العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء الذاريات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 جمادى الآخرة 1434هـ/15-04-2013م, 09:46 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي تفسير سورة الواقعة [ من الآية (81) إلى الآية (96) ]

{أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنتُم مُّدْهِنُونَ (81) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82) فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لاَّ تُبْصِرُونَ (85) فَلَوْلا إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (86) تَرْجِعُونَهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (87) فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (89) وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90) فَسَلامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (91) وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94) إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (95) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (96)}

روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- أسباب النزول


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 5 رجب 1434هـ/14-05-2013م, 06:00 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (81) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({مدهنون} [الواقعة: 81] : " مكذّبون، مثل {لو تدهن فيدهنون} [القلم: 9] ). [صحيح البخاري: 6/146]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله مدهنون مكذّبون مثل لو تدهن فيدهنون قال الفراء في قوله أفهذا الحديث أنتم مدهنون أي مكذّبون وكذلك في قوله ودّوا لو تدهن فيدهنون أي لو تكفر فيكفرون كلٌّ قد سمعته قد أدهن أي كفر وقال أبو عبيدة مدهنون واحدها مدهنٌ وهو المداهن). [فتح الباري: 8/627]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (مدهنون: مكذّبون، مثل: لو تدهن فيدهنون
أشار به إلى قوله تعالى: {أفبهذا الحديث أنتم مدهنون} (الواقعة: 87) أي: مكذبون، وكذا فسره الفراء هنا وقال في قوله: لو تدهن فيدهنون. أي: تكفر لو يكفرون، يقال: قد ادهن أي: كفر. قوله: (أفبهذا الحديث) يعني: القرآن (مدهنون) قال ابن عبّاس: أي: كافرون، وعن ابن كيسان: المدهن الّذي لم يفعل ما يحق عليه ويدفعه بالمال، وعن المؤرخ المدهن: المنافق الّذي يلين جانبه ليخفي كفره، وادهن وداهن واحد وأصله من الدّهن). [عمدة القاري: 19/220]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({مدهنون}) أي (مكذبون) قاله ابن عباس وغيره، وقيل متهاونون كمن يدهن في الأمر أي يلين جانبه ولا يتصلب فيه تهاونًا به (مثل {لو تدهن فيدهنون}) يكذبون). [إرشاد الساري: 7/373]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أفبهذا الحديث أنتم مدهنون (81) وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون (82) فلولا إذا بلغت الحلقوم (83) وأنتم حينئذٍ تنظرون (84) ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون}.
قال أبو جعفرٍ رحمه الله: يقول تعالى ذكره: أفبهذا القرآن الّذي أنبأتكم خبره، وقصصت عليكم أمره أيّها النّاس أنتم تلينون القول للمكذّبين به، ممالأةً منكم لهم على التّكذيب به والكفر.
واختلف أهل التّأويل في تأويله، فقال بعضهم في ذلك نحو ما قلنا فيه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {أفبهذا الحديث أنتم مدهنون}. قال: تريدون أن تمالئوهم فيه، وتركنوا إليهم.
وقال آخرون: بل معناه: أفبهذا الحديث أنتم مكذّبون.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {أفبهذا الحديث أنتم مدهنون}. يقول: مكذّبون غير مصدّقين.
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {أنتم مدهنون}. يقول: مكذّبون). [جامع البيان: 22/367-368]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {أفبهذا الحديث أنتم مدهنون} قال: مكذبون). [الدر المنثور: 14/224]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {أفبهذا الحديث أنتم مدهنون} قال: تريدون أن تمالئوا فيه وتركنوا إليهم). [الدر المنثور: 14/224]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي أنبأنا الحسين بن عبد الله بن يزيد أنبأنا محمد بن عبد الله بن سابور أنبأنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك أو عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إذا وقعت الواقعة} قال: الساعة.
{ليس لوقعتها كاذبة} يقول: من كذب بها في الدنيا فإنه لا يكذب بها في الآخرة إذا وقعت {خافضة رافعة} قال: القيامة خافضة يقول: خفضت فأسمعت الأذنين ورفعت فأسمعت الأقصى كان القريب والبعيد فيها سواء قال: وخفضت أقواما قد كانوا في الدنيا مرتفعين ورفعت أقواما حتى جعلتهم في أعلى عليين {إذا رجت الأرض رجا} قال: هي الزلزلة {وبست الجبال بسا} {فكانت هباء منبثا} قال: الحكم والسدي قال: على هذا الهرج هرج الدواب الذي يحرك الغبار {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: العباد يوم القيامة على ثلاثة منازل {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة} هم: الجمهور جماعة أهل الجنة {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} هم أصحاب الشمال يقول: ما لهم وما أعد لهم {والسابقون السابقون} هم مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال من الأولين والآخرين {أولئك المقربون} قال: هم أقرب الناس من دار الرحمن من بطنان الجنة وبطنانها وسطها في جنات النعيم {ثلة من الأولين (13) وقليل من الآخرين (14) على سرر موضونة} قال: الموضونة الموصولة بالذهب المكللة بالجوهر والياقوت {متكئين عليها متقابلين} قال ابن عباس: ما ينظر الرجل منهم في قفا صاحبه يقول: حلقا حلقا {يطوف عليهم ولدان مخلدون} قال: خلقهم الله في الجنة كما خلق الحور العين لا يموتون لا يشيبون ولا يهرمون {بأكواب وأباريق} والأكواب التي ليس لها آذان مثل الصواع والأباريق التي لها الخراطم الأعناق {وكأس من معين} قال: الكأس من الخمر بعينها ولا يكون كأس حتى يكون فيها الخمر فإذا لم يكن فيها خمر فإنما هو إناء والمعين يقول: من خمر جار {لا يصدعون عنها} عن الخمر {ولا ينزفون} لا تذهب بعقولهم {وفاكهة مما يتخيرون} يقول: مما يشتهون يقول: يجيئهم الطير حتى يقع فيبسط جناحه فيأكلون منه ما اشتهوا نضجا لم تنضجه النار حتى إذا شبعوا منه طار فذهب كما كان {وحور عين} قال: الحور البيض والعين العظام الأعين حسان {كأمثال اللؤلؤ} قال: كبياض اللؤلؤ التي لم تمسه الأيدي ولا الدهر {المكنون} الذي في الأصداف، ثم قال {جزاء بما كانوا يعملون (24) لا يسمعون فيها لغوا} قال: اللغو الحلف لا والله وبلى والله {ولا تأثيما} قال: قال لا يموتون {إلا قيلا سلاما سلاما} يقول: التسليم منهم وعليهم بعضهم على بعض قال: هؤلاء المقربون ثم قال: {وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين} وما أعد لهم {في سدر مخضود} والمخضود الموقر الذي لا شوك فيه {وطلح منضود (29) وظل ممدود} يقول: ظل الجنة لا ينقطع ممدود عليهم أبدا {وماء مسكوب} يقول: مصبوب {وفاكهة كثيرة (32) لا مقطوعة ولا ممنوعة} قال: لا تنقطع حينا وتجيء حينا مثل فاكهة الدنيا ولا ممنوعة كما تمنع في الدنيا إلا بثمن {وفرش مرفوعة} يقول: بعضها فوق بعض ثم قال: {إنا أنشأناهن إنشاء} قال: هؤلاء نساء أهل الجنة وهؤلاء العجز الرمص يقول: خلقهم خلقا {فجعلناهن أبكارا} يقول: عذارى {عربا أترابا} والعرب المتحببات إلى أزواجهن والأتراب المصطحبات اللاتي لا تغرن { لأصحاب اليمين (38) ثلة من الأولين (39) وثلة من الآخرين } يقول: طائفة من الأولين وطائفة من الآخرين {وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال} ما لهم وما أعد لهم {في سموم} قال: فيح نار جهنم {وحميم} الماء: الجار الذي قد انتهى حره فليس فوقه حر {وظل من يحموم} قال: من دخان جهنم {لا بارد ولا كريم} إنهم كانوا قبل ذلك مترفين قال: مشركين جبارين {وكانوا يصرون} يقيمون {على الحنث العظيم} قال: على الإثم العظيم قال: هو الشرك {وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما} إلى قوله: {أو آباؤنا الأولون} قال: قل يا محمد إن الأولين والآخرين لمجموعون {إلى ميقات يوم معلوم} قال: يوم القيامة {ثم إنكم أيها الضالون} قال: المشركون المكذبون {لآكلون من شجر من زقوم} قال: والزقوم إذا أكلوا منه خصبوا والزقوم شجرة {فمالئون منها البطون} قال: يملؤون من الزقوم بطونهم {فشاربون عليه من الحميم} يقول: على الزقوم الحميم {فشاربون شرب الهيم} هي الرمال لو مطرت عليها السماء أبدا لم ير فيها مستنقع {هذا نزلهم يوم الدين} كرامة يوم الحساب {نحن خلقناكم فلولا تصدقون} يقول: أفلا تصدقون {أفرأيتم ما تمنون} يقول: هذا ماء الرجل {أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون} {نحن قدرنا بينكم الموت} في المتعجل والمتأخر {وما نحن بمسبوقين (60) على أن نبدل أمثالكم} فيقول: نذهب بكم ونجيء بغيركم {وننشئكم في ما لا تعلمون} يقول: نخلقكم فيها لا تعلمون إن نشأ خلقناكم قردة وإن نشأ خلقناكم خنازير {ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون} يقول: فهلا تذكرون ثم قال: {أفرأيتم ما تحرثون} يقول: ما تزرعون {أم نحن الزارعون} يقول: أليس نحن الذي ننبته أم أنتم المنبتون {لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون} يقول: تندمون {إنا لمغرمون} يقول: إنا للمواريه {بل نحن محرومون (67) أفرأيتم الماء الذي تشربون (68) أأنتم أنزلتموه من المزن} يقول: من السحاب {أم نحن المنزلون (69) لو نشاء جعلناه أجاجا} يقول: مرا {فلولا تشكرون} يقول: فهلا تشكرون {أفرأيتم النار التي تورون} يقول: تقدحون {أأنتم أنشأتم} يقول: خلقتم {شجرتها أم نحن المنشئون} قال: وهي من كل شجرة إلا في العناب وتكون في الحجارة {نحن جعلناها تذكرة} يقول: يتذكر بها نار الآخرة العليا {ومتاعا للمقوين} قال: والمقوي هو الذي لا يجد نارا فيخرج زنده فيستنور ناره فهي متاع له {فسبح باسم ربك العظيم} يقول: فصل لربك العظيم {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: أتى ابن عباس علبة بن الأسود أو نافع بن الحكم فقال له: يا ابن عباس إني أقرأ آيات من كتاب الله أخشى أن يكون قد دخلني منها شيء، قال ابن عباس: ولم ذلك قال: لأني أسمع الله يقول: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) (سورة القدر الآية 2) ويقول: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين) (سورة الدخان الآية 3) ويقول في آية أخرى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) (سورة البقرة الآية 185) وقد نزل في الشهور كلها شوال وغيره، قال ابن عباس: ويلك إن جملة القرآن أنزل من السماء في ليلة القدر إلى موقع النجوم يقول: إلى سماء الدنيا فنزل به جبريل في ليلة منه وهي ليلة القدر المباركة وفي رمضان ثم نزل به على محمد صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة الآية والآيتين والأكثر، فذلك قوله: {لا أقسم} يقول: أقسم {بمواقع النجوم} {وإنه لقسم} والقسم قسم وقوله: {لا يمسه إلا المطهرون} وهم السفرة والسفرة هم الكتبة، ثم قال: {تنزيل من رب العالمين (81) أفبهذا الحديث أنتم مدهنون} يقول: تولون أهل الشرك وتجعلون رزقكم قال ابن عباس رضي الله عنهما: سافر النّبيّ صلى الله عليه وسلم في حر فعطش الناس عطشا شديدا حتى كادت أعناقهم أن تنقطع من العطش فذكر ذلك له قالوا: يا رسول الله لو دعوت الله فسقانا قال لعلي إن دعوت الله فسقاكم لقلتم هذا بنوء كذا وكذا قالوا: يا رسول الله ما هذا بحين أنواء ذهبت حين الأنواء فدعا بماء في مطهرة فتوضأ ثم ركع ركعتين ثم دعا الله فهبت رياح وهاج سحاب ثم أرسلت فمطروا حتى سال الوادي فشربوا وسقوا دوابهم ثم مر النّبيّ صلى الله عليه وسلم برجل وهو يغترف بقعب معه من الوادي وهو يقول: نوء كذا وكذا سقطت الغداة قال: نزلت هذه الآية). [الدر المنثور: 14/247-253]

تفسير قوله تعالى: (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن عطاء الخراساني في قوله وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون قال كان ناس يتطيرون فيقولون مطرنا بنوء كذا مطرنا بنوء كذا). [تفسير عبد الرزاق: 2/273]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الحسن قال خسر عبد لا يكون حظه من كتاب الله إلا التكذيب بنبيه). [تفسير عبد الرزاق: 2/273]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عتاب بن حنين عن أبي سعيد الخدري قال: قال النبي لو أمسك الله المطر عن الناس سبع سنين ثم أرسله أصبحت طائفة كافرين قالوا هذا بنوء المجدح يعني الدبران). [تفسير عبد الرزاق: 2/274]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار قال كان ابن عباس يقول في الأنواء يعني في قوله وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون). [تفسير عبد الرزاق: 2/274]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن ابن عيينة قال سمعت رجلا من أهل الكوفة كان يقرؤها وتجعلون (شكركم أنكم تكذبون)). [تفسير عبد الرزاق: 2/274]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا أحمد بن منيعٍ، قال: حدّثنا الحسين بن محمّدٍ، قال: حدّثنا إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الرّحمن، عن عليٍّ قال: قال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم: {وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون} قال: شكركم، تقولون مطرنا بنوء كذا وكذا وبنجم كذا وكذا.
هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ، لا نعرفه مرفوعًا إلاّ من حديث إسرائيل.
ورواه سفيان الثّوريّ، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الرّحمن السّلميّ، عن عليٍّ، نحوه، ولم يرفعه). [سنن الترمذي: 5/254]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون}. يقول: وتجعلون شكر اللّه على رزقه إيّاكم التّكذيب، وذلك كقول القائل الآخر: جعلت إحساني إليك إساءةً منك إليّ، بمعنى: جعلت شكر إحساني، أو ثواب إحساني إليك إساءةً منك إليّ وقد ذكر عن الهيثم بن عديٍّ: أنّ من لغة أزد شنوءة: ما رزق فلانٌ: بمعنى ما شكر.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل على اختلافٍ منهم فيه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا يحيى قال: حدّثنا سفيان قال: ثني عبد الأعلى الثّعلبيّ، عن أبي عبد الرّحمن السّلميّ، عن عليٍّ، رضي اللّه عنه {وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون}. قال: شكركم.
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، عن إسرائيل، عن عبد الأعلى الثّعلبيّ، عن أبي عبد الرّحمن السّلميّ، عن عليٍّ، رفعه {وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون}. قال: شكركم تقولون مطرنا بنوء كذا وكذا، وبنجم كذا وكذا.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم قال: حدّثنا يحيى بن أبي بكرٍ، عن إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الرّحمن، عن عليٍّ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: {وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون}. قال: شكركم أنّكم تكذّبون قال: يقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: ما مطر قومٌ قطّ إلاّ أصبح بعضهم كافرًا، يقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا، وقرأ ابن عبّاسٍ {وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون}.
- حدّثنا أبو كريبٍ قال: حدّثنا ابن عطيّة قال: حدّثنا معاذ بن سليمان، عن جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ أنّه كان يقرأ {وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون}. ثمّ قال: ما مطر النّاس ليلةً قطّ، إلاّ أصبح بعض النّاس مشركين يقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا قال: وقال: وتجعلون شكركم أنّكم تكذّبون.
- حدّثني يعقوب قال: حدّثنا هشيمٌ، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {وتجعلون رزقكم}. يقول: شكركم على ما أنزلت عليكم من الغيث والرّحمة تقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا؛ قال: فكان ذلك منهم كفرًا بما أنعم عليهم.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا سفيان، عن إسماعيل بن أميّة قال: أحسبه أو غيره أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سمع رجلاً ومطروا يقول: مطرنا ببعض عثانين الأسد، فقال: كذبت بل هو رزق اللّه.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا سفيان، عن محمّد بن إسحاق، عن محمّد بن إبراهيم بن الحارث التّيميّ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: إنّ اللّه ليصبّح القوم بالنّعمة، أو يمسّيهم بها، فيصبح بها قومٌ كافرين، يقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا.
- قال محمّدٌ: فذكرت هذا الحديث لسعيد بن المسيّب، فقال: ونحن قد سمعنا من أبي هريرة.
- وقد أخبرني من شهد عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه وهو يستسقي فلمّا استسقى التفت إلى العبّاس فقال: يا عبّاس يا عمّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، كم بقي من نوء الثّريّا؟ فقال: العلماء بها يزعمون أنّها تعترض في الأفق بعد سقوطها سبعًا قال: فما مضت سابعةٌ حتّى مطروا.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الرّحمن، عن عليٍّ، {وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون}. قال: كان يقرأها (وتجعلون شكركم أنّكم تكذّبون).
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون}. يقول: جعلتم رزق اللّه بنوء النّجم، وكان رزقهم في أنفسهم بالأنواء أنواء المطر إذا نزل عليهم المطر، قالوا: رزقنا بنوء كذا وكذا، وإذا أمسك عنهم كذبوا، فذلك تكذيبهم.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، في قوله: {وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون}. قال: كان ناسٌ يمطرون فيقولون: مطرنا بنوء كذا، مطرنا بنوء كذا.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون}. قال: قولهم في الأنواء: مطرنا بنوء كذا ونوء كذا، يقول: قولوا هو من عند اللّه، وهو رزقه.
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ قال: سمعت الضّحّاك، يقول، في قوله: {وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون}. يقول: جعل اللّه رزقكم في السّماء، وأنتم تجعلونه في الأنواء.
- حدّثني أبو صالحٍ الصّراريّ قال: حدّثنا أبو جابرٍ محمّد بن عبد الملك الأزديّ قال: حدّثنا جعفر بن الزّبير، عن القاسم عن أبي أمامة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ما مطر قومٌ من ليلةٍ إلاّ أصبح قومٌ بها كافرين، ثمّ قال: {وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون}. يقول قائلٌ مطرنا بنجم كذا وكذا.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وتجعلون حظّكم منه التّكذيب.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون}. أما الحسن فكان يقول: بئسما أخذ قومٌ لأنفسهم لم يرزقوا من كتاب اللّه إلاّ التّكذيب به.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ قال: قال الحسن، في قوله: {وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون}. خسر عبدٌ لا يكون حظّه من كتاب اللّه إلاّ التّكذيب به). [جامع البيان: 22/368-373]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أنكم تكذبون قال هو قولهم في الأنواء مطرنا بنوء كذا وكذا يقول قولوا هو من عند الله هو من رزق الله عز وجل). [تفسير مجاهد: 2/653]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « {وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون} قال: شكركم، تقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا، وبنجم كذا وكذا؟». أخرجه الترمذي). [جامع الأصول: 2/375]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله: تعالى {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون}
أخرج مسلم، وابن المنذر، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مطر الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر قالوا: هذه رحمة وضعها الله وقال بعضهم لقد صدق نوء كذا فنزلت هذه الآية {فلا أقسم بمواقع النجوم} حتى بلغ {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون}). [الدر المنثور: 14/224-225]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون قال: يعني الأنواء وما مطر قوم إلا أصبح بعضهم كافرا وكانوا يقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا فأنزل الله تعالى {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون}). [الدر المنثور: 14/225]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سافر في حر شديد فنزل الناس على غير ماء فعطشوا فاستسقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم: فلعلي لو فعلت فسقيتم قلتم هذا بنوء كذا وكذا قالوا: يا نبي الله ما هذا بحين أنواء فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء فتوضأ ثم قام فصلى فدعا الله تعالى فهاجت ريح وثاب سحاب فمطروا حتى سال كل واد فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل يغرف بقدحه ويقول: هذا نوء فلان فنزل {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون}). [الدر المنثور: 14/225-226]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي حزرة رضي الله عنه قال: نزلت الآية في رجل من الأنصار في غزوة تبوك ونزلوا بالحجر فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يحملوا من مائها شيئا ثم ارتحل ثم نزل منزلا آخر وليس معهم ماء فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام يصلي ركعتين ثم دعا فأرسل سحابة فأمطرت عليهم حتى استقوا منها فقال رجل من الأنصار لآخر من قومه يتهم بالنفاق: ويحك قد ترى ما دعا النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأمطر الله علينا السماء فقال: إنما مطرنا بنوء كذا وكذا فأنزل الله {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون}). [الدر المنثور: 14/226]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، وابن منيع، وعبد بن حميد والترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والخرائطي في مساوئ الأخلاق، وابن مردويه والضياء في المختارة عن علي رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله: {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} قال: شكركم تقولون مطرنا بنوء كذا وكذا وبنجم كذا وكذا). [الدر المنثور: 14/226]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ما مطر قوم من ليلة إلا أصبح قوم بها كافرين ثم قال: {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} يقول قائل: مطرنا بنجم كذا وكذا). [الدر المنثور: 14/227]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر في تاريخه عن عائشة رضي الله عنها قالت: مطر الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر قالوا هذه رحمة وضعها الله وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا فنزلت هذه الآية {فلا أقسم بمواقع النجوم} حتى بلغ {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون}). [الدر المنثور: 14/227]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} قال: يعني الأنواء وما مطر قوم إلا أصبح بعضهم كافرا وكانوا يقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا فأنزل الله {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون}). [الدر المنثور: 14/227]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه قال: ما فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم من القرآن إلا آيات يسيرة قوله: {وتجعلون رزقكم} قال: شكركم). [الدر المنثور: 14/227]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ وتجعلون شكركم). [الدر المنثور: 14/227]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أبي عبد الرحمن السلمي رضي الله عنه قال: قرأ علي رضي الله عنه الواقعات في الفجر فقال: وتجعلون شكركم أنكم تكذبون فلما انصرف قال: إني قد عرفت أنه سيقول قائل: لم قرأها هكذا إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها كذلك كانوا إذا مطروا قالوا: مطرنا بنوء كذا وكذا فأنزل الله وتجعلون شكركم أنكم إذا مطرتم تكذبون). [الدر المنثور: 14/227-228]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن أبي عبد الرحمن رضي الله عنه قال: كان علي رضي الله عنه يقرأ وتجعلون شكركم أنكم تكذبون). [الدر المنثور: 14/228]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} فقال: أما الحسن فقال: بئس ما أخذ القوم لأنفسهم لم يرزقوا من كتاب الله إلا التكذيب قال: وذكر لنا أن الناس أمحلوا على عهد نبي الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا نبي الله: لو استقيت لنا فقال: عسى قوم إن سقوا أن يقولوا سقينا بنوء كذا وكذا فاستسقى نبي الله صلى الله عليه وسلم فمطروا فقال رجل: إنه قد كان بقي من الأنواء كذا وكذا فأنزل الله {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون}). [الدر المنثور: 14/228]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} قال: قولهم: في الأنواء مطرنا بنوء كذا وكذا فيقول: قولوا: هو من عند الله تعالى وهو رزقه). [الدر المنثور: 14/228]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} قال: الاستسقاء بالأنواء). [الدر المنثور: 14/229]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عوف عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} قال: تجعلون حظكم منه أنكم تكذبون قال عوف رضي الله عنه: وبلغني أن مشركي العرب كانوا إذا مطروا في الجاهلية قالوا مطرنا بنوء كذا وكذا). [الدر المنثور: 14/229]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والدارمي والنسائي وأبو يعلى، وابن حبان عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: لو أمسك الله المطر عن الناس ثم أرسله لأصبحت طائفة كافرين قالوا: هذا بنوء الذبح يعني الدبران). [الدر المنثور: 14/229]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج مالك وعبد الرزاق، وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن زيد بن خالد الجهني قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح زمن الحديبية في أثر سماء فلما أقبل علينا فقال: ألم تسمعوا ما قال ربكم في هذه الآية: ما أنعمت على عبادي نعمة إلا أصبح فريق منهم بها كافرين، فأما من آمن بي وحمدني على سقياي فذلك الذي آمن بي وكفر بالكوكب وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك الذي آمن بالكوكب وكفر بي). [الدر المنثور: 14/229-230]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال يوما لأصحابه: هل تدرون ماذا قال ربكم قالوا: الله ورسوله أعلم قال: إنه يقول: إن الذين يقولون نسقى بنجم كذا وكذا فقد كفر بالله وآمن بذلك النجم والذين يقولون سقانا الله فقد آمن بالله وكفر بذلك النجم). [الدر المنثور: 14/230]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن محيريز أن سليمان بن عبد الملك دعاه فقال: لو تعلمت علم النجوم فازددت إلى علمك فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أخوف ما أخاف على أمتي ثلاث حيف الأئمة وتكذيب بالقدر وإيمان بالنجوم). [الدر المنثور: 14/230]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن رجاء بن حيوة رضي الله عنه أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: مما أخاف على أمتي التصديق بالنجوم والتكذيب بالقدر وظلم الأئمة). [الدر المنثور: 14/230]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، عن جابر السوائي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أخاف على أمتي ثلاثا استسقاء بالأنواء وحيف السلطان وتكذيبا بالقدر). [الدر المنثور: 14/231]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن معاوية الليثي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يكون الناس مجدبين فينزل الله عليهم رزقا من رزقه فيصبحون مشركين قيل له: كيف ذاك يا رسول الله قال: يقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا). [الدر المنثور: 14/231]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله ليصبح القوم بالنعمة أو يمسيهم بها فيصبح بها قوم كافرين يقولون مطرنا بنوء كذا وكذا). [الدر المنثور: 14/231]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: وتجعلون شكركم يقول: على ما أنزلت عليكم من الغيث والرحمة يقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا وكان ذلك منهم كفرا بما أنعم الله عليهم). [الدر المنثور: 14/231]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما مطر قوم إلا أصبح بعضهم كافرا يقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا وقرأ ابن عباس رضي الله عنهما وتجعلون شكركم أنكم تكذبون). [الدر المنثور: 14/231]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن عطاء الخراساني رضي الله عنه في قوله: {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} قال: كان ناس يمطرون فيقولون مطرنا بنوء كذا وكذا). [الدر المنثور: 14/232]

تفسير قوله تعالى: (فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فلولا إذا بلغت الحلقوم}. يقول تعالى ذكره: فهلاّ إذا بلغت النّفوس عند خروجها من أجسادكم أيّها النّاس حلاقيمكم). [جامع البيان: 22/373]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يقول: {ونحن أقرب إليه منكم}. يقول: ورسلنا الّذين يقبضون روحه أقرب إليه منكم، {ولكن لا تبصرون}. يقول: ولكن لا تبصرونهم.
وكان بعض أهل العربيّة من أهل البصرة يقول: قيل {فلولا إذا بلغت الحلقوم (83) وأنتم حينئذٍ تنظرون}. كأنّه قد سمع منهم، واللّه أعلم: إنّا نقدر على أن لا نموت، فقال: {فلولا إذا بلغت الحلقوم}). [جامع البيان: 22/373] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {فلولا إذا بلغت الحلقوم} الآيات
وأخرج ابن ماجة عن أبي موسى رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: متى تنقطع معرفة العبد من الناس قال: إذا عاين). [الدر المنثور: 14/232]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب المحتضرين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: احضروا موتاكم وذكروهم فإنهم يرون ما لا ترون). [الدر المنثور: 14/232]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة وأبو بكر المروزي في كتاب الجنائز عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: احضروا موتاكم ولقنوهم لا إله إلا الله فإنهم يرون ويقال لهم). [الدر المنثور: 14/232]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور المروزي عن عمر رضي الله عنه قال: لقنوا موتاكم لا إله إلا الله واعقلوا ما تسمعون من المطيعين منكم فإنه يجلي لهم أمور صادقة). [الدر المنثور: 14/232]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت وأبو يعلى من طريق أبي يزيد الرقاشي عن تميم الداري رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله لملك الموت: انطلق إلى وليي فائتني به فإني قد جربته بالسراء والضراء فوجدته حيث أحب فائتني به لأريحه من هموم الدنيا وغمومها، فينطلق إليه ملك الموت ومعه خمسمائة من الملائكة معهم أكفان وحنوط من حنوط الجنة ومعهم ضبائر الريحان أصل الريحانة واحد وفي رأسها عشرون لونا لكل لون منها ريح سوى ريح صاحبه ومعهم الحرير الأبيض فيه المسك الأذفر فيجلس ملك الموت عند رأسه وتحتوشه الملائكة ويضع كل ملك منهم يده على عضو من أعضائه ويبسط ذلك الحرير الأبيض والمسك الأذفر تحت ذقنه ويفتح له باب إلى الجنة فإن نفسه لتعلل عنده ذلك بطرف الجنة مرة بأزواجها ومرة بكسوتها ومرة بثمارها كما يعلل الصبي أهله إذا بكى وإن أزواجه ليبتهشن عند ذلك ابتهاشا وتنزو الروح نزوا ويقول ملك الموت: أخرجي أيتها الروح الطيبة إلى سدر مخضود وطلح ممدود وماء مسكوب وملك الموت أشد تلطفا به من الوالدة بولدها يعرف أن ذلك الروح حبيب إلى ربه كريم على الله فهو يلتمس بلطفه تلك الروح رضا الله عنه فسل روحه كما تسل الشعرة من العجين وإن روحه لتخرج والملائكة حوله يقولون: (سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون) (سورة النحل الآية 32) وذلك قوله: (الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم) (سورة النحل الآية 32) قال: فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم قال: روح من جهد الموت وروح يؤتى به عند خروج نفسه وجنة نعيم أمامه، فإذا قبض ملك الموت روحه يقول الروح للجسد: لقد كنت بي سريعا إلى طاعة الله بطيئا عن معصيته فهنيئا لك اليوم فقد نجوت وأنجيت ويقول الجسد للروح مثل ذلك وتبكي عليه بقاع الأرض التي كان يطيع الله عليها كل باب من السماء كان يصعد منه عمله وينزل منه رزقه أربعين ليلة، فإذا اقبضت الملائكة روحه أقامت الخمسمائة ملك عند جسده لا يقلبه بنو آدم لشق إلا قلبته الملائكة عليهم السلام قبلهم وعلته بأكفان قبل أكفانهم وحنوط قبل حنوطهم ويقوم من باب بيته إلى باب قبره صفان من الملائكة يستقبلونه بالاستغفار، ويصيح إبليس عند ذلك صيحة يتصرع منها بعض أعظام جسده ويقول لجنوده: الوليل لكم كيف خلص هذا العبد منكم فيقولون: إن هذا كان معصوما، فإذا صعد ملك الموت بروحه إلى السماء يستقبله جبريل في سبعين ألفا من الملائكة كلهم يأتيه من ربه فإذا انتهى ملك الموت إلى العرش خرت الورح ساجدة لربها فيقول الله لملك الموت: انطلق بروح عبدي فضعه (في سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود وماء مسكوب) (سورة الواقعة الآية 28)، فإذا وضع في قبره جاءت الصلاة فكانت عن يمينه وجاء الصيام فكان عن يساره وجاء القرآن والذكر فكانا عند رأسه وجاء مشيه إلى الصلاة فكان عند رجليه وجاء الصبر فكان ناحية القبر، ويبعث الله عنقا من العذاب فيأتيه عن يمينه فتقول الصلاة: وراءك والله ما زال دائبا عمره كله وإنما استراح الآن حين وضع في قبره، فيأتيه عن يساره فيقول الصيام مثل ذلك، فيأتيه من قبل رأسه فيقول له مثل ذلك، فلا يأتيه العذاب من ناحية فيلتمس هل يجد لها مساغا إلا وجد ولي الله قد أحرزته الطاعة فيخرج عنه العذاب عندما يرى، ويقول الصبر لسائر الأعمال: أما إنه لم يمنعني أن أباشره بنفسي إلا أني نظرت ما عندكم فلو عجزتم كنت أنا صاحبه فأما إذا أجزأتم عنه فأنا ذخر له عند الصراط وذخر له عند الميزان، ويبعث الله ملكين أبصارهما كالبرق الخاطف وأصواتهما كالرعد القاصف وأنيابهما كالصياصي وأنفاسهما كاللهب يطآن في أشعارهما بين منكبي كل واحد منهما مسيرة كذا وكذا قد نزعت منهما الرأفة والرحمة إلا بالمؤمنين يقال لهما: منكر ونكير وفي يد كل واحد منهما مطرقة لو اجتمع عليها الثقلان لم يقلوها، فيقولان له: اجلس، فيستوي جالسا في قبره فتسقط أكفانه في حقويه، فيقولان له: من ربك وما دينك ومن نبيك فيقول: ربي الله وحده لا شريك له والإسلام ديني ومحمد نبي وهو خاتم النبيين، فيقولان له: صدقت، فيدفعان القبر فيوسعانه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن يساره ومن قبل رأسه ومن قبل رجليه ثم يقولان له: انظر فوقك، فينظر فإذا هو مفتوح إلى الجنة فيقولان له: هذا منزلك يا ولي الله لم أطعت الله، فوالذي نفس محمد بيده إنه لتصل إلى قلبه فرحة لا ترتد أبدا فيقال له: انظر تحتك فينظر تحته فإذا هو مفتوح إلى النار فيقولان: يا ولي الله نجوت من هذا، فوالذي نفسي بيده إنه لتصل إلى قلبه عند ذلك فرحة لا ترتد أبدا ويفتح له سبعة وسبعون بابا إلى الجنة يأتيه ريحها وبردها حتى يبعثه الله تعالى من قبره إلى الجنة.
وأمّا الكافر فيقول الله لملك الموت ويفتح الله لملك الموت: انطلق إلى عبدي فائتني به فإني قد بسطت له رزقي وسربلته نعمتي فأبى إلا معصيتي فأئتني به لأنتقم منه اليوم، فينطلق إليه ملك الموت في أكره صورة رآها أحد من الناس قط له اثنتا عشرة عينا ومعه سفود من النار كثير الشوك ومعه خمسمائة من الملائكة معهم نحاس وجمر من جمر جهنم ومعهم سياط من النار تأجج، فيضربه ملك الموت بذلك السفود ضربة يغيب أصل كل شوكة من ذلك السفود في أصل كل شعرة وعرق من عروقه ثم يلويه ليا شديدا فينزع روحه من أظفار قدميه فيلقيها في عقبيه فيسكر عدو الله عند ذلك سكرة وتضرب الملائكة وجهه ودبره بتلك السياط ثم كذلك إلى حقويه ثم كذلك إلى صدره ثم كذلك إلى حلقه ثم تبسط الملائكة ذلك النحاس وجمر جهنم تحت ذقنه ثم يقول ملك الموت: أخرجي أيتها النفس اللعينة الملعونة (إلى سموم وحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم) (سورة الواقعة الآية 43)، فإذا قبض ملك الموت روحه قالت الروح للجسد: جزاك الله عني شرا فقد كنت بي سريعا إلى معصية الله بطيئا بي عن طاعة الله فقد هلكت وأهلكت ويقول الجسد للروح مثل ذلك، وتلعنه بقاع الأرض التي كان يعصي الله تعالى عليها وتنطلق جنود إبليس إليه يبشرونه بأنهم قد أوردوا عبدا من بني آدم النار، فإذا وضع في قبره ضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه فتدخل اليمنى في اليسرى واليسرى في اليمنى ويبعث الله إليه حيات دهماء تأخذ بأرنبته وإبهام قدميه فتغوصه حتى تلتقي في وسطه، ويبعث الله إليه الملكين فيقولان له: من ربك وما دينك فيقول: لا أدري فيقال له: لا دريت ولا تليت، فيضربانه ضربة يتطاير الشرار في قبره ثم يعود فيقولان له: انظر فوقك، فينظر فإذا باب مفتوح إلى الجنة فيقولان له: عدو الله لو كنت أطعت الله تعالى هذا منزلك، فوالذي نفسي بيده إنه ليصل إلى قلبه حسرة لا ترتد أبدا ويفتح له باب إلى النار فيقال: عدو الله هذا منزلك لما عصيت الله، ويفتح له سبعة وسبعون بابا إلى النار يأتيه حرها وسمومها حتى يبعثه من قبره يوم القيامة إلى النار). [الدر المنثور: 14/232-237]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي أنبأنا الحسين بن عبد الله بن يزيد أنبأنا محمد بن عبد الله بن سابور أنبأنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك أو عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إذا وقعت الواقعة} قال: الساعة.
{ليس لوقعتها كاذبة} يقول: من كذب بها في الدنيا فإنه لا يكذب بها في الآخرة إذا وقعت {خافضة رافعة} قال: القيامة خافضة يقول: خفضت فأسمعت الأذنين ورفعت فأسمعت الأقصى كان القريب والبعيد فيها سواء قال: وخفضت أقواما قد كانوا في الدنيا مرتفعين ورفعت أقواما حتى جعلتهم في أعلى عليين {إذا رجت الأرض رجا} قال: هي الزلزلة {وبست الجبال بسا} {فكانت هباء منبثا} قال: الحكم والسدي قال: على هذا الهرج هرج الدواب الذي يحرك الغبار {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: العباد يوم القيامة على ثلاثة منازل {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة} هم: الجمهور جماعة أهل الجنة {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} هم أصحاب الشمال يقول: ما لهم وما أعد لهم {والسابقون السابقون} هم مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال من الأولين والآخرين {أولئك المقربون} قال: هم أقرب الناس من دار الرحمن من بطنان الجنة وبطنانها وسطها في جنات النعيم {ثلة من الأولين (13) وقليل من الآخرين (14) على سرر موضونة} قال: الموضونة الموصولة بالذهب المكللة بالجوهر والياقوت {متكئين عليها متقابلين} قال ابن عباس: ما ينظر الرجل منهم في قفا صاحبه يقول: حلقا حلقا {يطوف عليهم ولدان مخلدون} قال: خلقهم الله في الجنة كما خلق الحور العين لا يموتون لا يشيبون ولا يهرمون {بأكواب وأباريق} والأكواب التي ليس لها آذان مثل الصواع والأباريق التي لها الخراطم الأعناق {وكأس من معين} قال: الكأس من الخمر بعينها ولا يكون كأس حتى يكون فيها الخمر فإذا لم يكن فيها خمر فإنما هو إناء والمعين يقول: من خمر جار {لا يصدعون عنها} عن الخمر {ولا ينزفون} لا تذهب بعقولهم {وفاكهة مما يتخيرون} يقول: مما يشتهون يقول: يجيئهم الطير حتى يقع فيبسط جناحه فيأكلون منه ما اشتهوا نضجا لم تنضجه النار حتى إذا شبعوا منه طار فذهب كما كان {وحور عين} قال: الحور البيض والعين العظام الأعين حسان {كأمثال اللؤلؤ} قال: كبياض اللؤلؤ التي لم تمسه الأيدي ولا الدهر {المكنون} الذي في الأصداف، ثم قال {جزاء بما كانوا يعملون (24) لا يسمعون فيها لغوا} قال: اللغو الحلف لا والله وبلى والله {ولا تأثيما} قال: قال لا يموتون {إلا قيلا سلاما سلاما} يقول: التسليم منهم وعليهم بعضهم على بعض قال: هؤلاء المقربون ثم قال: {وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين} وما أعد لهم {في سدر مخضود} والمخضود الموقر الذي لا شوك فيه {وطلح منضود (29) وظل ممدود} يقول: ظل الجنة لا ينقطع ممدود عليهم أبدا {وماء مسكوب} يقول: مصبوب {وفاكهة كثيرة (32) لا مقطوعة ولا ممنوعة} قال: لا تنقطع حينا وتجيء حينا مثل فاكهة الدنيا ولا ممنوعة كما تمنع في الدنيا إلا بثمن {وفرش مرفوعة} يقول: بعضها فوق بعض ثم قال: {إنا أنشأناهن إنشاء} قال: هؤلاء نساء أهل الجنة وهؤلاء العجز الرمص يقول: خلقهم خلقا {فجعلناهن أبكارا} يقول: عذارى {عربا أترابا} والعرب المتحببات إلى أزواجهن والأتراب المصطحبات اللاتي لا تغرن { لأصحاب اليمين (38) ثلة من الأولين (39) وثلة من الآخرين } يقول: طائفة من الأولين وطائفة من الآخرين {وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال} ما لهم وما أعد لهم {في سموم} قال: فيح نار جهنم {وحميم} الماء: الجار الذي قد انتهى حره فليس فوقه حر {وظل من يحموم} قال: من دخان جهنم {لا بارد ولا كريم} إنهم كانوا قبل ذلك مترفين قال: مشركين جبارين {وكانوا يصرون} يقيمون {على الحنث العظيم} قال: على الإثم العظيم قال: هو الشرك {وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما} إلى قوله: {أو آباؤنا الأولون} قال: قل يا محمد إن الأولين والآخرين لمجموعون {إلى ميقات يوم معلوم} قال: يوم القيامة {ثم إنكم أيها الضالون} قال: المشركون المكذبون {لآكلون من شجر من زقوم} قال: والزقوم إذا أكلوا منه خصبوا والزقوم شجرة {فمالئون منها البطون} قال: يملؤون من الزقوم بطونهم {فشاربون عليه من الحميم} يقول: على الزقوم الحميم {فشاربون شرب الهيم} هي الرمال لو مطرت عليها السماء أبدا لم ير فيها مستنقع {هذا نزلهم يوم الدين} كرامة يوم الحساب {نحن خلقناكم فلولا تصدقون} يقول: أفلا تصدقون {أفرأيتم ما تمنون} يقول: هذا ماء الرجل {أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون} {نحن قدرنا بينكم الموت} في المتعجل والمتأخر {وما نحن بمسبوقين (60) على أن نبدل أمثالكم} فيقول: نذهب بكم ونجيء بغيركم {وننشئكم في ما لا تعلمون} يقول: نخلقكم فيها لا تعلمون إن نشأ خلقناكم قردة وإن نشأ خلقناكم خنازير {ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون} يقول: فهلا تذكرون ثم قال: {أفرأيتم ما تحرثون} يقول: ما تزرعون {أم نحن الزارعون} يقول: أليس نحن الذي ننبته أم أنتم المنبتون {لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون} يقول: تندمون {إنا لمغرمون} يقول: إنا للمواريه {بل نحن محرومون (67) أفرأيتم الماء الذي تشربون (68) أأنتم أنزلتموه من المزن} يقول: من السحاب {أم نحن المنزلون (69) لو نشاء جعلناه أجاجا} يقول: مرا {فلولا تشكرون} يقول: فهلا تشكرون {أفرأيتم النار التي تورون} يقول: تقدحون {أأنتم أنشأتم} يقول: خلقتم {شجرتها أم نحن المنشئون} قال: وهي من كل شجرة إلا في العناب وتكون في الحجارة {نحن جعلناها تذكرة} يقول: يتذكر بها نار الآخرة العليا {ومتاعا للمقوين} قال: والمقوي هو الذي لا يجد نارا فيخرج زنده فيستنور ناره فهي متاع له {فسبح باسم ربك العظيم} يقول: فصل لربك العظيم {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: أتى ابن عباس علبة بن الأسود أو نافع بن الحكم فقال له: يا ابن عباس إني أقرأ آيات من كتاب الله أخشى أن يكون قد دخلني منها شيء، قال ابن عباس: ولم ذلك قال: لأني أسمع الله يقول: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) (سورة القدر الآية 2) ويقول: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين) (سورة الدخان الآية 3) ويقول في آية أخرى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) (سورة البقرة الآية 185) وقد نزل في الشهور كلها شوال وغيره، قال ابن عباس: ويلك إن جملة القرآن أنزل من السماء في ليلة القدر إلى موقع النجوم يقول: إلى سماء الدنيا فنزل به جبريل في ليلة منه وهي ليلة القدر المباركة وفي رمضان ثم نزل به على محمد صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة الآية والآيتين والأكثر، فذلك قوله: {لا أقسم} يقول: أقسم {بمواقع النجوم} {وإنه لقسم} والقسم قسم وقوله: {لا يمسه إلا المطهرون} وهم السفرة والسفرة هم الكتبة، ثم قال: {تنزيل من رب العالمين (81) أفبهذا الحديث أنتم مدهنون} يقول: تولون أهل الشرك وتجعلون رزقكم قال ابن عباس رضي الله عنهما: سافر النّبيّ صلى الله عليه وسلم في حر فعطش الناس عطشا شديدا حتى كادت أعناقهم أن تنقطع من العطش فذكر ذلك له قالوا: يا رسول الله لو دعوت الله فسقانا قال لعلي إن دعوت الله فسقاكم لقلتم هذا بنوء كذا وكذا قالوا: يا رسول الله ما هذا بحين أنواء ذهبت حين الأنواء فدعا بماء في مطهرة فتوضأ ثم ركع ركعتين ثم دعا الله فهبت رياح وهاج سحاب ثم أرسلت فمطروا حتى سال الوادي فشربوا وسقوا دوابهم ثم مر النّبيّ صلى الله عليه وسلم برجل وهو يغترف بقعب معه من الوادي وهو يقول: نوء كذا وكذا سقطت الغداة قال: نزلت هذه الآية {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون (82) فلولا إذا بلغت الحلقوم} يقول: النفس). [الدر المنثور: 14/247-253]

تفسير قوله تعالى: (وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({وأنتم حينئذٍ تنظرون}. يقول ومن حضرهم منكم من أهليهم حينئذٍ إليهم ينظر، وخرج الخطاب هاهنا عامًّا للجميع، والمراد به: من حضر الميّت من أهله وغيرهم وذلك معروفٌ من كلام العرب وهو أن يخاطب الجماعة بالفعل، كأنّهم أهله وأصحابه، والمراد به بعضهم غائبًا كان أو شاهدًا، فيقول: قتلتم فلانًا، والقاتل منهم واحدٌ، إمّا غائبٌ، وإمّا شاهدٌ.
وقد بيّنّا نظائر ذلك في مواضع كثيرةٍ من كتابنا هذا). [جامع البيان: 22/373]

تفسير قوله تعالى: (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (85) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يقول: {ونحن أقرب إليه منكم}. يقول: ورسلنا الّذين يقبضون روحه أقرب إليه منكم، {ولكن لا تبصرون}. يقول: ولكن لا تبصرونهم.
وكان بعض أهل العربيّة من أهل البصرة يقول: قيل {فلولا إذا بلغت الحلقوم (83) وأنتم حينئذٍ تنظرون}. كأنّه قد سمع منهم، واللّه أعلم: إنّا نقدر على أن لا نموت، فقال: {فلولا إذا بلغت الحلقوم}). [جامع البيان: 22/373]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي أنبأنا الحسين بن عبد الله بن يزيد أنبأنا محمد بن عبد الله بن سابور أنبأنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك أو عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إذا وقعت الواقعة} قال: الساعة.
{ليس لوقعتها كاذبة} يقول: من كذب بها في الدنيا فإنه لا يكذب بها في الآخرة إذا وقعت {خافضة رافعة} قال: القيامة خافضة يقول: خفضت فأسمعت الأذنين ورفعت فأسمعت الأقصى كان القريب والبعيد فيها سواء قال: وخفضت أقواما قد كانوا في الدنيا مرتفعين ورفعت أقواما حتى جعلتهم في أعلى عليين {إذا رجت الأرض رجا} قال: هي الزلزلة {وبست الجبال بسا} {فكانت هباء منبثا} قال: الحكم والسدي قال: على هذا الهرج هرج الدواب الذي يحرك الغبار {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: العباد يوم القيامة على ثلاثة منازل {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة} هم: الجمهور جماعة أهل الجنة {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} هم أصحاب الشمال يقول: ما لهم وما أعد لهم {والسابقون السابقون} هم مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال من الأولين والآخرين {أولئك المقربون} قال: هم أقرب الناس من دار الرحمن من بطنان الجنة وبطنانها وسطها في جنات النعيم {ثلة من الأولين (13) وقليل من الآخرين (14) على سرر موضونة} قال: الموضونة الموصولة بالذهب المكللة بالجوهر والياقوت {متكئين عليها متقابلين} قال ابن عباس: ما ينظر الرجل منهم في قفا صاحبه يقول: حلقا حلقا {يطوف عليهم ولدان مخلدون} قال: خلقهم الله في الجنة كما خلق الحور العين لا يموتون لا يشيبون ولا يهرمون {بأكواب وأباريق} والأكواب التي ليس لها آذان مثل الصواع والأباريق التي لها الخراطم الأعناق {وكأس من معين} قال: الكأس من الخمر بعينها ولا يكون كأس حتى يكون فيها الخمر فإذا لم يكن فيها خمر فإنما هو إناء والمعين يقول: من خمر جار {لا يصدعون عنها} عن الخمر {ولا ينزفون} لا تذهب بعقولهم {وفاكهة مما يتخيرون} يقول: مما يشتهون يقول: يجيئهم الطير حتى يقع فيبسط جناحه فيأكلون منه ما اشتهوا نضجا لم تنضجه النار حتى إذا شبعوا منه طار فذهب كما كان {وحور عين} قال: الحور البيض والعين العظام الأعين حسان {كأمثال اللؤلؤ} قال: كبياض اللؤلؤ التي لم تمسه الأيدي ولا الدهر {المكنون} الذي في الأصداف، ثم قال {جزاء بما كانوا يعملون (24) لا يسمعون فيها لغوا} قال: اللغو الحلف لا والله وبلى والله {ولا تأثيما} قال: قال لا يموتون {إلا قيلا سلاما سلاما} يقول: التسليم منهم وعليهم بعضهم على بعض قال: هؤلاء المقربون ثم قال: {وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين} وما أعد لهم {في سدر مخضود} والمخضود الموقر الذي لا شوك فيه {وطلح منضود (29) وظل ممدود} يقول: ظل الجنة لا ينقطع ممدود عليهم أبدا {وماء مسكوب} يقول: مصبوب {وفاكهة كثيرة (32) لا مقطوعة ولا ممنوعة} قال: لا تنقطع حينا وتجيء حينا مثل فاكهة الدنيا ولا ممنوعة كما تمنع في الدنيا إلا بثمن {وفرش مرفوعة} يقول: بعضها فوق بعض ثم قال: {إنا أنشأناهن إنشاء} قال: هؤلاء نساء أهل الجنة وهؤلاء العجز الرمص يقول: خلقهم خلقا {فجعلناهن أبكارا} يقول: عذارى {عربا أترابا} والعرب المتحببات إلى أزواجهن والأتراب المصطحبات اللاتي لا تغرن { لأصحاب اليمين (38) ثلة من الأولين (39) وثلة من الآخرين } يقول: طائفة من الأولين وطائفة من الآخرين {وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال} ما لهم وما أعد لهم {في سموم} قال: فيح نار جهنم {وحميم} الماء: الجار الذي قد انتهى حره فليس فوقه حر {وظل من يحموم} قال: من دخان جهنم {لا بارد ولا كريم} إنهم كانوا قبل ذلك مترفين قال: مشركين جبارين {وكانوا يصرون} يقيمون {على الحنث العظيم} قال: على الإثم العظيم قال: هو الشرك {وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما} إلى قوله: {أو آباؤنا الأولون} قال: قل يا محمد إن الأولين والآخرين لمجموعون {إلى ميقات يوم معلوم} قال: يوم القيامة {ثم إنكم أيها الضالون} قال: المشركون المكذبون {لآكلون من شجر من زقوم} قال: والزقوم إذا أكلوا منه خصبوا والزقوم شجرة {فمالئون منها البطون} قال: يملؤون من الزقوم بطونهم {فشاربون عليه من الحميم} يقول: على الزقوم الحميم {فشاربون شرب الهيم} هي الرمال لو مطرت عليها السماء أبدا لم ير فيها مستنقع {هذا نزلهم يوم الدين} كرامة يوم الحساب {نحن خلقناكم فلولا تصدقون} يقول: أفلا تصدقون {أفرأيتم ما تمنون} يقول: هذا ماء الرجل {أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون} {نحن قدرنا بينكم الموت} في المتعجل والمتأخر {وما نحن بمسبوقين (60) على أن نبدل أمثالكم} فيقول: نذهب بكم ونجيء بغيركم {وننشئكم في ما لا تعلمون} يقول: نخلقكم فيها لا تعلمون إن نشأ خلقناكم قردة وإن نشأ خلقناكم خنازير {ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون} يقول: فهلا تذكرون ثم قال: {أفرأيتم ما تحرثون} يقول: ما تزرعون {أم نحن الزارعون} يقول: أليس نحن الذي ننبته أم أنتم المنبتون {لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون} يقول: تندمون {إنا لمغرمون} يقول: إنا للمواريه {بل نحن محرومون (67) أفرأيتم الماء الذي تشربون (68) أأنتم أنزلتموه من المزن} يقول: من السحاب {أم نحن المنزلون (69) لو نشاء جعلناه أجاجا} يقول: مرا {فلولا تشكرون} يقول: فهلا تشكرون {أفرأيتم النار التي تورون} يقول: تقدحون {أأنتم أنشأتم} يقول: خلقتم {شجرتها أم نحن المنشئون} قال: وهي من كل شجرة إلا في العناب وتكون في الحجارة {نحن جعلناها تذكرة} يقول: يتذكر بها نار الآخرة العليا {ومتاعا للمقوين} قال: والمقوي هو الذي لا يجد نارا فيخرج زنده فيستنور ناره فهي متاع له {فسبح باسم ربك العظيم} يقول: فصل لربك العظيم {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: أتى ابن عباس علبة بن الأسود أو نافع بن الحكم فقال له: يا ابن عباس إني أقرأ آيات من كتاب الله أخشى أن يكون قد دخلني منها شيء، قال ابن عباس: ولم ذلك قال: لأني أسمع الله يقول: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) (سورة القدر الآية 2) ويقول: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين) (سورة الدخان الآية 3) ويقول في آية أخرى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) (سورة البقرة الآية 185) وقد نزل في الشهور كلها شوال وغيره، قال ابن عباس: ويلك إن جملة القرآن أنزل من السماء في ليلة القدر إلى موقع النجوم يقول: إلى سماء الدنيا فنزل به جبريل في ليلة منه وهي ليلة القدر المباركة وفي رمضان ثم نزل به على محمد صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة الآية والآيتين والأكثر، فذلك قوله: {لا أقسم} يقول: أقسم {بمواقع النجوم} {وإنه لقسم} والقسم قسم وقوله: {لا يمسه إلا المطهرون} وهم السفرة والسفرة هم الكتبة، ثم قال: {تنزيل من رب العالمين (81) أفبهذا الحديث أنتم مدهنون} يقول: تولون أهل الشرك وتجعلون رزقكم قال ابن عباس رضي الله عنهما: سافر النّبيّ صلى الله عليه وسلم في حر فعطش الناس عطشا شديدا حتى كادت أعناقهم أن تنقطع من العطش فذكر ذلك له قالوا: يا رسول الله لو دعوت الله فسقانا قال لعلي إن دعوت الله فسقاكم لقلتم هذا بنوء كذا وكذا قالوا: يا رسول الله ما هذا بحين أنواء ذهبت حين الأنواء فدعا بماء في مطهرة فتوضأ ثم ركع ركعتين ثم دعا الله فهبت رياح وهاج سحاب ثم أرسلت فمطروا حتى سال الوادي فشربوا وسقوا دوابهم ثم مر النّبيّ صلى الله عليه وسلم برجل وهو يغترف بقعب معه من الوادي وهو يقول: نوء كذا وكذا سقطت الغداة قال: نزلت هذه الآية {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون (82) فلولا إذا بلغت الحلقوم} يقول: النفس {وأنتم حينئذ تنظرون} {ونحن أقرب إليه منكم} يقول: الملائكة {ولكن لا تبصرون} يقول: لا تبصرون الملائكة). [الدر المنثور: 14/247-253]

تفسير قوله تعالى: (فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (86) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (مدينين محاسبين»). [صحيح البخاري: 6/146]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله مدينين محاسبين تقدّم في تفسير الفاتحة). [فتح الباري: 8/626]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وأما تفسير مدينين فتقدم في تفسير الفاتحة وباقي هذا الفصل تقدم في بدء الخلق). [تغليق التعليق: 4/336]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (مدينين محاسبين
أشار به إلى قوله تعالى: {فلولا إن كنتم غير مدينين} (الواقعة: 86) أي: غير محاسبين، وقال الزّمخشريّ: غير مربوبين من دان السّلطان رعيته إذ ساسهم، وجواب: لولا قوله: ترجمونها. أي: تردون نفس هذا الميّت إلى جسده إذا بلغت الحلقوم إن كنتم صادقين). [عمدة القاري: 19/218]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (ثمّ قال: {فلولا إن كنتم غير مدينين}. أي غير مجزيّين ترجعون تلك النّفوس وأنتم ترون كيف تخرج عند ذلك إن كنتم صادقين بأنّكم تمتنعون من الموت). [جامع البيان: 22/373]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فلولا إن كنتم غير مدينين (86) ترجعونها إن كنتم صادقين (87) فأمّا إن كان من المقرّبين (88) فروحٌ وريحانٌ وجنّة نعيمٍ}.
يقول تعالى ذكره: فهلاّ إن كنتم أيّها النّاس غير مدينين.
واختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {مدينين}. فقال بعضهم: غير محاسبين.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ قال: حدّثنا أبو صالحٍ قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فلولا إن كنتم غير مدينين}. يقول: غير محاسبين.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {غير مدينين}. قال: محاسبين.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فلولا إن كنتم غير مدينين}. أي محاسبين.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قول اللّه: {فلولا إن كنتم غير مدينين}. قال: كانوا يجحدون أن يدانوا بعد الموت قال: وهو مالك يوم الدّين، يوم يدان النّاس بأعمالهم قال: يدانون: يحاسبون.
- حدّثني يعقوب قال: حدّثنا ابن عليّة قال: أخبرنا أبو رجاءٍ، عن الحسن، في قوله: {فلولا إن كنتم غير مدينين}. قال: غير محاسبين.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا سليمان قال: حدّثنا أبو هلالٍ، عن قتادة {فلولا إن كنتم غير مدينين}. قال غير مبعوثين، غير محاسبين.
وقال آخرون: معناه: غير مبعوثين
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا هوذة قال: حدّثنا عوفٌ، عن الحسن، {فلولا إن كنتم غير مدينين}. غير مبعوثين يوم القيامة، ترجعونها إن كنتم صادقين.
وقال آخرون: بل معناه: غير مجزيّين بأعمالكم.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب قول من قال: غير محاسبين فمجزيّين بأعمالكم من قولهم: كما تدين تدان، ومن قول اللّه: {مالك يوم الدّين}). [جامع البيان: 22/374-375]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد غير مدينين يقول غير محاسبين). [تفسير مجاهد: 2/653]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 86 - 96
أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {غير مدينين} قال: غير محاسبين). [الدر المنثور: 14/237-238]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله تعالى عنه {فلولا إن كنتم غير مدينين} قال: غير محاسبين {ترجعونها} قال: النفس.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه والحسن وقتادة مثله). [الدر المنثور: 14/238]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {غير مدينين} قال: غير موقنين). [الدر المنثور: 14/238]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن الحسن رضي الله عنه {فلولا إن كنتم غير مدينين} قال: غير مبعوثين يوم القيامة). [الدر المنثور: 14/238]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي أنبأنا الحسين بن عبد الله بن يزيد أنبأنا محمد بن عبد الله بن سابور أنبأنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك أو عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إذا وقعت الواقعة} قال: الساعة.
{ليس لوقعتها كاذبة} يقول: من كذب بها في الدنيا فإنه لا يكذب بها في الآخرة إذا وقعت {خافضة رافعة} قال: القيامة خافضة يقول: خفضت فأسمعت الأذنين ورفعت فأسمعت الأقصى كان القريب والبعيد فيها سواء قال: وخفضت أقواما قد كانوا في الدنيا مرتفعين ورفعت أقواما حتى جعلتهم في أعلى عليين {إذا رجت الأرض رجا} قال: هي الزلزلة {وبست الجبال بسا} {فكانت هباء منبثا} قال: الحكم والسدي قال: على هذا الهرج هرج الدواب الذي يحرك الغبار {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: العباد يوم القيامة على ثلاثة منازل {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة} هم: الجمهور جماعة أهل الجنة {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} هم أصحاب الشمال يقول: ما لهم وما أعد لهم {والسابقون السابقون} هم مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال من الأولين والآخرين {أولئك المقربون} قال: هم أقرب الناس من دار الرحمن من بطنان الجنة وبطنانها وسطها في جنات النعيم {ثلة من الأولين (13) وقليل من الآخرين (14) على سرر موضونة} قال: الموضونة الموصولة بالذهب المكللة بالجوهر والياقوت {متكئين عليها متقابلين} قال ابن عباس: ما ينظر الرجل منهم في قفا صاحبه يقول: حلقا حلقا {يطوف عليهم ولدان مخلدون} قال: خلقهم الله في الجنة كما خلق الحور العين لا يموتون لا يشيبون ولا يهرمون {بأكواب وأباريق} والأكواب التي ليس لها آذان مثل الصواع والأباريق التي لها الخراطم الأعناق {وكأس من معين} قال: الكأس من الخمر بعينها ولا يكون كأس حتى يكون فيها الخمر فإذا لم يكن فيها خمر فإنما هو إناء والمعين يقول: من خمر جار {لا يصدعون عنها} عن الخمر {ولا ينزفون} لا تذهب بعقولهم {وفاكهة مما يتخيرون} يقول: مما يشتهون يقول: يجيئهم الطير حتى يقع فيبسط جناحه فيأكلون منه ما اشتهوا نضجا لم تنضجه النار حتى إذا شبعوا منه طار فذهب كما كان {وحور عين} قال: الحور البيض والعين العظام الأعين حسان {كأمثال اللؤلؤ} قال: كبياض اللؤلؤ التي لم تمسه الأيدي ولا الدهر {المكنون} الذي في الأصداف، ثم قال {جزاء بما كانوا يعملون (24) لا يسمعون فيها لغوا} قال: اللغو الحلف لا والله وبلى والله {ولا تأثيما} قال: قال لا يموتون {إلا قيلا سلاما سلاما} يقول: التسليم منهم وعليهم بعضهم على بعض قال: هؤلاء المقربون ثم قال: {وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين} وما أعد لهم {في سدر مخضود} والمخضود الموقر الذي لا شوك فيه {وطلح منضود (29) وظل ممدود} يقول: ظل الجنة لا ينقطع ممدود عليهم أبدا {وماء مسكوب} يقول: مصبوب {وفاكهة كثيرة (32) لا مقطوعة ولا ممنوعة} قال: لا تنقطع حينا وتجيء حينا مثل فاكهة الدنيا ولا ممنوعة كما تمنع في الدنيا إلا بثمن {وفرش مرفوعة} يقول: بعضها فوق بعض ثم قال: {إنا أنشأناهن إنشاء} قال: هؤلاء نساء أهل الجنة وهؤلاء العجز الرمص يقول: خلقهم خلقا {فجعلناهن أبكارا} يقول: عذارى {عربا أترابا} والعرب المتحببات إلى أزواجهن والأتراب المصطحبات اللاتي لا تغرن { لأصحاب اليمين (38) ثلة من الأولين (39) وثلة من الآخرين } يقول: طائفة من الأولين وطائفة من الآخرين {وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال} ما لهم وما أعد لهم {في سموم} قال: فيح نار جهنم {وحميم} الماء: الجار الذي قد انتهى حره فليس فوقه حر {وظل من يحموم} قال: من دخان جهنم {لا بارد ولا كريم} إنهم كانوا قبل ذلك مترفين قال: مشركين جبارين {وكانوا يصرون} يقيمون {على الحنث العظيم} قال: على الإثم العظيم قال: هو الشرك {وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما} إلى قوله: {أو آباؤنا الأولون} قال: قل يا محمد إن الأولين والآخرين لمجموعون {إلى ميقات يوم معلوم} قال: يوم القيامة {ثم إنكم أيها الضالون} قال: المشركون المكذبون {لآكلون من شجر من زقوم} قال: والزقوم إذا أكلوا منه خصبوا والزقوم شجرة {فمالئون منها البطون} قال: يملؤون من الزقوم بطونهم {فشاربون عليه من الحميم} يقول: على الزقوم الحميم {فشاربون شرب الهيم} هي الرمال لو مطرت عليها السماء أبدا لم ير فيها مستنقع {هذا نزلهم يوم الدين} كرامة يوم الحساب {نحن خلقناكم فلولا تصدقون} يقول: أفلا تصدقون {أفرأيتم ما تمنون} يقول: هذا ماء الرجل {أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون} {نحن قدرنا بينكم الموت} في المتعجل والمتأخر {وما نحن بمسبوقين (60) على أن نبدل أمثالكم} فيقول: نذهب بكم ونجيء بغيركم {وننشئكم في ما لا تعلمون} يقول: نخلقكم فيها لا تعلمون إن نشأ خلقناكم قردة وإن نشأ خلقناكم خنازير {ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون} يقول: فهلا تذكرون ثم قال: {أفرأيتم ما تحرثون} يقول: ما تزرعون {أم نحن الزارعون} يقول: أليس نحن الذي ننبته أم أنتم المنبتون {لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون} يقول: تندمون {إنا لمغرمون} يقول: إنا للمواريه {بل نحن محرومون (67) أفرأيتم الماء الذي تشربون (68) أأنتم أنزلتموه من المزن} يقول: من السحاب {أم نحن المنزلون (69) لو نشاء جعلناه أجاجا} يقول: مرا {فلولا تشكرون} يقول: فهلا تشكرون {أفرأيتم النار التي تورون} يقول: تقدحون {أأنتم أنشأتم} يقول: خلقتم {شجرتها أم نحن المنشئون} قال: وهي من كل شجرة إلا في العناب وتكون في الحجارة {نحن جعلناها تذكرة} يقول: يتذكر بها نار الآخرة العليا {ومتاعا للمقوين} قال: والمقوي هو الذي لا يجد نارا فيخرج زنده فيستنور ناره فهي متاع له {فسبح باسم ربك العظيم} يقول: فصل لربك العظيم {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: أتى ابن عباس علبة بن الأسود أو نافع بن الحكم فقال له: يا ابن عباس إني أقرأ آيات من كتاب الله أخشى أن يكون قد دخلني منها شيء، قال ابن عباس: ولم ذلك قال: لأني أسمع الله يقول: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) (سورة القدر الآية 2) ويقول: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين) (سورة الدخان الآية 3) ويقول في آية أخرى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) (سورة البقرة الآية 185) وقد نزل في الشهور كلها شوال وغيره، قال ابن عباس: ويلك إن جملة القرآن أنزل من السماء في ليلة القدر إلى موقع النجوم يقول: إلى سماء الدنيا فنزل به جبريل في ليلة منه وهي ليلة القدر المباركة وفي رمضان ثم نزل به على محمد صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة الآية والآيتين والأكثر، فذلك قوله: {لا أقسم} يقول: أقسم {بمواقع النجوم} {وإنه لقسم} والقسم قسم وقوله: {لا يمسه إلا المطهرون} وهم السفرة والسفرة هم الكتبة، ثم قال: {تنزيل من رب العالمين (81) أفبهذا الحديث أنتم مدهنون} يقول: تولون أهل الشرك وتجعلون رزقكم قال ابن عباس رضي الله عنهما: سافر النّبيّ صلى الله عليه وسلم في حر فعطش الناس عطشا شديدا حتى كادت أعناقهم أن تنقطع من العطش فذكر ذلك له قالوا: يا رسول الله لو دعوت الله فسقانا قال لعلي إن دعوت الله فسقاكم لقلتم هذا بنوء كذا وكذا قالوا: يا رسول الله ما هذا بحين أنواء ذهبت حين الأنواء فدعا بماء في مطهرة فتوضأ ثم ركع ركعتين ثم دعا الله فهبت رياح وهاج سحاب ثم أرسلت فمطروا حتى سال الوادي فشربوا وسقوا دوابهم ثم مر النّبيّ صلى الله عليه وسلم برجل وهو يغترف بقعب معه من الوادي وهو يقول: نوء كذا وكذا سقطت الغداة قال: نزلت هذه الآية {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون (82) فلولا إذا بلغت الحلقوم} يقول: النفس {وأنتم حينئذ تنظرون} {ونحن أقرب إليه منكم} يقول: الملائكة {ولكن لا تبصرون} يقول: لا تبصرون الملائكة {فلولا} يقول: هلا {إن كنتم غير مدينين} غير محاسبين). [الدر المنثور: 14/247-253]

تفسير قوله تعالى: (تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (87) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ترجعونها إن كنتم صادقين}. يقول: تردّون تلك النّفوس من بعد مصيرها إلى الحلاقيم إلى مستقرّها من الأجساد إن كنتم صادقين، إن كنتم تمتنعون من الموت والحساب والمجازاة، وجواب قوله: {فلولا إذا بلغت الحلقوم}.، وجواب قوله: {فلولا إن كنتم غير مدينين}. جوابٌ واحدٌ وهو قوله: {ترجعونها}. وذلك نحو قوله: {فإمّا يأتينّكم منّي هدًى فمن تبع هداي فلا خوفٌ عليهم}. جعل جواب الجزاءين جوابًا واحدًا.
وبنحو الّذي قلنا في قوله: {ترجعونها} قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ترجعونها}. قال: لتلك النّفس {إن كنتم صادقين}). [جامع البيان: 22/375-376]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله تعالى عنه {فلولا إن كنتم غير مدينين} قال: غير محاسبين {ترجعونها} قال: النفس.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه والحسن وقتادة مثله). [الدر المنثور: 14/238] (م)

تفسير قوله تعالى: (فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فأمّا إن كان من المقرّبين (88) فروحٌ وريحانٌ}. يقول تعالى ذكره: فأمّا إن كان الميّت من المقرّبين الّذين قرّبهم اللّه من جواره في جنانه {فروحٌ وريحانٌ}. يقول: فله روحٌ وريحانٌ). [جامع البيان: 22/376] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن الربيع بن خيثم في قوله: {فأما إن كان من المقربين (88) فروح وريحان} قال: هذا له عند الموت {وجنة نعيم} قال: تخبأ له الجنة إلى يوم يبعث {وأما إن كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم} قال: هذا عند الموت {وتصلية جحيم} قال: تخبأ له الجحيم إلى يوم يبعث). [الدر المنثور: 14/238-239]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي أنبأنا الحسين بن عبد الله بن يزيد أنبأنا محمد بن عبد الله بن سابور أنبأنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك أو عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إذا وقعت الواقعة} قال: الساعة.
{ليس لوقعتها كاذبة} يقول: من كذب بها في الدنيا فإنه لا يكذب بها في الآخرة إذا وقعت {خافضة رافعة} قال: القيامة خافضة يقول: خفضت فأسمعت الأذنين ورفعت فأسمعت الأقصى كان القريب والبعيد فيها سواء قال: وخفضت أقواما قد كانوا في الدنيا مرتفعين ورفعت أقواما حتى جعلتهم في أعلى عليين {إذا رجت الأرض رجا} قال: هي الزلزلة {وبست الجبال بسا} {فكانت هباء منبثا} قال: الحكم والسدي قال: على هذا الهرج هرج الدواب الذي يحرك الغبار {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: العباد يوم القيامة على ثلاثة منازل {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة} هم: الجمهور جماعة أهل الجنة {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} هم أصحاب الشمال يقول: ما لهم وما أعد لهم {والسابقون السابقون} هم مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال من الأولين والآخرين {أولئك المقربون} قال: هم أقرب الناس من دار الرحمن من بطنان الجنة وبطنانها وسطها في جنات النعيم {ثلة من الأولين (13) وقليل من الآخرين (14) على سرر موضونة} قال: الموضونة الموصولة بالذهب المكللة بالجوهر والياقوت {متكئين عليها متقابلين} قال ابن عباس: ما ينظر الرجل منهم في قفا صاحبه يقول: حلقا حلقا {يطوف عليهم ولدان مخلدون} قال: خلقهم الله في الجنة كما خلق الحور العين لا يموتون لا يشيبون ولا يهرمون {بأكواب وأباريق} والأكواب التي ليس لها آذان مثل الصواع والأباريق التي لها الخراطم الأعناق {وكأس من معين} قال: الكأس من الخمر بعينها ولا يكون كأس حتى يكون فيها الخمر فإذا لم يكن فيها خمر فإنما هو إناء والمعين يقول: من خمر جار {لا يصدعون عنها} عن الخمر {ولا ينزفون} لا تذهب بعقولهم {وفاكهة مما يتخيرون} يقول: مما يشتهون يقول: يجيئهم الطير حتى يقع فيبسط جناحه فيأكلون منه ما اشتهوا نضجا لم تنضجه النار حتى إذا شبعوا منه طار فذهب كما كان {وحور عين} قال: الحور البيض والعين العظام الأعين حسان {كأمثال اللؤلؤ} قال: كبياض اللؤلؤ التي لم تمسه الأيدي ولا الدهر {المكنون} الذي في الأصداف، ثم قال {جزاء بما كانوا يعملون (24) لا يسمعون فيها لغوا} قال: اللغو الحلف لا والله وبلى والله {ولا تأثيما} قال: قال لا يموتون {إلا قيلا سلاما سلاما} يقول: التسليم منهم وعليهم بعضهم على بعض قال: هؤلاء المقربون ثم قال: {وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين} وما أعد لهم {في سدر مخضود} والمخضود الموقر الذي لا شوك فيه {وطلح منضود (29) وظل ممدود} يقول: ظل الجنة لا ينقطع ممدود عليهم أبدا {وماء مسكوب} يقول: مصبوب {وفاكهة كثيرة (32) لا مقطوعة ولا ممنوعة} قال: لا تنقطع حينا وتجيء حينا مثل فاكهة الدنيا ولا ممنوعة كما تمنع في الدنيا إلا بثمن {وفرش مرفوعة} يقول: بعضها فوق بعض ثم قال: {إنا أنشأناهن إنشاء} قال: هؤلاء نساء أهل الجنة وهؤلاء العجز الرمص يقول: خلقهم خلقا {فجعلناهن أبكارا} يقول: عذارى {عربا أترابا} والعرب المتحببات إلى أزواجهن والأتراب المصطحبات اللاتي لا تغرن { لأصحاب اليمين (38) ثلة من الأولين (39) وثلة من الآخرين } يقول: طائفة من الأولين وطائفة من الآخرين {وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال} ما لهم وما أعد لهم {في سموم} قال: فيح نار جهنم {وحميم} الماء: الجار الذي قد انتهى حره فليس فوقه حر {وظل من يحموم} قال: من دخان جهنم {لا بارد ولا كريم} إنهم كانوا قبل ذلك مترفين قال: مشركين جبارين {وكانوا يصرون} يقيمون {على الحنث العظيم} قال: على الإثم العظيم قال: هو الشرك {وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما} إلى قوله: {أو آباؤنا الأولون} قال: قل يا محمد إن الأولين والآخرين لمجموعون {إلى ميقات يوم معلوم} قال: يوم القيامة {ثم إنكم أيها الضالون} قال: المشركون المكذبون {لآكلون من شجر من زقوم} قال: والزقوم إذا أكلوا منه خصبوا والزقوم شجرة {فمالئون منها البطون} قال: يملؤون من الزقوم بطونهم {فشاربون عليه من الحميم} يقول: على الزقوم الحميم {فشاربون شرب الهيم} هي الرمال لو مطرت عليها السماء أبدا لم ير فيها مستنقع {هذا نزلهم يوم الدين} كرامة يوم الحساب {نحن خلقناكم فلولا تصدقون} يقول: أفلا تصدقون {أفرأيتم ما تمنون} يقول: هذا ماء الرجل {أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون} {نحن قدرنا بينكم الموت} في المتعجل والمتأخر {وما نحن بمسبوقين (60) على أن نبدل أمثالكم} فيقول: نذهب بكم ونجيء بغيركم {وننشئكم في ما لا تعلمون} يقول: نخلقكم فيها لا تعلمون إن نشأ خلقناكم قردة وإن نشأ خلقناكم خنازير {ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون} يقول: فهلا تذكرون ثم قال: {أفرأيتم ما تحرثون} يقول: ما تزرعون {أم نحن الزارعون} يقول: أليس نحن الذي ننبته أم أنتم المنبتون {لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون} يقول: تندمون {إنا لمغرمون} يقول: إنا للمواريه {بل نحن محرومون (67) أفرأيتم الماء الذي تشربون (68) أأنتم أنزلتموه من المزن} يقول: من السحاب {أم نحن المنزلون (69) لو نشاء جعلناه أجاجا} يقول: مرا {فلولا تشكرون} يقول: فهلا تشكرون {أفرأيتم النار التي تورون} يقول: تقدحون {أأنتم أنشأتم} يقول: خلقتم {شجرتها أم نحن المنشئون} قال: وهي من كل شجرة إلا في العناب وتكون في الحجارة {نحن جعلناها تذكرة} يقول: يتذكر بها نار الآخرة العليا {ومتاعا للمقوين} قال: والمقوي هو الذي لا يجد نارا فيخرج زنده فيستنور ناره فهي متاع له {فسبح باسم ربك العظيم} يقول: فصل لربك العظيم {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: أتى ابن عباس علبة بن الأسود أو نافع بن الحكم فقال له: يا ابن عباس إني أقرأ آيات من كتاب الله أخشى أن يكون قد دخلني منها شيء، قال ابن عباس: ولم ذلك قال: لأني أسمع الله يقول: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) (سورة القدر الآية 2) ويقول: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين) (سورة الدخان الآية 3) ويقول في آية أخرى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) (سورة البقرة الآية 185) وقد نزل في الشهور كلها شوال وغيره، قال ابن عباس: ويلك إن جملة القرآن أنزل من السماء في ليلة القدر إلى موقع النجوم يقول: إلى سماء الدنيا فنزل به جبريل في ليلة منه وهي ليلة القدر المباركة وفي رمضان ثم نزل به على محمد صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة الآية والآيتين والأكثر، فذلك قوله: {لا أقسم} يقول: أقسم {بمواقع النجوم} {وإنه لقسم} والقسم قسم وقوله: {لا يمسه إلا المطهرون} وهم السفرة والسفرة هم الكتبة، ثم قال: {تنزيل من رب العالمين (81) أفبهذا الحديث أنتم مدهنون} يقول: تولون أهل الشرك وتجعلون رزقكم قال ابن عباس رضي الله عنهما: سافر النّبيّ صلى الله عليه وسلم في حر فعطش الناس عطشا شديدا حتى كادت أعناقهم أن تنقطع من العطش فذكر ذلك له قالوا: يا رسول الله لو دعوت الله فسقانا قال لعلي إن دعوت الله فسقاكم لقلتم هذا بنوء كذا وكذا قالوا: يا رسول الله ما هذا بحين أنواء ذهبت حين الأنواء فدعا بماء في مطهرة فتوضأ ثم ركع ركعتين ثم دعا الله فهبت رياح وهاج سحاب ثم أرسلت فمطروا حتى سال الوادي فشربوا وسقوا دوابهم ثم مر النّبيّ صلى الله عليه وسلم برجل وهو يغترف بقعب معه من الوادي وهو يقول: نوء كذا وكذا سقطت الغداة قال: نزلت هذه الآية {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون (82) فلولا إذا بلغت الحلقوم} يقول: النفس {وأنتم حينئذ تنظرون} {ونحن أقرب إليه منكم} يقول: الملائكة {ولكن لا تبصرون} يقول: لا تبصرون الملائكة {فلولا} يقول: هلا {إن كنتم غير مدينين} غير محاسبين {ترجعونها} يقول: ترجعوا النفس {إن كنتم صادقين (87) فأما إن كان من المقربين} مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال). [الدر المنثور: 14/247-253]

تفسير قوله تعالى: (فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (89) )
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا محمّد بن فضيلٍ، عن سالمٍ، عن منذرٍ، عن الرّبيع بن خثيمٍ في قوله: {فأمّا إن كان من المقرّبين فروحٌ وريحانٌ وجنّة نعيمٍ} قال: مذخورةٌ له
{وأمّا إن كان من المكذّبين الضّالّين فنزلٌ من حميمٍ} قال: عنده {وتصلية جحيمٍ} قال: مذخورةٌ له). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 272]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({روحٌ} [الواقعة: 89] : «جنّةٌ ورخاءٌ». {وريحانٌ} [الواقعة: 89] : «الرّيحان الرّزق»). [صحيح البخاري: 6/146]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله روحٌ جنّةٌ ورخاءٌ سقط هذا لأبي ذرٍّ وقد تقدّم في صفة الجنّة قوله وريحانٌ الرّزق تقدّم في تفسير الرّحمن قريبًا). [فتح الباري: 8/626]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (روحٌ جنّةٌ ورخاءٌ وريحانٌ الرّزق
أشار به إلى قوله تعالى: {فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم} (الواقعة: 88، 89) وسقط هذا في رواية أبي ذر، وعن ابن زيد: روح عند الموت وريحان يجنى له في الآخرة، وعن الحسن، أن روحه تخرج في الريحان، وعن ابن عبّاس ومجاهد: فروح أي راحة وريحان مستراح، وعن مجاهد وسعيد بن جبير: الريحان رزق، وقد مر هذا عن قريب). [عمدة القاري: 19/218]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({روح}) في قوله تعالى: {فأما إن كان من المقربين فروح} [الواقعة: 88، 89]. أي (جنة ورخاء) وقيل معناه فله راحة وهو تفسير باللازم وسقط هذا لأبي ذر.
({وريحان}) ولأبي ذر: الريحان (الرزق) يقال خرجت أطلب ريحان الله أي رزقه وقال الوراق: الروح النجاة من النار والريحان دخول الجنة دار القرار). [إرشاد الساري: 7/372]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {فروحٌ وريحانٌ}
- أخبرنا بشر بن هلالٍ، قال: حدّثنا جعفرٌ يعني ابن سليمان، عن هارون الأعور، عن بديلٍ هو ابن ميسرة، عن عبد الله بن شقيقٍ، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقرأ: {فروحٌ وريحانٌ وجنّة نعيمٍ} [الواقعة: 89]). [السنن الكبرى للنسائي: 10/287]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :
(وقوله: {فأمّا إن كان من المقرّبين (88) فروحٌ وريحانٌ}. يقول تعالى ذكره: فأمّا إن كان الميّت من المقرّبين الّذين قرّبهم اللّه من جواره في جنانه {فروحٌ وريحانٌ}. يقول: فله روحٌ وريحانٌ. واختلف القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرأة الأمصار {فروحٌ}. بفتح الرّاء، بمعنى: فله بردٌ {وريحانٌ}. يقول: ورزقٌ واسعٌ في قول بعضهم، وفي قول آخرين فله راحةٌ وريحانٌ وقرأ ذلك الحسن البصريّ (فروحٌ) بضمّ الرّاء، بمعنى: أنّ روحه تخرج في ريحانةٍ.
وأولى القراءتين في ذلك بالصّواب قراءة من قرأه بالفتح لإجماع الحجّة من القرأة عليها، بمعنى: فله الرّحمة والمغفرة، والرّزق الطّيّب الهنيّ.
واختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {فروحٌ وريحانٌ}. فقال بعضهم: معنى ذلك: فراحةٌ ومستراحٌ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ قال: حدّثنا أبو صالحٍ قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، {فروحٌ وريحانٌ}. يقول: راحةٌ ومستراحٌ.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فأمّا إن كان من المقرّبين فروحٌ وريحانٌ}. قال: يعني بالرّيحان: المستريح من الدّنيا {وجنّة نعيمٍ} يقول: ومغفرةٌ ورحمةٌ.
وقال آخرون: الرّوح: الرّاحة، والرّيحان: الرّزق.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {فروحٌ وريحانٌ}. قال: راحةٌ وقوله: {وريحانٌ} قال: الرّزق.
وقال آخرون: الرّوح: الفرح، والرّيحان: الرّزق.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ قال: حدّثنا ابن إدريس قال: سمعت أبي، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبيرٍ، في قوله: {فروحٌ وريحانٌ}. قال: الرّوح: الفرح، والرّيحان: الرّزق.
وأمّا الّذين قرأوا ذلك بضمّ الرّاء فإنّهم قالوا: الرّوح: هي روح الإنسان، والرّيحان: هو الرّيحان المعروف وقالوا: معنى ذلك: أنّ أرواح المقرّبين تخرج من أبدانهم عند الموت بريحانٍ تشمّه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا المعتمر، عن أبيه، عن الحسن، {فروحٌ وريحانٌ} قال: تخرج روحه من جسده في ريحانةٍ.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا مهران، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية، {فأمّا إن كان من المقرّبين}. قال: لم يكن أحدٌ من المقرّبين يفارق الدّنيا، والمقرّبون السّابقون، حتّى يؤتى بغصنٍ من ريحان الجنّة فيشمّه، ثمّ يقبض.
وقال آخرون ممّن قرأ ذلك بفتح الرّاء: الرّوح: الرّحمة، والرّيحان: الرّيحان المعروف.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فروحٌ وريحانٌ} قال: الرّوح: الرّحمة، والرّيحان: يتلقّى به عند الموت.
وقال آخرون منهم: الرّوح: الرّحمة، والرّيحان: الاستراحة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ قال: سمعت الضّحّاك، يقول {فروحٌ وريحانٌ}. الرّوح: المغفرة والرّحمة، والرّيحان: الاستراحة.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن أبيه، عن منذرٍ الثّوريّ، عن الرّبيع بن خثيمٍ، {فأمّا إن كان من المقرّبين}. قال: هذا عند الموت {فروحٌ وريحانٌ}. قال: يجاء له من الجنّة.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا أبو عامرٍ قال: حدّثنا قرّة، عن الحسن، في قوله: {فأمّا إن كان من المقرّبين فروحٌ وريحانٌ وجنّة نعيمٍ}. قال: ذلك في الآخرة، فقال له بعض القوم قال: أما واللّه إنّهم ليرون عند الموت.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا حمّادٌ قال: حدّثنا قرّة، عن الحسن، بمثله.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب عندي: قول من قال: عني بالرّوح: الفرح والرّحمة والمغفرة، وأصله من قولهم: وجدت روحًا: إذا وجد نسيمًا روحًا يستريح إليه من كرب الحرّ وأمّا الرّيحان، فإنّه عندي الرّيحان الّذي يتلقّى به عند الموت، كما قال أبو العالية والحسن، ومن قال في ذلك نحو قولهما، لأنّ ذلك الأغلب والأظهر من معانيه.
وقوله: {وجنّة نعيمٍ}. يقول: وله مع ذلك بستان نعيمٍ يتنعّم فيه.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ: {وجنّة نعيمٍ}. قال: قد عرضت عليه). [جامع البيان: 22/376-379]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال الروح خير ورجاء والريحان الرزق). [تفسير مجاهد: 2/653]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن الربيع بن خيثم في قوله: {فأما إن كان من المقربين (88) فروح وريحان} قال: هذا له عند الموت {وجنة نعيم} قال: تخبأ له الجنة إلى يوم يبعث {وأما إن كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم} قال: هذا عند الموت {وتصلية جحيم} قال: تخبأ له الجحيم إلى يوم يبعث). [الدر المنثور: 14/238-239] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد في فضائله وأحمد، وعبد بن حميد والبخاري في تاريخه وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي والحكيم الترمذي في نوادر الأصول والحاكم وصححه وأبو نعيم في الحلية، وابن مردويه عن عائشة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ {فروح وريحان} برفع الراء). [الدر المنثور: 14/239]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر قال: قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة الواقعة فلما بلغت {فروح وريحان} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {فروح وريحان}). [الدر المنثور: 14/239]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عوف عن الحسن أنه كان يقرأها {فروح وريحان} برفع الراء). [الدر المنثور: 14/239]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور، وابن المنذر عن قتادة أنه كان يقرأ {فروح} قال: رحمة قال: وكان الحسن يقرأ {فروح} يقول: راحة). [الدر المنثور: 14/240]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {فروح} قال: راحة {وريحان} قال: استراحة). [الدر المنثور: 14/240]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: يعني بالريحان المستريح من الدنيا {وجنة نعيم} يقول: مغفرة ورحمة). [الدر المنثور: 14/240]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج مالك وأحمد، وعبد بن حميد في مسنده والبخاري ومسلم والنسائي عن أبي قتادة قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرت جنازة فقال: مستريح ومستراح منه فقلنا يا رسول الله: ما المستريح وما المستراح منه قال: العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله سبحانه وتعالى والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب). [الدر المنثور: 14/240]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج القاسم بن مندة في كتاب الأحوال والإيمان بالسؤال عن سلمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أول ما يبشر به المؤمن عند والوفاة بروح وريحان وجنة نعيم وإن أول ما يبشر به المؤمن في قبره أن يقال: أبشر برضا الله تعالى والجنة قدمت خير مقدم قد غفر الله لمن شيعك إلى قبرك وصدق من شهد لك واستجاب لمن استغفر لك). [الدر المنثور: 14/240-241]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج هناد بن السرى، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {فروح وريحان} قال: الروح الفرح والريحان الرزق). [الدر المنثور: 14/241]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي في قوله: {فروح وريحان} قال: فرج من الغم الذي كانوا فيه واستراحة من العمل لا يصلون ولا يصومون). [الدر المنثور: 14/241]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير الضحاك قال: الروح الاستراحة والريحان الرزق). [الدر المنثور: 14/241]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير وأبو القاسم بن منده في كتاب السؤال عن الحسن في قوله: {فروح وريحان} قال: ذاك في الآخرة فاستفهمه بعض القوم فقال: أما والله إنهم ليسرون بذلك عند الموت). [الدر المنثور: 14/241]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {فروح وريحان} قال: الريحان الرزق). [الدر المنثور: 14/241]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال: الروح الرحمة والريحان هو هذا الريحان). [الدر المنثور: 14/242]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {فروح وريحان} قال: الروح الرحمة والريحان يتلقى به عند الموت). [الدر المنثور: 14/242]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج المروزي في الجنائز، وابن جرير عن الحسن قال: تخرج روح المؤمن من جسده في ريحانة ثم قرأ {فأما إن كان من المقربين (88) فروح وريحان}). [الدر المنثور: 14/242]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي الدنيا في ذكر الموت وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن أبي عمران الجوني في قوله: {فأما إن كان من المقربين (88) فروح وريحان} قال: بلغني إن المؤمن إذا نزل به الموت تلقى بضبائر الريحان من الجنة فيجعل روحه فيها). [الدر المنثور: 14/242]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال: لم يكن أحد من المقربين يفارق الدنيا حتى يؤتى بغصن من ريحان الجنة فيشمه ثم يقبض). [الدر المنثور: 14/242]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت عن بكر بن عبد الله قال: إذا أمر ملك الموت بقبض روح المؤمن أتى بريحان من الجنة فقيل له: اقبض روحه فيه وإذا أمر بقبض روح الكافر أتى ببجاد من النار فقيل له: أقبضه فيه). [الدر المنثور: 14/242-243]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البزار، وابن مردويه عن أبي هريرة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: إن المؤمن إذا حضر أتته الملائكة بحريرة فيها مسك وضبائر ريحان فتسل روحه كما تسل الشعرة من العجين ويقال: أيتها النفس الطيبة أخرجي راضية مرضيا عنك إلى روح الله وكرامته فإذا خرجت روحه وضعت على ذلك المسك والريحان وطويت عليها الحريرة وذهب به إلى عليين وإن الكافر إذا حضر أتته الملائكة بمسح فيه جمر فتنزع روحه انتزاعا شديدا ويقال: أيتا النفس الخبيثة أخرجي ساخطة مسخوطا عليك إلى هوان الله عذابه فإذا خرجت روحه وضعت على تلك الجمرة فإن لها نشيشا ويطوى عليها المسح ويذهب به إلى سجين). [الدر المنثور: 14/243]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبن أبي الدنيا في ذكر الموت عن إبراهيم النخعي قال: بلغنا أن المؤمن يستقبل عند موته بطيب من طيب الجنة وريحان من ريحان الجنة فتقبض روحه فتجعل في حرير الجنة ثم ينضح بذلك الطيب ويلف في الريحان ثم ترتقي به ملائكة الرحمة حتى يجعل في عليين). [الدر المنثور: 14/243]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بعض أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم: {فأما إن كان من المقربين (88) فروح وريحان} قال: هذا في الدنيا {وأما إن كان من المكذبين الضالين (92) فنزل من حميم (93) وتصلية جحيم} قال: هذا في الدنيا). [الدر المنثور: 14/244]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، وابن المنذر، وابن مردويه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: حدثني فلان بن فلان سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره الله لقاءه فأكب القوم يبكون فقالوا: إنا نكره الموت قال: ليس ذاك ولكنه إذا حضر {فأما إن كان من المقربين (88) فروح وريحان وجنة نعيم} فإذا بشر بذلك أحب لقاء الله والله للقائه أحب {وأما إن كان من المكذبين الضالين (92) فنزل من حميم} فإذا بشر بذلك كره لقاء الله والله للقائه أكره). [الدر المنثور: 14/244-245]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج آدم ابن أبي إياس عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآيات {فلولا إذا بلغت الحلقوم} إلى قوله: {فروح وريحان وجنة نعيم} إلى قوله: {فنزل من حميم (93) وتصلية جحيم} ثم قال: إذا كان عند الموت قيل له هذا فإن كان من أصحاب اليمين أحب لقاء الله وأحب الله لقاءه وإن كان من أصحاب الشمال كره لقاء الله وكره الله لقاءه). [الدر المنثور: 14/245]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه فقالت عائشة رضي الله عنها: إنا لنكره الموت فقال: ليس ذاك ولكن المؤمن إذا حضر الموت بشر برضوان الله وكرامته فليس شيء أحب إليه مما أمامه وأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه وإن الكافر إذا حضر بشر بعذاب الله وعقوبته فليس شيء أكره إليه مما أمامه وكره لقاء الله وكره الله لقاءه). [الدر المنثور: 14/245]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من ميت يموت إلا وهو يعرف غاسله ويناشد حامله إن كان بخير {فروح وريحان وجنة نعيم} أن يعجله وإن كان بشر {فنزل من حميم (93) وتصلية جحيم} أن يحبسه). [الدر المنثور: 14/246]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي أنبأنا الحسين بن عبد الله بن يزيد أنبأنا محمد بن عبد الله بن سابور أنبأنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك أو عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إذا وقعت الواقعة} قال: الساعة.
{ليس لوقعتها كاذبة} يقول: من كذب بها في الدنيا فإنه لا يكذب بها في الآخرة إذا وقعت {خافضة رافعة} قال: القيامة خافضة يقول: خفضت فأسمعت الأذنين ورفعت فأسمعت الأقصى كان القريب والبعيد فيها سواء قال: وخفضت أقواما قد كانوا في الدنيا مرتفعين ورفعت أقواما حتى جعلتهم في أعلى عليين {إذا رجت الأرض رجا} قال: هي الزلزلة {وبست الجبال بسا} {فكانت هباء منبثا} قال: الحكم والسدي قال: على هذا الهرج هرج الدواب الذي يحرك الغبار {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: العباد يوم القيامة على ثلاثة منازل {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة} هم: الجمهور جماعة أهل الجنة {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} هم أصحاب الشمال يقول: ما لهم وما أعد لهم {والسابقون السابقون} هم مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال من الأولين والآخرين {أولئك المقربون} قال: هم أقرب الناس من دار الرحمن من بطنان الجنة وبطنانها وسطها في جنات النعيم {ثلة من الأولين (13) وقليل من الآخرين (14) على سرر موضونة} قال: الموضونة الموصولة بالذهب المكللة بالجوهر والياقوت {متكئين عليها متقابلين} قال ابن عباس: ما ينظر الرجل منهم في قفا صاحبه يقول: حلقا حلقا {يطوف عليهم ولدان مخلدون} قال: خلقهم الله في الجنة كما خلق الحور العين لا يموتون لا يشيبون ولا يهرمون {بأكواب وأباريق} والأكواب التي ليس لها آذان مثل الصواع والأباريق التي لها الخراطم الأعناق {وكأس من معين} قال: الكأس من الخمر بعينها ولا يكون كأس حتى يكون فيها الخمر فإذا لم يكن فيها خمر فإنما هو إناء والمعين يقول: من خمر جار {لا يصدعون عنها} عن الخمر {ولا ينزفون} لا تذهب بعقولهم {وفاكهة مما يتخيرون} يقول: مما يشتهون يقول: يجيئهم الطير حتى يقع فيبسط جناحه فيأكلون منه ما اشتهوا نضجا لم تنضجه النار حتى إذا شبعوا منه طار فذهب كما كان {وحور عين} قال: الحور البيض والعين العظام الأعين حسان {كأمثال اللؤلؤ} قال: كبياض اللؤلؤ التي لم تمسه الأيدي ولا الدهر {المكنون} الذي في الأصداف، ثم قال {جزاء بما كانوا يعملون (24) لا يسمعون فيها لغوا} قال: اللغو الحلف لا والله وبلى والله {ولا تأثيما} قال: قال لا يموتون {إلا قيلا سلاما سلاما} يقول: التسليم منهم وعليهم بعضهم على بعض قال: هؤلاء المقربون ثم قال: {وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين} وما أعد لهم {في سدر مخضود} والمخضود الموقر الذي لا شوك فيه {وطلح منضود (29) وظل ممدود} يقول: ظل الجنة لا ينقطع ممدود عليهم أبدا {وماء مسكوب} يقول: مصبوب {وفاكهة كثيرة (32) لا مقطوعة ولا ممنوعة} قال: لا تنقطع حينا وتجيء حينا مثل فاكهة الدنيا ولا ممنوعة كما تمنع في الدنيا إلا بثمن {وفرش مرفوعة} يقول: بعضها فوق بعض ثم قال: {إنا أنشأناهن إنشاء} قال: هؤلاء نساء أهل الجنة وهؤلاء العجز الرمص يقول: خلقهم خلقا {فجعلناهن أبكارا} يقول: عذارى {عربا أترابا} والعرب المتحببات إلى أزواجهن والأتراب المصطحبات اللاتي لا تغرن { لأصحاب اليمين (38) ثلة من الأولين (39) وثلة من الآخرين } يقول: طائفة من الأولين وطائفة من الآخرين {وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال} ما لهم وما أعد لهم {في سموم} قال: فيح نار جهنم {وحميم} الماء: الجار الذي قد انتهى حره فليس فوقه حر {وظل من يحموم} قال: من دخان جهنم {لا بارد ولا كريم} إنهم كانوا قبل ذلك مترفين قال: مشركين جبارين {وكانوا يصرون} يقيمون {على الحنث العظيم} قال: على الإثم العظيم قال: هو الشرك {وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما} إلى قوله: {أو آباؤنا الأولون} قال: قل يا محمد إن الأولين والآخرين لمجموعون {إلى ميقات يوم معلوم} قال: يوم القيامة {ثم إنكم أيها الضالون} قال: المشركون المكذبون {لآكلون من شجر من زقوم} قال: والزقوم إذا أكلوا منه خصبوا والزقوم شجرة {فمالئون منها البطون} قال: يملؤون من الزقوم بطونهم {فشاربون عليه من الحميم} يقول: على الزقوم الحميم {فشاربون شرب الهيم} هي الرمال لو مطرت عليها السماء أبدا لم ير فيها مستنقع {هذا نزلهم يوم الدين} كرامة يوم الحساب {نحن خلقناكم فلولا تصدقون} يقول: أفلا تصدقون {أفرأيتم ما تمنون} يقول: هذا ماء الرجل {أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون} {نحن قدرنا بينكم الموت} في المتعجل والمتأخر {وما نحن بمسبوقين (60) على أن نبدل أمثالكم} فيقول: نذهب بكم ونجيء بغيركم {وننشئكم في ما لا تعلمون} يقول: نخلقكم فيها لا تعلمون إن نشأ خلقناكم قردة وإن نشأ خلقناكم خنازير {ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون} يقول: فهلا تذكرون ثم قال: {أفرأيتم ما تحرثون} يقول: ما تزرعون {أم نحن الزارعون} يقول: أليس نحن الذي ننبته أم أنتم المنبتون {لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون} يقول: تندمون {إنا لمغرمون} يقول: إنا للمواريه {بل نحن محرومون (67) أفرأيتم الماء الذي تشربون (68) أأنتم أنزلتموه من المزن} يقول: من السحاب {أم نحن المنزلون (69) لو نشاء جعلناه أجاجا} يقول: مرا {فلولا تشكرون} يقول: فهلا تشكرون {أفرأيتم النار التي تورون} يقول: تقدحون {أأنتم أنشأتم} يقول: خلقتم {شجرتها أم نحن المنشئون} قال: وهي من كل شجرة إلا في العناب وتكون في الحجارة {نحن جعلناها تذكرة} يقول: يتذكر بها نار الآخرة العليا {ومتاعا للمقوين} قال: والمقوي هو الذي لا يجد نارا فيخرج زنده فيستنور ناره فهي متاع له {فسبح باسم ربك العظيم} يقول: فصل لربك العظيم {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: أتى ابن عباس علبة بن الأسود أو نافع بن الحكم فقال له: يا ابن عباس إني أقرأ آيات من كتاب الله أخشى أن يكون قد دخلني منها شيء، قال ابن عباس: ولم ذلك قال: لأني أسمع الله يقول: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) (سورة القدر الآية 2) ويقول: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين) (سورة الدخان الآية 3) ويقول في آية أخرى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) (سورة البقرة الآية 185) وقد نزل في الشهور كلها شوال وغيره، قال ابن عباس: ويلك إن جملة القرآن أنزل من السماء في ليلة القدر إلى موقع النجوم يقول: إلى سماء الدنيا فنزل به جبريل في ليلة منه وهي ليلة القدر المباركة وفي رمضان ثم نزل به على محمد صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة الآية والآيتين والأكثر، فذلك قوله: {لا أقسم} يقول: أقسم {بمواقع النجوم} {وإنه لقسم} والقسم قسم وقوله: {لا يمسه إلا المطهرون} وهم السفرة والسفرة هم الكتبة، ثم قال: {تنزيل من رب العالمين (81) أفبهذا الحديث أنتم مدهنون} يقول: تولون أهل الشرك وتجعلون رزقكم قال ابن عباس رضي الله عنهما: سافر النّبيّ صلى الله عليه وسلم في حر فعطش الناس عطشا شديدا حتى كادت أعناقهم أن تنقطع من العطش فذكر ذلك له قالوا: يا رسول الله لو دعوت الله فسقانا قال لعلي إن دعوت الله فسقاكم لقلتم هذا بنوء كذا وكذا قالوا: يا رسول الله ما هذا بحين أنواء ذهبت حين الأنواء فدعا بماء في مطهرة فتوضأ ثم ركع ركعتين ثم دعا الله فهبت رياح وهاج سحاب ثم أرسلت فمطروا حتى سال الوادي فشربوا وسقوا دوابهم ثم مر النّبيّ صلى الله عليه وسلم برجل وهو يغترف بقعب معه من الوادي وهو يقول: نوء كذا وكذا سقطت الغداة قال: نزلت هذه الآية {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون (82) فلولا إذا بلغت الحلقوم} يقول: النفس {وأنتم حينئذ تنظرون} {ونحن أقرب إليه منكم} يقول: الملائكة {ولكن لا تبصرون} يقول: لا تبصرون الملائكة {فلولا} يقول: هلا {إن كنتم غير مدينين} غير محاسبين {ترجعونها} يقول: ترجعوا النفس {إن كنتم صادقين (87) فأما إن كان من المقربين} مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال {فروح} الفرح مثل قوله: (ولا تيأسوامن روح الله) (سورة يوسف الآية 87) {وريحان} الرزق قال ابن عباس: لا تخرج روح المؤمن من بدنه حتى يأكل من ثمار الجنة قبل موته {وجنة نعيم} يقول: حققت له الجنة والآخرة). [الدر المنثور: 14/247-253]

تفسير قوله تعالى: (وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأمّا إن كان من أصحاب اليمين (90) فسلامٌ لك من أصحاب اليمين (91) وأمّا إن كان من المكذّبين الضّالّين (92) فنزلٌ من حميمٍ (93) وتصلية جحيمٍ}.
قال أبو جعفرٍ رحمه الله: يقول تعالى ذكره: {وأمّا إن كان}. الميّت {من أصحاب اليمين}. الّذين يؤخذ بهم إلى الجنّة من ذات أيمانهم {فسلامٌ لّك من أصحاب اليمين}). [جامع البيان: 22/380]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي أنبأنا الحسين بن عبد الله بن يزيد أنبأنا محمد بن عبد الله بن سابور أنبأنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك أو عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إذا وقعت الواقعة} قال: الساعة.
{ليس لوقعتها كاذبة} يقول: من كذب بها في الدنيا فإنه لا يكذب بها في الآخرة إذا وقعت {خافضة رافعة} قال: القيامة خافضة يقول: خفضت فأسمعت الأذنين ورفعت فأسمعت الأقصى كان القريب والبعيد فيها سواء قال: وخفضت أقواما قد كانوا في الدنيا مرتفعين ورفعت أقواما حتى جعلتهم في أعلى عليين {إذا رجت الأرض رجا} قال: هي الزلزلة {وبست الجبال بسا} {فكانت هباء منبثا} قال: الحكم والسدي قال: على هذا الهرج هرج الدواب الذي يحرك الغبار {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: العباد يوم القيامة على ثلاثة منازل {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة} هم: الجمهور جماعة أهل الجنة {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} هم أصحاب الشمال يقول: ما لهم وما أعد لهم {والسابقون السابقون} هم مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال من الأولين والآخرين {أولئك المقربون} قال: هم أقرب الناس من دار الرحمن من بطنان الجنة وبطنانها وسطها في جنات النعيم {ثلة من الأولين (13) وقليل من الآخرين (14) على سرر موضونة} قال: الموضونة الموصولة بالذهب المكللة بالجوهر والياقوت {متكئين عليها متقابلين} قال ابن عباس: ما ينظر الرجل منهم في قفا صاحبه يقول: حلقا حلقا {يطوف عليهم ولدان مخلدون} قال: خلقهم الله في الجنة كما خلق الحور العين لا يموتون لا يشيبون ولا يهرمون {بأكواب وأباريق} والأكواب التي ليس لها آذان مثل الصواع والأباريق التي لها الخراطم الأعناق {وكأس من معين} قال: الكأس من الخمر بعينها ولا يكون كأس حتى يكون فيها الخمر فإذا لم يكن فيها خمر فإنما هو إناء والمعين يقول: من خمر جار {لا يصدعون عنها} عن الخمر {ولا ينزفون} لا تذهب بعقولهم {وفاكهة مما يتخيرون} يقول: مما يشتهون يقول: يجيئهم الطير حتى يقع فيبسط جناحه فيأكلون منه ما اشتهوا نضجا لم تنضجه النار حتى إذا شبعوا منه طار فذهب كما كان {وحور عين} قال: الحور البيض والعين العظام الأعين حسان {كأمثال اللؤلؤ} قال: كبياض اللؤلؤ التي لم تمسه الأيدي ولا الدهر {المكنون} الذي في الأصداف، ثم قال {جزاء بما كانوا يعملون (24) لا يسمعون فيها لغوا} قال: اللغو الحلف لا والله وبلى والله {ولا تأثيما} قال: قال لا يموتون {إلا قيلا سلاما سلاما} يقول: التسليم منهم وعليهم بعضهم على بعض قال: هؤلاء المقربون ثم قال: {وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين} وما أعد لهم {في سدر مخضود} والمخضود الموقر الذي لا شوك فيه {وطلح منضود (29) وظل ممدود} يقول: ظل الجنة لا ينقطع ممدود عليهم أبدا {وماء مسكوب} يقول: مصبوب {وفاكهة كثيرة (32) لا مقطوعة ولا ممنوعة} قال: لا تنقطع حينا وتجيء حينا مثل فاكهة الدنيا ولا ممنوعة كما تمنع في الدنيا إلا بثمن {وفرش مرفوعة} يقول: بعضها فوق بعض ثم قال: {إنا أنشأناهن إنشاء} قال: هؤلاء نساء أهل الجنة وهؤلاء العجز الرمص يقول: خلقهم خلقا {فجعلناهن أبكارا} يقول: عذارى {عربا أترابا} والعرب المتحببات إلى أزواجهن والأتراب المصطحبات اللاتي لا تغرن { لأصحاب اليمين (38) ثلة من الأولين (39) وثلة من الآخرين } يقول: طائفة من الأولين وطائفة من الآخرين {وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال} ما لهم وما أعد لهم {في سموم} قال: فيح نار جهنم {وحميم} الماء: الجار الذي قد انتهى حره فليس فوقه حر {وظل من يحموم} قال: من دخان جهنم {لا بارد ولا كريم} إنهم كانوا قبل ذلك مترفين قال: مشركين جبارين {وكانوا يصرون} يقيمون {على الحنث العظيم} قال: على الإثم العظيم قال: هو الشرك {وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما} إلى قوله: {أو آباؤنا الأولون} قال: قل يا محمد إن الأولين والآخرين لمجموعون {إلى ميقات يوم معلوم} قال: يوم القيامة {ثم إنكم أيها الضالون} قال: المشركون المكذبون {لآكلون من شجر من زقوم} قال: والزقوم إذا أكلوا منه خصبوا والزقوم شجرة {فمالئون منها البطون} قال: يملؤون من الزقوم بطونهم {فشاربون عليه من الحميم} يقول: على الزقوم الحميم {فشاربون شرب الهيم} هي الرمال لو مطرت عليها السماء أبدا لم ير فيها مستنقع {هذا نزلهم يوم الدين} كرامة يوم الحساب {نحن خلقناكم فلولا تصدقون} يقول: أفلا تصدقون {أفرأيتم ما تمنون} يقول: هذا ماء الرجل {أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون} {نحن قدرنا بينكم الموت} في المتعجل والمتأخر {وما نحن بمسبوقين (60) على أن نبدل أمثالكم} فيقول: نذهب بكم ونجيء بغيركم {وننشئكم في ما لا تعلمون} يقول: نخلقكم فيها لا تعلمون إن نشأ خلقناكم قردة وإن نشأ خلقناكم خنازير {ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون} يقول: فهلا تذكرون ثم قال: {أفرأيتم ما تحرثون} يقول: ما تزرعون {أم نحن الزارعون} يقول: أليس نحن الذي ننبته أم أنتم المنبتون {لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون} يقول: تندمون {إنا لمغرمون} يقول: إنا للمواريه {بل نحن محرومون (67) أفرأيتم الماء الذي تشربون (68) أأنتم أنزلتموه من المزن} يقول: من السحاب {أم نحن المنزلون (69) لو نشاء جعلناه أجاجا} يقول: مرا {فلولا تشكرون} يقول: فهلا تشكرون {أفرأيتم النار التي تورون} يقول: تقدحون {أأنتم أنشأتم} يقول: خلقتم {شجرتها أم نحن المنشئون} قال: وهي من كل شجرة إلا في العناب وتكون في الحجارة {نحن جعلناها تذكرة} يقول: يتذكر بها نار الآخرة العليا {ومتاعا للمقوين} قال: والمقوي هو الذي لا يجد نارا فيخرج زنده فيستنور ناره فهي متاع له {فسبح باسم ربك العظيم} يقول: فصل لربك العظيم {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: أتى ابن عباس علبة بن الأسود أو نافع بن الحكم فقال له: يا ابن عباس إني أقرأ آيات من كتاب الله أخشى أن يكون قد دخلني منها شيء، قال ابن عباس: ولم ذلك قال: لأني أسمع الله يقول: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) (سورة القدر الآية 2) ويقول: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين) (سورة الدخان الآية 3) ويقول في آية أخرى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) (سورة البقرة الآية 185) وقد نزل في الشهور كلها شوال وغيره، قال ابن عباس: ويلك إن جملة القرآن أنزل من السماء في ليلة القدر إلى موقع النجوم يقول: إلى سماء الدنيا فنزل به جبريل في ليلة منه وهي ليلة القدر المباركة وفي رمضان ثم نزل به على محمد صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة الآية والآيتين والأكثر، فذلك قوله: {لا أقسم} يقول: أقسم {بمواقع النجوم} {وإنه لقسم} والقسم قسم وقوله: {لا يمسه إلا المطهرون} وهم السفرة والسفرة هم الكتبة، ثم قال: {تنزيل من رب العالمين (81) أفبهذا الحديث أنتم مدهنون} يقول: تولون أهل الشرك وتجعلون رزقكم قال ابن عباس رضي الله عنهما: سافر النّبيّ صلى الله عليه وسلم في حر فعطش الناس عطشا شديدا حتى كادت أعناقهم أن تنقطع من العطش فذكر ذلك له قالوا: يا رسول الله لو دعوت الله فسقانا قال لعلي إن دعوت الله فسقاكم لقلتم هذا بنوء كذا وكذا قالوا: يا رسول الله ما هذا بحين أنواء ذهبت حين الأنواء فدعا بماء في مطهرة فتوضأ ثم ركع ركعتين ثم دعا الله فهبت رياح وهاج سحاب ثم أرسلت فمطروا حتى سال الوادي فشربوا وسقوا دوابهم ثم مر النّبيّ صلى الله عليه وسلم برجل وهو يغترف بقعب معه من الوادي وهو يقول: نوء كذا وكذا سقطت الغداة قال: نزلت هذه الآية {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون فلولا إذا بلغت الحلقوم} يقول: النفس {وأنتم حينئذ تنظرون} {ونحن أقرب إليه منكم} يقول: الملائكة {ولكن لا تبصرون} يقول: لا تبصرون الملائكة {فلولا} يقول: هلا {إن كنتم غير مدينين} غير محاسبين {ترجعونها} يقول: ترجعوا النفس {إن كنتم صادقين (87) فأما إن كان من المقربين} مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال {فروح} الفرح مثل قوله: (ولا تيأسوامن روح الله) (سورة يوسف الآية 87) {وريحان} الرزق قال ابن عباس: لا تخرج روح المؤمن من بدنه حتى يأكل من ثمار الجنة قبل موته {وجنة نعيم} يقول: حققت له الجنة والآخرة {وأما إن كان من أصحاب اليمين} يقول: جمهور أهل الجنة). [الدر المنثور: 14/247-254] (م)

تفسير قوله تعالى: (فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (91) )

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({فسلامٌ لك} [الواقعة: 91] : أي مسلّمٌ لك: إنّك من أصحاب اليمين، وألغيت إنّ وهو معناها، كما تقول: أنت مصدّقٌ، مسافرٌ عن قليلٍ، إذا كان قد قال: إنّي مسافرٌ عن قليلٍ، وقد يكون كالدّعاء له، كقولك فسقيًا من الرّجال، إن رفعت السّلام فهو من الدّعاء "). [صحيح البخاري: 6/146]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله فسلامٌ لك أي مسلّمٌ لك إنّك من أصحاب اليمين وألغيت إنّ وهو معناها كما تقول أنت مصدق ومسافر عن قليل إذا كان قد قال إنّي مسافرٌ عن قليلٍ هو كلام الفرّاء بلفظه لكن قال أنت مصدّقٌ مسافرٌ بغير واوٍ وهو الوجه والتّقدير أنت مصدّقٌ أنّك مسافرٌ ويؤيّد ما قال الفرّاء ما أخرج بن المنذر من طريق عطاء عن بن عبّاسٍ قال تأتيه الملائكة من قبل اللّه سلامٌ لك من أصحاب اليمين تخبره أنّه من أصحاب اليمين قوله وقد يكون كالدّعاء له كقولك فسقيا من الرّجال إن رفعت السّلام فهو من الدّعاء هو كلام الفرّاء أيضًا بلفظه لكنّه قال وإن رفعت السّلام فهو دعاءٌ). [فتح الباري: 8/627]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (فسلامٌ لك. أي مسلّمٌ لك إنّك من أصحاب اليمين وألغيت إنّ وهو معناها كما تقول أنت مصدّقٌ مسافرٌ عن قليلٍ إذا كان قد قال إنّي مسافرٌ عن قليلٍ وقد يكون كالدّعاء له كقولك فسقيا من الرّجال إن رفعت السّلام فهو من الدّعاء.
أشار به إلى قوله تعالى: {وأما إن كان من أصحاب اليمين فسلام لك من أصحاب اليمين} (الواقعة: 90، 91) وأشار إلى أن كلمة: أن، فيه محذوفة وهو قوله: {أنّك من أصحاب اليمين} . قوله: (وألغيت: إن) بالغين المعجمة من الإلغاء، وروى: وألقيت بالقاف وهو بمعناه. قوله: (وهو معناها) أراد به أن كلمة: إن، وإن حذفت فمعناها مراد. قوله: (كما تقول) إلى قوله: (عن قليل) ، تمثيل لما ذكره أي: كقولك لمن قال إنّي مسافر عن قريب أنت مصدق مسافر عن قليل أي أنت مصدق إنّك مسافر عن قليل، فحذف لفظ: إن، هنا أيضا، ولكن معناها مراد قوله: (وقد يكون) ، أي: لفظ سلام. (كالدعاء له) أي: لمن خاطبه من أصحاب اليمين، يعني: الدّعاء له منهم كقولك، فسقيا لك من أصحاب اليمين، وانتصاب: سقيا على أنه مصدر لفعل محذوف تقديره: سقاك الله سقيا، وأما رفع السّلام فعلى الابتداء. وإن كان نكرة لأنّه دعاء وهو من المخصصات ومعناه: سلمت سلاما ثمّ حذف الفعل ورفع المصدر. وقيل: تعريف المصدر وتنكيره سواء لشموله فهو راجع إلى معنى العموم، وقال: الزّمخشريّ: معناه سلام لك يا صاحب اليمين من إخوانك أصحاب اليمين، أي: يسلمون عليك، وقال الثّعلبيّ: فسلام لك رفع على معنى: فلك سلام أي: سلامة لك يا محمّد منهم فلا تهتم لهم، فإنّهم سلموا من عذاب الله تعالى، وقال الفراء: مسلم لك أنهم من أصحاب اليمين، ويقال: لصاحب اليمين إنّه مسلم لك أنّك من أصحاب اليمين، وقيل: سلام عليك من أصحاب اليمين. قوله: (إن رفعت السّلام) قيل: لم يقرأه أحد بالنّصب فلا معنى لقوله: إن رفعت، وأجيب بأن: سقيا بالنّصب يكون دعاء، بخلاف السّلام فإنّه بالرّفع دعاء وبالنّصب لا يكون دعاء). [عمدة القاري: 19/220]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({فسلام لك} أي مسلم) بتشديد اللام ولأبي ذر فسلم بفاء بدل الميم وكسر السين وسكون اللام (لك) أي ({إنك من أصحاب اليمين} وألغيت) تركت (إنّ) من قوله: إنك (وهو معناها) وإن ألغيت (كما تقول) لرجل (أنت مصدق) بفتح الدال المشددة (مسافر عن قليل) أي أنت مصدق أنك مسافر عن قليل فتحذف لفظ إن (إذ كان) الذي قلت له ذلك (قد قال إني مسافر عن قليل) وفي نسخة عن قريب بدل قليل (وقد يكون) لفظ السلام كالدعاء له) للمخاطب من أصحاب اليمين (كقولك فسقيا من الرجال) بفتح السين نصب أي سقاك الله سقيا (إن رفعت السلام فهو من الدعاء) وإن نصبت لا يكون دعاء ولم يقرأ به أحد). [إرشاد الساري: 7/373]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول الله عز وجل: {فسلامٌ لك من أصحاب اليمين} قال: يسلّم عليه الملائكة وجيرانه من أصحاب اليمين). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 111]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (ثمّ اختلف في معنى قوله: {فسلامٌ لك من أصحاب اليمين}. فقال أهل التّأويل فيه ما:
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وأمّا إن كان من أصحاب اليمين (90) فسلامٌ لك من أصحاب اليمين} قال: سلامٌ من عند اللّه، وسلّمت عليه ملائكة اللّه.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {وأمّا إن كان من أصحاب اليمين (90) فسلامٌ لك من أصحاب اليمين}. قال: سلم ممّا يكره.
وأمّا أهل العربيّة فإنّهم اختلفوا في ذلك، فقال بعض نحويّي البصرة {وأمّا إن كان من أصحاب اليمين (90) فسلامٌ لك من أصحاب اليمين}. أي فيقال: سلمٌ لك.
وقال بعض نحويّي الكوفة: قوله: {فسلامٌ لك من أصحاب اليمين}. أي فذلك مسلّمٌ لك أنّك من أصحاب اليمين، وألقيت أنّ وهو معناها، كما تقول: أنت مصدّقٌ مسافرٌ عن قليلٍ، إذا كان قد قال: إنّي مسافرٌ عن قليلٍ، وكذلك يجب معناه أنّك مسافرٌ عن قليلٍ، ومصدّقٌ عن قليلٍ قال: وقوله: {فسلامٌ لك}. معناه: فسلّم لك أنت من أصحاب اليمين قال: وقد يكون كالدّعاء له، كقوله: فسقيًا لك من الرّجال قال: وإن رفعت السّلام فهو دعاءٌ، واللّه أعلم بصوابه.
وقال آخر منهم قوله: {فأمّا إن كان من المقرّبين}. فإنّه جمع بين جوابين، ليعلم أنّ أمّا جزاءٌ قال: وأمّا قوله: {فسلامٌ لك من أصحاب اليمين}. فإنّ معناه فسلامٌ لك أنّك من أصحاب اليمين قال: وهذا أصل الكلمة مسلّمٌ لك هذا، ثمّ حذفت أنّ وأقيم من مقامها قال: وقد قيل: فسلامٌ لك أنت من أصحاب اليمين، فهو على ذاك: أي سلامٌ لك يقال: أنت من أصحاب اليمين، وهذا كلّه على كلامين قال: وقد قيل مسلّمٌ: أي كما تقول: فسلامٌ لك من القوم، كما تقول: فسقيًا لك من القوم، فتكون كلمةً واحدةً.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب أن يقال: معناه: فسلامٌ لك إنّك من أصحاب اليمين، ثمّ حذفت أن، واجتزئ بدلالة من عليها منها، فسلمت من عذاب اللّه، وممّا تكره، لأنّك من أصحاب اليمين). [جامع البيان: 22/380-381]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {فسلام لك من أصحاب اليمين} قال: تأتيه الملائكة بالسلام من قبل الله تسلم عليه وتخبره أنه من أصحاب اليمين). [الدر المنثور: 14/244]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة في قوله: {فسلام لك من أصحاب اليمين} قال: سلام من عذاب الله وسلمت عليه ملائكة الله). [الدر المنثور: 14/244]

تفسير قوله تعالى: (وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وأمّا إن كان من المكذّبين الضّالّين (92) فنزلٌ من حميمٍ}.
يقول تعالى: وأمّا إن كان الميّت من المكذّبين بآيات اللّه، الحائدين عن سبيله، فله نزلٌ من حميمٍ قد أغلي حتّى انتهى حرّه، فهو شرابه). [جامع البيان: 22/381-382]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن الربيع بن خيثم في قوله: {فأما إن كان من المقربين (88) فروح وريحان} قال: هذا له عند الموت {وجنة نعيم} قال: تخبأ له الجنة إلى يوم يبعث {وأما إن كان من المكذبين الضالين (92) فنزل من حميم} قال: هذا عند الموت {وتصلية جحيم} قال: تخبأ له الجحيم إلى يوم يبعث). [الدر المنثور: 14/238-239] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي أنبأنا الحسين بن عبد الله بن يزيد أنبأنا محمد بن عبد الله بن سابور أنبأنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك أو عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إذا وقعت الواقعة} قال: الساعة.
{ليس لوقعتها كاذبة} يقول: من كذب بها في الدنيا فإنه لا يكذب بها في الآخرة إذا وقعت {خافضة رافعة} قال: القيامة خافضة يقول: خفضت فأسمعت الأذنين ورفعت فأسمعت الأقصى كان القريب والبعيد فيها سواء قال: وخفضت أقواما قد كانوا في الدنيا مرتفعين ورفعت أقواما حتى جعلتهم في أعلى عليين {إذا رجت الأرض رجا} قال: هي الزلزلة {وبست الجبال بسا} {فكانت هباء منبثا} قال: الحكم والسدي قال: على هذا الهرج هرج الدواب الذي يحرك الغبار {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: العباد يوم القيامة على ثلاثة منازل {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة} هم: الجمهور جماعة أهل الجنة {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} هم أصحاب الشمال يقول: ما لهم وما أعد لهم {والسابقون السابقون} هم مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال من الأولين والآخرين {أولئك المقربون} قال: هم أقرب الناس من دار الرحمن من بطنان الجنة وبطنانها وسطها في جنات النعيم {ثلة من الأولين (13) وقليل من الآخرين (14) على سرر موضونة} قال: الموضونة الموصولة بالذهب المكللة بالجوهر والياقوت {متكئين عليها متقابلين} قال ابن عباس: ما ينظر الرجل منهم في قفا صاحبه يقول: حلقا حلقا {يطوف عليهم ولدان مخلدون} قال: خلقهم الله في الجنة كما خلق الحور العين لا يموتون لا يشيبون ولا يهرمون {بأكواب وأباريق} والأكواب التي ليس لها آذان مثل الصواع والأباريق التي لها الخراطم الأعناق {وكأس من معين} قال: الكأس من الخمر بعينها ولا يكون كأس حتى يكون فيها الخمر فإذا لم يكن فيها خمر فإنما هو إناء والمعين يقول: من خمر جار {لا يصدعون عنها} عن الخمر {ولا ينزفون} لا تذهب بعقولهم {وفاكهة مما يتخيرون} يقول: مما يشتهون يقول: يجيئهم الطير حتى يقع فيبسط جناحه فيأكلون منه ما اشتهوا نضجا لم تنضجه النار حتى إذا شبعوا منه طار فذهب كما كان {وحور عين} قال: الحور البيض والعين العظام الأعين حسان {كأمثال اللؤلؤ} قال: كبياض اللؤلؤ التي لم تمسه الأيدي ولا الدهر {المكنون} الذي في الأصداف، ثم قال {جزاء بما كانوا يعملون (24) لا يسمعون فيها لغوا} قال: اللغو الحلف لا والله وبلى والله {ولا تأثيما} قال: قال لا يموتون {إلا قيلا سلاما سلاما} يقول: التسليم منهم وعليهم بعضهم على بعض قال: هؤلاء المقربون ثم قال: {وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين} وما أعد لهم {في سدر مخضود} والمخضود الموقر الذي لا شوك فيه {وطلح منضود (29) وظل ممدود} يقول: ظل الجنة لا ينقطع ممدود عليهم أبدا {وماء مسكوب} يقول: مصبوب {وفاكهة كثيرة (32) لا مقطوعة ولا ممنوعة} قال: لا تنقطع حينا وتجيء حينا مثل فاكهة الدنيا ولا ممنوعة كما تمنع في الدنيا إلا بثمن {وفرش مرفوعة} يقول: بعضها فوق بعض ثم قال: {إنا أنشأناهن إنشاء} قال: هؤلاء نساء أهل الجنة وهؤلاء العجز الرمص يقول: خلقهم خلقا {فجعلناهن أبكارا} يقول: عذارى {عربا أترابا} والعرب المتحببات إلى أزواجهن والأتراب المصطحبات اللاتي لا تغرن { لأصحاب اليمين (38) ثلة من الأولين (39) وثلة من الآخرين } يقول: طائفة من الأولين وطائفة من الآخرين {وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال} ما لهم وما أعد لهم {في سموم} قال: فيح نار جهنم {وحميم} الماء: الجار الذي قد انتهى حره فليس فوقه حر {وظل من يحموم} قال: من دخان جهنم {لا بارد ولا كريم} إنهم كانوا قبل ذلك مترفين قال: مشركين جبارين {وكانوا يصرون} يقيمون {على الحنث العظيم} قال: على الإثم العظيم قال: هو الشرك {وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما} إلى قوله: {أو آباؤنا الأولون} قال: قل يا محمد إن الأولين والآخرين لمجموعون {إلى ميقات يوم معلوم} قال: يوم القيامة {ثم إنكم أيها الضالون} قال: المشركون المكذبون {لآكلون من شجر من زقوم} قال: والزقوم إذا أكلوا منه خصبوا والزقوم شجرة {فمالئون منها البطون} قال: يملؤون من الزقوم بطونهم {فشاربون عليه من الحميم} يقول: على الزقوم الحميم {فشاربون شرب الهيم} هي الرمال لو مطرت عليها السماء أبدا لم ير فيها مستنقع {هذا نزلهم يوم الدين} كرامة يوم الحساب {نحن خلقناكم فلولا تصدقون} يقول: أفلا تصدقون {أفرأيتم ما تمنون} يقول: هذا ماء الرجل {أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون} {نحن قدرنا بينكم الموت} في المتعجل والمتأخر {وما نحن بمسبوقين (60) على أن نبدل أمثالكم} فيقول: نذهب بكم ونجيء بغيركم {وننشئكم في ما لا تعلمون} يقول: نخلقكم فيها لا تعلمون إن نشأ خلقناكم قردة وإن نشأ خلقناكم خنازير {ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون} يقول: فهلا تذكرون ثم قال: {أفرأيتم ما تحرثون} يقول: ما تزرعون {أم نحن الزارعون} يقول: أليس نحن الذي ننبته أم أنتم المنبتون {لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون} يقول: تندمون {إنا لمغرمون} يقول: إنا للمواريه {بل نحن محرومون (67) أفرأيتم الماء الذي تشربون (68) أأنتم أنزلتموه من المزن} يقول: من السحاب {أم نحن المنزلون (69) لو نشاء جعلناه أجاجا} يقول: مرا {فلولا تشكرون} يقول: فهلا تشكرون {أفرأيتم النار التي تورون} يقول: تقدحون {أأنتم أنشأتم} يقول: خلقتم {شجرتها أم نحن المنشئون} قال: وهي من كل شجرة إلا في العناب وتكون في الحجارة {نحن جعلناها تذكرة} يقول: يتذكر بها نار الآخرة العليا {ومتاعا للمقوين} قال: والمقوي هو الذي لا يجد نارا فيخرج زنده فيستنور ناره فهي متاع له {فسبح باسم ربك العظيم} يقول: فصل لربك العظيم {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: أتى ابن عباس علبة بن الأسود أو نافع بن الحكم فقال له: يا ابن عباس إني أقرأ آيات من كتاب الله أخشى أن يكون قد دخلني منها شيء، قال ابن عباس: ولم ذلك قال: لأني أسمع الله يقول: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) (سورة القدر الآية 2) ويقول: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين) (سورة الدخان الآية 3) ويقول في آية أخرى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) (سورة البقرة الآية 185) وقد نزل في الشهور كلها شوال وغيره، قال ابن عباس: ويلك إن جملة القرآن أنزل من السماء في ليلة القدر إلى موقع النجوم يقول: إلى سماء الدنيا فنزل به جبريل في ليلة منه وهي ليلة القدر المباركة وفي رمضان ثم نزل به على محمد صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة الآية والآيتين والأكثر، فذلك قوله: {لا أقسم} يقول: أقسم {بمواقع النجوم} {وإنه لقسم} والقسم قسم وقوله: {لا يمسه إلا المطهرون} وهم السفرة والسفرة هم الكتبة، ثم قال: {تنزيل من رب العالمين (81) أفبهذا الحديث أنتم مدهنون} يقول: تولون أهل الشرك وتجعلون رزقكم قال ابن عباس رضي الله عنهما: سافر النّبيّ صلى الله عليه وسلم في حر فعطش الناس عطشا شديدا حتى كادت أعناقهم أن تنقطع من العطش فذكر ذلك له قالوا: يا رسول الله لو دعوت الله فسقانا قال لعلي إن دعوت الله فسقاكم لقلتم هذا بنوء كذا وكذا قالوا: يا رسول الله ما هذا بحين أنواء ذهبت حين الأنواء فدعا بماء في مطهرة فتوضأ ثم ركع ركعتين ثم دعا الله فهبت رياح وهاج سحاب ثم أرسلت فمطروا حتى سال الوادي فشربوا وسقوا دوابهم ثم مر النّبيّ صلى الله عليه وسلم برجل وهو يغترف بقعب معه من الوادي وهو يقول: نوء كذا وكذا سقطت الغداة قال: نزلت هذه الآية {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون فلولا إذا بلغت الحلقوم} يقول: النفس {وأنتم حينئذ تنظرون} {ونحن أقرب إليه منكم} يقول: الملائكة {ولكن لا تبصرون} يقول: لا تبصرون الملائكة {فلولا} يقول: هلا {إن كنتم غير مدينين} غير محاسبين {ترجعونها} يقول: ترجعوا النفس {إن كنتم صادقين (87) فأما إن كان من المقربين} مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال {فروح} الفرح مثل قوله: (ولا تيأسوامن روح الله) (سورة يوسف الآية 87) {وريحان} الرزق قال ابن عباس: لا تخرج روح المؤمن من بدنه حتى يأكل من ثمار الجنة قبل موته {وجنة نعيم} يقول: حققت له الجنة والآخرة {وأما إن كان من أصحاب اليمين} يقول: جمهور أهل الجنة {فسلام لك من أصحاب اليمين (91) وأما إن كان من المكذبين الضالين} وهم المشركون). [الدر المنثور: 14/247-254] (م)

تفسير قوله تعالى: (فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93) )
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا محمّد بن فضيلٍ، عن سالمٍ، عن منذرٍ، عن الرّبيع بن خثيمٍ في قوله: {فأمّا إن كان من المقرّبين * فروحٌ وريحانٌ وجنّة نعيمٍ} قال: مذخورةٌ له
{وأمّا إن كان من المكذّبين الضّالّين * فنزلٌ من حميمٍ} قال: عنده {وتصلية جحيمٍ} قال: مذخورةٌ له). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 272](م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وأمّا إن كان من المكذّبين الضّالّين (92) فنزلٌ من حميمٍ}.
يقول تعالى: وأمّا إن كان الميّت من المكذّبين بآيات اللّه، الحائدين عن سبيله، فله نزلٌ من حميمٍ قد أغلي حتّى انتهى حرّه، فهو شرابه). [جامع البيان: 22/381-382] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن الربيع بن خيثم في قوله: {فأما إن كان من المقربين (88) فروح وريحان} قال: هذا له عند الموت {وجنة نعيم} قال: تخبأ له الجنة إلى يوم يبعث {وأما إن كان من المكذبين الضالين (92) فنزل من حميم} قال: هذا عند الموت {وتصلية جحيم} قال: تخبأ له الجحيم إلى يوم يبعث). [الدر المنثور: 14/238-239] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وأما إن كان من المكذبين الضالين (92) فنزل من حميم} قال: لا يخرج الكافر من دار الدنيا حتى يشرب كأسا من حميم). [الدر المنثور: 14/244]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في الآية قال: من مات وهو يشرب الخمر شج في وجهه من جمر جهنم). [الدر المنثور: 14/244]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بعض أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم: {فأما إن كان من المقربين (88) فروح وريحان} قال: هذا في الدنيا {وأما إن كان من المكذبين الضالين (92) فنزل من حميم (93) وتصلية جحيم} قال: هذا في الدنيا). [الدر المنثور: 14/244] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، وابن المنذر، وابن مردويه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: حدثني فلان بن فلان سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره الله لقاءه فأكب القوم يبكون فقالوا: إنا نكره الموت قال: ليس ذاك ولكنه إذا حضر {فأما إن كان من المقربين (88) فروح وريحان وجنة نعيم} فإذا بشر بذلك أحب لقاء الله والله للقائه أحب {وأما إن كان من المكذبين الضالين (92) فنزل من حميم} فإذا بشر بذلك كره لقاء الله والله للقائه أكره). [الدر المنثور: 14/244-245] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي أنبأنا الحسين بن عبد الله بن يزيد أنبأنا محمد بن عبد الله بن سابور أنبأنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك أو عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إذا وقعت الواقعة} قال: الساعة.
{ليس لوقعتها كاذبة} يقول: من كذب بها في الدنيا فإنه لا يكذب بها في الآخرة إذا وقعت {خافضة رافعة} قال: القيامة خافضة يقول: خفضت فأسمعت الأذنين ورفعت فأسمعت الأقصى كان القريب والبعيد فيها سواء قال: وخفضت أقواما قد كانوا في الدنيا مرتفعين ورفعت أقواما حتى جعلتهم في أعلى عليين {إذا رجت الأرض رجا} قال: هي الزلزلة {وبست الجبال بسا} {فكانت هباء منبثا} قال: الحكم والسدي قال: على هذا الهرج هرج الدواب الذي يحرك الغبار {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: العباد يوم القيامة على ثلاثة منازل {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة} هم: الجمهور جماعة أهل الجنة {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} هم أصحاب الشمال يقول: ما لهم وما أعد لهم {والسابقون السابقون} هم مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال من الأولين والآخرين {أولئك المقربون} قال: هم أقرب الناس من دار الرحمن من بطنان الجنة وبطنانها وسطها في جنات النعيم {ثلة من الأولين (13) وقليل من الآخرين (14) على سرر موضونة} قال: الموضونة الموصولة بالذهب المكللة بالجوهر والياقوت {متكئين عليها متقابلين} قال ابن عباس: ما ينظر الرجل منهم في قفا صاحبه يقول: حلقا حلقا {يطوف عليهم ولدان مخلدون} قال: خلقهم الله في الجنة كما خلق الحور العين لا يموتون لا يشيبون ولا يهرمون {بأكواب وأباريق} والأكواب التي ليس لها آذان مثل الصواع والأباريق التي لها الخراطم الأعناق {وكأس من معين} قال: الكأس من الخمر بعينها ولا يكون كأس حتى يكون فيها الخمر فإذا لم يكن فيها خمر فإنما هو إناء والمعين يقول: من خمر جار {لا يصدعون عنها} عن الخمر {ولا ينزفون} لا تذهب بعقولهم {وفاكهة مما يتخيرون} يقول: مما يشتهون يقول: يجيئهم الطير حتى يقع فيبسط جناحه فيأكلون منه ما اشتهوا نضجا لم تنضجه النار حتى إذا شبعوا منه طار فذهب كما كان {وحور عين} قال: الحور البيض والعين العظام الأعين حسان {كأمثال اللؤلؤ} قال: كبياض اللؤلؤ التي لم تمسه الأيدي ولا الدهر {المكنون} الذي في الأصداف، ثم قال {جزاء بما كانوا يعملون (24) لا يسمعون فيها لغوا} قال: اللغو الحلف لا والله وبلى والله {ولا تأثيما} قال: قال لا يموتون {إلا قيلا سلاما سلاما} يقول: التسليم منهم وعليهم بعضهم على بعض قال: هؤلاء المقربون ثم قال: {وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين} وما أعد لهم {في سدر مخضود} والمخضود الموقر الذي لا شوك فيه {وطلح منضود (29) وظل ممدود} يقول: ظل الجنة لا ينقطع ممدود عليهم أبدا {وماء مسكوب} يقول: مصبوب {وفاكهة كثيرة (32) لا مقطوعة ولا ممنوعة} قال: لا تنقطع حينا وتجيء حينا مثل فاكهة الدنيا ولا ممنوعة كما تمنع في الدنيا إلا بثمن {وفرش مرفوعة} يقول: بعضها فوق بعض ثم قال: {إنا أنشأناهن إنشاء} قال: هؤلاء نساء أهل الجنة وهؤلاء العجز الرمص يقول: خلقهم خلقا {فجعلناهن أبكارا} يقول: عذارى {عربا أترابا} والعرب المتحببات إلى أزواجهن والأتراب المصطحبات اللاتي لا تغرن { لأصحاب اليمين (38) ثلة من الأولين (39) وثلة من الآخرين } يقول: طائفة من الأولين وطائفة من الآخرين {وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال} ما لهم وما أعد لهم {في سموم} قال: فيح نار جهنم {وحميم} الماء: الجار الذي قد انتهى حره فليس فوقه حر {وظل من يحموم} قال: من دخان جهنم {لا بارد ولا كريم} إنهم كانوا قبل ذلك مترفين قال: مشركين جبارين {وكانوا يصرون} يقيمون {على الحنث العظيم} قال: على الإثم العظيم قال: هو الشرك {وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما} إلى قوله: {أو آباؤنا الأولون} قال: قل يا محمد إن الأولين والآخرين لمجموعون {إلى ميقات يوم معلوم} قال: يوم القيامة {ثم إنكم أيها الضالون} قال: المشركون المكذبون {لآكلون من شجر من زقوم} قال: والزقوم إذا أكلوا منه خصبوا والزقوم شجرة {فمالئون منها البطون} قال: يملؤون من الزقوم بطونهم {فشاربون عليه من الحميم} يقول: على الزقوم الحميم {فشاربون شرب الهيم} هي الرمال لو مطرت عليها السماء أبدا لم ير فيها مستنقع {هذا نزلهم يوم الدين} كرامة يوم الحساب {نحن خلقناكم فلولا تصدقون} يقول: أفلا تصدقون {أفرأيتم ما تمنون} يقول: هذا ماء الرجل {أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون} {نحن قدرنا بينكم الموت} في المتعجل والمتأخر {وما نحن بمسبوقين (60) على أن نبدل أمثالكم} فيقول: نذهب بكم ونجيء بغيركم {وننشئكم في ما لا تعلمون} يقول: نخلقكم فيها لا تعلمون إن نشأ خلقناكم قردة وإن نشأ خلقناكم خنازير {ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون} يقول: فهلا تذكرون ثم قال: {أفرأيتم ما تحرثون} يقول: ما تزرعون {أم نحن الزارعون} يقول: أليس نحن الذي ننبته أم أنتم المنبتون {لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون} يقول: تندمون {إنا لمغرمون} يقول: إنا للمواريه {بل نحن محرومون (67) أفرأيتم الماء الذي تشربون (68) أأنتم أنزلتموه من المزن} يقول: من السحاب {أم نحن المنزلون (69) لو نشاء جعلناه أجاجا} يقول: مرا {فلولا تشكرون} يقول: فهلا تشكرون {أفرأيتم النار التي تورون} يقول: تقدحون {أأنتم أنشأتم} يقول: خلقتم {شجرتها أم نحن المنشئون} قال: وهي من كل شجرة إلا في العناب وتكون في الحجارة {نحن جعلناها تذكرة} يقول: يتذكر بها نار الآخرة العليا {ومتاعا للمقوين} قال: والمقوي هو الذي لا يجد نارا فيخرج زنده فيستنور ناره فهي متاع له {فسبح باسم ربك العظيم} يقول: فصل لربك العظيم {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: أتى ابن عباس علبة بن الأسود أو نافع بن الحكم فقال له: يا ابن عباس إني أقرأ آيات من كتاب الله أخشى أن يكون قد دخلني منها شيء، قال ابن عباس: ولم ذلك قال: لأني أسمع الله يقول: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) (سورة القدر الآية 2) ويقول: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين) (سورة الدخان الآية 3) ويقول في آية أخرى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) (سورة البقرة الآية 185) وقد نزل في الشهور كلها شوال وغيره، قال ابن عباس: ويلك إن جملة القرآن أنزل من السماء في ليلة القدر إلى موقع النجوم يقول: إلى سماء الدنيا فنزل به جبريل في ليلة منه وهي ليلة القدر المباركة وفي رمضان ثم نزل به على محمد صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة الآية والآيتين والأكثر، فذلك قوله: {لا أقسم} يقول: أقسم {بمواقع النجوم} {وإنه لقسم} والقسم قسم وقوله: {لا يمسه إلا المطهرون} وهم السفرة والسفرة هم الكتبة، ثم قال: {تنزيل من رب العالمين (81) أفبهذا الحديث أنتم مدهنون} يقول: تولون أهل الشرك وتجعلون رزقكم قال ابن عباس رضي الله عنهما: سافر النّبيّ صلى الله عليه وسلم في حر فعطش الناس عطشا شديدا حتى كادت أعناقهم أن تنقطع من العطش فذكر ذلك له قالوا: يا رسول الله لو دعوت الله فسقانا قال لعلي إن دعوت الله فسقاكم لقلتم هذا بنوء كذا وكذا قالوا: يا رسول الله ما هذا بحين أنواء ذهبت حين الأنواء فدعا بماء في مطهرة فتوضأ ثم ركع ركعتين ثم دعا الله فهبت رياح وهاج سحاب ثم أرسلت فمطروا حتى سال الوادي فشربوا وسقوا دوابهم ثم مر النّبيّ صلى الله عليه وسلم برجل وهو يغترف بقعب معه من الوادي وهو يقول: نوء كذا وكذا سقطت الغداة قال: نزلت هذه الآية {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون فلولا إذا بلغت الحلقوم} يقول: النفس {وأنتم حينئذ تنظرون} {ونحن أقرب إليه منكم} يقول: الملائكة {ولكن لا تبصرون} يقول: لا تبصرون الملائكة {فلولا} يقول: هلا {إن كنتم غير مدينين} غير محاسبين {ترجعونها} يقول: ترجعوا النفس {إن كنتم صادقين (87) فأما إن كان من المقربين} مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال {فروح} الفرح مثل قوله: (ولا تيأسوامن روح الله) (سورة يوسف الآية 87) {وريحان} الرزق قال ابن عباس: لا تخرج روح المؤمن من بدنه حتى يأكل من ثمار الجنة قبل موته {وجنة نعيم} يقول: حققت له الجنة والآخرة {وأما إن كان من أصحاب اليمين} يقول: جمهور أهل الجنة {فسلام لك من أصحاب اليمين (91) وأما إن كان من المكذبين الضالين} وهم المشركون {فنزل من حميم} قال: ابن عباس رضي الله عنهما لا يخرج الكافر من بيته في الدنيا حتى يسقى كأسا من حميم). [الدر المنثور: 14/247-254] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94) )
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا محمّد بن فضيلٍ، عن سالمٍ، عن منذرٍ، عن الرّبيع بن خثيمٍ في قوله: {فأمّا إن كان من المقرّبين فروحٌ وريحانٌ وجنّة نعيمٍ} قال: مذخورةٌ له
{وأمّا إن كان من المكذّبين الضّالّين فنزلٌ من حميمٍ} قال: عنده {وتصلية جحيمٍ} قال: مذخورةٌ له). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 272](م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({وتصلية جحيمٍ}. يقول: وحريق النّار يحرق بها؛ والتّصلية: التّفعلة من صلاه اللّه النّار فهو يصليه تصليةً، وذلك إذا أحرقه بها). [جامع البيان: 22/382]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن الربيع بن خيثم في قوله: {فأما إن كان من المقربين (88) فروح وريحان} قال: هذا له عند الموت {وجنة نعيم} قال: تخبأ له الجنة إلى يوم يبعث {وأما إن كان من المكذبين الضالين (92) فنزل من حميم} قال: هذا عند الموت {وتصلية جحيم} قال: تخبأ له الجحيم إلى يوم يبعث). [الدر المنثور: 14/238-239] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج آدم ابن أبي إياس عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآيات {فلولا إذا بلغت الحلقوم} إلى قوله: {فروح وريحان وجنة نعيم} إلى قوله: {فنزل من حميم (93) وتصلية جحيم} ثم قال: إذا كان عند الموت قيل له هذا فإن كان من أصحاب اليمين أحب لقاء الله وأحب الله لقاءه وإن كان من أصحاب الشمال كره لقاء الله وكره الله لقاءه). [الدر المنثور: 14/245] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه فقالت عائشة رضي الله عنها: إنا لنكره الموت فقال: ليس ذاك ولكن المؤمن إذا حضر الموت بشر برضوان الله وكرامته فليس شيء أحب إليه مما أمامه وأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه وإن الكافر إذا حضر بشر بعذاب الله وعقوبته فليس شيء أكره إليه مما أمامه وكره لقاء الله وكره الله لقاءه). [الدر المنثور: 14/245] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من ميت يموت إلا وهو يعرف غاسله ويناشد حامله إن كان بخير {فروح وريحان وجنة نعيم} أن يعجله وإن كان بشر {فنزل من حميم (93) وتصلية جحيم} أن يحبسه). [الدر المنثور: 14/246] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي أنبأنا الحسين بن عبد الله بن يزيد أنبأنا محمد بن عبد الله بن سابور أنبأنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك أو عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إذا وقعت الواقعة} قال: الساعة.
{ليس لوقعتها كاذبة} يقول: من كذب بها في الدنيا فإنه لا يكذب بها في الآخرة إذا وقعت {خافضة رافعة} قال: القيامة خافضة يقول: خفضت فأسمعت الأذنين ورفعت فأسمعت الأقصى كان القريب والبعيد فيها سواء قال: وخفضت أقواما قد كانوا في الدنيا مرتفعين ورفعت أقواما حتى جعلتهم في أعلى عليين {إذا رجت الأرض رجا} قال: هي الزلزلة {وبست الجبال بسا} {فكانت هباء منبثا} قال: الحكم والسدي قال: على هذا الهرج هرج الدواب الذي يحرك الغبار {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: العباد يوم القيامة على ثلاثة منازل {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة} هم: الجمهور جماعة أهل الجنة {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} هم أصحاب الشمال يقول: ما لهم وما أعد لهم {والسابقون السابقون} هم مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال من الأولين والآخرين {أولئك المقربون} قال: هم أقرب الناس من دار الرحمن من بطنان الجنة وبطنانها وسطها في جنات النعيم {ثلة من الأولين (13) وقليل من الآخرين (14) على سرر موضونة} قال: الموضونة الموصولة بالذهب المكللة بالجوهر والياقوت {متكئين عليها متقابلين} قال ابن عباس: ما ينظر الرجل منهم في قفا صاحبه يقول: حلقا حلقا {يطوف عليهم ولدان مخلدون} قال: خلقهم الله في الجنة كما خلق الحور العين لا يموتون لا يشيبون ولا يهرمون {بأكواب وأباريق} والأكواب التي ليس لها آذان مثل الصواع والأباريق التي لها الخراطم الأعناق {وكأس من معين} قال: الكأس من الخمر بعينها ولا يكون كأس حتى يكون فيها الخمر فإذا لم يكن فيها خمر فإنما هو إناء والمعين يقول: من خمر جار {لا يصدعون عنها} عن الخمر {ولا ينزفون} لا تذهب بعقولهم {وفاكهة مما يتخيرون} يقول: مما يشتهون يقول: يجيئهم الطير حتى يقع فيبسط جناحه فيأكلون منه ما اشتهوا نضجا لم تنضجه النار حتى إذا شبعوا منه طار فذهب كما كان {وحور عين} قال: الحور البيض والعين العظام الأعين حسان {كأمثال اللؤلؤ} قال: كبياض اللؤلؤ التي لم تمسه الأيدي ولا الدهر {المكنون} الذي في الأصداف، ثم قال {جزاء بما كانوا يعملون (24) لا يسمعون فيها لغوا} قال: اللغو الحلف لا والله وبلى والله {ولا تأثيما} قال: قال لا يموتون {إلا قيلا سلاما سلاما} يقول: التسليم منهم وعليهم بعضهم على بعض قال: هؤلاء المقربون ثم قال: {وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين} وما أعد لهم {في سدر مخضود} والمخضود الموقر الذي لا شوك فيه {وطلح منضود (29) وظل ممدود} يقول: ظل الجنة لا ينقطع ممدود عليهم أبدا {وماء مسكوب} يقول: مصبوب {وفاكهة كثيرة (32) لا مقطوعة ولا ممنوعة} قال: لا تنقطع حينا وتجيء حينا مثل فاكهة الدنيا ولا ممنوعة كما تمنع في الدنيا إلا بثمن {وفرش مرفوعة} يقول: بعضها فوق بعض ثم قال: {إنا أنشأناهن إنشاء} قال: هؤلاء نساء أهل الجنة وهؤلاء العجز الرمص يقول: خلقهم خلقا {فجعلناهن أبكارا} يقول: عذارى {عربا أترابا} والعرب المتحببات إلى أزواجهن والأتراب المصطحبات اللاتي لا تغرن { لأصحاب اليمين (38) ثلة من الأولين (39) وثلة من الآخرين } يقول: طائفة من الأولين وطائفة من الآخرين {وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال} ما لهم وما أعد لهم {في سموم} قال: فيح نار جهنم {وحميم} الماء: الجار الذي قد انتهى حره فليس فوقه حر {وظل من يحموم} قال: من دخان جهنم {لا بارد ولا كريم} إنهم كانوا قبل ذلك مترفين قال: مشركين جبارين {وكانوا يصرون} يقيمون {على الحنث العظيم} قال: على الإثم العظيم قال: هو الشرك {وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما} إلى قوله: {أو آباؤنا الأولون} قال: قل يا محمد إن الأولين والآخرين لمجموعون {إلى ميقات يوم معلوم} قال: يوم القيامة {ثم إنكم أيها الضالون} قال: المشركون المكذبون {لآكلون من شجر من زقوم} قال: والزقوم إذا أكلوا منه خصبوا والزقوم شجرة {فمالئون منها البطون} قال: يملؤون من الزقوم بطونهم {فشاربون عليه من الحميم} يقول: على الزقوم الحميم {فشاربون شرب الهيم} هي الرمال لو مطرت عليها السماء أبدا لم ير فيها مستنقع {هذا نزلهم يوم الدين} كرامة يوم الحساب {نحن خلقناكم فلولا تصدقون} يقول: أفلا تصدقون {أفرأيتم ما تمنون} يقول: هذا ماء الرجل {أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون} {نحن قدرنا بينكم الموت} في المتعجل والمتأخر {وما نحن بمسبوقين (60) على أن نبدل أمثالكم} فيقول: نذهب بكم ونجيء بغيركم {وننشئكم في ما لا تعلمون} يقول: نخلقكم فيها لا تعلمون إن نشأ خلقناكم قردة وإن نشأ خلقناكم خنازير {ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون} يقول: فهلا تذكرون ثم قال: {أفرأيتم ما تحرثون} يقول: ما تزرعون {أم نحن الزارعون} يقول: أليس نحن الذي ننبته أم أنتم المنبتون {لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون} يقول: تندمون {إنا لمغرمون} يقول: إنا للمواريه {بل نحن محرومون (67) أفرأيتم الماء الذي تشربون (68) أأنتم أنزلتموه من المزن} يقول: من السحاب {أم نحن المنزلون (69) لو نشاء جعلناه أجاجا} يقول: مرا {فلولا تشكرون} يقول: فهلا تشكرون {أفرأيتم النار التي تورون} يقول: تقدحون {أأنتم أنشأتم} يقول: خلقتم {شجرتها أم نحن المنشئون} قال: وهي من كل شجرة إلا في العناب وتكون في الحجارة {نحن جعلناها تذكرة} يقول: يتذكر بها نار الآخرة العليا {ومتاعا للمقوين} قال: والمقوي هو الذي لا يجد نارا فيخرج زنده فيستنور ناره فهي متاع له {فسبح باسم ربك العظيم} يقول: فصل لربك العظيم {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: أتى ابن عباس علبة بن الأسود أو نافع بن الحكم فقال له: يا ابن عباس إني أقرأ آيات من كتاب الله أخشى أن يكون قد دخلني منها شيء، قال ابن عباس: ولم ذلك قال: لأني أسمع الله يقول: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) (سورة القدر الآية 2) ويقول: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين) (سورة الدخان الآية 3) ويقول في آية أخرى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) (سورة البقرة الآية 185) وقد نزل في الشهور كلها شوال وغيره، قال ابن عباس: ويلك إن جملة القرآن أنزل من السماء في ليلة القدر إلى موقع النجوم يقول: إلى سماء الدنيا فنزل به جبريل في ليلة منه وهي ليلة القدر المباركة وفي رمضان ثم نزل به على محمد صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة الآية والآيتين والأكثر، فذلك قوله: {لا أقسم} يقول: أقسم {بمواقع النجوم} {وإنه لقسم} والقسم قسم وقوله: {لا يمسه إلا المطهرون} وهم السفرة والسفرة هم الكتبة، ثم قال: {تنزيل من رب العالمين (81) أفبهذا الحديث أنتم مدهنون} يقول: تولون أهل الشرك وتجعلون رزقكم قال ابن عباس رضي الله عنهما: سافر النّبيّ صلى الله عليه وسلم في حر فعطش الناس عطشا شديدا حتى كادت أعناقهم أن تنقطع من العطش فذكر ذلك له قالوا: يا رسول الله لو دعوت الله فسقانا قال لعلي إن دعوت الله فسقاكم لقلتم هذا بنوء كذا وكذا قالوا: يا رسول الله ما هذا بحين أنواء ذهبت حين الأنواء فدعا بماء في مطهرة فتوضأ ثم ركع ركعتين ثم دعا الله فهبت رياح وهاج سحاب ثم أرسلت فمطروا حتى سال الوادي فشربوا وسقوا دوابهم ثم مر النّبيّ صلى الله عليه وسلم برجل وهو يغترف بقعب معه من الوادي وهو يقول: نوء كذا وكذا سقطت الغداة قال: نزلت هذه الآية {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون فلولا إذا بلغت الحلقوم} يقول: النفس {وأنتم حينئذ تنظرون} {ونحن أقرب إليه منكم} يقول: الملائكة {ولكن لا تبصرون} يقول: لا تبصرون الملائكة {فلولا} يقول: هلا {إن كنتم غير مدينين} غير محاسبين {ترجعونها} يقول: ترجعوا النفس {إن كنتم صادقين (87) فأما إن كان من المقربين} مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال {فروح} الفرح مثل قوله: (ولا تيأسوامن روح الله) (سورة يوسف الآية 87) {وريحان} الرزق قال ابن عباس: لا تخرج روح المؤمن من بدنه حتى يأكل من ثمار الجنة قبل موته {وجنة نعيم} يقول: حققت له الجنة والآخرة {وأما إن كان من أصحاب اليمين} يقول: جمهور أهل الجنة {فسلام لك من أصحاب اليمين (91) وأما إن كان من المكذبين الضالين} وهم المشركون {فنزل من حميم} قال: ابن عباس رضي الله عنهما لا يخرج الكافر من بيته في الدنيا حتى يسقى كأسا من حميم {وتصلية جحيم} يقول: في الآخرة). [الدر المنثور: 14/247-254] (م)

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (95) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ هذا لهو حقّ اليقين (95) فسبّح باسم ربّك العظيم}.
يقول تعالى ذكره: إنّ هذا الّذي أخبرتكم به أيّها النّاس من الخبر عن المقرّبين وأصحاب اليمين، وعن المكذّبين الضّالّين، وما إليه صائرةٌ أمورهم {لهو حقّ اليقين}. يقول: لهو الحقّ من الخبر اليقين لا شكّ فيه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {إنّ هذا لهو حقّ اليقين}. قال: الخبر اليقين.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وأمّا إن كان من المكذّبين الضّالّين فنزلٌ من حميمٍ وتصلية جحيمٍ إنّ هذا لهو حقّ اليقين}. حتّى ختم، إنّ اللّه تعالى ليس تاركًا أحدًا من خلقه حتّى يوقفه على اليقين من هذا القرآن فأمّا المؤمن فأيقن في الدّنيا، فنفعه ذلك يوم القيامة وأمّا الكافر، فأيقن يوم القيامة حين لا ينفعه.
واختلف أهل العربيّة في وجه إضافة الحقّ إلى اليقين، والحقّ يقينٌ، فقال بعض نحويّي البصرة قال: حقّ اليقين، فأضاف الحقّ إلى اليقين، كما قال: {وذلك دين القيّمة}. أي ذلك دين الملّة القيّمة، وذلك حقّ الأمر اليقين قال: وأمّا هذا رجل السّوء، فلا يكون فيه هذا الرّجل السّوء، كما يكون في الحقّ اليقين، لأنّ السّوء ليس بالرّجل، واليقين هو الحقّ وقال بعض أهل الكوفة: اليقين نعتٌ للحقّ، كأنّه قال: الحقّ اليقين، والدّين القيّم، فقد جاء مثله في كثيرٍ من الكلام والقرآن {ولدار الآخرة}. {والدّار الآخرة} قال: فإذا أضيف توهّم به غير الأوّل). [جامع البيان: 22/382-383]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد إن هذا لهو حق اليقين قال يعني الجزاء المبين). [تفسير مجاهد: 2/653]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إن هذا لهو حق اليقين} قال: ما قصصنا عليك في هذه السورة). [الدر المنثور: 14/246]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {إن هذا لهو حق اليقين} قال: إن الله عز وجل ليس تاركا أحدا من خلقه حتى يقفه على اليقين من هذا القرآن فأما المؤمن فأيقن في الدنيا فنفعه ذلك يوم القيامة وأما الكافر فأيقن يوم القيامة حين لا ينفعه اليقين). [الدر المنثور: 14/246]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه {إن هذا لهو حق اليقين} قال: الخبر اليقين). [الدر المنثور: 14/246]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي أنبأنا الحسين بن عبد الله بن يزيد أنبأنا محمد بن عبد الله بن سابور أنبأنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك أو عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إذا وقعت الواقعة} قال: الساعة.
{ليس لوقعتها كاذبة} يقول: من كذب بها في الدنيا فإنه لا يكذب بها في الآخرة إذا وقعت {خافضة رافعة} قال: القيامة خافضة يقول: خفضت فأسمعت الأذنين ورفعت فأسمعت الأقصى كان القريب والبعيد فيها سواء قال: وخفضت أقواما قد كانوا في الدنيا مرتفعين ورفعت أقواما حتى جعلتهم في أعلى عليين {إذا رجت الأرض رجا} قال: هي الزلزلة {وبست الجبال بسا} {فكانت هباء منبثا} قال: الحكم والسدي قال: على هذا الهرج هرج الدواب الذي يحرك الغبار {وكنتم أزواجا ثلاثة} قال: العباد يوم القيامة على ثلاثة منازل {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة} هم: الجمهور جماعة أهل الجنة {وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} هم أصحاب الشمال يقول: ما لهم وما أعد لهم {والسابقون السابقون} هم مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال من الأولين والآخرين {أولئك المقربون} قال: هم أقرب الناس من دار الرحمن من بطنان الجنة وبطنانها وسطها في جنات النعيم {ثلة من الأولين (13) وقليل من الآخرين (14) على سرر موضونة} قال: الموضونة الموصولة بالذهب المكللة بالجوهر والياقوت {متكئين عليها متقابلين} قال ابن عباس: ما ينظر الرجل منهم في قفا صاحبه يقول: حلقا حلقا {يطوف عليهم ولدان مخلدون} قال: خلقهم الله في الجنة كما خلق الحور العين لا يموتون لا يشيبون ولا يهرمون {بأكواب وأباريق} والأكواب التي ليس لها آذان مثل الصواع والأباريق التي لها الخراطم الأعناق {وكأس من معين} قال: الكأس من الخمر بعينها ولا يكون كأس حتى يكون فيها الخمر فإذا لم يكن فيها خمر فإنما هو إناء والمعين يقول: من خمر جار {لا يصدعون عنها} عن الخمر {ولا ينزفون} لا تذهب بعقولهم {وفاكهة مما يتخيرون} يقول: مما يشتهون يقول: يجيئهم الطير حتى يقع فيبسط جناحه فيأكلون منه ما اشتهوا نضجا لم تنضجه النار حتى إذا شبعوا منه طار فذهب كما كان {وحور عين} قال: الحور البيض والعين العظام الأعين حسان {كأمثال اللؤلؤ} قال: كبياض اللؤلؤ التي لم تمسه الأيدي ولا الدهر {المكنون} الذي في الأصداف، ثم قال {جزاء بما كانوا يعملون (24) لا يسمعون فيها لغوا} قال: اللغو الحلف لا والله وبلى والله {ولا تأثيما} قال: قال لا يموتون {إلا قيلا سلاما سلاما} يقول: التسليم منهم وعليهم بعضهم على بعض قال: هؤلاء المقربون ثم قال: {وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين} وما أعد لهم {في سدر مخضود} والمخضود الموقر الذي لا شوك فيه {وطلح منضود (29) وظل ممدود} يقول: ظل الجنة لا ينقطع ممدود عليهم أبدا {وماء مسكوب} يقول: مصبوب {وفاكهة كثيرة (32) لا مقطوعة ولا ممنوعة} قال: لا تنقطع حينا وتجيء حينا مثل فاكهة الدنيا ولا ممنوعة كما تمنع في الدنيا إلا بثمن {وفرش مرفوعة} يقول: بعضها فوق بعض ثم قال: {إنا أنشأناهن إنشاء} قال: هؤلاء نساء أهل الجنة وهؤلاء العجز الرمص يقول: خلقهم خلقا {فجعلناهن أبكارا} يقول: عذارى {عربا أترابا} والعرب المتحببات إلى أزواجهن والأتراب المصطحبات اللاتي لا تغرن { لأصحاب اليمين (38) ثلة من الأولين (39) وثلة من الآخرين } يقول: طائفة من الأولين وطائفة من الآخرين {وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال} ما لهم وما أعد لهم {في سموم} قال: فيح نار جهنم {وحميم} الماء: الجار الذي قد انتهى حره فليس فوقه حر {وظل من يحموم} قال: من دخان جهنم {لا بارد ولا كريم} إنهم كانوا قبل ذلك مترفين قال: مشركين جبارين {وكانوا يصرون} يقيمون {على الحنث العظيم} قال: على الإثم العظيم قال: هو الشرك {وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما} إلى قوله: {أو آباؤنا الأولون} قال: قل يا محمد إن الأولين والآخرين لمجموعون {إلى ميقات يوم معلوم} قال: يوم القيامة {ثم إنكم أيها الضالون} قال: المشركون المكذبون {لآكلون من شجر من زقوم} قال: والزقوم إذا أكلوا منه خصبوا والزقوم شجرة {فمالئون منها البطون} قال: يملؤون من الزقوم بطونهم {فشاربون عليه من الحميم} يقول: على الزقوم الحميم {فشاربون شرب الهيم} هي الرمال لو مطرت عليها السماء أبدا لم ير فيها مستنقع {هذا نزلهم يوم الدين} كرامة يوم الحساب {نحن خلقناكم فلولا تصدقون} يقول: أفلا تصدقون {أفرأيتم ما تمنون} يقول: هذا ماء الرجل {أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون} {نحن قدرنا بينكم الموت} في المتعجل والمتأخر {وما نحن بمسبوقين (60) على أن نبدل أمثالكم} فيقول: نذهب بكم ونجيء بغيركم {وننشئكم في ما لا تعلمون} يقول: نخلقكم فيها لا تعلمون إن نشأ خلقناكم قردة وإن نشأ خلقناكم خنازير {ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون} يقول: فهلا تذكرون ثم قال: {أفرأيتم ما تحرثون} يقول: ما تزرعون {أم نحن الزارعون} يقول: أليس نحن الذي ننبته أم أنتم المنبتون {لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون} يقول: تندمون {إنا لمغرمون} يقول: إنا للمواريه {بل نحن محرومون (67) أفرأيتم الماء الذي تشربون (68) أأنتم أنزلتموه من المزن} يقول: من السحاب {أم نحن المنزلون (69) لو نشاء جعلناه أجاجا} يقول: مرا {فلولا تشكرون} يقول: فهلا تشكرون {أفرأيتم النار التي تورون} يقول: تقدحون {أأنتم أنشأتم} يقول: خلقتم {شجرتها أم نحن المنشئون} قال: وهي من كل شجرة إلا في العناب وتكون في الحجارة {نحن جعلناها تذكرة} يقول: يتذكر بها نار الآخرة العليا {ومتاعا للمقوين} قال: والمقوي هو الذي لا يجد نارا فيخرج زنده فيستنور ناره فهي متاع له {فسبح باسم ربك العظيم} يقول: فصل لربك العظيم {فلا أقسم بمواقع النجوم} قال: أتى ابن عباس علبة بن الأسود أو نافع بن الحكم فقال له: يا ابن عباس إني أقرأ آيات من كتاب الله أخشى أن يكون قد دخلني منها شيء، قال ابن عباس: ولم ذلك قال: لأني أسمع الله يقول: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) (سورة القدر الآية 2) ويقول: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين) (سورة الدخان الآية 3) ويقول في آية أخرى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) (سورة البقرة الآية 185) وقد نزل في الشهور كلها شوال وغيره، قال ابن عباس: ويلك إن جملة القرآن أنزل من السماء في ليلة القدر إلى موقع النجوم يقول: إلى سماء الدنيا فنزل به جبريل في ليلة منه وهي ليلة القدر المباركة وفي رمضان ثم نزل به على محمد صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة الآية والآيتين والأكثر، فذلك قوله: {لا أقسم} يقول: أقسم {بمواقع النجوم} {وإنه لقسم} والقسم قسم وقوله: {لا يمسه إلا المطهرون} وهم السفرة والسفرة هم الكتبة، ثم قال: {تنزيل من رب العالمين (81) أفبهذا الحديث أنتم مدهنون} يقول: تولون أهل الشرك وتجعلون رزقكم قال ابن عباس رضي الله عنهما: سافر النّبيّ صلى الله عليه وسلم في حر فعطش الناس عطشا شديدا حتى كادت أعناقهم أن تنقطع من العطش فذكر ذلك له قالوا: يا رسول الله لو دعوت الله فسقانا قال لعلي إن دعوت الله فسقاكم لقلتم هذا بنوء كذا وكذا قالوا: يا رسول الله ما هذا بحين أنواء ذهبت حين الأنواء فدعا بماء في مطهرة فتوضأ ثم ركع ركعتين ثم دعا الله فهبت رياح وهاج سحاب ثم أرسلت فمطروا حتى سال الوادي فشربوا وسقوا دوابهم ثم مر النّبيّ صلى الله عليه وسلم برجل وهو يغترف بقعب معه من الوادي وهو يقول: نوء كذا وكذا سقطت الغداة قال: نزلت هذه الآية {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون فلولا إذا بلغت الحلقوم} يقول: النفس {وأنتم حينئذ تنظرون} {ونحن أقرب إليه منكم} يقول: الملائكة {ولكن لا تبصرون} يقول: لا تبصرون الملائكة {فلولا} يقول: هلا {إن كنتم غير مدينين} غير محاسبين {ترجعونها} يقول: ترجعوا النفس {إن كنتم صادقين (87) فأما إن كان من المقربين} مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال {فروح} الفرح مثل قوله: (ولا تيأسوامن روح الله) (سورة يوسف الآية 87) {وريحان} الرزق قال ابن عباس: لا تخرج روح المؤمن من بدنه حتى يأكل من ثمار الجنة قبل موته {وجنة نعيم} يقول: حققت له الجنة والآخرة {وأما إن كان من أصحاب اليمين} يقول: جمهور أهل الجنة {فسلام لك من أصحاب اليمين (91) وأما إن كان من المكذبين الضالين} وهم المشركون {فنزل من حميم} قال: ابن عباس رضي الله عنهما لا يخرج الكافر من بيته في الدنيا حتى يسقى كأسا من حميم {وتصلية جحيم} يقول: في الآخرة {إن هذا لهو حق اليقين} يقول: هذا القول الذي قصصنا عليك لهو حق اليقين يقول القرآن الصادق والله أعلم). [الدر المنثور: 14/247-254] (م)

تفسير قوله تعالى: (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (96) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فسبّح باسم ربّك العظيم}. يقول تعالى ذكره: فسبّح بتسمية ربّك العظيم بأسمائه الحسنى). [جامع البيان: 22/383]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {فسبح باسم ربك العظيم} قال: فصل لربك). [الدر المنثور: 14/247]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وأبو داود، وابن ماجة، وابن حبان والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في "سننه" عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال: لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم {فسبح باسم ربك العظيم} قال: اجعلوها في ركوعكم ولما نزلت {سبح اسم ربك الأعلى} قال: اجعلوها في سجودكم). [الدر المنثور: 14/247]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالوا يا رسول الله كيف نقول في ركوعنا فأنزل الله الآية التي في آخر سورة الواقعة {فسبح باسم ربك العظيم} فأمرنا أن نقول: سبحان ربي العظيم وترا). [الدر المنثور: 14/247]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 5 رجب 1434هـ/14-05-2013م, 06:04 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى:{أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (81)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أنتم مّدهنون...} مكذبون وكافرون، كلّ قد سمعته). [معاني القرآن: 3/130]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ أنتم مدهنون }: واحدها مدهن , وهو المداهن). [مجاز القرآن: 2/252]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({مدهنون}: أي مكذبون. مدهنون مكذبون وكافرون كل قد سمعته قد أدهن: قد كفر، واحدها مدهن، والمدهن والمداهن واحد). [غريب القرآن وتفسيره: 369]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({أنتم مدهنون}: أي مداهنون. يقال: أدهن في دينه، وداهن). [تفسير غريب القرآن: 451]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {أفبهذا الحديث أنتم مدهنون}
أي: أفبالقرآن تكذبون، والمدهن المداهنّ والكذاب المنافق). [معاني القرآن: 5/116]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): ({مدهنون}: أي: منافقون). [ياقوتة الصراط: 503]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (و{أَنتُم مُّدْهِنُونَ} أي مداهنون, وقيل: مدهنون: مكذّبون.
وقيل: منافقون, وقيل: أنتم تليّنون القول للمكذّبين). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 259]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مُّدْهِنُونَ}: مكذبون). [العمدة في غريب القرآن: 300]

تفسير قوله تعالى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون...}.
جاء في الأثر: تجعلون رزقكم: شكركم، وهو في العربية حسن أن تقول: جعلت زيارتي إياك أنك استخففت بي، فيكون المعنى: جعلت ثواب الزيارة ـ الجفاء. كذلك جعلتم شكر الرزق ـ التكذيب). [معاني القرآن: 3/130]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({وتجعلون رزقكم أنكم تكبون}: أي شكركم. يقال فعلت بك كذا وكذا فما رزقتني أي ما شكرتني).[غريب القرآن وتفسيره: 369]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({وتجعلون رزقكم} : أي : شكركم، {أنّكم تكذّبون}: أي جعلتم شكر الرزق التكذيب.
قال عطاء: «كانوا يمطرون، فيقولون: مطرنا بنوء كذا»). [تفسير غريب القرآن: 452]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون}
كانوا يقولون: مطرنا بنوء كذا، ولا ينسبون السقيا إلى اللّه عزّ وجلّ ,فقيل لهم: أتجعلون رزقكم أي شكركم بما رزقتم التكذيب.
وقرئت (وتجعلون شكركم أنكم أنّكم تكذّبون), ولا ينبغي أن يقرأ بها لخلاف المصحف.
وقد قالوا: إن تفسير رزقكم ههنا الشكر، ورووا أنه يقال "وتجعلون رزقي في معنى شكري" , وليس بصحيح.
إنما الكلام في قوله {وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون}: يدل على معنى {وتجعلون شكركم أنكم تكذبون }: أي تجعلون شكر رزقكم أن تقولوا: مطرنا بنوء كذا، فتكذبون في ذلك). [معاني القرآن: 5/116]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({رِزْقَكُمْ}: شكركم). [العمدة في غريب القرآن: 300]

تفسير قوله تعالى: {فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فلولا إذا بلغت الحلقوم...} يعني: النّفس عند الموت). [معاني القرآن: 3/130]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {فلولا إذا بلغت الحلقوم}: أي فهلا إذا بلغت النفس الحلقوم). [تفسير غريب القرآن: 452]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {فلولا إذا بلغت الحلقوم} يعنى : إذا بلغت الروح الحلقوم). [معاني القرآن: 5/116]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وأنتم حينئذٍ تنظرون...} يعني: أهل الميت عنده ينظرون إليه.
والعرب تخاطب القوم بالفعل كأنهم أصحابه، وإنما يراد به بعضهم: غائباً كان أو شاهداً، فهذا من ذلك كقولك للقوم: أنت قتلتم فلاناً، وإنما قتله الواحد الغائب. ألا ترى أنك قد تقول لأهل المسجد لو آذوا رجلا بالازدحام: اتقوا الله، فإنكم تؤذون المسلمين، فيكون صوابا.
وإنما تعظ غير الفاعل في كثير من الكلام، ويقال: أين جواب (فلولا) الأولى، وجواب التي بعدها؟ والجواب في ذلك: أنهما أجيبا بجواب واحد وهو ترجعونها، وربما أعادت العرب الحرفين ومعناهما واحد. فهذا من ذلك، ومنه: {فإمّا يأتينّكم منّي هدًى فمن تبع هداي فلا خوفٌ عليهم}. أجيبا بجواب واحد وهما جزاءان، ومن ذلك قوله: {لا تحسبنّ الّذين يفرحون بما أتوا وّيحبّون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنّهم}.
وقوله: {أيعدكم أنّكم إذا متّم وكنتم تراباً وعظاماً أنّكم مخرجون} , وقد فسّر في غير هذا الموضوع). [معاني القرآن: 3/130-131]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({وأنتم حينئذ تنظرون} : أي: أنتم يا أهل الميّت في تلك الحال ترونه قد صار إلى أن تخرج نفسه). [معاني القرآن: 5/116]

تفسير قوله تعالى: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (85)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون}
جاء في التفسير أنه لا يموت أحد حتى يعلم أهو من أهل الجنّة أم من أهل النّار). [معاني القرآن: 5/116-117]

تفسير قوله تعالى: {فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (86)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {غير مدينين...} مملوكين، وسمعت: مجزيين). [معاني القرآن: 3/131]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ غير مدينين }: غير مجزيين، دنته، كما تدين تدان، والعبد مدينٌ، قال الأخطل:
ربت وربا في كرمها ابن مدينةٍ يظلّ على مسحاته يتركّل
ابن مدينة : ابن أمةٍ). [مجاز القرآن: 2/252-253]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({فلولا إذا بلغت الحلقوم}
وقال: {فلولا إذا بلغت الحلقوم} , ثم قال: {فلولا إن كنتم غير مدينين} أي: غير مجزيّين مقهورين ترجعون تلك النفس وأنتم ترون كيف تخرج عند ذلك {إن كنتم صادقين}: أنكم تمتنعون من الموت). [معاني القرآن: 4/24-25]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({غير مدينين}: غير مجزيين بأعمالكم). [غريب القرآن وتفسيره: 369]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ( {فلولا إن كنتم غير مدينين}: أي غير مملوكين أذلاء. من قولك: دنت له بالطاعة, وقال أبو عبيدة: {مدينين}: مجزيين). [تفسير غريب القرآن: 452]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( "لولا" و"لوما"
لولا تكون في بعض الأحوال بمعنى: هلّا وذلك إذا رأيتها بغير جواب، تقول: لولا فعلت كذا تريد هلّا، فعلت كذا، قال الله تعالى: {فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ}، {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ}، {فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا}، {فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ}، أي فهلا. وقال: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آَمَنَتْ} .
وقال الشاعر:
تَعُدُّونَ عَقْرَ النِّيبِ أَفْضَلَ مَجْدِكُمْ = بَنِي ضَوْطَرَى لَوْلا الكَمِيَّ المقنَّعَا
أي: فهّلا تعدُّونَ الكميَّ.
وكذلك (لوما)، قال: {لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ} أي هلّا تأتينا). [تأويل مشكل القرآن: 540-541](م)
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ)
: ({غَيْرَ مَدِينِينَ} : أي غير مملوكين. وقيل: [غير] مجزيين بأعمالكم عند أنفسكم.
وقيل: غير مبعوثين، على قولكم. وقيل: غير محاسبين). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 260]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مَدِينِينَ}: مجزيين بأعمالهم). [العمدة في غريب القرآن: 300]

تفسير قوله تعالى: {تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (87)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({فلولا إذا بلغت الحلقوم}
وقال: {فلولا إذا بلغت الحلقوم}, ثم قال: {فلولا إن كنتم غير مدينين} أي: غير مجزيّين مقهورين ترجعون تلك النفس , وأنتم ترون كيف تخرج عند ذلك {إن كنتم صادقين}: أنكم تمتنعون من الموت). [معاني القرآن: 4/24-25] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ترجعونها}: أي تردون النفس!). [تفسير غريب القرآن: 452]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ترجعونها إن كنتم صادقين (87)}: ومعناه: هلّا ترجعون الروح إن كنتم غير مدينين، أي غير مملوكين مدبّرين ليس لكم في الحياة والموت قدرة، فهلّا إن كنتم كما زعمتم ومثل قولكم الذي جاء في القرآن: {الّذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين}, كما قال :{أو كانوا غزّى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا}
فالمعنى: إن كنتم تقدرون أن تؤخروا أجلا فهلّا ترجعون الروح إذا بلغت الحلقوم، وهلّا تدرأون عن أنفسكم الموت). [معاني القرآن: 5/117]

تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فأمّا إن كان من المقرّبين...} من أهل جنة عدن). [معاني القرآن: 3/131]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): (ثم أخبرهم فقال: {فأمّا إن كان من المقرّبين}). [معاني القرآن: 4/25]

تفسير قوله تعالى: {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (89)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): ({فروحٌ وريحانٌ...}...
- وحدثني شيخ , عن حماد بن سلمة , عن عبد الله بن شقيق, عن عائشة, عن النبي صلى الله عليه أنه قال: {فروح وريحان}, وقراءة الحسن كذلك، والأعمش, وعاصم والسّلمي, وأهل المدينة, وسائر القراء.
{فروحٌ} أي: فروح في القبر، ومن قرأ {فروحٌ}: يقول: حياة لا موت فيها، {وريحان}: رزق). [معاني القرآن: 3/131]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({فروحٌ وريحانٌ }, فحياة , وبقاء ورزق , وروح أي: برد). [مجاز القرآن: 2/253]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({فروحٌ وريحان}: أي: فله روحٌ وريحان). [معاني القرآن: 4/25]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ( {فروح}: برد "ومن قرأ فروح فهو الحياة والبقاء أي أحياه الله ورزقه الله".
{وريحان}: أي رزق). [غريب القرآن وتفسيره: 370]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({فروحٌ} في القبر، أي طيب نسيم، {وريحانٌ}: رزق, ومن قرأ: {فروحٌ}، أراد: فحياة وبقاء). [تفسير غريب القرآن: 452]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومن قرأ: (فرُوحٌ وريحانٌ) بضم الراء، أراد فرحمة ورزق.
والريحان: الرزق. قال النّمر بن تولب:
سلام الإله وريحانه = ورحمته وسماء درر
فجمع بين الرّزق والرحمة، كما قال الله تعالى: {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ}، وهذا شاهد لتفسير المفسرين.
قال أبو عبيدة: فرُوحٌ، أراد: حياة وبقاء لا موت فيه.
ومن قرأ: {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ} بالفتح، أراد: الرّاحة وطيب النّسيم.
وقد تكون الرَّوح: الرحمة، قال الله تعالى: {وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ}، أي من رحمته. سمّاها روحا لأنّ الرّوح والرّاحة يكونان بها). [تأويل مشكل القرآن: 487-488] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {فأمّا إن كان من المقرّبين * فروح وريحان وجنّت نعيم}
بفتح الراء في {روح}, ومعناه فاستراحة وبرد، {وريحان}: رزق قال الشاعر:
سلام الإله وريحانه ورحمته وسماء درر
ورويت {فروح} بضم الراء، وتفسيره فحياة دائمة لا موت بعدها (وريحان) رزق. وجائز أن يكون ريحان ههنا تحية لأهل الجنة، وأجمع النحويون أن أصل ريحان في اللغة (ريّحان) من ذوات الواو فالأصل " ريوحان " فقلبت الواو ياء وأدغمت فيها الأولى، فصارت ريحان، فخفف كما قالوا في " ميّت ميت، ولا يجوز في " ريحان " التشديد إلا على بعد لأنه قد زيد فيه ألف ونون فخفف بحذف الياء وألزم التخفيف.
ورفعه على معنى فأما إن كان المتوفى من المقربين فله روح وريحان). [معاني القرآن: 5/117-118]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({فَرَوْح}: أي طيب نسيم من القبر. ومن قرأ: {فُروح}: أراد حياة وبقاء, {وَرَيْحَانٌ}: رزق). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 260]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({فرَوْحٌ}: الحياة , {ورَيْحَانٌ}: رزق). [العمدة في غريب القرآن: 300]

تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: { وأمّا إن كان من أصحاب اليمين * فسلام لك من أصحاب اليمين}
وقد بيّن ما لأصحاب اليمين في أول السورة). [معاني القرآن: 5/118]

تفسير قوله تعالى: {فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (91)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فسلامٌ لّك من أصحاب اليمين...}.
أي: فذلك مسلّم لك أنك من أصحاب اليمين، وألقيت أن , وهو معناها كما تقول: أنت مصدّق مسافر عن قليل إذا كان قد قال: إني مسافر عن قليل.
وكذلك تجد معناه: أنت مصدق أنك مسافر، ومعناه: فسلام لك أنت من أصحاب اليمين.
وقد يكون كالدعاء له، كقولك: فسقيا لك من الرجال، وإن رفعت السلام فهو دعاء.
والله أعلم بصوابه). [معاني القرآن: 3/131]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وأمّا إن كان من أصحاب اليمين * فسلامٌ لّك من أصحاب اليمين} أي: فيقال له "سلامٌ لك"). [معاني القرآن: 4/25]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ومعنى {فسلام لك من أصحاب اليمين}: أنك ترى فيهم ما تحب من السّلامة وقد علمت ما أعدّ لهم من الجزاء). [معاني القرآن: 5/118]

تفسير قوله تعالى: {فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وأمّا إن كان من المكذّبين الضّالّين * فنزل من حميم}
ويقرأ {فنزل} بالتخفيف والتثقيل.
فمعناه: فغذاء من حميم وتصلية جحيم) ). [معاني القرآن: 5/118]

تفسير قوله تعالى: {وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({وتصلية جحيم}: أي: إقامة في جحيم.
فأعلم اللّه - عزّ وجلّ - أن الجحيم ههنا للمكذبين الضالين). [معاني القرآن: 5/118]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (95)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({لهو حقّ اليقين}: مضافاً إلى اليقين وقد يكون صفة له، كقولك: صلاة الأولى وصلاة العصر). [مجاز القرآن: 2/253]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({إنّ هذا لهو حقّ اليقين}
وقال: {حقّ اليقين} فأضاف إلى "اليقين" كما قال: {دين القيّمة} أي: ذلك دين الملّة القيّمة، وذلك حقّ الأمر اليقين. وأما "هذا رجل السوء" فلا يكون فيه: هذا الرجل السوء, كما يكون في "الحقّ اليقين" لأن "السّوء" ليس بـ"الرّجل" و"اليقين هو الحقّ"). [معاني القرآن: 4/25]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إنّ هذا لهو حقّ اليقين}
أي إن هذا الذي قصصنا عليك في هذه السورة من الأقاصيص وما أعد اللّه لأوليائه وأعدائه وما ذكر مما يدل على وحدانيته ليقين حق اليقين، كما تقول: " إن زيدا لعالم حق عالم، وإنه للعالم حق العالم " إذا بالغت في التوكيد). [معاني القرآن: 5/118]

تفسير قوله تعالى: { فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (96)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{فسبّح باسم ربّك العظيم}
أي فنزّه اللّه - عزّ وجلّ - عن السوء، لأن معنى سبحان اللّه تنزيه اللّه عن السوء. كذلك جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأهل اللغة كذلك يفسّرونه: براءة اللّه من السوء.
وأنشد سيبويه في هذا المعنى:
أقول لما جاء في فخره = سبحان من علقمة الفاجر
أي: أبرأ منه). [معاني القرآن: 5/118-119]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 5 رجب 1434هـ/14-05-2013م, 06:08 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (85) }

تفسير قوله تعالى: {فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (86) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ} قال: إذا جاءت إن الثقيلة مع لولا فليس غير الفتح، فإذا خففت كسرت.
وأنشد:
فلولا أنهم كانوا قريشًا = فإن خلافهم جيء بإد).
[مجالس ثعلب: 132]
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (تفسير قوله تعالى: {غير مدينين} [الواقعة: 86] ومعنى الدين
وحدّثنا أبو بكر بن الأنباري، رحمه الله، في قوله تعالى: {فلولا إن كنتم غير مدينين} [الواقعة: 86] معناه غير مجزّيين، قال: وأنشدنا:
ولم يبق سوى العدوا = ن دناهم كما دانوا
أي جازيناهم كما جازوا، ومن ذلك قوله جل وعز: {مالك يوم الدّين} [الفاتحة: 4] ، قال قتادة: معناه مالك يومٍ يدان فيه العباد أي يجازون بأعمالهم، ويكون الدين أيضًا الحساب قال ابن عباس: معنى قوله {مالك يوم الدّين} [الفاتحة: 4] أي: يوم الحساب، ويكون الدّين أيضًا السّلطان، قال زهير:
لئن حللت بجوٍّ في بني أسدٍ = في دين عمروٍ وحالت بيننا فدك
معناه في سلطان، ويكون الدّين أيضًا الطاعة، من ذلك قوله جل وعز: {ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك} [يوسف: 76] معناه في طاعة الملك.
ويكون الدّين أيضًا العبودية والذّل، وجاء في الحديث الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت فمعناه استعبد نفسه وأذلّها لله عز وجل، قال الأعشى:

هو دان الرّباب إذ كرهوا = الدين دراكًا بغزوةٍ وصيال
ثم دانت بعد الرّباب وكانت = كعذابٍ عقوبة الأقوال

يعني أنه أذلهمّ فذلّوا، وقال القطامي:
رمت المقاتل من فؤادك بعدما = كانت نوار تدينك الأديانا
معناه تستعبدك بحبها، ويكون الدين أيضًا الملة، كقولك: نحن على دين إبراهيم، ويكون العادة، قال المثقب العبدي:

تقول إذا درأت لها وضينا = أهذا دينه أبدًا وديني
أكلّ الدهر حلٌّ وارتحالٌ = أما يبقى على وما يقيني

ويكون الدين أيضًا الحال، قال النضر بن شميل: سألت أعرابيًا عن شيء، فقال: لو لقيتني دينٍ غير هذه لأخبرتك، وروى أبو عبيدة قول امرئ القيس:

كدينك من أم الحويرث قبلها = وجارتها أمّ الرباب بمأسل

أي كعادتك.
والعرب تقول: ما زال هذا دينه ودأبه وديدنه وديدانه وديدبونه أي عادته). [الأمالي: 2/294-295]

تفسير قوله تعالى: {تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (87) }

تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) }

تفسير قوله تعالى: {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (89) }
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (الرّوح: السّرور والفرح، قال الله عز وجل: {فروحٌ وريحانٌ} [الواقعة: 89] والريحان: الرزق). [الأمالي: 2/223]

تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90) فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (91) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (تقول: أعجبني الضارب زيداً، لأن الألف واللام للأسماء، فلا يليان ضرب؛ لامتناع ما يكون للأسماء من الأفعال.
فمن ذلك قول زهير:
وإن أتاه خلـيلٌ يوم مـسـألة = يقول: لا غائبٌ ما لي ولا حرم
فقوله: يقول على إرادة الفاء على ما ذكرت لك.
ومن ذلك قول الله عز وجل: {وأما إن كان من أصحاب اليمين * فسلامٌ لك من أصحاب اليمين} الفاء لا بدٌ منها في جواب أما، فقد صارت هاهنا جواباً لها، والفاء وما بعدها يسدان مسد جواب إن.
ولو كان هذا في الكلام: أما إن كان زيد عندك فله درهم، لكان تقديره: مهما يكن من شيءٍ فلزيد درهم إن كان عندك؛ لأن أما فيها معنى الجزاء واقع ولا بد من الفاء. وتقديرها ما ذكرت لك.
ألا ترى أنك تقول: أما زيد فمنطلق، {فأما اليتيم فلا تقهر} فالمعنى: مهما يكن من شيءٍ فلا تقهر اليتيم). [المقتضب: 2/68-69]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 7 ربيع الأول 1440هـ/15-11-2018م, 12:06 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 7 ربيع الأول 1440هـ/15-11-2018م, 12:07 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 7 ربيع الأول 1440هـ/15-11-2018م, 12:15 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (81) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {أفبهذا الحديث أنتم مدهنون} مخاطبة للكفار، و"الحديث" المشار إليه هو القرآن المتضمن البعث، وإن الله تعالى هو خالق الكل، وإن ابن آدم مصرف بقدره وقضائه، وغير ذلك، و"مدهنون" معناه: يلاين بعضكم بعضا ويتبعه في الكفر، مأخوذ من الدهن للينه وإملاسه، وقال أبو قيس بن الأسلت:
الحزم والقوة خير من الـ ... إدهان والفهة والهاع
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: هو المهاودة فيما لا يحل، والمداراة هي المهاودة فيما يحل، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: "مدهنون": مكذبون). [المحرر الوجيز: 8/ 211-212]

تفسير قوله تعالى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله تعالى: {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون}، أجمع المفسرون على أن الآية توبيخ للقائلين في المطر الذي نزله الله تعالى رزقا للعباد: هذا بنوء كذا وكذا وهذا بنوء الأسد، وهذا بنوء الجوزاء وغير ذلك، والمعنى: وتجعلون شكر رزقكم، كما تقول لرجل: جعلت يا فلان إحساني إليك أن سببتني، فالمعنى: جعلت شكر إحساني، وحكى الهيثم بن عدي أن من لغة أزد شنوءة: ما رزق فلان؟ بمعنى: ما شكره؟ وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقرؤها: "وتجعلون شكركم أنكم تكذبون"، وكذلك قرأ ابن عباس رضي الله عنهما، ورويت عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن ابن عباس رضي الله عنهما ضم التاء وفتح الكاف، وعلي رضي الله عنه فتح التاء وسكن الكاف وخفف الذال، ومن هذا المعنى قول الشاعر:
وكان شكر القوم عند المنن ... كي الصحيحات وفقء الأعين
وقد أخبر الله تعالى أنه أنزل من السماء ماء مباركا فأنشأ به جنات وحب الحصيد، والنخل باسقات لها طلع نضيد، رزقا للعباد، فهذا معنى قوله تعالى: {أنكم تكذبون}، أي: بهذا الخبر، وقرأ عاصم في رواية المفضل عنه: "تكذبون" بفتح التاء وسكون الكاف وتخفيف الذال كقراءة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكذبهم في مقالهم بين لأنهم يقولون: هذا بنوء كذا، وذلك كذب منهم وتخرص. وذكر الطبري أن النبي عليه الصلاة والسلام سمع رجلا يقول: مطرنا ببعض عثانين الأسد، فقال له: "كذبت بل هو رزق الله"، والمنهي عنه المكروه هو أن يعتقد أن للطالع من النجوم تأثيرا في المطر، وأما مراعاة بعض الطوالع على مقتضى العادة فقد قال عمر للعباس رضي الله عنهما وهما في الاستسقاء: يا عباس، يا عم النبي صلى الله عليه وسلم: كم بقي من نوء الثريا؟ فقال العباس رضي الله عنه: العلماء يقولون إنها تعترض الأفق بعد سقوطها سبعا، قال ابن المسيب: فما مضت سبع حتى مطروا). [المحرر الوجيز: 8/ 212-213]

تفسير قوله تعالى: {فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {فلولا إذا بلغت الحلقوم} توقيف على موضع عجز يقتضي النظر فيه أن الله تبارك وتعالى مالك كل شيء، والضمير في "بلغت الحلقوم" لنفس الإنسان، والمعنى يقتضيها وإن لم يتقدم لها ذكر، "والحلقوم" مجرى الطعام، وهذه الحال هي نزاع المرء للموت). [المحرر الوجيز: 8/ 213]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: "أنتم" إشارة إلى جميع البشر، وهذا من الاقتضاب، كقوله تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم}. وقرأ عيسى بن عمر: "حينئذ" بكسر النون، و"تنظرون" معناه: إلى المنازع في الموت).[المحرر الوجيز: 8/ 213]

تفسير قوله تعالى: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (85) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ونحن أقرب إليه منكم} يحتمل أن يريد ملائكته ورسله، ويحتمل أن يريد: بقدرتنا وغلبتنا، فعلى الاحتمال الأول يجيء قوله تعالى: {ولكن لا تبصرون} من النظر بالعين، وعلى التأويل الثاني يجيء من النظر بالقلب. وقال عامر بن عبد قيس: ما نظرت إلى شيء إلا رأيت الله تعالى أقرب إليه مني). [المحرر الوجيز: 8/ 213]

تفسير قوله تعالى: {فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (86) تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (87) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم عاد التوقيف والتقرير ثانية بلفظ التحضيض، و"المدين": المملوك، هذا أصح ما يقال في معنى اللفظة هنا، ومن عبر عنها بالمجازى أو المحاسب فذلك هنا قلق، والمملوك يقلب كيف يشاء المالك، ومن هذا الملك قول الأخطل:
ربت فربى في حجرها ابن مدينة ... تراه على مسحاته يتركل
أراد: ابن أمة مملوكة، وهو عبد يخدم الكرم، وقد قيل في معنى هذا البيت: أراد أكارا حضريا لأن الأعراب في البادية لا يعرفون الفلاحة وعمل الكرم، فنسبه إلى المدينة لما كان من أهلها، فمعنى الآية: فلولا ترجعون النفس البالغة الحلقوم إن كنتم غير مملوكين ولا مقهورين، ودين الملك حكمه وسلطانه، وقد نحا إلى هذا المعنى الفراء، وذكره مستوعبا النقاش. وقوله تعالى: "ترجعونها" سدت مسد الأجوبة والبيانات التي تقتضيها التخصيصات، وإذا من قوله تعالى: "فلولا إذا" و"إن" المتكررة، وحمل بعض القول بعضا إيجازا واقتضابا).[المحرر الوجيز: 8/ 213-214]

تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (89) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {فأما إن كان من المقربين * فروح وريحان وجنت نعيم * وأما إن كان من أصحاب اليمين * فسلام لك من أصحاب اليمين * وأما إن كان من المكذبين الضالين * فنزل من حميم * وتصلية جحيم * إن هذا لهو حق اليقين * فسبح باسم ربك العظيم}
ذكر الله تعالى في هذه الآية حال الأزواج الثلاثة المذكورة في أول السورة، وحال كل امرئ منهم، فأما المرء من السابقين المقربين فسيلقى عند موته روحا وريحانا، و"الروح": الرحمة والسعة والفرج والفرح، ومنه: روح الله، و"الريحان": الطيب، وهو دليل النعيم، وقال مجاهد: الريحان: الرزق، وقال أبو العالية، وقتادة، والحسن: الريحان هو الشجر المعروف في الدنيا، يلقى المقرب ريحانا من الجنة، وقرأ ابن عباس، والحسن، وجماعة كثيرة: "فروح" بضم الراء، وقال الحسن: معناه: روحه يخرج في ريحانه، وقال الضحاك: الريحان: الاستراحة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
الريحان ما تنبسط إليه النفوس، وقال الخليل: هو طرف كل بقلة طيبة فيها أوائل النور، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما: "هما ريحانتاي من الدنيا"، وقال النمر بن تولب:
سلام الإله وريحانه ورحمته وسماء درر
وقالت عائشة رضي الله عنها: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ: "فروح" بضم الراء). [المحرر الوجيز: 8/ 214-215]

تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90) فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (91) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {فسلام لك من أصحاب اليمين} عبارة تقتضي جملة مدح، وصفة تخلص وحصولا في عال من المراتب، والمعنى ليس في أمرهم إلا السلام والنجاة من العذاب، وهذا كما تقول في مدح رجل: أما فلان فناهيك به، أو بحسبك أمره، فهذا يقتضي جملة غير مفصلة من مدحه، وقد اضطربت عبارات المتأولين في قوله تعالى: {فسلام لك} فقال قوم: المعنى: فيقال له: " مسلم لك إنك من أصحاب اليمين"، وقال الطبري: المعنى: فسلام لك أنت من أصحاب اليمين، وقيل: المعنى: فسلام لك يا محمد، أي: لا ترى فيهم إلا السلامة من العذاب، فهذه الكاف في "لك" إما أن تكون للنبي صلى الله عليه وسلم -وهو الأظهر- ثم لكل معتبر فيها من أمته، وإما أن تكون لمن يخاطبه من أصحاب اليمين، وغير هذا مما قيل فيه تكلف). [المحرر الوجيز: 8/ 215]

تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و "المكذبون الضالون" هم الكفار أصحاب الشمال والمشأمة). [المحرر الوجيز: 8/ 215]

تفسير قوله تعالى: {فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"النزل": أول شيء يقدم للضيف). [المحرر الوجيز: 8/ 215]

تفسير قوله تعالى: {وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"التصلية" أن تباشر بهم النار، و"الجحيم" معظم النار وحيث تراكمها). [المحرر الوجيز: 8/ 215]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (95) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ولما كمل تقسيم أحوالهم وانقضى الخبر بذلك أكد تعالى الإخبار بأن قال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم مخاطبة تدخل معه أمته فيها: إن هذا الذي أخبرتك به لهو حق اليقين، وإضافة الحق إلى اليقين عبارة فيها مبالغة لأنهما بمعنى واحد، فذهب بعض الناس إلى أنه من باب "دار الآخرة" و"مسجد الجامع"، وذهبت فرقة من الحذاق إلى أنه كما تقول في أمر تؤكده: هذا يقين اليقين أو صواب الصواب، بمعنى أنه نهاية الصواب، وهذا أحسن ما قيل فيه، وذلك لأن "دار الآخرة" وما أشبهها يحتمل أن تقدر شيئا أضفت الدار إليه ووصفته بالآخرة ثم حذفته وأقمت الصفة مقامه، كأنك قلت: "دار الرجعة الآخرة"، أو دار النشأة الآخرة"، أو "الحلقة الآخره"، وهنا لا يتجه هذا، وإنما هي عبارة مبالغة وتأكيد معناها أن هذا الخبر هو نفس اليقين وحقيقته). [المحرر الوجيز: 8/ 215-216]

تفسير قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (96) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {فسبح باسم ربك العظيم} عبارة تقتضي الأمر بالإعراض عن أقوال الكفرة وسائر أمور الدنيا المختصة بها، والإقبال على أمور الآخرة، وعبادة الله تعالى والدعاء إليه، وروى عقبة بن عامر أنه لما نزل فسبح باسم ربك العظيم قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اجعلوها في ركوعكم"، فلما نزلت سبح اسم ربك الأعلى قال: "اجعلوها في سجودكم"، ويحتمل أن يكون المعنى: سبح لله تعالى بذكر أسمائه العلى، و"الاسم" هنا بمعنى الجنس، أي: بأسماء ربك، و"العظيم" صفة له، فكأنه أمره أن يسبحه باسمه الأعظم وإن كان لم ينص عليه، ويؤيد هذا ويشير إليه إيصال سورة الحديد وأولها فيه التسبيح وجملة من أسماء الله تعالى، وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: "اسم الله الأعظم موجود في ست آيات من أول سورة الحديد"، فتأمل هذا فإنه من دقيق النظر، ولله تعالى في كتابه العزيز غوامض لا تكاد الأذهان تدركها.
كمل تفسير سورة [الواقعة] والحمد لله رب العالمين). [المحرر الوجيز: 8/ 216]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 7 ربيع الأول 1440هـ/15-11-2018م, 01:14 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 7 ربيع الأول 1440هـ/15-11-2018م, 01:21 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (81) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {أفبهذا الحديث أنتم مدهنون} قال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: أي مكذّبون غير مصدّقين. وكذا قال الضّحّاك، وأبو حزرة، والسّدّيّ.
وقال مجاهدٌ: {مدهنون} أي: تريدون أن تمالئوهم فيه وتركنوا إليهم.
{وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون} قال بعضهم: يعني: وتجعلون رزقكم بمعنى شكركم أنّكم تكذّبون، أي: تكذّبون بدل الشّكر.
وقد روي عن عليٍّ، وابن عبّاسٍ أنّهما قرآها: "وتجعلون شكركم أنّكم تكذّبون" كما سيأتي.
وقال ابن جريرٍ: وقد ذكر عن الهيثم بن عديٍّ: أنّ من لغة أزد شنوءة: ما رزق فلانٌ بمعنى: ما شكر فلانٌ.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا حسين بن محمّدٍ، حدّثنا إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الرّحمن، عن عليٍّ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {وتجعلون رزقكم}، يقول: "شكركم {أنّكم تكذّبون}، تقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا، بنجم كذا وكذا".
وهكذا رواه ابن أبي حاتمٍ، عن أبيه، عن مخوّل بن إبراهيم النّهديّ -وابن جريرٍ، عن محمّد بن المثنّى، عن عبيد اللّه بن موسى، وعن يعقوب بن إبراهيم، عن يحيى بن أبي بكير، ثلاثتهم عن إسرائيل، به مرفوعًا. وكذا رواه التّرمذيّ، عن أحمد بن منيع، عن حسين بن محمّدٍ -وهو المروزيّ- به. وقال: "حسنٌ غريبٌ". وقد رواه سفيان، عن عبد الأعلى، ولم يرفعه.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ قال: ما مطر قومٌ قطّ إلّا أصبح بعضهم كافرًا يقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا. وقرأ ابن عبّاسٍ: "وتجعلون شكركم أنّكم تكذّبون".
وهذا إسنادٌ صحيحٌ إلى ابن عبّاسٍ.
وقال مالكٌ في الموطّأ، عن صالح بن كيسان، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة بن مسعودٍ، عن زيد بن خالدٍ الجهنّي أنّه قال: صلّى بنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم صلاة الصّبح بالحديبية في أثر سماءٍ كانت من اللّيل، فلمّا انصرف أقبل على النّاس فقال: "هل تدرون ماذا قال ربّكم؟ " قالوا: اللّه ورسوله أعلم. "قال: أصبح من عبادي مؤمنٌ بي وكافرٌ، فأمّا من قال: مطرنا بفضل اللّه ورحمته، فذلك مؤمنٌ بي كافرٌ بالكواكب. وأمّا من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا. فذلك كافرٌ بي مؤمنٌ بالكواكب".
أخرجاه في الصّحيحين، وأبو داود، والنّسائيّ، كلّهم من حديث مالكٍ، به.
وقال مسلمٌ: حدّثنا محمّد بن سلمة المراديّ، وعمرو بن سوّاد، حدّثنا عبد اللّه بن وهبٍ، عن عمرو بن الحارث؛ أنّ أبا يونس حدّثه، عن أبي هريرة، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "ما أنزل اللّه من السّماء من بركةٍ إلّا أصبح فريقٌ من النّاس بها كافرين، ينزل الغيث، فيقولون: بكوكب كذا وكذا".
تفرّد به مسلمٌ من هذا الوجه.
وقال ابن جريرٍ: حدّثني يونس، أخبرنا سفيان، عن محمّد بن إسحاق، عن محمّد بن إبراهيم بن الحارث التّيميّ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إنّ اللّه ليصبح القوم بالنّعمة أو يمسيهم بها فيصبح بها قومٌ كافرين يقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا".
قال محمّدٌ -هو ابن إبراهيم-: فذكرت هذا الحديث لسعيد بن المسيّب، فقال: ونحن قد سمعنا من أبي هريرة، وقد أخبرني من شهد عمر بن الخطّاب، رضي اللّه عنه، وهو يستسقي، فلمّا استسقى التفت إلى العبّاس فقال: يا عبّاس، يا عمّ رسول اللّه، كم بقي من نوء الثّريّا؟ فقال: العلماء يزعمون أنّها تعترض في الأفق بعد سقوطها سبعًا. قال: فما مضت سابعةٌ حتّى مطروا.
وهذا محمول على السّؤال عن الوقت الّذي أجرى اللّه فيه العادة بإنزال المطر، لا أنّ ذلك النّوء يؤثّر بنفسه في نزول المطر؛ فإنّ هذا هو المنهيّ عن اعتقاده. وقد تقدّم شيءٌ من هذه الأحاديث عند قوله: {ما يفتح اللّه للنّاس من رحمةٍ فلا ممسك لها} [فاطرٍ:2].
وقال ابن جريرٍ: حدّثني يونس، أخبرنا سفيان، عن إسماعيل بن أميّة -أحسبه أو غيره-أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سمع رجلًا -ومطروا-يقول: مطرنا ببعض عشانين الأسد. فقال: "كذبت! بل هو رزق اللّه".
ثمّ قال ابن جريرٍ: حدّثني أبو صالحٍ الصّراريّ، حدّثنا أبو جابرٍ محمّد بن عبد الملك الأزديّ، حدّثنا جعفر بن الزّبير، عن القاسم، عن أبي أمامة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "ما مطر قومٌ من ليلةٍ إلّا أصبح قومٌ بها كافرين". ثمّ قال: " {وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون}، يقول قائلٌ: مطرنا بنجم كذا وكذا".
وفي حديثٍ عن أبي سعيدٍ مرفوعًا: "لو قحط النّاس سبع سنين ثمّ مطروا لقالوا: مطرنا بنوء المجدح".
وقال مجاهدٌ: {وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون} قال: قولهم في الأنواء: مطرنا بنوء كذا، وبنوء كذا، يقول: قولوا: هو من عند اللّه، وهو رزقه. وهكذا قال الضّحّاك وغير واحدٍ.
وقال قتادة: أمّا الحسن فكان يقول: بئس ما أخذ قومٌ لأنفسهم، لم يرزقوا من كتاب اللّه إلّا التّكذيب. فمعنى قول الحسن هذا: وتجعلون حظّكم من كتاب اللّه أنّكم تكذّبون به؛ ولهذا قال قبله: {أفبهذا الحديث أنتم مدهنون. وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون}). [تفسير ابن كثير: 7/ 545-547]

تفسير قوله تعالى: {فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (85) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فلولا إذا بلغت الحلقوم (83) وأنتم حينئذٍ تنظرون (84) ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون (85) فلولا إن كنتم غير مدينين (86) ترجعونها إن كنتم صادقين (87)}.
يقول تعالى: {فلولا إذا بلغت} أي: الرّوح {الحلقوم} أي: الحلق، وذلك حين الاحتضار كما قال: {كلا إذا بلغت التّراقي. وقيل من راقٍ. وظنّ أنّه الفراق. والتفّت السّاق بالسّاق. إلى ربّك يومئذٍ المساق} [القيامة: 26، 30]؛ ولهذا قال هاهنا: {وأنتم حينئذٍ تنظرون} أي: إلى المحتضر وما يكابده من سكرات الموت.
{ونحن أقرب إليه منكم} أي: بملائكتنا {ولكن لا تبصرون} أي: ولكن لا ترونهم. كما قال في الآية الأخرى: {وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظةً حتّى إذا جاء أحدكم الموت توفّته رسلنا وهم لا يفرّطون. ثمّ ردّوا إلى اللّه مولاهم الحقّ ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين} [الأنعام: 61، 62]). [تفسير ابن كثير: 7/ 547-548]

تفسير قوله تعالى: {فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (86) تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (87) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها}: معناه: فهلّا ترجعون هذه النّفس الّتي قد بلغت الحلقوم إلى مكانها الأوّل، ومقرّها في الجسد إن كنتم غير مدينين.
قال ابن عبّاسٍ: يعني محاسبين. وروي عن مجاهدٍ، وعكرمة، والحسن، وقتادة، والضّحّاك، والسّدّيّ، وأبي حزرة، مثله.
وقال سعيد بن جبير، والحسن البصري: {فلولا إن كنتم غير مدينين} غير مصدّقين أنّكم تدانون وتبعثون وتجزون، فردّوا هذه النّفس.
وعن مجاهدٍ: {غير مدينين} غير موقنين.
وقال ميمون بن مهران: غير معذّبين مقهورين). [تفسير ابن كثير: 7/ 548]

تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (89) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فأمّا إن كان من المقرّبين (88) فروحٌ وريحانٌ وجنّة نعيمٍ (89) وأمّا إن كان من أصحاب اليمين (90) فسلامٌ لك من أصحاب اليمين (91) وأمّا إن كان من المكذّبين الضّالّين (92) فنزلٌ من حميمٍ (93) وتصلية جحيمٍ (94) إنّ هذا لهو حقّ اليقين (95) فسبّح باسم ربّك العظيم (96)}.
هذه الأحوال الثّلاثة هي أحوال النّاس عند احتضارهم: إمّا أن يكون من المقرّبين، أو يكون ممّن دونهم من أصحاب اليمين. وإمّا أن يكون من المكذّبين الضّالّين عن الهدى، الجاهلين بأمر اللّه؛ ولهذا قال تعالى: {فأمّا إن كان} أي: المحتضر، {من المقرّبين}، وهم الّذين فعلوا الواجبات والمستحبّات، وتركوا المحرّمات والمكروهات وبعض المباحات،
{فروحٌ وريحانٌ وجنّة نعيمٍ} أي: فلهم روحٌ وريحانٌ، وتبشّرهم الملائكة بذلك عند الموت، كما تقدّم في حديث البراء: أنّ ملائكة الرّحمة تقول: "أيّتها الرّوح الطّيّبة في الجسد الطّيّب كنت تعمرينه، اخرجي إلى روحٍ وريحانٍ، وربٍّ غير غضبان".
قال عليّ بن طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {فروحٌ} يقول: راحة وريحان، يقول: مستراحة.
وكذا قال مجاهدٌ: إنّ الرّوح: الاستراحة.
وقال أبو حزرة: الرّاحة من الدّنيا. وقال سعيد بن جبير، والسّدّيّ: الرّوح: الفرح. وعن مجاهدٍ: {فروحٌ وريحانٌ}: جنّةٌ ورخاءٌ. وقال قتادة: فروحٌ ورحمةٌ. وقال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وسعيد بن جبيرٍ: {وريحانٌ}: ورزقٌ.
وكلّ هذه الأقوال متقاربةٌ صحيحةٌ، فإنّ من مات مقرّبًا حصل له جميع ذلك من الرّحمة والرّاحة والاستراحة، والفرح والسّرور والرّزق الحسن، {وجنّة نعيمٍ}.
وقال أبو العالية: لا يفارق أحدٌ من المقرّبين حتّى يؤتى بغصنٍ من ريحان الجنّة، فيقبض روحه فيه.
وقال محمّد بن كعبٍ: لا يموت أحدٌ من النّاس حتّى يعلم: أمن أهل الجنّة هو أم [من] أهل النّار؟
وقد قدّمنا أحاديث الاحتضار عند قوله تعالى في سورة إبراهيم: {يثبّت اللّه الّذين آمنوا بالقول الثّابت [في الحياة الدّنيا وفي الآخرة]} [إبراهيم: 27]، ولو كتبت هاهنا لكان حسنًا! ومن جملتها حديث تميمٍ الدّاريّ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "يقول اللّه لملك الموت: انطلق إلى فلانٍ فأتني به، فإنّه قد جرّبته بالسّرّاء والضّرّاء فوجدته حيث أحبّ، ائتني به فلأريحنّه. قال: فينطلق إليه ملك الموت ومعه خمسمائةٍ من الملائكة، معهم أكفانٌ وحنوط من الجنّة، ومعهم ضبائر الرّيحان، أصل الرّيحانة واحدٌ وفي رأسها عشرون لونًا، لكلّ لونٍ منها ريحٌ سوى ريح صاحبه، ومعهم الحرير الأبيض فيه المسك".
وذكر تمام الحديث بطوله كما تقدّم، وقد وردت أحاديث تتعلّق بهذه الآية: قال الإمام أحمد:
حدّثنا يونس بن محمّدٍ، حدّثنا هارون، عن بديل بن ميسرة، عن عبد اللّه بن شقيق، عن عائشة أنّها سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقرأ: {فروحٌ وريحانٌ} برفع الرّاء.
وكذا رواه أبو داود، والتّرمذيّ، والنّسائيّ، من حديث هارون -وهو ابن موسى الأعور-به، وقال التّرمذيّ: لا نعرفه إلّا من حديثه.
وهذه القراءة هي قراءة يعقوب وحده، وخالفه الباقون فقرؤوا: {فروحٌ} بفتح الراء.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا حسنٌ، حدّثنا ابن لهيعة، حدّثنا أبو الأسود محمّد بن عبد الرّحمن بن نوفلٍ: أنّه سمع درّة بنت معاذٍ تحدّث عن أمّ هانئٍ: أنّها سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أنتزاور إذا متنا ويرى بعضنا بعضًا؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "تكون النسم طيرًا يعلق بالشّجر، حتّى إذا كان يوم القيامة دخلت كلّ نفسٍ في جسدها".
هذا الحديث فيه بشارةٌ لكلّ مؤمنٍ، ومعنى "يعلق": يأكل، ويشهد له بالصّحّة أيضًا ما رواه الإمام أحمد، عن الإمام محمّد بن إدريس الشّافعيّ، عن الإمام مالك بن أنسٍ، عن الزّهريّ، عن عبد الرّحمن بن كعب بن مالكٍ، عن أبيه، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إنّما نسمة المؤمن طائرٌ يعلق في شجر الجنّة حتّى يرجعه اللّه إلى جسده يوم يبعثه". وهذا إسنادٌ عظيمٌ، ومتنٌ قويمٌ.
وفي الصّحيح: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إنّ أرواح الشّهداء في حواصل طيرٍ خضرٍ تسرح في الجنّة حيث شاءت، ثمّ تأوي إلى قناديل معلّقةٍ بالعرش" الحديث.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عفّان، حدّثنا همّامٌ، حدّثنا عطاء بن السّائب قال: كان أوّل يومٍ عرفت فيه عبد الرّحمن بن أبي ليلى: رأيت شيخًا أبيض الرّأس واللّحية على حمارٍ، وهو يتبع جنازةً، فسمعته يقول: حدّثني فلان بن فلانٍ، سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "من أحبّ لقاء اللّه أحبّ اللّه لقاءه، ومن كره لقاء اللّه كره اللّه لقاءه". قال: فأكبّ القوم يبكون فقال: "ما يبكيكم؟ " فقالوا: إنّا نكره الموت. قال: "ليس ذاك، ولكنّه إذا حضر {فأمّا إن كان من المقرّبين. فروحٌ وريحانٌ وجنّة نعيمٍ}، فإذا بشّر بذلك أحبّ لقاء اللّه عزّ وجلّ، واللّه، عزّ وجلّ، للقائه أحبّ {وأمّا إن كان من المكذّبين الضّالّين. فنزلٌ من حميمٍ [وتصلية جحيمٍ]} فإذا بشّر بذلك كره لقاء الله، والله للقاءه أكره.
هكذا رواه الإمام أحمد، وفي الصّحيح عن عائشة -رضي اللّه عنها- شاهدٌ لمعناه). [تفسير ابن كثير: 7/ 548-550]

تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90) فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (91) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وأمّا إن كان من أصحاب اليمين} أي: وأمّا إن كان المحتضر من أصحاب اليمين، {فسلامٌ لك من أصحاب اليمين} أي: تبشّرهم الملائكة بذلك، تقول لأحدهم: سلامٌ لك، أي: لا بأس عليك، أنت إلى سلامةٍ، أنت من أصحاب اليمين.
وقال قتادة وابن زيدٍ: سلم من عذاب اللّه، وسلّمت عليه ملائكة اللّه. كما قال عكرمة تسلّم عليه الملائكة، وتخبره أنه من أصحاب اليمين.
وهذا معنًى حسنٌ ويكون ذلك كقوله تعالى: {إنّ الّذين قالوا ربّنا اللّه ثمّ استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنّة الّتي كنتم توعدون. نحن أولياؤكم في الحياة الدّنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدّعون. نزلًا من غفورٍ رحيمٍ} [فصّلت: 30-32].
وقال البخاريّ: {فسلامٌ لك} أي: مسلم لك، أنّك من أصحاب اليمين. وألغيت "إنّ" وهو: معناها، كما تقول: أنت مصدق مسافرٌ عن قليلٍ. إذا كان قد قال: إنّي مسافرٌ عن قليلٍ. وقد يكون كالدّعاء له، كقولك: سقيًا لك من الرّجال، إن رفعت "السّلام" فهو من الدّعاء.
وقد حكاه ابن جريرٍ هكذا عن بعض أهل العربيّة، ومال إليه، واللّه أعلم). [تفسير ابن كثير: 7/ 550-551]

تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وأمّا إن كان من المكذّبين الضّالّين. فنزلٌ من حميمٍ وتصلية جحيمٍ} أي: وأمّا إن كان المحتضر من المكذّبين بالحقّ، الضّالّين عن الهدى، {فنزلٌ} أي: فضيافةٌ {من حميمٍ} وهو المذاب الّذي يصهر به ما في بطونهم والجلود، {وتصلية جحيمٍ} أي: وتقريرٌ له في النّار الّتي تغمره من جميع جهاته). [تفسير ابن كثير: 7/ 551]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (95) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال تعالى: {إنّ هذا لهو حقّ اليقين} أي: إنّ هذا الخبر لهو حقّ اليقين الّذي لا مرية فيه، ولا محيد لأحدٍ عنه).[تفسير ابن كثير: 7/ 551]

تفسير قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (96) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :({فسبّح باسم ربّك العظيم} قال أحمد:
حدّثنا أبو عبد الرّحمن، حدّثنا موسى بن أيّوب الغافقيّ، حدّثني عمّي إياس بن عامرٍ، عن عقبة بن عامرٍ الجهنيّ قال: لـمّا نزلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {فسبّح باسم ربّك العظيم} قال: "اجعلوها في ركوعكم" ولـمّا نزلت: {سبّح اسم ربّك الأعلى} [الأعلى:1]، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "اجعلوها في سجودكم".
وكذا رواه أبو داود، وابن ماجه من حديث عبد اللّه بن المبارك، عن موسى بن أيّوب، به.
وقال روح بن عبادة: حدّثنا حجّاج الصّواف، عن أبي الزّبير، عن جابرٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "من قال: سبحان اللّه العظيم وبحمده، غرست له نخلةٌ في الجنّة".
هكذا رواه التّرمذيّ من حديث روحٍ، ورواه هو والنّسائيّ أيضًا من حديث حمّاد بن سلمة، من حديث أبي الزّبير، عن جابرٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وقال التّرمذيّ: حسنٌ غريبٌ، لا نعرفه إلّا من حديث أبي الزبير.
وقال البخاريّ في آخر كتابه: حدّثنا أحمد بن إشكاب، حدّثنا محمّد بن فضيلٍ، حدّثنا عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "كلمتان خفيفتان على اللّسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرّحمن: سبحان اللّه وبحمده، سبحان اللّه العظيم".
ورواه بقيّة الجماعة إلّا أبا داود، من حديث محمّد بن فضيل، بإسناده، مثله). [تفسير ابن كثير: 7/ 551-552]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:21 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة