العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة النحل

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20 جمادى الأولى 1434هـ/31-03-2013م, 05:48 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: (وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) )
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (الأموي: الدفء عند العرب نتاج الإبل وألبانها والانتفاع بها وهو قول الله تبارك وتعالى: {لكم فيها دفء}). [الغريب المصنف: 3/887]

تفسير قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) }
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): (
إذا أخذت قيس عليك وخندف = بأقطارها لم تدر من أين تسرح
قوله تسرح يعني تغدو بماشيتك إلى الرعي والمسرح بالغداة والرواح بالعشي وهو من
قوله تعالى: {حين تريحون وحين تسرحون} قال والأقطار: النواحي). [نقائض جرير والفرزدق: 506-507]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (أبو زيد: راحت الإبل تراح رائحة وأرحتها أنا من قوله تعالى: {حين تريحون}). [الغريب المصنف: 3/938]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (والمراح حيث تأوي الماشية بالليل. وراحت الإبل فهي رائحة وأرحتها أنا من قوله عز وجل: {حين تريحون}، وقد أراح الرجل إذا رجعت إليه نفسه بعد الإعياء وكذلك الدابة ويقال للميت إذا قضى قد أراح قال العجاج:
[رجز]
أراح بعد الغم والتغمغم). [الغريب المصنف: 3/978]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث عبيد بن عمير أن أرواح الشهداء في أجواف طير خضر تعلق في الجنة.
قال الأصمعي: قوله: تعلق، يعني تناول بأفواهها من الثمر. يقال منه: قد علقت تعلق علوقا، وقال الكميت يذكر ظبية أو غيرها:
إن تدن من فنن الألاءة تعلق
وفي بعض الحديث: «تسرح في الجنة»، ومعناه ترتعي وقال الله تبارك وتعالى: {حين تريحون وحين تسرحون} ). [غريب الحديث: 5/390]

تفسير قوله تعالى: {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (7) }

قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): (وقال عمرو بن ملقط جاهلي:
والخيل قد تجشم أربابها الشـ = ـق وقد تعتسف الداويه
...
و«الشق»: المشقة). [النوادر في اللغة: 268-269]
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (والشق الصدع في عود أو حائط أو زجاجة والشق نصف الشيء والشق أيضا المشقة قال الله تبارك وتعالى: { إلا بشق الأنفس} ). [إصلاح المنطق: 4]

قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وقال أحمد بن عبيد وغيره: والشق المشقة ومنه {لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس} ). [شرح المفضليات: 668]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وقال الرستمي: قوله كشق العصا أي لا يستبين ما بين منقاريه ولا يرى خرقهما إذا ضمهما كأنه من خفائه شق في عصا: والشق مصدر شققت العصا والشيء شقا والشق النصف والشق المشقة أيضا: قال الله عز وجل: {لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس} ). [شرح المفضليات: 802]

تفسير قوله تعالى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (8) }

تفسير قوله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (9) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {وَمِنْهَا جَائِرٌ} الهاء للسبيل). [مجالس ثعلب: 421]

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 14 ذو القعدة 1439هـ/26-07-2018م, 09:51 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 14 ذو القعدة 1439هـ/26-07-2018م, 09:52 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 14 ذو القعدة 1439هـ/26-07-2018م, 09:56 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف رحيم والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين}
"الأنعام": الإبل والبقر والغنم، وأكثر ما يقال: نعم وأنعام للإبل، ويقال للجموع، ولا يقال للغنم مفردة، ونصبها إما عطفا على "الإنسان"، وإما بفعل مقدر، وهو أوجه.
و "الدفء": السخانة وذهاب البرد بالأكسية، وذكر النحاس عن الأموي قال: الدفء في لغة بعضهم: تناسل الإبل، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: نسل كل شيء، والمعنى الأول هو الصحيح. وقرأ الزهري، وأبو جعفر: "دف" بضم الفاء وشدها وتنوينها.
و "المنافع": ألبانها وما تصرف منها، ودهونها وحرثها والنضح عليها، وغير ذلك، ثم ذكر "الأكل" الذي هو من جميعها). [المحرر الوجيز: 5/328]

تفسير قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ولكم فيها جمال} أي: في المنظر، حين تريحون معناه: حين
[المحرر الوجيز: 5/328]
تردونها وقت الرواح إلى المنازل فتأتي بطانا ممتلئة الضروع. و"تسرحون" معناه: تخرجونها غدوة إلى السرح، تقول: "سرحت السائمة" إذا أرسلتها تسرح، فسرحت هي، كرجع رجعته، وهذا الجمال لمالكها ولمحبيه وعلى حسدته، وهذا المعنى كقوله تعالى: {المال والبنون زينة الحياة الدنيا}، وقرأ عكرمة، والضحاك: "حينما تريحون وحينا تسرحون"، وقرأت فرقة: "حينا تريحون".
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهي ضعيفة، وأظنها تصحيفا). [المحرر الوجيز: 5/329]

تفسير قوله تعالى: {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (7)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و "الأثقال": الأمتعة، وقيل: المراد هنا الأجسام، كقوله تعالى: {وأخرجت الأرض أثقالها}، أي بني آدم، واللفظ يحتمل المعنيين، قال النقاش: ومنه سمي الإنس والجن الثقلان. وقوله: {إلى بلد} أي: إلى أي بلد توجهتم بحسب اختلاف أغراض الناس، وقال عكرمة، وابن عباس، والربيع بن أنس: المراد مكة، وفي الآية -على هذا- حض على الحج. و"الشق": المشقة، ومنه قول الشاعر:
وذي إبل يسعى ويحسبها له ... أخي نصب من شقها ودؤوب
[المحرر الوجيز: 5/329]
أي: من مشقتها. ويقال فيها: شق وشق، أي: مشقة، وقرأ أبو جعفر القاري، وعمرو بن ميمون، وابن أرقم، ومجاهد، والأعرج: "بشق" بفتح الشين، ورويت عن نافع، وأبي عمرو، وذهب الفراء إلى أن معنى بشق الأنفس أي: بذهاب نصفها، كأنها قد ذابت تعبا ونصبا، كما تقول لرجل: لا تقدر على كذا إلا بذهاب جل نفسك، وبقطعة من كبدك ونحو هذا من المجاز، وذهبوا في فتح الشين إلى أنه مصدر: شق يشق. ثم أوجب الله رأفته ورحمته في هذه النعم التي أذهبت المشقات ورفعت الكلف). [المحرر الوجيز: 5/330]

تفسير قوله تعالى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (8)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {والخيل والبغال والحمير} عطف، أي: وخلق الخيل، وقرأ ابن أبي عبلة: "والخيل والبغال والحمير" بالرفع في كلها، وسميت الخيل خيلا لاختيالها في المشية، أفهمه أعرابي لأبي عمرو بن العلاء. وقوله: "وزينة" نصب بإضمار فعل تقديره: "وجعلنا زينة"، وقرأ أبو عياض: "لتركبوها زينة" دون واو، والنصب حينئذ على الحال من الهاء في "تركبوها". وقوله: {ويخلق ما لا تعلمون} عبرة منصوبة على العموم، أي أن مخلوقات الله من الحيوان وغيره لا يحيط بعلمها بشر، بل ما يخفى عنه أكثر مما يعلم، وقد روي أن الله تعالى خلق ألف نوع من الحيوان، منها في البر أربعمائة، وبثها بأعيانها في البحر، وزاد فيه مائتين ليست في البر.
وكل من خصص في تفسير هذه الآية شيئا -كقول من قال: سوس الثياب وغير ذلك -فإنما هو على جهة المثال، لا أن ما ذكره هو المقصود في نفسه، قال الطبري: ما لا تعلمون هو ما أعد الله في الجنة لأهلها، وفي النار لأهلها، مما لم تره عين، ولا سمعته أذن، ولا خطر على قلب بشر. واحتج بهذه الآية مالك رحمه الله ومن ذهب مذهبه في كراهية لحوم الخيل والبغال والحمير أو تحريمها بحسب الاختلاف في ذلك، وذكر الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال ابن جبير: سئل ابن عباس عن لحوم الخيل والبغال والحمير فكرهها فاحتج بهذه الآية، وقال: جعل الله الأنعام للأكل وهذه للركوب، وكان الحكم بن عيينة يقول: الخيل والبغال والحمير حرام في كتاب الله تعالى، ويحتج بهذه الآية، وهذه الحجة غير لازمة عند جماعة من العلماء، قالوا: إنما ذكر الله عز وجل عظم منافع الأنعام، وذكر عظم منافع هذه وأهم ما فيها، وليس يقضي
[المحرر الوجيز: 5/330]
ذلك بأن ما ذكره لهذه لا تدخل هذه فيه، قال الطبري: وفي إجماعهم على جواز ركوب ما ذكر للأكل دليل على جواز أكل ما ذكر للركوب.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وفي هذا نظر، ولحوم الخيل عند كثير من العلماء حلال، وفي جواز أكلها حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، وحديث جابر بن عبد الله: "كنا نأكل الخيل في عهد النبي عليه الصلاة والسلام" والبغال والحمير مكروهة عند الجمهور، وهو تحقيق مذهب مالك رحمه الله، وحجة من ألحق الخيل بالبغال والحمير في الكراهية القياس، إذ قد تشابهت وفارقت الأنعام في أنها لا تجتر، وأنها ذوات حوافر، وأنها لا أكراش لها، وأنها متداخلة في النسل، إذ البغال بين الخيل والحمير، فهذا من جهة النظر، وأما من جهة الشرع فإنها قرنت في هذه الآية وأسقطت الزكاة فيها). [المحرر الوجيز: 5/331]

تفسير قوله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (9)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وعلى الله قصد السبيل} الآية. هذه أيضا من أجل نعم الله تبارك وتعالى، أي: على الله تقويم طريق الهدى وتبيينه، وذلك بنصب الأدلة وبعث الرسل، وإلى هذا ذهب المتأولون، ويحتمل أن يكون المعنى: أن من سلك السبيل القاصد فعلى الله رحمته ونعيمه وطريقه، وإلى ذلك مصيره، فيكون هذا مثل قوله تعالى: {هذا صراط مستقيم}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "والشر ليس إليك"، أي: لا يفضي إلى رحمتك، و"طريق قاصد" معناه: بين مستقيم قريب، ومنه قول الراجز:
فصد عن نهج الطريق القاصد
[المحرر الوجيز: 5/331]
والألف واللام في "السبيل" للعهد، وهي سبيل الشرع، وليست للجنس، ولو كانت للجنس لم يكن فيها جائر.
وقوله: {ومنها جائر} يريد طريق اليهود والنصارى وغيرهم كعبدة الأصنام، والضمير في "منها" يعود على [السبل] التي يتضمنها معنى الآية، كأنه قال: "ومن السبل جائر"، فأعاد عليها وإن كان لم يجر له ذكر لتضمن لفظة "السبيل" بالمعنى لها، ويحتمل أن يعود الضمير في "منها" على سبيل الشرع المذكورة، وتكون "من" للتبعيض، ويكون المراد فرق الضلالة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، كأنه قال: "ومن بنيات الطريق في هذه السبيل ومن شعبها جائر".
وقوله: {ولو شاء لهداكم أجمعين} معناه: لخلق الهداية في قلوب جميعكم ولم يضل أحد، وقال الزجاج: معناه: لو شاء لعرض عليكم آية تضطركم إلى الإيمان والاهتداء.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا قول سوء لأهل البدع الذين يرون أن الله لا يخلق أفعال العباد لم يحصله الزجاج، ووقع فيه رحمة الله عليه من غير قصد، وفي مصحف عبد الله بن مسعود: "ومنكم جائر"، وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "ومنكم جائر"، والسبيل تذكر وتؤنث). [المحرر الوجيز: 5/332]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 25 ذو الحجة 1439هـ/5-09-2018م, 07:11 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 25 ذو الحجة 1439هـ/5-09-2018م, 07:14 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (7)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({والأنعام خلقها لكم فيها دفءٌ ومنافع ومنها تأكلون (5) ولكم فيها جمالٌ حين تريحون وحين تسرحون (6) وتحمل أثقالكم إلى بلدٍ لم تكونوا بالغيه إلّا بشقّ الأنفس إنّ ربّكم لرءوفٌ رحيمٌ (7)}
يمتنّ تعالى على عباده بما خلق لهم من الأنعام، وهي الإبل والبقر والغنم، كما فصّلها في سورة الأنعام إلى ثمانية أزواجٍ، وبما جعل لهم فيها من المصالح والمنافع، من أصوافها وأوبارها وأشعارها يلبسون ويفترشون، ومن ألبانها يشربون، ويأكلون من أولادها، وما لهم فيها من الجمال وهو الزّينة؛ ولهذا قال: {ولكم فيها جمالٌ حين تريحون} وهو وقت رجوعها عشيًّا من المرعى فإنّها تكون أمدّه خواصر، وأعظمه ضروعًا، وأعلاه أسنمةً، {وحين تسرحون} أي: غدوة حين تبعثونها إلى المرعى.
{وتحمل أثقالكم} وهي الأحمال المثقلة الّتي تعجزون عن نقلها وحملها، {إلى بلدٍ لم تكونوا بالغيه إلا بشقّ الأنفس} وذلك في الحجّ والعمرة والغزو والتّجارة، وما جرى مجرى ذلك، تستعملونها في أنواع الاستعمال، من ركوبٍ وتحميلٍ، كما قال تعالى: {وإنّ لكم في الأنعام لعبرةً نسقيكم ممّا في بطونها ولكم فيها منافع كثيرةٌ ومنها تأكلون وعليها وعلى الفلك تحملون} [المؤمنون: 21، 22]، وقال تعالى: {اللّه الّذي جعل لكم الأنعام لتركبوا منها ومنها تأكلون ولكم فيها منافع ولتبلغوا عليها حاجةً في صدوركم وعليها وعلى الفلك تحملون ويريكم آياته فأيّ آيات اللّه تنكرون} [غافرٍ: 79، 81]؛؛ ولهذا قال هاهنا بعد تعداد هذه النّعم: {إنّ ربّكم لرءوفٌ رحيمٌ} أي: ربّكم الّذي قيّض لكم هذه الأنعام وسخّرها لكم، كما قال: {أولم يروا أنّا خلقنا لهم ممّا عملت أيدينا أنعامًا فهم لها مالكون وذلّلناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون} [يس: 71، 72]، وقال: {وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا على ظهوره ثمّ تذكروا نعمة ربّكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الّذي سخّر لنا هذا وما كنّا له مقرنين وإنّا إلى ربّنا لمنقلبون} [الزّخرف: 12 -14].
قال ابن عبّاسٍ: {لكم فيها دفءٌ} أي: ثيابٌ، والمنافع: ما تنتفعون به من الأطعمة والأشربة.
وقال عبد الرّزّاق: أخبرنا إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: {دفءٌ ومنافع} نسل كلّ دابّةٍ.
وقال مجاهدٌ: {لكم فيها دفءٌ} قال: لباسٌ ينسج، ومنافع تركب، ولحمٌ ولبنٌ.
وقال قتادة: {دفءٌ ومنافع} يقول: لكم فيها لباسٌ، ومنفعةٌ، وبلغة.
وكذا قال غير واحدٍ من المفسّرين، بألفاظٍ متقاربةٍ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 557-558]

تفسير قوله تعالى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (8)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينةً ويخلق ما لا تعلمون (8)}
هذا صنفٌ آخر ممّا خلق تبارك وتعالى لعباده، يمتنّ به عليهم، وهو: الخيل والبغال والحمير، الّتي جعلها للرّكوب والزّينة بها، وذلك أكبر المقاصد منها، ولمّا فصلها من الأنعام وأفردها بالذّكر استدلّ من استدلّ من العلماء -ممّن ذهب إلى تحريم لحوم الخيل -بذلك على ما ذهب إليه فيها، كالإمام أبي حنيفة، رحمه اللّه ومن وافقه من الفقهاء ؛ لأنّه تعالى قرنها بالبغال والحمير، وهي حرامٌ، كما ثبتت به السّنّة النّبويّة، وذهب إليه أكثر العلماء.
وقد روى الإمام أبو جعفر بن جريرٍ: حدّثني يعقوب، حدّثنا ابن عليّة، أنبأنا هشامٌ الدّستوائي، حدّثنا يحيى بن أبي كثيرٍ، عن مولى نافع بن علقمة، أنّ ابن عبّاسٍ كان يكره لحوم الخيل والبغال والحمير، وكان يقول: قال اللّه: {والأنعام خلقها لكم فيها دفءٌ ومنافع ومنها تأكلون} فهذه للأكل، {والخيل والبغال والحمير لتركبوها} فهذه للرّكوب.
وكذا روي من طريق سعيد بن جبير وغيره، عن ابن عبّاسٍ، بمثله. وقال مثل ذلك الحكم بن عتيبة رضي اللّه عنه أيضًا، واستأنسوا بحديثٍ رواه الإمام أحمد في مسنده:
حدّثنا يزيد بن عبد ربّه، حدّثنا بقيّة بن الوليد، حدّثنا ثور بن يزيد، عن صالح بن يحيى بن المقدام بن معد يكرب، عن أبيه، عن جدّه، عن خالد بن الوليد، رضي اللّه عنه، قال: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن أكل لحوم الخيل، والبغال، والحمير.
وأخرجه أبو داود والنّسائيّ، وابن ماجه، من حديث صالح بن يحيى بن المقدام --وفيه كلامٌ -به.
ورواه أحمد أيضًا من وجهٍ آخر بأبسط من هذا وأدلّ منه فقال:
حدّثنا أحمد بن عبد الملك، حدّثنا محمّد بن حربٍ، حدّثنا سليمان بن سليمٍ، عن صالح بن يحيى بن المقدام، عن جدّه المقدام بن معد يكرب قال: غزونا مع خالد بن الوليد الصّائفة، فقرم أصحابنا إلى اللّحم، فسألوني رمكة، فدفعتها إليهم فحبلوها وقلت: مكانكم حتّى آتي خالدًا فأسأله. فأتيته فسألته، فقال: غزونا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم غزوة خيبر، فأسرع النّاس في حظائر يهود، فأمرني أن أنادي: "الصّلاة جامعةٌ، ولا يدخل الجنّة إلّا مسلمٌ" ثمّ قال: "أيّها النّاس، إنّكم قد أسرعتم في حظائر يهود، ألا لا تحلّ أموال المعاهدين إلّا بحقّها، وحرامٌ عليكم لحوم الأتن الأهليّة وخيلها وبغالها، وكلّ ذي نابٍ من السّباع، وكلّ ذي مخلبٍ من الطّير".
والرّمكة: هي الحجرة. وقوله: حبلوها، أي: أوثقوها في الحبل ليذبحوها. والحظائر: البساتين القريبة من العمران.
وكأنّ هذا الصّنيع وقع بعد إعطائهم العهد ومعاملتهم على الشّطر، واللّه أعلم.
فلو صحّ هذا الحديث لكان نصًّا في تحريم لحوم الخيل، ولكن لا يقاوم ما ثبت في الصّحيحين، عن جابر بن عبد اللّه قال: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن لحومٍ الحمر الأهليّة، وأذن في لحوم الخيل.
ورواه الإمام أحمد وأبو داود بإسنادين، كلٍّ منهما على شرط مسلمٍ، عن جابرٍ قال: ذبحنا يوم خيبر الخيل والبغال والحمير، فنهانا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن البغال والحمير، ولم ينهنا عن الخيل.
وفي صحيح مسلمٍ، عن أسماء بنت أبي بكرٍ، رضي اللّه عنهما، قالت: نحرنا على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فرسًا فأكلناه ونحن بالمدينة.
فهذه أدلّ وأقوى وأثبت، وإلى ذلك صار جمهور العلماء: مالكٌ، والشّافعيّ، وأحمد، وأصحابهم، وأكثر السّلف والخلف، واللّه أعلم.
وقال عبد الرّزّاق: أنبأنا ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عبّاسٍ قال: كانت الخيل وحشيّةً، فذلّلها اللّه لإسماعيل بن إبراهيم، عليهما السّلام.
وذكر وهب بن منبّهٍ في إسرائيليّاته: أنّ اللّه خلق الخيل من ريح الجنوب، واللّه أعلم.
فقد دلّ النّصّ على جواز ركوب هذه الدّوابّ، ومنها البغال. وقد أهديت إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بغلةٌ، فكان يركبها، مع أنّه قد نهى عن إنزاء الحمر على الخيل لئلّا ينقطع النّسل.
قال الإمام أحمد: حدّثني محمّد بن عبيدٍ، حدّثنا عمر من آل حذيفة، عن الشّعبيّ، عن دحية الكلبيّ قال: قلت: يا رسول اللّه، ألا أحمل لك حمارًا على فرسٍ، فتنتج لك بغلًا فتركبها؟ قال: "إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون").[تفسير القرآن العظيم: 4/ 558-559]

تفسير قوله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (9)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وعلى اللّه قصد السّبيل ومنها جائرٌ ولو شاء لهداكم أجمعين (9)}
لـمّا ذكر تعالى من الحيوانات ما يسار عليه في السّبل الحسّيّة، نبّه على الطّرق المعنويّة الدّينيّة، وكثيرًا ما يقع في القرآن العبور من الأمور الحسّيّة إلى الأمور المعنويّة النّافعة الدّينيّة، كما قال تعالى: {وتزوّدوا فإنّ خير الزّاد التّقوى} [البقرة: 197]، وقال: {يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسًا يواري سوآتكم وريشًا ولباس التّقوى ذلك خيرٌ} [الأعراف: 26].
ولمّا ذكر في هذه السّورة الحيوانات من الأنعام وغيرها، الّتي يركبونها ويبلغون عليها حاجةً في صدورهم، وتحمل أثقالهم إلى البلاد والأماكن البعيدة والأسفار الشّاقّة -شرع في ذكر الطّرق الّتي يسلكها النّاس إليه، فبيّن أنّ الحقّ منها ما هي موصّلةٌ إليه، فقال: {وعلى اللّه قصد السّبيل} كما قال: {وأنّ هذا صراطي مستقيمًا فاتّبعوه ولا تتّبعوا السّبل فتفرّق بكم عن سبيله} [الأنعام: 153]، وقال: {هذا صراطٌ عليّ مستقيمٌ} [الحجر: 41].
قال مجاهدٌ: في [قوله]: {وعلى اللّه قصد السّبيل} قال: طريق الحقّ على اللّه.
وقال السّدّيّ: {وعلى اللّه قصد السّبيل} قال: الإسلام.
وقال العوفيّ عن ابن عبّاسٍ في قوله: {وعلى اللّه قصد السّبيل} يقول: وعلى اللّه البيان، أي: تبيّن الهدى والضّلال.
وكذا روى عليّ بن أبي طلحة، عنه، وكذا قال قتادة، والضّحّاك. وقول مجاهدٍ هاهنا أقوى من حيث السّياق؛ لأنّه تعالى أخبر أنّ ثمّ طرقًا تسلك إليه، فليس يصل إليه منها إلّا طريق الحقّ، وهي الطّريق الّتي شرعها ورضيها وما عداها مسدودةٌ، والأعمال فيها مردودةٌ؛ ولهذا قال تعالى: {ومنها جائرٌ} أي: حائدٌ مائلٌ زائغٌ عن الحقّ.
قال ابن عبّاسٍ وغيره: هي الطّرق المختلفة، والآراء والأهواء المتفرّقة، كاليهوديّة والنّصرانيّة والمجوسيّة، وقرأ ابن مسعودٍ: "ومنكم جائرٌ".
ثمّ أخبر أنّ ذلك كلّه كائنٌ عن قدرته ومشيئته، فقال: {ولو شاء لهداكم أجمعين} كما قال: {ولو شاء ربّك لآمن من في الأرض كلّهم جميعًا} [يونس: 99]، وقال: {ولو شاء ربّك لجعل النّاس أمّةً واحدةً ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربّك ولذلك خلقهم وتمّت كلمة ربّك لأملأنّ جهنّم من الجنّة والنّاس أجمعين} [هودٍ: 118، 119]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 560]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:24 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة