العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الشعراء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 جمادى الأولى 1434هـ/14-03-2013م, 08:59 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي تفسير سورة الشعراء [ من الآية (176) إلى الآية (191) ]

{كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (176) إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ (177) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (178) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (179) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (180) أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (181) وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ (182) وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (183) وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ (184) قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (185) وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (186) فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (187) قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (188) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (189) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (190) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (191)}


روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 رجب 1434هـ/27-05-2013م, 06:44 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (176) )

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :(« (ليكة) » والأيكة جمع أيكةٍ، وهي جمع الشّجرٍ). [صحيح البخاري: 6/111]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله اللّيكة والأيكة جمع أيكةٍ وهي جمع الشّجر كذا لأبي ذرٍّ ولغيره جمع شجرٍ وللبعض جماعة الشّجر وقد تقدّم في قصّة شعيبٍ من أحاديث الأنبياء اللّفظ الأوّل مع شرحه والكلام الأوّل من قول مجاهدٍ ومن قوله جمع أيكةٍ إلخ هو من كلام أبي عبيدة ووقع فيه سهوٌ فإنّ الليكة والأيكة بمعنًى واحدٍ عند الأكثر والمسهّل الهمزة فقط وقيل ليكة اسم القرية والأيكة الغيضة وهي الشّجر الملتفّ وأمّا قوله جمع شجرٍ يقال جمعها ليكٌ وهو الشّجر الملتفّ). [فتح الباري: 8/497]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله موزونٌ معلومٌ كذا لهم ووقع في رواية أبي ذر قال ابن عبّاس لعلّكم تخلدون كأنّكم ليكةٌ الأيكة وهي الغيضة موزونٌ معلومٌ فأما قوله لعلّكم فوصله بن أبي طلحة عنه به وحكى البغويّ في تفسيره عن الواحديّ قال كلّ ما في القرآن لعلّ فهو للتّعليل إلّا هذا الحرف فإنّه للتّشبيه كذا قال وفي الحصر نظرٌ لأنّه قد قيل مثل ذلك في قوله لعلّك باخع نفسك وقد قرأ أبيّ بن كعبٍ كأنّكم تخلدون وقرأ بن مسعودٍ كي تخلدوا وكأنّ المراد أنّ ذلك بزعمهم لأنّهم كانوا يستوثقون من البناء ظنًّا منهم أنّها تحصنهم من أمر اللّه فكأنّهم صنعوا الحجر صنيع من يعتقد أنّه يخلد وأمّا قوله ليكةٌ فتقدّم بيانه في أحاديث الأنبياء ووصله بن أبي حاتمٍ بهذا اللّفظ أيضًا وأمّا قوله موزونٌ فمحلّه في سورة الحجر ووقع ذكره هنا غلطًا وكأنّه انتقل من بعض من نسخ الكتاب من محله وقد وصله بن أبي حاتمٍ أيضًا كذلك ووصله الفريابيّ بالإسناد المذكور عن مجاهدٍ في قوله وأنبتنا فيها من كل شيء موزون قال بقدرٍ مقدورٍ). [فتح الباري: 8/497] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال ابن جرير حدثني علّي ثنا أبو صالح حدثني معاوية عن علّي عن ابن عبّاس قوله 176 الشّعراء {كذب أصحاب الأيكة المرسلين} يقول أصحاب الغيضة). [تغليق التعليق: 4/273-274] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (واللّيكة والأيكة جمع أيكةٍ وهي جمع شجرٍ
أشار به إلى قوله تعالى: {كذب أصحاب الأيكة المرسلين} (الشّعراء: 176) والليكة، بفتح اللّام والأيكة بفتح الهمزة. قال الجوهري: من قرأ أصحاب الأيكة فهي الغيضة، ومن قرأ: ليكة، فهي القرية. وقال: الأيك الشّجر الكثير الملتف الواحدة أيكة. قلت: قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر أصحاب ليكة هنا، وفي (ص) بغير همزة، والباقون بالهمزة فيهما. قوله: (جمع أيكة) كذا في النّسخ وهو غير صحيح، والصّواب أن يقال: والليكة والأيكة مفرد أيك، ويقال: جمعها أيك، والعجب من بعض الشّرّاح حيث لم يذكر هنا شيئا بل قال: الكلام الأول من قول مجاهد، ومن جمع أيكة ... الخ من كلام أبي عبيدة، وحاشا من مجاهد ومن أبي عبيدة أن يقولا الأيكة جمع أيكة. قوله: (وهي جمع شجر) ، كذا للأكثرين، وعند أبي ذر: وهي جمع الشّجر، وفي بعض النّسخ وهي جماعة الشّجر، وعلى كل التّقدير: هذا في نفس الأمر تفسير غيضة الّتي يفسر بها الأيكة، لأن الغيضة هي جماعة الشّجر، وإذا لم يفسر الأيكة بالغيضة لا يستقيم هذا الكلام. فافهم فإنّه موضع التّأمّل). [عمدة القاري: 19/98-99]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (ليكة) بلام مفتوحة من غير ألف وصل قبلها ولا همزة بعدها غير منصرف اسم غير معرف بأل مضاف إليه أصحاب وبه قرأ نافع وابن كثير وابن عامر ولأبي ذر: والليكة بألف وصل وتشديد اللام (والأيكة) بألف وصل وسكون اللام وبعدها همزة مكسورة (جمع أيكة) ولأبي ذر جمع الأيكة (وهي جمع شجر) وكان شجرهم الدوم وهو المقل. قال العيني: الصواب أن الليكة والأيكة جمع أيك وكيف يقال الأيكة جمع أيكة). [إرشاد الساري: 7/277]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {كذّب أصحاب الأيكة المرسلين (176) إذ قال لهم شعيبٌ ألا تتّقون (177) إنّي لكم رسولٌ أمينٌ (178) فاتّقوا اللّه وأطيعون}.
يقول تعالى ذكره: {كذّب أصحاب الأيكة}. والأيكة: الشّجر الملتفّ، وهي واحدة الأيك، وكلّ شجرٍ ملتفٍّ فهو عند العرب أيكةٌ؛ ومنه قول نابغة بني ذبيان:
تجلو بقادمتي حمامة أيكةٍ = بردًا أسفّ لثاته بالإثمد
وأصحاب الأيكة: هم أهل مدين فيما ذكر.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {كذّب أصحاب الأيكة المرسلين} يقول: أصحاب الغيضة.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {كذّب أصحاب الأيكة المرسلين} قال: الأيكة: مجمع الشّجر.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ، قوله: {كذّب أصحاب الأيكة المرسلين} قال: أهل مدين، والأيكة: الملتفّ من الشّجر.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {كذّب أصحاب الأيكة المرسلين} قال: الأيكة: الشّجر، بعث اللّه شعيبًا إلى قومه من أهل مدين، وإلى أهل البادية، قال: وهم أصحاب ليكة، وليكة والأيكة: واحدٌ). [جامع البيان: 17/632-633]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: كذّب أصحاب الأيكة المرسلين
- حدّثنا أبي، ثنا عليّ بن هاشم بن مرزوقٍ، ثنا إسحاق بن يوسف الأزرق، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك في قول اللّه: كذّب أصحاب الأيكة المرسلين قال: هم قوم شعيبٍ.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، حدّثني محمّد بن إسحاق قال: كان من قصّة شعيبٍ وخبره وخبر قومه ما ذكر اللّه في القرآن وكانوا أهل بخس النّاس في مكاييلهم وموازينهم، مع كفرهم باللّه وتكذيبهم نبيّهم.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد يقول: في قول اللّه: كذّب أصحاب الأيكة المرسلين قال: الأيكة الشّجر، وكانوا أهل باديةٍ فبعث اللّه شعيبًا إلى قومه أهل مدين يعني البادية.
قوله تعالى: الأيكة
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: أصحاب الأيكة يقول: أصحاب الغيضة. وروي، عن سعيد بن جبيرٍ مثل ذلك.
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي حدّثني، عمّي، حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله: أصحاب الأيكة قال: الأيكة مجمع الشّجر.
- حدّثنا أبي، ثنا هدبة بن خالدٍ، ثنا همّامٌ، عن قتادة قال: أصحاب الأيكة أصحاب شجرٍ وهم قوم شعيبٍ.
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: أصحاب الأيكة ذكر لنا أنّهم كانوا أهل غيضةٍ، وكان عامّة شجرهم هذا الرّوم، وكان رسولهم فيما بلغنا شعيب أرسل إليهم وإلى أهل مدين، أرسل إلى أمّتين من النّاس وعذّبتا بعذابين شتّى، أمّا أهل مدين: فأخذتهم الصّيحة، وأمّا أصحاب الأيكة فكانوا أهل شجرٍ متكاوسٍ). [تفسير القرآن العظيم: 8/2810-2811]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج عبد بن حميد عن مجاهد ليكة قال {الأيكة} ). [الدر المنثور: 11/290]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر عن ابن عباس في قوله {كذب أصحاب الأيكة المرسلين} قال: كانوا أصحاب غيضة بين ساحل البحر إلى مدين وقد أهلكوا فيما ياتون، وكان أصحاب الايكة مع ما كانوا فيه من الشرك استنوا سنة أصحاب مدين، فقال لهم شعيب {إني لكم رسول أمين} {فاتقوا الله وأطيعون} {وما أسألكم} على ما أدعوكم عليه أجرا في العاجل في أموالكم {إن أجري إلا على رب العالمين} {واتقوا الذي خلقكم والجبلة} يعني وخلق الجبلة {الأولين} يعني القرون الأولين الذين أهلكوا بالمعاصي ولا تهلكوا مثلهم {قالوا إنما أنت من المسحرين} يعني من المخلوقين {وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين} {فأسقط علينا كسفا من السماء} يعني قطعا من السماء {فأخذهم عذاب يوم الظلة} أرسل الله عليهم سموما من جهنم فأطاف بهم سبعة أيام حتى انضجهم الحر فحميت بيوتهم وغلت مياههم في الآبار والعيون فخرجوا من منازلهم ومحلتهم هاربين والسموم معهم فسلط الله عليهم الشمس من فوق رؤوسهم فتغشتهم حتى تقلقلت فيها جماجمهم وسلط الله عليهم الرمضاء من تحت أرجلهم حتى تساقطت لحوم أرجلهم ثم أنشأت لهم ظلة كالسحابة السوداء فلما رأوها ابتدروها يستغيثون بظلها حتى إذا كانوا تحتها جميعا، أطبقت عليهم فهلكو ونجى الله شعيبا والذين آمنوا به). [الدر المنثور: 11/290-291]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن قتادة قال: {أصحاب الأيكة} أصحاب شجر وهم قوم شعيب وأصحاب الرس: أصحاب آبار وهم قوم شعيب). [الدر المنثور: 11/292]

تفسير قوله تعالى: (إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ (177) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله {إذ قال لهم شعيبٌ ألا تتّقون} يقول تعالى ذكره: قال لهم شعيبٌ: ألا تتّقون عقاب اللّه على معصيتكم ربّكم). [جامع البيان: 17/632]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (إذ قال لهم شعيبٌ ألا تتّقون (177)
قوله تعالى: إذ قال لهم شعيبٌ ألا تتّقون (177) إنّي لكم رسول أمين
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن الدّشتكيّ، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ عن أبيه عن الرّبيع قال: إنّ شعيبًا أخا مدين أرسل أيضًا إلى أصحاب الأيكة وهم كانوا قوم من أهل عمور يتّبعون الرّعاء والكلأ في زمانه، فإذا يبس الغور رجعوا إلى الغيضة الّتي كانوا يتقيّضون وهي أجمةٌ فيها عينٌ سائحةٌ، وإنّ شعيبًا أنذرهم فكذّبوه). [تفسير القرآن العظيم: 8/2811]

تفسير قوله تعالى: (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (178) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({إنّي لكم} من اللّه {رسولٌ أمينٌ} على وحيه). [جامع البيان: 17/632]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر عن ابن عباس في قوله {كذب أصحاب الأيكة المرسلين} قال: كانوا أصحاب غيضة بين ساحل البحر إلى مدين وقد أهلكوا فيما ياتون، وكان أصحاب الايكة مع ما كانوا فيه من الشرك استنوا سنة أصحاب مدين، فقال لهم شعيب {إني لكم رسول أمين} {فاتقوا الله وأطيعون} {وما أسألكم} على ما أدعوكم عليه أجرا في العاجل في أموالكم {إن أجري إلا على رب العالمين} {واتقوا الذي خلقكم والجبلة} يعني وخلق الجبلة {الأولين} يعني القرون الأولين الذين أهلكوا بالمعاصي ولا تهلكوا مثلهم {قالوا إنما أنت من المسحرين} يعني من المخلوقين {وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين} {فأسقط علينا كسفا من السماء} يعني قطعا من السماء {فأخذهم عذاب يوم الظلة} أرسل الله عليهم سموما من جهنم فأطاف بهم سبعة أيام حتى انضجهم الحر فحميت بيوتهم وغلت مياههم في الآبار والعيون فخرجوا من منازلهم ومحلتهم هاربين والسموم معهم فسلط الله عليهم الشمس من فوق رؤوسهم فتغشتهم حتى تقلقلت فيها جماجمهم وسلط الله عليهم الرمضاء من تحت أرجلهم حتى تساقطت لحوم أرجلهم ثم أنشأت لهم ظلة كالسحابة السوداء فلما رأوها ابتدروها يستغيثون بظلها حتى إذا كانوا تحتها جميعا، أطبقت عليهم فهلكو ونجى الله شعيبا والذين آمنوا به). [الدر المنثور: 11/290-291] (م)

تفسير قوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (179) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (فاتّقوا عقاب اللّه على خلافكم أمره {وأطيعون} ترشدوا). [جامع البيان: 17/633]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: فاتّقوا اللّه وأطيعون إلى.. ربّ العالمين
تقدّم تفسيره). [تفسير القرآن العظيم: 8/2811]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (180) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما أسألكم عليه من أجرٍ، إن أجري إلاّ على ربّ العالمين (180) أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين}.
يقول: {وما أسألكم} على نصحي لكم من جزاءٍ وثوابٍ، ما جزائي وثوابي على ذلك {إلاّ على ربّ العالمين} ). [جامع البيان: 17/634]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: فاتّقوا اللّه وأطيعون إلى.. ربّ العالمين
تقدّم تفسيره). [تفسير القرآن العظيم: 8/2811] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر عن ابن عباس في قوله {كذب أصحاب الأيكة المرسلين} قال: كانوا أصحاب غيضة بين ساحل البحر إلى مدين وقد أهلكوا فيما ياتون، وكان أصحاب الايكة مع ما كانوا فيه من الشرك استنوا سنة أصحاب مدين، فقال لهم شعيب {إني لكم رسول أمين} {فاتقوا الله وأطيعون} {وما أسألكم} على ما أدعوكم عليه أجرا في العاجل في أموالكم {إن أجري إلا على رب العالمين} {واتقوا الذي خلقكم والجبلة} يعني وخلق الجبلة {الأولين} يعني القرون الأولين الذين أهلكوا بالمعاصي ولا تهلكوا مثلهم {قالوا إنما أنت من المسحرين} يعني من المخلوقين {وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين} {فأسقط علينا كسفا من السماء} يعني قطعا من السماء {فأخذهم عذاب يوم الظلة} أرسل الله عليهم سموما من جهنم فأطاف بهم سبعة أيام حتى انضجهم الحر فحميت بيوتهم وغلت مياههم في الآبار والعيون فخرجوا من منازلهم ومحلتهم هاربين والسموم معهم فسلط الله عليهم الشمس من فوق رؤوسهم فتغشتهم حتى تقلقلت فيها جماجمهم وسلط الله عليهم الرمضاء من تحت أرجلهم حتى تساقطت لحوم أرجلهم ثم أنشأت لهم ظلة كالسحابة السوداء فلما رأوها ابتدروها يستغيثون بظلها حتى إذا كانوا تحتها جميعا، أطبقت عليهم فهلكو ونجى الله شعيبا والذين آمنوا به). [الدر المنثور: 11/290-291] (م)

تفسير قوله تعالى: (أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (181) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {أوفوا الكيل} يقول: أوفوا النّاس حقوقهم من الكيل. {ولا تكونوا من المخسرين} يقول: ولا تكونوا ممّن نقصهم حقوقهم). [جامع البيان: 17/634]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: أوفوا الكيل
- حدّثنا أبي، ثنا عبد المؤمن بن عليٍّ أنبأ عبد السّلام بن حربٍ، عن يحيى بن سعيدٍ قال: كان سعيد بن المسيّب يقول: إذا كنت بأرضٍ يوفون المكيال والميزان فلا تعجل بالخروج منها، وإذا كنت بأرضٍ لا يوفون المكيال والميزان فعجّل بالخروج منها.
قوله تعالى: ولا تكونوا من المخسرين
- حدّثنا أبي ثنا سلمة بن بشيرٍ أبو الفضل النّيسابوريّ، ثنا يحيى بن سعيدٍ الحمصيّ، عن يزيد بن عطاءٍ، عن خلف بن حوشبٍ قال: هلك قوم شعيبٍ من شعيرةٍ إلى شعيرةٍ كانوا يأخذون بالرّزينة ويعطون بالخفيفة). [تفسير القرآن العظيم: 9/2811]

تفسير قوله تعالى: (وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ (182) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وزنوا بالقسطاس المستقيم (182) ولا تبخسوا النّاس أشياءهم، ولا تعثوا في الأرض مفسدين}.
يعني بقوله {وزنوا بالقسطاس} وزنوا بالميزان {المستقيم} الّذي لا بخس فيه على من وزنتم له). [جامع البيان: 17/634]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وزنوا بالقسطاس المستقيم (182)
قوله تعالى: وزنوا بالقسطاس المستقيم
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عقبة، عن إسرائيل، عن جابرٍ، عن مجاهدٍ وزنوا بالقسطاس المستقيم قال: العدل بالرّوميّة.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة وزنوا بالقسطاس المستقيم قال القسطاس: العدل.
الوجه الثّاني:
- حدّثني أبي، ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا عبد الوارث، عن عمرٍو، عن الحسن قوله: وزنوا بالقسطاس المستقيم قال: القبّان.
الوجه الثّالث:
- حدّثنا أبي، ثنا إسحاق بن عيسى بن بنت داود بن أبي هند، ثنا مباركٌ، عن الحسن قال: وزنوا بالقسطاس المستقيم قال: الحديد). [تفسير القرآن العظيم: 8/2812]

تفسير قوله تعالى: (وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (183) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :({تعثوا} [الشعراء: 183] : «هو أشدّ الفساد، عاث يعيث عيثًا»). [صحيح البخاري: 6/111]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تعثوا هو أشدّ الفساد وعاث يعيث عيثًا مراده أنّ اللّفظين بمعنًى واحدٍ ولم يرد أن تعثوا مشتقٌّ من العيث وقد قال أبو عبيدة في قوله ولا تعثوا في الأرض مفسدين هو من عثيت تعثي وهو أشدّ مبالغةً من عثت تعيث وروى بن أبي حاتمٍ من طريق سعيدٍ عن قتادة ولا تعثوا أي لا تسيروا في الأرض مفسدين). [فتح الباري: 8/498]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (تعثوا هو أشدّ الفساد
أشار به إلى قوله تعالى: {ولا تعثوا في الأرض مفسدين} (الشّعراء: 183) وتفسيره بأشد الفساد، تفسير مصدر: تعثوا، لأنّه من عثا في الأرض يعثو: فسد، وكذلك عثى بالكسر يعثي، فمصدر الأول عثواً ومصدر الثّاني عثى، فافهم.

عاث يعيث عيثاً
أراد بهذا أن معنى: عاث، مثل معنى: عثى: أفسد وليس مراده أن تعثوا مشتقّ من عاث لأن تعثوا معتل اللّام ناقص، وعاث معتل العين أجوف، ومن له أدنى ملكة من التصريف يفهم هذا). [عمدة القاري: 19/100]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({تعثوا}) في قوله: ({ولا تعثوا في الأرض مفسدين} [الشعراء: 183] (هو أشد الفساد) وسقط لفظ هو لغير الأصيلي (وعاث يعيث عيثًا) يريد أن اللفظين بمعنى واحد لا أن تعثوا مشتق من عاث لأن يعثو معتل اللام ناقص وعاث معتل العين أجوف وثبت الواو في وعاث لأبي ذر). [إرشاد الساري: 7/278]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {ولا تبخسوا النّاس أشياءهم}. يقول: ولا تنقصوا النّاس حقوقهم في الكيل والوزن. {ولا تعثوا في الأرض مفسدين} يقول: ولا تكثروا في الأرض الفساد.
وقد بيّنّا ذلك كلّه بشواهده واختلاف أهل التّأويل فيه فيما مضى، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع). [جامع البيان: 17/634]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: ولا تبخسوا النّاس أشياءهم
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ أنبأ بشرٌ بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ قوله: ولا تبخسوا النّاس أشياءهم قال: لا تظلموا النّاس أشياءهم. وروي، عن قتادة والسدى ونحو ذلك.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ إصبع قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيدٍ في قول اللّه: ولا تبخسوا النّاس أشياءهم قال: لا تنقصوهم يسمّي له شيئًا ويعطيه غير ذلك.
قوله تعالى: ولا تعثوا في الأرض
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث أنبأ بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ قوله: ولا تعثوا في الأرض يقول: لا تسعوا في الأرض.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ. ثنا سعيدٌ، عن قتادة ولا تعثوا في الأرض مفسدين يقول: لا تسيروا في الأرض.
قوله تعالى: مفسدين
- حدّثنا موسى بن أبي موسى، ثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ قوله: ولا تعثوا في الأرض مفسدين يقول: لا تمشوا بالمعاصي.
وقد تقدّم الكلام في الفساد في الأرض). [تفسير القرآن العظيم: 8/2812-2813]

تفسير قوله تعالى: (وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ (184) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :( {الجبلّة} [الشعراء: 184] : " الخلق، جبل: خلق، ومنه جبلًا وجبلًا، وجبلًا: يعني الخلق، قاله ابن عبّاسٍ "). [صحيح البخاري: 6/111]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله الجبلّة الخلق جبل خلق ومنه جبلًا وجبلًّا وجبلا يعني الخلق قاله بن عبّاسٍ كذا لأبي ذرٍّ وليس عند غيره قال بن عبّاسٍ وهو أولى فإنّ هذا كلّه كلام أبي عبيدة قال في قوله والجبلّة الأوّلين أي الخلق هو من جبل على كذا أي تخلّق وفي القرآن ولقد أضلّ منكم جبلا مثقّلٌ وغير مثقّلٍ ومعناه الخلق انتهى وقوله مثقّلٌ وغير مثقّلٍ لم يبيّن كيفيّتهما وفيهما قراءاتٌ ففي المشهور بكسرتين وتشديد اللّام لنافعٍ وعاصم وبضمة ثمّ سكون لأبي عمرو وبن عامرٍ وبكسرتين واللّام خفيفةٌ للأعمش وبضمّتين واللّام خفيفةٌ للباقين وفي الشّواذّ بضمّتين ثمّ تشديدٌ وبكسرةٍ ثمّ سكونٍ وبكسرةٍ ثمّ فتحةٍ مخفّفةٍ وفيها قراءات أخرى وأخرج بن المنذر من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاس قال في قوله والجبلة الأوّلين قال خلق الأوّلين ومن طريق مجاهدٍ قال الجبلّة الخلق ولابن أبي حاتم من طريق بن أبي عمر عن سفيان مثل قول بن عبّاسٍ ثمّ قرأ ولقد أضلّ منكم جبلًّا كثيرا). [فتح الباري: 8/498-499]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وجبلا يعني الخلق قاله ابن عبّاس). [تغليق التعليق: 4/274]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (الجبلّة الخلق جبل خلق ومنه جبلاً وجبلاً وجبلاً يعني الخلق قاله ابن عبّاسٍ.
أشار به إلى قوله تعالى: {والجبلة الأوّلين} (الشّعراء: 184) وفسرها بالخلق. قوله: (جبل على صيغة المجهول) ، أي: خلق مجهول أيضا. قوله: (ومنه) ، أي: ومن هذا الباب جبلا في قوله تعالى: {ولقد أضلّ منكم جبلا كثيرا} (يس: 62) . وفيه قراءات شتّى ذكره البخاريّ هنا ثلاثة: الأولى: جبلا: بضمّتين. الثّانية: جبلا، بضم الجيم وسكون الباء. الثّالثة: جبلا، بضم الجيم والباء وتشديد اللّام، والحاصل أن قراءة نافع وعاصم بكسرتين وتشديد اللّام. وقراءة أبي عمرو وابن عامر بكسرتين وتخفيف اللّام، وقرأ الأعمش بكسرتين وتخفيف اللّام، وقرأ الباقون بضمّتين واللّام خفيفة، وقرىء في الشواذ بضمّتين وبالتشديد وبكسرة وسكون وبكسرة وفتحة وبالتخفيف. قوله: (قاله ابن عبّاس) وقع في رواية أبي ذر ولم يقع عند غيره، وقال بعضهم: هذا أولى فإن هذا كله كلام أبي عبيدة، انتهى. قلت: ليت شعري من أين الأولويّة، وكونه كلام أبي عبيدة لا يستلزم نفي كونه من كلام ابن عبّاس أيضا). [عمدة القاري: 19/100]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({الجبلة}) في قوله: {والجبلة الأولين} [الشعراء: 184] هي (الخلق) بفتح الخاء المعجمة وسكون اللام (جبل) بضم الجيم وكسر الموحدة أي (خلق) وزنه ومعناه (ومنه) ومن هذا الباب قوله في سورة يس (جبلًا) بضم الجيم والموحدة (وجبلًا) بكسرهما (وجبلًا) بضم الجيم وسكون الموحدة مع التخفيف في الثلاث لغات (يعني) بها (الخلق قاله ابن عباس) وسقط قوله قاله ابن عباس لغير أبي ذر وبالضمتين قرأ ابن كثير والإخوان وبالضم والسكون أبو عمرو وابن عامر وقرأ نافع وعاصم بكسرهما مع تشديد اللام ولأبي ذر هنا ليكة بلام مفتوحة الأيكة وهي الغيضة وقد سبق تفسيرها بالشجر). [إرشاد الساري: 7/278]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واتّقوا الّذي خلقكم والجبلّة الأوّلين (184) قالوا إنّما أنت من المسحّرين (185) وما أنت إلاّ بشرٌ مّثلنا، وإن نّظنّك لمن الكاذبين (186) فأسقط علينا كسفًا من السّماء إن كنت من الصّادقين}.
يقول تعالى ذكره: واتّقوا أيّها القوم عقاب ربّكم {الّذي خلقكم} وخلق {الجبلّة الأوّلين} يعني بالجبلّة: الخلق الأوّلين.
وفي الجبلّة للعرب لغتان: كسر الجيم والباء وتشديد اللاّم، وضمّ الجيم والباء وتشديد اللاّم؛ فإذا نزعت الهاء من آخرها كان الضّمّ في الجيم والباء أكثر كما قال جلّ ثناؤه: (ولقد أضلّ منكم جبلًّا كثيرًا)، وربّما سكّنوا الباء من الجبل، كما قال أبو ذؤيبٍ:
منايا يقرّبن الحتوف لأهلها = جهارًا ويستمتعن بالأنس الجبل
وبنحو ما قلنا في معنى الجبلّة قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ: قوله: {واتّقوا الّذي خلقكم والجبلّة الأوّلين} يقول: خلق الأوّلين.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {والجبلّة الأوّلين} قال: الخليقة.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {والجبلّة الأوّلين} قال: الخلق الأوّلين، الجبلّة: الخلق). [جامع البيان: 17/634-635]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (واتّقوا الّذي خلقكم والجبلّة الأوّلين (184)
قوله تعالى: واتّقوا الّذي خلقكم
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباط، عن السّدّيّ الّذي خلقكم وخلق الّذين من قبلكم.
قوله تعالى: والجبلّة الأوّلين
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: والجبلّة الأوّلين يقول: خلق الأوّلين.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: الجبلة الأوّلين الخليقة.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنبأ أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيدٍ في قوله: والجبلّة الأوّلين قال: الخلق الأوّل والجبلّة الخلق.
- حدّثنا أبي، ثنا ابن أبي عمر، ثنا سفيان في قوله: واتّقوا الّذي خلقكم والجبلّة الأوّلين ثمّ قرأ: ولقد أضلّ منكم جبلا كثيرًا). [تفسير القرآن العظيم: 8/2813]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله والجبلة الأولين قال يعني خليقة الأولين). [تفسير مجاهد: 465]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر عن ابن عباس في قوله {كذب أصحاب الأيكة المرسلين} قال: كانوا أصحاب غيضة بين ساحل البحر إلى مدين وقد أهلكوا فيما ياتون، وكان أصحاب الايكة مع ما كانوا فيه من الشرك استنوا سنة أصحاب مدين، فقال لهم شعيب {إني لكم رسول أمين} {فاتقوا الله وأطيعون} {وما أسألكم} على ما أدعوكم عليه أجرا في العاجل في أموالكم {إن أجري إلا على رب العالمين} {واتقوا الذي خلقكم والجبلة} يعني وخلق الجبلة {الأولين} يعني القرون الأولين الذين أهلكوا بالمعاصي ولا تهلكوا مثلهم {قالوا إنما أنت من المسحرين} يعني من المخلوقين {وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين} {فأسقط علينا كسفا من السماء} يعني قطعا من السماء {فأخذهم عذاب يوم الظلة} أرسل الله عليهم سموما من جهنم فأطاف بهم سبعة أيام حتى انضجهم الحر فحميت بيوتهم وغلت مياههم في الآبار والعيون فخرجوا من منازلهم ومحلتهم هاربين والسموم معهم فسلط الله عليهم الشمس من فوق رؤوسهم فتغشتهم حتى تقلقلت فيها جماجمهم وسلط الله عليهم الرمضاء من تحت أرجلهم حتى تساقطت لحوم أرجلهم ثم أنشأت لهم ظلة كالسحابة السوداء فلما رأوها ابتدروها يستغيثون بظلها حتى إذا كانوا تحتها جميعا، أطبقت عليهم فهلكو ونجى الله شعيبا والذين آمنوا به). [الدر المنثور: 11/290-291] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {والجبلة الأولين} قال: الخلق الاولين). [الدر المنثور: 11/291]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد {والجبلة الأولين} قال: الخليقة). [الدر المنثور: 11/292]

تفسير قوله تعالى: (قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (185) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :(مسحّرين: المسحورين). [صحيح البخاري: 6/111]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله مسحّرين مسحورين وصله الفريابيّ في قوله إنّما أنت من المسحرين أي من المسحورين وقال أبو عبيدة كلّ من أكل فهو مسحّرٌ وذلك أنّ له سحرًا يفري ما أكل فيه انتهى والسّحر بمهملتين بفتحٍ ثمّ سكونٍ الرّئة وقال الفرّاء المعنى أنّك تأكل الطّعام والشّراب وتسحر به فأنت بشرٌ مثلنا لا تفضلنا في شيءٍ). [فتح الباري: 8/497]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال مجاهد {تعبثون} تبنون {هضيم} يتفتت إذا مس {المسحرين} مسحورين {الأيكة} جمع الشّجر {الظلة} إظلال العذاب إيّاهم {موزون} معلوم {كالطود} كالجبل {لشرذمة} طائفة قليلة {في الساجدين} المصلّين وقال ابن عبّاس {لعلّكم تخلدون} كأنكم ليكة {الأيكة} وهي الغيضة {موزون} معلوم {كالطود} كالجبل
أما تفاسير مجاهد فقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 128 الشّعراء {أتبنون بكل ريع} قال بكل فج {آية تعبثون} قال بنيانا
وفي قوله 148 الشّعراء {ونخل طلعها هضيم} قال تهشم تهشيما
وبه في قوله 153 الشّعراء {إنّما أنت من المسحرين} قال من المسحورين). [تغليق التعليق: 4/272-273] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (مسحّرين: المسحورين
أشار به إلى قوله تعالى: {قالوا إنّما أنت من المسحرين} (الشّعراء: 153 185) وفسره بقوله: (المسحورين) أي: من سحر مرّة بعد مرّة من المخلوقين المعللين بالطّعام والشراب، وقال الفراء: أي أنّك تأكل الطّعام وتشرب الشّراب وتسحر به، والمعنى: لست بملك إنّما أنت بشر مثلها لا تفضلنا في شيء. وقال أبو عبيدة: كل من أكل فهو مسحر، وذلك أن له سحرًا، بفتح السّين وسكون الحاء، أي: رئة، وقيل: من السحر بالكسر). [عمدة القاري: 19/98]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({مسحرين}) في قوله: {إنما أنت من المسحرين} [الشعراء: 153] أي (المسحورين) ولأبي ذر والأصيلي مسحورين الذين سحروا مرة بعد أخرى من المخلوقين). [إرشاد الساري: 7/277]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {قالوا إنّما أنت من المسحّرين} يقول: قالوا: إنّما أنت يا شعيب معلّلٌ تعلّل بالطّعام والشّراب، كما نعلّل بهما، ولست ملكًا). [جامع البيان: 17/636]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: قالوا إنّما أنت من المسحّرين
- أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ فيما كتب إليّ أنبأ عبد الرّزّاق أنبأ معمرٌ، عن قتادة في قوله: إنّما أنت من المسحّرين قال: السّاحرون). [تفسير القرآن العظيم: 8/2813]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر عن ابن عباس في قوله {كذب أصحاب الأيكة المرسلين} قال: كانوا أصحاب غيضة بين ساحل البحر إلى مدين وقد أهلكوا فيما ياتون، وكان أصحاب الايكة مع ما كانوا فيه من الشرك استنوا سنة أصحاب مدين، فقال لهم شعيب {إني لكم رسول أمين} {فاتقوا الله وأطيعون} {وما أسألكم} على ما أدعوكم عليه أجرا في العاجل في أموالكم {إن أجري إلا على رب العالمين} {واتقوا الذي خلقكم والجبلة} يعني وخلق الجبلة {الأولين} يعني القرون الأولين الذين أهلكوا بالمعاصي ولا تهلكوا مثلهم {قالوا إنما أنت من المسحرين} يعني من المخلوقين {وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين} {فأسقط علينا كسفا من السماء} يعني قطعا من السماء {فأخذهم عذاب يوم الظلة} أرسل الله عليهم سموما من جهنم فأطاف بهم سبعة أيام حتى انضجهم الحر فحميت بيوتهم وغلت مياههم في الآبار والعيون فخرجوا من منازلهم ومحلتهم هاربين والسموم معهم فسلط الله عليهم الشمس من فوق رؤوسهم فتغشتهم حتى تقلقلت فيها جماجمهم وسلط الله عليهم الرمضاء من تحت أرجلهم حتى تساقطت لحوم أرجلهم ثم أنشأت لهم ظلة كالسحابة السوداء فلما رأوها ابتدروها يستغيثون بظلها حتى إذا كانوا تحتها جميعا، أطبقت عليهم فهلكو ونجى الله شعيبا والذين آمنوا به). [الدر المنثور: 11/290-291] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (186) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {وما أنت إلاّ بشرٌ مثلنا} تأكل وتشرب {وإن نظنّك لمن الكاذبين}. يقول: وما نحسبك فيما تخبرنا وتدعونا إليه إلاّ ممّن يكذب فيما يقول). [جامع البيان: 17/636]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: وما أنت إلا بشرٌ مثلنا
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، حدّثني ابن إسحاق قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: فيما ذكر لي يعقوب بن أبي سلمة إذا ذكره يعني شعيبًا قال: ذاك خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه فيما يرادّهم به، فلمّا كذّبوه وتوعّدوه بالرّجم والنّفي من بلاده وعتوا على اللّه، أخذهم عذاب يوم الظّلّة إنّه كان عذاب يوم عظيمٍ فبلغني أنّ رجلا من أهل مدين يقال له: عمرو بن جلهاء لمّا رآها قال:
يا قوم إنّ شعيبًا مرسلٌ فذروا... عنكم سميرًا وعمران بن شدّاد
إنّي أرى غيمةً يا قوم قد طلعت... تدعو بصوتٍ على صمّانة الوادي
وإنّكم إن تزوا فيها ضحى غدٍ... ما فيها إلا الرّقيم يمشي بين أنجاد
سميرٌ وعمران: كاهنهم، والرّقيم كلبهم). [تفسير القرآن العظيم: 8/2813-2814]

تفسير قوله تعالى: (فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (187) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (فإن كنت صادقًا فيما تقول بأنّك رسول اللّه كما تزعم {فأسقط علينا كسفًا من السّماء} يعني قطعًا من السّماء، وهي جمع كسفةٍ، جمع كذلك كما تجمع تمرةً: تمرًا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثنا معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {كسفًا} يقول: قطعًا.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول، في قوله: {كسفًا من السّماء} جانبًا من السّماء.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {فأسقط علينا كسفًا من السّماء} قال: ناحيةً من السّماء، عذاب ذلك الكسف). [جامع البيان: 17/636]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فأسقط علينا كسفًا من السّماء إن كنت من الصّادقين (187)
قوله تعالى: فأسقط علينا كسفًا من السّماء إن كنت من الصادقين
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي، ثنا عبد العزيز بن منيبٍ، ثنا أبو معاذٍ النحوي، عن عبيد ابن سليمان، عن الضّحّاك قوله: كسفًا من السّماء قال: جأنبًأ من السّماء.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أخبرنا العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: كسفًا من السّماء أي قطعًا من السّماء.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ كسفًا من السّماء يقول: عذابًا من السّماء). [تفسير القرآن العظيم: 8/2814]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر عن ابن عباس في قوله {كذب أصحاب الأيكة المرسلين} قال: كانوا أصحاب غيضة بين ساحل البحر إلى مدين وقد أهلكوا فيما ياتون، وكان أصحاب الايكة مع ما كانوا فيه من الشرك استنوا سنة أصحاب مدين، فقال لهم شعيب {إني لكم رسول أمين} {فاتقوا الله وأطيعون} {وما أسألكم} على ما أدعوكم عليه أجرا في العاجل في أموالكم {إن أجري إلا على رب العالمين} {واتقوا الذي خلقكم والجبلة} يعني وخلق الجبلة {الأولين} يعني القرون الأولين الذين أهلكوا بالمعاصي ولا تهلكوا مثلهم {قالوا إنما أنت من المسحرين} يعني من المخلوقين {وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين} {فأسقط علينا كسفا من السماء} يعني قطعا من السماء {فأخذهم عذاب يوم الظلة} أرسل الله عليهم سموما من جهنم فأطاف بهم سبعة أيام حتى انضجهم الحر فحميت بيوتهم وغلت مياههم في الآبار والعيون فخرجوا من منازلهم ومحلتهم هاربين والسموم معهم فسلط الله عليهم الشمس من فوق رؤوسهم فتغشتهم حتى تقلقلت فيها جماجمهم وسلط الله عليهم الرمضاء من تحت أرجلهم حتى تساقطت لحوم أرجلهم ثم أنشأت لهم ظلة كالسحابة السوداء فلما رأوها ابتدروها يستغيثون بظلها حتى إذا كانوا تحتها جميعا، أطبقت عليهم فهلكو ونجى الله شعيبا والذين آمنوا به). [الدر المنثور: 11/290-291] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {فأسقط علينا كسفا من السماء} قال: قطعا من السماء). [الدر المنثور: 11/292]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (188) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال ربّي أعلم بما تعملون (188) فكذّبوه فأخذهم عذاب يوم الظّلّة، إنّه كان عذاب يومٍ عظيمٍ}.
يقول تعالى ذكره: قال شعيبٌ لقومه: {ربّي أعلم بما تعملون} يقول: بأعمالهم هو بها محيطٌ، لا يخفى عليه منها شيءٌ، وهو مجازيكم بها جزاءكم). [جامع البيان: 17/637]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: قال ربّي أعلم بما تعملون
- أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءةً، أنبأ ابن وهبٌ قال: سمعت مالكًا يقول: كان شعيبٌ خطيب الأنبياء). [تفسير القرآن العظيم: 8/2814]

تفسير قوله تعالى: (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (189) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (حدثني جرير بن حازم أنه سمع قتادة يقول: بعث شعيب النبي إلى أمتين: إلى قومه أهل مدين، وإلى أصحاب الأيكة، وكانت الأيكة غيضة [مو .. .. ] شجر ملتفٌ؛ فلما أراد الله أن يعذبهم بعث عليهم حرا شديدا ورفع لهم [العذاب] كأنه سحابة؛ فلما دنت منهم خرجوا إليها رجاء بردها؛ فلما كانوا [تحتها مطرت] عليهم نارا؛ قال: فذلك قول الله: {فأخذهم عذاب يوم الظّلّة إنّه [كان عذاب يومٍ] عظيمٍ}.
قال قتادة: وأما {الرس}، فإنها بقريةٍ من اليمامة يقال لها الفلج). [الجامع في علوم القرآن: 2/87]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الكلبي في قوله تعالى عذاب يوم الظلة قال كانت سحابة استظلوا تحتها فجعلها الله عليهم نيرانا). [تفسير عبد الرزاق: 2/75]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر نا رجل من أصحابنا عن بعض العلماء قال كانوا عطلوا حدا فوسع الله عليهم في الرزق ثم عطلوا حدا فوسع الله عليهم في الرزق فجعلوا كلما عطلوا حدا وسع الله عليهم في الرزق حتى إذا أراد الله هلاكهم سلط عليهم حرا لا يستطيعون أن يتقاروا ولا ينفعهم ظل ولا ماء حتى ذهب ذاهب منهم فاستظل تحت ظلة فوجد فيها روحا فنادى أصحابه هلموا إلى الروح فذهبوا إليه سراعا حتى إذا اجتمعوا
فيها وتتاموا ألهبها الله عليهم نارا فذلك عذاب يوم الظلة). [تفسير عبد الرزاق: 2/75-76]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :( {يوم الظّلّة} [الشعراء: 189] : «إظلال العذاب إيّاهم»). [صحيح البخاري: 6/111]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله يوم الظّلّة إظلال العذاب إيّاهم وصله الفريابيّ وقد تقدّم أيضًا في أحاديث الأنبياء). [فتح الباري: 8/497]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (يوم الظّلّة أظلال العذاب إيّاهم
أشار به إلى قوله تعالى: {فأخذهم عذاب يوم الظلة} وفسّر (يوم الظلة) بقوله: (إظلال العذاب إيّاهم) ، وفي التّفسير معنى الظلة هنا: السّحاب الّتي أظلتهم). [عمدة القاري: 19/99]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({يوم الظلة}) في قوله: {فأخذهم عذاب يوم الظلة} [الشعراء: 189]. هو (إظلال العذاب إياهم) على نحو ما اقترحوا بأن سلط الله عليهم الحر سبعة أيام حتى غلت أنهارهم فأظلتهم سحابة فاجتمعوا تحتها فأمطرت عليهم نارًا فاحترقوا. ({موزون}) في سورة الحجر أي (معلوم) ولعل ذكره هنا من ناسخ فالله أعلم). [إرشاد الساري: 7/277]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {فكذّبوه} يقول: فكذّبه قومه {فأخذهم عذاب يوم الظّلّة} يعني بالظّلّة: سحابةً ظلّلتهم، فلمّا تتامّوا تحتها التهبت عليهم نارًا وأحرقتهم، وبذلك جاءت الآثار.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن زيد بن معاوية، في قوله: {فأخذهم عذاب يوم الظّلّة} قال: أصابهم حرٌّ أقلقهم في بيوتهم، فنشأت لهم سحابةٌ كهيئة الظّلّة فابتدروها، فلمّا تتامّوا تحتها أخذتهم الرّجفة.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب، عن جعفرٍ، في قوله: {عذاب يوم الظّلّة} قال: كانوا يحفرون الأسراب ليتبرّدوا فيها، فإذا دخلوها وجدوها أشدّ حرًّا من الظّاهر، وكانت الظّلّة سحابةٌ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: حدّثني جرير بن حازمٍ أنّه سمع قتادة، يقول: بعث شعيبٌ إلى أمّتين: إلى قومه أهل مدين، وإلى أصحاب الأيكة. وكانت الأيكة من شجرٍ ملتفٍّ؛ فلمّا أراد اللّه أن يعذّبهم بعث اللّه عليهم حرًّا شديدًا، ورفع لهم العذاب كأنّه سحابةً؛ فلمّا دنت منهم خرجوا إليها رجاء بردها، فلمّا كانوا تحتها مطرت عليهم نارًا. قال: فذلك قوله: {فأخذهم عذاب يوم الظّلّة}.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثني سعيد بن زيدٍ أخو حمّاد بن زيدٍ، قال: حدّثنا حاتم بن أبي صغيرة، قال: حدّثني يزيد الباهليّ، قال: سألت عبد اللّه بن عبّاسٍ عن هذه الآية: {فأخذهم عذاب يوم الظّلّة، إنّه كان عذاب يومٍ عظيمٍ}، فقال عبد اللّه بن عبّاسٍ: بعث اللّه عليهم ومدةً وحرًّا شديدًا، فأخذ بأنفاسهم، فدخلوا البيوت، فدخل عليهم أجواف البيوت، فأخذ بأنفاسهم، فخرجوا من البيوت هرابًا إلى البرّيّة، فبعث اللّه عليهم سحابةً فأظلّتهم من الشّمس، فوجدوا لها بردًا ولذّةً، فنادى بعضهم بعضًا، حتّى إذا اجتمعوا تحتها، أرسلها اللّه عليهم نارًا. قال عبد اللّه بن عبّاسٍ: فذلك عذاب يوم الظّلّة، {إنّه كان عذاب يومٍ عظيمٍ}.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {يوم الظّلّة} قال: إظلال العذاب إيّاهم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {عذاب يوم الظّلّة} قال: أظلّ العذاب قوم شعيبٍ.
قال ابن جريجٍ: لمّا أنزل اللّه عليهم أوّل العذاب، أخذهم منه حرٌّ شديدٌ، فرفع اللّه لهم غمامةً، فخرج إليها طائفةٌ منهم ليستظلّوا بها، فأصابهم منها روحٌ وبردٌ وريحٌ طيّبةٌ، فصبّ اللّه عليهم من فوقهم من تلك الغمامة عذابًا، فذلك قوله: {عذاب يوم الظّلّة}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو سفيان، عن معمر بن راشدٍ، قال: حدّثني رجلٌ من أصحابنا، عن بعض العلماء، قال: كانوا عطّلوا حدًّا، فوسّع اللّه عليهم في الرّزق، ثمّ عطّلوا حدًّا، فوسّع اللّه عليهم في الرّزق، ثمّ عطّلوا حدًّا، فوسّع اللّه عليهم في الرّزق، فجعلوا كلّما عطّلوا حدًّا وسّع اللّه عليهم في الرّزق، حتّى إذا أراد إهلاكهم سلّط اللّه عليهم حرًّا لا يستطيعون أن يتقارّوا، ولا ينفعهم ظلٌّ ولا ماءٌ، حتّى ذهب ذاهبٌ منهم، فاستظلّ تحت ظلّةٍ، فوجد روحًا، فنادى أصحابه: هلمّوا إلى الرّوح، فذهبوا إليه سراعًا، حتّى إذا اجتمعوا ألهبها اللّه عليهم نارًا، فذلك عذاب يوم الظّلّة.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو تميلة، عن أبي حمزة، عن جابرٍ،، عن عامرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: من حدّثك من العلماء ما عذاب يوم الظّلّة، فكذّبه.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {فأخذهم عذاب يوم الظّلّة.} قوم شعيبٍ، حبس اللّه عنهم الظّلّ والرّيح، فأصابهم حرٌّ شديدٌ، ثمّ بعث اللّه لهم سحابةً فيها العذاب، فلمّا رأوا السّحابة انطلقوا يؤمّونها، زعموا يستظلّون، فاضطرمت عليهم نارًا فأهلكتهم.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {فأخذهم عذاب يوم الظّلّة، إنّه كان عذاب يومٍ عظيمٍ} قال: بعث اللّه إليهم ظلّةً من سحابٍ، وبعث إلى الشّمس فأحرقت ما على وجه الأرض، فخرجوا كلّهم إلى تلك الظّلّة، حتّى إذا اجتمعوا كلّهم، كشف اللّه عنهم الظّلّة، وأحمى عليهم الشّمس فاحترقوا كما يحترق الجراد في المقلى.
وقوله: {إنّه كان عذاب يومٍ عظيمٍ} يقول تعالى ذكره: إنّ عذاب يوم الظّلّة كان عذاب يومٍ لقوم شعيبٍ عظيمٍ). [جامع البيان: 17/637-640]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: فكذّبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة
- حدثنا عمران بن بكار بن براد الحمصيّ، ثنا الرّبيع بن روحٍ، ثنا محمّد ابن حربٍ، ثنا الزّبيديّ، عن داود، عن يزيد بن ضمرة الباهليّ قال: سمعت ابن عبّاسٍ يذكر عذاب يوم الظّلّة قال: بعث اللّه عزّ وجلّ عليهم وهدةً فأخذت بأنفاسهم حتّى نضّجتهم في بيوتهم، فخرجوا يلتمسون الرّوح فخرجوا من قريتهم، فبعث اللّه سبحانه وتعالى عليهم سحابةً حتّى إذا أظلّتهم واجتمعوا تحت ظلّها، أسقطها عليهم فأحرقتهم.
- حدّثنا عليّ بن الحسين الهسنجانيّ، ثنا مسدّدٌ، ثنا يحيى بن سعيدٍ، عن حاتم بن أبي يونس، عن يزيد بن ضمرة قال: سمعت ابن عبّاسٍ يقول: يوم الظّلّة أصابهم حرّ وهدةٍ فأخذت بأنفاسهم، فخرجوا من البيوت فوجدوا الرّوح فدعوا أهلهم، فلمّا اجتمعوا تحتها ألقاها اللّه عليهم فذلك قوله: عذاب يومٍ الظّلّة
- حدّثنا أبو عبد اللّه حمّاد بن الحسن بن عنبسة، ثنا داود، ثنا شيبان، عن جابرٍ، عن الشّعبيّ، عن ابن عبّاسٍ قال: من حدّثك، عن عذاب اللّه يوم الظّلّة من العلماء فكذّبه.
- حدّثنا أبي، ثنا يحيى بن صالحٍ الوحاظيّ، ثنا أبو معشرٍ، عن محمّد بن كعبٍ في قوله: فأخذهم عذاب يوم الظّلّة قال: إنّ أهل مدين عذّبوا بثلاثة أصنافٍ من العذاب: أخذتهم الرّجفة في دارهم حتّى خرجوا منها، فلمّا خرجوا منها أصابهم فزعٌ شديدٌ ففرقوا أن يدخلوا البيوت فيسقط عليهم فأرسل اللّه عليهم، الظّلّة فدخل تحتها رجلٌ فقال: ما رأيت كاليوم ظلا أطيب ولا أبرد، هلمّوا أيّها النّاس: فدخلوا جميعًا تحت الظّلّة، فصاح فيهم صيحةً واحدةً فماتوا جميعًا، ثمّ تلا محمّدٌ: فأخذهم عذاب يوم الظّلّة إنّه كان عذاب يوم عظيمٍ
- حدّثنا أبو بكر بن أبي الدّنيا قال: حدّثت، عن محمّد بن جابرٍ، عن منصورٍ فأخذهم عذاب يوم الظّلّة قال: بعث اللّه عليهم سحابةً تنضح عليهم بالنّار.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان بن صالحٍ، ثنا الوليد، ثنا سعيد بن بشيرٍ، عن قتادة بن دعامة السّدوسيّ في قول اللّه: قال: أصحاب الأيكة ومدين هما أمّتان أرسل إليها شعيبٌ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وعذّبا بعذابٍ شتّى، أمّا أهل مدين فأخذتهم الصّيحة، وكانوا أهل مدينةٍ فأصبحوا في دارهم جاثمين، وأمّا أصحاب الأيكة: فكانوا أصحاب شجرٍ متكاوسٍ وركواتٍ قال قتادة: قال عبد اللّه بن عمرو بن العاص: تدرون كيف كان أمر أصحاب الأيكة؟ قالوا: اللّه أعلم، قال: كان أمرهم أنّ اللّه سلّط عليهم الحرّ سبعة أيّامٍ حتّى ما يظلّهم منه شيءٌ ثمّ إنّ اللّه أنشأ لهم سحابةً فانطلق إليها أحدهم فاستظلّ بها، فأصاب تحتها بردًا وراحةً فأعلم بذلك قومه فأتوا جميعًا فاستظلّوا تحتها فأجّجت عليهم نارًا.
قال قتادة: فحدّثنا شهر بن حوشبٍ: أنه رأى مكانهم، وأنه لا يذكر منهم إلا كموضع المسلّة صاروا رمادًا قال اللّه عزّ وجلّ: إنّه كان عذاب يومٍ عظيمٍ
- حدّثنا أبو شيبة إبراهيم بن عبد اللّه بن أبي شيبة حدّثنا الحسن بن بشرٍ، ثنا أسباط بن نصرٍ، عن ميسرة، عن عكرمة في قوله: عذاب يوم الظّلّة قال: الظّلّة فيها نارٌ نزلت من السّماء، فلمّا رأت الأرض ذلك أشفقت، وظنّت أنّ إيّاها يراد فأتفكت فكانت الآفكة بقوم شعيبٍ.
- حدّثنا أبي، ثنا عيسى بن أبي فاطمة، ثنا يعقوب بن عبد اللّه الأشعريّ، عن جعفر، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: عذاب يوم الظّلّة إنّه كان عذاب يوم عظيمٍ قال: كانت الظّلّة سحابةً وكانوا يحفرون الأسراب يدخلونها فيتبرّدون بها فإذا دخلوها وجدوها أشدّ حرًّا من ظهرها.
- حدّثنا أبي ثنا نصر بن عليٍّ الجهضميّ أنبأ نوح بن قيسٍ، عن الوليد بن حسّان، عن الحسن قال: سلّط اللّه الحرّ على قوم شعيبٍ سبعة أيّامٍ ولياليهنّ حتّى كانوا لا ينتفعون بظلّ بيتٍ ولا ببرد ماءٍ، ثمّ رفعت لهم سحابةٌ في البريّة فوجدوا تحتها الرّوح فجعل بعضهم يدعوا بعضًا، حتّى إذا اجتمعوا تحتها أشعلها اللّه عليهم نارًا فذلك قوله: فأخذهم عذاب يوم الظّلّة إنّه كان عذاب يوم عظيمٍ
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: عذاب يوم الظّلّة ظلل العذاب إيّاهم.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا أبو أسامة، عن أبي عقيلٍ النّاجيّ، ثنا أبو نضرة العبديّ قال: ثنا رجلٌ من الصّدر الأوّل قال: كان قوم شعيبٍ يقتلون على الكذبة فما فوقها، فكانوا إذ يصنعون ذلك عيشهم فيه شدّةٌ، قال: حتّى أصاب بعض ملوكهم ذنبًا فعطّل الحدّ، قال: حتّى أباحوا بالخمر نهارًا جهارًا في المجالس. قال: فبسط اللّه لهم الرّزق عند ذلك حتّى قال قائلٌ: لو شعرنا كنّا قد عطّلناها منذ زمانٍ، قال: فلمّا أراد اللّه عقوبتهم بعث عليهم حرًّا شديدًا، قال: فلم ينفعهم بيتٌ ولا ظلٌّ ولا شيءٌ قال: فانطلقوا يرتادون الرّوح والبرد قال: فدخل داخلٌ منهم الظّلّة فوجدها باردةً، فأذّن في النّاس البرد البرد، فلمّا تتامّوا تحتها قذفها اللّه عليهم فذلك قوله: فأخذهم عذاب يوم الظّلّة إنّه كان عذاب يوم عظيمٍ
- أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، أنبأ عبد الرّزّاق أنبأ معمرٌ، حدّثني رجلٌ من أصحابنا، عن بعض العلماء قال: كانوا عطّلوا حدًّا فوسّع اللّه في الرّزق، ثمّ عطّلوا حدًّا آخر فوسّع اللّه في الرّزق، فجعلوا كلّما عطّلوا حدًّا وسّع اللّه عليهم في الرّزق، حتّى إذا أراد اللّه هلاكهم سلّط عليهم حرًّا لا يستطيعون أن يتقازّوا فلا ينفعهم ظلٌّ ولا ماءٌ، حتّى ذهب ذاهبٌ منهم فاستظلّ تحت ظلّةٍ فوجد فيها روحًا فنادى أصحابه هلمّ إلى الرّوح، فذهبوا إليه سراعًا حتّى إذا اجتمعوا فيها وتتامّوا ألهبها عليهم نارًا فذلك قوله: عذاب يوم الظّلّة إنّه كان عذاب يوم عظيمٍ.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيدٍ في قول اللّه: فأخذهم عذاب يوم الظّلّة إنّه كان عذاب يوم عظيمٍ قال: بعث اللّه إليهم الظّلّة، وأحمى عليهم الشّمس فاحترقوا كما يحترق الجراد في المقلى). [تفسير القرآن العظيم: 8/2814-2817]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله عذاب يوم الظلة قال يعني ظل العذاب الذي أتاهم). [تفسير مجاهد: 465-466]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر عن ابن عباس في قوله {كذب أصحاب الأيكة المرسلين} قال: كانوا أصحاب غيضة بين ساحل البحر إلى مدين وقد أهلكوا فيما ياتون، وكان أصحاب الايكة مع ما كانوا فيه من الشرك استنوا سنة أصحاب مدين، فقال لهم شعيب {إني لكم رسول أمين} {فاتقوا الله وأطيعون} {وما أسألكم} على ما أدعوكم عليه أجرا في العاجل في أموالكم {إن أجري إلا على رب العالمين} {واتقوا الذي خلقكم والجبلة} يعني وخلق الجبلة {الأولين} يعني القرون الأولين الذين أهلكوا بالمعاصي ولا تهلكوا مثلهم {قالوا إنما أنت من المسحرين} يعني من المخلوقين {وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين} {فأسقط علينا كسفا من السماء} يعني قطعا من السماء {فأخذهم عذاب يوم الظلة} أرسل الله عليهم سموما من جهنم فأطاف بهم سبعة أيام حتى انضجهم الحر فحميت بيوتهم وغلت مياههم في الآبار والعيون فخرجوا من منازلهم ومحلتهم هاربين والسموم معهم فسلط الله عليهم الشمس من فوق رؤوسهم فتغشتهم حتى تقلقلت فيها جماجمهم وسلط الله عليهم الرمضاء من تحت أرجلهم حتى تساقطت لحوم أرجلهم ثم أنشأت لهم ظلة كالسحابة السوداء فلما رأوها ابتدروها يستغيثون بظلها حتى إذا كانوا تحتها جميعا، أطبقت عليهم فهلكو ونجى الله شعيبا والذين آمنوا به). [الدر المنثور: 11/290-291] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال: إن أهل مدين عذبوا بثلاثة أصناف من العذاب، أخذتهم الرجفة في دارهم حتى خرجوا عليهم، فارسل الله عليهم الظلة فدخل تحتها رجل قال: ما رأيت كاليوم ظلا أطيب ولا ابرد هلموا أيها الناس فدخلوا جميعا تحت الظلة فصاح فيهم صيحة واحدة فماتوا جميعا). [الدر المنثور: 11/292]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن السدي قال: بعث شعيبا إلى أصحاب الايكة - والايكة غيضة - فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة، قال: فتح الله عليهم بابا من أبواب جهنم فغشيهم من حره ما لم يطيقوه فتبردوا بالماء وبما قدروا عليه فبينما هم كذلك إذا رفعت لهم سحابة فيها ريح باردة طيبة فلما وجدوا بردها ساروا نحو الظلة فاتوها يتبردون بها فخرجوا من كل شيء كانوا فيه فلما تكاملوا تحتها طبقت عليهم بالعذاب، فذلك قوله {فأخذهم عذاب يوم الظلة} ). [الدر المنثور: 11/292-293]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الحسن قال: سلط الله الحر على قوم شعيب سبعة أيام ولياليهن حتى كانوا لا ينتفعون بظل بيت ولا ببرد ماء ثم رفعت لهم سحابة في البرية فوجدوا تحتها الروح فجعلوا يدعوا بعضهم بعضا، حتى إذا اجتمعوا تحتها أشعلها الله عليهم نارا، فذلك قوله {فأخذهم عذاب يوم الظلة} ). [الدر المنثور: 11/293]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم عن ابن عباس انه سئل عن قوله {فأخذهم عذاب يوم الظلة} فقال: بعث الله عليهم وهدة وحرا شديدا فاخذ بانفاسهم فدخلوا أجواف البيوت فدخل عليهم أجواف البيوت فاخذ بانفاسهم فخرجوا من البيوت هرابا إلى البرية، فبعث الله عليهم سحابة فاظلتهم من الشمس فوجدوا لها بردا ولذة فنادى بعضهم بعضا حتى إذا اجتمعوا تحتها أسقطها الله عليهم نارا، فذلك قوله {عذاب يوم الظلة} ). [الدر المنثور: 11/293-294]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة {فأخذهم عذاب يوم الظلة} قال: ذكر لنا أنه سلط الله عليهم الحر سبعة أيام لا يظلهم ظل ولا ينفعهم منه شيء فبعث الله عليهم سحابة فلحقوا إليها يلتمسون الروح في ظلها، فجعلها الله عليهم عذابا فاحرقتهم، بعثت عليهم نارا فاضطرمت فاكلتهم، فذلك عذاب يوم الظلة). [الدر المنثور: 11/294]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن علقمة {فأخذهم عذاب يوم الظلة} قال: أصابهم الحر حتى أقلقهم من بيوتهم فخرجوا ورفعت لهم سحابة فانطلقوا إليها فلما استظلوا بها أرسلت إليهم فلم ينفلت منهم أحد). [الدر المنثور: 11/294-295]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم عن زيد بن أسلم قال: كان ينهاهم عن قطع الدراهم {فأخذهم عذاب يوم الظلة} حتى إذا اجتمعوا كلهم كشف الله عنهم الظلة وأحمى عليهم الشمس فاحترقوا كما يحترق الجراد في المقلى). [الدر المنثور: 11/295]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم عن مجاهد في قوله {فأخذهم عذاب يوم الظلة} قال: ظلل من العذاب اتاهم). [الدر المنثور: 11/295]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم والحاكم عن ابن عباس قال: من حدثك من العلماء: ما عذاب يوم الظلة، فكذبه). [الدر المنثور: 11/295]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن جرير، وابن أبي حاتم والحاكم عن ابن عباس قال: من حدثك من العلماء ما عذاب يوم الظلة قال: أخذهم حر أقلقهم من بيوتهم فانشئت لهم سحابة فاتوها فصيح بهم فيها والله أعلم). [الدر المنثور: 11/295-296]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (190) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ في ذلك لآيةً وما كان أكثرهم مؤمنين (190) وإنّ ربّك لهو العزيز الرّحيم}.
يقول تعالى ذكره: إنّ في تعذيبنا قوم شعيبٍ عذاب يوم الظّلّة بتكذيبهم نبيّهم شعيبًا، لآيةً لقومك يا محمّد، وعبرةً لمن اعتبر، إن اعتبروا، أنّ سنّتنا فيهم بتكذيبهم إيّاك سنّتنا في أصحاب الأيكة. {وما كان أكثرهم مؤمنين} في سابق علمنا فيهم). [جامع البيان: 17/640]

تفسير قوله تعالى: (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (191) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {وإنّ ربّك} يا محمّد {لهو العزيز} في نقمته ممّن انتقم منه من أعدائه {الرّحيم} بمن تاب من خلقه، وأناب إلى طاعته). [جامع البيان: 17/640]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 22 رجب 1434هـ/31-05-2013م, 04:53 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (176)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {كذّب أصحاب الأيكة المرسلين} [الشعراء: 176] بعث شعيبٌ إلى أمّتين، والأيكة: الغيضة). [تفسير القرآن العظيم: 2/521]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {أصحاب الأيكة} وجمعها أيكٌ وهي جماع من الشجر). [مجاز القرآن: 2/90]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {الأيكة}: الشجرة والجماع الأيك). [غريب القرآن وتفسيره: 284]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {الأيكة}: الغيضة. وجمعها: «أيك»). [تفسير غريب القرآن: 320]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله عزّ وجلّ: (كذّب أصحاب الأيكة المرسلين }
الأيكة الشجر الملتف، ويقال أيكة وأيك، مثل أجمة، وأجم والفصل بين واحده وجمعه الهاء. ويقال في التفسير إن أصحاب الأيكة هؤلاء كانوا أصحاب شجر ملتف،
ويقال إن شجرهم هو الدّوم.
والدّوم هو شجر المقل.
وأكثر القراء - على إثبات الألف واللام في الأيكة، وكذلك يقرأ أبو عمرو وأكثر القرّاء، وقرأ أهل المدينة أصحاب ليكة مفتوحة اللام، فإذا وقف - على أصحاب، قال ليكة المرسلين.
وكذلك هي في هذه السورة بغير ألف في المصحف، وكذلك أيضا في سورة (ص) بغير ألف وفي سائر القرآن بألف.
ويجوز وهو حسن جدّا:
" كذب أصحاب آلأيكة المرسلين " بغير ألف في الخط - على الكسر – على أن الأصل الأيكة فألقيت الهمزة فقيل ليكة، والعرب تقول الأحمر جاءني، وتقول إذا ألقت الهمزة لحمر جاء في بفتح اللام وإثبات ألف الوصل، ويقولون أيضا: لاحمر جاءني يريدون الأحمر؛ وإثبات الألف واللام فيهما في سائر القرآن يدل على أنّ حذف الهمزة منها التي هي ألف الوصل بمنزلة قولهم لاحمر.
قال أبو إسحاق: - أعني إن القراءة بجر ليكة، وأنت تريد الأيكة واللام، أجود من أن تجعلها ليكة، وأنت لا تقدّر الألف واللام وتفتحها لأنها لا تنصرف، لأن ليكة لا تعرف و إنما هي أيكة للواحد وأيك للجمع، فأجود القراءة فيها الكسر، وإسقاط الهمزة لموافقة المصحف، وأهل المدينة يفتحون على ما جاء في التفسير أن اسم المدينة التي كانت للذين أرسل إليهم شعيب عليه السلام (ليكة).
وكان أبو عبيد القاسم بن سلام يختار قراءة أهل المدينة والفتح، لأن ليكة لا تنصرف، وذكر أنه اختار ذلك لموافقتها الكتاب مع ما جاء في التفسير، كأنّها تسمى المدينة الأيكة، وتسمّى الغيضة التي تضمّ هذا الشجر الأيكة.
والكسر جيّد على ما وصفنا، ولا أعلمه إلّا قد قرئ). [معاني القرآن: 4/97-98]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {كذب أصحاب الأيكة المرسلين}
الأيكة عند أهل اللغة الشجر الملتف والجمع أيك
ويروى أنهم كانوا أصحاب شجر ملتف
وقد قيل إن الأيكة اسم موضع ولا يصح ذلك ولا يعرف). [معاني القرآن: 5/100]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الْأَيْكَةِ}: من الشجرة). [العمدة في غريب القرآن: 227]

تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ (177)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {إذ قال لهم شعيبٌ ألا تتّقون} [الشعراء: 177] اللّه ألا تخشون اللّه، وهي مثل الأولى، يأمرهم أن يتّقوا اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 2/521]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) :
(وقوله جل وعز: {إذ قال لهم شعيب ألا تتقون}

قرئ على أحمد بن شعيب عن عبد الحميد بن محمد قال حدثنا مخلد قال حدثنا إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال كل الأنبياء من بني إسرائيل إلا عشرة نوح وصالح وهود وشعيب وإبراهيم ولوط وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ومحمد صلى الله عليهم
وزعم الشرقي بن قطامي أن شعيبا هو ابن عيفا بن نويب بن مدين بن إبراهيم
وزعم ابن سمعان أن شعيبا بن جزي بن يشجر بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم صلى الله عليهم). [معاني القرآن: 5/101]

تفسير قوله تعالى: {إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (178)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {إنّي لكم رسولٌ أمينٌ} [الشعراء: 178] على ما جئتكم به.
{فاتّقوا اللّه وأطيعون {179}). [تفسير القرآن العظيم: 2/521]

تفسير قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (179)}

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (180)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {وما أسألكم عليه من أجرٍ} [الشعراء: 180] على ما جئتكم به.
{إن أجري} [الشعراء: 180] إن جزائي، أي: إن ثوابي.
{إلا على ربّ العالمين {180}). [تفسير القرآن العظيم: 2/521]

تفسير قوله تعالى: {أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (181)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين {181}} [الشعراء: 181]، يعني: من المتنقّصين الّذين ينتقصون النّاس حقوقهم.
وقال السّدّيّ: من {المخسرين} [الشعراء: 181]، يعني: من النّاقصين في الكيل والميزان). [تفسير القرآن العظيم: 2/521]

تفسير قوله تعالى: {وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ (182)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وزنوا بالقسطاس المستقيم} [الشعراء: 182] قال قتادة: العدل.
وقال سفيان الثّوريّ، عن جابرٍ، عن مجاهدٍ: العدل بالرّوميّة). [تفسير القرآن العظيم: 2/522]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {وزنوا بالقسطاس المستقيم} أي: بالسواء والعدل). [مجاز القرآن: 2/90]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {القسطاس}: العدل). [غريب القرآن وتفسيره: 284]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وزنوا بالقسطاس المستقيم}قال عبد الله بن عباس ومجاهد القسطاس العدل). [معاني القرآن: 5/101]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (الْقِسْطَاسِ): العدل). [العمدة في غريب القرآن: 227]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (183)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ولا تبخسوا النّاس أشياءهم} [الشعراء: 183]، أي: ولا تنقصوا النّاس أشياءهم، يعني: الّذي لهم، وكانوا أصحاب تطفيفٍ ونقصٍ في الميزان.
قال: {ولا تعثوا في الأرض مفسدين} [الشعراء: 183] لا تسيروا في الأرض مفسدين في تفسير قتادة.
وفي تفسير الحسن: ولا تكونوا في الأرض مفسدين). [تفسير القرآن العظيم: 2/522]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {ولا تبخسوا النّاس أشياءهم} أي لا تنقصوهم يقال في المثل:

تحسبها حمقاء وهي باخسة). [مجاز القرآن: 2/90]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ولا تعثوا في الأرض} يقال عثيت تعثى عثواً وهي أشد الفساد والخراب ). [مجاز القرآن: 2/90]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {ولا تبخسوا الناس أشياءهم}
أي ولا تظلموا ومنه قول العرب تحسبها حمقاء وهي باخس). [معاني القرآن: 5/102]

تفسير قوله تعالى: {وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ (184)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({واتّقوا الّذي خلقكم والجبلّة الأوّلين} [الشعراء: 184] والخليقة الأوّلين، هذا تفسير مجاهدٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/522]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {والجبلّة الأوّلين...}

قرأها عاصم والأعمش بكسر الجيم وتشديد اللام، ورفعها آخرون. واللام مشدّدة في القولين: {والجبلّة} ). [معاني القرآن: 2/283]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {والجبلّة الأوّلين} أي: الخلق وجاء خبرها على المعنى الجماع وإذا نزعت الهاء من آخرها ضممت أوله،
كما هو في آية أخرى {ولقد أضلّ منكم جبلّاً} قال أبو ذؤيب:
منايا يقرّبن الحتوف لأهلها= جهاراً ويستمتعن بالأنس الجبل).
[مجاز القرآن: 2/91-90]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {الجبلة الأولين}: الخلق وهو من جبل على كذا وكذا). [غريب القرآن وتفسيره: 284]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {الجبلّة}: الخلق. يقال: جبل فلان على كذا وكذا، أي خلق. قال الشاعر:
والموت أعظم حادث مما يمر على الجبلّة).
[تفسير غريب القرآن: 320]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: (واتّقوا الّذي خلقكم والجبلّة الأوّلين}
{والجبلّة الأوّلين}عطف على الكاف والميم المعنى اتقوا الّذي خلقكم وخلق الجبلّة الأوّلين.
ويقرأ والجبلّة بضم الجيم والباء، ويجوز: والجبلة الأولين والجبلة الأولين.
فأمّا الأوليان فالقراءة بهما، وهاتان جائزتان.
قوله: (فأسقط علينا كسفا من السّماء)- وكسفا - يقرأ بهما جميعا.
فمن قرأ كسفا - بإسكان السين - فمعناه جانبا، ومن قرأ كسفا فتأويله قطعا من السماء جمع كسفة وكسف، مثل كسرة وكسر). [معاني القرآن: 4/101-101]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين}
روى ابن أبي نجيح عن مجاهد الجبلة الخليقة
قال أبو جعفر يقال جبل فلان على كذا أي خلق
وقوله جبلة وجبلة وجبلة). [معاني القرآن: 5/102]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {والجبلة الأولين)}أي: خلق الأولين). [ياقوتة الصراط: 389]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الْجِبِلَّةَ}: الخلق). [العمدة في غريب القرآن: 227]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (185)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قالوا إنّما أنت من المسحّرين} [الشعراء: 185] وهي مثل الأولى). [تفسير القرآن العظيم: 2/522]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (186)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {وما أنت إلا بشرٌ مثلنا وإن نظنّك لمن الكاذبين} [الشعراء: 186] فيما تدّعي من الرّسالة). [تفسير القرآن العظيم: 2/522]

تفسير قوله تعالى: {فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (187)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({فأسقط علينا كسفًا من السّماء} [الشعراء: 187] قال قتادة: قطعًا.
{إن كنت من الصّادقين} [الشعراء: 187] بما جئت به.
{قال ربّي أعلم بما تعملون} [الشعراء: 188] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/522]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {فأسقط علينا كسفاً من السّماء} جمع كسفة بمنزلة سدرة والجميع سدر ومعناها قطعاً). [مجاز القرآن: 2/91]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فأسقط علينا كسفاً}، أي قطعة من السّماء.
يقال: كسف وكسفة،كما يقال: قطع وقطعة. و«كسف» جمع «كسفة»، كما يقال: قطع [جمع قطعة] ). [تفسير غريب القرآن: 320]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فأسقط علينا كسفا من السماء}
روى علي بن الحكم عن الضحاك {فأسقط علينا كسفا} قال جانبا
قال أبو جعفر ويقرأ كسفا وهو جمع كسفة وهي القطعة). [معاني القرآن: 5/103-102]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {كِسَفًا مِّنَ السَّمَاء}: أي قطعة من السماء). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 177]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (188)}

تفسير قوله تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (189)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {فكذّبوه فأخذهم عذاب يوم الظّلّة إنّه كان عذاب يومٍ عظيمٍ} [الشعراء: 189] عن أبيه، عن سعيدٍ، عن قتادة، قال: كان أصحاب الأيكة أهل غيضةٍ
[تفسير القرآن العظيم: 2/522]
وشجرٍ متكارسٍ، وكان أكثر شجرهم الدّوم، هذا المقلّ، فسلّط اللّه عليهم الحرّ سبعة أيّامٍ، فكان لا يكنّهم ظلٌّ، ولا ينفعهم منه شيءٌ، فبعث اللّه عليهم سحابةً، فلجئوا تحتها يلتمسون
الرّوح، فجعلها اللّه عليهم عذابًا، فجعل تلك السّحابة نارًا، فاضطرمت عليهم، فهلكوا فذلك قوله: {فأخذهم عذاب يوم الظّلّة} [الشعراء: 189]، يعني: تلك السّحابة). [تفسير القرآن العظيم: 2/523]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: (فكذّبوه فأخذهم عذاب يوم الظّلّة إنّه كان عذاب يوم عظيم }

الظّلّة: سحابة أظلّتهم، فاجتمعوا تحتها مستجيرين بها مما نالهم من حرّ ذلك اليوم ثمّ أطبقت عليهم فكان من أعظم يوم في الدنيا عذابا.
{إنّه كان عذاب يوم عظيم} ولو كان في غير القرآن لجاز عظيما، والجر أجود كما جاء به القرآن.
وقوله: (وتذرون ما خلق لكم ربّكم من أزواجكم).
وقرأ ابن مسعود " ما أصلح لكم ربكم من أزواجكم "
يعنى به الفروج، وعلى ذلك التفسير.
وذلك أنّ قوم لوط كانوا يعدلون في النساء عن الفروج إلى الأدبار، فأعلم اللّه عزّ وجلّ أنّهم بفعلهم هذا عادون.
وعادون ظالمون غاية الظلم.
ويروى أن ابن عمر سئل عن التحميض، فقال: أو يفعل ذلك المسلمون والتحميض فعل قوم لوط بالنّساء والرجال.
ومن أجاز هذا في النساء فمخطئ خطأ عظيما). [معاني القرآن: 4/99-98]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة}
قال عبد الله بن عباس أصابهم حر شديد فدخلوا البيوت فأخذ بأنفاسهم فخرجوا إلى البرية لا يسترهم شيء فأرسل الله إليهم سحابة فهربوا إليها ليستظلوا بها،
ونادى بعضهم بعضا فلما اجتمعوا تحتها أهلكهم الله جل وعز
وقال مجاهد فلما اجتمعوا تحتها صيح بهم فهلكوا). [معاني القرآن: 5/103]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (190)}

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (191)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {إنّ في ذلك لآيةً وما كان أكثرهم مؤمنين {190} وإنّ ربّك لهو العزيز الرّحيم {191}} [الشعراء: 190-191] وهي مثل الأولى). [تفسير القرآن العظيم: 2/523]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 22 رجب 1434هـ/31-05-2013م, 04:57 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (176) }
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
له أيكة لا يأمن الناس غيبها = حمى رفرفًا منها سباطا وخروعًا
...
(الأيكة) غيضة فيها شجر). [شرح أشعار الهذليين: 2/633]

تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ (177) }

تفسير قوله تعالى: {إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (178) }

تفسير قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (179) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (180) }

تفسير قوله تعالى: {أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (181) }

تفسير قوله تعالى: {وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ (182) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (183) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قوله: "بخص"، يريد اللحم الذي يركب القدم، هذا قول الأصمعي، وقال غيره: هو لحم يخلطه بياض من فساد يحل فيه، ويقال: بخصت عينه، بالصاد، ولا يجوز إلا ذلك، ويقال. بخسته حقه، بالسين: إذا ظلمته ونقصته، كما قال الله عز وجل: {وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ}، وفي المثل: "تحسبها حمقاء وهي باخسٌ" ويدل على أنه اللحم الذي قد خالطه الفساد قول الراجز:
يا قدمي لا أرى لي مخلصًا = مما أراه أو تعودا بخصا).
[الكامل: 1/454-455]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وقال الأصمعي: عيث طلب: ويقال عيث مد يده إلى كنانته: ومنه قولهم عاث في الأرض إذا مد يده فيها إلى فساد يعيث: وعثى يعثى: ومنه قوله جل وعز: {ولا تعثوا في الأرض مفسدين}: ومنه قول الشاعر:
فعيث في السنام غداة قر = بسكين موثقة النصاب
أي مد يده فيه بما أفسده). [شرح المفضليات: 868]

تفسير قوله تعالى: {وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ (184) }

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (185) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (186) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (واعلم أنهم يقولون إن زيد لذاهب وإن عمرو لخير منك لما خففها جعلها بمنزلة لكن حين خففها وألزمها اللام لئلا تلتبس بإن التي هي بمنزلة ما التي تنفى بها.
ومثل ذلك: {إن كل نفس لما عليها حافظ} إنما هي لعليها حافظ.
وقال تعالى: {وإن كل لما جميع لدينا محضرون} إنما هي لجميع وما لغو
وقال تعالى: {وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين}: {وإن نظنك لمن الكاذبين}.
وحدثنا من نثق به أنه سمع من العرب من يقول إن عمرا لمنطلق. وأهل المدينة يقرءون: (وإن كلاًّ لما ليوفّينّهم ربّك أعمالهم) يخففون وينصبون كما قالوا:
كأن ثدييه حقّان). [الكتاب: 2/139-140] (م)

تفسير قوله تعالى: {فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (187) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (188) }

تفسير قوله تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (189) }
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): (ومنه الظلة وهي أول سحابة تطلل). [كتاب المطر: 15]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (190) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (191) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 20 ذو الحجة 1439هـ/31-08-2018م, 05:47 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 20 ذو الحجة 1439هـ/31-08-2018م, 05:47 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 20 ذو الحجة 1439هـ/31-08-2018م, 06:50 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (176)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {كذب أصحاب الأيكة المرسلين إذ قال لهم شعيب ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين وزنوا بالقسطاس المستقيم ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين قالوا إنما أنت من المسحرين وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين فأسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من الصادقين قال ربي أعلم بما تعملون فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم}
[المحرر الوجيز: 6/502]
قال النقاش: في مصحف ابن مسعود، وأبي، وحفصة: "إذ قال لهم أخوهم شعيب"، وقالوا: ولا وجه لمراعاة النسب، وإنما هو أخوهم من حيث هو رسولهم وآدمي مثلهم.
وقرأ نافع، وابن كثير، وابن عامر: "ليكة" على وزن فعلة هنا وفي "ص"، وقرأ الباقون: "الأيكة" وهي الدوحة الملتفة من الشجر على الإطلاق، وقيل: من شجر معروف له غضارة يألفه الحمام والقماري ونحوها، وقال قتادة: كان شجرهم هذا دوما. و"ليكة" اسم البلد في قراءة من قرأ ذلك، قاله بعض المفسرين، ذكره أبو عبيد القاسم بن سلام، وذهب قوم إلى أنها مسهلة من الأيكة، وأنها وقعت في المصحف هنا وفي سورة "ص" بغير ألف، وقال أبو علي: سقوط ذلك من المصحف لا يرجح النطق بها هكذا؛ لأن خط المصحف اتبع فيه تسهيل اللفظ، كلما سقطت الألف من اللفظ سقطت من الخط، نحو سقوط الواو من قوله: {سندع الزبانية}، لما سقط من اللفظ، وأما ترجيح القراءة في "ليكة" بفتح الياء في موضع الجر فلا يقتضيه ما في المصحف، وهي قراءة ضعيفة، ويدل على ضعفها أن سائر ما في القرآن غير هذين الموضعين مجمع فيه على "الأيكة" بالهمز والألف والخفض.
وكانت مدن القوم سبعة فيما روي، ولم يكن شعيب منهم، فلذلك لم يذكر هنا بأنه أخ لهم، وإنما كان من بني مدين، ولذلك ذكر بأخوهم، وجاءت الألفاظ في دعاء كل واحد من هؤلاء الأنبياء واحدة بعينها إذ كان الإيمان المدعو إليه معنى واحدا بعينه، وفي قولهم عليهم السلام: " ألا تتقون " عرض رقيق وتلطف، كما قال تبارك وتعالى: {فقل هل لك إلى أن تزكى} ). [المحرر الوجيز: 6/503]

تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ (177)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قال النقاش: في مصحف ابن مسعود، وأبي، وحفصة: "إذ قال لهم أخوهم شعيب"، وقالوا: ولا وجه لمراعاة النسب، وإنما هو أخوهم من حيث هو رسولهم وآدمي مثلهم). [المحرر الوجيز: 6/503] (م)

تفسير قوله تعالى: {إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (178)}

تفسير قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (179)}

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (180)}

تفسير قوله تعالى: {أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (181)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وكانت معصيتهم المضافة إلى كفرهم؛ بخس الموازين وتنقص أموال الناس بذلك). [المحرر الوجيز: 6/503]

تفسير قوله تعالى: {وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ (182)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"القسطاس": المعتدل من الموازين، وهو بناء مبالغة من القسط، وذهب ابن عباس ومجاهد إلى أن قوله: "وزنوا بالقسطاس" بضم القاف من "القسطاس"، وقرأ
[المحرر الوجيز: 6/503]
عيسى وأهل الكوفة بكسرها). [المحرر الوجيز: 6/504]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (183)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"تعثوا" معناه: تفسدون، يقال: "عثا" إذا أفسد). [المحرر الوجيز: 6/504]

تفسير قوله تعالى: {وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ (184)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : ("والجبلة": القرون والخليقة الماضية، وقال الشاعر:
والموت أعظم حادث فيما يمر على الجبلة
وقرأ جمهور الناس: "والجبلة" بكسر الجيم والباء، وقرأ أبو محيصن والحسن: "والجبلة" بضمها). [المحرر الوجيز: 6/504]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (185)}

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (186)}

تفسير قوله تعالى: {فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (187)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"الكسف": القطع، واحدها: كسفة، كتمرة وتمر). [المحرر الوجيز: 6/504]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (188)}

تفسير قوله تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (189)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ويوم الظلة يوم عذابهم، وصورته -فيما روي- أن الله تعالى امتحنهم بحر شديد، فلما كان ذلك اليوم غشي بعض قطرهم سحابة، فاجتمعوا تحتها، فاضطرمت عليهم تلك السحابة نارا فأحرقتهم عن آخرهم. وللناس في حديث يوم الظلة تطويلات لا تثبت، والحق أنه عذاب جعله الله تبارك وتعالى ظلة، وذكر الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: من حدثك ما عذاب يوم الظلة فقد كذب، وباقي الآية بين). [المحرر الوجيز: 6/504]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (190)}

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (191)}

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 18 محرم 1440هـ/28-09-2018م, 09:30 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 18 محرم 1440هـ/28-09-2018م, 09:35 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (176) إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ (177) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (178) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (179) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (180) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({كذّب أصحاب الأيكة المرسلين (176) إذ قال لهم شعيبٌ ألا تتّقون (177) إنّي لكم رسولٌ أمينٌ (178) فاتّقوا اللّه وأطيعون (179) وما أسألكم عليه من أجرٍ إن أجري إلا على ربّ العالمين (180)}
هؤلاء -أعني أصحاب الأيكة- هم أهل مدين على الصّحيح. وكان نبيّ اللّه شعيبٌ من أنفسهم، وإنّما لم يقل هنا أخوهم شعيبٌ؛ لأنّهم نسبوا إلى عبادة الأيكة، وهي شجرةٌ. وقيل: شجرٌ ملتفٌّ كالغيضة، كانوا يعبدونها؛ فلهذا لمّا قال: كذّب أصحاب الأيكة المرسلين، لم يقل: "إذ قال لهم أخوهم شعيبٌ"، وإنّما قال: {إذ قال لهم شعيبٌ}، فقطع نسبة الأخوّة بينهم؛ للمعنى الّذي نسبوا إليه، وإن كان أخاهم نسبًا. ومن النّاس من لم يتفطّن لهذه النكتة، فظن أن أصحاب الأيكة غير أهل مدين، فزعم أنّ شعيبًا عليه السّلام، بعثه اللّه إلى أمّتين، ومنهم من قال: ثلاث أممٍ.
وقد روى إسحاق بن بشرٍ الكاهليّ -وهو ضعيفٌ- حدّثني ابن السّدّيّ، عن أبيه -وزكريّا بن عمر، عن خصيف، عن عكرمة قالا ما بعث اللّه نبيًا مرّتين إلّا شعيبًا، مرّةً إلى مدين فأخذهم اللّه بالصّيحة، ومرّةً إلى أصحاب الأيكة فأخذهم اللّه بعذاب يوم الظّلّة.
وروى أبو القاسم البغويّ، عن هدبة، عن همّام، عن قتادة في قوله تعالى: {وأصحاب الرّسّ}. [ق:12] قوم شعيبٍ، وقوله: {وأصحاب الأيكة}. [ق:14] قوم شعيبٍ.
قال إسحاق بن بشرٍ: وقال غير جويبر: أصحاب الأيكة ومدين هما واحدٌ. واللّه أعلم.
وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة "شعيبٍ"، من طريق محمّد بن عثمان بن أبي شيبة، عن أبيه، عن معاوية بن هشامٍ، عن هشام بن سعدٍ، عن سعيد بن أبي هلالٍ، عن ربيعة بن سيفٍ، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ قوم مدين وأصحاب الأيكة أمّتان، بعث اللّه إليهما شعيبًا النّبيّ، عليه السّلام".
وهذا غريبٌ، وفي رفعه نظرٌ، والأشبه أن يكون موقوفًا. والصّحيح أنّهم أمّةٌ واحدةٌ، وصفوا في كلّ مقامٍ بشيءٍ؛ ولهذا وعظ هؤلاء وأمرهم بوفاء المكيال والميزان، كما في قصّة مدين سواءً بسواءٍ، فدلّ ذلك على أنّهم أمّةٌ واحدةٌ). [تفسير ابن كثير: 6/ 158-159]

تفسير قوله تعالى: {أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (181) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين (181) وزنوا بالقسطاس المستقيم (182) ولا تبخسوا النّاس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين (183) واتّقوا الّذي خلقكم والجبلّة الأوّلين (184)}.
يأمرهم تعالى بإيفاء المكيال والميزان، وينهاهم عن التّطفيف فيهما، فقال: {أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين} أي: إذا دفعتم إلى النّاس فكمّلوا الكيل لهم، ولا تخسروا الكيل فتعطوه ناقصًا، وتأخذوه -إذا كان لكم- تامًّا وافيًا، ولكن خذوا كما تعطون، وأعطوا كما تأخذون). [تفسير ابن كثير: 6/ 159]

تفسير قوله تعالى: {وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ (182) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وزنوا بالقسطاس المستقيم}: والقسطاس هو: الميزان، وقيل: القبّان. قال بعضهم: هو معرّبٌ من الرّوميّة.
قال: مجاهدٌ: القسطاس المستقيم: العدل -بالرّوميّة. وقال قتادة: القسطاس: العدل). [تفسير ابن كثير: 6/ 159]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (183) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ولا تبخسوا النّاس أشياءهم}: أي: تنقصوهم أموالهم، {ولا تعثوا في الأرض مفسدين} يعني: قطع الطّريق، كما في الآية الأخرى: {ولا تقعدوا بكلّ صراطٍ توعدون [وتصدّون عن سبيل اللّه من آمن به]} [الأعراف:86]). [تفسير ابن كثير: 6/ 159-160]

تفسير قوله تعالى: {وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ (184) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {واتّقوا الّذي خلقكم والجبلّة الأوّلين}: يخوّفهم بأس اللّه الّذي خلقهم وخلق آباءهم الأوائل، كما قال موسى، عليه السّلام: {ربّكم وربّ آبائكم الأوّلين} [الصّافّات:126]. قال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، والسّدّي، وسفيان بن عيينة، وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: {والجبلّة الأوّلين} يقول: خلق الأوّلين. وقرأ ابن زيدٍ: {ولقد أضلّ منكم جبلا كثيرًا} [يس:62] ). [تفسير ابن كثير: 6/ 160]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (185) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قالوا إنّما أنت من المسحّرين (185) وما أنت إلا بشرٌ مثلنا وإن نظنّك لمن الكاذبين (186) فأسقط علينا كسفًا من السّماء إن كنت من الصّادقين (187) قال ربّي أعلم بما تعملون (188) فكذّبوه فأخذهم عذاب يوم الظّلّة إنّه كان عذاب يومٍ عظيمٍ (189) إنّ في ذلك لآيةً وما كان أكثرهم مؤمنين (190) وإنّ ربّك لهو العزيز الرّحيم (191)}.
يخبر تعالى عن جواب قومه له بمثل ما أجابت به ثمود لرسولها -تشابهت قلوبهم- حيث قالوا: {إنّما أنت من المسحّرين} يعنون: من المسحورين، كما تقدّم). [تفسير ابن كثير: 6/ 160]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (186) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وما أنت إلا بشرٌ مثلنا وإن نظنّك لمن الكاذبين} أي: تتعمّد الكذب فيما تقوله، لا أنّ اللّه أرسلك إلينا). [تفسير ابن كثير: 6/ 160]

تفسير قوله تعالى: {فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (187) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فأسقط علينا كسفًا من السّماء}: قال الضّحّاك: جانبًا من السّماء. وقال قتادة: قطعًا من السّماء. وقال السّدّيّ: عذابًا من السّماء. وهذا شبيهٌ بما قالت قريشٌ فيما أخبر اللّه عنهم في قوله تعالى: {وقالوا لن نؤمن لك حتّى تفجر لنا من الأرض ينبوعًا}، إلى أن قالوا: {أو تسقط السّماء كما زعمت علينا كسفًا أو تأتي باللّه والملائكة قبيلا} [الإسراء:90-92]. وقوله: {وإذ قالوا اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارةً من السّماء أو ائتنا بعذابٍ أليمٍ} [الأنفال:32]، وهكذا قال هؤلاء الكفرة الجهلة: {فأسقط علينا كسفًا من السّماء إن كنت من الصّادقين}). [تفسير ابن كثير: 6/ 160]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (188) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (189)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال ربّي أعلم بما تعملون} يقول: اللّه أعلم بكم، فإن كنتم تستحقّون ذلك جازاكم به غير ظالمٍ لكم، وكذلك وقع بهم كما سألوا، جزاءً وفاقًا؛ ولهذا قال تعالى: {فكذّبوه فأخذهم عذاب يوم الظّلّة إنّه كان عذاب يومٍ عظيمٍ} وهذا من جنس ما سألوا، من إسقاط الكسف عليهم، فإنّ اللّه، سبحانه وتعالى، جعل عقوبتهم أن أصابهم حرٌّ شديدٌ جدًّا مدّة سبعة أيّامٍ لا يكنّهم منه شيء، ثم أقبلت إليهم سحابةٌ أظلّتهم، فجعلوا ينطلقون إليها يستظلّون بظلّها من الحرّ، فلمّا اجتمعوا [كلّهم] تحتها أرسل اللّه تعالى عليهم منها شررًا من نارٍ، ولهبًا ووهجًا عظيمًا، ورجفت بهم الأرض وجاءتهم صيحةٌ عظيمةٌ أزهقت أرواحهم؛ ولهذا قال: {إنّه كان عذاب يومٍ عظيمٍ}.
وقد ذكر اللّه تعالى صفة إهلاكهم في ثلاثة مواطن كلّ موطنٍ بصفةٍ تناسب ذلك السّياق، ففي الأعراف ذكر أنّهم أخذتهم الرّجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين؛ وذلك لأنّهم قالوا: {لنخرجنّك يا شعيب والّذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودنّ في ملّتنا} [الأعراف:88]، فأرجفوا بنبيّ اللّه ومن اتّبعه، فأخذتهم الرّجفة. وفي سورة هودٍ قال: {وأخذت الّذين ظلموا الصّيحة} [هودٍ:94]؛ وذلك لأنهم استهزؤوا بنبيّ اللّه في قولهم: {أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنّك لأنت الحليم الرّشيد} [هودٍ:87]. قالوا ذلك على سبيل التّهكّم والازدراء، فناسب أن تأتيهم صيحةٌ تسكتهم، فقال: {وأخذت الّذين ظلموا الصّيحة} وهاهنا قالوا: {فأسقط علينا كسفًا من السّماء إن كنت من الصّادقين} على وجه التّعنّت والعناد، فناسب أن يحقّ عليهم ما استبعدوا وقوعه.
{فأخذهم عذاب يوم الظّلّة إنّه كان عذاب يومٍ عظيمٍ}.
قال قتادة: قال عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنه: إنّ اللّه سلّط عليهم الحرّ سبعة أيّامٍ حتّى ما يظلّهم منه شيءٌ، ثمّ إنّ اللّه أنشأ لهم سحابةً، فانطلق إليها أحدهم واستظلّ بها، فأصاب تحتها بردًا وراحةً، فأعلم بذلك قومه، فأتوها جميعًا، فاستظلّوا تحتها، فأجّجت عليهم نارًا.
وهكذا روي عن عكرمة، وسعيد بن جبير، والحسن، وقتادة، وغيرهم.
وقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم، بعث اللّه إليهم الظّلّة، حتّى إذا اجتمعوا كلّهم، كشف اللّه عنهم الظّلّة، وأحمى عليهم الشّمس، فاحترقوا كما يحترق الجراد في المقلى.
وقال محمّد بن كعبٍ القرظيّ: إنّ أهل مدين عذّبوا بثلاثة أصنافٍ من العذاب: أخذتهم الرّجفة في دارهم حتّى خرجوا منها، فلمّا خرجوا منها أصابهم فزعٌ شديدٌ، ففرقوا أن يدخلوا إلى البيوت فتسقط عليهم، فأرسل اللّه عليهم الظّلّة، فدخل تحتها رجلٌ فقال: ما رأيت كاليوم ظلًّا أطيب ولا أبرد من هذا. هلمّوا أيّها النّاس. فدخلوا جميعًا تحت الظّلّة، فصاح بهم صيحةً واحدةً، فماتوا جميعًا. ثمّ تلا محمّد بن كعبٍ: {فأخذهم عذاب يوم الظّلّة إنّه كان عذاب يومٍ عظيمٍ}.
وقال ابن جريرٍ: حدّثني الحارث، حدّثني الحسن، حدّثني سعيد بن زيدٍ -أخو حمّاد بن زيدٍ -حدّثني حاتم بن أبي صغيرة حدّثني يزيد الباهليّ: سألت ابن عبّاسٍ، عن هذه الآية {فأخذهم عذاب يوم الظّلّة إنّه كان عذاب يومٍ عظيمٍ} قال: بعث اللّه عليهم ومدةً وحرا شديدا، فأخذ بأنفاسهم [فدخلوا البيوت، فدخل عليهم أجواف البيوت، فأخذ بأنفاسهم] فخرجوا من البيوت هرابًا إلى البرّيّة، فبعث اللّه سحابةً فأظلّتهم من الشّمس، فوجدوا لها بردًا ولذّةً، فنادى بعضهم بعضًا، حتّى إذا اجتمعوا تحتها أرسلها اللّه عليهم نارًا. قال ابن عبّاسٍ: فذلك عذاب يوم الظّلّة، إنّه كان عذاب يومٍ عظيمٍ). [تفسير ابن كثير: 6/ 160-162]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (190) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (191) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّ في ذلك لآيةً وما كان أكثرهم مؤمنين. وإنّ ربّك لهو العزيز الرّحيم}: أي: العزيز في انتقامه من الكافرين، الرّحيم بعباده المؤمنين). [تفسير ابن كثير: 6/ 162]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:36 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة