العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الرعد

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27 ربيع الثاني 1434هـ/9-03-2013م, 04:50 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير سورة الرعد [ من الآية (8) إلى الآية (11) ]

{اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (8) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9) سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10) لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 28 ربيع الثاني 1434هـ/10-03-2013م, 11:37 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (8) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وما تغيض الأرحام وما تزداد قال الغيض السقط وما تزداد فوق التسعة الأشهر قال معمر وقال سعيد بن جبير إذا رأت المرأة الدم على الحمل فهو الغيض للولد يقول نقصان في غذاء الولد وهو زيادة في الحمل). [تفسير عبد الرزاق: 1/332]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن ابن أبي نجيح عن مجاهد: {وما تغيض الأرحام} قال: خروج الدم {وما تزداد} قال: استمساك الدم [الآية: 8].
سفيان [الثوري] عن ابن جريجٍ عن الضّحّاك قال: خروج الدّم ما بين تسعة أشهرٍ {وما تزداد} قال: ما فوق ذلك). [تفسير الثوري: 151-152]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت: 227هـ): ( [الآية : قوله تعالى: {اللّه يعلم ما تحمل كلّ أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكلّ شيءٍ عنده بمقدارٍ} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا أبو بشرٍ، عن مجاهدٍ - في قوله عزّ وجلّ: {يعلم ما تحمل كلّ أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد} -، قال: ما زادت على التّسعة الأشهر فهي الزّيادة، وهي تمامٌ لذلك النقصان.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا أبو عوانة، عن أبي بشرٍ، عن مجاهدٍ - في قوله عزّ وجلّ: {وما تغيظ الأرحام وما تزداد} -، قال: إذا حاضت المرأة على ولدها كان نقصانًا في الولد، فإذا زادت على التّسعة أشهرٍ كان تمامًا لمّا نقص منها.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا عتّاب بن بشيرٍ، عن خصيف، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: عدد كلّ يومٍ يزداد وهي حاملٌ يكون زيادةً في أجل الحمل.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا عبد اللّه بن المبارك، عن عاصمٍ الأحول، عن عكرمة، قال: الغيض الحيض في الحمل، فلها بكلّ يومٍ حاضت في حملها (يومٌ) يزداد في حملها حتّى تتوفّا الحمل طاهرًا.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا عبد اللّه بن المبارك، عن الحسن بن يحيى، عن الضّحّاك، قال: الغيض ما دون التّسعة، وما يزداد: ما فوق التسعة). [سنن سعيد بن منصور: 5/424-426]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({بمقدارٍ} [الرعد: 8] : «بقدرٍ»). [صحيح البخاري: 6/78]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله بمقدارٍ بقدرٍ هو كلام أبي عبيدة أيضًا وزاد مفعالٌ من القدر وروى الطّبريّ من طريق سعيدٍ عن قتادة أي جعل لهم أجلًا معلومًا). [فتح الباري: 8/371]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (بمقدارٍ بقدرٍ
أشار به إلى قوله تعالى: {وكل شيء عنده بمقدار} (الرّعد: 8) وفسره بقوله: (بقدر) والمقدار على وزن: مفعال معناه: بحدّ لا يجاوزه ولا ينقص عنه، وعن ابن عبّاس: مقدار كل شيء ممّا يكون قبل أن يكون وكلما هو كائن إلى يوم القيامة). [عمدة القاري: 18/310]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وقوله تعالى: {وكل شيء عنده} ({بمقدار}) [الرعد: 8] أي (بقدر) لا يجاوزه ولا ينقص عنه والعندية يحتمل أن يكون المراد بها أنه تعالى خصص كل حادث بوقت معين وحالة معينة بمشيئته الأزلية وإرادته السردية وعند حكماء الإسلام أنه تعالى وضع أشياء كلية وأودع فيها قوى وخواص وحرّكها بحيث يلزم من حركاتها المقدرة بالمقادير المخصوصة أحوال جزئية متعينة ومناسبات مخصوصة متقدرة ويدخل في هذه الآية أفعال العباد وأحوالهم وخواطرهم وهي من أدل الدلائل على بطلان قول المعتزلة). [إرشاد الساري: 7/183]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب قوله: {اللّه يعلم ما تحمل كلّ أنثى وما تغيض الأرحام} [الرعد: 8]
{غيض} [هود: 44] : «نقص»
- حدّثني إبراهيم بن المنذر، حدّثنا معنٌ، قال: حدّثني مالكٌ، عن عبد اللّه بن دينارٍ، عن ابن عمر رضي اللّه عنهما: أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال: " مفاتح الغيب خمسٌ لا يعلمها إلّا اللّه: لا يعلم ما في غدٍ إلّا اللّه، ولا يعلم ما تغيض الأرحام إلّا اللّه، ولا يعلم متى يأتي المطر أحدٌ إلّا اللّه، ولا تدري نفسٌ بأيّ أرضٍ تموت، ولا يعلم متى تقوم السّاعة إلّا اللّه "). [صحيح البخاري: 6/79]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب قوله اللّه يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام)
غيض نقص قال أبو عبيدة في قوله وغيض الماء أي ذهب وقلّ وهذا تفسير سورة هودٍ وإنّما ذكره هنا لتفسير قوله تغيض الأرحام فإنّها من هذه المادّة وروى عبد بن حميدٍ من طريق أبي بشرٍ عن مجاهدٍ في قوله اللّه يعلم ما تحمل كلّ أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد قال إذا حاضت المرأة وهي حاملٌ كان نقصانًا من الولد فإن زادت على تسعة أشهرٍ كان تمامًا لما نقص من ولدها ثمّ روي من طريق منصورٍ عن الحسن قال الغيض ما دون تسعة أشهرٍ والزّيادة ما زادت عليها يعني في الوضع ثمّ ذكر المصنّف حديث بن عمر في مفاتح الغيب وقد تقدّم في سورة الأنعام ويأتي في تفسير سورة لقمان ويشرح هناك إن شاء اللّه تعالى
- قوله حدّثني إبراهيم بن المنذر حدّثنا معنٍ عن مالكٍ قال أبو مسعودٍ تفرد به إبراهيم بن المنذر وهو غريب عن مالك قلت قد أخرجه الدّارقطنيّ من رواية عبد اللّه بن جعفرٍ البرمكيّ عن معن ورواه أيضًا من طريق القعنبيّ عن مالكٍ لكنّه اختصره قلت وكذا أخرجه الإسماعيليّ من طريق بن القاسم عن مالكٍ قال الدّارقطنيّ ورواه أحمد بن أبي طيبة عن مالكٍ عن نافعٍ عن بن عمر فوهم فيه إسنادًا ومتنا). [فتح الباري: 8/375]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (باب قوله الله {يعلم ما تحمل كلّ أنثى وما تغيض الأرحام} (الرّعد: 8) غيض نقص).
أي هذا باب في قوله الله: (يعلم) الآية: وفي بعض النّسخ لفظ: باب قوله: (وما تغيض) أي: وما تنقص بالسقط النّاقص وما تزداد بالولد التّام، وعن الضّحّاك: غيضها أن تأتي بالولد ما دون التّسعة وعن الحسن: غيضها السقط، وقيل: أن تغيض من السّتّة أشهر ثلاثة أيّام، وقيل: تغيض بإراقة الدّم في الحمل حتّى يتضال الولد، ويزداد إذا أمسكت الدّم فيعظم الولد، وقيل: تغيض بمن ولدته من قبل وتزداد بمن تلده من بعد وقال القرطبيّ: في هذه الآية دليل على أن الحامل تحيض. وهو واحد قولي الشّافعي، وقال عطاء والشعبيّ في آخرين: لا تحيض وهو قول أبي حنيفة، رضي الله تعالى عنه.
- حدّثنا حدّثني إبراهيم بن المنذر حدثنا معنٌ قال حدّثني مالكٌ عن عبد الله بن دينارٍ عن ابن عمر رضي الله عنهما أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مفاتيح الغيب خمسٌ لا يعلمها إلاّ الله لا يعلم ما في غدٍ إلاّ الله ولا يعلم ما تغيض الأرحام إلاّ الله ولا يعلم متى يأتي المطر أحدٌ إلاّ الله ولا تدري نفسٌ بأيّ أرضٍ تموت ولا يعلم متى تقوم السّاعة إلاّ الله.
مطابقته للتّرجمة ظاهرة ومعن: بفتح وسكون العين المهملة وبالنون ابن عيسى القزاز، بالقاف وتشديد الزّاي الأولى، وقال ابن مسعود: تفرد به إبراهيم وهذا هو عزيز. وقال الدّارقطنيّ: رواه ابن أبي ظبية عن مالك عن عبد الله عن ابن عمر موقوفا.
ومر الحديث في كتاب الاستسقاء في: باب لا يدري متى يجيء المطر إلاّ الله، فإنّه أخرجه هناك عن محمّد بن يوسف عن سفيان عن عبد الله بن دينار.
قوله: (مفاتيح الغيب) ، أما استعارة مكنية أو مصرحة، والتخصيص بهذه الخمسة مع أن الّتي لا يعلمها إلّا الله كثيرة إمّا لأنهم كانوا يعتقدون أنهم يعرفونها، أو لأنهم سألوه عنها، مع أن مفهوم العدد لا احتجاج به، فافهم). [عمدة القاري: 18/312-313]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب قوله: {اللّه يعلم ما تحمل كلّ أنثى وما تغيض الأرحام} [الرعد: 8] غيض نقص
(باب قوله {الله يعلم ما تحمل كل أنثى}) أي الذي تحمله أو حملها فعلى الموصولية فالمعنى أنه تعالى يعلم ما تحمله من الولد أهو ذكر أم أنثى وتام أم ناقص وحسن أم قبيح وطويل أم قصير
أو غير ذلك من الأحوال ({وما تغيض الأرحام}) [الرعد: 8] (غيض) أي (نقص) بضم النون وكسر القاف سواء كان لازمًا أو متعديًا يقال غاض الماء وغضته أنا والمعنى وما تغيضه الأرحام وما تزداد أي تأخذه زائدًا، والمعنى يعلم ما تنقصه وما تزداده في الجثة والمدة والعدد فإن الرحم قد تشتمل على واحد وعلى اثنين وعلى ثلاثة وأربعة يروى أن شريكًا كان رابع أربعة في بطن أمه، وعن الشافعي أن شيخًا باليمن أخبره أن امرأة ولدت بطونًا في كل بطن خمسة. وعن العوفي عن ابن عباس مما ذكره ابن كثير (وما تغيض الأرحام) يعني السقط وما تزداد يقول وما زاد الرحم في الحمل على ما غاضت حتى ولدته تمامًا، وذلك أن من النساء من تحمل عشرة أشهر ومن تحمل تسعة أشهر ومنهن من تزيد في الحمل ومنهن من تنقص، وأقصى مدة الحمل أربع سنين عندنا وخمس عند مالك وسنتان عند أبي حنيفة. وقال الضحاك: وضعتني أن في بطنها سنتين وولدتني وقد نبتت ثنيتي انتهى.
وأقول في سنة ثمان وثمانين وثمانمائة غرة يوم السبت مستهل جمادى الأولى ولدت ابنتي زينب وفقها الله تعالى لكل خير وأحسن عواقبها وجعل لها الذرية الصالحة لتسعة أشهر من ابتداء حملها وقد نبتت ثنيتها ثم سقطت بعد نحو سبعة أشهر.
وقال مكحول: الجنين في بطن أمه لا يطلب ولا يحزن ولا يغتم وإنما يأتيه رزقه في بطن أمه من دم حيضها فمن ثم لا تحيض الحامل، فإذا وقع إلى الأرض استهل واستهلاله استنكار لمكانه فإذا قطعت سرته حوّل الله رزقه إلى ثدي أمه حتى لا يطلب ولا يحزن ولا يغتم ثم يصير طفلاً يتناول الشيء بكفّه فيأكل فإذا بلغ قال هو الموت أو القتل أنى لي بالرزق؟ يقول مكحول: يا ويحك غذاك وأنت في بطن أمك وأنت طفل صغير حتى إذا اشتددت وعقلت قلت هو الموت أو القتل أنى لي بالرزق؟ ثم قرأ مكحول {يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد} [الرعد: 8] انتهى.
والإسناد إلى الرحم لا يخفى أنه مجازي إذ الفاعل حقيقة هو الله تعالى وكل كائن بقدر معين عند الله تعالى لا يجاوز ولا ينقص عنه.
- حدّثني إبراهيم بن المنذر، حدّثنا معنٌ، قال: حدّثني مالكٌ عن عبد اللّه بن دينارٍ، عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: أنّ رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- قال: «مفاتيح الغيب خمسٌ، لا يعلمها إلاّ اللّه لا يعلم ما في غدٍ إلاّ اللّه، ولا يعلم ما تغيض الأرحام إلاّ اللّه، ولا يعلم متى يأتي المطر أحدٌ إلاّ اللّه، ولا تدرى نفسٌ بأيّ أرضٍ تموت. ولا يعلم متى تقوم السّاعة إلاّ اللّه».
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (إبراهيم بن المنذر) الحزامي بالحاء المهملة والزاي المعجمة قال: (حدّثنا معن) بفتح الميم وسكون العين آخره نون ابن عيسى القزاز بالقاف والزاي المشددة وبعد
الألف زاي أخرى (قال حدّثني) بالإفراد (مالك) الإمام (عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما) قال أبو مسعود: تفرد به إبراهيم بن المنذر وهو غريب عن مالك. قال في الفتح: قد أخرجه الدارقطني من رواية عبد الله بن إبراهيم بن المنذر وهو غريب عن مالك. قال في الفتح: قد أخرجه الدارقطني من رواية عبد الله بن جعفر البرمكي عن معن ورواه أيضًا من طريق القعنبي عن مالك لكنه اختصره وكذا أخرجه الإسماعيلي من طريق ابن القاسم عن مالك، قال الدارقطني: ورواه أحمد بن أبي طيبة عن مالك عن نافع عن ابن عمر فوهم فيه إسنادًا ومتنًا (أن رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- قال):
(مفاتيح الغرب) بوزن مصابيح ولأبي ذر مفاتح بوزن مساجد جمع مفتح بفتح الميم أي خزائن الغيب (خمس لا يعلمها إلا الله) ذكر خمسًا لأن كان الغيب لا يتناهى لأن العدد لا ينفي الزائد أو لأنهم كانوا يعتقدون معرفتها (لا يعلم ما في غد إلا الله ولا يعلم ما تغيض الأرحام) أي ما تنقصه (إلا الله ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله) أي إلا عند أمر الله به فيعلم حينئذٍ كالسابق إذا أمر تعالى به (ولا تدري نفس بأي أرض تموت) أي في بلدها أم في غيرها كما لا تدري في أي وقت تموت (ولا يعلم متى تقوم الساعة) أحد (إلا الله) إلا من ارتضى من رسول فإنه يطلعه على ما يشاء من غيبه والولي التابع له يأخذ عنه.
وقد سبق شيء من فوائد هذا الحديث في سورة الأنعام، فالتفت إليه كالاستسقاء ويأتي الإلمام بشيء منه إن شاء الله تعالى في آخر سورة لقمان وبالله المستعان). [إرشاد الساري: 7/185-186]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {ما تحمل كلّ أنثى}
- أخبرنا عليّ بن حجرٍ، عن إسماعيل وهو ابن جعفرٍ، عن عبد الله بن دينارٍ، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «مفاتيح الغيب خمسٌ لا يعلمها إلّا الله، لا يعلم ما تغيض الأرحام أحدٌ إلّا الله، ولا يعلم ما في غدٍ إلّا الله، ولا يعلم متى يأتي المطر إلّا الله، ولا تعلم نفسٌ بأيّ أرضٍ تموت، ولا يعلم متى تقوم السّاعة أحدٌ إلّا الله عزّ وجلّ»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/136]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {اللّه يعلم ما تحمل كلّ أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكلّ شيءٍ عنده بمقدارٍ}.
يقول تعالى ذكره: {وإن تعجب فعجبٌ قولهم أئذا كنّا ترابًا أئنّا لفي خلقٍ جديدٍ} منكرين قدرة اللّه على إعادتهم خلقًا جديدًا بعد فنائهم وبلائهم، ولا ينكرون قدرته على ابتدائهم وتصويرهم في الأرحام وتدبيرهم وتصريفهم فيها حالاً بعد حالٍ فابتدأ الخبر عن ذلك ابتداءً، والمعنى فيه ما وصفت، فقال جلّ ثناؤه: {اللّه يعلم ما تحمل كلّ أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد} يقول: وما تنقص الأرحام من حملها في الأشهر التّسعة بإرسالها دم الحيض، وما تزداد في حملها على الأشهر التّسعة لتمام ما نقص من الحمل في الأشهر التّسعة بإرسالها دم الحيض {وكلّ شيءٍ عنده بمقدارٍ} لا يجاوز شيءٌ من قدره عن تقديره، ولا يقصر أمرٌ أراده فدبّره عن تدبيره، كما لا يزداد حمل أنثى على ما قدّر له من الحمل، ولا يقصر عمّا حدّ له من القدر والمقدار، مفعالٌ من القدر.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثني يعقوب بن ماهان، قال: حدّثنا القاسم بن مالكٍ، عن داود بن أبي هندٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {يعلم ما تحمل كلّ أنثى وما تغيض الأرحام} قال: ما رأت المرأة من يومٍ دمًا على حملها زاد في الحمل يومًا.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {اللّه يعلم ما تحمل كلّ أنثى وما تغيض الأرحام} يعني السّقط {وما تزداد} يقول: ما زادت الرّحم في الحمل على ما غاضت حتّى ولدته تمامًا، وذلك أنّ من النّساء من تحمل عشرة أشهرٍ، ومنهنّ من تحمل تسعة أشهرٍ، ومنهنّ من تزيد في الحمل ومنهنّ من تنقص، فذلك الغيض والزّيادة الّتي ذكر اللّه، وكلّ ذلك بعلمه
- حدّثنا سعيد بن يحيى الأمويّ، قال: حدّثنا عبد السّلام، قال: حدّثنا خصيفٌ، عن مجاهدٍ، أو سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: {وما تغيض الأرحام} قال: غيضتها دون التّسعة، والزّيادة فوق التّسعة
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا أبو بشرٍ، عن مجاهدٍ، أنّه قال: الغيض: ما رأت الحامل من الدّم في حملها، فهو نقصانٌ من الولد، والزّيادة: ما زاد على التّسعة أشهرٍ، فهو تمامٌ للنّقصان وهو زيادةٌ
- حدّثنا محمّد بن المثنّى قال: حدّثنا عبد الصّمد قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن مجاهدٍ في قوله: {وما تغيض الأرحام وما تزداد} قال: ما ترى من الدّم، وما تزداد على تسعة أشهرٍ.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن مجاهدٍ أنّه قال: يعلم {ما تغيض الأرحام وما تزداد} قال: ما زاد على التّسعة الأشهر، {وما تغيض الأرحام} قال: الدّم تراه المرأة في حملها
- حدّثني المثنّى، حدّثنا عمرو بن عونٍ والحجّاج بن المنهال قالا: حدّثنا هشيمٌ، عن أبي بشرٍ، عن مجاهدٍ في قوله: {وما تغيض الأرحام وما تزداد} قال: الغيض: الحامل ترى الدّم في حملها فهو الغيض، وهو نقصانٌ من الولد، وما زاد على تسعة أشهرٍ فهو تمامٌ لذلك النّقصان، وهي الزّيادة
- حدّثنا أحمد بن إسحاق قال: حدّثنا أبو أحمد قال: حدّثنا عبد السّلام، عن خصيفٍ، عن مجاهدٍ: {وما تغيض الأرحام وما تزداد} قال: إذا رأت دون التّسعة زاد على التّسعة مثل أيّام الحيض
- حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو أحمد قال: حدّثنا سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وما تغيض الأرحام} قال: خروج الدّم {وما تزداد} قال: استمساك الدّم
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وما تغيض الأرحام} إراقة المرأة حتّى يخسّ الولد {وما تزداد} قال: إن لم تهرق المرأة تمّ الولد وعظم.
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ قال: حدّثنا شبابة قال: حدّثنا شعبة، عن جعفرٍ، عن مجاهدٍ في قوله: {وما تغيض الأرحام وما تزداد} قال: المرأة ترى الدّم وتحمل أكثر من تسعة أشهرٍ
- حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا محمّد بن الصّبّاح، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا أبو بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قوله: {وما تغيض الأرحام} قال: هي المرأة ترى الدّم في حملها
- قال: حدّثنا شبابة، حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وما تغيض الأرحام وما تزداد} إهراق الدّم حتّى يخسّ الولد، وتزداد إن لم تهرق المرأة تمّ الولد وعظم
- قال: حدّثنا الحكم بن موسى، قال: حدّثنا هقلٌ، عن عثمان بن الأسود، قال: قلت لمجاهدٍ: امرأتي رأت دمًا، وأرجو أن تكون حاملاً؟ قال أبو جعفرٍ: هكذا هو في الكتاب، فقال مجاهدٌ: ذاك غيض الأرحام يعلم {ما تغيض الأرحام وما تزداد وكلّ شيءٍ عنده بمقدارٍ} الولد لا يزال يقع في النّقصان ما رأت الدّم، فإذا انقطع الدّم وقع في الزّيادة، فلا يزال حتّى يتمّ فذلك قوله: {وما تغيض الأرحام وما تزداد، وكلّ شيءٍ عنده بمقدارٍ}
- قال: حدّثنا محمّد بن الصّبّاح قال: حدّثنا هشيمٌ قال: أخبرنا أبو بشرٍ، عن مجاهدٍ في قوله: {وما تغيض الأرحام وما تزداد} قال: الغيض: الحامل ترى الدّم في حملها، وهو الغيض، وهو نقصانٌ من الولد، فما زادت على التّسعة الأشهر، فهي الزّيادة، وهو تمامٌ للولادة.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الوهّاب، قال: حدّثنا داود، عن عكرمة، في هذه الآية: {اللّه يعلم ما تحمل كلّ أنثى وما تغيض الأرحام} قال: كلّما غاضت بالدّم زاد ذلك في الحمل.
- قال: حدّثنا عبد الأعلى قال: حدّثنا داود، عن عكرمة نحوه
- حدّثنا أحمد بن إسحاق قال: حدّثنا أبو أحمد قال: حدّثنا عبّاد بن العوّام، عن عاصمٍ، عن عكرمة: {وما تغيض الأرحام} قال: غيض الرّحم: الدّم على الحمل، كلّما غاض الرّحم من الدّم يومًا زاد في الحمل يومًا، حتّى تستكمل وهي طاهرةٌ.
- قال: حدّثنا عبّادٌ، عن سعيدٍ، عن يعلى بن مسلمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، مثله
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا الوليد بن صالحٍ، قال: حدّثنا أبو يزيد، عن عاصمٍ، عن عكرمة، في هذه الآية: {وما تغيض الأرحام} قال: هو الحيض على الحمل {وما تزداد} قال: فلها بكلّ يومٍ حاضت على حملها يومٌ تزداده في طهرها، حتّى تستكمل تسعة أشهرٍ طاهرًا
- قال: حدّثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا عمران بن حديرٍ، عن عكرمة في قوله: {وما تغيض الأرحام وما تزداد} قال: ما رأت الدّم في حملها زاد في حملها.
- حدّثنا عبد الحميد بن بيانٍ، قال: أخبرنا إسحاق، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، في قوله: {وما تغيض الأرحام وما تزداد} ما تغيض: أقلّ من تسعةٍ، وما تزداد: أكثر من تسعةٍ.
- حدّثنا أحمد بن إسحاق قال: حدّثنا أبو أحمد قال: حدّثنا ابن المبارك، عن الحسن بن يحيى قال: سمعت الضّحّاك يقول: قد يولد المولود لسنتين، قد كان الضّحّاك ولد لسنتين، والغيض: ما دون التّسعة، وما تزداد: فوق تسعة أشهرٍ
- قال: حدّثنا أبو أحمد قال: حدّثنا سفيان، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: {وما تغيض الأرحام وما تزداد} قال: دون التّسعة، {وما تزداد}: قال: فوق التّسعة
- قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا سفيان، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، قال: ولدت لسنتين
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا سويد بن نصرٍ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن الحسن بن يحيى، قال: حدّثنا الضّحّاك: أنّ أمّه حملته سنتين قال: {وما تغيض الأرحام} قال: ما تنقص من التّسعة {وما تزداد} قال: ما فوق التّسعة
- قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، في قوله: {اللّه يعلم ما تحمل كلّ أنثى وما تغيض الأرحام} قال: كلّ أنثى من خلق اللّه
- قال: حدّثنا هشيمٌ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، ومنصورٌ، عن الحسن، قالا: الغيض ما دون التّسعة الأشهر.
- قال: حدّثنا سويدٌ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن داود بن عبد الرّحمن، عن ابن جريجٍ، عن جميلة بنت سعدٍ، عن عائشة، قالت: لا يكون الحمل أكثر من سنتين، قدر ما يتحوّل ظلّ مغزلٍ
- حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا فضيل بن مرزوقٍ، عن عطيّة العوفيّ: {وما تغيض الأرحام} قال: هو الحمل لتسعة أشهرٍ وما دون التّسعة {وما تزداد} قال: على التّسعة
- قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا عمرو بن ثابتٍ، عن أبيه، عن سعيد بن جبيرٍ: {وما تغيض الأرحام} قال: حيض المرأة على ولدها
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {وما تغيض الأرحام وما تزداد} قال: الغيض: السّقط، وما تزداد: فوق التّسعة الأشهر
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: إذا رأت المرأة الدّم على الحمل، فهو الغيض للولد، يقول: نقصانٌ في غذاء الولد، وهو زيادةٌ في الحمل
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {اللّه يعلم ما تحمل كلّ أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد} قال: كان الحسن يقول: الغيضوضة أن تضع المرأة لستّة أشهرٍ أو سبعة أشهرٍ، أو لما دون الحدّ. قال قتادة: وأمّا الزّيادة فما زاد على تسعة أشهرٍ
- حدّثني الحارث قال: حدّثنا عبد العزيز قال: حدّثنا قيسٌ، عن سالمٍ الأفطس، عن سعيد بن جبيرٍ قال: غيض الرّحم: أن ترى الدّم على حملها، فكلّ شيءٍ رأت فيه الدّم على حملها ازدادت على حملها مثل ذلك
- قال حدّثنا عبد العزيز قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن قيس بن سعدٍ، عن مجاهدٍ قال: إذا رأت الحامل الدّم كان أعظم للولد
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ يقول: حدّثنا عبيد بن سليمان قال: سمعت الضّحّاك يقول في قوله: {وما تغيض الأرحام وما تزداد} الغيض: النّقصان من الأجل، والزّيادة: ما زاد على الأجل، وذلك أنّ النّساء لا يلدن لعدّةٍ واحدةٍ، يولد المولود لستّة أشهرٍ فيعيش، ويولد لسنتين فيعيش، وفيما بين ذلك قال: وسمعت الضّحّاك يقول: ولدت لسنتين، وقد نبتت ثناياي
- حدّثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {وما تغيض الأرحام} قال: غيض الأرحام. الإهراقة الّتي تأخذ النّساء على الحمل، وإذا جاءت تلك الإهراقة لم يعتدّ بها من الحمل، ونقص ذلك حملها حتّى يرتفع ذلك، وإذا ارتفع استقبلت عدّةً مستقبلةً تسعة أشهرٍ، وأمّا ما دامت ترى الدّم فإنّ الأرحام تغيض وتنقص والولد يرقّ، فإذا ارتفع ذلك الدّم ربا الولد واعتدّت حين يرتفع عنها ذلك الدّم عدّة الحمل تسعة أشهرٍ، وما كان قبله فلا تعتدّ به هو هراقةٌ يبطل ذلك أجمع أكتع
وقوله: {وكلّ شيءٍ عنده بمقدارٍ}
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وكلّ شيءٍ عنده بمقدارٍ} إي واللّه، لقد حفظ عليهم رزقهم وآجالهم، وجعل لهم أجلاً معلومًا). [جامع البيان: 13/444-452]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (اللّه يعلم ما تحمل كلّ أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكلّ شيءٍ عنده بمقدارٍ (8)
قوله: اللّه يعلم ما تحمل كلّ أنثى
- ذكر عن يحي بن آدم عن شريكٍ عن سالمٍ عن سعيدٍ يعلم ما تحمل كلّ أنثى قال: يعلم ذكرا هو أو أنثى.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا شبابة، ثنا قزعة قال: سألت ابن أبي نجيحٍ عن هذه الآية يعلم ما تحمل كلّ أنثى قال: من ذكرٍ أو أنثى.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عقبة بن جريرٍ عن إسرائيل عن جابرٍ عن عكرمة ومجاهدٍ يعلم ما تحمل كلّ أنثى قال: حملها تسعة أشهرٍ.
قوله: وما تغيض الأرحام.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا مسلم بن سلامٍ، ثنا عبد السّلام عن خصيفٍ عن مجاهدٍ وسعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ قوله: وما تغيض الأرحام قال: تغيض الأرحام أن ترى المرأة الدّم في حملها فذلك تزداد في التّسعة أشهرٍ.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا عليّ بن عبد المؤمن، ثنا المحاربيّ عن أبي خالدٍ الدّالانيّ عن زريقٍ الجرجانيّ عن الضّحّاك في قوله: يعلم ما تحمل كلّ أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد قال ابن عبّاسٍ: ما تزداد على تسعةٍ وما نقص عن التّسعة.
وقال الضّحّاك: وضعتني أمّي وقد حملتني في بطنها سنتين وولدتني وقد خرجت ثنيّتي.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عقبة عن إسرائيل عن جابرٍ عن مجاهدٍ وعكرمة: يعلم ما تحمل كلّ أنثى وما تغيض الأرحام قال: حملها تسعة أشهرٍ وما تغيض الأرحام قال: إذا رأت الدّم حشّ الولد، وإذا لم تر الدّم عظم الولد.
وقال عكرمة: الحمل تسعة أشهرٍ وما تغيض الأرحام وما تزداد قال: إذا أراقت الدّم نقص من العدّة وإذا لم ترق الدّم وقت العدّة.
- حدّثنا الحسن بن عليّ بن عفّان، ثنا معاوية يعني ابن هشامٍ عن سفيان عن جويبرٍ عن الضّحّاك: وما تغيض الأرحام قال: ما دون التّسعة أشهرٍ فهو غيضٌ.
- حدّثنا أبي، ثنا عبد الصّمد بن عبد العزيز العطّار الرّازيّ، ثنا جسرٌ عن الحسن في قوله: وما تغيض الأرحام قال: غيضوضتها السّقط.
قوله تعالى: وما تزداد.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن نميرٍ عن حميد بن سليمان عن مجاهدٍ وما تزداد قال: ارتفاع الحيض فلا تراه حتّى تلد.
- حدّثنا الحسن بن عليّ بن عفّان، ثنا معاوية بن هشامٍ عن سفيان عن جويبرٍ عن الضّحّاك قوله: وما تزداد قال: ما فوق التّسعة فهو زيادةٌ.
- حدّثنا محمد بن عمار ابن الحارث، ثنا أبو الوليد، ثنا أبو زيدٍ عن عاصمٍ عن عكرمة في هذه الآية وما تزداد قال: فلها بكلّ يومٍ حاضت على حملها يومًا يزداد وهي في طهرها حتّى تستكمل تسعة أشهرٍ طاهرةً.
- حدّثنا الحسن بن عرفة، ثنا مروان بن شجاعٍ عن خصيفٍ عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: يعلم ما تحمل كلّ أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد قال: عدد كلّ يومٍ ترى فيه الدّم وهي حاملٌ يكونٌ زيادةٌ في أجل الحمل.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا نصر بن عليٍّ، ثنا عمر بن حمزة شيخٌ من بني قيسٍ، ثنا داود بن أبي هندٍ عن مكحولٍ قال: الجنين في بطن أمّه لا يطلب ولا يحزن ولا يغتمّ، وإنّما يأتيه رزقه في بطن أمّه من دم حيضتها، فمن ثمّ لا تحيض الحامل، فإذا وقع إلى الأرض استهلّ، واستهلاله استنكارًا لمكانه فإذا قطعت سرّته حوّل اللّه رزقه إلى ثدي أمّه، فيأكله فإذا هو بلغ قال هو الموت أو القتل قال: أنّى لي بالرّزق؟ فيقول مكحولٌ: يا ويحك غذّاك وأنت في بطن أمّك وأنت طفلٌ صغيرٌ حتّى إذا اشتددت وعقلت. قلت: هو الموت أو القتل أين لي بالرّزق. ثمّ قرأ مكحولٌ: يعلم ما تحمل كلّ أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكلّ شيءٍ عنده بمقدارٍ.
قوله: وكلّ شيءٍ عنده بمقدارٍ.
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، حدّثني عمّي، حدّثني أبي عن أبيه عن عبد اللّه بن عبّاسٍ يعني قوله: وكلّ شيءٍ عنده بمقدارٍ: يعني ذلك يعلمه.
- أخبرنا عليّ بن الحسين الهسنجانيّ، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن بشيرٍ عن قتادة قوله: وكلّ شيءٍ عنده بمقدارٍ أي بأجل حفظ أرزاق خلقه وآجالهم وجعل لذلك أجلا معلومًا). [تفسير القرآن العظيم: 7/2226-2228]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وما تغيض الأرحام قال يعني إهراقة المرأة الحبلى الدم حتى يحش الولد وما تزداد إذا لم تهرق الحبلى الدم إذا تم الولد وعظم). [تفسير مجاهد: 325]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {اللّه يعلم ما تحمل كلّ أنثى} [الرعد: 8] والآيات بعدها.
- عن ابن عبّاسٍ «أنّ أربد بن قيس بن جزيّ بن خالد بن جعفر بن كلابٍ وعامر بن الطّفيل بن مالكٍ قدما المدينة على رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - فانتهيا إلى رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - وهو جالسٌ، فجلسا بين يديه، فقال عامرٌ: يا محمّد، ما تجعل لي إن أسلمت؟ فقال رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: " لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم ". فقال عامرٌ: أتجعل لي الأمر إن أسلمت من بعدك؟ فقال رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: " لك ما للمسلمين وعليك وما عليهم ". قال عامرٌ: أتجعل لي الأمر إن أسلمت من بعدك؟ فقال رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: " لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم ". قال عامرٌ: أتجعل لي الأمر إن أسلمت من بعدك؟ فقال رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: " ليس ذلك لك ولا لقومك، ولكن لك أعنّة الخيل ". فقال: أنا الآن على أعنّة خيل نجدٍ، اجعل لي الوبر ولك المدر، قال رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: " لا ". فلمّا خرج أربد وعامرٌ قال عامرٌ: يا أربد، إنّي أشغل عنك وجه محمّدٍ بالحديث فاضربه بالسّيف فإنّ النّاس إذا قتلته لم يزيدوا على أن يرضوا بالدّية ويكرهوا الحرب، فسنعطيهم الدّية، قال أربد: أفعل. قال: فأقبلا راجعين إليه، فقال عامرٌ: يا محمّد، قم معي أكلّمك. فقام معه رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - فخلّيا إلى الجدار، ووقف معه رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - يكلّمه، وسلّ أربد السّيف، فلمّا وضع يده على قائم السّيف يبست على قائم السّيف وأبطأ أربد على عامرٍ بالضّرب، فالتفت رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - فرأى ما يصنع فانصرف عنهما، فلمّا خرج عامرٌ وأربد من عند رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - مضيا حتّى كانا بالحرّة - حرّة بني واقمٍ - نزلا، فخرج إليهما سعد بن معاذٍ وأسيد بن حضيرٍ فقال: اشخصا يا عدوّي اللّه. فقال عامرٌ: من هذا يا سعد؟ قال: هذا أسيد بن حضيرٍ الكاتب. فخرجا حتّى إذا كان بالرّقم أرسل اللّه على أربد صاعقةً فقتلته، وخرج عامرٌ حتّى إذا كان بالخريم أرسل اللّه عليه قرحةً فأخذته، فأدركه اللّيل في بيت امرأةٍ من بني سلولٍ، فجعل يمسّ القرحة بيده ويقول: غدّةٌ كغدّة الجمل في بيت سلوليّةٍ، يرغب أن يموت في بيتها، ثمّ ركب فرسه فأركضه حتّى مات عليه راجعًا، فأنزل اللّه فيهما {اللّه يعلم ما تحمل كلّ أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد} [الرعد: 8] إلى قوله: {وما لهم من دونه من والٍ} [الرعد: 11] قال: المعقّبات من أمر اللّه يحفظون محمّدًا - صلّى اللّه عليه وسلّم - ثمّ ذكر أربد وما قتله فقال: {هو الّذي يريكم البرق خوفًا وطمعًا} [الرعد: 12] إلى قوله: {وهو شديد الحنال} [الرعد: 13]».
رواه الطّبرانيّ في الأوسط والكبير بنحوه، إلّا أنّه قال: «فلمّا قفا من عند رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - قال عامرٌ: أما واللّه لأملأنّها عليك خيلًا ورجالًا. فقال رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: " يمنعك اللّه». وفي إسنادهما عبد العزيز بن عمران وهو ضعيفٌ.
- وعن أنسٍ قال: «بعث رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - رجلًا من أصحابه إلى رجلٍ من عظماء الجاهليّة يدعوه إلى اللّه - تبارك وتعالى - فقال: أيش ربّك الّذي تدعوني؟ من حديدٍ هو؟ من نحاسٍ هو؟ من فضّةٍ هو؟ من ذهبٍ هو؟ فأتى النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - فأخبره، فأعاده النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - الثّانية، فقال مثل ذلك، فأتى النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - فأخبره، فأرسل إليه الثّالثة، فقال مثل ذلك، فأتى النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - فأخبره، فقال رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: " إنّ اللّه - تبارك وتعالى - قد أنزل على صاحبك صاعقةً فأحرقته ". فنزلت هذه الآية {ويرسل الصّواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في اللّه وهو شديد الحرال} [الرعد: 13]».
رواه أبو يعلى والبزّار بنحوه، إلّا أنّه قال: إلى رجلٍ من فراعنة العرب. وقال الصّحابيّ فيه: يا رسول اللّه، إنّه أعتى من ذلك، وقال: فرجع إليه الثّالثة، قال: فأعاد عليه ذلك الكلام، فبينا هو يكلّمه إذ بعث اللّه سحابةً حيال رأسه فرعدت، فوقعت منها صاعقةٌ فذهبت بقحف رأسه. وبنحو هذا رواه الطّبرانيّ في الأوسط، وقال: فرعدت وأبرقت، ورجال البزّار رجال الصّحيح، غير ديلم بن غزوان وهو ثقةٌ، وفي رجال أبي يعلى والطّبرانيّ عليّ بن أبي سارة وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/41-42]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 8.
أخرج ابن جرير عن الضحاك - رضي الله عنه - {الله يعلم ما تحمل كل أنثى} قال: يعلم ذكر هو أو أنثى {وما تغيض الأرحام} قال: هي المرأة ترى الدم في حملها). [الدر المنثور: 8/376]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {وما تغيض الأرحام} قال: خروج الدم {وما تزداد} قال: استمساكه). [الدر المنثور: 8/376-377]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {وما تغيض الأرحام} قال: أن ترى الدم في حملها {وما تزداد} قال: في التسعة أشهر). [الدر المنثور: 8/377]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك - رضي الله عنه - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {وما تغيض الأرحام وما تزداد} قال: ما تزداد على التسعة وما تنقص من التسعة، قال الضحاك - رضي الله عنه - وضعتني أمي وقد حملتني في بطنها سنتين وولدتني قد خرجت ثنيتي). [الدر المنثور: 8/377]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {وما تغيض الأرحام} قال: ما دون تسعة أشهر وما تزداد فوق التسعة). [الدر المنثور: 8/377]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام} يعني السقط {وما تزداد} يقول: ما زادت في الحمل على ما غاضت حتى ولدته تماما وذلك أن من النساء من تحمل عشرة أشهر ومنهن من تحمل تسعة أشهر ومنهن من تزيد في الحمل ومنهن من تنقص، فذلك الغيض والزيادة التي ذكر الله تعالى وكل ذلك بعلمه تعالى). [الدر المنثور: 8/377]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك - رضي الله عنه - قال: ما دون التسعة أشهر فهو غيض وما فوقها فهو زيادة). [الدر المنثور: 8/378]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: لا يكون الحمل أكثر من سنتين قدر ما يتحول فلكة مغزل). [الدر المنثور: 8/378]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة - رضي الله عنه - قال: ما غاضت الرحم بالدم يوما إلا زاد في الحمل يوما حتى تستكمل تسعة أشهر طاهرا). [الدر المنثور: 8/378]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الحسن - رضي الله عنه - في قوله {وما تغيض الأرحام} قال: السقط). [الدر المنثور: 8/378]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنه - في الآية قال: إذا رأت الدم هش الولد، وإذا لم تر الدم عظم الولد). [الدر المنثور: 8/378]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مكحول - رضي الله عنه - قال: الجنين في بطن أمه لا يطلب ولا يحزن ولا يغتم وإنما يأتيه رزقه في بطن أمه من دم حيضتها فمن ثم لا تحيض الحامل فإذا وقع إلى الأرض استهل، واستهلاله استنكار لمكانه فإذا قطعت سرته حول الله رزقه إلى ثدي أمه حتى لا يطلب ولا يغتم ولا يحزن ثم يصير طفلا يتناول الشيء بكفه فيأكله فإذا بلغ قال: أنى لي بالرزق يا ويحك غذاك وأنت في بطن أمك وأنت طفل صغير حتى إذا اشتددت وعقلت قلت: أنى لي بالرزق ثم قرأ مكحول - رضي الله عنه - {يعلم ما تحمل كل أنثى} الآية). [الدر المنثور: 8/378-379]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {وكل شيء عنده بمقدار} أي بأجل حفظ أرزاق خلقه وآجالهم وجعل لذلك أجلا معلوما). [الدر المنثور: 8/379]

تفسير قوله تعالى: (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {عالم الغيب والشّهادة الكبير المتعال}.
يقول تعالى ذكره: واللّه عالم ما غاب عنكم وعن أبصاركم فلم تروه وما شاهدتموه، فعاينتم بأبصاركم، لا يخفى عليه شيءٌ لأنّهم خلقه وتدبيره، الكبير الّذي كلّ شيءٍ دونه، المتعال المستعلي على كلّ شيءٍ بقدرته، وهو المتفاعل من العلوّ مثل المتقارب من القرب، والمتداني من الدّنوّ). [جامع البيان: 13/452]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (عالم الغيب والشّهادة الكبير المتعال (9)
قوله: عالم الغيب والشّهادة الكبير المتعال
- حدّثنا عبّاس بن محمّد الدّوريّ، ثنا محمّد بن الصّلت عن بشر بن عمارة عن أبي روقٍ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ في قوله: عالم الغيب والشّهادة قال: السّرّ والعلانية). [تفسير القرآن العظيم: 7/2228]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 9 - 10.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {عالم الغيب والشهادة} قال: السر والعلانية). [الدر المنثور: 8/379]

تفسير قوله تعالى: (سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الحسن وقتادة في قوله تعالى وسارب بالنهار قالا ظاهر ذاهب). [تفسير عبد الرزاق: 1/332]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {سواءٌ منكم من أسرّ القول ومن جهر به ومن هو مستخفٍ باللّيل وساربٌ بالنّهار}.
يقول تعالى ذكره: معتدلٌ عند اللّه منكم أيّها النّاس الّذي أسرّ القول، والّذي جهر به، والّذي {هو مستخفٍ باللّيل} في ظلمته بمعصية اللّه {وساربٌ بالنّهار} يقول: وظاهرٌ بالنّهار في ضوئه، لا يخفى عليه شيءٌ من ذلك، سواءٌ عنده سرّ خلقه وعلانيتهم، لأنّه لا يستسرّ عنده شيءٌ ولا يخفى.
يقال منه: سرب يسرب سروبًا إذا ظهر، كما قال قيس بن الخطيم:
أنّى سربت وكنت غير سروب = وتقرّب الأحلام غير قريب
يقول: كيف سربت باللّيل على بعد هذا الطّريق ولم تكوني تبرزين وتظهرين، وكان بعضهم يقول: هو السّالك في سربه: أي في مذهبه ومكانه.
واختلف أهل العلم بكلام العرب في السّرب فقال بعضهم: هو آمنٌ في سربه بفتح السّين، وقال بعضهم: هو آمنٌ في سربه بكسر السّين.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {سواءٌ منكم من أسرّ القول ومن جهر به ومن هو مستخفٍ باللّيل وساربٌ بالنّهار} يقول: هو صاحب ريبةٍ مستخفٍ باللّيل، وإذا خرج بالنّهار أرى النّاس أنّه بريءٌ من الإثم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: {وساربٌ بالنّهار}: ظاهرٌ
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن عوفٍ، عن أبي رجاءٍ، في قوله: {سواءٌ منكم من أسرّ القول ومن جهر به، ومن هو مستخفٍ باللّيل وساربٌ بالنّهار} قال: إنّ اللّه أعلم بهم، سواءٌ من أسرّ القول ومن جهر به، ومن هو مستخفٍ باللّيل وساربٌ بالنّهار
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ قال: حدّثنا عليّ بن عاصمٍ، عن عوفٍ، عن أبي رجاءٍ: {سواءٌ منكم من أسرّ القول ومن جهر به، ومن هو مستخفٍ باللّيل وساربٌ بالنّهار} قال: من هو مستخفٍ في بيته، وساربٌ بالنّهار: ذاهبٌ على وجهه، علمه فيهم واحدٌ
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {سواءٌ منكم من أسرّ القول ومن جهر به} يقول: السّرّ والجهر عنده سواءٌ {ومن هو مستخفٍ باللّيل وساربٌ بالنّهار} أمّا المستخفي ففي بيته، وأمّا السّارب: الخارج بالنّهار حيثما كان، المستخفي غيبه الّذي يغيب فيه والخارج عنده سواءٌ.
- قال: حدّثنا الحمّانيّ، قال: حدّثنا شريكٌ، عن خصيفٍ، في قوله: {مستخفٍ باللّيل} قال: راكبٌ رأسه في المعاصي {وساربٌ بالنّهار} قال: ظاهرٌ بالنّهار
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {سواءٌ منكم من أسرّ القول ومن جهر به} كلّ ذلك عنده تبارك وتعالى سواءٌ، السّرّ عنده علانيةٌ قوله: {ومن هو مستخفٍ باللّيل وساربٌ بالنّهار}: أي في ظلمة اللّيل، وساربٌ: أي ظاهرٌ بالنّهار
- حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا شريكٌ، عن خصيفٍ، عن مجاهدٍ، وعكرمة: {وساربٌ بالنّهار} قال: ظاهرٌ بالنّهار.
و من في قوله: {من أسرّ القول ومن جهر به ومن هو مستخفٍ باللّيل} رفع الأولى منهنّ بقوله سواءٌ، والثّانية معطوفةٌ على الأولى، والثّالثة على الثّانية). [جامع البيان: 13/452-455]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (سواءٌ منكم من أسرّ القول ومن جهر به ومن هو مستخفٍ باللّيل وساربٌ بالنّهار (10)
قوله: سواءٌ منكم من أسرّ القول ومن جهر به
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا يعقوب ابن محمّدٍ الزّهريّ، ثنا عبد العزيز بن عمران عن عبد اللّه بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عطاء بن يسارٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: أنزل اللّه تبارك وتعالى في عامرٍ وأربد وما كانا همّا به من النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: سواءٌ منكم من أسرّ القول ومن جهر به الآية.
- حدّثنا عمر بن شبّة النّميريّ، ثنا عبد الصّمد بن عبد الوارث، ثنا مستور بن عبّادٍ عن الحسن: سواءٌ منكم من أسرّ القول ومن جهر به قال: يعلم من السّرّ ما يعلم من العلانية، ويعلم من العلانية ما يعلم من السّرّ.
- حدّثنا عليّ بن الحسين الهسنجانيّ، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن بشيرٍ عن قتادة قوله: سواءٌ منكم من أسرّ القول ومن جهر به: كلّ ذلك سواءٌ عنده السّرّ عنده علانيةٌ والظّلمة عنده ضوءٌ.
قوله تعالى: ومن هو مستخفٍ باللّيل.
- حدّثنا عمر بن شبّة، ثنا عبد الصّمد بن عبد الوارث، ثنا مستور بن عبادة عن الحسن في قوله: ومن هو مستخفٍ باللّيل قال: يعلم من اللّيل ما يعلم من النّهار، ويعلم من النّهار ما يعلم من اللّيل.
- حدّثنا أبي، ثنا محمود بن خالدٍ، ثنا الفريابيّ عن سفيان عن خصيفٍ عن مجاهدٍ في قوله: ومن هو مستخفٍ باللّيل قال: راكبٌ رأسه بالمعاصي.
- حدّثنا عليّ بن الحسين الهسنجانيّ، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن بشيرٍ عن قتادة: ومن هو مستخفٍ باللّيل: أي في ظلمة اللّيل.
قوله تعالى: وساربٌ بالنّهار.
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن عبد اللّه بن بكرٍ الصّنعانيّ المقدسيّ، ثنا أبو سعيدٍ مولى بني هاشمٍ، ثنا سهل بن أبي الصّلت قال: سمعت الحسن يقول في قوله: مستخفٍ باللّيل وساربٌ بالنّهار والسّارب النّادي بالنّهار.
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، حدثني عقبى، حدّثني أبي عن ابن عبّاسٍ قوله: وساربٌ بالنّهار: قال إذا خرج بالنّهار أرى النّاس أنّه بري من الإثم.
- حدّثنا أبي، ثنا محمود بن خالدٍ، ثنا الفريابيّ عن سفيان عن خصيفٍ عن مجاهدٍ وساربٌ بالنّهار قال: ظاهر بالنّهار بالمعاصي.
قوله....
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ الواسطيّ، ثنا يعقوب بن محمّدٍ الزّهريّ، ثنا عبد العزيز بن عمران عن عبد اللّه بن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسارٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: أنزل اللّه تعالى في عامرٍ وأربد ما كانا همّا به من النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم). [تفسير القرآن العظيم: 7/2228-2229]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {سواء منكم من أسر القول ومن جهر به} قال: من أسره وأعلنه عنده سواء {ومن هو مستخف بالليل} راكب رأسه في المعاصي {وسارب بالنهار} قال: ظاهر بالنهار بالمعاصي). [الدر المنثور: 8/379-380]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - {سواء منكم من أسر القول ومن جهر به} قال: كل ذلك عنده سواء السر عنده علانية والظلمة عنده ضوء). [الدر المنثور: 8/380]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن - رضي الله عنه - في الآية قال: يعلم من السر ما يعلم من العلانية ويعلم من العلانية ما يعلم من السر ويعلم من الليل ما يعلم من النهار ويعلم من النهار ما يعلم من الليل). [الدر المنثور: 8/380]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد، وابن جرير، وابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {وسارب بالنهار} قال: الظاهر). [الدر المنثور: 8/380]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار} قال: هو صاحب ريبة {مستخف بالليل} وإذا خرج بالنهار أرى الناس أنه بريء من الإثم). [الدر المنثور: 8/380]

تفسير قوله تعالى: (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني الحارث بن نبهان، عن عطاء بن السّائب، عن ابن عبّاسٍ قال: {يحفظونه من أمر الله}، قال: له معقباتٌ تحفظه، قال: الملائكة من أمر اللّه يحفظونه). [الجامع في علوم القرآن: 1/44]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عبد الله ابن عبّاسٍ أنّه كان يقرأ: {له معقباتٌ من بين يديه}، ورقباء، {من خلفه} من أمر الله {يحفظونه}). [الجامع في علوم القرآن: 1/44]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى يحفظونه من أمر الله قال ملائكة يتعاقبونه بالليل والنهار يحفظونه من أمر الله أي بأمر الله). [تفسير عبد الرزاق: 1/332]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن إسرائيل عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى يحفظونه أي من أمر الله فإذا جاء القدر خلوا عنه). [تفسير عبد الرزاق: 1/332]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن عطاء بن السائب عن عبد الله بن حفص عن يعلي بن مرة قال اجتمعنا أصحاب علي فقلنا لو حرسنا أمير المؤمنين فإنه محارب ولا نأمن عليه أن يغتال قال فبتنا عند باب حجرته حتى خرج لصلاة الصبح قال فقال ما شأنكم فقلنا له حرسناك يا أمير المؤمنين فإنك محارب وخشينا أن تغتال فحرسناك فقال أفمن أهل السماء تحرسوني أم من أهل الأرض قال فقلنا بل من أهل الأرض وكيف نستطيع أن نحرسك من أهل السماء قال فإنه لا يكون في الأرض شيء حتى يقدر في السماء وليس من أحد إلا وقد وكل به ملكان يدفعان عنه ويكلآنه حتى يجيء قدره فإذا جاء قدره خليا بينه وبين قدره). [تفسير عبد الرزاق: 1/332-333]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت: 227هـ): ( [الآية : قوله تعالى: {له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر اللّه... } الآية]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، عن عمرو بن دينارٍ، قال: كان ابن عبّاسٍ يقرأ: (له معقّباتٌ من بين يديه ورقباء من خلفه يحفظونه من أمر الله).
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا ربعي بن عبد اللّه بن الجارود بن أبي سبرة، قال: حدّثني الجارود بن أبي سبرة، قال: دخلت أنا وأبي على ابن عبّاسٍ بالشّام في يوم جمعةٍ وقد خرج من مستحمٍّ له وقد اغتسل - وأنا مستلقٍ - يقرأ: {له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر اللّه}، فقال ابن عبّاسٍ: يا أبا سبرة، ليست هناك المعقّبات، ولكن له معقّباتٌ من خلفه ورقيبٌ بين يديه). [سنن سعيد بن منصور: 5/427-428]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (يقال: {معقّباتٌ} [الرعد: 11] : «ملائكةٌ حفظةٌ، تعقّب الأولى منها الأخرى، ومنه قيل العقيب، أي عقّبت في إثره»). [صحيح البخاري: 6/78]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله يقال معقّباتٌ ملائكةٌ حفظةٌ تعقّب الأولى منها الأخرى ومنه قيل العقيب أي عقّبت في أثره سقط لفظ يقال من رواية غير أبي ذرٍّ وهو أولى فإنّه كلام أبي عبيدة أيضًا قال في قوله تعالى له معقّباتٌ من بين يديه أي ملائكةٌ تعقّب بعد ملائكةٍ حفظةٌ باللّيل تعقّب بعد حفظة النّهار وحفظة النّهار تعقّب بعد حفظة اللّيل ومنه قولهم فلانٌ عقّبني وقولهم عقّبت في أثره وروى الطّبريّ بإسناد حسن عن بن عبّاسٍ في قوله تعالى له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه قال ملائكةٌ يحفظونه من بين يديه ومن خلفه فإذا جاء قدره خلوا عنه ومن طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاس في قوله من أمر الله يقول بإذن اللّه فالمعقّبات هنّ من أمر اللّه وهي الملائكة ومن طريق سعيد بن جبيرٍ قال حفظهم إيّاه بأمر اللّه ومن طريق إبراهيم النّخعيّ قال يحفظونه من الجنّ ومن طريق كعب الأحبار قال لولا أنّ اللّه وكّل بكم ملائكةً يذبّون عنكم في مطعمكم ومشربكم وعوراتكم لتخطّفتم وأخرج الطّبريّ من طريق كنانة العدويّ أنّ عثمان سأل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عن عدد الملائكة الموكّلة بالآدميّ فقال لكلّ آدميٌّ عشرةٌ باللّيل وعشرةٌ بالنّهار واحدٌ عن يمينه وآخر عن شماله واثنان من بين يديه ومن خلفه واثنان على جنبيه وآخر قابضٌ على ناصيته فإن تواضع رفعه وإن تكبّر وضعه واثنان على شفتيه ليس يحفظان عليه إلّا الصّلاة على محمّدٍ والعاشر يحرسه من الحيّة أن تدخل فاه يعني إذا نام وجاء في تأويل ذلك قول آخر رجحه بن جرير فأخرج بإسناد صحيح عن بن عبّاس في قوله له معقّبات قال ذلك ملكٌ من ملوك الدّنيا له حرسٌ ومن دونه حرسٌ ومن طريق عكرمة في قوله معقّباتٌ قال المراكب تنبيهٌ عقّبت يجوز فيه تخفيف القاف وتشديدها وحكى بن التّين عن رواية بعضهم كسر القاف مع التّخفيف فيكشف عن ذلك لاحتمال أن يكون لغةً). [فتح الباري: 8/371-372]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (معقّباتٌ ملائكةٌ حفظةٌ تعقّب الأولى منها الأخرى ومنه قيل العقيب يقال عقّبت في إثره
أشار به إلى قوله تعالى: {له معقّبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله} (الرّعد: 11) وفي رواية أبي ذر، يقال: معقّبات فسرها بقوله: ملائكة حفظة يتعاقبون باللّيل والنّهار، فإذا صعدت ملائكة النّهار عقبتها ملائكة اللّيل، والتعقيب العود بع البدء قوله: (له المعقبات) أي: لله تعالى معقّبات، وعن ابن عبّاس: له معقّبات يعني لمحمد من الرّحمن حرس من بين يديه ومن خلفه يحفظونه. يعني: من شرّ الإنس والجنّ ومن شرّ طوارق اللّيل والنّهار، وقيل الضّمير في له، يرجع إلى الإنسان، والمعقبات جمع معقبة، والمعقبة جمع معقب، فالمعقبات جمع الجمع كما قيل: ابناوات سعد ورجالات بكر، قاله الثّعلبيّ، وقيل: المعقبات الخدم والحرس حول السّلطان، وقيل: ما يتعقب من أوامر الله وقضاياه. قوله: (يحفظونه) أي: يحفظون المستخفي باللّيل والسارب بالنّهار قوله: (من أمر الله) أي: يحفظونه بأمر الله من أمر الله فإذا جاء القدر خلوا عنه وعن ابن عبّاس يحفظونه من أمر الله ما لم يجيء القدر قوله: (ومنه) قيل: العقيب، أي، ومن أصل معقّبات يقال: العقيب، وهو الّذي يأتي في عقب الشّيء، وفي بعض النّسخ، ومنه العقب، بلا ياء بمعناه، وعقب الرجل نسله. قوله: (يقال: عقب في إثره) بتشديد القاف في ضبط الدمياطي بخطّه، وقال ابن التّين: هو بفتح القاف وتخفيفها، قال: وضبطه بعضهم بتشديدها، وفي بعض النّسخ بكسرها، ولا وجه له إلاّ أن يكون لغة). [عمدة القاري: 18/310]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وقوله: له ({معقبات}) ولأبي ذر يقال معقبات أي (ملائكة حفظة) يحفظونه في نومه ويقظته من الجن والإنس والهوام من بين يديه ومن خلفه ليلاً ونهارًا (تعقب) في حفظه (الأولى منها الأخرى) فإذا صعدت ملائكة النهار عقبتها ملائكة الليل وبالعكس.
وأخرج الطبري من طريق كنانة العدوي أن عثمان سأل النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- عن عدد الملائكة الموكلين بالآدمي فقال: لكل آدمي عشرة بالليل وعشرة بالنهار واحد عن يمينه وآخر عن شماله واثنان من بين يديه ومن خلفه واثنان على جبينه وآخر قابض على ناصيته فإن تواضع رفعه وإن تكبر وضعه واثنان على شفتيه ليس يحفظان عليه إلا الصلاة على محمد -صلّى اللّه عليه وسلّم- والعاشر يحرسه من الحية أن تدخل فاه يعني إذا نام.
(ومنه) أي ومن أصل المعقبات (قيل العقيب) للذي يأتي في أثر الشيء (يقال عقبت) ولأبي ذر قيل العقيب أي عقبت (في أثره) بتشديد القاف في الفرع كأصله وضبطه الدمياطي.
قال الزمخشري: وأصل معقبات متعقبات فأدغمت التاء في القاف كقوله وجاء المعذرون أي المعتذرون ويجوز معقبات بكسر العين وتعقبه أبو حيان فقال هذا وهم فاحش فإن التاء لا تدعم في القاف ولا القاف في التاء لا من كلمة ولا من كلمتين وقد نص التصريفيون على أن القاف والكاف كل منهما يدغم في القاف ولا يدغمان في غيرها ولا يدغم غيرهما فيهما، وأما تشبيهه بقوله تعالى: {وجاء المعذرون} [التوبة: 90] فلا يتعين أن يكون أصله المعتذرون، وأما قوله ويجوز معقبات بكسر العين فهذا لا يجوز لأنه بناه على أن أصله معتقبات فأدغمت التاء في القاف، وقد بينا أن ذلك وهم فاحش والضمير في له يعود على المكررة أي لمن أسر القول ولمن جهر به ولمن استخفى ولمن سرب جماعة من الملائكة يعقب بعضهم بعضًا أو يعود على من الأخيرة وهو قول ابن عباس. قال ابن عطية: فالمعقبات على هذا حرس الرجل الذين يحفظونه. قالوا: والآية على هذا في الرؤساء الكفار، واختاره الطبري في آخرين إلا أن الماوردي ذكر على هذا التأويل أن الكلام نفي والتقدير لا يحفظونه، وهذا ينبغي أن لا يسمع البتة كيف يبرز كلام موجب ويراد به نفي وحذف لا إنما يجوز إذا كان المنفي مضارعًا في جواب قسم نحو تالله تفتأ وقد تقدم تحريره وإنما معنى الكلام كما قال المهدوي يحفظونه من أمر الله في زعمه وظنه اهـ.
ومن إما للسبب أي بسبب أمر الله أو على بابها. قال أبو البقاء: من أمر الله من الجن والإنس وذكر الفراء أنه على التقديم والتأخير أي له معقبات من أمر الله يحفظونه لكن قال في الدر: والأصل عدم ذلك مع الاستغناء عنه وأخرج الطبري من طريق سعيد بن جبير قال حفظهم إياه من أمر الله). [إرشاد الساري: 7/183-184]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (قوله: (تعقب الأولى منها الأخرى) يحتمل أن المراد بالأولى إحدى الطائفتين، وبالأخرى غيرها، أي: تعقب واحدة منهما، وهي الثانية غيرها، وهي الأولى، وعلى هذا الأولى هي الفاعل، والأحرى للمفعول، ويحتمل أن المراد بالأولى هي السابقة وبالأخرى هي اللاحقة، وعليه الفاعل هو الأخرى والأولى مفعول، وقولهم بوجوب تقديم الفاعل في مثله يقتضي الحمل على المعنى الأول، والله تعالى أعلم اهـ سندي). [حاشية السندي على البخاري: 3/56]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في أبنا محمّدٌ قال: ثنا يوسف عن رشدين عن يونس عن عطاءٍ الخراسانيّ: {له معقباتٌ من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله} قال: هم الكرام الكاتبون، حفظةٌ من اللّه عزّ وجلّ على بني آدم، أمروا بذلك). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 112]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر اللّه، إنّ اللّه لا يغيّر ما بقومٍ حتّى يغيّروا ما بأنفسهم، وإذا أراد اللّه بقومٍ سوءًا فلا مردّ له، وما لهم من دونه من والٍ}.
اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك فقال بعضهم: معناه: للّه تعالى ذكره معقّباتٌ، قالوا: والهاء في قوله له من ذكر اسم اللّه، والمعقّبات الّتي تتعقّب على العبد، وذلك أنّ ملائكة اللّيل إذا صعدت بالنّهار أعقبتها ملائكة النّهار، فإذا انقضى النّهار صعدت ملائكة النّهار ثمّ أعقبتها ملائكة اللّيل، وقالوا: وقيل معقّباتٌ، والملائكة: جمع ملكٍ مذّكرٌ غير مؤنّثٍ، وواحد الملائكة معقّبٌ، وجماعتها معقّبةٌ، ثمّ جمع جمعه، أعني جمع معقّبٌ بعد ما جمع معقّبةٌ، وقيل: معقّباتٌ كما قيل: أبناوات سعدٍ، ورجالات بني فلانٍ، جمع رجالٍ
وقوله: {من بين يديه ومن خلفه} يعني بقوله: {من بين يديه} من قدّام هذا المستخفي باللّيل والسّارب بالنّهار، {ومن خلفه}: من وراء ظهره
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن منصورٍ يعني ابن زاذان، عن الحسن، في هذه الآية: {له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه} قال: الملائكة
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إبراهيم بن عبد السّلام بن صالحٍ القشيريّ، قال: حدّثنا عليّ بن جريرٍ، عن حمّاد بن سلمة، عن عبد الحميد بن جعفرٍ، عن كنانة العدويّ، قال: دخل عثمان بن عفّان على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: يا رسول اللّه، أخبرني عن العبد كم معه من ملكٍ؟ قال: ملكٌ على يمينك على حسناتك، وهو أمين على الّذي على الشّمال، فإذا عملت حسنةً كتبت عشرًا، وإذا عملت سيّئةً قال الّذي على الشّمال للّذي على اليمين: أكتب؟ قال: لا لعلّه يستغفر اللّه ويتوب، فإذا قال ثلاثًا، قال: نعم، اكتب، أراحنا اللّه منه، فبئس القرين، ما أقلّ مراقبته للّه، وأقلّ استحياءه منّا يقول اللّه: {ما يلفظ من قولٍ إلاّ لديه رقيبٌ عتيدٌ} وملكان من بين يديك ومن خلفك، يقول اللّه: {له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر اللّه} وملكٌ قابضٌ على ناصيتك، فإذا تواضعت للّه رفعك، وإذا تجبّرت على اللّه قصمك، وملكان على شفتيك ليس يحفظان عليك إلاّ الصّلاة على محمّدٍ، وملكٌ قائمٌ على فيك لا يدع الحيّة تدخل في فيك، وملكان على عينيك فهؤلاء عشرة أملاكٍ على كلّ آدميٍّ، ينزلون ملائكة اللّيل على ملائكة النّهار، لأنّ ملائكة اللّيل سوى ملائكة النّهار، فهؤلاء عشرون ملكًا على كلّ آدميٍّ، وإبليس بالنّهار وولده باللّيل
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا شبابة، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه} الملائكة {يحفظونه من أمر اللّه}.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله
- قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ قال: أخبرنا هشيمٌ، عن عبد الملك، عن قيسٍ، عن مجاهدٍ في قوله: {له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه يحفظونه} قال: مع كلّ إنسانٍ حفظةٌ يحفظونه من أمر اللّه
- قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر اللّه} فالمعقّبات هنّ من أمر اللّه، وهي الملائكة
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن إسرائيل، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: {يحفظونه من أمر اللّه} قال: ملائكةٌ يحفظونه من بين يديه ومن خلفه، فإذا جاء قدره خلّوا عنه
- حدّثني الحارث قال: حدّثنا عبد العزيز قال: حدّثنا إسرائيل، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: {له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر اللّه} فإذا جاء القدر خلّوا عنه
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن إبراهيم، في هذه الآية قال: الحفظة.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن منصورٍ، عن إبراهيم: {له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر اللّه} قال: ملائكةٌ
- حدّثنا أحمد بن حازمٍ، قال: حدّثنا يعلى، قال: حدّثنا إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبي صالحٍ، في قوله: {له معقّباتٌ} قال: ملائكة اللّيل يعقبون ملائكة النّهار
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه} هذه ملائكة اللّيل يتعاقبون فيكم باللّيل والنّهار، وذكر لنا أنّهم يجتمعون عند صلاة العصر وصلاة الصّبح.
وفي قراءة أبيّ بن كعبٍ: له معقّباتٌ من بين يديه، ورقيبٌ من خلفه، يحفظونه من أمر اللّه
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، قوله: {له معقّباتٌ من بين يديه} قال: ملائكةٌ يتعاقبونه
- حدّثنا القاسم، قال حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: {له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه} قال: الملائكة.
- قال ابن جريجٍ: معقّباتٌ: قال: الملائكة تعاقب اللّيل والنّهار، وبلغنا أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: يجتمعون فيكم عند صلاة العصر وصلاة الصّبح وقوله: {من بين يديه ومن خلفه يحفظونه} قال ابن جريجٍ: مثل قوله: {عن اليمين وعن الشّمال قعيدٌ} قال: الحسنات من بين يديه والسّيّئات من خلفه، الّذي عن يمينه يكتب الحسنات، والّذي عن شماله يكتب السّيّئات.
- حدّثنا سوّار بن عبد اللّه، قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان، قال: سمعت ليثًا يحدّث، عن مجاهدٍ، أنّه قال: ما من عبدٍ إلاّ له ملكٌ موكّلٌ يحفظه في نومه ويقظته من الجنّ والإنس والهوامّ، فما منها شيءٌ يأتيه يريده إلاّ قال: وراءك، إلاّ شيئًا يأذن اللّه فيه فيصيبه
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: حدّثني أبي: قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه} قال: يعني الملائكة. وقال آخرون: بل عنى بالمعقّبات في هذا الموضع: الحرس، الّذي يتعاقب على الأمير
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا أبو هشامٍ الرّفاعيّ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابتٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه} قال: ذكر ملكٌ من ملوك الدّنيا، له حرسٌ من دونه حرسٌ
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله: {له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه} يعني: وليّ السّلطان يكون عليه الحرس.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن شرقيٍّ، أنّه سمع عكرمة، يقول في هذه الآية: {له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه} قال: هؤلاء الأمراء
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا عمر بن نافعٍ، قال: سمعت عكرمة، يقول: {له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه} قال: المواكب من بين يديه، ومن خلفه
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر اللّه} قال: هو السّلطان المحترس من أمر اللّه، وهم أهل الشّرك.
وأولى التّأويلين في ذلك بالصّواب قول من قال: الهاء في قوله: {له معقّباتٌ} من ذكر من الّتي في قوله: {ومن هو مستخفٍ باللّيل} وأنّ المعقّبات من بين يديه ومن خلفه، هي حرسه وجلاوزته كما قال ذلك من ذكرنا قوله.
وإنّما قلنا: ذلك أولى التّأويلين بالصّواب لأنّ قوله: {له معقّباتٌ} أقرب إلى قوله: {ومن هو مستخفٍ باللّيل} منه إلى عالم الغيب، فهي لقربها منه أولى بأن تكون من ذكره، وأن يكون المعنيّ بذلك هذا مع دلالة قول اللّه: {وإذا أراد اللّه بقومٍ سوءًا فلا مردّ له} على أنّهم المعنيّون بذلك، وذلك أنّه جلّ ثناؤه ذكر قومًا أهل معصيةٍ له وأهل ريبةٍ، يستخفون باللّيل ويظهرون بالنّهار، ويمتنعون عند أنفسهم بحرسٍ يحرسهم، ومنعةٍ تمنعهم من أهل طاعته أن يحولوا بينهم وبين ما يأتون من معصية اللّه، ثمّ أخبر أنّ اللّه تعالى ذكره إذا أراد بهم سوءًا لم ينفعهم حرسهم، ولا يدفع عنهم حفظهم
وقوله: {يحفظونه من أمر اللّه} اختلف أهل التّأويل في تأويل هذا الحرف على نحو اختلافهم في تأويل قوله: {له معقّباتٌ} فمن قال: المعقّبات هي الملائكة قال: الّذين يحفظونه من أمر اللّه هم أيضًا الملائكة، ومن قال: المعقّبات هي الحرس والجلاوزة من بني آدم، قال: الّذين يحفظونه من أمر اللّه هم أولئك الحرس.
واختلفوا أيضًا في معنى قوله: {من أمر اللّه} فقال بعضهم: حفظهم إيّاه من أمره وقال بعضهم: يحفظونه من أمر اللّه بأمر اللّه.
ذكر من قال: الّذين يحفظونه هم الملائكة ووجه قوله: ( بأمر اللّه ) إلى معنى أنّ حفظها إيّاه من أمر اللّه
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يحفظونه من أمر اللّه} يقول: بإذن اللّه، فالمعقّبات: هي من أمر اللّه، وهي الملائكة
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ: {يحفظونه من أمر اللّه} قال: الملائكة: الحفظة، وحفظهم إيّاه من أمر اللّه
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا محمّد بن عبيدٍ، قال: حدّثني عبد الملك، عن ابن عبيد اللّه، عن مجاهدٍ، في قوله: {له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر اللّه} قال: الحفظة هم من أمر اللّه
- قال: حدّثنا عليّ يعني ابن عبد اللّه بن جعفرٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن عمرٍو، عن ابن عبّاسٍ: {له معقّباتٌ من بين يديه} رقباء {ومن خلفه} من أمر اللّه {يحفظونه}
- قال: حدّثنا عبد الوهّاب، عن سعيدٍ، عن قتادة، عن الجارود، عن ابن عبّاسٍ: {له معقّباتٌ من بين يديه} رقيبٌ {ومن خلفه}.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا إسرائيل، عن خصيفٍ، عن مجاهدٍ: {له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر اللّه} قال: الملائكة من أمر اللّه
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: {يحفظونه من أمر اللّه} قال: الملائكة من أمر اللّه
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن إبراهيم: {له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر اللّه} قال: الحفظة.
ذكر من قال: عنى بذلك يحفظونه بأمر اللّه
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {يحفظونه من أمر اللّه}: أي بأمر اللّه
- حدّثنا بشر بن معاذٍ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {يحفظونه من أمر اللّه} وفي بعض القراءاة ( بأمر اللّه )
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن عبد الملك، عن قيسٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه} قال: مع كلّ إنسانٍ حفظةٌ يحفظونه من أمر اللّه.
ذكر من قال: تحفظه الحرس من بني آدم من أمر اللّه
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثنا أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {يحفظونه من أمر اللّه} يعني: وليّ السّلطان يكون عليه الحرس، يحفظونه من بين يديه ومن خلفه، يقول اللّه عزّ وجلّ: يحفظونه من أمري، فإنّي إذا أردت بقومٍ سوءًا فلا مردّ له، وما لهم من دونه من والٍ
- حدّثني أبو هريرة الضّبعيّ، قال: حدّثنا أبو قتيبة، قال: حدّثنا شعبة، عن شرقيٍّ، عن عكرمة: {يحفظونه من أمر اللّه} قال: الجلاوزة.
وقال آخرون: معنى ذلك: يحفظونه من أمر اللّه، وأمر اللّه الجنّ، ومن يبغي أذاه ومكروهه قبل مجيء قضاء اللّه، فإذا جاء قضاؤه خلّوا بينه وبينه
ذكر من قال ذلك
- حدّثني أبو هريرة الضّبعيّ، قال: حدّثنا أبو داود، قال: حدّثنا ورقاء، عن منصورٍ، عن طلحة، عن إبراهيم: {يحفظونه من أمر اللّه} قال: من الجنّ
- حدّثنا سوّار بن عبد اللّه، قال: حدّثنا المعتمر، قال: سمعت ليثًا يحدّث، عن مجاهدٍ، أنّه قال: ما من عبدٍ إلاّ له ملكٌ موكّلٌ يحفظه في نومه ويقظته من الجنّ والإنس والهوامّ، فما منهم شيءٌ يأتيه يريده إلاّ قال: وراءك، إلاّ شيئًا يأذن اللّه فيه فيصيبه.
- حدّثنا الحسن بن عرفة، قال: حدّثنا إسماعيل بن عيّاشٍ، عن محمّد بن زيادٍ الألهانيّ، عن يزيد بن شريحٍ، عن كعب الأحبار، قال: لو تجلّى لابن آدم كلّ سهلٍ وحزنٍ، لرأى على كلّ شيءٍ من ذلك شياطين، لولا أنّ اللّه وكّل بكم ملائكةً يذبّون عنكم في مطعمكم، ومشربكم، وعوراتكم، إذن لتخطّفتم
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، قال: حدّثنا عمارة بن أبي حفصة، عن أبي مجلزٍ، قال: جاء رجلٌ من مراد إلى عليٍّ رضي اللّه عنه، وهو يصلّي، فقال: احترس، فإنّ ناسًا من مراد يريدون قتلك فقال: إنّ مع كلّ رجلٍ ملكين يحفظانه ممّا لم يقدّر، فإذا جاء القدر خلّيا بينه وبينه، وإنّ الأجل جنّةٌ حصينةٌ
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا عبد الوهّاب، عن الحسن بن ذكوان، عن أبي غالبٍ، عن أبي أمامة، قال: ما من آدميٍّ إلاّ ومعه ملكٌ موكّلٌ يذود عنه حتّى يسلمه للّذي قدّر له.
وقال آخرون: معنى ذلك: يحفظون عليه من اللّه.
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {يحفظونه من أمر اللّه} قال: يحفظون عليه من اللّه.
قال أبو جعفرٍ: يعني ابن جريجٍ بقوله: يحفظون عليه الملائكة الموكّلة بابن آدم، بحفظ حسناته وسيّئاته، وهي المعقّبات عندنا، تحفظ على ابن آدم حسناته وسيّئاته من أمر اللّه وعلى هذا القول يجب أن يكون معنى قوله: {من أمر اللّه} أنّ الحفظة من أمر اللّه، أو تحفظ بأمر اللّه، ويجب أن تكون الهاء الّتي في قوله: {يحفظونه} وحّدت وذكّرت، وهي مرادٌ بها الحسنات والسّيّئات، لأنّها كنايةٌ عن ذكر من الّذي هو مستخفٍ باللّيل وساربٌ بالنّهار، وأن يكون المستخفي باللّيل، أقيم ذكره مقام الخبر عن سيّئاته وحسناته، كما قيل: {واسأل القرية الّتي كنّا فيها والعير الّتي أقبلنا فيها}.
- وكان عبد الرّحمن بن زيدٍ يقول في ذلك خلاف هذه الأقوال كلّها
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {ومن هو مستخفٍ باللّيل وساربٌ بالنّهار} قال: أتى عامر بن الطّفيل، وأربد بن ربيعة إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال عامرٌ: ما تجعل لي إن أنا اتّبعتك؟ قال: أنت فارسٌ، أعطيك أعنّة الخيل قال فقط: قال: فما تبغي؟ قال: لي الشّرق ولك الغرب، قال: لا قال: فلي الوبر ولك المدر قال: لا قال: لأملأنّها عليك إذًا خيلاً ورجالاً، قال: يمنعك اللّه ذاك وأبنا قيلة يريد الأوس والخزرج قال: فخرجا، فقال عامرٌ لأربد: إن كان الرّجل لنا لممكنًا، لو قتلناه ما انتطحت فيه عنزان، ولرضوا بأن نعقله لهم، وأحبّوا السّلم، وكرهوا الحرب إذا رأوا أمرًا قد وقع، فقال الآخر: إن شئت، فتشاورا، وقال: ارجع وأنا أشغله عنك بالمجادلة، وكن وراءه فاضربه بالسّيف ضربةً واحدةً فكانا كذلك، واحدٌ وراء النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، والآخر قال: اقصص علينا قصصك، قال: ما تقول؟ قال: قرآنك؟ فجعل يجادله ويستبطئه حتّى قال: مالك حشمت؟ قال: وضعت يدي على قائم سيفي فيبست، فما قدرت على أن أحلى ولا أمرّ ولا أحرّكها، قال: فخرجا فلمّا كانا بالحرّة سمع بذلك سعد بن معاذٍ وأسيد بن حضيرٍ، فخرجا إليهما، على كلّ واحدٍ منهما لأمته ورمحه بيده وهو متقلّدٌ سيفه، فقالا لعامر بن الطّفيل: يا أعور جئتنا، يا أبلخ، أنت الّذي تشترط على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم؟ لولا أنّك في أمانٍ من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما رمت المنزل حتّى نضرب عنقك، ولكن لا تستبقينّ وكان أشدّ الرّجلين عليه أسيد بن الحضير، فقال: من هذا؟ فقالوا: أسيد بن حضيرٍ فقال: لو كان أبوه حيًّا لم يفعل بي هذا، ثمّ قال لأربد: اخرج أنت يا أربد إلى ناحية عدنة، وأخرج أنا إلى نجدٍ، فنجمع الرّجال فنلتقي عليه فخرج أربد حتّى إذا كان بالرّقم بعث اللّه سحابةً من الصّيف فيها صاعقةٌ فأحرقته، قال: وخرج عامرٌ، حتّى إذا كان بوادٍ يقال له الجرير، أرسل اللّه عليه الطّاعون، فجعل يصيح: يا آل عامرٍ، أغدّةٌ كغدّة البكر تقتلني، يا آل عامرٍ أغدّةٌ كغدّة البكر تقتلني، وموتٌ أيضًا في بيت سلوليّةٍ وهي امرأةٌ من قيسٍ، فذلك قول اللّه: {سواءٌ منكم من أسرّ القول ومن جهر به} فقرأ حتّى بلغ: {يحفظونه} تلك المعقّبات من أمر اللّه، هذا مقدّمٌ ومؤخّرٌ لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم معقّباتٌ يحفظونه من بين يديه ومن خلفه، تلك المعقّبات من أمر اللّه، وقال لهذين: {إنّ اللّه لا يغيّر ما بقومٍ حتّى يغيّروا ما بأنفسهم} فقرأ حتّى بلغ: {ويرسل الصّواعق فيصيب بها من يشاء} الآية، فقرأ حتّى بلغ: {وما دعاء الكافرين إلاّ في ضلالٍ}.
قال: وقال لبيدٌ في أخيه أربد، وهو يبكيه:
أخشى على أربد الحتوف ولا = أرهب نوء السّماك والأسد
فجّعني الرّعد والصّواعق بالـ = ــفارس يوم الكريهة النّجد.
قال أبو جعفرٍ: وهذا القول الّذي قاله ابن زيدٍ في تأويل هذه الآية قولٌ بعيدٌ من تأويل الآية مع خلافه أقوال من ذكرنا قوله من أهل التّأويل، وذلك أنّه جعل الهاء في قوله: {له معقّباتٌ} من ذكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ولم يجر له في الآية الّتي قبلها ولا في الّتي قبل الأخرى ذكرٌ، إلاّ أن يكون أراد أن يردّها على قوله: {إنّما أنت منذرٌ، ولكلّ قومٍ هادٍ}، {له معقّباتٌ} فإن كان أراد ذلك، فذلك بعيدٌ لما بينهما من الآيات بغير ذكر الخبر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وإذا كان كذلك، فكونها عائدةٌ على من الّتي في قوله: {ومن هو مستخفٍ باللّيل} أقرب، لأنّه قبلها والخبر بعدها عنه فإذا كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام: سواءٌ منكم أيّها النّاس من أسرّ القول ومن جهر به عند ربّكم، ومن هو مستخفٍ بفسقه وريبته في ظلمة اللّيل، وساربٌ: يذهب ويجيء في ضوء النّهار ممتنعًا بجنده وحرسه الّذين يتعقّبونه من أهل طاعة اللّه أن يحولوا بينه وبين ما يأتي من ذلك، وأن يقيموا حدّ اللّه عليه، وذلك قوله: {يحفظونه من أمر اللّه}
وقوله: {إنّ اللّه لا يغيّر ما بقومٍ حتّى يغيّروا ما بأنفسهم} يقول تعالى ذكره: إنّ اللّه لا يغيّر ما بقومٍ من عافيةٍ ونعمةٍ فيزيل ذلك عنهم ويهلكهم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم من ذلك بظلم بعضهم بعضًا، واعتداء بعضهم على بعضٍ، فتحلّ بهم حينئذٍ عقوبته وتغييره
وقوله: {وإذا أراد اللّه بقومٍ سوءًا فلا مردّ له} يقول: وإذا أراد اللّه بهؤلاء الّذين يستخفون باللّيل ويسربون بالنّهار، لهم جندٌ ومنعةٌ من بين أيديهم ومن خلفهم، يحفظونهم من أمر اللّه هلاكًا وخزيًا في عاجل الدّنيا {فلا مردّ له} يقول: فلا يقدر على ردّ ذلك عنهم أحدٌ غير اللّه يقول تعالى ذكره: {وما لهم من دونه من والٍ} يقول: وما لهؤلاء القوم، والهاء والميم في لهم من ذكر القوم الّذين في قوله: {وإذا أراد اللّه بقومٍ سوءًا} من دون اللّه من والٍ، يعني: من والٍ يليهم ويلي أمرهم وعقوبتهم.
وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يقول: السّوء: الهلكة، ويقول: كلّ جذامٍ، وبرصٍ، وعمًى، وبلاءٍ عظيمٍ، فهو سوءٌ، مضموم الأوّل، وإذا فتح أوّله فهو مصدر سؤت، ومنه قولهم: رجل سوءٍ.
واختلف أهل العربيّة في معنى قوله: {ومن هو مستخفٍ باللّيل وساربٌ بالنّهار} فقال بعض نحويّي أهل البصرة: معنى قوله: {ومن هو مستخفٍ باللّيل} ومن هو ظاهرٌ باللّيل، من قولهم: خفيت الشّيء: إذا أظهرته، وكما قال امرؤ القيس:
فإن تكتموا الدّاء لا نخفه = وإن تبعثوا الحرب لا نقعد
وقال: وقد قرئ ( أكاد أخفيها ) بمعنى: أظهرها، وقال في قوله: {وساربٌ بالنّهار} السّارب: هو المتواري كأنّه وجّهه إلى أنّه صار في السّرب بالنّهار مستخفيًا.
وقال بعض نحويّي البصرة والكوفة: إنّما معنى ذلك: ومن هو مستخفٍ: أي مستترٌ باللّيل من الاستخفاء، وساربٌ بالنّهار: وذاهبٌ بالنّهار، من قولهم: سربت الإبل إلى المراعي، وذلك ذهابها إلى المراعي وخروجها إليها وقيل: إنّ السّروب بالعشيّ والسّروح بالغداة.
واختلفوا أيضًا في تأنيث معقّباتٌ، وهي صفةٌ لغير الإناث، فقال بعض نحويّي البصرة: إنّما أنّثت لكثرة ذلك منها، نحو: نسّابة وعلاّمةٌ، ثمّ ذكّر لأنّ المعنى مذكّرٌ، فقال: يحفظونه.
وقال بعض نحويّي الكوفة: إنّما هي ملائكةٌ معقّبةٌ، ثمّ جمعت معقّباتٌ، فهو جمع جمعٍ، ثمّ قيل: يحفظونه، لأنّه للملائكة.
وقد تقدّم قولنا في معنى المستخفي باللّيل والسّارب بالنّهار.
وأمّا الّذي ذكرناه عن نحويّي البصريّين في ذلك فقولٌ وإن كان له في كلام العرب وجهٌ خلافٌ لقول أهل التّأويل، وحسبه من الدّلالة على فساده خروجه عن قول جميعهم.
وأمّا المعقّبات، فإنّ التّعقيب في كلام العرب العود بعد البدء، والرّجوع إلى الشّيء بعد الانصراف عنه، من قول اللّه تعالى: {ولّى مدبرًا ولم يعقّب}: أي لم يرجع، وكما قال سلامة بن جندلٍ:
وكرّنا الخيل في آثارهم رجعًا = كسّ السّنابك من بدءٍ وتعقيب
يعني: في غزو ثانٍ عقّبوا، وكما قال طرفة:
ولقد كنت عليكم عاتبًا = فعقبتم بذنوبٍ غير مرّ
يعني بقوله: عقبتم: رجعتم.
وأتاها التّأنيث عندنا، وهي من صفة الحرس الّذي يحرسون المستخفي باللّيل والسّارب بالنّهار، لأنّه عني بها حرسٌ معقّبةٌ، ثمّ جمعت المعقّبة، فقيل: معقّباتٌ، فذلك جمع جمع المعقّب، والمعقّب: واحد المعقّبة، كما قال لبيدٌ:
حتّى تهجّر في الرّواح وهاجه = طلب المعقّب حقّه المظلوم
والمعقّبات جمعها، ثمّ قال: يحفظونه، فردّ الخبر إلى تذكير الحرس والجند
وأمّا قوله: {يحفظونه من أمر اللّه} فإنّ أهل العربيّة اختلفوا في معناه، فقال بعض نحويّي الكوفة: معناه: له معقّباتٌ من أمر اللّه يحفظونه، وليس من أمره، إنّما هو تقديمٌ وتأخيرٌ، قال: ويكون يحفظونه ذلك الحفظ من أمر اللّه وبإذنه، كما تقول للرّجل: أجبتك من دعائك إيّاي، وبدعائك إيّاي.
وقال بعض نحويّي البصريّين: معنى ذلك: يحفظونه عن أمر اللّه، كما قالوا: أطعمني من جوعٍ وعن جوعٍ، وكساني عن عريٍ ومن عريٍ.
وقد دلّلنا فيما مضى على أنّ أولى القول بتأويل ذلك أن يكون قوله: {يحفظونه من أمر اللّه} من صفة حرس هذا المستخفي باللّيل، وهي تحرسه ظنًّا منها أنّها تدفع عنه أمر اللّه، فأخبر تعالى ذكره أنّ حرسه ذلك لا يغني عنه شيئًا إذا جاء أمره، فقال: {وإذا أراد اللّه بقومٍ سوءًا فلا مردّ له، وما لهم من دونه من والٍ}). [جامع البيان: 13/455-474]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر اللّه إنّ اللّه لا يغيّر ما بقومٍ حتّى يغيّروا ما بأنفسهم وإذا أراد اللّه بقومٍ سوءًا فلا مردّ له وما لهم من دونه من والٍ (11)
قوله: له معقّباتٌ من بين يديه
- قال: لمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه.
- حدّثني أبي، ثنا عبد الكبير بن معافا بن عمران، ثنا جعفر بن سليمان عن عمرو بن مالكٍ عن أبي الجوزاء في هذه الآية له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر اللّه قال: هذه لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خاصّةً.
- حدّثنا أبي، ثنا سهل بن عثمان، ثنا هارون المراديّ، ثنا جويبرٌ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ قوله: له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه قال يعني بالمعقّبات الملوك الّذين يتّخذون الحرس.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبدة عن جويبرٍ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه قال: هم الملائكة تعقّب باللّيل والنّهار تكتب عمل ابن آدم.
- أخبرنا العبّاس بن الوليد بن مؤيد قراءة أخى بن محمّد بن شعيبٍ أخبرني عثمان بن عطاءٍ عن أبيه له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه فيقال هم الكرام الكاتبون حفظةٌ من اللّه على ابن آدم أمروا بذلك.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو هريرة محمد بن فراسٍ الصّرّاف، ثنا أبو قتيبة، ثنا شعبة عن شريكٍ عن عكرمة في قوله: له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر اللّه قال: الجلاودة.
- حدّثنا أبي، ثنا عبيد اللّه بن معاذٍ، ثنا أبي، ثنا شعبة عن شريكٍ عن عكرمة له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر اللّه قال: هذا للأمراء.
قوله تعالى: من بين يديه ومن خلفه.
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن يزيد المقري، ثنا سفيان عن عمرو بن دينارٍ عن ابن عبّاسٍ أنّه كان يقرأ: له معقّباتٌ من بين يديه: ورقباء من خلفه.
- حدّثنا أبي، ثنا إبراهيم بن مهديٍّ المصّيصيّ، ثنا عبد اللّه بن الجارود قال سمعت الجارود بن أبي سبرة قال: دخلت أنا وأبي على ابن عبّاسٍ بالشّام وقد خرج من مستحمٍ له وقد اغتسل قال: وإنه مستلقى يقول: له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه قال يا أبا سبرة: ليس هناك المعقّبات ولكن له المعقّبات من بين يديه ورقيبٌ من خلفه.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج قال سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه: ومن هو مستخفٍ باللّيل وساربٌ بالنّهار قال: أتى عامر بن الطّفيل وأربد بن ربيعة إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فقال له عامر: ما تجعل لي إن أنا تبعتك. قال: أنت (فارس؟؟؟) أعطيك (أعنة) الخيل قال: قط، قال: فما تبتغي؟ قال: لي الشّرق ولك الغرب. قال: لا.. قال: فلي الوبر ولك المدر قال: لا. قال: لأملأنّها عليك خيلا ورجالا. قال: يمنعك اللّه ذلك ابنا قيلة- يريد الأوس والخزرج- قال: مخرجا. فقال عامرٌ لأربد إن كان الرّجل لنا يمكنّا لو قتلناه ما انتطحت فيه عنزان ولرضوا بأن يعقله لهم وأحبّوا السّلم وكرهوا الحرب إذا رأوا أمرًا قد وقع. فقال له الآخر: إن شئت فتشاورا. وقال: ارجع فإنّما أشغله عليك بالمجادلة، وكن أنت وراءه واضربه بالسّيف ضربةً واحدةً فكانا كذلك، وأخذ وراء النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم والآخر يجادله. فقال: اقصص علينا قصصك. قال: ما تقول. قال: قرآنك. قال: فجعل يجادله ويستبطيه حتّى قال له: مالك خمشت قال: وضعت يديّ على قائم السّيف فيبست فما قدرت أن أخلّي ولا أمرّي ولا أحرّكها، قال: فخرجنا فلمّا كانا بالحرّة سمع بذلك سعد بن معاذٍ وأسيد بن حضيرٍ، فخرجا إليه على كلّ واحدٍ منهما لامته ورمحه بيده وهو متقلّدٌ سيفه فقالا لعامر بن الطّفيل: يا أعور الخبيث أنت الّذي يشترط على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم...... قال: فلولا أنّك في إمارة رسول اللّه فما رمت المنزل حتّى يضرب عينيك، ولكن لا تسعلوها وكان أشدّ الرّجلين عليه أسيد بن حضيرٍ فقال: من هذا؟. قالوا: هذا أسيد بن حضيرٍ. فقال له: لو كان أبوه حيًّا لم يفعل بي هذا.
ثمّ قال عامرٌ لأربد: اخرج أنت يا أربد إلى ناحية عديّة وأخرج أنا إلى نجدٍ فنجمع الرّجال فنلتقي عليه. فخرج أربد حتّى إذا كان بالرّقم بعث اللّه عليه سحابةً من الصّيف فيها صاعقةٌ فأحرقته. فخرج عامرٌ حتّى إذا كان بوادي يقال له الجريد أرسل اللّه عليه الطّاعون فجعل يصيح يا عامر أغدّةٌ كغدّة البكر تقتلك. يا عامر غدة كغدّة البكر تقتلك ومرّت أيضًا في بيت سلوليّةٍ وهي امرأةٌ من قيسٍ. قال: فذلك قول اللّه: سواءٌ منكم من أسرّ القول ومن جهر به ومن هو مستخفٍ باللّيل وساربٌ بالنّهار له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه: لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يحفظونه تلك المعقّبات من أمر اللّه هذا مقدّمٌ ومؤخر لرسول الله معقّباتٌ يحفظونه من بين يديه ومن خلفه قال: تلك المعقبات من أمر الله.
قوله تعالى: يحفظونه من أمر الله.
[الوجه الأول]
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ الواسطيّ، ثنا يعقوب بن محمّدٍ الزّهريّ، ثنا عبد العزيز بن عمران عن عبد اللّه بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسارٍ قال: أنزل اللّه في عامرٍ وأربد ما كانا همّا به من النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قوله: معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر اللّه.
- حدّثنا حمّاد بن الحسين بن عنبسة، ثنا أبو داود، ثنا أبو عوانة عن عطاء بن السّائب عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ في قول اللّه: يحفظونه من أمر اللّه قال: عن أمر اللّه يحفظونه من بين يديه ومن خلفه.
- حدّثنا أبي، ثنا عبد اللّه بن صالح بن مسلمٍ وعبد اللّه بن رجاءٍ قالا، ثنا إسرائيل عن سماكٍ عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ في قوله: يحفظونه من أمر اللّه قال: يحفظونه حتّى إذا جاء القدر خلّوا عنه.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو بكر بن عيّاشٍ قال: سألت السّدّيّ، زمن خالدٍ منذ سبعين سنةً عن قول اللّه: له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر اللّه قال: يحفظونه ممّا قدّر له إلى ما لم يقدّر له.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ كاتب اللّيث، حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ قوله: يحفظونه من أمر اللّه يقول: بإذن اللّه، فالمعقّبات من أمر اللّه وهي الملائكة.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو هريرة محمّد بن فراسٍ الصّرّاف، ثنا أبو داود ثنا ورقاء عن منصورٍ عن طلحة عن إبراهيم في قوله: يحفظونه من أمر اللّه قال: من الجنّ.
الوجه الثّاني:
- حدّثني أبي، ثنا سهل بن عثمان، ثنا مروان، ثنا جويبرٌ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ يحفظونه من أمر اللّه قال: من الموت.
قوله تعالى: إنّ اللّه لا يغيّر ما بقومٍ حتّى يغيّروا ما بأنفسهم.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا حفص بن غياثٍ عن أشعث عن جهمٍ عن إبراهيم: أوحى اللّه عزّ وجلّ إلى نبيٍّ من أنبياء بني إسرائيل أن قل لقومك: إنّه ليس من أهل قريةٍ ولا أهل بيتٍ يكونون على طاعة اللّه فيتحوّلون منها إلى معصية اللّه إلا تحوّل اللّه ممّا يحبّون إلى ما يكرهون ثمّ قال: إنّ تصديق ذلك في كتاب اللّه إنّ اللّه لا يغيّر ما بقومٍ حتّى يغيّروا ما بأنفسهم.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن بشيرٍ عن قتادة قوله: إنّ اللّه لا يغيّر ما بقومٍ حتّى يغيّروا ما بأنفسهم: وإنّما يجيء التّغيير من النّاس والتّيسير من اللّه فلا تغيّروا ما بكم من نعم اللّه.
قوله تعالى: وإذا أراد اللّه بقومٍ سوءًا فلا مردّ له.
- حدّثني أبي، ثنا مهل بن عثمان، ثنا مروان، ثنا جويبرٌ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ يعني: قوله: إذا أراد اللّه بقومٍ سوءًا فلا مردّ له قال: فإذا جاء أمر اللّه لم يغن الملوك الّذين يتّخذون الحرس منه شيئًا.
قوله تعالى: وما لهم من دونه من والٍ.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات عن أسباطٍ عن السّدّيّ ما لهم من دونه من والٍ قال: هو الّذي يولاهم فينصرهم ويلجيهم إليه.
آخر المجلد الرابع من هذه النسخة من تقسيم الحافظ ابن محمد بن عبد الرحمن بن الإمام أبى حاتمٍ محمّد بن إدريس الرّازيّ. رحمه الله عليه.
يتلوه إن شاء الله تعالى في أول الخامس قوله: هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا والله عز وجل المسئول الإعانة على تمامه بحوله وقوته وصلى الله على محمد وآله وسلم كثيرا والحمد لله رب العالمين). [تفسير القرآن العظيم: 7/2229-2233]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد له معقبات من بين يديه ومن خلفه يعني من الملائكة). [تفسير مجاهد: 325-326]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد يحفظونه من أمر الله يعني بأمر الله). [تفسير مجاهد: 326]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 11
أخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني في الكبير، وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل من طريق عطاء بن يسار - رضي الله عنه - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن أربد بن قيس وعامر بن الطفيل قدما المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتهيا إليه وهو جالس فجلسا بين يديه فقال عامر: ما تجعل لي إن أسلمت قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم، قال: أتجعل لي إن أسلمت الأمر من بعدك قال: ليس لك ولا لقومك ولكن لك أعنة الخيل، قال: فجعل لي الوبر ولك المدر، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: لا، فلما قفى من عنده قال: لأملأنها عليك خيلا ورجالا، قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: يمنعك الله، فلما خرج أربد وعامر قال عامر: يا أربد إني سألهي محمدا عنك بالحديث فاضربه بالسيف فإن الناس إذا قتلت محمدا لم يزيدوا على أن يرضوا بالدية ويكرهوا الحرب فسنعطيهم الدية، فقال أربد: أفعل، فأقبلا راجعين فقال عامر: يا محمد قم معي أكلمك، فقام معه فخليا إلى الجدار ووقف معه عامر يكلمه وسل أربد السيف فلما وضع يده على سيفه يبست على قائم السيف فلا يستطيع سل سيفه وأبطأ أربد على عامر بالضرب فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى أربد وما يصنع فانصرف عنهما، وقال عامر لأربد ما لك حشمت قال وضعت يدي على قائم السيف فيبست فلما خرج عامر وأربد من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كانا بحرة واقم نزلا، فخرج إليهما سعد بن معاذ وأسيد بن حضير فقال: اشخصا يا عدوي الله لعنكما الله ووقع بهما، فقال عامر: من هذا يا سعد فقال سعد: هذا أسيد بن حضير الكتائب قال: أما والله إن كان حضير صديقا لي حتى إذا كانا بالرقم أرسل الله على أربد صاعقة فقتلته وخرج عامر حتى إذا كان بالخريب أرسل الله عليه قرحة فأدركه الموت فيها: فأنزل الله {الله يعلم ما تحمل كل أنثى} إلى قوله {له معقبات من بين يديه} قال: المعقبات من أمر الله يحفظون محمدا صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر أربد وما قتله فقال {هو الذي يريكم البرق} إلى قوله {وهو شديد المحال}). [الدر المنثور: 8/380-383]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم وألطبراني وأبو الشيخ، وابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه} قال: هذه للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة). [الدر المنثور: 8/383]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {يحفظونه من أمر الله} قال: عن أمر الله يحفظونه من بين يديه ومن خلفه). [الدر المنثور: 8/383]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {يحفظونه من أمر الله} قال: ذلك الحفظ من أمر الله بأمر الله). [الدر المنثور: 8/383]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {له معقبات} قال: الملائكة {يحفظونه من أمر الله} قال: بإذن الله). [الدر المنثور: 8/383]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الحسن - رضي الله عنه - في قوله {له معقبات} قال: الملائكة). [الدر المنثور: 8/383]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {له معقبات} الآية قال: الملائكة من أمر الله). [الدر المنثور: 8/384]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - في قوله {له معقبات} قال: الملائكة {يحفظونه من أمر الله} قال: حفظهم إياه بأمر الله). [الدر المنثور: 8/384]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {يحفظونه من أمر الله} قال: بأمر الله، قال: وفي بعض القراءة [ يحفظونه بأمر الله ] ). [الدر المنثور: 8/384]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {له معقبات} الآية، يعني ولي السلطان يكون عليه الحراس يحفظونه من بين يديه ومن خلفه يقول الله يحفظونه من أمري، فإني إذا أردت بقوم سوء فلا مرد له). [الدر المنثور: 8/384]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {له معقبات} الآية، قال: الملوك يتخذون الحرس يحفظونه من أمامه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله يحفظونه من القتل، ألم تسمع أن الله تعالى يقول {وإذا أراد الله بقوم سوءا} لم يغن الحرس عنه شيئا). [الدر المنثور: 8/384-385]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن عكرمة - رضي الله عنه - في قوله {له معقبات} قال: هؤلاء الأمراء). [الدر المنثور: 8/385]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {له معقبات} قال: هم الملائكة تعقب بالليل والنهار وتكتب على بني آدم). [الدر المنثور: 8/385]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {له معقبات} قال: الحفظة). [الدر المنثور: 8/385]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر من وجه آخر عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {له معقبات} قال: الملائكة تعقب الليل والنهار تكتب على ابن آدم، وبلغني أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: يجتمعون فيكم عند صلاة الصبح وصلاة العصر من بين يديه مثله قوله (عن اليمين وعن الشمال) (سورة ق آية 17) الحسنات من بين يديه والسيئات من خلفه الذي على يمينه يكتب الحسنات والذي على يساره لا يكتب إلا بشهادة الذي على يمينه فإذا مشى كان أحدهما أمامه والآخر وراءه وإن قعد كان أحدهما على يمينه والآخر على يساره وإن رقد كان أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه {يحفظونه من أمر الله} قال: يحفظون عليه). [الدر المنثور: 8/385-386]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن عطاء - رضي الله عنه - {له معقبات} قال: هم الكرام الكاتبون حفظة من الله على ابن آدم أمروا به). [الدر المنثور: 8/386]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن إبراهيم - رضي الله عنه - في قوله {يحفظونه من أمر الله} قال: من الجن). [الدر المنثور: 8/386]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق والفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن ابي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {له معقبات} قال: ملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه فإذا جاء قدره خلوا عنه). [الدر المنثور: 8/386]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد - رضي الله عنه - قال: ما من عبد إلا به ملك موكل يحفظه في نومه ويقظته من الجن والإنس والهوام، فما منها شيء يأتيه يريده إلا قال وراءك، إلا شيئا يأذن الله فيه فيصيبه). [الدر المنثور: 8/386-387]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن كعب الأحبار - رضي الله عنه - قال: لو تجلى لابن آدم كل سهل وحزن لرأى على كل شيء من ذلك شياطين لولا أن الله وكل بكم ملائكة يذبون عنكم في مطعمكم ومشربكم وعوراتكم إذا لتخطفتكم). [الدر المنثور: 8/387]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن أبي مجلز - رضي الله عنه - قال: جاء رجل من مراد إلى علي - رضي الله عنه - وهو يصلي فقال: احترس فإن ناسا من مراد يريدون قتلك، فقال: إن مع كل رجل ملكين يحفظانه مما لم يقدر فإذا جاء القدر خليا بينه وبينه وإن الأجل جنة حصينة). [الدر المنثور: 8/387]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: ما من آدمي إلا ومعه ملك يذود عنه حتى يسلمه للذي قدر له). [الدر المنثور: 8/387]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن السدي - رضي الله عنه - في الآية قال: ليس من عبد إلا له معقبات من الملائكة ملكان يكونان معه في النهار فإذا جاء الليل صعدا وأعقبهما ملكان فكانا معه ليله حتى يصبح يحفظونه من بين يديه ومن خلفه ولا يصيبه شيء لم يكتب عليه إذا غشي من ذلك شيء دفعاه عنه، ألم تره يمر بالحائط فإذا جاز سقط فإذا جاء الكتاب خلوا بينه وبين ما كتب له، وهم {من أمر الله} أمرهم أن يحفظوه). [الدر المنثور: 8/387-388]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن قتادة - رضي الله عنه - قال: في قراءة أبي بن كعب رضي الله عنه [ له معقبات من بين يديه ورقيب من خلفه يحفظونه من أمر الله ] ). [الدر المنثور: 8/388]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه كان يقرأ [ له معقبات من بين يديه ورقباء من خلفه من أمر الله يحفظونه ] ). [الدر المنثور: 8/388]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن الجارود بن أبي سبرة - رضي الله عنه - قال: سمعني ابن عباس - رضي الله عنهما - أقرأ {له معقبات من بين يديه ومن خلفه} فقال: ليست هناك ولكن [ له معقبات من بين يديه ورقيب من خلفه ] ). [الدر المنثور: 8/388]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن علي - رضي الله عنه - {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله} قال: ليس من عبد إلا ومعه ملائكة يحفظونه من أن يقع عليه حائط أو يتردى في بئر أو يأكله سبع أو غرق أو حرق فإذا جاء القدر خلوا بينه وبين القدر). [الدر المنثور: 8/388]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان والطبراني والصابوني في المائتين عن أبي أمامة - رضي الله عنها - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل بالمؤمن ثلثمائة وستون ملكا يدفعون عنه ما لم يقدر عليه من ذلك، لبصر سبعة أملاك يذبون عنه كما يذب عن قصعة العسل من الذباب في اليوم الصائف وما لو بدا لكم لرأيتموه على كل سهل وجبل كلهم باسط يديه فاغر فاه وما لو وكل العبد فيه إلى نفسه طرفة عين لاختطفته الشياطين). [الدر المنثور: 8/389]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود في القدر، وابن أبي الدنيا، وابن عساكر عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: لكل عبد حفظة يحفظونه لا يخر عليه حائط أو يتردى في بئر أو تصيبه دابة حتى إذا جاء القدر الذي قدر له خلت عنه الحفظة فأصابه ما شاء الله أن يصيبه، وفي لفظ لأبي داود: وليس من الناس أحد إلا وقد وكل به ملك فلا تريده دابة ولا شيء إلا قال اتقه اتقه فإذا جاء القدر خلى عنه). [الدر المنثور: 8/389]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن كنانة العدوي - رضي الله عنه - قال: دخل عثمان بن عفان - رضي الله عنه - على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أخبرني عن العبد كم معه من ملك فقال: ملك عن يمينك على حسناتك وهو أمين على الذي على الشمال إذا عملت حسنة كتبت عشرا فإذا عملت سيئة قال الذي على الشمال للذي على اليمين: أكتب قال: لا لعله يستغفر الله ويتوب فإذا قال ثلاثا قال: نعم اكتبه أراحنا الله منه فبئس القرين ما أقل مراقبته لله وأقل استحياؤه منه يقول الله (وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) (سورة ق آية 18) وملكان من بين يديك ومن خلفك يقول الله {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله} وملك قابض على ناصيتك فإذا تواضعت لله رفعك وإذا تجبرت على الله قصمك وملكان على شفتيك ليس يحفظان عليك إلا الصلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم وملك قائم على فيك لا يدع أن تدخل الحية في فيك وملكان على عينيك فهؤلاء عشرة أملاك على كل بني آدم ينزل ملائكة الليل على ملائكة النهار لأن ملائكة الليل سوى ملائكة النهار فهؤلاء عشرون ملكا على كل آدمي وإبليس بالنهار وولده بالليل). [الدر المنثور: 8/389-390]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} لا يغير ما بهم من النعمة حتى يعملوا بالمعاصي فيرفع الله عنهم النعم). [الدر المنثور: 8/390]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة في كتاب العرش وأبو الشيخ، وابن مردويه عن علي - رضي الله عنه - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله وعزتي وجلالي وارتفاعي فوق عرشي ما من أهل قرية ولا أهل بيت ولا رجل ببادية كانوا على ما كرهته من معصيتي ثم تحولوا عنها إلى ما أحببت من طاعتي إلا تحولت لهم عما يكرهون من عذابي إلى ما يحبون من رحمتي وما من أهل بيت ولا قرية ولا رجل ببادية كانوا على ما أحببت من طاعتي ثم تحولوا إلى ما كرهت من معصيتي إلا تحولت لهم عما يحبون من رحمتي إلى ما يكرهون من غضبي). [الدر المنثور: 8/391]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن زيد - رضي الله عنه - قال: أتى عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له عامر: ما تجعل لي إن اتبعتك قال: أنت فارس أعطيك أعنة الخيل، قال: فقط قال: فما تبغي قال: لي الشرق ولك الغرب ولي الوبر ولك المدر، قال: لا، قال: لأملأنها إذا عليك خيلا ورجالا، قال: يمنعك الله ذلك، وأتيا قبيلة تدعى الأوس والخزرج فخرجا فقال عامر لأربد: إن كان الرجل لنا يمكنا لو قتلناه ما انتطحت فيه عنزان ولرضوا بأن نعقله لهم وأحبوا السلم وكرهوا الحرب إذا رأوا أمر قد وقع فقال الآخر: إن شئت، فتشاورا وقال: أرجع أنا أشغله عنك بالمجادلة وكن وراءه فاضربه بالسيف ضربة واحدة فكانا كذلك واحد وراء النّبيّ صلى الله عليه وسلم والآخر قال: اقصص علي قصصك، قال: ما تقول قال: قرأتك فجعل يجادله ويستبطئه حتى قال له ما لك أحشمت قال: وضعت يدي على قائم السيف فيبست فما قدرت على أن أحلى ولا أمري فجعل يحركها ولا تتحرك، فخرجا فلما كانا بالحرة سمع بذلك سعد بن معاذ وأسيد بن حضير فخرجا إليه على كل واحد منهما لأمته ورمحه بيده وهو متقلد سيفه فقال أسيد لعامر بن الطفيل: يا أعور الخبيث أنت الذي تشترط على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لولا أنك في أمان من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رمت المنزل حتى ضربت عنقك، فقال: من هذا قالوا: أسيد بن حضير، قال: لو كان أبوه حيا لم يفعل بي هذا، ثم قال عامر لأربد: اخرج أنت يا أربد إلى ناحية عذبة). [الدر المنثور: 8/391-392]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أنا إلى محمد فأجمع الرجال فنلتقي عليه فخرج أربد حتى إذا كان بالرقم بعث الله سحابة من الصيف فيها صاعقة فأحرقته وخرج عامر حتى إذا كان بوادي الحريد أرسل الله عليه الطاعون فجعل يصيح: يا آل عامر اغدة كغدة البعير تقتلني وموت أيضا في بيت سلولية وهي امرأة من قيس فذلك قوله {سواء منكم من أسر القول ومن جهر به} إلى قوله {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله} هذا مقدم ومؤخر لرسول الله صلى الله عليه وسلم تلك المعقبات من أمر الله {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} حتى بلغ {وما دعاء الكافرين إلا في ضلال} وقال لبيد في أخيه أربد وهو يبكيه:
أخشى على أربد الحتوف ولا * أرهب نوء السماء والأسد
فجعتني الرعد والصواعق بالفا * رس [ بالفارس ] يوم الكريهة النجد). [الدر المنثور: 8/392-393]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} قال: إنما يجيء التغيير من الناس والتيسير من الله فلا تغيروا ما بكم من نعم الله). [الدر المنثور: 8/393-394]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم - رضي الله عنه - قال: أوحى الله إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل أن قل لقومك أنه ليس من أهل قرية ولا أهل بيت يكونون على طاعة الله فيتحولون إلى معصية الله إلا تحول الله مما يحبون إلى ما يكرهون ثم قال: إن تصديق ذلك في كتاب الله تعالى {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}). [الدر المنثور: 8/394]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن أبي هلال - رضي الله عنه - قال: بلغني أن نبيا من الأنبياء عليهم السلام لما أسرع قومه في المعاصي قال لهم: اجتمعوا إلي لأبلغكم رسالة ربي فاجتمعوا إليه وفي يده فخارة فقال: إن الله تبارك وتعالى يقول لكم إنكم قد عملتم ذنوبا قد بلغت السماء وإنكم لا تتوبون منها وتنزعون عنها إلا إن كسرتكم كما تكسر هذه، فألقاها فانكسرت فتفرقت ثم قال: وأفرقكم حتى لا ينتفع بكم ثم أبعث عليكم من لا حظ له فينتقم لي منكم ثم أكون الذي أنتقم لنفسي بعد). [الدر المنثور: 8/394]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن الحسن - رضي الله عنه - قال: إن الحجاج عقوبة فلا تستقبلوا عقوبة الله بالسيف ولكن استقبلوها بتوبة وتضرع واستكانة). [الدر المنثور: 8/394-395]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن مالك بن دينار - رضي الله عنه - قال: كلما أحدثتم ذنبا أحدث الله لكم من سلطانكم عقوبة). [الدر المنثور: 8/395]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن مالك بن دينار - رضي الله عنه - قال: قرأت في بعض الكتب: إني أنا الله مالك الملوك قلوب الملوك بيدي فلا تشغلوا قلوبكم بسب الملوك وادعوني أعطفهم عليكم). [الدر المنثور: 8/395]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن السدي - رضي الله عنه - {وما لهم من دونه من وال} قال: هو الذي تولاهم فينصرهم ويلجئهم إليه). [الدر المنثور: 8/395]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 7 جمادى الأولى 1434هـ/18-03-2013م, 11:38 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (8) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9) سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10) لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11)}


تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (8)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وما تغيض الأرحام وما تزداد...}
(تغيض) يقول: فما تنقص من التسعة الأشهر التي هي وقت الحمل (وما تزداد) أي تزيد على التسعة أولا ترى أن العرب تقول: غاضت المياه أي نقصت.
وفي الحديث: إذا كان الشتاء قيظاً، والولد غيظاً، وغاضت الكرام غيضاً وفاضت اللئام فيضاً. فقد تبيّن النقصان في الغيض). [معاني القرآن: 2/59]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (وما تغيض الأرحام) أي ما تخرج من الأولاد ومما كان فيها.
{وما تزداد} أي ما تحدث وتحدث.
{وكلّ شئٍ عنده بمقدارٍ} أي مقدر وهو مفعال من القدر). [مجاز القرآن: 1/323]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {تغيض الأرحام}: تنقص وقال المفسرون يزيد في الولد بقدر ما غاضت من الدم وينتقص إذا رأته). [غريب القرآن وتفسيره: 190]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وما تغيض الأرحام} أي ما تنقص في الحمل عن تسعة أشهر من السقط وغيره.
{وما تزداد} على التسعة. يقال: غاض الماء فهو يغيض إذا نقص، وغضته). [تفسير غريب القرآن: 225]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {يعلم ما تحمل كلّ أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكلّ شيء عنده بمقدار}
{وما تغيض الأرحام وما تزداد}.
معنى غاض في اللغة نقص.
وفي التفسير ما نقص الحمل من تسعة أشهر وما زاد عنها على التسعة.
وقيل ما نقص عن أن يتمّ حتى يموت، وما زاد حتى يتم الحمل). [معاني القرآن: 3/140]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {وما تغيض الأرحام وما تزداد}
قال الحسن والضحاك هو نقصان الولد عن تسعة أشهر وزيادته عليها
وقال قتادة تغيض السقط وتزداد على التسعة أشهر
وقال مجاهد الغيض النقصان فإذا اهراقت المرأة الدم وهي حامل انتقص الولد وإذا لم تهرق الدم عظم الولد وتم
وقال سعيد بن جبير إذا حملت المرأة ثم حاضت نقص ولدها ثم تزداد به الحمل مقدار ما جاءها الدم به
وقال عكرمة الغيض أن ينقص الولد بمجيء الدم والزيادة أن يزيد مقدار ما جاءها الدم فيه حتى تستكمل تسعة أشهر
سوى الأيام التي جاءها الدم فيها). [معاني القرآن: 3/475-476]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {تغيض الأرحام} أي: تنقص من دم الحيض. {وما تزداد} أي: من دم الحيض). [ياقوتة الصراط: 280]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وما تغيض الأرحام} أي ما تنقص في الحمل عن تسعة أشهر {وما تزداد} أي على التسعة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 118]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَغِيضُ}: تنقص). [العمدة في غريب القرآن: 165]

تفسير قوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9)}

تفسير قوله تعالى: {سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {سواء مّنكم مّن أسرّ القول ومن جهر به...}.
(من) و(من) في موضع
رفع، الذي رفعهما جميعاً سواء، ومعناهما: أن من أسرّ القول أو جهر به فهو يعلمه، وكذلك قوله: {ومن هو مستخفٍ باللّيل وساربٌ بالنّهار} أي ظاهر بالنهار.
يقول: هو يعلم الظاهر والسرّ وكلٌّ عنده سواء). [معاني القرآن: 2/59-60]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وساربٌ بالنّهار} مجازه: سالك في سربه، أي مذاهبه ووجوهه، ومنه قولهم: أصبح فلان آمناً في سربه، أي في مذاهبه وأينما توجه، ومنه: انسرب فلان.
{له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه} مجازه: ملائكة تعقّب بعد ملائكة، وحفظة تعقّب بالليل حفظة النهار تعقّب حفظة الليل، ومنه قولهم: فلان عقّبني، وقولهم: عقّبت في أثره). [مجاز القرآن: 1/323-324]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {سواء مّنكم مّن أسرّ القول ومن جهر به ومن هو مستخفٍ باللّيل وساربٌ بالنّهار}
وقال: {مستخفٍ باللّيل وساربٌ بالنّهار} فقوله: {مستخفٍ} يقول: ظاهرٌ. و"السارب": المتواري. وقد قرئت (أخفيها) أي: أظهرها لأنك تقول "خفيت السّرّ" أي: أظهرته
وأنشد:
إن تكتموا الداء لا نخفه = وإن تبعثوا الحرب لا نقعد
والضم أجود. وزعموا أنّ تفسير (أكاد): أريد وأنّها لغةٌ لأن "أريد" قد تجعل مكان "أكاد" مثل (جداراً يريد أن ينقض) أي: "يكاد أن ينقضّ" فكذلك "أكاد" إنّما هي: أريد.
وقال الشاعر:
كادت وكدت وتلك خير إرادةٍ = لو عاد من لهو الصبّابة ما مضى
وأمّا "المعقّبات" فإنما أنثت لكثرة ذلك منها نحو "النّسّابة" و"العلاّمة" ثم ذكر لأن المعنى مذكر فقال (يحفظونه من أمر الله) ). [معاني القرآن: 2/55-56]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله عز وجل {وسارب بالنهار} فإنه يقال: سرب الرجل سربا؛ خرج فذهب؛ والسرب بالكسر: القطيع من الظباء والخيل والنساء؛ يقال: خل سرب الرجل بالفتح أي خل طريقه، من سرب سربًا؛ ويقال: سربت الإبل سروبًا بالعشي إلى المرعى، وربما باتت
[معاني القرآن لقطرب: 764]
على الماء إن كان الكلأ قريبًا وكانت سمانًا، فتسرح غدوة إلى المرعى؛ والسروح بالغداة، والسروب بالعشي.
وقال الله عز وجل {وحين تسرحون} الرواح بالعشي، والسروح بالغداة، والسروب بالعشي.
[وروى محمد بن صالح]:
{وسارب بالنهار} ظاهر قد سرب سروبًا، وهو يسرب سروبًا إذا ظهر.
وقال قيس بن الحطيم:
أني سريت وكنت غير سروب = وتقرب الأحلام غير قريب
يقول كيف تخطيت إلينا ولم تكوني تظهرين.
وقال ابن عباس {مستخف بالليل} في بيته بعمله {وسارب بالنهار} ظاهر عمله كله بالنهار.
[معاني القرآن لقطرب: 765]
وحكى لنا الثقة قال {مستخف بالليل} أي ظاهر بالليل؛ يصير من خيفته أي أظهرته، {وسارب بالنهار} أي متوار كأنه يصير؛ من قول ابن عباس {فاتخذ سبيله في البحر سربا} كهيئة السرب طريقًا؛ والعرب تقول: خفيت الشيء أظهرته، وأخفيته أيضًا أظهرته.
وقرئت هذه الآية على وجهين: {أكاد أخفيها} و"أخفيها"؛ وقال امرئ القيس:
فإن تدفنوا الداء لا نخفه = وإن تبعثوا الحرب لا نقعد
أي لا نظهر.
وقال أيضًا:
خفاهن من أنفاقهن كأنما = خفاهن ودق من عشي مجلب
أي أظهرهن من جحرتهن.
ومثله قول عبدة بن الطبيب:
يخفي التراب بأظلاف ثمانية = في أربع مسهن الأرض تحليل
[معاني القرآن لقطرب: 766]
يريد: يثير التراب ويخرجه؛ وسنذكر كل ما في هذا في سورة طه إن شاء الله). [معاني القرآن لقطرب: 767]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {مستخف بالليل}: راكب رأسه في معاصيه.
{وسارب بالنهار}: سالك في سربه، أي في مذاهبه
ووجوهه. يقال أصبحت فانسرت). [غريب القرآن وتفسيره: 190-191]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وساربٌ بالنّهار} أي متصرّف في حوائجه. يقال: سرب يسرب.
وقال الشاعر:
أرى كلّ قوم قاربوا قيد فحلهم ونحن خلعنا قيده فهو سارب أي ذاهب). [تفسير غريب القرآن: 225]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {سواء منكم من أسرّ القول ومن جهر به ومن هو مستخف باللّيل وسارب بالنّهار}
موضع " من " رفع بسواء، وكذلك (من) الثانية يرتفعان جميعا بسواء، لأن سواء يطلب اثنين، تقول: سواء زيد وعمرو، في معنى ذوا سواء زيد وعمرو.
لأن سواء مصدر فلا يجوز أن يرتفع ما بعده إلّا على الحذف، تقول: عدل زيد وعمرو، والمعنى ذوا عدل زيد وعمرو لأن المصادر ليست بأسماء الفاعلين، وإنما ترفع الأسماء أوصافها، فإذا رفعتها المصادر فهي على الحذف كما قالت الخنساء:
ترتع ما غفلت حتى إذا ادّكرت= فإنما هي إقبال وإدبار
المعنى فإنما هي ذات إقبال وذات إدبار، وكذلك زيد إقبال وإدبار.
وهذا مما كثر استعماله أعني سواء، فجرى مجرى أسماء الفاعلين، ويجوز أن يرتفع على أن يكون في موضع مستو، إلا أن سيبويه يستقبح ذلك، لا يجيز مستو زيد وعمرو، لأن أسماء الفاعلين عنده إذا كانت نكرة لا يبتدأ بها لضعفها عن الفعل فلا يبتدأ بها، ويجريها مجرى الفعل.
ومعنى الآية إعلامهم أنّ اللّه عزّ وجلّ يعلم ما غاب عنهم وما شهد.
فقال عزّ وجلّ: {ومن هو مستخف باللّيل} أي من هو مستتر بالليل، والليل أستر من النهار ومن هو سارب بالنّهار.
أي من هو ظاهر بالنّهار في سربه، يقال: خلّ له سربه أي طريقه،
فالمعنى الظاهر في الطرقات، والمستخفي في الظلمات، والجاهر بنطقه والمضمر في نفسه علم الله فيهم جميعا سواء وذكر قطرب وجها آخر، ذكر أنه يجوز أن يكون " مستخف بالليل " ظاهرا بالليل، وهذا في اللغة جائز، ويكون مع هذا " وسارب بالنهار " أي مستتر، يقال: انسرب الوحشيّ إذا دخل في كناسه.
والأول بين، وهو أبلغ في وصف علم الغيب). [معاني القرآن: 3/141-142]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار}
قال ابن عباس السارب الظاهر
قال قتادة السارب الظاهر الذاهب
وقال مجاهد ومن هو مستخف بالليل أي مستتر بالمعاصي وسارب بالنهار ظاهر
وقال بعض أهل اللغة ومن هو مستخف بالليل أي ظاهر من خفيته إذا أظهرته وسارب بالنهار أي مستتر من قولهم انسرب الوحش إذا دخل كناسه
قال أبو جعفر القول الأول أولى لجلالة من قال به وأشبه بالمعنى لأن المعنى والله أعلم سواء منكم من أسر منطقه أو
أعلنه واستتر بالليل أو ظهر بالنهار وكل ذلك في علم الله سواء
وهو في اللغة أشهر وأكثر
قال الكسائي يقال سرب يسرب سربا وسروبا إذا ذهب
وحكى الأصمعي خل له سربه أي طريقه). [معاني القرآن: 3/476-477]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وسارب بالنهار} أي متصرف في حوائجه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 118]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مُسْتَخْفٍ}: مستتر في دينه
{وسَارِبٌ}: ظاهر في عمله). [العمدة في غريب القرآن: 165]

تفسير قوله تعالى: (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {له معقّباتٌ مّن بين يديه...}.
المعقّبات: الملائكة، ملائكة الليل تعقّب ملائكة النهار يحفظونه. والمعقّبات: ذكران إلاّ أنه جميع جمع ملائكة معقّبة، ثم جمعت معقّبة، كما قال: أبناوات سعدٍ، ورجالات جمع رجال.
ثم قال عزّ وجلّ: {يحفظونه من أمر اللّه} فرجع إلى التذكير الذي أخبرتك وهو المعنى. ويكون (ويحفظونه) ذلك الحفظ من أمر الله وبأمره وبإذنه عز وجلّ؛ كما تقول للرجل: أجيئك من دعائك إيّاي وبدعائك إيّاي والله أعلم بصواب ذلك). [معاني القرآن: 2/60]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {يحفظونه من أمر الله} أي بأمر الله يحفظونه من أمره.
{وإذا أراد الله بقوم سوءًا} مضموم الأول، ومجازه: هلكة وكل جذام وبرص وعمىً، وكل بلاء عظيم فهو سوء مضموم الأول، وإذا فتحت أوله فهو مصدر سؤت القوم، ومنه قولهم: رجل سوءٍ قال الزّبرقان بن بدر:
قد علمت قيسٌ وخندف إنّني= وقيت إذا ما فارس السّوء أحجما).
[مجاز القرآن: 1/324]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {له معقبات من بين يديه ومن خلفه} فقالوا: لم يعقب فلان؛ أي لم يرجع؛ وكقوله {ولم يعقب يا موسى} والمعقب الذي يطلب حقه وإن تأخر؛ فكأن المعنى واحد؛ أي يرجع إليه.
وقال لبيد:
حتى تهجر للرواح وهاجها = طلب المعقب حقه المظلوم
[وروى محمد بن صالح]
"طلب المعقب" بالرفع.
[معاني القرآن لقطرب: 767]
وقال سلامة بن جندل:
وكرنا الخيل في آثارها رجعا = كسن السنابك من بدء وتعقيب
وسمعنا العرب تقول: في تعقيب؛ أي غزو ثان عقبوا به.
وقال طرفة:
ولقد كنت عليكم عاتبا = فعقبتم بذنوب غير مر
أي عدتم ورجعتم.
وقوله {فعاقبتم} يقال: عاقب الرجل شيئًا؛ إذا أخذه.
وقوله عز وجل {يحفظونه من أمر الله} المعنى فيه: يحفظونه؛ عن أمر الله؛ لأنه لا يحفظ من أمر الله أحد؛ وهذا كقول العرب: أطعمه من جوع وعن جوع؛ وكساه من عري وعن عري؛ وآمنه من خوف وعن خوف؛ وساق إليها، وساق عنها؛ وقد فسرنا دخول هذه الحروف بعضها على بعض في آل عمران.
وكان ابن عباس يقول {يحفظونه من آمر الله} قال: حفظهم إياه من أمر الله؛ كأنه يقال: من أمر الله لهم بذلك). [معاني القرآن لقطرب: 768]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {له معقبات من بين يديه ومن خلفه}: ملائكة بعد ملائكة يعقب الأولى الأخرى. حفظه الليل تعقب حفظه النهار وحفظه النهار تعقب حفظة الليل، ومن ذلك العقيب). [غريب القرآن وتفسيره: 191]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {له معقّباتٌ من بين يديه} يعني: ملائكة يعقب بعضها بعضا في الليل والنهار، إذا مضى فريق خلف بعده فريق.
{يحفظونه من أمر اللّه} أي بأمر اللّه.
{وما لهم من دونه من والٍ} أي وليّ. مثل: قادر وقدير. وحافظ وحفيظ). [تفسير غريب القرآن: 225]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): («من» مكان «الباء»
قال الله تعالى: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} أي بأمر الله). [تأويل مشكل القرآن: 574]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {له معقّبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر اللّه إنّ اللّه لا يغيّر ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم وإذا أراد اللّه بقوم سوءا فلا مردّ له وما لهم من دونه من وال}
أي للإنسان ملائكة يعتقبون، يأتي بعضهم بعقب بعض {يحفظونه من أمر اللّه}.
المعنى حفظهم إياه من أمر الله، أي مما أمرهم الله تعالى به، لا أنهم يقدرون أن يدفعوا أمر اللّه، كما تقول: يحفظونه عن أمر اللّه.
وقوله عزّ وجلّ: {وما لهم من دونه من وال} أي لا يلي أمرهم أحد من دون الله). [معاني القرآن: 3/142]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله}
في الآية ثلاثة أقوال
روى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال ملائكة يحفظونه فإذا جاء القدر خلوا بينه وبينه
وروى معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن
عباس له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله قال بإذن الله وهي من أمر الله وهي ملائكة
قال الحسن عن أمر الله
قال مجاهد وقتادة وهذا لفظ قتادة وهي ملائكة تتعاقب بالليل والنهار عن أمر الله أي بأمر الله
فهذا قول
والقول الثاني أنه روي عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس في قوله تعالى: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه} قال هم السلاطين الذين لهم قوم من بين أيديهم ومن خلفهم يحفظونهم من أمر الله فإذا جاء أمر الله لم ينفعوا شيئا
وروى علي بن الحكم عن الضحاك قال هو السلطان المتحرس من الله وذلك أهل الشرك
وروى شعبة عن شرقي عن عكرمة قال هم الأمراء
فهذان قولان والقول الثالث أن ابن جريج قال هو مثل قوله: {عن اليمين وعن الشمال قعيد} فالذي عن اليمين يكتب الحسنات والذي عن الشمال يكتب السيئات
و يحفظونه أي يحفظون عليه كلامه وفعله
وأولى هذه الأقوال الأول لعلو إسناده وصحته
ويقويه أن مالك بن أنس روى عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لله ملائكة يتعاقبون فيكم بالليل والنهار وذكر الحديث
وروى شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود في قوله تعالى: {إن قرآن الفجر كان مشهودا} قال تدور كالحرس ملائكة الليل وملائكة النهار
وروى ابن عيينة عن عمرو عن ابن عباس انه قرأ معقبات من بين يديه ورقباء من خلفه من أمر الله يحفظونه
فهذا قد بين المعنى
وقال الحسن في المعنى يحفظونه عن أمر الله وهذا قريب من الأول أي حفظهم إياه من عند الله لا من عند أنفسهم
وروى عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء في قوله: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه} قال النبي صلى الله عليه وسلم
وهذا يريد الملائكة أيضا
وعن بعضهم أنه قرأ معاقيب من بين يديه ومن خلفه ومعاقيب جمع معقب وتفسيره كتفسير الأول). [معاني القرآن: 3/477-480]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وما لهم من دونه من وال} أي ليس أحد يتولاهم من دون الله
و«وال» وولي واحد كما يقال قدير وقادر وحفيظ وحافظ). [معاني القرآن: 3/480-481]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {يحفظونه من أمر الله} قال أبو عبد الله: يحفظهم له من أمر الله، كأنه أمرهم بأن يحفظوا العبد). [ياقوتة الصراط: 280]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {له معقبات من بين يديه} يعني ملائكة تعقب عليه بالليل والنهار، يخلف فريق فريقا. {يحفظونه من أمر الله} أي بأمر الله.
{من وال} أي من ولي). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 118]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مُعَقِّبَاتٌ}: ملائكة). [العمدة في غريب القرآن: 165]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 8 جمادى الأولى 1434هـ/19-03-2013م, 05:03 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (8) }

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (مسلم بن إبراهيم عن عمرو بن حمزة عن داود بن أبي هند عن مكحول قال: كنا أجنّةً في بطون أمهاتنا فسَقَط من سَقَط وكنا فيمن بَقِي، ثم كنا مَرَاضع فَهَلك منا من هلك وبَقِي من بقي، وكنا أيفاعًا، وذكر مثل ذلك، ثم صِرنا شبّانًا، وذكر مثل ذلك، ثم صرنا شيوخًا لا أبا لك فما ننتظر وما نريد! وهل بَقِيت حالةٌ ننتقل إليها.
قال: وقال مكحول: الجنين في بطن أمّه لا يطلُب ولا يحزَن ولا يغتم، فيأتيه الله برزقه من قِبَل سُرّته، وغذاؤه في بطن أمه من دم حيضها، فمن ثَم لا تَحيض الحامل، فإذا سقط استهَل استهلالة إنكارًا لمكانه، وقُطِعت سُرّته وحول الله رزقه إلى ثدي أمه ثم حوله إلى الشيء يُصْنع له ويَتناوله بكفّه، حتى إذا اشتدّ وعقل قال: أين لي بالرزق! يا ويحك! أنت في بطن أمك وفي حِجْرها تُرْزَق حتى إذا عَقَلتَ وشَبَبت قلتَ: هو الموت أو القتل وأين لي بالرزق! ثم قرأ {يَعْلَمُ ما تَحْمِل كُلُّ أنْثَى وَمَا تَغِيضُ الأرْحَام وَمَا تَزْدَادُ} ). [عيون الأخبار: 6/363-364]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
إما ترئيني قد بليت وغاضني = ما نيل من بصري ومن أجلادي
ويروى: قد فنيت. غاضني: نقصني، وغاضت المياه إذا نقصت، ومنه قوله عز ذكره: {وما تغيض الأرحام وما تزداد}، يقول غاض الزمن من لحمي وبدني أي نقص ويقال أعطاه غيضًا من فيض أي قليلاً من كثير). [شرح المفضليات: 451]

تفسير قوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب ما يحذف من أواخر الأسماء في الوقف وهي الياءات
وذلك قولك هذا قاض وهذا غاز وهذا عم تريد العمي أذهبوها في الوقف كما ذهبت في الوصل ولم يريدوا أن تظهر في الوقف كما يظهر ما يثبت في الوصل فهذا الكلام الجيد الأكثر.
وحدثنا أبو الخطاب ويونس أن بعض من يوثق بعربيته من العرب يقول هذا رامي وغازي وعمي أظهروا في الوقف حيث صارت في موضع غير تنوين لأنهم لم يضطروا ههنا إلى مثل ما اضطروا إليه في الوصل من الاستثقال فإذا لم يكن في موضع تنوين فإن البيان أجود في الوقف وذلك قولك هذا القاضي وهذا العمي لأنها ثابتة في الوصل.
ومن العرب من يحذف هذا في الوقف شبهوه بما ليس فيه ألف ولام إذ كانت تذهب الياء في الوصل في التنوين لو لم تكن الألف واللام وفعلوا هذا لأن الياء مع الكسرة تستثقل كما تستثقل الياءات فقد اجتمع الأمران ولم يحذفوا في الوصل في الألف واللام لأنه لم يلحقه في الوصل ما يضطره إلى الحذف كما لحقه وليست فيه ألفٌ ولام وهو التنوين لأنه لا يلتقي ساكنان وكرهوا التحريك لاستثقال ياءٍ فيها كسرةٌ بعد كسرة ولكنهم حذفوا في الوقف في الألف واللام إذ كانت تذهب وليس في الاسم ألف ولام كما حذفوا في الوقف ما ليس فيه ألف ولام إذ لم يضطرهم إلى حذفه ما اضطرهم في الوصل وأما في حال النصب فليس إلا البيان لأنها ثابتة في الوصل فيما
ليست فيه ألفٌ ولامٌ ومع هذا أنه لما تحركت الياء أشبهت غير المعتل وذلك قولك رأيت القاضي وقال الله عز وجل: {كلا إذا بلغت التراقي} وتقول رأيت جواري لأنها ثابتة في الوصل متحركة.
وسألت الخليل عن القاضي في النداء فقال أختار يا قاضي لأنه ليس بمنون كما أختار هذا القاضي. وأما يونس فقال يا قاض وقول يونس أقوى لأنه لما كان من كلامهم أن يحذفوا في غير النداء كانوا في النداء أجدر لأن النداء موضع حذفٍ يحذفون التنوين ويقولون يا حار ويا صاح ويا غلام أقبل. وقالا في مرٍ إذا وقفا هذا مري كرهوا أن يخلوا بالحرف فيجمعوا عليه ذهاب الهمزة والياء فصار عوضاً يريد مفعل من رأيت. وأما الأفعال فلا يحذف منها شيءٌ لأنها لا تذهب في الوصل في حال وذلك لا أقضي وهو يقضي ويغزو ويرمي إلا أنهم قالوا لا أدر في الوقف لأنه كثر في كلامهم فهو شاذٌ كما قالوا لم يك شبهت النون بالياء حيث سكنت ولا يقولون لم يك الرجل لأنها في موضع تحرك فلم يشبه بلا أدر فلا تحذف الياء إلا في لا أدر وما أدر.
وجميع ما لا يحذف في الكلام وما يختار فيه أن لا يحذف يحذف في
الفواصل والقوافي. فالفواصل قول الله عز وجل: {والليل إذا يسر} و: {ما كنا نبغ} و: {يوم التناد} و: {الكبير المتعال} ). [الكتاب: 4/183-185] (م)

تفسير قوله تعالى: {سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10) }

قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (وقال الله عز وجل: {ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار} خبرنا من نثق به أنه قال: ظاهر خفيته أظهرته. وسارب بالنهار، متوار. سمعنا ذلك. وقالوا: انسرب الوحش في الجحر: دخل. وقال أبو محمد: سارب منتشر. ويكون من قول ابن عباس في الجحر سربا، أي: كهيئة السرب
طريقا. وأما ابن عباس فقال: مستخف في بيته بعمله وسارب بالنهار، ظاهر عمله بالنهار. ويقال: سرب الرجل سربا على معنى ابن عباس: خرج وذهب). [الأضداد: 120-121]
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): (أعناقها مسربات في قرن
ويروى: مشربات.
...
و«المشربات»: المدخلات من قوله: {وأشربوا في قلوبهم العجل}.
...
ومن روى مسربات فإنه يذهب إلى أنها تسرب في القرن وهو الحبل أي تذهب وتجيء من قوله تعالى: {وسارب بالنهار} ). [النوادر في اللغة: 344] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (والمستخفي من الأضداد؛ يكون الظاهر ويكون المتواري، فإذا كان المتواري فهو من قولهم: قد استخفى الرجل إذا توارى، وإذا كان الظاهر فهو من قولهم: خفيت الشيء إذا أظهرته؛ من ذلك الحديث المروي: ((ليس على المختفي قطع))، معناه ليس على النباش؛ وإنما سمي النباش مختفيا لأنه يخرج الموتى، ويظهر أكفانهم). [كتاب الأضداد: 76]

قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (والسارب أيضا من الأضداد؛ يكون السارب المتواري، من قولهم: قد انسرب الرجل إذا غاب وتوارى عنك؛ فكأنه دخل سربا، والسارب: الظاهر؛ قال الله عز وجل: {ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار}
ففي المستخفي قولان، يقال: هو المتواري في بيته، ويقال: هو الظاهر.
وفي تفسير السارب قولان أيضا، يقال: هو المتواري ويقال: هو الظاهر البارز، قال قيس بن الخطيم:
أنى سربت وكنت غير سروب = وتقرب الأحلام غير قريب
ويروى: (أنى اهتديت) أراد: أنى ظهرت وكنت غير ظاهرة؛ وقد يفسر على المعنى الآخر.
ومن قال: السارب الظاهر، قال: سرب الرجل يسرب سربا، إذا ظهر). [كتاب الأضداد: 76-77]

تفسير قوله تعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11) }
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (حدّثني أحمد بن الخليل قال: حدّثني سعيد بن سلم الباهلي قال: أخبرني شعبة عن شرقيٍّ عن عكرمة في قول الله عز وجل: {له معقباتٌ من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر اللّه} قال: " الجلاوزة يحفظون الأمراء ".
" وقال الشاعر:
ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلةً = خليًّا من اسم اللّه والبركات
يعني باسم اللّه، وفيه قول اللّه: {يحفظونه من أمر اللّه} أي بأمر اللّه). [عيون الأخبار: 1/3]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب القسم
اعلم أن للقسم أدواتٍ توصل الحلف إلى المقسم به؛ لأن الحلف مضمر مطرحٌ لعلم السامع به؛ كما كان قولك: يا عبد الله محذوفاً منه الفعل لما ذكرت لك.
وكذلك كل مستغنىً عنه فإن شئت أظهرت الفعل؛ كما أنك تقول: يا زيد عمراً، أي: عليك عمراً: وتقول: الطريق يا فتى، أي ظل الطريق، وترى الرامي قد رمى، فنسمع صوتاً فتقول: القرطاس والله، أي: أصبت.
وإن شئت قلت: خل الطريق، ويا زيد عليك عمراً، وأصبت القرطاس يا فتى.
وكذلك قوله عز وجل: {بل ملة إبراهيم} إنما هو: اتبعوا؛ وذلك لأنه جواب قوله: {كونوا هوداً أو نصارى}.
فهكذا القسم في إضمار الفعل وإظهاره. وذلك قوله: أحلف بالله لأفعلن. وإن شئت قلت: بالله لأفعلن. والباء موصلة؛ كما كانت موصلة في قولك: مررت بزيد. فهي والواو تدخلان على كل مقسم به؛ لأن الواو في معنى الباء؛ وإنما جعلت مكان الباء، والباء هي الأصل؛ كما كان في مررت بزيد، وضربت بالسيف يا فتى؛ لأن الواو من مخرج الباء، ومخرجهما جميعاً من الشفة، فلذلك أبدلت منها؛ كما أبدلت من رب في قوله:
وبلدٍ ليس به أنيس
لأنها لما أبدلت من الباء دخلت على رب لما أشرحه لك في بابها؛ كما تدخل الإضافة بعضها على بعض. فمن ذلك قوله عز وجل: {يحفظونه من أمر الله} أي: بأمر الله. وقال: {ولأصلبنكم في جذوع النخل} أي: على. وقال: {أم لهم سلمٌ يستمعون فيه} أي: يستمعون عليه. وقال الشاعر:
هم صلبوا العبدي في جذع نخلةٍ = فلا عطست شيبان إلا بأجذعـا
وقال الآخر:
إذا رضيت على بنو قشيرٍ = لعمر الله أعجبني رضاها
أي عني. وقال الآخر:
غدت من عليه تنفض الطل بعد ما = رأت حاجب الشمس استوى فترفعا
وسنفرد باباً لما يصلح فيه الإبدال وما يمتنع عنه إن شاء الله.
تقول والله لأفعلن، وتالله لأفعلن وتبدل التاء من الواو، ولا تدخل من المقسم به إلا في الله وحده. وذلك قوله {وتالله لأكيدن أصنامكم}؛ وإنما امتنعت من الدخول في جميع ما دخلت فيه الباء، والواو؛ لأنها لم تدخل على الباء التي هي الأصل، وإنما دخلت على الواو الداخلة على الباء؛ فلذلك لم تتصرف.
فأما إبدالها من الواو فنحن نذكره مفسراً في التصريف. ألا ترى أنك تقول: هذا أتقى من هذا، والأصل أوقى، لأنه من وقيت. وكذلك تراث. إنما هو وراث، لأنه من ورثت. وتجاهٌ فعال من الوجه. وكذلك تخمة من الوخامة. وهذا أكثر من أن يحصى أو يؤتى بجميعه، ونحن نستقصي شرحه في باب التصريف إن شاء الله.
واعلم أنك إذا حذفت حروف الإضافة من المقسم به نصبته؛ لأن الفعل يصل فيعمل، فتقول: الله لأفعلن؛ لأنك أردت أحلف الله لأفعلن. وكذلك كل خافض في موضع نصب إذا حذفته وصل الفعل، فعمل فيما بعده؛ كما قال الله عز وجل: {واختار موسى قومه سبعين رجلاً} أي من قومه. وقل الشاعر:
أستغفر الله ذنباً لست محصيه = رب العباد إليه الوجه والعمل
أي من ذنب. وقال الشاعر:
أمرتك الخير فافعل ما أمرت به = فقد تركتك ذا مالٍ وذا نـشـب
فتقول: الله لأفعلن. وكذلك كل مقسم به.
واعلم أن للقسم تعويضاتٍ من أدواته تحل محلها، فيكون فيها ما يكون في أدوات القسم وتعتبر ذلك بأنك لا تجمع بينها وبين ما هي عوضٌ منه. فإن جاز الجمع بين شيئين فليس أحدهما عوضاً عن الآخر؛ ألا ترى أنك تقول: عليك زيداً، وإنما المعنى: خذ زيداً، وما أشبهه من الفعل. فإن قلت: عليك لم تجمع بينها وبين فعل آخر لأنها بدل من ذلك الفعل). [المقتضب: 2/317-321] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قوله:
سبي الحماة وابهتي عليها
إنما يريد: ابهتيها، فوضع ابهتي في موضع اكذبي فمن ثم وصلها بعلى.
والذي يستعمل في صلة الفعل اللام، لأنها لام الإضافة، تقول: لزيد ضربت ولعمرو أكرمت والمعنى: عمرًا أكرمت، وإنما تقديره: إكرامي لعمرو، وضربي لزيد، فأجرى الفعل مجرى المصدر، وأحسن ما يكون ذلك إذا تقدم المفعول، لأن الفعل إنما يجيء وقد عملت اللام. كما قال الله جل وعز: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيا تَعْبُرُونَ}. وإن أخر المفعول فهو عربي حسن، والقرآن محيط بجميع اللغات الفصيحة، قال الله جل وعز: {وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ} والنحويون يقولون في قوله جل ثناؤه: {قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ}: إنما هو: ردفكم. وقال كثير:

أريد لأنسى ذكرها فكأنما = تمثل لي ليلى بكل سبيل
وحروف الخفض يبدل بعضها من بعض، إذا وقع الحرفان في معنى في بعض المواضع، قال الله جل ذكره: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}، أي على ولكن الجذوع إذا أحاطت دخلت في، لأنها للوعاء، يقال: فلان في النخل. أي قد أحاط به. قال الشاعر:
هم صلبوا العبدي في جذع نخلة = فلا عطست شيبان إلا بأجدعا
وقال الله جل وعز: {أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ} أي عليه. وقال تبارك وتعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} أي: بأمر الله. وقال ابن الطثرية:
غدت من عليه تنفض الطل بعدما = رأت حاجب الشمس استوى فترفعا
وقال الآخر:
غدت من عليه بعدما تم خمسها = تصل وعن قيض بزيزاء مجهل
أي من عنده.
وقال العامري:
إذا رضيت علي بنو قشير = لعمر الله أعجبني رضاها
وهذا كثير جدًا). [الكامل: 2/999-1001] (م)

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13 ذو القعدة 1439هـ/25-07-2018م, 09:35 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 13 ذو القعدة 1439هـ/25-07-2018م, 09:35 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 13 ذو القعدة 1439هـ/25-07-2018م, 09:42 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (8)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار}
لما تقدم تعجب الكفار واستبعادهم البعث من القبور نص الله في هذه الآيات الأمثال المنبهة على قدر الله تبارك وتعالى القاضية بتجويز البعث، فمن ذلك هذه الواحدة من الخمس التي هي من مفاتيح الغيب، وهي أن الله تبارك وتعالى انفرد بمعرفة ما تحمل كل الإناث من الأجنة من كل نوع من الحيوان، وهذه البدأة تبين أنه لا تتعذر على القادر عليها الإعادة.
و"ما" في قوله تعالى: {ما تحمل} يصح أن تكون بمعنى الذي مفعولة بـ "يعلم"، ويصح أن تكون مصدرية، مفعولة أيضا بـ "يعلم"، ويصح أن تكون استفهاما في موضع رفع بالابتداء، والخبر "تحمل"، وفي هذا الوجه ضعف. وفي مصحف أبي بن كعب: "ما تحمل كل أنثى وما تضع".
وقوله تعالى: {وما تغيض الأرحام} معناه: ما تنقص، وذلك من معنى وغيض الماء وهو من معنى النضوب، فهي هاهنا بمعنى زوال شيء عن الرحم وذهابه،
[المحرر الوجيز: 5/180]
فلما قابله قوله: {وما تزداد} فسر بمعنى النقصان، ثم اختلف المتأولون في صورة الزيادة والنقصان -فقال مجاهد: غيض الرحم أن تهريق دما على الحمل، فإذا كان ذلك ضعف الولد في البطن وشحب، فإذا أكملت الحامل تسعة أشهر لم تضع، وبقي الولد في بطنها زيادة من الزمن يكمل فيها من جسمه وصحته ما نقص بهراقة الدم، فهذا هو معنى قوله: {وما تغيض الأرحام وما تزداد}. وجمهور المتأولين على أن غيض الرحم إرسال الدم على الحمل، وذهب بعض الناس إلى أن غيضه هو نضوب الدم فيه وإمساكه بعد عادة إرساله بالحيض، فيكون قوله: {وما تزداد} بعد ذلك جاريا مجرى "تغيض" على غير مقابلة، بل غيض الرحم هو بمعنى الزيادة فيه. وقال الضحاك: غيض الرحم أن تسقط المرأة الولد، والزيادة أن تضعه لمدة كاملة تاما في خلقه. وقال قتادة: الغيض: السقط، والزيادة البقاء فوق تسعة أشهر.
وقوله تعالى: {وكل شيء} لفظ عام في كل ما يدخله التقدير). [المحرر الوجيز: 5/181]
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ويتصل بهذه الآية فقه يحسن ذكره.
فمن ذلك اختلاف الفقهاء في الدم الذي تراه الحامل -فذهب مالك وأصحابه والشافعي وأصحابه وجماعة إلى أنه حيض. وقالت فرقة عظيمة: ليس بحيض، ولو كان حيضا لما صح استبراء الأمة بحيض وهو إجماع. وروي عن مالك في كتاب محمد ما يقتضي أنه ليس بحيض، ومن ذلك أن الأمة مجمعة على أن أقل مدة الحمل ستة
[المحرر الوجيز: 5/181]
أشهر، وذلك منتزع من قوله: {وحمله وفصاله ثلاثون شهرا} مع قوله تعالى: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين} وهذه الستة أشهر هي بالأهلة كسائر أشهر الشريعة، ولذلك قد روي في المذهب عن بعض أصحاب مالك -وأظنه في كتاب ابن حارث- أنه إن نقص من الأشهر الستة ثلاثة أيام، فإن الولد يلحق لعلة نقص الشهور وزيادتها.
واختلف في أكثر الحمل فقيل: تسعة أشهر، وهذا ضعيف، وقالت عائشة رضي الله عنها- وجماعة من العلماء: أكثره حولان، وقالت فرقة: ثلاثة أعوام، وفي المدونة: أربعة أعوام وخمسة أعوام، وقال ابن شهاب وغيره: سبعة أعوام، وروي أن ابن عجلان ولدت امرأته لسبعة أعوام، وروي أن الضحاك بن مزاحم بقي حولين، قال: فولدت وقد نبتت ثناياي، وروي أن عبد الملك بن مروان ولد لستة أشهر). [المحرر الوجيز: 5/182]

تفسير قوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"الغيب": ما غاب عن الإدراكات، و"الشهادة": ما شوهد من الأمور، ووضع المصادر موضع الأشياء التي كل واحد منها لا بد أن يتصف بإحدى الحالتين.
وقوله: "الكبير" صفة تعظيم على الإطلاق، و"المتعال" من العلو، واختلف القراء في الوقف على "المتعال" -فأثبت ابن كثير، وأبو عمرو - في بعض ما روي عنه- الياء في الوصل والوقف، ولم يثبتها الباقون في وصل ولا وقف، وإثباتها هو الوجه والباب. واستسهل سيبويه حذفها في الفواصل كهذه الآية قياسا على القوافي في الشعر، ويقبح حذفها في غير فاصلة ولا شعر، ولكن وجهه أنه لما كان التنوين يعاقب الألف واللام أبدا، وكانت هذه الياء تحذف مع التنوين حسن أن تحذف مع معاقبها). [المحرر الوجيز: 5/181]

تفسير قوله تعالى: {سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {سواء منكم} الآية. سواء مصدر، وهو يطلب بعده شيئين يتماثلان، ورفعه على خبر الابتداء الذي هو "من"، والمصدر لا يكون خبرا إلا بإضمار كما قالت الخنساء:
... ... ... ... ... فإنما هي إقبال وإدبار
أي: ذات إقبال وإدبار، فقالت فرقة: هنا المعنى: "ذو سواء"، قال الزجاج: كثر استعمال (سواء) في كلام العرب حتى جرى مجرى اسم الفاعل فلا يحتاج إلى إضمار.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهو عندي كعدل وزور وضيف.
[المحرر الوجيز: 5/182]
وقالت فرقة: المعنى: "مستو منكم"، فلا يحتاج إلى إضمار، وضعف هذا سيبويه بأنه ابتداء بنكرة. ومعنى هذه الآية: معتدل منكم في إحاطة الله تعالى وعلمه من أسر قوله فهمس به في نفسه ومن جهر به فأسمع، لا يخفى على الله تعالى شيء.
وقوله تعالى: {ومن هو مستخف بالليل} معناه: من هو بالليل في غاية الاختفاء ومن هو متصرف بالنهار ذاهب لوجهه سواء في علم الله تبارك وتعالى وإحاطته بهما. وذهب ابن عباس، ومجاهد إلى معنى مقتضاه: أن المستخفي بالليل والسارب بالنهار هو رجل واحد مريب بالليل ويظهر بالنهار البراءة في التصرف مع الناس، فهذا قسم واحد جعل الليل نهار راحة، والمعنى: هذا والذي أمره كله واحد بريء من الريب سواء في اطلاع الله تعالى على الكل. ويؤيد هذا التأويل عطف السارب دون تكرار "من"، ولا يأتي حذفها إلا في ضرورة الشعر.
والسارب في اللغة المتصرف كيف شاء، ومن ذلك قول الشاعر:
أرى كل قوم كاربوا قيد فحلهم ... ونحن حللنا قيده فهو سارب
أي منصرف غير مدفوع عن جهة، وهذا رجل يفخر بعزة قومه، ومن ذلك قول الآخر:
أنى سربت وكنت غير سروب ... وتقرب الأحلام غير قريب
وتحتمل الآية أن تتضمن ثلاثة أصناف، فالذي يسر طرف، والذي يجهر طرف
[المحرر الوجيز: 5/183]
مضاد للأول، والثالث متوسط متلون يعصي بالليل مستخفيا ويظهر البراءة بالنهار، والقول في الآية يطرد معناه في الأعمال، وقال قطرب - فيما حكى الزجاج -: "مستخف" معناه: ظاهر، من قولهم: "خفيت الشيء" إذا أظهرته، قال امرؤ القيس:
خفاهن من أنفاقهن كأنما ... خفاهن ودق من عشي مجلب
قال: و"سارب" معناه: متوار في سرب.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا القول وإن كان تعلقه باللغة بينا فضعيف، لأن اقتران الليل بالمستخفي والنهار بالسارب يرد على هذا القول). [المحرر الوجيز: 5/184]

تفسير قوله تعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال}
اختلف المتأولون في عود الضمير من "له" -فقالت فرقة: هو عائد على اسم الله تعالى المتقدم ذكره، و"المعقبات" - على هذا- الملائكة الحفظة على العباد أعمالهم، والحفظة لهم أيضا، قاله الحسن، وروى فيه عثمان بن عفان حديثا،
[المحرر الوجيز: 5/184]
وهو قول مجاهد، والنخعي، والضمير -على هذا- في قوله: "يديه" وما بعده من الضمائر عائد على العبد المذكور في قوله: {ومن هو مستخف بالليل}، ومن أمر الله يحتمل أن يكون صفة للمعقبات، ويحتمل أن يكون المعنى: يحفظونه من كل ما جرى القدر باندفاعه، فإذا جاء المقدور الواقع أسلم المرء إليه.
وقال ابن عباس أيضا: الضمير في "له" عائد على المذكور في قوله: {ومن جهر به} ومن وكذا باقي الضمائر التي في الآية، قالوا: و"المعقبات" -على هذا- حرس الرجل وجلاوزته الذين يحفظونه، قالوا: والآية -على هذا- في الرؤساء الكافرين، واختار هذا القول الطبري، وهو قول عكرمة وجماعة، قال عكرمة، هي المواكب خلفه وأمامه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ويصح على التأويل الأول الذي قبل هذا أن يكون الضمير في "له" للعبد المؤمن على معنى: جعل الله له، وهذا التأويل عندي أقوى، لأن غرض الآية إنما هو التنبيه على قدرة الله، فذكر استواء من هو مستخف ومن هو سارب وأن له معقبات من الله تحفظه في كل حال، ثم ذكر أن الله لا يغير هذه الحالة من الحفظ للعبد حتى يغير ما بنفسه، وعلى كلا التأويلين ليست الضمائر لمعين من البشر.
وقال عبد الرحمن بن زيد: الآية في النبي صلى الله عليه وسلم، ونزلت في حفظ الله له من أربد بن ربيعة، وعامر بن الطفيل في القصة التي تأتي بعد هذا في ذكر الصواعق.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذه الآية وإن كانت ألفاظها تنطبق على معنى القصة فيضعف القول أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتقدم له ذكر فيعود الضمير في "له" عليه.
و"المعقبات": الجماعات التي يعقب بعضها بعضا، فعلى التأويل الأول هي
[المحرر الوجيز: 5/185]
الملائكة، وينظر هذا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة المغرب والصبح"، وعلى التأويل الثاني هي الحرس والوزعة الذين للملوك. والمعقبات جمع معقبة، وهي الجماعة التي تأتي بعد الأخرى، والتعقيب بالجملة أن تكون حال تعقبها حال أخرى من نوعها، وقد تكون من غير النوع، ومنه معاقبة الركوب، ومعقب عقبة القدر، والمعاقبة في الأزواج، ومنه قول سلامة بن جندل:
وكرنا الخيل في آثارهم رجعا ... كس السنابك من بدء وتعقيب
وقرأ عبيد الله بن زياد على المنبر: "له المعاقيب"، قال أبو الفتح: هو تكسير معقب.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
بسكون العين وكسر القاف كمطعم ومطاعيم ومقدم ومقاديم، وهي قراءة أبي البرهسم، فكأن معقبا جمع على معاقبة ثم جعلت الياء في معاقيب عوضا من الهاء المحذوفة في معاقبة. والمعقبة ليست جمع معقب كما ذكر ذلك الطبري وشبه ذلك برجل ورجال ورجالات، وليس الأمر كما ذكر لأن تلك كجمل وجمال وجمالات، ومعقبة ومعقبات إنما هي كضاربة وضاربات.
[المحرر الوجيز: 5/186]
وفي قراءة أبي بن كعب: "من بين يديه ورقيب من خلفه"، وقرأ ابن عباس: "ورقيبا من خلفه"، وذكر عنه أبو حاتم أنه قرأ: "معقبات من خلفه ورقيب من بين يديه يحفظونه بأمر الله".
وقوله: "يحفظونه" يحتمل معنيين: أحدهما أن يكون بمعنى يحرسونه ويذبون عنه: فالضمير معمول الحفظ، والمعنى الثاني أن يكون بمعنى حفظ الأقوال وتحصيلها، ففي اللفظة حينئذ حذف مضاف تقديره: يحفظون أعمالهم، ويكون هذا حينئذ من باب واسأل القرية، وهذا قول ابن جريج.
وقوله: {من أمر الله} -من جعل "يحفظونه" بمعنى يحرسونه كان معنى قوله: {من أمر الله} يراد به المعقبات، فيكون في الآية تقديم وتأخير، أي: له معقبات من أمر الله يحفظونه من بين يديه ومن خلفه، قال أبو الفتح: فـ "من أمر الله" في موضع رفع لأنه صفة لمرفوع وهي "المعقبات"، ويحتمل هذا التأويل في قوله: {من أمر الله} مع التأويل الأول في "يحفظونه"، ومن تأول الضمير في "له" عائد على العبد وجعل "المعقبات" الحرس وجعل الآية في رؤساء الكافرين جعل قوله: {من أمر الله} بمعنى: يحفظونه بزعمه من قدر الله ويدفعونه في ظنه عنه، وذلك لجهالته بالله تعالى.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وبهذا التأويل جعلها المتأول في الكافرين، قال أبو الفتح: فـ من أمر الله -على هذا- في موضع نصب، كقولك: "حفظت زيدا من الأسد"، فـ "من الأسد" معمول لـ "حفظت". وقال قتادة: معنى بـ أمر الله أي يحفظونه مما أمر الله، وهذا تحكم في التأويل، وقال قوم: المعنى: الحفظ من أمر الله، وقد تقدم نحو هذا. وقرأ علي بن أبي طالب، وابن عباس، وعكرمة، وجعفر بن محمد رضي الله عنهم-: "يحفظونه بأمر الله".
[المحرر الوجيز: 5/187]
ثم أخبر تعالى أنه لا يغير ما بقوم بأن يعذبهم ويمتحنهم معاقبا حتى يقع منهم تكسب للمعاصي وتغيير ما أمروا به من طاعة الله، وهذا موضع تأمل، لأنه يداخل هذا الخبر ما قررت الشريعة من أخذ العامة بذنوب الخاصة، ومنه قوله تعالى: {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة}، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام -وقد قيل له: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ - قال: (نعم، إذا كثر الخبث). إلى أشياء كثيرة من هذا، فقوله تعالى: {حتى يغيروا} معناه: حتى يقع تغيير إما منهم وإما من الناظر لهم أو ممن هو منهم بسبب، كما غير الله تعالى بالمنهزمين يوم أحد بسبب تغيير الرماة ما بأنفسهم، إلى غير هذا من أمثال الشريعة، فليس معنى الآية أنه ليس ينزل بأحد عقوبة إلا بأن يتقدم منه ذنب، بل قد تنزل المصائب بذنوب الغير، وثم أيضا مصائب يريد الله بها أجر المصاب فتلك ليست تغييرا.
ثم أخبر تبارك وتعالى بأنه إذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له، ولا حفظ منه، وهذا أجري في مقام التنبيه على عادة الله تعالى وقدرته، والشر والخير بمنزلة واحدة إذا أرادهما الله بعبد لم يرد، لكنه خص السوء بالذكر ليكون في الآية تخويف.
واختلف القراء في "وال" - فأماله بعضهم ولم يمله بعضهم، والوالي: الذي يلي أمر الإنسان كالولي، وهما من الولاية كعليم وعالم من العلم). [المحرر الوجيز: 5/188]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 26 ذو القعدة 1439هـ/7-08-2018م, 10:15 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 26 ذو القعدة 1439هـ/7-08-2018م, 10:17 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (8)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({اللّه يعلم ما تحمل كلّ أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكلّ شيءٍ عنده بمقدارٍ (8) عالم الغيب والشّهادة الكبير المتعال (9)}
يخبر تعالى عن تمام علمه الّذي لا يخفى عليه شيءٌ، وأنّه محيطٌ بما تحمله الحوامل من كلّ إناث الحيوانات، كما قال تعالى: {ويعلم ما في الأرحام} [لقمان: 34] أي: ما حملت من ذكرٍ أو أنثى، أو حسنٍ أو قبيحٍ، أو شقيٍّ أو سعيدٍ، أو طويل العمر أو قصيره، كما قال تعالى: {هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنّةٌ في بطون أمّهاتكم فلا تزكّوا أنفسكم هو أعلم بمن اتّقى} [النّجم: 32].
وقال تعالى: {يخلقكم في بطون أمّهاتكم خلقًا من بعد خلقٍ في ظلماتٍ ثلاثٍ} [الزّمر:6] أي: خلقكم طورًا من بعد طورٍ، كما قال تعالى: {ولقد خلقنا الإنسان من سلالةٍ من طينٍ ثمّ جعلناه نطفةً في قرارٍ مكينٍ ثمّ خلقنا النّطفة علقةً فخلقنا العلقة مضغةً فخلقنا المضغة عظامًا فكسونا العظام لحمًا ثمّ أنشأناه خلقًا آخر فتبارك اللّه أحسن الخالقين} [المؤمنون: 12: 14] وفي الصّحيحين عن ابن مسعودٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: "إنّ خلق أحدكم يجمع في بطن أمّه أربعين يومًا، ثمّ يكون علقةً مثل ذلك، ثمّ يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث إليه ملكٌ فيؤمر بأربع كلماتٍ: يكتب رزقه، وعمره، وعمله، وشقّيٌ أو سعيدٌ".
وفي الحديث الآخر: "فيقول الملك: أي ربّ، أذكرٌ أم أنثى؟ أي ربّ، أشقيٌّ أم سعيدٌ؟ فما الرّزق؟ فما الأجل؟ فيقول اللّه، ويكتب الملك".
وقوله: {وما تغيض الأرحام وما تزداد} قال البخاريّ: حدّثنا إبراهيم بن المنذر، حدّثنا معن، حدّثنا مالكٌ، عن عبد اللّه بن دينارٍ، عن ابن عمر؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "مفاتيح الغيب خمسٌ لا يعلمها إلّا اللّه: لا يعلم ما في غدٍ إلّا اللّه، ولا يعلم ما تغيض الأرحام إلّا اللّه، ولا يعلم متى يأتي المطر أحدٌ إلّا اللّه، ولا تدري نفسٌ بأيّ أرضٍ تموت، ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله".
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: {وما تغيض الأرحام} يعني: السقط {وما تزداد} يقول: ما زادت الرّحم في الحمل على ما غاضت حتّى ولدته تمامًا. وذلك أنّ من النّساء من تحمل عشرة أشهر، ومنهنّ من تحمل تسعة أشهر، ومنهنّ من تزيد في الحمل، ومنهنّ من تنقص، فذلك الغيض والزّيادة الّتي ذكر اللّه تعالى، وكلّ ذلك بعلمه تعالى.
وقال الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {وما تغيض الأرحام وما تزداد} قال: ما نقصت من تسعةٍ وما زاد عليها.
وقال الضّحّاك: وضعتني أمّي وقد حملتني في بطنها سنتين، وولدتني وقد نبتت ثنيّتي.
وقال ابن جريج، عن جميلة بنت سعدٍ، عن عائشة قالت: لا يكون الحمل أكثر من سنتين، قدر ما يتحرّك ظل مغزل.
وقال مجاهدٌ: {وما تغيض الأرحام وما تزداد} قال: ما ترى من الدّم في حملها، وما تزداد على تسعة أشهرٍ. وبه قال عطيّة العوفيّ وقتادة، والحسن البصريّ، والضّحّاك.
وقال مجاهدٌ أيضًا: إذا رأت المرأة الدّم دون التّسعة زاد على التّسعة، مثل أيّام الحيض. وقاله عكرمة، وسعيد بن جبيرٍ، وابن زيدٍ.
وقال مجاهدٌ أيضًا: {وما تغيض الأرحام} إراقة المرأة حتّى يخسّ الولد {وما تزداد} إن لم تهرق المرأة تمّ الولد وعظم.
وقال مكحولٌ: الجنين في بطن أمّه لا يطلب، ولا يحزن ولا يغتمّ، وإنّما يأتيه رزقه في بطن أمّه من دم حيضتها فمن ثمّ لا تحيض الحامل. فإذا وقع إلى الأرض استهلّ، واستهلاله استنكارٌ لمكانه، فإذا قطعت سرّته حوّل اللّه رزقه إلى ثديي أمّه حتّى لا يطلب ولا يحزن ولا يغتمّ، ثمّ يصير طفلًا يتناول الشّيء بكفّه فيأكله، فإذا هو بلغ قال: هو الموت أو القتل، أنّى لي بالرّزق؟ فيقول مكحولٌ: يا ويلك ! غذاك وأنت في بطن أمّك، وأنت طفلٌ صغيرٌ، حتّى إذا اشتددت وعقلت قلت: هو الموت أو القتل، أنّى لي بالرّزق؟ ثمّ قرأ مكحولٌ: {اللّه يعلم ما تحمل كلّ أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكلّ شيءٍ عنده بمقدارٍ}
وقال قتادة: {وكلّ شيءٍ عنده بمقدارٍ} أي: بأجلٍ، حفظ أرزاق خلقه وآجالهم، وجعل لذلك أجلًا معلومًا.
وفي الحديث الصّحيح: أنّ إحدى بنات النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بعثت إليه: أنّ ابنًا لها في الموت، وأنّها تحبّ أن يحضره. فبعث إليها يقول: "إنّ للّه ما أخذ، وله ما أعطى، وكلّ شيءٍ عنده بأجلٍ مسمًّى، فمروها فلتصبر ولتحتسب" الحديث بتمامه). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 435-437]

تفسير قوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {عالم الغيب والشّهادة} أي: يعلم كلّ شيءٍ ممّا يشاهده العباد وممّا يغيب عنهم، ولا يخفى عليه منه شيءٌ. {الكبير} الّذي هو أكبر من كلّ شيءٍ، {المتعال} أي: على كلّ شيءٍ، قد أحاط بكلّ شيءٍ علمًا، وقهر كلّ شيءٍ، فخضعت له الرّقاب ودان له العباد، طوعًا وكرهًا). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 437]

تفسير قوله تعالى: {سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({سواءٌ منكم من أسرّ القول ومن جهر به ومن هو مستخفٍ باللّيل وساربٌ بالنّهار (10) له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر اللّه إنّ اللّه لا يغيّر ما بقومٍ حتّى يغيّروا ما بأنفسهم وإذا أراد اللّه بقومٍ سوءًا فلا مردّ له وما لهم من دونه من والٍ (11)}
يخبر تعالى عن إحاطة علمه بجميع خلقه، سواءٌ منهم من أسرّ قوله أو جهر به، فإنّه يسمعه لا يخفى عليه شيءٌ كما قال: {وإن تجهر بالقول فإنّه يعلم السّرّ وأخفى} [طه: 7] وقال: {ويعلم ما تخفون وما تعلنون} [النّمل: 25] وقالت عائشة، رضي اللّه عنها: سبحان الّذي وسع سمعه الأصوات، واللّه لقد جاءت المجادلة تشتكي زوجها إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم، وأنا في جنب البيت، وإنّه ليخفى عليّ بعض كلامها، فأنزل اللّه: {قد سمع اللّه قول الّتي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى اللّه واللّه يسمع تحاوركما إنّ اللّه سميعٌ بصيرٌ} [المجادلة: 1].
وقوله: {ومن هو مستخفٍ باللّيل} أي: مختفٍ في قعر بيته في ظلام اللّيل، {وساربٌ بالنّهار} أي: ظاهرٌ ماشٍ في بياض النّهار وضيائه، فإنّ كليهما في علم اللّه على السّواء، كما قال تعالى: {ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرّون وما يعلنون} [هودٍ: 5] وقال تعالى: {وما تكون في شأنٍ وما تتلو منه من قرآنٍ ولا تعملون من عملٍ إلا كنّا عليكم شهودًا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربّك من مثقال ذرّةٍ في الأرض ولا في السّماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتابٍ مبينٍ} [يونس: 61]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 437]

تفسير قوله تعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر اللّه} أي: للعبد ملائكةٌ يتعاقبون عليه، حرس باللّيل وحرس بالنّهار، يحفظونه من الأسواء والحادثات، كما يتعاقب ملائكةٌ آخرون لحفظ الأعمال من خيرٍ أو شرٍّ، ملائكةٌ باللّيل وملائكةٌ بالنّهار، فاثنان عن اليمين و [عن] الشّمال يكتبان الأعمال، صاحب اليمين يكتب الحسنات، وصاحب الشّمال يكتب السّيّئات، وملكان آخران يحفظانه ويحرسانه، واحدًا من ورائه وآخر من قدّامه، فهو بين أربعة أملاكٍ بالنّهار، وأربعةٍ آخرين باللّيل بدلًا حافظان وكاتبان، كما جاء في الصّحيح: "يتعاقبون فيكم ملائكةٌ باللّيل وملائكةٌ بالنّهار، ويجتمعون في صلاة الصّبح وصلاة العصر، فيصعد إليه الّذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بكم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: أتيناهم وهم يصلّون، وتركناهم وهم يصلّون" وفي الحديث الآخر: "إنّ معكم من لا يفارقكم إلّا عند الخلاء وعند الجماع، فاستحيوهم وأكرموهم".
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر اللّه} والمعقّبات من أمر اللّه، وهي الملائكة.
وقال عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: {يحفظونه من أمر اللّه} قال: ملائكةٌ يحفظونه من بين يديه ومن خلفه، فإذا جاء قدر اللّه خلّوا عنه.
وقال مجاهدٌ: ما من عبدٍ إلّا له ملك موكّلٌ، يحفظه في نومه ويقظته من الجنّ والإنس والهوامّ، فما منها شيءٌ يأتيه يريده إلّا قال الملك: وراءك إلّا شيءٌ يأذن اللّه فيه فيصيبه.
وقال الثّوريّ عن حبيب بن أبي ثابتٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه} قال: ذلك ملكٌ من ملوك الدّنيا، له حرسٌ من دونه حرسٌ.
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: {له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه} يعني: وليّ الشّيطان، يكون عليه الحرس. وقال عكرمة في تفسيرها: هؤلاء الأمراء: المواكب من بين يديه ومن خلفه.
وقال الضّحّاك: {له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر اللّه} قال: هو السّلطان المحترس من أمر اللّه، وهم أهل الشّرك.
والظّاهر، واللّه أعلم، أنّ مراد ابن عبّاسٍ وعكرمة والضّحّاك بهذا أنّ حرس الملائكة للعبيد يشبه حرس هؤلاء لملوكهم وأمرائهم.
وقد روى الإمام أبو جعفر ابن جريرٍ هاهنا حديثًا غريبًا جدًّا فقال:
حدّثني المثنّى، حدّثنا إبراهيم بن عبد السّلام بن صالحٍ القشيريّ، حدّثنا عليّ بن جريرٍ، عن حمّاد بن سلمة، عن عبد الحميد بن جعفرٍ، عن كنانة العدويّ قال: دخل عثمان بن عفّان على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فقال: يا رسول اللّه، أخبرني عن العبد، كم معه من ملكٍ ؟ فقال: "ملكٌ على يمينك على حسناتك، وهو آمرٌ على الّذي على الشّمال، إذا عملت حسنةً كتبت عشرًا، فإذا عملت سيّئةً قال الّذي على الشّمال للّذي على اليمين: أكتب؟ قال: لا لعلّه يستغفر اللّه ويتوب. فإذا قال ثلاثا قال: نعم، اكتب أراحنا اللّه منه، فبئس القرين. ما أقلّ مراقبته للّه وأقلّ استحياءه منّا". يقول اللّه: {ما يلفظ من قولٍ إلا لديه رقيبٌ عتيدٌ} [ق: 18] وملكان من بين يديك ومن خلفك، يقول اللّه: {له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر اللّه} وملكٌ قابضٌ على ناصيتك، فإذا تواضعت للّه رفعك، وإذا تجبّرت على اللّه قصمك، وملكان على شفتيك، ليس يحفظان عليك إلّا الصّلاة على محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، وملكٌ قائمٌ على فيك لا يدع الحيّة أنّ تدخل في فيك، وملكان على عينيك فهؤلاء عشرة أملاكٍ على كلّ آدميٍّ ينزلون ملائكة اللّيل على ملائكة النّهار؛ لأنّ ملائكة اللّيل سوى ملائكة النّهار، فهؤلاء عشرون ملكًا على كلّ آدميٍّ وإبليس بالنّهار وولده باللّيل".
قال الإمام أحمد، رحمه اللّه: حدّثنا أسود بن عامرٍ، حدّثنا سفيان، حدّثني منصورٍ، عن سالم بن أبي الجعد عن أبيه، عن عبد اللّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ما منكم من أحدٍ إلّا وقد وكّل به قرينه من الجنّ وقرينه من الملائكة". قالوا: وإيّاك يا رسول اللّه، قال: "وإيّاي، ولكن أعانني اللّه عليه فلا يأمرني إلّا بخيرٍ".
انفرد بإخراجه مسلمٌ.
وقوله: {يحفظونه من أمر اللّه} قيل: المراد حفظهم له من أمر اللّه. رواه عليّ بن أبي طلحة، وغيره، عن ابن عبّاسٍ. وإليه ذهب مجاهدٌ، وسعيد بن جبيرٍ، وإبراهيم النّخعي، وغيرهم.
وقال قتادة: {يحفظونه من أمر اللّه} قال: وفي بعض القراءات: "يحفظونه بأمر اللّه".
وقال كعب الأحبار: لو تجلّى لابن آدم كلّ سهلٍ وحزنٍ، لرأى كلّ شيءٍ من ذلك شياطين لولا أنّ اللّه وكّل بكم ملائكةً عنكم في مطعمكم ومشربكم وعوراتكم، إذًا لتخطّفتم.
وقال أبو أمامة ما من آدميٍّ إلّا ومعه ملكٌ يذود عنه، حتّى يسلمه للّذي قدّر له.
وقال أبو مجلز: جاء رجلٌ من مراد إلى عليٍّ، رضي اللّه عنه، وهو يصلّي، فقال: احترس، فإنّ ناسًا من مرادٍ يريدون قتلك. فقال: إن مع كلّ رجلٍ ملكين يحفظانه ممّا لم يقدّر، فإذا جاء القدر خليا بينه وبينه، وإنّ الأجل جنّةٌ حصينة.
وقال بعضهم: {يحفظونه من أمر اللّه} بأمر اللّه، كما جاء في الحديث أنّهم قالوا: يا رسول اللّه، أرأيت رقى نسترقي بها، هل تردّ من قدر اللّه شيئًا؟ فقال: "هي من قدر الله".
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا حفص بن غياثٍ، عن أشعث، عن جهم، عن إبراهيم قال: أوحى اللّه إلى نبيٍّ من أنبياء بني إسرائيل: أن قل لقومك: إنّه ليس من أهل قريةٍ ولا أهل بيتٍ يكونون على طاعة اللّه فيتحوّلون منها إلى معصية اللّه، إلّا تحوّل لهم ممّا يحبّون إلى ما يكرهون، ثمّ قال: إنّ مصداق ذلك في كتاب اللّه: {إنّ اللّه لا يغيّر ما بقومٍ حتّى يغيّروا ما بأنفسهم}
وقد ورد هذا في حديثٍ مرفوعٍ، فقال الحافظ محمّد بن عثمان بن أبي شيبة في كتابه "صفة العرش": حدّثنا الحسن بن عليٍّ، حدّثنا الهيثم بن الأشعث السّلميّ، حدّثنا أبو حنيفة اليماميّ الأنصاريّ، عن عمير بن عبد اللّه قال: خطبنا عليّ بن أبي طالبٍ على منبر الكوفة، قال: كنت إذا سكتّ عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ابتدأني، وإذا سألته عن الخبر أنبأني، وإنّه حدّثني عن ربّه، عزّ وجلّ، قال: "قال الرّبّ: وعزّتي وجلالي، وارتفاعي فوق عرشي، ما من أهل قريةٍ ولا أهل بيتٍ كانوا على ما كرهت من معصيتي، ثمّ تحوّلوا عنها إلى ما أحببت من طاعتي، إلّا تحوّلت لهم عمّا يكرهون من عذابي إلى ما يحبّون من رحمتي".
وهذا غريبٌ، وفي إسناده من لا أعرفه). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 437-440]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:42 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة