العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة يس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 جمادى الأولى 1434هـ/18-03-2013م, 12:52 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير سورة يس [ من الآية (59) إلى الآية (67) ]

تفسير سورة يس
[ من الآية (59) إلى الآية (67) ]

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59) أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (60) وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62) هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (63) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (64) الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65) وَلَوْ نَشَاء لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (66) وَلَوْ نَشَاء لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ (67)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11 جمادى الأولى 1434هـ/22-03-2013م, 04:23 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وامتازوا اليوم أيّها المجرمون (59) ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشّيطان إنّه لكم عدوٌّ مبينٌ (60) وأن اعبدوني هذا صراطٌ مستقيمٌ}.
يعني بقوله: {وامتازوا} تميّزوا؛ وهي افتعلوا، من ماز يميز، فعل يفعل منه: امتاز يمتاز امتيازًا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وامتازوا اليوم أيّها المجرمون} قال: عزلوا عن كلّ خيرٍ.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن محمّدٍ المحاربيّ، عن إسماعيل بن رافعٍ، عمّن حدّثه عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ، عن أبي هريرة، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: إذا كان يوم القيامة أمر اللّه جهنّم فيخرج منها عنقٌ ساطعٌ مظلمٌ، ثمّ يقول: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشّيطان} الآية، إلى قوله: {هذه جهنّم الّتي كنتم توعدون} {وامتازوا اليوم أيّها المجرمون}. فيتميّز النّاس ويجثون، وهي قول اللّه: {وترى كلّ أمّةٍ} الآية.
فتأويل الكلام إذن: وتميّزوا من المؤمنين اليوم أيّها الكافرون باللّه، فإنّكم واردون غير موردهم، داخلون غير مدخلهم). [جامع البيان: 19/469-470]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 59.
أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال: إذا كان يوم القيامة جمع الله الناس على تل رفيع ثم نادى مناد: امتازوا اليوم أيها المجرمون). [الدر المنثور: 12/365]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن رواد بن الجراح رضي الله عنه في الآية قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أن ميزوا المسلمين من المجرمين إلا صاحب الأهواء، يعني يترك صاحب الهوى مع المجرمين). [الدر المنثور: 12/365-366]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ميمون رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية {وامتازوا اليوم أيها المجرمون} فرق وبكى وقال: ما سمع الناس قط بنعت أشد منه). [الدر المنثور: 12/366]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وامتازوا اليوم أيها المجرمون} قال: عزلوا عن كل خير). [الدر المنثور: 12/366]

تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشّيطان إنّه لكم عدوٌّ مبينٌ} وفي الكلام متروكٌ استغنى بدلالة الكلام عليه منه، وهو: ثمّ يقال: ألم أعهد إليكم يا بني آدم، يقول: ألم أوصكم وآمركم في الدّنيا أن لا تعبدوا الشّيطان فتطيعوه في معصية اللّه {إنّه لكم عدوٌّ مبينٌ} يقول: وأقول لكم: إنّ الشّيطان لكم عدوٌّ مبينٌ، قد أبان لكم عداوته بامتناعه من السّجود، لأبيكم آدم، حسدًا منه له، على ما كان اللّه أعطاه من الكرامة، وغروره إيّاه، حتّى أخرجه وزوجته من الجنّة). [جامع البيان: 19/470]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 60 - 64.
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {ألم أعهد إليكم} يقول: ألم أنهكم). [الدر المنثور: 12/366]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن مكحول رضي الله عنه في قوله {أن لا تعبدوا الشيطان} قال: إنما عبادته طاعته). [الدر المنثور: 12/366]

تفسير قوله تعالى: (وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وأن اعبدوني هذا صراطٌ مستقيمٌ} يقول: وألم أعهد إليكم أن اعبدوني دون كلّ ما سواي من الآلهة والأنداد، وإيّاي فأطيعوا، فإنّ إخلاص عبادتي، وإفراد طاعتي، ومعصية الشّيطان، هو الدّين الصّحيح، والطّريق المستقيم). [جامع البيان: 19/470]

تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولقد أضلّ منكم جبلًّا كثيرًا أفلم تكونوا تعقلون (62) هذه جهنّم الّتي كنتم توعدون (63) اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: يعني تعالى ذكره بقوله: {ولقد أضلّ منكم جبلًّا كثيرًا} ولقد صدّ الشّيطان منكم خلقًا كثيرًا عن طاعتي، وإفرادي بالألوهة حتّى عبدوه، واتّخذوا من دوني آلهةً يعبدونها.
- كما حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ {ولقد أضلّ منكم جبلًّا} قال: خلقًا.
واختلف القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء المدينة وبعض الكوفيّين {جبلًّا} بكسر الجيم وتشديد اللاّم، وكان بعض المكّيّين وعامّة قرّاء الكوفة يقرؤونه: (جبلاً) بضمّ الجيم والباء وتخفيف اللاّم وكان بعض قرّاء البصرة يقرؤه: (جبلاً) بضمّ الجيم وتسكين الباء، وكلّ هذه لغاتٌ معروفاتٌ، غير أنّي لا أحبّ القراءة في ذلك إلاّ بإحدى القراءتين اللّتين إحداهما بكسر الجيم وتشديد اللاّم، والأخرى بضمّ الجيم والباء وتخفيف اللاّم، لأنّ ذلك هو القراءة الّتي عليها عامّة قرّاء الأمصار.
وقوله: {أفلم تكونوا تعقلون} يقول: أفلم تكونوا تعقلون أيّها المشركون، إذا أطعتم الشّيطان في عبادة غير اللّه، أنّه لا ينبغي لكم أن تطيعوا عدوّكم وعدوّ اللّه، وتعبدوا غير اللّه). [جامع البيان: 19/471-472]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد جبلا كثيرا يعني خلقا كثيرا). [تفسير مجاهد: 536]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {جبلا كثيرا} قال: خلقا كثيرا). [الدر المنثور: 12/366]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ جبلا كثيرا بكسر الجيم مثقلة اللام أفلم يكونوا يعقلون بالياء). [الدر المنثور: 12/366]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن هذيل رضي الله عنه أنه قرأ جبلا كثيرا) مخففة). [الدر المنثور: 12/367]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم عن أبي هريرة أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قرأ ولقد أضل منكم جبلا مخففة). [الدر المنثور: 12/367]

تفسير قوله تعالى: (هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (63) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {هذه جهنّم الّتي كنتم توعدون} يقول: هذه جهنّم الّتي كنتم توعدون بها في الدّنيا على كفركم باللّه، وتكذيبكم رسله، فكنتم بها تكذّبون وقيل: إنّ جهنّم أوّل بابٍ من أبواب النّار). [جامع البيان: 19/472]

تفسير قوله تعالى: (اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (64) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون} يقول: احترقوا بها اليوم وردوها؛ يعني باليوم: يوم القيامة {بما كنتم تكفرون} يقول: بما كنتم تجحدونها في الدّنيا، وتكذّبون بها). [جامع البيان: 19/472]

تفسير قوله تعالى: (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65) )
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {اليوم نختم على أفواههم}
- أخبرنا محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم، قال: حدّثنا يحيى، قال: حدّثنا شبلٌ، قال: سمعت أبا قزعة، يحدّث عمرو بن دينارٍ، عن حكيم بن معاوية، عن أبيه، أنّه جاء إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا محمّد، إنّي حلفت بعدد أصابعي ألّا أتّبعك ولا أتّبع دينك، فأنشدك الله ما الّذي بعثك الله به؟ قال: «الإسلام شهادة أن لا إله إلّا الله، وأنّ محمّدًا رسول الله، وتقيم الصّلاة، وتؤتي الزّكاة، أخوان نصيران، لا يقبل الله من أحدٍ توبةً أشرك بالله بعد إسلامه»، قال: فما حقّ زوجة أحدنا عليه؟، قال: «تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبّحه، ولا تهجر إلّا في البيت»، وأشار بيده إلى الشّام، فقال: «هاهنا إلى هاهنا تحشرون، ركبانًا، ومشاةً، وعلى وجوهكم يوم القيامة، على أفواهكم الفدام، توفون سبعين أمّةً، أنتم آخرها وأكرمهم على الله، وإنّ أوّل ما يعرب على أحدكم فخذه»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/230]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {اليوم نختم على أفواههم وتكلّمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: يعني تعالى ذكره بقوله: {اليوم نختم على أفواههم} اليوم نطبع على أفواه المشركين، وذلك يوم القيامة {وتكلّمنا أيديهم} بما عملوا في الدّنيا من معاصي اللّه {وتشهد أرجلهم} قيل: إنّ الّذي ينطق من أرجلهم: أفخاذهم من الرّجل اليسرى {بما كانوا يكسبون} في الدّنيا من الآثام.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، قال: حدّثنا يونس بن عبيدٍ، عن حميد بن هلالٍ، قال: قال أبو بردة: قال أبو موسى: يدعى المؤمن للحساب يوم القيامة، فيعرض عليه ربّه عمله فيما بينه وبينه، فيعترف فيقول: نعم أي ربّ عملت عملت عملت، قال: فيغفر اللّه له ذنوبه، ويستره منها، فما على الأرض من خليقةٍ ترى من تلك الذّنوب شيئًا، وتبدو حسناته، فودّ أنّ النّاس كلّهم يرونها؛ ويدعى الكافر والمنافق للحساب، فيعرض عليه ربّه عمله فيجحده، ويقول: أي ربّ، وعزّتك لقد كتب عليّ هذا الملك ما لم أعمل، فيقول له الملك: أما عملت كذا في يوم كذا في مكان كذا؟ فيقول: لا وعزّتك أي ربّ، ما عملته، فإذا فعل ذلك ختم على فيه قال الأشعريّ: فإنّي أحسب أوّل ما ينطق منه لفخذه اليمنى، ثمّ تلا: {اليوم نختم على أفواههم وتكلّمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون}.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنّى يحيى، عن أبي بكر بن عيّاشٍ، عن الأعمش، عن الشّعبيّ، قال: يقال للرّجل يوم القيامة: عملت كذا وكذا، فيقول: ما عملت، فيختم على فيه، وتنطق جوارحه، فيقول لجوارحه: أبعدكنّ اللّه، ما خاصمت إلاّ فيكنّ.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {اليوم نختم على أفواههم}.. الآية، قال: قد كانت خصوماتٌ وكلامٌ، فكان هذا آخره، وختم على أفواههم.
- حدّثني محمّد بن عوفٍ الطّائيّ، قال: حدّثنا ابن المبارك، عن ابن عيّاشٍ، عن ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيدٍ، عن عقبة بن عامرٍ، أنّه سمع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: أوّل شيءٍ يتكلّم من الإنسان يوم يختم اللّه على الأفواه فخذه من رجله اليسرى). [جامع البيان: 19/472-473]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 65.
أخرج أحمد ومسلم والنسائي، وابن أبي الدنيا في التوبة واللفظ له، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أنس رضي الله عنه في قوله {اليوم نختم على أفواههم} قال كنا عند النّبيّ صلى الله عليه وسلم فضحك حتى بدت نواجذه قال: أتدرون ممن ضحكت قلنا: لا يا رسول الله قال: من مخاطبة العبد ربه فيقول: يا رب ألم تجرني من الظلم فيقول: بلى، فيقول: إني لا أجيز علي إلا شاهدا مني فيقول: كفى بنفسك عليك شهيدا وبالكرام الكاتبين شهودا فيختم على فيه ويقال لأركانه: أنطقي فتنطق بأعماله ثم يخلى بينه وبين الكلام فيقول بعدا لكن وسحقا فعنكن كنت أناضل). [الدر المنثور: 12/367]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج مسلم والترمذي، وابن مردويه والبيهقي عن أبي سعيد وأبي هريرة قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يلقى العبد ربه فيقول الله: أي قل ألم أكرمك وأسودك وأزوجك وأسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع فيقول: بلى أي رب فيقول: أفطنت أنك ملاقي فيقول: لا، فيقول: فإني أنساك كما نسيتني، ثم يلقى الثاني فيقول: مثل ذلك، ثم يلقى الثالث فيقول له: مثل ذلك فيقول: آمنت بك وبكتابك وبرسولك وصليت وصمت وتصدقت ويثني بخير ما استطاع فيقول: ألا نبعث شاهدنا عليك فيفكر في نفسه من الذي يشهد علي فيختم على فيه ويقال لفخذه: انطقي، فتنطق فخذه ولحمه وعظامه، بعمله ما كان ذلك يعذر من نفسه وذلك بسخط الله عليه). [الدر المنثور: 12/368]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، وابن جرير، وابن أبي حاتم والطبراني، وابن مردويه عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أول عظم من الإنسان يتكلم يوم يختم على الأفواه، فخذه من الرجل الشمال). [الدر المنثور: 12/368-369]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: يدعى المؤمن للحساب يوم القيامة فيعرض عليه ربه عمله فيما بينه وبينه ليعترف فيقول: أي رب عملت، عملت عملت فيغفر الله له ذنوبه ويستره منها قال: فما على الأرض خليقة يرى من تلك الذنوب شيئا وتبدو حسناته فود أن الناس كلهم يرونها، ويدعى الكافر والمنافق للحساب فيعرض ربه عليه عمله فيجحد ويقول: أي رب وعزتك لقد كتب علي هذا الملك ما لم أعمل فيقول له الملك: أما عملت كذا في يوم كذا في مكان كذا فيقول: لا وعزتك، أي رب ما عملته فإذا فعل ذلك ختم على فيه فإني أحسب أول ما ينطق منه لفخذه اليمنى ثم تلا {اليوم نختم على أفواههم} ). [الدر المنثور: 12/369]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم والبيهقي في الأسماء والصفات عن بسرة وكانت من المهاجرات قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس ولا تغفلن واعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات ومستنطقات) ). [الدر المنثور: 12/369-370]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الشعبي رضي الله عنه قال: يقال للرجل يوم القيامة: عملت كذا وكذا، فيقول: ما عملته، فيختم على فيه وتنطق جوارحه فيقول لجوارحه: أبعدكن الله ما خاصمت إلا فيكن). [الدر المنثور: 12/370]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن أسماء بن عبيد رضي الله عنه قال: يؤتى بابن آدم يوم القيامة ومعه جبل من صحف لكل ساعة صحيفة فيقول الفاجر: وعزتك لقد كتبوا علي ما لم أعمل فعند ذلك يختم على أفواههم ويؤذن لجوارحهم في الكلام فيكون أول ما يتكلم من جوارح ابن آدم فخذه اليسرى). [الدر المنثور: 12/370]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {نختم على أفواههم} قال: فلا يتكلمون). [الدر المنثور: 12/370]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال: كانت خصومات وكلام وكان هذا آخره أن ختم على أفواههم). [الدر المنثور: 12/370]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه في الآية قال: أول ما ينطق من الإنسان فخذه اليمنى). [الدر المنثور: 12/370]

تفسير قوله تعالى: (وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (66) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصّراط فأنّى يبصرون (66) ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم فما استطاعوا مضيًّا ولا يرجعون}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: اختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصّراط} فقال بعضهم: معنى ذلك: ولو نشاء لأعميناهم عن الهدى، وأضللناهم عن قصد المحجّة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ولو نشاء لطمسنا على أعينهم} يقول: أضللتهم وأعميتهم عن الهدى.
وقال آخرون: معنى ذلك: ولو نشاء لتركناهم عميًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، عن الحسن، في قوله: {ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصّراط فأنّى يبصرون} قال: لو يشاء لطمس على أعينهم فتركهم عميًا يتردّدون.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصّراط فأنّى يبصرون} يقول: لو شئنا لتركناهم عميًا يتردّدون.
وهذا القول الّذي ذكرناه عن الحسن وقتادة أشبه بتأويل الكلام، لأنّ اللّه إنّما تهدّد به قومًا كفّارًا، فلا وجه لأن يقال: وهم كفّارٌ، لو نشاء لأضللناهم وقد أضلّهم، ولكنّه قال: لو نشاء لعاقبناهم على كفرهم، فطمسنا على أعينهم فصيّرناهم عميًا لا يبصرون طريقًا، ولا يهتدون له؛ والطّمس على العين: هو أن لا يكون بين جفني العين غرٌّ، وذلك هو الشّقّ الّذي بين الجفنين، كما تطمس الرّيح الأثر، يقال: أعمى مطموسٌ وطميسٌ.
وقوله: {فاستبقوا الصّراط} يقول: فابتدروا الطّريق.
- كما حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {فاستبقوا الصّراط} قال: الطّريق.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {فاستبقوا الصّراط} أي الطّريق.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {فاستبقوا الصّراط} قال: الصّراط الطّريق.
وقوله: {فأنّى يبصرون} يقول: فأيّ وجهٍ يبصرون أن يسلكوه من الطّرق، وقد طمسنا على أعينهم.
- كما حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {فأنّى يبصرون} وقد طمسنا على أعينهم.
وقال الّذين وجّهوا تأويل قوله: {ولو نشاء لطمسنا على أعينهم} إلى أنّه معنيٌّ به العمى عن الهدى تأويل قوله: {فأنّى يبصرون} فأنّى يهتدون للحقّ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ {فأنّى يبصرون} يقول: فكيف يهتدون.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثنّى أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ {فأنّى يبصرون} يقول: لا يبصرون الحقّ). [جامع البيان: 19/474-477]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد فاستبقوا الصراط يعني الطريق). [تفسير مجاهد: 536-537]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد فأنى يبصرون يقول كيف يبصرون وقد طمسنا على أعينهم). [تفسير مجاهد: 537]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 66 - 67.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولو نشاء لطمسنا على أعينهم} قال: أعميناهم وأضللناهم عن الهدى {فأنى يبصرون} فكيف يهتدون). [الدر المنثور: 12/371]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فاستبقوا الصراط} قال: الطريق {فأنى يبصرون} وقد طمسنا على أعينهم). [الدر المنثور: 12/371]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {ولو نشاء لطمسنا}، قال: لو شاء الله لتركهم عميا يترددون {ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم} قال: لو نشاء لجعلناهم كسحا لا يقومون). [الدر المنثور: 12/371]

تفسير قوله تعالى: (وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ (67) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى ولو نشاء لمسخناهم قال لم نشاء لجعلناهم كسحا لا يقومون ولو نشاء لجعلناهم عميا لا يترددون). [تفسير عبد الرزاق: 2/145]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {مكانتهم} [يس: 67] : «ومكانهم واحدٌ»). [صحيح البخاري: 6/123]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله مرقدنا مخرجنا. وقوله أحصيناه حفظناه. وقوله مكانتهم ومكانهم واحدٌ سقط هذا كلّه لأبي ذرٍّ وسيأتي تفسير أحصيناه في كتاب التّوحيد وروى الطّبريّ من طريق العوفيّ عن بن عبّاسٍ في قوله ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم يقول لأهلكناهم في مساكنهم وقال أبو عبيدة في قوله لمسخناهم على مكانتهم المكان والمكانة واحدٌ). [فتح الباري: 8/541]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال ابن جرير حدثني محمّد بن سعد حدثني أبي حدثني عمي حدثني أبي عن أبيه عن ابن عبّاس في قوله 67 يس {ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم} يقول لو نشاء لأهلكناهم في مساكنهم والمكانة والمكان واحد). [تغليق التعليق: 4/292]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (مكانتهم ومكانهم واحدٌ
أشار به إلى قوله تعالى: {ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم} (يس: 67) وقال: إن المكانة والمكان بمعنى واحد، وروى الطّبريّ من طريق العوفيّ: يقول لأهلكناهم في مساكنهم). [عمدة القاري: 19/133-134]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({مكانتهم} ومكانهم واحد) في المعنى ومراده قوله تعالى: {ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم} [يس: 67] والمعنى لو نشاء جعلناهم قردة وخنازير في منازلهم أو حجارة وهم قعود في منازلهم لا أرواح لهم وسقط لأبي ذر من قوله أن تدرك القمر إلى آخر قوله واحد). [إرشاد الساري: 7/312]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم} يقول تعالى ذكره: ولو نشاء لأقعدنا هؤلاء المشركين من أرجلهم في منازلهم {فما استطاعوا مضيًّا ولا يرجعون} يقول: فلا يستطيعون أن يمضوا أمامهم، ولا أن يرجعوا وراءهم.
وقد اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم نحو الّذي قلنا في ذلك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، عن الحسن {ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم} قال: لو نشاء لأقعدناهم.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم} أي لأقعدناهم على أرجلهم {فما استطاعوا مضيًّا ولا يرجعون} فلم يستطيعوا أن يتقدّموا ولا يتأخّروا.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولو نشاء لأهلكناهم في منازلهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم فما استطاعوا مضيًّا ولا يرجعون} يقول: ولو نشاء أهلكناهم في مساكنهم.
والمكانة والمكان بمعنًى واحدٍ. وقد بينا ذلك فيما مضى قبل). [جامع البيان: 19/477]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولو نشاء لمسخناهم} قال: أهلكناهم {على مكانتهم} قال: في مساكنهم). [الدر المنثور: 12/371]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله {ولو نشاء لمسخناهم} يقول: لجعلناهم حجارة). [الدر المنثور: 12/371]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {ولو نشاء لطمسنا}، قال: لو شاء الله لتركهم عميا يترددون {ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم} قال: لو نشاء لجعلناهم كسحا لا يقومون). [الدر المنثور: 12/371] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة في قوله {فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون} قال: فلم يستطيعوا أن يتقدموا ولا يتأخروا). [الدر المنثور: 12/371]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 27 جمادى الأولى 1434هـ/7-04-2013م, 06:13 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وامتازوا }: أي: تميزوا.). [مجاز القرآن: 2/164]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({وامتازوا}: تميزوا). [غريب القرآن وتفسيره: 313]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وامتازوا اليوم أيّها المجرمون} : أي: انقطعوا عن المؤمنين، وتميزوا منهم. يقال: مزت الشيء من الشيء - إذا عزلته عنه - فأنماز , وامتاز , وميزته , فتميز.). [تفسير غريب القرآن: 367]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({وامتازوا اليوم أيّها المجرمون (59)}
أي : انفردوا عن المؤمنين.).[معاني القرآن: 4/292]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وامتازوا اليوم أيها المجرمون}
أي: انفرزوا عن المؤمنين , يقال: مزته , فانماز , وامتاز , وميزته , فتميز.).[معاني القرآن: 5/511]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وامْتَازُوا}: تميزوا.). [العمدة في غريب القرآن: 251]

تفسير قوله تعالى:{أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشّيطان} [يس: 60]، يعني: ألا تطيعوا الشّيطان في الشّرك، تفسير السّدّيّ.
قال: {إنّه لكم عدوٌّ مبينٌ} [يس: 60] أنّهم عبدوا الأوثان بما وسوس إليهم الشّيطان، فأمرهم بعبادتهم، فإنّما عبدوا الشّيطان). [تفسير القرآن العظيم: 2/816]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ( {ألم أعهد إليكم}: ألم آمركم، ألم أوصيكم؟!.).
[تفسير غريب القرآن: 367]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والوصية: عهد، قال الله تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ}). [تأويل مشكل القرآن: 447]


قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: ( {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشّيطان إنّه لكم عدوّ مبين (60)}
وتقرأ أعهد بالكسر، والفتح أكثر، على قولك عهد , يعهد.
والكسر يجوز على ضربين:
على: عهد , يعهد، وعلى : عهد , يعهد , مثل : حسب , يحسب، ومعناه : ألم أتقدم إليكم بعهد الإيمان وترك عبادة الشيطان.). [معاني القرآن: 4/292]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان} أي: ألم أتقدم إليكم , وأوصيكم ؟!.
وقوله جل وعز: {ولقد أضل منكم جبلا كثيرا}
قال مجاهد : (أي: خلقاً).
قال أبو جعفر : فيه سبعة أوجه , قرئ منها بخمسة .
فأما الخمسة التي قرئ بها فهي: (ولقد أضل منكم جبلا), و(جبلا) , و(جبلا) , و(جبلا) , و(جبلا).
وأما الإثنان اللذان لم يقرأ بهما فـ جبلا , وجبلا.). [معاني القرآن: 5/512]

تفسير قوله تعالى: (وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وأن اعبدوني} [يس: 61] لا تشركوا بي شيئًا.
{هذا صراطٌ مستقيمٌ} [يس: 61] دينٌ مستقيمٌ، والصّراط الطّريق، مستقيمٌ على الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 2/816]

تفسير قوله تعالى:{وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ولقد أضلّ منكم جبلا كثيرًا} [يس: 62] خلقًا كثيرًا أضلّ من كلّ ألف تسع مائةٍ وتسعةً وتسعين.
وتفسير السّدّيّ: {ولقد أضلّ منكم جبلا كثيرًا} [يس: 62]، يعني: قد أغوى إبليس منكم جبلا، يعني: خلقًا كثيرًا، فكفروا فلم يكونوا يعقلون، وأخبر عنهم قال: فقال: {وقالوا لو كنّا نسمع أو نعقل ما كنّا في أصحاب السّعير} [الملك: 10]، أي: لو كنّا نسمع أو نعقل لآمنّا في الدّنيا، فلم نكن من أصحاب السّعير.
قال اللّه: {فاعترفوا بذنبهم فسحقًا} [الملك: 11] فبعدًا {لأصحاب السّعير} [الملك: 11] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/816]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ أضلّ منكم جبلّاً}: مثقل, وبعضهم لا يثقل , ويضم الحرف الأول , ويثقل اللام ومعناهن : الخلق والجماعة.). [مجاز القرآن: 2/164]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولقد أضلّ منكم جبلًّا كثيراً}: أي: خلقا, وجبلا بالضم والتخفيف.
مثله: والجبل أيضاً: الخلق. قال الشاعر:
=جهاراًويستمتعن بالأنس الجبل.). [تفسير غريب القرآن: 367]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({ولقد أضلّ منكم جبلّا كثيرا أفلم تكونوا تعقلون (62)}
{جبلاً}


: ويقرأ (جبلّا) بكسر الجيم والباء، ويقرأ : جبلاً: بضم الجيم والباء
وتقرأ : جبلا على إسكان الباء وضم الجيم، ويجوز جبلاً بفتح الجيم , وجبلا ًبكسر الجيم، ويجوز أيضا جبلاً بكسر الجيم وفتح الباء بغير تشديد اللام، على جمع جبلة, وجبل، والجبلة في جميع ذلك معناه : خليقة كثيرة , وخلق كثير.). [معاني القرآن: 4/292-393]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({جِبِلًّا} , و{جبلاً}: كلاهما الخلق.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 203]

تفسير قوله تعالى: {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (63) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {هذه جهنّم الّتي كنتم توعدون} [يس: 63] في الدّنيا إن لم تؤمنوا). [تفسير القرآن العظيم: 2/817]

تفسير قوله تعالى: {اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (64) }

تفسير قوله تعالى: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({اليوم}، يعني: في الآخرة، تفسير السّدّيّ.
قال: {نختم على أفواههم وتكلّمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون} [يس: 65]، أي: يعملون.
- الحسن بن دينارٍ، عن حميد بن هلالٍ، عن أبي بردة، عن أبي موسى الأشعريّ، عن أبيه، قال: لمّا قالوا: {واللّه ربّنا ما كنّا مشركين} [الأنعام: 23] فختم اللّه على أفواههم ثمّ قال للجوارح: انطقي، ثمّ قرأ: يوم يشهد أبصارهم وجلودهم، قال: فأوّل ما يتكلّم من أحدهم فخذه، قال ابن دينارٍ: نسيت اليسرى قال أم اليمنى.
وتفسير الحسن: أنّ هذا آخر مواطن يوم القيامة، فإذا ختمت أفواههم لم يكن بعد ذلك إلا دخول النّار). [تفسير القرآن العظيم: 2/817]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {اليوم نختم على أفواههم وتكلّمنا أيديهم...}

وفي قراءة عبد الله:{ولتكلّمنا}, كأنه قال: نختم على أفواههم لتكلمنا, والواو في هذا الموضع بمنزلة قوله: {وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون}.). [معاني القرآن: 2/381]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم}
وفي قراءة عبد الله بن مسعود :{اليوم نختم على أفواههم , ولتكلمنا أيديهم}
في الكلام حذف على هذه القراءة , كما قال تعالى: {وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين} .). [معاني القرآن: 5/512]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (66) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولو نشاء لطمسنا على أعينهم} [يس: 66]، يعني: المشركين.
{فاستبقوا الصّراط فأنّى يبصرون} [يس: 66] سعيدٌ، عن قتادة، قال: {ولو نشاء لأعميناهم فاستبقوا الصّراط}، أي: الطّريق {فأنّى يبصرون} [يس: 66] فكيف يبصرون إذا أغشيناهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/817]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ولو نشاء لطمسنا على أعينهم}, يقال: أعمى طمسٌ , ومطموسٌ , وهو أن لا يكون بين جفنى العين غر , وهو الشق بين الجفنين , والريح تطمس الأثر , فلا يرى الرجل يطمس الكتاب.).
[مجاز القرآن: 2/165]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولو نشاء لطمسنا على أعينهم} : والمطموس : هو الأعمى الذي لا يكون بين جفنيه شق.
{فاستبقوا الصّراط}: ليجوزوا.
{فأنّى يبصرون} : أي :فكيف يبصرون؟!.). [تفسير غريب القرآن: 367]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصّراط فأنّى يبصرون (66)}
المطموس : الأعمى الذي لا يتبين له جفن, لا يرى شفر عينه، أي : لو نشاء لأعميناهم , فعدلوا عن الطريق , فمن أين يبصرون , لو فعلنا ذلك بهم؟!.). [معاني القرآن: 4/293]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصراط}
قال الحسن: (أي: لتركناهم عميا يترددون) .
قال أبو جعفر : المطموس , والطميس عند أهل اللغة : الأعمى , الذي ليس في عينيه شق .
{فاستبقوا الصراط}: أي: ليجوزوا .
قال مجاهد: (الصراط : الطريق , ثم قال تعالى: {فأنى يبصرون}: أي : فمن أين يبصرون).). [معاني القرآن: 5/513]

تفسير قوله تعالى:{َلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ (67)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم فما استطاعوا مضيًّا ولا يرجعون} [يس: 67] قال: ولو نشاء لأقعدناهم على أرجلهم فما استطاعوا إذا فعلنا ذلك بهم أن يتقدّموا أو يتأخّروا). [تفسير القرآن العظيم: 2/817]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({على مكانتهم }:المكان , والمكانة واحد.

{ ركوبهم }: ما ركبوا , والحلوبة ما حلبوا , و {ركوبهم} : فعلهم إذا ضم الأول.). [مجاز القرآن: 2/165]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({على مكانتهم}: ومكانهم. المكان والمكانة واحد). [غريب القرآن وتفسيره: 313]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)


: ({على مكانتهم} : هو مثل مكانهم, يقال: مكان ومكانة، ومنزل ومنزلة). [تفسير غريب القرآن: 368]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم فما استطاعوا مضيّا ولا يرجعون (67)}
{مكانتهم}
و{مكاناتهم}: والمكانة , والمكان في معنى واحد.
{فما استطاعوا مضيّا ولا يرجعون}: أي: لم يقدروا على ذهاب , ولا مجيء.). [معاني القرآن: 4/293]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم}
قال الحسن : (أي: لأقعدناهم) .
وعن ابن عباس قال: (أي, لو نشاء لأهلكناهم في مساكنهم).
قال أبو جعفر: المكان , والمكانة واحد.). [معاني القرآن: 5/514]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مَكَانَتِهِمْ}: على الحال التي هم فيها.). [العمدة في غريب القرآن: 252]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 27 جمادى الأولى 1434هـ/7-04-2013م, 06:14 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59) }

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه دخلت عليه عجوز فسأل بها
فأحفى، وقال:
((إنها كانت تأتينا في زمان خديجة وإن حسن العهد من الإيمان)).
هو من حديث ابن المبارك قال: بلغني ذلك عنه عن إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن محمد بن زيد بن مهاجر يرفعه.
والعهد في أشياء مختلفة.
فمنها الحفاظ ورعاية الحرمة والحق، وهو هذا الذي في الحديث ومنه الوصية، وهو أن يوصي الرجل إلى غيره كقول سعيد حين خاصم عبد بن زمعة في ابن أمته فقال: ابن أخي عهد فيه إلي أخي، أي أوصى إلي فيه.
وقال الله تبارك وتعالى: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم} يعني الوصية والأمر.
ومن العهد أيضا الأمان، قال الله تعالى: {لا ينال عهدي الظالمين} وقال: {فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم}.
ومن العهد أيضا: اليمين يحلف بها الرجل، يقول: علي عهد الله.
ومن العهد أيضا: أن تعهد الرجل على حال أو في مكان، فتقول: عهدي به في مكان كذا وكذا وبحال كذا وكذا، وعهدي به يفعل كذا وكذا.
وأما قول الناس: أخذت عليه عهد الله وميثاقه، فإن العهد ههنا اليمين، وقد ذكرناه). [غريب الحديث: 2/580-583]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62) }

تفسير قوله تعالى: {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (63) }

تفسير قوله تعالى: {اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (64) }

تفسير قوله تعالى: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (66) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ (67) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 5 صفر 1440هـ/15-10-2018م, 08:09 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 5 صفر 1440هـ/15-10-2018م, 08:09 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 5 صفر 1440هـ/15-10-2018م, 08:15 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59) أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وامتازوا اليوم} الآية، فيه حذف تقديره: ويقول للكفرة، وهذه معادلة لقوله لأصحاب الجنة: "سلام".
و"امتازوا" معناه: انفصلوا وانحازوا; لأن العالم في الموقف إنما هم مختلطون.
ثم خاطبهم بما يميزون به توبيخا لهم وتوقيفا على عهده إليهم ومخالفتهم عهده. وقرأ الجمهور: "أعهد" بفتح الهاء، وقرأ الهذلي، وابن وثاب: "ألم إعهد" بكسر الميم والهمزة وفتح الهاء، وهي على لغة من يكسر أول المضارع سوى الياء، وروي عن ابن وثاب "اعهد" بكسر الهاء، يقال: عهد وعهد. و"عبادة الشيطان": طاعته والانقياد لأعوانه.
وقرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر، والكسائي: "وأن اعبدوني" بضم النون من "أن"، وأتبعوا بها ضمة الباء والدال وواو الجماعة أيضا. وقرأ عاصم، وأبو عمرو، وحمزة: "وأن اعبدوني" بكسر النون على أصل الكسر للالتقاء. وقوله: {هذا صراط مستقيم} إشارة إلى الشرائع، فمعنى هذا أن الله عهد إلى بني آدم وقت إخراج نسمهم من ظهره: أن لا يعبدوا الشيطان وأن تعبدوا الله، وقيل لهم: هذه الشرائع موجودة، وبعثآدم عليه السلام إلى ذريته، ولم تخل الأرض من شريعة إلى ختم الرسالة بمحمد صلى الله عليه وسلم. و"الصراط" الطريق، ويقال: إنها دخيلة في كلام العرب وعربتها).[المحرر الوجيز: 7/ 259-260]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولقد أضل منكم جبلا كثيرا أفلم تكونوا تعقلون * هذه جهنم التي كنتم توعدون * اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون * اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون}
هذه أيضا مخاطبة للكفار على جهة التقريع.
و"الجبل": الأمة العظيمة، قال النقاش عن الضحاك: أقلها عشرة آلاف، ولا حد لأكثرها، وقرأ نافع، وعاصم بكسر الجيم والباء وشد اللام، وهي قراءة أبي جعفر، وشيبة، وأهل المدينة، وأبي رجاء والحسن - بخلاف عنه -، وقرأ الأشهب العقيلي بكسر الجيم وسكون الباء والتخفيف. وقرأ الحسن، والزهري، والأعرج بضم الجيم والباء والتشديد، وهي قراءة أبي إسحق، وعيسى، وابن وثاب، وقرأ أبو عمرو، وابن عامر، والهذيل بن شرحبيل بضم الجيم وسكون الباء والتخفيف، "قرأ ابن كثير، وحمزة، والكسائي: [جبلا] بضم الجيم والباء والتخفيف"، وذكر أبو حاتم عن بعض الخراسانيين بكسر الجيم وبياء بنقطتين ساكنة. وقرأ الجمهور: تكونوا تعقلون بالتاء، وقرأ طلحة بالياء). [المحرر الوجيز: 7/ 260]

تفسير قوله تعالى: {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (63) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (64) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم وقفهم على جهنم التي كانوا يوعدون ويكذبون، و"جهنم" أول طبقة من النار، و"اصلوها" معناه: باشروها). [المحرر الوجيز: 7/ 260]

تفسير قوله تعالى: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبر تبارك وتعالى محمدا صلى الله عليه وسلم أخبارا تشاركه فيها أمته بقوله: {اليوم نختم على أفواههم}، أي: في ذلك اليوم يكون ذلك. وروي في هذا المعنى أن الله يجعل الكفرة يخاصمون، فإذا لم يأتوا بشيء تقوم به الحجة رجعوا إلى الإنكار فناكروا الملائكة في الأعمال، فعند ذلك يختم الله على أفواههم فلا ينطقون بحرف، ويأمر تعالى جوارحهم بالشهادة فتشهد، وروى عقبة بن عامر عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: "إن أول ما يتكلم من الكافر فخذه اليسرى"، وقال أبو سعيد الخدري: "اليمنى ثم سائر جوارحه"، وروي أن بعض الكفرة يقول يومئذ لجوارحه: "تبا لك وسحقا، فعنك كنت أماحك" ونحو هذا من المعنى، وقد اختلفت فيه ألفاظ الرواة، وروى عبد الرحمن بن محمد بن طلحة عن أبيه عن جده أنه قرأ: "ولتكلمنا أيديهم ولتشهد أرجلهم" بزيادة لام (كي) النصب، وهي مخالفة لخط المصحف). [المحرر الوجيز: 7/ 260-261]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (66) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصراط فأنى يبصرون * ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون * ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون * وما علمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين * لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين}
الضمير في "أعينهم" مراد به كفار قريش، ومعنى الآية يبين أنهم في قبضة القدرة وبروج العذاب إن شاءه الله لهم، وقال الحسن وقتادة: أراد الأعين حقيقة، والمعنى: لأعميناهم فلا يرون كيف يمشون، ويؤيد هذا مجانسة المسخ الحقيقي، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: أراد أعين البصائر، والمعنى: ولو شئنا لختمنا عليهم بالكفر فلم يهتد منهم أحد. و"الطمس" إذهاب الآثار من المشي والهيئات حتى كأنه لم يكن، أي: جعلنا جلود وجوههم متصلة حتى كأنه لم تكن فيها عين قط.
وقوله: {فاستبقوا الصراط} معناه: على الفرض، والتقدير: فإنه ولو شئنا لأعميناهم فاحسب أو قدر أنهم يستبقون الصراط، أي: الطريق، فأنى لهم بالإبصار وقد أعميناهم؟ و"أنى" لفظة استفهام فيه مبالغة، وقدره سيبويه، كيف؟ ومن أين؟). [المحرر الوجيز: 7/ 261-262]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ (67) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"مسخناهم" تقديره: تبديل خلقتهم لتصير كالقردة والخنازير ونحو مما تقدم في بني إسرائيل وغيرهم، وقال الحسن، وقتادة، وجماعة من المفسرين: معناه: لجعلناهم مقعدين مبطولين لا يستطيعون تصرفا، وقال ابن سلام: هذا التوعد كله يوم القيامة. وقرأ الجمهور: "مكانتهم" بالإفراد، بمعنى المكان، كما يقال دار ودارة، وقرأ عاصم - في رواية أبي بكر [مكاناتهم] جمعا، وهي قراءة الحسن، وابن أبي إسحق. وقرأ الجمهور: "مضيا" بضم الميم، وفتحها أبو حيوة). [المحرر الوجيز: 7/ 262]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 6 صفر 1440هـ/16-10-2018م, 06:40 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 6 صفر 1440هـ/16-10-2018م, 06:43 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وامتازوا اليوم أيّها المجرمون (59) ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشّيطان إنّه لكم عدوٌّ مبينٌ (60) وأن اعبدوني هذا صراطٌ مستقيمٌ (61) ولقد أضلّ منكم جبلا كثيرًا أفلم تكونوا تعقلون (62)}.
يقول تعالى مخبرًا عمّا يؤول إليه حال الكفّار يوم القيامة من أمره لهم أن يمتازوا، بمعنى: يتميّزون عن المؤمنين في موقفهم، كقوله تعالى: {ويوم نحشرهم جميعًا ثمّ نقول للّذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيّلنا بينهم} [يونس:28]، وقال تعالى: {ويوم تقوم السّاعة يومئذٍ يتفرّقون} [الرّوم: 14]، {يومئذٍ يصّدّعون} [الرّوم: 43] أي: يصيرون صدعين فرقتين، {احشروا الّذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون اللّه فاهدوهم إلى صراط الجحيم} [الصّافّات: 22، 23]). [تفسير ابن كثير: 6/ 584]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله تعالى: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشّيطان إنّه لكم عدوٌّ مبينٌ}: هذا تقريعٌ من اللّه للكفرة من بني آدم، الّذين أطاعوا الشّيطان وهو عدوٌّ لهم مبينٌ، وعصوا الرّحمن وهو الّذي خلقهم ورزقهم؛ ولهذا قال: {وأن اعبدوني هذا صراطٌ مستقيمٌ} أي: قد أمرتكم في دار الدّنيا بعصيان الشّيطان، وأمرتكم بعبادتي، وهذا هو الصّراط المستقيم، فسلكتم غير ذلك واتّبعتم الشّيطان فيما أمركم به؛ ولهذا قال: {ولقد أضلّ منكم جبلا كثيرًا}، يقال: "جبلا" بكسر الجيم، وتشديد اللّام. ويقال: "جبلا" بضمّ الجيم والباء، وتخفيف اللّام. ومنهم من يسكّن الباء. والمراد بذلك الخلق الكثير، قاله مجاهدٌ، والسّدّيّ، وقتادة، وسفيان بن عيينة.
وقوله: {أفلم تكونوا تعقلون}؟ أي: أفما كان لكم عقلٌ في مخالفة ربّكم فيما أمركم به من عبادته وحده لا شريك له، وعدولكم إلى اتّباع الشّيطان؟!
قال ابن جريرٍ: حدّثنا أبو كريب، حدّثنا عبد الرّحمن بن محمّدٍ المحاربيّ، عن إسماعيل بن رافعٍ، عمّن حدّثه عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إذا كان يوم القيامة أمر اللّه جهنّم فيخرج منها عنق ساطعٌ مظلمٌ، يقول: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشّيطان إنّه لكم عدوٌّ مبينٌ * وأن اعبدوني هذا صراطٌ مستقيمٌ * ولقد أضلّ منكم جبلا كثيرًا أفلم تكونوا تعقلون * هذه جهنّم الّتي كنتم توعدون} امتازوا اليوم أيّها المجرمون. فيتميّز النّاس ويجثون، وهي الّتي يقول اللّه تعالى: {وترى كلّ أمّةٍ جاثيةً كلّ أمّةٍ تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون} [الجاثية: 28]). [تفسير ابن كثير: 6/ 584-585]

تفسير قوله تعالى: {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (63) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (64) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({هذه جهنّم الّتي كنتم توعدون (63) اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون (64) اليوم نختم على أفواههم وتكلّمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون (65) ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصّراط فأنّى يبصرون (66) ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم فما استطاعوا مضيًّا ولا يرجعون (67)}
يقال للكفرة من بني آدم يوم القيامة، وقد برزت الجحيم لهم تقريعًا وتوبيخًا: {هذه جهنّم الّتي كنتم توعدون} أي: هذه الّتي حذّرتكم الرّسل فكذّبتموهم، {اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون}، كما قال تعالى: {يوم يدعّون إلى نار جهنّم دعًّا * هذه النّار الّتي كنتم بها تكذّبون * أفسحرٌ هذا أم أنتم لا تبصرون} [الطّور: 13-15]). [تفسير ابن كثير: 6/ 585]

تفسير قوله تعالى: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله تعالى: {اليوم نختم على أفواههم وتكلّمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون}: هذا حال الكفّار والمنافقين يوم القيامة، حين ينكرون ما اجترموه في الدّنيا، ويحلفون ما فعلوه، فيختم اللّه على أفواههم، ويستنطق جوارحهم بما عملت.
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو شيبة إبراهيم بن عبد اللّه بن أبي شيبة، حدّثنا منجاب بن الحارث التّميميّ، حدّثنا أبو عامرٍ الأسديّ، حدّثنا سفيان، عن عبيدٍ المكتب، عن الفضيل بن عمرٍو، عن الشّعبيّ، عن أنس بن مالكٍ قال: كنّا عند النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فضحك حتّى بدت نواجذه، ثمّ قال: " أتدرون ممّ أضحك؟ " قلنا: اللّه ورسوله أعلم. قال: "من مجادلة العبد ربّه يوم القيامة، يقول: ربّ ألم تجرني من الظّلم؟ فيقول: بلى. فيقول: لا أجيز عليّ إلّا شاهدًا من نفسي.
فيقول كفى بنفسك اليوم عليك حسيبًا، وبالكرام الكاتبين شهودًا. فيختم على فيه، ويقال لأركانه: انطقي. فتنطق بعمله، ثمّ يخلّي بينه وبين الكلام، فيقول: بعدًا لكنّ وسحقًا، فعنكنّ كنت أناضل".
وقد رواه مسلمٌ والنّسائيّ، كلاهما عن أبي بكر بن أبي النّضر، عن أبي النّضر، عن عبيد اللّه بن عبد الرّحمن الأشجعيّ، عن سفيان -هو الثّوريّ- به. ثمّ قال النّسائيّ: [لا أعلم أحدًا روى هذا الحديث عن سفيان غير الأشجعيّ، وهو حديثٌ غريبٌ، واللّه تعالى أعلم.
كذا قال، وقد تقدّم من رواية أبي عامرٍ عبد الملك بن عمرٍو الأسديّ -وهو العقديّ-عن سفيان.
وقال عبد الرّزّاق: أخبرنا معمر، عن بهز بن حكيمٍ، عن أبيه، عن جدّه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إنّكم تدعون مفدّمة أفواهكم بالفدام، فأوّل ما يسأل عن أحدكم فخذه وكتفه". رواه النّسائيّ] عن محمّد بن رافعٍ، عن عبد الرّزّاق، به.
وقال سفيان بن عيينة، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في حديث القيامة الطّويل، قال فيه: "ثمّ يلقى الثّالث فيقول: ما أنت؟ فيقول: أنا عبدك، آمنت بك وبنبيّك وبكتابك، وصمت وصلّيت وتصدّقت -ويثني بخيرٍ ما استطاع-قال: فيقال له: ألا نبعث عليك شاهدنا ؟ قال: فيفكّر في نفسه، من الّذي يشهد عليه، فيختم على فيه، ويقال لفخذه: انطقي. فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بما كان يعمل، وذلك المنافق، وذلك ليعذر من نفسه. وذلك الّذي سخط اللّه عليه".
ورواه مسلمٌ وأبو داود، من حديث سفيان بن عيينة، به بطوله.
ثمّ قال ابن أبي حاتمٍ، رحمه اللّه: حدّثنا أبي، حدّثنا هشام بن عمّارٍ، حدّثنا إسماعيل بن عيّاشٍ، حدّثنا ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيدٍ، عن عقبة بن عامرٍ؛ أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "إنّ أوّل عظمٍ من الإنسان يتكلّم يوم يختم على الأفواه، فخذه من الرّجل اليسرى"..
ورواه ابن جريرٍ عن محمّد بن عوفٍ، عن عبد اللّه بن المبارك، عن إسماعيل بن عيّاشٍ، به مثله.
وقد جوّد إسناده الإمام أحمد، رحمه اللّه، فقال: حدّثنا الحكم بن نافعٍ، حدّثنا إسماعيل بن عيّاشٍ، عن ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد الحضرميّ، عمّن حدّثه عن عقبة بن عامر؛ أنه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "إنّ أوّل عظمٍ من الإنسان يتكلّم يوم يختم على الأفواه، فخذه من الرّجل الشّمال".
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا ابن عليّة، حدّثنا يونس بن عبيد، عن حميد بن هلالٍ قال: قال أبو بردة: قال أبو موسى هو الأشعريّ، رضي اللّه عنه-: يدعى المؤمن للحساب يوم القيامة، فيعرض عليه ربّه عمله فيما بينه وبينه، فيعترف فيقول: نعم أي ربّ، عملت عملت عملت. قال: فيغفر اللّه له ذنوبه، ويستره منها. قال: فما على الأرض خليقة ترى من تلك الذّنوب شيئًا، وتبدو حسناته، فودّ أنّ النّاس كلّهم يرونها، ويدعى الكافر والمنافق للحساب، فيعرض ربّه عليه عمله، فيجحد وفيقول: أي ربّ، وعزّتك لقد كتب عليّ هذا الملك ما لم أعمل. فيقول له الملك: أما عملت كذا، في يوم كذا، في مكان كذا؟ فيقول: لا وعزّتك أي ربّ ما عملته. فإذا فعل ذلك ختم على فيه. قال أبو موسى الأشعريّ: فإنّي أحسب أوّل ما ينطق منه الفخذ اليمنى، ثمّ تلا {اليوم نختم على أفواههم وتكلّمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون}).[تفسير ابن كثير: 6/ 585-587]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (66) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصّراط فأنّى يبصرون}: قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ في تفسيرها: يقول: ولو نشاء لأضللناهم عن الهدى، فكيف يهتدون؟ وقال مرّة: أعميناهم.
وقال الحسن البصريّ: لو شاء اللّه لطمس على أعينهم، فجعلهم عميًا يتردّدون.
وقال السّدّيّ: لو شئنا أعمينا أبصارهم.
وقال مجاهدٌ، وأبو صالحٍ، وقتادة، والسّدّيّ: {فاستبقوا الصّراط} يعني: الطّريق.
وقال ابن زيدٍ: يعني بالصّراط هاهنا: الحقّ، {فأنّى يبصرون} وقد طمسنا على أعينهم؟
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: {فأنّى يبصرون}] يقول]: لا يبصرون الحقّ). [تفسير ابن كثير: 6/ 587]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ (67) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم} قال العوفيّ عن ابن عبّاسٍ: أهلكناهم.
وقال السّدّيّ: يعني: لغيّرنا خلقهم.
وقال أبو صالحٍ: لجعلناهم حجارةً.
وقال الحسن البصريّ، وقتادة: لأقعدهم على أرجلهم.
ولهذا قال تعالى: {فما استطاعوا مضيًّا} أي: إلى أمامٍ، {ولا يرجعون} أي: إلى وراءٍ، بل يلزمون حالا واحدًا، لا يتقدمون ولا يتأخرون). [تفسير ابن كثير: 6/ 587]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:33 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة