تفسير السلف
تفسير قوله تعالى: (وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (65) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولا يحزنك قولهم إنّ العزّة للّه جميعًا هو السّميع العليم}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: لا يحزنك يا محمّد قول هؤلاء المشركين في ربّهم ما يقولون، وإشراكهم معه الأوثان والأصنام؛ فإنّ العزّة للّه جميعًا، يقول تعالى ذكره: فإنّ اللّه هو المنفرد بعزّة الدّنيا والآخرة لا شريك له فيها، وهو المنتقم من هؤلاء المشركين القائلين فيه من القول الباطل ما يقولون، فلا ينصرهم عند انتقامه منهم أحدٌ، لأنّه لا يعازه شيءٌ. {هو السّميع العليم} يقول: وهو ذو السّمع لما يقولون من الفرية والكذب عليه، وذو علمٍ بما يضمرونه في أنفسهم ويعلنونه، محصي ذلك عليهم كلّه، وهو لهم بالمرصاد.
وكسرت إنّ من قوله: {إنّ العزّة للّه جميعًا} لأنّ ذلك خبرٌ من اللّه مبتدأٌ، ولم يعمل فيها القول، لأنّ القول عنى به قول المشركين. وقوله: {إنّ العزّة للّه جميعًا} لم يكن من قيل المشركين، ولا هو خبرٌ عنهم أنّهم قالوه). [جامع البيان: 12/226-227]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولا يحزنك قولهم إنّ العزّة للّه جميعًا هو السّميع العليم (65)
قوله: ولا يحزنك قولهم إنّ العزّة للّه جميعًا
.......
قوله: هو السميع العليم
قد تقدّم تفسيره). [تفسير القرآن العظيم: 6/1967]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 65 - 66.
أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما لم ينتفعوا بما جاءهم من الله وأقاموا على كفرهم كبر ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء من الله فيما يعاتبه {ولا يحزنك قولهم إن العزة لله جميعا هو السميع العليم} يسمع ما يقولون ويعلمه فلو شاء بعزته لانتصر عليهم). [الدر المنثور: 7/689]
تفسير قوله تعالى: (أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (66) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ألا إنّ للّه من في السّموات ومن في الأرض وما يتّبع الّذين يدعون من دون اللّه شركاء إن يتّبعون إلاّ الظّنّ وإن هم إلاّ يخرصون}.
يقول تعالى ذكره: {ألا إنّ للّه} يا محمّد كلّ من في السّماوات ومن في الأرض ملكًا وعبيدًا لا مالك لشيءٍ من ذلك سواه، يقول: فكيف يكون إلهًا معبودًا من يعبده هؤلاء المشركون من الأوثان والأصنام، وهي للّه ملكٌ، وإنّما العبادة للمالك دون المملوك، وللربّ دون المربوب. {وما يتّبع الّذين يدعون من دون اللّه شركاء} يقول جلّ ثناؤه: وأيّ شيءٍ يتّبع من يدعو من دون اللّه، يعني غير اللّه وسواه شركاء. ومعنى الكلام: أيّ شيءٍ يتّبع من يقول للّه شركاء في سلطانه وملكه كاذبًا، واللّه المنفرد بملك كلّ شيءٍ في سماءٍ كان أو أرضٍ. {إن يتّبعون إلاّ الظّنّ} يقول: ما يتّبعون في قيلهم ذلك ودعواهم إلاّ الظّنّ، يقول: إلاّ الشّكّ لا اليقين. {وإن هم إلاّ يخرصون} يقول: وإن هم يتقوّلون الباطل تظنّنًا وتخرّصًا للإفك عن غير علمٍ منهم بما يقولون). [جامع البيان: 12/227]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ألا إنّ للّه من في السّماوات ومن في الأرض وما يتّبع الّذين يدعون من دون اللّه شركاء إن يتّبعون إلّا الظّنّ وإن هم إلّا يخرصون (66)
قوله تعالى: ألا إنّ للّه من في السماوات ومن في الأرض وما يتّبع الّذين يدعون من دون اللّه شركاء
- حدّثنا أبي هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق ثنا سعيدٌ، عن قتادة: الّذين يدعون من دون الله قال: إنّ الّذين يدعون من دون اللّه هذا الوثن وهذا الحجر). [تفسير القرآن العظيم: 6/1967]
تفسير قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (67) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {هو الّذي جعل لكم اللّيل لتسكنوا فيه والنّهار مبصرًا إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يسمعون}.
يقول تعالى ذكره: إنّ ربّكم أيّها النّاس الّذي استوجب عليكم العبادة {هو} الرّبّ {الّذي جعل لكم اللّيل} وفصله من النّهار، {لتسكنوا فيه} ممّا كنتم فيه في نهاركم من التّعب والنّصب، وتهدءوا فيه من التّصرّف والحركة للمعاش والعناء الّذي كنتم فيه بالنّهار.
{والنّهار مبصرًا} يقول: وجعل النّهار مبصرًا، فأضاف الإبصار إلى النّهار، وإنّما يبصر فيه، وليس النّهار ممّا يبصر، ولكن لمّا كان مفهومًا في كلام العرب معناه، خاطبهم بما في لغتهم وكلامهم، وذلك كما قال جريرٌ:
لقد لمتنا يا أمّ غيلان في السّرى = ونمت وما ليل المطيّ بنائم
فأضاف النّوم إلى اللّيل ووصفه به، ومعناه نفسه أنّه لم يكن نائمًا فيه هو ولا بعيره.
يقول تعالى ذكره: فهذا الّذي يفعل ذلك هو ربّكم الّذي خلقكم وما تعبدون، لا ما لا ينفع ولا يضرّ ولا يفعل شيئًا.
وقوله: {إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يسمعون} يقول تعالى ذكره: إنّ في اختلاف حال اللّيل والنّهار، وحال أهلهما فيهما دلالةٌ وحججًا على أنّ الّذي له العبادة خالصًا بغير شريكٍ، هو الّذي خلق اللّيل والنّهار وخالف بينهما، بأن جعل هذا للخلق سكنًا وهذا لهم معاشًا، دون من لا يخلق ولا يفعل شيئًا ولا يضرّ ولا ينفع.
وقال: {لقومٍ يسمعون} لأنّ المراد منه: الّذين يسمعون هذه الحجج، ويتفكّرون فيها فيعتبرون بها ويتّعظون، ولم يرد به الّذين يسمعون بآذانهم، ثمّ يعرضون عن عبره وعظاته). [جامع البيان: 12/227-228]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (هو الّذي جعل لكم اللّيل لتسكنوا فيه والنّهار مبصرًا إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يسمعون (67)
قوله تعالى: هو الّذي جعل لكم اللّيل لتسكنوا فيه
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان بن صالحٍ، ثنا عن الوليد عن سعيد بن بشرٍ، عن قتادة في قول اللّه: الليل سكنا: يسكن فيه كلّ طائرٍ ودابّةٍ.
قوله تعالى: والنّهار مبصرًا
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا مسروقٌ ثنا المرزبان ثنا ابن أبي زائدة، قال ابن جريحٍ: قال مجاهدٌ: الشّمس آية النّهار ثنا محمّد بن يحيى، ثنا عبد الأعلى بن حمّادٍ النّرسيّ، عن يزيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة، قوله: النهار مبصرًا أي منيرًا.
قوله تعالى: إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يسمعون
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا يحيى بن يمان، سفيان، عن سماكٍ عن سعيد بن جبيرٍ، قوله: إنّ في ذلك لآياتٍ قال: هو الرّجل يبعث بخاتمه إلى أهله). [تفسير القرآن العظيم: 6/1967]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 67 - 70.
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {والنهار مبصرا} قال: منيرا). [الدر المنثور: 7/689]