العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 02:53 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة يس
[ من الآية (55) إلى الآية (58) ]

{إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55) هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِؤُونَ (56) لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ (57) سَلَامٌ قَوْلًا مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ (58)}


قوله تعالى: {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (في شغلٍ فاكهون (55)
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو (في شغلٍ) ساكنة الغين.
وقرأ الباقون (في شغلٍ) بضمتين.
قال أبو منصور: همما لغتان، مثل: عمر، وعمر. وعذر، وعذر.
واجتمع القراء على (فاكهون) بالألف ها هنا: وقال المفسرون: فاكهون: ناعمون.
وقال الفراء: الفاكهة من التفكه.
وقيل: فاكهون ذوو فاكهة.
وقرأ بعضهم (فكهون) وهو شاذ.
والفكه: الطيّب النفس الضحوك). [معاني القراءات وعللها: 2/309]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (9- وقوله تعالى: {في شغل فاكهون} [55].
قرأ أهل الكوفة وابن عامر: {شغل} بضمتين مثل الرعب، والسحت.
وقرأ الباقون: {شغل} ساكنًا، فيكونان لغتين ويجوز أن يكون الشغل مخففا من شغل، ويقال: المشغل والشغل بمعنى الشغل، وينشد.
ما كان حبسي عنك إلا شغلا
وقال المفسرون: في قوله تعالى: {إن أصحاب الجنة اليوم في شغل} قيل: افتضاض الأبكار، وقيل: استماع الألحان، {فاكهون}، أي: قد
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/234]
كثرة ذلك عندهم، وأنشد:
أغرزتني وزعمت أنـ = ـنك لابن في الصيف تامر
أي: كثير اللبن وكثير التمر.
حدثنا أبو عبيد أخو المحاملي قال: حدثنا محمد بن عبد الله مولى بني هاشم قال: حدثنا أبو سفيان الحميري قال: سمعت أبا هريرة يقرأ: {إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون} بفتحتين). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/235]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إن أصحاب الجنّة اليوم في شغل فاكهون * هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون} 55 و56
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو {في شغل} ساكنة الغين استثقلوا الضمتين في كلمة واحدة فسكنوا الغين وقرأ الباقون {في شغل} بضمّتين على أصل الكلمة). [حجة القراءات: 601]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (16- قوله: {في شغل} قرأ الكوفيون وابن عامر بضم الغين، وأسكن الباقون وهما لغتان كالسُّحْت والسُّحُت). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/219]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (14- {فِي شُغْلٍ فَاكِهُونَ} [آية/ 55] بسكون الغين من {شُغْل}:
قرأها ابن كثير ونافع وأبو عمرو ان- عن يعقوب.
وقرأ الباقون {فِي شُغُلٍ} بضمتين.
[الموضح: 1076]
والوجه فيهما قد تقدم، وذكرنا جواز التخفيف في فُعُلٍ كطُنُبٍ وطُنْبٍ وعُنُقٍ وعُنْقٍ). [الموضح: 1077]

قوله تعالى: {هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِؤُونَ (56)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (في ظلالٍ على الأرائك (56)
[معاني القراءات وعللها: 2/309]
قرأ حمزة والكسائي (في ظللٍ).
وقرأ الباقون (في ظلالٍ).
قال أبو منصور: من قرأ (في ظللٍ) فهو جمع ظلّة مثل: حلّة، وحلل.
وقلّة، وقلل.
ومن قرأ (ظلالٍ) فهو جمع الظّلّ.
وكلٌّ حسن). [معاني القراءات وعللها: 2/310]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (10- وقوله تعالى: {في ظلال} [56].
قرأ حمزة والكسائي {ظلل} جمع ظلة، مثل قبلة وقبل، والظلة: السحاية، كما قال: {يوم الظلة}.
وقرأ الباقون: {في ظلال}جمع ظل، والظل ما نسخته الشمس، وهو ما كان من أول النهار، والفيء: ما كان بعد الزوال؛ لأنه ظل فاء من جانب إلى جانب، أنشدني ابن عرفة:
فلا الظل من رد الضحى تستطيعه = ولا الفيء من برد العشي تذوق
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/235]
والظل: الستر: يقال: أنا في ظلك أي: في سترك، وكذلك ظل الجنة، وظل الشجرة، ويقال في الدعاء: «اللهم ظللنا يوم لا ظل إلا ظلك». فظل الليل سواده، لنه يستر كل شيء. والعرب تقول: فلان خفيف الظل، أي: خفيف الروح مقبول كيس، وتقول العرب في شدة قصر الليل واليوم: هو «أقصر من ظل التلح» «وسالفة الذباب» والتلح؛ لا ظل له. وسالفه العنق: صفحتاه، والسالفة لا تكون للذباب، و«هو أقصر من إبهام القطاة»؛ لأن القطاة لا إبهام لها، وينشد:
ويوم كإبهام القطاة مزين = إلى صباه غالب لي باطلة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/236]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ حمزة والكسائي في ظلل [يس/ 56] وقرأ الباقون في ظلال بكسر الظاء.
أمّا الظّلل فجمع ظلّة، كغرفة وغرف، وقربه وقرب، وجورة وجور، وفي التنزيل: هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام [البقرة/ 210].
[الحجة للقراء السبعة: 6/43]
وأمّا ظلال فيحتمل أمرين: يجوز أن يكون جمع ظلة، كعلبة وعلاب، وجفرة وجفار، وبرمة وبرام، فيكون على هذا معنى القراءتين واحدا، ويجوز أن يكون ظلال جمع ظلل، وفي التنزيل: يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل [النحل/ 48] وقال:
تتبّع أفياء الظّلال عشيّة على طرق كأنّهنّ سبوب). [الحجة للقراء السبعة: 6/44]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : (وقرأ حمزة والكسائيّ (في ظلل على الأرائك) بغير ألف وضم الظّاء الظلل جمع ظله كما تقول حلّة وحلل وغرفة وغرف وقربة وقرب وحجتهما إجماع الجميع على قوله في {ظلل من الغمام} وقال {ظلل من النّار} فرد ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه أولى وقرأ الباقون {في ظلال} بالأف جمع ظلة مثل قلّة وقلال وحلة وحلال وحفرة وحفار فيكون على هذا معنى القراءتين واحدًا ويجوز أن تكون {ظلال} جمع ظلّ وحجتهم {يتفيأ ظلاله عن اليمين والشّمائل} ). [حجة القراءات: 601]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (17- قوله: {في ظلال} قرأ حمزة والكسائي بضم الظاء، من غير ألف على وزن «فعل» مثل «عُمر» وقرأ الباقون «ظلال» بكسر الظاء وبألف بعد اللام.
وحجة من ضم الظاء أنه جعله جمع «ظلة»، كغرفة وغرف ودليله إجماعهم على قوله: {في ظلل من الغمام} «البقرة 210».
18- وحجة من كسر الظاء أنه يحتمل أن يكون أيضًا جمع «ظلة» كبرمة وبرام، وعلبة وعلاب، فتكون القراءتان بمعنى، وهو الاختيار، لأن الأكثر عليه، ويجوز أن يكون جمع «ظلل» كما قال: {يتفيأ ظلاله} «النحل 48» جمع «ظل»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/219]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (15- {فِي ظُلَلٍ} [آية/ 56] بضم الظاء من غير ألفٍ:
قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أنه جمع ظُلّةٍ كغُرْفَةٍ وغُرَفٍ، قال الله تعالى {فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ}.
وقرأ الباقون {فِي ظِلَالٍ} بكسر الظاء، وبالألف.
والوجه أنه يجوز أن يكون جمع ظُلّةٍ كبُرمةٍ وبِرامٍ، ويجوز أن يكون جمع ظِلٍ كَلِصْبٍ ولِصابٍ وشِعْبٍ وشِعَابٍ وقِحْفٍ وقِحَافٍ، قال الله تعالى {يَتَفَيَّؤُا ظِلَالُهُ} ). [الموضح: 1077]

قوله تعالى: {لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ (57)}
قوله تعالى: {سَلَامٌ قَوْلًا مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ (58)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة محمد بن كعب القُرَظيّ: [وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ * سِلْمٌ قَوْلًا].
[المحتسب: 2/214]
وقرأ عيسى الثقفي: [سَلامًا قَوْلًا] نصبا جميعا.
قال أبو الفتح: أما الرفع فعلى أوجه:
أحدها أن يكون مقطوعا مستأنفا، كأنه لما قال: {وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ} قال: [سِلْمٌ] أي: ذاك [سِلْمٌ]، أي: ثابت لا نزاع فيه ولا ضيم ولا اعتراض، بل هو سِلْمٌ لهم.
ووجه ثان: أن يكون على: ما يدعون سِلْمٌ لهم، أي: مسلَّمٌ لهم، فـ"لهم" على هذا متعلق بنفس [سِلْمٌ]، وليس بمصدر، بل هو بمعنى اسم الفاعل أو المفعول، وإنما على مُسَالِم لهم، أو على مسلَّم لهم. ولم يجز بمعنى المصدر؛ لأنه كان يكون في صلته، ومحال تقدم الصلة أو شيء منها على الموصول.
ووجه ثالث، وهو أن يكون: "لهم" خبرا عن: {ما يدعّون} و[سِلْم] بدل منه.
ووجه رابع، وهو أن يكون "لهم" خبرا عن {ما يدعّون} و[سِلْمٌ] خبر آخر، كقولنا: زيد جالس متحدث، كما جاز أن يكون بدلا من "لهم" فكذلك يجوز أن يكون خبرا معه آخر.
فإن قلت: فإذا كان لهم سلم لا حرب لهم فما فيه من الفائدة؟ قيل: قد يكون الشيء لك لكن على خلاج وبعد شواجر الخلاف، وذلك كالشيء المتناهَب، فقد يحصل لأحد الفريقين، لكن على أغراض من النزاع باقية فيه، ولم يَصْفُ صفاء ما لا تعلق للمتبِع به، فمعلوم أن هذه الثوابت لأربابها لا تتساوى أحوالها في انحسار الشُّبَه والزخارف عنها.
ونَصب "قولا" على المصدر، أي: قال الله ذلك قولا أو يقال ذلك قولا. ودل على الفعل المحذوف لفظ مصدره، وأن القرآن إنما هو أقوال متابِعة. وأما {سلامًا} بالنصب فحال مما قبله، أي: ذلك لهم مسلَّما، أو مُسالِما، أي: ذا سلام وسلامة. ونصب {قولا} على المصدر كما مضى). [المحتسب: 2/215]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 02:55 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة يس
[ من الآية (59) إلى الآية (67) ]

{وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59) أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (60) وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62) هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (63) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (64) الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65) وَلَوْ نَشَاء لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (66) وَلَوْ نَشَاء لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ (67)}


قوله تعالى: {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59)}
قوله تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (60)}
قوله تعالى: {وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (61)}

قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (11- وقوله تعالى: {وأن اعبدوني} [61].
قرأ حمزة وعاصم وأبو عمرو بكسر النون لالتقاء الساكنين.
وقرأ الباقون بالضم، وإنما ضموا كراهية أن يخرجوا من كسر إلى ضم، ولم يختلف القراء في إثبات الياء في: {وأن أعبدوني هذا} وصلاً ووقفًا؛ لأنه ثابت في المصحف. والصراط المستقيم: هو الدين المستقيم، والطريق الواضح والمنهاج البين. قال الشاعر هو جري-:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/236]
أمير المؤمنين على صراط = إذا اعوج الموارد مستقيم
وسئل ابن مسعود عن الصراط المستقيم فقال: يا ابن أخي أدن مني، تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأدناه، وطرفه في الجنة، وعن يمينة جواد، [و] عن يساره جواد عليها رجال يدعون من مر بهم: هلم إلى الطريق، فمن اخذ معهم وردوا به النار، ومن لزم الطريق الأعظم والمنهاج الواضح ورد به الجنة، هو كتاب الله.
وقال على بن أبي طالب رضي الله عنه: اليمين والشمال مضلة، والطريق عليها منهج كتاب الله، ومنها منفذ السنة وإليها مصير العاقبة. هوا اختيار المبرد فيما أجاز لي أبو العباس ابن رزين الكاتب عنه). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/237]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (عاصم وأبو عمرو وحمزة والكسائي: وأن اعبدوني [يس/ 61] بكسر النون، وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر والكسائي: وأن اعبدوني بضم النون. وكلهم قرأ بالياء وكذلك هي في كلّ المصاحف.
قال أبو علي: الضّم والكسر حسنان، وقد مضى القول في ذلك، وأمّا إثبات الياء، فإنّ الإثبات والحذف مذهبان، فإذا ثبت الياء في الخط أخذ به دون الآخر). [الحجة للقراء السبعة: 6/44]

قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (جبلًّا كثيرًا.. (62)
قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي الحضرمي (جبلًّا) بضمتين -
وقرأ أبو عمرو وابن عامر (جبلًّا) بضم الجيم وتسكين الباء.
وقرأ نافع وعاصم بكسر الجيم والباء وتشديد اللام (جبلًّا).
قال أبو منصور: من قرأ (جبلًّا) أو (جبلًّا) فالمعنى واحد.
روى أبو عبيد عن أصحابه: الجبل: الناس الكثيرة، والجبل قريب في المعنى من الجبل.
وأخبر المنذري عن أبي الهيثم أنه قال: الجبل، والجبلّ، والجبلة، والجبيل: الناس الأكثر.
ولم يقرأ أحدٌ (جبلًّا) ). [معاني القراءات وعللها: 2/310]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (12- وقوله تعالى: {ولقد أضل منكم جبلا كثيرًا} [62].
قرأ أبو عمرو وابن عامر: {جبلا} بضم الجيم وإسكان الباء، قال أبو ذؤيب:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/237]
منايا يقربن الحتوف لأهلها = جهازًا ويستمتعن بالأنس الجبل
وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي بضم الباء والجيم مخففًا.
وقرأ عاصم ونافع: {جبلا} بكسر الجيم، والباء، واللام مشددة كقوله: {والجبلة الأولين} أي: كخلقهم وطبعهم.
وقرأ عيسى بن عمر {جبلا} بضمتين، وتشديدين ومعناها كلها واحد، والجبل الخلق والخليقة، تقول العرب: قد عرفت نجر فلان ونجاره ونحاسه، ونحاسه، ونجيحه، وعريكته، وحريكته، وسليقته، وتوزه، وتوسه، ونفسه، ونقيلته، وطائه، وطابه، وحبله، وحبلته، وجبلته، وجبلته، وخبلته، وحله بمعنى واحد). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/238]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في التّخفيف والتّثقيل من قوله عزّ وجلّ: جبلا كثيرا [يس/ 62] فقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي: جبلا مضمومة الجيم، والباء، مخففة اللام، وقرأ أبو عمرو وابن عامر: جبلا بضم الجيم وتسكين الباء، وقرأ نافع وعاصم جبلا بكسر الجيم، والباء، مشدّدة اللّام.
[الحجة للقراء السبعة: 6/44]
قال أبو عبيدة: أضل منكم جبلا كثيرا مثقل وبعضهم لا يثقل، ويضمّ الحرف الأول، ويسكن الثاني، ومنهم من يضمّ الأول والثاني.
ولا يثقل، قال: ومعناهنّ: الخلق والجماعة. وقال التّوّزي: يقال جبلا وجبلا وجبلا وجبلا وجبلا. وحكى غير التوزي: جبلا، وقال هو جمع جبلّة). [الحجة للقراء السبعة: 6/45]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن وعبد الله بن عبيد بن عمير وابن أبي إسحاق والزهري والأعرج وحفص بن حميد: [جُبُلًّا]، بضم الجيم والباء، واللام مشددة.
وقرأ: [جِبْلًا]، مكسورة الجيم، ساكنة الباء الأشهب العقيلي.
قال أبو الفتح: قد تقدم ذكر هذا الحرف بما فيه). [المحتسب: 2/216]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولقد أضلّ منكم جبلا كثيرا} 62
قرأ نافع وعاصم {جبلا كثيرا} وبكسر الجيم والباء والتّشديد
[حجة القراءات: 601]
وحجتهما إجماع الجميع على قوله تعالى {والجبلة الأوّلين}
وقرأ أبو عمرو وابن عامر {جبلا} بضم الجيم وسكون الباء استثقلا اجتماع الضمتين فأسكنا الباء طلبا للتّخفيف
قرأ ابن كثير وحمزة والكسائيّ جبلا بضمّتين وهو الأصل وذلك أنه جمع جبيلا وجبيل معدول عن مجبول مثل قتيل من مقتول وصريع من مصروع ثمّ جمع الجبيل جبلا كما يجمع السّبيل سبلا والطّريق طرقا قالوا ولا ضرورة تدعو إلى إسكان حرف مستحقّ للتحريك). [حجة القراءات: 602]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (19- قوله: {جبلًا} قرأ نافع وعاصم بكسر الجيم والباء، وتشديد اللام، وقرأ أبو عمرو وابن عامر بضم الجيم وإسكان الباء مخففًا، وكذلك قرأ الباقون غير أنهم ضموا الباء.
20- وحجة من قرأ بكسر الجيم والتشديد أنه جعله جمع «جبلة» وهي الخلق، جعله جمعًا بينه وبين واحده الهاء.
21- وحجة من قرأ بضمتين أنه جعله جمع «جبيل»، وهو الخلق أيضًا، كرغيف ورغف، وكذلك الحجة لمن أسكن الباء وضم الجيم، إلا أنه أسكن تخفيفًا، وأصل التاء الضم كرسول ورسل). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/219]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (16- {جُبْلًا} [آية/ 62] بضم الجيم وسكون الباء:
قرأها أبو عمرو وابن عامر.
[الموضح: 1077]
وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي {جُبُلًا} بضم الجيم والباء، وتخفيف اللام.
وقرأ نافع وعاصم {جِبِلًّا} بكسر الجيم والباء وتشديد اللام.
وروى ح- عن يعقوب {جُبُلًّا} بضم الجيم والباء مع تشديد اللام، وأنكره بعضهم.
وروى يس- و-ان- عن يعقوب بضم الباء مع تخفيف اللام كابن كثيرٍ.
والوجه أنها لغاتٌ: الجُبُلُ والجُبْلُ والجُبُلُّ والجِبِلُّ، ومعنى جميعها: الخَلْقُ، يقال: جَبَلَه الله إذا خلقه، فهو مجبولٌ، والمراد أضل منكم جماعةً من الناس). [الموضح: 1078]

قوله تعالى: {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (63)}
قوله تعالى: {اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (64)}
قوله تعالى: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65)}

قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة طلحة -رواه عبد الرحمن بن محمد بن طلحة عن أبيه عن جده: [نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَلِتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَلِتَشْهَدَ أَرْجُلُهُمْ].
قال أبو الفتح: الكلام محمول على محذوف، أي: نختم على أفواههم وَلِتُكَلِّمُنَا أيديهم ولتشهَدَ أرجلُهم بما كانوا يكسبون ما نختم على أفواههم، كقولك: أحسنت إليك ولشكرك ما أحسنت إليك، وأنلتك سؤالك ولمسألتك ما أنلتك سؤلك، كما قال:
أَحْبَبْتُها وَلِحَيْنِي كانَ حُبِّيها ... هَلْ أنتَ يا سعْدُ يومًا مَا مُلاقِيها؟
ومن ذهب إلى زيادة الواو نحو قول الله سبحانه: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} جاز أن يذهب إلى مثل ذلك في هذا الموضع، فكأنه اليوم نختم على أفواههم لِتُكَلِّمُنَا أيديهم. فأما الواو في قوله تعالى : [ولِتَشْهَدَ] فعطف على ما قبلها، وهو [لِتُكَلِّمَنَا]، وعلى أن زيادة الواو لا يعرفها البصريون، وإنما هو للكوفيين خاصة). [المحتسب: 2/216]

قوله تعالى: {وَلَوْ نَشَاء لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (66)}
قوله تعالى: {وَلَوْ نَشَاء لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ (67)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لمسخناهم على مكانتهم (67)
قرأ عاصم في رواية أبي بكر (على مكاناتهم).
ووحّد الباقون.
[معاني القراءات وعللها: 2/310]
قال الأزهري: القراءة الفاشية (على مكانتهم)، والمكانة والمكان بمعنى
واحد، والمكانات: جمع المكانة). [معاني القراءات وعللها: 2/311]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (16- وقوله تعالى: {لمسخناهم على مكانتهم} [67].
قرأ عاصم في رواية أبي بكر: {مكانتهم} جماعًا.
وقرأ الباقون: {مكانتهم} بالتوحيد. وقد ذكرت علته في (هود) وإنما أعدت لأن محمدًا حدثني عن ثعلب عن سلمة عن الفراء قال: تقول العرب: مسخه الله قردًا، ونسخه قردًا بمعنى، وهذا الحرف نادر. فالمسخ بالفتح المصدر، والمسخ بالكسر الاسم مثل الذبح مصدر ذبحت ذبحًا، والذبح المذبوح، قال الله تعالى: {وفديناه بذبح عظيم} فأما كلام بلغ، وبلغ فمعناهما واحد، وهو البليغ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/240]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ عاصم وحده في رواية أبي بكر: لمسخناهم على مكاناتهم [يس/ 67] جمعا جماعة، وحدّثني موسى بن إسحاق قال حدّثنا هارون بن حاتم قال: حدّثنا عبيد اللّه بن موسى عن شيبان عن عاصم مكانتهم واحدة، المفضل مثله. حفص عن عاصم واحدة أيضا، وكذلك قرأ الباقون على التوحيد أيضا مكانتهم.
من أفرد فلأنّه مصدر، والمصادر تفرد في موضع الجمع لأنّه يراد
[الحجة للقراء السبعة: 6/46]
به الكثرة، كما يراد ذلك في سائر أسماء الأجناس، ومن جمع فلأنّهم قد جمعوا من المصادر شيئا نحو: الحلوم، والألباب). [الحجة للقراء السبعة: 6/47]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم}
قرأ أبو بكر (على مكاناتهم) جماعة وقرأ الباقون {مكانتهم} واحدة
من أفرد فلإنه مصدر والمصادر تفرد في موضع الجمع لأنّه يراد به الكثير كما يراد في سائر أسماء الأجناس ومن جمع فلأنهم قد جمعوا
[حجة القراءات: 602]
من المصادر أيضا قالوا الحلوم والألباب). [حجة القراءات: 603]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (17- {عَلَى مَكَانَاتِهِمْ} [آية/ 67] على الجمع:
رواها ياش- عن عاصم.
وقرأ الباقون و-ص- عن عاصم {مَكَانَتِهِمْ} على الوحدة.
وقد تقدّم الكلام في ذلك في سورة الأنعام وغيرها). [الموضح: 1078]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 02:56 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة يس
[ من الآية (68) إلى الآية (70) ]

{وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ (68) وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ (69) لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ (70)}


قوله تعالى: {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ (68)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ننكّسه في الخلق (68)
قرأ عاصم وحمزة (ننكّسه) بضم النون الأولى، وفتح الثانية، وتشديد الكاف وكسرها.
وقرأ الباقون (ننكسه) بفتح النون الأولى، وتسكين الثانية، وضم الكاف خفيفة.
وقد روى التخفيف عن عاصم أيضًا، مثل قراءة أبي عمرو.
قال أبو منصور: من قرأ (ننكّسه) فهو من نكست أنكّسه، يقال: نكسته، ونكّسته، وأنكسته بمعنى واحد.
والمعنى: أن من أطلنا عمره نكسنا خلقه فصار بدل القوة الضعف، وبدل الشباب الهرم -
وأصله من: نكس السهم، إذا أنكس نصله، فجعل أسفله أعلاه، وهو حينئذ من أضعف السهام وأحرضها.
ويقال له: سهم نكس، وكل ضعيف نكس وجمعه: أنكاس). [معاني القراءات وعللها: 2/311]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أفلا يعقلون (68)
[معاني القراءات وعللها: 2/311]
قرأ نافع وابن عامر ويعقوب (أفلا تعقلون) بالتاء.
وقرأ الباقون بالياء.
وقرأ عباس عن أبي عمرو بالتاء). [معاني القراءات وعللها: 2/312]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (13- وقوله تعالى: {ومن نعمره ننكسه} [68].
قرأ حمزة وعاصم في رواية أبي بكر: {ننكسه} مشددًا.
وقرأ الباقون: {ننكسه} مخففًا مثل نقتله، فقال قوم: هما لغتان نكست، ونكست مثل رددت، ورددت. غير أن رددت مرة بعد مرة للتكثير، ورددت، مرة واحدة والمصدر من المخفف الرد، ومن المشدد التردد والترداد والرديدي مثل الخليفي من الخلافة، والظليلي من الظلالة، قال عمر بن الخطاب: «لولا الخليفى لأحببت أن أؤذن»، وقال أبو عمرو بن العلاء:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/238]
نكست بالتشديد: أن ينكس الرجل من دابته، وينكسه: نرده إلى أرذل العمر. ففرق أبو عمرو بينهما. ويقال: نكس الرجل في مرضه أي: أثاب إلى العلة، وعاد إليها، وهو النكس. قال الشاعر:
كذي الضنا عاد إلى نكسه
وانكس مثل نكس، وقوله تعالى: {والله أركسهم بما كسبوا} أي: ردهم. والنكس: المعاد المردد. ونهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاستجمار بالروث لأنه نكس أي: رجيع). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/239]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (14- وقوله تعالى: {أفلا تعقلون} [68].
قرأ نافع بالتاء على الخطاب.
وقرأ الباقون بالياء على الغيبة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/239]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في التخفيف والتثقيل من قوله عزّ وجلّ: ننكسه في الخلق [يس/ 68] فقرأ حمزة: ننكسه مشدّدا، واختلف عن عاصم، فروى أبو بكر عنه مشدّدا، وكذلك روى عنه حفص أيضا وكذلك قال أبو الربيع الزهراني عن حفص، وأبو حفص عمرو بن الصباح عن حفص عن عاصم: مشدّدا. وروى هبيرة عن حفص عن عاصم مخفّفة. علي بن نصر عن أبان عن عاصم: ننكسه خفيف.
قال قتادة: ننكسه في الخلق لكي لا يعلم بعد علم شيئا، يعني الهرم.
غيره، معناه: من أطلنا عمره نكّسنا خلقه، فصار بدل القوة ضعفا، وبدل الشباب هرما، قال أبو الحسن: ننكسه، وهو كلام العرب، قال: وقال الأعمش: ننكّسه في الخلق، قال أبو الحسن: ولا يكادون يقولون نكّسته إلّا لما يقلب فيجعل رأسه أسفل. قال غير أبي الحسن أنكر أبو عمرو ننكسه.
[الحجة للقراء السبعة: 6/45]
قرأ نافع وأبو عمرو في رواية عباس بن الفضل عنه: أفلا تعقلون [يس/ 68] بالتاء وقرأ الباقون: بالياء أفلا يعقلون.
وجه الياء على: قل لهم: أفلا يعقلون. والتاء لقوله: ألم أعهد إليكم [يس/ 60] أفلا تعقلون). [الحجة للقراء السبعة: 6/46]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون}
قرأ عاصم وحمزة {ننكسه} بضم النّون الأولى وتشديد الكاف وقرأ الباقون ننكسه مخففا وهما لغتان تقول نكسته أنكسه وأنكسته أنكسه
قرأ نافع وابن عامر {أفلا تعقلون} بالتّاء وحجتهما قوله قبلها {ولقد أضلّ منكم} وقرأ الباقون بالياء وحجتهم قوله قبلها {ولو نشاء لطمسنا على أعينهم} {ولو نشاء لمسخناهم} ولم يقل لمسخناكم). [حجة القراءات: 603]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (22- قوله: {ننكسه}: قرأ عاصم وحمزة بضم النون الأولى وفتح الثانية، وكسر الكاف وتشديدها، وقرأ الباقون بفتح النون الأولى وإسكان الثانية، وضم الكاف مخففًا، وهما لغتان مثل: «قَل وقّل»، وأنكر الأخفش التخفيف، ولم يعرف إلا التشديد، وقال: لا يكادون يقولون: نَكَسْته، إلا لما يقلب، فيجعل رأسه أسفل، وروي عن أبي عمرو أنه أنكر التشديد). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/220]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (18- {نُنَكِّسْهُ} [آية/ 68] بضم النون الأولى وفتح الثانية وتشديد الكاف:
قرأها عاصم وحمزة.
[الموضح: 1078]
والوجه أنه نُفَعّلُ من نَكَّسْتُ الشيء، وهو بناءٌ لما يبالغ فيه، والمعنى نتابع عليه نكسًا بعد نكسٍ، والنكس في الخلق هو أنتصير قوته ضعفًا وشبابه هرمًا وزيادته نقصًا.
قال أبو عبيدة: نَكَسْتُ الشيء ونَكَّسْتُهُ وأَنْكَسْتُهُ إذا جعلت أعلاه أسفله.
وقرأ الباقون {نَنْكُسْهُ} بفتح النون الأولى وإسكان الثانية وضم الكاف.
والوجه أن نَكَسْتُ بالتخفيف أشهر في هذا المعنى من نكَّست بالتشديد. وعن أبي الحسن أن المستعمل في هذا المعنى هو المخفف دون المشدد، فإن المشدد لا يستعمل إلا لما يُقلب فيُجعل أعلاه أسفله، وقال غيره: نكَست بالتخفيف يجوز أن يتضمن معنى نكَّست المشددة، فإن الفعل لما فيه من معنى الجنسية يحتمل القلة والكثرة). [الموضح: 1079]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (19- {أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [آية/ 68] بالتاء:
قرأها نافع وابن عامر ويعقوب.
والوجه أنه على الخطاب لبني آدم على موافقة ما تقدم من قوله {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ}. فهو خطابٌ عامٌّ يدخل فيه الكفار وغيرهم.
وقرأ الباقون {يَعْقِلُونَ} بالياء.
والوجه أن المعنى: أفلا يعقل المشركون؟ فالضمير للمشركين، وهم غُيَّبٌ، فجاء به على الغيبة لذلك). [الموضح: 1079]

قوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ (69)}
قوله تعالى: {لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ (70)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لينذر من كان حيًّا (70)
قرأ نافع وابن عامر ويعقوب (لتنذر من كان حيًّا).
وقرأ الباقون بالياء.
قال أبو منصور: من قرأ بالتاء فالخطاب للنبي صلى الله عليه.
ومن قرأ بالياء ففيه وجهان:
أحدهما: لينذر - النبي - صلى الله عليه وسلم - من كان حيا،
أي: من كان يعقل ما يخاطب به.
وجائز أن يكون الإنذار للقرآن.
والله أعلم). [معاني القراءات وعللها: 2/312]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (17- وقوله تعالى :{لينذر من كان حيا} [70].
قرأ نافع وابن عامر: {لتنذر} بالتاء على الخطاب أي: لتنذر يا محمد من كان حيا. أي حي القلب حي السمع.
وقرأ الباقون: {ليندر} بالياء أي: لينذر القرآن، وذلك أن الله عز وجل أنزل القرآن بشيرًا، ونذيرًا. فالنذير النبي، والنذير القرآن، والبشير القرآن، والبشير النبي وأما قوله: {كيف كان نذير} فمصدر، ومعناه: فكيف كان إنذاري، وأما قوله: {وجاءكم النذير} فقيل: النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: النذير الشيب، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم جل ضحكه التبسم. فلما رأى الشيب ما تبسم حتى توفاه الله عز وجل، هذا قول، واحتجوا بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/240]
قال: «شيبتني هود وأخواتها».
فأما ابن عرفة فحدثنا عن محمد بن عبد الملك عن يزيد بن هارون عن حميد قال: سئل أنس: هل خضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما شانه الشيب. فقيل: أوشين هو يا أبا حمزة؟ قال: كلكم يكرهه.
والصحيح: أن رسول الله بعث وهو ابن أربعين، وبقي بمكة ثلاث عشرة سنة، ثم هاجر إلى المدينة، وبقي فيها عشر سنين فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين سنة، وليس في رأسه، ولحيته إلا شعرات بيض نحو بضع عشرة، ويقال: أول من شاب خليل الرحمن عليه السلام، فأوحي الله إليه أشقل وقارًا بالسريانية تفسيره: خذ وقارًا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/241]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ نافع: لتنذر من كان حيا [يس/ 70] بالتاء وقرأ الباقون: لينذر بالياء.
وجه التاء أنّه خطاب النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم، ومن قال: ينذر*، أراد القرآن، ومعنى من كان حيّا: من المؤمنين، لأنّ الكفّار أموات، كما قال: أموات غير أحياء [النحل/ 26]، وقال: أومن كان ميتا فأحييناه [الأنعام/ 122] ). [الحجة للقراء السبعة: 6/47]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وما علمناه الشّعر وما ينبغي له إن هو إلّا ذكر وقرآن مبين * لينذر من كان حيا} 69 و70
قرأ نافع وابن عامر (لتنذر من كان حيا) بالتّاء على الخطاب أي لتنذر يا محمّد من كان حيا ويقوّي التّاء قوله إنّما أنت منذر وقرأ الباقون {لينذر} بالياء جائز أن يكون المضمر في قوله {لينذر} النّبي صلى الله عليه ويقوّي هذا قو قبلها {وما علمناه الشّعر وما ينبغي له} ثمّ يقول {لينذر} وجائز أن يكون القرآن أي لينذر القرآن). [حجة القراءات: 603]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (23- قوله: {لينذر من كان حيًا} قرأ نافع وابن عامر بالتاء، على الخطاب للنبي عليه السلام، لأنه هو النذير لأمته، كما قال: {إنا أرسلناك بالحق بشيرًا ونذيرًا} «البقرة 119»، وقرأ الباقون بالياء على الإخبار عن القرآن؛ لأنه نذير لمن أنزل عليهم، كما قال: {كتاب فصلت آياته قرآنًا عربيًا لقوم يعلمون بشيرًا ونذيرًا} «فصلت 3، 4»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/220]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (20- {لِتُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا} [آية/ 70] بالتاء:
قرأها نافع وابن عامر ويعقوب، وكذلك في الأحقاف {لِتُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا}.
والوجه أنه على مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم، أي لتُنذِر يا محمد.
وقرأ الباقون {لِيُنْذِرَ} بالياء في السورتين.
والوجه أن الضمير يعود إلى القرآن، أي لينذر القرآن من كان حيًّا، وهذا أظهر لتقدم ذكر القرآن في قوله {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآَنٌ مُبِينٌ}.
وقوله {مَنْ كَانَ حَيًّا} أي مؤمنًا؛ لأن الكفار موتى، كما قال الله تعالى {أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ} ). [الموضح: 1080]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 02:57 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة يس
[ من الآية (71) إلى الآية (76) ]

{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (71) وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ (72) وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (73) وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ (74) لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُّحْضَرُونَ (75) فَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (76)}


قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (71)}
قوله تعالى: {وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ (72)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن والأعمش: [رُكُوبُهُم]، برفع الراء وقرأ: [رَكُوبَتُهُمْ] عائشة وأبي بن كعب.
قال أبو الفتح: أما الرُّكوب، بضم الراء فمصدر، والكلام محمول على حذف المضاف مقدما أو مؤخرا.
[المحتسب: 2/216]
فإن شئت كان التقدير فيها ذو رُكُوبهم، وذو الرُّكوب هنا هو المركوب، فيرجع المعنى بعد إلى معنى قراءة من قرأ: {رَكُوبُهُم} بفتح الراء، و[رَكُوبَتُهُمْ].
وإن شئت كان التقدير فمن منافعها أو من أغراضها رُكوبهم، كما تقول لصاحبك: من منافعك إعطاؤك لي، ومن بركاتك وصول الخير إليّ على يدك. ومثله في تقدير حذف المضاف من جهتين أيَّ الجهتين شئت قول الله سبحانه: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى}، إن شئت كان على تقدير: ولكنّ البِرَّ بِرُّ من اتقى، وإن شئت كان تقديره: ولكنّ ذا البِرِّمن اتقى.
والتقدير الأول في هذا أجود عندنا؛ وذلك أن تقديره حذف المضاف من الخبر، أعني: برُّ من اتقى، والخبر أولى بذلك من المبتدأ؛ وذلك أن حذف المضاف ضرب من التوسع. والتوسعُ آخرُ الكلام أولى به من أوله، كما أن الحذف والبدل كلما تأخر كان أمثل؛ من حيث كانت الصدور أولى بالحقائق من الأعجاز وهذا واضح، ولذلك اعتمده عندنا صاحب الكتاب فحمله على أن التقدير: ولكنّ البِرَّ بِرُّ من اتقى.
وأجاز أبو العباس أن يكون الحذف من الأول على ما مضى، وهو لعمري جائز، إلا أن الوجه ما قدمنا ذكره، لكن الحذفين في قوله: {فَمِنْهَا رَكُوبُهُم} -على ما قدمنا- متساويان، وذلك إن قدرته على أنه: فمن منافعها رُكُوبُهُمْ فإنما حذفت من الخبر؛ لأن تقديره: فَرُكُوبُهُمْ منها، فهو -وإن كان مقدما في اللفظ- مؤخر في المعنى. وإن قدرته على معنى: فمنها ذو رُكُوبُهُمْ، فَحَسَنٌ أيضا، وإن كان مقدما في المعنى فإنه مؤخر في اللفظ، فاعرف ذلك.
وأما [رَكُوبَتُهُمْ] فهي المركوبة: كالقَتُوبَة"، والجَزُوزَة، والحَلُوبَة، أي: ما يُقْتَبُ، ويُجَزُّ، ويُحْلَبُ. وقد أشبعنا هذا الموضع في كتابنا المعروف بالخطيب، وهو شرح كتاب المذكر والمؤنث ليعقوب بن السكيت). [المحتسب: 2/217]

قوله تعالى: {وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (73)}
قوله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ (74)}
قوله تعالى: {لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُّحْضَرُونَ (75)}
قوله تعالى: {فَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (76)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 02:58 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة يس
[ من الآية (77) إلى الآية (83) ]

{أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ (77) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ (80) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83)}


قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ (77)}
قوله تعالى: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78)}
قوله تعالى: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79)}
قوله تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ (80)}
قوله تعالى: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أوليس الّذي خلق السّماوات والأرض بقادرٍ على أن يخلق مثلهم (81)
قرأ الحضرمي وحده (يقدر على أن يخلق) بالياء والرفع على (يفعل)، وكذلك قرأ في الأحقاف: (يقدر على أن يحيى الموتى).
وقرأ سائر القراء (بقادرٍ) بالباء والخفض والتنوين في السورتين.
[معاني القراءات وعللها: 2/312]
قال أبو منصور: الذي قرأ به الحضرمي جيد في باب النحو والعربية صحيح، والذي قرأ به القراء جيد عند حذاق النحويين.
وكان أبو حاتم السجستاني يوهّن هذه القراءة التي اجتمع عليها القراء، ويضعفها - وغلط فيما ذهب وهمه إليه.
وأخبرني المنذري عن أبي العباس أحمد بن يحيى أنه قال في قوله: (ولم يعي بخلقهنّ بقادرٍ) هذه الباء التي تدخل للجحد؛ لأنّ المجحود في المعنى، وإن كان قد حال بينهما بأن المعنى: أولم يروا أن الله قادر على أن يحيى الموتى - فإن اسم (يروا)، وما بعدها في صلتها لا تدخل فيه الباء، ولكن معناه جحدٌ فدخلت للمعنى -
قال: وقال الفراء والكسائي. يقال: ما ظننت إن زيدًا إلا قائم، وما ظننت إن زيدًا قائم - فهذا مذهب الكسائي والفراء.
قال أبو منصور: وأجاز سييويه، وأبو العباس المبرد، وأبو إسحاق الزجاج، وأحمد ين يحيى ما أنكره السجستاني، وهم أعلم بهذا الباب منه، والقراء أكثرهم على هذه القراءة -
أنشد الفرّاء في مثل هذه الباء:
فما رجعت بخائبةٍ ركابٌ... حكيم بن المسيّب منتهاها
فأدخل الباء في (فعل) لو ألقيت نصب بالفعل لا بالباء.
قال: ويقاس على هذا ما أشبهه. قال: وتقول: ما أظنك بقائم، وما أظن أنك بقائم.
فإذا خلعت الباء نصبت الذي كانت له بما تعمل فيه من الفعل). [معاني القراءات وعللها: 2/313]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (21- {يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} [آية/ 81] بالياء من غير ألفٍ، على يفعل:
قرأها يعقوب يس-.
والوجه أنه خبر ليس من قوله {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ}، واسم ليس هو قوله {الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}.
وقوله {يَقْدِرُ} فعل مضارع صار خبرًا لليس، فموضعه نصبٌ، كما تقول:
[الموضح: 1080]
أليس الذي في الدار يضرب زيدًا؟ ومعناه ضاربًا زيدًا.
وقرأ الباقون و-ح- عن يعقوب {بِقَادِرٍ} بالباء والألف، على فاعلٍ.
والوجه أنه اسم فاعلٍ، من قدر يقدر، وهو خبر ليس أيضًا، والباء فيه لتأكيد النفي، كما تقول ليس زيدٌ بقائمٍ). [الموضح: 1081]

قوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (18- وقوله تعالى: {كن فيكون} [82].
قرأ الكسائي وابن عامر: {فيكون} نصبًا نسقًا بالفاء على {أن يقول له كن} {فيكن}.
والباقون يرفعون على: فهو يكون، وكن فكان، لأنه لا يصلح أن يجعله جوابًا باللام). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/241]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ ابن عامر والكسائي: كن فيكون* [يس/ 82] نصبا، وقرأ الباقون: فيكون رفعا.
أمّا الكسائي فإنّه يحمل نصب فيكون* على ما قبله من «أن» ولا ينصب «فيكون» إذا لم يكن قبله «أن» فيحمل عليها.
وأمّا ابن عامر، فإنّه ينصب «فيكون» كان قبلها «أن» أولم يكن وقد ذكرنا قوله فيما تقدّم). [الحجة للقراء السبعة: 6/47]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إنّما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون}
قرأ ابن عامر والكسائيّ {فيكون} نصب نسقا على قوله
[حجة القراءات: 603]
{أن يقول له كن فيكون}
وقرأ الباقون {فيكون} رفعا عل تقدير فهو يكون). [حجة القراءات: 604]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (22- {كُنْ فَيَكُونَ} [آية/ 82] بالنصب:
قرأها ابن عامر والكسائي.
والوجه أنه نصبٌ بالعطف على قوله {أَنْ يَقُولَ} كأنه قال: أن يقول فيكون.
وقرأ الباقون {فَيَكُونُ} بالرفع.
والوجه أنه على إضمار هو، كأنه قال: فهو يكون؛ لأنه فعلٌ مضارعٌ خلا من ناصبٍ وجازم، فهو رفعٌ). [الموضح: 1081]

قوله تعالى: {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة طلحة وإبراهيم التيمي الأعمش: "مَلَكَةُ كُلِّ شَيْءٍ".
[المحتسب: 2/217]
قال أبو الفتح: معناه -والله أعلم- سبحان الذي بيده عصمة كل شيء وقدرة كل شيء، وهو من مَلَكْتُ العجينَ: إذا أَجَدْت عجنه، فقويتَهُ بذلك. ومنه المِلْكُ؛ لأنه القدرة على المملوك، ومنه المُلْكُ؛ لأن به قِوَام الأمور.
والمَلَكُوت فَعَلُوت منه، زادوا الواو والتاء للمبالغة بزيادة اللفظ، وهذا لا يطلق الملكوت إلا على الأمر الأعظم. ألا تراك تقول: مِلْك البزاز والعطار والحناط، ولا تقول الملكوت في شيء من ذلك؟ ونظيره الجَبَرُوت، والرَّغَبُوت، الرَّهَبُوت، ومنه عندنا الطاغُوت، هو فَعَلُوت من الطغيان، إلا أنه قُلِب وأصلُه طَغَيُوت، فَقُدِّمت اللام على العين، فصارت طَيَغُوت، ثم قلبتِ الياء لوقوعها متحركة بين متحركين فصار طاغُوت، وقد تقصينا ذلك في كتابنا الموسوم بالمنصف). [المحتسب: 2/218]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (23- {إِلَيْهِ تَرْجِعُونَ} [آية/ 83] بفتح التاء وكسر الجيم:
قرأها يعقوب وحده.
والوجه أن المراد إنكم أيها الناس ترجعون إليه برجعه سبحانه وتعالى إياكم.
وقرأ الباقون {تُرْجَعُونَ} بضم التاء وفتح الجيم.
[الموضح: 1081]
والوجه أنكم تُرَدُّون إليه تعالى، ومعلوم أن الذي يردُّهم هو الله سبحانه، فجاء على ما لم يسم فاعله لما كان معلومًا، والمقصود هو الإخبار عن رجعهم). [الموضح: 1082]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:57 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة