العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء تبارك

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 06:01 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي تفسير سورة القيامة [ من الآية (7) إلى الآية (19) ]

{فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9) يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (10)كَلَّا لَا وَزَرَ (11) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (12) يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ (13) بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (15) لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19) }


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 06:02 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فإذا برق البصر}. اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأه أبو جعفرٍ القارئ ونافعٌ وابن أبي إسحاق: (فإذا برق) بفتح الرّاء، بمعنى شخص، وفتح عند الموت؛ وقرأ ذلك شيبة وأبو عمرٍو وعامّة قرّاء الكوفة: {برق} بكسر الرّاء، بمعنى: فزع وشقّ.

- وقد: حدّثني أحمد بن يوسف، قال: حدّثنا القاسم، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن هارون، قال: سألت أبا عمرو بن العلاء عنها، فقال: {برق} بالكسر بمعنى حار. قال: وسألت عنها عبد اللّه بن أبي إسحاق فقال: (برق) بالفتح، إنّما برق الحنظل اليابس، وما برق البصر؟! قال: فذكرت ذلك لأبي عمرٍو فقال: إنّما يبرق الحنظل والنّار والبرق. وأمّا البصر فبرق عند الموت. قال: فأخبرت بذلك أبا إسحاق، فقال: أخذت قراءتي عن الأشياخ نصر بن عاصمٍ وأصحابه. فذكرت لأبي عمرٍو، فقال: لكن لا آخذ عن نصرٍ ولا عن أصحابه، فكأنّه يقول: آخذ عن أهل الحجاز.
وأولى القراءتين في ذلك عندنا بالصّواب كسر الرّاء {فإذا برق} بمعنى: فزع فشقّ وفتح من هول يوم القيامة وفزع الموت. وبذلك جاءت أشعار العرب. أنشدني بعض الرّواة عن أبي عبيدة الكلابيّ:
لمّا أتاني ابن صبيحٍ راغبًا = أعطيته عيساء منها فبرق
وحدّثت عن أبي زكريّا الفرّاء قال: أنشدني بعض العرب:
نعاني حنانة طوبالةً = تسفّ يبيسًا من العشرق
فنفسك فانع ولا تنعني = وداو الكلوم ولا تبرق
ففتح الرّاء، وفسّره أنّه يقول: لا تفزع من هول الجراح الّتي بك؛ قال: وكذلك يبرق البصر يوم القيامة.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فإذا برق البصر} يعني ببرق البصر: الموت، وبروق البصر: هي السّاعة.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {برق البصر}. قال: عند الموت.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فإذا برق البصر} شخص البصر). [جامع البيان: 23 / 478-481]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {فإذا برق البصر} يعني الموت). [الدر المنثور: 15 / 100]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه {فإذا برق البصر} يعني الموت). [الدر المنثور: 15 / 100]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة {فإذا برق البصر} قال: شخص البصر {وخسف القمر} يقول: ذهب ضوءه). [الدر المنثور: 15 / 100]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {فإذا برق البصر} قال: عند الموت {وخسف القمر (8) وجمع الشمس والقمر} قال: كورا يوم القيامة). [الدر المنثور: 15 / 100]

تفسير قوله تعالى: (وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وخسف القمر قال هو ضوؤه يقول ذهب ضوؤه). [تفسير عبد الرزاق: 2/333]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وخسف القمر}. يقول: ذهب ضوء القمر.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {وخسف القمر}. يقول: وذهب ضوء القمر فلا ضوء له.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، عن الحسن {وخسف القمر}: هو ضوءه، يقول: ذهب ضوءه). [جامع البيان: 23 / 480-481]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة {فإذا برق البصر} قال: شخص البصر {وخسف القمر} يقول: ذهب ضوءه). [الدر المنثور: 15 / 100] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {فإذا برق البصر} قال: عند الموت {وخسف القمر (8) وجمع الشمس والقمر} قال: كورا يوم القيامة). [الدر المنثور: 15 / 100] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني سعيد بن أبي أيوب، عن أبي شيبة الكوفي، عن زيد ابن أسلم، عن عطاء بن يسار تلا هذه الآية يوما: {وجمع الشمس والقمر}، ثم قال: يجمعان يوم القيامة، ثم يقذفان في البحر، فيكون نار الله الكبرى). [الجامع في علوم القرآن: 1/115-116]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وجمع الشّمس والقمر}. يقول تعالى ذكره: وجمع بين الشّمس والقمر في ذهاب الضّوء، فلا ضوء لواحدٍ منهما؛ وهي في قراءة عبد اللّه فيما ذكر لي: (وجمع بين الشّمس والقمر) وقيل: إنّهما يجمعان ثمّ يكوّران، كما قال جلّ ثناؤه: {إذا الشّمس كوّرت} وإنّما قيل: {وجمع الشّمس والقمر} لمّا ذكرت من أنّ معناه جمع بينهما.
وكان بعض نحويّ الكوفة يقول: إنّما قيل: وجمع على مذهبٍ وجمع النّوران، كأنّه قيل: وجمع الضّياءان، وهذا قول الكسائيّ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {وجمع الشّمس والقمر}. قال: كوّرا يوم القيامة.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وجمع الشّمس والقمر}. قال: جمعا فرمي بهما في الأرض. وقرأ: {إذا الشّمس كوّرت}. قال: كوّرت في الأرض والقمر معها.
- حدّثني يونس، قال أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني سعيد بن أبي أيّوب، عن أبي شيبة الكوفيّ، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسارٍ، أنّه تلا هذه الآية يومًا: {وجمع الشّمس والقمر}. قال: يجمعان يوم القيامة، ثمّ يقذفان في البحر، فيكون نار اللّه الكبرى). [جامع البيان: 23 / 481-482]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {فإذا برق البصر} قال: عند الموت {وخسف القمر (8) وجمع الشمس والقمر} قال: كورا يوم القيامة). [الدر المنثور: 15 / 100] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {وجمع الشمس والقمر} قال: كورا يوم القيامة). [الدر المنثور: 15 / 101]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن عطاء بن يسار في قوله: {وجمع الشمس والقمر} قال: يجمعان يوم القيامة ثم يقذفان في البحر فيكون نار الله الكبرى). [الدر المنثور: 15 / 101]

تفسير قوله تعالى: (يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (10) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا الأوزاعي، قال: سمعت بلال بن سعد يقول: إن الناس يوم القيامة جولة، وهو قول الله عز وجل: {يقول الإنسان يومئذٍ أين المفر} [سورة القيامة: 10]، وقوله: {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت} [سورة سبأ: 51] ). [الزهد لابن المبارك: 2/ 734-735]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {يقول الإنسان يومئذٍ أين المفرّ}. وبفتح الفاء، قرأ ذلك قرأة الأمصار، لأنّ العين في (يفعل) مكسورةٌ، وإذا كانت العين من (يفعل) مكسورةً، فإنّ العرب تفتحها في المصدر منه، إذا نطقت به على (يفعل)، فتقول: فرّ يفرّ مفرًّا، بمعنى فرارًا، كما قال الشّاعر:

يا لبكرٍ أنشروا لي كليبًا = يا لبكرٍ أين أين الفرار
فإذا أريد بهذا: هذا المعنى من مفعلٍ قالوا: أين المفرّ؟ بفتح الفاء، وكذلك المدبّ من دبّ يدبّ، كما قال بعضهم:
كأنّ بقايا الأثر فوق متونه = مدبّ الدّبى فوق النّقا وهو سارح
وقد ينشد بكسر الدّالّ، والفتح فيها أكثر، وقد تنطق العرب بذلك، وهو مصدرٌ بكسر العين. وزعم الفرّاء أنّهما لغتان، وأنّه سمع: جاء على مدبّ السّيل، ومدبّ السّيل، وما في قميصه مصحٌّ ومصحٌّ.
فأمّا البصريّون فإنّهم في المصدر يفتحون العين من (مفعلٍ) إذا كان الفعل على يفعل، وإنّما يجيزون كسرها إذا أريد بالمفعل المكان الّذي يفرّ إليه، وكذلك المضرب: المكان الّذي يضرب فيه إذا كسرت الرّاء، وروي عن ابن عبّاسٍ أنّه كان يقرأ ذلك بكسر الفاء، ويقول: إنّما المفرّ: مفرّ الدّابّة حيث تفرّ.
والقراءة الّتي لا أستجيز غيرها الفتح في الفاء من المفرّ، لإجماع الحجّة من القرّاء عليها، وأنّها اللّغة المعروفة في العرب إذا أريد بها الفرار، وهو في هذا الموضع الفرار. وتأويل الكلام: يقول الإنسان يوم يعاين أهوال يوم القيامة: أين الفرار من هول هذا الّذي قد نزل، ولا فرار). [جامع البيان: 23 / 482-484]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو زكريّا العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق، أنبأ جريرٌ، عن الأعمش، عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ، عن عبد اللّه رضي اللّه عنه، في قوله عزّ وجلّ: {يوم يأتي بعض آيات ربّك لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل} [الأنعام: 158] قال: «طلوع الشّمس من مغربها» ، ثمّ قرأ هذه الآية {وجمع الشّمس والقمر يقول الإنسان يومئذٍ أين المفرّ} [القيامة: 10] «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2 / 553]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن عبد الله بن خالد قال: قرأها ابن عباس {أين المفر} بنصب الميم وكسر الفاء، قال: وقرأها يحيى بن وثاب {أين المفر} بنصب الميم والفاء). [الدر المنثور: 15 / 101]

تفسير قوله تعالى: (كَلَّا لَا وَزَرَ (11) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى لا وزر قال كلا لا جبل). [تفسير عبد الرزاق: 2/333]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({لا وزر} [القيامة: 11] : لا حصن سدًى هملًا). [صحيح البخاري: 6 / 163]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله لا وزر لا حصن وصله الطّبريّ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ لكن قال حرزٌ بكسر المهملة وسكون الرّاء بعدها زايٌ ومن طريق العوفيّ عن بن عبّاسٍ قال لا حصن ولا ملجأ ولابن أبي حاتمٍ من طريق السّدّيّ عن أبي سعيد عن بن مسعودٍ في قوله لا وزر قال لا حصن ومن طريق أبي رجاءٍ عن الحسن قال كان الرّجل يكون في ماشيته فتأتيه الخيل بغتةً فيقول له صاحبه الوزر الوزر أي اقصد الجبل فتحصّن به وقال أبو عبيدة الوزر الملجأ). [فتح الباري: 8 / 681]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال ابن جرير ثنا علّي هو ابن داود ثنا أبو صالح ثنا معاوية عن علّي عن ابن عبّاس قوله 11 القيامة {كلا لا وزر} يقول لا حرز
ثنا محمّد بن سعد حدثني أبي حدثني عمي حدثني أبي قوله كلا لا وزر يقول لا حصن ولا ملجأ). [تغليق التعليق: 4 / 355] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (لا وزر لا حصن
أشار به إلى قوله تعالى: {كلا لا وزر إلى ربك يومئذٍ المستقر} (القيامة: 12، 13) وفسّر الوزر بالحصن، وروى الطّبريّ من طريق العوفيّ عن ابن عبّاس: لا حصن وعن أبي عبيدة: الوزر الملجأ). [عمدة القاري: 19 / 268]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({لا وزر}) [القيامة: 11] قال ابن عباس: أي (لا حصن) أي لا ملجأ: قال الشاعر:
لعمرك ما للفتى من وزر = من الموت يدركه والكبر). [إرشاد الساري: 7 / 405]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عزّ وجلّ: {كلّا لا وزر} قال: لا جبل ولا حرز). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 64]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يقول الله جلّ ذكره: {كلاّ لا وزر}. يقول جلّ ثناؤه: ليس هنا فرارٌ ينفع صاحبه، لأنّه لا ينجّيه فراره، ولا شيء يلجأ إليه من حصنٍ ولا جبلٍ ولا معقلٍ، من أمر اللّه الّذي قد حضر، وهو الوزر.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {كلاّ لا وزر}. يقول: لا حرز.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله {كلاّ لا وزر}. يعني: لا حصن، ولا ملجأ.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، قال: حدّثنا إأدهم بن طريفٍ، قال: سمعت مطرّف بن الشّخّير، يقرأ: {لا أقسم بيوم القيامة} فلمّا أتى على: {كلاّ لا وزر}. قال: هو الجبل، إنّ النّاس إذا فرّوا قالوا: عليك بالوزر.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن شعبة، عن أدهم، قال: سمعت مطرّفًا يقول: {كلاّ لا وزر}. قال: كلاّ لا جبل.
- حدّثنا نصر بن عليٍّ الجهضميّ، قال: حدّثني أبي، عن خالد بن قيسٍ، عن قتادة، عن الحسن، قال: {كلاّ لا وزر}. قال: لا جبل.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، عن الحسن، في قوله: {كلاّ لا وزر}. قال: كانت العرب تخيف بعضها بعضًا، قال: كان الرّجلان يكونان في ماشيتهما، فلا يشعران بشيءٍ حتّى تأتيهما الخيل، فيقول أحدهما لصاحبه: يا فلان الوزر الوزر، الجبل الجبل.
- حدّثني أبو حفصٍ الجبيريّ، قال: حدّثنا مؤمّلٌ، قال: حدّثنا أبو مودودٍ، عن الحسن، في قوله: {كلاّ لا وزر}. قال: لا جبل.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي مودودٍ، قال: سمعت الحسن فذكر نحوه.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى: وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {لا وزر} لا ملجأ ولا جبل.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {كلاّ لا وزر} لا جبل ولا حرز ولا منجى. قال الحسن: كانت العرب في الجاهليّة إذا خشوا عدوًّا قالوا: عليكم الوزر: أي: عليكم الجبل.
- حدّثنا محمّد بن عبيدٍ النّحّاس المحاربيّ، قال: حدّثنا ابن المبارك، عن سفيان، عن سليمان التّيميّ، عن شبيبٍ، عن أبي قلابة، في قوله: {كلاّ لا وزر}. قال: لا حصن.
- حدّثنا أحمد بن هشامٍ، قال: حدّثنا عبيد اللّه، قال: أخبرنا سفيان، عن سليمان التّيميّ، عن شبيبٍ، عن أبي قلابة بمثله.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن سليمان التّيميّ، عن شبيبٍ، عن أبي قلابة مثله.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا مسلم بن طهمان، عن قتادة في قوله: {لا وزر}. يقول: لا حصن.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {لا وزر}. قال: لا جبل.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن أبيه، عن مولًى للحسن، عن سعيد بن جبيرٍ: {لا وزر} لا حصن.
- حدّثنا أبو كريبٍ وأبو هشامٍ، قالا: حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن سليمان التّيميّ، عن شبيبٍ، عن أبي قلابة: {لا وزر} لا حصن.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن أبي حجيرٍ، عن الضّحّاك: لا حصن.
- حدّثت، عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول؛ حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {كلاّ لا وزر}. يعني: الجبل، بلغة حمير.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {كلاّ لا وزر}. قال: لا متغيّب يتغيّب فيه من ذلك الأمر، الذي لا منجى له منه). [جامع البيان: 23 / 484-487]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي الدنيا في كتاب الأهوال، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله: {لا وزر} قال: لا حصن ولا ملجأ وفي لفظ لا حرز وفي لفظ لا جبل). [الدر المنثور: 15 / 101]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله: {لا وزر} قال: الوزر الملجأ، قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم، أما سمعت عمرو بن كلثوم وهو يقول:
لعمرك ما إن له صخرة = لعمرك ما إن له من وزر). [الدر المنثور: 15 / 101-102]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي الدنيا في الأهوال، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله: {لا وزر} قال: لا حصن.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير وعطية وأبي قلابة مثله). [الدر المنثور: 15 / 102]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في قوله: {كلا لا وزر} قال: كانت العرب إذا نزل بهم الأمر الشديد قالوا: الوزر الوزير فلما أن جاء الله بالإسلام قال: {كلا لا وزر} قال: لا جبل). [الدر المنثور: 15 / 102]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن الحسن قال: كان الرجل يكون في ماشيته فتأتيه الخيل بغتة فيقول له صاحبه: الوزر الوزير أي أقصد الجبل فتحصن به). [الدر المنثور: 15 / 102]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد في قوله: {لا وزر} قال: لا جبل). [الدر المنثور: 15 / 102]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن أبي قلابة {لا وزر} قال: لا غار لا ملجأ). [الدر المنثور: 15 / 102-103]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك {لا وزر} قال: لا جبل محرزة). [الدر المنثور: 15 / 103]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله: {لا وزر} قال: لا وزر يعني الجبل بلغة حمير). [الدر المنثور: 15 / 103]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جريرعن مطرف {لا وزر} قال: لا جبل). [الدر المنثور: 15 / 103]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة قال {لا وزر} قال: لا جبل ولا حرز ولا ملجأ ولا منجى {إلى ربك يومئذ المستقر} قال: المنتهى {ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم} قال: من طاعة الله {وأخر} قال: وما ضيع من حق الله). [الدر المنثور: 15 / 103]

تفسير قوله تعالى: (إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (12) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {إلى ربّك يومئذٍ المستقرّ}. يقول تعالى ذكره: إلى ربّك أيّها الإنسان يومئذٍ الاستقرار، وهو الّذي يقرّ جميع خلقه مقرّهم.
واختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم نحو الّذي قلنا فيه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {إلى ربّك يومئذٍ المستقرّ}. قال: استقرّ أهل الجنّة في الجنّة، وأهل النّار في النّار. وقرأ قول اللّه: {وإنّ الدّار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون}.
وقال آخرون: عني بذلك إلى ربّك المنتهى.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {إلى ربّك يومئذٍ المستقرّ}. أي: المنتهى). [جامع البيان: 23 / 488]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة قال {لا وزر} قال: لا جبل ولا حرز ولا ملجأ ولا منجى {إلى ربك يومئذ المستقر} قال: المنتهى {ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم} قال: من طاعة الله {وأخر} قال: وما ضيع من حق الله). [الدر المنثور: 15 / 103] (م)

تفسير قوله تعالى: (يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ (13) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى بما قدم وأخر قال ما قدم من طاعة الله وما أخر من حق الله). [تفسير عبد الرزاق: 2/333]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن عبد الكريم الجزري عن زياد بن أبي مريم عن ابن مسعود في قوله تعالى بما قدم وأخر قال بما قدم من عمله وأخر من سنة عمل بها بعده من خير أو شر). [تفسير عبد الرزاق: 2/334]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن إبراهيم، ومجاهدٍ {ينبّأ الإنسان يومئذٍ بما قدّم وأخّر} قالا: بأوّل عمله وآخره). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 419]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ينبّأ الإنسان يومئذٍ بما قدّم وأخّر (13) بل الإنسان على نفسه بصيرةٌ (14) ولو ألقى معاذيره}.

- بما قدّم وأخّر.
واختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {بما قدّم وأخّر} فقال بعضهم: معنى ذلك: بما قدّم من عمل خيرٍ، أو شرٍّ أمامه، ممّا عمله في الدّنيا قبل مماته، وما أخّر بعد مماته من حسنةٍ أو سيّئةٍ، فيعمل بها من بعده.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ينبّأ الإنسان يومئذٍ بما قدّم وأخّر}. يقول: ما عمل قبل موته، وما سنّ فعمل به بعد موته.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن عبد الكريم الجزريّ، عن زياد بن أبي مريم، عن ابن مسعودٍ، قال: {بما قدّم} من عمله {وأخّر} من سنّةٍ عمل بها من بعده من خيرٍ أو شرٍّ.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ينبّأ الإنسان بما قدّم من المعصية، وأخّر من الطّاعة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ينبّأ الإنسان يومئذٍ بما قدّم وأخّر}. يقول: بما قدّم من المعصية، وأخّر من الطّاعة، فينبّأ بذلك.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ينبّأ بأوّل عمله وآخره.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال؛ حدّثنا مؤمّلٌ، قال: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، {ينبّأ الإنسان يومئذٍ بما قدّم وأخّر}. قال: بأوّل عمله وآخره.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- وحدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ وإبراهيم، مثله.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: {بما قدّم} من طاعةٍ {وأخّر} من حقوق اللّه الّتي ضيّعها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ينبّأ الإنسان يومئذٍ بما قدّم وأخّر}. يقول: بما قدّم من طاعة اللّه، وأخّر ممّا ضيّع من حقّ اللّه.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة {بما قدّم وأخّر} قال: بما قدّم من طاعته، وأخّر من حقوق اللّه.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: بما قدّم من خيرٍ أو شرٍّ ممّا عمله، وما أخّر ممّا ترك عمله من طاعة اللّه عزّ وجلّ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ينبّأ الإنسان يومئذٍ بما قدّم وأخّر}. قال: ما أخّر ما ترك من العمل لم يعمله، ما ترك من طاعة اللّه لم يعمل به، وما قدّم: ما عمل من خيرٍ أو شرٍّ.
والصّواب من القول في ذلك عندنا، أنّ ذلك خبرٌ من اللّه أنّ الإنسان ينبّأ بكلّ ما قدّم أمامه ممّا عمل من خيرٍ أو شرٍّ في حياته، وأخّر بعده من سنّةٍ حسنةٍ أو سيّئةٍ ممّا قدّم وأخّر، كذلك ما قدّم من عملٍ عمله من خيرٍ أو شرٍّ، وأخّر بعده من عملٍ كان عليه فضيّعه، فلم يعمله ممّا قدّم وأخّر، ولم يخصّص اللّه من ذلك بعضًا دون بعضٍ، فكلّ ذلك ممّا ينبّأ به الإنسان يوم القيامة). [جامع البيان: 23 / 488-491]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة قال {لا وزر} قال: لا جبل ولا حرز ولا ملجأ ولا منجى {إلى ربك يومئذ المستقر} قال: المنتهى {ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم} قال: من طاعة الله {وأخر} قال: وما ضيع من حق الله). [الدر المنثور: 15 / 103] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد وإبراهيم {ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر} قال: بأول عمله وآخره). [الدر المنثور: 15 / 103]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في الآية قال: بما قدم من الذنوب والشر والخطايا وما أخر من الخير). [الدر المنثور: 15 / 103-104]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن ابن مسعود في قوله: {ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر} بما قدم من عمله وما أخر من سنة عمل بها من بعده من خير أو شر). [الدر المنثور: 15 / 104]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس {ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر} قال: بما عمل قبل موته وما يسن فعمل به بعد موته). [الدر المنثور: 15 / 104]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن أبي صالح في قوله: {ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر} قال: قدم من حسنة أو أخر من سنة حسنة عمل بها بعده علما علمه صدقة أمر بها). [الدر المنثور: 15 / 104]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر} يقول: بما قدم من المعصية وأخر من الطاعة فينبأ بذلك). [الدر المنثور: 15 / 104]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب المحتضرين عن الحسن في قوله: {ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر} قال: ينزل ملك الموت عليه مع حفظة فيعرض عليه الخير والشر فإذا رأى حسنة هش وأشرق وإذا رأى سيئة غض وقطب). [الدر المنثور: 15 / 104-105]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا عن مجاهد قال: بلغنا أن نفس المؤمن لا تخرج حتى يعرض عليه عمله خيره وشره). [الدر المنثور: 15 / 105]

تفسير قوله تعالى: (بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن مسلم عن مجاهد عن ابن عباس في قوله تعالى بل الإنسان على نفسه بصيرة قال شهيد على نفسه وقال في قوله تعالى ولو ألقى معاذيره قال ولو اعتذر). [تفسير عبد الرزاق: 2/333-334]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى بل الإنسان على نفسه بصيرة قال شاهد عليها بعملها). [تفسير عبد الرزاق: 2/334]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا محمّد بن عبد الله الزّبيريّ، عن سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جبيرٍ {بل الإنسان على نفسه بصيرةٌ} قال: شاهدٌ على نفسه ولو اعتذر). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 407]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {بل الإنسان على نفسه بصيرةٌ}. يقول تعالى ذكره: بل للإنسان على نفسه من نفسه رقباء يرقبونه بعمله، ويشهدون عليه به.

وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {بل الإنسان على نفسه بصيرةٌ}. يقول: سمعه وبصره ويداه ورجلاه وجوارحه.
والبصيرة على هذا التّأويل ما ذكره ابن عبّاسٍ من جوارح ابن آدم وهي مرفوعةٌ بقوله: {على نفسه} والإنسان مرفوعٌ بالعائد من ذكره في قوله: {نفسه}.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: بل الإنسان شاهدٌ على نفسه وحده؛ ومن قال هذا القول جعل البصيرة خبرًا للإنسان، ورفع الإنسان بها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، {بل الإنسان على نفسه بصيرةٌ}. يقول: الإنسان شاهدٌ على نفسه وحده.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، قوله: {بل الإنسان على نفسه بصيرةٌ}. قال: شاهدٌ عليها بعملها.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {بل الإنسان على نفسه بصيرةٌ} إذا شئت واللّه رأيته بصيرًا بعيوب النّاس وذنوبهم، غافلاً عن ذنوبه؛ قال: وكان يقال: إنّ في الإنجيل مكتوبًا: يا ابن آدم تبصر القذاة في عين أخيك، ولا تبصر الجذل المعترض في عينك.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {بل الإنسان على نفسه بصيرةٌ}. قال: هو شاهدٌ على نفسه، وقرأ: {اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبًا}.
ومن قال هذه المقالة يقول: أدخلت الهاء في قوله: {بصيرةٌ} وهي خبرٌ للإنسانٍ، كما يقال للرّجل: أنت حجّةٌ على نفسك، وهذا قول بعض نحويّ البصرة. وكان بعضهم يقول: أدخلت هذه الهاء في بصيرةً وهي صفةٌ للذّكر، كما أدخلت في (راويةٍ) و(علاّمةٍ) ). [جامع البيان: 23 / 491-493]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 14 - 19.
أخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر من طريق عن ابن عباس في قوله: {بل الإنسان على نفسه بصيرة} قال: الإنسان شهيد على نفسه وحده {ولو ألقى معاذيره} قال: ولو اعتذر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير مثله). [الدر المنثور: 15 / 105]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة في قوله: {بل الإنسان على نفسه بصيرة} قال: شاهد عليها بعملها {ولو ألقى معاذيره} قال: واعتذر يومئذ بباطل لم يقبل الله ذلك منه يوم القيامة). [الدر المنثور: 15 / 105]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة {بل الإنسان على نفسه بصيرة} قال: إذا شئت رأيته بصيرا بعيون الناس غافلا عن عيبه قال: وكان يقال في الإنجيل: مكتوب يا ابن آدم أتبصر القذاة في عين أخيك ولا تبصر الجذل المعترض في عينك). [الدر المنثور: 15 / 106]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس {بل الإنسان على نفسه بصيرة} قال: سمعه وبصره ويده ورجليه وجوارحه {ولو ألقى معاذيره} قال: ولو تجرد من ثيابه). [الدر المنثور: 15 / 106]

تفسير قوله تعالى: (وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (15) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن مسلم عن مجاهد عن ابن عباس في قوله تعالى بل الإنسان على نفسه بصيرة قال شهيد على نفسه وقال في قوله تعالى ولو ألقى معاذيره قال ولو اعتذر). [تفسير عبد الرزاق: 2/333-334] (م)

قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا محمّد بن عبد الله الزّبيريّ، عن سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جبيرٍ {بل الإنسان على نفسه بصيرةٌ} قال: شاهدٌ على نفسه ولو اعتذر). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 407](م)

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ولو ألقى معاذيره}. اختلف أهل التّأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معناه: بل للإنسان على نفسه شهودٌ من نفسه، ولو اعتذر بالقول ممّا قد أتى من المآثم، وركب من المعاصي، وجادل بالباطل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، {ولو ألقى معاذيره}. يعني: الاعتذار، ألم تسمع أنّه قال: {لا ينفع الظّالمين معذرتهم} وقال اللّه: {وألقوا إلى اللّه يومئذٍ السّلم ما كنّا نعمل من سوءٍ}. وقولهم: {واللّه ربّنا ما كنّا مشركين}.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جبيرٍ، في قوله: {بل الإنسان على نفسه بصيرةٌ}. قال: شاهدٌ على نفسه ولو اعتذر.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {على نفسه بصيرةٌ ولو ألقى معاذيره}. ولو جادل عنها، فهو بصيرةٌ عليها.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن عمران بن حديرٍ، قال: سألت عكرمة عن قوله: {بل الإنسان على نفسه بصيرةٌ ولو ألقى معاذيره}. قال: فسكت، فقلت له: إنّ الحسن يقول: ابن آدم عملك أولى بك. قال: صدق.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ولو ألقى معاذيره}. قال: معاذيرهم الّتي يعتذرون بها يوم القيامة فلا ينتفعون بها، قال: قوم لا يؤذن لهم فيعتذرون وقوم يؤذن لهم فيعتذرون فلا تنفعهم، ويعتذرون بالكذب.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: بل للإنسان على نفسه من نفسه بصيرةٌ ولو تجرّد.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني نصر بن عليٍّ الجهضميّ، قال: حدّثني أبي، عن خالد بن قيسٍ، عن قتادة، عن زرارة بن أوفي، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {ولو ألقى معاذيره}. قال: لو تجرّد.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولو أرخى السّتور وأغلق الأبواب.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن خلفٍ العسقلانيّ، قال: حدّثنا روّادٌ، عن أبي حمزة، عن السّدّيّ، في قوله: {ولو ألقى معاذيره} ولو أرخى السّتور، وأغلق الأبواب.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: {ولو ألقى معاذيره} لم تقبل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني نصر بن عليٍّ، قال: حدّثني أبي، عن خالد بن قيسٍ، عن قتادة، عن الحسن: {ولو ألقى معاذيره}. لم تقبل معاذيره.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ولو ألقى معاذيره} قال: ولو اعتذر يومئذٍ بباطلٍ قبل مٍنه يوم القيامة.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {ولو ألقى معاذيره}: ولو اعتذر
وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصّواب قول من قال: معناه: ولو اعتذر لأنّ ذلك أشبه المعاني بظاهر التّنزيل؛ وذلك أنّ اللّه جلّ ثناؤه أخبر عن الإنسان أنّ عليه شاهدًا من نفسه بقوله: {بل الإنسان على نفسه بصيرةٌ} فكان الّذي هو أولى أن يتبع ذلك، ولو جادل عنها بالباطل، واعتذر بغير الحقّ، فشهادة نفسه عليه به أحقّ وأولى من اعتذاره بالباطل). [جامع البيان: 23 / 493-496]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 14 - 19.
أخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر من طريق عن ابن عباس في قوله: {بل الإنسان على نفسه بصيرة} قال: الإنسان شهيد على نفسه وحده {ولو ألقى معاذيره} قال: ولو اعتذر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير مثله). [الدر المنثور: 15 / 105] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة في قوله: {بل الإنسان على نفسه بصيرة} قال: شاهد عليها بعملها {ولو ألقى معاذيره} قال: واعتذر يومئذ بباطل لم يقبل الله ذلك منه يوم القيامة). [الدر المنثور: 15 / 105] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد {على نفسه بصيرة (14) ولو ألقى معاذيره} قال: لو جادل عنها هو بصير عليها). [الدر المنثور: 15 / 105]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن الضحاك {ولو ألقى معاذيره} قال: حجته). [الدر المنثور: 15 / 106]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن عمران بن جبير قال: قلت لعكرمة: {بل الإنسان على نفسه بصيرة (14) ولو ألقى معاذيره} فسكت وكان يستاك فقلت: إن الحسن قال: يا ابن آدم عملك أحق بك قال: صدقت). [الدر المنثور: 15 / 106]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس {بل الإنسان على نفسه بصيرة} قال: سمعه وبصره ويده ورجليه وجوارحه {ولو ألقى معاذيره} قال: ولو تجرد من ثيابه). [الدر المنثور: 15 / 106] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن الضحاك {ولو ألقى معاذيره} قال: ستوره بلغة أهل اليمن). [الدر المنثور: 15 / 106]

تفسير قوله تعالى: (لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى لا تحرك به لسانك قال كان نبي الله يقرأ القرآن فيكثر مخافة أن ينساه). [تفسير عبد الرزاق: 2/334]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقوله: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به} [القيامة: 16].
- حدّثنا الحميديّ، حدّثنا سفيان، حدّثنا موسى بن أبي عائشة وكان ثقةً، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: «كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إذا نزل عليه الوحي حرّك به لسانه - ووصف سفيان - يريد أن يحفظه» فأنزل اللّه: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به} [القيامة: 16]). [صحيح البخاري: 6 / 163]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (وقوله: لا تحرّك به لسانك لتعجل به لم يختلف السّلف أنّ المخاطب بذلك النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في شأن نزول الوحي كما دلّ عليه حديث الباب وحكى الفخر الرّازيّ أنّ القفّال جوّز أنّها نزلت في الإنسان المذكور قبل ذلك في قوله تعالى ينبّأ الإنسان يومئذٍ بما قدّم وأخّر قال يعرض عليه كتابه فيقال اقرأ كتابك فإذا أخذ في القراءة تلجلج خوفًا فأسرع في القراءة فيقال لا تحرّك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه أي أن يجمع عملك وأن يقرأ عليك فإذا قرأناه عليك فاتبع قرآنه بالإقرار بأنّك فعلت ثمّ إنّ علينا بيان أمر الإنسان وما يتعلّق بعقوبته قال وهذا وجهٌ حسنٌ ليس في العقل ما يدفعه وإن كانت الآثار غير واردةٍ فيه والحامل على ذلك عسر بيان المناسبة بين هذه الآية وما قبلها من أحوال القيامة حتّى زعم بعض الرافضة أنه سقط من السّور شيءٌ وهي من جملة دعاويهم الباطلة وقد ذكر الأئمّة لها مناسباتٌ منها أنّه سبحانه وتعالى لمّا ذكر القيامة وكان من شأن من يقصّر عن العمل لها حبّ العاجلة وكان من أصل الدّين أنّ المبادرة إلى أفعال الخير مطلوبةٌ فنبّه على أنّه قد يعترض على هذا المطلوب ما هو أجلّ منه وهو الإصغاء إلى الوحي وتفهّم ما يرد منه والتّشاغل بالحفظ قد يصدّ عن ذلك فأمر أن لا يبادر إلى التّحفّظ لأنّ تحفيظه مضمونٌ على ربّه وليصغ إلى ما يرد عليه إلى أن ينقضي فيتّبع ما اشتمل عليه ثمّ لمّا انقضت الجملة المعترضة رجع الكلام إلى ما يتعلّق بالإنسان المبدأ بذكره ومن هو من جنسه فقال كلّا وهي كلمة ردعٍ كأنّه قال بل أنتم يا بني آدم لكونكم خلقتم من عجلٍ تعجلون في كلّ شيءٍ ومن ثمّ تحبّون العاجلة وهذا على قراءة تحبّون بالمثنّاة وهي قراءة الجمهور وقرأ بن كثيرٍ وأبو عمرٍو بياء الغيبة حملًا على لفظ الإنسان لأنّ المراد به الجنس ومنها أنّ عادة القرآن إذا ذكر الكتاب المشتمل على عمل العبد حيث يعرض يوم القيامة أردفه بذكر الكتاب المشتمل على الأحكام الدّينيّة في الدّنيا الّتي تنشأ عنها المحاسبة عملًا وتركًا كما قال في الكهف ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين ممّا فيه إلى أن قال ولقد صرّفنا للنّاس في هذا القرآن من كلّ مثلٍ وكان الإنسان أكثر شيءٍ جدلا وقال تعالى في سبحان فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرؤون كتابهم إلى أن قال ولقد صرّفنا للنّاس في هذا القرآن الآية وقال في طه يوم ينفخ في السّور ونحشر المجرمين يومئذٍ زرقا إلى أن قال فتعالى اللّه الملك الحقّ ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما ومنها أنّ أوّل السّورة لمّا نزل إلى قوله ولو ألقى معاذيره صادف أنّه صلّى اللّه عليه وسلّم في تلك الحالة بادر إلى تحفّظ الّذي نزل وحرّك به لسانه من عجلته خشيةً من تفلته فنزلت لا تحرّك به لسانك إلى قوله ثمّ إن علينا بيانه ثمّ عاد الكلام إلى تكملة ما ابتدأ به قال الفخر الرّازيّ ونحوه ما لو ألقى المدرس على الطّالب مثلًا مسألةً فتشاغل الطّالب بشيءٍ عرض له فقال له ألق بالك وتفهّم ما أقول ثمّ كمّل المسألة فمن لا يعرف السّبب يقول ليس هذا الكلام مناسبًا للمسألة بخلاف من عرف ذلك ومنها أنّ النّفس لمّا تقدّم ذكرها في أوّل السّورة عدل إلى ذكر نفس المصطفى كأنّه قيل هذا شأن النّفوس وأنت يا محمّد نفسك أشرف النّفوس فلتأخذ بأكمل الأحوال ومنها مناسباتٌ أخرى ذكرها الفخر الرّازيّ لا طائل فيها مع أنّها لا تخلو عن تعسّفٍ). [فتح الباري: 8 / 680-681]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (باب وقوله: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به} (القيامة: 16)
أي: وقوله تعالى: {لا تحرّك به} الخطاب للنّبي صلى الله عليه وسلم أي: لا تحرّك بالقرآن لسانك، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يفتر عن قراءة القرآن مخافة أن لا ينساه ولا ويحرك به لسانه. فأنزل الله تعالى: {ولا تحرّك به لسانك لتعجب به} أي: بتلاوته لتحفظه ولا تنساه). [عمدة القاري: 19 / 268]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (حدّثنا الحميديّ حدّثنا سفيان حدّثنا موسى بن أبي عائشة وكان ثقةً عن سعيدٍ بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما قال كان النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي حرّك به لسانه ووصف سفيان يريد أن يحفظه فأنزل الله: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به} (القيامة: 16) .
مطابقته للتّرجمة ظاهرة. ومضى الحديث في بدء الوحي عن موسى بن إسماعيل، ومضى الكلام فيه هناك قوله: (وكان ثقة) ، مقول سفيان، وموسى هذا تابعيّ صغير كوفي من موالي آل جعدة ابن هبيرة ولا يعرف اسم أبيه، ومدار هذا الحديث عليه وإلى قوله: (لتعجل به) في رواية أبي ذر وزاد غيره الآية الّتي بعدها). [عمدة القاري: 19 / 268]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (حدّثنا الحميديّ. حدّثنا سفيان، حدّثنا موسى بن أبي عائشة - وكان ثقةً - عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ -رضي الله عنهما- قال: كان النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- إذا نزل عليه الوحي حرّك به لسانه. ووصف سفيان يريد أن يحفظه فأنزل اللّه: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به}.
وبه قال: (حدّثنا الحميدي) عبد الله بن الزبير قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: (حدّثنا موسى بن أبي عائشة) الكوفي الهمداني قال سفيان (وكان) أي ابن أبي عائشة (ثقة) وصفه بذلك تأكيدًا (عن سعيد بن جبير عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه (قال: كان النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- إذا نزل عليه الوحي حرك به لسانه، ووصف سفيان) بن عيينة كيفية التحريك وفي رواية سعيد بن منصور: وحرك سفيان شفتيه (يريد) عليه الصلاة والسلام بهذا التحريك (أن يحفظه) أي القرآن (فأنزل الله) تعالى: ({لا تحرك به لسانك لتعجل به}) لتأخذه على عجلة مخافة تفلته). [إرشاد الساري: 7 / 405]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، عن إسرائيل، عن موسى بن أبي عائشة، أنّه سأل سعيد بن جبيرٍ، عن قوله تعالى: {لا تحرّك به لسانك} [القيامة: 16] قال: وقال ابن عبّاسٍ: " كان يحرّك شفتيه إذا أنزل عليه، فقيل له: {لا تحرّك به لسانك} [القيامة: 16] يخشى أن ينفلت منه). [صحيح البخاري: 6 / 163] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله حدّثنا موسى بن أبي عائشة وكان ثقةً هو مقول بن عيينة وهو تابعيٌّ صغيرٌ كوفيٌّ من موالي آل جعدة بن هبيرة يكنّى أبا الحسن واسم أبيه لا يعرف ومدار هذا الحديث عليه وقد تابعه عمرو بن دينارٍ عن سعيد بن جبيرٍ وهو من رواية بن عيينة أيضا عنه فمن أصحاب بن عيينة من وصله بذكر بن عبّاسٍ فيه منهم أبو كريبٍ عند الطّبريّ ومنهم من أرسله منهم سعيد بن منصورٍ قوله لا تحرّك به لسانك ووصف سفيان يريد أن يحفظه في رواية سعيد بن منصورٍ وحرّك سفيان شفتيه وفي رواية أبي كريبٍ تعجّل يريد حفظه فنزلت قوله فأنزل اللّه لا تحرّك به لسانك لتعجل به إلى هنا رواية أبي ذرٍّ وزاد غيره الآية الّتي بعدها وزاد سعيد بن منصورٍ في روايته في آخر الحديث وكان لا يعرف ختم السّورة حتّى تنزل بسم اللّه الرّحمن الرّحيم). [فتح الباري: 8 / 681]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (حدّثنا قتيبة بن سعيدٍ، حدّثنا جريرٌ، عن موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به} [القيامة: 16] ، قال: " كان رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم إذا نزل جبريل بالوحي، وكان ممّا يحرّك به لسانه وشفتيه فيشتدّ عليه، وكان يعرف منه، فأنزل اللّه الآية الّتي في: لا أقسم بيوم القيامة: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به (16) إنّ علينا جمعه وقرآنه} [القيامة: 16-17]). [صحيح البخاري: 6 / 163] (م)
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب وقوله: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به} وقال ابن عبّاسٍ {سدًى}: هملًا. {ليفجر أمامه}: سوف أتوب، سوف أعمل. {لا وزر}: لا حصن.
(وقوله) عز وجل: ({لا تحرك به}) [القيامة: 16] أي بالقرآن والخطاب للنبي-صلّى اللّه عليه وسلّم- ({لسانك}) قبل أن يتم جبريل وحيه ({لتعجل به}) مخافة أن ينفلت منك). [إرشاد الساري: 7 / 405]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (حدّثنا قتيبة بن سعيدٍ، حدّثنا جريرٌ عن موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ في قوله: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به} [القيامة: 16] قال: كان رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- إذا نزل جبريل بالوحي، وكان ممّا يحرّك به لسانه وشفتيه فيشتدّ عليه، وكان يعرف منه فأنزل اللّه الآية الّتي في {لا أقسم بيوم القيامة}: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به * إنّ علينا جمعه وقرآنه} [القيامة: 16 - 17] قال: علينا أن نجمعه في صدرك وقرآنه {فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه} فإذا أنزلناه فاستمع ثمّ {ثمّ إنّ علينا بيانه} علينا أن نبيّنه بلسانك، قال: فكان إذا أتاه جبريل أطرق فإذا ذهب قرأه كما وعده اللّه: {أولى لك فأولى} [القيامة: 35] توعّدٌ.
وبه قال: (حدّثنا قتيبة بن سعيد) أبو رجاء البغلاني قال: (حدّثنا جرير) هو ابن عبد الحميد بن قرط بضم القاف وبعد الراء الساكنة طاء مهملة الكوفي (عن موسى بن أبي عائشة) الكوفي (عن سعيد بن جبير عن ابن عباس) -رضي الله عنهما- (في قوله) تعالى: ({لا تحرك به لسانك لتعجل به} قال: كان رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- إذا نزل جبريل عليه بالوحي وكان) عليه الصلاة والسلام (مما يحرك به لسانك وشفتيه) بالتثنية واقتصر في رواية أبي عوانة عن موسى بن أبي عائشة في بدء الوحي على ذكر الشفتين، وكذلك إسرائيل عن ابن أبي عائشة في الباب السابق قريبًا واقتصر سفيان على اللسان والجميع مراد إما لأن التحريكين متلازمان غالبًا أو المراد يحرك به فمه المشتمل على الشفتين واللسان لكن لما كان اللسان هو الأصل في النطق اقتصر في الآية عليه قاله في الفتح.
(فيشتد عليه) حالة نزول الوحي لثقله ولذا كان يلحقه البرحاء (وكان يعرف منه) ذلك الاشتداد حالة النزول عليه، وعند ابن أبي حاتم من طريق يحيى التيمي عن ابن أبي عائشة وكان إذا نزل عليه عرف في تحريكه شفتيه يتلقى أوله ويحرك به شفتيه خشية أن ينسى أوله قبل أن يفرغ من آخره (فأنزل الله) تعالى بسبب اشتداده عليه (الآية التي في) سورة ({لا أقسم بيوم القيامة}) وهي قوله تعالى: ({لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه وقرآنه} قال: علينا أن نجمعه في صدرك) وعن قتادة فيما رواه الطبري أن معنى جمعه تأليفه (وقرآنه) أي تقرؤه أنت ({فإذا قرآناه}) عليك بلسان جبريل ({فاتبع قرآنه}) أي (فإذا أنزلناه فاستمع) زاد أبو عوانة في بدء الوحي وأنصت ({ثم إن علينا بيانه}) أي (علينا أن نبينه بلسانك قال) أي ابن عباس (فكان) عليه الصلاة والسلام (إذا أتاه جبريل أطرق) أي سكت (فإذا ذهب) جبريل (قرأه) النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- (كما وعد الله) زاد أبو ذر عز وجل على الوجه الذي ألقاه عليه). [إرشاد الساري: 7 / 405-406]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا ابن أبي عمر، قال: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: كان رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم إذا نزل عليه القرآن يحرّك به لسانه يريد أن يحفظه، فأنزل اللّه تبارك وتعالى: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به} قال: فكان يحرّك به شفتيه، وحرّك سفيان شفتيه.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
قال عليٌّ: قال يحيى بن سعيدٍ: وكان سفيان الثّوريّ يحسن الثّناء على موسى بن أبي عائشة خيرًا). [سنن الترمذي: 5 / 287-288]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرنا قتيبة بن سعيدٍ، حدّثنا أبو عوانة، عن موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به} [القيامة: 16]، قال: " كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يعالج من التّنزيل شدّةً، كان يحرّك شفتيه، قال لي ابن عبّاسٍ: أنا أحرّكهما لك كما كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يحرّكهما، قال سعيدٌ: وأنا أحرّكهما كما كان ابن عبّاسٍ يحرّكهما، فحرّك شفتيه، فأنزل الله عزّ وجلّ {لا تحرّك به لسانك لتعجل به (16) إنّ علينا جمعه وقرآنه} [القيامة: 17]، قال: جمعه في صدرك، ثمّ نقرأه {فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه} [القيامة: 18]، قال: فاستمع وأنصت، فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا أتاه جبريل استمع، فإذا انطلق جبريل قرأه كما أقرأه "
- أخبرنا أحمد بن سليمان، حدّثنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به} [القيامة: 16] قال: «كان يحرّك لسانه مخافة أن يفلت منه»
- أخبرنا أحمد بن عبدة، عن سفيان، عن عمرٍو، عن سعيدٍ هو ابن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: " كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إذا نزل القرآن عليه يعجل بقراءته ليحفظه، فأنزل الله عزّ وجلّ {لا تحرّك به لسانك} [القيامة: 16] إلى قوله: {وقرآنه} [القيامة: 17]). [السنن الكبرى للنسائي: 10/319-320]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به (16) إنّ علينا جمعه وقرآنه (17) فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه (18) ثمّ إنّ علينا بيانه}.
قال أبو جعفرٍ رحمه الله: يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: لا تحرّك يا محمّد بالقرآن لسانك لتعجل به.
واختلف أهل التّأويل في السّبب الّذي من أجله قيل له: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به}. فقال بعضهم: قيل له ذلك، لأنّه كان إذا نزل عليه منه شيءٌ عجل به، يريد حفظه من حبّه إيّاه، فقيل له: لا تعجل به فإنّا سنحفظه عليك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كان إذا نزل عليه القرآن تعجّل يريد حفظه فقال اللّه تعالى ذكره: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به إنّ علينا جمعه وقرآنه}. وقال ابن عبّاسٍ: هكذا، وحرّك شفتيه.
- حدّثني عبيد بن إسماعيل الهبّاريّ ويونس قالا: حدّثنا سفيان، عن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كان إذا نزل عليه القرآن تعجّل به يريد حفظه؛ وقال يونس: يحرّك شفتيه ليحفظه، فأنزل اللّه: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به إنّ علينا جمعه وقرآنه}.
- حدّثني عبيد بن إسماعيل الهبّاريّ، قال: حدّثنا سفيان، عن ابن أبي عائشة، سمع سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ مثله، وقال: {لا تحرّك به لسانك} قال: هكذا، وحرّك سفيان فاه.
- حدّثنا سفيان بن وكيعٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به}. قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إذا نزل عليه جبريل بالوحي، كان ممّا يحرّك به لسانه وشفتيه، فيشتدّ عليه، فكان يعرف ذلك فيه، فأنزل اللّه هذه الآية في لا أقسم بيوم القيامة: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به (16) إنّ علينا جمعه وقرآنه}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إذا نزل عليه القرآن، حرّك شفتيه، فيعرف بذلك، فحاكاه سعيدٌ، فقال: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به}. قال: لتعجل بأخذه.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، قال سمعت سعيد بن جبيرٍ يقول: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به}. قال: كان جبريل عليه السّلام ينزل بالقرآن، فيحرّك به لسانه، يستعجل به، فقال {لا تحرّك به لسانك لتعجل به}.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا ربعيّ ابن عليّة، قال: حدّثنا داود بن أبي هندٍ، عن الشّعبيّ، في هذه الآية: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به}. قال: كان إذا نزل عليه الوحي عجل يتكلّم به من حبّه إيّاه، فنزل {لا تحرّك به لسانك لتعجل به (16) إنّ علينا جمعه وقرآنه}.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به}. قال: لا تكلّم بالّذي أوحينا إليك حتّى يقضى إليك وحيه، فإذا قضينا إليك وحيه، فتكلّم به.
- حدّثت، عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {لا تحرّك به لسانك}. قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إذا نزل عليه الوحي من القرآن حرّك به لسانه مخافة أن ينساه.
وقال آخرون: بل السّبب الّذي من أجله قيل له ذلك، أنّه كان يكثر تلاوة القرآن مخافة نسيانه، فقيل له: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به} إنّ علينا أن نجمعه لك، ونقرئكه فلا تنسى.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به} قال: كان لا يفتر من القرآن مخافة أن ينساه، فقال اللّه: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به}. إنّ علينا أن نجمعه لك {وقرآنه}: أن نقرئك فلا تنسى.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {لا تحرّك به لسانك}. قال: كان يستذكر القرآن مخافة النّسيان، فقال له: كفيناكه يا محمّد.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، قال: حدّثنا أبو رجاءٍ، عن الحسن، في قوله: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به}. قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يحرّك به لسانه ليستذكره، فقال اللّه: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به} إنّا سنحفظه عليك.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به} كان نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يحرّك به لسانه مخافة النّسيان، فأنزل اللّه ما تسمع.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {لا تحرّك به لسانك}. قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقرأ القرآن فيكثر مخافة أن ينسى.
وأشبه القولين بما دلّ عليه ظاهر التّنزيل، القول الّذي ذكر عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، وذلك أنّ قوله: {إنّ علينا جمعه وقرآنه} ينبئ أنّه إنّما نهي عن تحريك اللّسان به متعجّلاً فيه قبل جمعه؛ ومعلومٌ أنّ دراسته للتّذكّر إنّما كانت تكون من النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم من بعد جمع اللّه له ما يدرس من ذلك). [جامع البيان: 23 / 496-500]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ م ت س) ابن عباس - رضي الله عنهما -: في قوله عز وجل: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به} [القيامة: 16] قال: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدّة، وكان مما يحرّك به شفتيه - فقال ابن عباسٍ: أنا أحرّكهما كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرّكهما، وقال سعيد بن جبير: وأنا أحركهما كما كان ابن عباس يحركهما. فحرّك شفتيه، فأنزل الله تعالى: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به (16) إنّ علينا جمعه وقرآنه} [القيامة: 16، 17] قال: جمعه لك في صدرك، ثم تقرؤه: {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه} [القيامة: 18] قال: فاستمع وأنصت، ثم علينا أن تقرأه، قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه جبريل عليه السلام، بعد ذلك استمع، فإذا انطلق جبريل قرأه النبيّ صلى الله عليه وسلم كما أقرأه.
وفي رواية: كما وعده الله عز وجل. أخرجه البخاري ومسلم.
وفي رواية الترمذي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه القرآن يحرّك به لسانه، يريد أن يحفظه، فأنزل الله تبارك وتعالى: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به} قال: فكان يحرّك به شفتيه، وحرّك سفيان شفتيه.
وفي رواية النسائي: نحوٌ من رواية البخاري ومسلم، إلاّ أنه لم يذكر حكاية ابن عباسٍ تحريك النبيّ صلى الله عليه وسلم شفتيه، ولا حكاية سعيدٍ). [جامع الأصول: 2 / 420-421]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج الطيالسي وأحمد، وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري في المصاحف والطبراني، وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة وكان يحرك به لسانه وشفتيه مخافة أن يتلفت منه يريد أن يحفظه فأنزل الله {لا تحرك به لسانك لتعجل به (16) إن علينا جمعه وقرآنه} قال: يقول إن علينا أن نجمعه في صدرك ثم تقرؤه {فإذا قرأناه} يقول: إذا أنزلناه عليك {فاتبع قرآنه} فاستمع له وأنصت {ثم إن علينا بيانه} بينه بلسانك وفي لفظ علينا أن نقرأه فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إذا أتاه جبريل أطرق، وفي لفظ استمع فإذا ذهب قرأ كما وعده الله عز وجل). [الدر المنثور: 15 / 107]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن مردويه عن ابن عباس قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه القرآن تعجل بقراءته ليحفظه فنزلت هذه الآية {لا تحرك به لسانك} وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعلم ختم سورة حتى ينزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم). [الدر المنثور: 15 / 107]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {لا تحرك به لسانك} قال: كان يستذكر القرآن مخافة النسيان فقيل له: كفيناكه يا محمد). [الدر المنثور: 15 / 108]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة {لا تحرك به لسانك لتعجل به} قال: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يحرك لسانه بالقرآن مخافة النسيان، فأنزل الله ما تسمع {إن علينا جمعه وقرآنه} يقول: إن علينا حفظه وتأليفه {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه} يقول اتبع حلاله واجتنب حرامه {ثم إن علينا بيانه} قال: بيان حلاله وحرامه وطاعته ومعصيته). [الدر المنثور: 15 / 108-109]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ (17) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله جمعه وقرآنه قال حفظه وتأليفه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه يقول فاتبع حلاله وحرامه). [تفسير عبد الرزاق: 2/334]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب {إنّ علينا جمعه وقرآنه} [القيامة: 17]
- حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، عن إسرائيل، عن موسى بن أبي عائشة، أنّه سأل سعيد بن جبيرٍ، عن قوله تعالى: {لا تحرّك به لسانك} [القيامة: 16] قال: وقال ابن عبّاسٍ: " كان يحرّك شفتيه إذا أنزل عليه، فقيل له: {لا تحرّك به لسانك} [القيامة: 16] يخشى أن ينفلت منه، {إنّ علينا جمعه} [القيامة: 17] وقرآنه، أن نجمعه في صدرك وقرآنه، أن تقرأه {فإذا قرأناه} [القيامة: 18] يقول: أنزل عليه: {فاتّبع قرآنه ثمّ إنّ علينا بيانه} [القيامة: 19] أن نبيّنه على لسانك "). [صحيح البخاري: 6 / 163]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (حدّثنا قتيبة بن سعيدٍ، حدّثنا جريرٌ، عن موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به} [القيامة: 16] ، قال: " كان رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم إذا نزل جبريل بالوحي، وكان ممّا يحرّك به لسانه وشفتيه فيشتدّ عليه، وكان يعرف منه، فأنزل اللّه الآية الّتي في: لا أقسم بيوم القيامة: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به (16) إنّ علينا جمعه وقرآنه} [القيامة: 17] قال: علينا أن نجمعه في صدرك، {وقرآنه (17) فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه} [القيامة: 17-18]). [صحيح البخاري: 6 / 163] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب أن علينا جمعه وقرآنه)
- ذكر فيه حديث ابن عبّاسٍ المذكور من رواية إسرائيل عن موسى بن أبي عائشة أتم من رواية بن عيينة وقد استغربه الإسماعيليّ فقال كذا أخرجه عن عبيد اللّه بن موسى ثمّ أخرجه هو من طريقٍ أخرى عن عبيد اللّه المذكور بلفظ لا تحرّك به لسانك قال كان يحرّك به لسانه مخافة أن ينفلت عنه فيحتمل أن يكون ما بعد هذا من قوله إنّ علينا جمعه إلى آخره معلّقا عن بن عبّاسٍ بغير هذا الإسناد وسيأتي الحديث في الباب الّذي بعده أتم سياقا). [فتح الباري: 8 / 681]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (بابٌ: {إنّ علينا جمعه وقرآنه} (القيامة: 17)
أي: هذا باب في قوله تعالى: {أن علينا جمعه} أي: في صدرك {وقرآنه} (القيامة: 17) وقراءته عليك حتّى تعيه، والقرآن مصدر كالرجحان والنّقصان). [عمدة القاري: 19 / 268-269]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (حدّثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن موسى عن موسى بن أبي عائشة أنّه سأل سعيد بن جبيرٍ عن قوله تعالى: {لا تحرّك به لسانك} (القيامة: 16) قال وقال ابن عبّاسٍ كان يحرّك 19) أن نبيّنه على لسانك..
مطابقته للتّرجمة ظاهرة. وإسرائيل هو ابن يونس أبي إسحاق السبيعي. وهذا حديث ابن عبّاس من رواية إسرائيل عن موسى المذكور. قوله: (كان) أي: رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرك شفتيه إذا أنزل عليه القرآن. قوله: (أن يتفلت) أي: يضيع ويفوت قوله: (إن علينا جمعه) إلى آخره، يحتمل أن يكون معلّقا عن ابن عبّاس، وسياق الحديث الّذي بعده أتم منه). [عمدة القاري: 19 / 269]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب {إنّ علينا جمعه وقرآنه}
هذا (باب) بالتنوين ({إن علينا جمعه وقرآنه}) [القيامة: 17] أي قراءته فهو مصدر مضاف للمفعول والفاعل محذوف والأصل وقراءتك إياه والقرآن مصدر بمعنى القراءة وسقط لأبي ذر إن علينا الخ ولفظ باب لغيره). [إرشاد الساري: 7 / 405]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (حدّثنا عبيد اللّه بن موسى عن إسرائيل، عن موسى بن أبي عائشة أنّه سأل سعيد بن جبيرٍ عن قوله تعالى: {لا تحرّك به لسانك}. قال: وقال ابن عبّاسٍ: كان يحرّك شفتيه إذا أنزل عليه، فقيل له: {لا تحرّك به لسانك}: يخشى أن يتفلت منه. {إنّ علينا جمعه وقرآنه}: أن نجمعه في صدرك، وقرآنه أن تقرأه. {فإذا قرأناه} يقول: أنزل عليه
{فاتّبع قرآنه * ثمّ إنّ علينا بيانه} أن نبيّنه على لسانك.
وبه قال: (حدّثنا عبيد الله بن موسى) بضم العين مصغرًا ابن باذام العبسي الكوفي (عن إسرائيل) بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي (عن موسى بن أبي عائشة) الكوفي (أنه سأل سعيد بن جبير عن قوله تعالى: {لا تحرك به لسانك} قال) ابن جبير مجيبًا لموسى: (وقال) ولأبي ذر: قال (ابن عباس) -رضي الله عنهما-: (كان) أي النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- (يحرك شفتيه إذا أنزل عليه) بهمزة مضمومة ولأبي ذر نزل عليه بحذفها (فقيل له) على لسان جبريل: ({لا تحرك به لسانك}) وكان (يخشى أن يتفلت منه) أي القرآن والذي في اليونينية ينفلت بالنون بعد التحتية بدل الفوقية ({إن علينا جمعه وقرآنه}) سقط وقرآنه لأبي ذر أي (أن نجمعه في صدرك) أي ضمنًا أن نحفظه عليك {إنّا نحن نزلنا الذكر وإنّا له لحافظون} [الحجر: 9] وتكلفنا جمعه (وقرآنه أن تقرأه) بلسانك ({فإذا قرآناه} يقول: أنزل عليه) مع جبريل ({فاتبع قرآنه}) قراءته ({ثم إن علينا بيانه}) [القيامة: 18] أي (أن نبينه على لسانك) وفسره غير ابن عباس ببيان ما أشكل من معانيه وفيه دليل على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب). [إرشاد الساري: 7 / 405]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (({إن علينا جمعه وقرآنه} قال: علينا أن نجمعه في صدرك) وعن قتادة فيما رواه الطبري أن معنى جمعه تأليفه (وقرآنه) أي تقرؤه أنت ({فإذا قرآناه}) عليك بلسان جبريل). [إرشاد الساري: 7 / 406] (م)
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقوله تعالى: {إنّ علينا جمعه وقرآنه} [القيامة: 17] : «تأليف بعضه إلى بعضٍ» ، {فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه} [القيامة: 18] : " فإذا جمعناه وألّفناه فاتّبع قرآنه، أي ما جمع فيه، فاعمل بما أمرك وانته عمّا نهاك اللّه، ويقال: ليس لشعره قرآنٌ، أي تأليفٌ، وسمّي الفرقان، لأنّه يفرّق بين الحقّ والباطل، ويقال للمرأة: ما قرأت بسلًا قطّ، أي لم تجمع في بطنها ولدًا "). [صحيح البخاري: 6/99]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقوله إنّ علينا جمعه وقرآنه تأليف بعضه إلى بعضٍ إلخ يأتي الكلام عليه في تفسير سورة القيامة إن شاء اللّه تعالى قوله ويقال ليس لشعره قرآنٌ أي تأليفٌ هو قول أبي عبيدة قوله ويقال للمرأة ما قرأت بسلًا قطّ أي لم تجمع ولدًا في بطنها هو قول أبي عبيدة أيضًا قاله في المجاز رواية أبي جعفرٍ المصادريّ عنه وأنشد قول الشّاعر هجان اللّون لم يقرأ جنينًا والسّلا بفتح المهملة وتخفيف اللّام وحاصله أنّ القرآن عنده من قرأ بمعنى جمع لا من قرأ بمعنى تلا). [فتح الباري: 8/447]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقوله تعالى: {إنّ علينا جمعه وقرآنه} (القيامة: 17) تأليف بعضه إلى بعضٍ: {فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه} فإذا جمعناه وألفناه فاتّبع قرآنه أي ما جمع فيه فاعمل بما أمرك وانته عمّا نهاك الله: ويقال ليس لشعره قرآنٌ أي تأليفٌ وسمّي الفرقان لأنّه يفرق بين الحقّ والباطل ويقال للمرأة ما قرأت بسلاً قطّ أي لم تجمع في بطنها ولداً.
هذا كله ظاهر ومقصوده بيان أن القرآن مشتقّ من قرأ بمعنى جمع لا من قرأ بمعنى تلا، قوله: (بسلاً) بفتح السّين المهملة وفتح اللّام مقصورا. وهي الجلدة الرقيقة الّتي يكون فيها الولد). [عمدة القاري: 19/72-73]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وقوله تعالى: ({إن علينا جمعه وقرآنه}) أي (تأليف بعضه إلى بعض {فإذا قرآناه فاتبع قرآنه}) (القيامة: 17، 18] أي (فإذا بعناه وألفناه فاتبع قرآنه) أي (ما جمع فيه فاعمل بما أمرك) الله فيه (وانته عما نهاك الله) فيه وسقطت الجلالة لأبي ذر وفي الأول للكل (ويقال ليس لشعره قرآن أي تأليف وسمي الفرقان) بالنصب (لأنه يفرق) بضم التحتية وفتح الفاء وتشديد الراء مكسورة (بين الحق والباطل ويقال للمرأة ما قرأت بسلى قط) بفتح السين المهملة منونًا من غير همز وهي الجلدة الرقيقة التي يكون فيها الولد (أي لم تجمع في بطنها ولدًا) والحاصل أن القرآن عنده مشتق من قرأ بمعنى جمع لا من قرأ بمعنى تلا). [إرشاد الساري: 7/250]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرنا قتيبة بن سعيدٍ، حدّثنا أبو عوانة، عن موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به} [القيامة: 16]، قال: " كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يعالج من التّنزيل شدّةً، كان يحرّك شفتيه، قال لي ابن عبّاسٍ: أنا أحرّكهما لك كما كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يحرّكهما، قال سعيدٌ: وأنا أحرّكهما كما كان ابن عبّاسٍ يحرّكهما، فحرّك شفتيه، فأنزل الله عزّ وجلّ {لا تحرّك به لسانك لتعجل به (16) إنّ علينا جمعه وقرآنه} [القيامة: 17]، قال: جمعه في صدرك، ثمّ نقرأه {فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه} [القيامة: 18]، قال: فاستمع وأنصت، فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا أتاه جبريل استمع، فإذا انطلق جبريل قرأه كما أقرأه "
- أخبرنا أحمد بن سليمان، حدّثنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به} [القيامة: 16] قال: «كان يحرّك لسانه مخافة أن يفلت منه»
- أخبرنا أحمد بن عبدة، عن سفيان، عن عمرٍو، عن سعيدٍ هو ابن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: " كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إذا نزل القرآن عليه يعجل بقراءته ليحفظه، فأنزل الله عزّ وجلّ {لا تحرّك به لسانك} [القيامة: 16] إلى قوله: {وقرآنه} [القيامة: 17]). [السنن الكبرى للنسائي: 10/319-320] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {إنّ علينا جمعه وقرآنه}. يقول تعالى ذكره: إنّ علينا جمع هذا القرآن في صدرك يا محمّد حتّى نثبّته فيه {وقرآنه}. يقول: وقرآنه حتّى تقرأه بعد أن جمعناه في صدرك.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، {إنّ علينا جمعه}. قال: في صدرك {وقرآنه} قال: تقرؤه بعد.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، {إنّ علينا جمعه وقرآنه} أن نجمعه لك، {وقرآنه}: أن نقرئك فلا تنسى.
- حدّثت، عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {إنّ علينا جمعه وقرآنه}. يقول: إنّ علينا أن نجمعه لك حتّى نثبّته في قلبك.
وكان آخرون يتأوّلون قوله: {وقرآنه} وتأليفه. وكان معنى الكلام عندهم: إنّ علينا جمعه في قلبك حتّى تحفظه، وتأليفه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {إنّ علينا جمعه وقرآنه}. يقول: حفظه وتأليفه.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة {جمعه وقرآنه} قال: حفظه وتأليفه.
وكأنّ قتادة وجّه معنى القرآن إلى أنّه مصدرٌ من قول القائل: قد قرأت هذه النّاقة في بطنها جنينًا، إذا ضمّت رحمها على ولدٍ، كما قال عمرو بن كلثومٍ:
ذراعي عيطلٍ أدماء بكرٍ = هجان اللّون لم تقرأ جنينا
يعني بقوله: لم تقرأ: لم تضمّ رحمًا على ولدٍ.
وأمّا ابن عبّاسٍ والضّحّاك فإنّما وجّها ذلك إلى أنّه مصدرٌ من قول القائل: قرأت أقرأ قرآنًا وقراءةً). [جامع البيان: 23 / 500-502]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ م ت س) ابن عباس - رضي الله عنهما -: في قوله عز وجل: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به} [القيامة: 16] قال: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدّة، وكان مما يحرّك به شفتيه - فقال ابن عباسٍ: أنا أحرّكهما كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرّكهما، وقال سعيد بن جبير: وأنا أحركهما كما كان ابن عباس يحركهما. فحرّك شفتيه، فأنزل الله تعالى: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به (16) إنّ علينا جمعه وقرآنه} [القيامة: 16، 17] قال: جمعه لك في صدرك، ثم تقرؤه: {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه} [القيامة: 18] قال: فاستمع وأنصت، ثم علينا أن تقرأه، قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه جبريل عليه السلام، بعد ذلك استمع، فإذا انطلق جبريل قرأه النبيّ صلى الله عليه وسلم كما أقرأه.
وفي رواية: كما وعده الله عز وجل. أخرجه البخاري ومسلم.
وفي رواية الترمذي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه القرآن يحرّك به لسانه، يريد أن يحفظه، فأنزل الله تبارك وتعالى: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به} قال: فكان يحرّك به شفتيه، وحرّك سفيان شفتيه.
وفي رواية النسائي: نحوٌ من رواية البخاري ومسلم، إلاّ أنه لم يذكر حكاية ابن عباسٍ تحريك النبيّ صلى الله عليه وسلم شفتيه، ولا حكاية سعيدٍ). [جامع الأصول: 2 / 420-421] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج الطيالسي وأحمد، وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري في المصاحف والطبراني، وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة وكان يحرك به لسانه وشفتيه مخافة أن يتلفت منه يريد أن يحفظه فأنزل الله {لا تحرك به لسانك لتعجل به (16) إن علينا جمعه وقرآنه} قال: يقول إن علينا أن نجمعه في صدرك ثم تقرؤه {فإذا قرأناه} يقول: إذا أنزلناه عليك {فاتبع قرآنه} فاستمع له وأنصت {ثم إن علينا بيانه} بينه بلسانك وفي لفظ علينا أن نقرأه فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إذا أتاه جبريل أطرق، وفي لفظ استمع فإذا ذهب قرأ كما وعده الله عز وجل). [الدر المنثور: 15 / 107] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفتر عن القرآن مخافة أن ينساه فقال الله: لا تحرك به لسانك {إن علينا جمعه} أن نجمعه لك {وقرآنه} أن تقرأه فلا تنسى {فإذا قرأناه} عليك {فاتبع قرآنه} يقول: إذا يتلى عليك فاتبع ما فيه {ثم إن علينا بيانه} يقول: حلاله وحرامه فذلك بيانه). [الدر المنثور: 15 / 108]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة {لا تحرك به لسانك لتعجل به} قال: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يحرك لسانه بالقرآن مخافة النسيان، فأنزل الله ما تسمع {إن علينا جمعه وقرآنه} يقول: إن علينا حفظه وتأليفه {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه} يقول اتبع حلاله واجتنب حرامه {ثم إن علينا بيانه} قال: بيان حلاله وحرامه وطاعته ومعصيته). [الدر المنثور: 15 / 108-109] (م)

تفسير قوله تعالى: (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ (18) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله جمعه وقرآنه قال حفظه وتأليفه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه يقول فاتبع حلاله وحرامه). [تفسير عبد الرزاق: 2/334] (م)
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، عن إسرائيل، عن موسى بن أبي عائشة، أنّه سأل سعيد بن جبيرٍ، عن قوله تعالى: {لا تحرّك به لسانك} [القيامة: 16] قال: وقال ابن عبّاسٍ: " كان يحرّك شفتيه إذا أنزل عليه، فقيل له: {لا تحرّك به لسانك} [القيامة: 16] يخشى أن ينفلت منه، {إنّ علينا جمعه} [القيامة: 17] وقرآنه، أن نجمعه في صدرك وقرآنه، أن تقرأه {فإذا قرأناه} [القيامة: 18] يقول: أنزل عليه: {فاتّبع قرآنه}). [صحيح البخاري: 6 / 163] (م)
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب قوله: {فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه} [القيامة: 18]
قال ابن عبّاسٍ: {قرأناه} [القيامة: 18] : «بيّنّاه» ، {فاتّبع} [القيامة: 18] : «اعمل به»
- حدّثنا قتيبة بن سعيدٍ، حدّثنا جريرٌ، عن موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به} [القيامة: 16] ، قال: " كان رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم إذا نزل جبريل بالوحي، وكان ممّا يحرّك به لسانه وشفتيه فيشتدّ عليه، وكان يعرف منه، فأنزل اللّه الآية الّتي في: لا أقسم بيوم القيامة: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به، إنّ علينا جمعه وقرآنه} [القيامة: 17] قال: علينا أن نجمعه في صدرك، {وقرآنه (17) فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه} [القيامة: 17-18] : فإذا أنزلناه فاستمع، {ثمّ إنّ علينا بيانه} [القيامة: 19] : علينا أن نبيّنه بلسانك، قال: فكان إذا أتاه جبريل أطرق، فإذا ذهب قرأه كما وعده اللّه عزّ وجلّ. {أولى لك فأولى} [القيامة: 34] توعّدٌ "). [صحيح البخاري: 6 / 163]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله فإذا قرأناه فاتبع قرآنه)
قال ابن عبّاسٍ قرأناه بيّنّاه فاتّبع اعمل به هذا التّفسير رواه عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ أخرجه بن أبي حاتم وسيأتي في الباب عن بن عبّاسٍ تفسيره بشيءٍ آخر
- قوله إذا نزل جبريل عليه في رواية أبي عوانة عن موسى بن أبي عائشة كما تقدّم في بدء الوحي كان يعالج من التّنزيل شدّةً وهذه الجملة توطئةٌ لبيان السّبب في النّزول وكانت الشّدّة تحصل له عند نزول الوحي لثقل القول كما تقدّم في بدء الوحي من حديث عائشة وتقدّم من حديثها في قصّة الإفك فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء وفي حديثها في بدء الوحي أيضًا وهو أشدّه عليّ لأنّه يقتضي الشّدّة في الحالتين المذكورتين لكنّ إحداهما أشدّ من الأخرى
قوله وكان ممّا يحرّك به لسانه وشفتيه اقتصر أبو عوانة على ذكر الشّفتين وكذلك إسرائيل واقتصر سفيان على ذكر اللّسان والجميع مرادٌ إمّا لأنّ التّحريكين متلازمان غالبًا أو المراد يحرّك فمه المشتمل على الشّفتين واللّسان لكن لمّا كان اللّسان هو الأصل في النّطق اقتصر في الآية عليه
قوله فيشتدّ عليه ظاهر هذا السّياق أنّ السّبب في المبادرة حصول المشقّة الّتي يجدها عند النّزول فكان يتعجّل بأخذه لتزول المشقّة سريعًا وبيّن في رواية إسرائيل أنّ ذلك كان خشية أن ينساه حيث قال فقيل له لا تحرّك به لسانك تخشي أن ينفلت وأخرج بن أبي حاتمٍ من طريق أبي رجاءٍ عن الحسن كان يحرّك به لسانه يتذكّره فقيل له إنّا سنحفظه عليك وللطّبريّ من طريق الشّعبيّ كان إذا نزل عليه عجّل يتكلّم به من حبّه إيّاه وظاهره أنّه كان يتكلّم بما يلقى إليه منه أوّلًا فأوّلًا من شدّة حبّه إيّاه فأمر أن يتأنّى إلى أن ينقضي النّزول ولا بعد في تعدّد السّبب ووقع في رواية أبي عوانة قال بن عبّاسٍ فأنا أحرّكهما كما كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يحرّكهما وقال سعيدٌ أنا أحركهما كما رأيت بن عبّاس يحركهما فأطلق في خبر بن عبّاسٍ وقيّد بالرّؤية في خبر سعيدٍ لأنّ بن عبّاسٍ لم ير النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في تلك الحال لأنّ الظّاهر أنّ ذلك كان في مبدأ المبعث النّبويّ ولم يكن بن عبّاسٍ ولد حينئذٍ ولكن لا مانع أن يخبر النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بذلك بعد فيراه بن عبّاسٍ حينئذٍ وقد ورد ذلك صريحًا عند أبي داود الطّيالسيّ في مسنده عن أبي عوانة بسنده بلفظ قال بن عبّاسٍ فأنا أحرّك لك شفتيّ كما رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأفادت هذه الرّواية إبراز الضّمير في رواية البخاريّ حيث قال فيها فأنا أحرّكهما ولم يتقدّم للشّفتين ذكرٌ فعلمنا أنّ ذلك من تصرّف الرواة
قوله فأنزل اللّه أي بسبب ذلك واحتجّ بهذا من جوّز اجتهاد النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وجوّز الفخر الرّازيّ أن يكون أذن له في الاستعجال إلى وقت ورود النّهي عن ذلك فلا يلزم وقوع الاجتهاد في ذلك والضّمير في به عائدٌ على القرآن وإن لم يجر له ذكرٌ لكنّ القرآن يرشد إليه بل دلّ عليه سياق الآية
قوله علينا أن نجمعه في صدرك كذا فسّره ابن عبّاسٍ وعبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة تفسيره بالحفظ ووقع في رواية أبي عوانة جمعه لك في صدرك ورواية جريرٍ أوضح وأخرج الطّبريّ عن قتادة أنّ معنى جمعه تأليفه قوله وقرآنه زاد في رواية إسرائيل أن تقرأه أي أنت ووقع في رواية الطّبريّ وتقرأه بعد قوله فإذا قرأناه أي قرأه عليك الملك فاتبع قرآنه فإذا أنزلناه فاستمع هذا تأويلٌ آخر لابن عبّاسٍ غير المنقول عنه في التّرجمة وقد وقع في رواية بن عيينة مثل رواية جريرٍ وفي رواية إسرائيل نحو ذلك وفي رواية أبي عوانة فاستمع وأنصت ولا شكّ أنّ الاستماع أخصّ من الإنصات لأنّ الاستماع الإصغاء والإنصات السّكوت ولا يلزم من السّكوت الإصغاء وهو مثل قوله تعالى فاستمعوا له وأنصتوا والحاصل أنّ لابن عبّاسٍ في تأويل قوله تعالى أنزلناه وفي قوله فاستمع قولين وعند الطّبريّ من طريق قتادة في قوله استمع أتبع حلاله واجتنب حرامه ويؤيّده ما وقع في حديث الباب
قوله في آخر الحديث فكان إذا أتاه جبريل أطرق فإذا ذهب قرأه والضّمير في قوله فاتّبع قرآنه لجبريل والتّقدير فإذا انتهت قراءة جبريل فاقرأ أنت
قوله ثمّ إن علينا بيانه علينا أن نبيّنه بلسانك في رواية إسرائيل على لسانك وفي رواية أبي عوانة أن تقرأه وهي بمثنّاةٍ فوقانيّةٍ واستدلّ به على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب كما هو مذهب الجمهور من أهل السّنّة ونصّ عليه الشّافعيّ لما تقتضيه ثمّ من التّراخي وأوّل من استدلّ لذلك بهذه الآية القاضي أبو بكر بن الطّيّب وتبعوه وهذا لا يتمّ إلّا على تأويل البيان بتبيين المعنى وإلّا فإذا حمل على أنّ المراد استمرار حفظه له وظهوره على لسانه فلا قال الآمديّ يجوز أن يراد بالبيان الإظهار لا بيان المجمل يقال بان الكوكب إذا ظهر قال ويؤيّد ذلك أنّ المراد جميع القرآن والمجمل إنّما هو بعضه ولا اختصاص لبعضه بالأمر المذكور دون بعضٍ وقال أبو الحسين البصريّ يجوز أن يراد البيان التّفصيليّ ولا يلزم منه جواز تأخير البيان الإجماليّ فلا يتمّ الاستدلال وتعقّب باحتمال إرادة المعنيين الإظهار والتّفصيل وغير ذلك لأنّ قوله بيانه جنسٌ مضافٌ فيعمّ جميع أصنافه من إظهاره وتبيين أحكامه وما يتعلّق بها من تخصيصٍ وتقييدٍ ونسخٍ وغير ذلك وقد تقدّم كثيرٌ من مباحث هذا الحديث في بدء الوحي وأعيد بعضه هنا استطرادًا). [فتح الباري: 8 / 682-683]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
باب فإذا قرأناه فاتبع قرآنه
قال ابن عبّاس قرأناه بيناه فاتبع اعمل به
قال ابن جرير حدثني علّي ثنا أبو صالح ثنا معاوية عن علّي عن ابن عبّاس قوله 18 القيامة {فإذا قرأناه} يقول بيناه {فاتبع قرآنه} يقول اعمل به). [تغليق التعليق: 4 / 355]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (بابٌ: {فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه} )
أي: هذا باب في قوله تعالى: {فإذا قرأناه} أي: إذا قرأناه عليك: {فاتبع قرآنه} أي: ما فيه من الأحكام.
قال ابن عبّاسٍ قرآنه بيانه فانبع اعمل به
هذا تفسير ابن عبّاس هذه التّرجمة، وهي قوله تعالى: {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه} وروى هذا التّفسير عليّ بن أبي طلحة وقد أخرجه ابن حاتم). [عمدة القاري: 19 / 269]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (حدّثنا قتيبة بن سعيدٍ حدّثنا جرير عن موسى بن أبي عائشة عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ في قوله: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به} قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل جبريل عليه بالوحي وكان ممّا يحرّك به لسانه وشفتيه فيشتد عليه وكان يعرق منه فأنزل الله الآية الّتي في {لا أقسم بيوم القيامة} (القيامة: 1) {لا تحرّك به لسانك لتعجل به إنّ علينا جمعه وقرآنه} (القيامة: 16، 17) قال علينا أن نجمعه في صدرك وقرآنه: {فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه} فإذا أنزلنا فاستمع {ثمّ إنّ علينا بيانه} (القيامة: 19) علينا أن نبيّنه بلسانك قال: فكان إذا أتاه جبريل أطرق فإذا ذهب قرأه كما وعده الله تعالى..
هذا طريق آخر في حديث ابن عبّاس المذكور أخرجه عن قتيبة بن سعيد عن جرير بن عبد الحميد عن موسى المذكور.
قوله: (لسانه وشفتيه) ذكر هما هنا واقتصر سفيان في روايته السّابقة على ذكر لسانه، واقتصر إسرائيل على ذكر شفتيه والكل مراد. قوله: (فيشتد عليه) أي: يشتد عليه حاله عند نزول الوحي، ومضى فيما تقدم، وكانت الشدّة تحصل معه عند نزول الوحي لثقل القول، وفي حديث الإفك، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء وكان يتعجل بأخذه لتزول الشدّة سريعا. قوله: (وكان يعرف منه) أي: وكان الاشتداد، يعرف منه حالة نزول الوحي عليه. قوله: (فأنزل الله تعالى) أي: بسبب ذلك الاشتداد أنزل الله تعالى قوله: {وقرآنه} زاد إسرائيل في روايته المذكورة أن تقرأه أي: أنت تقرؤه. قوله: (فإذا قرأناه) أي: فإذا قرأه عليك الملك قوله: (أطرق) يقال: أطرق الرجل إذا سكت، وأطرق أي أرخى عينيه ينظر إلى الأرض). [عمدة القاري: 19 / 269]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب {فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه} قال ابن عبّاسٍ: قرأناه بيّنّاه فاتّبع اعمل به
هذا (باب) بالتنوين أي في قوله تعالى: ({فإذا قرأناه فاتبع قرآنه}) [القيامة: 18] وسقط لفظ باب لغير أبي ذر. (قال ابن عباس) فيما وصله ابن أبي حاتم (قرأناه) أي (بيناه فاتبع) أي (اعمل به) وقال ابن عباس أيضًا فيما ذكره ابن كثير: ثم إن علينا بيانه نبين حلاله وحرامه). [إرشاد الساري: 7 / 405]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (({إن علينا جمعه وقرآنه} قال: علينا أن نجمعه في صدرك) وعن قتادة فيما رواه الطبري أن معنى جمعه تأليفه (وقرآنه) أي تقرؤه أنت ({فإذا قرآناه}) عليك بلسان جبريل ({فاتبع قرآنه}) أي (فإذا أنزلناه فاستمع) زاد أبو عوانة في بدء الوحي وأنصت). [إرشاد الساري: 7 / 406] (م)
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقوله تعالى: {إنّ علينا جمعه وقرآنه} [القيامة: 17] : «تأليف بعضه إلى بعضٍ» ، {فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه} [القيامة: 18] : " فإذا جمعناه وألّفناه فاتّبع قرآنه، أي ما جمع فيه، فاعمل بما أمرك وانته عمّا نهاك اللّه، ويقال: ليس لشعره قرآنٌ، أي تأليفٌ، وسمّي الفرقان، لأنّه يفرّق بين الحقّ والباطل، ويقال للمرأة: ما قرأت بسلًا قطّ، أي لم تجمع في بطنها ولدًا "). [صحيح البخاري: 6/99] (م)

- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقوله إنّ علينا جمعه وقرآنه تأليف بعضه إلى بعضٍ إلخ يأتي الكلام عليه في تفسير سورة القيامة إن شاء اللّه تعالى قوله ويقال ليس لشعره قرآنٌ أي تأليفٌ هو قول أبي عبيدة قوله ويقال للمرأة ما قرأت بسلًا قطّ أي لم تجمع ولدًا في بطنها هو قول أبي عبيدة أيضًا قاله في المجاز رواية أبي جعفرٍ المصادريّ عنه وأنشد قول الشّاعر هجان اللّون لم يقرأ جنينًا والسّلا بفتح المهملة وتخفيف اللّام وحاصله أنّ القرآن عنده من قرأ بمعنى جمع لا من قرأ بمعنى تلا). [فتح الباري: 8/447] (م)

- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقوله تعالى: {إنّ علينا جمعه وقرآنه} (القيامة: 17) تأليف بعضه إلى بعضٍ: {فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه} فإذا جمعناه وألفناه فاتّبع قرآنه أي ما جمع فيه فاعمل بما أمرك وانته عمّا نهاك الله: ويقال ليس لشعره قرآنٌ أي تأليفٌ وسمّي الفرقان لأنّه يفرق بين الحقّ والباطل ويقال للمرأة ما قرأت بسلاً قطّ أي لم تجمع في بطنها ولداً.
هذا كله ظاهر ومقصوده بيان أن القرآن مشتقّ من قرأ بمعنى جمع لا من قرأ بمعنى تلا، قوله: (بسلاً) بفتح السّين المهملة وفتح اللّام مقصورا. وهي الجلدة الرقيقة الّتي يكون فيها الولد). [عمدة القاري: 19/72-73] (م)
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وقوله تعالى: ({إن علينا جمعه وقرآنه}) أي (تأليف بعضه إلى بعض {فإذا قرآناه فاتبع قرآنه}) (القيامة: 17، 18] أي (فإذا بعناه وألفناه فاتبع قرآنه) أي (ما جمع فيه فاعمل بما أمرك) الله فيه (وانته عما نهاك الله) فيه وسقطت الجلالة لأبي ذر وفي الأول للكل (ويقال ليس لشعره قرآن أي تأليف وسمي الفرقان) بالنصب (لأنه يفرق) بضم التحتية وفتح الفاء وتشديد الراء مكسورة (بين الحق والباطل ويقال للمرأة ما قرأت بسلى قط) بفتح السين المهملة منونًا من غير همز وهي الجلدة الرقيقة التي يكون فيها الولد (أي لم تجمع في بطنها ولدًا) والحاصل أن القرآن عنده مشتق من قرأ بمعنى جمع لا من قرأ بمعنى تلا). [إرشاد الساري: 7/250] (م)
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرنا قتيبة بن سعيدٍ، حدّثنا أبو عوانة، عن موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به} [القيامة: 16]، قال: " كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يعالج من التّنزيل شدّةً، كان يحرّك شفتيه، قال لي ابن عبّاسٍ: أنا أحرّكهما لك كما كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يحرّكهما، قال سعيدٌ: وأنا أحرّكهما كما كان ابن عبّاسٍ يحرّكهما، فحرّك شفتيه، فأنزل الله عزّ وجلّ {لا تحرّك به لسانك لتعجل به (16) إنّ علينا جمعه وقرآنه} [القيامة: 17]، قال: جمعه في صدرك، ثمّ نقرأه {فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه} [القيامة: 18]، قال: فاستمع وأنصت، فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا أتاه جبريل استمع، فإذا انطلق جبريل قرأه كما أقرأه "
- أخبرنا أحمد بن سليمان، حدّثنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به} [القيامة: 16] قال: «كان يحرّك لسانه مخافة أن يفلت منه»
- أخبرنا أحمد بن عبدة، عن سفيان، عن عمرٍو، عن سعيدٍ هو ابن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: " كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إذا نزل القرآن عليه يعجل بقراءته ليحفظه، فأنزل الله عزّ وجلّ {لا تحرّك به لسانك} [القيامة: 16] إلى قوله: {وقرآنه} [القيامة: 17]). [السنن الكبرى للنسائي: 10/319-320] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه}. اختلف أهل التّأويل في تأويله، فقال بعضهم: تأويله: فإذا أنزلناه إليك فاستمع قرآنه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، {فإذا قرأناه} فإذا أنزلناه إليك {فاتّبع قرآنه} قال: فاستمع قرآنه.
- حدّثنا سفيان بن وكيعٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ {فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه}: فإذا أنزلناه إليك فاستمع له
وقال آخرون: بل معنى ذلك: إذا تلي عليك فاتّبع ما فيه من الشّرائع والأحكام.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، {فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه}. يقول: إذا تلي عليك فاتّبع ما فيه.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه}. يقول: اتّبع حلاله، واجتنب حرامه.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة {فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه}. يقول: فاتّبع حلاله، واجتنب حرامه.
- حدّثت، عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {فاتّبع قرآنه}. يقول: اتّبع ما فيه.
وقال آخرون: بل معناه: فإذا بيّنّاه فاعمل به.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فإذا قرأناه}. يقول: بيّنّاه، {فاتّبع قرآنه}. يقول: اعمل به.
وأولى هذه الأقوال بالصّواب في ذلك قول من قال: فإذا تلي عليك فاعمل به من الأمر والنّهي واتّبع ما أمرت به فيه، لأنّه قيل له: {إنّ علينا جمعه} في صدرك {وقرآنه} ودلّلنا على أنّ معنى قوله: {وقرآنه} وقراءته، فقد بيّن ذلك عن معنى قوله: {فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه (18) ثمّ إنّ علينا بيانه}). [جامع البيان: 23 / 502-503]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ م ت س) ابن عباس - رضي الله عنهما -: في قوله عز وجل: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به} [القيامة: 16] قال: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدّة، وكان مما يحرّك به شفتيه - فقال ابن عباسٍ: أنا أحرّكهما كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرّكهما، وقال سعيد بن جبير: وأنا أحركهما كما كان ابن عباس يحركهما. فحرّك شفتيه، فأنزل الله تعالى: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به (16) إنّ علينا جمعه وقرآنه} [القيامة: 16، 17] قال: جمعه لك في صدرك، ثم تقرؤه: {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه} [القيامة: 18] قال: فاستمع وأنصت، ثم علينا أن تقرأه، قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه جبريل عليه السلام، بعد ذلك استمع، فإذا انطلق جبريل قرأه النبيّ صلى الله عليه وسلم كما أقرأه.
وفي رواية: كما وعده الله عز وجل. أخرجه البخاري ومسلم.
وفي رواية الترمذي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه القرآن يحرّك به لسانه، يريد أن يحفظه، فأنزل الله تبارك وتعالى: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به} قال: فكان يحرّك به شفتيه، وحرّك سفيان شفتيه.
وفي رواية النسائي: نحوٌ من رواية البخاري ومسلم، إلاّ أنه لم يذكر حكاية ابن عباسٍ تحريك النبيّ صلى الله عليه وسلم شفتيه، ولا حكاية سعيدٍ). [جامع الأصول: 2 / 420-421] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج الطيالسي وأحمد، وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري في المصاحف والطبراني، وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة وكان يحرك به لسانه وشفتيه مخافة أن يتلفت منه يريد أن يحفظه فأنزل الله {لا تحرك به لسانك لتعجل به (16) إن علينا جمعه وقرآنه} قال: يقول إن علينا أن نجمعه في صدرك ثم تقرؤه {فإذا قرأناه} يقول: إذا أنزلناه عليك {فاتبع قرآنه} فاستمع له وأنصت {ثم إن علينا بيانه} بينه بلسانك وفي لفظ علينا أن نقرأه فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إذا أتاه جبريل أطرق، وفي لفظ استمع فإذا ذهب قرأ كما وعده الله عز وجل). [الدر المنثور: 15 / 107] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفتر عن القرآن مخافة أن ينساه فقال الله: لا تحرك به لسانك {إن علينا جمعه} أن نجمعه لك {وقرآنه} أن تقرأه فلا تنسى {فإذا قرأناه} عليك {فاتبع قرآنه} يقول: إذا يتلى عليك فاتبع ما فيه {ثم إن علينا بيانه} يقول: حلاله وحرامه فذلك بيانه). [الدر المنثور: 15 / 108] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس {فإذا قرأناه} قال: بيناه {فاتبع قرآنه} يقول: اعمل به). [الدر المنثور: 15 / 108]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة {لا تحرك به لسانك لتعجل به} قال: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يحرك لسانه بالقرآن مخافة النسيان، فأنزل الله ما تسمع {إن علينا جمعه وقرآنه} يقول: إن علينا حفظه وتأليفه {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه} يقول اتبع حلاله واجتنب حرامه {ثم إن علينا بيانه} قال: بيان حلاله وحرامه وطاعته ومعصيته). [الدر المنثور: 15 / 108-109] (م)

تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، عن إسرائيل، عن موسى بن أبي عائشة، أنّه سأل سعيد بن جبيرٍ، عن قوله تعالى: {لا تحرّك به لسانك} [القيامة: 16] قال: وقال ابن عبّاسٍ: " كان يحرّك شفتيه إذا أنزل عليه، فقيل له: {لا تحرّك به لسانك} [القيامة: 16] يخشى أن ينفلت منه، {إنّ علينا جمعه} [القيامة: 17] وقرآنه، أن نجمعه في صدرك وقرآنه، أن تقرأه {فإذا قرأناه} [القيامة: 18] يقول: أنزل عليه: {فاتّبع قرآنه (18) ثمّ إنّ علينا بيانه} [القيامة: 19] أن نبيّنه على لسانك "). [صحيح البخاري: 6 / 163] (م)
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (حدّثنا قتيبة بن سعيدٍ، حدّثنا جريرٌ، عن موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به} [القيامة: 16] ، قال: " كان رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم إذا نزل جبريل بالوحي، وكان ممّا يحرّك به لسانه وشفتيه فيشتدّ عليه، وكان يعرف منه، فأنزل اللّه الآية الّتي في: لا أقسم بيوم القيامة: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به (16) إنّ علينا جمعه وقرآنه} [القيامة: 17] قال: علينا أن نجمعه في صدرك، {وقرآنه (17) فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه} [القيامة: 17-18] : فإذا أنزلناه فاستمع، {ثمّ إنّ علينا بيانه} [القيامة: 19] : علينا أن نبيّنه بلسانك، قال: فكان إذا أتاه جبريل أطرق، فإذا ذهب قرأه كما وعده اللّه عزّ وجلّ). [صحيح البخاري: 6 / 163] (م)
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (({إن علينا جمعه وقرآنه} قال: علينا أن نجمعه في صدرك) وعن قتادة فيما رواه الطبري أن معنى جمعه تأليفه (وقرآنه) أي تقرؤه أنت ({فإذا قرآناه}) عليك بلسان جبريل ({فاتبع قرآنه}) أي (فإذا أنزلناه فاستمع) زاد أبو عوانة في بدء الوحي وأنصت ({ثم إن علينا بيانه}) أي (علينا أن نبينه بلسانك قال) أي ابن عباس (فكان) عليه الصلاة والسلام (إذا أتاه جبريل أطرق) أي سكت (فإذا ذهب) جبريل (قرأه) النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- (كما وعد الله) زاد أبو ذر عز وجل على الوجه الذي ألقاه عليه). [إرشاد الساري: 7 / 406] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({ثمّ إنّ علينا بيانه}. يقول تعالى ذكره: ثمّ إنّ علينا بيان ما فيه من حلاله وحرامه وأحكامه لك مفصّلةً.
واختلف أهل التّأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: نحو الّذي قلنا فيه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، {ثمّ إنّ علينا بيانه}. يقول: حلاله وحرامه، فذلك بيانه.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {ثمّ إنّ علينا بيانه} بيان حلاله، واجتناب حرامه، ومعصيته وطاعته.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ثمّ إنّ علينا تبيانه بلسانك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، {ثمّ إنّ علينا بيانه}. قال: تبيانه بلسانك). [جامع البيان: 23 / 503-504]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج الطيالسي وأحمد، وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري في المصاحف والطبراني، وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة وكان يحرك به لسانه وشفتيه مخافة أن يتلفت منه يريد أن يحفظه فأنزل الله {لا تحرك به لسانك لتعجل به (16) إن علينا جمعه وقرآنه} قال: يقول إن علينا أن نجمعه في صدرك ثم تقرؤه {فإذا قرأناه} يقول: إذا أنزلناه عليك {فاتبع قرآنه} فاستمع له وأنصت {ثم إن علينا بيانه} بينه بلسانك وفي لفظ علينا أن نقرأه فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إذا أتاه جبريل أطرق، وفي لفظ استمع فإذا ذهب قرأ كما وعده الله عز وجل). [الدر المنثور: 15 / 107] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفتر عن القرآن مخافة أن ينساه فقال الله: لا تحرك به لسانك {إن علينا جمعه} أن نجمعه لك {وقرآنه} أن تقرأه فلا تنسى {فإذا قرأناه} عليك {فاتبع قرآنه} يقول: إذا يتلى عليك فاتبع ما فيه {ثم إن علينا بيانه} يقول: حلاله وحرامه فذلك بيانه). [الدر المنثور: 15 / 108] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة {لا تحرك به لسانك لتعجل به} قال: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يحرك لسانه بالقرآن مخافة النسيان، فأنزل الله ما تسمع {إن علينا جمعه وقرآنه} يقول: إن علينا حفظه وتأليفه {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه} يقول اتبع حلاله واجتنب حرامه {ثم إن علينا بيانه} قال: بيان حلاله وحرامه وطاعته ومعصيته). [الدر المنثور: 15 / 108-109] (م)


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 06:05 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ...} قرأها الأعمش وعاصم والحسن وبعض أهل المدينة (برق) بكسر الراء، وقرأها نافع المدني (فإذ برق البصر) بفتح الراء من البريق: شخص، لمن فتح، وقوله "برق": فزع، أنشدني بعض العرب:
نعاني حنانة طوبالةً = تسفّ يبيسًا من العشرق
فنفسك فانع ولا تنعني = وداو الكلوم ولا تبرق
فتح الراء أي: لا تفزع من هول الجراح التي بك، كذلك يبرق البصر يوم القيامة.
ومن قرأ "برق" يقول: فتح عينيه، ويرق بصره أيضا لذلك). [معاني القرآن: 3/209]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ} إذا شق البصر وقال الكلابي:
لمّا أتاني ابن صبيحٍ راغباً = أعطيته عيساً صهاباً فبرق).[مجاز القرآن: 2/277]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({بَرِقَ الْبَصَرُ}: شق البصر). [غريب القرآن وتفسيره: 401]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
({فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ}: إذا حار عند الموت.
وأصل «البرق»: الدهش. يقال: برق الرجل يبرق برقا. ومن قرأ: (برق)، أراد: بريقه إذا شخص). [تفسير غريب القرآن: 499]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7)} ويقرأ (بَرَقَ البَصَر).
فمن قرأ (بَرِق) فمعناه فزع وتحيّر.
ومن قرأ (بَرَقَ) فهو من بَرَقَ يبرق. من بريق العينين). [معاني القرآن: 5/252]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({بَرِقَ الْبَصَرُ} أي: تحير). [ياقوتة الصراط: 543]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({بَرِقَ الْبَصَرُ} معناه حارَ بعد الموت. وأصله الدهَش، ومن قرأ (بَرَقَ) بالفتح: أراد بريقه إذا شخص). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 286]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({بَرِقَ}: دهش). [العمدة في غريب القرآن: 325]

تفسير قوله تعالى: {وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {وَخَسَفَ الْقَمَرُ...} ذهب ضوءه). [معاني القرآن: 3/209]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({وَخَسَفَ الْقَمَرُ} وكسف القمر واحد، ذهب ضوءه). [مجاز القرآن: 2/277]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({وَخَسَفَ الْقَمَرُ}: وكسفت الشمس. ذهب ضوؤه). [غريب القرآن وتفسيره: 401]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
({وَخَسَفَ الْقَمَرُ} و«كسف» واحد).
[تفسير غريب القرآن: 499]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8)} أي ذهب ضوء القمر). [معاني القرآن: 5/252]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({خَسَفَ}: كسف). [العمدة في غريب القرآن: 325]

تفسير قوله تعالى: {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل:{وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ...}. [وفي قراءة عبد الله] (وجمع بين الشمس والقمر) يريد: في ذهاب ضوئها أيضا فلا ضوء لهذا ولا لهذه. فمعناه: جمع بينهما في ذهاب الضوء كما تقول: هذا يوم يستوي فيه الأعمى والبصير أي: يكونان فيه أعميين جميعا. ويقال: جمعا كالثورين العقيرين في النار. وإنما قال: جمع ولم يقل: جمعت لهذا؛ لأن المعنى: جمع بينهما فهذا وجه، وإن شئت جعلتهما جميعا في مذهب ثورين. فكأنك قلت: جمع النوران، جمع الضياءان، وهو قول الكسائي: وقد كان قوم يقولون: إنما ذكرنا فعل الشمس لأنها لا تنفرد بجمع حتى يشركها غيرها، فلما شاركها مذكر كان القول فيهما جمعا، ولم يجر جمعتا، فقيل لهم: كيف تقولون الشمس جمع والقمر؟
فقالوا: جمعت، ورجعوا عن ذلك القول). [معاني القرآن: 3/209-210]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} لتذكير القمر). [مجاز القرآن: 2/277]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس: 38].
قوله: {تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} أي: إلى مستقر لها، كما تقول: هو يجري لغايته وإلى غايته.
ومستقرّها: أقصى منازلها في الغروب، وذلك لأنها لا تزال تتقدم في كل ليلة حتى تنتهي إلى أبعد مغاربها ثم ترجع، فذلك مستقرها لأنها لا تجاوزه.
وقرأ بعض السلف: والشمس تجري لا مستقر لها والمعنى أنها لا تقف، ولا تستقر، ولكنها جارية أبدا.
وقوله: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ} يريد: أنه ينزل كل ليلة منزلا، ومنازله ثمانية وعشرون منزلا عندهم، من أول الشهر إلى ثمان وعشرين ليلة منه ثم يستسرّ. وهذه المنازل هي النجوم التي كانت العرب تنسب إليها الأنواء، وأسماؤها عندهم الشّرطان والبطين، والثّريّا، والدّبران، والهقعة، والهنعة، والذّراع، والنّثرة، والطّرف، والجبهة، والزّبرة، والصّرفة، والعوّاء، والسّماك، والغفر، والزّباني، والإكليل، والقلب، والشّولة، والنّعائم، والبلدة، وسعد الذّابح، وسعد بلع، وسعد السّعود، وسعد الأخبية، وفرغ الدّلو المقدّم، وفرغ الدّلو المؤخّر، والرّشا وهو الحوت. وإذا صار القمر في آخر منازله دقّ حتى يعود كالعرجون القديم وهو العذق اليابس. والعرجون إذا يبس دقّ واستقوس حتى صار كالقوس انحناء، فشبّه القمر به ليلة ثمانية وعشرين.
ثم قال سبحانه: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ} يريد: أنهما يسيران الدّهر دائبين ولا يجتمعان، فسلطان القمر بالليل، وسلطان الشمس بالنهار، ولو أدركت الشمس القمر لذهب ضوءه، وبطل سلطانه، ودخل النهار على الليل.
يقول الله جل وعز حين ذكر يوم القيامة: {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} وذلك عند إبطال هذا التدبير، ونقض هذا التأليف.
{وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} يقول: هما يتعاقبان، ولا يسبق أحدهما الآخر: فيفوته ويذهب قبل مجيء صاحبه.{وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} أي: يجرون، يعني الشمس والقمر والنجوم). [تأويل مشكل القرآن: 316-318](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):
({وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9)} أي جمعا في ذهاب نورهما). [معاني القرآن: 5/252]

تفسير قوله تعالى: {يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (10)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {أين المفرّ...}. قرأه الناس المفر بفتح الفاء...
- وحدثني يحيى بن سلمة بن كهيل عن أبيه عن رجل عن ابن عباس أنه قرأ: "أين المفر" وقال: إنما المفر مفر الدابة حيث تفر، وهما لغتان: المفر والمفر، والمدبّ والمدبّ. وما كان يفعل فيه مكسورا مثل: يدب، ويفر، ويصح، فالعرب تقول: مفر ومفر، ومصح ومصح، ومدب ومدب.
أنشدني بعضهم:
كأن بقايا الأثر فوق متونه = مدب الدّبى فوق النقا وهو سارح
ينشدونه: مدب، وهو أكثر من مدب. ويقال: جاء على مدب السيل، ومدب السيل، وما في قميصه مصح ولا مصحٌّ). [معاني القرآن: 3/210]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ} وقال: {أين المفرّ} أي: أين الفرار. وقال الشاعر:
يا لبكر أنشروا لي كليباً = يا لبكر أين أين الفرار
لأنّ كلّ مصدرٍ يبنى هذا البناء فإنما يجعل "مفعلاً" وإذا أراد المكان قال: {المفرّ} وقد قرئت {أين المفرّ} لأنّ كلّ ما كان فعله على "يفعل" كان "المفعل" منه مكسورا نحو "المضرب" إذا أردت المكان الذي يضرب فيه). [معاني القرآن: 4/39]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (10)}
ويقرأ (أين المفرّ) -بكسر الفاء- فمن فتح فهو بمعنى أين الفرار، ومن كسر فعلى معنى أين مكان الفرار.
والمفعل من مثل جلست بفتح العين، وكذلك المصدر، تقول: جلست مجلسا -بفتح اللام- بمعنى جلوسا. فإذا قلت جلست مجلسا، فأنت تريد المكان). [معاني القرآن: 5/252]
[/align]تفسير قوله تعالى: {كَلَّا لَا وَزَرَ (11)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {كلاّ لَا وَزَرَ...} والوزر: الملجأ). [معاني القرآن: 3/210]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({لَا وَزَرَ} لا جبل، قال ابن الذئبة:
لعمرك ما للفتى من وزر = من الموت ينجيه والكبر).
[مجاز القرآن: 2/277]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({كلا لَا وَزَرَ}: لا ملجأ). [غريب القرآن وتفسيره: 401]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({كلّا لَا وَزَرَ} أي لا ملجأ.
وأصل «الوزر»: الجبل [أو الحصن] الذي يمتنع فيه). [تفسير غريب القرآن: 499-500]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (ثم أعلم تعالى أنه لا حرز لهم ولا محيص. فقال: {كَلَّا لَا وَزَرَ (11)} الوزر في كلام العرب الجبل الّذي يلجأ إليه: هذا أصله، وكل ما التجأت إليه وتخلّصت به فهو وَزَر). [معاني القرآن: 5/252]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({كَلَّا لَا وَزَرَ} أي لا ملجأ. وقيل: لا براح. وأصل الوزر الذي يمتنع فيه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 286]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({لَا وَزَرَ}: لا ملجأ). [العمدة في غريب القرآن: 325]

تفسير قوله تعالى: {يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ (13)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {ينبّأ الإنسان يومئذٍ بما قدّم...} يريد: ما أسلف من عمله، وما أخر من سنة تركها بعمل بها من بعده، فإن سنّ سنة حسنة كان له مثل من يعمل بها من غير أن ينتقصوا، وإن كانت سنة سيئة عذب عليها، ولم ينقص من عذاب من عمل بها شيئا). [معاني القرآن: 3/210-211]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ينبّأ الإنسان يومئذٍ بما قدّم}: من عمل الخير والشر، {وأخّر}: من سنة عمل بها بعده). [تفسير غريب القرآن: 500]

تفسير قوله تعالى: {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ...} يقول: على الإنسان من نفسه رقباء يشهدون عليه بعمله: اليدان، والرجلان، والعينان، والذكر، قال الشاعر:
كأنّ على ذي الظن عيناً بصيرةً = بمقعده أو منظرٍ هو ناظره
يحاذر حتى يحسب الناس كلّهم = من الخوف لا تخفى عليهم سرائره). [معاني القرآن: 3/211]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} جاءت هذه الهاء في صفة الذكر كما جاءت في رواية وعلامة وطاغية). [مجاز القرآن: 2/277]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({بل الإنسان على نفسه بصيرةٌ} وقال: {بل الإنسان على نفسه بصيرةٌ} فجعله هو البصيرة كما تقول للرجل: "أنت حجّةٌ على نفسك"). [معاني القرآن: 4/40]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {بل الإنسان على نفسه بصيرةٌ ولو ألقى معاذيره} أي شهيد عليها بعملها بعده، ولو اعتذر. يريد: شهادة جوارحه. ويقال: «أراد: بل على الإنسان - من نفسه - بصيرة»). [تفسير غريب القرآن: 500]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه قوله سبحانه: {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} أي: بل على الإنسان من نفسه بصيرة. يريد شهادة جوارحه عليه، لأنها منه، فأقامه مقامها.
قال الشاعر:
ترى الثَّور فيها مُدخلَ الظلَّ رأسَه = وسائرُهُ بادٍ إلى الشَّمْسِ أَجمعُ
أراد (مدخل رأسه الظلّ) فقلب، لأن الظلّ التبس برأسه فصار كل واحد منهما داخلا في صاحبه.
والعرب تقول: (اعرض النّاقة على الحوض) تريد: اعرض الحوض على الناقة، لأنك إذا أوردتها الحوض: اعترضتَ بكل واحد صاحبه.
وقال الحطيئة:
فلمَّا خشيتُ الهُونَ والعَيْرُ مُمسِكٌ = عَلَى رَغْمِهِ ما أَمْسَكَ الحبلَ حافِرُه
وكان الوجه أن يقول: (ما أمسك حافره الحبل) فقلب، لأنّ ما أمسكته فقد أمسكك، والحافر ممسك للحبل لا يفارقه ما دام به مربوطا، والحبل ممسك للحافر). [تأويل مشكل القرآن: 193-194]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):
(وقوله: {بل الإنسان على نفسه بصيرة (14) ولو ألقى معاذيره (15)} معناه بل الإنسان تشهد عليه جوارحه، قال اللّه عزّ وجلّ: {يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون (24)}، وقال في موضع آخر: {حتّى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون (20)}
فأعلم اللّه أن هذه الجوارح التي يتصرفون بها شواهد عليهم). [معاني القرآن: 5/252-253]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({بصيرة} أي: شاهد). [ياقوتة الصراط: 543]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (15)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {ولو ألقى معاذيره...} جاء في التفسير: ولو أرخى ستوره، وجاء: وإن اعتذر فعليه من يكذب عذره). [معاني القرآن: 3/211]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({معاذيره} ما اعتذر به من شيء). [مجاز القرآن: 2/278]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({بل الإنسان على نفسه بصيرةٌ ولو ألقى معاذيره} أي شهيد عليها بعملها بعده، ولو اعتذر. يريد: شهادة جوارحه. ويقال: «أراد: بل على الإنسان -من نفسه- بصيرة»). [تفسير غريب القرآن: 500](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: {ولو ألقى معاذيره (15)} ولو أدلى بكل حجة عنده. وجاء في التفسير المعاذير الستور، واحدها معذار). [معاني القرآن: 5/253]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({معاذيره} يقال: هي ستوره، ويقال: اعتذاره). [ياقوتة الصراط: 544]

تفسير قوله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {لا تحرّك به لسانك...} كان جبريل صلى الله عليه وسلم إذا نزل بالوحي على محمد صلى الله عليه وسلم بالقرآن قرأ بعضه في نفسه قبل أن يستتمه خوفا أن ينساه، فقيل له {لا تحرّك به لسانك لتعجل به}). [معاني القرآن: 3/211]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به (16)}كان جبريل عليه السلام إذا نزل بالوحي على النبي - صلى الله عليه وسلم - تلاه النبي عليه السلام عليه كراهة أن ينفلت منه، فأعلم اللّه -عزّ وجلّ- أنه لا ينسيه إيّاه وأنّه يجمعه في قلبه فقال: {إنّ علينا جمعه وقرآنه (17)}). [معاني القرآن: 5/253]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ (17)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): ({إنّ علينا جمعه} في قلبك {وقرآنه} وقراءته، أي: أن جبريل عليه السلام سيعيده عليك). [معاني القرآن: 3/211]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({إنّ علينا جمعه وقرآنه} أي ضمّه وجمعه). [تفسير غريب القرآن: 500]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({إنّ علينا جمعه وقرآنه (17)} أي إنّ علينا أن نقرئك فلا تنسى، وعلينا تلاوته عليك). [معاني القرآن: 5/253]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({قُرْآنَهُ}: جمعناه). [العمدة في غريب القرآن: 325]

تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ (18)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {فإذا قرأناه [فاتّبع قرآنه]...} إذا قرأه عليك جبريل عليه السلام "فاتبع قرآنه"، والقراءة والقرآن مصدران، كما تقول: راجحٌ بين الرجحان والرجوح. والمعرفة والعرفان، والطواف والطوفان). [معاني القرآن: 3/211]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه} اتبع جمعه فإذا قرأناه: جمعناه، وهي من قول العرب: ما قرأت هذه المرأة سلىً قط. قال عمرو بن كلثوم:
لم تقرأ جنيناً). [مجاز القرآن: 2/278]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({فإذا قرأناه}: جمعناه ومنه قولهم ما قرأت سلا قط). [غريب القرآن وتفسيره: 402]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
({فإذا قرأناه} أي جمعناه، {فاتّبع قرآنه} أي جمعه. و«القراءة» و«القرآن» مصدران.
قال قتادة: «اتبع حلاله، و[اجتنب] حرامه»). [تفسير غريب القرآن: 500]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه (18)} أي لا تعجل بالتلاوة إلى أن تقرأ عليك ما ينزل في وقته). [معاني القرآن: 5/253]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({ثمّ إنّ علينا بيانه (19)} أي علينا أن ننزّله قرآنا عربيا غير ذي عوج، فيه بيان للناس). [معاني القرآن: 5/253]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 06:08 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ (6)}
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ومنها أيان وأصله الثلاثة وإن - زادت حروفه. ومعناه: متى، كقوله عز وجل: {يسأل أيان يوم القيامة} ). [المقتضب: 1/190]

تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7)}

تفسير قوله تعالى: {وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8)}

تفسير قوله تعالى: {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9)}

تفسير قوله تعالى: {يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (10)}
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب اشتقاقك الأسماء
لمواضع بنات الثلاثة التي ليست فيها زيادة من لفظها
أما ما كان من فعل يفعل فإن موضع الفعل مفعل وذلك قولك هذا محبسنا ومضربنا ومجلسنا كأنهم بنوه على بناء يفعل فكسروا العين كما كسروها في يفعل.
فإذا أردت المصدر بنيته على مفعل وذلك قولك إن في ألف درهم لمضرباً أي لضرباً قال الله عز وجل: {أين المفر} يريد أين الفرار فإذا أراد المكان قال المفر كما قالوا المبيت حين أرادوا المكان
لأنها من بات يبيت وقال الله عز وجل: {وجعلنا النهار معاشا} أي جعلناه عيشاً.
وقد يجيء المفعل يراد به الحين فإذا كان من فعل يفعل بنيته على مفعل تجعل الحين الذي فيه الفعل كالمكان وذلك قولك أتت الناقة على مضربها وأتت على منتجها إنما تريد الحين الذي فيه النتاج والضراب.
وربما بنوا المصدر على المفعل كما بنوا المكان عليه إلا أن تفسير الباب وجملته على القياس كما ذكرت لك وذلك قولك المرجع قال الله عز وجل: {إلى ربكم مرجعكم} أي رجوعكم وقال: {ويسألونك عن المحيض قل هو أذًى فاعتزلوا النساء في المحيض} أي في الحيض). [الكتاب: 4/87-88]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ (ت: 328هـ): (
ليلة صاحوا وأغروا بي سراعهم = بالعيكتين لدى معدى ابن براق
روى أبو عمرو الشيباني: وأغروا بي كلابهم بالجلهتين، وروي بالعيثتين، وقوله: لدى معدى ابن براق، أي: حيث عدا، وروي: وأغروا بي خيارهم، وروي ليلة خبت الجو، وهذه كلها مواضع، ومعدى ابن براق حيث عدا، يقال: عدا الفرس، وأعديته، وجرى وأجريته، ولا يقال: ركض وأركضته، وإنما ركضه: ضربه الأرض بحوافره، وركضته ركلته بأعقابك في جنبيه، ومعدى موضع ومصدر وإذا كانت العين من يفعل مضمومة نحو: يقتل، ويحشر، فالعين من مفعل مفتوحة من مصدر، وموضع نحو مقتل، ومحشر إلا إحدى عشر حرفًا نوادر تحفظ حفظًا: من ذلك المشرق، والمغرب، والمسجد، والمنبت، والمجزر، والمفرق، والمسكن، والمطلع، والمنسك، والمسقط، والمثبر، وهو الموضع الذي تضع فيه الناقة ولدها، وكذلك المضاعف إن كان على يفعل، ويفعل المفعل منه مفتوح كقولك إنه لطيب المشم من شممت تشم، وأما المضموم فمثل قولك الممر والمكر من قولك مر يمر، وكر يكر، وإن كان من المضاعف، وكان على فعل يفعل إن كان اسمًا كسرت كما كنت فاعلًا في غير المضاعف، وقد مضى شرحه، وإن كان مصدرًا فتحت مثل قاع المضل، وما في ثوبه مصح، و{حتى يبلغ الهدي محله}، فهذه أسماء، وكذلك المدب والمدب، والمفر والمفر، وقول الله عز وجل: {أين المفر} فهو مصدر، وإن كان من ذوات الياء كان مصدره بالألف، واسمه بالياء مثل المعاب، والمعيب، والمسار والمسير، وإن كان من ذوات الواو كان بالألف مثل مقام ومنام). [شرح المفضليات: 7] (م)

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا لَا وَزَرَ (11)}
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت: 291هـ): ({كَلَّا لَا وَزَرَ} أي لا ملجأ؛ الوزر: الملجأ). [مجالس ثعلب: 115]

تفسير قوله تعالى: {إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (12)}

تفسير قوله تعالى: {يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ (13)}

تفسير قوله تعالى: {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14)}

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (15)}
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ): (حدثنا مروان بن معاوية، عن نعيم بن أبي بسطام، عن أبيه، عن الضحاك بن مزاحم، في قوله: {ولو ألقى معاذيره} قال: ستوره، أهل اليمن يسمون الستر المعذار). [فضائل القرآن: 340]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت: 291هـ): ( {وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} قال: ستوره، ومنه إن أعتذر لم يقبل عذره {لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ}: يؤخر التوبة.

{عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ}. قال: يسوي بين أصابعه حتى تصير يده كيد البعير). [مجالس ثعلب: 545] (م)

تفسير قوله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16)}

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ (17)}

تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ (18)}

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)}

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 17 ذو القعدة 1435هـ/11-09-2014م, 10:38 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 17 ذو القعدة 1435هـ/11-09-2014م, 10:38 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 17 ذو القعدة 1435هـ/11-09-2014م, 10:38 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 17 ذو القعدة 1435هـ/11-09-2014م, 10:38 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ أبو عمرو والحسن ومجاهد وقتادة والجحدري وعاصم والأعمش وأبو جعفر وشيبة «برق البصر» بكسر الراء بمعنى شخص وشق وحار. وقرأ نافع وعاصم بخلاف، وعبد الله بن أبي إسحاق وزيد بن ثابت ونصر بن عاصم «برق» بفتح الراء، بمعنى لمع وصار له بريق وحار عند الموت، والمعنى متقارب في القراءتين، وقال أبو عبيدة «برق» بالفتح شق، وقال مجاهد هذا عند الموت، وقال الحسن هذا في يوم القيامة). [المحرر الوجيز: 8/ 473]

تفسير قوله تعالى: {وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ جمهور الناس: «وخسف القمر» على أنه فاعل، وقرأ أبو حيوة: «خسف» بضم الخاء وكسر السين و «القمر» مفعول لما يسم فاعله. يقال خسف القمر وخسفه الله، وكذلك الشمس، وقال أبو عبيدة وجماعة من اللغويين الخسوف والكسوف بمعنى واحد، قال ابن أبي أويس: الكسوف ذهاب بعض النور والخسوف ذهاب جميعه، وروي عن عروة وسفيان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقولوا كسفت الشمس ولكن قولوا خسفت»). [المحرر الوجيز: 8/ 473-474]

تفسير قوله تعالى: {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: وجمع الشّمس والقمر غلب عليه التذكير على التأنيث، وقيل ذلك لأن تأنيث الشمس غير حقيقي، وقيل المراد بين الشمس والقمر، وكذلك قرأ ابن أبي عبلة. واختلف المتأولون في معنى الجمع بينهما فقال عطاء بن يسار: يجمعان فيقذفان في النار، وقيل في البحر، فتصير نار الله العظمى، وقيل يجمع الضوءان فيذهب بهما). [المحرر الوجيز: 8/ 474]

تفسير قوله تعالى: {يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (10)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ جمهور الناس «أين المفر» بفتح الميم والفاء على المصدر أي أين الفرار، وقرأ ابن عباس والحسن وعكرمة وأيوب السختياني وكلثوم بن عياض ومجاهد ويحيى بن يعمر وحماد بن سلمة وأبو رجاء وعيسى وابن أبي إسحاق: «أين المفر» بفتح الميم وكسر الفاء على معنى أين موضع الفرار، وقرأ الزهري: «أين المفر» بكسر الميم وفتح الفاء بمعنى أين الجيد الفرار). [المحرر الوجيز: 8/ 474]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا لَا وَزَرَ (11)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وكلّا زجر يقال للإنسان يومئذ ثم يعلن أنه لا وزر له أي ملجأ، وعبر المفسرون عن الوزر بالحبل، قال مطرف بن الشخير وغيره، وهو كان وزر فرار العرب في بلادهم، فلذلك استعمل، والحقيقة أنه الملجأ كان جبلا أو حصنا أو سلاحا أو رجلا أو غيره). [المحرر الوجيز: 8/ 474]

تفسير قوله تعالى: {إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (12)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: إلى ربّك يومئذٍ المستقرّ معناه إلى حكم ربك أو نحوه من التقدير والمستقرّ رفع بالابتداء وخبره في المقدر الذي يتعلق به المجرور المتقدم. تقدير الكلام المستقر ثابت أو كائن إلى ربك يومئذ، والمستقرّ: موضع الاستقرار). [المحرر الوجيز: 8/ 474]

تفسير قوله تعالى: {يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ (13)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: بما قدّم وأخّر قسمة تستوي في كل عمل، أي يعلم بكل ما فعل ويجده محصلا، قال ابن عباس وابن مسعود المعنى بما قدّم في حياته وأخّر من سنة يعمل بها بعده، وقال ابن عباس أيضا: بما قدّم من المعاصي وأخّر من الطاعات، وقال زيد بن أسلم: بما قدّم لنفسه من ماله وبما أخر منه للوارث). [المحرر الوجيز: 8/ 474-475]

تفسير قوله تعالى: {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: بل الإنسان إضراب بمعنى الترك لا على معنى إبطال القول الأول، وبصيرةٌ يحتمل أن يكون خبرا عن الإنسان ولحقته هاء التأنيث كما لحقت علامة ونسابة، والمعنى فيه وفي عقله وفطرته حجة وطليعة وشاهد مبصر على نفسه، والهاء للتأنيث، ويراد ب «البصيرة» جوارحه أو الملائكة الحفظة وهذا تأويل ابن عباس). [المحرر الوجيز: 8/ 475]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (15)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و «المعاذير» هنا قال الجمهور: هي الأعذار جمع معذرة، وقال السدي والضحاك: هي الستور بلغة اليمن يقولون للستر المعذار، وقال الحسن: المعنى بل الإنسان على نفسه بلية ومحنة، كأنه ذهب إلى البصيرة التي هي طريقة الدم وداعية طلب الثأر وفي هذا نظر). [المحرر الوجيز: 8/ 475]

تفسير قوله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ (17)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: لا تحرّك به لسانك لتعجل به (16) إنّ علينا جمعه وقرآنه (17) فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه (18) ثمّ إنّ علينا بيانه (19) كلاّ بل تحبّون العاجلة (20) وتذرون الآخرة (21) وجوهٌ يومئذٍ ناضرةٌ (22) إلى ربّها ناظرةٌ (23) ووجوهٌ يومئذٍ باسرةٌ (24) تظنّ أن يفعل بها فاقرةٌ (25) كلاّ إذا بلغت التّراقي (26) وقيل من راقٍ (27) وظنّ أنّه الفراق (28) والتفّت السّاق بالسّاق (29) إلى ربّك يومئذٍ المساق (30)
الضمير في به عائد على كتاب الله تعالى ولم يجر له ذكر، ولكن القرائن تبينه، فهذا كقوله تعالى: توارت بالحجاب [ص: 32]، وكقوله تعالى: كلّا إذا بلغت التّراقي يعني النفس، واختلف المتأولون في السبب الموجب أن يؤمر رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الأمر، فقال الشعبي: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لحرصه على أداء الرسالة والاجتهاد في ذات الله تعالى ربما أراد النطق ببعض ما أوحي إليه قبل كمال إيراد الوحي، فأمر أن لا يجعل بالقرآن من قبل أن يفضى إليه وحيه. وجاءت هذه الآية في هذا المعنى. وقال الضحاك: كان سببها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخاف أن ينسى القرآن فكان يدرسه حتى غلب ذلك عليه وشق، فنزلت الآية في ذلك، وقال كثير من المفسرين وهو في صحيح البخاري عن ابن عباس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة، وكان مما يحرك شفتيه مخافة أن يذهب عنه ما يوحى إليه، فنزلت الآية بسبب ذلك وأعلمه الله تعالى أنه يجمعه له في صدره، وقرآنهيحتمل أن يريد به وقراءته أي تقرأه أنت يا محمد، والقرآن مصدر كالقراءة ومنه قول الشاعر [حسان بن ثابت] في عثمان رضي الله عنه وأرضاه: [البسيط]
ضحوا بأشمط عنوان السجود به = يقطّع الليل تسبيحا وقرآنا
ويحتمل أن يريد إنّ علينا جمعه وتأليفه في صدر صدرك فهو مصدر من قولك قرأت أي جمعت، ومنه قولهم في المرأة التي لم تلد ما قرأت سلاقط، ومنه قول الشاعر [عمرو بن كلثوم]: [الوافر]
ذراعي عيطل أدماء بكر = هجان اللون لم تقرأ جنينا). [المحرر الوجيز: 8/ 475-477]

تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ (18)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه أي قراءة الملك الرسول عنا. وقوله تعالى: فاتّبعيحتملأن يريد بذهنك وفكرك، أي فاستمع قراءته وقاله ابن عباس، ويحتمل أن يريد فاتّبعفي الأوامر والنواهي، قاله ابن عباس أيضا وقتادة والضحاك. وقرأ أبو العالية: «قرته»، «فإذا قرته فاتبع قرته» بفتح القاف والراء والتاء من غير همز ولا ألف في الثالثة). [المحرر الوجيز: 8/ 477]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: ثمّ إنّ علينا بيانه، قال قتادة وجماعة معه: معناه أن نبينه لك ونحفظكه، وقال كثير من المتأولين معناه أن تبينه أنت، وقال قتادة أيضا وغيره معناه أن نبين حلاله وحرامه ومجمله ومفسره). [المحرر الوجيز: 8/ 477]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 17 ذو القعدة 1435هـ/11-09-2014م, 10:38 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 17 ذو القعدة 1435هـ/11-09-2014م, 10:39 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقال تعالى ها هنا: {فإذا برق البصر} قال أبو عمرو بن العلاء: {برق} بكسر الرّاء، أي: حار. وهذا الّذي قاله شبيهٌ بقوله تعالى: {لا يرتدّ إليهم طرفهم} [إبراهيم: 43]، بل ينظرون من الفزع هكذا وهكذا، لا يستقرّ لهم بصرٌ على شيءٍ؛ من شدّة الرّعب.
وقرأ آخرون: "برق" بالفتح، وهو قريبٌ في المعنى من الأوّل. والمقصود أنّ الأبصار تنبهر يوم القيامة وتخشع وتحار وتذلّ من شدّة الأهوال، ومن عظم ما تشاهده يوم القيامة من الأمور). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 277]

تفسير قوله تعالى: {وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وخسف القمر} أي: ذهب ضوءه). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 277]

تفسير قوله تعالى: {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وجمع الشّمس والقمر} قال مجاهدٌ: كوّرا. وقرأ ابن زيدٍ عند تفسير هذه الآية: {إذا الشّمس كوّرت * وإذا النّجوم انكدرت} [التّكوير: 1، 2] وروي عن ابن مسعودٍ أنّه قرأ: "وجمع بين الشّمس والقمر"). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 277]

تفسير قوله تعالى: {يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (10)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {يقول الإنسان يومئذٍ أين المفرّ} أي: إذا عاين ابن آدم هذه الأهوال يوم القيامة، حينئذٍ يريد أن يفرّ ويقول: أين المفرّ؟ أي: هل من ملجأٍ أو موئلٍ؟). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 277]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا لَا وَزَرَ (11) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (12)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال اللّه تعالى: {كلا لا وزر * إلى ربّك يومئذٍ المستقرّ} قال ابن مسعودٍ، وابن عبّاسٍ، وسعيد بن جبير، وغير واحدٍ من السّلف: أي لا نجاة.
وهذه كقوله: {ما لكم من ملجإٍ يومئذٍ وما لكم من نكيرٍ} [الشّورى: 47] أي: ليس لكم مكانٌ تتنكّرون فيه، وكذا قال هاهنا {لا وزر} أي: ليس لكم مكانٌ تعتصمون فيه؛ ولهذا قال: {إلى ربّك يومئذٍ المستقرّ} أي: المرجع والمصير). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 277]

تفسير قوله تعالى: {يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ (13) بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (15)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى: {ينبّأ الإنسان يومئذٍ بما قدّم وأخّر} أي: يخبر بجميع أعماله قديمها وحديثها، أوّلها وآخرها، صغيرها وكبيرها، كما قال تعالى: {ووجدوا ما عملوا حاضرًا ولا يظلم ربّك أحدًا} [الكهف: 49] وهكذا قال هاهنا: {بل الإنسان على نفسه بصيرةٌ * ولو ألقى معاذيره} أي: هو شهيدٌ على نفسه، عالمٌ بما فعله ولو اعتذر وأنكر، كما قال تعالى: {اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبًا} [الإسراء: 14].
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {بل الإنسان على نفسه بصيرةٌ} يقول: سمعه وبصره ويداه ورجلاه وجوارحه.
وقال قتادة: شاهدٌ على نفسه. وفي روايةٍ قال: إذا شئت -واللّه- رأيته بصيرًا بعيوب النّاس وذنوبهم غافلًا عن ذنوبه، وكان يقال: إنّ في الإنجيل مكتوبًا: يا ابن آدم، تبصر القذاة في عين أخيك، وتترك الجذل في عينك لا تبصره.
وقال مجاهدٌ: {ولو ألقى معاذيره} ولو جادل عنها فهو بصيرٌ عليها. وقال قتادة: {ولو ألقى معاذيره} ولو اعتذر يومئذٍ بباطلٍ لا يقبل منه. وقال السّدّيّ: {ولو ألقى معاذيره} حجّته. وكذا قال ابن زيدٍ، والحسن البصريّ، وغيرهم. واختاره ابن جريرٍ.
وقال قتادة، عن زرارة، عن ابن عبّاسٍ: {ولو ألقى معاذيره} يقول: لو ألقى ثيابه.
وقال الضّحّاك: ولو أرخى ستوره، وأهل اليمن يسمّون السّتر: المعذار.
والصّحيح قول مجاهدٍ وأصحابه، كقوله: {ثمّ لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا واللّه ربّنا ما كنّا مشركين} [الأنعام: 23] وكقوله {يوم يبعثهم اللّه جميعًا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنّهم على شيءٍ ألا إنّهم هم الكاذبون} [المجادلة: 18].
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: {ولو ألقى معاذيره} هي الاعتذار ألم تسمع أنّه قال: {لا ينفع الظّالمين معذرتهم} [غافرٍ: 52] وقال: {وألقوا إلى اللّه يومئذٍ السّلم} [النّحل: 87] {فألقوا السّلم ما كنّا نعمل من سوءٍ} [النّحل: 28] وقولهم: {واللّه ربّنا ما كنّا مشركين}). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 277-278]

تفسير قوله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({لا تحرّك به لسانك لتعجل به (16) إنّ علينا جمعه وقرآنه (17) فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه (18) ثمّ إنّ علينا بيانه (19) كلّا بل تحبّون العاجلة (20) وتذرون الآخرة (21) وجوهٌ يومئذٍ ناضرةٌ (22) إلى ربّها ناظرةٌ (23) ووجوهٌ يومئذٍ باسرةٌ (24) تظنّ أن يفعل بها فاقرةٌ (25)}
هذا تعليمٌ من اللّه عزّ وجلّ لرسوله صلّى اللّه عليه وسلّم في كيفيّة تلقّيه الوحي من الملك، فإنّه كان يبادر إلى أخذه، ويسابق الملك في قراءته، فأمره اللّه عزّ وجلّ إذا جاءه الملك بالوحي أن يستمع له، وتكفّل له أن يجمعه في صدره، وأن ييسّره لأدائه على الوجه الّذي ألقاه إليه، وأن يبيّنه له ويفسّره ويوضّحه. فالحالة الأولى جمعه في صدره، والثّانية تلاوته، والثّالثة تفسيره وإيضاح معناه؛ ولهذا قال: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به} أي: بالقرآن، كما قال: {ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل ربّ زدني علمًا} [طه: 114].ثمّ قال: {إنّ علينا جمعه} أي: في صدرك، {وقرآنه} أي: أن تقرأه، {فإذا قرأناه} أي: إذا تلاه عليك الملك عن اللّه عزّ وجلّ، {فاتّبع قرآنه} أي: فاستمع له، ثمّ اقرأه كما أقرأك، {ثمّ إنّ علينا بيانه} أي: بعد حفظه وتلاوته نبيّنه لك ونوضّحه، ونلهمك معناه على ما أردنا وشرعنا.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عبد الرّحمن، عن أبي عوانة، عن موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يعالج من التّنزيل شدّةً، فكان يحرّك شفتيه -قال: فقال لي ابن عبّاسٍ: أنا أحرّك شفتيّ كما كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يحرّك شفتيه. وقال لي سيعد: وأنا أحرّك شفتيّ كما رأيت ابن عبّاسٍ يحرّك شفتيه- فأنزل اللّه عزّ وجلّ {لا تحرّك به لسانك لتعجل به إنّ علينا جمعه وقرآنه} قال: جمعه في صدرك، ثمّ تقرأه، {فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه} فاستمع له وأنصت، {ثمّ إنّ علينا بيانه} فكان بعد ذلك إذا انطلق جبريل قرأه كما أقرأه.
وقد رواه البخاريّ ومسلمٌ، من غير وجهٍ، عن موسى بن أبي عائشة، به ولفظ البخاريّ: فكان إذا أتاه جبريل أطرق، فإذا ذهب قرأه كما وعده اللّه عزّ وجلّ.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا أبو يحيى التّيميّ، حدّثنا موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا أنزل عليه الوحي يلقى منه شدّةٌ، وكان إذا نزل عليه عرف في تحريكه شفتيه، يتلقّى أوّله ويحرّك به شفتيه خشية أن ينسى أوّله قبل أن يفرغ من آخره، فأنزل اللّه: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به}
وهكذا قال الشّعبيّ، والحسن البصريّ، وقتادة، ومجاهدٌ، والضّحّاك، وغير واحدٍ: إنّ هذه الآية نزلت في ذلك.
وقد روى ابن جريرٍ من طريق العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به} قال: كان لا يفتر من القراءة مخافة أن ينساه، فقال اللّه: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به * إنّ علينا} أن نجمعه لك {وقرآنه} أن نقرئك فلا تنسى.
وقال ابن عبّاسٍ وعطيّة العوفيّ: {ثمّ إنّ علينا بيانه} تبيين حلاله وحرامه. وكذا قال قتادة). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 278-279]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:38 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة