العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الفتح

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 جمادى الأولى 1434هـ/23-03-2013م, 05:52 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي تفسير سورة الفتح [ من الآية (18) إلى الآية (21) ]

لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18) وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (19) وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا (20) وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (21)


روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- أسباب النزول
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11 جمادى الآخرة 1434هـ/21-04-2013م, 04:56 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف


تفسير قوله تعالى: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني شبيب عن شعبة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال في هذه الآية: {وأخرى لم تقدروا عليها}، فارس والروم.
وقال في هذه الآية: {وأثابهم فتحا قريبا}، قال: خيبر). [الجامع في علوم القرآن: 2/29] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة قال بايعوا النبي على ألا يفروا يومئذ وهم ألف وأربع مائة وبايعوه على ألا يفروا قال معمر في قوله وأثبهم فتحا قريبا إن مقسما أو قتادة أو كلاهما قالا هو خيبر). [تفسير عبد الرزاق: 2/226]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب قوله: {إذ يبايعونك تحت الشّجرة} [الفتح: 18]
- حدّثنا قتيبة بن سعيدٍ، حدّثنا سفيان، عن عمرٍو، عن جابرٍ، قال: «كنّا يوم الحديبية ألفًا وأربع مائةٍ»
- حدّثنا عليّ بن عبد اللّه، حدّثنا شبابة، حدّثنا شعبة، عن قتادة، قال: سمعت عقبة بن صهبان، عن عبد اللّه بن مغفّلٍ المزنيّ، إنّي ممّن شهد الشّجرة، «نهى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن الخذف» ،
- وعن عقبة بن صهبان، قال: سمعت عبد اللّه بن مغفّلٍ المزنيّ «في البول، في المغتسل، يأخذ منه الوسواس»
- حدّثني محمّد بن الوليد، حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، حدّثنا شعبة، عن خالدٍ، عن أبي قلابة، عن ثابت بن الضّحّاك رضي اللّه عنه، «وكان من أصحاب الشّجرة»). [صحيح البخاري: 6/136]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله باب قوله إذ يبايعونك تحت الشّجرة ذكر فيه أربعة أحاديث أحدها حديث جابرٍ
- كنّا يوم الحديبية ألفًا وأربعمائةٍ وقد تقدّم الكلام عليه مستوفًى في كتاب المغازي وثانيها قوله علي بن عبد الله هو بن المدينيّ كذا للأكثر ووقع في رواية المستمليّ عليّ بن سلمة وهو اللّبقيّ بفتح اللّام والموحّدة ثمّ قافٍ خفيفةٍ وبه جزم الكلاباذيّ
- قوله عن عبد اللّه بن المغفّل المزنيّ ممّن شهد الشّجرة قال نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن الخذف بخاءٍ معجمةٍ أي الرّمي بالحصى بين إصبعين وسيأتي الكلام عليه في الأدب قوله وعن عقبة بن صهبان سمعت عبد اللّه بن مغفّلٍ المزنيّ في البول في المغتسل كذا للأكثر وزاد في رواية الأصيليّ وكذا لأبي ذرٍّ عن السّرخسيّ يأخذ منه الوسواس وهذان الحديثان المرفوع والموقوف الّذي عقّبه به لا تعلّق لهما بتفسير هذه الآية بل ولا هذه السّورة وإنّما أورد الأوّل لقول الرّاوي فيه ممّن شهد الشّجرة فهذا القدر هو المتعلّق بالتّرجمة ومثله ما ذكره بعده عن ثابت بن الضّحّاك وذكر المتن بطريق التّبع لا القصد وأمّا الحديث الثّاني فأورده لبيان التّصريح بسماع عقبة بن صهبان من عبد اللّه بن مغفّلٍ وهذا من صنيعه في غاية الدّقّة وحسن التّصرّف فللّه درّه وهذا الحديث قد أخرجه أبو نعيمٍ في المستخرج والحاكم من طريق يزيد بن زريعٍ عن سعيدٍ عن قتادة عن عقبة بن صهبان عن عبد اللّه بن مغفّلٍ قال نهى أو زجر أن يبال في المغتسل وهذا يدلّ على أنّ زيادة ذكر الوسواس الّتي عند الأصيليّ ومن وافقه في هذه الطّريق وهمٌ نعم أخرج أصحاب السّنن وصححه بن حبّان والحاكم من طريق أشعث عن الحسن عن عبد اللّه بن مغفّلٍ رفعه لا يبولنّ أحدكم في مستحمّه فإنّ عامّة الوسواس منه قال التّرمذيّ غريبٌ لا نعرفه مرفوعًا إلّا من حديث أشعث وتعقّب بأنّ الطّبريّ أخرجه من طريق إسماعيل بن مسلمٍ عن الحسن أيضًا وهذا التّعقّب واردٌ على الإطلاق وإلّا فإسماعيل ضعيفٌ الحديث الثّالث
- قوله عن خالدٍ هو الحذّاء قوله عن أبي قلابة عن ثابت بن الضّحّاك وكان من أصحاب الشّجرة هكذا ذكر القدر الّذي يحتاج إليه من هذا الحديث ولم يسق المتن ويستفاد من ذلك أنّه لم يجر على نسقٍ واحدٍ في إيراد الأشياء التّبعيّة بل تارةً يقتصر على موضع الحاجة من الحديث وتارةً يسوقه بتمامه فكأنّه يقصد التّفنّن بذلك وقد تقدّم لحديث ثابتٍ المذكور طريقٌ أخرى في غزوة الحديبية). [فتح الباري: 8/587-588]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (باب قوله: {إذ يبايعوك تحت الشّجرة} (الفتح: 18)
أي: هذا باب في قوله عز وجل: (إذ يبايعونك) تحت الشّجرة وأوله: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك} هي بيعة الرضوان سميت بذلك لقوله: {لقد رضي الله عن المؤمنين} والشجرة كانت سمرة، وقيل: سدرة وروي أنّها عميت عليهم من قابل فلم يدروا أين ذهبت، وقيل: كانت بفج نحو مكّة. وقال نافع: ثمّ كان النّاس بعد يأتونها فيصلون تحتها فبلغ ذلك عمر، رضي الله تعالى عنه، فأمر بقطعها والمبايعون كانوا ألفا وخمسمائة وخمسة وعشرين. وقيل ألفا وأربعمائة على ما يأتي الآن، وقيل: ألفا وثلاثمائة.
- حدّثنا قتيبة بن سعيدٍ حدّثنا سفيان عن عمروٍ عن جابرٍ قال كنّا يوم الحديبيّة ألفا وأربعمائةٍ..
وسفيان هو ابن عيينة، وعمر وهو ابن دينار وجابر بن عبد الله وقد مضى الكلام فيه في المغازي في غزوة الحديبية.
- (حدثنا عليّ بن عبد الله حدثنا شبابة حدثنا شعبة عن قتادة قال سمعت عقبة بن صهبان عن عبد الله بن مغفل المزنيّ إنّي ممّن شهد الشّجرة نهى النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم عن الخذف وعن عقبة بن صهبان قال سمعت عبد الله بن المغفّل المزنيّ في البول في المغتسل) مطابقته للتّرجمة في قوله إنّي ممّن شهد الشّجرة وأما الحديث الموقوف والمرفوع فلا تعلق لهما بتفسير هذه الآية ولا بهذه السّورة وعلي بن عبد الله هو المعروف بابن المدينيّ كذا للأكثرين ووقع في رواية المستملي عليّ بن سلمة اللبقي بفتح اللّام والباء الموحدة والقاف النّيسابوري وبه جزم الكلاباذي وشبابة بفتح الشين المعجمة وتخفيف الباء الموحدة الأولى وكذا الثّانية بعد الألف ابن سوار بالسّين المهملة المفتوحة على وزن فعال بالتّشديد وعقبة بضم العين المهملة وسكون القاف وفتح الباء الموحدة ابن صهبان بضم الصّاد المهملة وسكون الهاء وبالباء الموحدة وبعد الألف نون الأزديّ البصريّ وعبد الله بن مغفل بالغين المعجمة والفاء مضى عن قريب وهذا أخرجه البخاريّ أيضا في الأدب عن آدم وأخرجه مسلم في الذّبائح عن أبي موسى وأخرجه أبو داود في الأدب عن حفص بن عمر وأخرجه ابن ماجه في الصّيد عن أبي بكر بن أبي شيبة وعن بندار عن غندر وهذا حديث مرفوع قوله وعن عقبة بن صهبان إلى آخره موقوف وإنّما أورده لبيان التّصريح بسماع عقبة بن صهبان عن عبد الله بن مغفل وهذا أخرجه أصحاب السّنن الأربعة عن الحسن عن عبد الله بن مغفل أن النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم نهى أن يبول الرجل في مستحمه وقال إن عامّة الوسواس منه وهذا لفظ التّرمذيّ أخرجه في الطّهارة عن عليّ بن حجر وأخرجه أبو داود فيه عن أحمد بن حنبل والحلواني وأخرجه النّسائيّ فيه عن عليّ بن حجر وأخرجه ابن ماجه فيه عن محمّد بن يحيى قوله " نهى النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم عن الخذف " ولفظ نهى أو أمر أو زجر من الصّحابيّ محمول على الرّفع عند الجماهير قوله " عن الخذف " بفتح الخاء المعجمة وسكون الذّال المعجمة وبالفاء هو رميك حصاة أو نواتا تأخذها بين سبابتيك أو بين إبهامك وسبابتك وقال ابن فارس خذفت الحصاة إذا رميتها بين إصبعيك وقال ابن الأثير أن تتّخذ مخذفة من خشب ثمّ ترمي بها الحصاة بين إبهاميك والسبابة ويقال الخذف بالمعجمة بالحصى والحذف بالمهملة بالعصى قوله " في البول في المغتسل " كذا في رواية الأكثرين وفي رواية الأصيليّ وأبي ذر عن السّرخسيّ زيادة وهي قوله يأخذ منه الوسواس وهاتان مسألتان الأولى النّهي عن الخذف لكونه لا ينكأ عدوا ولا يقتل الصّيد ولكن يفقأ العين ويكسر السن وهكذا في رواية مسلم ولأنّه لا مصلحة فيه ويخاف مفسدته ويلتحق به كل ما شاكله في هذا وفيه أن ما كان فيه مصلحة أو حاجة في قتال العدو أو تحصيل الصّيد فهو جائز ومن ذلك رمي الطّيور الكبار بالبندق إذا كان لا يقتلها غالبا بل تدرك حيّة فهو جائز قاله النّوويّ في شرح مسلم المسألة الثّانية النّهي عن البول في المغتسل قال الخطابيّ إنّما نهى عن مغتسل يكون جددا صلبا ولم يكن له مسلك ينفذ منه البول ويروى عن عطاء إذا كان يسيل فلا بأس وعن ابن المبارك قد وسع في البول في المغتسل إذا جرى فيه الماء وقال به أحمد في رواية واختاره غير واحد من أصحابه وروى الثّوريّ عمّن سمع عن ابن مالك يقول إنّما كره مخافة اللمم وعن أفلح بن حميد رأيت القاسم بن محمّد يبول في مغتسله وفي كتاب ابن ماجه عن عليّ بن محمّد الطنافسي قال إنّما هذا في الحفيرة فأما اليوم فمغتسلاتهم بجص وصاروج يعني النورة وأخلاطها والقير فإذا بال وأرسل عليه الماء فلا بأس وممّن كره البول في المغتسل عبد الله بن مسعود وزاد أن الكنديّ والحسن البصريّ وبكر بن عبد الله المزنيّ وأحمد في رواية وعن أبي بكرة لا يبولن أحدكم في مغتسله وعن عبد الله بن يزيد الأنصاريّ لا تبل في مغتسلك وعن عمران بن حصين من بال في مغتسله لم يطهر وعن ليث بن أبي سليم عن عطاء عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت ما طهر الله رجلا يبول في مغتسله ورخّص فيه ابن سيرين وآخرون -
- حدّثنا محمّد بن الوليد حدّثنا محمّد بن جعفرٍ حدّثنا شعبة عن خالدٍ عن أبي قلابة عن ثابت بن الضّحاك رضي الله عنه وكان من أصحاب الشّجرة.
مطابقته للتّرجمة ظاهرة. ومحمّد بن الوليد بن عبد الحميد البشري، بالباء الموحدة والشين المعجمة وبالراء البصريّ، وخالد هو ابن مهران الحذاء البصريّ، وأبو قلابة بكسر القاف عبد الله بن زيد، وثابت بن الضّحّاك بن خليفة بن ثعلبة بن عدي الأشهلي مات في فتنة ابن الزبير). [عمدة القاري: 19/178-180]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب {هو الّذي أنزل السّكينة في قلوب المؤمنين}
هذا (باب) بالتنوين أي في قوله تعالى: ({هو الذي أنزل السكينة}) الطمأنينة والثبات
({في قلوب المؤمنين}) [الفتح: 4] تحقيقًا للنصرة والأكثرون على أن هذه السكينة غير التي في البقرة.
- حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء -رضي الله عنه- قال: بينما رجلٌ من أصحاب النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- يقرأ، وفرسٌ له مربوطٌ في الدّار، فجعل ينفر، فخرج الرّجل فنظر فلم ير شيئًا، وجعل ينفر، فلمّا أصبح ذكر ذلك للنّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- فقال: «تلك السّكينة تنزّلت بالقرآن».
وبه قال: (حدّثنا عبيد الله بن موسى) بضم العين مصغرًا ابن باذام العبسي الكوفي (عن إسرائيل) بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي (عن) جده (أبي إسحاق عن البراء) بن عازب (رضي الله عنه) أنه (قال: بينما) بالميم (رجل من أصحاب النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم-) هو أسيد بن حضير (يقول أي سورة الكهف كما عند المؤلّف في فضلها وعنده أيضًا في باب نزول السكينة عن محمد بن إبراهيم عن أسيد بن حضير قال بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة وهذا ظاهره التعدّد وقد وقع نحو من هذه لثابت بن قيس بن شماس، لكن في سورة البقرة (وفرس له مربوط) ولأبي ذر مربوطة (في الدار فجعل) الفرس (ينفر) بنون وفاء مكسورة وراء مهملة (فخرج الرجل) ليرى ما ينفر فرسه (فنظر فلم ير شيئًا وجعل) الفرس (ينفر فلما أصبح) الرجل (ذكر ذلك للنبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- فقال):
(تلك) أي التي نفرت منها الفرس (السكينة) قيل هي ريح هفافة لها وجه كوجه الإنسان.
وعن الربيع بن أنس لعينها شعاع وقال الراغب ملك يسكن قلب المؤمن وقال النووي المختار إنها شيء من المخلوقات فيه طمأنينة ورحمة ومعه الملائكة (تنزلت بالقرآن) أي بسببه ولأجله. قال التوربشتي: وإظهار هذه الأمثال للعباد من باب التأييد الإلهي يؤيد به المؤمن فيزداد يقينًا ويطمئن قلبه بالإيمان إذا كوشف بها). [إرشاد الساري: 7/347-348]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب قوله: {إذ يبايعونك تحت الشّجرة}
(باب قوله) عز وجل: ({إذ يبايعونك تحت الشجرة}) [الفتح: 18] متعلق بيبايعونك أو بمحذوف على أنه حال من المفعول وكان عليه الصلاة والسلام جالسًا تحتها وسقط باب قوله لغير أبي ذر.
- حدّثنا قتيبة بن سعيدٍ، حدّثنا سفيان عن عمرٍو، عن جابرٍ قال: كنّا يوم الحديبية ألفًا وأربعمائةٍ.
وبه قال: (حدّثنا قتيبة بن سعيد) البغلاني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن عمرو) هو ابن دينار (عن جابر) هو ابن عبد الله الأنصاري -رضي الله عنهما- أنه (قال: كنا يوم الحديبية) بتخفيف الياء وتشديدها لغتان وأنكر كثير من أهل اللغة التخفيف وقال أبو عبيد البكري أهل
العراق يثقلون وأهل الحجاز يخففون (ألفًا وأربعمائة).
وفي حديث البراء بن عازب عند المؤلّف في المغازي أربع عشرة مائة، وعنه أيضًا من طريق زهير عند المؤلّف أيضًا ألفًا وأربعمائة أو أكثر، وعن جابر خمس عشرة مائة، وعن عبد الله بن أبي أوفى كان أصاب الشجرة ألفًا وثلاثمائة وكانت أسلم ثمن المهاجرين بضم المثلثة والميم والجمع بين هذا الاختلاف أنهم كانوا أكثر من ألف وأربعمائة فمن قال ألفًا وخمسمائة جبر الكسر، ومن قال ألفًا وأربعمائة ألغاه، وأما قول ابن أبي أوفى ألفًا وثلاثمائة فيحمل على ما اطلع هو عليه وأطلع غيره على زيادة لم يطّلع هو عليها والزيادة من الثقة مقبولة.
وهذا الحديث ذكره المؤلّف في المغازي.
- حدّثنا عليّ بن عبد اللّه، حدّثنا شبابة، حدّثنا شعبة عن قتادة قال: سمعت عقبة بن صهبان عن عبد اللّه بن مغفّلٍ المزنيّ، إنّي ممّن شهد الشّجرة نهى النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- عن الخذف. [الحديث 4841 - أطرافه في 5749، 6220].
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) هو المديني ولأبي ذر عن المستملي علي بن سلمة هو اللبقي بلام وموحدة مفتوحتين ثم قاف مكسورة خفيفة وبه جزم الكلاباذي والأكثرون بالأوّل قال: (حدّثنا شبابة) بفتح المعجمة والموحدتين المخففتين بينهما ألف ابن سوّار بفتح المهملة وتشديد الواو المدائني قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن قتادة) بن دعامة أنه (قال: سمعت عقبة بن صهبان) بضم الصاد المهملة وسكون الهاء وبعد الموحدة ألف فنون الأزدي البصري (عن عبد الله بن مغفل) بضم الميم وفتح الغين المعجمة والفاء المشددة (المزني) بالميم المضمومة والزاي المفتوحة والنون المكسورة (ممن) ولغير أبي ذر أني ممن (شهد الشجرة نهى النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- عن الخذف) بفتح الخاء المعجية وسكون الدال المعجمة وبالفاء وهو الرمي بالحصى من الأصبعين.
- وعن عقبة بن صهبان، قال: سمعت عبد اللّه بن المغفّل المزنيّ في البول في المغتسل.
(وعن عقبة بن صهبان) بالسند السابق أنه (قال: سمعت عبد الله بن المغفل) بالتعريف ولأبي ذر مغفل (المزني في البول في المغتسل) بفتح السين اسم لموضع الاغتسال زاد أبو ذر عن الحموي والأصيلي فيما ذكره في الفتح وغيره يأخذ منه الوسواس وعند النسائي والترمذي وابن ماجة مرفوعًا نهى أن يبول الرجل في مستحمه، وقال: إن عامة الوسواس منه. وقال الترمذي: غريب. وقال الحاكم على شرط الشيخين ولم يخرجاه وقد أورد المؤلّف الحديث الموقوف لبيان التصريح بسماع ابن صهبان من ابن مغفل والمرفوع الأول لقوله إني ممن شهد الشجرة لمطابقة الترجمة.
- حدّثني محمّد بن الوليد، حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، حدّثنا شعبة عن خالدٍ عن أبي قلابة عن ثابت بن الضّحّاك -رضي الله عنه-، وكان من أصحاب الشّجرة.
وبه قال: (حدّثنا) ولغير أبي ذر حدّثني بالإفراد (محمد بن الوليد) بن عبد الحميد البسري بالموحدة المضمومة والمهملة الساكنة القرشي أبو عبد الله البصري من ولد بسر بن أرطأة وقول العيني كالكرماني البشري بالموحدة والمعجمة سهو وإنما هو بالمهملة قال (حدّثنا محمد بن جعفر) غندر قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن خالد) الحذاء (عن أبي قلابة) بكسر القاف عبد بن زيد (عن ثابت بن الضحاك) الأشهلي (-رضي الله عنه- وكان من أصحاب الشجرة) لم يذكر المتن بل اقتصر على المحتاج منه وفي المغازي من طريق أخرى عن أبي قلابة أن ثابت بن الضحاك أخبره أنه بايع النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- تحت الشجرة). [إرشاد الساري: 7/348-349]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (باب {إذ يبايعونك تحت الشجرة}
قوله: (تحت الشجرة) هي: سمرة، وقيل: سدرة والسمرة واحدة السمر بضم الميم فيهما ضرب من شجر الطلح، وهو شجرة عظام من شجر عظام العضاه، والعضاه: كل شجر يعظم، وله شوك، قاله الجوهري. قال: والطلح لغة في الطلع.
قوله: (الخذف): بفتح الخاء، وسكون الذال المعجمتين: الرمي بالحصى بين الإبهام والسبابة، أو غيرها اهـ شيخ الإسلام). [حاشية السندي على البخاري: 3/70]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشّجرة}
- أخبرنا عليّ بن الحسين، حدّثنا أميّة، عن شعبة، عن عمرو بن مرّة، وحصينٍ، عن سالم بن أبي الجعد، قال: " سألت جابر بن عبد الله: كم كنتم يوم الشّجرة؟، قال: ألفًا وخمسمائةٍ
- أخبرنا محمّد بن منصورٍ، حدّثنا سفيان، عن عمرٍو، قال: سمعت جابرًا، يقول: كنّا يوم الحديبية ألفًا وأربعمائةٍ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أنتم اليوم خير أهل الأرض»
- أخبرنا قتيبة بن سعيدٍ، حدّثنا اللّيث، عن أبي الزّبير، عن جابرٍ، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا يدخل النّار أحدٌ بايع تحت الشّجرة»
- أخبرنا قتيبة بن سعيدٍ، حدّثنا اللّيث، عن أبي الزّبير، عن جابر بن عبد الله، قال: «كنّا يوم الحديبية ألفًا وأربعمائةٍ، فبايعناه وعمر آخذٌ بيده تحت الشّجرة، وهي سمرةٌ، وقد بايعناه على ألّا نفرّ، ولم نبايعه على الموت»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/264-265]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {لقد رضي اللّه عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشّجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السّكينة عليهم وأثابهم فتحًا قريبًا (18) ومغانم كثيرةً يأخذونها وكان اللّه عزيزًا حكيمًا}.
يقول تعالى ذكره: لقد رضي اللّه يا محمّد عن المؤمنين {إذ يبايعونك تحت الشّجرة} يعني بيعة أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ورسول اللّه بالحديبية حين بايعوه على مناجزة قريشٍ الحرب، وعلى أن لا يفرّوا، ولا يولّوهم الدّبر تحت الشّجرة، وكانت بيعتهم إيّاه هنالك فيما ذكر تحت شجرةٍ.
وكان سبب هذه البيعة ما قيل: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان أرسل عثمان بن عفّان رضي اللّه عنه برسالته إلى الملإ من قريشٍ، فأبطأ عثمان عليه بعض الإبطاء، فظنّ أنّه قد قتل، فدعا أصحابه إلى تجديد البيعة على حربهم على ما وصفت، فبايعوه على ذلك، وهذه البيعة الّتي تسمّى بيعة الرّضوان، وكان الّذين بايعوه هذه البيعة فيما ذكر في قول بعضهم: ألفًا وأربع مئةٍ، وفي قول بعضهم: ألفًا وخمس مائةٍ، وفي قول بعضهم: ألفًا وثلاث مئةٍ.
ذكر الرّواية بما وصفنا من سبب هذه البيعة:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، قال: ثني بعض أهل العلم أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم دعا خراش بن أميّة الخزاعيّ، فبعثه إلى قريشٍ بمكّة، وحمله على جملٍ له يقال له الثّعلب، ليبلّغ أشرافهم عنه ما جاء له، وذلك حين نزل الحديبية، فعقروا به جمل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وأرادوا قتله، فمنعه الأحابيش فخلّوا سبيله، حتّى أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
- قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: فحدّثني من لا أتّهم، عن عكرمة، مولى ابن عبّاسٍ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم دعا عمر بن الخطّاب ليبعثه إلى مكّة، فيبلّغ عنه أشراف قريشٍ ما جاء له، فقال: يا رسول اللّه إنّي أخاف قريشًا على نفسي، وليس بمكّة من بني عديّ بن كعبٍ أحدٌ يمنعني، وقد عرفت قريشٌ عداوتي إيّاها، وغلظتي عليهم، ولكنّي أدلّك على رجلٍ هو أعزّ بها منّي عثمان بن عفّان، فدعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عثمان، فبعثه إلى أبي سفيان وأشراف قريشٍ يخبرهم أنّه لم يأت لحربٍ، وإنّما جاء زائرًا لهذا البيت، معظّمًا لحرمته، فخرج عثمان إلى مكّة، فلقيه أبان بن سعيد بن العاص حين دخل مكّة أو قبل أن يدخلها، فنزل عن دابّته، فحمله بين يديه، ثمّ ردفه وأجاره حتّى بلّغ رسالة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فانطلق عثمان حتّى أتى أبا سفيان وعظماء قريشٍ، فبلّغهم عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما أرسله به، فقالوا لعثمان حين فرغ من رسالة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إن شئت أن تطوف بالبيت فطف به، قال: ما كنت لأفعل حتّى يطوف به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فاحتبسته قريشٌ عندها، فبلغ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم والمسلمين أنّ عثمان قد قتل.
- قال: حدّثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، قال: فحدّثني عبد اللّه بن أبي بكرٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حين بلغه أنّ عثمان قد قتل، قال: لا نبرح حتّى نناجز القوم، ودعا النّاس إلى البيعة، فكانت بيعة الرّضوان تحت الشّجرة، فكان النّاس يقولون: بايعهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على الموت فكان جابر بن عبد اللّه يقول: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لم يبايعنا على الموت، ولكنّه بايعنا على أن لا نفرّ، فبايع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم النّاس، ولم يتخلّف عنه أحدٌ من المسلمين حضرها إلاّ الجدّ بن قيسٍ أخو بني سلمة، كان جابر بن عبد اللّه يقول: لكأنّي أنظر إليه لاصقًا بإبط ناقته، قد اختبأ إليها، يستتر بها من النّاس، ثمّ أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّ الّذي ذكر من أمر عثمان باطلٌ.
- حدّثنا محمّد بن عمارة الأسديّ، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، قال: أخبرنا موسى بن عبيدة، عن إياس بن سلمة، قال: قال سلمة: بينما نحن قائلون زمن الحديبية، نادى منادي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أيّها النّاس البيعة البيعة، نزل روح القدس صلوات اللّه عليه، قال: فثرنا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وهو تحت شجرة سمرةٍ، قال: فبايعناه، وذلك قول اللّه: {لقد رضي اللّه عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشّجرة}.
- حدّثنا عبد الحميد بن بيانٍ السّكّريّ، قال: حدّثنا محمّد بن يزيد، عن إسماعيل، عن عامرٍ، قال: كان أوّل من بايع بيعة الرّضوان رجلٌ من بني أسدٍ يقال له أبو سنان بن وهبٍ.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا يحيى بن حمّادٍ، قال: حدّثنا همّامٌ، عن قتادة، عن سعيد بن المسيّب، قال: كان جدّي يقال له حزنٌ، وكان ممّن بايع تحت الشّجرة، فأتيناها من قابلٍ، فعمّيت علينا.
- ثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشجّ، أنّه بلغه أنّ النّاس، بايعوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على الموت، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: على ما استطعتم والشّجرة الّتي بويع تحتها بفجٍّ نحو مكّة، وزعموا أنّ عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه مرّ بذلك المكان بعد أن ذهبت الشّجرة، فقال: أين كانت، فجعل بعضهم يقول هنا، وبعضهم يقول: ههنا، فلمّا كثر اختلافهم قال: سيروا هذا التّكلّف فذهبت الشّجرة وكانت سمرةً إمّا ذهب بها سيلٌ، وإمّا شيءٌ سوى ذلك.
ذكر عدد الّذين بايعوا هذه البيعة.
وقد ذكرنا اختلاف المختلفين في عددهم، ونذكر الرّوايات عن قائلي المقالات الّتي ذكرناها إن شاء اللّه تعالى.
ذكر من قال: عددهم ألفٌ وأربعمائةٍ:
- حدّثني يحيى بن إبراهيم المسعوديّ، قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابرٍ، قال: كنّا يوم الحديبية ألفًا وأربعمائةٍ، فبايعنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على أن لا نفرّ، ولم نبايعه على الموت، قال: فبايعناه كلّنا إلاّ الجدّ بن قيسٍ اختبأ تحت إبط ناقته.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، أخبرني القاسم بن عبد اللّه بن عمر، عن محمّد بن المنكدر، عن جابر بن عبد اللّه، أنّهم كانوا يوم الحديبية أربع عشرة مئةً، فبايعنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وعمر آخذٌ بيده تحت الشّجرة، وهي سمرةٌ، فبايعنا غير الجدّ بن قيسٍ الأنصاريّ، اختبأ تحت إبط بعيره قال جابرٌ: بايعنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على أن لا نفرّ ولم نبايعه على الموت.
- حدّثنا يوسف بن موسى القطّان، قال: حدّثنا هشام بن عبد الملك وسعيد بن شرحبيل المصريّ، قالا: حدّثنا ليث بن سعدٍ المصريّ قال: حدّثنا أبو الزّبير، عن جابرٍ، قال: كنّا يوم الحديبية ألفًا وأربعمائةٍ، فبايعناه وعمر آخذٌ بيده تحت الشّجرة وهي سمرةٌ، فبايعناه على أن لا نفرّ، ولم نبايعه على الموت، يعني النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، وابن المثنّى، قالا: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن سعيدٍ، عن قتادة، عن سعيد بن المسيّب، أنّه قيل له: إنّ جابر بن عبد اللّه يقول: إنّ أصحاب الشّجرة كانوا ألفًا وخمسمائةٍ. قال سعيدٌ: نسي جابرٌ هو قال لي كانوا ألفًا وأربعمائةٍ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: ثني محمّد بن إسحاق، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابرٍ قال: كنّا أصحاب الحديبية أربع عشرة مئةٍ.
ذكر من قال: كان عدّتهم ألفًا وخمس مئةٍ وخمسةً وعشرين:
- حدّثنا محمّد بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمّي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، {لقد رضي اللّه عن المؤمنين، إذ يبايعونك تحت الشّجرة} قال: كان أهل البيعة تحت الشّجرة ألفًا وخمس مئةٍ وخمسةً وعشرين.
- حدّثني بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: الّذين بايعوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تحت الشّجرة، فجعلت لهم مغانم خيبر كانوا يومئذٍ خمس عشرة مئةٍ، وبايعوا على أن لا يفرّوا عنه.
ذكر من قال: كانوا ألفًا وثلاث مئةٍ:
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا أبو داود، قال: حدّثنا شعبة، عن عمرو بن مرّة، قال: سمعت عبد اللّه بن أبي أوفى، يقول: كنّا يوم الشّجرة ألفًا وثلاث مئةٍ، وكانت أسلم يومئذٍ ثمن المهاجرين.
وقوله: {فعلم ما في قلوبهم} يقول تعالى ذكره: فعلم ربّك يا محمّد ما في قلوب المؤمنين من أصحابك إذ يبايعونك تحت الشّجرة، من صدق النّيّة، والوفاء بما يبايعونك عليه، والصّبر معك {فأنزل السّكينة عليهم} يقول: فأنزل الطّمأنينة، والثّبات على ما هم عليه من دينهم وحسن بصيرتهم بالحقّ الّذي هداهم اللّه له.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {فعلم ما في قلوبهم فأنزل السّكينة عليهم} أي الصّبر والوقار.
وقوله: {وأثابهم فتحًا قريبًا} يقول: وعوّضهم في العاجل ممّا رجوا الظّفر به من غنائم أهل مكّة بقتالهم أهلها فتحًا قريبًا، وذلك فيما قيل: فتح خيبر.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، {وأثابهم فتحًا قريبًا} قال: خيبر.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {وأثابهم فتحًا قريبًا} وهي خيبر.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، قوله: {وأثابهم فتحًا قريبًا} قال: بلغني أنّها خيبر). [جامع البيان: 21/271-278]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أما قوله تعالى: {لقد رضي الله عن المؤمنين}
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: بينا نحن قائلون إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيها الناس البيعة البيعة نزل روح القدس فثرنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو تحت شجرة سمرة فبايعناه فذلك قول الله تعالى: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة} فبايع لعثمان رضي الله عنه إحدى يديه على الأخرى فقال الناس: هنيئا لابن عفان رضي الله عنه يطوف بالبيت ونحن ههنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو مكث كذا وكذا سنة ما طاف حتى أطوف). [الدر المنثور: 13/478]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري، وابن مردويه عن طارق بن عبد الرحمن رضي الله عنه قال: انطلقت حاجا فمررت بقوم يصلون فقلت: ما هذا المسجد قالوا: هذه الشجرة حيث بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان، فأتيت سعيد بن المسيب رضي الله عنه فأخبرته فقال سعيد: حدثني أبي أنه كان فيمن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة فلما خرجنا من العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها فقال سعيد رضي الله عنه: إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعلموها وعلمتموها أنتم فأنتم أعلم). [الدر المنثور: 13/478-479]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن نافع رضي الله عنه قال: بلغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن ناسا يأتون الشجرة التي بويع تحتها فأمر بها فقطعت). [الدر المنثور: 13/479]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري، وابن مردويه عن قتادة رضي الله عنه قال: قلت لسعيد بن المسيب: كم كان الذين شهدوا بيعة الرضوان قال: خمس عشرة مائة قلت: فإن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: كانوا أربع عشرة مائة، قال: يرحمه الله وهم هو حدثني أنهم كانوا خمس عشرة مائة). [الدر المنثور: 13/479]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري ومسلم، وابن جرير، وابن مردويه عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: كان أصحاب الشجرة ألفا وثلثمائة). [الدر المنثور: 13/479]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور والبخاري ومسلم، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنتم خير أهل الأرض). [الدر المنثور: 13/479]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن سعيد بن المسيب والبخاري ومسلم، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنتم خير أهل الأرض). [الدر المنثور: 13/480]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن سعيد بن المسيب عن أبيه رضي الله عنه قال: كنا مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة ألفا وأربعمائة). [الدر المنثور: 13/480]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة قيل: على أي شيء كنتم تبايعون قال: على الموت). [الدر المنثور: 13/480]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن عروة رضي الله عنه قال: لما نزل النّبيّ صلى الله عليه وسلم الحديبية فزعت قريش لنزوله عليهم فأحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليهم رجلا من أصحابه فدعا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليبعثه إليهم فقال: يا رسول الله إني لا آمن وليس بمكة أحد من بني كعب يغضب لي إن أوذيت فأرسل عثمان بن عفان فإن عشيرته بها وإنه يبلغ لك ما أردت، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان رضي الله عنه فأرسله إلى قريش وقال: أخبرهم أنا لم نأت لقتال وإنما جئنا عمارا وادعهم إلى الإسلام وأمره أن يأتي رجالا بمكة مؤمنين ونساء مؤمنات فيدخل عليهم ويبشرهم بالفتح.
ويخبرهم أن الله وشيك أن يظهر دينه بمكة حتى لا يستخفى فيها بالإيمان فانطلق عثمان رضي الله عنه إلى قريش فأخبرهم فارتهنه المشركون ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البيعة ونادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا إن روح القدس قد نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره بالبيعة فاخرجوا على اسم الله فبايعوه فثار المسلمون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو تحت الشجرة فبايعوه على أن لا يفروا أبدا فرعبهم الله فأرسلوا من كانوا ارتهنوا من المسلمين ودعوا إلى الموادعة والصلح). [الدر المنثور: 13/480-481]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج مسلم، وابن جرير، وابن مردويه، عن جابر رضي الله عنه قال: كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة فبايعناه وعمر رضي الله عنه آخذ بيده تحت الشجرة وهي سمرة وقال: بايعناه على أن لا نفر ولم نبايعه على الموت). [الدر المنثور: 13/481]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد ومسلم، وابن مردويه عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: لقد رأيتني يوم الشجرة والنبي صلى الله عليه وسلم يبايع الناس وأنا رافع غصنا من أغصانها عن رأسه ونحن أربع عشرة مائة ولم نبايعه على الموت ولكن بايعناه على أن لا نفر). [الدر المنثور: 13/481]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في الدلائل عن الشعبي قال: لما دعا النّبيّ صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة كان أول من انتهى إليه أبو سنان الأسدي فقال: ابسط يدك أبايعك فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: علام تبايعني قال: على ما في نفسك). [الدر المنثور: 13/481]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن أنس قال: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببيعة الرضوان كان عثمان بن عفان رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة فبايع الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم إن عثمان في حاجة الله وحاجة رسوله فضرب بإحدى يديه على الأخرى فكانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان خيرا من أيديهم لأنفسهم). [الدر المنثور: 13/481-482]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، عن جابر ومسلم عن أم بشر عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة). [الدر المنثور: 13/482]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم} قال: إنما أنزلت السكينة على من علم منه الوفاء). [الدر المنثور: 13/482]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر والبيهقي عن عبد الرحمن بن أبي أوفى في قوله {وأثابهم فتحا قريبا} قال: خيبر). [الدر المنثور: 13/482]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم} قال: الوقار والصبر وهم الذين بايعوا زمان الحديبية وكانت الشجرة فيما ذكر لنا سمرة بايع النّبيّ صلى الله عليه وسلم أصحابه تحتها وكانوا يومئذ خمس عشرة مائة فبايعوه على أن لا يفروا ولم يبايعوه على الموت {وأثابهم فتحا قريبا ومغانم كثيرة} قال: هي مغانم خيبر وكانت عقارا ومالا فقسمها نبي الله بين أصحابه). [الدر المنثور: 13/483]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله {لقد رضي الله عن المؤمنين} قال: كان أهل البيعة تحت الشجرة ألفا وخمسمائة وخمسا وعشرين). [الدر المنثور: 13/483]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه، وابن عساكر عن أبي أمامة الباهلي قال: لما نزلت {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة} قال: يا أبا أمامة أنت مني وأنا منك). [الدر المنثور: 13/484]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن عكرمة {وأثابهم فتحا قريبا} قال: خيبر حيث رجعوا من صلح الحديبية). [الدر المنثور: 13/484]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي {وأثابهم فتحا قريبا} قال: فتح خيبر). [الدر المنثور: 13/484]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية إلى المدينة حتى إذا كان بين المدينة ومكة نزلت عليه سورة الفتح فقال: {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} إلى قوله {عزيزا} ثم ذكر الله الأعراب ومخالفتهم للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: {سيقول لك المخلفون من الأعراب} إلى قوله {خبيرا} ثم قال للأعراب {بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون} إلى قوله {سعيرا} ثم ذكر البيعة فقال: {لقد رضي الله عن المؤمنين} إلى قوله {وأثابهم فتحا قريبا} لفتح الحديبية). [الدر المنثور: 13/483] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (19) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ومغانم كثيرةً يأخذونها} يقول تعالى ذكره: وأثاب اللّه هؤلاء الّذين بايعوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تحت الشّجرة، مع ما أكرمهم به من رضاه عنهم، وإنزاله السّكينة عليهم، وإثابته إيّاهم فتحًا قريبًا، معه مغانم كثيرةٌ يأخذونها من أموال يهود خيبر، فإنّ اللّه جعل ذلك خاصّةً لأهل بيعة الرّضوان دون غيرهم.
وقوله: {وكان اللّه عزيزًا حكيمًا} يقول: وكان اللّه ذا عزّةٍ في انتقامه ممّن انتقم من أعدائه، حكيمًا في تدبيره خلقه وتصريفه إيّاهم فيما شاء من قضائه). [جامع البيان: 21/279]

تفسير قوله تعالى: (وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (20) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله فعجل لكم هذه وكف أيدي الناس عنكم قال كف أيدي الناس عن عيالهم بالمدينة وقال ولتكون آية للمؤمنين يقول ذلك آية للمؤمنين كف أيدي الناس عن عيالهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/227]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول اللّه عزّ وجلّ: {فعجّل لكم هذه} قال: يقال أيضًا خيبر، ويقال أيضًا: فدك). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 120]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وعدكم اللّه مغانم كثيرةً تأخذونها فعجّل لكم هذه وكفّ أيدي النّاس عنكم ولتكون آيةً لّلمؤمنين ويهديكم صراطًا مّستقيمًا (20) وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط اللّه بها وكان اللّه على كلّ شيءٍ قديرًا}.
يقول تعالى ذكره لأهل بيعة الرّضوان: {وعدكم اللّه} أيّها القوم {مغانم كثيرةً تأخذونها}.
اختلف أهل التّأويل في هذه المغانم الّتي ذكر اللّه أنّه وعدها هؤلاء القوم أيّ المغانم هي، فقال بعضهم: هي كلّ مغنمٍ غنمها اللّه المؤمنين به من أموال أهل الشّرك من لدن أنزل هذه الآية على لسان نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وعدكم اللّه مغانم كثيرةً تأخذونها} قال: المغانم الكثيرة الّتي وعدوا: ما يأخذون حتّى اليوم.
وعلى هذا التّأويل يحتمل الكلام أن يكون مرادًا بالمغانم الثّانية المغانم الأولى، ويكون معناه عند ذلك، فأثابهم فتحًا قريبًا، ومغانم كثيرةً يأخذونها، وعدكم اللّه أيّها القوم هذه المغانم الّتي تأخذونها، وأنتم إليها واصلون عدةً، فجعل لكم الفتح القريب من فتح خيبر ويحتمل أن تكون الثّانية غير الأولى، وتكون الأولى من غنائم خيبر، والغنائم الثّانية الّتي وعدهموها من غنائم سائر أهل الشّرك سواهم.
وقال آخرون: هذه المغانم الّتي وعد اللّه هؤلاء القوم هي مغانم خيبر.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وعدكم اللّه مغانم كثيرةً تأخذونها} قال: يوم خيبر، قال: كان أبي يقول ذلك.
وقوله: {فعجّل لكم هذه} اختلف أهل التّأويل في الّتي عجّلت لهم، فقال جماعةٌ: غنائم خيبر والمؤخّرة سائر فتوح المسلمين بعد ذلك الوقت إلى قيام السّاعة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {فعجّل لكم هذه} قال: عجّل لكم خيبر.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فعجّل لكم هذه} وهي خيبر.
وقال آخرون: بل عنى بذلك الصلح الّذي كان بين رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وبين قريشٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمّي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، {فعجّل لكم هذه} قال: الصّلح.
وأولى الأقوال في تأويل ذلك بالصّواب ما قاله مجاهدٌ، وهو أنّ الّذي أثابهم اللّه من مسيرهم ذلك مع الفتح القريب المغانم الكثيرة من مغانم خيبر، وذلك أنّ المسلمين لم يغنموا بعد الحديبية غنيمةً، ولم يفتحوا فتحًا أقرب من بيعتهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بالحديبية إليها من فتح خيبر وغنائمها.
وأمّا قوله: {وعدكم اللّه مغانم كثيرةً} فهي سائر المغانم الّتي غنمهموها اللّه بعد خيبر، كغنائم هوازن، وغطفان، وفارس، والرّوم.
وإنّما قلنا ذلك كذلك دون غنائم خيبر، لأنّ اللّه أخبر أنّه عجّل لهم هذه الّتي أثابهم من مسيرهم الّذي ساروه مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى مكّة، ولمّا علم من صحّة نيّتهم في قتال أهلها، إذ بايعوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، على أن لا يفرّوا عنه، ولا شكّ أنّ الّتي عجّلت لهم غير الّتي لم تعجّل لهم.
وقوله: {وكفّ أيدي النّاس عنكم} يقول تعالى ذكره لأهل بيعة الرّضوان: وكفّ اللّه أيدي المشركين عنكم
ثمّ اختلف أهل التّأويل في الّذين كفّت أيديهم عنهم من هم؟ فقال بعضهم: هم اليهود كفّ اللّه أيديهم عن عيال الّذين ساروا من المدينة مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى مكّة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وكفّ أيدي النّاس عنكم} عن بيضتهم، وعن عيالهم بالمدينة حين ساروا إلى الحديبية وإلى خيبر، وكانت خيبر في ذلك الوجه.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {وكفّ أيدي النّاس عنكم} قال: كفّ أيدي النّاس عن عيالهم بالمدينة.
وقال آخرون: بل عنى بذلك أيدي قريشٍ إذ حبسهم اللّه عنهم، فلم يقدروا لهم على مكروهٍ.
والّذي قاله قتادة في ذلك عندي أشبه بتأويل الآية، وذلك أنّ كفّ اللّه أيدي المشركين من أهل مكّة عن أهل الحديبية قد ذكره اللّه بعد هذه الآية في قوله: {وهو الّذي كفّ أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكّة} فعلم بذلك أنّ الكفّ الّذي ذكره اللّه تعالى في قوله: {وكفّ أيدي النّاس عنكم} غير الكفّ الّذي ذكر اللّه بعد هذه الآية في قوله: {وهو الّذي كفّ أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكّة}.
وقوله: {ولتكون آيةً للمؤمنين} يقول: وليكون كفّه تعالى ذكره أيديهم عن عيالهم آيةً وعبرةً للمؤمنين به فيعلموا أنّ اللّه هو المتولّي حياطتهم وكلاءتهم في مشهدهم ومغيبهم، ويتّقوا اللّه في أنفسهم وأموالهم وأهليهم بالحفظ وحسن الولاية ما كانوا مقيمين على طاعته، منتهين إلى أمره ونهيه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {ولتكون آيةً للمؤمنين} يقول: وذلك آيةٌ للمؤمنين، كفّ أيدي النّاس عن عيالهم.
{ويهديكم صراطًا مستقيمًا} يقول: ويسدّدكم أيّها المؤمنون طريقًا واضحًا لا اعوجاج فيه، فيبيّنه لكم، وهو أن تثقوا في أموركم كلّها بربّكم، فتتوكّلوا عليه في جميعها، ليحوطكم حياطته إيّاكم في مسيركم إلى مكّة مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في أنفسكم وأهليكم وأموالكم، فقد رأيتم أثر فعل اللّه بكم، إذ وثقتم به في مسيركم هذا). [جامع البيان: 21/279-283]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق وأبو داود في مراسيله عن الزهري قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقسم لغائب في مقسم لم يشهده إلا يوم خيبر قسم لغيب أهل الحديبية من أجل أن الله كان أعطى أهل خيبر المسلمين من أهل الحديبية فقال {وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه} وكانت لأهل الحديبية من شهد منهم ومن غاب). [الدر المنثور: 13/482]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد {وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها} قال: المغانم الكثيرة التي وعدوا ما يأخذون حتى اليوم {فعجل لكم هذه} قال: عجلت لهم خيبر). [الدر المنثور: 13/484]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس {وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه} يعني الفتح). [الدر المنثور: 13/484]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس {وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه} يعني خيبر {وكف أيدي الناس عنكم} يعني أهل مكة أن يستحلوا ما حرم الله أو يستحل بكم وأنتم حرم {ولتكون آية للمؤمنين} قال: سنة لمن بعدكم). [الدر المنثور: 13/484-485]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن مروان والمسور بن مخرمة قالا: انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية فنزلت عليه سورة الفتح فيما بين مكة والمدينة فأعطاه الله فيها خيبر {وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه} خيبر فقدم النّبيّ صلى الله عليه وسلم المدينة في ذي الحجة فقام بها حتى سار إلى خيبر في المحرم فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرجيع واد بين غطفان وخيبر فتخوف أن تمدهم غطفان فبات به حتى أصبح فغدا عليهم). [الدر المنثور: 13/485]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة {فعجل لكم هذه} قال: خيبر {وكف أيدي الناس عنكم} قال: عن بيضتهم وعن عيالهم بالمدينة حين ساروا عن المدينة إلى خيبر). [الدر المنثور: 13/485]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن عطية {فعجل لكم هذه} قال: فتح خيبر). [الدر المنثور: 13/485]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن علي، وابن عباس قالا في قوله تعالى: {وعدكم الله مغانم كثيرة} فتوح من لدن خيبر {تأخذونها} تلونها وتغنمون ما فيها {فعجل لكم} من ذلك خيبر {وكف أيدي الناس} قريشا {عنكم} بالصلح يوم الحديبية {ولتكون آية للمؤمنين} شاهدا على ما بعدها ودليلا على إنجازها {وأخرى لم تقدروا عليها} على علم وفيها أقسمها بينكم فارس والروم {قد أحاط الله بها} قضى الله بها أنها لكم). [الدر المنثور: 13/487]

تفسير قوله تعالى: (وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (21) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني شبيب عن شعبة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال في هذه الآية: {وأخرى لم تقدروا عليها}، فارس والروم.
وقال في هذه الآية: {وأثابهم فتحا قريبا}، قال: خيبر). [الجامع في علوم القرآن: 2/29]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله وأخرى لم تقدروا عليها قال بلغنا أنها مكة). [تفسير عبد الرزاق: 2/227]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط اللّه بها} يقول تعالى ذكره ووعدكم أيّها القوم ربّكم فتح بلدةٍ أخرى لم تقدروا على فتحها، قد أحاط اللّه بها لكم حتّى يفتحها لكم.
واختلف أهل التّأويل في هذه البلدة الأخرى، والقرية الأخرى الّتي وعدهم فتحها، الّتي أخبرهم أنّه محيطٌ بها، فقال بعضهم: هي أرض فارس والرّوم، وما يفتحه المسلمون من البلاد إلى قيام السّاعة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، قال: حدّثنا شعبة، عن سماكٍ الحنفيّ، قال: سمعت ابن عبّاسٍ، يقول: {وأخرى لم تقدروا عليها} فارس والرّوم.
- قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، أنّه قال في هذه الآية: {وأخرى لم تقدروا عليها} قال: فارس والرّوم.
- حدّثني موسى بن عبد الرّحمن المسروقيّ، قال: حدّثنا زيد بن حبابٍ، قال: حدّثنا شعبة بن الحجّاج، عن الحكم، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط اللّه بها} قال: حدّث عن الحسن، قال: هي فارس والرّوم.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وأخرى لم تقدروا عليها} ما فتحوا حتّى اليوم.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن الحكم، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، في قوله: {وأخرى لم تقدروا عليها} قال: فارس والرّوم.
وقال آخرون: بل هي خيبر.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمّي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، {وأخرى لم تقدروا عليها} الآية، قال: هي خيبر.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط اللّه بها} يعني خيبر، بعثهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يومئذٍ، فقال: لا تمثّلوا ولا تغلّوا، ولا تقتلوا وليدًا.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط اللّه بها} قال: خيبر، قال: لم يكونوا يذكرونها ولا يرجونها حتّى أخبرهم اللّه بها.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، {وأخرى لم تقدروا عليها} يعني أهل خيبر.
وقال آخرون: بل هي مكّة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط اللّه بها} كنّا نحدّث أنّها مكّة.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة {وأخرى لم تقدروا عليها} قال: بلغنا أنّها مكّة.
وهذا القول الّذي قاله قتادة أشبه بما دلّ عليه ظاهر التّنزيل، وذلك أنّ اللّه أخبر هؤلاء الّذين بايعوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تحت الشّجرة، أنّه محيطٌ بقريةٍ لم يقدروا عليها، ومعقولٌ أنّه لا يقال لقومٍ لم يقدروا على هذه المدينة، إلاّ أن يكونوا قد راموها فتعذّرت عليهم، فأمّا وهم لم يروموها فتتعذّر عليهم فلا يقال: إنّهم لم يقدروا عليها.
فإذ كان ذلك كذلك، وكان معلومًا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لم يقصد قبل نزول هذه الآية عليه خيبر لحربٍ، ولا وجّه إليها لقتال أهلها جيشًا ولا سريّةً، علم أنّ المعنيّ بقوله: {وأخرى لم تقدروا عليها} غيرها، وأنّها هي الّتي قد عالجها ورامها، فتعذّرت فكانت مكّة وأهلها كذلك، وأخبر اللّه تعالى ذكره نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم والمؤمنين أنّه أحاط بها وبأهلها، وأنّه فاتحها عليهم، وكان اللّه على كلّ ما يشاء من الأشياء ذا قدرةٍ، لا يتعذّر عليه شيءٌ شاءه). [جامع البيان: 21/283-286]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس {وأخرى لم تقدروا عليها} قال: هذه الفتوح التي تفتح إلى اليوم). [الدر المنثور: 13/486]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن ابن عباس {قد أحاط الله بها} أنها ستكون لكم بمنزلة قوله أحاط الله بها علما أنها لكم). [الدر المنثور: 13/486]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الأسود الديلمي أن الزبير بن العوام لما قدم البصرة دخل بيت المال فإذا هو بصفراء وبيضاء فقال: يقول الله {وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه} {وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها} فقال: هذا لنا). [الدر المنثور: 13/486]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن علي، وابن عباس قالا في قوله تعالى: {وعدكم الله مغانم كثيرة} فتوح من لدن خيبر {تأخذونها} تلونها وتغنمون ما فيها {فعجل لكم} من ذلك خيبر {وكف أيدي الناس} قريشا {عنكم} بالصلح يوم الحديبية {ولتكون آية للمؤمنين} شاهدا على ما بعدها ودليلا على إنجازها {وأخرى لم تقدروا عليها} على علم وفيها أقسمها بينكم فارس والروم {قد أحاط الله بها} قضى الله بها أنها لكم). [الدر المنثور: 13/487] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر والبيهقي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى {وأخرى لم تقدروا عليها} قال: فارس والروم). [الدر المنثور: 13/487]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عطية {وأخرى لم تقدروا عليها} قال: فتح فارس). [الدر المنثور: 13/487]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن جويبر {وأخرى لم تقدروا عليها} قال: يزعمون أنها قرى عربية ويزعم آخرون أنها فارس والروم). [الدر المنثور: 13/487]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة {وأخرى لم تقدروا عليها} قال: بلغنا أنها مكة). [الدر المنثور: 13/488]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة {وأخرى لم تقدروا عليها} قال: يوم حنين). [الدر المنثور: 13/488]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس {وأخرى لم تقدروا عليها} قال: هي خيبر). [الدر المنثور: 13/488]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11 جمادى الآخرة 1434هـ/21-04-2013م, 04:57 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {تَحْتَ الشَّجَرَةِ ...} كانت سمرةً.
وقوله: {فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ...}.
كان النبي صلى الله عليه أري في منامه أنه يدخل مكة، فلما لم يتهيأ له ذلك، وصالح أهل مكة على أن يخلوها له ثلاثا من العام المقبل دخل المسلمين أمر عظيم، فقال لهم النبي صلى الله عليه: إنما كانت رؤيا أريتها، ولم تكون وحيا من السماء، فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم. والسكينة: الطمأنينة والوقار إلى ما أخبرهم به النبي صلى الله عليه: أنها إلى العام المقبل، وذلك قوله: {فعلم ما لم تعلموا} من خير تأويل الرؤيا). [معاني القرآن: 3/67]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} أي جازاهم بفتح قريب، {وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا}). [تفسير غريب القرآن: 412]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم أعلم عزّ وجلّ بخبر من أخلص نيّته فقال:
({لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18)}
أي علم أنهم مخلصون.
وجاء في التفسير أن الذين بايعوا تحت الشجرة كانوا ألفا وأربعمائة.
وقيل ألفا وخمسمائة، وقيل ألفا وثلاثمائة وكانوا بايعوا النبي - صلى الله عليه وسلم - على أن لا يولوّا في القتال ولا يهربوا، وسمّيت بيعة الرضوان لقوله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ } وكانت الشجرة سمرة.
{فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} قيل إنه فتح خيبر). [معاني القرآن: 5/25]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}[آية: 18]
قال جويبر بايعوا على أن لا يفروا
وقال قتادة كانوا ألفا وأربعمائة وكانت الشجرة سمرة
وقوله جل وعز: {فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} [آية: 18]
{فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ من الإخلاص}
{فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ} قال قتادة الصبر والوقار
{وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} قال ابن أبي ليلى خيبر). [معاني القرآن: 6/505-506]

تفسير قوله تعالى: (وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (19) )
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} أي جازاهم بفتح قريب،
{وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا}). [تفسير غريب القرآن: 412] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (20) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا ...} مما يكون بعد اليوم فعجل لكم هذه: خيبر.
وقوله: {وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ...}.
كانت أسد وغطفان مع أهل خيبر على رسول الله صلى الله عليه، فقصدهم النبي صلى الله عليه، فصالحوه، فكفوا، وخلّوا بينه وبين أهل خيبر، فذلك قوله: {وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ}). [معاني القرآن: 3/67]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ } أي عن عيالكم؛
[تفسير غريب القرآن: 412]
ليكون كف أيدي الناس - أهل مكة - عن عيالهم، {آَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ}). [تفسير غريب القرآن: 413]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( ({وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (19) وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (20)}
وهذا التكرير تكرير في الوعد، أي فعجّل هذه يعني خيبر.
( {وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ}).
[معاني القرآن: 5/25]
أي كف أيدي الناس عنكم لمّا خرجوا وخلفوا عيالهم بالمدينة حفظ اللّه عيالهم وبيضتهم، وقد همّت اليهود بهم فمنعهم اللّه ذلك). [معاني القرآن: 5/26]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: { وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ } [آية: 20]
قوله: {فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ} قال مجاهد يعني خيبر
ثم قال تعالى: {وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ} لأنهم خلفوا عيالاتهم فزعين عليهم فمنع الله منهم وكف أيدي الناس عنهم). [معاني القرآن: 6/506-507]

تفسير قوله تعالى: (وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (21) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا...}.
فارس ـ قد أحاط الله بها، أحاط لكم بها أن يفتحها لكم). [معاني القرآن: 3/67]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا}: مكة). [تفسير غريب القرآن: 413]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( ({وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (21)}
المعنى وعدكم اللّه مغانم أخرى {قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا}، قد علمها اللّه.
وهو ما يغنم المسلمون إلى أن لا يقاتلهم أحد). [معاني القرآن: 5/26]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا } [آية: 21]
روى شعبة عن سماك الحنفي قال سمعت ابن عباس يقول في قوله تعالى: {وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا} هي الفتوح التي فتحت لكم
وقال ابن أبي ليلى هي فارس والروم
وقال مجاهد هو ما يكون بعد إلى يوم القيامة
وقال قتادة هو فتح مكة). [معاني القرآن: 6/507]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11 جمادى الآخرة 1434هـ/21-04-2013م, 04:58 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]
تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب الأسماء التي يعمل بعضها في بعض وفيها معنى القسم
اعلم أن هذه الأسماء التي نذكرها لك، إنما دخلها معنى القسم لمعانٍ تشتمل عليها؛ كما أنك تقول: علم الله لأفعلن. ف علم فعل ماضٍ، والله عز وجل فاعله، فإعرابه كإعراب رزق الله إلا أنك إذا قلت: علم الله فقد استشهدت. فلذلك صار فيه معنى القسم، ألا ترى أنك تقول: غفر الله لزيد، فلفظه لفظ ما قد وقع، ومعناه: أسأل الله أن يغفر له. فلما علم السامع أنك غير مخبر عن الله بأنه فعل جاز أن يقع على ما ذكرناه، ولم يفهم عن قائله إلا على ذلك. فإن أخبر عن خبر صادق كان مجازه مجاز سائر الأخبار فقال: {لقد رضي الله عن المؤمنين}، وغفر الله لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فهذا مجازه. وكذلك: شهد الله لأفعلن؛ لأنه بمنزلة: علم الله). [المقتضب: 2/324]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 24 صفر 1440هـ/3-11-2018م, 08:26 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 24 صفر 1440هـ/3-11-2018م, 08:26 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 25 صفر 1440هـ/4-11-2018م, 03:35 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18) وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (19) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة} تشريف وإعلام برضاه عنهم حين البيعة، وبهذا سميت بيعة الرضوان، والرضى بمعنى الإرادة، فهو صفة ذات، ومن جعل "إذ" مسببة، بمعنى: لأنهم بايعوا تحت الشجرة جاز أن يجعل "رضي" بمعنى: إظهار النعم عليهم، بسبب بيعتهم، فالرضى - على هذا - صفة فعل، وقد تقدم القول في المبايعة ومعناها.
وكان سبب هذه المبايعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يبعث إلى مكة رجلا يبين لقريش أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يريد حربا وإنما جاء معتمرا، فبعث إليهم خراش بن أمية الخزاعي، وحمله على جمل يقال له: الثعلب، فلما كلمهم عقروا الجمل وأرادوا قتل خراش فمنعه الأحابيش، وبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأراد بعث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال عمر: يا رسول الله، إنك قد علمت فظاظتي على قريش، وهم يبغضونني، وليس هناك من بني عدي بن كعب من يحميني، ولكن ابعث عثمان بن عفان، فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب، فلقيه أبان بن سعيد بن العاص، فنزل عن دابته وحمله عليها، وأجاره حتى إذا جاء قريشا فأخبرهم، فقالوا له: إن شئت يا عثمان أن تطوف بالبيت فطف، وأما دخولكم علينا فلا سبيل إليه، فقال عثمان رضي الله عنه: ما كنت لأطوف به حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إن بني سعيد بن العاصي حبسوا عثمان على جهة المبرة، فأبطأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت الحديبية من مكة على عشرة أميال، فصرخ صارخ من عسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم: قتل عثمان، فحمي رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون وقالوا: لا نبرح إن كان هذا حتى نلقى القوم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البيعة، ونادى مناديه: أيها الناس، البيعة البيعة. نزل روح القدس، فما تخلف عن البيعة أحد ممن شهد الحديبية إلا الجد بن قيس المنافق، وحينئذ جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على يده، وقال: هذه يد عثمان، وهي خير من يد عثمان، ثم جاء عثمان رضي الله عنه بعد ذلك سالما، والشجرة سمرة كانت هنالك، ذهبت بعد سنين، فمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالموضع في خلافته فاختلف أصحابه في موضعها، فقال عمر رضي الله عنه سيروا، هذا التكلف.
وقوله تعالى: {فعلم ما في قلوبهم}، قال قوم: معناه: من كراهة البيعة على الموت ونحوه، وهذا ضعيف فيه مذمة للصحابة رضي الله عنهم، وقال الطبري، ومنذر بن سعيد: معناه: من الإيمان وصحته والحب في الدين والحرص عليه، وهذا قول حسن، لكنه من كانت هذه حاله فلا يحتاج إلى نزول ما يسكنه، أما أنه يحتمل أن يجازى بالسكينة والفتح القريب والمغانم، وقال آخرون: معناه: من الهم بالانصراف عن المشركين والأنفة في ذلك على نحو ما خاطب فيه عمر رضي الله عنه وغيره، وهذا تأويل حسن يترتب معه نزول السكينة والتعريض بالفتح القريب، والسكينة هنا تقرير قلوبهم وتذليلها لقبول أمر الله تعالى والصبر له. وقرأ الناس: "وأثابهم"، قال هارون: وقد قرئت: "وأتابهم" بالتاء بنقطتين.
و"الفتح القريب": خيبر، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف بالمؤمنين إلى المدينة وقد وعده الله بخيبر، وخرج إليها لم يلبث، قال أبو جعفر النحاس: وقد قيل: الفتح القريب: فتح مكة و"المغانم الكثيرة": فتح خيبر، وقرأ يعقوب في رواية رويس: "تأخذونها" على مخاطبتهم بالتاء من فوق، وقرأ الجمهور: "يأخذونها" على الغيبة.
واختلف في عدة المبايعين، فقيل: ألف وخمسمائة، قاله قتادة، وقيل: وأربعمائة، قاله جابر بن عبد الله، وقيل: وخمسمائة وخمسة وعشرون، قاله ابن عباس رضي الله عنهما، وقيل: وثلاثمائة، قاله ابن أبي أوفى، وقيل غير هذا مما ذكرناه من قبل، وأول من بايع في ذلك رجل من بني أسد يقال له: أبو سنان بن وهب، قاله الشعبي). [المحرر الوجيز: 7/ 678-680]

تفسير قوله تعالى: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (20) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وكف أيدي الناس عنكم ولتكون آية للمؤمنين ويهديكم صراطا مستقيما * وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها وكان الله على كل شيء قديرا * ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا * سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا * وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا}
قوله تعالى: {وعدكم الله} الآية، مخاطبة للمؤمنين ووعد بجميع المغانم التي أخذها المسلمون، ويأخذونها إلى يوم القيامة، قاله مجاهد وغيره، وقوله تعالى: {فعجل لكم هذه} يريد خيبر، وقال زيد بن أسلم وابنه: المغانم الكثيرة: خيبر، و"هذه" إشارة إلى البيعة والتخلص من أمر قريش، وقوله تعالى: {وكف أيدي الناس عنكم} يريد من ولي عورة المدينة بعد خروج النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين منها، وذلك أنه كان من أحياء العرب ومن اليهود من يعادي، وكانت قد أمكنتهم فرصة، فكفهم الله تعالى عن ذراري المسلمين وأموالهم، وهذه للمؤمنين العلامة على أن الله تعالى ينصرهم ويلطف بهم، قاله قتادة، وحكى الثعلبي أنه قال: كف الله تعالى غطفان عن النبي صلى الله عليه وسلم حين جاءوا لنصر أهل خيبر، وذكره النقاش، وقال الثعلبي أيضا عن بعضهم: إنه أراد كف قريش). [المحرر الوجيز: 7/ 680]

تفسير قوله تعالى: {وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (21) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وأخرى لم تقدروا عليها}، قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: الإشارة إلى بلاد فارس والروم، وقال الضحاك وابن زيد: الإشارة إلى خيبر، وقال قتادة والحسن: الإشارة إلى مكة، وهذا هو القول الذي يتسق معه المعنى ويتأيد، وقوله تعالى: {قد أحاط الله بها} معناه: بالقدرة والقهر لأهلها، أي: قد سبق في علمه ذلك وظهر فيها أنهم لم يقدروا عليها). [المحرر الوجيز: 7/ 680-681]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 26 صفر 1440هـ/5-11-2018م, 02:49 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 26 صفر 1440هـ/5-11-2018م, 02:51 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18) وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (19) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({لقد رضي اللّه عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشّجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السّكينة عليهم وأثابهم فتحًا قريبًا (18) ومغانم كثيرةً يأخذونها وكان اللّه عزيزًا حكيمًا (19) }
يخبر تعالى عن رضاه عن المؤمنين الّذين بايعوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تحت الشّجرة، وقد تقدّم ذكر عدّتهم، وأنّهم كانوا ألفًا وأربعمائةٍ، وأن الشجرة كانت سمرة بأرض الحديبية.
قال البخاريّ: حدّثنا محمودٌ، حدّثنا عبيد اللّه، عن إسرائيل، عن طارق بن عبد الرّحمن قال: انطلقت حاجًّا فمررت بقومٍ يصلّون، فقلت ما هذا المسجد؟ قالوا: هذه الشّجرة، حيث بايع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بيعة الرّضوان، فأتيت سعيد بن المسيّب فأخبرته، فقال سعيدٌ: حدّثني أبي أنّه كان فيمن بايع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تحت الشّجرة. قال: فلمّا خرجنا من العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها، فقال سعيدٌ: أنّ أصحاب محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم لم يعلموها وعلمتموها أنتم، فأنتم أعلم.
وقوله: {فعلم ما في قلوبهم} أي: من الصّدق والوفاء، والسّمع والطّاعة، {فأنزل السّكينة}: وهي الطّمأنينة، {عليهم وأثابهم فتحًا قريبًا}: وهو ما أجرى اللّه على أيديهم من الصّلح بينهم وبين أعدائهم، وما حصل بذلك من الخير العامّ المستمرّ المتّصل بفتح خيبر وفتح مكّة، ثمّ فتح سائر البلاد والأقاليم عليهم، وما حصل لهم من العزّ والنّصر والرّفعة في الدّنيا والآخرة؛ ولهذا قال: {ومغانم كثيرةً يأخذونها وكان اللّه عزيزًا حكيمًا}
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان، حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، أخبرنا موسى، أخبرنا موسى -يعني ابن عبيدة-حدّثني إياس بن سلمة، عن أبيه، قال: بينما نحن قائلون. إذ نادى منادي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أيّها النّاس، البيعة البيعة، نزل روح القدس. قال: فثرنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو تحت شجرة سمرةٍ فبايعناه، فذلك قول اللّه تعالى: {لقد رضي اللّه عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشّجرة} [قال]: فبايع لعثمان بإحد يديه على الأخرى، فقال النّاس: هنيئًا لابن عفّان، طوّف بالبيت ونحن هاهنا. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لو مكث كذا كذا سنةً ما طاف حتّى أطوف"). [تفسير ابن كثير: 7/ 339-340]

تفسير قوله تعالى: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (20) وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (21) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وعدكم اللّه مغانم كثيرةً تأخذونها فعجّل لكم هذه وكفّ أيدي النّاس عنكم ولتكون آيةً للمؤمنين ويهديكم صراطًا مستقيمًا (20) وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط اللّه بها وكان اللّه على كلّ شيءٍ قديرًا (21) ولو قاتلكم الّذين كفروا لولّوا الأدبار ثمّ لا يجدون وليًّا ولا نصيرًا (22) سنّة اللّه الّتي قد خلت من قبل ولن تجد لسنّة اللّه تبديلًا (23) وهو الّذي كفّ أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكّة من بعد أن أظفركم عليهم وكان اللّه بما تعملون بصيرًا (24) }
قال مجاهدٌ في قوله: {وعدكم اللّه مغانم كثيرةً تأخذونها}: هي جميع المغانم إلى اليوم، {فعجّل لكم هذه} يعني: فتح خيبر.
وروى العوفيّ عن ابن عبّاسٍ: {فعجّل لكم هذه} يعني: صلح الحديبية.
{وكفّ أيدي النّاس عنكم} أي: لم ينلكم سوءٌ ممّا كان أعداؤكم أضمروه لكم من المحاربة والقتال. وكذلك كفّ أيدي النّاس [عنكم] الّذين خلّفتموهم وراء أظهركم عن عيالكم وحريمكم، {ولتكون آيةً للمؤمنين} أي: يعتبرون بذلك، فإنّ اللّه حافظهم وناصرهم على سائر الأعداء، مع قلّة عددهم، وليعلموا بصنيع اللّه هذا بهم أنّه العليم بعواقب الأمور، وأنّ الخيرة فيما يختاره لعباده المؤمنين وإن كرهوه في الظّاهر، كما قال: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم} [البقرة: 216].
{ويهديكم صراطًا مستقيمًا} أي: بسبب انقيادكم لأمره واتّباعكم طاعته، وموافقتكم رسوله.
وقوله: {وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط اللّه بها وكان اللّه على كلّ شيءٍ قديرًا} أي: وغنيمةً أخرى وفتحًا آخر معيّنًا لم تكونوا تقدرون عليها، قد يسّرها اللّه عليكم، وأحاط بها لكم، فإنّه تعالى يرزق عباده المتّقين له من حيث لا يحتسبون.
وقد اختلف المفسّرون في هذه الغنيمة، ما المراد بها؟ فقال العوفي عن ابن عبّاسٍ: هي خيبر. وهذا على قوله في قوله تعالى: {فعجّل لكم هذه} إنّها صلح الحديبية. وقاله الضّحّاك، وابن إسحاق، وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم.
وقال قتادة: هي مكّة. واختاره ابن جريرٍ.
وقال ابن أبي ليلى، والحسن البصريّ: هي فارس والرّوم.
وقال مجاهدٌ: هي كلّ فتحٍ وغنيمةٍ إلى يوم القيامة.
وقال أبو داود الطّيالسيّ: حدّثنا شعبة، عن سماكٍ الحنفيّ، عن ابن عبّاسٍ: {وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط اللّه بها} قال: هذه الفتوح الّتي تفتح إلى اليوم). [تفسير ابن كثير: 7/ 340-341]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:31 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة