العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة هود

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 05:39 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:32 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:32 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آَمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: وأوحي إلى نوحٍ أنّه لن يؤمن من قومك إلاّ من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون (36) واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الّذين ظلموا إنّهم مغرقون (37)
قرأ أبو البرهسم: «وأوحى» بفتح الهمزة على إسناد الفعل إلى الله عز وجل، «إنه» بكسر الهمزة، وقيل لنوح هذا بعد أن طال عليه كفر القرن بعد القرن به، وكان يأتيه الرجل بابنه فيقول: يا بني لا تصدق هذا الشيخ فهكذا عهده أبي وجدي كذابا مجنونا رواه عبيد بن عمير وغيره، وهذه الآية هي التي أيأست نوحا عليه السلام من قومه، فروي أنه لما أوحي إليه ذلك دعا فقال: ربّ لا تذر على الأرض من الكافرين ديّاراً [نوح: 26].
وتبتئس من البؤس تفتعل، ومعناه: لا تحزن نفسك ومنه قول الشاعر- وهو لبيد بن ربيعة-:
[مجزوء الكامل]
في مأتم كنعاج صا = رة تبتئس بما لقينا
صارة: موضع.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وفي أمر نوح عليه السلام تدافع في ظاهر الآيات والأحاديث ينبغي أن نخلص القول فيه، وذلك أن ظاهر أمره أنه عليه السلام دعا على الكافرين عامة من جميع الأمم ولم يخص قومه دون غيرهم، وتظاهرت الروايات وكتب التفاسير بأن الغرق نال جميع أهل الأرض وعم الماء جميعها، قاله ابن عباس وغيره، ويوجب ذلك أمر نوح بحمل الأزواج من الحيوان، ولولا خوف إفناء أجناسها من جميع الأرض، ما كان ذلك، فلا يتفق لنا أن نقول إنه لم يكن في الأرض غير قوم نوح في ذلك الوقت، لأنه يجب أن يكون نوح بعث إلى جميع الناس، وقد صح أن هذه الفضيلة خاصة لمحمد صلى الله عليه وسلم بقوله:
«أوتيت خمسا لم يؤتهن أحد قبلي». فلا بد أن نقرر كثيرا من الأمم كان في ذلك الوقت، وإذا كان ذلك، فكيف استحقوا العقوبة في جمعهم ونوح لم يبعث إلى كلهم؟ وكنا نقدر هنا أن الله تعالى بعث إليهم رسلا قبل نوح فكفروا بهم واستمر كفرهم، لولا أنا نجد الحديث ينطق بأن نوحا هو أول الرسل إلى أهل الأرض ولا يمكن أيضا أن نقول: عذبوا دون رسالة ونحن نجد القرآن: وما كنّا معذّبين حتّى نبعث رسولًا [الإسراء: 15].
والتأويل المخلص من هذا كله هو أن نقول: إن نوحا عليه السلام أول رسول بعث إلى كفار من أهل الأرض ليصلح الخلق ويبالغ في التبليغ ويحتمل المشقة من الناس- بحسب ما ثبت في الحديث- ثم نقول: إنه بعث إلى قومه خاصة بالتبليغ والدعاء والتنبيه، وبقي أمم في الأرض لم يكلف القول لهم، فتصح الخاصة لمحمد صلى الله عليه وسلم ثم نقول: إن الأمم التي لم يبعث ليخاطبها إذا كانت بحال كفر وعبادة أوثان، وكانت الأدلة على الله تعالى منصوبة معرضة للنظر، وكانوا متمكنين من النظر من جهة إدراكهم، وكان الشرع- ببعث نوح- موجودا مستقرا.
فقد وجب عليهم النظر، وصاروا بتركه بحال من يجب تعذيبه: فإن هذا رسول مبعوث وإن كان لم يبعث إليهم معينين ألا ترى أن لفظ الآية إنما هو وما كنّا معذّبين حتّى نبعث رسولًا [الإسراء: 15]، أي حتى نوجده، لأن بعثة الأنبياء إلى قوم مخصوصين إنما هو في معنى القتال والشدة، وأما من جهة بذل النصيحة وقبول من آمن فالناس أجمع في ذلك سواء ونوح قد لبث ألف سنة إلا خمسين عاما يدعو إلى الله، فغير ممكن أن لم تبلغ نبوءته للقريب والبعيد، ويجيء تعذيب الكل بالغرق بعد بعثة رسول وهو نوح صلى الله عليه وسلم.
ولا يعارضنا مع هذه التأويلات شيء من الحديث ولا الآيات، والله الموفق للصواب). [المحرر الوجيز: 4/ 570-572]

تفسير قوله تعالى: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (37)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: واصنع الفلك عطف على قوله: فلا تبتئس والفلك: السفينة، وجمعها أيضا فلك، وليس هو لفظا للواحد والجمع وإنما هو فعل وجمع على فعل ومن حيث جاز أن يجمع فعل على فعل كأسد وأسد، جاز أن يجمع فعل على فعل، فظاهر لفظ الجمع فيها كظاهر لفظ واحد وليس به، تدل على ذلك درجة التثنية التي بينهما لأنك تقول: فلك وفلكان وفلك، فالحركة في الجمع نظير ضمة الصاد إذا ناديت «يا منصور»، تريد «يا منصور»، فرخمت على لغة من يقول: يا حار بالضم، فإن ضمة الصاد هي في اللفظ كضمة الأصل، وليست بها في الحكم.
وقوله: بأعيننا يمكن- فيما يتأول- أن يريد به بمرأى منا وتحت إدراك، فتكون عبارة عن الإدراك والرعاية والحفظ، ويكون جمع الأعين للعظمة لا للتكثير كما قال تعالى: فنعم القادرون [المرسلات: 23] فرجع معنى الأعين في هذه وفي غيرها إلى معنى عين في قوله: لتصنع على عيني [طه: 39]، وذلك كله عبارة عن الإدراك وإحاطته بالمدركات، وهو تعالى منزه عن الحواس والتشبيه والتكييف لا رب غيره. ويحتمل قوله بأعيننا أي بملائكتنا الذين جعلناهم عيونا على مواضع حفظك ومعونتك، فيكون الجمع على هذا للتكثير.
وقرأ طلحة بن مصرف «بأعينا» مدغما.
وقوله ووحينا معناه: وتعليمنا لك صورة العمل بالوحي، وروي في ذلك أن نوحا عليه السلام لما جهل كيفية صنع السفينة أوحى الله إليه: أن اصنعها على مثال جؤجؤ الطير، إلى غير ذلك مما عمله نوح من عملها، فقد روي أيضا أنها كانت مربعة الشكل طويلة في السماء، ضيقة الأعلى، وأن الغرض منها إنما كان الحفظ لا سرعة الجري، والحديث الذي تضمن أنها كجؤجؤ الطائر أصح ومعناه أظهر: لأنها لو كانت مربعة لم تكن فلكا بل كانت وعاء فقط، وقد وصفها الله تعالى بالجري في البحر، وفي الحديث: كان راز سفينة نوح عليه السّلام جبريل عليه السّلام والراز: القيم بعمل السفن. ومن فسر قوله ووحينا أي بأمرنا لك، فذلك ضعيف لأن قوله: واصنع الفلك مغن عن ذلك. والّذين ظلموا هم قومه الذين أعرضوا عن الهداية حتى عمتهم النقمة، قال ابن جريج: وهذه الآية تقدم الله فيها إلى نوح أن لا يشفع فيهم). [المحرر الوجيز: 4/ 572-573]

تفسير قوله تعالى: {وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (39)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: ويصنع الفلك وكلّما مرّ عليه ملأٌ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منّا فإنّا نسخر منكم كما تسخرون (38) فسوف تعلمون من يأتيه عذابٌ يخزيه ويحلّ عليه عذابٌ مقيمٌ (39) حتّى إذا جاء أمرنا وفار التّنّور قلنا احمل فيها من كلٍّ زوجين اثنين وأهلك إلاّ من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلاّ قليلٌ (40)
التقدير: فشرع يصنع فحكيت حال الاستقبال، إذ في خلالها وقع مرورهم، قال ابن عباس: صنع نوح الفلك ببقاع دمشق وأخذ عودها من لبنان وعودها من الشمشار وهو البقص. وروي أن عودها من الساج وأن نوحا عليه السّلام اغترسه حتى كبر في أربعين سنة وروي أن طول السفينة ألف ذراع ومائتان، وعرضها ستمائة ذراع، ذكره الحسن بن أبي الحسن وقيل: طولها ثلاثمائة ذراع وعرضها خمسون ذراعا، وطولها في السماء ثلاثون ذراعا، ذكره قتادة، وروي غير هذا مما لم يثبت، فاختصرت ذكره، وذكر الطبري حديث إحياء عيسى ابن مريم لسام بن نوح وسؤاله إياه عن أمر السفينة فذكر أنها ثلاث طبقات: طبقة للناس، وطبقة للبهائم، وطبقة للطير، إلى غير ذلك في حديث طويل.
و «الملأ» هنا الجماعة، وسخروا معناه استجهلوه، وهذا الاستجهال إن كان الأمر كما ذكر أنهم لم يكونوا قبل رأوا سفينة ولا كانت- فوجه الاستجهال واضح. وبذلك تظاهرت التفاسير وإن كانت السفائن حينئذ معروفة فاستجهلوه في أن صنعها في موضع لا قرب لها من البحر وروي أنهم كانوا يقولون له صرت نجارا بعد النبوة؟!!.
وقوله فإنّا نسخر منكم قال الطبري: يريد في الآخرة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: ويحتمل الكلام، بل هو الأرجح، أن يريد: إنا نسخر منكم الآن، أي نستجهلكم لعلمنا بما أنتم عليه من الغرر مع الله تعالى والكون بمدرج عذابه، ثم جاء قوله: فسوف تعلمون تهديدا، والسخر: الاستجهال مع استهزاء، ومصدره: سخرى بضم السين، والمصدر من السخرة والتسخير سخرى بكسرها.
و «العذاب المخزي» هو الغرق، و «المقيم» هو عذاب الآخرة، وحكى الزهراوي أنه يقرأ «ويحل» بضم الحاء، ويقرأ «ويحل» بكسرها، بمعنى ويجب. ومن في موضع نصب ب تعلمون. وجاز أن يكون تعلمون بمثابة تعرفون في التعدي إلى مفعول واحد، وجائز أن تكون التعدية إلى مفعولين واقتصر على الواحد). [المحرر الوجيز: 4/ 573-574]

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آَمَنَ وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (40)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: حتّى إذا جاء أمرنا الآية، الأمر هاهنا يحتمل أن بكون واحد الأمور، ويحتمل أن يكون مصدر أمر، فمعناه أمرنا للماء بالفوران، أو للسحاب بالإرسال، أو للملائكة بالتصرف في ذلك، ونحو هذا مما يقدر في النازلة وفار معناه انبعث بقوة واختلف الناس في التّنّور، فقالت فرقة- وهي الأكثر- منهم ابن عباس ومجاهد وغيرهما: هو تنور الخبز الذي يوقد فيه، وقالت فرقة: كانت هذه أمارة جعلها الله لنوح، أي إذا فار التنور فاركب في السفينة ويشبه أن يكون وجه الأمارة أن مستوقد النار إذا فار بالماء فغيره أشد فورانا، وأحرى بذلك. وروي أنه كان تنور آدم عليه السّلام خلص إلى نوح فكان يوقد فيه، وقال النقاش: اسم المستوقد التنور بكل لغة وذكر نحو ذلك ابن قتيبة في الأدب عن ابن عباس.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا بعيد، وقيل: إن موضع تنور نوح عليه السّلام كان بالهند، وقيل: كان في موضع مسجد الكوفة، وقيل كان في ناحية الكوفة، قاله الشعبي ومجاهد، وقيل كان في الجهة الغربية من قبلة المسجد بالكوفة، وقال ابن عباس وعكرمة: التنور وجه الأرض، ويقال له: تنور الأرض، وقال قتادة: التّنّور: أعالي الأرض، وقالت فرقة: التّنّور: عين بناحية الجزيرة، وقال الحسن بن أبي الحسن: التّنّور مجتمع ماء السفينة فار منه الماء وهي بعد في اليبس، وقالت فرقة: التّنّور هو الفجر، المعنى: إذا طلع الفجر فاركب في السفينة، وهذا قول روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، إلا أن التصريف يضعفه، وكان يلزم أن يكون التنور، وقالت فرقة: الكلام مجاز وإنما أراد غلبة الماء وظهور العذاب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لشدة الحرب: «حمي الوطيس» والوطيس أيضا مستوقد النار، فلا فرق بين حمي وفار إذ يستعملان في النار، قال الله تعالى: سمعوا لها شهيقاً وهي تفور [الملك: 7]، فلا فرق بين الوطيس والتنور.
وقرأ حفص عن عاصم «من كلّ زوجين اثنين» بتنوين كلٍّ وقرأ الباقون «من كلّ زوجين» بإضافة كلٍّ إلى زوجين. فمن قرأ بالتنوين حذف المضاف إليه التقدير: من كل حيوان أو نحوه، وأعمل «الحمل» في زوجين، وجاء قوله: اثنين تأكيدا- كما قال: إلهين اثنين [النحل: 51]. ومن قرأ بالإضافة فأعمل «الحمل» في قوله اثنين، وجاء قوله زوجين بمعنى العموم، أي من كل ما له ازدواج، هذا معنى قوله: من كلٍّ زوجين قاله أبو علي وغيره، ولو قدرنا المعنى: احمل من كل زوجين حاصلين اثنين لوجب أن يحمل من كل نوع أربعة، والزوج يقال في مشهور كلام العرب للواحد مما له ازدواج، فيقال: هذا زوج هذا، وهما زوجان: وهذا هو المهيع في القرآن في قوله تعالى: ثمانية أزواجٍ [الأنعام: 143، الزمر: 6] ثم فسرها، وكذلك هو في قوله تعالى: وأنّه خلق الزّوجين الذّكر والأنثى [النجم: 45]. قال أبو الحسن الأخفش في كتاب الحجة: وقد يقال في كلام العرب للاثنين زوج، ومن ذلك قول لبيد: [الكامل]
من كل محفوف يظل عصيه = زوج عليه كلة وقرامها
وهكذا يأخذ العدديون: الزوج أيضا في كلام العرب النوع كقوله تعالى: وأنبتنا فيها من كلّ زوجٍ بهيجٍ [ق: 7] وقوله: سبحان الّذي خلق الأزواج كلّها [يس: 36] إلى غير ذلك.
وروي في قصص هذه الآية أن نوحا عليه السّلام كان يأتيه الحيوان، فيضع يمينه على الذكر ويساره على الأنثى. وروي أن أول ما ادخل في السفينة الذر، وآخر ما أدخل الحمار، فتمسك الشيطان بذنبه، فزجره نوح عليه السّلام فلم ينبعث فقال له: ادخل ولو كان معك الشيطان، قال ابن عباس: زلت هذه الكلمة من لسانه فدخل الشيطان حينئذ، وكان في كوثل السفينة، أي عند مؤخرها، وقيل كان على ظهرها.
وروي أن نوحا عليه السّلام آذاه نتن الزبل والعذرة، فأوحى الله إليه: أن امسح على ذنب الفيل، ففعل، فخرج من الفيل- وقيل من أنفه- خنزير وخنزيرة، فكفيا نوحا وأهله ذلك الأذى وهذا يجيء منه أن نوع الخنازير لم يكن قبل ذلك. وروي أن الفأر آذى الناس في السفينة بقرض حبالها وغير ذلك، فأمر الله نوحا أن يمسح على جبهة الأسد ففعل، فعطس فخرج منه هر وهرة، فكفياهم الفأر، وروي أيضا أن الفأر خرج من أنف الخنزير.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا كله قصص لا يصح إلا لو استند والله أعلم كيف كان.
وقوله: وأهلك عطف على ما عمل فيه احمل و «الأهل» هنا القرابة، وبشرط من آمن منهم، خصصوا تشريفا ثم ذكر من آمن وليس من الأهل واختلف في الذي سبق عليه القول فقيل: هو ابنه يام، وقال النقاش: اسمه كنعان وقيل هي امرأته والعة هكذا اسمها بالعين غير منقوطة وقيل: هو عموم في من لم يؤمن من أهل نوح وعشيرته. والقول هاهنا معناه: القول بأنه يعذب، وقوله: ومن آمن عطف على قوله: وأهلك ثم قال إخبارا عن حالهم وما آمن معه إلّا قليلٌ واختلف في ذلك «القليل»
فقيل: كانوا ثمانين رجلا وثمانين امرأة
وقيل كان جميعهم ثلاثة وثمانين
وقيل كانوا ثمانين في الكل، قاله السدي
وقيل: عشرة
وقيل: ثمانية، قاله قتادة
وقيل: سبعة والله أعلم.
وقيل: كان في السفينة جرهم،
وقيل لم ينج من الغرق أحد إلا عوج بن أعنق، وكان في السفينة مع نوح عليه السّلام ثلاثة من بنيه: سام، وحام، ويافث، وغرق يام. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: سام أبو العرب، ويافث أبو الروم، وحام أبو الحبش). [المحرر الوجيز: 4/ 575-578]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:32 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:33 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آَمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وأوحي إلى نوحٍ أنّه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون (36) واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الّذين ظلموا إنّهم مغرقون (37) ويصنع الفلك وكلّما مرّ عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منّا فإنّا نسخر منكم كما تسخرون (38) فسوف تعلمون من يأتيه عذابٌ يخزيه ويحلّ عليه عذابٌ مقيمٌ (39)}
يخبر تعالى أنّه أوحى إلى نوح لمّا استعجل قومه نقمة اللّه بهم وعذابه لهم، فدعا عليهم نوح دعوته الّتي قال اللّه تعالى مخبرًا عنه أنّه قال: {ربّ لا تذر على الأرض من الكافرين ديّارًا} [نوح: 26]، {فدعا ربّه أنّي مغلوبٌ فانتصر} [القمر: 10]، فعند ذلك أوحى اللّه تعالى إليه: {أنّه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن} فلا تحزن عليهم ولا يهمّنك أمرهم). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 319]

تفسير قوله تعالى: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (37)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({واصنع الفلك} يعني: السّفينة {بأعيننا} أي: بمرأى منّا، {ووحينا} أي: وتعليمنا لك ماذا تصنعه، {ولا تخاطبني في الّذين ظلموا إنّهم مغرقون}.
فقال بعض السّلف: أمره اللّه تعالى أن يغرز الخشب ويقطّعه وييبّسه، فكان ذلك في مائة سنةٍ، ونجرها في مائة سنةٍ أخرى، وقيل: في أربعين سنةً، فاللّه أعلم.
وذكر محمّد بن إسحاق عن التّوراة: أنّ اللّه أمره أن يصنعها من خشب السّاج، وأن يجعل طولها ثمانين ذراعًا وعرضها خمسين ذراعًا.
وأن يطلي باطنها وظاهرها بالقار، وأن يجعل لها جؤجؤًا أزور يشقّ الماء. وقال قتادة: كان طولها ثلاثمائة ذراعٍ، في عرض خمسين.
وعن الحسن: طولها ستّمائة ذراعٍ وعرضها ثلاثمائة ذراعٍ.
وعنه مع ابن عبّاسٍ: طولها ألفٌ ومائتا ذراعٍ، في عرض ستّمائةٍ.
وقيل: طولها ألفا ذراعٍ، وعرضها مائة ذراعٍ، فاللّه أعلم.
قالوا كلّهم: وكان ارتفاعها في السّماء ثلاثين ذراعًا، ثلاث طبقاتٍ، كلّ طبقةٍ عشرة أذرعٍ، فالسّفلى للدّوابّ والوحوش: والوسطى للإنس: والعليا للطّيور. وكان بابها في عرضها، ولها غطاءٌ من فوقها مطبقٌ عليها.
وقد ذكر الإمام أبو جعفر بن جريرٍ أثرًا غريبًا، من حديث عليّ بن زيد بن جدعان، عن يوسف بن مهران، عن عبد اللّه بن عبّاسٍ؛ أنّه قال: قال الحواريّون لعيسى ابن مريم: لو بعثت لنا رجلًا شهد السّفينة فحدّثنا عنها. قال: فانطلق بهم حتّى أتى إلى كثيب من ترابٍ، فأخذ كفًّا من ذلك التّراب بكفّه، قال أتدرون ما هذا؟ قالوا: اللّه ورسوله أعلم، قال: هذا كعب حام بن نوحٍ. قال: وضرب الكثيب بعصاه، قال: قم بإذن اللّه فإذا هو قائمٌ ينفض التّراب عن رأسه، قد شاب. قال له عيسى، عليه السّلام: هكذا هلكت؟ قال: لا. ولكنّي متّ وأنا شابٌّ، ولكنّني ظننت أنّها السّاعة، فمن ثمّ شبت. قال: حدّثنا عن سفينة نوحٍ؟ قال: كان طولها ألف ذراعٍ ومائتي ذراعٍ، وعرضها ستّمائة ذراعٍ، وكانت ثلاث طبقاتٍ، فطبقةٌ فيها الدّوابّ والوحوش، وطبقةٌ فيها الإنس، وطبقةٌ فيها الطّير، فلمّا كثر أرواث الدّوابّ، أوحى اللّه عزّ وجلّ إلى نوحٍ، عليه السّلام، أن اغمز ذنب الفيل، فغمزه، فوقع منه خنزيرٌ وخنزيرةٌ، فأقبلا على الرّوث، فلمّا وقع الفأر بخرز السّفينة يقرضه وحبالها، أوحى إلى نوحٍ؛ أن اضرب بين عيني الأسد، فخرج من منخره سنّور وسنّورةٌ، فأقبلا على الفأر. فقال له عيسى، عليه السّلام: كيف علم نوحٌ أنّ البلاد قد غرقت؟ قال: بعث الغراب يأتيه بالخبر، فوجد جيفةً فوقع عليها، فدعا عليه بالخوف، فلذلك لا يألف البيوت قال: ثمّ بعث الحمامة، فجاءت بورق زيتونٍ بمنقارها، وطينٍ برجليها، فعلم أنّ البلاد قد غرقت. قال: فطوّقها الخضرة الّتي في عنقها، ودعا لها أن تكون في أنسٍ وأمانٍ، فمن ثمّ تألف البيوت. قال: فقلنا: يا رسول اللّه، ألّا ننطلق به إلى أهلينا فيجلس معنا ويحدّثنا؟ قال: كيف يتبعكم من لا رزق له؟ قال: فقال له: عد بإذن اللّه، فعاد ترابًا). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 319-320]

تفسير قوله تعالى: {وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ): (وقوله: {ويصنع الفلك وكلّما مرّ عليه ملأ من قومه سخروا منه} أي: يطنزون به ويكذّبون بما يتوعّدهم به من الغرق، {قال إن تسخروا منّا فإنّا نسخر منكم كما تسخرون}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 320]

تفسير قوله تعالى: {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (39)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ): ({فسوف تعلمون} وعيدٌ شديدٌ، وتهديدٌ أكيدٌ، {من يأتيه عذابٌ يخزيه} أي: يهنه في الدّنيا، {ويحلّ عليه عذابٌ مقيمٌ} أي: دائمٌ مستمرٌّ أبدًا). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 320]

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آَمَنَ وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (40)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({حتّى إذا جاء أمرنا وفار التّنّور قلنا احمل فيها من كلٍّ زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليلٌ (40)}
هذه مواعدة من اللّه تعالى لنوحٍ، عليه السّلام، إذا جاء أمر اللّه من الأمطار المتتابعة، والهتّان الّذي لا يقلع ولا يفتر، بل هو كما قال تعالى: {ففتحنا أبواب السّماء بماءٍ منهمرٍ وفجّرنا الأرض عيونًا فالتقى الماء على أمرٍ قد قدر وحملناه على ذات ألواحٍ ودسرٍ تجري بأعيننا جزاءً لمن كان كفر} [القمر:11 -14].
وأمّا قوله: {وفار التّنّور} فعن ابن عبّاسٍ: التّنّور: وجه الأرض، أي: صارت الأرض عيونًا تفور، حتّى فار الماء من التّنانير الّتي هي مكان النّار، صارت تفور ماءً، وهذا قول جمهور السّلف وعلماء الخلف.
وعن عليّ بن أبي طالبٍ، رضي اللّه عنه: التّنّور: فلق الصّبح، وتنوير الفجر، وهو ضياؤه وإشراقه.
والأوّل أظهر.
وقال مجاهدٌ والشّعبيّ: كان هذا التّنّور بالكوفة، وعن ابن عبّاسٍ: عينٌ بالهند. وعن قتادة: عينٌ بالجزيرة، يقال لها: عين الوردة.
وهذه أقوالٌ غريبةٌ.
فحينئذٍ أمر اللّه نوحًا، عليه السّلام، أن يحمل معه في السّفينة من كلّ زوجين -من صنوف المخلوقات ذوات الأرواح، قيل: وغيرها من النّباتات -اثنين. ذكرًا وأنثى، فقيل: كان أوّل من أدخل من الطّيور الدّرّة، وآخر من أدخل من الحيوانات الحمار، فدخل إبليس متعلّقًا بذنبه، فدخل بيده، وجعل يريد أن ينهض فيثقله إبليس وهو متعلّقٌ بذنبه، فجعل يقول له نوحٌ: مالك؟ ويحك. ادخل. فينهض ولا يقدر، فقال: ادخل وإن كان إبليس معك فدخلا في السّفينة.
وذكر أبو عبيدة بن عبد اللّه بن مسعودٍ أنّهم لم يستطيعوا أن يحملوا معهم الأسد، حتّى ألقيت عليه الحمّى.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ كاتب اللّيث، حدّثني اللّيث، حدّثني هشام بن سعدٍ، عن زيد بن أسلم. عن أبيه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "لمّا حمل نوحٌ في السّفينة من كلّ زوجين اثنين، قال أصحابه: وكيف يطمئنّ أو: تطمئنّ -المواشي ومعها الأسد؟ فسلّط اللّه عليه الحمّى، فكانت أوّل حمّى نزلت الأرض، ثمّ شكوا الفأرة فقالوا: الفويسقة تفسد علينا طعامنا ومتاعنا. فأوحى اللّه إلى الأسد، فعطس، فخرجت الهرّة منه، فتخبّأت الفأرة منها.
وقوله: {وأهلك إلا من سبق عليه القول} أي: "واحمل فيها أهلك، وهم أهل بيته وقرابته" إلّا من سبق عليه القول منهم، ممّن لمّ يؤمن باللّه، فكان منهم ابنه "يامٌ" الّذي انعزل وحده، وامرأة نوحٍ وكانت كافرةً باللّه ورسوله.
وقوله: {ومن آمن} أي: من قومك، {وما آمن معه إلا قليلٌ} أي: نزرٌ يسيرٌ مع طول المدّة والمقام بين أظهرهم ألف سنةٍ إلّا خمسين عامًا، فعن ابن عبّاسٍ: كانوا ثمانين نفسًا منهم نساؤهم. وعن كعب الأحبار: كانوا اثنين وسبعين نفسًا. وقيل: كانوا عشرةً. وقيل: إنّما كانوا نوحٌ وبنوه الثّلاثة سامٌ، وحامٌ، ويافث، وكنائنه الأربع نساءٍ هؤلاء الثّلاثة وامرأة يام. وقيل: بل امرأة نوح كانت معهم في السّفينة، وهذا فيه نظرٌ، بل الظّاهر أنّها هلكت؛ لأنّها كانت على دين قومها، فأصابها ما أصابهم، كما أصاب امرأة لوطٍ ما أصاب قومها، واللّه أعلم وأحكم). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 320-322]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:50 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة