تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (9) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني شبيب بن سعيد، عن شعبة بن الحجاج، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص وهبيرة في هذه الآية: {فردوا أيديهم في أفواههم}، قالوا: كذا، وأشار بأصابعه فأدخلها في أسنانه). [الجامع في علوم القرآن: 1/74-75]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى فردوا أيديهم في أفواههم قال ردوا على الرسل ما جاءت به). [تفسير عبد الرزاق: 1/341]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال في قوله تعالى فردوا أيديهم في أفواههم قال هكذا ورد يده فيه قال غيظا وعض يده). [تفسير عبد الرزاق: 1/341]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({ردّوا أيديهم في أفواههم} : «هذا مثلٌ، كفّوا عمّا أمروا به»). [صحيح البخاري: 6/79]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله أيديهم في أفواههم هذا مثل كفّوا عمّا أمروا به قال أبو عبيدة في قوله فردّوا أيديهم في أفواههم مجازه مجاز المثل ومعناه كقوله عمّا أمروا بقبوله من الحقّ ولم يؤمنوا به يقال ردّ يده في فمه إذا أمسك ولم يجب وقد تعقّبوا كلام أبي عبيدة فقيل لم يسمع من العرب ردّ يده في فيه إذا ترك الشّيء الّذي كان يريد أن يفعله وقد روى عبد بن حميدٍ من طريق أبي الأحوص عن عبد اللّه قال عضّوا على أصابعهم وصحّحه الحاكم وإسناده صحيحٌ ويؤيّده الآية الأخرى وإذا خلوا عضّوا عليكم الأنامل من الغيظ وقال الشّاعر يردّون في فيه غيظ الحسود أي يغيظون الحسود حتّى يعضّ على أصابعه وقيل المعنى ردّ الكفّار أيدي الرّسل في أفواههم بمعنى أنّهم امتنعوا من قبول كلامهم أو المراد بالأيدي النّعم أي ردّوا نعمة الرّسل وهي نصائحهم عليهم لأنّهم إذا كذبوها كأنّهم ردّوها من حيث جاءت). [فتح الباري: 8/376-377]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (ردّوا أيديهم في أفواههم هاذا مثل كفّوا عمّا أمروا به
أشار به إلى قوله تعالى: {جاءتهم رسلهم بالبيّنات فردّوا أيديهم في أفواههم} (إبراهيم: 9) وقال ابن مسعود: عضوا على أيديهم غيظاً عليهم. قوله: (هذا مثل)، قال الكرماني: هذا بحسب المقصود، مثل كفوا عمّا أمرو به، قال: ويروى: مثل، بالمفتوحتين. انتهى. ولم يوضح ما قاله حتّى يشبع النّاظر فيه، أقول: مثل كفوا، بكسر الميم وسكون التّاء يعني: معنى ردوا أيديهم في أفواههم مثل معنى كفوا عمّا أمروا به، وهو على صيغة المجهول، وأما المعنى على رواية: هذا مثل، بفتحتين فعلى طريق المثل، أي: مثل ما جاء به الأنبياء من النصائح والمواعظ، وأنّهم ردوها أبلغ رد، فردّوا أيديهم في أفواههم وقالوا: إنّا كفرنا بما أرسلتم به، أراد إن هذا جوابنا لكم ليس عندنا غيره، ويقال: أو وضعوا أيديهم على أفواههم يقولون للأنبياء: أطبقوا أيديكم أفواهكم واسكتوا، أو ردوها في أفواه الأنبياء يشيرون لهم إلى السّكوت، أو وضعوها على أفواههم ولا يذرونهم يتكلّمون). [عمدة القاري: 19/3]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({ردّوا}) يريد قوله تعالى: فردّوا ({أيديهم في أفواههم}) قال أبو عبيدة (هذا مثل) ومعناه (كفوا عما أمروا به) من الحق ولم يؤمنوا به قال في الفتح وقد تعقبوا كلام أبي عبيدة بأنه لم يسمع من العرب ردّ يده في فيه إذا ترك الشيء الذي كان يفعله اهـ.
وهذا الذي قاله أبو عبيدة قاله أيضًا الأخفش وأنكره القتيبي ولفظه كما في اللباب لم يسمع أحد يقول ردّ يده إلى فيه إذا ترك ما أمر به. وأجيب: بأن المثبت مقدم على النافي قال في الدر: والضمائر الثلاثة يجوز أن تكون للكفار أي فرد الكفار أيديهم في أفواههم من الغيظ كقوله تعالى: {عضوا عليكم الأنامل من الغيظ} [آل عمران: 119] ففي على بابها من الظرفية أو فردوا أيديهم على أفواههم ضحكًا واستهزاء ففي بمعنى على أو أشاروا بأيديهم إلى ألسنتهم وما نطقوا به من قولهم إنّا كفرنا ففي بمعنى إلى وأن يكون الأوّلان للكفار والأخير للرسل أي فرد الكفار أيديهم في أفواه الرسل أي أطبقوا أفواههم يشيرون إليهم بالسكوت). [إرشاد الساري: 7/187]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ألم يأتكم نبأ الّذين من قبلكم قوم نوحٍ وعادٍ وثمود والّذين من بعدهم، لا يعلمهم إلاّ اللّه، جاءتهم رسلهم بالبيّنات فردّوا أيديهم في أفواههم، وقالوا إنّا كفرنا بما أرسلتم به، وإنّا لفي شكٍّ ممّا تدعوننا إليه مريبٍ}
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل موسى لقومه: يا قوم {ألم يأتكم نبأ الّذين من قبلكم} يقول: خبر الّذين من قبلكم من الأمم الّتي مضت قبلكم، {قوم نوحٍ، وعادٍ، وثمود} وقوم نوحٍ فبيّن بهم عن " الّذين "، وعادٌ معطوفٌ بها على قوم نوحٍ {والّذين من بعدهم} يعني: من بعد قوم نوحٍ، وعادٍ وثمود {لا يعلمهم إلاّ اللّه} يقول: لا يحصي عددهم ولا يعلم مبلغهم إلاّ اللّه.
- كما حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمونٍ: {وعادٍ وثمود والّذين من بعدهم، لا يعلمهم إلاّ اللّه} قال: " كذب النّسّابون. حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمونٍ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ، بمثل ذلك
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا شبابة، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمونٍ، قال: حدّثنا ابن مسعودٍ، أنّه كان يقرؤها: ( وعادًا وثمود والّذين من بعدهم، لا يعلمهم إلاّ اللّه )، ثمّ يقول: " كذب النّسّابون ".
- حدّثني ابن المثنّى قال: حدّثنا إسحاق قال: حدّثنا عيسى بن جعفرٍ، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمونٍ، عن عبد اللّه، مثله
وقوله: {جاءتهم رسلهم بالبيّنات} يقول: جاءت هؤلاء الأمم رسلهم الّذين أرسلهم اللّه إليهم بدعائهم إلى إخلاص العبادة له بالبيّنات، يقول بحجج، ودّلالات على حقيقة ما دعوهم إليه من معجزاتٍ
وقوله: {فردّوا أيديهم في أفواههم} اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: فعضّوا على أصابعهم تغيّظًا عليهم في دعائهم إيّاهم ما دعوهم إليه.
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، ومحمّد بن المثنّى، قالا: حدّثنا عبد الرّحمن، قال حدّثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه: {فردّوا أيديهم في أفواههم} قال: " عضّوا عليها تغيّظًا "
- حدّثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا الثّوريّ، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه، في قوله: {فردّوا أيديهم في أفواههم} قال: " غيظًا هكذا، وعضّ يده "
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو نعيمٍ قال: حدّثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه: {فردّوا أيديهم في أفواههم} قال: " عضّوها "
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا عبد اللّه بن رجاءٍ البصريّ قال: حدّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه في قول اللّه عزّ وجلّ: {فردّوا أيديهم في أفواههم} قال: " عضّوا على أصابعهم "
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا الحمّانيّ قال: حدّثنا شريكٌ، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه: {فردّوا أيديهم في أفواههم} قال: " عضّوا على أطراف أصابعهم "
- حدّثنا محمّد بن المثنّى قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن هبيرة، عن عبد اللّه أنّه قال في هذه الآية: {فردّوا أيديهم في أفواههم} قال: " أن يحمل إصبعه في فيه "
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ قالا: حدّثنا أبو قطنٍ قال: حدّثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن هبيرة، عن عبد اللّه في قول اللّه عزّ وجلّ: {فردّوا أيديهم في أفواههم}، ووضع شعبة أطراف أنامله اليسرى على فيه "
- حدّثنا الحسن قال: حدّثنا يحيى بن عبّادٍ قال: حدّثنا شعبة قال: أخبرنا أبو إسحاق عن هبيرة قال: قال عبد اللّه {فردّوا أيديهم في أفواههم} قال: " هكذا، وأدخل أصابعه في فيه "
- حدّثنا الحسن قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا شعبة قال أبو إسحاق: أنبأنا عن هبيرة، عن عبد اللّه أنّه قال في هذه الآية: {فردّوا أيديهم في أفواههم} قال أبو عليٍّ: وأرانا عفّان، وأدخل أطراف أصابع كفّه مبسوطةً في فيه، وذكر أنّ شعبة أراه كذلك "
- حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو أحمد قال: حدّثنا سفيان وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه: {فردّوا أيديهم في أفواههم} قال: " عضّوا على أناملهم " وقال سفيان: عضّوا غيظًا "
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {فردّوا أيديهم في أفواههم} فقرأ: {عضّوا عليكم الأنامل من الغيظ} قال: " ومعنى: {ردّوا أيديهم في أفواههم} قال: " أدخلوا أصابعهم في أفواههم، وقال: " إذا اغتاظ الإنسان عضّ يده ".
وقال آخرون: بل معنى ذلك: أنّهم لمّا سمعوا كتاب اللّه عجبوا منه، ووضعوا أيديهم على أفواههم
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {فردّوا أيديهم في أفواههم} قال: " لمّا سمعوا كتاب اللّه عجبوا، ورجعوا بأيديهم إلى أفواههم ".
وقال آخرون: بل معنى ذلك أنّهم كذّبوهم بأفواههم
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، " ح.
- وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {فردّوا أيديهم في أفواههم} قال: " ردّوا عليهم قولهم وكذّبوهم ".
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ قال: حدّثنا شبابة قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {جاءتهم رسلهم بالبيّنات فردّوا أيديهم في أفواههم} يقول: " قومهم كذّبوا رسلهم، وردّوا عليهم ما جاءوا به من البيّنات، وردّوا عليهم بأفواههم، وقالوا: {إنّا لفي شكٍّ ممّا تدعوننا إليه مريبٍ} "
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {فردّوا أيديهم في أفواههم} قال: " ردّوا على الرّسل ما جاءت به ".
وكأنّ مجاهدًا وجّه قوله: {فردّوا أيديهم في أفواههم} إلى معنى: ردّوا أيادي اللّه الّتي لو قبلوها كانت أيادي ونعمًا عندهم، فلم يقبلوها، ووجّه قوله: {في أفواههم} إلى معنى: بأفواههم، يعني: بألسنتهم الّتي في أفواههم، وقد ذكر عن بعض العرب سماعًا: أدخلك اللّه بالجنّة، يعنون في الجنّة، وينشد هذا البيت:
وأرغب فيها عن لقيطٍ ورهطه = ولكنّني عن سنبسٍ لست أرغب
يريد: وأرغب فيها: يعني بابنه له عن لقيطٍ، ولا أرغب بها عن قبيلتي.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: أنّهم كانوا يضعون أيديهم على أفواه الرّسل ردًّا عليهم قولهم، وتكذيبًا لهم.
وقال آخرون: هذا مثلٌ، وإنّما أريد أنّهم كفّوا عمّا أمروا بقبوله من الحقّ ولم يؤمنوا به ولم يسلموا، وقال: يقال الرّجل إذا أمسك عن الجواب فلم يجب: ردّ يده في فمه.
وذكر بعضهم أنّ العرب تقول: كلّمت فلانًا في حاجةٍ فردّ يده في فيه: إذا سكت عنه فلم يجب، وهذا أيضًا قولٌ لا وجه له، لأنّ اللّه عزّ وجلّ ذكره قد أخبر عنهم أنّهم قالوا: {إنّا كفرنا بما أرسلتم به} فقد أجابوا بالتّكذيب.
وأشبه هذه الأقوال عندي بالصّواب في تأويل هذه الآية القول الّذي ذكرناه عن عبد اللّه بن مسعودٍ أنّهم ردّوا أيديهم في أفواههم، فعضّوا عليها غيظًا على الرّسل، كما وصف اللّه عزّ وجلّ به إخوانهم من المنافقين فقال: {وإذا خلوا عضّوا عليكم الأنامل من الغيظ} فهذا هو الكلام المعروف والمعنى المفهوم من ردّ اليد إلى الفم
وقوله: {وقالوا إنّا كفرنا بما أرسلتم به} يقول عزّ وجلّ: وقالوا لرسلهم: إنّا كفرنا بما أرسلكم به من أرسلكم من الدّعاء إلى ترك عبادة الأوثان والأصنام، وإنّا لفي شكٍّ من حقيقة ما تدعوننا إليه من توحيد اللّه {مريبٍ} يقول: يريبنا ذلك الشّكّ: أي يوجب لنا الرّيبة والتّهمة فيه، يقال منه: أراب الرّجل: إذا أتى بريبةٍ، يريب إرابةً). [جامع البيان: 13/603-609]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول اللّه عزّ وجلّ: {فردّوا أيديهم في أفواههم} قال: عضّوا أطراف أصابعهم وأيديهم). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 96]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم ثنا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد فردوا أيديهم في أفواههم يقول ردوا عليهم قولهم وكذبوهم). [تفسير مجاهد: 333-334]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه الزّاهد الأصبهانيّ، أنبأ أحمد بن مهران الأصبهانيّ، ثنا عبيد اللّه بن موسى، أنبأ إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه رضي اللّه عنه، أنّه قال في قول اللّه عزّ وجلّ " {فردّوا أيديهم في أفواههم} [إبراهيم: 9] قال: عضّوا عليها «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/381]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو زكريّا العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق بن إبراهيم، أنبأ عبد الرّزّاق، أنبأ الثّوريّ، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه، في قوله عزّ وجلّ " {فردّوا أيديهم في أفواههم} [إبراهيم: 9] قال عبد اللّه: كذا وردّ يده في فيه وعضّ يده. وقال: عضّوا على أصابعهم غيظًا «هذا حديثٌ صحيحٌ بالزّيادة على شرطهما»). [المستدرك: 2/382]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {فردّوا أيديهم في أفواههم} [إبراهيم: 9].
- عن عبد اللّه - يعني ابن مسعودٍ - في قوله: {فردّوا أيديهم في أفواههم} [إبراهيم: 9] قال: عضّوا أصابعهم غيظًا.
رواه الطّبرانيّ عن شيخه عبد اللّه بن محمّد بن سعيد بن أبي مريم وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/43]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (آية 9.
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه كان يقرؤها وعادا وثمودا والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله قال: كذب النسابون.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر عن عمرو بن ميمون - رضي الله عنه - مثله). [الدر المنثور: 8/495]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الضريس عن أبي مجلز - رضي الله عنه - قال: قال رجل لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: أنا أنسب الناس، قال: إنك لا تنسب الناس، قال: بلى، فقال له علي - رضي الله عنه - أرأيت قوله تعالى: (وعادا وثمودا وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا) (سورة الفرقان آية 38) قال: أنا أنسب ذلك الكثير، قال: أرأيت قوله: {ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله} فسكت). [الدر المنثور: 8/495]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عيد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عروة بن الزبير - رضي الله عنه - قال: ما وجدنا أحدا يعرف ما وراء معد بن عدنان). [الدر المنثور: 8/495]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد، وابن المنذر عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: بين عدنان وإسماعيل ثلاثون أبا لا يعرفون). [الدر المنثور: 8/496]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن أبن عباس - رضي الله عنهما - في الآية قال: لما سمعوا كتاب الله عجبوا ورجعوا بأيديهم إلى أفواههم {وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب} يقولون: لا نصدقكم فيما جئتم به فإن عندنا فيه شكا قويا). [الدر المنثور: 8/496]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة - رضي الله عنه - {جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم} قال: كذبوا رسلهم بما جاؤوهم من البينات فردوه عليهم بأفواههم وقالوا: {وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب} وكذبوا ما في الله عز وجل شك أفي من فطر السماوات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم وأظهر لكم من النعم والآلاء الظاهرة ما لا يشك في الله عز وجل). [الدر المنثور: 8/496]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد، وابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله: {فردوا أيديهم في أفواههم} قال: ردوا عليهم قولهم وكذبوهم). [الدر المنثور: 8/496]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق والفريابي وأبو عبيد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود - رضي الله عنه - {فردوا أيديهم في أفواههم} قال: عضوا عليها، وفي لفظ: عضوا على أناملهم غيظا على رسلهم). [الدر المنثور: 8/496-497]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن يزيد - رضي الله عنه - في قوله: {فردوا أيديهم في أفواههم} قال: أدخلوا أصابعهم في أفواههم، قال: وإذا غضب الإنسان عض على يده). [الدر المنثور: 8/497]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي - رضي الله عنه - في قوله: {فردوا أيديهم في أفواههم} قال: هو التكذيب). [الدر المنثور: 8/497]
تفسير قوله تعالى: (قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (10) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قالت رسلهم أفي اللّه شكٌّ فاطر السّموات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم، ويؤخّركم إلى أجلٍ مسمًّى، قالوا إن أنتم إلاّ بشرٌ مثلنا تريدون أن تصدّونا عمّا كان يعبد آباؤنا، فأتونا بسلطانٍ مبينٍ}.
يقول تعالى ذكره: قالت رسل الأمم الّتي أتتها رسلها: أفي اللّه أنّه المستحقّ عليكم أيّها النّاس الألوهة والعبادة دون جميع خلقه، شكٌّ؟
وقوله: {فاطر السّموات والأرض} يقول: خالق السّموات والأرض {يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم} يقول: يدعوكم إلى توحيده وطاعته {ليغفر لكم من ذنوبكم} يقول: فيستر عليكم بعض ذنوبكم بالعفو عنها، فلا يعاقبكم عليها {ويؤخّركم} يقول: وينسئ في آجالكم، فلا يعاقبكم في العاجل فيهلككم، ولكن يؤخّركم إلى الوقت الّذي كتب في أم الكتاب أنّه يقبضكم فيه، وهو الأجل الّذي سمّى لكم، فقالت الأمم لهم: {إن أنتم} أيّها القوم {إلاّ بشرٌ مثلنا} في الصّورة والهيئة، ولستم ملائكةً، وإنّما تريدون بقولكم هذا الّذي تقولون لنا {أن تصدّونا عمّا كان يعبد آباؤنا} يقول: إنّما تريدون أن تصرفونا بقولكم عن عبادة ما كان يعبده من الأوثان آباؤنا: {فأتونا بسلطانٍ مبينٍ} يقول: فأتونا بحجّةٍ على ما تقولون تبيّن لنا حقيقته وصحّته، فنعلم أنّكم فيما تقولون محقّون). [جامع البيان: 13/609-610]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (آية 10 - 12.
أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله: {ويؤخركم إلى أجل مسمى} قال: ما قد خط من الأجل فإذا جاء الأجل من الله لم يؤخر). [الدر المنثور: 8/497]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله: {ويؤخركم إلى أجل مسمى} قال: ما قد خط الأجل فإذا جاء الأجل من الله لم يؤخر). [الدر المنثور: 8/497]
تفسير قوله تعالى: (قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قالت لهم رسلهم إن نحن إلاّ بشرٌ مثلكم، ولكنّ اللّه يمنّ على من يشاء من عباده، وما كان لنا أن نأتيكم بسلطانٍ إلاّ بإذن اللّه، وعلى اللّه فليتوكّل المؤمنون}.
يقول تعالى ذكره: قالت الرسل الّتي أتتهم لهم {إن نحن إلاّ بشرٌ مثلكم} صدقتم في قولكم {إن أنتم إلاّ بشرٌ مثلنا} فما نحن إلاّ بشرٌ من بني آدم إنسٌ مثلكم، {ولكنّ اللّه يمنّ على من يشاء من عباده} يقول: ولكنّ اللّه يتفضّل على من يشاء من خلقه، فيهديه ويوفّقه للحقّ، ويفضّله على كثيرٍ من خلقه {وما كان لنا أن نأتيكم بسلطانٍ} يقول: وما كان لنا أن نأتيكم بحجّةٍ وبرهانٍ على ما ندعوكم إليه {إلاّ بإذن اللّه} يقول: إلاّ بأمر اللّه لنا بذلك {وعلى اللّه فليتوكّل المؤمنون} يقول: وباللّه فليثق به من آمن به وأطاعه، فإنّا به نثق، وعليه نتوكّل
- حدّثنا القاسم، قالا: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {فأتونا بسلطانٍ مبينٍ} قال: " السّلطان المبين: البرهان والبيّنة " وقوله: {ما لم ينزّل به سلطانًا} قال: " بيّنةً وبرهانًا "). [جامع البيان: 13/610-611]
تفسير قوله تعالى: (وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آَذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (12) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما لنا ألاّ نتوكّل على اللّه وقد هدانا سبلنا، ولنصبرنّ على ما آذيتمونا، وعلى اللّه فليتوكّل المتوكّلون}.
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل الرّسل لأممها: {وما لنا ألاّ نتوكّل على اللّه} فنثق به وبكفايته ودفاعه إيّاكم عنّا، {وقد هدانا سبلنا} يقول: وقد بصّرنا طريق النّجاة من عذابه، فبيّن لنا {ولنصبرنّ على ما آذيتمونا} في اللّه وعلى ما نلقى منكم من المكروه فيه بسبب دعائنا إليكم إلى ما ندعوكم إليه من البراءة من الأوثان والأصنام وإخلاص العبادة له {وعلى اللّه فليتوكّل المتوكّلون} يقول: وعلى اللّه فليتوكّل من كان به واثقًا من خلقه، فأمّا من كان به كافرًا فإنّ وليّه الشّيطان). [جامع البيان: 13/611]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن أبي الد داء - رضي الله عنه - مرفوعا: إذا آذاك البرغوث فخذ قدحا من ماء واقرأ عليه سبع مرات {وما لنا ألا نتوكل على الله} الآية ثم ترش حول فراشك). [الدر المنثور: 8/497]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج المستغفري في الدعوات عن أبي ذر - رضي الله عنه - عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: وإذا آذاك البرغوث فخذ قدحا من ماء واقرأ عليه سبع مرات {وما لنا ألا نتوكل على الله} الآية، فإن كنتم مؤمنين فكفوا شركم وأذاكم عنا ثم ترشه حول فراشك فإنك تبيت آمنا من شرها). [الدر المنثور: 8/497]