مقاصد التحفة العراقية
لشيخ الإسلام ابن تيمية
وتكشيف مسائلها
[مع إضافات وتوضيحات لبعض الجمل والمقاصد]
إجمال مقاصد التحفة العراقية
المقصد الرئيس: فقه أعمال القلوب
بينه المؤلف في أول رسالته بقوله: (أما بعد فهذه كلمات مختصرات في أعمال القلوب، التي قد تسمى الأحوال والمقامات).
المقاصد الفرعية: وهي الجمل الرئيسة والمباحث المهمة التي أودعها المؤلف في رسالته. (مع إعادة ترتيبها وإضافات يسيرة)
ظهر لي بعد التأمل والدراسة أن لها ثلاثة مقاصد هي:
• المقصد الأول: بيان أهمية أعمال القلوب.
• المقصد الثاني: بيان المنهج الحق في أعمال القلوب.
• المقصد الثالث: الرد على المخالفين في هذا الباب، والتحذير من الاغترار بمخالفاتهم وهي على نوعين: بدع وأخطاء.
• المقصد الأول: بيان أهمية أعمال القلوب.
وبيان ذلك أن الغاية التي خلق الله الجن والإنس لأجلها هي عبادته؛ كما قال تعالى:{وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}
والعبادات تنقسم إلى قسمين: عبادات ظاهرة وعبادات باطنة.
فالعبادات الظاهرة منها قولية وعملية كالصلاة والزكاة والصيام والحج وتلاوة القرآن ، والعبادات القلبية الباطنة كالإخلاص والمحبة والخوف والرجاء والتوكل والاستعانة والرغبة والرهبة وغيرها.
وهذه العبادات القلبية الباطنة هي المقصودة بالأصل ، وهي أصل العبادات الظاهرة، فإذا لم تصح العبادات الباطنة كانت العبادات الظاهرة باطلة.
وسعادة الإنسان وشقاوته متوقفة على صحة عبادته أو بطلانها ، فمن كانت عبادته مقبولة كان من السعداء ، ومن ردت عبادته شقي في الدنيا والآخرة.
ثم ذكر شيخ الإسلام أنواعاً من أعمال القلوب: كالإخلاص والاستعانة والمحبة والخوف والرجاء والصدق والتوكل والرضا والحمد والصبر.
وذكر اقتران بعض أعمال القلوب ببعض ، وأنه ينتج عبادة متركبة منهما هي أحب إلى الله من انفراد أحدهما دون الآخر، كالجمع بين الإخلاص والاستعانة المذكور في قوله تعالى:{إياك نعبد وإياك نستعين} ، والجمع بين المحبة والخوف والرجاء، وكذلك: الصبر واليقين، والخوف والطمع، والصدق والإخلاص، والتوكل والرضا، والصبر والشكر، والصبر والمرحمة.
وأعمال القلوب قسمين:
القسم الأول: أعمال يتعبد بها لله كمحبته وخوفه ورجائه.
والقسم الثاني: أعمال قلبية هي من لوازم عبادة الله وآثارها ومعينة عليها كمحبة الرسول صلى الله عليه وسلم ومحبة المؤمنين، ورحمتهم، وحسن الظن بهم، والغيرة على المحارم، والزهد في الدنيا والزهد فيما في أيدي الناس. ونحو ذلك من الأعمال القلبية التي يحبها الله ويثيب عليها.
وكلا القسمين عبادة يثاب عليها.
وأما الأعمال القلبية التي تخلو من معاني التعبد فقد تكون مباحة وقد تكون محرمة وقد تكون مكروهة.
والناس في الأعمال القلبية على درجات: فمنهم ظالم لنفسه ومقتصد وسابق بالخيرات بإذن ربه.
• المقصد الثاني: بيان المنهج الحق في أعمال القلوب.
وبيان ذلك أن العبادات إما أن تكون صحيحة أو باطلة، فالعبادات الصحيحة التي يتقبلها الله ويثيب عليها هي التي جمعت الإخلاص والمتابعة، وهو ما تقتضيه الشهادتان، والعباد يتفاضلون في الإخلاص، ويتفاضلون في إحسان المتابعة، وهذا يدلك على أن أعلى المقامات تجريد الإخلاص وإحسان الاتباع ، قال الله تعالى: { ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى}، وجهه أي: قصده.
فلا يعبد إلا الله، ولا يعبد الله إلا بما شرع.
فأما إخلاص العبادة لله فهو معنى الإسلام الذي بعث الله به المرسلين، وكل رسول دعا قومه إلى توحيد الله،وهو الدين الذي لا يقبل الله سواه، ولا يكون الإخلاص إلا بالكفر بالطاغوت والبراءة مما يعبد من دون الله ، قال تعالى:{ لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم}
وأما إحسان المتابعة فإنه يعصم العبد من الشرك والبدعة والغلو والتفريط.
والآفات التي تعترض العُبَّاد منها ما يقدح في الإخلاص ومنها ما يقدح في المتابعة، ومن سلم له إخلاصه ومتابعته فقد سلمت له عبادته.
فآفات النوع الأول يكون بسببها الشرك الأكبر والأصغر والخفي، وعلل وأدواء أخرى بسبب ضعف الإخلاص وما يترتب عليه من ضعف وعلل في مقامات الاستعانة والتوكل والصدق والخوف والرجاء والمحبة وغيرها
وآفات النوع الثاني: يكون بسببها البدعة والغلو والتفريط.
• المقصد الثالث: الرد على المخالفين في هذا الباب، والتحذير من مخالفاتهم
وهذه المخالفات على نوعين:
النوع الأول: بدع أحدثتها بعض الطوائف.
النوع الثاني: أخطاء حصلت من بعض المشايخ بسبب سوء فهم وضعف علم، أو عبارات قالها قائلهم وهو في حال لا يؤاخذ بها؛ ففتن بها بعض الأتباع.
النوع الأول: التحذير من البدع المحدثة
ومن ذلك: الاغترار بالكرامات وطلبها بوسائل بدعية، والاسترسال مع القدر، والفناء بمشهد الربوبية عن مشهد الألوهية، أو بمشهد الألوهية عن مشهد الربوبية، والضلال في باب الأسباب، والذوق والوجد البدعيان، ومسألة السماع البدعي، والاتحاد والحلول، والفناء البدعي، وبدعة الملامية
النوع الثاني: الأخطاء والأغاليط
ومن ذلك: تنقص مقام التوكل وزعم أنه من مقام العامة، أو أنه لا يجلب منفعة ولا يدفع مضرة، والخطأ في ادعاء مقامات من العبودية كمقام الحزن ، والتحذير من شطحات الصوفية وأغلاط بعض مشايخهم في عبارات قد يقولونها وهم على حال لا يؤاخذون فيها بما يقولون من ذهاب العقل.
والواجب أن توزن تلك العبارات بميزان الشريعة فما قبل منها كان مقبولاً ، وما ردت الشريعة رد، ولا يلزم من رده العدوان على قائله؛ فإنه قد يكون معذوراً، وقد يكون مخطئاً غير معذور.
وما أحسن ما قال أبو سليمان الداراني: (ربما يقع في قلبي النكتة من نكت القوم أياما فلا أقبل منه إلا بشاهدين عدلين: الكتاب والسنة).
وقد ذكر شيخ الإسلام في رسالته بعض هذه العبارات.
فائدة مهمة :
هذه الرسالة كتبها شيخ الإسلام على حين عجلة ، كما صرح بذلك في أولها بقوله: (اقتضى ذلك بعض من أوجب الله حقه من أهل الإيمان ، واستكتبها وكل منا عجلان).
فكتب هذه الرسالة بخاطر حاضر وذهن سيال بعد خبرة وممارسة طويلة في بحث هذه المسائل والمناظرة عليها وكتابة الردود فيها ومنها مؤلفات ذات مجلدات.
وقد أودع في هذه الرسالة من نفائس المسائل والقواعد والفوائد ما يعز اجتماعه في غير هذا الكتاب، ومن يكتب على مثل حاله كتابة على عجلٍ ليس كمن يبدئ ويعيد في كتابته ليحرر الكلام ويجود العبارة ، وقد عرف عنه - رحمه الله - سرعة الكتابة، وسرعة البديهة ، وجودة الخاطر حتى إنه لإسراعه في الكتابة كان يترك نقط بعض الحروف.
ومن اللطائف في ذلك أنه كتب فتواه الكيلانية وهي في نحو مائة وثمانين صفحة جواباً لسؤال وقال في أثنائها لما عرض لمسألة فيها : (لكن هذا الموضع فيه اشتباه وإشكال لا تحتمل تحريرَه وبسطَه هذه الفتوى لأن صاحبها مستوفز عجلان يريد أخذها...)
وفي رسالته الكيلانية من الفقه وحسن النظر والتحرير ما يتعجب منه العلماء، وقد كتب ذلك على عجل وصاحب الفتوى مستوفز أي ليس بجالس جلسة المستريح بل على هيئة الذي يريد القيام لاستعجاله، وإنما أخَّره انتظاره أن يتم له الشيخ الجواب، فراعى الشيخ حاله واستعجل له في الجواب فكان في نحو مائة وثمانين صفحة!!
ومن يكتب على مثل هذا الحال تتوارد الأفكار على ذهنه ويطول الفصل بين بعض المقدمات والمقاصد ويدخل في ذلك بعض الاستطرادات والتنبيهات والفوائد العارضة، فالذي اعتاد الكتابة السهلة المرتبة قد يجد صعوبة في قراءة مثل هذه الرسالة، ومن طلاب العلم من لا يجد صعوبة في قراءتها، لكنه لا يقرؤها قراءة مثلى، وذلك لأنه يحصر ذهنه على فهم ما يقرؤه في الحال، فينتهي من قراءة الرسالة ولا يعلق بذهنه إلا بعض الفوائد واللطائف والمسائل التي كرر التنبيه عليها، وهذه الفائدة المستعجلة تذهب مع الوقت وعدم المراجعة.
ولذلك أوصي طالب العلم عند قراءة كتب شيخ الإسلام خاصة أن يحرص على استخراج المقاصد أولاً ، ولو مكث في مثل هذه الرسالة القيمة أياماً يستخرج مقاصدها ويعيد ترتيب مسائلها ويجمع الكلام المتفرق في كل مسألة في موضع واحد، ويميز الاستطرادات من المقاصد، ثم يتأمل ما خرج به من المسائل، وكيف بنى المؤلف بعضها على بعض حتى تتبين له المقاصد بجلاء ووضوح.
ودراسة هذه الكتب بمثل هذه الطريقة أنفع لطالب العلم من القراءة العابرة ولو تكررت، وضبط المسائل المهمة في هذه العلوم يعود على الطالب بالنفع والفائدة العظيمة في علمه وفهمه ووقته، ويعينه على رسوخ هذه المسائل في ذهنه فلا ينساها بإذن الله.
ولا يزال هذا دأب طالب العلم حتى يكون من الراسخين فيه بإذن الله.
الكشاف التحليلي لمسائل التحفة العراقية
§ العبادة هي الغاية التي خلق الله الجن والإنس لها
· بيان معنى العبادة
o العبادة هي غاية الذل وغاية المحبة
· تنقسم العبادات إلى قسمين: عبادات صحيحة وعبادات باطلة.
· وتنقسم أيضاً إلى قسمين: عبادات ظاهرة وعبادات باطنة.
§ العبادة الصحيحة والعبادة الباطلة
· العبادة الصحيحة هي التي جمعت الإخلاص والمتابعة، وهو ما تقتضيه الشهادتان.
· أعلى المقامات تجريد الإخلاص وإحسان المتابعة، {ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى} وجهه أي: قصده.
· إخلاص العبادة لله هو معنى الإسلام الذي بعث الله به المرسلين، وكل رسول دعا قومه إلى توحيد الله.
· لا يكون الإخلاص إلا بالكفر بالطاغوت والبراءة مما يعبد من دون الله.
· إحسان المتابعة يعصم العبد من الشرك والبدعة والغلو والتفريط.
· الآفات التي تعترض العُبَّاد منها ما يقدح في الإخلاص ومنها ما يقدح في المتابعة.
· إذا سلم لك إخلاصك ومتابعتك فقد سلمت لك عبادتك.
§ أقسام التوحيد
· ينقسم التوحيد إلى قسمين : قولي علمي، وعملي إرادي.
· سورة {قل هو الله أحد} هي في التوحيد القولي العلمي، {وقل يا أيها الكافرون} هي في التوحيد العملي الإرادي.
· لهاتين السورتين فضائل عظيمة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن بينهما في ركعتي الفجر وركعتي الطواف.
· بين القسمين ارتباط وثيق، والأول يستلزم الآخر.
· المقصود في هذه الرسالة هو التوحيد العملي ، الذي هو عمل القلب وإرادته.
· من ضلوا في القسم الأول ظهر أثر ضلالهم في القسم الآخر.
· لا يوجد أحد من أهل التعطيل (الجهمية) وأهل التمثيل (المشبهة) إلا وفيه نوع من الشرك العملي.
· أصل قولهم فيه شرك وتسوية بين الله وخلقه، أو بينه وبين المعدومات.
· في الطائفتين شبه باليهود والنصارى
· اليهود كثيرا ما يعدلون الخالق بالمخلوق ويمثلونه به حتى وصفوا الله – تعالى عن ذلك علوا كبيراً – بالعجز والفقر والبخل ونحو ذلك.
· والنصارى كثيراً ما يعدلون المخلوق بالخالق حتى جعلوا في بعض المخلوقات من نعوت الربوبية وصفات الألوهية، ويجوّزون لها ما لا يصلح إلا لله سبحانه.
· أمرنا الله جل وعلا أن نسأله أن يهدينا الصراط المستقيم صراط الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين غير المغضوب عليهم من اليهود ومن شابههم ولا الضالين من النصارى ومن شابههم.
· أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن في هذه الأمة من يتبع سنن اليهود والنصارى حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلوه.
· تأمل ما بينه الله ورسوله من انحرافات اليهود والنصارى وأسبابها مفيد جداً للسالك ليحذر مما حذَّر الله منه ورسوله.
§ الفرق بين العبادات الظاهرة والعبادات الباطنة
· أصل الدين في الحقيقة هو الأعمال الباطنة، والأعمال الظاهرة لا تنفع بدونها
· أصول العبادات القلبية: المحبة والخوف والرجاء
· أصول العبادات الظاهرة: الصلاة والصيام وتلاوة القرآن
o يوصف من يكثر من هذه الأعمال بأنه عابد
· الكلام في العبادات الظاهرة وشروطها وأركانها وآدابها أفاض فيه الفقهاء في كتب الفقه
· الكلام في العبادات الباطنة وآثارها وآداب أصحابها هو مدار علم السلوك.
· تكلم علماء الاعتقاد في العبادات القلبية من جهة تحقيق الإخلاص فيها ودرجات دخول الشرك فيها.
§ حقيقة الهدى والرشاد
o العلم النافع هو أصل الهدى، والعمل بالحق هو الرشاد
o يحتاج السالك إلى علم وإرادة؛ فإذا كان علمه صحيحاً وإرادته جازمة سلك سبيل الرشاد بإذن الله.
o زكَّى الله تعالى نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بقوله: {ما ضل صاحبكم وما غوى}
o العلم النافع عصمة من الضلال والعمل بالحق عصمة من الغواية.
o لا ينال الرشاد إلا بالصبر، ولا إيمان لمن لا صبر له.
§ أهمية أعمال القلوب
§ أنواع أعمال القلوب
· الإخلاص
· إخلاص العبادة لله هو الدين الذي لا يقبل الله سواه، وهو معنى الإسلام الذي بعث الله به المرسلين
· حقيقة الإسلام هي الانقياد لله وحده لا شريك له، فيكون قلبه وعمله سالماً من الشرك خالصاً لله.
· من أسلم قلبَه لله فقد أخلص العبادة لله.
· مما يعين على تحقيق الإخلاص: اليقين والصبر.
· تسلط الشيطان وإغواؤه إنما هو على غير المخلصين.
· من فضائل الإخلاص أن صاحبه لا يكون مذموماً ولا مخذولاً.
· الصدق
· التوكل
· المحبة
o المحبة أصل الدين
· محبة الله ورسوله من أعظم واجبات الإيمان وأكبر أصوله وأجل قواعده
· المحبة هي أصل كل عمل من أعمال الإيمان والدين، كما أن التصديق أصل كل قول من أقوال الإيمان والدين.
· كل حركة في الوجود إنما تصدر عن محبة (للمؤلف رسالة في هذه المسألة بعنوان: قاعدة في المحبة، وهي من القواعد الكبار).
· جميع الأعمال الدينية لا تصدر إلا عن محبة الله لأن الله لا يقبل إلا ما أريد به وجهه.
· الخوف والرجاء مبناهما على المحبة؛ لأن الراجي يطمع فيما يحب، والخائف يخشى على ما يحب.
· إخلاص العبادة لله تعالى هو ثمرة المحبة الصادقة.
· المحبة الدينية هي إرادة الله وحده؛ فالشيء المراد لنفسه هو المحبوب لذاته، وهذا كمال المحبة.
· يعبَّر عن كمال المحبة بالعبادة لأن العبادة تتضمن كمال المحبة ونهايته مع كمال التذلل والتعظيم.
· المحبوب الذي لا يعظم ولا يذل له ليس بمعبود، وكذلك المعظم الذي لا يُحَب.
o أسباب محبة الله
· 1: أن يحب الله لأجل إحسانه وإنعامه.
· 2: أن يحب الله لمعرفته بأسمائه وصفاته
o المحبة المحمودة والمحبة المذمومة
· كل حركة في الوجود إنما تصدر عن محبة: إما عن محبة محمودة أو عن محبة مذمومة.
· أصل المحبة المحمودة هي محبة الله تعالى،ومن آثارها محبة ما أمر الله به، وما أذن الله بمحبته.
· المحبة المذمومة هي محبة ما يبغضه الله.
· كل ما يُحَب لغير الله فمحبته باطلة. (( الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه أو عالماً أو متعلما))
o معنى كون المؤمنين أشد حباً لله
· لأن المؤمنين أعلم بالله، والحب يتبع العلم، ويزداد بازدياده؛ وكلما كان العبد أعرف بالله وبأسمائه وصفاته وآثارها كان أكثر حباً له.
· ولأن المؤمنين جعلوا حبهم لله وحده (حب العبادة)، والمشركون جعلوا بعض حبهم لغيره وأشركوا بينه وبين الأنداد في الحب.
o قاعدة في التفريق بين حب التعبد وحب لوازم العبادة وآثارها والحب الطبيعي الخالي من المعاني التعبدية.
· لفظ المحبة فيه إطلاق وعموم ، وله ثلاث إطلاقات:
· 1: فيطلق على ما يحمل معنى التعبد، وهو الحب الذي فيه تذلل وتعظيم وخوف ورجاء ورغبة ورهبة فهذا حب التعبد ، وصرفه لغير الله شرك أكبر.
· 2: ويطلق على ما هو من لوازم محبة الله وآثارها؛ كمحبة الرسول صلى الله عليه وسلم ومحبة المؤمنين ومحبة ما يحبه الله من الأمكنة والأزمنة وغيرها.
· محبة الرسول الله صلى الله وعليه وسلم ليست من جنس محبة الله، وإنما هي تابعة لمحبة الله، ولذلك لا تتضمن معاني تعبدية تصرف للرسول صلى الله عليه وسلم.
· وكذلك محبة الصالحين هي تابعة لمحبة الله تعالى، وأما من أحب الصالحين محبة تعبّد لهم فقد أشرك بهم من دون الله جل وعلا.
· 3: الحب الجبلّي الطبيعي الخالي من المعاني التعبدية قد يكون مباحاً مأذوناً به، وقد يكون محرماً وقد يكون مكروهاً، بحسب غرضه وأثره.
o آثار المحبة ودلائلها
· اتباع النبي صلى الله عليه وسلم دليل المحبة {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} ، ولذلك تسمى هذه الآية آية الامتحان.
· الجهاد في سبيل الله بالنفس والمال دليل المحبة الكاملة لأنه بذل أغلى ما يملك العبد لله جل وعلا.
· الهجرة في سبيل الله عند وجوبها أو استحبابها من أعظم دلائل المحبة. {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم...} الآية.
· التواضع للمؤمنين والتذلل لهم (تذلل عطف ورحمة وأخوة) والعزة على الكافرين (من غير ظلم لهم) من أعظم دلائل صحة المحبة.
· {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ...} الآية.
· المحب التام لا يؤثر فيه لوم اللائم ولا عذل العاذل، بل ذلك يغريه بملازمة المحبة {ولا يخافون لومة لائم}
· المقصود أن من أحب الله المحبة الواجبة فلا بد أن يبغض أعداءه ولا بد أن يحب ما يحبه الله من جهادهم: {إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص}
· ((من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بغزو مات على شعبة من النفاق))
· ((أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله))
· ((من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان)).
· من علامات سلامة القلب وصحة المحبة أن توالي أولياء الله وتعادي أعداء الله وتعظم ما عظمه الله وتحقّر ما حقَّره الله، وترضى لما يرضي الله وتغضب لما يغضب الله.
· هؤلاء هم الذين يرضى الله لرضاهم ويغضب لغضبهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر في طائفة فيهم سلمان وصهيب وبلال: (لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك) وذلك لما مرَّ بهم أبو سفيان في غزوة أحد فقالوا: (ما أخذت السيوف من عدو الله مأخذها) وذلك غضباً لله جل وعلا.
· غاية ما يرجوه المحب في الدنيا ما تضمنه حديث الولي: ((فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به...)) الحديث
· عبادة المحبة ضلت فيها طائفتان: طائفة أنكرتها وصرفتها إلى محبة الثواب وهم الجهمية، وطائفة أدخلت فيها باطلاً كثيراً من كثرة الانبساط وما لا يليق من الأقوال والأحوال، وهم طوائف من الصوفية، ووصل الأمر بغلاتهم إلى الكفر الصريح.
· من الأغلاط الشنيعة ما يذكره بعضهم في شأن محبة الله جل وعلا من الأشعار والأقوال التي تحمل معنى الهجر والتجني والصد والقطيعة ونحو ذلك من المعاني في المتحابّين من البشر للهوى.
· الخوف
· الخوف تابع للمحبة؛ لأن الخائف يخشى فوات ما يحبه من السلامة والنعيم.
· أعظم درجات الخوف عند المحبين أنهم يخافون أن يحتجب الله عنهم يوم القيامة كما قال في الكفار: {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون}
· الخوف من عذاب النار ومن أهوال يوم القيامة من صفات المؤمنين {والذين هم من عذاب ربهم مشفقون} {والذين آمنوا مشفقون منها} وقال في أهل النار: {لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ذلك يخوف الله به عباده يا عباد فاتقون}
· الخوف من عذاب النار يشمل الخوف مما يعذب به أهلها ومن ذلك
· قول عمر: (نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه) ليس فيه نفي الخوف عنه، وإنما مراده أن إجلاله لله يمنعه من معصيته.
· الرجاء
· التوبة
· أصل التوبة ندم القلب ورجوعه إلى الله
· التوبة فيها فرار وإقبال يقال: تبت من ذنبي، وتبت إلى الله.
· الله تعالى يحب التوابين، ويفرح بتوبة عبده كما في الحديث الصحيح.
· التوبة الصحيحة مقبولة من جميع الذنوب حتى الشرك بالله جل وعلا والردة وإن تكررت.
· لا يغفر الله الشرك لمن لم يتب منه، ويغفر لمن يشاء ما دون الشرك وإن لم يتب العبد منه.
· الإنابة
· الاستعانة
· الاستعاذة
· الاستغاثة
· الزهد
o الفرق بين الزهد والورع
· الزهد المشروع هو ترك ما لا ينفع في الآخرة (فضول المباحات)
· والورع المشروع هو ترك ما قد يضر في الآخرة (المحرمات والمكروهات)
· الزهد فيما ينفع في الآخرة أو ما يعين عليه من المباحات ليس من الدين في شيء.
· الصبر
· ذكر الله الصبر في القرآن في أكثر من تسعين موضعاً.
· الرضا
· الرضا من أرفع أعمال القلوب، وكماله الحمد، حتى إن بعضهم فسر الحمد بالرضا
· كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل ربه الرضا بعد القضاء.
· ما يكون قبل القضاء إنما هو عزم على الرضا لا حقيقة الرضا.
· كان طائفة من لمشايخ يعزمون على الرضا قبل وقوع البلاء فإذا وقع انفسخت عزائمهم.
· كراهية تمني البلاء، والتعرض له، ولذلك ينهى عن تمني لقاء العدو، وطلب الإمارة، والقدوم على بلد فيه طاعون.
· المؤمن يسأل الله العافية ولا يتمنى البلاء ؛ فإذا ابتلي وجب عليه أن يصبر.
§ اختلف العلماء في حكم الرضا بالقضاء على قولين: واجب ومستحب.
· على القول الأول يكون الرضا من أعمال المقتصدين، وعلى القول الثاني يكون من أعمال المقربين.
· تنبيه: حديث: (إن استطعت أن تعمل لله بالرضا مع اليقين فافعل ، وإن لم تستطع ؛ فإن في الصبر على ما تكره خيراً كثيراً) ضعيف.
· قال عمر بن عبد العزيز: (الرضا عزيز ، ولكن الصبر معول المؤمن).
· لم يأت في القرآن إلا مدح الراضين بقضاء الله ، ولم يرد إيجابه.
· تنبيه: هذا في الرضا بالقضاء وأما الرضا بالأمر فأصله واجب وهو من توابع المحبة التي هي أصل الإيمان.
§ الرضا والاستخارة
· من سعادة ابن آدم استخارته لله ورضاه بما قسم الله.
· الرضا بعد القضاء، والاستخارة قبل القضاء.
§ للرضا بعد القضاء سببان:
· 1: اليقين بأن الله مستحق للرضا في جميع الأحوال، وهذا رضا المحبة.
· 2: الرضا لعلم العبد بأن ما أصابه من قضاء الله هو خير له، وهذا رضا حسن الظن بالله والتصديق بوعده.
· من ثواب الرضا عن الله أن يرضي الله عبده، والله عليم بما يرضي عبده.
· الحمد
· الحمد هو تمام الرضا.
· الحمد له نوعان: حمد له تعالى على ما يستحقه لنفسه، وحمد له على إحسانه إلى عبده.
· ورد في فضل الحمَّادين (الذين يحمدون الله في السراء والضراء) أحاديث منها الصحيح وغيره.
· مما صح حديث عمران بن الحصين: (أفضل عباد الله تعالى يوم القيامة الحمَّادون) رواه الطبراني.
· الحمد على السراء يوجبه شكر النعمة، والحمد على الضراء يوجبه مشهدان:
· 1: العلم بأن الله سبحانه مستحق للحمد لذاته، فلا يكون إلا حميداً له الحمد كله، وذلك لما له من الأسماء الحسنى والصفات العلى.
· 2: العلم بأن اختيار الله لعبده المؤمن خير من اختيار العبد لنفسه، ولهذا أدلة:
· قال الله تعالى: {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا} ولم يقل: علينا، والنفي والاستثناء هنا يفيدان الحصر.
· حديث: (لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيراً له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن)
· فقه الآية والحديث: أن المؤمن الذي يصبر على البلاء ويشكر النعماء كل قضاء في حقه خير له.
· وأما الذي يخالف فلا يصبر أحياناً ولا يشكر أحياناً فلا يلزم أن يكون القضاء خيراً له .
· اليقين بهذه الحقيقة يعين على تحقيق مقامي الصبر والشكر.
· مسألة: ما يُقضى على المؤمن من المعاصي هل هو خير له؟
o الذنوب في نفسها شر لأن الله يبغضها وقد يعاقب عليها، وعن هذه المسألة جوابان:
· الأول: أن حديث: (لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيراً له) فسره بعده بقوله: (إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له) فهذا إنما يتناول ما أصاب العبد لا ما فعله العبد.
· الجواب الثاني: أن هذا في حق المؤمن الصبار الشكور؛ فيكون حاله بعد وقوع الذنب أحسن من حاله قبل وقوعه، لما يترتب عليه من الأحوال الإيمانية من التوبة والاستغفار والاستكثار من الأعمال الصالحة، واندفاع آفات مهلكة عنه كالعجب والغرور والتعالي والغفلة ؛ فيكون تقدير الذنب عليه خير له باعتبار ما آل إليه حاله بعد الذنب.
o الأسباب التي تندفع بها عقوبة السيئات عشرة:
· التوبة، والاستغفار، والحسنات الماحية، ودعاء المؤمنين، وإهداء ثواب الأعمال، والشفاعة، والمصائب المكفرة، والابتلاء في البرزخ، والابتلاء في عرصات القيامة، ورحمة أرحم الراحمين.
· من أخطأته هذه العشرة فلا يلومن إلا نفسه.
§ أقسام أعمال القلوب
· أعمال قلبية تعبدية لله تعالى كمحبة الله ورجائه وخوفه وإخلاص القصد له.
· أعمال قلبية هي من لوازم عبادة الله وآثارها ومعينة عليها كمحبة الرسول صلى الله عليه وسلم ومحبة المؤمنين، ورحمتهم، وحسن الظن بهم، والغيرة على المحارم، والزهد في الدنيا والزهد فيما في أيدي الناس. ونحو ذلك من الأعمال القلبية التي يحبها الله ويثيب عليها.
· الأعمال القلبية التي تخلو من معاني التعبد قد تكون مباحة وقد تكون محرمة وقد تكون مكروهة.
§ الاقتران بين أعمال القلوب
· قال بعضهم: (من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق، ومن عبد الله بالخوف وحده فهو حروري، ومن عبد الله بالرجاء وحده فهو مرئ، ومن عبد الله بالحب والخوف والرجاء فهو مؤمن موحد).
· هذه المقولة عزاها أبو حامد الغزالي في إحياء علوم الدين لمكحول الدمشقي.
· كان العلماء يحذرون ممن يعرف عنه الإكثار من دعوى المحبة والخوض فيها من غير خشية
· الذي يدعي المحبة وهو بعيد عن اتباع السنة والموالاة في الله والمعاداة في الله والغيرة على حرمات الله فدعواه كاذبة
· (المتحابون بجلالي) قرن المحبة بالجلال تنبيه على ما في قلوبهم من إجلال الله وتعظيمه مع التحاب وبذلك يكونون حافظين لحدود الله
· الصدق والإخلاص
· الإخلاص والاستعانة
· الإخلاص والتوكل
· الرضا والتوكل
o الرضا والتوكل يكتنفان المقدور؛ فالتوكل قبل وقوعه، والرضا بعد وقوعه.
· الخوف والطمع
o قال الله تعالى: {وادعوه خوفاً وطمعاً}
· الرغبة والرهبة
· الصبر واليقين
· الإمامة في الدين مبناها على الصبر واليقين
· الصبر والشكر
· الصبر والمرحمة
§ درجات الناس في أعمال القلوب
· الظالم لنفسه والمقتصد والسابق بالخيرات بإذن ربه
· الرد على المرجئة والوعيدية في حكم الظالم لنفسه من أهل الإيمان
§ عناية الأئمة بأعمال القلوب
§ مسالك الفرق في أعمال القلوب والرد على المخالفين
· اعتقاد بعضهم أن كون الأمور مقضية مقدَّرة يستلزم عدم نفع الأسباب
o ذهب بعضهم إلى أن التوكل والدعاء محض عبادة لا يجلب بهما منفعة ولا يدفع بهما مضرة.
· بيان المنهج الصحيح في الأسباب والرد على الغلاة والجفاة
o الله تعالى يقدر الأمور ويقدر أسبابها من أفعال العباد وغيرها.
o الرقى والتداوي هو من بذل الأسباب
· الفرق بين الكلمات الدينية والكلمات الكونية
o غلط بعض المتصوفة في الاسترسال مع القدر والغفلة عن الشرع بدعوى التوكل والتفويض
§ خطأ التسوية بين ما فرق الله بينه (ما أريد قدراً وما أريد شرعاً)
§ أفضى الأمر بغلاتهم إلى التسوية بين ما أمر الله به وما قدره الله من المعاصي والشرور
§ يستشهدون في ذلك بكلمات مجملة نقلت عن بعض الأشياخ أو ببعض غلطاتهم
§ مثال ذلك: قول بعضهم: ينبغي للعبد أن يكون مع الله كالميت بين يدي الغاسل
§ إذا تضمن هذا ترك العمل بالأمر والنهي كان ضلالا عن الهدى
· الموقف الصحيح من الكلمات المجملة لبعض الأشياخ من العباد والزهاد والعارفين
· الكلام عن مقام الحزن
· الخطأ في فهم مقام التوكل
§ التوبة من البدعة
· البدعة أحب إلى إبليس من مجرد المعصية
· الغالب على المبتدع أنه يحسب أنه يحسن صنعاً ولذلك لا يتوب
· أسباب التوفيق للتوبة من البدعة
§ غاية علم السلوك
· غاية هذا العلم بلوغ مرتبة الإحسان في العبادة.
§ أئمة هذا العلم ومصادره
· هذا العلم كسائر علوم الشريعة يتبع فيها هدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو أحسن الهدي.
· خير هذه الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ثم التابعون لهم بإحسان
· عناية سلف الأمة بهذا العلم قولاً وعملاً وتأليفاً عناية ظاهرة.
· المصنفات فيه كثيرة وهي مبثوثة في دواوين السنة والمصنفات المفردة لأئمة أهل السنة
· برز في هذا العلم أئمة كما برز في التفسير مفسرون وفي الحديث محدثون وفي الفقه فقهاء
§ طبقات أئمة علم السلوك: ينظر هنا
§ ثناء الأئمة على بعض الزهاد
· قال يحيى بن معين في أحمد بن أبي الحواري: (أظن أهل الشام يسقيهم الله به الغيث)
· وقال ابو داوود: (ما رأيت أحداً أعلم بأخبار النساك منه).
· وقال أحمد في أبي إسحاق بن هانئ: (إن كان في البلد رجل من الأبدال ، فأبو إسحاق النيسابوري) وهو الذي اختفى الإمام أحمد في داره أيام المحنة.
§ ألقاب هؤلاء الأئمة
· من المعروف أن يلقب العالم بالتفسير بالمفسر، والعالم بالفقه بالفقيه، وأما هؤلاء الأئمة فتنوعت ألقابهم بحسب ما يغلب عليهم مما يعرف عنهم من فروع علم السلوك فيقال: الزاهد والعابد والناسك والعارف ونحو ذلك من الألقاب التي يوصفون بها ، ولا يتسمون هم بها.
§ الأبدال
· الأبدال هم العلماء العاملون والعباد الصالحون، سموا بذلك لأنهم يخلف بعضهم بعضاً، كلما مات منهم أحد أبدل الله الأمة غيره.
· لفظ الأبدال ورد فيه أحاديث لا تصح، وكذلك لم يصح في تحديد عددهم أحاديث، وأقرب ما روي فيه أثر موقوف على علي صححه الحاكم ووافقه الذهبي وأقرهما الألباني، وأعله بعض أهل العلم.
· قال ابن القيم في المنار المنيف: (من ذلك أحاديث الأبدال والأقطاب والأغواث والنقباء والنجباء والأوتاد كلها باطلة على رسول الله صلى الله عليه و سلم، وأقرب ما فيها: ((لا تسبوا أهل الشام فإن فيهم البدلاء كلما مات رجل منهم أبدل الله مكانه رجلا آخر)) ذكره أحمد ولا يصح أيضا فإنه منقطع).
· استعمل السلف لفظ الأبدال، ووصفوا بعض الأئمة بأنهم من الأبدال، وممن استعمل هذا اللفظ: قتادة وابن المبارك والشافعي وأحمد ويحيى بن معين والبخاري وغيرهم.
· سئل الإمام أحمد عن الأبدال من هم؟ فقال: إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم.
· قال ابن تيمية: (والذين تكلموا باسم البدل فسروه بمعانٍ: منها أنهم أبدال الأنبياء، ومنها أنه كلما مات منهم رجل أبدل الله تعالى مكانه رجلاً، ومنها أنهم أُبدلوا السيئات من أخلاقهم وأعمالهم وعقائدهم بحسنات، وهذه الصفات كلها لا تختص بأربعين ولا بأقل ولا بأكثر، ولا تُحصر بأهل بقعة من الأرض).
· لم يستعمل السلف ألقاب الأقطاب والأغواث والنجباء والنقباء والأوتاد، وقد روي فيها أحاديث باطلة.
· لفظ الغوث إن كان المراد به أنه يستغاث به فهو شرك وضلالة، وإن كان المراد اعتقاد أنه سبب لغوث البلاد فهو غلو وتزكية.
· تعرف إمامة هؤلاء بمطالعة سيرهم وما عرف من أخبارهم وما حفظ من وصاياهم وما صنفوه من مؤلفات في هذا العلم.
· من شيوخ الصوفية : الحارث المحاسبي وسهل بن عبد الله التستري وأبو بكر الدقاق وأبو سليمان الداراني ومعروف الكرخي ويوسف بن أسباط والجنيد بن محمد وعمرو بن عثمان الشبلي ومحمد بن خفيف.
§ المحاذير
· الاغترار بالكرامات
o منهج أهل السنة في الكرامات
§ الكرامة لزوم الاستقامة
§ تكون الكرامات في المكاشفات والتأثيرات
§ القلوب لها من التأثير إصلاحاً وإفساداً ما ليس للأبدان
§ الكرامات معروضة على ميزان الشريعة
o يعتقد بعض الجهلة والمبتدعة أن حصول بعض الخوارق لهم دليل على صلاحهم ورفعتهم
o أقسام الناس في خوارق العادات
§ 1: من تكون كرامة له: وذلك إذا استعملها في طاعة الله، وهو حال أهل الإيمان والتقوى.
§ 2: من تكون فتنة واستدراجاً له: وذلك إذا استعملها في معصية، وهم أهل المعاصي والبدع.
§ 3: من تكون في حقهم بمنزلة المباحات، وهم الذين يستعملونها في أمور مباحة.
· الاسترسال مع القدر
§ يُنهى العبد عن الاسترسال مع القدر من غير حرص على فعل المأمور
§ كل ما يستعان به على الطاعة فهو طاعة وإن كان من جنس المباحات
· الغفلة عن الجمع بين مشهدي الربوبية والألوهية
o أقسام الناس في مشهدي الربوبية والألوهية
§ ق1: من يغلب عليه مشهد الألوهية ويغفل عن مشهد الربوبية، وهو حال كثير من المتعبدة والمتفقهة.
· هؤلاء أحسنوا في تعظيم أوامر الشريعة، وأخطؤوا في غفلتهم عن مشهد الربوبية وآثارها، فلذلك تعرض لهم آفات من ضعف الاستعانة التوكل والرضا، وتظهر آثارها في التسخط والعجز والعجب.
§ ق2: من يشهد مشهد الربوبية ويغفل عن مشهد الألوهية ، وهو حال كثير من المتفقرة والصوفية
· هؤلاء يشهدون ربوبية الله جل وعلا وافتقارهم إليه ويستعينون به لكن على أهوائهم وأذواقهم غير ناظرين إلى حقيقة أمره ونهيه ورضاه وغضبه ومحبته.
· هؤلاء يعبدون الله على مرادهم منه لا مراده منهم.
· ولذلك تنصرف هممهم إلى المقامات والأحوال التي يحصلون بها على خوارق العادات غافلين عن أحكام الشريعة.
· تعرض الشياطين لكثير منهم فتفتنهم بالأحوال الشيطانية ويظنونها أحوالاً ربانية.
· غلاتهم يظنون أن هذه هي غاية الحقيقة التي متى وصلوا إليها سقطت عنهم التكاليف.
· من هؤلاء من لا يميز بين المعصية والطاعة لغلبة مشهد القدر عليه فيعطل الأمر والنهي.
· من تأمل سيرهم وأحوالهم وجد كثيراً منهم آل به الأمر إلى الكفر والفسوق والعصيان، والعياذ بالله.
· كثير من هؤلاء يقع في جنس ما وقع فيه المشركون من الاحتجاج بالقدر على المعاصي، والتعبد بما لم يأذن به الله.
§ ق3: من أعرض عن المشهدين ، وهو من أعرض عن عبادة الله واستعانته به؛ فهؤلاء شر الأقسام.
§ ق4: القسم المحمود الذي جمع المشهدين فحقق {إياك نعبد وإياك نستعين}، وقوله: {فاعبده وتوكل عليه}
· هؤلاء يستعينون بالله على طاعته، ويعبدون الله بما شرع.
· الضلال في باب الأسباب
· الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد، ومحو الأسباب أن تكون أسباباً نقص في العقل، والإعراض عن الأسباب بالكلية قدح في الشرع.
· التوكل المأمور به هو ما اجتمع فيه مقتضى التوحيد والعقل والشرع.
· الذوق والوجد
· الذوق الإيمان هو المذكور في الحديث الصحيح: (ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً)
· والود الإيماني هو المذكور في الحديث الصحيح: (ثلاث من كنَّ فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وإن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله كما يكره أن يقذف في النار).
· مسألة السماع
· الذي عليه محققو المشايخ قول الجنيد: من تكلف السماع فُتِن به، ومن صادفه السماع استراح به.
· المراد بالسماع هنا سماع الأشعار والأناشيد التي ترقق القلوب وبعضها يذكّر بدلالة الإشارة والتنبيه
· تحريك القلوب بما يثير المحبة ويزيدها مطلوب من حيث الأصل.
· كان السلف يحركون القلوب بالمواعظ والتذكير والتلاوة، ولم يكونوا يجتمعون للسماع.
· لما طال الأمد صار في طوائف الأمة من ينكر المحبة كالمعتزلة، ومن يتطلبها بالسماع البدعي كبعض المتصوفة.
· اشتهر السماع البدعي عن المتصوفة وتوسعوا فيه إلى أنواع من الفسوق، بل بلغ الأمر ببعض غلاتهم إلى الكفر الصريح.
· ينتج لهم السماع من الأحوال النفسية نظير ما ينتج لعباد الأوثان.
· الاستدلال بحصول الأحوال على صحة السماع باطل.
· عدَّ الشافعي السماع من إحداث الزنادقة، قال: (خلَّفت ببغداد شيئاً أحدثه الزنادقة يسمونه التغبير يصدون به الناس عن القرآن).
· من سمع ولم يستمع لم يترتب على فعله نهي ولا ذم باتفاق الأئمة.
· من أخذ من بيت سمعه إشارة تناسب حاله لم يكن مذموماً، وقد فعله بعض السلف.
· أعظم ما يحرك القلوب استماع القرآن بقصد طلب الهدى والرحمة.
· المقاصد المطلوبة للمريدين تحصل بالسماع الإيماني القرآني النبوي الذي هو سماع النبيين والصديقين والصالحين {إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجداً وبكياً} {الله نزل أحسن الحديث...} الآية، {فاستمعوا له وأنصتوا..}
· ذم الله المعرضين عن هذا السماع {وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبراً كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقراً فبشره بعذاب أليم} ، {ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم} {فمالهم عن التذكرة معرضين كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة}
· مسألة السماع مسألة كبيرة ومنتشرة وقد تكلم عنها شيخ الإسلام في مواضع ، ولابن القيم كتاب مفرد في مسألة السماع.
· الاتحاد والحلول
o أنواع الاتحاد
· الاتحاد المقيد بشيء بعينه، وهو قول بعض النصارى والغالية من الرافضة والنُّسَّاك كالحلاجية ونحوهم.
· الاتحاد المطلق الذي هو قول أهل وحدة الوجود الذين يزعمون أن وجود المخلوق هو عين وجود الخالق؛ من شر أقوال أهل الشرك.
o أنواع الحلول
· الحلول المقيد في بعض الأشخاص.
· الحلول المطلق ، وهو قول الجهمية الذين يزعمون أن ذات الله في كل مكان.
· الفناء والاصطلام
· الفناء يراد به ثلاثة معانٍ أحدهما صحيح والآخران بدعيان:
o أنواع الفناء
§ الفناء عن إرادة السوى
· هذا الفناء معناه أن يغيب العبد بإرادة وجه الله عن إرادة ما سواه؛ فلا يخطر له خاطر الشرك والرياء والسمعة لقوة يقينه واجتماع قلبه على الإخلاص.
· يفنى بعبادة الله عن عبادة غيره، وبالتوكل عليه عن التوكل على غيره، وبمحبته عن محبة غيره، وبطاعته عن طاعة غيره، وهذا هو الفناء المحمود.
· الذي يخطر له خاطر الرياء أو إرادة الدنيا بعمل الآخرة ويدافعه مجاهد مخلص، والأول أحسن منه حالاً من هذا الوجه؛ كحال قارئَِيِ القرآن.
§ الفناء عن شهود السوى
· هذا الفناء يذكره بعض الصوفية ويمدحونه ، وهو خطأ.
· يراد بهذا الفناء أن يفنى العبد عن شهود ما سوى الله تعالى؛ فيفنى بمعبوده عن عبادته، وبمذكوره عن ذكره، وبمعروفه عن معرفته؛ بحيث يغيب عن شعوره بنفسه وبما سوى الله.
· هذا حال ناقص، قد يعرض لبعض السالكين، وليس من لوازم الطريق إلى الله ، ولهذا لم يعرض للنبي صلى الله عليه وسلم والسابقين الأولين.
· من جعل هذا نهاية السالكين فهو ضال ضلالاً مبيناً ، وكذلك من جعله من لوازم طريق الله فهو مخطئ.
· القول الصحيح فيه أنه من عوارض الطريق التي تعرض لبعض السالكين لضعف قلوبهم واحتمال أذهانهم عن بعض الحقائق والمعارف.
· من ذهب عقله بسبب يعذر به كقوة المحبة وضعف الاحتمال من غير أن يحصل منه سبب محظور كان معذوراً فلا يؤاخذ بما يصدر منه من الكلام في هذه الحال التي زال فيها عقله، ومن ذلك بعض العبارات المشتهرة عن بعض المتصوفة.
· قيل في أمثال هؤلاء: إنهم قوم آتاهم الله عقولاً وأحوالاً فسلب عقولهم وأبقى أحوالهم ، وأسقط ما فرض بما سلب.
· من تطلب هذا الفناء بالسماع البدعي والرياضات المحرمة ونحو ذلك من الأسباب المحظورة لم يكن معذوراً ، وإن كان لا يحكم بكفره في أصح القولين.
§ الفناء عن وجود السوى
· هذا الفناء معناه أن يفنى عن وجود ما سوى الله، بحيث يرى أن وجود المخلوق هو عين وجود الخالق، وأن الوجود واحد بالعين، فهذا قول أهل الإلحاد والاتحاد الذين هم من أضل العباد.
· بدعة الملامية
· الملامية قوم يفعلون ما يلامون عليه في الظاهر ويخالفونه في الباطن ليلومهم الناس على ما ظهر منهم ، ويزعمون أن ذلك أدعى لتحقيق الإخلاص.
· كان مبدأ أمرهم أنهم يلبسون ما لا يليق بأهل الصلاح من المبالغة في الزينة والثياب ليظهروا للناس أنهم ليسو من أهل الزهد والتنسك وهم في خاصة أمرهم بعيدون عما يظهرون.
· ثم استدرجهم الشيطان إلى أن وقعوا في المكروهات ثم المحرمات واشتهروا بذلك.
· هؤلاء الملامية وقعوا باختيارهم فيما يبغضه الله ورسوله، وهم مستحقون للوم والعقاب.
§ الأغاليط
· تنقص مقام التوكل.
o وقع الغلط في تنقص مقام التوكل في جانبين:
o الجانب الأول: زعم بعضهم أن التوكل من مقامات العامة
· هؤلاء حصروا معنى التوكل في الأمور الدنيوية، كقول بعضهم: (المتوكل يطلب حظوظه) ؛ وقول آخرين: (التوكل مناضلة عن النفس في طلب القوت، والخاص لا يناضل عن نفسه)، قالوا: وأما الخاصة فهم دائرون مع ما يقدره الله.
· ممن وقع في هذا الغلط شيخ الإسلام الهروي صاحب كتاب (علل المقامات) ، وعنه ابن العريف في كتابه (محاسن المجالس).
§ الرد عليهم من ثلاثة وجوه:
· 1: أن التوكل على الله لا يحصر في الأمور الدنيوية، بل التوكل عليه في الأمور الدينية أعظم وأجلّ.
· 2: التوكل من الأمور الدينية التي لا تتم الواجبات والمستحبات إلا بها، والزاهد فيها زاهد فيما يحبه الله ويأمر به ويرضاه.
· 3: التوكل محبوب لله مرضي به مأمور به دائماً، وقد أمر به أخصَّ خلقه؛ فلا يكون من فعل المقتصدين دون المقربين.
· من أعرض عن التوكل على الله فهو عاصٍ لله مخالف لأمره بالتوكل؛ فكيف يكون من الخاصة؟
· ومن الناس من يكون توكله ودعاؤه في أمور محرمة من الإثم والعدوان ، وهذا ظالم لنفسه.
· والتحقيق أن مقام التوكل على درجات ينقسم الناس فيها إلى عموم وخصوص، فمن كان توكله في أمور دنيوية وغافلاً عن التوكل في الأمور الدينية فهو من العامة، ومن كان توكله في اتباع رضوان الله فهو من الخاصة.
o الجانب الثاني: أن التوكل لا يجلب منفعة ولا يدفع مضرة وإنما هو عبادة محضة، وأن حقيقة التوكل بمنزلة حقيقة التفويض.
· هذا الغلط قاله بعض المشايخ بسبب ظنهم أن كون الأمور مقدرة مقضية يمنع أن تتوقف على أسباب مقدرة أيضاً تكون من العبد.
· حديث عمران بن الحصين وحديث علي بن أبي طالب وحديث أبي خزامة هي في هذا الباب.
· وهذا راجع إلى الخطأ في باب الأسباب، وسيأتي بيانه.
· الكلام عن مقام الحزن
o اعتبر بعضهم الحزن مقاماً من مقامات العبودية
· لم يؤمر بالحزن المنافي للرضا قط ، ومع أنه لا فائدة فيه؛ فقد يكون فيه مضرة.
· يعفى عن الحزن إذا لم يقترن به ما يكرهه الله.
· البكاء على الميت على وجه الرحمة حسن مستحب، ولا ينافي الرضا، بخلاف البكاء عليه لفوات حظه منه.
· يبين ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بكى على الميت قال: (هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء).
· لما مات علي بن الفضيل بن عياض ضحك أبوه من باب الرضا ودفع الحزن، وحاله حسنة بالنسبة لأهل الجزع، لكنها ليست حال كمال، لأن الكمال ما اقتضاه هدي النبي صلى الله عليه وسلم.
· رحمة الميت مع الرضا بالقضاء وحمد الله تعالى هي الحال الأكمل، وهي حال النبي صلى الله عليه وسلم.
o أقسام الناس في الصبر والمرحمة
· ق1: من يكون فيه صبر بقسوة.
· ق2: من يكون فيه رحمة بجزع.
· ق3: من يكون فيه القسوة والجزع.
· ق4: من يكون صبر ورحمة، فيصبر على ما يصيبه ويرحم الناس، وهذا هو القسم المحمود.
· أغلاط المشايخ:
§ قول القائل: (ما عبدتك شوقاً إلى جنتك ولا خوفاً من نارك ، وإنما عبدتك شوقاً إلى رؤيتك) فيه خطأ من جهتين:
· الأولى: أنه ظن أن الجنة لا يدخل فيها إلا التنعم بالمخلوقات، والحق أن أعظم نعيمها رؤية الله تعالى ، وأهلها يلهمون التسبيح كما يلهمون النَّفَس ، وهو يبين أن غاية تنعمهم بذكر الله ومحبته، ثم إن الرغبة فيما رغَّب الله فيه من دلائل صدق المحبة والانقياد.
· الثانية: أن هذه الدعوى سببها ضعف اليقين وانصراف القلب عن التفكر في شدة العذاب الذي أنذر الله عباده به {فأنذرتكم ناراً تلظى} فمن زعم أن هذا الإنذار لا يحرك قلبه فقد خالف مقصد الإنذار.
· إذا كان مراده أن الله لو لم يخلق جنة ولم يخلق ناراً لكن يجب أن يُعبَد ويُتَقَرَّب إليه؛ كان نظير قول عمر: (نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه).
§ لما سمع بعضهم قول الله تعالى: {منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة) قال: فأين من يريد الله؟
§ قول آخر في قول الله تعالى: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة} قال: إذا كانت النفوس والأموال بالجنة فأين النظر إليه؟
· هؤلاء ظنوا أن الجنة لا يدخل في مسماها إلا الأكل والشرب واللباس والنكاح والسماع ونحو ذلك مما فيه التمتع بالمخلوقات.
· التحقيق أن الجنة هي الدار الجامعة لكل نعيم وأعلى ما فيها النظر إلى وجه الله .
§ زعم بعض الغالطين من النُّسَّاك أن كمال العبد أن لا تبقى له إرادة أصلاً.
· سبب هذا الزعم الكلام في حال الفناء، وأن الفاني الذي يشتغل بمحبوبه لا إرادة له .
· وجود الإرادة شيء والشعور بها شيء آخر، وهو لما لم يشعر بها ظنَّ انتفاءها ، وهو غلط.
· العبد لا يُتصوَّر أن يتحرك قط إلا عن حب وبغض وإرادة.
· أصدق الأسماء حارث وهمام لأن فكل إنسان له حرث وهو العمل، وله همٌّ هو أصل الإرادة.
§ مسائل وفوائد
· تنبيه: غالب هذه المسائل محل بحثها في كتب الاعتقاد، وإنما ذكرت هنا لمناسبتين:
o الأولى: أن ما يتعلق منها بالصفات له أثره على السالكين.
o الثانية: أن غالب المخالفين في هذا الباب من أهل البدع، ولبدعهم في السلوك أصول من بدعهم في الاعتقاد.
· هذا يفيد أن تصحيح الاعتقاد أصل مهم في علم السلوك.
· إثبات صفة المحبة لله تعالى
· دلت نصوص الكتاب والسنة على إثبات صفة المحبة لله تعالى وأنه يحب المؤمنين والمتقين والتوابين والمتطهرين محبة حقيقية.
· أجمع السلف على إثبات هذه الصفة، وخالف في ذلك المعطلة.
· الجهمية أنكرت المحبة من الطرفين لزعمهم أن المحبة لا تكون إلا لتناسب بين المحب والمحبوب وأنه لا مناسبة بين القديم والمحدث توجب المحبة.
· أول من ابتدع هذه البدعة في الإسلام هو الجعد بن درهم في أوائل المائة الثانية فضحى به خالد بن عبد الله القسري أمير العراق.
· ثم أخذ عنه هذه البدعة الجهم بن صفوان فأظهرها وناظر عليه فقتله سَلْم بن أحوز أمير خراسان بها.
· ثم انتقل ذلك إلى المعتزلة أتباع عمرو بن عبيد وظهر قولهم في خلافة المأمون.
· أصل قولهم هذا مأخوذ عن المشركين والصابئة من البراهمة والمتفلسفة ومبتدعة أهل الكتاب الذين يزعمون أن الرب ليس له صفة ثبوتية أصلاً.
· وهؤلاء هم أعداء إبراهيم الخليل عليه السلام وهم يعبدون الكواكب ويبنون الهياكل للعقول والنجوم وغيرها.
· إنكار محبة العبد لربه هو في الحقيقة إنكار لكونه إلها معبوداً كما أن إنكار محبته لعبده يستلزم إنكار مشيئته وهو يستلزم إنكار كونه رباً خالقاً.
· الخلة أخص من المحبة
· إثبات صفة التكليم
o أنكرته المعطلة لإنكارهم أن تقوم به تعالى صفة من الصفات أو فعل من الأفعال.
· بدعة تأويل الصفات
o لما كان الإسلام ظاهراً والقرآن متلواً لا يمكن جحده لمن أظهر الإسلام سلكوا طريق التأويل وتحريف الكلم عن مواضعه.
o فتأولوا محبة العباد لربهم بمجرد محبتهم لطاعته والتقرب إليه.
o وهذا جهل عظيم فإن التقرب إليه تابع لمحبته وفرع عنه.
o من كان لا يعمل لغيره إلا لعوض يناله منه أو لدفع عقوبة فإنه يكون معاوضاً له أو مفتدياً منه لا يكون محباً له.
· دعوى المجاز
o ادعى بعضهم وجود مجاز حذف في نصوص الصفات
· الأعمال التي يحبها الله من الواجبات والمستحبات الظاهرة والباطنة.
· معنى نفي الإيمان في قوله صلى الله عليه وسلم: (( والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين)).
· محبة صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وقرابته.
· درجات محبة القلب للبشر
· العَلاقة، ثم الصَّبابة، ثم الغرام، ثم العشق، ثم التَّتيُّم وهو التعبد للمحبوب، والمُتيَّم المعبود، وتيم الله عبد الله.
§ الوصايا
· الإكثار من ذكر الله بالقلب واللسان.
· ملازمة الاستغفار
· العبد بين نعمة الله يحتاج فيها إلى شكر، وذنب منه يحتاج فيه إلى الاستغفار
· قوام الدين بالتوحيد والاستغفار