العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 01:54 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة التوبة
[ من الآية (38) إلى الآية (40) ]

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38) إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40) }


قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38)}

قوله تعالى: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39)}

قوله تعالى: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وكلمة اللّه هي العليا واللّه عزيزٌ حكيمٌ (40)
قرأ يعقوب وحده (وكلمة اللّه هي العليا) نصبًا.
[معاني القراءات وعللها: 1/453]
وقرأ الباقون (وكلمة اللّه هي العليا) رفعًا.
قال أبو منصور: من قرأ (وكلمة اللّه) نصبا فالمعنى: وجعل الله كلمته العليا.
وقال الفراء: لا أشتهي هذه القراءة؛ لظهور (الله)، لأنه إذا نصبها - والفعل فعله - كان أجود الكلام أن يقال: وكلمته هي العليا.
قال أبو منصور: القراءة بالرفع لأن القراء عليه، وهو في الكلام أوجه، و(كلمة اللّه) مرفوعة بالابتداء، وخبر الابتدا (هي العليا) سدّا معًا مسد الخبر). [معاني القراءات وعللها: 1/454]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قال عباس: سألت أبا عمرو وقرأ: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ}، قال أبو عمرو: وفيها قراءة أخرى لا ينصب الياء [ثانِي اثنين].
قال أبو الفتح: الذي يُعمل عليه في هذا أن يكون أراد: ثانيَ اثنين كقراءة الجماعة، إلا أنه أسكن الياء تشبيهًا لها بالألف. قال أبو العباس: هو من أحسن الضرورات، حتى لو جاء به إنسان في النثر كان مصيبًا.
فإن قيل: كيف تجيزه في القرآن وهو موضع اختيار لا اضطرار؟ قيل: قد كثر عنهم جدًّا، ألا ترى إلى قوله:
كأنَّ أيديهن بالقاع القَرِق ... أيدي عَذَارى يتعاطَيْن الورِق
[المحتسب: 1/289]
وقول الآخر:
حُدْبًا حدابير من الوَخْشَنَّ ... تركْن راعيهن مثلَ الشَّنّ
وقال رؤبة، أنشدَناه أبو علي:
سَوَّى مساحيهن تقطيطَ الْحُقَق ... تَفْليلُ ما قارعْن من سُمْر الطُّرَق
وقال الأعشى:
إذا كان هادي الفتى في البلا ... د صدرُ القناة أطاع الأميرا
وقد جاء عنهم في النثر قولهم: لا أكلمك حَيْرِي دهر، كذا يقول أصحابنا، ولي أنا فيه مذهب غير هذا؛ وهو أن يكون أراد حِيريّ دهر بالتشديد، ثم خفف الكلمة فحذف ياءها الثانية وقد كانت الأولى المدغمة فيها ساكنة، فأقرها على سكونها تلفتًا إلى الياء المحذوفة الثانية؛ لأنها في حكم الثبات كما صحح الآخَرُ الواو في العواور؛ لأنه إنما يريد العواوير، فلما حذف الياء وهي عنده في حكم الثبات أقر الواو على صحتها دلالة على أنه يريد الياء.
ومثله أيضًا ما جاء عنهم من تخفيف ياء لا سيما؛ وذلك أن السِّيّ فِعْل من سوّيت، وأصله سِوْي، فقلبت الواو ياء لسكونها مكسورًا ما قبلها، أو لوقوع الياء بعدها، أو لهما جميعًا، فلما حذفت الياء التي هي لام وانفتحت الياء بالتاء فتحة اللام عليها كان يجب أن يرجع واوًا
[المحتسب: 1/290]
لأنها عين، أو تصح كما صحت في عِوَض وحِوَل، وأن تقول: لا سِوَما زيد؛ لكنه أقرها على قلبها دلالة على أنه يريد سكونها ووقوع الياء بعدها، وإن شئت لأنها الآن قد وقعت طرفًا فضعفت، فهذا كله ونظائر له كثيرة ألغينا ذكرها؛ لئلا يمتد الكتاب باقتصاصها تشهد بأن يكون قولهم: لا أكلمك حِيرِي دهر، إنما أُسكنت ياؤه لإرادة التثقيل في حيرِيّ دهر، غير أن الجماعة تلقته على ظاهره.
وشواهد سكون هذه الياء في موضع النصب فاشٍ في الشعر، فإذا كثر هذه الكثرة وتقبَّله أبو العباس ذلك التقبل ساغ حمل تلك القراءة عليه.
يؤكد ذلك أيضًا أنك لو رُمت قطعه ورفعه على ابتداء؛ أي: هو ثاني اثنين؛ لتقطَّع الكلام، وفارقه مألوف السديد من النظام، وإنما المعنى: إلا تنصروه فقد نصره الله ثاني اثنين إذ هما في الغار، وقوله: {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} بدل من قوله جل وعز: {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} .
فإن قلت: فإن وقت إخراج الذين كفروا له قبل حصوله -صلى الله عليه وسلم- في الغار، فكيف يُبدَل منه وليس هو هو، ولا هو أيضًا بعضه، ولا هو أيضًا من بدل الاشتمال؟ ومعاذ الله أن يكون من بدل الغلط، قيل: إذا تقارب الزمانان وُضع أحدهما موضع صاحبه، ألا تراك تقول: شكرتك إذ أحسنت إلَيَّ، وإنما كان الشكر سببًا عن الإحسان، فزمان الإحسان قبل زمان الشكر، فأعملت شكرت في زمان لم يقع الشكر فيه.
ومن شرط الظرف العامل فيه الفعل أن يكون ذلك الفعل واقعًا في ذلك الزمان؛ كزرتك في يوم الجمعة، وجلست عندك يوم السبت؛ لكنه لما تجاور الزمانان وتقاربا جاز عمل الفعل في زمان لم يقع فيه لكنه قريب منه. وقد مر بنا هذا الحكم في المواضع أيضًا. قال زياد بن منقذ:
وهُمْ إذا الخيل جالوا في كواثبها ... فوارسُ الخيل ولا مِيلٌ ولا قَزَم
وإنما مقعد الفارس في صهوة الفرس لا في كاثبته؛ لأن المكانين لما تجاورا استُعمل أحدهما موضع الآخر، ألا ترى إلى قول النابغة:
إذا عرَّضوا الْخَطيّ فوق الكواثب
[المحتسب: 1/291]
ومحال أن يجلس الفارس موضع عرض الرمح من أدنى معرفة الفرس، فافهم بما ذكرنا ما مضى). [المحتسب: 1/292]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (10- {وكَلِمَةَ الله هِيَ العُلْيَا} [آية/ 40] بنصب {كَلِمَةَ}:
قرأها يعقوب وحده.
والوجه أن {كَلِمَةَ الله} معطوفة على المفعول الأول لجعل، وهو {كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا والتقدير: وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وجعل كلمة الله هي العليا، فـ {كَلِمَةَ الله} معطوفة على المفعول الأول، و{العُلْيَا} معطوفة على المفعول الثاني، و{هِيَ} فصل، يسميه الكوفيون عماداً.
وقرأ الباقون {وكَلِمَةُ الله} بالرفع.
والوجه أنه على الاستئناف، كأنه تم الكلام عند قوله {وجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى} ثم ابتدأ وقال {وكَلِمَةُ الله هِيَ العُلْيَا} على الابتداء والخبر، فـ {كَلِمَةُ الله} مبتدأ و{العُلْيَا} خبره، و{هِيَ} فصل.
ويجوز أن تكون {هِيَ} مبتدأ ثانيًا، و{العُلْيَا} خبره، والمبتدأ الثاني مع الخبر كلاهما خبر للمبتدأ الأول الذي هو {كَلِمَةُ الله}). [الموضح: 595]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 01:55 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة التوبة
[ من الآية (41) إلى الآية (45) ]

{ انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41) لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (42) عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ (43) لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (44) إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ (45) }


قوله تعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41)}

قوله تعالى: {لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (42)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الأعمش: [لَوُ اسْتَطَعْنَا] بضم الواو.
قال أبو الفتح: شبهت واو "لو" هذه بواو جماعة ضمير المذكرين، فضُمت كما تلك مضمومة في قول الله تعالى: {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ}، وكذلك شبهت واو الجمع هذه بواو "لو" فكُسرت؛ وذلك على من قرأ: [فَتَمَنَّوِا الْمَوْتَ]، و[الَّذِينَ اشْتَرَوِا الضَّلالَةَ].
وهناك قراءة أخرى: [اشتروَا الضلالة] بفتح الواو لالتقاء الساكنين، فلو قرأ قارئ متقدم: [لوَ استطعنا] بفتح الواو لكان محمولًا على قول من قال: [اشْتَرَوَا الضَّلالَةَ]، فأما الآن فلا عذر لأحد أن يرتجل قراءة وإن سوغتها العربية، من حيث كانت القراءة سُنة متَّبعة). [المحتسب: 1/292]

قوله تعالى: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ (43)}

قوله تعالى: {لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (44)}

قوله تعالى: {إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ (45)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 02:04 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة التوبة
[ من الآية (46) إلى الآية (48) ]

{وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (46) لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (47) لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ (48)}

قوله تعالى: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (46)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك ما رواه ابن وهب عن حرملة بن عمران أنه سمع محمد بن عبد الملك يقرأ: [لَأَعدُّوا له عُدَّهُ].
قال أبو الفتح: المستعمل في هذا المعنى العُدَّة بالتاء، ولم يمرر بنا في هذا الموضع العُدّ، إنما العُدّ: البَثْر يخرج في الوجه.
وطريقه أن يكون أراد: ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدته: أي تأَهبوا له، إلا أنه حذف تاء التأنيث وجعل هاء الضمير كالعوض منها. وهذا عندي أحسن مما ذهب إليه الفراء في معناه؛ وذلك أنه ذهب في قول الله تعالى: {وَإِقَامَ الصَّلاةِ} إلى أنه أراد: إقامة الصلاة، إلا أنه حذف هاء الإقامة لإضافة الاسم إلى الصلاة.
وإنما صار ما ذهبتُ إليه أقوى لأني أقمت الضمير والمجرور مُقام تاء التأنيث، والمضمر المجرور شديد الحاجة إلى ما جره من موضعين: أحدهما: حاجة المجرور إلى ما جره، ألا تراه لا يُفصل بينهما ولا يُقدم المجرور على ما جره؟ والآخر: أن المجرور في [عُدَّهُ] مضمر، والمضمر
[المحتسب: 1/292]
المجرور أضعف من المظهر المجرور للطف الضمير عن قيامه بنفسه، وليست الصلاة بمضمرة؛ فتضعف ضعف هاء [عُدَّهُ]، فبقدر ضعف الشيء وحاجته إلى ما قبله ما يكاد يُعتد جزءًا منه، فيَخلف جزءًا محذوفًا من جملته، فافهم ذلك.
وأما أصحابنا فعندهم أن الإقام مصدر أقمت كالإقامة، وليس مذهبنا فيه كما ظنه الفراء). [المحتسب: 1/293]

قوله تعالى: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (47)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن الزبير: [ولَأَرْقَصوا خِلالَكم].
قال أبو الفتح: هذا هو معنى القراءة المشهورة التي هي: {وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ}، يقال: وضع البعير يضع وأوضعته أنا أي: أسرعت به، وكذلك الرقْص والرقَص والرقَصان، يقال: رقص وأرقصته أنا، قال:
يا ليتني فيها جَذَعْ ... أَخُب فيها وأَضَعْ
كأَنني شاة صَدَعْ
وقال حسان:
بزجاجة رَقَصَت بما في دنِّها ... رقَصَ القَلوص براكب مستعجل
وفي الخبر: فإذا راكب يوضِع؛ أي: يحث راحلته. وقال جميل:
بماذا تردِّين امرأً جاء لا يرى ... كوُدِّكِ وُدًّا قد أَكلَّ وأوضعا
ولا يقال: رقص إلا للاعب أو للإبل، وشبهت الخمر بذلك). [المحتسب: 1/293]

قوله تعالى: {لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ (48)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 02:05 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة التوبة
[ من الآية (49) إلى الآية (52) ]

{ لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ (48) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (49) إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ (50) قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51) قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (52)}

قوله تعالى: {لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ (48)}

قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (49)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ولا تفتنّي ألا في الفتنة سقطوا... (49).
اتفقوا على تسكين الياء من (تفتنّي)، ونافع وأبو عمرو لا يكادان يحركان ياء الإضافة تلي فعلاً مجزومًا، كقوله: (ولا تفتنّي) و(فاذكروني أذكركم)، ونحوها). [معاني القراءات وعللها: 1/454]

قوله تعالى: {إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ (50)}

قوله تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الناس: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا}، وقرأ طلحة بن أَعيَن قاضي الري: [قل لن يُصيِّبنا] مشددًا.
قال أبو الفتح: ظاهر أمر عين أصاب يُصيب أنها واو؛ ولذلك قالوا في جمع مصيبة: مَصَاوب بالواو، وهي القوية القياسية. فأما مصائب بالهمز فلغط من العرب؛ كهمزهم حلأت السويق، ورثأث زوجي، ونحو ذلك مما هُمز ولا أصل له في الهمز، وواحد المصايب مصيبة ومَصُوبة ومُصاب ومصابة.
وأنا أرى أن تكون مصايب جمع مُصاب؛ لأن الألف هنا وإن كانت بدلًا من العين فإنها أشبه بألف رسالة التي يقال في تكسيرها: رسايل؛ وذلك أن الألف لا تكون أصلًا في الأسماء المتمكنة ولا في الأفعال؛ إنما تكون زائدة أو بدلًا، وليست كذلك الياء والواو؛ لأنهما قد تكونان أصلين في القبيلين جميعًا كما يكونان بدلين وزائدتين، فألف مصاب ومصابة أشبه بالزائد من ياء مصيبة وواو مصوبة، فافهم ذلك، فإن أحدًا من إخواننا لم يذكره.
وبعد، فقد مر بنا في تركيب ص ي ب في هذا المعنى، فإنهم قد قالوا: أصاب السهم الهدف يَصيبه كباعه يَبيعه، ومنه قول الكميت:
أَسهُمها الصائداتُ والصُّيُبُ
فعلى هذا ومن هذا الأصل تكون قراءة طلحة بالياء، فيكون يفعِّلنا منه، فيصيّب على هذا كيُسيّر ويُبيّع، وقد يجوز أيضًا أن يكون يصيّبنا من لفظ ص وب، إلا أنه بناه على فَيْعَل يُفَيْعل، وأصله على هذا يُصَيْوبنا، فاجتمعت الياء والواو وسَبقت الياء بالسكون فقلبت الواو ياء وأُدغمت فيها الياء فصارت يصيّبنا. ومثله قوله: تحيّز، وهو تفعيل من حاز يحوز، والوجه ما قدمناه؛ لأن فَعَل في الكلام أكثر من فيعل.
ويجوز وجه آخر؛ وهو أن يكون من الواو، إلا أنه لما كثر يُصِيب والمصيبة أُنِس بالياء؛ لكثرة الاستعمال، ولخفتها عن الواو كما قالوا: دِيمة ودِيَم، فلما كثر ذلك وكانت الياء أخف من الواو مروا عليها فقالوا: دامت السماء تَديم.
[المحتسب: 1/294]
ولا يحسن أن يُذهب في هذا إلى قول الخليل في طاح يطيح وتاه يتيه: إنه فعِل يفعِل؛ لقلة ذلك ووجود المندوحة عنه في قولهم: هذا أَتيه منه وأَطيح منه، فاعرف ذلك). [المحتسب: 1/295]

قوله تعالى: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (52)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الناس: [إلَّا إحْدى] غير ابنت محيصن، فإنه كان يصلها ويسقط الهمزة.
قال أبو الفتح: قد ذكرنا ذلك فيما مضى في قراءة ابن محيصن أيضًا في سورة الأعراف). [المحتسب: 1/295]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 02:07 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة التوبة
[ من الآية (53) إلى الآية (57) ]

{ قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ (53) وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (54) فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (55) وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (56) لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (57)}

قوله تعالى: {قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ (53)}
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (11- {طَوْعًا أَوْ كُرْهًا} [آية/ 53] بضم الكاف:
قرأها حمزة والكسائي، وقرأ الباقون {كَرْهًا} بفتح الكاف.
والوجه أنهما لغتان كره وكره وجهد وجهد، وفرق بعضهم بينهما فقال: الكره بالفتح المكروه، والكره بالضم ما استكره عليه الإنسان، كما فرق بين الجهد والجهد، فقيل الجهد الطاقة، والجهد المشقة، وقد سبق الكلام في هذه الكلمة). [الموضح: 595]

قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (54)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أن يقبل منهم نفقاتهم... (54).
قرأ حمزة والكسائي (أن يقبل) بالياء.
وقرأ الباقون بالتاء.
[معاني القراءات وعللها: 1/454]
قال أبو منصور: من قرأ بالياء فلتقدم فعل الجماعة، ومن قرأ بالتاء فلأنّ النفقات مؤنثة). [معاني القراءات وعللها: 1/455]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (8- وقوله تعالى: {أن تقبل منهم نفقاتهم} [54].
قرأ حمزة والكسائي: {أن يقبل} بالياء.
وقرأ الباقون بالتاء، والأمر بينهما قريب، لأن النفقات تأنيثها غير حقيقي، ولأنه جمع مشبه بجمع من يعقل فجاز تذكيره وتأنيثه، وقد مر له نظائر فيما سلف، فموضع «أن» الأولى نصب والثانية رفع، والتقدير: وما منعهم من قبول نفقاتهم إلا كفرهم، وكل نفقة كانت في غير طاعة الله فغير مقبولة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/249]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله [جل وعز] أن يقبل منهم نفقاتهم [التوبة/ 54] فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر: أن تقبل بالتاء.
[الحجة للقراء السبعة: 4/195]
وقرأ حمزة والكسائي: أن يقبل بالياء.
قال أبو علي: وجه القراءة بالتاء أنّ الفعل مسند إلى مؤنث في اللفظ، فأنّث ليعلم أنّ المسند إليه مؤنث.
ووجه الياء أن التأنيث ليس بتأنيث حقيقي، فجاز أن يذكّر كما قال تعالى: فمن جاءه موعظة من ربه [البقرة/ 275] وأخذ الذين ظلموا الصيحة [هود/ 67] ). [الحجة للقراء السبعة: 4/196]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قل أنفقوا طوعًا أو كرها لن يتقبّل منكم إنّكم كنتم قوما فاسقين * وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم}
قرأ حمزة والكسائيّ {قل أنفقوا طوعًا أو كرها} بضم الكاف وقرأ الباقون بالنّصب وقد ذكرنا الحجّة في سورة النّساء
قرأ حمزة والكسائيّ (وما منعهم أن يقبل منهم نفقاتهم) بالياء لأن النّفقات في معنى الإنفاق فالكلام محمول على المعنى وهو المصدر
وقرأ الباقون {أن تقبل منهم نفقاتهم} بالتّاء وحجتهم أن النّفقات مؤنّثة فأنث فعلها ليوافق اللّفظ المعنى). [حجة القراءات: 319]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (10- قوله: {أن تقبل منهم نفقاتهم} قرأه حمزة والكسائي بالياء، على التذكير لأن النفقات تأنيثها غير حقيقي، ولأنه قد فرّق بينها وبين الفعل بـ «منهم» ولأن النفقات أموال، فكأنه قال: إن يقبل منهم أموالهم، فحمل على المعنى فذكر، وقرأ الباقون بالتاء، لتأنيث النفقات، إذ قد أسند الفعل إليها، وهو الاختيار، لأنه ظاهر اللفظ، ولأن عليه الجماعة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/503]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (12- {أَن يُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ} [آية/ 54] بالياء:
قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أن التأنيث غير حقيقي؛ لأن الفعل مسند إلى النفقات، وهي جمع نفقة، فتأنيثها غير حقيقي، والفعل مقدم، فجاز تذكيره، كما قال تعالى {فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ}.
وقرأ الباقون {تَقَبَّلْ} بالتاء.
والوجه أن الفعل مسند إلى جمع مؤنث وهو النفقات؛ لأنها جمع نفقة، والجمع وإن كان تأنيثه لفظيًا فهو مؤنث على كل حال، فحسن أن يؤنث الفعل المسند إليه، ليعلم أن الفاعل مؤنث). [الموضح: 596]

قوله تعالى: {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (55)}

قوله تعالى: {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (56)}

قوله تعالى: {لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (57)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أو مدّخلًا لولّوا إليه وهم يجمحون (57).
قرأ الحضرمي وحده (أو مدخلًا) بفتح الميم، وقرأ الباقون (مدّخلًا) بضم الميم وتشديد الدال.
قال أبو منصور: من قرأ (مدخلًا) فهو موضع الدخول.
ومن قرأ (مدّخلًا) فإنه كان في الأصل (مدتخلًا) فأدغمت التاء في الدال، وجعلتا دالاً مشددة، وهو (مفتعلا) من الدخول.
يقال: ادّخل يدّخل ادّخالا ومدّخلًا، وهذا مدّخل القوم). [معاني القراءات وعللها: 1/455]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة: {مَغَارَاتٍ}، وقرأ سعد بن عبد الرحمن بن عوف: [مُغَارات].
قال أبو الفتح: أما {مغارات} على قراءة الناس فجمع مَغارة أو مَغار، وجاز أن يجمع مغارات بالتاء وإن كان مذكرًا لأنه لا يعقل، ومثله إوان وإوانات، وجمل سِبَطر وجِمال سِبطرات، وحمَّام وحمامات. وقد ذكرنا هذا ونحوه في تفسير ديون المتنبي عند قوله:
ففي الناس بُوقاتٌ لها وطبول
ومَغار مَفْعَل من غار الشيء يغور.
وأما مُغَارات فجمع مُغَار، وليس من أَغرت على العدو؛ ولكنه من غار الشيء ويغور، وأَغرته أنا أُغيره، كقولك: غاب يغيب وأَغَبته، فكأنه: لو يجدون ملجأ أو أمكنة يُغيرون فيها أشخاصهم ويسترون أنفسهم، وهذا واضح.
ويؤكد ذلك قراءة مسلمة بن محارب: [مُدْخَلًا] أي: مكانًا يُدخلون فيه أنفسهم، ورويت عن أبي بن كعب: [أو مندخلًا]، وهو من قول الشاعر:
[المحتسب: 1/295]
ولا يدي في حميت السكن تندخل
ومنفعل في هذا شاذ؛ لأن ثلاثيه غير متعد عندنا). [المحتسب: 1/296]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك ما رواه الأعمش قال: سمعت أنَسًا يقرأ: [لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمِزون]، قيل له: وما يجمزون؟ إنما هي {يجمحون}، فقال: يجمحون ويجمزون ويشتدون واحد.
قال أبو الفتح: ظاهر هذا أن السلف كانوا يقرءون الحرف مكان نظيره من غير أن تتقدم القراءة بذلك؛ لكنه لموافقته صاحبه في المعنى. وهذا موضع يجد الطاعن به إذا كان هكذا على القراءة مطعنًا، فيقول: ليست هذه الحروف كلها عن النبي -صلى الله عليه سلم- ولو كانت عنه لما ساغ إبدال لفظ مكان لفظ؛ إذ لم يثبت التخيير في ذلك عنه، ولما أنكر أيضًا عليه: [يجمزون]، إلا أن حُسْنَ الظن بأَنَس يدعو إلى اعتقاد تقدم القراءة بهذه الأحرف الثلاثة التي هي: {يجمحون} و[يجمزون] و[يشتدون]، فيقول: اقرأ بأيها شئت، فجميعها قراءة مسموعة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لقوله عليه السلام: نزل القرآن بسبعة أحرف كلها شافٍ كافٍ.
فإن قيل: لو كانت هذه الأحرف مقروءًا بجميعها لكان النقل بذلك قد وصل إلينا، وقيل: أَوَلَا يكفيك أنس موصِّلًا لها إلينا؟ فإن قيل: ان أنسًا لم يحكها قراءة؛ وإنما جمع بينها في المعنى، واعتل في جواز القراءة بذلك لا بأنه رواها قراءة متقدمة. قيل: قد سبق من ذكر حسن الظن ما هو جواب عن هذا.
ونحوٌ من هذه الحكاية ما يُروى عن أبي مَهدية من أنه كان إذا أراد الأذان قال: الله أكبر مرتين، أشهد أن لا إله إلا الله مرتين كذلك إلى آخر الأذان، ينطق من ذلك بالمرة الواحدة، ويقول في إثرها: مرتين كما ترى، فيقال له: ليس هكذا الأذان، إنما هو كذا، فيقول: المعنى واحد، وقد علمتم أن التَّكْرَارَ عِيٌّ.
[المحتسب: 1/296]
وهذا لعمري مسموع من أبي مَهدية إلا أنه كان مدخولًا، ألا ترى أن أبا محمد يحيى بن المبارك اليزيدي وخلفًا الأحمر لما أنفذهما إليه أبو عمرو ليسألاه عن شيء من اللغة لخلاف جرى بينه وبين عيسى بن عمر أتياه وهو يخاطب الشياطين في صلاته: اخسأنانَّ عني، اخسأنان عني.
وكذلك قول ذي الرمة:
وظاهِرْ لها من يابس الشخت
فقيل له: أنشدتنا بائس فقال: يابس بائس واحد. وهذا شعر ليست عليه مضايقة الشرع.
وأخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن عن أبي العباس أحمد بن يحيى قال: كان يحضر ابنَ الأعرابي شيخٌ من أهل مجلسه، فسمعه يومًا ينشد:
وموضِعِ زَبْنٍ لا أُريد بَراحه ... كأني به من شدة الروع آنس
[المحتسب: 1/297]
فقال له الشيخ: ليس هكذا أنشدتنا يا أبا عبيد الله، فقال: كيف أنشدتك؟ فقال له: وموضع ضيق، فقال: سبحان الله! تصحبنا منذ كذا وكذا سنة ولا تعلم أن الزبْن والضيق شيء واحد؟ فهذا لعمري شائع؛ لأنه شعر وتحريفه جائز؛ لأنه ليس دِينًا ولا عملًا مسنونًا). [المحتسب: 1/298]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك ما حكاه ابن أبي عبيدة بن معاوية بن قُرْمُل عن أبيه عن جده -وكانت له صحبة- أنه قرأ: [لَوالَوْا إليه] بالألف وفتحة اللام الثانية.
قال أبو الفتح: هذا مما اعتقب عليه فَاعَل وفَعَّل؛ أعني: وَالَوا ووَلَّوا، ومثله ضعَّفت وضاعفت الشيء، ووصَّلت الحديث وواصلته، وسوَّفت الرجل وساوفته، ومن أبيات الكتاب:
لو ساوَفَتْنا بِسُوف من تحيتها ... سوْفَ العيوف لراح الركب قد قنِعوا
سوف العيوف: مصدر محذوف الزيادة؛ أي: مساوفة العيوف). [المحتسب: 1/298]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (13- {أَوْ مَدْخَلاً} [آية/ 57] مفتوحة الميم، ساكنة الدال:
قرأها يعقوب وحده.
والوجه أنه مفعل من الدخول، وهو الموضع الذي يدخل فيه؛ لأن دخل مضارعه يفعل بضم العين، فاسم المكان منه مفعل بفتح العين.
وقرأ الباقون {مُدَّخَلاً} مضمومة الميم، مشددة الدال.
والوجه أنه مفتعل من الدخول، وهو اسم لمكان الدخول أيضًا). [الموضح: 596]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 02:09 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة التوبة
[ من الآية (58) إلى الآية (60) ]

{ وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ (58) وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ (59) إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)}

قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ (58)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ومنهم من يلمزك في الصّدقات... (58).
قرأ يعقوب (يلمزك)، و(الذين يلمزون) و(لا تلمزوا) كله بضم الميم.
وقرأ الآخرون "بكسر الميم في كل - هذا، إلا ما روى محمد بن صالح عن شبل عن ابن كثير (يلمزك)، و(يلمزون) بضم الميم، وأما قوله (ولا تلمزوا أنفسكم) فلم يختلف فيه عنه أنه بالكسر.
[معاني القراءات وعللها: 1/455]
قال أبو منصور: هما لغتان: لمزه يلمزه ويلمزه، إذا عابه). [معاني القراءات وعللها: 1/456]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (9- وقوله تعالى: {ومنهم من يلمزك في الصدقات} [58].
قرأ الناس كلهم {يلمزك} بكسر الميم إلا ما روى حماد بن سلمة عن ابن كثير {يلمزك}.
وروى عن ابن كثير أيضًا والحسن ويعقوب {يلمزك} بضم الميم وهما لغتان يلمز ويلمز مثل عكف يعكف ويعكف.
يلامزك كقولك: يقاتلك ويشاتمك، ومعنى اللمز في اللغة: العيب، ومن ذلك قوله تعالى: {ويل لكل همزة لمزة} فالهامز: المغتاب واللامز: العائب، قال زياد الأعجم:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/249]
إذا لقيتك تبدي لي مكاشرة = فإن أغيب فأنت الهامز اللمزه
يقال: امرأة همزة ورجل همزة ورجل فروقة وامرأة فروقة، ورجل هلباجة: إذا كان أحمق أكولاً ضخمًا ثقيل الروح). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/250]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال أحمد: كلّهم قرأ يلمزك [التوبة/ 58] بكسر الميم: إلا ما روى حمّاد بن سلمة عن ابن كثير فإنّه روى عنه:
يلامزك حدّثني بذلك محمد بن الجهم عن ابن أبي أميّة البصري، عن حمّاد بن سلمة، وحدّثني الصّوفي، عن روح بن عبد المؤمن، عن محمد بن صالح، عن شبل، عن ابن كثير وأهل مكة: يلمزك ويلمزون [التوبة/ 79] برفع الميم فيهما. وحدثني أبو حمزة الأنسي قال: حدثنا حجاج بن المنهال قال: حدثنا حمّاد بن سلمة قال: سمعت ابن كثير يقول: يلمزك بضم الميم.
أبو عبيدة: يلمزك أي: يعيبك، قال زياد الأعجم:
إذا لقيتك تبدي لي مكاشرة... وإن تغيبت كنت الهامز اللّمزة
[الحجة للقراء السبعة: 4/196]
وقال قتادة: يلمزك: يطعن عليك، والعيب والطعن يشملان ما يكون فيهما في المغيب، وما يكون في المشهد. وفي الشّعر دلالة على قدحه فيه، وطعنه عليه في المغيب، لقوله:
تغيّبت، فيكون الهمز الغيبة، وكذلك قوله [تعالى]: هماز مشاء بنميم [القلم/ 11] يجوز أن يعنى الغيبة.
وحكى بعض الرواة أنّ أعرابيّا قيل له: أتهمز الفارة؟
قال: تهمزها الهرّة، فأوقع الهمز على الأكل. فالهمز كاللمز.
وقال عز وجل: أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا [الحجرات/ 12].
وكأنّ الهمز أوقع على الأكل لمّا كان غيبة، وقال الأصمعي: فلان ذو وقيعة في الناس إذا كان يأكلهم، فلما أوقع الأكل عليه حسن أن يستعمل في خلافه: الغرث، فلذلك قال:
[الحجة للقراء السبعة: 4/197]
وتصبح غرثى من لحوم الغوافل والذي جاء في الآية من اللمز، عني به المشهد فيما دلّ عليه الأثر، والمعنى على حذف المضاف التقدير: يعيبك في تفريق الصدقات.
ومن قرأ: يلامزك فينبغي أن يكون فاعلت فيه من واحد نحو: طارقت النّعل، وعافاه الله، لأنّ هذا لا يكون من النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم.
فأمّا يلمزك ويلمزك، فلغتان مثل: يعكف ويعكف، ويحشر ويحشر، ويفسق ويفسق). [الحجة للقراء السبعة: 4/198]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (14- {ومِنْهُم مَّن يَلْمُزُكَ} [آية/ 58] بضم الميم:
قرأها يعقوب وحده، وكذلك {يَلْمُزُونَ وفي الحجرات {ولا
[الموضح: 596]
تَلْمُزُوا كل ذلك بالضم.
وقرأ الباقون {يَلْمِزُكَ} و{يَلْمِزُونَ} و{لا تَلْمِزُوا} بكسر الميم فيهن.
والوجه أنهما لغتان يلمز ويلمز، مثل يحشر ويحشر، ويعكف ويعكف. ولمزه إذا عابه، قال الله تعالى {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ}.
وروى حماد بن سلمة عن ابن كثير {يَلامِزُكَ} بالألف.
والوجه أنه على فاعل من واحد نحو عاقبت اللص وطارقت النعل؛ لن هذا الفعل لا يكون من النبي صلى الله عليه (وسلم) ). [الموضح: 597]

قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ (59)}

قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (والمؤلّفة قلوبهم... (60).
روى الأعشى عن أبي بكر عن عاصم (والمولّفة قلوبهم) بغير همز، وتبين الواو، وكذلك (موطيا)، و(موجّلا) و(ماية) و(مايتين) و(فية) و(فيتين) و(لين أتيتنا)، و(لين أخرتن) و(لين سألتهم)، (ليواطيوا)، (ليبطين) غير مهموز في كل القرآن، ولا يهمز (اطماننتم) و(يطمين قلبي) و(تطمين قلوبنا) و(كداب آل فرعون)
[معاني القراءات وعللها: 1/456]
و (يابى) و(ياتي) و(ياكلون) و(ياخذون) و(يامرون) و(يوخركم) ونظائر هذه الحروف كلها.
قال أبو منصور: هذه الحروف كلها عند أكثر العرب مهموزة، ومنهم من يخفف همزها، والهمز أفصح اللغتين). [معاني القراءات وعللها: 1/457]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 02:10 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة التوبة
[ من الآية (61) إلى الآية (63) ]

{ وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (61) يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ (62) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ (63)}


قوله تعالى: {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (61)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (قل أذن خيرٍ لكم... (61)
قرأ عاصم في رواية الأعشى عن أبي بكر عنه (قل أذنٌ خيرٌ لكم) منونة رفعًا، وقرأ الباقون بالإضافة.
قال أبو منصور: من قرأ (قل أذنٌ خيرٌ لكم) فمعناه: قل يا محمد: هو يستمع منكم، ويكون قريبًا منكم، قابلاً بعذركم (خيرٌ لكم).
وذلك أن المنافقين قالوا: إن محمد أذن، ومتى بلغه عنّا أمرٌ حلفنا له
[معاني القراءات وعللها: 1/457]
يقبله منّا؛ لأنه أذن، أي: يسمع ما يقال فيصدق به.
فكان الجواب لهم على ما قالوا: قل يا محمد: إن كان أذنًا كما تقولون فهو خيرٌ لكم، ولكنه يصدق المؤمنين. ويكذبكم.
ومن قرأ (قل أذن خيرٍ لكم) فهو نفي لما قالوا، والمعنى: أنه مستمع خير لكم، وهو يصدّق الله جلّ وعزّ، ويصدّق المؤمنين فيما يخبرونه به، ولا يصدق الكافرين، ولا يستمع إلى كذب المنافقين استماع المصدّق لهم). [معاني القراءات وعللها: 1/458]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ورحمةٌ للّذين آمنوا منكم... (61).
قرأ حمزة وحده (ورحمةٍ) خفضًا، وكذلك روى أبو عمارة عن يعقوب عن نافع (ورحمةٍ) خفضًا، مثل حمزة، وقرأ الباقون (ورحمةٌ) رفعًا.
قال أبو منصور: من قرأ (ورحمةٍ) عطفه علي أذن خير وأذن رحمة للمؤمنين.
ومن قرأ (ورحمةٌ) رفعًا فالمعنى: وهو رحمة للذين آمنوا؛ لأنه كان سبب إيمان المؤمنين). [معاني القراءات وعللها: 1/458]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (10- وقوله تعالى: {قل أذن خير لكم} [61].
قرأ نافع وحده: {قل أذن خير لكم} بإسكان الذال.
وقرأ الباقون بضم الذال، وهما لغتان أذن وآذان مثل أطم وآطام وأذن وآذان مثل قفل وأقفال.
والقراءُ كلهم يضيفون إلا ما روى إسماعيل عن نافع أذن خير بالرفع). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/250]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (11- وقوله تعالى: {ورحمة [للذين آمنوا}} [61].
قرأ حمزة وحده {ورحمة}.
ويعقوب عن نافع بالخفض على معنى أذن خير ورحمة وصلاح، لا أذن شر، يقال: رجل أذن: إذا كان حسن الخلق يسمع من كل.
وقال المنافقون: إنا نذكر محمدًا من وراء وراء فإذا بلغه اعتذرنا فإنه يقبل؛ لأنه رجل أذن، فأنزل الله تعالى: {قل أذن خير لكم} لا أذن شر). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/250]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في التثقيل والتخفيف من قوله عز وجل: هو أذن قل أذن خير لكم [التوبة/ 61]. فقرأ نافع وحده: هو أذن قل أذن خير لكم بإسكان الذال فيهما.
وقرأ الباقون: بتثقيل الأذن، وكلّهم يضيف [أذن] إلى خير*].
قال أبو علي: من قال: أذن* فهو تخفيف من أذن، مثل: عنق، وطنب، وظفر. وكل ذلك يجيء على
[الحجة للقراء السبعة: 4/198]
التخفيف، ويدلّك على اجتماع الجميع في الوزن الاتفاق في التكسير، تقول: أذن، وآذان، كما تقول: طنب وأطناب، وعنق وأعناق، وظفر وأظفار.
فأمّا القول في أذن في الآية إذا خففت أو ثقّلت، فإنه يجوز أن يطلق على الجملة، وإن كانت عبارة عن جارحة منها.
كما قال الخليل في الناب من الإبل: إنّه سمّيت به لمكان الناب البازل، فسميت الجماعة كلّها به، وقريب من هذا قولهم للمرأة: ما أنت إلا رجيل، وللرجل: ما أنت إلّا مريّة، ويدلّ على أنهم أرادوا النّاب قولهم، في التصغير: نييب، فلم يلحقوا الهاء ولو كنت مصغّرا لها على حدّ تصغير الجملة لألحقت الهاء في التحقير، كما تلحق في تحقير قدم ونحوها، وعلى هذا قالوا للمرأة: إنما أنت بظر، فلم يؤنّثوا حيث أرادوا الجارحة دون الجملة، وقالوا للربيئة: هو عين القوم، وهذا عينهم.
ويجوز فيه شيء آخر، وهو أن الاسم يجري عليه كالوصف له لوجود معنى ذلك الاسم فيه وذلك كقول جرير:
تبدو فتبدي جمالا زانه خفر... إذا تزأزأت السّود العناكيب
[الحجة للقراء السبعة: 4/199]
فأجرى العناكيب وصفا عليهن، يريد به: أنّهن في الحقارة والدّمامة، كالعناكيب.
وأنشد أبو عثمان:
مئبرة العرقوب إشفى المرفق فوصف المرفق بالإشفى، لما أراد من الدقّة والهزال، وخلاف الدّرم، وقال آخر:
فلولا الله والمهر المفدّى... لأبت وأنت غربال الإهاب
فجعله غربالا لكثرة الخروق فيه من آثار الطعن، وكذلك قوله:
[الحجة للقراء السبعة: 4/200]
حضجر كأمّ التوأمين توكّأت... على مرفقيها مستهلّة عاشر
لمّا أراد وصفه بالانتفاخ والضّخم، وأنّه ليس بضرب خفيف، فيكون متوقدا متنبّها لما يحتاج إليه، فكذلك قوله: هو أذن أجري على الجملة اسم الجارحة لإرادته كثرة
استعماله لها في الإصغاء بها.
ويجوز أن يكون فعلا من أذن يأذن، إذا استمع، والمعنى أنه كثير الاستماع مثل شلل وأذن وسجح، ويقوّي ذلك أنّ أبا زيد قال: قالوا رجل أذن، ويقن، إذا كان يصدّق بكلّ ما يسمع، وكما أنّ يقن صفة، كبطل، كذلك: أذن كشلل، وقالوا: أذن يأذن: إذا استمع وفي التنزيل: وأذنت لربها [الانشقاق/ 2] أي: استمعت، وقالوا: ائذن لكلامي، أي:
استمع له،
وفي الحديث: «ما أذن الله لشيء كإذنه لنبيّ»،
وقال الشاعر:
[الحجة للقراء السبعة: 4/201]
في سماع يأذن الشيخ له* [وحديث مثل ماذيّ مشار] وقول الشاعر:
إن همّي في سماع وأذن تقدير سماع فيه: المسموع، فوضع المصدر موضع المفعول، ألا ترى أنك إن لم تحمله على هذا كان المعنى:
إن همّي في سماع وسماع، وليس كذلك! ولكن المعنى:
إن همّي في مسموع واستماعه، فحذف كما يحذف المفعول في الكلام، وهو كثير، وخاصّة مع المصدر.
قال أحمد: وكلّهم يضيف، [أي: يضيف] أذنا إلى خير، ولا يصفون أذنا بخير، كما روي، من قراءة من وصف الأذن بالخير، فقال: أذن خير لكم.
[الحجة للقراء السبعة: 4/202]
والمعنى في الإضافة: مستمع خير وصلاح، ومصغ إليه ولا مستمع شرّ وفساد). [الحجة للقراء السبعة: 4/203]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال أحمد: وكلّهم قرأ: ورحمة [التوبة/ 61] رفعا إلّا حمزة، فإنه قرأ: أذن خير لكم ورحمة خفضا، حدثني محمد ابن يحيى الكسائي قال: حدثنا أبو الحارث قال: حدّثنا أبو عمارة حمزة بن القاسم عن يعقوب بن جعفر عن نافع:
ورحمة* مثل حمزة [قال أبو بكر] وهو غلط.
قال أبو علي: من رفع فقال: ورحمة كان المعنى: أذن خير، ورحمة، أي: مستمع خير ورحمة، فجعله الرحمة لكثرة هذا فيه. وعلى هذا [قوله سبحانه]: وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين [الأنبياء/ 107] كما قال: بالمؤمنين رؤوف رحيم [التوبة/ 128] ويجوز أن يقدر حذف المضاف من المصدر.
فأما الجر في رحمة فعلى العطف على خبر، كأنه:
أذن خير ورحمة.
فإن قلت: أفيكون أذن رحمة؟
فإن هذا لا يمتنع، لأن الأذن في معنى: مستمع في
[الحجة للقراء السبعة: 4/203]
الأقوال الثلاثة التي تقدّمت، وكأنه مستمع رحمة، فجاز هذا كما كان مستمع خير، ألا ترى أن الرحمة من الخير؟.
فإن قلت: فهلّا استغني بشمول الخير للرحمة وغيرها عن تقدير عطف الرحمة عليه؟ فالقول: إن ذلك لا يمتنع، كما لم يمتنع: اقرأ باسم ربك الذي خلق [العلق/ 1] ثم خصّص فقال: خلق الإنسان من علق، وإن كان قوله: خلق يعمّ الإنسان وغيره فكذلك الرّحمة، إذا كانت من الخير لم يمتنع أن يعطف، فتخصّص الرحمة بالذّكر من بين ضروب الخير، لغلبة ذلك في وصفه وكثرته، كما خصّص الإنسان بالذّكر، وإن كان الخلق قد عمّه وغيره، والبعد بين الجارّ وما عطف عليه لا يمنع من العطف، ألا ترى أنّ من قرأ: وقيله يا رب [الزخرف/ 88] إنّما يحمله على: وعنده علم الساعة [الزخرف/ 85] وعلم قيله.
فإن قلت: أيكون الجرّ في رحمة* على اللام في قوله:
ويؤمن للمؤمنين [التوبة/ 61]، فإنّ ذلك ليس وجها، لأن اللام في قوله: ويؤمن للمؤمنين على حدّ اللام في قوله:
ردف لكم أو على المعنى، لأن معنى يؤمن: يصدّق، فعدّي
[الحجة للقراء السبعة: 4/204]
باللام، كما عدّي مصدّق به في نحو: مصدقا لما بين يدي من التوراة [آل عمران/ 50] ولا يكون يؤمن للرحمة، والمعنى: يؤمن الرحمة، لأن هذا الفعل لا يقع عليه في المعنى، ألا ترى أنك لا تقول: يصدّق الرحمة ؟ وزعموا أنّ الأعمش قرأ: قل أذن خير ورحمة لكم وكذلك هو في حرف أبيّ وعبد الله زعموا). [الحجة للقراء السبعة: 4/205]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن باللّه ويؤمن للمؤمنين ورحمة للّذين آمنوا منكم}
قرأ نافع (قل هو أذن) بإسكان الذّال في كل القرآن كأنّه استثقل ثلاث ضمات فسكن وقرأ الباقون بضم الذّال على أصل الكلمة
قرأ أبو بكر في رواية الأعشى (قل هو أذن) منون {خير لكم}
[حجة القراءات: 319]
بالرّفع والتنوين المعنى قل يا محمّد فمن يستمع منكم ويكون قريبا منكم قابلا للعذر خير لكم
وقرأ الباقون {أذن خير} بالإضافة وهو نفي لما قالوه المعنى أذن خير لا أذن شرّ أي مستمع خير ثمّ بين ممّن يقبل فقال {يؤمن باللّه ويؤمن للمؤمنين} أي يسمع ما ينزله الله عليه فيصدق به ويصدق المؤمنين فيما يخبرونه ولا يصدق المنافقين والباء واللّام زائدتان المعنى يصدق الله ويصدق المؤمنين
قرأ حمزة {ورحمة للّذين آمنوا} بالخفض على العطف على {خير} المعنى أذن خير وأذن رحمة للمؤمنين
وقرأ الباقون {ورحمة} أي وهو رحمة خبر ابتداء لأنّه كان سبب المؤمنين في إيمانهم). [حجة القراءات: 320]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (11- قوله: {قل أذنٌ خيرٍ لكم} قرأه نافع بإسكان الذال، حيث وقع على التخفيف؛ لاجتماع ضمتين لازمتين كـ «طنُب وطُنْب وعُنُق وعُنْق» وقرأ الباقون بالضم على الأصل، وحسن ذلك لقلة حروف الكلمة، وهو الاختيار، لأن عليه الجماعة ولأنه الأصل). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/503]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (12- قوله: {ورحمة للذين} قرأه حمزة «ورحمةٍ» بالخفض، وقرأ الباقون بالرفع.
وحجة من رفع انه عطفه على «أذن» فالمعنى: قل محمد أذن خير لكم ورحمة، أي: هو رحمة، أي: هو مستمع خير وهو رحمة، فجعل النبي الرحمة، لكثرة وقوعها به، وعلى يديه كما قال تعالى ذكره: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} «الأنبياء 107» ويجوز أن يكون الرفع على إضمار مضاف
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/503]
محذوف، تقديره: قل هو أذن خير لكم، وهو ذو رحمة.
13- وحجة من قرأ بالخفض أنه عطفه على «خير»، أي: هو أذن خير وأذن رحمة، لأن الخير هو الرحمة، والرحمة هي الخير، وجاز أن نخبر عن الخير والرحمة بالاستماع، وإن كانا لا تستمعان، لأن المعنى مفهوم أن المراد به المخبر عنه وهو النبي عليه السلام، ولا يحسن عطف «رحمة» على المؤمنين لأنه يصير المعنى: ويؤمن لرحمة، إلا أن يجعل الرحمة القرآن، وتكون اللام زائدة، فيصير التقدير: ويؤمن رحمة، أي يصدق رحمة، أي القرآن، أي يصدق القرآن). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/504]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (15- {هُوَ أُذْنٌ قُلْ أُذُنُ خَيـْرٍ} [آية/ 61] بإسكان الذال فيهما:
قرأها نافع وحده في كل القرآن.
والوجه أنه مخفف من أذن، مثل عنق وطنب وظفر، وجميع هذه الأحرف يجوز فيها التخفيف كما في أذن.
والأذن مخففا ومثقلاً اسم للجارحة المخصوصة، إلا أنها أطلقت على الجملة لكثرة استعماله لها في الإصغاء بها مجازاً واتساعًا.
ويجوز أن يكون بناءً صيغ على فعل من أبنية المبالغة.
وهو من أذن يأذن إذا استمع، قال:
[الموضح: 597]
45- بسماع يأذن الشيخ له
والمعنى أنه كثير الاستماع.
وهو على بناء فعل: صفة، كشلل وأنفٍ.
وقرأ الباقون {أُذُنُ خَيـْرٍ} بتحريك الذال في كل القرآن، وكل القراء يضيف {أُذُنُ} إلا ما روي شاذاً.
والوجه في تحريك الذال من {أُذُنُ} أنه على الأصل غير مخففٍ، ومعنى الإضافة في {أُذُنُ خَيـْرٍ} أنه مستمع خيرٍ وصلاحٍ لا مستمع شرٍ وفسادٍ.
ومن لم يضف وقرأ {أُذُنُ خَيـْر} بالرفع فيهما، والتنوين في {أُذُنٌ فإنه جعل خيراً وصفًا للأذن). [الموضح: 598]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (16- {ورَحْمَةٍ لِّلَّذِينَ آمَنُوا} [آية/ 61]، بالخفض:
قرأها حمزة وحده.
[الموضح: 598]
والوجه أنه عطف على {خَيـْرٍ كأنه قال: قل أذن خيرٍ وأذن رحمةٍ، أي مستمع خير ورحمة.
وقرأ الباقون {ورَحْمَةٌ} بالرفع.
والوجه أنه عطف على قوله {قُلْ أُذُنُ كأنه قال هو أذن خير وهو رحمة، وذلك لكثرة حصول الرحمة منه وصف بأنه رحمة، كما قال الله تعالى {ومَا أَرْسَلْنَاكَ إلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ويجوز أن يكون التقدير: هو أذن وذو رحمة، فحذف ذو، وأقيم المضاف إليه مقامه). [الموضح: 599]

قوله تعالى: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ (62)}

قوله تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ (63)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فأنّ له نار جهنّم خالدًا فيها... (63).
اجتمع القراء على فتح الألف من قوله (فأنّ له) عطفًا على قوله (ألم يعلموا أنّه)، ولو قرأ قارئ بالكسر (فإنّ له)، فهو في العربية جائز على الاستئناف بعد الفاء، كما يقول: له نار جهنم،
ودخلت (إنّ) مؤكدة، كقوله في سورة الجن: (ومن يعص اللّه ورسوله فإنّ له نار جهنّم).
[معاني القراءات وعللها: 1/459]
بالكسر، لم يختلف القراء فيه.
وقد قرأ بعض في سورة براءة (فإنّ له) بالكسر، غير أن قراء الأمصار لما اجتمعوا على الفتح كان المختار). [معاني القراءات وعللها: 1/460]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 02:12 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة التوبة
[ من الآية (64) إلى الآية (66) ]
{يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (64) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66)}

قوله تعالى: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (64)}

قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65)}

قوله تعالى: {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إن يعف عن طائفةٍ منكم تعذّب طائفةٌ بأنّهم كانوا مجرمين (66)
قرأ عاصم وحده (إن نعف عن طائفةٍ... نعذّب طائفةً) بالنون فيهما، ونصب (طائفةً).
وقرأ الباقون بالياء الأولى (إن يعف عن طائفةٍ منكم تعذّب طائفةٌ).
قال أبو منصور: من قرأ بالنون فالله يقول: إن نعف نحن عن طائفة نعذب طائفة.
ومن قرأ (إن يعف عن طائفةٍ) فهو على ما لم يسم فاعله، و(إن) شرط، وجوابه (تعذّب طائفةٌ) ). [معاني القراءات وعللها: 1/459]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (12- وقوله تعالى: {إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة} [66].
قرأ عاصم وحده {نعف} بالنون {نعذب} مثله. الله تعالى يخبر عن نفسه.
وقرأ الباقون على ما لم يُسم فاعله الأولى بالياء، والثانية بالتاء، والطائفة في اللغة: الجماعة، وقد تكون الطائفة رجلاً واحدًا كقوله تعالى: {فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة} [122] أي: رجل واحد. أما قوله تعالى: {وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين} فعند الشافعي الطائفة هاهنا -: أربعة فما فوقهم، وروى عن ابن عباس أنه قال الطائفة هاهنا -: الرجل الواحد.
حدثني بذلك ابن مجاهد عن السمري عن الفراء، قال: حدثني قيس ومندل عن ليث عن مجاهد قال: الطائفة: رجل واحد فما فوقه. قال: وحدثني السمري عن الفراء عن حيان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس الطائفة في قوله: {وليشهد عذابهما طائفة}: الواحدُ فما فوق). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/251]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والنون من قوله [جل وعز]: إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة [التوبة/ 66].
فقرأ عاصم وحده: إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بالنّون جميعا. وقرأ الباقون: إن يعف عن طائفة منكم بالياء تعذب طائفة بالتاء.
قال أبو علي: حدثنا أحمد بن محمد البصريّ قال:
حدّثنا المؤمّل بن هشام قال: حدثنا إسماعيل بن عليّة عن ابن
[الحجة للقراء السبعة: 4/205]
أبي نجيح، عن مجاهد في قوله سبحانه: وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين [النور/ 2] قال: أقلّه رجل، وقال عطاء:
أقلّه رجلان. حجة من قال: إن نعف قوله: ثم عفونا عنكم من بعد ذلك [البقرة/ 52].
ومن قال: إن يعف فالمعنى: معنى تعف، وأمّا تعذّب: بالتاء، فلأنّ الفعل في اللفظ مسند إلى مؤنّث). [الحجة للقراء السبعة: 4/206]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك ما رُوي عن مجاهد: [إِنْ تُعْفَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ] بالتاء المضمومة [تُعَذَّبْ طَائِفَة].
قال أبو الفتح: الوجه [يُعْفَ] بالياء لتذكير الظروف، كقولك: سِيرَت الدابة وسِير بالدابة، وقُصدت هند وقُصد إلى هند؛ لكنه حمله على المعنى فأنث [تُعْفَ]، حتى كأنه قال: إن تُسامَح طائفة أو إن تُرحم طائفة. وزاد في الأُنس بذلك مجيء التأنيث يليه، وهو قوله: [تُعَذِّبْ طَائِفَةَ]، والحمل على المعنى أوسع وأفشى، منه ما مضى، ومنه ما سترى). [المحتسب: 1/292]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنّهم كانوا مجرمين}
قرأ عاصم {إن نعف} بالنّون الله أخبر عن نفسه {نعذب} بالنّون أيضا {طائفة} بال مفعول بها وقرأ الباقون (إن يعف) بالياء وضمّها {تعذب} بالتّاء {طائفة} رفع على ما لم يسم فاعله). [حجة القراءات: 320]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (14- قوله: {إن نعف عن طائفةٍ منكم نعذب طائفة} قرأ عاصم «نعف» بنون مفتوحة، وضم الفاء، «نعذب» بنون مضمومة، وكسر الذال، طائفة الثانية بالنصب، وقرأ الباقون «يعف» بياء مضمومة، وفتح الفاء، «نُعذب» بتاء مضمومة، وفتح الذال، «طائفة» بالرفع.
وحجة من قرأ بالنون أنه أسند الفعلين إلى الإخبار عن الله جل ذكره، يخبر تعالى ذكره عن نفسه بذلك، ففي «نعف» ضمير يرجع إلى الله جل ذكره، يخبر تعالى ذكره عن نفسه بذلك، ففي «نعف» ضمير يرجع إلى الله جل ذكره، وكذلك في «نعذب»، ونصب «طائفة» بوقوع العذاب عليها.
15- وحجة من قرأ بالياء والتاء أنه حمل الفعلين على ما لم يسم فاعله فـ «عن طائفة» في موضع رفع مفعول ما لم يسم فاعله، لأن «عفا» لا يتعدى إلا بحرف جر، ويجوز أن تُضمر المصدر وتقيمه مقام الفاعل، و«طائفة» مفعول ما لم يسم فاعله لـ «تعذب»، والتاء جيء بها لتأنيث الطائفة، إذ قد أسند الفعل إليها، فقامت مقام الفاعل، والاختيار ما عليه الجماعة من الياء والتاء، ورفع
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/504]
«طائفة»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/505]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (17- {إن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً} [آية/ 66]:
قرأها عاصم وحده.
والوجه أن الفعل لله تعالى على لفظ جماعة المخبرين، كما بينا الوجه فيه غير مرة، ومثله {ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُم}.
وقرأ الباقون {إن يُعْفُ عَن طَائِفَةٍ} بالياء مضمومة، {تُعَذَّبْ طَائِفَةً} بضم التاء وفتح الذال، و{طَائِفَةٌ} رفع.
والوجه أن الفعل مبني للمفعول به، وقوله {عَن طَائِفَةٍ} جار ومجرور أقيما مقام الفاعل، والعافي هو الله تعالى، وإن كان الفعل لما لم يسم فاعله
[الموضح: 599]
والمعنى فيه مثل المعنى في {نَّعْفُ} بالنون، وأما قوله {تُعَذَّبْ} بالتاء؛ فلأن الفعل في اللفظ مسند إلى {طائفة} وهي مؤنثة إسناد المبني للمفعول به، ورفع الطائفة؛ لأنها مفعول ما لم يسم فاعله، ونصبها في القراءة الأولى؛ لأنها مفعول به لنعذب). [الموضح: 600]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 02:14 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة التوبة

[ الآيتين (67) ، (68) ]

{الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (67) وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (68) }

قوله تعالى: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (67)}

قوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (68)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:12 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة