العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء عم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 محرم 1436هـ/26-10-2014م, 08:12 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 3 محرم 1436هـ/26-10-2014م, 08:12 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {لا أقسم بهذا البلد * وأنت حلٌّ بهذا البلد * ووالدٍ وما ولد * لقد خلقنا الإنسان في كبدٍ * أيحسب أن لّن يقدر عليه أحدٌ * يقول أهلكت مالًا لّبدًا * أيحسب أن لّم يره أحدٌ * ألم نجعل لّه عينين * ولسانًا وشفتين * وهديناه النّجدين}
قرأ الحسن بن أبي الحسن: (لأقسم). وقرأ الجمهور: {لا أقسم}. واختلفوا؛ فقال الزّجّاج وغيره: {لا} صلةٌ زائدةٌ مؤكّدةٌ، واستأنف قوله تعالى: {أقسم}.
وقال مجاهدٌ: {لا} ردٌّ لكلامٍ متقدّمٍ للكفار، ثمّ استأنف قوله تعالى: {أقسم}.
وقال بعض المتأولين: {لا} نفيٌ للقسم بالبلد، أخبر اللّه تعالى أنه لا يقسم به.
ولا خلاف بين المفسّرين أنّ البلد المذكور هو مكّة). [المحرر الوجيز: 8/ 618]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (واختلف في معنى قوله تعالى: {وأنت حلٌّ بهذا البلد}؛ فقال ابن عبّاسٍ وجماعةٌ: معناه: وأنت حلالٌ بهذا البلد، يحلٌّ لك فيه قتل من شئت، وكان هذا يوم فتح مكة، وعلى هذا يترتّب قول من قال: السورة مدنيةٌ نزلت عام الفتح، ويتركّب على هذا التأويل قول من قال: {لا} نافيةٌ، أي: إن هذا البلد لا يقسم اللّه تعالى به، وقد جاء أهله بأعمالٍ توجب إحلال حرمته. ويتّجه أيضًا أن تكون {لا} غير نافيةٍ.
وقال بعض المتأولين: {وأنت حلٌّ بهذا البلد} معناه: ساكنٌ بهذا البلد، وعلى هذا يجيء قول من قال: هي مكّيّةٌ. والمعنى على إيجاب القسم بيّنٌ، وعلى نفيه أيضًا يتّجه على معنى: لا أقسم ببلدٍ أنت ساكنه على أذى هؤلاء القوم وكفرهم.
وذكر الثعلبيّ، عن شرحبيل بن سعدٍ، أنّ معنى {وأنت حلٌّ بهذا البلد}. أي: قد جعلوك حلالًا مستحلّ الأذى والإخراج، والقتل لك لو قدروا.
وإعراب {البلد} عطف بيانٍ). [المحرر الوجيز: 8/ 618-619]

تفسير قوله تعالى: {وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ووالدٍ وما ولد} قسمٌ مستأنفٌ على قول من قال: {لا} نافيةٌ. ومعطوفٌ على قول من قال: {لا} غير نافيةٍ.
واختلف الناس في معنى قوله سبحانه: {ووالدٍ وما ولد}؛ فقال مجاهدٌ: هو آدم عليه السلام وجميع ولده.
وقال بعض رواة التفسير: هو نوحٌ عليه السلام وجميع ولده. وقال أبو عمران الجونيّ: هو إبراهيم عليه السلام وجميع ولده.
وقال ابن عبّاسٍ ما معناه: إن الوالد والولد هنا على العموم، فهي أسماء جنسٍ، يدخل فيها جميع الحيوان.
وقال ابن عبّاسٍ، وابن جبيرٍ، وعكرمة: {ووالدٍ} معناه: كلّ من ولد وأنسل، وقوله: {وما ولد} لم يبق تحته إلا العاقر الذي ليس بوالدٍ البتّة). [المحرر الوجيز: 8/ 619]

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (4) أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (5)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والقسم واقعٌ على قوله تعالى: {لقد خلقنا الإنسان في كبدٍ}.
واختلف الناس في (الكبد)؛ فقال جمهور الناس: الإنسان: اسم الجنس كلّه، والكبد: المشقّة والمكابدة، أي: يكابد أمر الدنيا وأمر الآخرة. ومن ذلك قول لبيدٍ:
يا عين هلاّ بكيت أربد إذ.......قمنا وقام الخصوم في كبد
وقول ذي الإصبع:
لي ابن عمٍّ لو انّ الناس في كبدٍ.......لظلّ محتجزًا بالنّبل يرميني
وبالمشقّة في أنواع أحوال الناس فسّره الجمهور.
وقال الحسن: لم يخلق اللّه تعالى خلقًا يكابد ما يكابد ابن آدم.
وقال ابن عبّاسٍ، وابن شدّادٍ، وأبو صالحٍ، والضّحّاك، ومجاهدٌ: {في كبدٍ} معناه: منتصب القامة واقفًا.
وقال ابن زيدٍ: {الإنسان} آدم عليه السلام، و{في كبدٍ} معناه: في السماء، سمّاها كبدًا.
وهذان القولان قد ضعّفا، والقول الأول هو الصحيح.
وروي أنّ سبب هذه الآية وما بعدها هو أبو الأشدّين، رجلٌ من قريشٍ شديد القوة، واسمه أسيد بن كلدة الجمحيّ، كان يحسب أنّ أحدًا لا يقدر عليه.
ويقال: بل نزلت في عمرو بن عبد ودٍّ. ذكره النقاش، وهو الذي اقتحم الخندق بالمدينة، وقتله عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه خلف الخندق.
وقال مقاتلٌ: نزلت في الحارث بن عامر بن نوفلٍ، أذنب فاستفتى النبيّ عليه الصلاة والسلام فأمره بالكفّارة، فقال: لقد أهلكت مالًا في الكفّارات والنّفقات منذ تبعت محمّداً . وكان كلّ واحدٍ منهم قد ادّعى أنه أنفق مالًا كثيرًا على إفساد أمر النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، أو في الكفّارات، على ما تقدّم، فوقف القرآن على جهة التوبيخ للمذكور، وعلى جهة التوبيخ لاسم الجنس كلّه.
و{يقدر} نصب بـ{لن}، و{أن} مخففةٌ من الثقيلة). [المحرر الوجيز: 8/ 619-620]

تفسير قوله تعالى: {يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا (6) أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (7)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ)
: (وكان قول هذا الكافر: {أهلكت مالًا لبدًا}. كذبًا منه، فلذلك قال تعالى: {أيحسب أن لم يره أحدٌ}؟ أي: أنه رئي وأحصي فعله، فما له يكذب.
ومن قال: إنّ المراد اسم الجنس غير معيّنٍ مفردٌ. جعل قوله تعالى: {أيحسب أن لم يره أحدٌ}؟ بمعنى: أيظنّ الإنسان أن ليس عليه حفظةٌ يرون أعماله ويحصونها إلى يوم الجزاء؟!
وقال النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتّى يسأل عن عمره فيما أفناه، وجسمه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه، وأين أنفقه؟».
واختلف القرّاء في قوله: {لبدًا}؛ فقرأ جمهور الناس: {لبدًا} ـ بضمّ اللام وفتح الباء ـ وقرأ مجاهدٌ: (لبدًا) ـ بضمّهما ـ وذلك جمع (لبدةٍ)، أو جمع (لبودٍ) بفتح اللام.
وقرأ أبو جعفرٍ يزيد: (لبّدًا) ـ بضمّ اللام وفتح الباء وشدّها ـ فيكون مفردًا، نحو (رمّلٍ) ويكون جمع (لابدٍ).
وقد روي عن أبي جعفرٍ: (لبدًا) بسكون الباء.
والمعنى في هذه القراءات كلّها: مالًا كثيرًا ملتبدًا بعضه فوق بعضٍ من التكاثف والكثرة.
وقرأ الحسن: (لم يره) ـ بسكون الراء ـ لتوالي الحركات). [المحرر الوجيز: 8/ 620-621]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم عدّد تعالى على الإنسان نعمه التي بها تقوم الحجّة، وهو جوارحه). [المحرر الوجيز: 8/ 621]

تفسير قوله تعالى: {وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرن تعالى الشفتين باللسان؛ لأنّ نعمة العبارة والكلام لا تصحّ إلا بالجميع، وفي الحديث: «يقول اللّه تعالى: ابن آدم، إن نازعك لسانك إلى ما لا يحلّ لك فقد أعنتك عليه بشفتين فأطبق
» ). [المحرر الوجيز: 8/ 621]

تفسير قوله تعالى: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (واختلف الناس في {النّجدين}؛ فقال ابن مسعودٍ، وابن عبّاسٍ، والناس: طريق الخير، وطريق الشرّ. أي: عرضنا عليه طريقهما، وليست الهداية هنا بمعنى الإرشاد، وقال ابن عبّاسٍ أيضًا والضّحّاك: النجدان: ثديا الأمّ. وهذا مثالٌ. والنّجد: الطريق المرتفع، وأنشد الأصمعيّ:
كميش الإزار خارجٌ نصف ساقه.......صبورٌ على الأرزاء طلاّع أنجد). [المحرر الوجيز: 8/ 621]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 3 محرم 1436هـ/26-10-2014م, 08:12 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 3 محرم 1436هـ/26-10-2014م, 08:12 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (بسم الله الرّحمن الرّحيم
{لا أقسم بهذا البلد * وأنت حلٌّ بهذا البلد * ووالدٍ وما ولد * لقد خلقنا الإنسان في كبدٍ * أيحسب أن لّن يقدر عليه أحدٌ * يقول أهلكت مالًا لّبدًا * أيحسب أن لّم يره أحدٌ * ألم نجعل لّه عينين * ولسانًا وشفتين * وهديناه النّجدين}
هذا قسمٌ من الله عزّ وجلّ بمكّة أمّ القرى في حال كون الساكن فيها حلالاً؛ لينبّه على عظمة قدرها في حال إحرام أهلها.
قال خصيفٌ، عن مجاهدٍ: {لا أقسم بهذا البلد}: {لا} ردٌّ عليهم؛ أقسم بهذا البلد.
وقال شبيب بن بشرٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: {لا أقسم بهذا البلد} يعني: مكّة). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 402]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وأنت حلٌّ بهذا البلد} قال: أنت يا محمد يحلّ لك أن تقاتل به.
وكذا روي عن سعيد بن جبيرٍ، وأبي صالحٍ، وعطيّة، والضّحّاك، وقتادة، والسّدّيّ، وابن زيدٍ.
وقال مجاهدٌ: «ما أصبت فيه فهو حلالٌ لك».
وقال قتادة: {وأنت حلٌّ بهذا البلد} قال: «أنت به من غير حرجٍ، ولا إثمٍ
».
وقال الحسن البصريّ: أحلّها الله له ساعةً من نهارٍ. وهذا المعنى الذي قالوه قد ورد به الحديث المتّفق على صحّته: «إنّ هذا البلد حرّمه الله يوم خلق السّماوات والأرض، فهو حرامٌ بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شجره، ولا يختلى خلاه، وإنّما أحلّت لي ساعةً من نهارٍ، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، ألا فليبلّغ الشّاهد الغائب».
وفي لفظٍ: «فإن أحدٌ ترخّص بقتال رسول الله فقولوا: إنّ الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم» ). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 402]

تفسير قوله تعالى: {وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ووالدٍ وما ولد} قال ابن جريرٍ: حدّثنا أبو كريبٍ، حدّثنا ابن عطيّة، عن شريكٍ، عن خصيفٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {ووالدٍ وما ولد}:
«الوالد: الذي يلد، وما ولد: العاقر الذي لا يولد له».
ورواه ابن أبي حاتمٍ من حديث شريكٍ - وهو ابن عبد الله القاضي- به، وقال عكرمة: الوالد: العاقر، وما ولد: الذي يلد. رواه ابن أبي حاتمٍ.
وقال مجاهدٌ، وأبو صالحٍ، وقتادة، والضحّاك، وسفيان الثّوريّ، وسعيد بن جبيرٍ، والسّدّيّ، والحسن البصريّ، وخصيفٌ، وشرحبيل بن سعدٍ وغيرهم: يعني بالوالد آدم، وما ولد ولده.
وهذا الذي ذهب إليه مجاهدٌ وأصحابه حسنٌ قويٌّ؛ لأنه تعالى لمّا أقسم بأمّ القرى، وهي المساكن، أقسم بعده بالساكن، وهو آدم أبو البشر وولده.
وقال أبو عمران الجونيّ: هو إبراهيم وذرّيته. رواه ابن جريرٍ وابن أبي حاتمٍ، واختار ابن جريرٍ أنه عامٌّ في كلّ والدٍ وولده. وهو محتملٌ أيضاً). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 402-403]

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (4)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {لقد خلقنا الإنسان في كبدٍ} روي عن ابن مسعودٍ، وابن عبّاسٍ، وعكرمة، ومجاهدٍ، وإبراهيم النّخعيّ، وخيثمة، والضّحّاك، وغيرهم: يعني: منتصباً. زاد ابن عبّاسٍ في روايةٍ عنه: منتصباً في بطن أمّه.
والكبد: الاستواء والاستقامة، ومعنى هذا القول: لقد خلقنا الإنسان سويًّا مستقيماً، كقوله: {يا أيّها الإنسان ما غرّك بربّك الكريم * الّذي خلقك فسوّاك فعدلك}، وكقوله: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويمٍ}.
وقال ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ: {في كبدٍ} قال:
«في شدّة خلقٍ، ألم تر إليه...» وذكر مولده ونبات أسنانه.
وقال مجاهدٌ: {في كبدٍ}:
«نطفةً، ثمّ علقةً، ثمّ مضغةً، يتكبّد في الخلق».
قال مجاهدٌ: وهو كقوله: {حملته أمّه كرهاً ووضعته كرهاً}. وأرضعته كرهاً، ومعيشته كرهٌ، فهو يكابد ذلك.
وقال سعيد بن جبيرٍ: {لقد خلقنا الإنسان في كبدٍ}:
«في شدّةٍ وطلب معيشةٍ».
وقال عكرمة:
«في شدّةٍ وطولٍ».
وقال قتادة:
«في مشقّةٍ».
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أحمد بن عصامٍ، حدّثنا أبو عاصمٍ، أخبرنا عبد الحميد بن جعفرٍ، سمعت محمد بن عليٍّ أبا جعفرٍ الباقر سأل رجلاً من الأنصار عن قول الله: {لقد خلقنا الإنسان في كبدٍ} قال:
«في قيامه واعتداله»، فلم ينكر عليه أبو جعفرٍ.
وروى من طريق أبي مودودٍ: سمعت الحسن قرأ هذه الآية: {لقد خلقنا الإنسان في كبدٍ} قال: يكابد أمراً من أمر الدنيا، وأمراً من أمر الآخرة. وفي روايةٍ: يكابد مضايق الدنيا وشدائد الآخرة.
وقال ابن زيدٍ: {لقد خلقنا الإنسان في كبدٍ} قال:
«آدم خلق في السماء، فسمّي ذلك الكبد».
واختار ابن جريرٍ أن المراد بذلك مكابدة الأمور ومشاقّها). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 403-404]

تفسير قوله تعالى: {أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (5)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {أيحسب أن لن يقدر عليه أحدٌ} قال الحسن البصريّ: يعني: {أيحسب أن لن يقدر عليه أحدٌ} يأخذ ماله.
وقال قتادة: {أيحسب أن لن يقدر عليه أحدٌ} قال:
«ابن آدم يظنّ أن لن يسأل عن هذا المال؛ من أين اكتسبه؟ وأين أنفقه؟».
وقال السّدّيّ: {أيحسب أن لن يقدر عليه أحدٌ} قال:
«الله عزّ وجلّ»). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 404]

تفسير قوله تعالى: {يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا (6)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {يقول أهلكت مالاً لبداً} أي: يقول ابن آدم: أنفقت مالاً لبداً، أي: كثيراً. قاله مجاهدٌ، والحسن، وقتادة، والسّدّيّ وغيرهم). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 404]

تفسير قوله تعالى: {أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (7)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أيحسب أن لم يره أحدٌ} قال مجاهدٌ:
«أيحسب أن لم يره الله عزّ وجلّ»، وكذا قال غيره من السلف). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 404]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله تعالى: {ألم نجعل له عينين} أي: يبصر بهما). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 404]

تفسير قوله تعالى: {وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولساناً} أي: ينطق به فيعبّر عمّا في ضميره، {وشفتين} يستعين بهما على الكلام وأكل الطعام، وجمالاً لوجهه وفمه.
وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة أبي الرّبيع الدّمشقيّ، عن مكحولٍ، قال: قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: «يقول الله تعالى: يا بن آدم، قد أنعمت عليك نعماً عظاماً لا تحصي عددها، ولا تطيق شكرها، وإنّ ممّا أنعمت عليك أن جعلت لك عينين تنظر بهما، وجعلت لهما غطاءً، فانظر بعينيك إلى ما أحللت لك، وإن رأيت ما حرّمت عليك فأطبق عليهما غطاءهما. وجعلت لك لساناً، وجعلت له غلافاً، فانطق بما أمرتك وأحللت لك، فإن عرض عليك ما حرّمت عليك فأغلق عليك لسانك.
وجعلت لك فرجاً وجعلت لك ستراً، فأصب بفرجك ما أحللت لك، فإن عرض عليك ما حرّمت عليك فأرخ عليك سترك. يا بن آدم، إنّك لا تحمل سخطي، ولا تطيق انتقامي»
). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 404]

تفسير قوله تعالى: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وهديناه النّجدين} الطريقين. قال سفيان الثّوريّ: عن عاصمٍ، عن زرٍّ، عن عبد الله - هو ابن مسعودٍ-: {وهديناه النّجدين} قال:
«الخير والشرّ». وكذا روي عن عليٍّ، وابن عبّاسٍ، ومجاهدٍ، وعكرمة، وأبي وائلٍ، وأبي صالحٍ، ومحمد بن كعبٍ، والضّحّاك، وعطاءٍ الخراسانيّ في آخرين.
وقال عبد الله بن وهبٍ: أخبرني ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيبٍ، عن سنان بن سعدٍ، عن أنس بن مالكٍ، قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: «هما نجدان، فما جعل نجد الشّرّ أحبّ إليكم من نجد الخير؟».
تفرّد به سنان بن سعدٍ، ويقال: سعد بن سنانٍ، وقد وثّقه ابن معينٍ، وقال الإمام أحمد والنّسائيّ والجوزجانيّ: منكر الحديث.
وقال أحمد: تركت حديثه لاضطرابه، وروى خمسة عشر حديثاً منكرةً كلّها، ما أعرف منها حديثاً واحداً، يشبه حديثه حديث الحسن - يعني: البصريّ - لا يشبه حديث أنسٍ.
وقال ابن جريرٍ: حدّثني يعقوب، حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، قال: سمعت الحسن يقول: {وهديناه النّجدين} قال: ذكر لنا أنّ نبيّ الله -صلّى الله عليه وسلّم- كان يقول: «يا أيّها النّاس إنّهما النّجدان؛ نجد الخير، ونجد الشّرّ، فما جعل نجد الشّرّ أحبّ إليكم من نجد الخير؟».
وكذا رواه حبيب بن الشّهيد، ويونس بن عبيدٍ، وأبو وهبٍ، عن الحسن مرسلاً، وهكذا أرسله قتادة. وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أحمد بن عصامٍ الأنصاريّ، حدّثنا أبو أحمد الزّبيريّ، حدّثنا عيسى بن عقالٍ، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {وهديناه النّجدين} قال:
«الثّديين».
وروي عن الرّبيع بن خثيمٍ، وقتادة، وأبي حازمٍ مثل ذلك، ورواه ابن جريرٍ، عن أبي كريبٍ، عن وكيعٍ، عن عيسى بن عقالٍ به، ثمّ قال: والصواب القول الأوّل.
ونظير هذه الآية قوله: {إنّا خلقنا الإنسان من نطفةٍ أمشاجٍ نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً * إنّا هديناه السّبيل إمّا شاكراً وإمّا كفوراً}). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 404-405]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:21 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة