سورة الجمعة
[ من الآية (9) إلى الآية (11) ]
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10) وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)}
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
اتفق القراء على (الجمعة) بضمتين.
وقال الفراء: لو قرئ (الجمعة) بفتح الميم كان جائزا.
ولكن لا تجوز القراءة بها؛ لأنه لم يقرأ بها). [معاني القراءات وعللها: 3/70]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (قال ابن مجاهد لم يختلف السبعة فيها. وإنما ذكرته لأن أحمد بن عبدان حدثني عن علي عن أبي عبيد أن الأعمش قرأ: {نودي للصلاة من يوم الجمعة} بإسكان الميم، وسائر القراء يقرأون الجمعة مثقل، وجمعة جمعات، وجمعات وجمعات.
فإن قيل: لم سميت يوم الجمعة؟
فقل: لاجتماع الناس للصلاة كافة.
فإن قيل: هل يجوز أن يسمي كل يوم يجتمع الناس فيه جمعة؟
فقل: إن العرب تختص الشيء باسم إذا كثرت فيه وتردد وإن كان غيره يشركه، علامة وإمارة وتفضيلا له على غيره كقولهم للعالم الفهم في الدين: فقيه، والعلم بالنحو الطب فقه أيضًا، غير أنهم خصوا ذلك لجلالته، وكذلك يقال للثريا: النجم، لشهرته، وإن كان كل واحد منهما قد نجم أي: طلع.
فإن قيل ذلك: قد فضل الله يوم الجمعة على سائر الأيام بأن خلق الله تعالى آدم فيها وأدخله الجنة، فيها، وأخرجه من الجنة فيها، فما فضله عند إخراجه؟
فالجواب عنه: أنه حيث أخرجه من الجنة أخرج من صلبه محمدًا صلى الله عليه وسلم فهو أفضل الفضائل. وإنما صار أيضًا يعظم الناس يوم الجمعة وليلة الجمعة حذار أن تفجأهم الساعة؛ لأن القيامة تقوم في يوم الجمعة، فأما الساعة التي في الجمعة التي لا يرد فيها الدعاء فأجمع العلماء أنها بين العصر والمغرب). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/366]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة علي عليه السلام وعمر صلوات الله عليه وابن مسعود وابن عباس وأبي بن كعب وابن عمر وابن الزبير رضي الله عنهم وأبي العالية والسلمي ومسروق
[المحتسب: 2/321]
طاوس وسالم بن عبد الله وطلحة، بخلاف: [فَامضُوا إلى ذِكْرِ اللَّهِ].
قال أبو الفتح: في هذه القراءة تفسير للقراءة العامة: {فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}، أي: فاقصدوا، وتوجهوا. وليس فيه دليل على الإسراع، وإنما الغرض المضي إليها، كقراءة من ذكرنا). [المحتسب: 2/322]
قوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10)}
قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)}
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (3- {مِنَ اللهوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ} [آية/ 11] بالإدغام:-
قرأها أبو عمرو وحده في رواية اليزيدي، وكذلك في الأعراف: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ}، وكان لا يُدغم الواو في الواو في القرآن إلا في هذين الموضعين.
والوجه أنه لما التقى المتجانسان وإن كانا من كلمتين أُدغم أحدهما في الآخر، وإنما خص هذين الموضعين بالإدغام لكون الواو الأولى منهما لام الكلمة فهي أصلية وحرف الإعراب، فتكون موضع تغيير.
وقرأ الباقون بإظهار الواوين، وهو الأصل المُنقاس؛ لأنهما واوان فيستثقل الإدغام فيهما، وهما من كلمتين). [الموضح: 1269]
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين