الموضوع: سورة التوبة
عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 24 محرم 1434هـ/7-12-2012م, 02:22 PM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي


قوله تعالى: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (80)}


قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ):
(
الآية الخامسة: قوله تعالى: {استغفر لهم...} الآية [80 مدنية التوبة / 9] منسوخة وناسخها قوله تعالى: {سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم...} الآية [6 مدنية / المنافقون / 63].). [الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 40]
قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (واختلفوا في الآية الثّامنة فقالوا فيها قولين باب ذكر الآية الثّامنة
قال اللّه جلّ وعزّ: {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم} [التوبة: 80] من العلماء من قال: هي منسوخةٌ بقوله تعالى: {ولا تصلّ على أحدٍ منهم مات أبدًا} [التوبة: 84] الآية
وفي رواية جويبرٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرّةً فلن يغفر اللّه لهم} [التوبة: 80] فقال: " لأزيدنّ على السّبعين فنسختها: {سواءٌ عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر اللّه لهم إنّ اللّه لا يهدي القوم الفاسقين} [المنافقون: 6] "
فهذا قولٌ:
ومن العلماء من قال: ليست بمنسوخةٍ وإنّما هذا على التّهديد لهم
أي لو استغفر لكم رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم ما غفر لكم فقال قائلٌ: هذا القول لا يجوز أن يستغفر رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم لمنافقٍ لأنّ المنافق كافرٌ بنصّ كتاب اللّه قال جلّ ثناؤه: {إذا جاءك المنافقون} [المنافقون: 1] إلى قوله {ذلك بأنّهم آمنوا ثمّ كفروا} [المنافقون: 3]، وقال من احتجّ بأنّها منسوخةٌ الآثار تدلّ على ذلك
كما روى الزّهريّ، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة، عن ابن عبّاسٍ، عن عمر بن الخطّاب، {ولا تصلّ على أحدٍ منهم مات أبدًا} [التوبة: 84] قال: " لمّا مات عبد اللّه بن أبيّ ابن سلولٍ أتى ابنه وقومه رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فكلّموه أن يصلّي عليه ويقوم على قبره فجاء رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم ليصلّي عليه قال عمر رضي اللّه عنه فقمت بينه وبين الجنازة فقلت: يا رسول اللّه تصلّي عليه وهو الفاعل كذا وكذا يوم كذا وكذا وهو الرّاجع بثلث النّاس يوم أحدٍ وهو القائل يوم كذا وكذا كذا وهو الّذي يقول لا تنفقوا على من عند رسول اللّه حتّى ينفضّوا؟ فجعل رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يقول: " أخّر عنّي يا عمر وجعل عمر يردّد قوله فقال رسول اللّه
صلّى الله عليه وسلّم: «أخّر عنّي يا عمر فلو أنّي أعلم أنّي لو استغفرت لهم أكثر من سبعين مرّةً غفر لهم لاستغفرت لهم» فصلّى عليه رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم ووقف على قبره حتّى دفن فما لبثنا إلّا ليالي حتّى نزلت هذه الآية {ولا تصلّ على أحدٍ منهم مات أبدًا ولا تقم على قبره إنّهم كفروا باللّه ورسوله وماتوا وهم فاسقون ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنّما يريد اللّه أن يعذّبهم بها في الدّنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون} [التوبة: 85] قال فكان عمر يعجب من جرأته على رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم في ذلك اليوم وما أنزل اللّه عزّ وجلّ في ذلك من القرآن
قال أبو جعفرٍ: فقالوا في هذا الحديث إنّه صلّى عليه بعد كلام عمر إيّاه وإن كان كلام عمر قد أحمد منه بعد ذلك حتّى قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم:
((ما بعث اللّه قطّ نبيًّا إلّا وفي أمّته محدّثٌ فإن يكن في أمّتي فهو عمر رضي اللّه عنه))
فقيل معنى محدّثٍ ينطق على لسانه بالحقّ
وفي حديث عبيد اللّه بن عمر عن نافعٍ، عن ابن عمر، أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال لعمر ذلك اليوم إنّ اللّه تعالى لم ينهني عن الصّلاة عليهم وإنّما خيّرني
قال أبو جعفرٍ: ففي هذا الحديث التّوقيف من رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم أنّ أو هاهنا للتّخيير أعني من قوله: {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم} [التوبة: 80] فإن قيل فكيف يجوز أن يستغفر عليه السّلام لمنافقٍ؟ فالجواب عن هذا أن يستغفر له على ظاهره على أنّه مسلمٌ، وباطنه إلى اللّه تعالى
وقد قيل ولا تصلّ على أحدٍ منهم مات أبدًا ناسخٌ لفعله عليه السّلام لا للآية الأخرى
وقد توهّم بعض النّاس أنّ قوله تعالى {ولا تصلّ على أحدٍ منهم} [التوبة: 84] ناسخٌ لقوله تعالى {وصلّ عليهم إنّ صلاتك سكنٌ لهم} [التوبة: 103] قال أبو جعفرٍ: وهذا غلطٌ عظيمٌ ولهذا كره العلماء أن يجترئ أحدٌ على تفسير كتاب اللّه تعالى حتّى يكون عالمًا بأشياء منها الآثار
ولا اختلاف بين أهل الآثار أنّ قوله تعالى {وصلّ عليهم} [التوبة: 103] ليس هم الّذين قيل فيهم {ولا تصلّ على أحدٍ منهم مات أبدًا} [التوبة: 84] ويدلّك على ذلك أنّ بعد {وصلّ عليهم} [التوبة: 103] {ألم يعلموا أنّ اللّه هو يقبل التّوبة عن عباده} [التوبة: 104] فكيف لا يصلّى على من تاب؟
وأهل التّأويل يقولون نزلت {وصلّ عليهم} [التوبة: 103] في أبي لبابة وجماعةٍ معه ربطوا أنفسهم في السّواري لأنّهم تخلّفوا عن غزوة تبوك إلى أن تاب اللّه جلّ وعزّ عليهم ).[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/396-469]

قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (الآية العاشرة قوله تعالى {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرّة فلن يغفر الله لهم} فقال عليه السّلام لأزيدن على السّبعين فنسخها الله بقوله {سواءٌ عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم}). [الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 97-101]
قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (قوله تعالى: {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم} [التوبة: 80] الآية:
قال جماعةٌ من العلماء: هذا تخييرٌ للنبيّ صلى الله عليه وسلم في الاستغفار لهم وتركه، وهي منسوخةٌ بقوله: {ولا تصلّ على أحدٍ منهم مات أبدًا ولا تقم على قبره} [التوبة: 84] وقيل: نسخه قوله: {سواءٌ عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم} [المنافقون: 6].
وعن ابن عباس أنه قال: لما نزل على النبي عليه السلام {إن تستغفر لهم سبعين مرّةً فلن يغفر الله لهم} قال النبي: ((لأزيدنّ على السبعين)) فنسخ ذلك قوله: {سواءٌ عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم}.
وروي أنّ عبد الله بن أبي بن سلول المنافق لما مات جاء ولده فرغب إلى النبي في الصّلاة عليه، وفي أن يغطيه قميصه ليكفّنه فيه، فأعطاه النبيّ صلى الله عليه وسلم قميصه وأتى للصّلاة عليه، فلما ذهب ليصلّي عليه أخذ به عمر وقال: قد نهاك الله أن تصلّي على المنافقين، فقال: إنما خيّرني بين الاستغفار وتركه، فصلّى عليه النبيّ صلى الله عليه وسلم فأنزل الله: {ولا تصلّ على أحدٍ منهم مات أبدًا} الآية، فترك النبيّ صلى الله عليه وسلم الصلاة عليهم.
وقد روي أن النبي لم يصلّ على المنافق المذكور.
وقال جماعةٌ - وهو الصّواب إن شاء الله -: إنّ الآية غير منسوخةٍ، إنما نزلت بلفظ التهدّد والوعيد في أنهم لا يغفر الله لهم، وإن استغفر لهم النبيّ صلى الله عليه وسلم، فلم يبح الله تعالى لنبيّه عليه السلام الاستغفار لهم بهذا اللفظ، بل أيأسه من قبول الاستغفار لهم فلا نسخ فيه لجواز الاستغفار لهم).[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه:307 - 322]
قالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنِ الْجَوْزِيِّ (ت:597هـ): (ذكر الآية الثّامنة: قوله تعالى: {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم}.
لفظ هذه الآية لفظ الأمر وليس كذلك، وإنما المعنى: إن استغفرت لهم، وإن لم تستغفر لهم
لا يغفر اللّه لهم، فهو كقوله تعالى: {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم} فعلى هذا الآية محكمةٌ. هذا قول المحققين. وقد ذهب وقوم إلى أنّ ظاهر اللّفظ يعطي أنّه إن زاد على السّبعين رجي لهم الغفران، ثمّ نسخت بقوله: {سواءٌ عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر اللّه لهم}.
فروى الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم} نسخت بقوله: {سواءٌ عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر اللّه لهم}.
أخبرنا عبد الوهّاب الحافظ، قال: أبنا أبو طاهرٍ الباقلاويّ قال: أبنا أبو عليّ بن شاذان قال: أبنا عبد الرّحمن بن الحسن، قال: بنا إبراهيم ابن الحسين، قال: بنا آدم، قال: بنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ، قال: لمّا نزلت {إن تستغفر لهم سبعين مرّةً فلن يغفر اللّه لهم}.
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: ((سأزيد على سبعين مرّةً)) فأنزل اللّه تعالى في سورة المنافقين {لن يغفر الله لهم} عزماً. وقد
حكى أبو جعفرٍ النّحّاس أنّ بعض العلماء، قال: فنسخت بقوله: {ولا تصلّ على أحدٍ منهم مات أبداً}.
قلت: والصّحيح إحكام الآية على ما سبق).[نواسخ القرآن: 357-370]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (السابع: قوله عز وجل: {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم..} الآية [التوبة: 80]، قالوا: هي منسوخة بقوله عز وجل: {ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره} الآية [التوبة: 84] وهذا غير صحيح، بل هو مؤكد للأول، وإنما معنى الأول أن استغفارك لهم غير نافع، ففعله وتركه سواء، ولم يرد بذلك الصلاة عليهم، ولا تخييره بين الاستغفار وتركه، وكيف يستغفر لهم أو يصلي عليهم وقال الله عز وجل له في الآية: {ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله} الآية [التوبة: 80].
فإن قلت: فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لأزيدن على السبعين)) فنزلت: {سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم} الآية [المنافقون: 6] قلت: يرد هذه الرواية قوله عز وجل: {إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله} الآية [التوبة: 80] فكيف يقول صلى الله عليه وسلم: ((لأزيدن على السبعين))، وهو يعلم أن الزيادة على السبعين إلى ما لا نهاية له من العدد لا تنفع الكافر، هذا ما لا يصح.
فإن قيل: فكيف كفن ابن أبي في قميصه وهو رأس المنافقين؟ قلت: أرسل إليه عند موته يطلب قميصه فقال صلى الله عليه وسلم: ((إني أؤمل أن يدخل في الإسلام خلق كثير، وإن قميصي لن يغني عنه من الله شيئا)). فأسلم ألف من الخزرج لما رأوه طلب الاستشفاء بقميص النبي صلى الله عليه وسلم.
فإن قيل: ألم يقم على قبره ويصل عليه؟.
قلت: قد روي أنه صلى الله عليه وسلم لم يصل عليه، وإن كان قد صلى عليه فذلك لظنه أنه قد تاب حين بعث يطلب قميصه لينال بركته ويتقي به عذاب الله عز وجل، وهذا إيمان – إن كان صادرا عن صدر سليم.
فإن قلت: ألم يجذبه عمر رضي الله عنه حرصا على ترك الصلاة عليه وقال له: (أليس قد نهاك الله عز وجل؟) فقال: ((إنما خيرني بين الاستغفار وتركه))، فصلى عليه.
قلت: هذا بعيد أن يظن النبي صلى الله عليه وسلم أن ذلك تخيير، وقد أخبره بكفرهم، وهذا ظاهر لمن تأمله). [جمال القراء:1/315-319]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس