبوس فعول بمعنى مفعول، أراد الملبوس، أي ليحصنكم الملبوس، فذكر الفعل على اللفظ.
ويجوز أن يكون الفعل لمعنى التعليم الذي يدل عليه {عَلَّمْنَاهُ}، كأنه قال: ليحصنكم التعليم). [الموضح: 865]

قوله تعالى: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ (81)}
قوله تعالى: {وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ (82)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م 09:31 AM

سورة الأنبياء

[من الآية(83)إلى الآية(86)]
{وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84) وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ (85) وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ (86)}


قوله تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (مسّني الضّرّ (83) و: (عبادي الصّالحون (105)
أرسل الياء فيهما حمزة، وفتحها الباقون). [معاني القراءات وعللها: 2/174] (م)

قوله تعالى: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84)}
قوله تعالى: {وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ (85)}
قوله تعالى: {وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ (86)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م 09:37 AM

سورة الأنبياء

[من الآية(87)إلى الآية(88)]
{وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)}

قوله تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فظنّ أن لن نقدر عليه (87)
قرأ يعقوب وحده (فظنّ أن لن يقدر عليه) بياء مضمومة، وقرأ الباقون (فظنّ أن لن نقدر عليه) بالنون
قال أبو منصور: القراءة بالنون والتخفيف، وله معنيان:
أحدهما: فظن يونس أن لن نقدر عليه ما قدّرنا من التقام الحوت إياه، وحبسه في بطنه، يقال: قدر، وقدّر بمعنى واحد ومنه قول أبي صخر الهذلي:
[معاني القراءات وعللها: 2/168]
فليست عشيات اللّوى برواجع... لنا أبدًا ما أورق السّلم النّضر
ولا عائدًا ذاك الزّمان الذي مضى... تباركت ما تقدّر يقع ولك الشكر
معناه: ما تقدر يقع. وهو كلام فصيح.
ومنه قول الله جلّ وعزّ (فقدرنا فنعم القادرون) أي: فنعم المقدرون.
والمعنى الثاني في قوله: (فظن أن لن نقدر عليه) فظن أن لن نضيّق عليه، ومنه قوله: (يبسط الرّزق لمن يشاء ويقدر)، أي: يضيّق على من يشاء، ويوسع على من يشاء.
فهذان وجهان عربيان، ولا يجوز أن يكون معنى قوله: (فظنّ أن لن نقدر عليه) من القدرة؛ لأنه لا يجوز في صفة نبي من الأنبياء أن يظن هذا الظن.
ومن قرأ (فظنّ أن لن يقدر عليه) فإنه جائز أن يفسر بالمعنيين اللذين ذكرتهما، إلا أن القراءة المختارة ما اجتمع عليه قراء الأمصار). [معاني القراءات وعللها: 2/169]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (10- {فَظَنَّ أَن لَّن يَّقْدِرَ عَلَيْهِ}[آية/ 87] بالياء مضمومة، والدال مفتوحة:
قرأها يعقوب وحده.
والوجه أن الفعل مبني لما لم يسم فاعله.
ويجوز أن يكون إنما قرأ كذلك لأنه حمل المعنى على أن يونس ذهب مغاضبًا لحزقيًا الملك، فظن أن لن يقدر عليه حزقيًا، فلهذا لم يسند الفعل إلى الله تعالى.
ويجوز أن يكون المعنى مثل ما في القراءة الأخرى، فبنى الفعل لما لم يسم فاعله، إذ المعنى لا يتغير.
وقرأ الباقون {أَن لَّن نَّقْدِرَ}بالنون وكسر الدال.
والوجه أن الفعل مسند إلى الله تعالى على لفظ التعظيم، كما أن ما بعده كذلك، وهو قوله {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ ونَجَّيْنَاهُ}.
[الموضح: 865]
والمعنى في {لَّن نَّقْدِرَ}: لن نضيق، وقيل لن نقدر عليه ما قدرناه من جنسه في بطن الحوت، أي لان نقدر، وهو من التقدير الذي هو التهيئة لإمضاء الأمر في الشيء، قال الله تعالى {فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ القَادِرُونَ}أي: فقدرنا فنعم المقدرون). [الموضح: 866]

قوله تعالى: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وكذلك ننجي المؤمنين (88)
[معاني القراءات وعللها: 2/169]
قرأ ابن عامر، وأبو بكر عن عاصم: (وكذلك نجي المؤمنين) بنون واحدة، مشددة الجيم، ساكنة الياء.
وقرأ الباقون (ننجي المؤمنين) بنونين الثانية ساكنة والجيم خفيفة.
وقال الفراء: القراءة بنونين، وإن كانت كتابتها بنون واحدة، وذلك أن النون الأولى متحركة، والثانية ساكنة، فلا تظهر الساكنة على اللسان، فلما خفيت حذفت في الكتابة.
قال أبو منصور: وأما قراءة عاصم وابن عامر بنون واحدة فلا يعرف لها وجهة؛ لأن ما لم يسم فاعله إذا خلا باسمه رفعه.
وقال أبو إسحاق النحوي: من قال معناه: نجّي النجاء المؤمنين، فهو خطأ بإجماع من النحويين كلهم، لا يجوز (ضرب زيدًا) تريد: ضرب
الضرب زيدًا؛ لإنك إذا قلت: (ضرب زيدٌ) فقد علم أن الذي ضربه ضربٌ فلا فائدة في إضماره وإقامته مقام الفاعل). [معاني القراءات وعللها: 2/170]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (11- وقوله تعالى: {وكذلك نجي المؤمنين} [88].
قرأ عاصم وحده {وكلك نجي المؤمنين} بنون واحدةٍ.
قال الفراء: لا وجه له عندي إلا اللحن.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/65]
وقد احتج له غيره. فقال: نجى فعل ماض على مالم يسم فاعله. ثم أرسل الياء، كما قرأ الحسن: {وخذوا ما بقي من الربا} قام المصدر مقام المفعول الذي لا يذكر فاعله. وكذلك: نجي نجاء المؤمنين، واحتجوا بأن أبا جعفر قرأ في (الجاثية): {ليجزي قومًا بما كانوا يكسبون} على تقدير ليجزي الجزاء قومًا. وقال الشاعر:
فلو ولدت قفيرة جرو كلبٍ = لسب بذلك الجرو الكلابا
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/66]
فقال أبو عبيد يجوز أن يكون أراد: «ينجي»، فأدغم النون في الجيم وهذا غلط؛ لأن النون لا تندغم في الجيم، ولا الجيم في النون. ولكن النون تخفي عند الجيم. فلما خفيت لفظًا خزلوها خطأ فكتب في المصحف بنون واحدة، فذلك الذي حمل عاصمًا على أن قرأها كذلك والاختيار {وكذلك ننجي} بنون فعل مضارع، النون الأولي للاستقبال والثانية أصلية، أنجي ينجي إنجاء، والمؤمنون مفعولون). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/67]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: وقرأ عاصم في رواية أبي بكر: (وكذلك نجي المؤمنين) [الأنبياء/ 88] بنون واحدة مشدّدة الجيم على ما لم يسمّ فاعله والياء ساكنة.
وروى حفص عن عاصم: ننجي المؤمنين بنونين خفيفة، الثانية منهما ساكنة، مثل حمزة، وكذلك قرأ الباقون عبيد عن أبى عمرو وعبيد عن هارون عن أبي عمرو: (نجّي) مدغمة كذلك قالا، وهو وهم لا يجوز فيه الإدغام، لأن الأولى متحرّكة، والثانية ساكنة، والنون لا تدغم في الجيم، وإنما خفيت لأنها ساكنة تخرج من الخياشيم، فحذفت من الكتاب وهي في اللفظ ثابتة، ومن قال: مدغم فهو غلط.
قال: قوله في ذلك أن عاصما ينبغي أن يكون قرأ ننجي بنونين وأخفى الثانية، لأن هذه النون تخفى مع حروف الفم وتبيينها لحن، فلما أخفى عاصم، ظنّ السامع أنه مدغم لأن النون تخفي مع حروف الفم، ولا تبين، فالتبس على السامع الإخفاء بالإدغام من حيث كان كلّ واحد من الإخفاء والإدغام غير مبيّن، ويبين ذلك إسكانه الياء من (نجّي) لأن الفعل إذا كان مبنيّا للمفعول به وكان ماضيا لم يسكن آخره، وإسكان آخر الماضي إنما كان يكون في قول من قال في رض: رضا، وليس هذا منه، فإسكان الياء يدلّ على أنه قرأ ننجي كما روى حفص عنه. ومما يمنع أن يظنّ ذلك له نصب قوله المؤمنين من ننجي المؤمنين ولو كان على ما لم يسمّ فاعله لوجب أن يرتفع، فأما قول من قال: إنه يسند الفعل إلى المصدر ويضمره لأن
[الحجة للقراء السبعة: 5/259]
الفعل دلّ عليه، فذلك مما يجوز في ضرورة الشعر، والبيت الذي أنشد:
ولو ولدت قفيرة جرو كلب... لسبّ بذلك الجرو الكلابا
لا يكون حجّة في هذه القراءة، وإنما وجهها ما ذكرنا، لأن الراوي حسب الإخفاء إدغاما، ألا ترى أن الفعل مبني للمفعول فينبغي أن يسند إليه كما يسند المبنيّ للفاعل، وإنما يسند إلى هذه الأشياء من الظروف والجار والمجرور إذا لم يذكر المفعول به، فأمّا إذا ذكر المفعول به لم يسند إلى غيره، لأن الفعل له فهو أولى به. وكذلك من حكى عن أبي عمرو أنه أدغم النون الثانية من نجّي في الجيم فهو أيضا وهم، ولعلّه التبس عليه الإخفاء بالإدغام أيضا، وإنما حذفت النون من الخط كراهة لاجتماع صورتين متفقتين، وقد كرهوا ذلك في الخط في غير هذا الموضع، وذلك أنهم كتبوا نحو: الدنيا والعليا والحديا بألف، ولولا الياء التي قبل الألف لكتبوها بالياء، كما كتبوا نحو: بهمى وحبلى وأخرى ونحو ذلك بالياء، كما كرهوا الجمع بين صورتين متفقتين في هذا النحو، كذلك كرهوه في ننجي فحذفوا النون الساكنة، والوجه فيه: كما رواه حفص عن عاصم، وقد قال بعض من يضبط القراءة: أن الصحيح أن الجماعة وحفصا عن عاصم قرءوا: ننجي المؤمنين بنونين الثانية منهما ساكنة والجيم خفيفة. وروى أبو بكر عن عاصم (نجّي المؤمنين) بنون واحدة وتشديد الجيم وسكون الياء وقد تقدم القول فيه). [الحجة للقراء السبعة: 5/260]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وكذلك ننجي المؤمنين}
قرأ ابن عامر وأبو بكر (وكذلك نجي المؤمنين) بنون واحدة والجيم مشدّدة قال الفراء لا وجه له عندي لأن ما لم يسم فاعله إذا خلا باسم رفع وقالوا أيضا (نجي) لم يسم فاعله وكان الواجب أن تكون الياء مفتوحة كما تقول عزي وقضي وقد احتج له غيره فقال (نجي) فعل ماض على ما لم يسم فاعله ثمّ سكنوا الياء وتأويله نجي النّجاء المؤمنين فيكون النّجاء مرفوعا لأنّه اسم ما لم يسم فاعله والمؤمنين نصب لأنّه خبر ما لم يسم فاعله كما تقول ضرب الضّرب زيدا ثمّ يكنى عن الضّرب فتقول ضرب زيدا وحجتهم قراءة أبي جعفر قرأ {ليجزي قوما بما كانوا} أي ليجزى الجزاء قوما وقال أبو عبيد يجوز أن
[حجة القراءات: 469]
يكون أراد {ننجي} فأدغم النّون في الجيم والمؤمنين نصب لأنّه مفعول به ف نجي على ما ذكره أبو عبيد فعل مستقبل وعلامة الاستقبال سكون الياء
وقرأ الباقون {ننجي} بنونين فعل مستقبل من أنجى ينجي و{المؤمنين} مفعولون وكتبوا في المصاحف بنون واحد على الاختصار). [حجة القراءات: 470]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (10- قوله: {ننجي المؤمنين} قرأ أبو بكر وابن عامر بنون واحدة، وتشديد الجيم، وقرأ الباقون بنونين والتخفيف.
وحجة من قرأ بنون واحدة أنه بنى الفعل للمفعول، فأضمر المصدر ليقوم مقام الفاعل، وفيه بعد من وجهين: أحدهما أن الأصل أن يقوم المفعول مقام الفاعل دون المصدر، فكان يجب رفع {المؤمنين} وذلك مخالف للخط. والوجه الثاني أنه كان يجب أن تفتح الياء من «نجي» لأنه فعل ماض، كما تقول: «رُمي وكُلم» فأسكن الياء، وحقها الفتح، فهذا الوجه بعيد في الجواز، وقيل: إن هذه القراءة على طريق إخفاء النون الثانية في الجيم، وهذا أيضًا بعيد؛ لأن الرواية بتشديد الجيم والإخفاء لا يكون معه تشديد، وقيل: أدغم النون في الجيم، وهذا أيضًا لا نظير له، لا تدغم النون في الجيم في شيء من كلام العرب لبعد ما بينهما، وإنما تعلق من قرأ هذه القراءة أن هذه اللفظة في أكثر المصاحف بنون واحدة، فهذه القراءة إذا قرئت بتشديد الجيم، وضم النون، وإسكان الياء غير متمكنة في العربية.
11- وحجة من قرأ بنونين أنه الأصل، وسكنت الياء، لأنه فعل مستقبل، وحق الياء الضم، فسكنت لاستثقال الضم على الأصول، وانتصب {المؤمنين} بوقوع الفعل عليهم، والفعل مضاف مخبر به عن الله جل ذكره، فهو المنجي من كل ضر، لا إله إلا هو، فأما وقوعها في المصاحف بنون واحدة فإنما ذلك لاجتماع المثلين في الخط، ولأن النون الثانية تخفى عند الجيم بلا اختلاف، وهو من «أنجى ينجي» كما قال: {فلما أنجاهم} «يونس 23»، وكان أبو عبيد يختار القراءة بنون واحدة اتباعًا للمصحف، على إضمار المصدر، يقيمه مقام الفاعل، وينصب {المؤمنين} ويسكن الياء في موضع الفتح وهذا كله قبيح بعيد. واختار أبو عبيد أن يكون
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/113]
أصله: {ننجي} بنونين، والتشديد، ثم أدغم النون الثانية في الجيم، وهو غلط قبيح، ولا يجوز الإدغام في حرف مشدد، فكيف تدغم النون في الجيم وهي مشددة أولها ساكن، ولا يجوز أيضًا إدغام النون في الجيم عند أحد. واختار ابن قتيبة {ننجي} بنونين على قراءة الجماعة، وهو الصواب). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/114]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (11- {نجِي المُؤْمِنِينَ}[آية/ 88] بنون واحدة، مشددة الجيم:
قرأها ابن عامر وعاصم- ياش-:
والوجه أن الأصل، ننجي، بنونين، لكن النون الثانية أخفيت مع الجيم لأن النون تخفى مع حروف الفم، وتبيينها معها لحن، فلما كانت هذه النون محفاةً في الجيم ظنها السامع جيمًا مدغمة مع الجيم، وجعل الكلمة فعلاً ماضيًا على فعل بتشديد العين مبنيًا لما لم يسم فاعله، ولو كان كذلك لكان مفتوح الآخر، ولكان المؤمنون رفعًا، فإسكان الياء، وانتصاب المؤمنين يدلان على أن الكلمة فعل مستقبلٌ وأن المؤمنين نصبٌ به، والمعنى ننجي نحن المؤمنين.
ولا يحسن أن يحمل على أن يكون الفعل مسنداً إلى المصدر، ويكون التقدير نجي النجاء المؤمنين، على أن يكون نجي فعلاً ماضيًا لما لم يسم فاعله وأسند إلى مصدره، وهو النجاء، ثم نصب المؤمنين؛ لأن ذلك إنما يجوز في ضرورة الشعر، كما قال جرير:
98- فلو ولدت قفيرة جرو كلبٍ = لسب بذلك الجرو الكلابا
[الموضح: 866]
أي لسب السب، فلما أسند الفعل إلى المصدر فرفعه به، نصب الكلاب.
وأما كونه في الخط بنون واحدة، فلكراهة اجتماع مثلين في الخط.
وقرأ الباقون و- ص- عن عاصم {نُنجِي}بنونين، مخففة الجيم.
والوجه أنه هو الأصل؛ لأن الأولى من النونين حرف المضارعة، والثانية فاء الفعل؛ لأن وزنه نفعل مثل نكرم). [الموضح: 867]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م 09:38 AM

سورة الأنبياء

[من الآية(89)إلى الآية(91)]
{وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90) وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ (91)}


قوله تعالى: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89)}
قوله تعالى: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90)}
قوله تعالى: {وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ (91)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م 09:40 AM

سورة الأنبياء

[من الآية(92)إلى الآية(94)]
{إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92) وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ (93) فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ (94)}


قوله تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن وابن أبي إسحاق والأشهب ورويت عن أبي عمرو: [أُمَّتُكُمْ أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ].
قال أبو الفتح: تكون [أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ] بدلا من [أُمَّتُكُمْ]، كقولك: زيد أخوك رجل صالح، حتى كأنه قال: أخوك رجل صالح. ولو قرئ [أُمَّتَكُمْ] بالنصب بدلا وتوضيحا "لهذه". ورفع [أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ] لأنه خبر إن لكان وجها جميلا حسنا). [المحتسب: 2/65]

قوله تعالى: {وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ (93)}
قوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ (94)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م 09:55 AM

سورة الأنبياء

[من الآية(95)إلى الآية(97)]
{وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (95) حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (96) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ (97) }


قوله تعالى: {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (95)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وحرامٌ على قريةٍ)
قرأ عاصم في رواية أبي بكر، وحمزة، والكسائي: (وحرمٌ على قريةٍ) بغير ألف، والحاء مكسورة.
وقال الأعشى: اختار أبو بكر (وحرام) بألف، وأدخلها في قراءة عاصم، وقال: وهي في مصحف عليٍّ بألف. وقرأ الباقون بألف.
[معاني القراءات وعللها: 2/170]
قال أبو منصور: هما لغتان. حرم وحرام. بمعنىً واحد، كما يقال: حلّ وحلال، ونحو ذلك.
قال الفراء: وروي عن ابن عباس أنه قرأ (وحرمٌ على قرية أهلكناها) وفسره: وجب عليها أن لا يرجع إلى دنياها.
وروي عن سعيد ابن جبير أنه قرأ (وحرمٌ على قرية)، فسئل عنها فقال: عزمٌ عليها.
وقال أبو إسحاق في قوله: (وحرامٌ على قريةٍ أهلكناها) الآية، هذا يحتاج إلى أن يبيّن، ولم يبيّن، وهو واللّه أعلم: أنه لما قال: (فلا كفران لسعيه وإنّا له كاتبون) أعلمنا أن اللّه قد حرم قبول أعمال الكفار، فالمعنى: حرامٌ على قريةٍ أهلكناها أن يتقبل منها عمل لأنهم لا يرجعون، أي: لا يتوبون.
قال أبو منصور: وقد جوّد أبو إسحاق فيما بيّن، وتصديقه ما حدثناه المنذري عن أبي جعفر بن أبي الدميل، قال: حدثنا حميد بن مسعود، قال: حدثنا يزيد ابن زريع، قال: حدثنا داود عن عكرمة عن ابن عباس في قوله: (وحرمٌ على قريةٍ أهلكناها أنّهم لا يرجعون) قال: وجب على قريةٍ أهلكناها أنه لا يرجع منهم راجع، ولا يتوب منهم تائب.
حدثنا الحسين قال: حدثنا عثمان، قال: حدثنا صفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار، قرأ ابن عباس: (وحرمٌ) قال عثمان: حدثنا وكيع قال: حدثنا سفيان عن داود عن عكرمة
[معاني القراءات وعللها: 2/171]
عن ابن عباس: (وحرمٌ على قريةٍ) قال: [... ] ووكيع عن همام عن قتادة عن سعيد بن المسيب أنه قرأها: و(وحرمٌ).
قال: وحدثنا ابن فضيل عن داود عن عكرمة عن ابن عباس أنه قرأها: (وحرمٌ على قريةٍ أهلكناها أنّهم لا يرجعون).
قال: لا يتوبون). [معاني القراءات وعللها: 2/172]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (14- وقوله تعالى: {وحرام على قرية} [95].
قرأ أهل الكوفة {وحرم} بكسر الحاء مثل عليم إلا حفصًا. وقرأ الباقون {وحرم} وهما لغتان حل وحلال، وحرم، وحرام.
وقيل: وحرم على قرية أي: واجب عل قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون. وقال معناه: يرجعون، ولا «لا» صلة. كما قال:
ما كان يرضي رسول الله فعلهم = والطيبان أبو بكر ولا عمر
وقال آخر:
فما ألوم البيض ألا تسحرا = لما رأين الشمط القفندرا
معناه: أن تسحر و«لا» زائدة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/68]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله عز وجل: وحرام على قرية أهلكناها [الأنبياء/ 95].
فقرأ عاصم في رواية أبي بكر وحمزة والكسائي: (وحرم) بكسر الحاء بغير ألف.
وقرأ الباقون وحفص عن عاصم: وحرام على قرية بألف.
وحرم وحرام: لغتان، وكذلك: حلّ وحلال. فكلّ واحد من حرم إن شئت رفعته بالابتداء لاختصاصه بما طال بعده من الكلام، وإن شئت جعلته خبر مبتدأ، وكان المعنى: وحرام على قرية أهلكناها أنّهم لا يرجعون، وجعلت (لا) زائدة، والمعنى: وحرام على قرية أهلكناها رجوعهم، كما قال: فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون [يس/ 50] وإن شئت جعلت حراما وحرما خبر مبتدأ، وأضمرت مبتدأ، ويكون المعنى: وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون، وجعلت (لا) غير زائدة، أي رجوعهم، المعنى: وحرام على قرية أهلكناها بالاستئصال رجوعهم، ومعنى حرام عليهم: أنهم ممنوعون من ذلك، كما يمنعون من الأشياء المحرمة في الشرع والعقل. وقيل في تفسير قوله: ويقولون حجرا محجورا [الفرقان/ 22] إن المعنى: حراما محرما، فهذا من معنى الامتناع، وما حتم به عليهم، كما أن حرام على قرية أهلكناها كذلك ليس كحظر الشريعة الذي إن شاء المحظور عليه ركبه. وإن شاء توقاه وتركه، وكان
[الحجة للقراء السبعة: 5/261]
الأمر فيه موقوفا على اختياره وأما: أولم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون [يس/ 31] فيحتمل ضربين: أحدهما: كم أهلكنا بأنهم إليهم لا يرجعون، أي: بالاستئصال، والآخر: أنّ قوله: كم أهلكنا، يدلّ على إهلاكنا، فيكون قوله: أنهم إليهم لا يرجعون فيكون هذا هو الإهلاك، ولا تكون بدلا من (كم) لأن كم يراد به أهل القرون الذين أهلكوا، وليس الإهلاك فيبدل منهم). [الحجة للقراء السبعة: 5/262]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن عباس وسعيد بن المسيب وعكرمة وقتادة: [وَحَرِمَ عَلَى قَرْيَةٍ].
وقرأ: [وحرُم] ابن عباس -بخلاف- وأبو العالية وعكرمة.
وقرأ: [وَحَرَمَ عَلَى قَرْيَةٍ] قتادة ومطر الوراق.
وقرأ: [وَحَرِمَ]، بفتح الحاء، وكسر الراء، والتنوين في الميم عكرمة، بخلاف.
وقرأ: [وحَرْمٌ]، بفتح الحاء، وسكون الراء والتنوين ابن عباس، بخلاف.
قال أبو الفتح: أما [حَرِمَ] فالماضي من حَرِمَ، كقَلِقَ من قَلِقٍ، وبَطِرَ من بَطِرٍ. قالوا: حرم زيد، وهو حرم وحارم: إذا قبر ماله، وأحرمته: قمرته. قال زهير:
وإن أتاهُ خليلٌ يومَ مسألةٍ ... يقول لا غائبٌ مالي ولا حَرِمٌ
وأما [حَرُمَ] فأمره في الاستعمال ظاهر.
ومن جهة أحمد بن يحيى: [وَحَرِمٌ عَلَى قَرْيَةٍ]، أي: واجبٌ وحرامٌ، معناه: حُرِّمَ ذلك عليها، فلا تُبعث إلى يوم القيامة، وهذا على زيادة "لا"، وحَرِمَ الرجلُ: إذا لجَّ في شيء ومَحَكَ.
[المحتسب: 2/65]
وأما [حَرُمَ] فمن حَرَمْتُه الشيءَ: إذا منعْتُه إياه، فقد عاد إذًا إلى معنى: {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ} . وأما [حَرْمٌ]، بفتح الحاء، وتسكين الراء فمخفف من حَرِمٌ على لغة بني تميم، فهو كبَطْر من بَطِرٍ، وفَخْذ من فَخِذٍ، وكَلْمة من كَلِمَة. وقال أبو وعلة:
لا تأمنَنْ قوما ظلمتَهُمُ ... وبدأتَهُمُ بالشرِّ والحِرْمِ.
فكسَر، فهذا يصلح أن يكون من معنى اللجاج والمحك، ويصلح أن يكون من معنى الحرمان، أي: ناصبتهم وحرمتهم إنصافك). [المحتسب: 2/66]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون} 95
قرأ حمزة والكسائيّ وأبو بكر (وحرم على قرية) بغير ألف وقرأ الباقون {وحرام} قال قطرب هما لغتان مثل حل وحلال وحرم وحرام وقال قوم حرم بمعنى عزم وحرام بمعنى واجب). [حجة القراءات: 470]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (12- قوله: {وحرام على قرية} قراه أبو بكر وحمزة والكسائي «وحرم» بكسر الحاء من غير ألف بعد الراء، وقرأ الباقون بفتح الحاء وبألف بعد الراء، وهما لغتان كالحل والحلال). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/114]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (12- {وحَرَمٌ عَلَى قَرْيَةٍ}[آية/ 95] بكسر الحاء من غير ألف:
قرأها حمزة والكسائي و- ياش- عن عاصم.
وقرأ الباقون و- ص- عن عاصم {وحَرَامٌ}بالألف.
والوجه أن حرمًا وحرامًا لغتان، كما يقال: حل وحلال). [الموضح: 867]

قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (96)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (حتّى إذا فتحت يأجوج ومأجوج (96)
قرأ ابن عامر ويعقوب (فتّحت) بالتشديد. وخففها الباقون.
قال أبو منصور: التشديد في تاء (فتّحت) للتكثير، ومن خفف فهو فتح واحد للسدّ الذي سده ذو القرنين، وكان التخفيف أجود لوجهين؛ لأنه سدٌّ لا يفتح إلا مرة واحدة ثم لا يسدّ). [معاني القراءات وعللها: 2/172]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (12- وقوله تعالى: {حتى إذا فتحت} [96].
قرأ ابن عامر {فتحت} مشددًا، أي: مرة بعد مرة، والتشديد: للتكثير، والتكرير.
وقرأ الباقون {فتحت} تخفيفًا.
قأما قوله: {يأجوج ومأجوج} فقرأ عاصم وحده بالهمز {يأجوج} والباقون بغير همز وقد ذكرت علته في (الكهف) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/67]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (13- [وقوله تعالى:] {وهم من كل حدب ينسلون} [96]،
قرأ ابن عباس: {من كل جدث}. أي: من كل قبر، يقال: للقبر، الجدث، والجدف، والريم، والضريح، والملحد، والبيت، والرجم،
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/67]
الرمس. قال الشاعر في البيت:
* وعند الرداع بيت آخر كوثر *
أي: قبر آخر). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/68]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (كلّهم قرأ: فتحت خفيفا غير ابن عامر فإنه قرأ (فتّحت) مشددا.
من خفف فلأن الفعل في الظاهر مسند إلى هذين الاسمين، فلم يحمل ذلك على الكثرة فيجعله بمنزلة: مفتحة لهم الأبواب [ص/ 50].
ومن شدّد ذهب إلى المعنى، وإلى أنّ ثمّ سدما وردما يفتح، وذلك كثير في المعنى، فجعله مثل: مفتحة لهم الأبواب.
ويجوز أن يكون المعنى: حتى إذا فتح سدّ يأجوج ومأجوج، فأريد السدّ وأضيف الفعل إليهما، والسدّ في اللفظ واحد فلم يحمل على الكثرة لانفراده في اللفظ). [الحجة للقراء السبعة: 5/262]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وكلهم قرأ (ياجوج وماجوج) [الأنبياء/ 96] غير مهموز إلا عاصما فإنه قرأ: يأجوج ومأجوج بالهمز.
وقد تقدّم القول في ذلك). [الحجة للقراء السبعة: 5/262]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن مسعود: [مِنْ كُلِّ جَدَث يَنْسِلُونَ].
قال أبو الفتح: هو القبر بلغة أهل الحجاز، والجَدَفُ بالفاء لبني تميم. وقالوا: أجدثْتُ له جَدَثًا، ولم يقولوا: أجدفْتُ، فهذا يريك أن الفاء في [جَدَفٍ] بدل من الثاء في [جَدَثٍ]. ألا ترى الثاء أذهب في التصرف من الفاء؟ وقد يجوز أن يكونا أصليين إلا أن أحدهما أوسع تصرفا من صاحبه، كما قالوا: وَكَّدْتُ عهدَه وأَكَّدْتُه، إلا أن الواو أوسع تصرفًا من الهمزة. ألا تراهم قالوا: قد وَكَدَ وَكْدَهُ، أي: شغل به، ولم يقولوا: أَكَدَ أَكْدَهُ؟ فالواوُ إذًا أوسعُ تصرفًا، وعليه قالوا: مودَّةٌ وكِيدَةٌ، ولم يقولوا: أكِيدَةٌ. وقالوا: وَكَّدْتُ السَّرجَ، والوِكَادُ، ولم تستعملْ هنا الهمزةُ، فهذا مذهبٌ مقتاس على ما رأيتك هنا). [المحتسب: 2/66]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({حتّى إذا فتحت يأجوج ومأجوج}
قرأ ابن عامر {حتّى إذا فتحت} بالتّشديد أي مرّة بعد مرّة وقرأ الباقون بالتّخفيف أرادوا بمرّة واحدة). [حجة القراءات: 470]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (13- قوله: {فتحت يأجوج ومأجوج} قرأ ابن عامر بالتشديد، وخفف الباقون، وهما لغتان، وفي التشديد معنى التكرير والتكثير، والتخفيف فيه أبين، لأن تقديره: حتى إذا فتح سد يأجوج، فهو واحد، فلا معنى للتكثير، وقيل: التشديد أقوى، لأن ثمَّ سدا وبناء وردما، فالفتح لأشياء مختلفة يكون، والتشديد أولى به، والتخفيف الاختيار؛ لأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/114]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (13- {فُتِحَتْ}[آية/ 96] بتشديد التاء:
قرأها ابن عامر ويعقوب.
والوجه أن الفعل مبني لمعنى الكثرة، فلذلك كان بالتشديد، والفعل مسند إلى {يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ}، وفيهم كثرة، فلكثرة من أسند إليهم الفعل الذي لم يسم فاعله، بني الفعل للتكثير.
وقرأ الباقون {فُتِحَتْ}بتخفيف التاء.
والوجه أن الفعل وإن كان مسنداً إلى يأجوج ومأجوج، وفيهم كثرةٌ، فإن المعنى فتح سد يأجوج ومأجوج؛ لأن المفتوح هو السد، فلما كان التقدير هذا، ثم حذف المضاف وهو السد، وأقيم المضاف إليه مقامه، وهو يأجوج، أسند الفعل إليه، وهو مؤنث، فأنث فعله.
ويجوز أن يكون الفعل خفف، وإن كان مسنداً إلى جمع؛ لأن الفعل وإن كان مخففًا، فقد يكون للكثرة لما في الفعل من معنى الجنسية). [الموضح: 868]

قوله تعالى: {وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ (97)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م 09:57 AM

سورة الأنبياء

[من الآية(98)إلى الآية(100)]
{إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98) لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آَلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ (99) لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ (100)}


قوله تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن السَّمَيفع: [حَصْبُ جَهَنَّمَ]، ساكنة الصاد.
وقرأ: [حَضَبُ]، بالضاد مفتوحة- ابن عباس.
وقرأ: [حَضْبُ]، ساكنة الضاد كُثِّير عَزَّة.
[المحتسب: 2/66]
وقرأ: [حَطَبُ جَهَنَّمَ] علي بن أبي طالب وعائشة عليهما السلام وابن الزبير وأبي بن كعب وعكرمة.
قال أبو الفتح: أما الحَضَبُ بالضاد مفتوحة، وكذلك بالصاد غير معجمة فكلاهما الحطب، ففيه ثلاث لغات: حَطَبُ، وحَضَبُ، وحَصَبُ, وإنما يقال: حَصَبٌ إذا ألقي في التنور والموقد. فأما ما لم يستعمل فلا يقال له: حصب. وقال أحمد بن يحيى: أصل الحَصْب الرمي، حطبًا كان أو غيره. فهذا يؤكد ما ذكرناه من كونه المرمي في النار.
قال الأعشى:
فًلا تَكُ في حَرْبِنًا مِحْضَبًا ... لِتَجْعَلَ قوْمَكَ شَتَّى شُعُوبَا
فأما "الحَصْب" ساكنا بالصاد والضاد فالطرح، فقراءة من قرأ: [حَضْبُ جَهَنَّمَ] و [حَصْبُ جَهَنمَ] بإسكان الثاني منهما إنما هو على إيقاع المصدر موقع اسم المفعول. كالخلق في معنى المخلوق، والصيد في معنى المصيد. وقد تقدم ذكر ذلك). [المحتسب: 2/67]

قوله تعالى: {لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آَلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ (99)}
قوله تعالى: {لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ (100)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م 09:58 AM

سورة الأنبياء

[من الآية(101)إلى الآية(104)]
{إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101) لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ (102) لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (103) يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104) }


قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101)}
قوله تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ (102)}
قوله تعالى: {لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (103)}
قوله تعالى: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (كطيّ السّجلّ للكتاب (104)
قرأ حفص وحمزة والكسائي (للكتب) جميعًا. وقرأ الباقون (للكتاب) موحدًا. واجتمعوا كلهم على تثقيل (السّجلّ).
[معاني القراءات وعللها: 2/172]
قال أبو منصور: من قرأ (الكتاب) واحدًا أجاز أن يكون بمعنى: الكتابة. ويجوز أن يكون (الكتاب) بمعنى: الكتب. والقراءة بالكتاب موحدًا أكثر، ومعناها واحد.
حدثنا محمد بن إسحاق، قال: حدثنا ابن داود قال: حدثنا الأسود شاذان قال: حدثنا نوح بن قيس عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء عن ابن عباس (يوم نطوي السّماء كطيّ السّجلّ) قال: السّجل: رجلٌ وقيل: كاتب للنبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقال السّدّي: السّجلّ: ملكٌ.
وقيل: السّجلّ: الصحيفة التي فيها الكتابة). [معاني القراءات وعللها: 2/173]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (وقوله تعالى: {للكتب كما بدأنا} [104].
قرأ حزة، والكسائي، وحفص عن عاصم {للكتب} جمعًا.
وقرأ الباقون {للكتب} واحدًا. وقد تقدمة علته في (البقرة) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/69]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله: (للكتاب) وللكتب [الأنبياء/ 104] في
[الحجة للقراء السبعة: 5/262]
الجمع والتوحيد. وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم: للكتب جماعا. وقرأ الباقون (للكتاب) واحدا.
قيل: إن أبا الجوزاء روى عن ابن عباس: أن السّجلّ: الرجل، أراد كطيّ الرجل الصحيفة، وروى عن السدّي أن السّجلّ ملك يطوي الصحف، قال قتادة: يوم نطوي السماء كطي السجل كطيّ الصحيفة فيها الكتب.
يوم نطوي السماء يكون في انتصابه وجهان: أحدهما: أن يكون بدلا من الهاء المحذوفة من الصلة، ألا ترى أن المعنى: هذا يومكم الذي كنتم توعدونه، والآخر: أن يكون منتصبا بنعيده، المعنى: نعيد الخلق إعادة كابتدائه، أي: كابتداء الخلق، ومثل ذلك في المعنى قوله: كما بدأكم تعودون [الأعراف/ 29] ولا يكون الكلام على الظاهر لأن الظاهر تعودون كالبدء، وليس المعنى على تشبيههم بالبدء، إنما المعنى على إعادة الخلق كما ابتدأ، فتقدير:
كما بدأكم تعودون: كما بدأ خلقكم يعود خلقكم، أي: يعود خلقكم عودا كبدئه، فكما أنه لم يعن بالبدء ظاهره من غير حذف المضاف إليه منه، كذلك لا يعنى بالعود من غير حذف المضاف إليه منه، فحذف المضاف الذي هو الخلق، فلما حذف قام المضاف إليه مقام الفاعل، وصار الفاعلون مخاطبين، كما أنه لما حذف المضاف من قوله كما بدأ خلقكم، صار المخاطبون مفعولين في اللفظ، ومثل ذلك في المعنى: كما بدأنا أول خلق نعيده والخلق هنا اسم الحدث لا الذي يراد به المخلوق، فأمّا قوله: كظل السجل، والمصدر فيه
[الحجة للقراء السبعة: 5/263]
مضاف إلى المفعول، والفاعل محذوف من اللفظ كقوله: بسؤال نعجتك إلى نعاجه [ص/ 24] والتقدير: كطيّ الطاوي الكتب، كما أن المعنى بسؤالك نعجتك، وكأن معنى قوله: كطي السجل: كطيّ الصحيفة مدرجا فيها الكتب، أي: كطيّ الصحيفة لدرج الكتب فيها، على تأويل قتادة، و: كطيّ الصحيفة لدرج الكتب، فحذف المضاف والمصدر مضاف إلى الفاعل على قول السدّي، والمعنى كطيّ زيد الكتب، فتكون اللام على هذا زائدة كالتي في ردف لكم [النمل/ 72] ألا ترى أنه لو قال: كطيّ زيد الكتب، لكان مستقيما.
فأمّا قول من أفرد الكتاب، ولم يجمع، فإنه واحد يراد به الكثرة، كما أن قول من قال: (كل آمن بالله وملائكته وكتابه) [البقرة/ 285] كذلك، ومن قرأ: للكتب جمع اللفظ كما أن المراد به في المعنى الجمع). [الحجة للقراء السبعة: 5/264]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبي زرعة: [السُجُلِّ] بضم السين والجيم، مشددة. وهذا أبو زرعة بن عمرو بن جرير، وكان قد قرأ على أبي هريرة.
وقرأ: [كَطَيِّ السِّجْلِ]، بكسر السين، ساكنة الجيم، خفيفة اللام- الحسن، وأجازه أبو عمرو، وحكاه عن أهل مكة.
وقرأ أبو السمال: [السَّجْل]، بفتح السين والجيم ساكنة، واللام خفيفة.
قال أبو الفتح: السَّجْل: الكتاب، ويقال: هو كتاب العهدة ونحوها. وقال قوم: هو
[المحتسب: 2/67]
فارسي معرب، وأنكر ذلك أصحابنا: أبو عبيدة وكافة أصحابنا، وقالوا: بل هو عربي، وهذه اللغات بعد مسموعة فيه. وقال قوم: هو مَلَك، وقال آخرون: هو كاتب كان للنبي صلى الله عليه وسلم، وذلك مدفوع؛ لأن كتابه معروفون.
ويشبه أن يكون هذان القولان إنما قاد إليهما توهم من ظن أن السجلّ هنا فاعل في المعنى، وإنما هو مفعول في المعنى. وهو كقولك: كطي الكتاب للكتابة، وقوله: "للكتاب" كقولك: للكتابة، أي كطي الكتاب لأن يكتب فيه؟). [المحتسب: 2/68]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({يوم نطوي السّماء كطي السّجل للكتب}
قرأ حمزة والكسائيّ وحفص {كطي السّجل للكتب} بضم الكاف والتّاء وحجتهم ما روي عن ابن عبّاس أنه قال السّجل ملك وهو الّذي يطوي كتب بني آدم إذا رفعت إليه
[حجة القراءات: 470]
وقرأ الباقون (للكتاب) وحجتهم أن الكتاب في معنى مصدر وتأويله كطي الصّحيفة للكتب فيها كما يطوي الكاتب الصّحيفة عند إرادته الكتب قال مجاهد السّجل الصّحيفة الّتي يكتب فيها فإن قال قائل كيف تطوي الصّحيفة الكتاب إن كان السّجل صحيفة قيل ليس المعنى في ذلك ما ذهبت إليه وإنّما معناه يوم نطوي السّماء كما يطوى السّجل على ما فيه من الكتاب ثمّ جعل يطوي مصدرا فقيل {كطي السّجل} واللّام في قوله للكتاب بمعنى على وقال آخرون منهم ابن عبّاس السّجل اسم رجل كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه فإن صحّ ذلك فالطي مضاف إلى كاتبه ومعناه كطي الملك أو الكاتب للكتاب وقراءتهم أحب إليّ لأن الكتاب يجمع المعنيين إن كان مصدرا وإن كان واحدًا فهو يؤدّي عن معنى الجمع). [حجة القراءات: 471]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (14- قوله: {للكتب} قرأ حفص وحمزة والكسائي {للكتب} بالجمع، وقرأ الباقون بالتوحيد.
وحجة من وحَّد أن ابن عباس قال: السِّجل والرَّجُل، فالتقدير: كطي الرجل الصحيفة، وقال السدي: السجل ملك يطوي الكتاب، فيكون {طي} على هذين القولين مضافًا إلى الفاعل، واللام في {للكتاب} زائدة، وقال قتادة: السجل الصحيفة بعينها، والمعنى: كطي الصحيفة فيها الكتب. فيكون المصدر مضافا إلى الفعل، والتقدير: كطي الطاوي السجل فيه الكتب
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/114]
أي: يدرج الكتب فيها، وتكون اللام غير زائدة، دخلت للتعدي، أي قد تعدت الطي إلى مفعول، وهو السجل، فيكون التوحيد على لفظ السماء، شبهه، تعالى ذكره، طيه للسماء كطي الملك للكتاب.
15- وحجة من قرأ بالجمع أن لفظ السماء موحَّد، يُراد به الجمع، لأن السماوات كلها تطوى، ليس تُطوى سماء واحدة، دليل ذلك قوله تعالى: {والسماوات مطويات بيمينه} «الزمر 67» وإذا كان السماء يُراد بها الجمع، فمعناه: يوم نطوي السماوات كطي الملك للكتب، فأنّث الكتب بالجمع كالسماوات، فالقراءة الأولى محمولة على لفظ السماء في التوحيد، والثانية محمولة على معنى السماء في الجمع، فالقراءتان متقاربتان، والتوحيد أحب إلي؛ لأن الأكثر عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/115]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (14- {كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ}[آية/ 104] من غير ألف على الجمع:
قرأها حمزة والكسائي و- ص- عن عاصم.
والوجه أن السجل اسم ملكٍ يطوي كتب بني آدم عند الموت، وقيل: السجل الرجل بلغة الحبشة، وقيل: السجل كاتب النبي صلى الله عليه وسلم.
والطي مصدر مضاف إلى الفاعل في هذه الوجوه، والمعنى كما يطوي السجل الكتب.
[الموضح: 868]
وقيل: السجل الصحيفة، وعلى هذا يكون المصدر مضافًا إلى المفعول به، والمعنى كما يطوى السجل للكتب، أي سجل الكتب، كما تقول مررت بالدار لزيد، أي بدار زيدٍ.
وقرأ الباقون {الكِتَابَ}بالألف على الوحدة.
والمعنى مثل الأول في الوجوه المذكورة في السجل والكتاب.
ويجوز أن يعني به الكثرة، فيكون المراد به الكتب أيضًا.
ويجوز أن يكون الكتاب يراد به الكتابة، والمعنى كما تطوى الصحيفة لأجل الكتابة التي فيها، فيكون المصدر على هذا مضافًا إلى المفعول به). [الموضح: 869]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م 10:00 AM

سورة الأنبياء

[من الآية(105)إلى الآية(112)]
{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105) إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ (106) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107) قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (108) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آَذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ (109) إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ (110) وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (111) قَالَ رَبِّ احْكُمْ ‎بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (112)}


قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (مسّني الضّرّ (83) و: (عبادي الصّالحون (105)
أرسل الياء فيهما حمزة، وفتحها الباقون). [معاني القراءات وعللها: 2/174] (م)
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (15- وقوله تعالى: {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر} [105] قرأ حمزة {في الزبور} بالضم.
وقرأ الباقون بالفتح. وقد تقدمت علته في (النساء). وإنما أعدت ذكره؛ لأن العلماء قالوا: إن «بعد» ها هنا بمعنى قبل، و{الذكر} القرآن، والأرض أرض الجنة، فمعناه، ولقد كتبنا في زبور داود من قبل القرآن: أن أرض الجنة يرثها عبادي الصالحون). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/69]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ حمزة وحده: (الزبور) [الأنبياء/ 105] بضم الزاي، وقرأ الباقون: الزبور بفتح الزاي.
وقد مضى القول في ذلك). [الحجة للقراء السبعة: 5/264]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولقد كتبنا في الزبور}
قرأ حمزة {ولقد كتبنا في الزبور} بضم الزّاي يعني في الكتب جمع زبر مثل قرح وقروح
وقرأ الباقون {في الزبور} بفتح الزّاي أراد زبور داوود). [حجة القراءات: 471]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (15- {الزُبُورِ}[آية/ 105] بضم الزاي:
قرأها حمزة وحده.
وقرأ الباقون {الزَبُورِ}بفتح الزاي.
وقد مضى الكلام فيه في سورة النساء). [الموضح: 869]

قوله تعالى: {إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ (106)}
قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)}
قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (108)}
قوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آَذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ (109)}
قوله تعالى: {إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ (110)}
قوله تعالى: {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (111)}

قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك ما رواه أيوب عن يحيى عن ابن عامر أنه قرأ: [وَإِنْ أَدْرِيَ لَعَلَّه]، [وَإِنْ أَدْرِيَ أَقرِيبٌ]، بفتح الياء فيهما جميعا.
قال أبو الفتح: أنكر ابن مجاهد تحريك هاتين الياءين، وظاهر الأمر لعمري كذلك، لأنها لام الفعل بمنزلة ياء أرمي وأفضي، إلا أن تحريكها بالفتح في هذين الموضعين لشبهة عرضت هناك، وليس خطأ ساذجا بحتا.
وذلك أنك إذا قلت: "أدري" فلك هناك ضمير وإن كان فاعلا، فأشبه آخرهُ، آخرَ ما لك فيه ضمير وإن كان مضافا إليه، كقولك: غلامي وداري. فلما تشابه الآخران بكونهما ياءين، وهناك أيضا للمتكلم ضميران، وهما المرفوع في "أدري" و"صاحبي"؛ ففتحت الياء في "أدري" كما تفتح في نحو "داري" و"غلامي".
ولا تستبعد في الشبه نحو هذا، فقد همزوا مصائب لما أشبه حرف اللين في مصيبة -وإن كانت عينا- حرف اللين في صحيفة وإن كان زائدا. وقالوا ما هو أعلى من هذا، وهو أنهم تركوا صرف أحمد وأصرم لما أشبها بالمثال نحو أركبُ وأذهبُ، وقالوا أيضا: مَسِيل، وهو من سال يسيل وياؤه عين، ثم عاملوها معاملة ياء فعيل الزائدة، فقالوا:
[المحتسب: 2/68]
أمسلة. كما قالوا: أجربة، قالوا: سالت معنانه. فحذفوا ياء معين، وهو من العيون، وأجروها مجرى ياء قفيز وقفزان الزائدة. هذا هو الظاهر. فأما قولهم: مَسِيل ومُسُل، وأَمْعَنَ بحقِّهِ: إذا أجاب إليه وانقاد له -فقد يجوز أن يكون إنما ساغ ذلك لما سمعوهم يقولن: مُعْنَان وأمْسِلَة، كما قال أبو بكر في قولهم ضَفنَ الرجلُ يضفِنُ إذا جاء ضيفًا مع الضيف: لما قالوا ضيفَنَ، فأشبه فيعلا. فصارت النون في ضيفن كالأصل، إلا أن فَيْعَلا أكثر من فَعْلَن. فاشتُقَّ منه على أقوى ما يجب في مثله؛ فثبتت النون في ضَفَن لاما وإن كانت في ضَيْفَن زائدة. فكذلك شبهوا ياء "أدري" بياء غلامي وداري من حيث ذكرنا. فاعرفه معنى كالعذر أو عذرا). [المحتسب: 2/69]

قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ احْكُمْ ‎بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (112)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (قل رّبّ احكم بالحقّ (112)
قرأ حفص عن عاصم (قال ربّ احكم بالحقّ) بألفٍ.
وقرأ الباقون (قل رّبّ احكم) بغير ألف.
قال أبو منصور: من قرأ (قال ربّ احكم) فالمعنى: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - (ربّ احكم بالحقّ)، مسألة سألها ربّه.
ومن قرأ (قل رّبّ) فهو تعليم من الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يسأله الحكم بالحقّ.
وجاء في التفسير: أنه كان من مضى من الرسل يقولون: (ربّنا افتح بيننا وبين قومنا بالحقّ).
ومعناه: احكم، فأمر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يقول: (ربّ احكم بالحقّ) ). [معاني القراءات وعللها: 2/173]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (على ما تصفون (112)
روى هشام بن عمار بإسناده عن ابن عامر (يصفون) بالياء وقرأ الباقون بالتاء.
قال أبو منصور: من قرأ بالتاء فهو خطاب للكفار، أراد: على وصفكم أنتم. ومن قرأ بالياء فهو خبر عن الغائب.
وروي في التفسير في قوله (على ما تصفون) أي: على ما تكذبون). [معاني القراءات وعللها: 2/174]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (16- وقوله تعالى: {قال رب احكم بالحق} [112].
فيه أربع قراءات
فروى حفص عن عاصم: {قل رب} على الخبر.
وقرأ الباقون: {قل رب} على الأمر.
فإن قال قائل: الله تعالى لا يحكم إلا بالحق فلم قيل: {رب احكم بالحق}؟
فقل: التقدير: احكم بحكمك يا رب. ثم سمي الحكم حقًا.
والقراءة الثالثة {رب احكم} بضم الباء. قرأ بذلك أبو جعفر يزيد بن القعقاع. كأنه جعله نداء مفردًا لا مضافًا، كما تقول يا رب، ويا رب.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/69]
ويا قوم اعبدوا الله، ويا قوم.
ويحوز أن يكون اختلس كسرة الياء؛ لأن الخروج من كسر إلى ضم شديد، فأشمها الضم. كما قرأ أيضًا: {وإذ قلنا للملئكة اسجدوا} بضم الهاء.
والقراءة الرابة: حدثني أحمد عن على عن أبي عبيد أن الضحاك قرأ {قل ربي احكم بالحق} وهذا وجه حسن، إل أنه يخالف المصحف، لزيادة الياء، فعلى قراءة الضحاك: {ربي} رفع بالابتداء، {وأحكم} خبر الابتداء. كما يقول: {الله أحسن الخلقين} ومن قرأ {رب} فموضعه نصب؛ لأنه نداء مضاف. ومعناه: يا ربي. فسقطت الياء تخفيفًا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/70]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (17- وقوله تعالى: {عما يصفون} [112].
قرأ ابن عامر وحده بالياء إخبارًا عن غيب.
وقرأ الباقون بالتاء على الخطاب). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/70]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (ابن اليتيم وغيره عن حفص عن عاصم: قال رب احكم [الأنبياء/ 112] بألف.
وقرأ الباقون: (قل ربّ) بغير ألف.
من قال: قال رب احكم بالحق أراد: قال الرسول: رب احكم، وحجة ذلك أن الرسل قبله- عليهم السلام- قد دعوا بمثل هذا
[الحجة للقراء السبعة: 5/264]
في قولهم: ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق [الأعراف/ 89]. و (قل) على: قل أنت يا محمد). [الحجة للقراء السبعة: 5/265]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله تعالى: على ما تصفون [الأنبياء/ 112].
فقرأ ابن عامر وحده: (على ما يصفون) بالياء في رواية ابن ذكوان، وفي رواية هشام بن عمار بالتاء. وقرأ الباقون بالتاء.
والتاء على ما تكذّبون به من ردّكم إعادة الأموات، والياء على ما يصفون، يصف هؤلاء الكفار من كذبهم فيما يكذّبون به من إحياء الأموات والبعث والنشور والجنة
والنار). [الحجة للقراء السبعة: 5/265]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبي جعفر: [قُلْ رَبُّ احْكُمْ] بضم الباء، والألف ساقطة على أنه نداء مفرد.
قال أبو الفتح: هذا عند أصحابنا ضعيف، أعني حذف حرف النداء مع الاسم الذي يجوز أن يكون وصفا لأي. ألا تراك لا تقول: رجل أقبل؛ لأنه يمكنك أن تجعل الرجل وصفا لأي. فتقول: يأيها الرجل؟ ولهذا ضعف عندنا قول من قال في قوله تعالى : {هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ}: إنه أراد يا هؤلاء. وحذف حرف النداء من حيث كان "هؤلاء" من أسماء الإشارة، وهو جائز أن يكون وصفا لأي في نحو قوله:
ألا أيُّها ذا المنزِلُ الدارِسُ الذي ... كأنَّكَ لم يعهدْ بِكَ الحيَّ عاهِدُ
[المحتسب: 2/69]
و [رَبُّ] مما يجوز أن يكون وصفا لأي، ألا تراك تجيز يأيها الربُّ؟ قال أصحابنا فلم يكونوا ليَجمعوا عليه حذف موصوفه وهو "أي"، وحذف حرف النداء جميعا.
وعلى أن هذا قد جاء مثلُه في المثَل، وهو قولهم: افتدِ مخنُوق، وأصبِحْ ليل، وأطرقْ كَرا. يريد يا مخنوق، وياليل، ويا كروان. وعلى أن الأمثال عندنا وإن كانت منثورة فإنها تجري في تحمل الضرورة لها مجرى المنظوم في ذلك. قال أبو علي: لأن الغرض في الأمثال إنما هو التسيير، كما أن الشعر كذلك، فجرى المثل مجرى الشعر في تجوز الضرورة فيه ومن الشعر قوله:
عجِبْتُ لِعطَّارٍ أَتانا يَسُومُنا ... بِدَسْكَرَةِ المَرَّانِ دُهْنَ البنفسجِ
فَقُلْتُ له: عطارُ هَلّا أتيْتَنا ... بنَوْر الخزامى أو بِخُوصَةِ عَرْفَجِ
[المحتسب: 2/70]
أراد يا عطار.
وقد ذكرنا هذا في غير موضع من كتبنا، وإنما قال ابن مجاهد: والألف ساقطة لأجل قراءة ابن عباس وعكرمة ويحيى بن يعمر والجحدري والضحاك وابن محيصن: [رَبِّي احْكُمْ بِالْحَقِّ] بياء ثابتة، وفتح الألف والكاف، ورفع الميم). [المحتسب: 2/71]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قال رب احكم بالحقّ} 112
قرأ حفص {قال رب احكم} هو إخبار الله جلّ وعز عن نبيه صلى الله عليه وآله أنه قال
يا رب احكم بالحقّ وقرأ الباقون {قل} على الأمر أي قل يا محمّد يا رب احكم بالحقّ). [حجة القراءات: 471]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (16- قوله: {قال رب احكم} قرأه حفص بألف، على الإخبار عن قول النبي صلى الله عليه وسلم، وقرأ الباقون «قل» بغير ألف على الأمر للنبي صلى الله عليه وسلم بالقول). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/115]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (16- {قَالَ رَبِّ احْكُم}[آية/ 112] بالألف من {قَالَ}:
قرأ عاصم- ص-.
والوجه أنه على الإخبار عن الرسول صلى الله عليه (وسلم) بأنه دعا الله تعالى أن يحكم بينه وبين قومه بالحق، كما دعت الرسل التي قبله بمثل ذلك حين قالوا {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ}.
وقرأ الباقون {قَالَ رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّ}.
والوجه أنه على الأمر، أي قل يا محمد رب احكم بالحق). [الموضح: 870]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (17- {عَلَى مَا تَصِفُونَ}[آية/ 112] بالتاء:
اتفقت القراء كلهم على القراءة بالتاء، إلا ما روي عن ابن عامر أنه قرأ بالياء.
ووجه القراءة بالتاء أنه على المخاطبة لهم، والمعنى وربنا المستعان على ما تقولون أيها الكفار من ردكم وتكذيبكم إحياء الأموات، والخطاب أشد موافقةً لما قبله، وهو قوله {فَقُلْ آذَنتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ}، وقوله {لِمَا تُوعَدُونَ}، وقوله {تَكْتُمُونَ}، وقوله {فِتْنَةٌ لَّكُمْ}، والكل على الخطاب.
ووجه قراءة ابن عامر أنه على الغيبة؛ لأن ما تقدمه مما يتصل به يقتضي
[الموضح: 870]
الغيبة، وهو قوله تعالى {قُلْ رَبِّ احْكُمْ}؛ لأن المعنى يا رب احكم بيني وبين هؤلاء الكفار بالحق وربنا المستعان على ما يصفه الكفار، أي يقولونه من تكذيب أمر البعث، ومعنى {يَصِفُونَ}: يقولون، كما قال تعالى {ولا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الكَذِبَ}أي: تقول). [الموضح: 871]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


الساعة الآن 12:25 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة