جمهرة العلوم

جمهرة العلوم (http://jamharah.net/index.php)
-   توجيه القراءات (http://jamharah.net/forumdisplay.php?f=1080)
-   -   توجيه القراءات في سورة النساء (http://jamharah.net/showthread.php?t=27804)

جمهرة علوم القرآن 5 صفر 1440هـ/15-10-2018م 05:21 PM

سورة النساء
[ من الآية (100) إلى الآية (101) ]

{وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (100) وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا (101)}

قوله تعالى: {وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (100)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك ما رواه الواقدي عن عباس عن الضبي عن أصحابه: [مَرْغَمًا]، وقراءة الجماعة: {مُرَاغَمًا}.
قال أبو الفتح: ينبغي أن يكون هذا إنما جاء على حذف الزيادة من راغَمَ، فعليه جاء مَرْغم؛ كمضرب من ضرب، ومذهب من ذهب. وأصل هذه المادة ر غ م، فمنه الرَّغام التراب وهو إلى الذل والشدة، والمراغِم: الْمُغَارُّ الذي يروم إذلال صاحبه، ومنه الحديث المرفوع: "إذا صلى أحدكم فليُلزم جبهته وأنفه الأرض حتى يخرج منه الرَّغْمُ" أي: حتى يذل ويخضع لله عز وجل، وعليه بقية الباب). [المحتسب: 1/195]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة طلحة بن سليمان: [ثُمَّ يُدْرِكُهُ الْمَوْتُ] برفع الكاف، وقراءة الحسن والجراح: [ثُمَّ يُدْرِكَهُ الْمَوْتُ] بنصب الكاف.
قال أبو الفتح: ظاهر هذا الأمر أن [يدركُه] رفع على أنه خبر ابتداء محذوف؛ أي: ثم هو يدركه الموت، فعطف الجملة التي من المبتدأ والخبر على الفعل المجزوم بفاعله، فهما إذن جملة، فكأنه عطف جملة على جملة. وجاء العطف هاهنا أيضًا لما بين الشرط والابتداء من المشابهات، فمنها أن حرف الشرط يجزم الفعل، ثم يعتور الفعل المجزوم مع الحرف الجازم على جزم الجواب، كما أن الابتداء يرفع الاسم المبتدأ، ثم يعتور الابتداء والمبتدأ جميعًا على رفع الخبر؛ ولذلك قال يونس في قول الأعشى:
إن تركبوا فركوب الخيل عادتنا ... أو تنزلون فإنا معشر نُزُل
[المحتسب: 1/195]
إنما أراد: أو أنتم تنزلون، أفلا تراه كيف عطف المبتدأ والخبر على فعل الشرط الذي هو تركبوا؟ وعليه قول الآخر:
إن تُذنبوا ثم تأْتيني بقيتكم ... فما عليَّ بذنب منكم فوت
فكأنه قال: إن تذنبوا ثم أنتم تأتيني بقيتكم، هذا أوجه من أن يحمله على أنه جعل سكون الياء في تأْتيني علَم الجزم، على إجراء المعتل مجرى الصحيح نحو قوله:
ألم يأْتيك والأنباء تنمي
فهذا جواب كما تراه.
وإن شئت ذهبت فيه مذهبًا آخر غيره، إلا أن فيه غموضًا وصنعة؛ وهو أن يكون أراد: ثم يدركْه الموت جزمًا، غير أنه نوى الوقف على الكلمة فنقل الحركة من الهاء إلى الكاف؛ فصار يدركُه، على قوله:
من عنَزِيِّ سبَّني لَمْ أضربُه
أراد: لم أضربْه، ثم نقل الضمة إلى الباء لما ذكرناه، كقوله:
أَلْهَى خليلي عن فراشي مسجدُهْ ... يأيها القاضي الرشيد أَرشِدُهْ
أي: أَرشِدْه، ثم نقل الضمة، فلما صار يدركُهْ حرك الهاء بالضم على أول حالها، ثم لم يُعِدْ إليها الضمة التي كان نقلها إلى الكاف عنها؛ بل أقر الكاف على ضمها، فقال: [ثُمَّ يُدْرِكُهُ الْمَوْتُ]، وقد جاء ذلك عنهم. أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بقول الشاعر:
إن ابن أحوص معروفًا فبلِّغُهُ ... في ساعديه إذا رام العلا قِصَرُ
[المحتسب: 1/196]
أراد: فبلِّغْه، ثم نقل الضمة من الهاء إلى الغين فصار فبلِّغُهْ، ثم حرك الهاء بالضم وأقر ضمة الغين عليها بحالها، فقال: فبلغُهُ؛ وذلك أنه قد كثر النقل عنهم لهذه الضمة عن هذه الهاء، فإذا نُقلت إلى موضع قرَّت عليه وثبتت ثبات الواجب فيه.
وفي إقرار الحركة بحالها مع تحريك ما بعدها دلالة على صحة قول سيبويه بإقرار الحركة التي يحرك بها الساكن عند الحذف إذا رُد إلى الكلمة ما كان حُذف منها في نحو قوله في النسب إلى شِيَهٍ: وِشَوِيّ، وهذا مشروح هناك في موضعه، فهذا وجه ثانٍ كما تراه في قوله: [ثُمَّ يُدْرِكُهُ الْمَوْتُ] بضم الكاف، فاعرفه.
وأما قراءة الحسن: [ثُمَّ يُدْرِكَهُ الْمَوْتُ] بالنصب فعلى إضمار "أن"، كقول الأعشى:
لنا هضبة لا يَنْزل الذلُّ وسطها ... ويأْوي إليها المستجير فيُعْصَمَا
أراد: فأَن يعصما، وهو ليس بالسهل؛ وإنما بابه الشعر لا القرآن. ومن أبيات الكتاب:
سأَترك منزلي لبني تميم ... وأَلحقُ بالحجاز فأَستريحا
والآية على كل حال أقوى من ذلك؛ لتقدم الشرط قبل المعطوف، وليس بواجب، وهذا واضح.
وفيه أكثر من هذا، إلا أنا نكره ونتحامى الإطالة لا سيما في الدقيق؛ لأنه مما يجفو على أهل القرآن.
وقد كان شيخنا أبو علي عمل كتابه الحجة، وظاهرُ أمره أنه لأصحاب القراءة، وفيه أشياء كثيرة قلما ينتصف فيها كثير ممن يدعي هذا العلم؛ حتى إنه مجفو عند القراءة لما ذكرناه). [المحتسب: 1/197]

قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا (101)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 5 صفر 1440هـ/15-10-2018م 05:23 PM

سورة النساء
[ من الآية (102) إلى الآية (104) ]

{وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا (102) فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا (103) وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (104)}


قوله تعالى: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا (102)}

قوله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا (103)}

قوله تعالى: {وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (104)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبي عبد الرحمن الأعرج: [أَنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ] بفتح الألف.
قال أبو الفتح: أن محمولة على قوله تعالى: {وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ} أي: لا تهنوا لأنكم تألمون، كقولك: لا تجبن عن قرنك لخوفك منه، فمن اعتقد نصب أن بعد حذف الجر عنها فأن هنا منصوبة الموضع، وهي على مذهب الخليل مجرورة الموضع باللام المرادة، وصارت "أن" لكونها كالعوض في اللفظ من اللام). [المحتسب: 1/197]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة يحيى: [فإنهم يِيلَمون كما تِيلَمون].
قال أبو الفتح: العرف في نحو هذا أن من قال: أنت تِئمن وتِئلف وإِيلف، فكسر حرف المضارعة في نحو هذا إذا صار إلى الياء فتحها ألبتة، فقال: هو يَأْلف، ولا يقول: هو يِيلف؛ استثقالًا للكسرة في الياء.
فأما قولهم في يَوْجَل ويَوْحَل ونحوهما: يِيجل ويِيحل بكسر الياء، فإنما احتُمل ذلك هناك من قِبَلِ أنهم أرادا قلب الواو ياء هربًا من ثقل الواو؛ لأن لياء على كل حال أخف من الواو، وعلموا أنهم إذا قالوا: يَيْجل ويَوحَل، فقلبوا الواو ياء والياء قبلها مفتوحة كان ذلك قلبًا من غير قوة علة القلب، فكأنهم حملوا أنفسهم بما تجشموه من كسر الياء توصلًا إلى قوة علة قلب الواو ياء، كما أبدلوا من ضمة لام أَدلُو جمع دَلْوٍ كسرة فصار أَدلِوٌ لتنقلب الواو ياء بعذر قاطع؛ وهو انكسار ما قبلها وهي لام، وليس كذلك الهمزة؛ لأنها إذا كسر ما قبلها لم يجب انقلابها ياء، وذلك نحو: بئر وذئب، ألا تراك إذا قلت: هو يِئْلف، لم يجب قلب الهمزة ياء؟ فلهذا قلنا: إن كسرة ياء يِيجل لما يعقب من قلب الأثقل إلى الأخف مقبول، وليس في كسر ياء يئلف ما يدعو إلى ما تُحْتَمل له الكسرة، وليس فيه أكثر من أنه إذا كسر الياء ثم خفَّف الهمزة صار يِيلمون فأشبه في اللفظ ييجل، وهذا له قدر لا يُحتمل له كسر الياء، فاعرفه). [المحتسب: 1/198]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 5 صفر 1440هـ/15-10-2018م 05:24 PM

سورة النساء
[ من الآية (105) إلى الآية (109) ]

{إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا (105) وَاسْتَغْفِرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (106) وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (107) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108) هَاأَنتُمْ هَؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (109)}


قوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا (105)}

قوله تعالى: {وَاسْتَغْفِرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (106)}

قوله تعالى: {وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (107)}

قوله تعالى: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108)}

قوله تعالى: {هَاأَنتُمْ هَؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (109)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 5 صفر 1440هـ/15-10-2018م 05:25 PM

سورة النساء
[ من الآية (110) إلى الآية (112) ]

{وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا (110) وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (111) وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا (112)}


قوله تعالى: {وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا (110)}

قوله تعالى: {وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (111)}

قوله تعالى: {وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا (112)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 5 صفر 1440هـ/15-10-2018م 05:26 PM

سورة النساء
[ الآية (113) ]

{وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113)}


قوله تعالى: {وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 5 صفر 1440هـ/15-10-2018م 05:29 PM

سورة النساء
[ من الآية (114) إلى الآية (115) ]

{لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (114) وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا (115)}

قوله تعالى: {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (114)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وتوبه جلّ وعزّ: (فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا (114)
قرأ أبو عمرو وحمزة (فسوف يؤتيه) بالياء، وقرأ الباقون بالنون.
قال أبو منصور: النون والياء معناهما واحد، الله يؤتيه الأجر، لا شريك له). [معاني القراءات وعللها: 1/317]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (30- وقوله تعالى: {فسوف نؤتيه} [114].
قرأ أبو عمرو وحمزة بالياء كأن محمدًا صلى الله عليه وسلم يخبر عن الله تعالى.
وقرأ الباقون بالنون الله تعالى يخبر عن نفسه). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/137]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في الياء والنون من قوله تعالى: فسوف نؤتيه [النساء/ 114].
[الحجة للقراء السبعة: 3/180]
فقرأ ابن كثير ونافع وعاصم وابن عامر والكسائيّ فسوف نؤتيه بالنون.
وقرأ أبو عمرو وحمزة: يؤتيه* بالياء.
قال أبو علي: من قرأ بالياء فلقوله: ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف يؤتيه ومن قرأ: نؤتيه فهو مثل يؤتيه* في المعنى). [الحجة للقراء السبعة: 3/181]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما ومن يشاقق الرّسول} {نوله ما تولى} 114 و115
قرأ أبو عمرو وحمزة (ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف يؤتيه) بالياء أي فسوف يؤتيه الله وحجتهما أنه قرب من ذكر الله وهو قوله {مرضات الله} فجعلا الفعل بعده على لفظ ما تقدمه ليأتلف نظام الكلام على سياق واحد
[حجة القراءات: 211]
وقرأ الباقون {فسوف نؤتيه} بالنّون وحجتهم في قوله قبل آيات {ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما} فردّوا ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه قوله نوله ونصله قد مضى ذكرها). [حجة القراءات: 212]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (36- {فَسَوْفَ يُؤْتِيهِ} [آية/ 114]:-
بالياء، قرأها أبو عمرو وحمزة ويعقوب، لقوله تعالى {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ الله فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ} بالياء، أي يؤتيه الله.
وقرأ الباقون {نُؤْتِيه} بالنون، على خبر الجمع، والمؤتي هو الله تعالى في كلا الوجهين، وقد سبق مثله). [الموضح: 426]

قوله تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا (115)

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 5 صفر 1440هـ/15-10-2018م 05:30 PM

سورة النساء
[ من الآية (116) إلى الآية (121) ]

{إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا (116) إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا (117) لَّعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا (118) وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا (120) أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلاَ يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا (121)}

قوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا (116)}

قوله تعالى: {إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا (117)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما روته عائشة رضي الله عنها: [أُثُنا] بثاء قبل النون، ورُوي أيضًا عنها عنه عليه السلام: [أُنُثا] النون قبل الثاء. وقراءة ابن عباس: [إلا وُثْنا]، ورُوي عنه أيضًا: [إلا أُنُثا] بضمتين والثاء بعد النون، وقراءة عطاء بن أبي رباح: [ألا أُثْنا] الثاء قبل، وهي ساكنة.
قال أبو الفتح: أما "أُثُن" فجمع وَثَن، وأصله وُثُن، فلما انضمت الواو ضمًّا لازمًا قلبت همزة، كقول الله تعالى: {وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَت}، وكقولهم في وُجوه: أجوه، وفي وُعِد: أُعِد، وهذا باب واسع. ونظير وَثَن وأُثُن أَسَد وأُسُد. ومن قال: "أُثْنا" بسكون الثاء فهو كأُسْد، بسكون السين.
[المحتسب: 1/198]
حكى سيبويه هذه القراءة: [أُثْنا] بسكون الثاء.
وذهب أبو بكر محمد بن السري في قولهم: أَسَد وأُسُد إلى أنها محذوفة من أُسُود، ويقوي قوله هذا بيت الأخطل:
كَلَمْعِ أَيدي مَثاكيلٍ مُسَلِّبَةٍ ... يَندُبنَ ضَرس بنَاتِ الدَهرِ وَالخُطُبِ
يريد: الخُطُوب، فقصر الكلمة بحذف واوها، ومثله قول الآخر:
إن الفقير بيننا قاضٍ حَكَمْ ... أن ترِد الماءَ إذا غاب النُّجُم
يريد: النجوم.
وأما [أُنُثًا] بتقديم النون على الثاء، فينبغي أن يكون جمع أَنيث، كقولهم: سيفٌ أنيث الحديد، وذلك كقراءة العامة: {إِلَّا إِنَاثًا} يعني: به الأصنام. قال الحسن: الإناث كل شيء ليس فيه رُوح: خشبة يابسة وحجر يابس، قال: وهو اسم صنم لحي من العرب، كانوا يعبدونها ويسمونها أُنثى بني فلان، وعليه القراءة: [إِلَّا أوثانًا] ). [المحتسب: 1/199]

قوله تعالى: {لَّعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا (118)}

قوله تعالى: {وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا (119)}

قوله تعالى: {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا (120)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قال حماد بن شُعيب: قلت للأعمش: [يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ]، فقال: أيعدُهم؟ إنما هو: [يَعِدْهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدْهُم] ساكنة.
قال أبو الفتح: قد تقدم القول على نحو هذا ما أُسكن في موضع الرفع تخفيفًا لثقل الضمة. قال أبو زيد فيما حكاه عنهم: [بَلَى وَرُسُلْنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ] بسكون اللام تخفيفًا على هذا). [المحتسب: 1/199]

قوله تعالى: {أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلاَ يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا (121)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 5 صفر 1440هـ/15-10-2018م 05:31 PM

سورة النساء
[ من الآية (122) إلى الآية (124) ]

{وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً (122) لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا (123) وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا (124)}

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً (122)}

قوله تعالى: {لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا (123)}

قوله تعالى: {وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا (124)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ولا يظلمون فتيلًا (77) أينما تكونوا (78).
قرأ نافع وأبو عمرو وعاصم ويعقوب وابن عامر: (ولا تظلمون) بالتاء.
[معاني القراءات وعللها: 1/312]
وكذلك قرئ لابن عامر على ابن الأخرم.
وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي بالياء، وأما قوله: (ولا يظلمون نقيرًا (124) فاتفقوا فيه على الياء.
قال أبو منصور: التاء للخطاب والياء للغيبة، وكلتا القراءتين جيدة). [معاني القراءات وعللها: 1/313] (م)
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فأولئك يدخلون الجنّة ولا يظلمون نقيرًا (124)
قرأ ابن كثير ويعقوب: (يدخلون) بضم الياء ها هنا وفي مريم ورأس أربعين من المؤمن، وقرآ: (سيدخلون جهنّم) عند رأس ستين منها بضم الياء أيضًا.
وقرأ أبو عمرو ها هنا وفي مريم وفاطر ورأس أربعين من المؤمن: (يدخلون) بضم الياء، وروى المطرف عن ابن مشكان عن ابن كثير: أنه ضم الياء في فاطر مثل أبي عمرو، وروى الأعشى عن أبي بكر عن عاصم: أنه ضم الياء ها هنا وفي مريم ورأس أربعين من المؤمن، وفتح رأس ستين منها (سيدخلون جهنّم)، وروي
[معاني القراءات وعللها: 1/317]
يحيى عن أبي بكر ها هنا وفي مريم (سيدخلون جهنّم) بالضم، وفتح الياء رأس أربعين، وروى الكسائي وحسين عن أبي بكر عن عاصم بفتح الياء فيهن كلهن، وقرأ الباقون بالفتح في ذلك.
قال أبو منصور: من قرأ (يدخلون) فهم فاعلون، ومن قرأ (يدخلون) فعلى ما لم يسم فاعله). [معاني القراءات وعللها: 1/318]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (32- وقوله تعالى: {فأولئك يدخلون الجنة} [124].
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر بضم الياء.
وقرأ الباقون بفتحها، والأمر بينهما قريب؛ وذلك أن من أدخله الله الجنة دخل هو). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/138]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في ضمّ الياء وفتحها من قوله [جلّ وعز]: يدخلون الجنة [النساء/ 124] فقرأ ابن كثير: يدخلون الجنة*، في ثلاثة مواضع: في النساء، وفي مريم [60]، وفي المؤمن [40]، ورابعا فيه سين، وهو قوله تعالى: سيدخلون جهنم [غافر/ 60].
وروى مطرّف الشّقري عن معروف بن مشكان عن ابن كثير أنّه ضمّ الحرف الذي في سورة الملائكة: جنات عدن
[الحجة للقراء السبعة: 3/181]
يدخلونها [33] ولم يأت بها مضموما عن ابن كثير غيره.
وقرأ عاصم في رواية أبي هشام عن يحيى وابن عطارد عن أبي بكر مثل ابن كثير في الملائكة. وأما خلف ومحمد بن المنذر وأحمد بن عمر الوكيعي فرووا عن يحيى بن آدم عن أبي بكر عن عاصم: بفتح الياء في يدخلون الجنة في المؤمن. وقال خلف عن يحيى سمعت أبا بكر وقد سئل عنها، فقال: سيدخلون بفتح الياء.
وقرأ أبو عمرو في النساء، وفي مريم، وفي الملائكة، وفي المؤمن: يدخلون الجنة بضم الياء، وفتح الياء من سيدخلون جهنم داخرين.
وروى حفص عن عاصم أنّه كان يفتحهن كلّهنّ. وروى الكسائي عن أبي بكر وخلاد عن حسين الجعفيّ عن أبي بكر عن عاصم أنّه فتحهنّ كلّهنّ مثل حفص.
وقرأ نافع وابن عامر وحمزة والكسائي بفتح الياء فيهنّ كلّهنّ..
[قال أبو علي]: حجّة من قال: يدخلون قوله: ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون [الزخرف/ 70] ادخلوها بسلام آمنين [الحجر/ 46] قيل ادخل الجنة [يس/ 26].
ومن قال: يدخلون فلأنّهم لا يدخلونها حتى يدخلوها). [الحجة للقراء السبعة: 3/182]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فأولئك يدخلون الجنّة ولا يظلمون نقيرا}
قرأ ابن كثير وأبو عمرو {فأولئك يدخلون الجنّة} بضم الياء وفتح الخاء على ما لم يسم فاعله وكذلك في مريم وحم المؤمن وحجتهم قوله {وأدخل الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات} وأخرى ذكرها اليزيدي فقال ذلك إذا كان بعدها ما يؤكدها مثل {ولا يظلمون} و{يرزقون} و{يحلون} لأن الأخرى توكيد الأو فإذا كان لم يكن معها ذلك فالياء مفتوحة مثل قوله في الرّعد
[حجة القراءات: 212]
{جنّات عدن يدخلونها} وفي النّحل {جنّات عدن يدخلونها}
وقرأ الباقون {يدخلون الجنّة} بفتح الياء وضم الخاء وحجتهم قوله {ادخلوها بسلام آمنين} {ادخلوا الجنّة بما كنتم تعملون} فكان أمر الله إيّاهم أن يدخلوها دليلا على إسناد الفعل إليهم اعلم أن المعنيين متداخلان لأنهم إذا أدخلوا دخلوا وإذا دخلوا فبإدخال الله إيّاهم يدخلون
فأما {سيدخلون جهنّم} ففتح أبو عمرو لأنّه لم يأت بعده ما يؤكده مثل ما جاء في سائر القرآن من {يرزقون} و{لا يظلمون} ). [حجة القراءات: 213]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (69- قوله: {يدخلون} قرأه أبو بكر وأبو عمرو وابن كثير بضم الياء وفتح الخاء، ومثله في مريم والأول من غافر، أضافوا الفعل إلى غيرهم؛ لأنهم لا يدخلون الجنة حتى يدخلهم الله جل ذكره إياها، فهم مفعولون في المعنى، فبنوا الفعل للمفعول على ما لم يسم فاعله، وقد أجمعو على قوله: {وأدخل الذين آمنوا وعلموا الصالحات} «إبراهيم 23» {ويدخلهم جنات} «المجادلة 22» وهو كثير، وقرأ الباقون بفتح الياء وضم الخاء، أضافوا الفعل إلى الداخلين، لأنهم هم الداخلون بأمر الله لهم، دليله قوله: {ادخلوا الجنة} «الأعراف 49» وقوله: {ادخلوها بسلام} «الحجر 46» وهو أيضًا
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/397]
كثير، فالقراءتان متداخلتان؛ لأنهم إذا أمروا بالدخول دخلوا، ولأنهم لا يدخلونها حتى يدخلهم الله إياها، فهم داخلون مدخلون، وعلى هذه العلة تجري قراءة أبي عمرو بضم الياء في سورة الملائة تفرّد بذلك، وعلى ذلك تجري قراءة ابن كثير وأبي بكر في الثاني من غافر {سيدخلون} «60» بضم الياء، والباقون بفتح الياء فيها). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/398]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (37- {فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ} [آية/ 124]:-
بضم الياء، وفتح الخاء، قرأها ابن كثير وأبو عمرو وعاصم ياش-،
[الموضح: 426]
ويعقوب، وكذلك في مريم وفي المؤمن {يُدْخَلُونَ الجَنَّةَ}.
واختلفوا في المؤمن أيضًا في {سَيَدْخُلونَ}: فابن كثير وعاصم ياش- ويعقوب- يس- بضم الياء وفتح الخاء، وكذلك أبو عمرو وحده في فاطر {يُدْخَلُونَها} بضم الياء وفتح الخاء.
والوجه في ذلك أنه من الإدخال لا من الدخول؛ لأنهم لا يدخلونها حتى يدخلوها، فلفظ الإدخال أولى.
وقرأ الباقون بفتح الياء وضم الخاء من الخمسة الأحرف.
ووجهه أن الفعل أسند إلى الداخلين؛ لأنهم إذا أدخلوها دخلوها، وهم يدخلون الجنة بإدخال الله تعالى إياهم فيها، كما قال {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ}). [الموضح: 427]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 5 صفر 1440هـ/15-10-2018م 05:47 PM

سورة النساء
[ من الآية (125) إلى الآية (126) ]

{وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً (125) وَللّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطًا (126)}

قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً (125)}

قوله تعالى: {وَللّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطًا (126)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 5 صفر 1440هـ/15-10-2018م 05:48 PM

سورة النساء
[ من الآية (127) إلى الآية (128) ]

{وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاء الَّلاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا (127) وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (128)}

قوله تعالى: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاء الَّلاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا (127)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك ما رواه الضبي عن أبي عبد الله المدني: [في يَيامَى النساء] بياءين.
قال أبو الفتح: القراءة المجمع عليها: {فِي يَتَامَى النِّسَاءِ} بياء وتاء بعدها. ولا يجوز قلب التاء هنا ياء. والقول عليه -والله أعلم- أنه أراد أَيامى، فأبدل الهمزة ياء، فصارت [يَيامى]، وقلبت الهمزة ياء كما قلبت الهمزة ياء في قولهم: [قطع الله أَدْيَه]، يريدون: يده، فرد لام الفعل، وأعاد العين إلى سكونها؛ فصارت يَدْيَه، ثم أبدل الياء همزة فصارت أَدْيه، ولم أسمع هذا إلا من جهته، وأيًّا ما كان فقد قُلب الياء همزة.
ونظير قلب الهمزة في {أَيامى} إلى الياء حتى صارت [يَيامى] قولهم: باهلة بن يعصُر، فالياء فيه بدل من همزة أَعصُر؛ وذلك لأنه يقال: باهلة بن أَعصُر ويعصُر، وإنما سُمي أعصر ببيت قاله:
أبُنَي إن أباك غيَّر لونَه ... كرُّ الليالي واختلاف الأعصر
فهذا دليل على كون الهمزة أصلًا والياء بدل منها.
وأما {أَيامى} فقالوا: إنها جمع أَيِّم، وأصلها عندهم أيائم كسيد وسيائد، كذا رواها ابن الأعرابي: سيد وسيائد بالهمز كما ترى، وفي هذا شاهد لقول سيبويه: إنه متى اكتنف ألف التكسير حرفا علة أَيَّيْنِ كانا وجاور الآخر منهما الطرف فإنه يهمز.
وشاهد ذاك أيضًا ما رواه أبو عثمان عن الأصمعي: أنهم قالوا: عيِّل وعيائل بالهمز.
وحكى أبو زيد:" سَيِّقة وسيائق بالهمز.
وكان أبو علي يُسَر بما حكاه أبو زيد من همز سيائق، ولم يقع له إذ ذاك ما حكيناه عن ابن الأعرابي من همز سيائد، ولا كان إذا ذاك وقع هذا الحرف إليَّ فأذكره له، كأشياء كانت تخطر لي أو تنتهي إليَّ فأحكيها له، فنقع مواقعها المرضية عنده.
ومذهب أبي الحسن بخلاف ذلك، فلما صارت إلى أَيائم قُدِّمت اللام وأُخرت العين فصارت [أَيامِي]، ثم أبدلت من الكسرة فتحة ومن الياء ألف فصارت {أَيامَى}، ووزنها الآن فيالع، وأصلها أَيائِم فياعل؛ لأن أَيما فيْعِل، هذا مذهب الجماعة في أيِّم وأَيامى.
[المحتسب: 1/200]
ولو ذهب به ذاهب إلى ما أذكره لم أرَ به بأسًا؛ وذلك أنه كأنه كسَّر آيِم فاعِل على فَعْلى، وهو أَيْمَى، من حيث كانت الأَيْمَة بليَّة ندفع إليها، فجرى مجرى هالك وهلكى، ومائد وميدى، وجريح وجرحى، وزمن وزمنى، وسكران وسكرى، ثم كُسرت أيمى على أيامى، فوزن أيامى الآن على هذا فَعالى، ولا قلب فيها.
وأنت إذا سلكت هذه الطريق أحرزت غنمين، وكُفيت مئونتين:
إحداهما: أن تكون الكلمة على أصلها لم تقلب ولم يغير شيء من حروفها، والآخر: أنه لو كان الأصل "أيائم" لجاز؛ بل كان الوجه أن يُسمع؛ وإنما المسموع أيامى كما ترى، فاعرف ذلك، "فالييامى" على هذا القول فعالى، تكسير أَيْمَى على فَعْلَى، كهَلْكَى.
وعلى القول الآخر فيالِع.
ومما كُسِّر على فَعْلى ثم كسرت فعلى على فَعالى ما رويناه عن أبي بكر محمد بن الحسن عن أبي العباس أحمد بن يحيى في أماليه من قول بعضهم:
مثل القتالى في الهشيم البالي
فهذا تكسير قتيل على قَتْلى، ثم قَتْلى على قَتَالى). [المحتسب: 1/201]

قوله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (128)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أن يصلحا بينهما صلحًا... (128).
قرأ الكوفيون (يصلحا) بالضم والتخفيف، وقرأ الباقون: (يصّالحا)
قال أبو منصور: (يصّالحا). أي: يتصالحا، فأدغمت التاء في الصاد. وشددت.
ومن قرأ (يصلحا) فمعناه: إصلاحهما الأمر بينهما، كما يقال: أصلحت ما بين القوم، والمعنى فيهما: أن الزوجين يجتمعان على صلح يتقفان عليه، وذلك أن المرأة تكره الفراق، فتدع بعض حقها من الفراش للزوج فيؤثر به غيرها من نسائه، كما فعلت سودة في تركها ليلتها لعائشة). [معاني القراءات وعللها: 1/318]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (31- وقوله تعالى: {أن يصلحا بينهما صلحا} [128].
قرأ أهل الكوفة {يصلحا} من أفعل يفعل.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/137]
وقرأ الباقون: {يصالحا} يريدون: يتصالحا فأدغموا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/138]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في ضمّ الياء والتخفيف، وفتحها والتشديد من قوله: أن يصالحا [النساء/ 128].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر: يصالحا بفتح الياء والتشديد.
وقرأ عاصم وحمزة والكسائي: أن يصلحا بضم الياء والتخفيف.
قال أبو علي: من قال: فلا جناح عليهما أن يصالحا؛ فوجهه أنّ الأعرف في استعمال هذا النحو: تصالحا. ويبين ذلك أنّ سيبويه زعم أنّ هارون حدّثهم أنّ بعضهم قرأ: فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا، فيصّلحا: يفتعلا، وافتعل وتفاعل بمعنى، ولذلك صحّت الواو في: اجتوروا، واعتونوا، واعتوروا، لمّا كان بمعنى: تجاوروا، وتعاونوا، وتعاوروا، فهذه حجة لمن قرأ أن يصالحا، وكذلك زعموا في حرف عبد الله:
فلا جناح عليهما إن اصّالحا.
ومن قرأ: يصلحا، فإنّ الإصلاح عند التنازع والتشاجر أيضا قد استعمل كما استعمل تصالح، قال: فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم [البقرة/ 182] وقال: إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس [النساء/ 114]
[الحجة للقراء السبعة: 3/183]
وليس الصلح على واحد من الفعلين، فيجوز أن يكون اسما مثل:
العطاء والعطية من أعطى، والكرامة من أكرم، فمن قرأ: يصلحا كان تعدّي الفعل إليه كتعدّيه إلى الأسماء، كقولك: أصلحت ثوبا. فإن قلت: فمن قرأ: تفاعل، فما وجهه، وتفاعل لا يتعدّى كما تعدّى أفعل؟ قيل: إن تفاعل قد جاء متعديا في نحو قول ذي الرّمّة:
ومن جردة غفل بساط تحاسنت... به الوشي قرّات الرّياح وخورها
ويجوز فيه أن يكون مصدرا حذفت زوائده، كما قال:.
وإن يهلك فذلك كان قدري أي: تقديري: ويجوز أيضا أن يكون وضع المصدر موضع الاسم كما وضع الاسم في موضع المصدر في نحو قوله:
باكرت حاجتها الدّجاج...
وقوله:
وبعد عطائك المائة الرّتاعا). [الحجة للقراء السبعة: 3/184]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة عاصم الجحدري: [أَنْ يَصَّلِحَا].
قال أبو الفتح: أراد: يصطلحا أي يفتعلا، فآثر الإدغام فأبدل الطاء صادًا، ثم أدغم فيها الصاد التي هي فاء، فصارت يصَّلحا، ولم يجز أن تبدل الصاد طاء لما فيها من امتداد الصفير، ألا ترى أن كل واحد من الطاء وأختيها والظاء وأختيها يُدغمن في الصاد وأختيها، ولا يدغم واحدة منهن في واحدة منهن؟ فلذلك لم يجز [إلا أن يَطَّلحا]، وجاز [يصَّلحا] ). [المحتسب: 1/201]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا}
قرأ عاصم وحمزة والكسائيّ {أن يصلحا} بضم الياء وسكون الصّاد وكسر اللّام وحجتهم في ذلك أن العرب إذا جاءت مع الصّلح ب بين قالت أصلح القوم بينهم وأصلح الرّجلان بينهما قال الله جلّ وعز {فأصلحوا بينهما} وإذا لم تأت ب بين قالوا تصالح القوم وتصالح الرّجلان ففي مجيء {بينهما} مع قوله {أن يصلحا} دليل واضح على صحة ما قلنا وأخرى لو كان الصّواب يصالحا لجاء المصدر على لفظ الفعل فقيل تصالحا لا صلحا فلمّا جيء بالمصدر على غير بناء الفعل دلّ ذلك على أنه صدر على غير هذا اللّفظ
[حجة القراءات: 213]
وقرأ الباقون (يصالحا) بفتح الياء وتشديد الصّاد وفتح اللّام أي يتصالحا فأدغموا التّاء في الصّاد لقرب مخرجهما وحجتهم أن المعروف من كلام العرب إذا كان بين اثنين مشاجرة أن يقولوا تصالح القوم فهم يتصالحون ولا يكادون يقولون أصلح القوم فهم مصلحون وأخرى أنه لو كان الوجه أن يصلحا لخرج مصدره على لفظه فقيل إصلاحا قلت هذا غير لازم لهم وذلك أن العرب تضم الاسم موضع المصدر فتقول هذا يوم العطاء أي يوم الإعطاء وفي التّنزيل وأنبتها نباتا حسنا ولم يقل إنباتا). [حجة القراءات: 214]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (70- قوله: {أن يصلحا} قرأ الكوفيون بضم الياء، وكسر اللام، من غير ألف مخففا، وقرأه الباقون بفتح الياء واللام والتشديد، وبألف بعد الصاد.
71- وحجة من قرأ بضم الياء أنهم جعلوه مستقبل «أصلح» لأن الإصلاح من المصلح بين المتنازعين مستعمل، قال الله: {فأصلحوا بين أخويكم} «الحجرات 10»، وقال: {وأصلحوا ذات بينكم} «الأنفال 1» وقال {أو إصلاح بين الناس} «النساء 114» وقال: {فأصلح بينهم} «البقرة 182» وإتيان «صلح» بعده ليس على المصدر، إنما هو اسم كالعطاء، فهو نصب بـ «يصلحا» نصب المفعول، كما تقول: أصلحت ثوبًا، ويجوز أن تنصب على مصدر فعل ثلاثي مضمر، على تقدير: أن «يصلحا» فيصلح ما بينهما صلحا، وفي حرف ابن مسعود: «فلا جناح عليهما إن أصلحا بينهما صلحا» فهذا يدل على الإصلاح دون التصالح.
72- وحجة من قرأ بألف وفتح الياء أنه لما رأى الفعل من اثنين من زوجة وزوج، وهما مذكوران في أول الكلام، أتى الفعل من باب المفاعلة، التي تثبت للاثنين، فجاء على تصالح الرجلان يتصالحان، ثم أدغمت الياء في الصاد، ونصب «صلحا» كنصبه في القراءة الأولى على الوجهين، والمعروف في كلام العرب
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/398]
التصالح عند التنازع، فـ «يصالحا» أولى به من «الإصلاح» وهو مروي عن علي وابن عباس وعائشة وغيرهم، وهو اختيار أبي حاتم وأبي عبيد والطبري، وهو أحب إلي). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/399]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (38- {أَنْ يُصْلِحَا} [آية/ 128]:-
بضم الياء وكسر اللام من غير ألف، من الإصلاح؛ لأن الإصلاح قد يستعمل عند التنازع والتشاجر، كما يستعمل التصالح، تقول: أصلحت بين
[الموضح: 427]
المتنازعين، قال الله تعالى {إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ}، وانتصاب {صُلْحًا} على أنه مفعول به، كما تقول: أصلحت ثوبًا، ويجوز أن يكون منتصبًا انتصاب المصادر؛ لأن الصلح اسم للمصدر، كالعطاء من أعطيت، وأصلحت معناه أوقعت الصلح، فجاز انتصاب الصلح به، وإن لم يكن مصدرًا له.
وقرأ الباقون {أَنْ يَصّالَحَا} بفتح الياء وتشديد الصاد وبالألف، والأصل: يتصالحا، فأدغم التاء في الصاد لتقاربهما في المخرج، والتصالح هو المعروف في هذا الباب، ويقوي ذلك أن سيبويه روى عن بعضهم {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا}، فيصلحا يفتعلا، وافتعل وتفاعل بمعنىً واحدٍ). [الموضح: 428]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 5 صفر 1440هـ/15-10-2018م 05:49 PM

سورة النساء
[ من الآية (129) إلى الآية (130) ]

{وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (129) وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا (130)}


قوله تعالى: {وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (129)}

قوله تعالى: {وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا (130)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 5 صفر 1440هـ/15-10-2018م 05:57 PM

سورة النساء
[ من الآية (131) إلى الآية (134) ]

{وَللّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا (131) وَلِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً (132) إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا (133) مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (134)}


قوله تعالى: {وَللّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا (131)}

قوله تعالى: {وَلِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً (132)}

قوله تعالى: {إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا (133)}

قوله تعالى: {مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (134)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 6 صفر 1440هـ/16-10-2018م 08:46 AM

سورة النساء
[ من الآية (135) إلى الآية (136) ]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (135) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا (136)}

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (135)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وإن تلووا أو تعرضوا... (135)
قرأ ابن عامر وحمزة (وإن تلوا) بواو واحدة، وضم اللام، وقرأ الباقون: (تلووا) بواوين وسكون اللام.
قال أبو منصور: من قرأ (تلووا) فهو من لوى يلوي.
يقال: لويت فلانًا حقه ليّا. إذا دافعته ومطلته، وهذه القراءة أشبه بما جاء في التفسير، لأنه جاء فيه: إن لوى الحاكم في قضيته أو أعرض فإن الله خبير بذلك، ومن قرأ (تلوا) بالتخفيف ففيه وجهان:
أحدهما: أن يكون (تلوا) أصلها (تلووا)، فأبدل من الواو المضمومة همزة فصارت (تلؤوا) بإسكان اللام، ثم طرحت الهمزة وطرحت حركتها على اللام، فصارت (تلوا)، كما قيل في (أدور): (أدؤر).
ثم طرحت الهمز فصارت (أدر).
وقيل معنى: (تلووا) تفعلوا من الولاية أو تعرضوا.
المعنى: إن قمتم بالأمر أو أعرضتم فإن الله بما تعملون خبيرا، ويكون (تلوا) على هذا المعنى من ولى يلي، إذا تولّى أمرًا وقام به). [معاني القراءات وعللها: 1/319]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (34- وقوله تعالى: {وأن تلووا أو تعرضوا} [135].
قرأ ابن عامر وحمزة بواوٍ واحدة.
وقرأ الباقون {تلووآ} بواوين جعلوه من لويت حقه، والأصل: تلويوا فاستثقلوا الضمة على الياء فخزلوها وحذفوها لالتقاء الساكنين، ثم ضمت الواو الأولى لمجاورتها الثانية. ومن قرأ بواو واحدة فله مذهبان:
أحدهما: أن يكون أراد: تلؤا بالهمز جعل الواو همزة، لانضمامها، ثم نقل ضمة الهمزة إلى اللام وحذفها لالتقاء الساكنين.
والمذهب الثاني: أن يكون أخذه من الولاية). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/138]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في إسقاط الواو وإثباتها، وضمّ اللام، وإسكانها من قوله [جلّ وعز]: وإن تلووا [النساء/ 135].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم والكسائي: تلووا بواوين الأولى مضمومة، واللام ساكنة.
وقرأ حمزة وابن عامر: تلوا بواو واحدة، واللام مضمومة.
[قال أبو علي]: حجة من قال: تلووا أنّه قيل: إنّ ابن عباس فسّره بأنّه: القاضي يكون ليّه وإعراضه لأحد الخصمين على الآخر.
وحجة من قال: تلوا بواو واحدة أن يقول: إن تلوا في هذا الموضع حسن، لأنّ ولاية الشيء. إقبال عليه، وخلاف الإعراض عنه، فالمعنى: إن تقبلوا أو تعرضوا، فلا تلوا، فإن الله كان بما تعملون خبيرا، فيجازي المحسن المقبل بإحسانه، والمسيء المعرض بإعراضه وتركه الإقبال على ما يلزمه أن يقبل عليه، ويقول: لو قرأت: وإن تلووا أو تعرضوا؛ لكان كالتكرير، لأنّ اللّيّ مثل الإعراض، ألا ترى أنّ قوله: لووا رؤسهم ورأيتهم يصدون [المنافقون/ 5] إنّما هو إعراض منهم وترك انقياد للحق، وكذلك ليا بألسنتهم [النساء/ 46] إنّما هو انحراف وأخذ فيما لا ينبغي أن يأخذوا فيه، فإذا كان كذلك كان كالتكرير، وإذا قلنا: تلوا فقد ذكرنا الإعراض وخلافه.
[الحجة للقراء السبعة: 3/185]
ومن حجة من قال: تلووا بواوين من لوى أن يقول: ما ذكرتم أنّ الدلالة وقعت عليه في قراءتكم تلوا بواو واحدة وقد فهم بما تقدم من قوله: فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا فيستغنى به، ولا ينكر أن يتكرر اللفظان لمعنى واحد نحو قوله: فسجد الملائكة كلهم أجمعون [الحجر/ 30] ونحو قوله:
وهند أتى من دونها النّأي والبعد وقوله: وألفى قولها كذبا ومينا وقد قيل: إن تلوا يجوز أن يكون تلووا، وأن الواو التي هي عين همزت لانضمامها كما همزت في أدؤر، وألقيت حركة الهمزة على اللام التي هي فاء). [الحجة للقراء السبعة: 3/186]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا}
قرأ حمزة وابن عامر وإن (تلوا أو تعرضوا) بضم اللّام
وقرأ الباقون {وإن تلووا} بواوين من لويت فلانا حقه ليا أي دافعته وماطلته يقال لوى فلانا غريمه
قال أبو عبيدة يقال رجل ليان وامرأة ليانة أي مماطلة فمعنى {تلووا} تدافعوا وتمطلوا وحجتهم في ذلك ما جاء في التّفسير إن لوى الحاكم في قضيته فإن الله كان بما تعملون خبيرا وأخرى روى ابن جريج عن مجاهد {وإن تلووا} أي تبدلوا الشّهادة {أو تعرضوا} أي تكتوها فذهب مجاهد أن هذا خطاب من الله جلّ وعز للشهداء لا للحكام واصل الكلمة تلويوا فاستثقلوا
[حجة القراءات: 215]
الضمة على الياء فحذفوها وحذفت الياء لالتقاء الساكنين ثمّ ضمّوا الواو لمجاورتها الثّانية
ومن قرأ بواو واحدة ففيه وجهان أحدهما أن يكون أصله تلووا فأبدل من الواو المضمومة همزة فصار تلؤوا بإسكان اللّام ثمّ طرحت الهمزة وطرحت حركتها على اللّام فصار تلوا ويجوز أن يكون من الولاية من قولك وليت الحكم والقضاء بين الرجلين أي إن قمتم بالأمر أو أعرضتم فإن الله كان بما تعملون خبيرا والأصل توليوا فحذفت الواو كما حذفنا من يعد فصار تليوا ثمّ حذفنا الياء ونقلنا الضمة إلى اللّام فصار تلوا). [حجة القراءات: 216]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (73- قوله: {وإن تلوا} قرأه حمزة وابن عامر بضم اللام، وبعدها واو واحدة ساكنة، وقرأ الباقون بإسكان اللام، وبعدها واوان الأولى منهما مضمومة.
وحجة من قرأ بضم اللام أنه جعله من: ولي يل، وأصله «توليوا» ثم حذفت الواو التي هي فاء الفعل، على الأصول، للاعتدال في «يعد ويزن»، فدليل حصة على «ولي» أن بعده «أو تعرضوا» فهو نقيض «تلوا» لأن ولاية الشيء الإقبال عليه، ونقيضه الإعراض عنه، فإنما قيل لهم: «وإن تلوا الأمر فتعدلوا فيه أو تعرضوا عنه فال تلوه ولا تعدلوا فيه إن وليتموه» فإن الله كان بما تعملون خبيرًا، ولما كان من قرأه بضم اللام معناه الإعراض لأن اللي في الشيء العوج فيه، والعوج في الحق الإعراض عن إقامته، فـ «تلووا» بواوين في المعنى هو الإعراض، فالقراءة بضم اللام يفيد معنيين الولاية ونقيضها الإعراضن والقراءة بواوين تفيد معنى واحد، لأن اللي هو الإعراض، ويحتمل أن تكون القراءة بضم اللام كالقراءة بإسكانها، وذلك أن أصله «تلووا» فاستثقلت الضمة على الواو، وبعدها واو أخرى، وألقيت الحركة على اللام، وحذفت إحدى الواوين لالتقاء الساكنين، فهو في القراءة كالقراءة بإسكان اللام واوين، وقيل: إنما أبدل من الواو المضمومة همزة، ثم خففها بإلقاء حركتها على اللام، فصارت «تلوا» وأصلها «تلووا» فتتفق القراءتان على هذا التقدير،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/399]
74- وحجة من قرأ بإسكان اللام أنه جعله من «لوى يلوي» إذا أعرض، وأصله «تلويوا» ثم ألقيت حركة الياء على الواو الأولى وحذفت الياء لسكونها وسكون الواو الأخيرة بعدها، أو لسكونها وسكون الواو قبلها، لأن حركتها عارضة، وقد قال ابن عباس: هو لي القاضي وإعراضه، وأيضًا فإن قوله: {فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا} والعدل هو أن تلي الشيء بالحق، وضده الإعراض عن الحق، فقد فُهم في هذا أيضًا معنى القراءة بواو واحدة من: ولي، فكلا القراءتين فيه «أو تعرضوا» بمعنى ما قبله، فكرر للتأكيد ولاختلاف اللفظ، وقد ذكرنا أنه يحتمل أن تكون القراءان بمعنى واحد من الليّ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/400]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (39- {وإِنْ تَلُوا} [آية/ 135]:-
بواو واحدةٍ، واللام مضمومة، قرأها ابن عامر وحمزة.
وهو من ولي يلي؛ لأن ولاية الشيء إقبال عليه، وهو خلاف الإعراض عنه، والمعنى إن تقبلوا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرًا، فيجازي
[الموضح: 428]
المحسن المقبل بإحسانه، والمسيء المعرض بإعراضه.
وقرأ الباقون {تَلْوُوا} بواوين، واللام ساكنة.
وهو من لوى يلوي، وهو من لي القاضي وإعراضه لأحد الخصمين على الآخر، أو من لي الشهادة، وهو تحريفها، أو من لي الغريم وهو مطله.
ويجوز أن يكون {تَلُوا} في القراءة الأولى أصله أيضًا تلووا، فهمزت الواو الأولى لانضمامها، ثم خففت الهزة بإلقاء حركتها على اللام وحذفها فبقي {تَلُوا} ). [الموضح: 429]

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا (136)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (والكتاب الّذي نزّل على رسوله والكتاب الّذي أنزل من قبل... (136)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر بضم النون والألف من (نزّل) و(أنزل).
وقرأ الباقون بفتحهما، وروى الكسائي عن أبي بكر: (نزّل) و(أنزل) مضمومتين). [معاني القراءات وعللها: 1/319]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (33- وقوله: {والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل} [136].
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر بضم الهمزة والنون، وقرأ الباقون بفتحها. فأما قوله تعالى: {وقد نزل عليكم} [140] فإن عاصمًا وحده فتح النون والباقون ضموها، فمن اختار الضم جعله خبرًا مستأنفًا، ومن فتح نسقه على ذكر الله قبل الآية). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/138]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح النون والألف من قوله تعالى: والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل [النساء/ 136] وضمّها.
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو، وابن عامر: الذي نزل على
[الحجة للقراء السبعة: 3/186]
رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل مضمومتين.
وقرأ نافع وعاصم وحمزة والكسائي: الذي نزل....
والكتاب الذي أنزل مفتوحتين. وروى الكسائي عن أبي بكر عن عاصم مثل قراءة أبي عمرو بالضم.
[قال أبو علي]: حجّة من قال: الذي نزل: قوله تعالى: لتبين للناس ما نزل إليهم، [النحل/ 44] وقوله: تنزيل الكتاب من الله [الزمر/ 1] فأضيف المصدر إلى المفعول به، والكتاب على هذا منزّل.
وحجّتهم في قوله: والكتاب الذي أنزل قوله: والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق [الأنعام/ 114].
وحجة من قرأ: نزل قوله: إنا نحن نزلنا الذكر [الحجر/ 9] وحجّتهم في قوله: والكتاب الذي أنزل من قبل [النساء/ 136] قوله: وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس [النحل/ 44] ). [الحجة للقراء السبعة: 3/187]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبي عبد الرحمن في رواية عطاء عنه وقراءة عاصم الجحدري أيضًا: [وملائكتِه وكتابِه] على التوحيد.
قال أبو الفتح: اللفظ لفظ الواحد والمعنى معنى الجنس؛ أي: وكتبه، ومثله قوله سبحانه {هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ} أي: كتبنا، ألا ترى إلى قوله تعالى: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ}، وقال تعالى: {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا}، فلكل إنسان كتاب، فهي جماعة كما ترى، وقد قال: {هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ} .
ووقوع الواحد موقع الجماعة فاشٍ في اللغة، قال الله تعالى: {نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا} أي: أطفالًا، وحَسَّن لفظ الواحد هنا شيء آخر أيضًا؛ وذلك أنه موضع إضعاف للعباد وإقلال لهم، فكان لفظ الواحد لقلته أشبه بالموضع من لفظ الجماعة؛ لأن الجماعة على كل حال أقوى من الواحد، فاعرف ذلك). [المحتسب: 1/202]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({آمنوا باللّه ورسوله والكتاب الّذي نزل على رسوله والكتاب الّذي أنزل من قبل}
قرأ ابن كثير وابو عمرو وابن عامر {والكتاب الّذي نزل على رسوله} بضم النّون وكسر الزّاي {والكتاب الّذي أنزل من قبل} بضم الألف وكسر الزّاي على ما لم يسم فاعله وحجتهم قوله
[حجة القراءات: 216]
{وآمنوا بما نزل على محمّد} وقوله {وما أنزل إلينا} و{علينا} واشباه ذلك قرأ الباقون {نزل} {أنزل} وحجتهم أنه قرب من ذكر الله في قوله {آمنوا باللّه ورسوله} ). [حجة القراءات: 217]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (75- قوله: {الذي نزَّل} و{الذي أنزل} قرأه نافع والكوفيون بفتح أول الفعلين، وفتح الزاي، وقرأ الباقون بضم أول الفعلين، وكسر الزاي، فمن ضم الفعلين للمفعول على ما لم يسم فاعله، كما قال: {لتبين للناس ما نُزل إليهم} «النحل 44» وقال: {أنه منزل من ربك} «الأنعام 114»، ومن فتح رده إلى اسم الله جل ذكره الذي قبله، وهو قوله: {آمنوا باله ورسوله}، ففي «نزّل وأنزل» ضمير اسم الله جل ذكره كما قال: {إنا نحن نزلنا الذكر} «الحجر 9» وقال: {وأنزلنا إليك الذكر} «النحل 44» فأضاف الإنزال إلى نفسه، فجرى هذا على ذلك، وفي الفعلين، على القراءة بالضم، ضمير الكتاب، القراءتان متداخلتان حسنتان، لأن في كل واحدة ردّ آخر الكلام على أوله، وانتظام بعضه ببعض). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/400]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (40- {وَالكِتَابِ الّذِي نُزِّلَ}، {والكتابِ الّذِي أُنْزِلَ} [آية/ 136]:-
بضم النون والألف، قرأهما ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر.
وهو على إسناد الفعل إلى المفعول به، ومثله قوله تعالى {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}، فهذا حجة نزل، وأما حجة أنزل فقوله تعالى {وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ}.
وقرأ الباقون {نَزَّلَ} و{أَنْزَلَ} بفتح النون والألف فيهما.
وكلهم شدد الزاي من {نَزَّلَ}.
[الموضح: 429]
والوجه في ذلك أن الفعل لله تعالى، وهو مسند إليه، والمعنى والكتاب الذي نزل الله. وحجته {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}، وهذا حجة {نَزَّلَ}.
وأما حجة أنزل فقوله {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ}). [الموضح: 430]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 6 صفر 1440هـ/16-10-2018م 08:47 AM

سورة النساء
[ من الآية (137) إلى الآية (139) ]

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً (137) بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا (139)}

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً (137)}

قوله تعالى: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138)}

قوله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا (139)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 6 صفر 1440هـ/16-10-2018م 08:48 AM

سورة النساء
[ من الآية (140) إلى الآية (141) ]

{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140) الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللّهِ قَالُواْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُواْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (141)}

قوله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله عزّ وجلّ: (وقد نزّل عليكم في الكتاب... (140)
قرأ عاصم ويعقوب: (وقد نزّل) بفتح النون، وقرأ الباقون: (نزّل) بضم النون.
قال أبو منصور: من قرأ (نزّل) و(أنزل) فهو على ما لم يسم فاعله، ومن قرأ (أنزل) و(نزّل) فالمعنى: وقد نزّل الله في كتابه، وأنزله، والمعنى واحد). [معاني القراءات وعللها: 1/320]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: وكلهم قرأ: وقد نزل عليكم في الكتاب [النساء/ 140] غير عاصم فإنه قرأ: وقد نزل.
[الحجة للقراء السبعة: 3/187]
قال أبو علي: المنزّل في الكتاب قوله تعالى: وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره إلى قوله [جلّ وعز]: الظالمين [الأنعام/ 68] ). [الحجة للقراء السبعة: 3/188]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وقد نزل عليكم في الكتاب أن}
قرأ عاصم {وقد نزل عليكم} بفتح النّون والزّاي نسقه على ذكر الله قبل الآية وقرأ الباقون بضم النّون وكسر الزّاي جعلوا خبرا مستأنفا). [حجة القراءات: 217]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (76- قوله: {وقد نزَّل} قرأه عاصم بفتح النون والزاي على معنى:
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/400]
وقد نزل الله عليكم، وقرأ الباقون بضم النون وكسر الزاي، على ما لم يسم فاعله.
والحجة في ذلك كالحجة فيما قبله، وضم النون أحب إلي؛ للإجماع على ذلك). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/401]

قوله تعالى: {الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللّهِ قَالُواْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُواْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (141)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 6 صفر 1440هـ/16-10-2018م 08:53 AM

سورة النساء
[ من الآية (142) إلى الآية (143) ]

{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً (142) مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَؤُلاء وَلاَ إِلَى هَؤُلاء وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (143)}

قوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً (142)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة عبد الله بن أبي إسحاق والأشهب العقيلي: [يُرَءُّون الناس]، مثل يُرَعُّون، والهمزة بين الراء والواو من غير ألف.
قال أبو الفتح: معناه يُبصِّرون الناس، ويحملونهم على أن يروهم يفعلون ما يتعاطونه، وهي أقوى معنى من {يُراءُون} بالمد على يفاعِلون؛ لأن معنى يراءونهم يتعرضون لأن يروهم، و[يُرَءُّونهم] يحملونهم على أن يروهم.
قال أبو زيد: رأت المرأة الرجل المرآة إذا أمسكتها له ليرى وجهه، ويدلك على أن يرائي أضعف معنى من يُرَئِّي قوله:
تَرَى أو تُرَاءَى عند معقد غرزها ... تهاويل من أجلاد هِرٍّ مووَّم). [المحتسب: 1/202]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وإذا قاموا إلى الصّلاة قاموا كسالى}
قرأ الكسائي في رواية نصير {كسالى} بإمالة الألف الّتي قبل اللّام وكسر السّين وحجته في ذلك أنه لما أمال الألف الّتي بعد اللّام أمال الألف الّتي قبل اللّام بإمالة اللّام فتبعتها السّين وكذلك حجّته في {سكارى} و{يتامى} و{النّصارى} و{أسارى}
وقرأ الباقون بفتح السّين وحجتهم أن الفتح باب السّين لمجيء الألف بعدها). [حجة القراءات: 217]

قوله تعالى: {مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَؤُلاء وَلاَ إِلَى هَؤُلاء وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (143)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن عباس وعمرو بن فايد: [مُذَبْذِبِين] بكسر الذال الثانية.
قال أبو الفتح: هو من قوله:
خيالٌ لأمِّ السلسبيل ودونه ... مسيرة شهر للبريد المذبذِب
أي: المهتز القلق الذي لا يثبت في مكان، فكذلك هؤلاء: يخِفُّون تارة إلى هؤلاء وتارة إلى هؤلاء، فهو مثل قوله: {لَا إِلَى هَؤُلاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلاءِ}، وهو من ذَبَّبْتُ عن الشيء: أي صرفت عنه شيئًَا يريده إلى غير جهته، وقريب من لفظه، إلا أنه ليس من لفظه، كما يقول البغداديون وأبو بكر معهم؛ وذلك أن ذَبَّبْتُ من ذوات الثلاثة، وذبذب من مكرر الأربعة، فهو كقولهم: عين ثرّة وثرثارة، وهو كثير في معناه. وقد ذكرنا ذلك في كتابنا المنصف). [المحتسب: 1/203]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 6 صفر 1440هـ/16-10-2018م 08:54 AM

سورة النساء
[ من الآية (144) إلى الآية (147) ]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ لِلّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا (144) إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (146) مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147)}

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ لِلّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا (144)}

قوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (في الدّرك الأسفل من النّار... (145)
قرأ ابن كثير ويعقوب ونافع وأبو عمرو وابن عامر: ((في الدّرك) مثقّلاً، وكذلك روى الأعشى والكسائي وحسين عن أبي بكر عن عاصم بفتح الراء، وقرأ حمزة والكسائي: ((في الدّرك) خفيفا، وكذلك روى حفص عن عاصم ويحيى عن أبي بكر عن عاصم بإسكان الراء أيضًا.
[معاني القراءات وعللها: 1/320]
قال أبو منصور: هما لغتان: الدّرك والدّرك، ومثلهما: ليلة النفر، والنفر. ونشز من الأرض ونشر. وشطر وشطر.
وقال أبو عبيدة: جهنم دركات، أي: منازل وأطباق، وقيل: الدركات مراقٍ بعضها تحت بعض.
وعن ابن مسعود أنه قال في تفسير قوله: (في الدّرك الأسفل) في توابيت من حديد مبهمة عليهم، المبهمة: التي لا أقفال عليها.
وأمرٌ مبهم، إذا كان ملتبسًا لا يعرف). [معاني القراءات وعللها: 1/321]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (35- وقوله تعالى: {إن المنافقين في الدرك الأسفل} [145].
قرأ أهل الكوفة بالإسكان.
وقرأ الباقون بالفتح، وهو الأسير في الكلام، والدرك: الإدراك، تقول العرب: ما لي في الأمر درك، قال في صفة الفرس:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/138]
بمقلص درك الطريدة متنه = كصفا الخليقة بالفضاء الأجرد
ومعنى الدرك: قيل: درجة في النار. وقيل: أسفل النار؛ لأن الجنة درجات والنار دركات). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/139]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح الرّاء وإسكانها من قوله تعالى: الدرك [النساء/ 145].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر: في الدرك مفتوحة الراء.
وقرأ عاصم وحمزة والكسائي: في الدرك ساكنة الراء.
وروى الكسائي وحسين الجعفيّ عن أبي بكر عن عاصم: في الدرك مثل أبي عمرو.
قال أبو عليّ: الدّرك، والدّرك لغتان في الكلمة مثل: الشّمع والشّمع، والقصص والقصّ. ومثله في المعتلّ العيب والعاب، والذّيم والذّام، ولو كان الشمع مسكّنا عن الشمع ولم يكن لغة فيه، لم يجز أن يسكّن، ألا ترى أنّ مثل جمل وقدم، لا يسكّن كما يسكّن المضموم والمكسور، كما لم يحذف الألف في الفواصل والقوافي، كما حذفت الياء والواو.
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إن المنافقين في الدّرك الأسفل من النّار}
قرأ عاصم وحمزة والكسائيّ {في الدّرك} بسكون الرّاء وقرأ الباقون بفتح الرّاء وهما لغتان مثل النّفر والنفر والطرد والطرد). [حجة القراءات: 218]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (77- قوله: {في الدرك} قرأه الكوفيون بإسكان الراء، وفتحها الباقون، وهما لغتان كالسمْع والسمَع، والقصْ والقصصَ والقدْر والقدَر وفتح الراء أكثر في اللغات وفي الاستعمال، وهو الاختيار لذلك ولأن الأكثر عليه، وقد روي عن عاصم أنه قال: لو كان «الدرك» بفتح الراء لكانت «السفلى» يعني لو كانت بفتح الراء لكانت جمع دركة، كبقرة وبقر، فيجب على هذا أن يوصف بالسفلى، ولا يوصف بالأسفل). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/401]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (41- {فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ} [آية/ 145]:-
بسكون الراء، قرأها الكوفيون.
وهو لغة في الدرك، كالقص والقصص، والسَطْر والسَطَر، والنَشْرِ والنَشَر، وليس الدرْكُ مسكنًا من الدَرَكِ؛ لأن المفتوح لا يخفف بالتسكين لخفة الفتحة.
وقرأ الباقون {الدَرَكِ} بفتح الراء، وهي اللغة المشهورة). [الموضح: 430]

قوله تعالى: {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (146)}
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (66- قوله: {يؤت} الثاني، قرأه أبو عمرو وحمزة بالياء، وقرأ الباقون بالنون.
67- وحجة من قرأ بالياء أنه رده على لفظ الغيبة الذي قبله، وهو قوله: {ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه} «114» أي: يؤتيه الله أجرًا عظيمًا.
68- وحجة من قرأ بالنون أنه أجراه على الإخبار من الله جل ذكره عن نفسه بمنزلة قوله: {سنلقي في قلوب الذين كفروا الربع} «آل عمران 151» بعد قوله: {بل الله مولاكم} وهو إجماع). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/397]

قوله تعالى: {مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 6 صفر 1440هـ/16-10-2018م 08:55 AM

سورة النساء
[ من الآية (148) إلى الآية (152) ]

{لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (148) إِن تُبْدُواْ خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (149) إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً (150) أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا (151) وَالَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُوْلَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (152)}

قوله تعالى: {لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (148)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن عباس وسعيد بن جبير والضحاك بن مزاحم وزيد بن أسلم وعبد الأعلى بن عبد الله بن مسلم بن يسار وعطاء بن السائب وابن يسار: [إِلَّا مَنْ ظَلَمَ] بفتح الظاء واللام.
قال أبو الفتح: ظَلَم وظُلِم جميعًا على الاستثناء المنقطع؛ أي: لكن من ظلم فإن الله لا يخفى عليه أمره، ودل على ذلك قوله: {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا} ). [المحتسب: 1/203]

قوله تعالى: {إِن تُبْدُواْ خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (149)}

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً (150)}

قوله تعالى: {أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا (151)}

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُوْلَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (152)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أولئك سوف يؤتيهم أجورهم... (152)
قرأ حفص عن عاصم (سوف يؤتيهم) بالياء، وقرأ الباقون بالنون.
قال أبو منصور: المعنى فيهما واحد: الله المؤتي الأجر، لا شريك له). [معاني القراءات وعللها: 1/321]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (36- وقوله تعالى: {أولئك سوف يؤتيهم أجورهم} [152].
قرأ حفص عن عاصم بالياء.
وقرأ الباقون بالنون؛ الله تعالى يُخبر عن نفسه. ومن قرأ بالياء فهو إخبارٌ عن الله). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/139]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (حفص عن عاصم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم
[الحجة للقراء السبعة: 3/188]
[النساء/ 152] بالياء ولم يكن يقرأ بالياء في هذه السورة غير هذا الحرف.
أبو بكر عن عاصم بالنون.
وقرأ حمزة: أولئك سوف نؤتيهم أجورهم بالنون.
وكذلك قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر والكسائي بالنون.
وقرأ حمزة وحده: أولئك سيؤتيهم أجرا عظيما [النساء/ 162] بالياء.
وقرأ الباقون هذا الحرف بالنون.
حفص عن عاصم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم بالياء حجته في ذلك وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما [النساء/ 146].
حمزة: سوف نؤتيهم أجورهم [النساء/ 152] بالنون.
حجته قوله تعالى: وآتيناه أجره [العنكبوت/ 27] فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم [الحديد/ 27].
حمزة وحده: أولئك سيؤتيهم [النساء/ 152] حجته وسوف يؤتي الله المؤمنين أجرا عظيما [النساء/ 146] وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم [النساء/ 173]). [الحجة للقراء السبعة: 3/189]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({والّذين آمنوا باللّه ورسله} {أولئك سوف يؤتيهم أجورهم} 152
قرأ حفص عن عاصم {أولئك سوف يؤتيهم} بالياء إخبار عن الله وحجته قوله {والّذين آمنوا باللّه ورسله}
وقرأ الباقون (نؤتيهم) بالنّون أي نحن نؤتيهم). [حجة القراءات: 218]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (78- قوله: {سوف يؤتيهم} و{سنؤتيهم} قرأ حفص {سوف يؤتيهم} بالياء، وقرأ حمزة {سيؤتيهم} بالياء، أجرياهما على لفظ الغيبة، لتقدم ذكر اسم الله جل ذكره، وقد مضى له نظائر، وقرأهما الباقون بالنون على الإخبار من الله عن نفسه جل ذكره، وقد مضى له نظائر). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/401]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (42- {سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ} [آية/ 152]:-
بالياء، قرأها عاصم وحده في رواية ص-، ويعقوب في رواية ان-.
[الموضح: 430]
وهذا كما قال تعالى {وَسَوْفَ يُؤْتِ الله الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} وقال {فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ}.
وقرأ الباقون {سَوْفَ نُؤْتِيهِمْ} بالنون، وكذلك ياش- عن عاصم.
وهذا كما قال تعالى {وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ} {فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ} ). [الموضح: 431]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 6 صفر 1440هـ/16-10-2018م 08:56 AM

سورة النساء
[ من الآية (153) إلى الآية (154) ]

{يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاء فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُّبِينًا (153) وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا (154)}

قوله تعالى: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاء فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُّبِينًا (153)}

قوله تعالى: {وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا (154)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لا تعدوا في السّبت... (154).
[معاني القراءات وعللها: 1/321]
قرأ نافع وحده (لا تعدّوا في السّبت) بسكون العين، وتشديد الدال، وروى ورش عنه (لا تعدّوا في السّبت) بفتح العين وتشديد الدال، وقرأ الباقون (لا تعدوا في السّبت) ساكنة العين خفيفة الدال.
قال أبو منصور: القراءة التي رويت عن نافع بسكون العين وتشديد الدال ضعيفة عند النحويين، لاجتماع الساكنين، وهي في الأصل: لا تعتدوا، فأدغمت التاء في الدال وشددت، وعدا واعتدى، إذا جاوز الحدّ وظلم، ولو قرئت (ولا تعدّوا) بفتح العين وتشديد الدال فالأصل فيها: تعتدوا أيضًا، يقال: أعدّى يعدي إعداء، الأصل فيها: اعتدى يعتدي اعتداء.
وأجود القراءة (لا تعدوا) من عدا يعدو، إذا جاوز الحد وجار). [معاني القراءات وعللها: 1/322]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (37- وقوله تعالى: {لا تعدوا في السبت} [154].
قرأ نافع في رواية ورش {تعدوا} بفتح العين وتشديد الدال، والأصل: تعتدوا تفتعلوا من العدوان، فنقل فتحة التاء إلى العين وأدغم التاء في الدال، ومنه {تخطف أبصارهم} و{أمن لا يهدي}.
وروى قالون عن نافع {لا تعدوا} بإسكان العين وتشديد الدال فجمع بين ساكنين، وهو قبيح جدًا؛ لأن العرب لا تجمع بين ساكنين إلا إذا كان أحدهما حرف لين، وكأنه أراد الحركة فأسكن؛ لأن الفراء حكى عن عبد القيس أنها تقول: أسل زيدًا فتدخل الألف الوصل على متحرك؛ لأنهم أرادوا الإسكان.
وقرأ الباقون {لا تعدوا} على وزن لا تفعوا.
والأصل في القراءات كلها: لا تعدووا بواوين فاستثقلوا الضمة على الواو الأولى فخزلوها، ثم حذفوا الواو لسكونها، وسكون واو الجمع). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/139]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله [جلّ وعز] لا تعدوا في السبت. [النساء/ 154].
فقرأ نافع: تعدوا بتسكين العين وتشديد الدال.
وروى عنه ورش: تعدوا بفتح العين وتشديد الدال.
وكلهم ضمّ الدال، وقرأ الباقون: لا تعدو خفيفة.
قال أبو زيد: عدا عليّ اللص أشدّ العدوّ، والعدو والعداء والعدوان، أي: سرقك وظلمك، وعدا الرجل يعدو عدوا في الحضر، وقد عدت عينه عن ذاك أشدّ العدوّ فهي تعدو.
قال أبو علي [ومن قرأ]: لا تعدوا حجته قوله تعالى: ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت [البقرة/ 65] فجاء في هذه القصّة بعينها: افتعلوا، وقال: ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين [البقرة/ 190].
وأمّا من قال: لا تعدوا على: لا تفعلوا، فحجّتهم قوله تعالى: إذ يعدون في السبت [الأعراف/ 163] في هذه القصة، وقال: فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون [المؤمنون/ 7] وقال: فمن اضطر غير باغ ولا عاد [البقرة/ 173] [النمل/ 115] [الأنعام/ 145] فقوله: ولا عاد يحتمل أمرين: أحدهما أنّه فاعل من عدا يعدو: إذا جاوز، وقد تقول: ما عدوت أن زرتك، أي: ما جاوزت ذلك. وروي عن الحسن: ولا عاد أي: ولا عائد فقلب؛ من عاد إلى الشيء. ويقوي تفسير الحسن ما أثر من قوله [عليه السلام]: «يجزئ في الضارورة
[الحجة للقراء السبعة: 3/190]
صبوح أو غبوق»
أي: لا يعود إليه لأنّه إذا أكله مرة واحدة لا يخشى معها على نفسه. ومن حجتهم قوله: فلا عدوان إلا على الظالمين [البقرة/ 193] وقوله: فلا عدوان علي [القصص/ 28] فهذا مصدر كالشكران والغفران ومصدر افتعل: الاعتداء.
فأما قراءة نافع: لا تعدوا فإنه يريد: لا تفتعلوا، فأدغم التاء في الدال لتقاربهما، ولأنّ الدال تزيد على التاء بالجهر. وكثير من النحويين ينكرون الجمع بين الساكنين إذا كان الثاني منهما مدغما، ولم يكن الأول حرف لين، نحو: دابّة، وشابّة، وثمودّ الثوب، وقيلّ لهم، ويقولون: إنّ المدّ يصير عوضا من الحركة. وقد قالوا: ثوب بكر، وجيب بكر فأدغموا، والمدّ الذي فيهما أقلّ من المد الذي يكون فيهما إذا كان حركة ما قبلهما منهما. وساغ فيه وفي نحو: أصيمّ ومديقّ ودويبّة، فإذا جاز ما ذكرنا مع نقصان المدّ الذي فيه، لم يمتنع أن يجمع بين الساكنين في نحو تعدوا، وتخطف، وقد جاء في القراءة، وجاز ذلك لأنّ الساكن الثاني لما كان يرتفع اللسان عنه وعن المدغم فيه ارتفاعة واحدة؛ صار بمنزلة حرف متحرك، يقوي ذلك: أن من العلماء بالعربية من جعل المدغم مع المدغم فيه بمنزلة حرف واحد، وذلك قول يونس في النسب إلى مثنّى:
[الحجة للقراء السبعة: 3/191]
مثنويّ، جعله بمنزلة ملهويّ، ويقوي ذلك جواز نحو أصيمّ وأنّه قول العرب جميعا مع نقصان المدّ فيه. ويقوّي ذلك أنّهم قد وضعوا موضع حرف لين غيره. وذلك نحو قوله: تعفّف ولا تبتئس فما يقض يأتيكا فحرف المدّ الذي قبل حركة ما قبله منه. وقال:
خليليّ عوجا على رسم دار... خلت من سليمى ومن ميّه
فحركة ما قبل حرف اللين ليس منه. وقال:
صفيّة قومي ولا تعجزي... وبكّي النساء على حمزة
فجعل مكان حرف اللين غيره. وقال:
لقد ساءني سعد وصاحب سعد... وما طلباني دونها بغرامه
[وما كل موت نصحه بلبيب
[الحجة للقراء السبعة: 3/192]
مخالف للبيت الأول، لأنّ حرف اللين فيه أطول من البيت الأول.. ].
فإذا كانوا قد جعلوا مواضع حرف اللين غيره في هذه الأشياء التي ذكرنا؛ جاز أن يجعل موضع حرف اللين غيره في هذه المواضع التي قرأت بها القراء، ولم يكن ذلك لحنا وإن كان الوجه الآخر أكثر في الاستعمال، ويقوي ذلك أنّ ما بين حرف اللين وغيره يسير، فلا يتفاوت ذلك من حيث كان الجميع في الوزن واحدا، ألا ترى أنّ الضاد وإن شغلت في خروجها مواضع لتفشّيها واستطالتها بمنزلة النون التي تخرج من الخياشيم في الوزن، فكذلك ما بين حرف اللين الذي ليس ما قبله من جنسه، وبين سائر الحروف التي ليست بليّنة، يسير يحتمل ذلك ولا يتفاوت. ويقوي ذلك ما أنشده سيبويه:
كأنّه بعد كلال الزّاجر... ومسّح مرّ عقاب كاسر). [الحجة للقراء السبعة: 3/193]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وقلنا لهم لا تعدوا في السبت}
قرأ نافع {لا تعدوا} ساكنة العين مشدّدة الدّال وحجته قوله {وكانوا يعتدون} والأصل لا تعتدوا ثمّ سكن التّاء وأدغم في الدّال فصار تعدوا
وقرأ ورش {لا تعدوا} بفتح العين نقل فتحة التّاء إلى العين مثل يهدي
وقرأ الباقون {لا تعدوا} خفيفة الدّال من قولك عدا يعدو إذا جاوز في الحدر وحجتهم قوله {إذ يعدون في السبت} ). [حجة القراءات: 218]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (79- قوله: {لا تعدوا} قرأ قالون باختلاس حركة العين، لأنها حركة عارضة عليها، لأن أصلها «تعتدوا»، فأصلها السكون، ثم أدغمت التاء في الدال، بعد أن ألقيت حركتها على العين، فاختلس حركة العين، ليخبر أنها حركة غير لازمة، ولم يمكنه أن يسكن العين، لئلا يلتقي ساكنان: العين، وأول المدغم، وكره تمكين الحركة، إذ ليست بأصل فيها، وحسن ذلك للتشديد الذي
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/401]
في الكلمة، ولطولها، وقد قيل: إنه إنما أخفى الحركة؛ إذ هي غير أصلية، وأتى هذا في هذه الكلمة سماعًا، وليس بأصل يقاس عليه في كل ما كان قد ألقي عليه حكرة ما بعده، وقد روي عنه غسكان العين، وهو غير جائز؛ لأنه يجتمع ساكنان: الأول غير حرف مد ولين، ولا حرف لين، وقرأ ذلك ورش بفتح العين، والتشديد على الأصل، وأصله «تعتدوا» في قراءته، ثم ألقى حركة التاء على العين، وأدغمها في الدال، وقرأ الباقون بإسكان العين والتخفيف على أنه على وزن «تفعلوا» وأصله «تعتدووا» بواوين، لأنه عدا يعدو، ثم أعل فصار «تعدوا»، مثل قولك: لا تدعوا ولا تعدوا، إذا نهيت الجماعة، وشاهده قوله: {إذ يعدون في السبت} «الأعراف 163» وقال: {فأولك هم العادون} «المؤمنون 7» وقال: {غير باغٍ ولا عادٍ} «البقرة 173» فكل هذا من: عدا يعدو، فهو شاهد للإسكان في الآية، وهو الاختيار لأن الأكثر عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/402]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (43- {لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ} [آية/ 154]:-
بفتح العين وتشديد الدال، قرأها نافع ش.
والمراد لا تعتدوا، فأدغم التاء في الدال لتقاربهما ونقل حركتها إلى العين، ومثله {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا} فجاء على افتعلوا، وهي هذه القصة بعينها.
وقرأ نافع في رواية ن- و- يل- {لا تَعْدُّوا} بتسكين العين وتشديد
[الموضح: 431]
الدال، فإن المراد أيضًا لا تعتدوا، فأدغم التاء في الدال لتقاربهما، ولم تنقل حركة التاء إلى العين، بل ترك العين ساكنةً، فاجتمع ساكنان الثاني منهما مدغم، وأكثر النحويين ينكرون جوازه، إلا أن يكون الأول منهما ألفًا نحو: دابةٍ وشابة، وقد شبه بالألف الواو والياء لاجتماعهما معه في كونهما حرف علةٍ نحو: مديق ودويبةٍ، فلما جوزوا ذلك في الواو والياء في نحو ما ذكرنا من نقصان المد فيهما لم يمتنع أن يجوز في نحو {تَعْدّوا} و{يَخْطِّف} مع عدم المد.
وقرأ الباقون {لا تَعْدُوا} بسكون العين وتخفيف الدال. وهو الأشهر، كقوله {إذْ يَعْدُونَ فِي السَبْتِ}، وهو من عَدا يَعْدُوا، فقوله {لا تَعْدُوا} لا تفعلوا. وحجته {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}). [الموضح: 432]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 6 صفر 1440هـ/16-10-2018م 08:58 AM

سورة النساء
[ من الآية (155) إلى الآية (159) ]

{فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاء بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (155) وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158) وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (159)}

قوله تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاء بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (155)}

قوله تعالى: {وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156)}

قوله تعالى: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157)}

قوله تعالى: {بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158)}

قوله تعالى: {وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (159)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 6 صفر 1440هـ/16-10-2018م 08:59 AM

سورة النساء
[ من الآية (160) إلى الآية (162) ]

{فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ كَثِيرًا (160) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (161) لَّكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا (162)}

قوله تعالى: {فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ كَثِيرًا (160)}

قوله تعالى: {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (161)}

قوله تعالى: {لَّكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا (162)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة مالك بن دينار وعيسى الثقفي وعاصم الجحدري: [والمقيمون] بواو.
[المحتسب: 1/203]
قال أبو الفتح: ارتفاع هذا على الظاهر الذي لا نظر فيه؛ وإنما الكلام في "المقيمين" بالياء، واختلاف الناس فيه معروف، فلا وجه للتشاغل بإعادته؛ لكن رفعه في هذه القراءة يمنع من توهمه مع الياء مجرورًا؛ أي: يؤمنون بما أَنزل إليك وبالمقيمين الصلاة، وهذا واضح). [المحتسب: 1/204]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما}
قرأ حمزة (أولئك سيؤتيهم) بالياء إخبارًا عن الله وقرأ الباقون {سنؤتيهم} بالنّون أخبر عن نفسه أي نحن سنؤتيهم). [حجة القراءات: 219]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (44- {أُولئِكَ سِيُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عظيمًا} [آية/ 162]:-
بالياء، قرأها حمزة وحده، وقرأ الباقون {سَنُؤْتِيهِمْ} بالنون.
وقد تقدم الكلام في مثلهما). [الموضح: 432]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 6 صفر 1440هـ/16-10-2018م 09:00 AM

سورة النساء
[ من الآية (163) إلى الآية (166) ]

{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإْسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (163) وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164) رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165) لَّكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا (166)}

قوله تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإْسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (163)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وآتينا داوود زبورًا (163)
قرأ حمزة وحده (زبورًا) بضم الزاي. وفتحها الباقون.
[معاني القراءات وعللها: 1/322]
قال أبو منصور: من قرأ (زبورًا) بفتح الزاي فمعناه: كتابًا مزبورًا، والآثار كذا جاءت، زبور داود، وتوراة موسى، ومن قرأ (زبورًا) بالضم فمعناه: آتيناه كتبًا، جمع زبر مثل بطنٍ وبطون). [معاني القراءات وعللها: 1/323]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (38- وقوله تعالى: {وءاتينا داود زبورا} [163].
قرأ حمزة وحده {زبورا} بالضم وكذلك ما أشبهه في كل القرآن.
وقرأ الباقون بالفتح.
والزبور بالفتح -: الكتاب، والزبور: جمعٌ. وسمي الزبور زبورًا لأن معنى الزبر الكتابة، قال الهذلي:
عرفت الديار كرقم الدوا = ة يزبره الكاتب الحميري
وقال الأصمعي: ذبرت الكتاب: قرأته، وزبرته: كتبته). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/140]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ حمزة وحده: وآتينا داود زبورا [النساء/ 163] بضمّ الزاي حيث وقعت.
قال أبو علي: القول فيه على وجهين: أحدهما: أن يكون
[الحجة للقراء السبعة: 3/193]
جمع زبر فأوقع على المزبور اسم الزبر كقولهم: ضرب الأمير.
ونسج اليمن، كما سمّي المكتوب الكتاب ثمّ جمع الزبر على زبور، وجمعه لوقوعه موقع الأسماء التي ليست بمصادر، كما جمع الكتاب على كتب لمّا استعمل استعمال الأسماء، فقالوا:
زبور. والآخر: أن يكون جمع زبورا بحذف الزيادة على زبور كما قالوا: ظريف وظروف، وكروان وكروان، وورشان وورشان ونحو ذلك مما جمع بحذف الزيادة. ويدل على قوّة هذا الوجه في القياس أن التكسير مثل التصغير، وقد اطّرد هذا الحذف في ترخيم التصغير نحو: أزهر وزهير وحارث، وحريث، وثابت، وثبيت فالجمع مثله في القياس، وإن كان أقلّ منه في الاستعمال). [الحجة للقراء السبعة: 3/194]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وآتينا داود زبورا}
قرأ حمزة {وآتينا داود زبورا} برفع الزّاي أي كتبا وصحفا جمع زبر وزبور ك بيت وبيوت
وقرأ الباقون {زبورا} بالفتح وحجتهم أن الآثار كذا جاءت زبور داوود وكما جاء توراة موسى وإنجيل عيسى). [حجة القراءات: 219]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (80- قوله: {زبورا} قرأه حمزة بضم الزاي حيث وقع، وفتح الباقون.
وحجة من ضم أنه جعله جمع «زبر» كدهر ودهور، وزبر يراد به المزبور كقولك هو نسج اليمن، أي: منسوج، و«زبر» مصدر، وإنما جاز جمعه لوقوعه موقع الاسم، وقيل: «زبورا» بالضم جمع «زبور» فالتح، على تقدير حذف الزائد، وهو الواو، كما قالوا: ظريف وظروف، كأنه جمع ظرف، ومنه قولهم: كَروان وكَروان، وورِشان وورَشان، كله جمع، على تقدير حذف الزاد، كأنه في التقدير: وآتينا داود كتبًا وصحفا، كما قال:
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/402]
{صحف إبراهيم وموسى} «الأعلى 19» وكما قال: {في صحف مكرمة} «عبس 13» فمعناه: كتب مزبورة، وبذلك قرأ الأعمش وابن وثاب، يقال: زَبرتُ الكتاب جمعته.
81- وحجة من قرأ بالفتح أن المعروف أن داود صلى الله عليه وسلم أوتي كتابًا اسمه الزبور، كالتوراة والإنجيل والقرآن، فهو كتاب واحد لكل نبي فالفتح أولى به، لأنه اسم لكتاب واحد، وهو لاختيار، لصحة معناه، ولأن عليه الجماعة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/403]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (45- {زُبُورًا} [آية/ 163]:-
بضم الزاي، قرأها حمزة وحده، وكذلك {الزُبور} بضم الزاي في كل القرآن، وهو على وجهين:
أحدهما: أن يكون جمع زبرٍ، وهو المزبور، كقولك: هذا درهم ضرب الأمير، وثوب نسج اليمن، وجاز جمعه وإن كان مصدرًا لوقوعه موقع الأسماء، ألا ترى أن الكتاب مصدر في الأصل، ويجمع على كتب، لما كان بمعنى المكتوب.
والثاني: أن يكون زُبُور بالضم جمع زَبُور بالفتح، جمعًا بحذف الزوائد، كما قالوا: كَرَوَان وكِرْوَان، وَوَرَشان وَوِرْشان، وقالوا: وجمع ظَريفٍ ظُرُوفٌ، وكذلك لا يمتنع أن يجمع زَبُور على زُبُورٍ.
وقرأ الباقون {زَبُورًا} بفتح الزاي.
وهو ظاهر، فإن زبورًا بمعنى مزبورٍ، كركوب وبابه، وهو اسم لهذا الكتاب المخصوص). [الموضح: 433]

قوله تعالى: {وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة إبراهيم: [وَكَلَّمَ اللَّهَ مُوسَى] اسم الله نصب.
قال أبو الفتح: يشهد لهذه قوله -جل وعز- حكاية عن موسى: {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ}، وغير من الآي التي فيه كلامه لله تعالى). [المحتسب: 1/204]

قوله تعالى: {رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165)}

قوله تعالى: {لَّكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا (166)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 6 صفر 1440هـ/16-10-2018م 09:01 AM

سورة النساء
[ من الآية (167) إلى الآية (170) ]

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ قَدْ ضَلُّواْ ضَلاَلاً بَعِيدًا (167) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً (168) إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا (169) يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُواْ خَيْرًا لَّكُمْ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (170)}


قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ قَدْ ضَلُّواْ ضَلاَلاً بَعِيدًا (167)}

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً (168)}

قوله تعالى: {إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا (169)}

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُواْ خَيْرًا لَّكُمْ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (170)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 6 صفر 1440هـ/16-10-2018م 09:03 AM

سورة النساء
[ من الآية (171) إلى الآية (173) ]

{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً (171) لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعًا (172) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُواْ وَاسْتَكْبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلُيمًا وَلاَ يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا (173)}

قوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً (171)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة العامة: {سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ} بالفتح، وقراءة الحسن: [إِنْ يَكُونُ] بكسر الألف.
قال أبو الفتح: هذه القراءة توجب رفع يكون، ولم يذكر ابن مجاهد إعراب يكون؛ وإنما يجب رفعه لأن "إن" هنا نفي كقولك: ما يكون له ولد، وهذا قاطع). [المحتسب: 1/204]

قوله تعالى: {لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعًا (172)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة مسلمة: [فَسَيَحْشُرْهُمْ] [فَيُعَذِّبْهُم] ساكنة الراء والباء.
قال أبو الفتح: قد سبق نحو هذا، وأنه إنما يسكن استثقالًا للضمة. نعم، وربما كان العمل خَلْسًا فظُن سكونًا، وقد سبقت شواهد السكون بما فيه). [المحتسب: 1/204] (م)

قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُواْ وَاسْتَكْبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلُيمًا وَلاَ يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا (173)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة مسلمة: [فَسَيَحْشُرْهُمْ] [فَيُعَذِّبْهُم] ساكنة الراء والباء.
قال أبو الفتح: قد سبق نحو هذا، وأنه إنما يسكن استثقالًا للضمة. نعم، وربما كان العمل خَلْسًا فظُن سكونًا، وقد سبقت شواهد السكون بما فيه). [المحتسب: 1/204] (م)

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 6 صفر 1440هـ/16-10-2018م 09:04 AM

سورة النساء
[ من الآية (174) إلى الآية (175) ]

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا (174) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا (175)}

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا (174)}

قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا (175)}
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين

جمهرة علوم القرآن 6 صفر 1440هـ/16-10-2018م 09:05 AM

سورة النساء

[ الآية (176) ]
{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176)}

قوله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


الساعة الآن 11:25 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة