العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 02:24 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة هود
[ من الآية (96) إلى الآية (99) ]

{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (96) إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (97) يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (98) وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (99) }

قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (96)}

قوله تعالى: {إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (97)}

قوله تعالى: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (98)}

قوله تعالى: {وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (99)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 02:25 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة هود
[ من الآية (100) إلى الآية (105) ]

{ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ (100) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آَلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ (101) وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآَخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (103) وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (104) يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105) }

قوله تعالى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ (100)}

قوله تعالى: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آَلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ (101)}

قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102)}

قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآَخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (103)}

قوله تعالى: {وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (104)}

قوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105)}
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في إثبات الياء وإسقاطها في الوصل والوقف من قوله عز وجل: يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه [هود/ 105].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو والكسائيّ: يوم يأتي بياء في الوصل، ويحذفونها في الوقف. غير ابن كثير فإنه كان يقف بالياء ويصل بالياء فيما أحسب.
وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة بغير ياء في وصل ولا وقف.
قال أبو علي: اعلم أن فاعل يأتي في قوله: يوم يأتي لا تكلم نفس لا يخلو من أن يكون اليوم الذي أضيف إلى يأتي، أو اليوم المتقدم ذكره، فلا يجوز أن يكون فاعله ضمير اليوم
[الحجة للقراء السبعة: 4/373]
الذي أضيف إلى يأتي، وذلك أنك لو قلت: أزيدا يوم يوافقك توافقه؛ لم يجز، لأنه لا يجوز أن تضيف يوم إلى يوافقك، لأن اليوم هو الفاعل، فلا يجوز أن يضاف إلى فعل نفسه، ألا ترى أنك لا تقول: جئتك يوم يسرّك، وذلك أنك إذا قلت: جئتك يوم يخرج زيد، فإنّما المعنى: يوم خروج زيد، فإنما تضيف المصدر إلى الفاعل فإذا قال: يوم يسرّك، فمعناه يوم سروره إياك، فإنّما حدّ هذا أن يكون اليوم معرّفا بفعل مسند إلى فاعل معرّف بذلك الفاعل، فإذا كان الفعل مضافا إلى اليوم فكأنك إنما عرّفت اليوم بنفسه، لأن الفعل يعرفه الفاعل، واليوم مضاف إلى الفعل المعرف باليوم، فصار هذا نظير قولك: هذا يوم حرّه ويوم برده، والهاء لليوم، وليس هذا مثل: سيّد قومه، وهذا مولى أخيه، فتضيفه إلى ما هو مضاف إليه، لأن أخاه وقومه وما أشبه ذلك شيء معروف، يقصد إليه، وقولك: يوم سروره زيدا، ويوم يسرّك، إنما هو مضاف إلى فعل، وإنما يقوم الفعل بفاعله، ليس أن الفعل شيء منفصل يقصد إليه في نفسه، وواحد أمّه، وعبد بطنه مضافان إلى الأم والبطن، وكلّ واحد منهما ظاهر يقوم بنفسه،
وكذلك لا يجوز أن تضيف الظرف إلى جملة معرفة بضميره، وإن كانت ابتداء وخبرا، لا يجوز أن تقول: آتيك يوم ضحوته باردة، ولا: ليلة أولها مطير. فإن نوّنت في هذا وفي الأول حتى يخرج من حدّ الإضافة جاز فقلت:
أتيتك يوما بكرته حارّة، وأتيتك يوما يسرّك ويوما يوافقك. وهذا
[الحجة للقراء السبعة: 4/374]
قول أبي عثمان، فإذا لم يجز أن يكون قوله: يوم* في قوله:
يوم يأتي لا تكلم مضافا إلى يأتي* وفيه ضميره، ثبت أن في يأتي* ضمير اليوم المتقدم ذكره في قوله: ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود* وما نؤخره أي: ما نؤخّر أحداثه إلا لأجل معدود* يوم يأتي هذا اليوم الذي تقدّم ذكره لا تكلم نفس، فاليوم في قوله: يوم يأتي* يراد به الحين والبرهة، وليس على وضح النهار.
فأما قوله: لا تكلم نفس إلا بإذنه فإنه يحتمل ضربين، يجوز أن يكون حالا من الذكر الذي في يأتي*، ويحتمل أن يكون صفة لليوم المضاف إلى يأتي* لأن اليوم في يوم يأتي مضاف إلى الفعل، والفعل نكرة، فإذا كان كذلك لم يمتنع أن يوصف به اليوم كما توصف النكرات بالجمل من الفعل والفاعل، والمعنى: لا تكلّم فيه نفس، فحذف فيه، أو حذف الحرف، وأوصل الفعل إلى المفعول به، ثم حذف الضمير من الفعل الذي هو صفة كما يحذف من الصّلة، ومثل ذلك قولهم: الناس رجلان: رجل أكرمت، ورجل أهنت. فإذا جعلته حالا من الضمير الذي في يأت، وجب أن تقدّر فيه أيضا ضميرا يرجع إلى ذي الحال، وتقديره: يوم يأتي لا تكلّم نفس، أي:
غير متكلّم فيه نفس، فيكون الضمير المقدّر المحذوف يرجع إلى الضمير الذي في يأتي* لأنّ الحال لا بدّ فيه من ذكر يعود إلى ذي الحال متى كانت جملة، كما لا بد من ذلك في الصفة، ومن قدّره حالا كان أجدر بأن تحذف الياء من يأتي لأنه كلام مستقلّ، فيشبه من أجل ذلك الفواصل، وإن لم يكن
[الحجة للقراء السبعة: 4/375]
فاصلة، كما أنّ حذف الياء من قوله: ذلك ما كنا نبغ [الكهف/ 64]، لما كان كلاما تامّا فأشبه الفاصلة، فحسن الحذف له، كما يحسن الحذف من الفواصل، وإن جعلته صفة لم يمتنع ذلك معها أيضا، لأن الصفة قد يستغني عنها الموصوف، كما أن الحال كذلك، إلا أنّ من الصفات ما لا يحسن أن يحذف منه، فذلك أشبه بغير الكلام التام.
فأما إثبات الياء وإسقاطها في الوصل والوقف، فمن أثبتها في الوصل فهو القياس البيّن، لأنّه لا شيء هاهنا يوجب حذف الياء إذا وصل، فأمّا حذفها في الوقف إذا قال: يوم يأت فلأنها، وإن لم تكن في فاصلة، أمكن أن تشبّهها بالفاصلة، ومن الحجة في حذفها في الوقف أن هذه الياء تشبه الحركات المحذوفة في الوصل، بدلالة أنهم قد حذفوها كما حذفوا الحركة، فكما أن الحركة تحذف في الوقف، فكذلك ما أشبهها من هذه الحروف، فكان في حكمها.
فإن قلت: فقد حذفوا الألف في نحو: لم يخش، كما حذفوا الياء من: لم يرم، فهلّا حذفت الألف، قيل: إنّ الألف قد حذفت كما حذفت الياء، وإن كان حذفهم لها أقلّ منه في الياء لاستخفافهم لها، وذلك في قولهم: أصاب الناس جهد، ولو تر ما أهل مكة، وقولهم: حاش لله [يوسف/ 31 - 51] وقوله:
[الحجة للقراء السبعة: 4/376]
ورهط ابن المعلّ فحذفها في الوقف للقافية كما حذفت الياء.
وأمّا وقف ابن كثير بالياء فهو حسن، لأنها أكثر من الحركة في الصوت، فلا ينبغي إذا حذفت الحركة للوقف أن تحذف الياء له، كما لا تحذف سائر الحروف. ويقوّي ترك الحذف للياء في الوقف أن الكلام لم يتمّ في قوله: يوم يأت، ويدلّ على أنها تنزّل عندهم منزلة سائر الحروف تقديرهم إياه في نحو:
ألم يأتيك، والأنباء تنمي وفي نحو قوله:
هجوت زبّان ثم جئت معتذرا... من هجو زبان لم تهجو ولم تدع
وتحريكهم لها في الشعر نحو:
[الحجة للقراء السبعة: 4/377]
لا بارك الله في الغواني هل..
وقال:
فيوما يوافيني الهوى غير ماضي وأمّا حذف عاصم لها في الوصل والوقف فلأنه جعلها في الوصل والوقف بمنزلة ما استعمل محذوفا مما لم يكن ينبغي في القياس أن يحذف نحو: لم يك، ولا أدر، فلما حذفوا هذا ونحوه في الوصل والوقف، فكذلك حذفوا الياء من يأت فيهما). [الحجة للقراء السبعة: 4/378]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({يوم يأت لا تكلم نفس إلّا بإذنه}
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو والكسائيّ {يوم يأتي} بالياء في الوصل وأثبتها ابن كثير في الوقف أيضا وحجتهم أنّها مثبتة في المصحف
[حجة القراءات: 348]
وقرأ الباقون بحذف الياء قال الخليل إن العرب تقول لا أدر فتحذف الياء وتجتزئ بالكسر إلّا أنهم يزعمون أن ذلك لكثرة الاستعمال والأجود في النّحو إثبات الياء). [حجة القراءات: 349]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (16- {يَوْمَ يَأْتِي} [آية/ 105] بالياء:
قرأها يعقوب بالياء في الوصل والوقف.
والوجه أنه هو الأصل؛ لأنه لا موجب ههنا لحذف الياء؛ لأنه لام الفعل.
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو والكسائي {يَأْتِي} بالياء في الوصل، فأما في الوقف فإن ابن كثير يقف بالياء مثل يعقوب، وأبو عمرو ونافع (والكسائي يقفون) بغير ياء.
ولم يُثبت ابن عامر وعاصم وحمزة (الياء) في الحالين.
والوجه في إثبات الياء في الوصل وحذفها في الوقف، فهو إن إثباتها أصلٌ، والوقف في موضع تغيير، فأُجري في الوصل على الأصل وفي الوقف على الحذف لما ذكرنا؛ ولأن حرف العلة يشبه الحركة، فكما تُحذف الحركة في الوقف فكذلك حُذفت هذه الياء في الوقف تشبيهًا لها بالحركة؛ ولأنه وإن لم يكن فاصلة فإنه يشبه الفاصلة.
ووجه حذف الياء في الحالين أنها جُعلت مشبهة بما استُعمل محذوفًا ولم يكن حقه الحذف نحو لم يك، ولا أدر، ولو تر أهل مكة). [الموضح: 657]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 02:27 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة هود
[ من الآية (106) إلى الآية (108) ]

{ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107) وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108) }

قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106)}

قوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107)}

قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (15- وقوله تعالى: {أما الذين سعدوا} [108].
قرأ حمزة والكسائي وحفص {سعدوا} بضم السين على ما لم يُسم فاعله. جعلاه من الفعل الذي يصلح للفاعل والمفعول كقولك: نزحت البئر ونزحتها، وجبر الله فلانا فجبر هو [وينشد] قول العجاج:
قد جبر الدين الإله فجبر
وعور الرحمن من ولى العور
فكذلك: سعد زيد، وسعده الله، ومن ذلك قيل: رجل مسعود من سعد.
وقرأ الباقون {سعدوا} بفتح السين. وحجتهم: {أما الذين شقوا} [106] ولم يقل اشقو، والاختيار إذا رددت سعد إلى ما لم يُسم فاعله أن تقول:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/293]
اسعد فلان، لأنك تقول: سعد زيد وأسعده الله، كما تقول: قام زيد وأقامه الله). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/294]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في ضمّ السين وفتحها من قوله: سعدوا [هود/ 108].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر وابن عامر: سعدوا بفتح السين.
وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم: سعدوا بضم السين.
قال أبو علي: حكى سيبويه: سعد يسعد سعادة فهو سعيد، وينبغي أن يكون غير متعدّ، كما أنّ خلافه الذي هو شقي كذلك، وإذا لم يكن متعدّيا لم يجز أن يبنى للمفعول به، لأنك إنما تبني الفعل للمفعول به إذا تعلّق به مفعول به، فأما إذا لم يكن له مفعول فلا يجوز أن تبنيه له، وإذا كان كذلك
[الحجة للقراء السبعة: 4/378]
كان ضمّ السين من سعدوا مستثقلا إلّا أن يكون سمع فيه لغة خارجة عن القياس، أو يكون من باب فعل وفعلته، نحو:
غاض الماء وغضته، وحزن وحزنته، ولعلهم استشهدوا فيه بقولهم: مسعود، وأن مسعودا على سعدوا، ولا دلالة قاطعة على هذا، لأنه يجوز أن يكون مثل: أجنّه الله فهو مجنون، فالمفعول حاء في هذا على أنه حذفت الزيادة منه كما حذف من اسم الفاعل من نحو قوله:
يكشف عن جمّاته دلو الدّال إنّما هو: دلو المدلي.
وكذلك:
ومهمه هالك من تعرّجا في أحد القولين، والقول الآخر: أنهم زعموا أنهم يقولون: هلكني زيد، وأنه من لغة تميم. ومن الحذف قوله:
يخرجن من أجواز ليل غاض
[الحجة للقراء السبعة: 4/379]
يريد: مغض، وكذلك: وأرسلنا الرياح لواقح [الحجر/ 22]، وهي تلقح الشجر، فإذا ألقحتها وجب أن يكون في الجمع: ملاقح، فجاء على حذف الزيادة، فأما قول الطرمّاح:
قلق لأفنان الرّيا... ح للاقح منها وحائل
فإن قوله للاقح ليس على: ألقحتها الريح، فحذفت منها الزيادة كما حذف من قوله:
يخرجن من أجواز ليل غاض ولكنه على معنى النسب تقديره: ذات لقاح منها، وكذلك: حائل ذات حيال، ولذلك حذفت منه التاء لأنها لم تجر على الفعل. ولو كانت الجارية على الفعل لثبتت العلاقة، كما ثبتت في قوله: ولسليمان الريح عاصفة [الأنبياء/ 81] والنسب كقوله: جاءتها ريح عاصف [يونس/ 22] والريح الجنوب تثير السحاب فينبسط ثم ينحلّ، والشمال بعكس هذا، وكذلك مسعود يجوز أن يكون على حذف الزيادة). [الحجة للقراء السبعة: 4/380]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وأما الّذين سعدوا ففي الجنّة}
قرأ حمزة والكسائيّ وحفص {وأما الّذين سعدوا} بضم السّين على ما لم يسم فاعله تقول سعد زيد لازما وسعده الله متعدّيا قال الكسائي سعد واسعد لغتان ومن ذلك رجل مسعود من سعد اعلم أن سعده الله قليل في الاستعمال ومصدره ومفعوله كثير لأن مسعودا في كلام العرب أكثر من مسعد وأسعده الله في كلامهم أكثر من سعده الله فقول مسعود يدل على جواز سعده الله وقراءتهم لا تكون إلّا من سعده الله فغالب الاستعمال في المفعول على الفعل الّذي لا زيادة فيه هو سعد وغالب الاستعمال في الفعل هو اللّفظ الّذي بزيادة الميم وهو أسعد ومثله يقال أحب والاسم منه محب إلّا أنه قل الاسم من أحب وإنّما يقولون محبوب وكثر الفعل منه فيقال أحب وكثر الاسم من حب فيقولون محبوب وقل الفعل منه فلا يقال حب وكذلك سعد قل الفعل منه وكثر الاسم منه وقل الاسم من أسعد فلا يقال مسعد وكثر الفعل منه فيقال أسعد
وقرأ أهل الحجاز والبصرة والشّام وأبو بكر {وأما الّذين سعدوا} بفتح السّين وحجتهم ذكرها اليزيدي فقال يقال ما سعد زيد حتّى أسعده الله وهذه القراءة هي المختارة عند أهل اللّغة يقال
[حجة القراءات: 349]
سعد فلان وأسعده الله وأخرى وهي أنهم أجمعوا على فتح الشين في {شقوا} ولم يقل شقوا فكان رد ما اختلفوا فيه إلى حكم ما أجمعوا عليه أولى ولو كانت بضم السّين كان الأفصح أن يقال أسعدوا). [حجة القراءات: 350]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (25- قوله: {سُعدوا} قرأه حفص وحمزة والكسائي بضم السين، وفتحها الباقون.
وحجة من فتح أن {سعدوا} فعل لا يتعدى، وإذا لم يتعد إلى مفعول لم يردّ إلى ما لم يسمّ فاعله، إذ لا مفعول في الكلام يقوم مقام الفاعل، فهو وجه الكلام والاختيار، وقد قال: {فأما الذين شقوا}، ولم يقل: «أشقوا» ولا «شُقوا» فحمل {سعدوا} على {شقوا} أحسن وأولى.
26- وحجة من ضم السين أنه حمله على لغة حُكيت عن العرب خارجة عن القياس حُكي: سعده الله، بمعنى: أسعده الله، وذلك قليل، وقولهم: مسعود، يدل على «سعده الله» حكى الكسائي: سعدوا وأسعدوا، اللغتان بمعنى). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/536]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (17- {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا} [آية/ 108] بضم السين:
قرأها حمزة والكسائي و-ص- عن عاصم.
والوجه أنه مبنيٌّ للمفعول به من قولهم: سعدت الرجل أسعده سعدًا فهو مسعودٌ، فيكون متعديًّا لسعد كما يقال حزنته فحزن هو.
وقرأ الباقون {سَعِدُوا} بفتح السين.
والوجه أنه فعل لازمٌ مبني للفاعل على وزن فعل، يُقال سعد فلانٌ يسعد سعادةً فهو سعيدٌ، كما يُقال شقي يشقى فهو شقيٌّ). [الموضح: 658]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 02:28 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة هود
[ من الآية (109) إلى الآية (111) ]

{ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آَبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ (109) وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (110) وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (111) }

قوله تعالى: {فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آَبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ (109)}

قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (110)}

قوله تعالى: {وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (111)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (16- وقوله تعالى: {وإن كلا لما ليوفينهم} [111]. قرأ أبو عمرو والكسائي {وإن} مشددًا {لما} خفيفًا.
وقرأ ابن عامر وحمزة وحفص عن عاصم {وإن كلا لما} شددوا {إن} و{لما} كليهما.
وقرا ابن كثير ونافع وعاصم في رواية أبي بكر {وإن} خفيفًا و{لما} خفيفًا إلا عاصمًا فإنه شدد {لما}. فمن خفف {إن} جعله مخففًا من مشدد فلذلك نصب {كلا} به. كما تقول العرب: إن زيدًا قائم، يريدون: إن زيدًا، قال الشاعر:
وصدر مشرق اللون = كأن ثدييه حقان
أراد: «كأن» فخفف، هذا مذهب البصريين، والكوفيون إذا خففوا «إن» لم يعملوا، فعلى هذا نصب {كلا} بــ {ليوفينهم}.
وقال آخر:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/294]
فلو أنك في يوم الرخاء سألتني = فراقك لم أبخل وأنت صديق
أراد: أنك فخفف.
فإن قال قائل: إنما نصبته بـ «أن» تشبيهًا بالفعل فإذا خففت زال شبه الفعل فلم نصبت بها؟
فالجواب: أن من الأفعال ما يحذف منه فيعمل عمل التام كقولك: خذ المال، وقل الحق، ومر زيدًا، وسل عمرًا وع كلامي، وش ثوبك، وق زيدًا فكذلك «إن» جاز حذفها وإعمالها.
وأما من شدد «لما» ففيه وجهان:
قال البصريون: «لما» بمعنى «إلا»، ومثله: {إن كل نفس لما عليها حافظ} أي جمالاً عليها حافظ.
وحدثني ابن مجاهد قال: حدثنا الصغاني عن عبد الوهاب عن هارون قال في حرف عبد الله {وإن كل} بالرفع {إلا ليوفينهم}، وقال الفراء: الأصل: وإن كلا لمن ما، فقلبوا من النون ميمًا فاجتمعت ثلاث ميمات فحذفوا إحداهن اختصارًا.
ومن خفف فيه وجهان أيضًا:
قال البصريون: «ما» صلة و[التقدير]: وإن كلاً ليوفينهم، وإن كل
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/295]
نفس لعليها حافظ. وقال الفراء: «ما» صفة عن ذات الآدميين كما تقول: عندي لما غيره خير منه.
وقرأ الزهري: {وإن كلا لما ليوفينهم} [«لما»] منونًا بمعنى جميعًا وكله). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/296]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في تشديد الميم والنون من قوله: وإن كلا لما [هود/ 111].
فقرأ ابن كثير ونافع: وإن* خفيفة، كلا لما* مخفّفتان.
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر ونافع: وإن كلا خفيفة، لما مشدّدة.
[الحجة للقراء السبعة: 4/380]
وقرأ حمزة والكسائيّ: وإن مشدّدة النون، واختلفا في الميم من لما، فشدّدها حمزة، وخفّفها الكسائيّ.
وقرأ أبو عمرو مثل قراءة الكسائيّ، حفص عن عاصم وإن مشدّدة النون. لما مشدّدة أيضا.
وقرأ ابن عامر مثل قراءة حمزة.
قال أبو علي: قال سيبويه: هذه كلمة تكلّم بها العرب في حال اليمين، وليس كلّ العرب يتكلّم بها، تقول: لهنّك لرجل صدق، يريدون: إنّ، ولكنّهم أبدلوا الهاء مكان الألف لقولهم: هرقت، ولحقت هذه اللام إنّ كما لحقت ما حين قلت: إن زيدا لما لينطلقنّ.
قال أبو علي: اعلم أن أبا زيد قوله في ذلك خلاف ما ذهب إليه سيبويه، وذلك أنه قال: قال أبو أدهم الكلابي: «له ربّي لا أقول» فتح اللام وكسر الهاء في الإدراج، قال أبو زيد:
ومعناه: والله ربي لا أقول. وأنشد أبو زيد:
لهنّي لأشقى الناس إن كنت غارما... لدومة بكرا ضيّعته الأراقم
[الحجة للقراء السبعة: 4/381]
وأنشد أبو زيد أيضا:
أبائنة حبّي نعم وتماضر... لهنّا لمقضيّ علينا التهاجر
قال: يقول لله أنا، وأنشد:
وأمّا لهنّك من تذكّر عهدها* لعلى شفا يأس وإن لم تيأس انتهى كلام أبي زيد. فاللام في له على قول أبي زيد، هي اللام التي هي عين الفعل، من إله. وكان الأصل لله فحذفت الجارة التي للتعريف فبقيت: له يا هذا.
فأما ألف فعال، فحذفت كما حذفت في الممدود إذا قصر، وقد قالوا: الحصد والحصاد وقد حذفت من هذا الاسم في غير هذا الموضع، قال:
ألا لا بارك الله في سهيل* إذا ما الله بارك في الرجال
[الحجة للقراء السبعة: 4/382]
وقد وافق سيبويه أبا زيد في حذف هاتين اللامين، فذهب في قولهم: «لاه أبوك» إلى أن الألف واللام التي للتعريف حذفتا، وممّا يرجّح قول أبي زيد في المسألة أنه لو كانت الهاء في لهنّك بدلا من همزة إنّ لكان اللفظ: لإنك، فجمع بين إنّ واللام، ولم يجمع بينهما، ألا ترى أنهما إذا اجتمعتا فصل بينهما بأن تؤخر اللام في الخبر في نحو: إن الإنسان ليطغى [العلق/ 6]، أو إلى الاسم في نحو: إن في ذلك لآية [الحجر/ 77 والنحل/ 11 - 13 - 65 - 67 - 69] فإن قلت: يكون قلبها هاء بمنزلة الفصل بينهما فيما ذكرت، فإذا قلبت لم يمتنع الجمع بينهما، كما أنه إذا فصل لم يمتنع؛ قيل:
هذا لا يسوغ تقديره، ألا ترى أن سيبويه جعل الهاء إذا كانت بدلا من الهمزة في حكم الهمزة، فذهب إلى أنك لو سمّيت رجلا بهرق، كان بمنزلة أن تسمّيه: بأرق، فجعل الهاء إذا أبدلت من الهمزة في حكم الهمزة، فكذلك يكون في لهنّك لو كانت بدلا من الهمزة، لم يجز دخول اللام عليها، كما لم يجز دخول اللام قبل أن تبدل، وكذلك فعلت العرب في هذا النحو فلم يصرفوا صحراء وطرفاء لما أبدلوا الهمزة من ألف التأنيث، كما لم يصرفوا نحو: رضوى وتترى، وكذلك قال أبو الحسن: لو أبدلت اللام من النون في أصيلان، فقلت: أصيلال ثم سمّيت به لم تصرف كما لم تصرف أصيلان في التسمية، فكذلك
[الحجة للقراء السبعة: 4/383]
تمتنع اللام من أن تدخل على الراء إذا أبدلت همزتها هاء، كما تمتنع من الدخول قبل أن تبدل، وشيء آخر يرجح له قول أبي زيد: وهو أن اللام في لهنك إذا حمل على أنه لإنك، كما قال سيبويه، لم يخل من أن تكون متلقّية قسما أو غير متلقّية له، فلا يجوز أن تكون متلقّية لقسم، وإنّ تغني عنها، كما تغني هي عن إنّ فلا يجوز إذا أن تكون لتلقّي قسم، ولا يجوز أن تكون غير متلقّية له لأنها حينئذ تكون زائدة ولم تجىء اللام زائدة في هذا الموضع، وإنما جاءت زائدة في غير هذا، وهو فيما أنشده أحمد بن يحيى:
مرّوا سراعا فقالوا كيف صاحبكم* قال الذي سألوا أمسى لمجهودا وهي قليلة وليس يدخل هذا على قول أبي زيد، فأما قول سيبويه: ولحقت هذه اللام إنّ كما لحقت ما حين قلت: إنّ زيدا لما لينطلقنّ؛ فالقول فيه أن اللام التي في: لما لينطلقن، ليست كاللام في: لهنّك، على قول سيبويه، ألا ترى أن اللام التي في: لما لينطلقنّ، هي اللام التي تقتضيه إنّ، واللام الأخرى هي التي لتلقي القسم، ودخلت ما لتفصل بين
[الحجة للقراء السبعة: 4/384]
اللامين، لأنه إذا كره أن تجتمع اللام وإنّ، مع اختلاف لفظيهما لاتفاقهما في بعض المعنى، ففصل بينهما، فأن يفصل بين اللامين مع اتفاق اللفظين وبعض المعنيين أجدر، فليس اللام في لما لينطلقنّ وفق اللام في لهنّك، لأنها في: لما لينطلقنّ لام إنّ والثانية لام القسم، ولا تكون في قوله: لهنّك، لام يمين لأن إنّ يستغنى بها عن اللام، كما يستغنى باللام عن إنّ فتحصل اللام زائدة، والحكم بزيادتها ليس بالمتّجه، وليست كذلك التي في: لما لينطلقنّ، والتي في قوله: وإن كلا لما ليوفينهم.
ومن قرأ: وإن كلا لما بتشديد إن، وتخفيف لما*، وهي قراءة أبي عمرو والكسائي، فوجهه بيّن، وهو أنّه نصب كلّا بإنّ، وإنّ تقتضي أن يدخل على خبرها أو اسمها لام كما مثلتها قبلها في ذلك هذه اللام وهي لام الابتداء على الخبر في قوله: وإن كلا لما وقد دخلت في الخبر لام أخرى وهي التي يتلقّى بها القسم، وتختصّ بالدخول على الفعل، ويلزمها في أكثر الأمر إحدى النونين، فلما اجتمعت اللامان، واتفقا في تلقّي القسم، واتفقا في اللفظ، فصل بينهما بما، كما فصل بين إنّ واللام، فدخلت ما لهذا المعنى، وإن كانت زائدة لتفصل، وكما جلبت النون، وإن كانت زائدة في نحو: فإما ترين من البشر [مريم/ 26]، وكما صارت عوضا من الفعل في قولهم: إمّا لي، وفي قوله:
[الحجة للقراء السبعة: 4/385]
أبا خراشة إمّا أنت ذا نفر فهذا بيّن. ويلي هذا الوجه في البيان قول من خفف إن ونصب كلا وخفّف لما*، وهي قراءة ابن كثير ونافع، قال سيبويه: حدثنا من نثق به أنه سمع من العرب من يقول:
إن عمرا لمنطلق، قال: وأهل المدينة يقرءون: وإن كلا لما ليوفينهم ربك يخففون وينصبون، كما قالوا:
كأن ثدييه حقان ووجه النصب بها مع التخفيف من القياس أنّ إنّ مشبهة في نصبها بالفعل، والفعل يعمل محذوفا، كما يعمل غير محذوف، وذلك في نحو: لم يك زيد منطلقا و: فلا تك في مرية [هود/ 109] وكذلك: لا أدر.
فأما من خفف إن* ونصب كلا* وثقّل لما* فقراءته
[الحجة للقراء السبعة: 4/386]
مشكلة، وذلك أنّ إن* إذا نصب بها وإن كانت مخفّفة، كانت بمنزلتها مثقّلة، ولما* إذا شدّدت كانت بمنزلة إلّا.
وكذلك قراءة من شدّد لما وثقّل إن مشكلة، وهي قراءة حمزة وابن عامر وحفص عن عاصم، وذلك أنّ إن إذا ثقّلت وإذا خففت ونصبت، فهي في معنى الثقيلة، فكما لا يحسن: إنّ زيدا إلا منطلق، فكذلك لا يحسن تثقيل إن وتثقيل لما، فأمّا مجيء لما في قولهم: نشدتك الله لما فعلت، وإلّا فعلت، فقال الخليل: الوجه: لتفعلنّ، كما تقول:
أقسمت عليك، لتفعلنّ، وأما دخول إلا، ولما، فلأن المعنى الطلب، فكأنه أراد: ما أسألك إلا فعل كذا، فلم يذكر حرف النفي في اللفظ، وإن كان مرادا، كما كان مرادا في:
قولهم: «أهرّ ذا ناب » أي ما أهرّه إلا شرّ، وليس في الآية معنى نفي ولا طلب.
فإن قال قائل: يكون المعنى: لمن ما، فأدغم النون في الميم بعد ما قلبها ميما؛ فإن ذلك لا يسوغ، ألا ترى أن الحرف المدغم إذا كان قبله ساكن نحو: قرم مالك، لم يقو الإدغام فيه على أن يحرّك الساكن الذي قبل الحرف المدغم، فإذا لم يجز ذلك فيه، وكان تغييرا أسهل الحذف؛ فأن لا يجوز الحذف الذي هو أذهب في باب التغيير من تحريك الساكن أجدر. على أنّ في هذه السورة ميمات اجتمعت في الإدغام،
[الحجة للقراء السبعة: 4/387]
أكثر ممّا كان يجتمع في: لمن ما، ولم يحذف منها شيء، وذلك قوله: على أمم ممن معك [هود/ 48]، فإذا لم يحذف شيء من هذا، فأن لا يحذف ثمّ أجدر.
وقد روي أنّه قد قرئ: وإن كلا لما منوّنا، كما قال:
وتأكلون التراث أكلا لما [الفجر/ 19]، فوصف بالمصدر، فإن قال: إنّ لما فيمن ثقّل إنّما هي لمّا هذه وقف عليها بالألف ثم أجرى الوصل مجرى الوقف، فذلك ممّا يجوز في الشعر، ووجه الإشكال فيه أبين من هذا الوجه.
وحكي عن الكسائيّ. أنه قال: لا أعرف وجه التثقيل في لمّا. ولم يبعد في ما قال، ولو خفّف مخفّف إن* ورفع كلّا بعدها، لجاز تثقيل لما* مع ذلك، على أن يكون المعنى: ما كلّ: إلّا ليوفّينّهم، فيكون ذلك كقوله: وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا [الزخرف/ 35]، لكان ذلك أبين من النصب في كلّ والتثقيل للمّا، وينبغي أن يقدّر المضاف إليه كلّ نكرة، ليحسن وصفه بالنكرة، ولا يقدّر إضافته إلى معرفة فيمتنع أن يكون لمّا وصفا له، ولا يجوز أن يكون حالا لأنه لا شيء في الكلام عاملا في الحال). [الحجة للقراء السبعة: 4/388]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الزهري وسليمان بين أرقم: [لَمًّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ] بالتنوين. ابن مسعود والأعمش: [إِنْ كُلٌّ إِلَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ].
قال أبو الفتح: أما [لَمًّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ] بالتنوين، فإنه مصدر كالذي في قوله سبحانه: {وَيأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا} أي: أكلًا جامعًا لأجزاء المأكول، فكذلك تقدير هذا: وإنَّ كلا ليوفينهم ربك أعمالهم لَمًّا؛ أي: توفية جامعة لأعمالهم جميعًا، ومحصلة لأعمالهم تحصيلًا، فهو كقولك: قيامًا لأقومن، وقعودًا لأقعدن.
وأما [إِنْ كُلٌّ إِلَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ] فمعناه: ما كُلٌّ إلا والله ليوفينهم، كقولك: ما زيد إلا لأضربنه؛ أي: ما زيد إلا مستحق لأن يقال فيه هذا، ويجوز فيه وجه ثانٍ؛ وهو أن تكون "إن" مخففة من الثقيلة، وتجعل "إلا" زائدة، وقد جاء عنهم ذلك، قال:
أرى الدهر إلا منجنونا بأهله ... وما طلب الحاجات إلا مُعَلَّلا
[المحتسب: 1/328]
أي: أرى الدهر منجنونًا بأهله يتقلب بهم، فتارة يرفعهم، وتارة يخفضهم. وعلى ذلك أيضًا تأولوا قول ذي الرمة:
حَراجيجُ ما تنفك إلا مُنَاخَةً ... على الْخَسف أو تَرْمي بها بلدًا فقرا
أي: ما تنفك مناخة، وإلا زائدة). [المحتسب: 1/329]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وإن كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم}
وقرأ أبو عمرو والكسائيّ {وإن كلا لما} بتشديد {إن} وتخفيف {لما} وجهه بين وهو أنه نصب {كلا} ب {إن} و{إن} تقتضي أن تدخل على خبرها اللّام أو على اسمه إذا حل محل الخبر فدخلت هذه اللّام وهي لام الابتداء على الخبر في قوله {وإن كلا لما} وقد دخلت في الخبر لام أخرى وهي لام القسم وتختص بالدّخول على الفعل ويلزمها في أكثر الأمر إحدى النونين فلمّا اجتمعت اللامان فصل بينهما ب ما فلام لما لام إن وما دخلت للتوكيد ولم تغير المعنى ولا العمل واللّام الّتي في {ليوفينهم} لام القسم
وقال أهل الكوفة في ما الّتي في {لما} وجهان أحدهما أن يكون بمعنى من أي {وإن كلا لما ليوفينهم ربك} كما قال سبحانه {فانكحوا ما طاب لكم من النّساء} وإن أكثر استعمال العرب لها في غير بني آدم والوجه الآخر أن يجعل ما الّتي في لما بمعنى ما الّتي تدخل صلة في الكلام ويلي هذا الوجه في البيان قراءة نافع وابن كثير
فأما تخفيف {إن} وترك النصب على حاله فلأن إن مشبهة بالفعل فإذا حذف التّشديد بقي العمل على حاله وهي مخفّفة من
[حجة القراءات: 350]
إن قال سيبويهٍ حدثني من أثق به أنه سمع من العرب من يقول إن عمرا لمنطلق
فإن سأل سائل فقال إنّما نصبت ب إن تشبيها بالفعل فإذا خففت زال شبه الفعل فلم نصبت بها
فالجواب أن من الأفعال ما يحذف منه فيعمل عمل التّام كقولك لم يك زيد منطلقًا فكذلك إن جاز حذفها وإعمالها
وقرأ ابن عامر وحمزة وحفص {كلا لما} بالتّشديد فيها قال الكسائي من شدد {إن} و{لما} فالله أعلم بذلك وليس لي به علم وقال الفراء أما الّذين شدّدوا فإنّه والله أعلم لمما ثعلب يروي بكسر الميم لمن أراد لمن ما ليوفينهم فلمّا اجتمعت الميمات حذفت واحدة فبقيت ثنتان أدغمت واحدة في الأخرى كما قال الشّاعر:
وإنّي لمما أصدر الأمر وجهه ... إذا هو أعيا بالسبيل مصادره
وقال آخرون معنى ذلك وإن كلا لما بالتّشديد أراد لما بالتّنوين ولكن حذف منه التّنوين كما حذف من قوله {أرسلنا رسلنا تترا}
قال الفراء وحدثت أن الزّهريّ قرأ {وإن كلا لما} بالتّنوين يجعل اللم شديدا كقوله {أكلا لما} أي شديدا فيكون
[حجة القراءات: 351]
المعنى وإن كلا شديدا وحقا ليوفينهم أعمالهم بمنزلة قولك في الكلام وإن كلا حقًا ليوفينهم
وقال آخرون منهم المازني إن أصلها لمما ثمّ شددت الميمين زيادة للتوكيد وكيلا يحذفها الإنسان ويشبهها بقوله {فبما رحمة من الله} فيقول وإن كلا ليوفينهم فيجتمع لامان فلهذا شددت
قال الفراء وأما من جعل لما بمنزلة إلّا فإنّه وجه لا نعرفه كما لا يحسن إن زيدا إلّا منطلق فكذلك لا يحسن وإن كلا إلّا ليوفينهم شرح هذا أن إن إثبات للشّيء وتحقيق له وإلّا تحقيق أيضا وإيجاب وإنّما تدخل نقضا لجحد قد تقدمها كقولك ما زيد إلّا منطلق وكقوله {إن كل نفس لما عليها حافظ} أي ما كل نفس إلّا عليها حافظ وفي قوله تعالى {وإن كلا لما} لم يتقدمه حرف جحد فيقول إن لما بمعنى إلّا كما ذكرنا وإنّما تقدم ها هنا إن الّتي للتحقيق فقد بطل قول من قال إن لما بمعنى إلّا ووجهها ما قد ذكرنا عن أهل النّحو
وقرأ أبو بكر {وإن كلا} خفيفة {لما} مشدّدة و{إن} مخفّفة من إن وقد ذكرنا أن العرب تقول إن عمرا لمنطلق ولا يجوز أن يجعل إن بمعنى الّتي تكون بمعنى الجحد لأنّها قد نصبت وإن إذا كانت بمعنى الجحد لا تنصب
قال الكسائي من خفف إن وشدد لما لست أدري
[حجة القراءات: 352]
والله أعلم بوجهه إنّما نقرأ كما أقرئنا قال وذلك أن إن إذا نصبت بها وإن كانت مخفّفة كانت بمنزلتها مثقلة ولما إذا شددت كانت بمنزلة إلّا قلت وجه هذه القراءة ما قد ذكرنا في قراءة حمزة وابن عامر والله أعلم). [حجة القراءات: 353]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (27- قوله: {وإن كلاً} قرأه الحرميان وأبو بكر: وإن كلا بتخفيف {إن} وشدد الباقون، وقرأ عاصم وحمزة وابن عامر {لما} بالتشديد،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/536]
وخفف الباقون.
وحجة من شدد {إن} أنه أتى بها على أصلها، وأعملها في «كل ولما» وما بعد الخبر.
28- وحجة من خفف أنه استثقل التضعيف، فخفف وحذف النون الثانية وأعمل {إن} مخففة عملها مثقلة كما أعمل «يك» محذوفًا عمله غير محذوف.
29- وحجة من خفف {لما} أنه جعل اللام لام توكيد، دخلت على «ما» التي هي خبر «إن» ولام {ليوفينهم} جواب القسم، والتقدير: وإن كلا لخلق أو لبشر ليوفينهم ربك أعمالهم والمضاف إليه كل محذوف، والتقدير: وإن كل مخلوق، ولا يحسن أن تكون «ما» زائدة، كما يحسن ذلك في قوله: {إن كل نفسٍ لما عليها} «الطارق 4» لأنك إذا قدّرت حذف «ما» في سورة الطارق صارت اللام داخلة على «كل» وذلك حسن، ولو قدّرت زيادة «ما» في هذه السورة صارت اللام داخلة على اللام في {ليوفينهم} وذلك لا يحسن، وقد قيل: إن «ما» زائدة، دخلت لتفصل بين اللامين الداخلتين على الخبر، وهو «يوفينهم» فكلا اللامين تكون جوابًا للقسم، فلما اتفقا في اللفظ فصل بينهما بـ «ما» والقول الأول أحسن.
30- وحجة من شدد {لما} أنه على تقدير حذف ميم، والأصل «لمن ما» فلما أدغمت النون في الميم اجتمع ثلاث ميمات فحذفت إحداهن، وهي الأولى المكسورة، لاجتماع الأمثال، والتقدير: وإن كلا لمن خلق ليوفينهم ربك، ويجوز أن يكون الأصل «لمن ما» بفتح الميم، على أن «ما» زائدة، ثم يقع الإدغام والحذف على ما ذكرنا، والتقدير: وإن كلا لخلق ليوفينهم ربك فيرجع إلى معنى القراءة الأولى التي بالتخفيف، وقد قيل: إن «لما» بالتشديد مصدر «لم» أجري في الوصل مجرى الوقف، وهو قول ضعيف في
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/537]
الإعراب، لا يجوز إلا في الشعر، وضعيف في المعنى، وحكي عن الكسائي أنه قال: لا أعرف وجه التثقيل في {لما}، ولو خففت {إن} ورفعت {كلا} لحسن معنى {لما} بالتشديد على معنى {إلا} كالذي في سورة الطارق وسورة يس). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/538]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (18- {وَإِنْ كُلًّا لَمَا} [آية/ 111] مخففة في الحرفين {إنْ} و{لَمَا}:
قرأها ابن كثير ونافع.
والوجه أن {أنْ} مخففة من الثقيلة، وأصله: إنَّ، أُعملت مخففة كعملها مشددة؛ لأنها تعمل لشبهها بالفعل، والفعل يعمل وإن حُذف منه للجزم وغيره.
واللام في {لَمَا} هي لام التأكيد التي تدخل على خبر إنّ، واللام التي في {لَيُوَفِّيَنَّهُمْ} لام القسم، والقسم مضمر، والتقدير: والله ليوفينهم، و{ما} زائدة، زيدت بين اللامين ليُفصل بينهما كراهة اجتماعهما.
[الموضح: 658]
وقرأ أبو عمر والكسائي ويعقوب {وَإِنَّ} مشددة {لَمَا} مخففة.
والوجه أنها كالقراءة الأولى، وتشديد {إنَّ} أصل للتخفيف، والمشددة أولى بأن تعمل؛ لأنها إذا خُفّفت ضعف عملها؛ لأن الفتحة التي بها أشبهت الفعل قد زالت، فالقياس أن لا تعمل، إلا أنها قد أُعملت مخففة في مواضع كثيرة، والحجة فيها ما تقدم، فمن تلك المواضع قول الشاعر:
56- ووجهٌ زانه النحر = كأن ثدييه حقّان
وقول الآخر:
57- فيومًا توافينا بوجهٍ مقسمٍ = كأن ظبيةٌ تعطو إلى وراق السلم
[الموضح: 659]
وإعمالها مخففة في الظاهر والمضمر جائز عند سيبويه.
وقال الفراء: هي لا تعمل مخففة إلا في المضمر؛ لأنه لا يتبين فيه الإعراب، كما قال:
58- فلو أنك في يوم اللقاء سألتني = فراقك لم أبخل وأنت صديق
وقرأ ابن عامر وحمزة و-ص- عن عاصم {وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا} مشددةً في الحرفين.
والوجه أن الأصل فيه: وإن كلّا لمن ما ليوفينهم، فوصل من الجارة بما، فانقلبت النون أيضًا ميمًا للإدغام، فاجتمعت ثلاث ميماتٍ، فحُذفت إحداهن فبقي لما بالتشديد، وما ههنا بمعنى مَنْ، وهو اسم لجماعة الناس، كما قال تعالى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} أي من طاب.
والمعنى: وإن كلّا من الذين يوفيهم ربك أعمالهم، وأو من جماعةٍ ليوفينهم ربك أعمالهم.
وروى ياش- عن عاصم {وَإِنْ} بالتخفيف و{لَمَّا} بالتشديد.
[الموضح: 660]
والوجه أن {إِنْ} بالتخفيف على ما سبق من أنها مخففة من الشديدة، و{لما} على ما ذكرنا من أن أصله مِنْ ما، واللام هي التي تدخل في خبر إن، واللام في {ليوفينهم} هي لام القسم على ما سبق في الجميع، والتقدير: وإن كلّا لمن ما والله ليوفينهم ربك أعمالهم). [الموضح: 661]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 02:29 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة هود
[ من الآية (112) إلى الآية (115) ]

{ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112) وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (113) وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114) وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (115) }

قوله تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112)}

قوله تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (113)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة طلحة وقتادة والأشهب، ورُويت عن أبي عمرو: [ولا تَرْكُنُوا] بضم الكاف.
قال أبو الفتح: فيها لغتان: رَكِنَ يَرْكَنُ كعلم يعلم، ورَكَن يَرْكُنُ كقتل يقتل، وحُكي عنهم رَكَن يَرْكَن فَعَل يَفْعَل، وهذا عند أبي بكر من اللغات المتداخلة؛ كأن الذي يقول: ركَن بفتح الكاف سمع مضارع الذي يقول: ركِن، وهو يركَن، فتركبت له لغة بين اللغتين، وهي رَكَن يَرْكَن، وقد ذكرنا في كتابنا الخصائص بابًا في تركيب اللغات.
وعليه كان أبو بكر يقول أيضًا في قولهم ضَفَن الرجل يَضْفِن: إن قائل ذلك سمع قولهم: ضَيْفَنَ، وظاهر لفظ ذلك أن يكون فَيْعَلا؛ لأنه أكثر في الكلام من فَعْلَن؛ فصارت نون ضَيْفَن وإن كانت زائدة كأنها أصل لما ذكرناه. فلما استعمل الفعل منه جاء به على ذلك فقال: ضَفَن يَضْفِن، فضَفَن يَضْفِن على حقيقة الأمر إنما هو فَلَن يَفْلِن؛ لأن الضاد فاء والفاء لام، وعين ضيف التي هي ياء محذوفة للشبهة الداخلة هناك من حيث ذكرنا، وله نظائر). [المحتسب: 1/329]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة يحيى والأعمش وطلحة بخلاف ورواه إسحاق الأزرق عن حمزة: [فَتِمَسَّكُمُ النَّارُ].
قال أبو الفتح: هذه لغة تميم، أن تكسر أول مضارع ما ثاني ماضيه مكسور، نحو: علمت تِعْلَم، وأنا إِعْلَم وهي تِعْلَم، ونحن نِرْكَب، وتقل الكسرة في الياء، نحو: يِعْلَم، ويِرْكَب؛ استثقالًا للكسرة في الياء، وكذلك ما في أول ماضيه همزة وصل مكسورة، نحو: تِنْطَلِق، ويوم تِسْوَدُّ وجوه وتِبْيَضُّ وجوه، فكذلك [فَتِمَسَّكُمُ النَّارُ].
فأما قولهم: أَبَيْتَ تِيبَي فإنما كسر أول مضارعه وعين ماضيه مفتوحة من قِبَل أن المضارع لما أتى على يَفْعَل -بفتح العين- صار كأن ماضيه مكسور العين حتى كأنه أَبِيَ، وقد شرحنا ذلك في كتابنا المنصف). [المحتسب: 1/330]

قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك: [وزُلُفًا] بضم الزاي واللام، قرأ بها أبو جعفر يزيد وطلحة بن مصرف بخلاف، وعيسى وابن أبي إسحاق، وقرأ: [وزُلْفًا] بضم الزاي ساكنة اللام ابن محيصن ومجاهد.
قال أبو الفتح: مَن قال: [زُلُفًا] بضم الزاي واللام جميعًا فواحدته زُلُفَة، وكبُسُرة وبُسُر فيمن ضم السين، ومَن قرأ: [زُلْفًا] بسكون اللام فواحدته زُلْفَة، إلا أنه جمعه جمع الأجناس المخلوقات، كبُرَّة وبُرّ، ودُرَّة ودُرّ؛ وذلك أن الزُّلْفَة جنس من المخلوقات وإن لم يكن جوهرًا، كما أن الدرة والبرة جوهر جنس من الجواهر. وعلى هذا أجاز أبو العباس في قولنا: ضربت ضربًا أن يكون جمع ضربة كحبة وحب، ومثله قول الآخر:
حتى اتَّقَوْهَا بالسلام والتَّحِي
[المحتسب: 1/330]
يريد: جمع تحية.
والزُّلْفَة: الطائفة من الليل. وأما قراءة الجماعة: {وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} فعلى الظاهر، نحو: غرفة وغرف، وصُفَّة وصُفَف). [المحتسب: 1/331]

قوله تعالى: {وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (115)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 02:31 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة هود
[ من الآية (116) إلى الآية (119) ]

{ فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ (116) وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117) وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)}

قوله تعالى: {فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ (116)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة جعفر بن محمد والعلاء بن سَيَابَة، ورواه حسين الجعفي عن أبي عمرو: [وَأُتْبِعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا] بضم الهمزة، وإسكان التاء، وكسر الباء.
قال أبو الفتح: هو عندنا على حذف المضاف؛ أي: أتبع الذين ظلموا جزاء ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين؛ أي: جزاء ما أُترفوا فيه وأجرموا فلم يشكروا؛ بل أُترفوا فيه مجرمين ظالمين). [المحتسب: 1/331]

قوله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117)}

قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118)}

قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 02:32 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة هود
[ من الآية (120) إلى الآية (123) ]

{ كُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (120) وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ (121) وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (122) وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123) }

قوله تعالى: {كُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (120)}

قوله تعالى: {وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ (121)}
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (20- {عَلَى مَكَانَاتِكُمْ} [آية/ 93 و121] على الجمع:
قرأها عاصم وحده ياش-.
وقرأ الباقون {مَكَانَتِكُمْ} على الوحدة.
وقد سبق الكلام في نحو ذلك). [الموضح: 661] (م)

قوله تعالى: {وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (122)}

قوله تعالى: {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (17- وقوله تعالى: {إليه يرجع الأمر كله} [123]. قرأ نافع وعاصم في رواية حفص {يرجع الأمر كله} على ما لم يُسم فاعله بمعنى: يرد الأمر كله إليه.
وقرأ الباقون {يرجع} أي: يصير الأمر كله إلى الله كما قال: {ألا إلى الله تصير الأمور} لم يقل: تصار، والأمر بينهما قريب؛ لأن الأمر إذا رد إلى الله رجع هو، كما تقول أجلست زيدًا فجلس هو، وأدخله الله الجنة فدخل هو). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/296]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (18- وقوله تعالى: {وما ربك بغافل عما تعملون} [123].
قرأها نافع وابن عامر وحفص عن عاصم بالتاء على الخطاب.
وقرأ الباقون بالياء على الإخبار عن غيب). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/296]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ نافع وعاصم في رواية حفص: وإليه يرجع الأمر كله [هود/ 123] بضم الياء.
وقرأ الباقون وأبو بكر عن عاصم: يرجع* بفتح الياء.
[الحجة للقراء السبعة: 4/388]
قال أبو علي: حجة من ضم قوله: ثم ردوا إلى الله [الأنعام/ 62] لأن المعنى ثم ردّ أمرهم إلى الله.
وهذا يدلّ على الاستسلام منهم كقوله: بل هم اليوم مستسلمون [الصافات/ 26]، ويقوّي ذلك قوله: ألا له الحكم [الأنعام/ 62] أي: له الحكم في أمرهم، ويقوّي ذلك قوله: إليه يرد علم الساعة وما يخرج من ثمرة من أكمامها [فصلت/ 47]، فهذه من الأمور المردودة إليه تعالى.
ومن قرأ: وإليه يرجع الأمر بفتح الياء، فلقوله: والأمر يومئذ لله [الانفطار/ 19] فكونه له رجوع إليه وانفراد به من غير أن يشركه أحد. كما تحكم في هذه الدار الفقهاء والسلطان، ويقوي ذلك وله الملك يوم ينفخ في الصور [الأنعام/ 73] ). [الحجة للقراء السبعة: 4/389]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ نافع وابن عامر وحفص عن عاصم: بغافل عما تعملون [هود/ 123] بالتاء. وقرأ الباقون: بغافل عما يعملون* بالياء، [وكذلك أبو بكر عن عاصم].
قال أبو علي: حجّة التاء أن الخطاب يكون للنبي، عليه السلام، ولجميع الناس، والمعنى أنه يجزي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته، والخطاب يتوجه إلى جميع الناس، مؤمنهم وكافرهم، وهذا أعمّ من الياء.
وحجة الياء على: قل لهم: وما ربك بغافل عما يعملون). [الحجة للقراء السبعة: 4/389]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عمّا تعملون}
قرأ نافع وحفص {وإليه يرجع الأمر} بضم الياء على ما لم يسم فاعله أي يرد الأمر كله إليه
وقرأ الباقون {يرجع} أي يصير الأمر إليه وحجتهم قوله {ألا إلى الله تصير الأمور} ولم يقل تصار
قرأ نافع وابن عامر وحفص {وما ربك بغافل عمّا تعملون} بالتّاء على الخطاب
وقرأ الباقون بالياء أي وما ربك بغافل عمّا يعمل هؤلاء المشركون). [حجة القراءات: 353]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (31- قوله: {وإليه يرجع الأمر} قرأه نافع وحفص بضم الياء، وفتح الجيم، وقرأ الباقون بفتح الياء، وكسر الجيم.
وحجة من ضم أنه حمل الفعل على ما لم يُسم فاعله، فأقام الأمر مقام الفاعل، كما قال: {ثم ردوا إلى الله} «الأنعام 62» وقال: {إليه يرد علم الساعة} «فصلت 47».
32- وحجة من فتح أنه أضاف الفعل إلى «الأمر»، فرفعه بفعله كما قال: {والأمر يومئذٍ لله} «الانفطار 19»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/538]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (33- قوله: {وما ربك بغافل عما تعملون} قرأ نافع وابن عامر وحفص بالتاء، وقرأ الباقون بالياء.
وحجة من قرأه بالتاء أنه على الخطاب للنبي عليه السلام وأصحابه، ردوه على ما قبله من الخطاب في قوله: {فاعبده وتوكل عليه، وهو أمر للنبي، والمراد به هو وأمته، والتقدير: قل لهم يا محمد ما ربي بغافل عما تعملون.
وحجة من قرأه بالياء أنه حمله على لفظ الغيبة التي قبله في قوله: {وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم} «121»، وقوله: {وانتظروا إنا
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/538]
منتظرون} «122»، وفيه أيضًا معنى التهدد والوعيد للكفار، والتقدير: وما ربك يا محمد بغافل عما يعمل هؤلاء الذين لا يؤمنون). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/539]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (21- {وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ} [آية/ 123] بضم الياء وفتح الجيم:
قرأها نافعٌ و-ص- عن عاصم.
والوجه أن الفعل مبني للمفعول به، كما قال {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى الله}؛ لأن المعنى: ثم رُد أمرهم إلى الله، فالمعنى ههنا أيضًا وإليه يُرد الأمر كله.
ورجع قد يكون متعديًا ولازمًا، وهو ههنا متعدٍ.
وقرأ الباقون {يَرْجِعُ} بفتح الياء وكسر الجيم.
والوجه أنه أُسند الفعل إلى الأمر فرُفع به؛ لأن رجع ههنا لازم، والمعنى أن الأمر كله راجع إليه من غير أن يكون لغيره فيه شركة، كما قال تعالى {وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} ). [الموضح: 662]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (22- {عَمَّا تَعْمَلُونَ} [آية/ 123] بالتاء:
قرأها نافعٌ وابن عامر و-ص- عن عاصم ويعقوب.
والوجه أنه على الخطاب، وهو خطابٌ للنبي صلى الله عليه (وسلم) ولجميع الناس مؤمنهم وكافرهم، والمعنى أنه تعالى لا يغفل عن أفعالكم، بل هو عالم بها فيجازي الكل منكم على حسب ما عمل.
[الموضح: 662]
وقرأ الباقون {عَمَّا يَعْمَلُونَ} بالياء، وكذلك ياش- عن عاصم.
والوجه أنه راجعٌ إلى ما تقدم ذكرهم من الكفار في قوله تعالى {وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ} وهم غُيب، فلذلك جاء الخبر عنهم على لفظ الغيبة). [الموضح: 663]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:29 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة